ملفات خاصة

 
 
 

فيلم "الأب"..

يوميات رجل وحيد بذاكرة متشظية

طاهر علوان

جوائز الأكاديمية الأمريكية للفيلم

الدورة الثالثة والتسعون

   
 
 
 
 
 
 

دراما تكشف عن خفايا النفوس الجافة من خلال يوميات رجل متألّم من وحدته.

قضية هامة يطرحها فيلم "الأب" حيث يفضح الجدب الإنساني وحالة انعدام الإنسانية التي وصلت إليها مجتمعاتنا، من خلال طريقة تعاملها مع كبار السن، وخاصة إذا كانوا مرضى، حيث ينكرهم الجميع حتى أبناؤهم، وكأنهم يذكرونهم بالنهاية بأنهم أشخاص عجزة يثيرون الاشمئزاز والكراهية واللامبالاة في أنفس الآخرين، وكأن النهايات لا تكون إلا بكل هذه القسوة والألم.

في اللقاء العابر الذي يجمع شخصيات لا يربطها رابط يتحقق نوع من التبعثر واللاجدوى وفوضى المشاعر الإنسانية ولا يبقى الأمر مرتبطا إلا بانشغالات هامشية.

من وجهة نظر الأب في الفيلم الذي يحمل العنوان ذاته للمخرج فلوريان زيلر هنالك أنتوني (الممثل أنتوني هوبكنز) الثمانيني الذي تعصف به الذاكرة يمينا وشمالا وهو يعيش ذروة تلك اللقاءات العابرة مع شخصيات إيهامية لا يربطها رابط. كأنه كائن هبط من كوكب آخر وكأنه يتحدث بلغة أخرى ويعبش في فوضى لا يمكن للشخصيات أن تعيشها.

عصف الذاكرة

فيض من اليوميات والشكل الواقعي تتكامل في هذه الدراما، يوميات رجل مطعون ومتألّم من وحدته وذاكرته المشتتة واسترجاع ذكرى ابنته الشابة الراحلة وما بين ذلك نزاع من أجل البقاء.

وما الشاهد على كينونة ذلك الرجل والسبب الذي جعله يعيش في ذلك الهامش البشري سوى الزمن، ولهذا يضيع الشاهد على الزمن مرارا، ففي كل مرّة تضيع ساعة أنتوني ويكاد يتهم الخادمة بسرقتها حينا وصولا إلى اتهام نسيبه بتلك السرقة لكنه سيعثر على دالّة دورة الزمن وأي زمن يمكن أن يقرأه فيها سوى زمن عزلته ومحنته.

في هذه الدراما نتلمس المساحة القاحلة للوجود الإنساني وانشغالات البشر بينما يشاهدون حطام إنسان في أرذل العمر

على خشبة الحياة المرّة يتوالى ظهور تلك الشخصيات، وبالفعل تشعر أنك إزاء عمل مسرحي يتكئ على محدودية المكان وعلى الحوار ولسوف تنتظر الملل من أعمال كهذه لا تنتمي إلى روح السينما، لكن ذلك لن يحصل قط ولا تشعر بالزمن كيف يمر وسط تلك الأزمة الإنسانية التي تفطر القلب لرجل يعصف به مرض الزهايمر وخلال ذلك المرض تتكشف الشخصيات المحيطة به على حقيقتها.

بالإمكان أن نختصر علاقة أنتوني بابنتيه بشكل ما لا يتعدى حدود الحاجة في وسط محنة العزلة والنسيان، في ذلك الجدب الإنساني وحيث الرجال الذين يظهرون لا يكفّون عن إظهار عدوانيتهم تجاه الرجل المسن إلى درجة أن أحدهم يقوم بصفعه مرارا.

بالطبع سوف نتكئ كثيرا على خيالات أنتوني والمشاهد تنسخ المشاهد والمواقف تنسخ المواقف وذلك استنادا إلى عصف الذاكرة وتشظّيها.

أنتوني هوبنكز، الذي يتربّع بامتياز على قمّة التمثيل يقدّم واحدا من أجمل أدواره يتوّج بها كهولته السينمائية، فهو يعيش حواراته مع شخصياته المتعددة في داخله التي بالكاد يسيطر على انفعالاتها وهو لا يريد شيئا سوى أن تكون ابنته الرسامة الصغيرة إلى جانبه أما الكبرى فكأنها هي البديل عن الأم.

يترشح هذا الفيلم بجدارة للأوسكار هذا العام ولست أحسب أن الجائزة سوف تخطئ أنتوني هوبنكز لبراعته في هذا الفيلم المميز الذي هو في حد ذاته تحدّ في الخروج على الشكل المسرحي، وفيه الأحداث كلها تقع في إطار شقة يتوالى فيها ظهور الشخصيات.

تحتل الحوارات بين أنتوني وابنته الكبرى آن (الممثلة أوليفيا كولمان) مساحة واسعة من الفيلم وليست العبرة في تلك الحوارات في حد ذاتها بل في ما سوف تكشفه من علاقة مركبة وإشكالية بين الأب وابنته، فهي التي لا تكاد تبتسم إلا وتخفي خلف تلك الابتسامة حزنا مريرا على الحالة التي تشاهد فيها والدها.

وينجح المخرج من خلال شخصية آن تحديدا في وضعنا في وسط فوضى الذاكرة حتى لا نعود نميز بسهولة بين ما هو متخيل ومجرد هذيانات وتدهور للذاكرة وبين ما هو واقعي وحقيقي ومن ذلك قرار آن السفر إلى باريس للعيش مع زوجها هناك، تعيش مع رجل، ولكنهم لا يتكلمون الإنكليزية، تلك هي اعتراضات أنتوني الوحيدة وأما ما عدا ذلك فهو شعور بالتشبث الطفولي بأذيال الأم، نعم سوف يمنحك ذلك الإحساس.

دراما مميزة

في هذه الدراما التي يمكن تلمس المساحة القاحلة للوجود الإنساني وانشغالات البشر وهم يشاهدون حطام الإنسان في أرذل العمر، سوف نعيش ذات الإرباك الذي تعيشه الشخصية لمحاولة الإلمام بدوافع الشخصيات وأيها الخيالي وأيها الواقعي وجميعها يحتل محورها أنتوني بذاكرته الهائمة المتشظية وهو يحاول أن يلمّ بوجوده البسيط، فهل أن المكان له أم أنه مجرّد ضيف عابر وسوف يغادر المكان، وهل أن ابنته الكبرى الحنونة آن في طريقها إلى باريس أو أنه مجرّد خيال وأنها لن تفرّط فيه ولسوف تفني عمرها في خدمته.

لكنه ها هو في عزلته المريرة وهو ينتقل إلى فصل آخر أشد وقعا على النفس وهو النفي إلى دار العجزة والمسنين، وها هو يبث شكواه للممرضة، ويسرد لها تاريخه القلق والذي لا يستطيع اليقين بأنه تاريخ حقيقي أم متخيّل وافتراضي.

وإذا كان الحوار دالا على التشظي الذي تعيشه الشخصية فإن أنتوني يلجأ إلى عالم الأوبرا وإلى الأصوات الفخمة يصغي إليها وحيدا، بل سوف تتحول إلى خلفية لهذه الدراما القاسية، ونلاحظ أنه مع المشاهد الأولى سوف تتحول تلك الأصوات الأوبرالية إلى ما يشبه اللأزمة المصاحبة لأنتوني فيما هو يحاول الإفلات وحيدا من الواقع.

يصدمنا المخرج مرارا بالشخصيات وأدوارها في هذه الدراما وتتغير أسماء الشخصيات ووظائفها مرارا فمثلا هنالك شخصيتان تحملان اسم آن وشخصيتان تحملان اسم لاورا، وهكذا سوف نمضي مع الثنائيات المدهشة في هذه الدراما الفيلمية المميزة.

كاتب عراقي مقيم في لندن

 

العرب اللندنية في

04.04.2021

 
 
 
 
 

فيلم "Nomadland" الحصان الرابح ..

فاز بأكثر من 150جائزة غير الترشيحات

كتبت : شيماء عبد المنعم

أيام قلية تفصلنا عن حفل توزيع جوائز السينما الأهم، وهو حفل توزيع جوائز الأوسكار في دورتها الـ93، وأصبح معروفا وبشكل كبير أن فيلم "Nomadland" المرشح الأوفر حظنا للوصول لجائزة أفضل فيلم وجائزة أفضل مخرجة فبعدما منحت جوائز Producers Guild of America فيلم "Nomadland" الجائزة الأولى ، وهي واحدة من المؤشرات الرئيسية للفوز بجوائز الأوسكار ، ولا سيما فئة أفضل صورة، أصبحت كل المؤشرات بفوز  "Nomadland" شبه مؤكدة.

اقتنص الفيلم لقب الحصان الأسود في موسم جوائز 2020 -2021، وذلك بعد فوزة بالجوائز التالية Women's Image Network Awards و Women Film Critics Circle Awards، و أفضل فيلم وأفضل مخرجة وأفضل ممثلة وافصل تصوير وأفضل سيناريو من Washington DC Area Film Critics Association Awards، أفضل مخرجة من Virginia Film Festival، أفضل فيلم من Venice Film Festival، أفضل فيلم ومخرجة وممثلة من Vancouver Film Critics Circle، أفضل ممثلة وأفضل تصوير من Utah Film Critics Association Awards، أفضل فيلم من USC Scripter Award، وجائزة اختيار الجمهور من Toronto International Film Festival، و أفضل فيلم وممثلة وسيناريو ومخرجة من Toronto Film Critics Association Awards، وأفضل سيناريو ومخرجة وفيلم من Sunset Film Circle Awards ، و أكثر من 150 جائزة أخري من بينهم جولدن جلوب أفضل فيلم وأفضل مخرجة.

 كلوي تشاو، مخرجة فيلم Nomadland، دخلت التاريخ أيضا كأول امرأة "ملونة" يتم ترشيحها لجائزة أفضل مخرج في حفل توزيع جوائز أوسكار الـ93، إلى جانب المخرجة الواعدة إميرالد فينيل، حيث تعد المرة المرة الأولى التي يتم فيها ترشيح امرأتين لأفضل مخرج في تاريخ حفل توزيع جوائز الأوسكار، وفقًا لموقع deadline.

وصنعت كلوى تشاو التاريخ في وقت سابق من هذا العام كأول امرأة من أصل آسيوي وثاني امرأة على الإطلاق تفوز بجائزة أفضل مخرج في حفل توزيع جوائز جولدن جلوب الثامن والسبعين والتي كانت أيضًا المرة الأولى التي يتم فيها ترشيح ثلاث مخرجات في هذه الفئة.

لكن الفيلم مثلما قوبل بهذا الاحتفاء الكبير تعرض للانتقادات، فقل ترشيحه للاوسكار وفوز مخرجته بجولدن جلوب كأول امرأة آسيوية 

اللحظة على نطاق واسع في الصين، كما كان الاحتفال في الولايات المتحدة، حيث احتشدت المنافذ الإخبارية الصينية ومستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي حول نجاحها كمصدر للفخر الوطني.

وفي غضون يوم واحد حسبما ذكر موقع hollywoodreporter، أصبح الاحتفال مظلما بشكل كبير، حيث كشف عدد من رواد السوشيال ميديا عن مقابلات قديمة ظهرت فيها تشاو وهي تنتقد بلدها، لينتشرالجدل والنقد حول موقفها تجاه الصين بالسرعة نفسها التي انتشر بها الاحتفاء، كان مراقبو الإنترنت في بكين على استعداد لدخول المعركة، حيث قاموا بحظر معظم الدعاية لـNomadland على وسائل التواصل الاجتماعي وحذفوا كل الأخبار التي تشير إلى تاريخ إطلاق الفيلم في الصين 23 أبريل، وهو ما يكشف الطبيعة المشحونة بشكل متزايد للعلاقات السينمائية بين الولايات المتحدة والصين.

لكن علي جانب أخر صدرت الموافقة علي طرح فيلم "Nomadland" بإصدار محدود في الصين بدءًا من 23 أبريل، وفقًا للمعلومات المنشورة على موقع  China Film، علي أن يكون موعد العرض لأول مرة قبل ثلاثة أيام فقط من حفل توزيع جوائز الأوسكار، حيث من المتوقع أن يكون الموعد هو الاختيار الأفضل، وسيقام حفل الأوسكار في 26 أبريل المقبل بلوس انجلوس .

ويبدو أن طرح الفيلم بإصدار محدود يرجع اي ان الصين تتبع الفترة الحالة والمقبلة الترويج لأفلامها والتعتيم علي الفيلم الاجنبي، كما نشرت بعض الأخبار تشير ان الصين تحاول منح بث جفل توزيع جوائز الأوسكار بالبلاد، رغم ان مشاهدة الحفل تلقي بشعبية كبيرة في الصين.

والفيلم الأمريكى Nomadland إخراج كلوى تشاو، وهو العمل الذى عرض بمهرجان القاهرة  الأخير بالقسم الرسمى خارج المسابقة وذلك فى عرضه الأول بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتدور أحداثه حول امرأة تقرر أن تقضى حياتها فى ترحال دائم فى الغرب الأمريكى خلال فترة الكساد العظيم .

فرانسيس مكدورماند، بطلة الفيلم، سبق أن نالت جائزة الأوسكار أفضل ممثلة، وذلك عن دورها فى فيلم Three Billboards Outside Ebbing, Missouri.

 

اليوم السابع المصرية في

02.04.2021

 
 
 
 
 

"الرجل الذي باع ظهره" يطلق عروضه في تونس

المخرجة كوثر بن هنية تبتعد في عملها السينمائي "الرجل الذي باع ظهره" عن تونس لتغوص في عالمين متباعدين يثيران شغفها: اللاجئين والفن المعاصر.

تونسيتتبع فيلم “الرجل الذي باع ظهره” الذي انطلق عرضه الأربعاء في تونس، وهو أول عمل سينمائي تونسي يبلغ التصفيات النهائية لجوائز الأوسكار، لاجئا سوريا يبيع ظهره ليتحوّل عملا فنيا حيا، بهدف الوصول إلى أوروبا.

وتبتعد المخرجة التونسية الفرنسية كوثر بن هنية في هذا العمل السينمائي الطويل الثالث في مسيرتها التي انطلقت العام 2010، عن تونس لتغوص في عالمين متباعدين يثيران شغفها: اللاجئين والفن المعاصر.

ويروي الفيلم قصة سام علي، الشاب السوري الذي يضطر بعد تعرضه للتوقيف اعتباطيا، إلى الهرب من بلده سوريا الغارق في الحرب تاركا الفتاة التي يحبها ليلجأ إلى لبنان.

المخرجة التونسية تصف الترشيح بأنه “حدث عظيم غير مسبوق في السينما التونسية”، لكنها تأسف إزاء نقص الدعم الرسمي للقطاع السينمائي في بلدها

وبسبب عدم امتلاكه وثائق رسمية للحاق بحبيبته إلى بلجيكا، يعقد سام علي صفقة مع فنان واسع الشهرة تقضي بمساعدته في الحصول على تأشيرة دخول إلى أوروبا، مقابل السماح للفنان باستخدام ظهر الشاب السوري ليرسم عليه ويعرضه أمام الجمهور.

واستوحت بن هنية فكرة الفيلم في جزء منها من قصة الشاب البلجيكي تيم ستاينر الذي باع مواطنه الفنان المعاصر ويم ديلفوا الحق في دقّ أوشام على ظهره محوّلا إياه لوحة فنية حيّة للعرض.

وقالت بن هنية على هامش عرض خاص للفيلم أقيم للصحافيين عشية إطلاقه في تونس، إن “الشخصية الرئيسية في الفيلم تشكل همزة وصل بين عالمي اللاجئين والفن المعاصر”، موضحة أن “الأحداث تدور في سياق من عدم الاستقرار في الشرق الأوسط وأوضاع اللاجئين في أوروبا”.

وسيعرض الفيلم الذي صُوّر في فرنسا وبلجيكا وتونس اعتبارا من اليوم الجمعة في الولايات المتحدة، حيث سيتنافس لنيل جائزة الأوسكار أفضل فيلم أجنبي خلال الحفل السنوي الذي تستضيفه لوس أنجلس في 25 أبريل الجاري.

ويبدأ الفيلم الذي يمتد على أكثر من ساعة ونصف الساعة بمشهد توقيف سام علي إثر الوشاية به، لأنه اعتبر نفسه “حرّا في بلد يشهد ثورة”.

كوثر بن هنيةالبطل في الفيلم يشكل همزة وصل بين عالمي اللاجئين والفن المعاصر

وتشكل شخصية سام علي التي يجسّدها الممثل السوري يحيى مهايني المقيم في باريس، محورا تدور حوله سائر الشخصيات المشاركة في البطولة، وبينها الفرنسية ديا ليان والبلجيكي كوين دي باو، إضافة إلى النجمة الإيطالية مونيكا بيلوتشي التي أدّت دور امرأة تحاول “إخفاء أصولها” الشرق أوسطية.

وعن مشاركة بيلوتشي، توضح بن هنية “كنت أبحث عن شخصية جميلة وذوّاقة، ووجدت ضالتي في مونيكا التي قبلت المشاركة من دون عناء”.

أما الممثل السوري يحيى مهايني فيصف مشاركته في الفيلم بـ”فرصة العمر”، موضحا “لا أعتقد أن أي ممثل لا يطمح إلى تقمّص هذا الدور.. إنه فيلم طموح”. وهو يحلم بأن يشاهد الجمهور في بلده هذا العمل، وهو إنتاج مشترك بين جهات من دول عدة بينها فرنسا وتونس وألمانيا وقطر وتركيا.

وتتابع كاميرا بن هنية بطل الفيلم خلال تنقلاته بين أروقة المعارض الفنية، حيث يجد نفسه مجبرا على عرض ظهره لساعات أمام عدسات المصوّرين أو الزوّار، ما يثير فضول البعض، في حين يرى فيه آخرون اعتداء على حريته.

وتؤدّي طريقة التصوير وتغيير أسلوب الإضاءة بين المشاهد دورا مهما في عرض الأحداث. فقد غلبت الإضاءة الساطعة على المشاهد المصوّرة خارج أروقة المعارض، لتكشف تفاصيل الديكور الدقيقة وتقاسيم وجوه الشخصيات، بينما طغت الألوان الداكنة على باقي المشاهد.

ويبرز أيضا الفيلم التأرجح في شخصية البطل بين السعادة والغضب، إذ تستخدم المخرجة الرموز لتظهر غضبه من تحويله إلى نوع من البضاعة، وحالة السأم التي يعيشها من منظومة كاملة قائمة على الظلم.

وتقول المخرجة “هاجسي الرئيسي كيف أجعل من الشخصية الرئيسية بطلا معاصرا تنتهي مغامرته الشاقة لصالحه”، مضيفة “سئمت الخطاب الذي يرى في اللاجئ فقط ضحية”، فيما يستطيع أن يكون في موقع “الند للندّ” مع الفنان.

ويتجلى ذلك من خلال نهاية الفيلم بـ”انتصار” البطل مع استرجاع “ملكيته لجسده التي انتزعت منه”.

ويتنافس الفيلم التونسي للفوز بجائزة الأوسكار ضمن فئة أفضل فيلم أجنبي مع الفيلم الدنماركي “أناذر راوند” و”بيتر ديز” من هونغ كونغ والفيلم الروماني “ولكتيف” و”كو فاديس، عايدة” البوسني.

الفيلم يروي قصة سام علي، الشاب السوري الذي يضطر بعد تعرضه للتوقيف اعتباطيا، إلى الهرب من بلده سوريا الغارق في الحرب تاركا الفتاة التي يحبها ليلجأ إلى لبنان

وتصف المخرجة التونسية الترشيح بأنه “حدث عظيم غير مسبوق في السينما التونسية”، لكنها تأسف إزاء نقص الدعم الرسمي للقطاع السينمائي في بلدها.

وكاد “الرجل الذي باع ظهره” ألاّ يرى النور بسبب صعوبة تجميع موازنة الفيلم التي بلغت 2.5 مليون يورو، كما أكّد ذلك منتجو العمل التونسيون الذين يبدون تفاؤلا حيال النتيجة المتوقعة في حفل الأوسكار، رغم ضعف إمكاناتهم الترويجية في مواجهة الأعمال المنافسة التي يحظى بعضها بدعم جهات عملاقة.

وتأمل بن هنية أن تشكّل تجربتها مدخلا إلى “تغيير مفهوم المنتجين في ما بعد، وتوفّر فرصا أخرى لتقديم أعمال مشابهة”.

وسبق للمخرجة التونسية أن أخرجت عددا من الأفلام القصيرة والوثائقية، وحصد فيلمها “على كف عفريت” إعجاب الجمهور خلال عرضه ضمن فئة “نظرة ما” في مهرجان كان الفرنسي العام 2017، وهو يتناول قصة فتاة اغتصبها رجال الشرطة وتكافح لتقديم شكوى في حقهم. كما عُرض العمل على نتفليكس في مايو 2020.

ومن المتوقع أن تشرع بن هنية المنتمية إلى جيل من السينمائيين التونسيين الشباب الذين نقلوا إلى الشاشة الكبيرة قضايا مجتمعية وسياسية كانت تخضع للرقابة قبل ثورة 2011، قريبا في تصوير فيلم وثائقي حول حكاية تونسية بعنوان “بنات ألفة”.

 

العرب اللندنية في

02.04.2021

 
 
 
 
 

جودي فوستر والمعجب الذي حاول اغتيال رئيس أميركي كرمى لعينيها

حاول جون هينكلي جونيور اغتيال رونالد ريغان قبل أربعين سنة للفت نظر نجمة هوليوود

ألكساندرا بولارد 

في 1981، خلال مكالمة هاتفية مع رجل دأب على ملاحقتها، أوردت جودي فوستر، ابنة الثامنة عشرة آنذاك، "آه، يا إلهي. لقد بدأ هذا الأمر يزعجني بالفعل. هل لديك مانع إذا أنهيتُ المكالمة؟". بعد بضعة أشهر، وفي محاولة مجنونة كي يكسب حبها، أطلق ذلك الرجل النار على رئيس الولايات المتحدة.

عندما تسأل أي شخص عما يتبادر إلى ذهنه حينما يسمع اسم جودي فوستر، فعلى الأرجح سيتذكر دورها الشائك كناجية من الاغتصاب الجماعي في فيلم "المُتَهَم" The Accused الذي أكسبها أول جائزة أوسكار، أو شخصية المتدربة في مكتب التحقيقات الفيدرالي كلاريس ستارلينغ في فيلم "صمت الحملان" The Silence of the Lambs الذي أضاف الأوسكار الثاني إلى رصيدها. أو ربما سيتحدث عن أدوارها في فيلم الإثارة "غرفة الذعر" Panic Room أو "باغزي مالون" Bugsy Malone أو "الجمعة العجيبة". إذاً، يُحسب لفوستر أن اسمها لم يبق مرتبطاً إلى الأبد بالمعجب جون هينكلي جونيور (الذي حاول اغتيال الرئيس رونالد ريغان).

بدأت حكاية فوستر مع هذا الرجل من فيلم "سائق التاكسي" Taxi Driver. ففي 1975، حين كانت في سن الثانية عشرة، أدت دور مراهقة تدعى إيريس تعمل بائعة هوى في فيلم المخرج المعروف سكورسيزي الذي يغوص في تفكك حياة المدينة. وتلفت إيريس انتباه ترافيس بيكل الشخص الغريب الأطوار والجندي السابق في حرب فيتنام، وقد أدى دوره روبرت دي نيرو. وإذ يفشل بيكل في اغتيال مرشح رئاسي، يعمد إلى إطلاق النار على القواد الذي تعمل إيريس لمصلحته، فيضحي بطلاً. وآنذاك، كرهت فوستر البلوزات عارية الصدر وأحذية الكعب العالي التي توجب عليها ارتداؤها في ذلك الفيلم. ونقلت مجلة "فانيتي فير" عنها، "لقد كنت فتاة ترتدي ثياب الصبيان وجوارب قطنية طويلة"، لكن الدور استحق ذلك العناء. لطالما تلقى فيلم "سائق التكسي" إشادات واحتل مكانة شبه ثابتة في قوائم أفضل الأفلام على الإطلاق، وشكل انطلاقة في مسيرة فوستر المهنية. في المقابل، حدث أنه حفز بشكل غير مقصود سلسلة من الحوادث الغريبة والمؤلمة.

وآنذاك، ظهر شاب يدعى جون هينكلي جونيور في هوليوود، حيث شاهد "سائق التاكسي" للمرة الأولى. إن ذلك الشاب المبعد عن عائلته، المدمن على حبوب فاليوم المهدئة، والمطرود حديثاً من مجموعة مناصرة للنازيين الجدد بسبب تطرفه الشديد، رأى نفسه في البطل المضطرب والساخط (ترافيس بيكل) في فيلم "سائق التاكسي". ولاحقاً، اعتبر أن خلاصه يكمن في شخصية إيريس، بالتالي جودي فوستر التي تؤديها. ثم بدأ الشاب يتبنى مظهر ترافيس بيكل، ويرتدي ملابس عسكرية وجزمات طويلة ويكتب يومياته على غرار ترافيس. وأصبح مهووساً بفوستر.

في هذه الأثناء، أنهت فوستر تعليمها المدرسي وبدأت الدراسة في "جامعة ييل" Yale سنة 1980. وفي الوقت الذي شهد تضخم شعور الجمهور بأن له الحق في اختراق حياة المشاهير، لم تكن فوستر مهتمة فعلياً بكونها شخصية معروفة. إذ أرادت أن تكون فتاة عادية. وبحسب ما توضح لاحقاً، "لم يكن الأمر كأنني خسرت طفولتي أو شعرت بالإنهاك، ببساطة لم تكن لدي أدنى فكرة كيف سيكون شعوري إذا خرجت تماماً وصرت تائهة تماماً من دون أي تجربة سابقة". بعد ذلك، تبنت "إطلالة لا تكترث برأي العالم". ودأبت على قضاء أوقاتها مع أشخاص متمردين على المجتمع. وانغمست تماماً في الحياة الجامعية. وطوال الوقت، لم تكن مدركة أن هينكلي جونيور قد تبعها إلى ولاية كونيتيكت.

لم تكن فوستر تعرف حتى بوجود جون هينكلي إلا عندما بدأ بتوصيل رسائل باليد إلى مسكنها. لقد تجاهلت الرسائل، إذ لم يكن هينكلي الشخص الوحيد الذي كان يعبر عن إعجابه برسائل مكثفة. وراح هينكلي يكتب مزيداً من الرسائل. ترك لها عشرات القصائد والرسائل والملاحظات التي يعبر من خلالها عن "حبه" لها. وعندما لم ترد على مراسلاته، بدأ يتصل بها هاتفياً. سألت خلال المكالمة الهاتفية الأولى بينهما، وقد سجلها ذلك الشاب، "من المتصل؟". فأجاب، "إنه الشخص الذي ترك لك ملاحظات في صندوق البريد طيلة يومين". وفي النهاية ، سلمت فوستر رسائل هينكلي إلى عميد الكلية.

في العادة، تُخْبَر النساء أنهن إذا لم يُلقين بالاً إلى محاولات الرجال غير المرغوب فيهم للتقرب منهن، فسيتركهن الرجال لحالهن. ولكن، يعرف معظمنا أن العكس قد يكون صحيحاً. فكلما تجاهلت فوستر هينكلي، زاد هوسه. وقد ذكر في تسجيل خلال ليلة رأس السنة الجديدة عام 1981: "جودي هي الشيء الوحيد المهم الآن. كل ما أفعله في1981 سيكون من أجل جودي فوستر وحدها. أعتقد أنني أفضّل رؤيتها وقد اختفت من الوجود على أن تكون برفقة رجال آخرين".

في مارس (آذار) 1981، كتب هينكلي رسالته الأخيرة إلى فوستر. وأوجز فيها خطته بشأن إنجاز "عمل تاريخي" يعكس حبكة الفيلم الذي افْتُتِنَ به. لاحقاً، سيحاول قتل الرئيس. كتب في مقدمة الرسالة، "كما تعلمين جيداً الآن، أنا أحبك كثيراً. جودي، سأصرف النظر عن فكرة اغتيال ريغان مباشرة إذا تمكنت من الظفر بقلبك وتمضية بقية حياتي معك، سواء أكان ذلك في السر تماماً أو أي صيغة أخرى. سأعترف لك أن السبب وراء مضيي قدماً في هذه المحاولة الآن يتمثل في أنني لا أستطيع الانتظار أكثر كي أثير إعجابك. يجب أن أفعل شيئاً الآن لأجعلك تفهمين بما لا يدع مجالاً للشك أنني أفعل هذا كله من أجلك".

لم يرسل هينكلي تلك الرسالة أبداً. لقد تركها في غرفته في الفندق، وتوجه إلى فندق "واشنطن هيلتون" بعيد إنهاء الرئيس ريغان خطاباً. وراح ينتظر. حينما ظهر ريغان، أطلق هينكلي النار. أطلق ست رصاصات في غضون 1.7 ثانية، لكنه لم يكن رامياً جيداً.

لقد أصابت الرصاصة الأولى السكرتير الصحافي للبيت الأبيض، جيمس بريدي، الذي أصيب بشلل دائم وتوفي في نهاية المطاف نتيجة إصابته بعد 33 عاماً. شكّل ضابط الشرطة توماس ديلاهانتي الضحية التالية، ثم عميل الخدمة السرية تيم مكارثي، الذي جعل جسده درعاً في مواجهة النار. أطيح بهينكلي أرضاً بعد عراك واعتُقِل، لكن ليس قبل أن ترتد الرصاصة السادسة والأخيرة من سيارة ليموزين الخاصة بالرئيس وتصيبه تحت ذراعه. في خضم كل تلك الفوضى، لم يلاحظ ريغان حتى أنه تعرض لإطلاق النار، إلى أن بدأ الدم يخرج من فمه. عندما وصل إلى مستشفى "جامعة جورج واشنطن"، بدا مشارفاً على الموت.

في عشية ذلك اليوم، تسكعت فوستر في الجامعة مع أقرب أصدقائها. ثم صرخ أحدهم بهما بأن ريغان تعرض لإطلاق نار. لكن فوستر واصلت يومها بشكل طبيعي، ولم تعرف المستجدات بسبب جهاز الراديو المعطل. وتالياً، لم تدرك مَن الشخص الذي كان وراء محاولة الاغتيال إلا في وقت لاحق من ذلك المساء، حين عادت إلى غرفتها في السكن الجامعي. وكانت أول كلمة نطقتها زميلتها في الغرفة هي "جون".  لقد تهشم الأمان الهش الذي يحيط بحياتها العادية.

في مقال نشرته مجلة "إسكواير" سنة 1982 وروت فيه فوستر للمرة الأولى والأخيرة تفاصيل التجربة، تحدثت بشكل مؤلم عن الوهم الذي يحيط بالمشاهير. وكتبت، "يمكن للرجل أن يشتري ملصق أحد الأفلام، ويعلقه على خزانة ملابسه، ويتخيل أدق التفاصيل حول النجمة الصغيرة. سيعرف كل شيء عنها. سيتملك واقعها الخارجي. وتالياً، بالطبع كان هينكلي "يعرفني". فتلك المرأة التي تظهر على الشاشة تمنح كل ما لديها وتقدم نفسها أمام الجميع كي يعملوا على تقييمها والتعرف عليها واصطحابها إلى منازلهم".

بعد عملية إطلاق النار، عُقِدَت مؤتمرات صحافية، واجتماعات مع كبار الشخصيات في "جامعة ييل". وكذلك جرت محادثات مع المحامين و"مكتب التحقيقات الفيدرالي"، مصحوبة بمعجب مهووس آخر تراجع عن خططه لإطلاق النار على فوستر لمجرد أنها "شديدة الجمال". ولقد لاحقها الصحافيون في كل مكان. ووفق ما تذكرته في مقال مجلة "إسكواير"، "لقد ملأوا الصحف بالعناوين، واقتحموا الحرم الجامعي مثل غزاة على الأحصنة. لم أستطع حماية نفسي من التعرض للدهس". لم تتحدث إلى الصحافة، باستثناء قولها، إنها تخطط "استئناف حياتها الطبيعية". عندما أخبرت المحكمة أن لا علاقة لها بهينكلي، صرخ الرجل، "سأصل إليك يا فوستر!". وقد ثبتت براءته من 13 تهمة بسبب الجنون، ثم احتُجز في مستشفى للأمراض النفسية. (أُطلق سراحه في 2016 بشرط ألا يتواصل مع فوستر).

وفي مقابلة أجرتها هادلي فريمان لمصلحة صحيفة "الغارديان" في 2018، ذكرت الصحافية، "تخيلوا حجم القدرة على ضبط النفس الذي ستحتاجونه كي تصمدوا في حياة شبيهة بحياة فوستر ومواصلة العمل". لا تكتفي فوستر بمواصلة العمل، بل إنها تزدهر. خلال الأربعين عاماً التي تلت محاولة هينكلي تدمير حياتها، فازت بجوائز "أوسكار" و"غولدن غلوب" و"إيمي" و"سيسيل بي ديميل" (الفخرية التي تُمنح من قِبل "رابطة هوليوود للصحافة الأجنبية" لأصحاب الإسهامات البارزة في صناعة الترفيه)، مع حرصها على تجنب أداء أدوار سهلة. وكذلك ليس من الممكن حصر الشخصيات النسائية التي أدتها، ضمن إطار معين. وينطبق ذلك أيضاً عليها شخصياً. إلى يومنا هذا، ما زالت غير مهتمة بأن تكون معروفة.

في 2013، خلال استلامها جائزة "سيسيل بي ديميل" في حفل "غولدن غلوب"، انتظرت الصحف الشعبية بفارغ الصبر أن تعلن فوستر أنها مثلية، لكن الممثلة أعلنت أنها... "عزباء". لم تنكر الأمر شخصياً. ولسنوات طويلة، عاشت بعيداً عن أعين الناس ولكن ليس في السر، مع شريكتها السابقة سيدني برنارد، لكنها رفضت أن تتناول الصحف حياتها بسهولة. ولقد وصفت ذلك، "حطمت ذلك التابو بالفعل منذ نحو ألف عام في العصر الحجري. في تلك الأيام الغريبة، حينما كنت تلك الفتاة الصغيرة الضعيفة التي تبوح للأصدقاء والأقرباء والزملاء الذين تثق بهم، ثم بشكل تدريجي وبكل فخر تخبر كل من عرفها وفعلياً كل شخص قابلته". إن تلك الكلمات القليلة الأخيرة واضحة ودقيقة.

أضافت لاحقاً، "إذا كنتِ شخصية عامة منذ كونك طفلة صغيرة، وإذا توجب عليك مجابهة كل الصعاب من أجل حياة تبدو حقيقية وصادقة وطبيعية، فربما تقدّرين الخصوصية أيضاً قبل كل شيء. في يوم من الأيام، في المستقبل، سيسترجع الناس الماضي ويتذكرون كم كانت الخصوصية جميلة ذات يوم".

لن نتمكن أبداً من معرفة إذا كان هينكلي السبب وراء شعار "الخصوصية قبل كل شيء" الذي تتبناه  فوستر، أو ما إذا كان مجرد تأكيد عنيف لتلك المقولة. وفي مقال مجلة "إسكواير" عينه، جاء حديثها عنه مزيجاً من الغضب والتعاطف والاشمئزاز.

ووفق كلماتها، "أشعر بالأسف تجاه الأشخاص الذين يخلطون بين الحب والهوس، وأشعر بالأذية من قبل الأشخاص الذين عكسوا حيرتهم عليّ. إن الهوس ألم وتوق إلى شيء غير موجود. تمثلت الجريمة الكبرى التي ارتكبها جون هينكلي في الخلط بين الحب والهوس. لن أسامحه أبداً على تتفيه الحب. يدفعني جهله إلى الاكتفاء بالإشارة إلى أنه افتقد أشياء كثيرة. الحب مُفرح. في المقابل، يثير الهوس الشفقة، وانغماس في الأهواء الشخصية. إنه درس تعلمته. سأكون حذرة دائماً من الأشخاص الذين يعلنون حبهم لي. أنا أعرف ما هو الحب. لكن، هل يعرفون ذلك؟".

كاتبة في مجال الفنون @alexjpollard 

 

الـ The Independent  في

03.04.2021

 
 
 
 
 

طاهر رحيم يسجل أن "الموريتاني" أول فيلم هوليوودي محوره مسلم ودود

رفض أداء شخصيات إرهابية لعشر سنوات واختلف الأمر مع دور محمدو ولد الصلاحي الذي سجن وعذب في غوانتانامو 14 سنة

ألكسندرا بولارد 

عندما فتح طاهر رحيم ملف سيناريو فيلم "الموريتاني" The Mauritanian، ووقع بصره على عبارة "غوانتانامو"، أحس بالانقباض. يشرح الممثل الفرنسي من أصل جزائري ونجم دراما "الثعبان" The Serpent التي أنتجتها "بي بي سي"، ذلك الأمر "اعتقدت أنه قد يكون أحد تلك الأدوار النمطية التي عرضت عليّ مراراً من قبل هوليوود طوال السنوات العشر الماضية. وأنا لم أشأ أن أكون جزءاً من تلك الأفلام".

وبعد انطلاقته المدوية في فيلم "نبي" A Prophet، تلك الدراما القاسية عن حياة السجون، ساد افتراض بأن يصبح طاهر رحيم محط اهتمام العالم، إذ كان ذلك الشاب مجهولاً تماماً حين تقدم كي يؤدي تجربة للدور الرئيس في الفيلم أمام المخرج جاك أوديارد. وما لبث أن أدى دور "مالك"، السجين الشاب وغير المتعلم الذي تحول من انطوائي خجول، إلى مجرم عديم الرحمة. وقد جاء أداء رحيم في الفيلم المذكور، هائلاً وعميقاً ونضراً. وكذلك رشح الفيلم لجائزة أوسكار. وكتب الناقد مارك كيرمود عن الممثل الصاعد "الشهرة والثروة تنتظران هذا الممثل القدير الشاب"، لكن بدل أن يحدث ذلك، راحت السيناريوهات ترده تباعاً عارضة عليه أداء أدوار شخصيات إرهابية. وعن هذا تحدث طاهر (39 عاماً) والمولود في "بيلفور"، فرنسا، لأبوين جزائرين "اعتقدت أن الخيال سيكون أكبر عند بعض المخرجين والكتاب، حتى هنا في فرنسا، لكن الأمر لم يكن مختلفاً. لا أريد الاستمرار بمشاهدة الصورة ذاتها التي اعتدنا مشاهدتها عن شعوب الشرق الأوسط. أريد صناعة أفلام أرغب في مشاهدتها".

بيد أن "الموريتاني" جاء مختلفاً. شخصيته الأساسية، محمدو ولد الصلاحي، ليس إرهابياً، بل اتهم ببساطة أنه كذلك. ومحمدو، الشخص الحقيقي الذي يستند الفيلم إلى مذكراته في 2015، أدين باتهامات مبهمة دفع ثمنها 14 سنة من دون محاكمة قضاها في "خليج غوانتانامو" (مقر المعتقل الشهير الذي يحتجز في الجيش الأميركي مقاتلين مفترضين في تنظيم "القاعدة")، حيث تعرض للتعذيب على يد جنود أميركيين. ويبدو محمدو، في الدور الذي أداه رحيم، شخصية رقيقة حولته سنوات الظلم الرهيب الذي وقع عليه إلى شخص مشارف على التوحش، غير أنه إلى حد ما ينجح بالتمسك بإنسانيته. وتؤدي جودي فوستر في الفيلم دور محامية الدفاع التي لا تفوت فرصة للقتال في سبيل إطلاق سراحه.

وبصدد ذلك الفيلم، يذكر طاهر رحيم "إنها المرة الأولى التي أرى فيها فيلماً هوليوودياً محوره شخصية مسلم متعاطفة وحساسة". وجاء ذلك كي يمنحه الرضا بعد مجموعة أدوار عرضت عليه وسببت له نفوراً. ويملك رحيم لكنة غريبة، يبدو أنه طورها حين لعب دور عميل لـ"أف بي آي" (الشرطة الفيديرالية الأميركية) في "البرج الماثل" Looming Tower، الدراما التي تتناول أحداث 11 سبتمبر (أيلول)، إذ تبدو لكنة رحيم تلك فرنسية مطعمة بتأثير من نبرة توم كروز الأميركية. أما هيئته الشخصية، في الأقل على شاشة كمبيوتري الشخصي، فهي بالغة الأناقة (وفرنسية بامتياز)، إذ يرتدي كنزة سوداء بياقة عالية، وشعره مسرح بإتقان. إلا أنه لا يبدو مرحاً وعديم المبالاة، بل يظهر ككتلة من الطاقة، يتميز بابتسامته المائلة، وسلوكه المضطرب. إنها تلك الصفات الشخصية التي استبطنها على نحو مثير عندما أدى شخصية قاتل متسلسل في فيلم "الثعبان"، الذي عرض مطلع العام الحالي.

وقد مضى رحيم في "الموريتاني" إلى الذروة كي يبرز ويؤدي شخصية محمدو، إذ طلب أن يجري تقييده بالسلاسل لمدة ست ساعات. وكذلك طلب غمره بالماء أيضاً [بهدف التعذيب وفق أساليب الأميركيين في معتقل غوانتانامو]. لماذا؟ نسأله... "لأنه لا يمكنني أداء الدور من دون هذه الأشياء"، يجيب هازاً كتفيه. وقد تعلم عزف آلة الترومبيت أنثاء إعداد مسلسل نتفليكس "ذي إيدي" The Eddy إخراج داميان شازيل، الذي تدور أحداثه في ناد لموسيقى الجاز. و"هذا يشكل أمراً مماثلاً"، بحسب تشديد منه. ويضيف "احتراماً لمحمدو والجمهور والمخرج، كان علي الاقتراب قدر المستطاع من حالته، فيمكنني أداء دوره بطريقة غير مصطنعة. لماذا التقليد فيما يمكننا الخلق؟". هل نجح في هذا؟ يومئ برأسه، ويتابع "في لحظة من اللحظات بدا الأمر كأنه غدا تجربة أمر بها أكثر من كونه أداءً وعرضاً. وصلت إلى غاية الإنهاك، ودخلت في حمية غذائية. وقد أدى التعامل معي على هذا النحو إلى تفجر كثيف في عواطفي التي لم أتمكن في الحقيقة من التحكم بها، لذا عمدت إلى السير خلفها".

واستطراداً، حقق فيلم "الموريتاني" نتائج جيدة، فرشح طاهر رحيم لجائزة "غولدن غلوب"، وفازت جودي فوستر بها. في المقابل، أغفل الفيلم في جوائز الأوسكار، ربما لأنهما لم ينحازا يوماً إلى الأعمال ذات الأداء الاستعراضي على حساب الأداءت الأصيلة. في المقابل، سرت بعض الهمهمات النقدية، إذ ظهر رأي مفاده أن التركيز على فوستر وبينيديكت كومبيرباتش (أدى دور المحقق العسكري الذي يعاني تأنيب الضمير)، أوصل الفيلم إلى تكريس سردية "المخلص الأبيض". عند هذه النقطة، يشعر رحيم للمرة الأولى والوحيدة (خلال حديثنا) بالانزعاج. ويورد "أرى أن التفكير بهذه الطريقة ليس جيداً". نطق تلك العبارة ذلك متجهماً، وأشعل ولاعته مرة أخرى. وأردف "كفى، لا نريد كذباً. إنها قصة حقيقية. هؤلاء الناس ساعدوه (محمدو) في الخروج من الجحيم. إذن ماذا نفعل؟ هل نغير التاريخ؟ هل نغير قصة حياته لمجرد إرضاء بعض الناس؟ لا. إنها الحقيقة. ونحن لا نغيرها".

وفي هذا الإطار، يبدو رحيم حريصاً ومتحفظاً تجاه القصة لأسباب ليس أقلها التأثير الهائل لمحمدو الحقيقي عليه، حين التقاه. وتأتي الخاتمة الموسيقية في الفيلم مع أداء محمدو المبتسم أغنية لبوب ديلان، فتمنحنا لمحة قيمة عن شخصية هذا الرجل. ويتناول رحيم تلك النقطة "لقد تفاجأت وذهلت بقدرته على مسامحة الناس. لم يشعر بالضغينة إثر محنته المرعبة". وحين جلسا وحدهما معاً، سأل رحيم محمدو مرة أخرى إن كان ثمة غضب يعتمر في مكان ما بداخله، حتى لو غضب ضئيل. وأخبره "يمكنك أن تخبرني". ورد محمدو بجواب من قبيل "لا، كنت غاضباً في ذلك الوقت [في المعتقل]، قبل أن أدرك أنه حين يسامح المرء الناس الذين يؤذونه، يمكنه أن يحرر عقله". وكذلك ذكر أن هناك أمرين مهمين. يتمثل الأول والأهم في أن تبقى إنساناً صالحاً، حتى (عندما تكون مسجوناً). ويتمثل الأمر الثاني في ضرورة أن يعرف الناس أنه بريء.

واستكمالاً لتلك الصورة، جاء اجتماعه ومحمدو مفيداً جداً، بل فكر رحيم فيما بعد بفعل الأمر ذاته في دراما "الثعبان". وعلى الأرجح، فإن تشارلز سوبراج، الفنان المحتال الذي قتل 12 سائحاً على الأقل في جنوب شرقي آسيا في سبعينيات القرن العشرين، فشل في أن يمثل مصدر إلهام على غرار ما شكله محمدو، إذ إن سوبراج المذكور الذي تمكن من التخفي، أو حتى الهرب من السجن مرات عدة، اشتهر بطلب مبالغ كبيرة من المال كي يقبل إجراء المقابلات. وعن تجربته في ذلك الدور، يروي رحيم "فكرت بلقائه لأني أردت أن أرى كيف سيعمل على خداعي. ثم قررت أن لا أفعل ذلك، احتراماً للضحايا وعائلاتهم. إنه سؤال أخلاقي، ثم إنني لم أتصور نفسي وأنا أدفع مالاً لمجرم. إذاً لا، كانت تلك فكرة سيئة. وفي النهاية لم أقابله".

واستطراداً، لم يكن رحيم محتاجاً إلى ذلك [مقابلة سوبراج]. ففي تلك الدراما المرة والمغوية عن الجريمة، وقد شاركت في بطولتها جينا كولمان، أدى رحيم دور سوبراج بإحساس رهيب من الإنفصال، متعاملاً مع الناس حوله ببرودة وحش مفترس يترصد طريدته. وبدلاً من أن يستلهم تصرفات سوبراج بحذافيرها، استلهم رحيم أفعى الكوبرا. وعن ذلك يشرح "فكرت في روبرت دي نيرو في "سائق التاكسي". لقد اختار السلطعون كي يستلهم تصرفاته منه، لذا عمد دائماً إلى المشي في الهوامش عندما يقارب الناس". ويذكر رحيم أن على المرء كي يبدو صادقاً، الظهور في هيئة دجاجة... "لذا، رحت أفكر أنه عليّ أن أجد حيواني. وبالطبع فكرت في الثعبان".

في سياق متصل، من النادر أن يعتمد طاهر رحيم منهجاً ما في مقاربة الدور، بيد أنه يعتمد تبديل طريقة تصرفه في موقع التصوير. قد يأتي أشخاص ويحادثونه، لكنه سيعمد وقتذاك إلى مجرد التحديق بهم، إلى أن يغادروا. ألا يشعر بالغرابة في أفعال كهذه؟ يجيب باسماً "أجل، أشعر بالسوء إزاءها، لأن الأمر ليس لائقاً، لكنني فعلاً احتجت إلى العثور على شخصيتي". وفي هذا الإطار، يستذكر أمراً أخبره إياه مارك سترونغ أثناء تصوير فيلم "ذهب أسود" Black Gold في 2011، حين أدى سترونغ دور سلطان، وأدى رحيم دور ابنه، إذ أخبره سترونغ "عندما تلعب دور ملك، ليس المهم أن تبدو ملكاً في عين نفسك، بل في أعين الآخرين الذين يحيطون بك". لذا أنا لا أتحدث مع أحد [أثناء التصوير]. وبات ذلك يخلق جواً عاماً تلقائياً. حين أجيء إلى موقع التصوير، يبدأون في تغيير تصرفاتهم وطريقة كلامهم، فيخفضون أصواتهم بعض الشيء، ويشعرون بقدر أقل من الراحة". وبعد مرور أسبوعين أنهى أداء الدور. حينذاك "شعرنا جميعنا بالراحة، وصرت أتكلم معهم. لكني احتجت إلى أسبوعين [من الصمت] كي أؤدي دوري".

في ملمح بارز، لم يرد رحيم أبداً أداء أدوار أشخاص طيبين، ولم يكن مهتماً بالأدوار النمطية، إذ يتمثل ما يثيره كثيراً في أنه بدأ أخيراً يؤدي أنماط الأدوار التي رغب دائماً في مشاهدتها. وصمم أيضاً على تحقيق القدر الأكبر منها الآن. عن هذا الأمر، يشير رحيم إلى فيلم "نبي" الذي جاء بمثابة انفجار، بمعنى أني لم أشأ يوماً أن أكون الشاب الذي يسيء التصرف مع الناس لأنه نجم. وهذا لم يحصل أبداً. في المقابل، لم أتوقع أن شيئاً آخر يمكن أن يحدث. ويفسر ذلك سبب حرصي الزائد على نفسي. أنا لم أعمل فعلاً على استغلال ما حدث معي، لأنني لم أكن في ذاك المزاج". تشتعل الولاعة مرة أخرى. ويختم "الآن بت أتقبل كل شيء تمنحني إياه الحياة".

 

الـ The Independent  في

04.04.2021

 
 
 
 
 

يوظف الغموض أروع توظيف

«الأب».. تحفة سينمائية عن الخَرَف من منظور جديد

المصدر: عرض: عبدالله القمزي

• «الأب» مرشح لنيل أرفع جائزة في حفل «الأوسكار» الشهر الجاري وهو يستحقها.

أداء هوبكنز رائع ويحطم القلب، عن رجل كان قوياً في شبابه تحوَّل إلى مُسنٍّ بلا هوية بسبب الخَرَف.

معظم الأفلام التي تناولت شخصيات مصابة بالخرف، تركز على تأثير هذا المرض العقلي في حياة الأشخاص المحيطين بالشخصية الرئيسة، لكن The Father (الأب) يقدم وجهة نظر الشخصية نفسها، وكيف تتفاعل مع محيطها.

لتحقيق هذا الشيء، فإن المخرج الفرنسي، فلوريان زيلير، الذي يخرج الفيلم من نصّ كتبه مع كريستوفر هامبتون، اقتباساً من مسرحية زيلير نفسه، يستعير فكرة من صانع الأفلام الإسباني/‏المكسيكي لويس بونيويل، وهي استخدام ممثلين عديدين لأداء الدور نفسه.

وهذا يعطي المشاهد منفذاً إلى عقل الشخصية المشوش، والنتيجة مؤثرة جداً، والنهاية التي نراها من وجهة نظر محايدة تحطم القلب. أكثر من سيتأثر بهذا الفيلم هؤلاء الذين عاشوا تجربة الحياة مع مريض بالخرف بأنواعه المختلفة، سواء كان الزهايمر أو خرف الشيخوخة.

ترتبط ذاكرة العقل البشري ارتباطاً وثيقاً بشخصية الإنسان، فشخص بلا ذاكرة هو شخص بلا هوية، لا يعرف نفسه ولا يعرف أين يعيش ولا يعرف عائلته من حوله، شخص بلا ذاكرة قد يقضي حاجته في ملابسه لأنه لا يتذكر أين الحمام ولا حتى يعرف أنه بحاجة إلى حمام.

بل أسوأ حتى من طفل جاء إلى الدنيا ليتعلم كيف ينظف نفسه، لأن الطفل سيتعلم ويتذكر، وأما المصاب بالخرف فلا فائدة من تعليمه وتذكيره.

تجسيد النجم القدير، آنثوني هوبكنز، لدور «الأب» المصاب بالخرف يعد تجسيداً مثالياً، هناك أمور واضحة بالنسبة له، لكن انفصاله عن الواقع وواقع الشخصيات من حوله يتزايد بتقدم أحداث الفيلم.

يروي فيلم «الأب» قصة هذا الراوي الذي لا يمكن الاعتماد عليه لفهم ما يحدث، فهو مسنّ نرى أحداث الفيلم من عينيه الحزينتين، لأن ابنته وهي من تعطيه كامل الاهتمام، آن (أوليفيا كولمان)، تبلغه أنها ستغادر إلى باريس مع صديقها الجديد.

تَعِد آن والدها آنثوني - واسم الشخصية كما اسم ممثلها - بأنها ستواظب على زيارته. لا يكتفي آنثوني برثاء مغادرة ابنته، لكنه يتساءل لماذا توقفت ابنته الأخرى الصغرى المفضلة عن زيارته، تستعين آن بممرضة تدعى لورا (إيموجين بووتس) للاعتناء بوالدها بعد مغادرتها.

ورغم تردده في مقابلة الممرضة إلا أنه يتعلق بها بسرعة لاحقاً، وفي الوقت نفسه تختلط الأمور على آنثوني عندما يرى رجلين في المنزل، الأول يجسده مارك غاتيس والثاني روفوس سيويل، وكلاهما يدعي أنه زوج آن، لكن كيف تكون آن متزوجة منهما إذا كانت تريد المغادرة إلى باريس للاستقرار مع رجل ثالث، هذا ما يدور في عقل آنثوني المشوش! زيلر - وهذه تجربته الإخراجية الأولى - يوظف الدهاء ليضع الفيلم على خط غير واضح بين التشويق النفسي والدراما العائلية، رغم أننا نعلم بالضبط ما يحدث إلا أن عناصر الغموض تفتح باباً لأن يكون آنثوني يتوهم حالة الخرف المصاب بها، من قبل آخرين لهم مصلحة في دفع الرجل إلى الجنون.

عندما تأخذ أوليفيا ويليامز فجأة دور آن من أوليفيا كولمان، فإننا نتشوش ونتخيل أن الرجل الذي تتدهور ذاكرته ربما يكون ضحية مؤامرة عائلية للاستيلاء على أمواله ومنزله وتركه في دار مسنين، خصوصاً أن الميك أب وطريقة تسريح الشعر، يجعلان الممثلتين متشابهتين إلى حد كبير.

هذا الفيلم سيسبب إزعاجاً لأشخاص كثر، لأن توصيف الشخصية التي كتبها زيلر مقتبس من شخصيات حقيقية، والألم يظهر واضحاً على مُحيا آن، أما بالنسبة للشخصيات الأخرى فمن الصعب القول من هم أو من يمثلون. المشهد الأخير يكشف بعض الغموض لأن الفيلم يتراجع ويوضح أموراً ويحلّ العناصر الغامضة، المشهد الأخير يشبه كثيراً آخر 20 دقيقة من تحفة ديفيد لينش الكلاسيكية «ملهولاند درايف» 2001. في ذلك الفيلم يُدخل لينش حالة الوعي لبطلته لإنهاء اللاوعي، بينما هنا يوظف زيلر الخدعة نفسها تقريبا للتفريق بين ما رآه آنثوني في حالة مخففة من الخرف، وما يراه أثناء اشتداد الخرف عليه.

أداء هوبكنز رائع ويحطم القلب، عن رجل كان قوياً في شبابه تحوّل إلى مُسنٍّ بلا هوية بسبب الخرف. وبالنسبة للذين يظنون أن الاعتناء بمريض الخرف أصعب على الشخص المعتني من المريض نفسه، فالفيلم يهز كيان هذه الفكرة ويهدم أساساتها.

آنثوني يعاني انقلاب الحياة عليه، خائف جداً وهو في مكان آمن، يشعر بالغدر لأن ابنته تركته وهو من رباها واعتنى بها طوال سنين حاجتها إليه، يشعر بالوحدة لأن الجميع يتخلى عنه، يتذكر أنه كانت له أمّ ويريدها بجانبه، ينتحب بكاء لأنه يشعر بأن الجميع تخلى عنه وهو في أشد الحاجة إليهم لأنه في أضعف حالاته، يشعر بأنه يتعرى من كل شيء ويتخبط في ظلمات ذاكرته ولا يعرف حتى من هو. أقرب فيلم إلى «الأب» من ناحية الموضوع هو Still Alice عام 2015، الذي أتى بـ«أوسكار» أفضل ممثلة لجوليان مور. يمكننا القول بأريحية إن فيلم «الأب» هو الأقوى والأكثر ألماً وتأثيراً في نفس المشاهد، نظراً إلى قوة إخراجه، ولتقديمه الخرف من وجهة نظر المريض، وبسبب أداء القدير هوبكنز الذي سيبكي من يشاهد الفيلم إن كان له قلب.

«الأب» مرشح لنيل أرفع جائزة في حفل «الأوسكار» الشهر الجاري وهو يستحقها، هذا فيلم رائع ويستحق المشاهدة، هذه تحفة سينمائية خالدة في ذاكرة السينما، ومرة أخرى نقول هذا الفيلم سيكون مؤلماً جداً لمن عايش أو تعامل مع مريض بالخَرَف.

للإطلاع على الموضوع بشكل كامل، يرجى الضغط على هذا الرابط.

 

الإمارات اليوم في

04.04.2021

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004