ملفات خاصة

 
 

وحيد حامد... مُرافق أجيالٍ ومؤرّخ حياة

نديم جرجوره

عن رحيل كاتب السيناريو

وحيد حامد

   
 
 
 
 
 
 

يبدو أنّه موسم رحيل كبارٍ في صناعة الصورة العربية، سينمائياً وتلفزيونياً. العام السابق يمضي آخذاً معه أناساً يساهمون في تشكيل وعي معرفي عبر أعمالٍ وسجالاتٍ. بداية العام الجديد توسم برحيل من له حضور في مشهدٍ يرتبط، بشكلٍ أو بآخر، بمسار تاريخٍ، وتحوّلات بلدٍ، وتغييرات اجتماعٍ، وتبدّلات بيئات محيطة. موسم قاسٍ، لكنّه قدرٌ لا مفرّ منه.

آخر الراحلين السيناريست والمنتج المصري وحيد حامد. لاسمه وأعماله مكانة عميقة في نفوس كثيرين، ينتمون إلى أكثر من جيل وبلدٍ عربيّ. بعضهم يتابعه منذ مطلع شبابٍ إلى نضج ووعي، وبعض النضج والوعي منبثق من اشتغالاته. غلبة إبهارٍ في كتابةٍ تُفْتَقَد بين حينٍ وآخر، يُقابلها خلل يتسلّل أحياناً في مسام نصٍّ، من دون أنْ يُفقِد النص هيبته الجمالية.

راهنٌ يُقلِق تفكيراً وتأمّلات له، وتاريخٌ يرى فيه منافذ لقولٍ عن راهنٍ أيضاً. اختزال الكتابة إلى ساعتين مثلاً (سيناريوهات سينمائية)، تُشبه تكثيفاً درامياً في كتابة حلقات تمتدّ من دون ملل، وتنفلش على روحٍ ومسائل ومخبّأ، من دون إرهاق المتابع أو تشتيت انتباهه.

نبأ رحيله (في اليوم الثاني من العام الجديد) يحول دون تمكّن من استعادة أفلامٍ ومسلسلاتٍ، بعضها مؤثّر في نمط الكتابة، وفي كيفية مقاربة أحوالٍ وتساؤلات وعيش. السياسيّ حاضرٌ، لكن البصريّ يمنعه من تمدّدٍ درامي يتغلّب عليه.

التاريخ والاجتماع والنفس البشرية عناوين عامة، يستغلّها وحيد حامد في أعمالٍ، يصعب فصل كل علمٍ فيها عن بقية العلوم الإنسانية. مزيجٌ مُحبَّب، يُشكِّل مرآة شفّافة وقاسية ومرغوباً فيها، لتمكّنها الفني والجمالي من أنْ تعكس بواطن يُراد لها تغييباً دائماً، وتطرح أسئلة يجهد كثيرون في إخفائها.

لائحة أفلامه طويلة، والأهمّ ـ سينمائياً وفكرياً وجماليات ـ قليلٌ، رغم أنّ الأقلّ أهمية غير فاقدٍ إبهاراً ما، في كتابة لقطة، أو في رسم شخصية، أو في حِرفية حوار. الإرهاب جزءٌ من اشتغالٍ ضروري، فالإرهاب الضارب مصر في أعوامٍ سابقة يحتاج إلى مواجهة خارج الأمن والعسكر.

التحوّل الجغرافي والاجتماعي والإنساني ينسلّ بهدوء في نصوصٍ وإنتاجات، متحرّراً من صخب الأيديولوجيا أحياناً، ومبتعداً ـ أحياناً أخرى ـ عن غضب وتوتر يحولان دون ترجمة وعي معرفي إلى لوحات بصرية. نصوص حامد تسرد وتروي وتُصوّر، وتترك للمُشاهد مساحة آمنة لمُشاهدة ونقاش وتواصل. إنتاجه غير منفصل عن مواقف مبثوثة في كتاباته.

تعاونه مع المخرج شريف عرفة والممثل عادل إمام جزءٌ من مشروع ثقافي لتفكيك شيءٍ من بيئة اجتماعية، ولتنبيهٍ إلى مخاطر، من دون جعل التنبيه خطاباً وتنظيراً. "اللعب مع الكبار" (1991) و"الإرهاب والكباب" (1992) مثلاً دليلٌ على كيفية تحويل عمل جماعي إلى حِرفيةٍ سينمائية، تقول بالصورة والصوت حالاتٍ وانفعالاتٍ، مانحة للنفس الكوميدي متين الصُنعة ـ في الوقت نفسه ـ حيّزاً يترافق وخراباً حاصلاً في بلدٍ وبين أناسٍ.

تعاونه مع المخرج شريف عرفة والممثل عادل إمام جزءٌ من مشروع ثقافي لتفكيك شيءٍ من بيئة اجتماعية، ولتنبيهٍ إلى مخاطر، من دون جعل التنبيه خطاباً وتنظيراً

"المنسي" (1993) يُضاف إلى مشروعِ الثلاثي: أهناك من ينسى جمالية الاشتغال، الذي يسبق، بأعوامٍ مديدة، حالة تردٍّ لاحقٍ لأعمالٍ متفرّقة لعرفة وإمام؟ اقتباسه "رغبة متوحشّة" (1991)، لخيري بشارة، عن مسرحية "جريمة في جزيرة الماعز" (1946)، للإيطالي أوغو بيتي (1892 ـ 1953)، تتزامن واشتغال علي بدرخان على المسرحية نفسها في "الراعي والنساء" (1991)، ما يُمكّن المهتمّ من إجراء مقارنة لن تكون في صالح بدرخان، على مستوى الكتابة السينمائية، مع أنّ الحضور الرائع لسعاد حسني وأحمد زكي يجعلان فيلم بدرخان بديعاً.

وفاة وحيد حامد تبدو تحريضاً على استعادة متأنّية لأفلامٍ ومسلسلات، لما في بعضها على الأقل من جماليات وتحدّيات ومغامرات تنتقل من الكتابة إلى التمثيل والإخراج والإنتاج، ومن مواضيع دقيقة وحسّاسة إلى آليات معالجة ومقاربة.

تحريضٌ كهذا يُقال به دائماً مع رحيل بعض صانعي تاريخٍ جديدٍ للسينما والتلفزيون العربيين، لكنّه يبقى للأسف مجرّد تمنٍّ. فمع الانتهاء من كتابة مرثيّة سريعة، تُغلق الستارة، وينصرف الجميع إلى مشاغل يومية.

 

####

 

وحيد حامد... "الأستاذ" الذي أحب أيامه ولعب مع الكبار

محمد جابر

قبل شهر واحد فقط، وقف السيناريست الكبير وحيد حامد على مسرح دار الأوبرا المصرية، ليُكرّم عن مُنجز عمره الإبداعي، وقرابة خمسين عاماً قضاها في الفن والكتابة والأفلام. بدا متعباً حينها، لكن ذهنه كان حاضراً كما هو دائماً، فكانت جملته الأجمل التي كررها مرتين هي "أنا حبّيت أيامي".

صباح الثاني من يناير/كانون الثاني توفي حامد، بعد أزمة صحية استمرت لأيام، تاركاً لنا أفلامه وأعماله التي ساهمت في تشكيل المشهد الفني والثقافي المصري لقرابة نصف قرن.

مع الناس دائماً... ضد السلطة أحياناً

هناك صورة ما مكررة جداً في أفلام وحيد حامد، وتمثّل جوهر مشروعه وأفلامه: صورة عشرات الناس العاديين في ناحية، وممثل للسلطة في ناحية أخرى. والسلطة هي إما الحكومة أو العساكر أو الأثرياء. ويكون انحيازه الدائم وبطل حكايته مع الناس.

تلك الصورة بدأت بشكل مبكر جداً في مسلسلات حامد الإذاعية، وتحديداً "قانون ساكسونيا" الذي قدمه في أواخر السبعينيات، كرد فعل ثوري وصادم على تغييرات عصر الانفتاح الاقتصادي في مصر، وصعود طبقة رجال الأعمال وتحكمها في مقاليد الحياة.

وحين بدأ مسيرته السينمائية حوّل نفس الحكاية لفيلم "الغول" (1983) الذي شهد على تعاونه الأول مع أحد أهم رفاق مسيرته المخرج الكبير سمير سيف. في الشريط الشهير نرى الكيان العملاق الذي يمثله رجل الأعمال، وهو في تصادم مستمر مع أشخاص عاديين يحاول قهرهم. هذا القهر، وفي تلك المرحلة المبكرة من مسيرة حامد، ينتهي بثورة عنيفة في الصدام النهائي.

مع الوقت، تغيرت رؤية حامد لنهاية هذا الصراع، لكن ظلت "الصورة" متكررة ومُلحة، تحديداً في خماسية التسعينيات، والمقصود بها الأفلام الخمسة الهامة التي جمعته مع المخرج شريف عرفة والممثل عادل إمام، وكانت الحلقة الأهم من مسيرة ثلاثتهم، والأفلام هي: "اللعب مع الكبار" (1991)، و"الإرهاب والكباب" (1992)، و"المنسي" (1993)، و"طيور الظلام" (1995)، و"النوم في العسل" (1996).

تغيرت رؤيته من "الصدام مع السلطة" إلى مهادنتها في سنوات عمله الأخيرة

وفي هذه الخماسية ينتهي كل عمل بانقسام واضح بين الناس من جهة والسلطة من جهة. سواء كانت تلك السلطة هي وزير الداخلية (الإرهاب والكباب) أو كبار دولة مجهولين (اللعب مع الكبار) أو رجال أعمال أغنياء (المنسي)، وصولاً لآخر مشهد من الخماسية في فيلم "النوم في العسل" الذي يقود فيه عادل إمام الناس للذهاب إلى مجلس الوزراء وهم يصرخون "آه"، في واحد من أكثر مشاهد التسعينيات أيقونية.

كان حامد كاتباً ينحاز للناس، يعبر عنهم، ويمثلهم في أفلامه من خلال حكايات أخاذة وممتعة في نفس الوقت. تغيرت رؤيته من "الصدام مع السلطة" إلى مهادنتها، لكن رغم ذلك كان في كل مرة يقف في صف الناس.

بين السياسة والحكايات البسيطة

ميزة أخرى في مسيرة حامد الطويلة، هي قدرته الفائقة على التحرك بين نوعين من الأعمال؛ الأول هو الأفلام السياسية ذات النبرة الحادة والذكية، سواء الأفلام السابق ذكرها مع عادل إمام، أو أفلاماً أخرى مثل "البريء" (1986) مع أحمد زكي والمخرج عاطف الطيب عن عساكر الأمن المركزي وكيفية السيطرة عليهم من قبل الدولة، أو "الراقصة والسياسي" (1990) مع نبيلة عبيد والمخرج سمير سيف، أو "كشف المستور" (1994) مع نبيلة عبيد أيضاً والمخرج عاطف الطيب الذي كان عملاً جريئاً واستثنائياً في تناوله لاستغلال جهاز المخابرات في العهد الناصري للنساء من أجل ابتزاز شخصيات هامة، وفيلم "معالي الوزير" (2003) مع أحمد زكي وسمير سيف عن فساد الوزراء والدولة في عصر حسني مبارك.

أما النوع الثاني فهو أفلامه التي تناولت جماعة الإخوان المسلمين؛ مثل مسلسل "العائلة" (1994) وفيلم "دم الغزال" (2005) وجزأي مسلسل "الجماعة 1" (2010) و"الجماعة 2" (2017).

لكن في الوقت نفسه تمتلئ مسيرة حامد بأفلام أبسط وأكثر رقة، حكايات حب أو علاقات أسرية، بكتابة ساحرة وأخاذة في حوارها وتفاصيلها، في أفلام مثل "الإنسان يعيش مرة واحدة" (1981) أو "أنا وانت وساعات السفر" (1988) وهو فيلم يدور داخل قطار وفي حوارٍ ممتد بين بطليه يحيى الفخراني ونيلي، وبالطبع "اضحك الصورة تطلع حلوة" (1998). في تلك الأعمال كانت تمتزج الأفكار الذكية، مع الشخصيات الحية والنابضة، مع حواره الذكي وجمله المؤثرة التي تبقى في الذاكرة بمفردها.

الذكرى الأخيرة

من المؤثر أن تأتي وفاة "الأستاذ" وحيد حامد بعد شهر واحد من تكريمه وعاصفة المحبة التي غمرته من تلاميذه ومحبيه في مهرجان القاهرة، سواء في لحظة التكريم نفسها، أو في الندوة التي أقيمت بعدها واستمرت لساعتين. وقتها قال حامد، وبشكل صادق ومؤثر، إنه ربما أساء تقدير بعض الوقائع، ربما قدم آراء ورؤى وراجعها بعد ذلك، لكن المؤكد أنه لم يكتب يوماً إلا ما يصدقه ويؤمن به، وهو ما يَشهد له به الجميع.

كان كاتباً استثنائياً، وسينمائياً يدرك أن دوره ليس فقط أن يحكي للناس حكايات مسلية، ولكن أن يلهمهم ويؤثر في وجدانهم، أن يشتبك مع واقعهم اليومي ليتأمله ويفكر فيه ويعبر عنه. كان كاتب سيناريو عظيماً، ورحيله خسارة كبيرة للسينما والفن المصريَين.

 

####

 

وحيد حامد والخيبة السياسية: رحل مطمئناً على حال الديمقراطية في مصر

القاهرة/ محمد كريم

يوضح التاريخ الفني للراحل وحيد حامد أنه كان نموذجاً للطبقة المسالمة من أهل الفن والإبداع. فهو يعلم، وفقاً لعنوان فيلمه المبكر "الإنسان يعيش مرة واحدة" (1981)، أن صراع المثقف الحاد مع السلطة سوف يقضي على هذه الحياة المستقرة الذي يود أن يحياها، بهدوء في عالمه الخاص الذي اختاره بين استديوهات التصوير وحفلات التوقيع والتكريم وبرامج الإذاعة والتلفزيون.

لذلك كان العنصر التجاري هو الغالب على أعماله التي تفرّغ لها مبكراً، حتى تلك الأعمال التي نلمح فيها موقفاً فكرياً ناقداً أو معارضاً للدولة وكاشفاً لخطايا النظام السياسي والاجتماعي، مثل أفلام: "البريء"، و"الإرهاب والكباب"، و"طيور الظلام"؛ فقد خرجت تلك الأعمال في إطار الزمن المسموح به جداً، لدرجة أنه في ذلك الوقت كان هناك معتقلون سياسيون يرفعون قضايا بسبب اعتقالهم المتعسف وتعذيبهم على أيدي أجهزة الأمن ويكسبونها أحياناً ويحصلون على تعويضات مادية. وبالتالي لم يكن إنتاج مثل هذه النوعية من الأفلام مقلقاً لصنّاعها ولا للنظام الذي كان يضع رقابة حكيمة تسمح للمعارضة بالتنفيس عن مشاعرها حتى لا تنفجر الأوضاع في وجهه.

في أواخر 2010 وفي اللحظة التي كان نظام "جمال مبارك - أحمد عز" يتأهب لصناعة عهد وراثي جديد يخلو من أي معارضة شكلية كان يوفرها الحرس القديم لنظام حسني مبارك، كان التلفزيون المصري يعرض لوحيد حامد مسلسل "الجماعة". وإزاء الهجوم على شخصه وعمله من جماعة الإخوان المسلمين كان رد وحيد حامد هادئاً ليناً بأنه يؤرخ لتاريخ الجماعة ولا يشهّر بها. في حين أنه قال بصوت مرتفع في 2015 بعد ما لحق بالجماعة من تشتيت: "إن جماعة الإخوان المسلمين صناعة إنكليزية، نشأت خصيصاً لضرب القضية التحررية المصرية، إلى جانب الثورات التي ظهرت بشائرها عام 1919".

صوت وحيد حامد عاد عالياً مرة أخرى للصحافة والإعلانات السياسية بعد إجهاض ثورة يناير

بعد شهور قليلة من الجزء الأول من مسلسل الجماعة، استيقظت طبقة وحيد حامد على ثورة الشباب في 25 يناير، فلم تجد بداً من مساندتها، فزعم حامد أنه كان ضد فكرة التوريث، وهو إعلان جيد لكنه كان متأخراً. لكن صوت وحيد حامد عاد عالياً مرة أخرى للصحافة والإعلانات السياسية بعد إجهاض ثورة يناير، حينذاك نقلت عنه الصحافة تصريحات مثل: "25 يناير عيد الشرطة... وثورة يناير انتهت"، و"ساندت ثورة 30 يونيو رفضاً لفكرة وجود الإخوان في الحكم"، و"6 إبريل والاشتراكيون الثوريون جزء من مؤامرة لاختراق الثورة"، و"إيقاف بث قناة الجزيرة مباشر مصر يعتبر مهماً لصالح مصر وأمنها القومي".

أما عن موقفه من انقلاب 2013، فقال عن محمد مرسي إنه "رجل أميركا، وهم جاؤوا به لأنه ضعيف الشخصية لكي يتمكنوا من تحريكه في أي اتجاه يريدونه".

أما عن السيسي فرأى حامد أنه "صبور جدا ويناقش القضايا بتلقائية وصدق شديد"، وأن "السيسي لا يضيق صدره بأي شيء، ووضع يده على الجراح الموجودة في البلد"، إلى أن قال: "أنا مطمئن للحالة الديمقراطية الموجودة في البلد".

 

####

 

رحيل وحيد حامد... لن يبقى سوى أفلام في الذاكرة

القاهرة/ مروة عبد الفضيل

سيُكتب الكثير عن إرث وحيد حامد (1944 ــ 2021) الفني، عن أفلامه وأعماله وإبداعه، وعن مدرسة الكتابة التي تأثر بها عشرات كتّاب السيناريو في مصر والعالم العربي. كذلك سيُكتب الكثير عن مواقفه السياسية، عن نصوص كتبها انتصاراً لكرامة المواطن، وعن مواقف عاد وعبّر عنها في سنوات حياته اللاحقة، مهللاً فيها لواحد من أكثر الأنظمة العربية قمعاً وديكتاتورية وعسكرةً، نظام عبد الفتاح السيسي.

سيتصارع محبوه وهؤلاء الذين يرون فيها بوقاً فنياً من أبواق أنظمة العسكر، لكن بعد أن تهدأ كل هذه النقاشات، ستبقى في الذاكرة عشرات الأفلام والمسلسلات التي شكلت وعي جيل مصريّ كامل.

صباح السبت رحل وحيد حامد بعد أزمات صحية متلاحقة في الكبد والرئة والقلب، ليشيّع وسط حضور فنيّ رافقه حتى مثواه الأخير في القاهرة، المدينة التي أحبها ونقل لنا حوارات أهلها العلنية والسرية لتصبح أفلاماً ومسلسلات.

بين التلفزيون والشاشة الكبيرة إذاً توزّعت أعمال السيناريست الراحل، فقدّم بداية مسلسل "أحلام الفتى الطائر" (1978) مع عادل إمام، حقق وقتها نجاحاً كبيراً، لتتوالي أعماله التلفزيونية، أبرزها "أوان الورد" (2000)، و"الجماعة" (2010)، و"بدون ذكر أسماء" (2013). كما كتب 12 مسلسلاً إذاعياً.

ومن أهم أفلامه السينمائية التي تميزت بطابع اجتماعي ذات بعد سياسي هي "البريء" (1986)، و"الدنيا على جناح يمامة" (1988)، و"اللعب مع الكبار" (1991)، و"المساطيل" (1991)، و"رغبة متوحشة" (1991)، و"طيور الظلام" (1995) و"النوم في العسل" (1996)، و"اضحك الصورة تطلع حلوة" (1998)، وغيرها من الأعمال.

من أهم أفلامه السينمائية التي تميزت بطابع اجتماعي ذات بعد سياسي هي "البريء" (1986)، و"الدنيا على جناح يمامة" (1988)، و"اللعب مع الكبار" (1991)...

وقدم للمسرح أيضاً تجارب عدة مثل "آه يا بلد" (1971)، و"سهرة في دار الأحلام" (1975)، و"جحا يحكم المدينة" (1985). وقد واجه العرض الأخير تعنتاً وأزمات عدة مع الرقابة على المصنفات الفنية التي لطالما طالب حامد بإلغائها. وقد أوضح في لقاء له أنه كان يتحايل على الرقابة، فكان يعلم أنه بعد عرض فيلم له على الجهاز، ستبرز مشكلة بينه وبين الرقيب بسبب المحتوى. فكان يضع في بداية كل عمل مشهداً بسيطاً فيه قبلة أو حركة جنسية بسيطة، حتى تنشغل به الرقابة وتتناسى المحتوى الآخر والأهم. وخلال مشاركته في ندوة في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي الشهر الماضي، وجه حامد كلامه إلى رئيس الرقابة على المصنفات الفنية خالد عبد الجليل الذي كان حاضراً، قائلاً له "فكّها شوية وافتح الشبابيك عشان الناس تتنفس وكل واحد يقول اللي عنده".

وفي وقت حاول المشاهدون والنقاد تصوير حامد كمشتبك مع السلطة أو مع بعض العادات المجتمعية، رفض السيناريست الراحل ذلك، قائلاً في لقاء إعلامي إنه لا يتذكر أنه خاض معارك مع أحد، "لأني لا أريد شيئاً من أي شخص، لم أطمح يوماً لأي منصب أو نفوذ، بل كان اهتمامي منصباً على الناس وهمومهم". مضيفاً أنه لم يتبنّ أي قضية إلا وكان مقتنعاً بها تماماً سواء كانت صحيحة أم لا.

كان يضع في بداية كل عمل مشهداً بسيطاً فيه قبلة أو حركة جنسية بسيطة، حتى تنشغل به الرقابة وتتناسى المحتوى الإشكالي الآخر والأهم

حصل وحيد حامد خلال مشواره على عدد من الجوائز، منها الجائزة الفضية من مهرجان ميلانو في إيطاليا عن فيلم "الإرهاب والكباب"، وجائزة أحسن فيلم من الصين عن "أضحك الصورة تطلع حلوة"، وجائزة أفضل سيناريو من مهرجان فالنسيا السينمائي في إسبانيا عن فيلم "اللعب مع الكبار". وكان آخر تكريم تلقاه خلال الدورة الـ 42 من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي برئاسة محمد حفظي الشهر الماضي، فحصل على جائزة "الهرم الذهبي لإنجاز العمر" تقديراً لمسيرته الطويلة، وقد سلمه الجائزة المخرج شريف عرفة.

كان متزوجاً من الإعلامية زينب سويدان، رئيسة التلفزيون المصري سابقاً، وقد وصفها في أكثر من لقاء إعلامي بأنها كانت الوتد الذي سنده طيلة حياته، ولهما ابن هو المخرج المصري مروان حامد.

ونتيجة لكل هذا التاريخ الطويل، خلّف رحيل السيناريست المصري حزناً كبيراً على الساحة الفنية. "العربي الجديد" تواصلت مع عدد من الفنانين المصريين الذين عبروا عن مشاعرهم تجاه حامد.

قالت الفنانة ليلى علوي إنها كانت تتمنى أنّ تمرّ أزمة حامد الصحية على خير "ليعود للفن العربي كله وليس المصري فقط". وأضافت أنها حين شاهدته في مهرجان القاهرة السينمائي وتوجّهت إليه بالحديث قائلةً: "أنا أتمنى يا أستاذ وحيد ترجع للسينما السنة الجديدة". وتابعت: "لكن يشاء العام الجديد أن يأتي ويرحل وحيد، وأنا شخصياً كنت محظوظة بأن شاركته في بعض الأعمال منها فيلم "أضحك الصورة تطلع حلوة"، ومسلسل "العائلة"، فهو سيد الحوار الفني، جريء بشياكة في اختيار الجمل. إذ كانت جمله غير متوقعة على الإطلاق فكانت تحمل رائحة المصريين، لذا رغم عمق أعماله إلا أنها وصلت لكل الفئات سواء الشخص البسيط أو الشخص المثقف".

أما الفنان عادل إمام فقال لـ"العربي الجديد" إن علاقته الكاتب الراحل كانت قوية ومتينة للغاية و"كان وحيد يستشيرني في كل أعماله فكان أخاً وصديقاً على المستوى الشخصي وعلى المستوى العملي أيضاً... لا نملك الآن سوى الترحم عليه، أما هو فسيظل باقياً بأعماله". وكان إمام قد قدم مع وحيد حامد عدداً كبيراً من الأعمال مثل "طيور الظلام"، والإرهاب والكباب"، و"المتسول"، و"اللعب مع الكبار"، وغيرها من الإنتاجات التي ساهمت في تكوين نجومية "الزعيم" مصرياً وعربياً.

عادل إمام لـ"العربي الجديد": "كان وحيد يستشيرني في كل أعماله فكان أخاً وصديقاً على المستوى الشخصي وعلى المستوى العملي أيضاً"

من ناحيتها قالت الفنانة نيلّي كريم لـ"العربي الجديد" إنها تعزي الوطن العربي كله ووصفت رحيله بـ"أصعب طريقة لاستقبال العام الجديد"، مؤكدة أنها كانت سعيدة جداً بإشادته بمسلسلها "100 وش" الذي قدمته مع الفنان آسر ياسين في رمضان الماضي، وكان رأيه فيها مشجّعاً على المغامرة في اختياراتها. وأوضحت أن كل الفنانين تربوا وتتلمذوا على لغة الحوار التي كان يكتبها و"يكفي أننا نرددها دائماً في بعض المواقف في حياتنا اليومية وهذا هو الفرق بين كاتب وآخر".

كذلك نعى حامد الناقد السينمائي طارق الشناوي قائلاً لـ "العربي الجديد" إن الراحل لم يكن فقط كاتباً كبيراً "بل كان شخصاً عظيماً ويكفي ما شاهده الجميع في ندوة تكريمه في مهرجان القاهرة"، موضحاً أنه سعيد بأن التكريم جاء قبل رحيله مباشرة "لتكون خير نهاية للأستاذ فكانت ندوته الأخيرة بمثابة ندوة الوداع الأخير بحضور تلاميذه وجمهوره".

 

####

 

الفنانون يشيّعون السيناريست المصري وحيد حامد

القاهرة/ مروة عبد الفضيل

انتهت منذ قليل مراسم جنازة الكاتب السينمائي المصري، وحيد حامد، الذي توفي صباح اليوم السبت عن 76 عاماً، وانطلقت من مسجد الشرطة في حيّ الشيخ زايد في القاهرة.

وقد حضر الجنازة التي تقدمها ابنه المخرج مروان حامد كل من الفنانين أحمد حلمي، ومنى زكي، ولبلبة، وكريم عبد العزيز، وعزت العلايلي، والسيناريست بشير الديك، والمخرج شريف عرفة، وخالد عبد الجليل، رئيس هيئة الرقابة على المصنفات الفنية، وإيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة، ونقيب الممثلين أشرف زكي.

وكان آخر ظهور للكاتب الراحل في الدورة الثانية والأربعين من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، حيث حصل على جائزة الهرم الذهبي لإنجاز العمر، تقديراً لمسيرته الطويلة.

ومن أهم الأفلام التي كتبها الراحل "اللعب مع الكبار"، و"النوم في العسل"، و"طيور الظلام"، و"اضحك الصورة تطلع حلوة"، و"المساطيل"، و"رغبة متوحشة"، و"الدنيا على جناح يمامة"، و"البريء" و"الإرهاب والكباب"... وغيرها.

إضافة إلى عشرات الأعمال التلفزيونية والمسرحية. وآخر أعماله للتلفزيون كان مسلسل "الجماعة" بجزأيه مع المخرج محمد ياسين، وكان من المفترض أن يقدم فيلماً جديداً مع المخرجة ساندرا نشأت، لكن لم يمهله القدر.

 

####

 

وفاة السيناريست المصري وحيد حامد عن 76 عاماً

القاهرة/ مروة عبد الفضيل

توفي الكاتب والسيناريست المصري وحيد حامد في القاهرة، اليوم السبت، عن 76 سنة، متأثراً بمضاعفات مرض الكبد الذي لازمه لفترة طويلة.

وكتب نجله المخرج مروان حامد على "فيسبوك": "إنا  لله وإنا اليه راجعون، توفي إلى رحمة الله أبي الكاتب الغالي الكبير وحيد حامد، البقاء والدوام لله وحده، تقام صلاة الجنازة في الشيخ زايد بعد صلاة الظهر".

ودخل  السيناريست الراحل في غيبوبة كبدية، الخميس الماضي، في الوقت الذي كان يُعاني فيه من مشاكل في القلب والرئة، ونُقل إلى أحد مستشفيات منطقة المهندسين.

وعُرف الكاتب بتقديم أعمال اجتماعية ذات بعد سياسي تناقش قضايا المجتمع المصري، ولكن دون إغضاب السلطة، التي ظل على علاقة طيبة معها طوال حياته العملية.

وفي لقاء معه أوضح أنه كان يتحايل على القائمين على الرقابة،  فكان يعلم أنه بعد تقديم فيلم له سوف يتشاجر معهم  بسبب جرأته، فيلجأ إلى وضع مشهد بسيط لا معنى قوياً له، مثل قبلة، أو لمس أيدي من شاب لفتاة، حتى تنشغل به الرقابة عن باقي مشاهد الفيلم.

وكُرّم وحيد حامد في الدورة الثانية والأربعين من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، على مجمل أعماله، ومُنح جائزة الهرم الذهبي التقديرية لإنجاز العمر، وبدا في أثناء تسلّمه التكريم في حالة صحية صعبة.

وُلد حامد في الأول من يوليو/ تموز 1944 بقرية بني قريش مركز منيا القمح في محافظة الشرقية، وتزوج الإعلامية زينب سويدان، رئيسة التلفزيون المصري السابقة.

كتب في العديد من الصحف والمطبوعات، حتى ظهرت له أول مجموعة قصصية من هيئة الكتاب، وكانت تحمل اسم "القمر يقتل عاشقه"، لكن الكاتب الراحل يوسف إدريس، نصحه بالكتابة في مجال الدراما والسيناريو.

وعمل حامد مع عدد من المخرجين، منهم سمير سيف، وشريف عرفة، وعاطف الطيب، ومن أهم أفلامه السينمائية "اللعب مع الكبار"، و"النوم في العسل"، و"طيور الظلام"، و"اضحك الصورة تطلع حلوة"، و"المساطيل"، و"رغبة متوحشة"، و"الدنيا على جناح يمامة"، و"البريء" و "الإرهاب والكباب".. وغيرها.

وآخر أعماله الدرامية كان مسلسل "الجماعة" بجزأيه مع المخرج محمد ياسين، وكان من المفترض أن يقدم فيلماً جديداً مع المخرجة ساندرا نشأت، لكن لم يمهله القدر.

لم يكن وحيد حامد موهوباً فقط في الكتابة للسينما والتليفزيون والإذاعة بل للمسرح أيضاً، فقدم عدة تجارب عديدة مثل "آه يا بلد"، و"سهرة في دار الأحلام"، و"سبعة تحت الشجرة"، و"كباريه"، و"جحا يحكم المدينة"، وقد واجه العرض الأخير أزمات عديدة مع الرقابة على المصنفات الفنية التي لطالما طالب الراحل بإلغائها والاعتماد فقط على ضمير الكاتب.

 

####

 

نجوم العالم العربي ينعون السيناريست وحيد حامد

القاهرة/ العربي الجديد

نعى مشاهير  من عالم الفن والأدب والصحافة ومحبون للسينما، من مصر والعالم العربي، السيناريست والمنتج وحيد حامد الذي توفي اليوم السبت عن 76 عاماً، على ما أعلن ابنه المخرج السينمائي مروان حامد عبر صفحته على "فيسبوك".

وكان وحيد حامد قد نُقل قبل أيام إلى أحد مستشفيات القاهرة إثر أزمة صحية. وكتب وحيد حامد سيناريوهات أفلام عدة تُعَدّ من العلامات البارزة في السينما المصرية خلال السنوات الأربعين الأخيرة، من بينها "البريء " و"زوجة رجل مهم" و"طيور الظلام" و"اللعب مع الكبار".

وغردت المغنية اللبنانية إليسا: "آخر الرجال المحترمين... وداعاً وحيد حامد، رمز السينما المصرية وأحد أهم صناع الصورة الجميلة... تفتقدك السينما وستكون مساحة الفن والإبداع ناقصة من دونك".

وكتب المخرج المصري عمرو عرفة: "الصدق و الأمانة والوطنية عناوين لا تفارق قلم وحيد حامد. الله يرحمك يا أعز الناس".

وغرد المخرج المصري خالد يوسف: "فقدت مصر وأمتها العربية علماً وراية... قيمة وقامة. أحد أهم أعمدة الفن العربي".

ونعته الممثلة التونسية هند صبري: "أهم مؤلفي السينما العربية عبر خمسين عاماً. عبّرت أعماله عن كل قضايا الإنسان العربي. وهو واحد ممن جعلونا نحب السينما. شرفت بالعمل في فيلم (عمارة يعقوبيان)، وقبلها كنت من عشاق أعماله".

 وكتب الروائي المصري إبراهيم عبد المجيد: "وحيد حامد يترجل. هو الذي ركب الصعب ليقدم لنا فناً راقياً. وحيد حامد يرحل ليمتلئ الفراغ بالذكريات من أفلامه ولقاءاته وكتاباته. يا رب تغمده برحمتك. لقد أسعد الملايين عبر الزمان وسيظل يسعدهم".

وكذلك نعته الفنانة المصرية سيمون، والممثلون المصريون خالد النبوي، وهاني رمزي، ونادية الجندي، والممثلة السورية كندة علوش، والمخرج المصري عمرو سلامة، وغيرهم.

 

العربي الجديد اللندنية في

02.01.2021

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004