ملفات خاصة

 
 

تصدى بقوة وجسارة للقضايا الاجتماعية والسياسية..

محطات في حياة الراحل وحيد حامد

محمد بدران

عن رحيل كاتب السيناريو

وحيد حامد

   
 
 
 
 
 
 

عرف الكاتب والسيناريست، وحيد حامد ، بتقديمه لأعمال اجتماعية ذات بعد سياسي تناقش قضايا المجتمع، بدأ بكتابة القصة القصيرة والمسرحية في بداية مشواره الأدبي، ثم اتجه إلى الكتابة للإذاعة المصرية فقدم العديد من الأعمال الدرامية والمسلسلات، ومن الإذاعة إلى التليفزيون والسينما حيث قدم عشرات الأفلام و المسلسلات.

وعمل مع عدد من المخرجين منهم سمير سيف، شريف عرفة وعاطف الطيب، وحاز عن أعماله على عدة جوائز، وحاز جائزة الهرم الذهبي التقديرية لإنجاز العمر من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الـ42.
وقام بكتابة المقال السياسي والاجتماعي في أكثر الصحف انتشارا، ويحظى بجمهور واسع من القراء و كذلك أشرف على ورشة السيناريو بالمعهد العالي للسينما لمدة أربع سنوات، متتالية أخرج منها عدد من أفضل كتاب السيناريو الحاليين.توفي في الثاني من يناير عام ٢٠٢١.

ولد حامد في يوليو تموز 1944 بمحافظة الشرقية وتخرج في كلية الآداب قسم علم الاجتماع بجامعة القاهرة، كتب في بداية مشواره الدراما الإذاعية التي فتحت الباب أمامه لاحقا نحو السينما والتلفزيون.

قدم عشرات الأفلام التي تصدى خلالها لقضايا اجتماعية وسياسية شائكة وهو ما استدرجه إلى ساحات المحاكم مرات عديدة بسبب قضايا أقيمت لوقف عرض أعماله السينمائية.

من أشهر أفلامه (طائر الليل الحزين) و(آخر الرجال المحترمين) و( التخشيبة ) و(البريء) و(أنا وأنت وساعات السفر) و( الدنيا على جناح يمامة ) و(الراقصة والسياسي) و(المساطيل) و(اضحك الصورة تطلع حلوة) و(سوق المتعة) و(معالي الوزير) و(دم الغزال) و(احكي يا شهرزاد).

تعاون مع نجمات أمثال سعاد حسني في فيلم (غريب في بيتي) وميرفت أمين في فيلم ( الدنيا على جناح يمامة ) ومديحة كامل في فيلم (ملف في الآداب).

شكل ثنائيا سينمائيا مع عادل إمام استطاع من خلاله إبراز الوجه الآخر للممثل المشهور بأدواره الكوميدية، ومن هذه الأفلام (الهلفوت) و(الإنسان يعيش مرة واحدة) و(الغول) و(اللعب مع الكبار) و(الإرهاب والكباب) و(المنسي) و(طيور الظلام) و(النوم في العسل).

قدم على مدى مشواره العديد من المسلسلات التلفزيونية منها (أحلام الفتى الطائر) و(البشاير) و(سفر الأحلام) و(العائلة) و(الدم والنار) و(أوان الورد) و(بدون ذكر أسماء) و(الجماعة).

كتب عددا قليلا من المسرحيات منها (كباريه) من إخراج جلال الشرقاوي و(جحا يحكم المدينة) بطولة سمير غانم وإسعاد يونس.

تزوج وحيد حامد من المذيعة التلفزيونية زينب سويدان وأنجب منها مروان الذي سلك طريق الإخراج السينمائي.

حصل على جائزة النيل في الفنون عام 2012 وكرمته مهرجانات عديدة منها مهرجان دبي السينمائي في 2017 ومهرجان القاهرة السينمائي الدولي في 2020.

وتوفي صباح اليوم، المؤلف والسيناريست وحيد حامد ، عن عمر 77 عاما وذلك بعد أيام من نقله للعناية الفائقة بأحد المستشفيات لتدهور حالته الصحية.

وكتب ابنه المخرج مروان حامد على صفحته الشخصية بموقع فيسبوك "توفي إلى رحمة الله تعالي أبي الغالي الكاتب الكبير وحيد حامد .. البقاء والدوام لله وحده".

وأضاف "تقام صلاة الجنازة في مسجد الشرطة في الشيخ زايد بعد صلاة الظهر".

ووصفت وزيرة الثقافة المصرية إيناس عبد الدايم الراحل في بيان بأنه "كان خير سند للمبدعين والمثقفين والفنانين وصاحب مواقف تكتب بحروف من نور في سجلات تاريخ الوطن، كما أنه الأستاذ والأب والمعلم".

ونعاه فنانون ومخرجون ومنتجون وإعلاميون عبر وسائل التواصل الاجتماعي، منهم الناقد الفني طارق الشناوي والممثل عبد العزيز مخيون والممثلة إلهام شاهين والمخرج خيري بشارة والروائي أحمد مراد والشاعرة فاطمة ناعوت والفقيه القانوني محمد نور فرحات والمذيع طارق علام.

 

####

 

وحيد حامد.. رحيل مبدع «الجماعة» و«طيور الظلام»

أ ش أ

رحل عن عالمنا اليوم السبت الكاتب الكبير وحيد حامد، عن عمر ناهز 76 عاما، بعد صراع مع المرض، إثر تدهور حالته الصحية على مدار الأيام الماضية، بعد تعرضه لأزمة قلبية، فضلا عن معاناته من متاعب بالرئة، الأمر الذي استدعى نقله لغرفة العناية المركزة خلال أيامه الأخيرة بأحد المستشفيات.

افلام وحيد حامد

ونعى المخرج مروان حامد، والده..قائلا، عبر حسابه على موقع فيس بوك، "إنا لله وإنا إليه راجعون.. توفي الى رحمة الله تعالى أبي الغالي وحيد حامد البقاء والدوام لله وحده".. ومن المقرر أن تقام صلاة الجنازة في مسجد الشرطة بالشيخ زايد بعد صلاة الظهر.

يعتبر الكاتب الكبير وحيد حامد أحد أشهر نجوم الكتابة في مصر والعالم العربي، وتعاون مع كبار نجوم التمثيل والإخراج، وقدم للسينما عشرات الأفلام المتميزة والمهمة، وناقش العديد من القضايا المهمة، وبلغ إجمالي ما قدمه طوال مشواره أكثر من 40 فيلما، وحوالي 30 مسلسلا تلفزيونيا وإذاعيا .

وولد وحيد حامد في 1 يوليو 1944 بقرية بني قريش مركز منيا القمح بمحافظة الشرقية، وتوجه إلى القاهرة عام 1963 لدراسة الآداب قسم اجتماع، وتخرج من قسم الاجتماع بكلية الآداب جامعة عين شمس عام 1967، ليبدأ بالتوازي رحلة البحث عن تحقيق حلمه في كتابة القصة القصيرة والمسرحية، فكانت أول إصداراته مجموعة قصصية بعنوان "القمر يقتل عاشقه"، ولكن فجأة تغير المسار، وتحول الاهتمام لكتابة الدراما بنصيحة من الكاتب الكبير يوسف إدريس، لتنطلق رحلة السيناريست وحيد حامد بين جدران ماسبيرو مطلع السبعينيات، بكتابة الدراما الإذاعية فقدم العديد من الأعمال الهادفة، وبعد ذلك اتجه إلى التليفزيون والسينما، حيث قدم مجموعة كبيرة من الأفلام والمسلسلات الناجحة.

وعمل الكاتب الراحل على تثقيف نفسه وظل سنوات مطلعا على الكتب الأدبية والفكرية والثقافية وزائرا للمكتبات والسينما والمسرح أملا في أن يصبح كاتبا مميزا للقصة القصيرة والمسرح الذي عرفه عن طريق شكسبير.

وتمتع الكاتب الراحل بقدر كبير من الموضوعية والجرأة، وبرع في تقديم أعمال اجتماعية ذات بعد سياسي تناقش قضايا المجتمع، وتعاون مع عدد كبير من المخرجين أبرزهم سمير سيف، وشريف عرفة وعاطف الطيب، وحظت أعماله بإعجاب الجمهور والنقاد، كما حظت بإشادات من مختلف المحافل المحلية والدولية وحاز عنها على العديد من الجوائز.

وبرع الكاتب الراحل وحيد جامد، في كتابة المقال السياسي والاجتماعي في عدد من الصحف ويحظى بجمهور كبير من القراء، كما أشرف على ورشة السيناريو بالمعهد العالي للسينما لمدة 4 سنوات متتالية أخرج منها عددا من أفضل كتاب السيناريو الحاليين.

وكتب الراحل وحيد حامد العديد من الأعمال للسينما منها طائر الليل الحزين، فتوات بولاق، غريب في بيتي، البريء، أرزاق يا دنيا، الراقصة والسياسي، الإنسان يعيش مرة واحدة، الغول، أنا وأنت وساعات السفر،معالي الوزير، بنات إبليس، آخر الرجال المحترمين، الهلفوت، الإرهاب والكباب، المنسي، اللعب مع الكبار، مسجل خطر، الدنيا على جناح يمامة، طيور الظلام ، النوم في العسل، اضحك الصورة تطلع حلوة، عمارة يعقوبيان، دم الغزال، واحكي يا شهرزاد.

ومن أبرز ما قدمه وحيد حامد في الدراما مسلسلات شياطين الليل، البشاير، العائلة، الدم والنار، كل هذا الحب، الناس سنة 2000، أوراق الورد، أحلام الفتى الطائر، آوان الورد، الجماعة ، وبدون ذكر أسماء.

وفي الدورة الأخيرة من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي حصل السيناريست الراحل على جائزة الهرم الذهبي التقديرية لإنجاز العمر وذلك تقديرا لمسيرته المهنية الممتدة لأكثر من 5 عقود.

ولاقى تكريم وحيد حامد في مهرجان القاهرة السينمائى ترحيبا كبيرا من الفنانين والنقاد، حيث شهدت لحظة تكريمه بكاء العديد النجوم والنجمات مثل يسرا، إلهام شاهين، ليلى علوى، لبلبة، نيللي كريم، منة شلبى، وعلا رشدى، مع تصفيق حار من قبل الحضور بمجرد صعوده على خشبة المسرح.

وحصل الراحل على العديد من الجوائز طوال مشواره الفني الذي امتد لسنوات منها: جائزة أحسن مسرحية عن مسرحية "آه يا بلد" من وزارة الثقافة، جائزة أحسن فيلم عن "ملف في الآداب" من الوزارة، جائزة مصطفى أمين وعلي أمين عن فيلم "البرئ"، جائزة مهرجان القاهرة السينمائي للسيناريو المتميز، الجائزة الفضية عن فيلم "اللعب مع الكبار" من وزارة الثقافة، جائزة أحسن فيلم "الإرهاب والكباب" من وزارة الثقافة عام 1993، جائزة أحسن سيناريو "المنسي" من جمعية الفيلم، وجائزة أحسن سيناريو "الراقصة والسياسي" عن الجمعية المصرية لفن السينما، عام 1995.

كما حصل على جائزة أحسن فيلم " طيور الظلام " من جمعية الفيلم، عام 1996، جائزة الفارس الذهبي التي تمنحها إذاعة الشرق الأوسط لأفضل كاتب سينمائي من عام 1990 حتى عام 2002 وهي تمنح بناء على استفتاء جماهيري، جائزة أفضل فيلم "اضحك الصورة تطلع حلوة" من وزارة الإعلام وجائزة أحسن سيناريو وأحسن إخراج "جمعية الفيلم، الجمعية المصرية لفن السينما، وزارة الثقافة"، جائزة أحسن سيناريو عن فيلم "معالي الوزير" من مهرجان السينما الأفريقية، جائزة أحسن سيناريو عن مسلسل " الجماعة " من مهرجان القاهرة للإعلام العربي، جائزة نجيب محفوظ عن مجمل أعماله الدرامية التليفزيونية من مهرجان القاهرة للإعلام العربي 2010، جائزة الدولة للتفوق في الفنون من المجلس الأعلى للثقافة، جائزة الدولة التقديرية، وجائزة النيل عام 2012 وهي أعلى جائزة تمنحها الدولة.

 

####

 

وحيد حامد .. "صائد الجوائز" في المهرجانات

عبر رحلة عطاء استمرت عقودا تميزت أعمال الراحل وحيد حامد بأنها أعمال تحظى دائما بالفوز في المهرجانات كونها متميزة وتترك بصمات لدى الجمهور وحصل الراحل على العديد من الجوائز طوال مشواره الفني الذي امتد لسنوات منها: جائزة أحسن مسرحية عن مسرحية "آه يا بلد" من وزارة الثقافة، جائزة أحسن فيلم عن "ملف في الآداب" من الوزارة، جائزة مصطفى أمين وعلي أمين عن فيلم "البرئ"، جائزة مهرجان القاهرة السينمائي للسيناريو المتميز، الجائزة الفضية عن فيلم "اللعب مع الكبار" من وزارة الثقافة، جائزة أحسن فيلم "الإرهاب والكباب" من وزارة الثقافة عام 1993، جائزة أحسن سيناريو "المنسي" من جمعية الفيلم، وجائزة أحسن سيناريو "الراقصة والسياسي" عن الجمعية المصرية لفن السينما، عام 1995.

كما حصل على جائزة أحسن فيلم " طيور الظلام " من جمعية الفيلم، عام 1996، جائزة الفارس الذهبي التي تمنحها إذاعة الشرق الأوسط لأفضل كاتب سينمائي من عام 1990 حتى عام 2002 وهي تمنح بناء على استفتاء جماهيري، جائزة أفضل فيلم "اضحك الصورة تطلع حلوة" من وزارة الإعلام وجائزة أحسن سيناريو وأحسن إخراج "جمعية الفيلم، الجمعية المصرية لفن السينما، وزارة الثقافة"، جائزة أحسن سيناريو عن فيلم "معالي الوزير" من مهرجان السينما الأفريقية، جائزة أحسن سيناريو عن مسلسل " الجماعة " من مهرجان القاهرة للإعلام العربي، جائزة نجيب محفوظ عن مجمل أعماله الدرامية التليفزيونية من مهرجان القاهرة للإعلام العربي 2010، جائزة الدولة للتفوق في الفنون من المجلس الأعلى للثقافة، جائزة الدولة التقديرية، وجائزة النيل عام 2012 وهي أعلى جائزة تمنحها الدولة.

 

####

 

«بحبكم جدًا وممكن تفتكروني بأفلام أسعدتكم»..

رسالة مؤثرة لـ«وحيد حامد» في آخر كلماته| فيديو

خالد جلال عباس

قال الراحل وحيد حامد في كلمته الأخيرة ب مهرجان القاهرة السينمائي الأخير، أثناء تكريمه: "أنا بشكر حضراتكم جدًا، علشان أنتوا من عشاق السينما، اللي أنا حبيتها بقدر كبير جدًا من الإخلاص والتفاني، وأعتقد أن أنه ممكن تفتكروني بأفلام أسعدتكم بقدر ما، أنا بشكر كل الذين تعلمت منهم، هما كتير علشان المشوار طويل، وكان من الصعب جدًا، إن أنا أقف في مكاني ده لولا حبكم، ولولا دعمكم، ولولا حبكم للسينما".

ووجه الكاتب الكبير حامد في كلمته الشكر للراحل يوسف شريف رزق لله، قائلًا:" أنه كان صاحب فضل كبير جدًا"، وتابع قائلاً " أنا عشت في زمن جميل، زمن فيه صلاح منصور، وأمينة رزق، ومحمود مرسي، واشتغلت مع مخرجين كبار أفادوني وأتعلمت منهم مثل سمير سيف وعاطف الطيب، أنا لو عديت النجوم الكبار اللي أشتغلت معاهم، يسرا، نبيلة، نادية، منه، مني، انا الحمد لله عشت أجيال متعددة".

واختتم حامد كلمته قائلاً "لو أنا ذكرت كل الناس، مش هفتكر، أنا بحبكم جدًا وحبيت أيامي وأنا عايش في السينما الجميلة، وأتمني للكل التوفيق والنجاح، وتفضل مصر منورة بالفن والسينما الجميلة".

 

####

 

في آخر لقاءاته.. وحيد حامد لـ"بوابة الأهرام":

لم أخش تهديدات الإسلاميين.. و"الإرهاب" لن ينتهي لهذه الأسباب

سارة نعمة الله

متى ينتهي الإرهاب؟ تساؤل طال ذكره في ذاكرة الجميع ولم يستطع أحد الوصول إلى إجابته، ولعل الكاتب الراحل وحيد حامد كان أكثر من عبر عن هذه القضية، وتحدث فيها سواء على مستوى أعماله أو في مقالاته أو حواراته التلفزيونية.

عندما سألنا "الأستاذ" في آخر لقاءاته الصحفية مع "بوابة الأهرام" بشكل مباشر "متى سينتهي الإرهاب؟"، ولمن نرجع هذه الأزمة للثقافة أم الخطاب الديني أم أخرى؟ ولماذا تحولت "الجماعة الإرهابية" من الصراع الفكري إلى العنف والدم، وكانت إجابته كالآتي:

قدمنا كتير قوي، لأَنِّ احنا بنعلم الإرهاب للناس، وانظري لسلوكيتنا فنحن نمارس فرض الإرادة بالقوة في كل شيء، وليس شرطًا أني أذبحك أو أضربك بالسلاح، ولكن حتى طريقة التهديد في الحوار وأسلوب الحديث حتى مثلًا في علاقة الرجل بزوجته هو نوع من الإرهاب، فنحن سرقنا من الحياة سهولتها، عزوبتها وإنسانيتها.

نحن نريد إعادة التوعية في ثقافتنا فلابد من تغيير ثقافة الناس على جميع المستويات "وتشمل ثقافة ذهنية وسمعية وموروث شعبي"، والحقيقة أغلب المنابر والمشايخ بداخلهم داعشي صغير بيخرج منهم بحكم الذي درسوه وقرأوا منه، فأين هي سماحة المشايخ ولطفهم أي زهدهم؟، والمفروض نسميه "تغيير" وليس تجديد الخطاب الديني.

على مدار حياتي، لم أخف من تهديدات الإسلاميين، لكن خفت من الكشف اللي عملوا الموساد الاسرائيلي وكان في مجموعة من المصريين المستهدفين، وبالنسبة للإخوان كان لي منهم أصدقاء وكنا نتناقش ونتحاور رغم اختلاف الفكر بشكل جذري، فهم كانوا يعلمون جيدًا أنني ضدهم تمامًا، والحقيقة كنت فاكر إنها ستستمر صراعا فكريا فقط.

والتحول الذي حدث لهم سببه العجز أولًا ثم الفشل في إقناع طرف آخر بالحوار مما جعلهم يلجأون للعنف لأنهم كانوا مستعجلين على النتيجة، وجماعة الإخوان تاريخها بالأساس مبني على الدم.

 

####

 

"وحيد حامد".. مسيرة فنية فريدة| إنفوجراف

خالد جلال عباس

رحل عن عالمنا اليوم السبت الكاتب الكبير وحيد حامد ، عن عمر ناهز 76 عامًا، إثر تعرضه لأزمة قلبية، والذي يُعد أحد أشهر نجوم الكتابة القصصية والدرامية في مصر والعالم العربي، ولد في الأول من يوليو عام 1944 بقرية بني قريش مركز منيا القمح بمحافظة الشرقية.

توجه إلى القاهرة عام 1963 لدراسة الآداب قسم اجتماع، وتخرج في قسم الاجتماع بكلية الآداب جامعة عين شمس عام 1967، ليبدأ مشواره مع الكتابة، فقدم العديد من الأعمال الهادفة، والتي بلغ عددها 40 فيلمًا كان أبرزها البريء، الراقصة والسياسي، الهلفوت، الإرهاب والكباب، وغيرها من الأعمال التي ستظل تشهد على إبداعه.

كما قدم أيضًا العديد من المسلسلات الإذاعية والتلفزيونية والتي بلغت قرابة 30 عملًا.

 

####

 

في لقائه الأخير مع "بوابة الأهرام"..

وحيد حامد لـ"الشباب": لا تنسوا جذوركم واللي عايز يكتب يعمل اللي عملته

سارة نعمة الله

يرحل المبدع لكن يبقى أثره حيًّا في قلوب محبيه، فما بالك أن يكون هذا المبدع واحدًا من أهم من أثروا في كيان ووجدان الشعب المصري.

قبل شهر، وفي آخر لقاءاته الصحفية، احتفت "بوابة الأهرام" بالكاتب الكبير وحيد حامد الذي رحل عنا صباح اليوم السبت، في ملف حمل عنوان " الاستثنائي "، وخلال لقاء طويل جمعنا به سألنا "الأستاذ" عن روشتة يقدمها لجيل الشباب الذي تأثر به وأثر فيهم بأعماله وثقافته، فقد تعلم منه المشاهد الكثير في الحياة، حتى إنه جعل جمهوره صاحبة مدرسة وتحليل للواقع الذي يعيشه، كما سألناه عن نصيحته للمواهب الجديدة التي تريد العمل في كتابة السيناريو.

وكانت كلمته كالآتي:

"أقول للشباب لا تنسوا جذوركم، ولا تتنكروا للواقع بتاعكم عيشوه وحاولوا تطوره قدر الإمكان لأن زمن المعجزات انتهى".

أما من يريدون أن يكونوا كتابًا بنفس الموهبة والقدر والتواصل مع الجمهور، يعملوا اللي عملوا وحيد حامد ، وهي مسألة بسيطة أنه لم ينفصل عن الناس ثانية واحدة، وفي النهاية لم أترك نفسي فقد بحثت عن المعرفة بكل وسائلها ومازالت حتى هذه اللحظة أبحث عنها وأدور عنها وأتعلم من الأصغر مني، والعلم لايوجد فيه كبير وصغير.

وفي بداية جلستنا سألتيني، لماذا تتعمد العمل مع الشباب، وأقول لك إنني أحب كثيرًا التعاون مع الجيل الجديد لأنه بيعرف حاجات أنا معرفهاش مثل لغة الناس، فقد تطورت وغيري "بينبهني ليها" أي أني بعيش ثقافة وفكر مختلف، ومثلًا أنتي حاليًا في مرحلتك العمرية لديكي إحساس بالمجتمع أكثر من إحساسي لأن "اللي في دماغي تراث".

ورحل الكاتب الكبير صباح اليوم، بعد صراع مع المرض ومكوثه بالمستشفى لعدة أيام، تاركًا تراثًا ثريًا من الأعمال الدرامية والمقالات الصحفية المثيرة.

 

####

 

حكاية الذبابة الطائرة ورسائل الوداع والوصية الأخيرة..

قصة اللقاء الأخير لـ«وحيد حامد» مع «بوابة الأهرام» | صور

سارة نعمة الله

كم من الارتباك والقلق الذي يمكن أن يثار بداخلك عندما تذهب لتأدية اختبار دراسي أو التقدم لوظيفة العمر أو الانطلاق نحو خطوة جديدة بحياتك، لكن كل هذا لا يساوي شيئًا حينما تقرر أن تجلس مع شخصية لها سحرها ووهجها الخاص، لها تأثيرها الذي سكن وسطر عقول أجيال بعضها رحل وأخرى لا تزال تتعلم من منهجه وقراءته للواقع والحياة، شخصية حملت هموم وأوجاع الوطن بناسه البسيطة معبرًا عن أحلامها.. غضبها.. مخاوفها.. وضحكاتها.

لكن ماذا إذا كانت هذه الشخصية هي أبسط من كل التعقيدات التي تتخيلها عنها، ماذا إذا منحتك هي القوة والدعم لتبدأ حديثك معها بسلاسة، هكذا كان عهدي مع "الأستاذ" و" الاستثنائي " كما أراه دائمًا وحيد حامد ، قبل سنوات مع بداية العقد الثاني في الألفية، ألتقيت الأستاذ بعد علاقة استمرت هاتفيًا للحصول على التصريحات الصحفية المعتادة، وبعد تأجيل عدة مرات بسبب ظروفه الصحية، هاتفني لتحديد الموعد شعرت بفرحة لا يضاهيها وصف مثل الطفل الذي أحضر لَبْس العيد وينتظر موعد الصلاة لارتدائها.

لكن مع مشاعر الفرحة تلك، كم من التوتر والارتباك والقلق الذي أحاط برأسي لا يمكن وصفه، فكيف أبدأ مع "الأستاذ" الذي تعلمت منه حب الوطن والاستشعار بهمومه ونحن بمرحلة سياسية جديدة اختلفت فيها المقادير جذريًا، كيف أجاريه ببحر ثقافته الواسعة، كيف يمكن أن يتقبلني وأنا لا أملك ما يملكه من الخبرات، كيف أتحدث عن أعماله من أين أبدأ "أصل الهموم في أعماله كتير قوي، ومحتاجة حكاوي طويلة جدًا".

ذهبت للقاء في موعدي ووجدت الأستاذ ينتظرني في مقعده الدائم بالفندق الشهير على النيل، قابلني بترحاب كبير اطمأننت قليلًا لكن بقى بداخلي الارتباك، بعد ترحيبه بالضيافة لي ظللت مبتسمة وصامتة، فأستشعر هو ما بداخلي من ارتباك وتحدث معي بشكل عام لحين وصول مشروب "الضيافة"، وبعد ثلث ساعة قولت له نصًّا: "أستاذ وحيد أنا بحب حضرتك جدًا بس فعلا أنا مش عارفه أبدأ مع حضرتك منين ولدي شعور كبير بالارتباك" قاطعني قائلًا: " انا مش عايزك ترتبكي خالص، أنا بحب الشباب وإحنا قاعدين مع بعض ندردش، وابدأي من أي حتة أنتي عاوزاها" هنا شعرت أن كل ما بداخلي من ارتباك وتوتر ذهب في أقل من ثوان معدودة، شعرت براحة كبيرة وأخذت نَفْسًا عميقًا وبدأ الحوار الذي استمر لساعتين كانت السياسة هي المحطة الأهم في هذا اللقاء.

استمرت العلاقة لسنوات كان "الأستاذ" دائمًا يتحدث معي بمزيد من الدعم والاهتمام الدائم في أي قضية أحدثه فيها وأسأله عن رأيه بها، وكنت دائمًا أقدر أن يكون في أرشيفي الإنساني قبل الصحفي علاقة بكاتب مثله يقدرني وأقدره في الوقت الذي اختلفت فيه الموازيين وأصبح من العاثر والمؤسف أن تشكل علاقة إنسانية مع مصدر ورمز تحبه في الوقت الذي غاب فيه الرمز إلى حد كبير.

عندما أعلن مهرجان القاهرة السينمائي في أغسطس الأخير عن تكريمه للأستاذ، شعرت بفرحة لا يضاهيها مثيل، شعرت أنها رحلة الاحتفاء والتقدير لعله يكون الأخير، وبالفعل تأكد شعوري عندما ذهبت لمقابلته بعدها بشهر واحد، كانت علامات التعب والإرهاق تبدو عليه وعلى حديثه وعلى كلامه وحركته التي بات يتكئ فيها على عكاز.

في هذا اللقاء، استقبلني " الأستاذ" بترحاب جم بعد فترة من عدم اللقاءات المباشرة، كانت على وجهه ابتسامة تشبه الأطفال، كان الشعور هذه المرة بداخلي مختلفًا عن أية مرات سابقة تحدثت معه فيها تليفونيًا أو قابلته فيها، فقد كان لدي وَجَع وتخوف بعد رؤيته في حالة صحية تبدو متأخرة كنت أتمنى ألا أراه فيها أبدًا وأن يكون صوته المنهك في الهاتف هو مجرد إجهاد، كان لدي شعور كبير بالامتنان له لنزوله في ظل هذه الظروف الصحية الحرجة له من جانب، ونظرًا لجائحة "كورونا" التي لم تنته من جانب آخر.

كنت أشعر فقط بسعادة المقابلة التي تأكدت بإحساس كبير داخلي أنها ستكون الأخيرة، وكنت حريصة على مكوث أكبر وقت معه، وكنت حريصة على الحديث في هذا الاحتفاء به عن " وحيد حامد " الذي لربما لا نعرف عن داخله الكثير عن ماذا يحب، وماذا يتألم، عن المرأة، والحب، عن الأسرة والأهم من ذلك وفي مقدمته "الجذور" التي لم يتخل عنها في أعماله والتي بدأنا منها الحوار والتي نصح الشباب بأن يظلوا متمسكون بها.

كانت الملاحظة الأهم في هذا اللقاء، هو كم الوجع الذي كان يشعر به "الأستاذ" من الحال الذي وصل إليه المجتمع ما بين حالة الحزن والبؤس على وجوههم إلى انتقاد سلوكياتهم، فقد كان يشعر بغصة وألم كبير تجاه ما يراه خصوصًا وأن كثير من الأحداث التي نعيشها الآن لم يكن يراها بالماضي البعيد مثلما سألته مثلًا عن قضية مثل "التحرش" التي أكد أنها لم تكن موجودة من قبل وأسرد أسبابا ما أوصلنا لهذا الحال الآن.

في هذا اللقاء، دعابة طريفة وهي "ذبابة" ظلت تتطاير على وجه الأستاذ وتقطع حديثه بين الحين والآخر، وظل هو يلاحقها بكل الطرق ما بين طلبه الرش بالمبيد الحشري، والمعطر، وطلب استغاثة من عمال الفندق لضربها، ربما يرى البعض أن في هذه التفصيلة شيئًا لم يستدع التوقف والانتباه لكن المتأمل للمشهد يراه كما رأيته وهو " سياسة النفس الطويل" التي ظل الأستاذ يعمل بها طوال حياته، بين حرب على الجماعة الإرهابية التي لم يخش تهديداتها وبين تمسكه بالاستمرار في رصد الآلام للمواطن وأوجاعه، فمن يتمسك بمحاربة الأشياء الصغيرة "كالذبابة" يبقى على عهده في مناقشة الأمور الكبيرة لم ولن يتخلى عن مبادئه أيًّا كانت التهديدات والتحديات.

في هذا اللقاء، كلما أثنيت على الأستاذ في محطات بمشواره يثني رأسه ويبتسم خجلًا، فهو دائمًا متواضعًا يخجل من المجاملات مثل الأطفال، يشعر بسعادة كبيرة كلما ذكرت له كيف يتفاعل شباب ورواد السوشيال ميديا معه في أعماله، وأنهم دائمًا يستخرجون مشاهد بعينها من أعماله ويطابقونها مع الواقع، وهنا سألته "هل حضرتك بتابع السوشيل ميديا؟؟" فأجاب بالنفي وقال:" لا، ولكن كان مرة انتشر كلام عن وفاتي ولقيت الناس بتتكلم وتكتب عن أعمالي وكتابين عني كلام حلو قوي، ففرحت جدًا" وكأن "الأستاذ" كان يشاهد "بروفة الوداع" مرة عبر هذه المواقع وأخرى عبر محبة الجماهير له خلال لحظات تكريمه الأخيرة بمهرجان القاهرة السينمائي.

ولأن استشعاري بأن هذا اللقاء سيكون الأخير للأستاذ، سألته صراحة ضمانًا وتوثيقًا وكأنها وصيته، قولت له "هل توافق على تحويل أعمالك السينمائية إلى مسلسلات؟" فقال لي: "لا" بمنتهى الثقة وسرعة الإجابة، وأضاف: أنا لا أستطيع مسخ أعمالي حتى لو كانت وحشة، وهناك قاعدة مهمة فالدراما "اللي يتقال في عشرين ساعة ممكن تقوليه في ساعتين" إذن لماذا أمسخ عملي.

بين استراحات قصيرة في اللقاء، يحكي لي الأستاذ حكايات من الموروث الشعبي ممزوجة بخفة ظله المعتادة والتي لربما لم ينكشف منها للجمهور الكثير، ثم ينظر متأملاً أشكال ووجوه الناس من حوله ويقول لي "بصي إحنا وصلنا لفين" بحزن شديد، وبين هذا الألم والحس الدعابي للأستاذ كان لابد من سؤاله "متى يشعر الكاتب بالعجز في صياغة أعماله؟" فأجابني قائلًا: الإحباط والعجز تحدث كثيرًا في حياة الكاتب وممكن تقعدي سنة أو أكثر ملكيش مزاج تمسكي القلم، لذلك أنا في شغلي عندما ارتبط بعمل لا أرتبط بتاريخ لأَنِّي عارف أن هذه الحكاية لابد أن تأخذ وقتها، وربما نصاب بعقم مؤقت."

خلال اللقاء الذي استمر لساعات طويلة، لم يتخل "الأستاذ" عن إجابة أي سؤال في رحلته بالرغم من الإنهاك الشديد الذي كان عليه، ولكنه طال يؤكد وكأنه يبعث برسالة الوداع لي في حواره هذه الكلمات: "عشت مخلصًا لكل حرف كتبته.. أنا علشان كدا متأخر في كتابة الجزء الثالث من الجماعة لأن الكلمة أمانة.. أنا دائمًا عايش مع الناس وبعمل حاجتي بنفسي لحد دلوقتي زي شراء الخضار وغيرها وكل الناس حواليا تعرفني، علشان كدا قدرت أعبر عنهم، أنا بحب اشتغل مع الشباب علشان هما اللي بيخلوني أعرف حاجات عن لغة الشارع معرفهاش دلوقتي" وغيرها من الكلمات التي طال يؤكد فيها الراحل على إخلاصه وكأنه يبعث بنصيحة مع رسالة الوداع لمن يخوض تحربة الكتابة "أخلص ستجد النجاح ومحبة الجميع".

في ختام اللقاء الذي سنعيد فيها نشر أبرز تصريحاته التي ذكرها معانا، قال لي:"أنتي أرهقتيني المرة دي جدًا يا سارة.. والحمدلله أننا اتقابلنا من الصبح بدري، بس أنا مبسوط" أعتذر للأستاذ عن هذا الإرهاق الذي أسعدني وفي الوقت ذاته آلمني لما سببته له من إرهاق ومشقة وصلت لدرجة صمته طويلًا والتقاط أنفاسه في لحظات كثيرة لكن حجتي الوحيدة أنني كنت أشعر أنه اللقاء الأخير وكان لابد أن أقدم لمحبيك وداعًا يلقبك بمحبتك وأتمنى أن أكون وفقت في ذلك ولو بجزء بسيط.

يبقى وحيد حامد .. الأستاذ.. " الاستثنائي " في الفكر، الموهبة، الإنسانية، وحب الوطن، والتمسك بالأصول والهوية التي منه ينطلق المبدع في رحلة إبداعه، رحل الجسد وبقي الفكر والتحليل والطموح نحو مستقبل أفضل.

ولقراءة ملف " الاستثنائي " للكاتب الكبير وحيد حامد ، يمكن التصفح عبر هذا الرابط:

 

####

 

مثقفون لـ"بوابة الأهرام" في رثاء وحيد حامد:

هزم التطرف بالفن واهتم بأشكال الحياة | صور

أميرة دكروري

حالة من الحزن انتابت محبي السينما برحيل الكاتب والسيناريست الكبير وحيد حامد ، الذي رحل عن دنيانا اليوم، تاركًا إرثًا ضخمًا من الفن والمحبة.

عبر عدد من المثقفين والنقاد لـ"بوابة الأهرام" عن ذلك الحزن لرحيل واحد من أعمدة الكتابة السينمائية في مصر والوطن العربي فيما يلي: 

قال الكاتب السوداني حمور زيادة  الأستاذ وحيد حامد شكل جزءاً مهماً من وعي وذاكرة أجيال بما قدمه في مجال الدراما من مسلسلات وأفلام. بشكل شخصي ربما كان أول عمل ل وحيد حامد يدخل حيز اهتمامي هو أحلام الفتى الطائر. حين عُرض المسلسل في السودان كنت طفلاً لا يعي أغلب ما يقال لكني أعجبت بشخصية إبراهيم الطائر. ثم اقتربت أكثر من عوالم حامد في حقبتي الثمانينيات والتسعينيات حيث شكلّت أعماله ركيزة أساسية في نقد الفساد والتطرف.

وقال زيادة إن  وحيد حامد نجح في هزيمة التطرف عبر الفن حيث كان خطاب التطرف دائما خطابا شعوبيا قادرا على إرباك غير المختصين. لكن حامد استطاع بسلاسة وعبر الفن المتقن أن يوجه ضربات موجعة للفكر المتطرف.

كان وحيد حامد مبدعاً مخلصاً لفنه، وقدّم أعمالاً لا أظن أنه من الممكن تجاوزها في مسيرة الفن المصري والعربي والإنساني.

ورحيله هو خسارة كبيرة للفن والاستنارة، لكن المؤكد أن ما قدمه سيظل خالداً وسيظل مقاوماً."

فيما أشار الكاتب محمود الورداني أنا مثل الكثيرين الذين أحبوا صاحب " طيور الظلام " الذي أصبحت أعماله جزءًا من الوجدان المصري حيث من الصعب أن تتصور مصر دون وحيد حامد ، ليس فقط لانحيازاته الاجتماعية والسياسية للمصريين لصالح الحرية والتقدم ومواجهة الشر والتطرف لكن أيضًا لوفرة وغزارة إنتاجه، فهو من بين قليلين جدا اهتموا بحماية بلدنا ولم تكن صدفة أبدا إن آخر معاركه تكون ضد الفساد في أحد المستشفيات الكبرى، وختم حديثه قائلا: "الله يرحمك يا أستاذ وحيد ومع السلامة ياكبير".

الأمر نفسه أكده الكاتب الصحفي سيد محمود حيث لفت إلى أن حامد واحد من أهم الكتاب الذين استطاعوا أن يرسموا شكل التغيير والمجتمع المصري طوال 40 سنة، فكان صاحب الكلمة الأولي في رسم مشهد السينما المصرية من نهاية السبعينات على مدار 70 عامًا، وقد صنع نجوما كبارا من خلال كتاباته بدءا من عادل إمام ويسرا وصولا لآسر ياسين وروبي.

ـ وحيد حامد

وأضاف محمود أنه استطاع أن يعطي كاتب السيناريو قيمة كبيرة حتى كانت تباع الأفلام باسمه أولًا، وارتبط بأسماء مخرجين كبار أمثال عاطف الطيب، وشريف عرفة، ومحمد ياسين وتامر محسن في المرحلة الأخيرة. ولفت إلى أن صاحب "البرئ" اعتمد بشكل أساسي في عمله على الأفكار الرئيسية كالتقدم والعدل الاجتماعي والانحياز للمرأة والتنوير وعلى الرغم من أنها أفكار تشغل معظم الكتاب إلا إنه خلق لها شخصيات من لحم  ودم، وفي قت من الأوقات كان على عكس عدد من الكتاب مثل أسامة أنور عكاشة، فكان من الصعب اكتشاف الخط الايدولوجي في أعماله، ذلك لأنه لم يكن مشغولًا بأيدولوجية بقدر ما انشغل بأشكال الحياة، وهو ما يجعله أكثر تأثيرا والميزة الأخرى أنه كان كاتبا شعبيا وتكاد تكون مقولاته جزءا من الحياة اليومية في مصر حاليًا.

وقال الناقد السينمائي رامي المتولي: "على الرغم من الغياب الجسدي للكبير وحيد حامد ، إلا أن عزاءنا الوحيد فى أعماله وإبداعه الباقي للأبد، ومعه يخلد اسم وحيد حامد مثله مثل الفنانين العظام بشكل عام، وبشكل خاص وحيد حامد هو أفضل سيناريست مصري بلا منازع سواء من الناحية الفنية والجماليات أو من حيث التأثير والاشتباك مع القضايا الحقيقية الكبري التي شهدتها مصر، حيث يمتاز حواره دائما بالتكثيف وارتباط جمله الحوارية بالشخصيات والجمهور الذي يرددها بشكل متواصل ويستخدمها فى الحياة اليومية. 

وتابع: تمتاز موضوعاته بالتنوع ومناقشة قضايا متعددة من زوايا متعددة فى حال رغبته فى التركيز على قضية بعينها، كما هو الحال مع معركته المستمرة ضد الإرهاب وتسييس الدين، برحيل وحيد حامد لن نكون فقدنا فقط فنان وسيناريست عظيم لكن مثقفا وتنويريا هاما ظل على مدار اكثر من ٤٠ عاما يغذي الثقافة والفن ويطرح أفكارا للنقاش من خلال أعماله وحواراته الصحفية والإعلامية"

ولفت الكاتب الصحفي زين العابدين خيري إلى أن رحيل وحيد حامد هو خسارة كبيرة ليست للفن المصري فقط وإنما للفكر والثقافة والتنوير، ف وحيد حامد لم يكن مجرد كاتب سيناريو كبير، وإنما كان مثقفا ومفكرا تنويريا عظيما، التقط مبكرا بحاسته الدقيقة خطورة التواطؤ الذي شهدته مصر بين التطرف والفساد والذي وصل إلى درجة التحالف في أوقات كثيرة، فكشفه وواجهه في الكثير من أعماله. 

ويضيف خيري: "وكما قلت في دراسة سابقة لي عنه أنه لم يكتف بكونه كاتب سيناريو يقدم قضايا حياتية معاصرة وينقلها إلى السينما بعين موضوعية ولا حتى ناقدة فقط، بل قام ومنذ نعومة أظفاره في هذا المجال بلعب دور المستشرف أو "العرّاف" فقد قام عبر عشرات الأعمال في السينما والتليفزيون بالغوص في أعماق المجتمع المصري مستخرجا أحشائه غير مكتف بدور المشرّح والمحلّل بل استشرف كل ما أصبح هذا المجتمع مقبلا عليه من خطر داهم نتيجة أمراض متفشية تنهش في جسد هذا الوطن دون أدنى محاولة من الأنظمة الحاكمة لمعالجتها. ولم يكتف حامد بتسليط الضوء على هذه الأمراض وإنما قام بتقديم روشتة لعلاجها تبدأ بمواجهتها أولا والاعتراف بها لا الهروب منها وإنكارها، وتفنيد أسباب نشأتها وترعرعها ثم تفشيها بهذا الشكل.

وتابع: ولم يكن وحيد حامد أبدا من نوعية الكتاب الذين يسيرون بجوار الحائط غير عابئين بآلام الوطن والناس في سبيل شهرة أو مال –وإن حققهما بقلمه فقط، وظل حافرا بقلمه في صلب جبل الفساد محاولا فتح ولو طاقة نور صغيرة. ولم يكن مشهد النهاية الذي كتبه وحيد حامد في فيلم " طيور الظلام " (1995) إلا المستقبل الذي تنبّأ به العرّاف يتشكّل استعدادا لأن يلعب به تحالف الفساد والإرهاب."

وكشف زين خيري أن صاحب "الإرهاب والكباب" قد بدأ أديبا ولولا احترافه وانشغاله بكتابة السيناريو والحوار لكان واحدا من أهم روائيينا وقصاصينا، حيث قام الشاعر الكبير صلاح عبد الصبور بنشر مجموعته القصصية "القمر يقتل عاشقه" في أواخر الستينيات في سلسلة "كتابات جديدة" التي تصدرها وزارة الثقافة، إيمانا بنبوغ هذا الشاب المبكّر وتميّزه الأدبي، وقد نشرت له مجلة "المجلة" إحدى قصصه في عددها الخاص الذي صدر في أغسطس 1966 بعنوان "طلائع القصة القصيرة" ليزامل بذلك وحيد حامد مجموعة من أكبر الأدباء المصريين في جيل الستينيات الذين برزت أسماؤهم فيما بعد من أمثال إبراهيم أصلان وخيري شلبي وبهاء طاهر وبكر رشوان وجميل عطية إبراهيم ويحيي الطاهر عبدالله وعز الدين نجيب ومجيد طوبيا ومحمد حافظ رجب وجمال الغيطاني وأحمد الشيخ وسعيد الكفراوي ومحمد البساطي وغيرهم.

فيما أكد الشاعر والكاتب شعبان يوسف أنه لا يختلف اثنان على أن الكاتب الراحل وحيد حامد كان من أكثر كتٌاب الدراما إبداعا وإحاطة بالقضية التى يخوض فيها، ولم يكن حامد يعتمد على رواج القضية التى يكتبها دراميا، ولكنه كان يدرك بشكل مفرط وزائد عن الحد الفرق بين أن تكون داعية لفكرة ما أو قضية مطروحة على الملأ، وبين أن يكون فنانا عارفا بقوانين الدراما، من حيث القصة وعمقها وواقعيتها، كذلك ضبط الحوار، وهذا ما جعل كل أعماله الدرامية رائجة لدرجة أن مشاهدين أعماله لا ينسوا إنجازاته التى نقلت الدراما من مساحة الدعاية والتسويق لقضية ما، إلى موضوع فنى يستمتع به الجميع، ويظل درسا بالغ الأهمية لكل الأجيال اللاحقة من كتاب الدراما ولصناع السينما والمسلسلات بشكل عام."

وأعرب الناقد والكاتب أمير العمري عن حزنه الشديد لرحيل الفنان وحيد حامد وكل الأحباء واحدًا وراء الآخر، وقال "أشعر بأن عالمي الذي عشته وعرفته قد أصبحت أشعر فيه بالوحدة القاتلة"، وكتب عن حامد عبر فيسبوك: " كان وحيد حامد ومازال- نموذجا حقيقيا لمبدع تفاعل مع قضايا وطنه واتخذ موقفا صارما صادقا مبكرا من قوى الظلام وشياطين الفكر المتخلف، وترك لنا أعمالا فيها الكثير من القوة و البراعة، تشهد على متغيرات عصر كامل، في السينما وفي الحياة. وسواء اختلفنا أو اتفقنا مع بعض أفلامه، سيترك رحيل وحيد حامد فراغا هائلا في الساحة السينمائية."

 

####

 

«من النوم في العسل إلى اللعب مع الكبار»..

حكايات ساخنة لن تنسى لوحيد حامد وشريف عرفة | صور

مصطفى طاهر

مشوار حافل صنعه الكاتب الكبير وحيد حامد طوال حياته الحافلة، لتبقى أبرز محطاته بمشاركة صديق العمر المخرج الكبير شريف عرفة ، إذ كانت وقفتهما معا في افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي بعد تقديم «عرفة» لـ«حامد» أثناء تكريمه تستدعي العديد من الذكريات لكل عشاق السينما المصرية، عن تجربتهما الثنائية التاريخية، التي قدما من خلالها أفلام سينمائية لمست أوجاع وإنشغالات المواطن المصري في التسعينات، وناقشت أزمة الإنسان الفرد، وأزمات المجتمع العامة.

 أفلام جمعت الكاتب الكبير وحيد حامد برفيق مشواره المخرج شريف عرفة ، تلك الأفلام الستة التي أصبحت علامات وأيقونات لا تنسى في تاريخ السينما، ولا تسقط ابدأ من ذاكرة المشاهد، هي " اللعب مع الكبار ، الإرهاب والكباب، المنسي، طيور الظلام ، النوم فى العسل، واضحك الصورة تطلع حلوة".

صنع وحيد حامد و شريف عرفة ملحمة تاريخية خلال فترة التسعينيات، بدأت بفيلم " اللعب مع الكبار " عام 1991، يحكي الفيلم عن شخصية حسن بهلول، التي قام ببطولتها الزعيم " عادل إمام " نموذجا للإنسان البسيط الذي أجبرته ظروف الحياة على أن يعيش حالة البطالة، فهو لا يعمل ولا يستطيع حتى الزواج من خطيبته، ويحاول أن يعيش حياته التي يصبغها بعبثية جميلة، معتمداً على قدراته وخبراته في الحياة.

كان واقع "حسن بهلول" مظلما وآماله محطمة، إلا أنه يملك قدراً كبيراً من الحب والإحساس بالمسئولية تجاه وطنه، عندما يجري حسن اتصالاً بجهاز أمن الدولة، ويتحدث إلى الضابط (حسين فهمي) ليبلغه عن توقيت حريق سيحدث في أحد المصانع في اليوم التالي، وعندما يسأله الضابط عن كيفية معرفته بذلك، يبلغه حسن بأنه شاهد الحادث في الحلم. وبالفعل يقع الحادث، لتبدأ علاقة من نوع خاص بين حسن والضابط.

ثاني المشروعات المشتركة بين "حامد" و"عرفة" كان مع "الإرهاب والكباب"، عام 1992، البطولة ل عادل إمام و يسرا وكمال الشناوي، تدور أحداثه بمجمع التحرير، حيث يتوجه أحمد ( عادل إمام ) لنقل طفليه من مدرسة إلى أخرى، ويصطدم هناك بعقبات الروتين، وتتطور الأحداث ليجد نفسه فجأة يحمل سلاحا مشهرا وسط المواطنين، يتخذ بعض الرهائن وينضم إليه بعض الموجودين وسرعان ما تأتي قوات الشرطة لتحاصر المكان، وتتم المفاوضات بوجود وزير الداخلية الذي يتابع الموقف، ويفاجأ بأن مطالبهم شخصية بحتة، فيأمر الوزير الخاطفين بالإطلاق الرهائن وإلا سيهاجم المكان بكل من فيه، بما في ذلك الرهائن، فيترك أحمد الرهائن ولكنهم يأبون تركه وراءهم ليواجه الموت، فيطلبون منه الخروج معهم هو بعد أن شعروا بأن مطلبه كان يمثل مطالبهم جميعا في البحث عن الوطن العادل .

ثالث الأفلام كان "المنسي" عام 1993، من بطولة عادل إمام و يسرا وكرم مطاوع ومصطفى متولي، ودارت أحداث الفيلم خلال يوم واحد، في صراع بين رجل أعمال فاسد ومتسلط، يريد تقديم سكرتيرته كضحية لتاجر ثري لإنهاء صفقة تجارية مهمة بالنسبة له، وبين شاب فقير وبسيط وضعته الظروف في طريق هذه الفتاة، ويسعى لإنقاذها متحدياً رجل الأعمال وحراسه.

جاءت بعدها تجربة " طيور الظلام " عام 1995م، من بطولة عادل إمام ، يسرا ، جميل راتب، أحمد راتب، رياض الخولي، عزت أبوعوف، وتدور الأحداث حول ثلاثة أصدقاء، الأول فتحي نوفل ( عادل إمام ) يتحول من رجل له موقف إلى انتهازي، يصعد اجتماعياً ليصبح مدير مكتب أحد الوزراء والثاني علي الزناتي (رياض الخولي) فهو ينضم إلي الجماعات المتطرفة ويحاول علي تجنيد فتحي إلى صف جماعته الإرهابية، أما الزميل الثالث محسن (أحمد راتب) فهو موظف بسيط متمرد يقرر أن يبقى بعيداً عن الصراع الدائر بين الحكومة والجماعات الدينية.

خامس الأفلام كان " النوم في العسل " عام 1996م، والبطولة كانت للزعيم عادل إمام ، الذي لعب دور رئيس مباحث القاهرة الذي يكتشف وباء يسبب العجز الجنسي للرجال في القاهرة، ويعاني هو نفسه من هذا الوباء. وتحاول الحكومة إخفاء الأمر تماما خوفا من مجابهة المشكلة. ويرفض مجلس الشعب ووزارة الصحة التحقيق فيه. ويلتقي بصحفية شابة " شيرين سيف النصر " تحاول نشر الموضوع في الصحافة، ولكنها تصطدم بمعارضة رؤسائها.

آخر تجارب الثنائي الكبير "حامد وعرفة" جاءت في "اضحك الصورة تطلع حلوة" عام 1998، مع الكبار أحمد زكي و سناء جميل والنجمة منى زكي، حكى الفيلم عن مصور الفوتوغرفيا سيد غريب ( أحمد زكي ) الذي يهاجر من بلدته إلى القاهرة بحثا عن مكان قريب من كلية طب قصر العيني التي التحقت بها ابنته تهاني (منى زكي) وفي الجامعة تصطدم تهاني الابنة بالمجتمع الارستقراطي لتنشأ علاقة حب بينها وبين ابن رجل الأعمال طارق عز الدين (كريم عبد العزيز)، قدم الفيلم حالة خاصة من الميلودراما الاجتماعية والرومانسية لسينما الأربعينيات المقدمة برؤية التسعينيات.

 

####

 

«داعم للشباب وثابت على مواقفه»..

أبرز تصريحات النجوم لـ«بوابة الأهرام» عن وحيد حامد

سارة نعمة الله

يحتفظ النجوم دائمًا بمحطات مؤثرة في رحلتهم، ولكن هناك دائمًا رمزًا يبقى أيقونة في رحلتهم، هكذا يكون الكاتب الراحل وحيد حامد في أرشيف الفنانين والمخرجين، فهم يرونه دائمًا استثنائيا في الموهبة وفي رحلة عملهم معه.

وترصد «بوابة الأهرام» في هذا التقرير، أبرز كلماتهم عنه ولماذا يعد كاتبًا استثنائيًّا من وجهة نظرهم؟، كما وردت في تصريحاتهم السابقة مع «بوابة الأهرام» خلال ملف حمل عنوان «الاستثنائي» كما يرد بالسطور التالية:
صديقه ورفيق الرحلة، الكاتب 
بشير الديك ، قال: "وحيد ثابت على مواقفه وآرائه، نجح في الوصول لجميع الأجيال، بالإضافة لكونه قارئا جيدا للمستقبل، لذلك هو عاش وهيعيش معانا دائمًا بأعماله لأنه شديد الوعي بالمجتمع المصري فهو شخص يهتم بالتفاصيل الدقيقة وقادر على التعبير عن وجهة نظره بشكل جيد".

شريكة النجاح، النجمة يسرا ، قالت: "الشغل مع وحيد حامد يحمل متعة غير عادية فهو إنسان وكاتب استثنائي بلا شك وبدون نقاش، مفيش حد هيجي مثل وحيد حامد ولا يقدر يقلده لكن ممكن يتعلم منه، لأنه لديه نظرة مستقبلية غير عادية، فحبه لبلده غير عادي، أي أن هناك حالة عشق وخوف وحب دائم".

وحيد حامد عندما يتوهج وهو يكتب في موضوع ما، تشعري بمدى شغفه تجاهه وهو يحدثك عنه لأنه شاعر به جيدًا، فهو إنسان جميل ومصري حتى النخاع وجدع وصاحب صاحبه".

النجمة إلهام شاهين، قالت: " وحيد حامد ليس دكتاتوريا بالمرة ولكن الحقيقة أنه لا يترك مجالًا له على الورق ليضيف الممثل أي شىء، استفدنا كثيرًا منه على مستوى الحياة الخاصة، فقد كنّا نذهب له ونجلس معه ونتقابل مع فنانين ومخرجين ونتناقش في أمور الحياة وأحوال البلد والصناعة، فهو "علامة" في كل شيء، فما من موضوع تطرحيه للنقاش معه إلا وتجدي ذهنه حاضرًا، والحقيقة أن أستاذ وحيد شخص طفولي جدًا ودمه خفيف، وبسيط في حواره".

الكاتب والمنتج محمد حفظي ورئيس مهرجان القاهرة السينمائي، قال: "أنا كبرت لاقيته ناجح ومشهور ومتواجد بقوة، ومنذ بداية حبي للسينما كانت أولى الأفلام التي دخلتها كانت أفلامه اللي كانت بتكسر الدنيا في شباك التذاكر، وفي نفس الوقت، عندما بدأت أفهم سينما وأحبها أكثر أكتشفت أنه قدر يحقق معادلة صعبة جدًا وهي أن تكون سيناريست معروف عند الناس وتذهب لمشاهدة أفلامه، وفي نفس الوقت يحتفي بك النقاد والمهرجانات وتحصد الجوائز وهذه المعادلة لم يستطع أحد أن بعملها، هذا بالإضافة إلى دوره كمنتج مهم جدًا لأنه منح الفرصة لمخرجين كثر، كانوا في بداية مشوارهم وأصبحوا أسماء هامة ولامعة جدًا على الساحة في الوقت الحالي".

السيناريست والتلميذ للأستاذ تامر حبيب، قال: "الآستاذ لديه موهبة كبيرة والقصة ليست في أنه قارئ واع ونابغ لكن لأنه يمتلك ملكة خاصة، والحقيقة أنه عنده ميزة هامة كنت أتمنى أن أحققها في نفسي وهي أنه يجلس للكتابة يوميًا من الساعة التاسعة إلى الخامسة مساءً، فهو لديه الكتابة شىء مقدس، وأحيانًا كثيرة جدًا يكون تعبان لكن يجلس للعمل فهو شخص دؤوب.

"خلال دراستنا لم نكن نأخذ محاضراتها بالمعهد، لكن نذهب له في مكانه المفضل على النيل، وورثت منه فكرة الكتابة بالورقة والقلم لأنه لايزال يكتب بيديه، وتعلمت منه "دهاليز" الشغلانه خصوصًا أما يكون عندي مشاكل مع أحد المنتجين، فأنا أعتبره أبويا الروحي الذي تعلمت منه دروس في الحياة أكثر مما تعلمته من والدي، فهو أب دافئ وحنون ويحمل عذوبة كبيرة كما أنه يتمتع بروح الطفولة والدعابة والمرح ..استمرارية وحيد حامد مرتبطة بكونه شخص مواكب ومتطور مع الأحداث والزمن، فمن يشاهد أفلامه سيجد ذلك في اللغة التي يتحدث بها في أعماله "أي أنه يتحدث بلغة الشارع" فهذا جزء من استثنائيته حتى نصل لـ ٢٠٥٠ هيفضل متطور بهذا الشكل لأن سقف طموحه لا يتوقف".

المخرج محمد ياسين ، قال: " وحيد حامد تجاوز فكرة كونه كاتب ليتحول لرجل يعي ويفهم جيدًا كل مقومات الصناعة، فهو يعرف كل شىء عن العمل الدرامي، ويضاف لذلك فكرة تجدده فقد نجح في أن يعمل مع جميع الأجيال بداية من المخرج حسين كمال مرورًا عاطف الطيب وسمير سيف وصولًا ل شريف البنداري، وكذلك على مستوى الممثلين من محمود المليجي إلى أحمد مالك".

"تشمل منظومة نجاح وحيد حامد أنه نجح في حفر اسمه وسط أبناء جيله من كبار كتاب الدراما فهو دائمًا محارب ومغامر وشغوف ويتأمل الناس بوعي، ويستطيع أن يقرأ المجتمع من أدنى طبقاته إلى أعلاها، لذلك لكل هذه الأسباب وغيرها يبقى وحيد حامد كاتبًا استثنائيًّا".

الفنان حسين فهمي، قال: " وحيد حامد ليس لديه شخصية تشبه الأخرى، فكل واحدة لها طريقة حديث مختلفة عن الأخرى، فهو يمتلك لغة خاصة يتحدث بها في أعماله وهو ما جعله مميز عن الآخرين دائمًا، كما تكون كلماته بالحوار نابعة من القلب، ونجاحه في الوصول للمشاهد مرتبط بأنه بيأخذ وقته جيدًا في الكتابة فهو يمتلك عذوبة في الكتابة وهو ما جعله أيضًا يصل لكل الأجيال ويعمل معهم".

السيناريست عبد الرحيم كمال ، قال: " وحيد حامد رحل لديه تحربة كبيرة، فهو يمتلك رؤية ودراسة للفلسفة والتاريخ كما أن أصوله الريفية انعكست على طريقة عمله وقراءته للمستقبل، فقد مر بمراحل كثيرة بحياته بداية من حبه للقصة القصيرة ثم كتابته في الرومانسية كما ظهر في فيلم "أنا وأنت وساعات الصفر" يليها المرحلة الثانية "السياسية" ثم تأتي التجربة الإنسانية لديه فهو دائمًا يملك رؤية للمجتمع لذلك بات نجمًا منفردًا في مجاله".

"الأستاذ قدم تجربة هامة في السينما بمجموعة الأعمال التي أشترك فيها مع الثنائي شريف عرفة وعادل إمام، والحقيقة أنه يمتلك عين ثاقبة تجعله يعي جيدًا من الذي سيخرج مشروعه بشكل مميز كما أنه يحترم جدًا فكرة المخرج وإدارته للعمل، ومن بين مميزاته وروحه الجميلة، دأبه وتشجيعه، فمثلًا في السنوات الأخيرة يهاتفني ويثني على عمل معروض لي، فهو دائمًا يمتلك دأب شديد وقدرة على التواصل مع الآخر".

الفنان إياد نصار بطل الجزء الأول من ملحمته الشهيرة "الجماعة"، قال: "فكرة أنك تشتغل مسلسل من تأليف وحيد حامد حاجة عظيمة، لأن كل ممثل بيكون عنده أسماء معينة نفسه تكون عنده في تاريخه وفنه من مخرجين ومؤلفين وممثلين نفسه يشتغل معاهم، وأكيد وحيد حامد من الأسماء التي حلمت بالعمل معها".

وحيد حامد يجيد صياغة المشهدية الدرامية ويعرف صنع الموضوع بشكل احترافي، لكنه انتقل منذ زمن بعيد من فكرة تأليف أعمال درامية إلى شخص مؤثر في المجتمع، والمؤلفين الذين يتحركون من فكرة المؤلف الدرامي للمفكر قليلون جدًا، فهو مفكر ولديه وجهة نظر غيرت وأثرت كثيرًا بالمجتمع، لذلك هو استثائي لأنه وحيد حامد ".

الفنان محمد فهيم، بطل الجزء الثاني من مسلسل "الجماعة"، قال: " وحيد حامد مصدر وحي لأجيال يكون عندها سيل من الأفكار المهمة و الجميلة والقوية اللي تحب تكتب وتتكلم عنها و تقدمها فى شكل فني، مفيش فنان واعي فى مصر ماقلش جملة (نفسي أعمل فيلم من أفلام وحيد حامد ).

الأستاذ "استثنائي" لأنه قريب جدًا من الشعب المصري والعربي، ودائما الجمهور والشعوب بتحب الإنسان الذي يمثلها ويعبر عنها ويتحدث عن همومها، كما أنه اسمه يوحي إليك بالجرأة فى طرح الأفكار والقراءة الجيدة للمستقبل وهذا بسبب قرآته للتاريخ بشكل كبير وخبراته التي اكتسبها على مدار سنين.

الجلوس فى حضرة أستاذ وحيد "ساعة" تكسبك خبرة عشر سنين في الحياة، "ويا سلام لو القعدة دمها خفيف يبقى صوت الضحك ده تسمعه من نيل القاهرة لأسوان من خفة دمه و سرعة البديهة، والمباغتة فى القافية اللي بتتقال".

المخرج شريف البنداري، مخرج الجزء الثاني من "الجماعة"، قال: "عندما بدأت العمل مع "الأستاذ" في الجماعة سلمني السيناريو وقال لي، "متفق ولا مختلف" فقولت له "متفق جدًا" فتحمس لي وأطمئن، والحقيقة هو يعي تمامًا أن الورق الذي كتبه لن ينفذ بحذافيره فهو يمنح المخرج مساحة كبيرة من التحرر وهذا لا يقلل منه، فقد كان داعم لي كثيرًا، ولابد من الإشارة أيضًا عن دوره كمنتج، فقد كان مشرف عام على الإنتاج في مسلسل "الجماعة٢"، ويدرك جيدًا كيف يخرج في أفضل صورة فهو يهتم بكافة التفاصيل وموارد العمل كيف تتوظف بشكل أفضل وأنسب، والمسألة لا تتوقف في فكرة الفلوس بتتصرف فالمهم لديه أن تخرج الصورة بالشكل المناسب فعندما كان يجدني متمسك بـ "لوكيشن" معين في التصوير كان يقف معي كثيرًا".

"الأستاذ شخص لديه اهتمام واحتراف غير طبيعي في التعامل مع صغار الكتاب، وجزء من استمراريته مع الأجيال الجديدة أنه متطور حتى هذه اللحظة، والحقيقة أني أستمتعت جدًا بالشغل معه، فأنا وكثير من ولاد جيلي كم حلمنا بالتعاون معه، فكيف يمكن أن أستوعب أنه يتابعنا بعناية، وعلى مدار تاريخه ثبت أن اختياره للمخرجين الذين عملوه معه لا يخيب وهو ما يشعرني بسعادة وفخر كبير".

لقراءة ملف "الاستثنائي" للكاتب الكبير وحيد حامد ، يمكن التصفح عبر هذا الرابط

 

####

 

تربيت في منزل لجدة قوية ولا أحب التعامل مع سيدة "تافهة"..

تصريحات وحيد حامد عن "المرأة" في حواره الأخير

سارة نعمة الله

يظل نموذج المرأة ، قويًا شامخا في أعمال الكاتب الكبير وحيد حامد ، فهو لا يحب المرأة الضعيفة المهزومة، وظل مبتعدًا عن تلك الصورة النمطية المعتادة بالدراما التي كانت تبدو فيها ضعيفة الشخصية، والأهم في توصيف المرأة لدى "الأستاذ" هو الإصرار على مواصلة الرحلة.

في حواره الأخير مع "بوابة الأهرام" دار الحديث مع "الأستاذ" عن قوة تأثير المرأة بحياته، وكيف يراها الآن شخصية قوية أم ضعيفة، وهل أخذت حقها كما يتردد دائمًا أم لا، وفيما يلي أبرز تصريحاته عن المرأة وعلاقته بها في السطور التالية..

- تربيت في منزل لجدة قوية جدًا من ناحية الأم، لأن جدة والدي كانت متوفاة، والحقيقة أنها أشرفت على تربيتي في الطفولة، ولذلك أحب المرأة ذات الشخصية القوية، وحتى عندما أقدمت على الارتباط اخترت امرأة قوية، أما والدتي كانت سيدة طيبة وماتت في سن مبكّرة جدًا عن عمر ٣٩ عامًا.

- على مدار حياتي اصطدمت بسيدات شخصياتها قوية و"جامدة" لذلك أنا لا أحب الإنسان المهزوم والمنكسر، ودعني أقول لك: أنا في مرحلة الشباب لم أتعامل في حياتي مع سيدة رخيصة، وحتى في قصص الحب عندما أصطدم وأجد الفتاة التي أمامي ضعيفة أو "هايفة" كنت أتركها، لأَنِّي لم أجد المستقبل فيها.

- هناك مثل شعبي يقول"اللي بيحني ظهره بيرتكب"، المرأة هي التي تنازلت عن حقوقها وأصبحت في موقف لا تحسد عليه، لكن المرأة زمان كانت "عود" أي صلبة وكانت تستطيع أن تقول لا، وخديها قاعدة " المرأة التي لا تستطيع قول " لا " تتنازل عن حقوقها.

المرأة لم تعد تستطيع قول "لا" لسبب بسيط جدًا، أن عليها ضغط في الداخل والخارج، وأنقل لكي مثلًا شكوى أم مثقفة لديها ابنة "٢٧" عامًا لم تتزوج حتى الآن وحزينة جدًا بسبب ذلك وتحاول ممارسة الضغط في هذه النقطة عليها، ف المرأة مطحونة من أسرتها في الداخل قبل الخارج .

المرأة لم تأخذ المكانة التي تستحقها، وكل ما يحدث أمامك حاجات شكلية، وليس معنى وجود وزيرة في الحكومة أن المرأة أخذت حقوقها، والدور الفاعل للمرأة في المجتمع ليس ذلك.

 

####

 

روائيون ونقاد لـ«بوابة الأهرام» في وداع وحيد حامد:

إبداعاته صنعت لنا تاجا مزينا بالجواهر

مصطفى طاهر

سيطر إحساس الخسارة والفقد على أحاديث الروائيين والنقاد السينمائيين لـ«بوابة الأهرام» اليوم السبت، بعد رحيل الكاتب الكبير وحيد حامد .

الناقد السينمائي محمد سيد عبد الرحيم قال لـ"بوابة الأهرام" إن برحيل السيناريست الكبير وحيد حامد تفقد مصر والأمة العربية واحد من أبرز فنانيها الذين صنعوا لنا تاجا مزينا بالجواهر عبر أفلامه ومسلسلاته التليفزيونية والإذاعية المختلفة والمتعدددة، لم يكن مجرد صنايعي ماهر فقط حيث استطاعت أعماله أن تجذب الجمهور دائما لقاعات السينما وحتى في بيوتهم حول التليفزيون في شهر رمضان ولكنه أيضا كان ذا فكر ثاقب استشرافي قادر على معرفة المشكلات الآنية التي تهدد المجتمع المصري وتحليلها وعرض أسبابها وآثارها من أجل أن يرى المشاهد بنفسه أزمته وأزمة مجتمعه.

وأضاف عبد الرحيم: العدالة هي الفكرة الرئيسية التي سنجدها في جل أعمال وحيد حامد بداية من "طائر الليل الحزين" حتى "احكي يا شهرزاد" ومرورا بأعمال مثل "الغول" و"ملف في الآداب" و"البرىء" و" المنسي " و"اضحك الصورة تطلع حلوة" و"سوق المتعة". العدالة كانت همه الشاغل والتي شعر أنها المشكلة الرئيسية التي تهدد كيان ومستقبل المجتمع المصري، والفساد الذي نجده في أفلامه والذي يمارسه بعض الوزراء ورجال الأمن والقضاة وبالتأكيد رجال الأعمال هو غياب للعدالة. صداماته ومشاكله الكثيرة والعنيفة مع الرقابة التي حذفت وعدلت الكثير من أفلامه هو غياب للعدالة. وحتى مقالاته التي كان ينشرها في الجرائد كانت تنتقد غياب العدالة والفساد الذي لم يترك حتى المؤسسات الخيرية! بالإضافة بالتأكيد إلى محاولاته الدائمة للعمل مع مخرجين شباب والذي يندرج بدوره تحت سعيه المستمر لكسر حالة استحواذ المخرجين الكبار على السوق وعدم إعطاء فرصة للشباب الذين أثبتوا مع وحيد حامد أنهم كانوا أهلا للثقة، ليكونوا بعد ذلك من أهم المخرجين في تاريخنا. كانت أفكاره السينمائية متسقة مع أفكاره في الحياة عن الحق والخير والجمال. وهذا بالتأكيد هو الذي جعل الجماهير المصرية والعربية الغقيرة تحب والأهم تثق في هذا الرجل وأعماله، برحيل وحيد حامد فقدنا أشهر سيناريست في تاريخ مصر. السيناريست الوحيد الذي يعرفه الجمهور بالاسم والوحيد القادر على جذب الجمهور حينما يجدوا اسمه مرصعا الأفيش. كان وحيد حامد "الوحيد" بحق من ضمن كتاب السينما والتليفزيون الذي استطاع أن يملأ قلوب المشاهدين.

الكاتب والقاص منير عتيبة ، مدير مختبر السرديات بمكتبة الإسكندرية، تحدث لـ"بوابة الأهرام" وقال: إننا كنا نظن أن عام 2020 هو عام الفقد. لكن ها هو 2021 يأتي بفقد في أيامه الأولى فتفقد الإسكندرية بعض أعلامها مثل الشاعر إسماعيل الشيخة الرئيس الأسبق للتليفزيون السكندري. ثم نفجع برحيل رجل تربينا على إبداعه المرأي في السينما والتليفزيون، وهو وحيد حامد الذي أثار جدلا في كل مراحل حياته ذلك الجدل الذي يليق بالمفكرين والمبدعين الناشطين الذين يرغبون في تغيير المجتمع ويستطيعون التأثير بإبداعهم لتحقيق هذا التغيير. رجل قد تختلف معه فكريا أو فنيا قليلا أو كثيرا. لكنك بالتأكيد ستشهد له بالموهبة المتفوقة والشجاعة الفائقة والذكاء اللامع. لذلك فأنا أعزي نفسي والأمة في رحيل شخص وحيد حامد ، لكنني أعلم أنه ترك ما لن يجعله يرحل من حياتنا أبدا. فسلاما لروحه ولروح من سبقوه سواء كان الناس يعرفونهم أو لا. فلكل راحل ألم فقد مرير في قلوب ما.

أما الناقد رامي المتولي ، فقد أشار في حديثه إلى أن من أكثر التفاصيل الملفته والمحببة فى أعمال وحيد حامد هو طريقة تقديمة للشخصيات الثانوية أو صاحبة المشاهد القليلة فى أعماله، والتي لم يكن وجودها مجرد ملء للفراغ، أو داعمة لحبكة فرعية تظهر وقت الاحتياج لها فقط ثم تغيب بعدها كما يحدث فى أعمال كثيرين غيره، على العكس الشخصيات الثانوية فى كل أعماله مبهرة، وكالعادة تحمل نفس هموم الشخصيات الرئيسية، وعلى الرغم من ظهورها القليل فى الأعمال التي تحمل توقيعه لكنها تعتمد دائما ممثلين ذوى خبرة ومحترفين، كما أن وجودهم يكون بشكل مكثف فى كل عمل مثل: علاء ولي الدين وأشرف عبد الباقي وسامي سرحان فى "الارهاب والكباب"، بيير سيوفي ومحمد هنيدي ومصطفي متولي فى " المنسي "، سناء يونس وزين عشماوي فى "آخر الرجال المحترمين"، عمر الحريري فى " معالي الوزير "، وبالتأكيد صاحبة الشخصيات الأبرز فى أعمال وحيد حامد ، الكبير أحمد راتب ليس كشخصية ثانوية قدر ما هي شكل مختلف لصديق البطل القليل فى مشاهد ظهوره، لكن تأثيره أقوى أو يعادل فى القوة شخصيات رئيسية، وبالتالي يصبح حمل هذه الشخصيات على ممثلين محترفين وكبار من وزن أحمد راتب.. وحيد حامد بلا جدال أو مبالغة هو أفضل سيناريست مصري فى السينما والتليفزيون، خاصة إذا اعتبرنا أن المعيار هو الاحترافيه والأفكار المطروحة لا الكم والعدد أو الخطابة والمونولوجات الطويلة أو الابتزاز العاطفي والسياسي.

 

بوابة الأهرام المصرية في

02.01.2021

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004