ملفات خاصة

 
 
 

الإعلان عن جوائز «ممثلي الشاشة»

الطريق إلى الأوسكار يمر من هنا

بالم سبرينغز: محمد رُضا

جوائز الأكاديمية الأمريكية للفيلم

الدورة الثالثة والتسعون

   
 
 
 
 
 
 

أعلنت مساء ليلة الأحد نتائج جوائز «نقابة ممثلي الشاشة» (Screen Actors Guild) في نحو ساعة واحدة من الوقت. سابقاً، قبل «كورونا» كانت المناسبة تتمتع بساعتين أو أكثر. لكن المدة الزمنية لا علاقة لها بالنتائج وأهميتها، كذلك فإنه مع ربح فيلم «غودزيلا ضد كونغ» جولته ضد الوباء بتسجيل 45 مليون دولار في الولايات المتحدة وكندا خلال الويك إند السابق و285 مليون دولار حول العالم سجلت النقابة وجودها الفعلي، كذلك سجلت هوليوود حضورها العتيد.

بالنسبة للفيلم، فإن صالات السينما الأميركية، وحول العالم، عملت بنصف قدراتها الاستيعابية. نسبة لقوانين المراجع الصحية الحكومية فإن على الصالات التوقف عن بيع التذاكر عند بلوغ الصالة الواحدة نصف امتلاء. بالتالي، يمكن بسهولة التفكير بنحو 100 مليون دولار أميركي ونحو 350 مليون دولار عالمي فيما لو اشتغلت الصالات بكل إمكانياتها.

«غودزيلا ضد كونغ» هو من بطولة وحش مائي وغوريللا ضخمة وكلاهما مستبعدان من ترشيحات النقابة أو من ترشيحات أي جوائز أخرى بطبيعة الحال. لكن الفيلم الذي يحتويهما وجوائز النقابة وما سيلي حتى نهاية هذا الشهر وصولاً لجوائز الأوسكار تجعل من الفترة الحالية واحدة من أكثر فترات السينما ابتهاجاً ونجاحاً.

على صعيد آخر فإن تأجيل الدورة الجديدة من مهرجان «كان» إلى السادس وحتى السابع عشر من شهر يوليو (تموز) تبعاً لحالة (كوفيد - 19) يؤدي حالياً إلى تنافس شديد بينه وبين مهرجان فينيسيا الإيطالي الذي يُقام في الأيام الأخيرة من شهر أغسطس (آب). هذا لأن اقتراب المسافة بين المهرجانين العملاقين سيعني أن كل مهرجان سيتسابق ضد الآخر على استحواذ الأفضل من الأفلام المحشورة بين اختيارين متقاربين لأول مرة.

الجوائز

هذا كله لم يكن وارداً في البال ليلة أول من أمس عندما وزعت جوائز النقابة على من تم التصوير لهم. الجوائز ليست حكراً على التمثيل في الأفلام السينمائية، بل تشمل التمثيل التلفزيوني تبعاً لكون النقابة مفتوحة للممثلين الأميركيين والأجانب المقيمين في كلا المجالين الضخمين.

حقيقة أن أعضاء النقابة في غالبيتهم الكبرى أعضاء أكاديمية العلوم والفنون السينمائية يعني أن الفائز في مجال أفضل تمثيل سينمائي لديه حظ مضاعف للفوز بالأوسكار.

في مجموعها، تتألف جوائز النقابة من 15 قسماً، كل منها يحتوي على مسابقة متجانسة. ستة منها سينمائية وتسعة تلفزيونية. وتحمل كل جائزة عبارة «الأداء الأكثر تميزاً» (Outstanding Performance) عوض العبارة الشائعة «جائزة أفضل ممثل» أو «ممثلة». ولو أن كل العبارات تعني الشيء ذاته. على هذا الأساس وزعت الجوائز على النحو التالي:

> الأداء الرجالي الأكثر تميزاً في دور رئيسي:

أربعة أسماء لامعة في هذا السباق من أصل خمسة:

ريز أحمد عن «صوت المعدن»، وأنطوني هوبكنز عن «الأب»، وغاري أولدمن عن «مانك» و«شادويك بوزمن» عن «مؤخرة ما رايني السوداء». الخامس هو الكوري - الأميركي ستيفن يون الذي أدى دوراً مقبولاً في «ميناري» لكنه ليس استثنائياً.

الفائز هنا هو الممثل الراحل شادويك بوزمن وفوزه كان متوقعاً من قِبل غالبية المتابعين. وهو كان خرج فائزاً بالـ«غولدن غلوبز» في مطلع السنة ونحو 40 جائزة من جمعيات نقدية. هذه الجائزة قد تضع هذا الممثل الذي توفي في الثامن والعشرين من أغسطس (آب) الماضي، على الطريق الصحيح صوب الأوسكار أيضاً.

> الأداء النسائي الأكثر تميزاً في دور رئيسي:

فازت بالمنصب هنا فيولا ديفيز عن دورها في «مؤخرة ما رايني السوداء» متجاوزة منافساتها: آمي أدامز عن «مرثاة المتخلفين» وفنيسا كيربي عن «أجزاء امرأة» كاري موليغن عن «امرأة شابة واعدة» ثم فرنسيس مكدورمند عن «نومادلاند». هذه الأخيرة كانت الأكثر احتمالاً للفوز قبل نحو شهر واحد قبل أن تتراجع الاحتمالات عنها لتتساوى مع باقي المرشحات.

> الأداء الرجالي الأكثر تميزاً في دور مساند:

دانيال كاليويا هو الذي خرج بالجائزة هنا وذلك عن دوره في «جوداس والمسيح الأسود». في الواقع هو الأكثر تعبيراً عن الشخصية ومعاناتها في ظل حكاية عنصرية مستمدة من الواقع. المنافسون كانوا شادويك بوزمن عن «دا 5 بلودز»، ويارد ليتو عن «الأشياء الصغيرة» ولسلي أودوم عن «ليلة واحدة في ميامي وساشا بارون كوهن عن «محاكمة شيكاغو 7».

> الأداء النسائي الأكثر تميزاً في دور مساند:

الفائزة بهذه الجائزة هي الكورية يوان يوه - جونغ عن دورها كزوجة مرتابة بقرار زوجها الانتقال إلى مزرعة عوض البقاء في المدينة، وذلك ضمن أحداث فيلم «ميناري». المنافسات كن غلن كلوز عن «مرثاة المتخلفين» وأوليفيا كولمن عن «الأب» وماريا باكالوفا عن «ملحق فيلم بورات» وهيلينا زنغل عن دورها في «أخبار العالم».

كما هو ملاحظ من عداد الفائزين ثلاثة منهم (شادويك، دسفيز وكاليويا) هم أفرو – أميركيين، وذلك للمرة الأولى. أما يوان يوه - جونغ فهي كورية وبذلك، وللمرة الأولى في تاريخ هذه الجائزة في عام واحد، فإن الفائزين الأربعة من ذوي الأقليات.

والجدير بالذكر هنا أن كلاً من كاليويا والراحل شادويك اشتركا قبل ثلاثة أعوام في إطار فيلم «بلاك بانثر».

هناك جائزة مهمة الشأن لا نجدها بين جوائز الأوسكار أو «غولدن غلوبز» هي تلك المسماة بـ«الأداء الجمعي الأكثر تميزاً فيلم « (Outstanding Performance by a Cast in a Motion Pictuer) وهذه فاز بها مجموع ممثلي فيلم «محاكمة شيكاغو 7» وهم عشرة بينهم يحيى عبد المتين وإيدي ردماين ومارك دإيلانس وجيريمي سترونغ وساشا بارون كوهن وفرانك لانجيلا.

هذه المجموعة من الممثلين فازت على مجموعات أخرى تنتمي للأفلام التالية: «دا 5 بلودز» و«مؤخرة ما رايني السوداء» وميناري» و«ليلة واحدة في ميامي».

مثيل هذه الجائزة الجمعية تلفزيونياً كان من نصيب المشاركين في مسلسل «ذا كراون» ومن بينهم أوليفيا كولمن وهيلينا بونام كارتر وجيليان أرمستروغ. والمسلسل فاز على مسلسلات «من الأفضل الاتصال بصول» و«بردجرتون» و«لفكرافت كونتري» ثم «أوزارك».

هذا في النطاق الدرامي، أما في النطاق الكوميدي ففاز بها مجموعة ممثلي وممثلات Schitt’s Creek الذي سبق أن أنجز جوائز عدة في سباق «إيمي» المخصص بكامله للإنتاجات التلفزيونية.

إلى ذلك، هناك الجوائز المتخصصة بالممثلين المنفردين التي تتوزع على ست مسابقات:

> الأداء الرجالي الأكثر تميزاً في فيلم تلفزيوني أو مسلسل محدود الحلقات:

ذهبت الجائزة هنا إلى مستحقها مارك روفالو عن دوره في «أعرف هذا القدر كحقيقة» (I Know This Much is True) ومن بين أكثر المنافسين استحقاقاً إيثان هوك عن «طير الرب الجيد» (The Good Lord Bird).

> الأداء النسائي الأكثر تميزاً في فيلم تلفزيوني أو مسلسل محدود الحلقات:

ارتفعت هنا همة الممثلة الجديدة آنيا تايلور - جوي عن دورها في «خديعة الملكة» ومن أبرز منافساتها كايت بلانشت عن دورها في «مسز أميركا».

> الأداء الرجالي الأكثر تميزاً في مسلسل درامي:

جيسون بيتمان عن «أوزارك».

> الأداء النسائي الأكثر تميزاً في مسلسل درامي:

جيليان أندرسن عن «التاج»

> الأداء الرجالي الأكثر تميزاً في مسلسل كوميدي:

جيسون سوديكس عن «تد لاسو»

> الأداء النسائي الأكثر تميزاً في مسلسل كوميدي:

كريستينا أوهارا عن دورها في «شيتس كريك».

 

الشرق الأوسط في

06.04.2021

 
 
 
 
 

فيلم “الموريتاني”.. ما سقط من إنسانيتنا في “جوانتانامو

مصطفى حسب الله

على مدار أعوام طوال شكَّل سجن “جوانتانامو” كابوسا للحكومة الأمريكية والشعب الأمريكي على حد سواء، فقد كانت الحكومة الأمريكية عاجزة عن تبرير المشاهد التي تم تسريبها من سجني “أبو غريب” و”جوانتانامو”، والتي تكشف وحشية الأساليب المتبعة في التحقيق مع المعتقلين المسلمين في أعقاب أحداث الحادي عشر من سبتمبر وحرب العراق.

الطريق إلى “الموريتاني”

حاولت كاميرات عديدة اختراق أسوار “جوانتانامو”، ففي عام 2005 قامت قناة PBS الأمريكية ببث أحد الأفلام الوثائقية لتوثيق أساليب التعذيب المتبعة في المعتقل، وتبعه مجموعة من الأفلام السينما الروائية والتسجيلية التي اعتمدت في بنيتها التحقيقية على شهادات مجموعة من المحامين والمسؤولين العسكريين ومعتقلين سابقين لإظهار أساليب التحقيق المثيرة للجدل التي استخدمت داخل المعسكر ضد 780 رجلاً انحدر معظمهم من الشرق الأوسط وجنوب آسيا وشمال إفريقيا، وظلوا مسجونين على مدى 18 سنة.

وعلى رأس هذه الأفلام يأتي فيلم Taxi To The Dark Side الذي حاز جائزة الأوسكار كأفضل عمل تسجيلي، فيما جاء فيلم Road To Guantanamo كأول فيلم روائي يتناول واقع الحياة في المعتقل من منظور المعتقلين، وفي أعقابه تم تقديم فيلمي Camp X Ray و The Report لواقع جوانتانامو وتبعات الحادي عشر من سبتمبر من وجهة النظر الأمريكية في عديد من القصص التي تداعب نفسية المشاهد الأمريكي، فقدم “كامب إكس راي” لعلاقة عاطفية ستتطور بين الجندية الأمريكية والسجين المسلم صاحب الرؤى التقدمية، مما يجعله مختلفاً عن رفاقه من المسلمين المعتقلين الذين يعتنقون رؤى “متخلفة” عن العلم والمرأة.

فيما قدم “التقرير” الذي يقوم فيه الممثل آدم درايفر بدور المحقق الرئيسي في ملفات التعذيب، عن طريق الشخصية الرئيسية “أبو زبيدة”، صورة مرعبة عن التعذيب ولكنه اعتمد فيها على إدانة الجاني والمجني عليه.

كان القاسم المشترك بين تلك الأفلام الروائية لسيرة جوانتانامو، ثيمة هوليودوية تعرف باسم White-Savior “المنقذ الأبيض”، حيث تركز على الأبطال البيض الذين يأتون إلى مساعدة الملونين، على حساب الضحايا أنفسهم، ومن ثمّ إعفاء الجماهير البيضاء من الذنب تجاه الضحايا وحملها على شراء تذاكر لأفلام عن مجتمعات من المحتمل أن تكون لهم فيها خبرة محدودة.

وهنا يمكن تأطير فيلم “الموريتاني The Mauritanian كمحطة فارقة وهامة في التوثيق السينمائي لحقبة الحرب الأمريكية على الإرهاب، فالفيلم يمتاز بالشفافية تماماً كالمُذكرات التي اقتبس منها جزء كبير في سيناريو الفيلم (يوميات غوانتانامو)، وهو أمين أيضاً على سيرة كاتبها “محمد ولد صلاحي“، على قدر ما يمكن لوسيط، كالفيلم، أن ينقل وسيط آخر كالسيرة الشخصية، بأقل قدر من الخيانة والتشويه والمبالغة.

ولا يخلو “الموريتاني” من وجود المنقذين البيض، ولكنه يقدم نماذج حقيقية كالمحامية نانسي هولاندر، لكنه لا يضخم أدوارهم في القصة على حساب صلاحي.

وتعبر تصريحات أدلت بها الممثلة جودي فوستر التي تؤدي دور المحامية نانسي هولاندر عن ذلك التوجه: “لا أشعر أن الفيلم عن المنقذ الأبيض، فقد كنا حذرين للغاية بهذا الشأن، إنها قصة محمدو نفسه، يحكيها من وجهة نظره، وفي بعض الأحيان نضطر الابتعاد عن روايته لكي نعطي، بطريقة وثائقية، وجهات نظر الشخصيات الأخرى، خاصة فيما يتعلق بنانسي هولاندر ولأهمية الدور الذي تلعبه في القصة، فهي من جعلت محمدو يقوم بتأليف كتابه، وفي النهاية كان الكتاب هو السبب في إطلاق صراحه”.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن جودي فوستر التي حازت الأوسكار مرتين، عادت إلى منصات الجوائز مرة أخرى بحصولها على جائزة جولدن جلوب 2021 كأفضل ممثل مساعد عن دورها في “الموريتاني”.

كما تطرق الفيلم إلى إدانة أمور أخرى خارج ثنائية الجيش الأمريكي/المعتقلين المسلمين، وظهر هذا في تقديمه لنموذج الموظف البيروقراطي الذي يراقب “جوابات” المعتقلين وينقحها من كل المآسي، فرغم كون الموظف ليس متورطاً بشكل مباشر في التعذيب، ولكن بممارسته لتلك الوظيفة بدم بارد يمثل نموذجاً اجتماعياً لشخصيات أمريكية ظهرت بسبب تغير البوصلة الأخلاقية للأمريكيين في أعقاب تفجير البرجين.

واقعية قيد التنفيذ

سمح “صلاحي” للمخرج كيفين ماكدونالد بتناول سيرته سينمائياً نظراً لأمانته وإخلاصه للحقيقة في فنه، حيث قدّم العديد من الأفلام الوثائقية الواقعية كان أبرزها Marley الذي يقدم قصة الأسطورة الغنائية بوب مارلي، بالإضافة إلى خبرته السابقة في صنع الأفلام في قارة إفريقيا، فقد قدم أيضاً فيلماً روائياً عن حياة الطاغية الأوغندي عيدي أمين The Last King of Scotland.

يحب ماكدونالد أن يتبع في أفلامه ذلك التقليد المستقيم الذي لا يزال يؤمن بالحقيقة والعدالة وقوة الفيلم السياسي، فقد ورث ذلك الأمر من جده “إمريك بيرسبرجر” كاتب السيناريو الألماني البارز في عشرينيات القرن الماضي، والذي هرب من ألمانيا النازية إلى بريطانيا ليقدم مجموعة من الأفلام السياسية التقليدية.

تعاون صلاحي مع ماكدونالد في كتابة السيناريو بالإضافة إلى الاستعانة بمذكراته الشهيرة “يوميات جوانتانامو“، ولعب صلاحي نفسه دوراً كبيراً في تقديم قصته على الشاشة، فقد اعتمد الفيلم على رؤيته في إضفاء أصالة بصرية على الصورة للحياة في موريتانيا ووصفها، واستخدم جسده لإعطاء المخرج معلومات دقيقة عن حجم الأقفاص والخلايا التي احتجز فيها حتى يتمكن فريق العمل من إعادة تركيب معسكر جوانتانامو في كيب تاون بجنوب إفريقيا.

واختيار كيب تاون بجنوب إفريقيا لبناء صورة أخرى لمعتقل جوانتانامو، ذو صلة بحياة صلاحي، فجنوب أفريقيا هي الدولة الوحيدة التي قبلت أن تعطي لـ”صلاحي” تأشيرة الدخول إلى أراضيها عقب الإفراج عنه، وفي جنوب إفريقيا زار “صلاحي” سجناً آخر في جزيرة روبن، حيث احتجز نيلسون مانديلا وأعداء آخرون لنظام الفصل العنصري لعقود.

ويقول صلاحي عن تلك التجربة: “كان بإمكانني سماع صراخ المساجين كأنهم أشباح، هؤلاء الأشخاص الذين أهدروا شبابهم في ذلك السجن، فرغم إن معاناتهم ومعاناتي لا تتشابه، وتعدد وجوه الظلم وكثرتها، إلا أن المعاناة والظلم بكل صورهم يتشاركا القبح”، ويعبر صلاحي ساخراً عن التشابه بين جوانتانامو وسجن جزيرة روبن، فتلك اللافتة الموجودة فوق في جزيرة روبن: “نحن نخدم بفخر” تتشابه مع الشعار المقابل لجوانتانامو: “الشرف مُلزم بالدفاع عن الحرية”.

البقع المظلمة في التاريخ

بعد 55 عاماً في العمل السينمائي، قدمت جودي فوستر للمرة الأولى دوراً مقتبساً من شخصية حقيقية، اتساقاً مع سياستها الانتقائية في اختيار أدوارها، كان دور “نانسي هولاندر” مغرياً لجودي، فقد رأت في الشخصية امرأة ذات مغزى وهدف.

رأت جودي في “نانسي” جزءاً منها، كشخصية تتحدى للنظام من الداخل، ورأت أن المجتمع الأمريكي محظوظ بامتلاك شخصية مثل “نانسي هولاندر”، والتي بدأت نشاطها الحقوقي ضد انتهاكات أمريكا منذ الحرب على فيتنام وحتى وقتنا الحالي.

التقت جودي فوستر بـ”نانسي هولاندر” للتعرف عليها عن قرب، وحرصت أن تقتبس منها كل التفاصيل التي تميزها وتُعبر عنها، فلم تكن دموع جودي فوستر الحقيقية المعبر الوحيد عن إتقانها لشخصيه “نانسي”، بل تخطت ذلك لتقدم تقمصاً رائعاً لنانسي من خلال التصوير الساكن للشخصية، وحرصها على لبس نفس الملابس والإكسسورات التي كانت ترتديها واستخدام نفس النوع من الأقلام التي كانت تستخدمه “نانسي” أثناء تحقيقها في قضية “صلاحي”.

أما بندكت كامبرتش فبرر حماسه للمشاركة في الفيلم بأنه “ذلك النوع من القصص التي يحب أن يقدمها، لُيكتب في تاريخه الفني أنه شارك بها، إنها قصة تسلط الضوء على الأماكن المظلمة في التاريخ”.

يقدم كامبرتش دور المقدم “ستيورات كوتش” المسيحي المحافظ، الذي قُتل صديقه في اختطاف الطائرة التي شاركت في تفجير البرجين في أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وأوكلت له مهمة البحث عن ذرائع لإدانة “صلاحي” من أجل إعدامه.

كامبرتش كان مقتنعاً بشخصية “ستيورات كوتش”، نظراً لتطور الشخصية بتتابع أحداث القصة ووقوفها عند مفترق طرق صعبة في خضم الأحداث، رأى كامبرتش في ذلك البناء للشخصية مثيراً للاهتمام، فالتقى بـ”ستيورات كوتش” في لندن، والذي أبدى سعادته واندهاشه من أن قصته ستعرض على الشاشة، وسيقدمها ممثل بارع كبندكت كامبرتش، وجاء أداء كامبرتش المتقن في الفيلم معبراً عن حماسته ذلك.

أجمع صناع العمل الرئيسيين في الفيلم على تقديم سيرة “صلاحي” كشهادة للتاريخ، وليس لجمع الأموال في سباق الـ”بوكس أوفيس”، فبالإضافة إلى لعبهم أدواراً داخل الفيلم، يعد بندكت كامبرتش وجودي فوستر من منتجي الفيلم أيضاً.

وهروباً من قالب “المنقذ الأبيض” أراد صناع الفيلم الحد من وقت ظهورهم على الشاشة، ولم يرغبوا في فعل أي شيئ من شأنه أن ينتقص من قصة “صلاحي” لأن هذا هو سبب إنتاجهم للفيلم، وفقاً لكلمات مصمم الإنتاج مايكل كارلين.

أما كيفين ماكدونالد مخرج الفيلم فيقول: “عندما يتعلق الأمر باستقبال الفيلم، فأكثر ما يسعدني ليس الترشيح للجوائر، ولكنه رد فعل الأمريكيين العاديين الذين شاهدوا الفيلم ثم اتصلوا بي ليقولوا: كنت أعتقد أن ما فعلناه في جوانتانامو كان مبرراً، وأن المحتجزين هناك كانوا مذنبين، لكننا أدركنا أننا كنا على خطأ، وهذا هو الهدف بالنسبة لأي فيلم يتعلق بقضية، يجب أن يكون الهدف النهائي منه تغيير اتجاهات الناس، ليس عدم التحدث إلى الجمهور الذي يتفق معك في الرأي وجعلهم يشعرون بالرضا عن آرائهم”.

إلى جهنم بالصدفة

في الفيلم يؤكد “محمدوه” للمحققين ألا علاقة له على الإطلاق بـ”القاعدة” وتفجيراتها في أنحاء العالم، وأنه كان موجوداً في أفغانستان مع جنود بن لادن ولكنه عاد بعد انتهاء الحرب ضد السوفييت، ويضيف متعجباً: “لقد كنت أحارب، وكان الأمريكان إلى جوارنا! ما الخطأ”.

بطل الفيلم هو ضحية لعوالم السياسة المتقلبة، توضع الأغلال في يديه وأقدامه لأنه كان حليفاً يوماً ما لحلفاء أمريكا، الذين انقلبوا عليها لاحقاً وانقلبت عليهم.

يبدأ “الموريتاني” بمشاهد فولكلورية للثقافة العربية الإفريقية في الشمال، مشاهد لطقوس الفرح، ولغة محلية يتكلم بها الأشخاص على الشاشة، بالإضافة لتوظيف الموسيقى التصويرية كمعبر رئيسي عن الأحداث في الفيلم ساهمت في تهيئة المناخ والجو النفسي لتقبل أحداث الزمان والمكان في القصة.

ويصل ذلك التعبير الموسيقى لذروته في التعبير عن أصالة القصة لمواطن عربي موريتاني مسلم بالاستعانة بأغنية “يارب” لسيدة الأغنية السياسية وصوت الأغنية الموريتانية في الأوساط العالمية عموماً “معلومة منت الميداح” في مشهد الفيلم الختامي.

وبطل الفيلم نفسه اختير بعناية ليعبر عن الخصوصية الثقافية لعرب تلك المنطقة، وكسر القوالب النمطية التي تضع الثقافة العربية في سلة واحدة، فالبطل الممثل المغربي طاهر رحيم الذي يلعب دور “محمدوه ولد صلاحي”، من الرقعة الجغرافية التي تتداخل فيها الحياة المغربية ولغتها بالحياة الموريتانية.

من خلال المشاهد الأولى للفيلم نستطيع أن نرى القبض على “صلاحي” يقع تحت بند “عمليات التسليم غير القضائي” كما يسميها مكتب الاستخبارات الأمريكية، وهي عمليات اختطاف تقوم بها القوات الأمريكية للمشتبه بهم على أراض أجنبية، بالتعاون مع الجهات الحكومية المسئولة في تلك الدول، ويصف المقدم “ستيورات كوتش” لرئيسه حالة صلاحي بكونها “مشروعاً خاصاً” لذلك لا يمكنهم إعدامه قانونياً.

ولمصطلح “المشروع الخاص” في سياسات التعذيب الأمريكية معنى هام، فهو تطبيق لمجموعة من الآليات المتبعة من قبل المحققين في استجواب المعتقل، ويتشكل من تقنيات مصممة لإدخال السجناء في حالة من الضياع والصدمة وإجبارهم على تقديم تنازلات رغماً عن إرادتهم، تتسبب في شروخ عنيفة بينهم وقدرتهم على إدراك العالم المحيط بهم.

يقدم الفيلم صوراً ذلك من خلال تجربة “صلاحي” فبعد القبض عليه، تُحرم حواسه كلياً من استقبال أي معلومات من خلال أغطية الوجه وسماعات الأدنين والأغلال والعزل التام، وبعدها يعصف بالجسد مجموعة من المحفزات مفرطة القوة، كالأضواء المبهرة، والموسيقى الصاخبة، والصدمات الكهربائية، والإيهام بالغرق، ونتاجاً لكل هذا يدخل السجين في مرحلة “التطويع” فيستسلم ويشتد الخوف في نفسه إلى درجة أنه يصبح عاجزاً عن التفكير بعقلانية وحماية نفسه، ويقول كل ما يريد مستجوبوه الحصول عليه.

استخدم المخرج كيفين مكدونالد مجموعة من الأساليب السينمائية المتقنة ليقدم لنا صورة لذلك في فيلمه، فمن خلال المونتاج وأبعاد الصورة قدم لنا نموذجاً للحياة المستباحة التي يعانيها السجين في المعتقل.

تُعرض مشاهد التعذيب في نمط غير متسلسل، عبارة عن مشاهد متداخلة متقطعة بسرعة كبيرة بالمونتاج، توضح الواقع المتشظي في إدراك السجين، وينتقل المخرج من خلال هذه المشاهد في مناطق بين الواقع في مكان المعتقل في جوانتانامو ومناطق في فضاء العقل تعبر عن الهلاوس التي يعانيها المعتقل، وشعوره بالفقد الحسي للزمان والمكان، ولقاء أشخاص لم يلتقيهم أبداً في حياته من قبله.

ويوظف مكدونالد أبعاد الصورة باستخدامه بُعد 4:3 لتصغير حجم الشاشة، في عرض ذكريات “محمدو” عن حياته السابقة وعن التعذيب، ليضخم إحساس المشاهد بالشعور بانحصار “محمدو صلاحي” داخل عقله وذكرياته والتجربة التي تعرض لها، ويشُعر المشاهد باندماج أكثر في تجربة “صلاحي”، بالإضافة إلى التلاعب بالإضاءة في شدتها أو خفوتها إلى حد الإزعاج الذي يوازي شعور “صلاحي” ورؤيته المشوشة بينما يتعرض لإحدى وصلات التعذيب.

حرص مكدونالد على ألا يصب سيرة “صلاحي” في قالب من التعذيب الأصم ينزع عنه إنسانيته، لذا قدم تقاطعاً في ذكريات “صلاحي” بين حياة جوانتانامو والتعذيب، وحياته كطفل في موريتانيا وتعلقه الشخصي بأبيه، وفترات شبابه التي قضاها في الدراسة بألمانيا، وقصة حبه، فقد كانت مشاهد التعذيب على بشاعتها تتقاطع مع لقطات جميلة مشوبة بالحنين إلى حياة عادية وآمنة في أحضان صحراء موريتانيا وثقافة عيشها الساحرة.

ولتقديم صورة صادقة وشاملة لعمليات التعذيب، اعتمد الممثل طاهر رحيمي في تقمصه لشخصية صلاحي منهجاً تيباجياًtypgaical- في تصوير الشخصية، فقد حرص رحيمي على قضاء وقتاً مع “صلاحي” لفهم تجاربه والتعرف على شخصيته وسلوكياته، يقول طاهر: “تحدثت عما حدث هناك، ورأيت اضطراب ما بعد الصدمة على وجهه وشعرت بالسوء”.

ويضيف في مقابلة أخرى: “أردت الاقتراب قدر المستطاع من الظروف الفعلية لهذا الرجل، احتراماً لمحمدو والأشخاص الذين مروا بهذا ومديري والجمهور، كان علي أن أفعل ذلك بشكل حقيقي”.

كان رحيم يأمر فريق الفيلم بتقييده وجعل زنزانته باردة قدر الإمكان، وإن لم يكن بارداً بدرجة كافية فكان يطلب رشه بالماء، حتى أنه عرض نفسه للإيهام بالغرق، ويعلق رحيمي على ذلك التدريب القاسي لدوره: “إنه شعور غريب جداً، ولكن بينما كنت أتعرض لكل هذا، كنت أعلم أنه في نهاية اليوم سأذهب إلى النوم والراحة. لا شئ مثل ما مر به محمدوه”.

في المشهد الختامي لتعذيب “صلاحي”، شعر رحيم وكأنه يهذي ويقول كدت أن أرى أمي أمامي في الزنزانة، وقال للمخرج أنه لن يستطيع تصوير ذلك المشهد مرة أخرى، لا يمكن أن يقوم بنفس ذلك الفعل مرتين، ويعلق رحيمي على التجربة في شخصية محمدوه إجمالاً فيقول: “عادةً، يصعب علي الدخول في شخصياتي بدلاً من الخروج منها، لكن هذه المرة، استغرق الأمر ثلاثة أسابيع للخروج محمدوه، ولا أعرف سبباً لهذا”.

تجنب “محمدوه صلاحي” مشاهدة الفيلم بعد عرضه، فلم يعد قادراً على رؤية تلك التجربة المريرة من جديد، غير أنه بدا متفائلاً بالفيلم فيقول: “أنا لا أؤمن بالعنف، قصتي كلها كانت عنفاً ضد جسدي، وبراءاتي وأفراد عائلتي، رغم أنني لم أفعل شيئاً للولايات المتحدة.. أعتبر فيلمي انتصاراً للاعنف، وانتصاراً للقلم”.

قضى صلاحي 14 عاماً وستة أشهر في السجن دون تهمة، ولم تقم أي جهة أمريكية بتحمل مسئولية الانتهاكات في جوانتانامو أو الاعتذار عنها، ومازالت أبواب جوانتانامو مشرعة حتى الآن.

 

موقع "ذات مصر" في

06.04.2021

 
 
 
 
 

فـيـلـم الأب: أوبــرا الـتـلاشــي

علي الياسري

مثل شجرةٍ هَرِمَة تتساقط أوراقها وأغصانها بفعل الرياح والمطر تعصف الشيخوخة بالإنسان. حقيقة قاسية يدركها أنتوني في لحظة رثاء للذات بفيلم الاب للمخرج الفرنسي فلوريان زيلر، والذي بدا كإطلالة سينمائية مُبصرة بتفرد في تراتيل الشعور لمرثية رحيل الذاكرة العاطفية بفعل الخرف والزهايمر وما يُلحقه من ضرر نفسي ومعنوي يثقل أساه على المريض وذويه.

قبل عقد من الزمن كتب زيلر مسرحية (الاب)، وبعد الكثير من الاشادات النقدية والجماهيرية حيث اقيمت عروضها في اكثر من 45 دولة غدت مع كاتبها الاكثر شهرة ونجاحاً فنياً خلال عقدين مضت من القرن 21، فلوريان العابر لعتبة الاربعين من عمره استمد فكرة المسرحية من تجربته الشخصية مع جدته التي تولت رعايته وتنشئته، كان في الخامسة عشرة حين بدأت تعاني من الخرف، بكتابته للأب أراد استعادة التواصل مع تلك الأحاسيس، لذلك هي اكثر من قصة بل مشاركة وجدانية يواجه فيها المُتلقي شعور الشخصية حين يدلف الى رأسها ليدرك الى أي مدى يمكن للمرض أن يتسبب بفقدان الذاكرة وضياع الاتجاهات، وما يولده من توتر وضغوط عصبية ونفسية مريرة. أمر يضع الجمهور بموقع تفاعلي وليس فقط مستلم للأفكار وتأديتها، ومنذ فيلم تشارلي كوفمان (إشراقة أبدية للعقل النظيف) لم يمس فيلم منطقة الذاكرة والوجدان بمثل ما فعله زيلر في الأب.

لا شك إن الكاتب البريطاني كريستوفر هامبتون أدرك كل ذلك حين شارك فلوريان مسعاه لتحويل المسرحية الى فيلم سينمائي. فمعرفتنا بالعديد من التجارب السابقة التي خاضت بنفس هذا المضمار يجعل التحدي في إلتماس الاختلاف بالطرح والمعالجة هدفاً معيارياً لتقديم الاب بشكل مميز سينمائياً. لقد نجح صُنّاع العمل في ملامسة الدرجة الأعلى من التحفيز السردي وجاذبية الأداء بفاعلية التكييف التي خرقت شرنقة المعتاد في النقل لمسرحية ناجحة وهدفوا لِاكتساب الديناميكية البصرية لخلق الستايل الخاص بروح الفيلم، والذي رغم كسره لمحدودية المكان بالنص المسرحي بإضافة المشاهد الخارجية إلا أنه لم يدفع السيناريو نحو تهميش الشقة –المكان- حيث بقيت عنصراً فاعلاً في البناء الدرامي، بل وحضرت كشخصية معنوية محورية نتلمس تداعي روحها المؤتلفة مع ساكينها بامتياز تصميم الإنتاج الرائع الموضوع من قبل بيتر فرانسيس ببراعة حين خلق فضاء مشهدي يتسم بعمق عناصره التأثيثية الموحية وألوان مؤثرة وإضاءة مناسبة كوجهة نظر موازية تتغير طبقاً للارتباك الحاصل بعقل الشخصية مع ما يوفره كل ذلك من معرفة بذائقة ونمط سلوك وطبيعة الخيارات الحياتية لساكني المكان.

ما يجعل فيلم (الأب) تحفة سينمائية ليس فقط القصة ونسقها السردي والاداء العالي للممثلين بل ذلك التكامل النادر بين تفاصيل فنية عديدة تصب في البناء العام للمؤلف السينمائي ليضعه بمرتبة أشبه بملحمة وجود أوبرالية، مثل خيارات اغاني الأوبرا واللوحات التشكيلية والمنحوتات. ففي سلسلة مشهد الافتتاح يترافق مع الصورة اغنية من الحركة الثالثة لشبه الاوبرا الملك آرثر (1691) للمؤلف الموسيقي هنري برسل يتوحد فيها رؤية موسيقية مرتعشة لبرودة الشتاء مع كلمات الشاعر الانكليزي جون درايدن ستغدو مدخلنا لصقيع الذاكرة المُكتنف عالم أنتوني شيئاً فشيئاً. فيما مثلت احدى اغاني أوبرا صياد اللؤلؤ (1863) للمؤلف الموسيقي جورج بيزيه رثاء عاطفي عذب لمشاعر الذات وحديث صمت موجع للروح حيث ظهرت بمشهدين مفصليين يمثلان نقطة تحول كاشف لمسار الشخصيات، الأول عندما يتلقى انتوني خبر مرضه بعيادة الطبيبة، والثاني حين تخرج ابنته من دار رعاية المسنين بعد إيداعه فيها. لقد كان اختيار هذه (الآريا) تلبية لرغبة هوبكنز الشخصية والذي لطالما حلم برؤيتها تصدح في أحد أفلامه، أمر حققه له المخرج زيلر معتبراً إياها عربون محبة وتقدير، وتعبير عن سعادته لقبوله تمثيل الدور.

في ناحية أخرى كان اختيار لوحات رسمها الفنانون فيليب فاسور وجيسون لاين وديزموند ماك ماهون، والأخير إن اشتهرا بأعمالهما المرسومة خصيصاً للسينما والتلفزيون، لتعكس الكثير من ملامح الشخوص ومسار حياتها وطبيعتها واللحظات العاطفية المميزة لذكرياتها والمرتبطة بكيان العائلة وهي أيضاً جزء مهم من الثراء الروحي للمكان. لكن كل ذلك يحتاج الى توقيتات واعية في إظهارها المتكرر بشكل تراكمي وهو ما يفعله المخرج وفريق عمل الفيلم حين يخلقون من خلال الأشكال المتنوعة للفن هارموني تنضج من خلاله رؤية بصرية تنعكس بلمحات مونتاجية ذكية على المزاج العام للحكاية، وجرياً على هذا السياق تمثل منحوتة (ضوء القمر) للنحات البولندي ايغور ميتوراج توهج تعبيري ينسجم مع تناقضات التلاشي التي يعيشها أنتوني بفعل ذاكرته المعطوبة. رأس متآكلة النهايات والجوانب تميل الى السقوط الحر في الفضاء، أفكار خلاقة يستدعيها العمل النحتي تسير بالتوازي مع مقاصد فيلم الأب وشخصياته يلتقي معها عند نقطة ديمومة الانهيار التدريجي والتداعي الى عالم مجهول وقاسي. يُعرف ميتوراج بتماثيله المجتزأة لجسم الانسان حيث تتصهر ضمن أسلوبه التقاليد الكلاسيكية مع أفكار ما بعد حداثية يجتمع فيها الجمال والدقة مع الهشاشة والمعاناة.

سعى السيناريو المكتوب بعناية الى ترصين الحكاية والشخصيات على الشاشة خصوصاً مع وجود هامبتون بخبرته الكبيرة رفقة زيلر بالكتابة تؤكد ذلك مسيرته الحافلة حيث نال سابقاً جائزة الاوسكار لأفضل سيناريو مُعد عن فيلم علاقات خطرة، فقبل أن نغطس في عقل أنتوني لمشاركته سعيه المضني في الفهم والإدراك وسط غابة مشاعر الشكوك والغضب والتشتت والخوف مع نقيضاتها من لحظات بهجة وفرح حين تنكشف بسبب المرض تقلبات الزمن والمكان والشخوص، تبدو سلسلة مشاهد الافتتاح مثابات مهمة لتوضيح طبيعة شخصية الابنة الحقيقية بعيداً عن خيالات الأب المجحفة اللاحقة، وبلفتات بصرية مُعبرة تظهر حمامة تتقرب منها عند مدخل البناية الواقع فيها المنزل، ما يُعيد الى ذاكرتنا حمامة فيلم (حب) لمايكل هانيكه الذي ينحدر أيضاً لموضوعة الشيخوخة وتداعياتها، رمزية هذا الطائر في الثقافات القديمة أن الإنسان بامتلاكه لروح حمامة فتلك اشارة لكونه شخصية لطيفة مليئة بالعطف ومن النادر قيامه بشيء مؤذي والأهم لديه مسعى دائم لمنح الاهتمام والرعاية للآخرين من حوله. مرجعية تعبيرية استخدمت كل طاقة الصورة في منح المشاهد التمهيد الواعي لشخصية سيتم التنكيل بها كثيراً فيما بعد، أما المشهد التالي فهو العتبة لعقل أنتوني حين تلتقط كاميرا علوية (آن) ترتقي متاهة السلالم المؤدية لدوامة التشظي بذاكرة الأب -المكان-.

ينزلق هوبكنز بتمثيله المفعم حيوية وشغف بكل سلاسة ليغدو أنتوني المضطرب والمُنكِر لمرضه، فيعيش تناقضات الضعف والقوة والخوف والشجاعة والقسوة والعطف، يتراقص ببراعة بين الحزن والفرح، كاشفاً أسرار وعيه بتداعيات صحته في تلك اللحظات الطفولية التي لا يجد فيها سلاحاً يدافع به عن حياته وذكرياته سوى البكاء. لكننا لم نكن لندرك عظمة أداء هوبكنز لولا بريق اللمعان لدور الابنة الوفية والصبورة الذي قدمته بتوهج أوليفيا كولمان حين نجحت في إظهار عوامل الانكسار الداخلي وشروخ القلب المفطور على أبيها والأحاسيس التي تتنازعها بين ألتزامها نحوه وهي ترى الخوف والارتباك بعيونه وبين رغبتها بعيش حياتها كأي إنسان طبيعي، لقد خاضت كولمان تجربة هذا الشعور بطفولتها عندما كانت ترافق والدتها الممرضة التي تصفها بسفيرة رعاية مرضى الخرف في جولاتها الى منازل هؤلاء الاشخاص المُهملين من عوائلهم يعانون وطأة الوحدة المريرة، بنظراتها المُشبعة بالعطف والحزن وتقاسيم وجهها النقية اضحت أبعد من مجرد ممثلة وأقرب لحالة مُهجة انهكها تراكم الألم الروحي، لقد بدت وأبيها وكل حياتهم العائلية الحافلة بالمسرات والأوجاع أقرب لبقايا الكوب الذي سقط من يدها فتحول لشظايا متناثرة يصعب جمعها.

فيلم (الأب) رحلة الحياة بمسارها المتنقل بين فصول الزمن الإنساني في أمكنة الألفة. يتنامى طريقها بين صورةً رمزية حالمة أو واقعية ملموسة زادها الذكريات المحتشدة التي التهمتها بلا رحمة أمراض الشيخوخة وتركتها تتلاشى الى الأبد.

 

####

 

فيلم الأب .. أنتوني هوبكنز يبهر عشاق الشاشة الكبيرة

ترجمة أحمد فاضل

يُظهر اقتباس المخرج وكاتب السيناريو فلوريان زيلر لمسرحيته عن الشيخوخة ، كيف أن أنتوني هوبكنز هو في قمة قواه المخيفة .

فمفارقة كبيرة أن نجد أنتوني بطل فيلم " الأب " رجل عجوز ، يلعب دوره أنتوني هوبكنز ، ويشترك الاثنان ، الخيالي والحقيقي في تاريخ الميلاد في اليوم الأخير من عام 1937 .

عندما التقينا بأنتوني لأول مرة ، كان يرتدي سماعات الرأس ويستمع إلى الموسيقى ، لا يوجد دليل أفضل لمحنة أنطوني ، الذي حـل موسم الخرف عليه ، الفيلم من إخراج الفرنسي فلوريان زيلر ، إنه اقتباس مـن مسرحيته التي تـحمل الاسم نفسه ، والتي قـام بتكييفها مع كريستوفر هامبتون من عـلى الشاشة الكبيرة ، حيث تتكشف معظم الأحداث فـي شقة بلندن التي تحتفظ بجو المسرح ، لينحدر ضوء جميل من جانب واحد ، كما لو كنا موجودين في وقت متأخر من بعد الظهر ، فمـن حين لآخر تبدأ الشخصيات بالظهور إلى العالم الخارجي بين الفينة والفينة وكأنهم فـي دولة أجنبية ، يحدق أنتوني من النافذة فيرى طفلاً في الشارع ، يقذف ويـركل كيساً بلاستيكياً ، هـذا هو الحسد اللطيف الذي ينظر به العمر إلى كسل الشباب .

ومع أن لدى أنتوني مـن ترعاه ، فقد استقالت مؤخراً ، مدعية أنه أساء معاملتها ، هنا ابنته آن ( أوليفيا كولمان ) الـتي تأتي لرؤيته غاضبة من الموقف ، لكن أنتوني الغير متأثر بذلك ، يقول : " لست بحاجة إلى أحد " ، ومع ذلك لم يمض وقت طويل قبل أن يفسح هذا الاعتماد على الذات الطريق لصرخة صاخبة ، عندما أعلنت آن أنها قد تنتقل إلى باريس ، أجاب :

" أنت تتخلين عني ، ماذا سيحل بـي ؟ " وبخجل ، وضع يده على جانب وجهه ، فـي هـذه المرحلة ، نـحن مستعدون لالتقاط صورة قاسية وواقعية لعقل فـاشل إلى حد ما ، " الأب " يحقق هذا الموجز ، لكن شيئاً آخر يظهر هنا ، لغز مقلق أكثر لكونه أمراً واقعاً ، يدخل أنتوني إلى غرفة مجاورة ، ويجد رجلاً جالساً هناك ، ويسأل ، " مـن أنت ؟ " يوضح الرجل أنه بول (مارك جاتيس) ، شريك آن ، وأنه يعيش أيضاً في الشقة ، عندما نرى بول بعد ذلك ، يلعبه ( روفوس سيويل ) بدلاً من جاتيس ، وهو أكثر سخطاً من التجسد السابق ، أما بالنسبة لآن ، فلم تلعب دورها كولمان فحسب ، بل لعبت أيضاً أوليفيا ويليامز ، التي مثل جاتيس ، ستظهر لاحقاً في دور آخر ، ماذا يحدث هنا ؟

زيلر ليس أول مخرج يخلط بين شخصياته الدرامية ويحافظ على رباطة جأشه في هذه العملية ، أن يكون هناك زوج من الممثلات بالتناوب يلعبان دور البطلة ، الحيلة تتكرر في " الآب " ، ولكن لأسباب حزينة ، أنتوني مدفوع بالارتباك وليس العاطفة ، وإذا استمر الأشخاص من حوله فـي تبديل الأماكن ، فذلك لأن قـدرته على التعرف على البشر قد تقلصت ، باختصار ، نحن ننظر إلـى العالم من خلال عينيه الحائرتين ، فمنذ فترة ، رأيت " الأب " على خشبة المسرح بطاقم مختلف وبحلول صباح اليوم التالي ، كنت قد نسيت كل شيء عنها ، لماذا إذن يـجب أن يترك الفيلم انطباعاً قوياً ؟ يعود ذلك جزئياً إلى المنظورات المكانية العميقة الـتي توفرها السينما والتكتم الذي يشجعونه ، عـلى عكس جمهور المسرح ، يمكننا التحديق في الردهة الطويلة في شقة أنتوني ، وهو ينزلق عبر باب في نهايته وينظر إلينا في الظلام من خلال الشق ، ولنكن صادقين أن الدور الرئيس لفيلم " الأب " على الشاشة هو وجود هوبكنز ، ممثل في قمة قوته المخيفة ، يصور رجلاً منبوذاً بشكل مثير للشفقة ، المفارقة نادرة جداً بحيث لا يمكن مقاومتها .

الشيء الوحيد الذي يميز الممثلين من أعلى رتبة هو الانبهار الذي يولدونه فينا أثناء قيامهم بأعمال عادية تماماً ، كما أن مشهد هوبكنز ، فـي فيلم " الأب " ، وهو يتجول في المطبخ ويملأ الغلاية ويفرغ أغراض البقالة ، يلقي تعويذة مماثلة ، يمكن أن نشاهد كاهناً يستعد للقداس ، يزداد جو المداولات هذا مع تقديم لورا (إيموجين بوتس) ، وهي شابة ودودة تتقدم بشجاعة لتكون مقدم الرعاية القادم لأنتوني الذي يُحييها ، بمنديل حريري مدسوس بخفة فـي جيب صدر رداءه ، كان يمزح معها ، تومض ابتسامته ، ويلمح إلى أنه اعتاد أن يكون راقصاً وكأنها مهنته ، ( بينما مـهنته الأصلية مهندس ) ، يسير حول غرفة المعيشة ويدور حولها تتبعه الكاميرا ، إنه تسلسل مذهل ، تـم تشديده بخليطه من الدعابة والدنس ، والقوة التي يدق بـها هوبكنز خطوطه ، ويضرب الحروف الساكنة حتى تتألق ، كأنه يعيد مشهد الملك لير في المسرح الوطني ، في عام 1986 ، وفي عام 2018 ، عـاد إليه في إنتاج تلفزيوني من إخراج ريتشارد آير ، كان هـذا الأداء مكتوما بشكل غريب في تأثيره ، شعر غضب الملك بأنه محدد سلفاً ، كما لو كان مسلحاً للصراع مسبقاً ، في حين أن حنق أنطوني في الفيلم الجديد ، ينفجر من العدم ، مثل الرعد ، أن يتم إرساله إلى دار لرعاية المسنين - وهو رعبه الأساسي - سيكون مثل طرده في طقس قاسٍ :

" أنا أفقد كل أشيائي ، الجـميع يساعدون أنفسهم فقط ، إذا استمر هذا لفترة أطول ، فسأكون عارياً تماماً"، كما يقول بنصف ضحكة ، وهو يتشبث بشقته بجنون .

" الأب " هو عمل من الوحدة المروعة ، هوبكنز يحكم الشاشة ، يتأرجح بين العظمة والضجة الصعبة ، وفي انحدار أنتوني نرى نذير ، " من أنا بالضبط ؟ " سأل ، وكم عدد الأرواح التي يجب أن تنتهي ، مثل حياته ؟

يستيقظ أنتوني في غرفته ويخرج من الشقة ليجد نفسه في ردهة المستشفى ، يتذكر وفـاة ابنته لوسي (إيموجين بوتس) في حادث سيارة فـي المستشفى ، يرى جسدها الملطخ بالدماء في غرفة المستشفى ثم يستيقظ في غرفة نوم مختلفة تماماً ، الآن في دار لرعاية المسنين ، تقوم ممرضته ، كاثرين (أوليفيا ويليامز) ، بفحصه وإبلاغه بـأن آن انتقلت إلى باريس وتزورها في عطلات نهاية الأسبوع من حين لآخر ، ممرضة أخرى ، بيل (مارك جاتيس) ، تزور أيضاً أثناء تفاعلهم ، يعاني أنتوني من انهيار عاطفي بسبب عدم قدرته على فهم العالم بعد الآن واختفاء آن ويذكر أنه يريد والدته ، تريحه كاثرين وهو يبكي وتخبره أنها ستأخذه إلى الخارج إلى الحديقة في وقت لاحق من ذلك اليوم .

عن / مجلة نيويوركر الأميركية

 

المدى العراقية في

07.04.2021

 
 
 
 
 

«يهوذا والمسيح الأسود»

عمرو عبد المطلب

منذ اغتياله عام ١٩٦٩وحتى يومنا هذا، شكلت حياة الناشط الأمريكي الأسود فريد هامبتون مصدر إلهام للعشرات من المبدعين الأمريكيين: البيض والسود على حد سواء.

ولعل أحدث الأعمال المستلهمة من حياة ومسيرة هامبتون هو فيلم “يهوذا والمسيح الأسود” للمخرج الأمريكي الشاب شاكا كينغ، وهو الفيلم الذي ينتظر محبو السينما عرضه في صالات العرض العام المقبل.

يتناول الفيلم قصة هامبتون من منظورين مختلفين: الأول هو منظور هامبتون نفسه، الشاب الذي لم يتجاوز الحادية والعشرين من عمره والذي انضم إلى حزب الفهود السود الذي تأسس عام ١٩٦٦، وكان قادته يؤمنون بضرورة الكفاح المسلح من قبل الأمريكيين السود في سبيل انتزاع حقوقهم المدنية.

ورغم حداثة سنه استطاع هامبتون الترقي في صفوف الحزب ووصل إلى منصب المسؤول عن فرع الحزب في مدينة شيكاغو الأمريكية.

استطاع هامبتون على مدار عام من تأسيس ذلك الفرع تحقيق إنجازات هامة كان أولها نجاحه مع رفاقه في عقد هدنة بين عصابات الشوارع المتحاربة في شيكاغو، موكداً أن هذا الاقتتال الداخلي لن يزيد أحياء السود في المدينة إلا مزيداً من الفقر والمعاناة.

وذهب هامبتون إلى ما هو أبعد من ذلك حين نجح في تجاوز حواجز العرق واللون وتكوين ما سماه “تحالف قوس قزح”، الذي ضم مجموعات متنوعة من الأحزاب والحركات المنادية بالعدالة الاجتماعية.

أما المنظور الثاني فهو لويليام اونيل والذي ظل لفترة طويلة عضواً في حزب الفهود ورفيقاً لهامبتون في كفاحه ونضاله.

إلا أن ما لم يعرفه كثيرون في ذلك الوقت هو أن أونيل كان عميلاً لصالح مكتب التحقيقات الفيدرالي (الاتحادي) الذي كان يسعى جاهداً لتفكيك الحزب، ووجد ضالته في اونيل الذي زرعه كجاسوس في فرع الحزب في شيكاغو لاختراقه من الداخل.

استطاع اونيل أن يزود مكتب التحقيقات الذي كان ينظر إلى حزب الفهود السود باعتباره “أكبر خطر داخلي تواجهه الولايات المتحدة” ،على حد تعبير مؤسس المكتب غي ادجار هوفر، بمعلومات شديدة الحساسية عن هامبتون ورفاقه وعن أنشطتهم وعن أماكن تواجدهم.

ويرصد الفيلم كيف أثار التحالف الذي كان يبنيه هامبتون قلق المحققين الفيدراليين، خاصة وأن هذا التحالف كان معارضاً لحرب فيتنام التي كان جيش الولايات المتحدة يخوضها آنذاك.

كما يوضح السيناريو كيف أدت معلومات وتقارير اونيل الموجهة إلى المباحث الفيدرالية إلى وضع هذه الأخيرة خطة لاغتيال هامبتون، حيث حاصرت قوات الأمن منزله الذي كان يتخذه أيضا مقراً لأنشطة الحزب.

وبعد معركة غير متكافئة أمطرت فيها قوات الأمن منزل هامبتون بما يقرب من مائة رصاصة، اخترقت القوات المنزل واغتالت هامبتون من مسافة قريبة للغاية.

بقيت علاقة اونيل بالمباحث الفيدرالية سراً إلى أن اعترف الأخير بها في ثمانينيات القرن العشرين موضحاً دوره في اغتيال هامبتون ومبدياً ندمه الشديد على ما فعل.

اختار المخرج عدداً من النجوم الشبان لبطولة فيلمه، في مقدمتهم الممثل البريطاني الشاب دانيال كولايا في دورهامبتون والذي رشح سابقاً لنيل جائزة الأوسكار عن دوره في فيلم الرعب “جيت اوت” للمخرج غوردن بيل.

ويشاركه البطولة الممثل الأمريكي لاكيث ستانفيلد في دور اونيل والذي شارك أيضا في فيلم “جيت اوت” في دور صغير أكسبه استحسان النقاد.

ورغم أن الفيلم لم يعرض في صالات السينما بعد خاصة مع الأزمة التي تسبب فيها فيروس كورونا على مستوى السينما العالمية، إلا أن الجدل حوله فيما يبدو قد بدأ بالفعل نظراً إلى موضوعه الذي لايزال شديد الحساسية في المجتمع الامريكي.

ففي حين رحب البعض على مواقع التواصل الاجتماعي بالفيلم معتبرين أنه تجسيد لسلسلة أحداث تاريخية هامة، أبدى البعض الآخر، لاسيما من المستخدمين السود، تشككه في أن يقدم الفيلم صورة صادقة عن زعيم أمريكي أسود خاصة مع الأخذ بعين الاعتبار تاريخ هوليوود الطويل في تشويه المجتمع الأمريكي الأسود.

إلا أن هذا الجدل في حد ذاته، يثبت أن شخصية مثل فريد هامبتون لاتزال حية في أذهان ووجدان جيل لم يره رغم مرور ما يزيد عن نصف قرن على اغتياله، ويؤكد أن توقيت عرض الفيلم يزيد من حساسية وأهمية موضوعه، حيث يأتي في توقيت عاد فيه من جديد النقاش حول السياسات العرقية في الولايات المتحدة، وعنف قوات الأمن تجاه السود، وتزايد التظاهرات المنادية بوقف هذا العنف.

 

موقع "أصوات أونلاين" في

08.04.2021

 
 
 
 
 

بدء الاستعداد لحفل توزيع جوائز الأوسكار الـ 93 فى 25 أبريل الجارى

كتبت : شيماء عبد المنعم

وضعت أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة المختصة بتوزيع جوائز الأوسكار ومدينة لوس أنجلوس اللمسات الأخيرة على خطط إغلاق الشوارع في وسط المدينة من أجل حفل الأوسكار الثالث والتسعين، والتي ستقام  يوم الأحد 25 أبريل في يونيون ستيشن لوس أنجلوس ومسرح دولبي في هوليوود .

وسيتم إغلاق الشوارع المؤيدة موقع إقامة الحفل صباح الأحد 25 وستظل مغلقًة حتى الساعة 4 صباحًا يوم الاثنين 26أبريل 

وأيام قلية تفصلنا عن حفل توزيع جوائز السينما الأهم، وهو حفل توزيع جوائز الأوسكار في دورتها الـ93، وأصبح معروفا وبشكل كبير أن فيلم "Nomadland" المرشح الأوفر حظنا للوصول لجائزة أفضل فيلم وجائزة أفضل مخرجة فبعدما منحت جوائز Producers Guild of America فيلم "Nomadland" الجائزة الأولى ، وهي واحدة من المؤشرات الرئيسية للفوز بجوائز الأوسكار ، ولا سيما فئة أفضل صورة، أصبحت كل المؤشرات بفوز  "Nomadland" شبه مؤكدة.

اقتنص الفيلم لقب الحصان الأسود في موسم جوائز 2020 -2021، وذلك بعد فوزة بالجوائز التالية Women's Image Network Awards و Women Film Critics Circle Awards، و أفضل فيلم وأفضل مخرجة وأفضل ممثلة وافصل تصوير وأفضل سيناريو من Washington DC Area Film Critics Association Awards، أفضل مخرجة من Virginia Film Festival، أفضل فيلم من Venice Film Festival، أفضل فيلم ومخرجة وممثلة من Vancouver Film Critics Circle، أفضل ممثلة وأفضل تصوير من Utah Film Critics Association Awards، أفضل فيلم من USC Scripter Award، وجائزة اختيار الجمهور من Toronto International Film Festival، و أفضل فيلم وممثلة وسيناريو ومخرجة من Toronto Film Critics Association Awards، وأفضل سيناريو ومخرجة وفيلم من Sunset Film Circle Awards ، و أكثر من 150 جائزة أخري من بينهم جولدن جلوب أفضل فيلم وأفضل مخرجة.

 

اليوم السابع المصرية في

08.04.2021

 
 
 
 
 

الصين تقاطع الأوسكار بسبب "لا تنقسم"

أميرة دكرورى

35 دقيقة هى مدة الفيلم الوثائقى «Do Not Split» أو «لا تنقسم»، والتى كانت كافية للحكومة المركزية بالصين؛ لأن تصدر قرارها بإيقاف التغطيات الحية لجوائز الأوسكار بالجمهورية الصينية، والتقليل من أهمية الجوائز من خلال الإعلام، حيث جاء هذا القرار أثر ترشح الفيلم الذى ينافس على جائزة أفضل فيلم وثائقي، الذي يوثق أحداث هونج كونج فى 2019، وهى المظاهرات التى وصلت الأعداد المشاركة فيها إلى 2 مليون مواطن صينى للتنديد بالممارسات الديكتاتورية فى الصين، وكنتيجة لهذه القرارات، التى قال عدد من وسائل الإعلام الأجنبية إنها صادرة عن قسم الدعاية بالحزب الشيوعى الصيني، حيث أعلنت قناة TVB فى هونج كونج هذا الأسبوع أنها لن تعرض جوائز الأوسكار لأول مرة منذ 50 عامًا.

واستطاع المخرج أندرس هامر أن يسرد بكاميراته الحكاية على لسان المتظاهرين وبعيونهم، ليصبح الفيلم شاهدا على ما يشبه الحرب الأهلية فى الصين، بمختلف التفاصيل، حيث يقوم الفيلم بضغط ما يقرب من خمسة أشهر فى 35 دقيقة ويؤرخ فقط ما لاحظه هامر نفسه، دون استخدام لقطات خارجية لتصوير أحداث سابقة مثل مسيرات يونيو 2019 الضخمة والاقتحام اللاحق لمبنى المجلس التشريعي، وهو حدث يبدو أنه حدث بعد فوات الأوان، كانت نقطة تحول فى موقف بكين تجاه المدينة وشعبها.

يقول المخرج إن «Do Not Split» هو فيلم عن كيفية تحدى الحقوق الديمقراطية الأساسية للشعب الصينى وعن ظواهر الاختفاء فى هونج كونج. لذلك فإن رد فعل بكين على ترشيح الفيلم للأوسكار يتماشى تمامًا مع القصة التى يغطيها الفيلم. وأضاف أنه من خلال رؤيته للتعامل مع قضايا حرية التعبير بشكل عام، لم يكن ذلك مفاجأة بالنسبة له.

المفارقة فى ذلك الحدث هو أن تلك الدورة من جوائز الأوسكار تمثل واحدة من أبرز الدورات فى الصين، والتى سعى صناع السينما لسنوات حتى يصلوا إليها، فحققت المخرجة تشاو كلوى انجازًا تاريخيًا بترشح فيلمها «أرض الرحل - Nomadland» فى 6 قوائم، فضلًا عن فرصتها الكبيرة بالفوز كأفضل مخرجة، بالإضافة إلى فيلم «Better Days - أيام أفضل» وهى دراما شبابية استطاعت أن تكون الأولى التى تصل إلى ترشيح الأفلام الأجنبية من هونج كونج عقب انتهاء الحكم البريطانى للإقليم منذ ما يزيد على 23 عامًا، حسبما أشارت بعض التقارير، بالإضافة إلى منافسة فيلم الأنيميشن «Over the Moon» بقائمة أفضل فيلم رسوم متحركة، وهو إنتاج صينى أمريكى مشترك، وحتى الترشيحات لـ«Mulan» فى الأزياء والتأثيرات المرئية يمكن اعتبارها نوعا من الفوز غير المباشر للثقافة الصينية.

 

بوابة الأهرام المصرية في

09.04.2021

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004