ملفات خاصة

 
 
 

حياة (توفي يانسون) في فيلم فنلندي مرشح لجائزة الأوسكار

هلسنكي ــ يوسف أبو الفوز

جوائز الأكاديمية الأمريكية للفيلم

الدورة الثالثة والتسعون

   
 
 
 
 
 
 

أعلنت مؤخراً لجنة تحكيم خاصة شكلتها غرفة السينما الفنلندية، عن ترشيح فيلم توفي (Tove) ليكون الفيلم الذي سيمثل فنلندا الى مهرجان الأوسكار القادم، للتنافس على جائزة أحسن فيلم أجنبي، حيث يتم تقديم الجوائز في الحفل الخاص يوم 25 نيسان 2021.

تم عرض الفيلم لأول مرة في فنلندا في بداية شهر تشرين الأول الماضي، وشاهده أكثر من 138 ألف مشاهد، وفق ضوابط جائحة الكورونا ، في دور العرض العامة، وذلك تبعاً لبيان شركة (نورديسك فيلم)، موزع الفيلم. كما تم عرض الفيلم أيضاً في مهرجان تورنتو السينمائي في أيلول/ 2020، وبيعه لدول الشمال الأوروبي ودول البلطيق وروسيا وكوريا الجنوبية واليابان، مما جعله الفيلم الفنلندي الأكثر مشاهدة منذ 40 عاماً.

الفيلم من إخراج المخرجة الفنلندية زايدة برجروث (مواليد 1977) وهذا فيلمها الخامس الطويل، وسبق وحازت العديد من الجوائز عن العديد من أفلامها القصيرة والطويلة، أبرزها حصولها عام 2018، على جائزة الدولة للتصوير السينمائي.

كتب سيناريو الفيلم الممثلة وكاتبة السيناريو الفنلندية أيفا بوترو (مواليد 1978)، التي أكملت دراسة الماجستير في التمثيل السينمائي والمسرح في أكاديمية سانت بطرسبرغ الحكومية لفنون المسرح، واشتركت في العديد من العروض السينمائية والتلفزيونية والمسرحية في فنلندا وخارجها، شمل ذلك العمل في روسيا والدنمارك والسويد، وهو أول فيلم روائي طويل تكتبه. عن أسباب اختيارها لهذه الشخصية، ذكرت في مقال نشر عن تجربتها في كتابة السيناريو بأن توفي (كانت نموذجاً يحتذى به بالنسبة لي، حيث قدمت لي شخصيتها الدعم خلال الأوقات المهنية الصعبة وفي أوقات النمو الشخصي. لهذا السبب أردت أن أخبر الناس عنها، حتى يكون مثالها الاستثنائي وقدرتها على الإلهام في متناول الآخرين أيضاً).

بلغت ميزانية الفيلم 3.4 مليون يورو، مما جعله ثاني أغلى فيلم في فنلندا بعد فيلم (الجندي المجهول ـ 2017)، وبحسب البيان الصحفي لغرفة السينما الفنلندية، يحكي الفيلم قصة البحث عن الحب والعثور عليه والشغف بالفن، وذلك من خلال تناول جزء من السيرة الذاتية للفنانة والكاتبة الفنلندية ـ السويدية توفي يانسون ( 1914ـ 2001)، صاحبة المهارات المتعددة، والتي عرفت ككاتبة ورسامة ورسامة كاريكاتير، واشتهرت عالمياً بابتكارها لشخصية (مومي) الكارتونية، هذا المخلوق الأبيض بأنفه الكبير الذي نافس بابا نوئيل بشهرته، حيث كتبت ونشرت خلال حياتها قصص عائلة مومي كروايات وكتب مصورة وافلام كارتون وتم ترجمتها الى حوالي خمسين لغة، تميزت فيها بالقدرة على مخاطبة الصغار والكبار، ونجحت في صنع شخصيات كارتونية متنوعة تتماهى مع شخوص بشرية واقعية استمدتها من سيرتها الشخصية. ويتناول الفيلم سيرة حياة توفي في هلسنكي في فترة من زمن الحرب العالمية الثانية الى منتصف الخمسينات من القرن الماضي. ولم تكن سيرة حياة توفي يانسون تقليدية، فقط انغمرت في ممارسة الفن المعاصر وساهمت في نهضة فنلندا ما بعد الحرب، وعاشت أيام صاخبة ومتقلبة، فعاشت بعلاقة مفتوحة مع سياسي يساري معروف متزوج، ثم علاقة حب قصيرة وعاصفة مع المخرجة المسرحية الرائدة فيفيكا باندلر. بدا للكثيرين أيامها أن كل حياة توفي سترتبط برسم اللوحات الفنية، التي برعت فيها، لكنها توجهت لرسم قصص حزينة ومتميزة وآسرة عن عائلة مومي التي ابتكرتها، تلك القصص التي كانت توفي ابتكرتها للأطفال الخائفين في الملاجئ أيام الحرب. وبدأت تدريجياً تجد طريقها لتفهم هويتها كفنانة، فحصدت النجاح الفني، لكنها في نفس الوقت لم تتوقف عن السير في طريق الحرية من خلال إعلان حبها للمخرجة المسرحية فيفيكا باندلر، وأستمرت في اتخاذ المواقف الشجاعة على طول مسيرة حياتها، فعندما دعاها رئيس الجمهورية لحفل استقلال البلاد عام 1992 اصطحبت شريكتها فنانة الكرافيك توليكي بيتيلا (1917ــ 2009) في وقت لم يُشرع فيه القانون زواج العلاقات المثلية.

لعبت دور الكاتبة توفي يانسون الممثلة ألما بويستي (مواليد 1981) التي تنتمي لعائلة فنية، فهي حفيدة الممثل والمخرج لاسي بويستي والممثلة بيرجيتا أولفسون، وابنة الممثل والمخرج إريك بويستي، ووالدتها الصحفية توا رانين، وشقيقها أوسكار بويستي ممثل أيضاً، وعرفت بأعمالها المسرحية في فنلندا والسويد، ونالت في عام 2013 منحة مؤسسة Ida Aalberg لممثل شاب (لشجاعته الاستثنائية على المسرح). واشتركت في العديد من الأفلام الفنلندية التي لاقت نجاحاً جماهيرياً، منها (أين ذهبنا مرة واحدة ــ 2011)، (منطقة فوساري ــ 2012)، فيلم (مومي في ريفيرا ــ 2014) كان دور صوتي، (تسامو ــ 2015)، (زهور الشر ــ 2016). وفي فيلم توفي، تلعب ألما بويستي أول دور رئيس لها في فيلم روائي طويل، يستغرق ساعة و56 دقيقة، ورغم بعض الملاحظات كونها قادمة من المسرح أساساً، فأنها حتى في أدوارها السينمائية القصيرة، اثبتت حضورها، مما يجعل العديد من النقاد يعتبرون اختيارها موفقاً. وقالت للصحافة بأن هناك العديد من الممثلات البارزات في فنلندا الذين كان بإمكانهم لعب الدور، لكن اختيارها أثار دهشتها، وكانت هناك أشارات بأن عائلة الكاتبة والفنانة توفي يانسون، يعتبرونها الأفضل لهذا الدور. وسبق للممثلة ألما بويستي أن أدت دور توفي على المسرح وهي مقتنعة بأنها تستطيع مواصلة الرحلة معها على شاشة السينما وتروي قصتها، وتعتقد (أن الامر في الفيلم لا يتعلق بالحب فحسب، بل أيضًا بالحديث عن العثور على الذات، وقبل كل شيء، عن الفضول، حيث يُسمح حتى للبالغين بالفضول والتغيير، ويتحدث أيضاً عن رسم حدودك الخاصة). الأدوار الأخرى في الفيلم كانت من نصيب نخبة من الممثلين الفنلنديين والسويدين ، فالفنانة كريستا كوسونين الفنلندية (مواليد1983) مثلت دور المخرجة المسرحية فيفكا باندلير(1917 ـ 2004)، عشيقة توفي في مرحلة من فترة الخمسينيات، ودور أتوس كاسيمير فيرتانين (1906- 1979) المفكر والصحفي والناقد الثقافي والسياسي اليساري الفنلندي ـ السويدي والبرلماني (1936-1953) ، وعشيق توفي رغم زواجه، كان من نصيب الممثل السويدي شانتي روني ( مواليد1970)، الذي يوجد في رصيده اكثر من عشرين فيلما، اغلبها أفلام محلية، وله بعض المساهمات في أفلام من انتاج بعض دول الشمال الاوربي. ويذكر ان المخرج أسند لكاتبة السيناريو، الممثلة أيفا بوترو، دور صديقة توفي المخلصة، مايا فاني، وهي زوجة الرسام اليساري سام فاني (1908 ــ 1992)، الروسي الأصل والفنان الرائد في الفن التجريدي والذي تتلمذت أجيال من الفنانين على يديه في المعاهد الفنية الفنلندية التي عمل فيها، ولعب دوره في الفيلم الفنان ياكوب اوهرام (مواليد1982)، ومن الطريف أن سام كان حبيب توفي الأول في عمرهما المبكر، ولكونه يهودياً عارض أهل توفي العلاقة لكنه بقي صديقاً وفياً لها حتى بعد زواجه.

 

المدى العراقية في

02.12.2020

 
 
 
 
 

بطل فيلم «صوت موسيقى الميتال»

ريز أحمد لـ«القدس العربي»: أقوم برحلة داخل ذهن إنسان فاقد للسمع

حسام عاصي

لوس أنجليس – «القدس العربي»: كثيرا ما تركز الأفلام التي تتناول ذوي الاحتياجات الخاصة على تفاعل هؤلاء مع المجتمع من حولهم والتحديات التي يواجهونها خلال محاولتهم تحقيق ذلك.

لكن بعضها يحاول أن يجعلنا نشعر بالإعاقة من خلال التلاعب بالسرد، مثلما فعل كريستوفر نولان في فيلم «تذكار» حيث جعلنا نشعر بالارتباك والرعب الذي يعيشه فاقد الذاكرة. هذه الأيام، أطلقت شبكة «أمازون» فيلماً عن الصم وهو «صوت موسيقى الميتال» الذي يقودنا في رحلة داخل ذهن فاقد سمع من خلال استخدام تقنية الصوت.

يفتتح الفيلم بعرض موسيقي في حانة، حيث نشاهد روبين، قارع طبول في فرقة لموسيقى «الميتال» تضمه وحبيبته، يجد صعوبة في سماع عزفه والناس من حوله.

وبعد العرض، يذهب الى طبيب لفحص سمعه، فيخبره الأخير أنه فقد ما يقارب تسعين في المئة من سمعه وينصحه بالتوقف عن عزف الموسيقى من أجل الحفاظ على ما تبقى من حسه السمعي.

لكن روبين يرفض الاعتراف بمعضلته ويستمر بعزف الموسيقى إلى أن يفقد حاسة سمعه تماماً.

فيصاب بالهلع ويكشف حقيقة إعاقته لحبيبته ويخبرها أنه سيستمر في العزف حتى انتهاء جولتهم الموسيقية في الولايات المتحدة. لكنها ترفض قراره وتقنعه بالانضمام لنادٍ للصم يقع في منطقة نائية، ويديره خبير في لغة الإشارة وقراءة الشفاه، يدعى جو، الذي يخبره أن عليه أن ينتقل للعيش في النادي مع الصم وأن يبدأ حياة جديدة معهم.

روبين يرفض أن يتخلى عن حياته وأن يسجن نفسه في ناد للمعوقين، فيتوسل الى حبيبته أن لا تتركه هناك، لكن دون جدوى. فتتحول حياته الى كابوس مرعب.

ويجسد دور روبين الممثل البريطاني – الباكستاني الأصل، ريز أحمد، الذي قضى سبعة أشهر في مجتمع الصم، تعرف خلالها على نهج حياتهم وتشرب حضارتهم وتعلم لغة الإشارة. وخلال التصوير، قام بإدخال سماعة تبث ضوضاء بيضاء عميقاً في قناة أذنه حالت دون سماعه نفسه عندما يتكلم. «كثيراً ما كنت أقضي يومين على تلك الحال في موقع التصوير، فقط لآخذ لمحة عن تلك التجربة وكم كانت مربكة» يضيف ريز، عندما تحدثت معه عبر خدمة «زوم».

ذلك التحضير ساهم فعلا في تقديم تجسيد مقنع لفاقد السمع، لكن تعاونه مع مصمم الصوت كان فعلا ساهم في تماهينا مع شخصية روبين وجعلنا نعيش تجربته من خلال تصميم الأصوات المختلفة التي كان يسمعها في مراحل مختلفة من أحداث الفيلم.

«تصميم الصوت في جزء كبير منه في الفيلم يرتكز إلى جسدي» يعلق أحمد. «كان مصمم الصوت يضع ميكروفوناً على صدري ويطلب مني أن أتنفس أو أبلع أو أرمش أو أن ألعق شفتي. فعندما تفقد سمعك الخارجي وتكون في هذه المنطقة الرمادية، يقوى سمعك الاهتزازي لعملياتك الداخلية كالمضغ والبلع والتنفس. وبالتالي تصميم الصوت في جزء كبير منه في الفيلم مبنيّ على ذلك. وهو بالفعل ما يساعد على تشكيل هذه التجربة الشخصية».

أحمد، الذي يعتبر أول مسلم يفوز بجائزة الإيمي للتلفزيون عن أدائه في مسلسل «ذي نايت أوف» معروف بأدواره في أفلام مستقلة مثل «الطريق الى غوانتانامو» و«الأصولية المترددة» وأفلام هوليوودية مثل «روج ون: قصة من حرب النجوم» و«نايت كرولار» و«جيسون بورن». وهو أيضا موسيقار محترف وعضو في فرقة موسيقية تدعى «سويت شوب بويز» وفاز بجائزة من جوائز «أم تي في» للأغاني المصورة عن أغنية المهاجرين «نحن ننجز المهمة».

لغة الإشارة

وبعد أداء دور روبين صار يؤمن أنه بإمكانه ممارسة فنه حتى في حال فقد سمعه.

«كالكثير من غير الصم ترعرعت على الاعتقاد بأن الصم إعاقة» يقول أحمد. «لكن الصم ثقافة، الصم هوية. إنها ثقافة غنية ولدينا الكثير لنتعلمه عنها، لا بسبب الصم بل بفضله».

ويستحضر أحمد محادثة مع مدرب لغة الإشارة، الذي قال له إن الكثير من الصم يعتقدون أن الأشخاص صحيحي السمع مكبوتون عاطفياً، وذلك لأنهم يختبئون وراء الكلمات، بينما في مجتمع الصم، الناس يتواصلون بشكل أكبر بكثير، لأن هناك تشجيعا على التواصل. وعندما لا يمكنك الاختباء وراء الكلمات فإنك تتواصل من خلال جسدك، وعندما تعيش ما تقوله فإن ذلك يجعلك منفتحاً بطرق مختلفة.

«المرة الأولى التي تمكنت فيها من إجراء محادثات معقدة أو عاطفية حول شخصيتي باستخدام لغة الإشارة، وجدت نفسي مشحوناً بالعواطف. أنا لم أعد أراها كإعاقة بل كأسلوب حياة آخر» يضيف أحمد.

ثقافة الصم، المعترف بها من قبل الأمم المتحدة، هي مجموعة من الأفكار والقيم والعادات والفنون والتاريخ والمؤسسات المشتركة في مجتمع الصم، الذي يضم أيضا أقرباء وأصدقاء الصم، ومترجمي لغة الإشارة. الصم يرفضون وصفهم بمعاقين ويستخدمون لغة الإشارة، وهي شرط أساسي لولوج مجتمعهم، للتواصل.

لكن بول ريسي، الذي يجسد دور جو، أخبرني خلال حديثنا عبر خدمة «زوم» أن والديه الأصمين كانا يعتبران نفسيهما معاقين. بول ليس ممثلاً وحسب، بل هو أيضا عازف موسيقى منذ الصغر كان يطرب والديه الأصمين من خلال لغة الإشارة. وقام لاحقا بتأسيس مسرح للصم في لوس أنجليس وما زال إلى اليوم نشطاً في مجتعمهم ويروّج لثقافتهم.«كان والدي يشعر بالظلم الشديد من قبل الأشخاص صحيحي السمع، الذين كانوا يتحكمون بعالمهم. لم تكن هناك أي تكنولوجيا ولا عروض نصية للحوار أو أي من كذلك، وبالتالي كنت المترجم الخاص بهم. كان أبي يقول دوما: أنا أصم لا يمكنني التواصل واحتاج لمساعدة إبني. لكن حال الصم تغير وتحول على مدار السنين إلى ما هو عليه الآن. فباتوا يقولون: نحن ثقافة ولا يوجد عيب فينا وليس هناك ما يستدعي إصلاحه هنا. أنت معوّق لأنك لا تتكلم لغتي. الشيء الوحيد الذي لا يمكنني فعله هو السمع. وهذا هو السلوك الذي يتحلى به الشباب من الصم اليوم وكذلك الأكبر سناً. هناك صم ينتجون ويؤدون مسرحيات كلاسيكية للصم وغير الصم، لكي يشاهدوا كيف تتمظهر ثقافتهم. كما يرفض الصم مصطلح ضعيفي السمع. يقولون لك نادني بالأصم، فهذا أنا، ولست ضعيف السمع».

فقدان لكل مكونات هويته

لكن فقدان روبين سمعه ليس مجرد إعاقة بدنية وحسب بل هو فقدان لكل مكونات هويته، مثل حبيبته، ومجتمعه والموسيقى، التي فضلاً عن كونها وسيلته التعبيرية والإبداعية فقد كانت أيضا علاجاً لإدمانه على المخدرات وتحصيناً له منها. لكن جو يحثه على تغيير نهج تفكيره وإقناع نفسه أنه ليس معاقا وبناء هوية جديدة له من خلال الانغماس في مجتمع الصم وتبني ثقافتهم.

«أن تكون قادراً على السمع ثم تفقده بعد دقيقة سيغير كل شيء» يقول بول. «عندما كنت أذهب مع والدي لم يهتم للونك أو ميولك الجنيسية. لم يكن يعنيه أي شيء بشأنك. إذا كنت أصما، فأنت على ما يرام في قاموسه. هذا كل ما كان يهمه وأي شيء آخر يأتي بعد ذلك، هذا بالفعل يحدد هويتك».

لكن روبين يرفض هويته الجديدة، لأنها جعلته يشعر أن حياته صارت بلا معنى أو قيمة. فيخضع لعملية زراعة القوقعة التي تتم من خلال غرس جهاز إلكتروني داخل الأذن الداخلية كبديل للقوقعة الطبيعية، يلتقط الصوت من معالج كلام الكتروني مركب وراء الأذن، ويحوله الى إشارات كهربائية يرسلها لعصب السمع، الذي ينقلها بدوره الى الدماغ.

نجاح تلك العملية يتباين من شخص لآخر، ولا يمكن أن يعيد حاسة السمع بأكملها. وبما أن مجتمع الصم يعتبرها خيانة يقوم جو بطرد روبين من النادي.

«بالنسبة لجو هو أراد أن يحافظ على ثقافة الصم» يقول بول. «عندما ظهرت عمليات زراعة القوقعة منذ سنوات، نزل الخبر كالصاعقة على مجتمع الصم. فقالوا: إنهم يحاولون التخلص منا».بعد اجراء العملية، يقع روبين في صراع نفسي جديد ويبدأ بالتساءل إذا كانت الحل الصحيح لمحنته وصار يحن للهدوء الذي منحه اياه فقدان السمع.

«علينا أن نفكر بعمق أكثر بهويتنا» يقول أحمد. «أعتقد أن هذه هي مشكلة روبين. كان يستخدم علاقته مع حبيبته كضمادة لجراحه. وكان يستخدم هدفه كقارع طبول كضمادة لجراحه. وعندما تمزقت تلك الضمادات مجدداً أصبح كحيوان جريح. أظن أن ما يحبطه في الحقيقة متعلق بهويته. لكن الرحلة التي يشرع فيها تدفعه إلى إدراك أننا أكبر من الأمور التي نقوم بها. هناك ذات تتجاوز هذه الأمور الخارجية التي نفعلها وأعتقد أن هذه هو الدرس الذي يجب أن يواجهه روبين».

صوت موسيقى الميتال ليس دراسة إعاقة ما وحسب، بل هو سبر لمفهوم الهوية وتقبلها. ورغم ضعفه على المستوى السردي والدرامي، الفيلم فريد من نوعه وذلك لأنه يجعلنا نشعر بفقدان روبين للسمع من خلال محاكاة ذلك الفقدان بتقنية الصوت، فيعزز من تماهينا معه في رحلته العاطفية التي تبدأ ككابوس مرعب وتنتهى براحة نفسية.

 

القدس العربي اللندنية في

10.12.2020

 
 
 
 
 

15 فيلما من مهرجان الجونة السينمائي ضمن ترشيحات الأوسكار

يواصل مهرجان الجونة دعمه للأفلام المعروضة خلال دوراته والتي تحظى أكثريتها باستقبال نقدي وجماهيري جيدين وتحصل على عديد الجوائز العالمية، فبينما يتم الإعلان عن الأفلام المترشحة لتمثيل بلدانها لنيل جوائز أوسكار 2021، هناك 15 من بين تلك التي ضمت إلى القائمة، كان قد تم عرضها في دورات المهرجان.

بلغ عدد الأفلام المترشحة العام الماضي 13 فيلما، من بينها 8 أفلام كانت قد أدرجت في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، أي أكثر من نصفها، كما وصلت أربعة أخرى إلى القائمة القصيرة للترشيحات الرسمية: "طفيلي" و"عيد القربان"و"البؤساء" و"ألم ومجد" وصنع أولها التاريخ لنيله 4 جوائز من أصل 6 ترشيحات، وأصبح بذلك أول فيلم كوري جنوبي يفوز بذلك العدد من الجوائز.

وعلق انتشال التميمي مدير المهرجان:"يسعدنا أن تتوج اختياراتنا بنتائج طيبة وأن تمثل بلدانها في المسابقة السينمائية الأكثر شهرة بعد عرضها في برامج المهرجان خلال الدورتين الثالثة والرابعة. هذا تعبير إضافي عن الجهد الاستثنائي الذي يبذله فريق البرمجة لتقديم باقة سينمائية مختارة بدقة لجمهور مهرجان الجونة السينمائي بالإضافة إلى الثقة التي يضعها صانعو الأفلام بالمهرجان ليكون بوابتهم للعرض في المنطقة".

هذا العام، اختارت دول عربية أفلامًا منها لتكون ضمن قائمة ترشيحات الدورة الـ93 لجوائز الأكاديمية، والعديد من بينها شاركت بالفعل في مسابقات مهرجان الجونة المختلفة. بدءًا من مسابقة الأفلام الروائية الطويلة للدورة الثالثة للمهرجان، كفيلم أمجد أبو العلا والفائز بجائزة نجمة الجونة الذهبية للفيلم الروائي الطويل "ستموت في العشرين" الذي أختير لتمثيل السودان، وهي المرة الأولى التي يتم اختيار فيلم منها للتنافس على جوائز الأكاديمية. من العام الماضي أيضًا، مثل المصري المعروض في قسم الاختيار الرسمي- خارج المسابقة "لما بنتولد" لتامر عزت لتمثيل مصر هذا العام.

اختير الفيلم الفائز بجائزة الجمهور في الدورة الـ17 لقسم أيام فينيسيا السينمائية "200 متر" لأمين نايفة لتمثيل دولة الأردن، الفيلم شارك كمشروع في مرحلة التطوير ضمن منطلق الجونة السينمائي في دورته الأولى، وفاز آنذاك بجائزة مينتور آرابيا لتمكين الأطفال والشباب وقيمتها 5 آلاف دولار أمريكي. في الدورة الرابعة للمهرجان، كان الفيلم من ببن أكبر الرابحين، إذ نال جائزة لجنة الاتحاد الدولي للنقاد (فيبريسي) وجائزة سينما من أجل الإنسانية، وفاز بطله علي سليمان بجائزة أفضل ممثل وفازت منتجته مي عودة بجائزة موهبة الشرق الأوسط لهذا العام والمُقدمة من فارايتي، بينما حصل مخرجه أمين نايفة على جائزة مينا مسعود لأفضل فنان دولي.

اختارت تونس لتمثيلها فيلم المخرجة كوثر بن هنية "الرجل الذي باع ظهره"، الفائز بجائزة إديبو ري في الدورة الـ77 لمهرجان فينيسيا السينمائي الدولي، والفائز بجائزة أفضل فيلم عربي في الدورة الرابعة ل مهرجان الجونة السينمائي. الفيلم شارك أيضًا كمشروع في مرحلة التطوير في الدورة الثانية لمنطلق الجونة السينمائي وحصل على جائزة قيمتها 10 آلاف دولار أمريكي مقدمة من شركة بي لينك برودكشنز.

وأيضا اختير "إلى أين تذهبين يا عايدة؟"لياسميلا زبانيتش لتمثيل البوسنة والهرسك، والذي فاز بجائزة نجمة الجونة الذهبية للفيلم الروائي الطويل وفازت بطلته ياسنا دورسيتش بجائزة أفضل ممثلة في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة في الدورة الرابعة ل مهرجان الجونة السينمائي 2020. بينما تم اختيار "لن تثلج مجددًا أبدًا" لمالجورزاتا شوموفسكا وميخال إنجلرت لتمثيل بولندا.

 

بوابة الأهرام المصرية في

13.12.2020

 
 
 
 
 

«سيدة البحر» يمثل السعودية في جوائز الأوسكار 2021 | فيديو

مي عبدالله

اُختير الفيلم الروائي الطويل " سيدة البحر " ليمثل المملكة العربية السعودية في جوائز الأوسكار 2021 ضمن فئة " أفضل فيلم روائي أجنبي "، وذلك عقب النجاح الكبير والإشادة التي حصل عليها من نقاد الفن في المحافل السينمائية العالمية، وإطلاقه في دور السينما بالمملكة الشهر الماضي.

ويستكشف فيلم " سيدة البحر " للكاتبة والمخرجة السعودية شهد أمين الدور المتغير للمرأة في المجتمع من خلال قصة بطلة الفيلم "حياة"، وهي فتاة صغيرة شجاعة وصلبة الإرادة تُقرر اختيار مصيرها وترفض أن تقدّمها قريتها إلى مخلوقات غامضة تعيش في مياه البحر المجاورة لقريتها.

ويقدم الفيلم حكاية خيالية منسوجة باللونين الأبيض والأسود تتناول التبعات الاجتماعية والعائلية والشخصية لقرار بطلة القصة "حياة" في تحدى التقاليد واختيار طريقها الخاص.

وتعليقاً على ذلك، قال بن روس، الرئيس التنفيذي لمحتوى الأفلام في "إيمج نيشن أبوظبي": "منذ البداية، كانت فكرة فيلم ’ سيدة البحر ‘ مميزةً وتحرك الفضول عبر نهج جديد ومختلف عن الذي يُقدّم في قطاع الأفلام بالمنطقة، لذلك كان الفيلم مشروعاً مليئاً بالحب لفريق إيمج نيشن الذي عمل عن كثب مع المخرجة الموهوبة لتقديم هذا المشروع المُبتكر.

يتميز السرد الخيالي لفيلم " سيدة البحر " بأنه متجذر بعمق في العالم العربي، بينما يستكشف موضوعات عالمية، مما يجسد تماماً نهج إيمج نيشن في تقديم محتوى عربي عالي الجودة. ويسعدنا أن يقوم المجلس السعودي للأفلام باختيار " سيدة البحر " لتمثيل المملكة في حفل توزيع جوائز الأوسكار . ونحن نرى هذا الإشادة خير برهان على نهج الفيلم الرائد في نمط الفن المرئي ورواية القصص، وعلى التعاون الإبداعي الناجح بين السعودية والإمارات".

وبدورها، قالت شهد أمين، مؤلفة ومخرجة فيلم " سيدة البحر ": "رغبتُ أن يكون فيلم " سيدة البحر " ممتعاً، ويتم مشاهدته من قبل الكثيرين ليصبح محفزاً من أجل مناقشة مواضيع المساواة بين الجنسين والأفكار حول وأدوار النساء في المجتمع والعالم العربي. وقد تجاوز اختيار فيلمي ليكون هو ترشيح المملكة العربية السعودية للمنافسة على جائزة أوسكار أفضل فيلم توقعاتي، خاصة كمخرجة عربية. وقد كانت عملية إنتاج " سيدة البحر " تجربة شخصية بالنسبة لي، وأنا فخورة جداً باختيار الفيلم لتمثيل بلدي على هذه المنصة العالمية. آمل أن تمثل الرحلة الرائعة التي حققها هذا الفيلم مصدر إلهامٍ لزملائي المخرجين السعوديين من أجل المضيّ قدماً في خوض تجاربهم الناجحة."

عُرض الفيلم لأول مرة في عام 2019 خلال فعاليات أسبوع مهرجان البندقية السينمائي الدولي، وحصد جائرة فيرونا السينمائي للفيلم الأكثر إبداعاً. ومنذ ذلك الحين، عُرض الفيلم في أكثر من 10 مهرجانات حول العالم منها في لندن ولوس أنجلوس وقرطاج والقاهرة، وكان قد فاز بجائزة أفضل فيلم في مهرجان سنغافورة. وخلال شهر نوفمبر الماضي، تم عرض " سيدة البحر " لأول مرة في السعودية عبر دور العرض بجميع أنحاء المملكة، ومن المتوقع أن يبدأ العرض الدولي للفيلم في عام 2021.

وأدى دور البطولة في الفيلم كلٌ من الممثّلة بسيمة حجّار في دور حياة، والممثّل أشرف برهوم (بطل أفلام "كوريولانوس" و"صراع الجبابرة" و"المملكة")، والممثّل يعقوب الفرحان (بطل مسلسلات "اختراق" و"بدون فلتر" و"حب بلا حدود")، والممثلة فاطمة الطائي (بطلة مسلسل "قلب العدالة" من إنتاج إيمج نيشن أبوظبي أيضًا). وشارك في الإنتاج كل من بول ميلر وستيفن ستراكان من شركة "فيلم سوليوشنز"، ومقرها أبوظبي، ورولا ناصر من شركة "إماجيناريوم فيلمز"، بالتعاون مع المنتجين التنفيذيين محمد الدراجي وماجد الأنصاري.

 

بوابة الأهرام المصرية في

21.12.2020

 
 
 
 
 

«سيدة البحر» يمثل السعودية في سباق أوسكار 2021 ضمن فئة «أفضل فيلم أجنبي»

كتب: ريهام جودة

اُختير الفيلم الروائي الطويل «سيدة البحر» ليمثل المملكة العربية السعودية في جوائز الأوسكار 2021 ضمن فئة «أفضل فيلم روائي أجنبي»، وذلك عقب النجاح الكبير والإشادة التي حصل عليها، وإطلاقه في دور السينما بالمملكة الشهر الماضي.

ويستكشف فيلم «سيدة البحر» للكاتبة والمخرجة السعودية شهد أمين الدور المتغير للمرأة في المجتمع من خلال قصة بطلة الفيلم «حياة»، وهي فتاة صغيرة شجاعة وصلبة الإرادة تُقرر اختيار مصيرها وترفض أن تقدّمها قريتها إلى مخلوقات غامضة تعيش في مياه البحر المجاورة لقريتها. ويقدم الفيلم حكاية خيالية منسوجة باللونين الأبيض والأسود تتناول التبعات الاجتماعية والعائلية والشخصية لقرار بطلة القصة «حياة» في تحدى التقاليد واختيار طريقها الخاص.

وتعليقاً على ذلك، قال بن روس، الرئيس التنفيذي لمحتوى الأفلام في «إيمج نيشن أبوظبي»: منذ البداية، كانت فكرة فيلم «سيدة البحر» مميزةً وتحرك الفضول عبر نهج جديد ومختلف عن الذي يُقدّم في قطاع الأفلام بالمنطقة، لذلك كان الفيلم مشروعاً مليئاً بالحب لفريق إيمج نيشن الذي عمل عن كثب مع المخرجة الموهوبة لتقديم هذا المشروع المُبتكر.

وتابع: يتميز السرد الخيالي لفيلم «سيدة البحر» بأنه متجذر بعمق في العالم العربي، بينما يستكشف موضوعات عالمية، مما يجسد تماماً نهج إيمج نيشن في تقديم محتوى عربي عالي الجودة، ويسعدنا أن يقوم المجلس السعودي للأفلام باختيار «سيدة البحر» لتمثيل المملكة في حفل توزيع جوائز الأوسكار، ونحن نرى هذه الإشادة خير برهان على نهج الفيلم الرائد في نمط الفن المرئي ورواية القصص، وعلى التعاون الإبداعي الناجح بين السعودية والإمارات.

وقالت شهد أمين، مؤلفة ومخرجة فيلم «سيدة البحر»: رغبتُ في أن يكون فيلم «سيدة البحر» ممتعاً، وتتم مشاهدته من قبل الكثيرين ليصبح محفزاً من أجل مناقشة مواضيع المساواة بين الجنسين والأفكار حول أدوار النساء في المجتمع والعالم العربي.. وقد تجاوز اختيار فيلمي ليكون هو ترشيح المملكة العربية السعودية للمنافسة على جائزة أوسكار أفضل فيلم توقعاتي، خاصة كمخرجة عربية.

وتابعت: كانت عملية إنتاج «سيدة البحر» تجربة شخصية بالنسبة لي، وأنا فخورة جداً باختيار الفيلم لتمثيل بلدي على هذه المنصة العالمية، وآمل أن تمثل الرحلة الرائعة التي حققها هذا الفيلم مصدر إلهامٍ لزملائي المخرجين السعوديين من أجل المضيّ قدماً في خوض تجاربهم الناجحة.

عُرض الفيلم لأول مرة في عام 2019 خلال فعاليات أسبوع مهرجان البندقية السينمائي الدولي، وحصد جائزة فيرونا السينمائي للفيلم الأكثر إبداعاً، كما عُرض الفيلم في أكثر من 10 مهرجانات حول العالم، منها في لندن ولوس أنجلوس وقرطاج والقاهرة، وكان قد فاز بجائزة أفضل فيلم في مهرجان سنغافورة، وخلال شهر نوفمبر الماضي، تم عرض الفيلم لأول مرة في السعودية عبر دور العرض بجميع أنحاء المملكة، ومن المتوقع أن يبدأ العرض الدولي للفيلم في عام 2021.

وأدى دور البطولة في الفيلم كلٌ من الممثّلة بسيمة حجّار في دور حياة، والممثّل أشرف برهوم (بطل أفلام «كوريولانوس» و«صراع الجبابرة» و«المملكة»)، والممثّل يعقوب الفرحان (بطل مسلسلات «اختراق» و«بدون فلتر» و«حب بلا حدود»)، والممثلة فاطمة الطائي (بطلة مسلسل «قلب العدالة»).

 

المصري اليوم في

21.12.2020

 
 
 
 
 

«سيدة البحر» يمثّل السعودية في «الأوسكار»

شهد أمين لـ «الشرق الأوسط» : صنعت الفيلم ليكون محفزاً لدور المرأة في المجتمع

جدة: عائشة جعفري

أعلنت هيئة الأفلام ترشيح الفيلم الروائي «سيدة البحر»، ليمثل السعودية في مسابقة الأوسكار عن فئة أفضل فيلم دولي، رُشح من قِبَل لجنة متخصصة.

وسيمر الفيلم بعدة مراحل فرز قبل الإعلان عن القائمة النهائية التي ستختارها الأكاديمية الأميركية للعلوم والفنون المانحة لجوائز «الأوسكار»، والتي سيُعلن عن الفائز بها في حفل الدورة 93 الذي سيقام في 25 أبريل (نيسان) المقبل.

وعن ترشيح فيلمها لتمثيل السعودية في مسابقة الأوسكار، قالت شهد أمين لـ«الشرق الأوسط»، إنها وضعت روحها فيه وترشيحه لتمثيل المملكة هو شرف كبير، وعن الفيلم تقول إنه «يحكي قصة فتاة صغيرة شجاعة وصلبة الإرادة، تُقرر اختيار مصيرها بنفسها، فتتحدى أسرتها وتثور على تقاليد قريتها الظالمة، التي تفرض تقديم الإناث من أطفالها إلى مخلوقات غريبة تعيش في المياه المجاورة».

وتضيف أمين، أنها صنعت فيلم «سيدة البحر» ليكون محفزاً للحوار في أدوار النساء في المجتمع العربي، في شخصية فتاة تحاول الخروج من نسق المجتمع المفروض عليها، وتتابع: «هي قريبة جداً مني شخصياً وتشبهني»، وتضيف: «شغلني منذ سن البلوغ التعرف على جسدي مثل بطلة الفيلم، وفهم هذا العالم من حولي، لذلك خرج الفيلم من أعماقي، ولا يزال أمامنا مشوار طويل للوصول، ولكن الاختيار بحد ذاته هو نجاح بالنسبة لي، وهذا يضعني أمام مسؤولية كبيرة في الأعمال المقبلة».

واختارت شهد أن تصور فيلمها باللونين الأبيض والأسود، باستخدام لقطات مقربة ومتوسطة، لتربط بين القسوة في مجتمع القرية تلك، وفرض السلطة الأبوية، وبين الأعراف التي تفرض قيوداً تخلو من الإنسانية من خلال التضحية بفتاة في الليالي التي يكتمل فيها القمر.

كان فيلم «سيدة البحر» للمخرجة، قد عُرض للمرة الأولى في مهرجان فينيسيا السينمائي، وحاز جائزة «فيرونا» للتعبير الإبداعي، كما عُرض في مهرجانات دولية أخرى، إلى جانب عرضه داخل صالات السينما، وهو يروي - في قالب بصري جمالي - حكاية فتاة تسعى لمواجهة أسطورة شعبية تتحكم بمصيرها.

ولشهد أمين سيرة ذاتية حافلة بالأعمال والمشاركات الخارجية، وهي مخرجة سعودية ولدت في السعودية، درست السينما في «مدرسة متروبوليتان السينمائية» في لندن، من أفلامها «موسيقانا»، و«نافذة ليلى» الذي عرض في الدورة الخامسة من مهرجان الخليج السينمائي.

عملت في بداية مسيرتها المهنية مساعدة مخرج في الإعلانات والأفلام، واتجهت بعدها للإخراج، وبدأت أول أفلامها «موسيقانا»، من ثم «نافذة ليلى» عام 2011، الذي عرض في مهرجان الخليج السينمائي.

وحاز فيلمها الذي أخرجته عام 2013 «حورية وعين» على جائزة أفضل فيلم روائي قصير من مهرجان أبوظبي السينمائي، وجائزة النخلة الفضية من مهرجان أفلام السعودية. في عام 2019 أخرجت فيلمها الروائي الطويل الأول بعنوان «سيدة البحر» الذي عُرض لأول مرة في الدورة السادسة والسبعين من مهرجان البندقية السينمائي، وفاز بجائزة نادي فيرونا السينمائي للفيلم الأكثر إبداعاً في أسبوع النقاد في المهرجان.

 

الشرق الأوسط في

22.12.2020

 
 
 
 
 

التفاصيل الكاملة لفيلم «سيدة البحر» ممثل السعودية في جوائز الأوسكار

كتب: محمود الرفاعى

اُختير فيلم إيمج نيشن الروائي الطويل «سيدة البحر» ليمثل المملكة العربية السعودية في جوائز الأوسكار 2021 ضمن فئة «أفضل فيلم روائي أجنبي»، وذلك عقب النجاح الكبير والإشادة التي حصل عليها من نقاد الفن في المحافل السينمائية العالمية، وإطلاقه في دور السينما بالمملكة الشهر الماضي.

القصة

يستكشف فيلم «سيدة البحر» للكاتبة والمخرجة السعودية شهد أمين الدور المتغير للمرأة في المجتمع من خلال قصة بطلة الفيلم «حياة»، وهي فتاة صغيرة شجاعة وصلبة الإرادة تُقرر اختيار مصيرها وترفض أن تقدّمها قريتها إلى مخلوقات غامضة تعيش في مياه البحر المجاورة لقريتها.

ويقدم الفيلم حكاية خيالية منسوجة باللونين الأبيض والأسود تتناول التبعات الاجتماعية والعائلية والشخصية لقرار بطلة القصة «حياة» في تحدى التقاليد واختيار طريقها الخاص.

انطباعات

وتعليقاً على ذلك، قال بن روس، الرئيس التنفيذي لمحتوى الأفلام في «إيمج نيشن أبوظبي»: «منذ البداية، كانت فكرة فيلم (سيدة البحر) مميزةً وتحرك الفضول عبر نهج جديد ومختلف عن الذي يُقدّم في قطاع الأفلام بالمنطقة، لذلك كان الفيلم مشروعاً مليئاً بالحب لفريق إيمج نيشن الذي عمل عن كثب مع المخرجة الموهوبة لتقديم هذا المشروع المُبتكر. يتميز السرد الخيالي لفيلم سيدة البحر بأنه متجذر بعمق في العالم العربي، بينما يستكشف موضوعات عالمية، مما يجسد تماماً نهج إيمج نيشن في تقديم محتوى عربي عالي الجودة. ويسعدنا أن يقوم المجلس السعودي للأفلام باختيار سيدة البحر، لتمثيل المملكة في حفل توزيع جوائز الأوسكار. ونحن نرى هذا الإشادة خير برهان على نهج الفيلم الرائد في نمط الفن المرئي ورواية القصص، وعلى التعاون الإبداعي الناجح بين السعودية والإمارات».

وبدورها، قالت شهد أمين، مؤلفة ومخرجة فيلم «سيدة البحر»: «رغبتُ أن يكون فيلم سيدة البحر ممتعاً، ويتم مشاهدته من قبل الكثيرين ليصبح محفزاً من أجل مناقشة مواضيع المساواة بين الجنسين والأفكار حول وأدوار النساء في المجتمع والعالم العربي. وقد تجاوز اختيار فيلمي ليكون هو ترشيح المملكة العربية السعودية للمنافسة على جائزة أوسكار أفضل فيلم توقعاتي، خاصة كمخرجة عربية. وقد كانت عملية إنتاج (سيدة البحر) تجربة شخصية بالنسبة لي، وأنا فخورة جداً باختيار الفيلم لتمثيل بلدي على هذه المنصة العالمية. آمل أن تمثل الرحلة الرائعة التي حققها هذا الفيلم مصدر إلهامٍ لزملائي المخرجين السعوديين من أجل المضيّ قدماً في خوض تجاربهم الناجحة».

أول عرض

عُرض الفيلم لأول مرة في عام 2019 خلال فعاليات أسبوع مهرجان البندقية السينمائي الدولي، وحصد جائرة فيرونا السينمائي للفيلم الأكثر إبداعاً. ومنذ ذلك الحين، عُرض الفيلم في أكثر من 10 مهرجانات حول العالم منها في لندن ولوس أنجلوس وقرطاج والقاهرة، وكان قد فاز بجائزة أفضل فيلم في مهرجان سنغافورة. وخلال شهر نوفمبر الماضي، تم عرض «سيدة البحر» لأول مرة في السعودية عبر دور العرض بجميع أنحاء المملكة، ومن المتوقع أن يبدأ العرض الدولي للفيلم في عام 2021.

وأدى دور البطولة في الفيلم كلٌ من الممثّلة بسيمة حجّار في دور حياة، والممثّل أشرف برهوم (بطل أفلام "كوريولانوس" و"صراع الجبابرة" و"المملكة")، والممثّل يعقوب الفرحان (بطل مسلسلات "اختراق" و"بدون فلتر" و"حب بلا حدود")، والممثلة فاطمة الطائي (بطلة مسلسل "قلب العدالة" من إنتاج إيمج نيشن أبوظبي أيضًا). وشارك في الإنتاج كل من بول ميلر وستيفن ستراكان من شركة "فيلم سوليوشنز"، ومقرها أبوظبي، ورولا ناصر من شركة "إماجيناريوم فيلمز"، بالتعاون مع المنتجين التنفيذيين محمد الدراجي وماجد الأنصاري.

 

الوطن المصرية في

22.12.2020

 
 
 
 
 

كيف أشعل كورونا حروبا عدة…

وأسهم في صنع السلام عبر منصات الأفلام الأمريكية؟

حسام عاصي

لوس أنجلس ـ «القدس العربي» : منذ إغلاق دور العرض في آذار /مارس الماضي بسبب جائحة كورونا، اتجهت الجماهير العالمية إلى منصات البث الإلكترونية كنتفليكس وآبل وأمازون، لمشاهدة الأفلام، مما دفع ببعض الاستوديوهات إلى الاستثمار في منصاتها وتزويدها بأفلامها الجديدة، بينما قام البعض الآخر ببيع أفلامه الجديدة للمنصات الكبرى. لكن شركة وورنر بروز لم تفعل ذلك، بل أطلقت فيلم كريستوفر نولان، تينت، في دور العرض نهاية الصيف آملة في أن يحقق لها أرباحاً. لكنه لم يجن إلا ما يقارب 325 مليون دولار، مما يعني خسارة فادحة إذ أن أكثر من نصف ذلك المبلغ يذهب لدور العرض، فضلا عن تكلفة إنتاجه التي بلغت 200 مليون دولار، بالإضافة إلى تكاليف الترويج والتسويق.

وورنر بروز ضد الأعراف السائدة

كما أن منصة وورنر بروز الالكترونية اتش بي أو ماكس، التي أطلقت في شهر أيار/مايو الماضي، لم تجذب المشتركين نظراً لشح الأفلام الجديدة. ففي شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي وصل عدد مشتركيها إلى ما يقارب الثمانية ملايين، بينما تخطتها منصات نتفلكس وديزني بلاس وأمازون، التي وصل عدد مشتركيها إلى ما يقارب 190 و90 و150 مليون مشترك على التوالي. فبقي أمام وورنر بروز خيار واحد هو اتخاذ تدبير يحطم الأعراف السائدة من أجل تفادي خسارات فادحة. وفي الثاني من شهر ديسمبر/ كانون الأول الجاري، صدمت صناعة الأفلام بإعلانها عن طرح 17 من أفلامها الضخمة الجديدة على اتش بي أو ماكس، تزامنا مع إطلاقها في دور العرض الأمريكية، أولها أضخم افلامها وأكثرها ترقبا وهو «المرأة الخارقة 1984» الذي أطلقته في دور العرض العالمية، قبل أن تطرحه على اتش بي أو ماكس وتطلقه في دور العرض الأمريكية يوم غد الجمعة. ويذكر أن وورنر بروز بدأت حملة الترويج لإصداره في دور العرض قبل أكثر من عام وأجلته خمس مرات بسبب جائحة كورونا.

بين الغضب والقلق والتحفظ

وكما كان متوقعا، أثار الإعلان قلق أصحاب دور العرض وغضبهم لاسيما وأنهم يتقاضون 50% من دخل تلك الأفلام الضخمة في شباك التذاكر. ومن أجل ضمان ذلك الدخل، يفرضون على الاستوديوهات عدم طرح أفلامهم على منصات أخرى لمدة ثلاثة أشهر، وهو ما يعرف بنافذة الإطلاق. ومن ثم فإن إلغاء تلك النافذة سيحرم دور العرض من دخل تحتاجه بشدة للخروج من الأزمة المادية الصعبة النابعة من إغلاقها بسبب وباء الكورونا.

فضلا عن دور العرض، ندد الكثير من صناع أفلام وررنر بروز بقرارها واعتبروه خيانة لهم وتهبيطاً لفن السينما، وهدد بعضهم برفع دعوة ضدها، ذلك أن إطلاق الافلام على منصة اتش بي أو ماكس سيحرمهم من الحصول على نسب من أرباح شباك التذاكر التي تصل أحيانا إلى عشرات ملايين الدولارات. فعلى سبيل المثال، كان متوقعا أن يتخطى دخل المرأة الخارقة 1984، المليار دولار في شباك تذاكر دور العرض، مما يعنى عشرات ملايين الدولارات لمخرجته باتي جنكينز وبطلته غال غادوت. لهذا قامت وورنر بروز بدفع عشرة ملايين دولار كتعويض لكلتيهما.

باتي جنكيز: الأهم وصول الفيلم للمشاهدين

وفي حديث مع جنكينز عبر خدمة «زووم» الأسبوع الماضي، عبرت لـ«القدس العربي» عن رضاها من إطلاق فيلمها إلكترونياً مع بعض التحفظ. وتقول المخرجة: «إننا خسرنا شيئاً بينما نكسب شيئاً آخر،». وتضيف: «ما أفتقده حقا هو أنه ليس ثمة شيء يمكن للعالم بأسره الوصول إليه بسهولة. ما زلنا نجتهد لإيجاد طريقة ما لإيصاله إلى بلدان مختلفة. لكن ما اكتسبه هو وصوله إلى الناس سواء كانوا سيشاهدونه في البيت أو في صالات العرض في وقت ثمين للغاية حيث نختبر جميعاً أمراً ما معا. نحن جميعا نجتاز هذا الوباء سوية. فبالنسبة لي إنه أمر مؤثر للغاية أن أعطي الناس شيئاً في الوقت الذي نعاني فيه جميعاً من خسارة مشتركة. وهذا ما جعلنا نقرر القيام بذلك. إنه أكثر تميزاً مما كان يمكن أن يكون لو كان مجرد فيلم ضخم آخر شاهدت ظاهرته من قبل.»

تحولت جنكينز التي كانت معروفة بفيلم الوحش، الحائز على أوسكار أفضل ممثلة لشارليز ثيرون عام ألفين وثلاثة إلى رمز نسائي بعد تسلمها مهام إخراج المرأة الخارقة الأول عام ألفين وستة عشر، لتصبح أول امرأة تخرج فيلم كوميكس، وقد حصد أكثر من ثمانمائة مليون دولار في شباك التذاكر، ليصبح الأكثر دخلاً في تاريخ الأفلام التي أخرجتها نساء. كما تحول إلى معلم حضاري نظراً لأنه يسلط الضوء على بطولات نسائية وقضايا أنثوية.

المرأة الخارقة

في الجزء الأول، تسخر المرأة الخارقة قدراتها القتالية لسحق أشرار يخططون لتدمير البشرية إبان الحرب العالمية الأولى. لكن حولتها عبر فلم تدور وقائعه في ثمانينات القرن العشرين من بطلة حرب إلى بطله سلام إذ تتجلى قدراتها الخارقة في إنسانيتها وأنوثتها وتعاطفها وتسامحها مع أعدائها بدلاً من قتلهم والتخلص منهم.
«لقد تجاوزنا عصر الخير مقابل الشر والاعتقاد بأنك الرجل الصالح وذلك هو الرجل الشرير،» هكذا تقول جنكينز مضيفة: «ليس ما يتعين علينا القيام به لإنقاذ هذا العالم الآن. يجب أن نبدأ بصنع نماذج لأبطال الشجاعة والحقيقة والقدرة على تطبيق الصح على أنفسهم.»

مشوار تطوير مشروع فيلم المرأة الخارقة بدأ عام ألف وتسعمائة وستة وتسعين، عندما اختيرت ساندرا بولاك لأداء دورها. وعبر السنين تغيرت طواقم التطوير ومعهم بطلته. ففي ألفين وواحد منح الدور للوسي لوليس التي استبدلت بأنجلينا جولي عام ألفين وخمسة، ثم الأسترالية ميغين غيل عام الفين وثمانية. ومع بروز الحركات النسائية عام ألفين وخمسة عشر، قررت وورنرز منح مهمة إخراج الفيلم لامرأة واختارت جنكينز، بينما اختيرت الممثلة غال غادوت لتجسيد بطلته المرأة الخارقة، ديانا.

ماكسويل لورد ودونالد ترامب

غادوت كانت معروفة بدور جيزيل ياشار في سلسلة أفلام الحركة السرعة والغضب. لكن اختيارها لأداء دور شخصية أيقونية مثل ووندر وومان أثار غضب العرب والمسلمين على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة بعد نشرها صورة تضامنية مع الجيش الاسرائيلي على مواقع التواصل خلال حرب غزة عام ألفين وأربعة عشر.

لكن غادوت تفادت الإدلاء بتصريحات سياسية، بعد تجسيد المرأة الخارقة مركزة على حقوق المرأة، حتى العام الماضي، عندما نددت بتصريحات رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو العنصرية تجاه العرب، وناشدت بحوار السلام والمساواة والتسامح بين العرب واليهود. كما أعلنت مؤخرا عن إنتاج فيلم مقتبس عن كتاب حياة الحدود، والذي حظرته الحكومة الاسرائيلية في المدارس لأنه يحكي قصة حب بين فلسطيني وإسرائيلية. فهل تغيرت نظرة غادوت تجاه إسرائيل والعالم بعد تجسيدها المرأة الخارقة؟ ترد الممثلة عن هذا السؤال فتقول: «ما وجدته حقيقة أن لدي الآن مدى واسعا للوصول إلى الناس وهذا ليس أمراً استخف به، بل أشعر بقدر كبير من المسؤولية تجاهه. وبالتالي أحاول التأكد أن الرسائل التي أرسلها هي أصلية بالنسبة إلي وجيده وإيجابية.»

في فيلمها الجديد، تواجه ديانا تاجر نفط، يدعى ماكسويل لورد، يسرق، من المتحف الذي تعمل فيه، حجراً كريماً يمنح الناس أمنياتهم، فينال كل ما يريده، ويسيطر على البشرية وينشر الفوضى والخراب في كل أرجاء العالم. وبدلاً من أن تقتله، تحاول ديانا أن تنقذه من جشعه الذي قاده إلى درب الشر.

بعض المعلقين قارنوا لود بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لكن في الواقع من الممكن مقارنته بكل الحكومات الاستبدادية والشركات الضخمة ومواقع الانترنت التي تستغل جشع ورغبات وأمنيات الناس للسيطرة عليهم وإغرائهم في الاستثمار في اشياء ليسوا بحاجة لها. وبالتالي فإن أخطر شر تواجهه البشرية هو غرائزها، التي لا دواء أو لقاح مضاد له.

المثير في الأمر هو أن جميع البشر يسلكون مسلك لورد، لأن كل واحد منهم عبد لجشعه وشهواته وامنياته. فغزيرة الإنسان هي عدوه الاكبر وهي فيروس لا لقاح له.

«هذه الظاهرة كلها تتغذى على أناس مثل ماكس لورد،» تقول جنكينز. «هو يظن أنه بشخصه الحالي ليس جيدا كفاية ليكون الشخص الذي يحتاج أن يكونه في هذا العالم وبالتالي عليه أن يغير نفسه وكل شيء بشأنه، عليه أن يغير شعره ومظهره ليصبح جديراً بالحب وأن يكون الشخص الذي يريد أن يكونه. الأمر الذي يقوده إلى طريق الشر. هذا هو ما يغرينا به أسلوب المعيشة. أنت لست جيدا كفاية. لكنك ستكون كذلك إذا ركبت طائرة خاصة أو امتلكت حقيبة أغنى ثمناً، أو كنت شخصية مشهورة، هذا كله مجرد وهم يضعنا على طريق قبيح ويجعلنا مدمرين.»

ووندر وومان ألف وتسعمائة واربعة وثمانون يبدو أكثر طموحا وأضخم حجما وأعمق مضمونا من سابقه، لكن هذه المرة لن نعرف بدقة مدى نجاحه التجاري الذي يحدده دخل شباك تذاكر دور العرض. التوقعات كانت تصب تجاه تخطي دخله المليار دولار، لهذا يعتبر طرحه الكترونياً مجازفة تجارية وتضحية بالفيلم من قبل وورنرز من أجل دعم شبكتها الإلكترونية إيتش بي أو ماكس لمنافسة الشبكات الاخرى.

 

القدس العربي اللندنية في

23.12.2020

 
 
 
 
 

«الرفاق الأعزاء».. الكشف عن فصل مظلم آخر من التاريخ السوفيتى

خالد محمود

قد يأسى التاريخ علينا مرتين، مرة عندما نعيش ظلال حادث كبير مؤلم فى الواقع، ومرة أخرى عندما نشاهد تجسيد هذا الحادث على شاشة السينما، حتى لو كانت محاولة لتضميد الجراح وتطييب الخاطر بمحاكمة رمزية للجناة، وقد يوجعنا المشهد بذكراه حتى ولو لدقائق محدودة.

دون شك يبقى للسينما الروسية مذاقها الخاص فى طرحها للقضايا المتشابكة بين المجتمع والسياسة، خاصة فى إعادة قراءتها لوقائع محددة، وفى فيلمه الأخير «أعزائى الرفاق» يقدم المخرج الروسى الشهير أندريه كونشالوفسكى فصلا مظلما آخر من التاريخ السوفيتى، دراما تاريخية يحاكم فيها ما جرى فى قصة مذبحة إضراب عمالى فى مدينة نوفوشيركاسك جنوب اتحاد الجمهوريات السوفيتية الاشتراكية فى يوم 2 يونيو عام 1962، عبرمزيج رائع من الهجاء الأسود وصورة لواقع يائس فى خضم أوضاع قاسية.

يلتقط المخرج أنفاس اللحظات التى سبقت، وفى أثناء، وما بعد تلك المذبحة مباشرة، وهى مذبحة حقيقية، ضحاياها عمال مصنع ديلى المحلى للسيارات الكهربائية الذين أضربوا بسبب الظروف المعيشية المتدهورة للأمة وارتفاع الأسعار فى المواد الغذائية، يثور العمال وينضم إليهم سكان المدينة ليصل عددهم إلى نحو 5 آلاف شخص فى مواجهة مع السلطة، ويتم قمع المظاهرة بسرعة ووحشية من قبل وحدات الجيش التى أرسلتها الحكومة، ولقى أكثر من 20 شخصا من بينهم مارة بالشوارع مصرعهم نتيجة إطلاق النار بالقرب من مبنى إدارة المدينة، كما أصيب 90 آخرون وفقا للرواية الرسمية للأحداث، ولكن لا يزال العدد الحقيقى للضحايا غير معروف، ويعتقد الكثيرون أنه أكبر بكثير من البيانات الرسمية.

فى سيناريو مركب بأحداثه والذى كتبه المخرج مع إيلينا كيسيليفا يقدم لنا من قلب الأحداث شخصية «ليودميلا» التى التى لعبت دورها «جوليا فيسوتسكايا»، العضوة المتعصبة والمخضرمة فى الحزب الشيوعى الحاكم، فهى من أشد المؤيدين للنظام تؤمن بصدقه ومثله العليا وتحتقر أى شكل من أشكال المعارضة بل وتطالب بإعدام المحتجين، حتى شاهدت إطلاق النار على المتظاهرين من قبل وحدات الجيش التى أرسلتها الحكومة لقمع الإضراب، وهنا تتغير رؤيتها للعالم إلى الأبد، ونرى المدينة ممزقة بسبب أعمال الشغب، والاعتقالات، والإدانات المتسرعة، وبسبب حظر التجول، وإصابة العديد من الأشخاص وفقد آخرين، وواحدة منهم هى سيفيتكا «يوليا بوروفا» ابنة ليودميلا التى تختفى وهى المتعاطفة مع المتظاهرين وسط فوضى التظاهرات، هذه لحظة حاسمة ترى أن قناعات ليودميلا التى لم تتزعزع ذات يوم بدأت تفقد الاستقرار، وتبدأ فى رحلة بحث حزين ويائس مهما كان الخطر عن ابنتها، وذلك على الرغم من الحصار المفروض على المدينة والاعتقالات المتصاعدة ومحاولة التستر من قبل السلطات.

«الرفاق الأعزاء» هى العبارة الأولى فى خطاب كانت تستعد لإلقائه أمام أعضاء الحزب الشيوعى، بهدف فضح «أعداء الشعب»، لكن ليودميلا لا تجد القوة لإلقاء هذا الخطاب، حيث تمر بأصعب دراما شخصية، وهو ما يجردها من التزامها الأيديولوجى.

ونرى عبر عدة مشاهد متتالية كيف تمزقت المدينة بسبب أعمال الشغب والاعتقالات والإدانات المتسرعة وحظر التجول، وأصيب الكثير من الناس وفقد العديد منهم، حيث تتطاير الدماء والأجساد فى لقطة طويلة فوضوية، ويلوحون بلافتات لينين ويرددون الشعارات القديمة، تبرز براعة المصور السينمائى أندرى نايدنوف فى تصوير أجواء هذه اللحظة المأسوية فى التاريخ السوفيتى، ودفن الضحايا سرا فى قبور بأسماء مستعارة حتى لا يمكن العثور عليهم أبدا، وكان المشتبه بهم الرئيسيون من بين كبار المسئولين السوفييت قد لقوا حتفهم فى ذلك الوقت ولم تتم إدانة الجناة.

وظلت تلك الأحداث مخفية حتى أوائل التسعينيات، بعد مرور عقود من الصمت الذى فرضه النظام السوفيتى، والذى أجبر الضحايا الباقين على قيد الحياة على توقيع اتفاقيات عدم إفشاء وبدأ التحقيق فيها عام 1992.

وقد لجأ المخرج إلى اللونين الأسود والأبيض فى صورة مذهلة بصريا، وهو ما يعزز رؤيته لتلك اللحظة التاريخية الخاصة للغاية.. لقد أراد إعادة بناء الأحداث التى حدثت بالفعل بأقصى درجات الدقة، والعصر الذى كشف فيه التاريخ عن فجوة لا يمكن سدها بين المثل الشيوعية والواقع المأسوى للحقائق، وذلك بوجه إنسانى، حيث صور بواقعية ورؤية شفافة، قمع المذبحة، بينما تُجبر الممرضات اللاتى يقمن برعاية الجرحى على توقيع اتفاقيات عدم إفشاء من قبل عملاء KGB مجهولى الهوية ويتم قتل المنشقين فى الشوارع.

دون شك اعتبر هذا الفيلم ــ الفائز بجائزة لجنة تحكيم مهرجان فينيسيا ــ تكريما لنقاء ذلك الجيل وتضحياته والمأساة التى عاشها مع انهيار أساطيره وخيانة مُثله حيث أراد أندريه كونشالوفسكى، بحسب شهادته، صنع فيلم عن جيل والده، ذلك الجيل الذى قاتل فى الحرب العالمية الثانية ونجا منها بقناعة لشرف الموت من أجل الوطن، ومن أجل ستالين وثقة غير مشروطة بأهداف الشيوعية، خلق مجتمع جديد من خلال جهود الملايين من الناس، مؤكدا أنه كان يرغب فى إعادة بناء الأحداث التى حدثت بالفعل بأقصى درجات الدقة، والعصر الذى كشف فيه التاريخ عن فجوة لا يمكن سدها بين المثل الشيوعية والواقع المأسوى للحقائق.

الفيلم يصور ببساطة وجمال واحدة من بشائع التاريخ وديناميكيات القوة والسرية التى كانت مركزية للاتحاد السوفيتى وكان على مخرج الفيلم وكاتب السيناريو أندريه كونشالوفسكى إعادة بناء الأحداث وجمع وثائق أرشيفية والتحدث مع أحفاد شهود العيان الذين شاركوا أيضا فى إطلاق النار.

قدمت الممثلة جوليا فيسوتسكايا ملهمة كونشالوفسكى الفترة الأخيرة، دورا صعبا ومركبا بين ولاءاتها المتناحرة بين الوطن والأمومة، كمراقب يشجع السلطات على الحكم بقبضة من حديد، ثم كأم مذعورة على ابنتها، وكم كانت تحولات تعبيراتها عنصرا مؤثرا فى البعد الدرامى للأحداث، حيث تشاهدها وهى تكافح من خلال مجموعة من المشاعر المتنافسة التى تشكل محور الفيلم، فتلك الشخصية الرئيسية لديها، حتى النهاية، موقف حنين إلى ستالين، الذى تدافع عنه حتى عندما تواجه الجرائم البشعة التى ارتكبت باسمه فى مذبحة سيئة السمعة، وتلك مسألة نفسية صعبة ومرهقة للمثلة وكما نراها فى النهاية غارقة فى النظرة إلى كلبة ترضع مجموعة من الكلاب الصغيرة وسط فوضى الصراع البشرى، مما يشير إلى أن الارتباط والبقاء هما المسار الطبيعى لكل حيوان بجانبها، فى حين يتعرض الجنس البشرى باستمرار للخطر بسبب العنف الذى يسببه الإصرار، والأيديولوجيات والأجندات السياسية.

الفيلم بمثابة قطعة سينمائية متقنة فى أصالتها تلتقط جو وشعور العصر، وتلخص التناقضات التى سادت فى المجتمع السوفيتى فى ذلك الوقت.

كونشالوفسكى قام هنا بإحياء فصل مظلم آخر من التاريخ السوفيتى، حول تغيير الولاءات واستخدام العنف تحت واجهة البيروقراطية للحفاظ على الوضع الراهن رغم الأضرار الجانبية البشرية الكبرى، هو لا يعلق على العنف لكن يمنحه كثافة رمزية تلتقط كاميرته الكثير من تلك الظروف من خلال زجاج نافذه محطم، وتحدق ليودميلا فى المستقبل فى خاتمة الفيلم الرائعة وهى تجسد مزيجا معقدا من الأمل والخوف وسط بلد من غير المرجح أن يفك هذا الصراع فى وقت قريب، إنه فيلم عن تجاوزات روسيا الماضية لاستكشاف المزيد منها، والفيلم يؤكد أن البحث دائما عن الحقيقة يستحق العناء.

مازال كونشالوفسكى يقدم أفلاما مدهشة تركز على تفكك الشخصيات والأقدار المعقدة، وهذا واحد آخر منها بعد «الجنة» و«الخطيئة» وسينافس بقوة على الأوسكار الثالثة والتسعين لأفصل فيلم أجنبى.

 

الشروق المصرية في

29.12.2020

 
 
 
 
 

هوليوود 2020: خسائر كبيرة… مهرجانات افتراضية… تعديل وسحب أفلام عنصرية

حسام عاصي

لوس انجلس ـ «القدس العربي»: في أول شهرين من عام 2020 هيمن فيلم آسيوي وهو الكوري «طفيلي» على أهم الجوائز الهوليوودية، كالغولدن غلوب ونقابة الكتاب الأمريكية ونقابة المخرجين الفنيين، كما نال أربع جوائز أوسكار: وهي أفضل سيناريو أصلي، وأفضل مخرج لمخرجه بونغ جون هو، وأفضل فيلم دولي، وبات أول فيلم غير ناطق بالانكليزية يفوز بأوسكار أفضل فيلم منذ تأسيس الجوائز عام 1929.

لكن لم يكد يمض أسبوعين حتى نسيت هوليوود فيلم طفيلي، عندما اخترقها فيروس كورونا المستجد، الذي ظهر في منطقة ووهان الصينية في ديسمبر / كانون الأول 2019 فقامت الحكومة الصينية بعزلها وفرض الحظر الصحي على كل سكانها لمدة أشهر، بينما أغلقت كل الأقاليم الأخرى وعلقت جميع الفعاليات الحياتية والاقتصادية فيها.

بداية، لم تعر هوليوود أزمة الفيروس الصيني أي اهتمام، واستمرت بعقد حفلات توزيع الجوائز والمؤتمرات والمناسبات والمهرجانات السينمائية. ومن المفارقات أن آخر حفلة أقيمت في هوليوود كانت بمناسبة فوز فيلم طفيلي، واكتظت بالضيوف، الذين حضروا من الصين وجنوب كوريا.

الخسائر الفادحة

وسرعان ما صارت هوليوود تشعر بعوارض كورونا حتى قبل أن يطرق أبوابها، وذلك بسبب الخسائر الفادحة التي تلقتها عقب انهيار السوق الصيني، الذي يعتبر ثاني أكبر الأسواق دخلاً في العالم بعد الولايات المتحدة، وصل دخله عام ألفين وتسعة عشر إلى تسعة مليارات دولار، وكان متوقعاً أن يتفوق على السوق الأمريكي هذا العام. إلا أن عروض أفلام هوليوود الضخمة والحائزة على جوائز الأوسكار ألغيت بأكملها، فهبط دخل شباك التذاكر هناك بما يقارب ملياري دولار مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.

وعندما تفشى فيروس كورونا في دول العالم الأخرى، دفع سلطاتها إلى إغلاق دور العرض وتعليق كل الأنشطة الحياتية ضمن إجراءات التباعد الاجتماعي لاحتواء الجائحة، فاضطرت استوديوهات هوليوود إلى إغلاق أبوابها، وإيقاف إنتاج مشاريعها وتأجيل أو إلغاء إطلاق كل افلامها، ما تسبب بخسائر فادحة تقدر بعشرات المليارات من الدولارات؛ إذ هبط دخل شباك التذاكر العالمية في شهر أبريل/نيسان إلى الصفر لأول مرة في تاريخ السينما.

ومع توقف العالم الواقعي، تحول الناس إلى العالم الافتراضي باحثين عن ترفيه بديل لدور العرض، فوجدوه على منصات البث الالكتروني، وعلى رأسها نتفليكس، عدوة دور العرض، حيث تضاعف عدد مشتركيها وحطمت أسعار أسهمها أرقاماً قياسية في البورصة. وخلافاً لنتفليكس، كانت الاستوديوهات مقيدة باتفاق نافذة الإصدار، الذي يلزمها بعدم طرح أفلامها على منصات أخرى إلا بعد ثلاثة أشهر من إطلاقها في دور العرض.
لكن الخسائر الفادحة وضعت استوديوهات هوليوود في أزمة وجودية، فلم يبق أمامها خيار غير خرق اتفاق نافذة الإصدار، من أجل البقاء على قيد الحياة. فصار بعضها يبيع أفلامه لمنصات البث الالكترونية، مثل يونيفيرسال وبارامونت اللذين طرحا أفلامهما: «جولة ترولز حول العالم» و«عصافير الحب» على منصة نتفليكس، بينما باعت شركة سوني بيكتشرز فيلم الحرب العالمية الثانية، جريهاوند، من بطولة توم هانكس مقابل مائة وعشرين مليون دولار لشبكة أبل بلاس.

أما ديزني فقامت بإطلاق أفلامها «وطير أرطميس» وفيلم الرسوم المتحركة «إلى الأمام» و«نداء البرية» على منصتها ديزني بلاس في موسم الربيع. وبعد عدة تأجيلات، ألغت إطلاق افلامها «الصيفية، هاميلتون: مسرحية أمريكية» ومولان في دور العرض وطرحتها على منصتها، التي سجلت ارتفاعاً حاداً في نسبة المشتركين، باتت منافسة قوية لنتفلكس، ما دفع شركتي يونيفيرسال ووورنر بروز إلى إصدار منصاتهما الالكترونية بيكوك واتش بي أو ماكس على التوالي.

خلافاً للاستوديوهات، لم يكن لدور العرض دخل بديل يحميها من الدمار الاقتصادي. فجاء لنجدتها المخرج كريستوفر نولان، الذي بادر لإطلاق فيلمه «تينت» في صالاتها، لكنه أخفق. إذ لم يجن الفيلم إلا 350 مليون دولار في شباك التذاكر العالمية، أي ما يقارب ثلث التوقعات. فرد الاستوديو المنتج، وورنرر بروز، بإجراء صارم بداية شهر كانون أول/ديسمبر، طارحاً كل افلامه الضخمة على منصته الإلكترونية أيتش بي أو ماكس، تزامناً مع إطلاقها في دور العرض، كان أولها «المرأة الخارقة 1984» الذي فشل أيضاً في شباك التذاكر بعد انطلاقه الأسبوع الماضي، إذ اختار غالبية الجمهور الأمريكي مشاهدته على المنصة الالكترونية بدلاً من المخاطرة والذهاب إلى دور العرض.

ومع إسدال الستار على ألفين وعشرين، بدا واضحاً أن دخل شباك التذاكر الامريكي هبط إلى أدنى مستوياته منذ أواخر السبعينيات، وهو 2.3 مليار دولار، ولأول مرة يتفوق عليه السوق الصيني، الذي فتح أبواب دور العرض بداية الصيف، إذ وصل دخله هذا العام ما يقارب 2.9 مليار دولار.

دونالد ترامب والعنصرية

بداية 2020 حصد الملونون وافلامهم ومسلسلاتهم التلفزيونية اهم الجوائز الهوليوودية. فرفعت هوليوود شعار التعددية العرقية والنزاهة الأخلاقية في حملتها ضد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي كان يخوض معركة الانتخابات الرئاسية. لكن اندلاع المظاهرات واحتدام الجدل في الولايات المتحدة وخارجها حول العنصرية بعد مقتل الافريقي-الأمريكي جورج فلويد على يد الشرطة، وضع هوليوود تحت المجهر وكشف عن تورطها في بث الأفكار العنصرية في أبرز أفلامها الكلاسيكية وأكثرها دخلاً مثل «ذهب مع الريح» الحائز على عشرة جوائز أوسكار. فقامت بعض الاستوديوهات بتعديل تلك الأفلام أو سحبها من منصاتها.

ومع انطلاق المظاهرات المناهضة للعنصرية، اغتنمت هوليوود الفرصة للترويج ضد ترامب، من خلال إطلاق عدة افلام تحذر من منحه حقبة ثانية في البيت الأبيض، أبرزها «بورات 2» و «محاكمة متهمي شيكاغو السبعة» ومسلسلات تلفزيونية مثل «قانون كومي». لكن مناصريه تجاهلوا تلك الأفلام ووصفوها بالمؤامرات والأخبار الكاذبة. وهو ما تجلى بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات، فرغم فشل ترامب في الانتخابات، إلا أن عدد المصوتين له، وخاصة بين الملونين، ارتفع مقارنة بنتائج انتخابات عام 2016.

المهرجانات السينمائية والأفلام المستقلة والعربية

بينما شكل فيروس كورونا تحدياً لأفلام هوليوود، عاث خراباً في عالم السينما المستقلة والعربية، التي أصبحت بلا منصات ترويج وتسويق أو بوابة للأسواق العالمية بعد إلغاء كل المهرجانات والمناسبات السينمائية.أولى الصدمات التي واجهتها السينما العربية كانت إلغاء مهرجان البحر الأحمر السعودي في شهر نيسان/ أبريل، الذي كان من المفترض أن يكون منصة انطلاق للسينما السعودية ومحطة دعم مهمة لصناع الأفلام العرب. وقد أسفر ذلك عن تعليق العديد من المشاريع، التي اختيرت للمشاركة في ورشات عمل والمنافسة على منح الانتاج أو إكمال مشاريع. بعض المهرجانات عُقدت افتراضياً وطرحت أفلامها على شبكة الانترنت، لكن العديد من المخرجين رفضوا المشاركة الافتراضية وأجلوا تقديم أفلامهم للمهرجانات إلى العام المقبل، خشية أن تواجه مصير اختيارات مهرجان كان الفرنسي العريق، الذي ألغي قبل موعد افتتاحه المقرر بأسبوعين. فلم تحظ أفلامه بالاهتمام الإعلامي، الذي كان يدفعها عادة إلى جوائز الأوسكار. وكان من ضمنها ثلاثة أفلام عربية من مصر ولبنان وتونس. لكن الأفلام العربية، التي شاركت في مهرجان فينيسيا الايطالي في أيلول/ سبتمبر، أول مهرجان يعقد واقعياً بعد اندلاع ازمة كورونا، خرجت بجوائز قيمة في عدة فئات، وذهبت لاحقاً لتحصد جوائز أخرى في مهرجانات الجونة والقاهرة المصريين، اللذين قدما نسخاً مصغرة هذا العام على أرض الواقع.

بلا شك أن فيروس كورونا فرض تغييرات جذرية على صناعة الأفلام لا زلنا لا نعرف مدى تأثيرها على المدى البعيد. فمصير دور العرض ما زال مجهولاً والاستوديوهات ما زالت مغلقة والمهرجانات السينمائية ما زالت تعقد افتراضياً. لكن كورونا لم يكن لعنة على الجميع بل كان نعمة للبعض. فمنصات البث الالكتروني كنتفلكس وأمازون احتكرت عرض الأفلام ومن المتوقع أن تهيمن على جوائز الأوسكار في الموسم الجديد.

 

القدس العربي اللندنية في

30.12.2020

 
 
 
 
 

الأفلام العربية المشاركة في منافسات الأوسكار هذا العام تعكس واقعا عربيا داكنا

حسام عاصي

لوس أنجليس – «القدس العربي» : أرسلت ثلاث وتسعون دولة هذا العام أفلاماً لأكاديمية علوم وفنون الصور المتحركة الأمريكية لكي تشارك في منافسة الأوسكار لأفضل فيلم روائي طويل دولي، من ضمنها تسعة أفلام من دول عربية.

تلك الأفلام تختارها لجان رسمية وطنية، ترسلها للأكاديمية وتأخذ على عاتقها الترويج لها باعتبارها أفضل إنتاج فني محلي. ومن أهم معايير اختيار الفيلم هو اشتراكه أو فوزه بجوائز أبرز المهرجانات السينمائية، مثل كان الفرنسي، والبندقية الإيطالي وبرلين الألماني وتورنتو الكندي ولندن البريطاني. لكن في 2020 ألغى بعض هذه المهرجانات دوراته وقدم البعض الآخر دورات مصغرة، لهذا أرسلت بعض اللجان أ فلاماً شاركت في مهرجانات عام 2019. مثل مصر، التي بعثت بفيلم عزت تامر «لما بنتولد» الذي حصل على عرضه الأول في مهرجان الجونة السينمائي عام 2019 وتلاه في عروض في مهرجانات عربية أخرى، حيث نال بعض الجوائز، لكنه لم يشارك في مهرجانات عالمية عريقة كالمذكورة أعلاه، ما دفع بعض أعضاء لجنة الاختيار المصرية للتصويت ضد إرسال أي فيلم للأكاديمية هذا العام لعدم وجود أفلام ذات سيط أو جودة كافية للتأهل لمنافسة الأوسكار.
«لما بنتولد» يطرح قصص ثلاث شخصيات: شاب يسعى للسفر إلى أوروبا وشق مسيرته الفنية كمغن، رغم معارضة والده، وفتاة مسيحية تقع في حب شاب مسلم، ومدرب رياضي يساوم على مبادئه من أجل امتلاك ناد رياضي.

مشاركات سودانية ومغربية مميزة

وللمرة الأولى يشارك السودان في منافسة الأوسكار وذلك عن أول فيلم روائي سوداني طويل منذ تطبيق الحكومة الإسلامية للشريعة في أواخر الثمانينيات، وهو فيلم أمجد ابو العلاء «ستموت في العشرين» الذي انطلق أيضاً عام 2019 في مهرجان فينسيا وفاز بجائزة أسد المستقبل.

«ستموت في العشرين» يتناول الواقع السياسي والاجتماعي والديني في السودان من خلال طرح قصة مزمل، وهو ابن قرية صوفية يتنبأ درويشها الصوفي بموته وهو في العشرين من عمره، فيعيش حياته خائفاً من كابوس الموت ويكرس وقته للعبادة إلى أن يلتقي بعلماني يعرفه على عالم خارج قريته المحافظة ويثير الشكوك في إيمانه.

البدع الدينية يتناولها أيضاً الاختيار المغربي «معجزة القديس المجهول» للمخرج علاء الدين الجيم، الذي شارك في فئة أسبوع النقاد في مهرجان كان عام 2019. الفيلم يحكي قصة لص يدفن غنيمته من الأموال في قبر على تلة نائية ويغطيه بالحجارة، قبل أن يلقى القبض عليه. وبعد خروجه من السجن، يعود إلى القبر لاستعادة أمواله فيجد أن سكان القرية المجاورة حولوه إلى ضريح مقدس، يزورونه ليطلبوا الشفاء من أمراضهم. فيخوض مغامرات غريبة من أجل استرجاع غنيمته دون علم سكان القرية.

أما الاختيار السعودي وهو فيلم شهد أمير «سيدة البحر» فيتمحور حول طقوس من نوع آخر ، وهو أيضاً انطلق عام 2019 في مهرجان فينسيا، حيث فاز بجائزة فيرونا للفيلم الأكثر ابداعاً.

الفيلم، المصور بالأبيض والأسود يدور حول حياة، التي تولد في جزيرة خيالية، سكانها صيادو سمك يقدمون بناتهم فدية لسيدة البحر. لكن حياة لم تغرق وتعود كحورية بحر اصطادتها بنفسها. فيقبلها أهل الجزيرة وتصبح صائدة سمك مثل الرجال. وفي حديث مع شهد، قالت إن الفيلم يعكس واقع النساء في السعودية المعاصرة، إذ أنهن ما زلن موؤدات مجازياً، رغم أن الإسلام حرم وأد البنات.

ومن اختيارات مهرجان كان الفرنسي الذي ألغيت دورته الأخيرة قبل أسبوعين من انعقادها، يمثل لبنان فيلم «مفاتيح مكسورة» ، وهو أول إخراج لجيمي كيروز. لبنان حقق سابقاً ترشيحين للأوسكار لفيلمي زياد دويري «قضية ثلاثة وعشرين» عام 2017 و «كفرناحوم» لنادين لبكي عام 2019.

تدور أحداث «مفاتيح مكسورة» في بلدة سورية تحت سيطرة تنظيم داعش، الذي حرّم الموسيقى، ويحكي قصة عازف بيانو يحاول أن يهرب إلى أوروبا. لكن عندما يعثر التنظيم المتطرف على البيانو الخاص به ويحطمه، يقرر البقاء والمخاطرة بحياته من أجل إصلاحه.

مهرجان فينسيا الايطالي كان أول مهرجان يعقد دورته العام الماضي في دور العرض بعد اندلاع أزمة فيروس كورونا. فحظيت أفلامه باهتمام الإعلام وتقييم النقاد. لهذا تم اختيار غالبيتها لتمثيل دولها في منافسة الأوسكار، من ضمنها ثلاثة أفلام عربية وهي «الرجل الذي باع جلده» و» 200 متر» و»غزة حبي».

«الرجل الذي باع جلده» أصبح فيلم كوثر بن هنية الثاني الذي يمثل تونس في المنافسة بعد «على كف عفريت» عام 2017.

وقد خرج الفيلم من فينسيا بجائزة أفضل ممثل لبطله السوري، يحيى مهايني. وتلاها بجائزة أفضل فيلم عربي في مهرجان الجونة السينمائي.

يحيى يؤدي دور سام، سوري يهرب من السجن خلال الصراع الدائر هناك الى بيروت، حيث يلتقي بفنان أمريكي، يعرض عليه السفر الى بلجيكا مقابل وشم ظهره وعرضه كلوحة فنية في متحف. فيوافق سام لكي يلتقي بحبيبته هناك. وعند وصوله يدرك أنه فقد نفسه وتحول إلى سلعة للبيع.

أفلام فلسطينية وجزائرية مميزة

أما فيلم الفلسطيني أمين نايفة «200 متر» الذي فاز بجائزة الجمهور في فئة أيامالبندقية، فيمثل الأردن، الذي ساهمت مؤسساته في إنتاجه. ويذكر أن الأردن نال ترشيحاً واحداً عام 2015 عن فيلم ناجي أبو نوار «ذيب».
«200 متر» المستلهم من تجربة نايفة، يطرح قصة شاب من الضفة الغربية يتواصل عبر الهاتف مع زوجته وأطفاله الذين يقطنون على بعد 200 متر عنه، خلف الجدار الفاصل في إسرائيل. وعندما يتعرض ابنه لحادث سير، يستعين بمهربين وينطلق في رحلة مليئة بالمخاطر لكي يزوروه في المستشفى الإسرائيلي.

فيلم فلسطيني آخر وهو «غزة حبي» من إخراج الأخوين طرزان وعرب ناصر، يمثل الأراضي الفلسطينية، التي حققت ترشيحين عن فيلمي هاني أبو أسعد «الجنة الآن» و»عمر» في عامي 2007 و2014 على التوالي. «غزة حبى» شارك أيضاً في مهرجان تورنتو، حيث فاز بجائزة نتباك.

تدور أحداث الفيلم في غزة ويتمحور حول صياد فقير أعزب في الستينيات من العمر يقع في حب أرملة في ظل القصف الاسرائيلي وملاحقة سلطة حماس له، بعد عثوره على تمثال للإله الإغريقي أبولو في البحر.
اما الاختيار الجزائري وهو فيلم جعفر قاسم «هليوبوليس» فلم يعرض إلا في الجزائر بداية شهر نوفمبر/تشرين الثاني الأخير لكي يتأهل لمنافسة الأكاديمية، التي تشترط أن يكون الفيلم المنافس قد عرض لمدة أسبوع على الأقل في البلد المنتج. ويذكر أن الجزائر فازت بجائزة الأوسكار عن فيلم اليوناني كوستا غافراس «زد» عام 1969. ونالت لاحقاً أربعة ترشيحات أخرى. كل تلك الأفلام كانت ناطقة بالفرنسية، لهذا لم تصنفها الأكاديمية بالعربية.

«هليوبوليس» يتناول مجازر دامية ارتكبها الإستعمار الفرنسي في الثامن من مايو/آيار عام 1945 في بلدة «هليوبوليس» الجزائرية من خلال طرح صراع في عائلة ثرية بين أب وابنه حول سبل التعامل مع الفرنسيين.

الأفلام الثلاثة والتسعون لم تدخل المنافسة بعد، إذ لأول مرة تقوم الأكاديمية بفحصها قبل أن تنشر لاحقاً هذا الشهر قائمة الأفلام المؤهلة للتنافس، وتطرحها على موقع إلكتروني، حيث تشاهدها لجنة الأفلام الدولية المكونة من مئات الأعضاء في الأكاديمية، الذين يقيمونها بدرجات من ستة الى عشرة. الأفلام السبعة التي تحصل على أعلى تقييم تتأهل الى القائمة المختصرة، إلى جانب ثلاثة أخرى تختارها اللجنة التنفيذية ويعلن عنها في التاسع من فبراير / شباط المقبل.

ولأول مرة، يشارك كل أعضاء الأكاديمية العشرة آلاف، بدلاً من اللجان الأربع المتواجدة في لوس أنجليس، سان فرانسيسكو ونيويورك ولندن، في اختيار الأفلام الخمسة المرشحة للأوسكار، التي سيعلن عنها في الخامس عشر من مارس/ آذار. وسوف نتعرف على الفيلم الفائز في حفل توزيع جوائز الأوسكار، الذي سيقام في الخامس والعشرين من أبريل/ نيسان المقبل.

وتصب التوقعات في فوز الفيلم الدنماركي «جولة أخرى» الذي يتمحور حول أربعة أصدقاء تتحسن حياتهم عندما يبدأون بالشرب محافظين على نسبة ضئيلة للكحول في دمهم، وذلك بفضل اختياره للمشاركة في مهرجاني كان وتورنتو وفوزه بجوائز سان سيباستيان ولندن، اضافة الى نيله أربعة ترشيحات لجوائز الأفلام الأوروبية.
إذاً يبدو أن السينما العربية ستخفق مرة أخرى باقتناص الأوسكار. رغم أن الأفلام العربية المتنافسة ترتقي إلى أعلى المستويات السينمائية فناً ومضموناً ما يبشر بمستقبل باهر للسينما العربية. لكن من جهة أخرى، تعكس هذه الأفلام واقعاً عربياً داكناً؛ فكل شخصياتها تعيش في صراع مع سلطة مستبدة أو مجتمع تقليدي يحرمها من تحقيق ذاتها. ومعظمها تسعى لنيل حياة أفضل خارج العالم العربي.

 

القدس العربي اللندنية في

05.01.2021

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004