ملفات خاصة

 
 
 

الأب” و”عنها”:

من أفلام مهرجان القاهرة السينمائي

أمير العمري

القاهرة السينمائي الدولي

الدورة الثانية والأربعون

   
 
 
 
 
 
 

فيلم الافتتاح من إخراج الفرنسي فلوريان زيلر (عن مسرحيته)، وكتابة السيناريو للعملاق الإنجليزي المكرم في المهرجان، كريستوفر هامبتون، وبطولة أنتوني هوبكنز وأوليفا كولمان.

دراما شيقة صادمة، تثير الكثير من التأملات في المصير الإنساني، ليس بالمعنى الفلسفي النظري بل بالمعنى المادي الحياتي المباشر.. كيف يمكن أن يصبح الإنسان تائها، حائرا، ضالا، مشوشا، لم يعد يدرك الفرق بين الحقيقة والخيال، بين الماضي والحاضر، لا يمكنه التفرقة بين ابنته وفتاة أخرى جاءت لكي ترعاه في شيخوخته بعد أن تجاوز الثمانين من عمره. هذا هو “أنتوني” (أنتوني هوبكنز) الذي يعاني بشدة وهو يفقد ذاكرته تدريجيا وتختلط الأشياء والصور في ذهنه، يريد أن يتشبث بفكرة أنه لايزال قادرا على التعايش مع الواقع، وبأنه يدرك جيدا ما يحدث من حوله، يثور ويغضب كطفل كلما ذكرته ابنته “آنا” (كولمان) بحاجته للرعاية، لكن يأتي وقت، يلجأ إلى الصمت الحزين بعد أن يدرك أن لا فائدة من الجدال، وأنه فعلا أصبح عاجزا عن التأقلم مع حياته.

هذا فيلم من نوع دراما الحجرة، فهو يدور في مكان واحد.. داخل شقة في لندن. لكن براعة مخرجه تتجسد في القدرة على التلاعب بالمكان عن طريق تغيير ملامحه باستمرار، بحيث يعكس حيرة وتشتت عقل وذهن أنتوني، كما يربك المشاهد نفسه، لأن الفيلم مصنوع من وجهة نظر أنتوني، فنحن نرى الأشياء من منظوره الشخصي: الشقة شقته، لكنه ربما يكون قد انتقل من شقته الى شقة ابنته آنا التي تريد تكليف ممرضة شابة بالاشراف عليه ورعايته بعد أن تذهب الى باريس للعيش مع الرجل الذي تحبه.. لكنه يرى “آنا” أخرى بملامح مختلفة (الممثلة أوليفيا ويليامز)، تُحضر دجاجة لإعدادها للعشاء.. مع رجل آخر.. تقول له إنها لا تعرف شيئا عن الذهاب إلى باريس.. ثم تعود أنا الأولى (أوليفيا كولمان) لتنفي معرفتها بأي شيء يتعلق بـ “دجاجة” وتخبره أنها طلقت قبل خمس سنوات.

من الطبيعي أن يعتمد الفيلم كونه مأخوذا عن أصل مسرحي، على الحوار وأداء الممثلين بدرجة أساسية. إلا أن الحوار هنا ليس حوار الثرثرة المطلوب للشحر والتفسير، لكنه مكتوب بحيث يجسد التدهور التدريجي الذي يطرأ على الحالة الذهنية للبطل العجوز. وأما مجموعة الممثلين فهم على أعلى مستوى من الأداء، يتقدمهم بالطبع الممثل العملاق أنتوني هوبكنز الذي يبدو حينا غاضبا كطفل كبير يرفض بعناد الاستجابة لما هو مطلوب منه، يقاوم فكرة النسيان، يسعى لمعرفة الفرق بين ما يراه وما يقولونه له.. يمزج الخيال بالواقع، إلى أن يستسلم أخيرا باكيا على كتف الممرضة الشابة في غرفة قد تكون مستقره الأخير قبل الرحيل النهائي، داخل أحد بيوت رعاية العجائز.

من ناحية التعقيد الدرامي والبناء المتعدد الطبقات، يتفوق فيلم “مازالت أليس” Still Alice (2014) على فيلم “الأب”، ويتعمق أكثر في وصف ملامح الصراع بين الإنسان والمرض (الزهايمر) الذي يجعل ذاكرة بطلته (جوليان مور) تشحب تدريجيا بينما تكافح هي كفاحا مريرا من أجل التمسك بالوعي. ورغم أن أداء أنتوني هوبكنز يرتفع بالدور وبالفيلم، ويرتقى به كثيرا، رغم المكان الواحد (الداخلي) الذي تدور فيه مشاهد الفيلم، كما يساهم أداؤه البارع في إثارة اهتمامنا بمتابعة ما يحدث له، مترقبين ماذا يمكن أن يحدث لهذ الرجل رغم معرفتنا المسبقة بأنه لن يتمكن من الخروج من “حالته المرضية”، إلا أن هوبكنز لا يتجاوز أداءه في فيلم “الباباوان” The Two Popes الذي بلغ فيه ذروة مسيرته التمثيلية. ففي “الباباوان” أتاح الموضوع والحوار الذي كتب ببراعة كبيرة، والتباين الواضح بين شخصيتي الباباوين، الفرصة لأنتوني هوبكنز أن يبدع ويضيف ويضفي على الدور الكثير من عنده، من مشاعره، من خبرته الكبيرة في المسرح والسينما.

الفيلم المصري

عنها” هو الفيلم المصري الذي شارك في المسابقة الرسمية بالدورة الـ42 من مهرجان القاهرة السينمائي، وهو من سيناريو وإخراج إسلام العزازي. وقد أثير الكثير من الجدل حول مشاركة هذا الفيلم بالمهرجان، ليس لأسباب فنية، بل بسبب اتهامات وجهت من طرف عدد من الفتيات والنساء، إلى مخرجه بالتحرش الجنسي.

أما موضوع الفيلم فهو يدور أيضا حول شخصية واحدة (امرأة تدعى درية تؤديها ممثلة جديدة هي ندى الشاذلي) تعاني من الاضطراب النفسي الشديد بعد موت زوجها الذي كانت ترتبط به ارتباطا عاطفيا وجسديا شديدا كما نفهم بصعوبة.

الفيلم، يدور بأكمله، شأنه شأن فيلم “الأب”، داخل ديكور واحد هو ديكور الشقة الفخمة التي تعيش فيها درية مع زوجها “عباس” (صلاح فهمي) في أحد أحياء الطبقة البورجوازية في قاهرة الثلاثينيات، في زمن الملك فؤاد الأول. وفي المشهد الأول وهو مشهد طويل يعاني من الترهل والايقاع الهابط، نشاهد ملامح من العلاقة بين درية وزوجها.. هي في أواخر العشرينيات وهو في الأربعينيات. ونحن لا نعرف شيئا عنه ولا عنها وربما ليس هذا مهما فقد يكون التجريد مقصودا، لكن المخرج في أول أفلامه الروائية الطويلة، سيعود ليشرح ويفسر ولكن من خلال الحوار وليس الصورة وتداعي الصور. وهو يحاول- على استحياء- الإيحاء بأن درية مرتبطة جسديا بقوة بهذا الرجل. لكن المشكلة الواضحة في هذه المشاهد الأولى كما في سائر مشاهد الفيلم، تتعلق أساسا، بضعف الأداء التمثيلي، وسطحيته، رغم محاولات ندى الشاذلي الاجتهاد، وخاصة أن صلاح فهمي لا يبدو مناسبا للدور وللفيلم عموما، فأداؤه مفتعل، ضعيف، يفتقد للحميمية والثقة، ونطقه للكلمات غير واضح، كما يتضح غياب أي انسجام بينه وبين الممثلة التي تؤدي أمامه. وبشكل عام هناك شعور عام في المشاهد الأولى التي يظهر فيها الاثنان معا، بأن اللغة التي يتكلمانها هي لغة غير لغة الحوار المصري الذي نعرفه، وكأننا أمام شخصيات “متمصرة”.. كما أن هناك الكثير من التعبيرات المفتعلة المضحكة التي تتكرر على لسان درية (مثلا) فهي تصف الطعام بأنه (بديع).. أو أن (ريحته بديعة) وقد تكون هذه محاولة لمحاكاة لغة الحوار التي كانت سائدة في الماضي في أوساط تلك الطبقة. لكنها غير ناجحة.

الفكرة الأساسية هي كيف يؤدي الفقدان (الجسدي أساسا أي الجنسي والارتواء الذي يجمع بين رجل وامرأة) إلى كل هذاالعذاب بعد غياب أحدهما عن الآخر. هذه الفكرة ليس من الممكن تجسيدها في السينما من دون مشاهد جريئة، ملموسة، مادية، واضحة.. تجمع الرجل والمرأة في الفراش، تشعرنا باستبداد الرغبة لدى المرأة، وعنفوان الرجل في الاستجابة مع تلك الرغبة.. وكلها مشاهد مفقودة وغائبة عن الفيلم. لذلك يمضي الفيلم بعد أن يختفي “عباس”، ولا نعرف سوى أنه قد مات فجأة من دون مقدمات ولا شرح ولا تفسير (وليس هذا مهما بالطبع)، لكي يتركز الاهتمام على معاناة المرأة التي تصبح وحيدة تعيش مع خادمتها المخلصة التي تحاول ارضاءها بشتى الطرق دون جدوى.

ولن نفهم سر عذاب المرأة تماما لأننا لم نلمس أساسا، قوة ارتباطها الجسدي بالرجل الذي غاب. ثم في مشهد متأخر كثيرا في الفيلم، يأتي شقيق درية (أحمد مالك في دور غير ملائم له لا يجد نفسه فيه لسطيحته الشديدة ويبدو متلعثما فاقدا القدرة علىالنطق الصحيح للكلمات) لكي يروي لها (ولنا) كيف ولماذا قُتل زوجها: فقد كان طبيبا، ثم تورط في تعذيب شابين من الشباب الثوري الثائر ضد القصر الملكي، ولكن البوليس السياسي أطلق سراح هذين الشابين، فما كان منهما سوى أن انتقما لما وقع عليها من تعذيب بقتل عباس. ونحن نعرف الحقيقة من خلال هذا الحكي اللفظي تماما كما تعرفها درية لأول مرة. ولكن درية تقابل هذه المعرفة ببرود تام، كما لو أن الأمر لا يعنيها. وتتجه لتناول الطعام!

هناك براعة لاشك فيها في تصميم كثير من المشاهد من الناحية البصرية بفضل براعة مصمم المناظر البارع كالعادة أنسي أبو سيف، والتصوير الذي يستخدم الإضاءة الخافتة والنور الطبيعي داخل ديكور الشقة، والاستفادة من تناقض الألوان، وما بين العتمة والضوء، ولكن من دون أي نجاح يذكر يساهم في تقريبنا كمتفرجين من الحالة الذهنية للبطلة (على العكس تماما من فيلم الأب)، فهي مثلا ترص الأطباق الفخمة التي تعد من التحف الأصيلة على الأرض ثم تجري فوقها فتحطم بعضها دون أن تجرحها، فلا نفهم هل تفعل ذلك لكي تجهض نفسها بعد أن عرفنا أنها حامل من عباس، أم أنها تفعل ذلك فقط كنوع من التعبير عن الرغبة في “تدمير الذات” فربما تتعثر وتسقط لنتتهي حيتها؟!

لا شيء يبدو واضحا لكنها فكرة استهوت على ما يبدو مخرج الفيلم فأراد تجسيدها لتحقيق الدهشة البصرية، دون مضمون ما. لذلك جاء الكثير من مشاهد الفيلم مصنوعة صنعا لإثارة الدهشة دون أن تضيف شيئا إلى الدراما النفسية التي يفترض أنها تجري على الصعيد الداخلي.

وفي مشهد آخر تقوم بتحريك قكع الأثاث بشكل فوضوي، ثم تسد فتحات نوافذ الشقة، ثم نراها تحت الدوش في الحمام (بكامل ملابسها بالطبع!) في لقطة تجعلها تبدو كما لو كانت تشنق نفسها، ثم فجأة، تغادر الحمام وتجري.. وهكذا دون أن نفهم ما الذي حدث. ويميل المخرج يضا لتحريك الكاميرا كثيرا حول الشخصيات القليلة المحدودة، دون أن يكون لهذه الحركة المستمرة بالكاميرا المهتزة تأثير ما، سوى إثارة الضيق بسبب اضطراب الصورة وعدم ثباتها.

هناك كثير من الإطالة والثرثرة والتكرار، خاصة عندما تغني ندى الشاذلي (وهي مغنية أصلا) أغنية عتيقة من أغاني سيد درويش وكلمات بديع خيري (اشمعنى يابُخ.. الكوكايين كُخ).. وهي تغنيها وتعيد وتزيد فيها، وكأنها سكرانة، وربما كانت كذلك لكننا لا نعرف. ومع تكرار حركات الجنون وفقدان البوصلة العقلية داخل تلك الشقة، تشعر بها جارتها وتعرض مساعدتها لكنها ترفض. وفي مشهد وحيد قرب النهاية نصل أخيرا إلى فكرة المعاناة الجسدية عندما تعانقها خادمتها بقوة ويلتحم الجسدان معا وكأن الخادمة تريد أن تعوضها عن الحرمان الجنسي.

الفيلم يلمس الحالة السياسية في البلاد من بعيد، من الخارج، من خلال السرد الحواري الساذج الذي يقتل الفكرة. فلا نحن نعرف شيئا عن ذلك العصر ولا عن سبب ثورة الشباب على القصر الملكي، ولا سبب ارتباط عباس بخدمة القصر وممارسة التعذيب على الثائرين، ويقال إنها كانت المرة الأولى لتعاونه مع القصر، ولكن هذا كله ليس مهما، فالمهم هو استعراض العذاب الفردي لتلك المرأة من دون أن نعرف تحديدا سر عذابها وبالتالي لا يمكن للمتفرج أن يتعاطف معها.

أما عدم الفهم وغياب التعاطف، فهما نتيجة طبيعية لفشل المخرج في القبض على خيوط موضوع فيلمه وشخصياته، ورسمها بحيث يجعل لها معنى في سياق سينمائي سلس يتمتع بالجاذبية. وهي مشكلة متكررة في كثير من أفلام ما يسمى بـ “السينما المستقلة”حيث تطغى الفكرة النظرية والاهتمام الشكلاني، على القدرة العملية على تجسيدها في سياق سينمائي واضح وممتع يمكن أن يثير للاهتمام. وحتى عنوان الفيلم يبدو مفتعلا وسخيفا وبلا معنى.. فما معى “عنها”؟ عن من تحديدا؟ ولماذا عنها وليس عنك؟ لا أظن أن أحدا يهتم!

 

موقع "عين على السينما" في

01.01.2021

 
 
 
 
 

إلى أين تذهبين يا عايدة

كاظم مرشد السلوم

الفلم الحائز على جائزة نجمة الجونة الذهبية في دورة التحدي التي أقيمت رغم خطر جائحة كورونا، وإلغاء وتأجيل العديد من المهرجانات السينمائية المهمة، الفلم أستحق الجائزة بجدارة رغم المنافسة بينه وبين العديد من الأفلام في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، لكن الجانب الإنساني ورصد المأساة التي تعرض لها شعب البوسنة وخصوصا سكان مدينة سربرنيستا في الحرب الصربية ، جعل الجائزة تذهب لفلم المخرجة ياسميلا زيانتيش، ولتحصل بطلته ياسنا دوريستش على جائزة أفضل ممثلة

العنوان السؤال

الى أين تذهبين يا عايدة؟

عنوان عبارة عن سؤال بحجم المأساة، الى أين يذهب في النهاية من أستلب منه كل شيء، الأولاد، الزوج، البيت، الوطن، إضافة الى كونه شاهد على إبادة نصف سكان مدينته أمام عينيه، . في المشهد الأخير ثمة إجابة تحمل كل تبعات المأساة، حيث تجد شقتها التي عاشت فيها مع زوجها وأولادها وقد اغتصبت هي الأخرى من قبل عائلة صربية، فيكون السؤال « الى أين تذهبين يا عايدة»؟

الحكاية
مدينة سربرنيستا وقد حاصرتها القوات الصربية ، الأمر الذي دفع بمعظم سكانها الى اللجوء الى قوات الأمم المتحدة ، المتمثلة بكتيبة هولندية لا حول لها ولا قوة، في امتلاك قرار الرد على الانتهاكات الصربية، القاعدة التي تتواجد فيها لا تكفي للأعداد الكبيرة من طالبي اللجوء اليها، فيقف الالاف منهم خارج أسوارها بانتظار فرصة الدخول اليها والاحتماء من بطش القوات الصربية التي يقودها مجرم الحرب الجنرال راتكو ميلادتش، من ضمن المنتظرين عائلة مدرسة اللفة الإنجليزية « عايدة» التي تعمل كمترجمة في القاعدة الهولندية، والتي تستغل علاقاتها مع قادة القاعدة وتدخل زوجها وأولادها الأثنين الى داخل القاعدة وسط انتقادات الناس الواقفين على الأسوار.

رغم مطالبة قادة القاعدة لقوات التحالف بضرورة التدخل الجوي لوقف الخطر الذي تشكله القوات الصربية، لكن ليس ثمة استجابة فقط وعود كاذبة، مثل الوعد الذي قطعه الجنرال الصربي لمجموعة من العوائل بانه سيعمل على حمايتهم، لكنه في الاخر يقوم بتصفية الجميع .

عايدة تشهد كل ما يدور داخل وخارج القاعدة، تحاول تقديم المساعدة للجميع، تعمل وبشكل دائم على حث قادة القاعدة الهولندية على عمل أي شيء لإنقاذ الناس من الخطر الذي يداهمهم والمتمثل بالذئاب الصربية التي تقترب رويدا رويدا من أسوار القاعدة، ورغم كل محاولاتها ، ومحاولات قادة القاعدة ، الأ إن لا شيء يوقف حدوث المأساة، فيدخل الصرب الى القاعدة وليبيدوا كل الموجودين فيها ، بما فيهم زوج عايدة وأولادها، في المجزرة الشهيرة التي شهدها العالم و التي وقعت في يوليو عام 1995، حيث أبيد نصف سكان مدينة سربرنيستا البوسنية.

الاشتغال
حرصت مخرجة الفلم وكاتبة السيناريو كذلك، ياسميلا زبانيتش على تجسيد المأساة التي وقعت في هذه المدينة، من خلال إناطتها لدور البطولة للمثلة ياسانا دوريوستش، ولعبت الأخيرة الدور بمقدرة عالية، إذ توفرت على قدرة بدنية رائعة ، حيث نشاهدها طيلة أحداث الفلم تجري هنا وهناك كمثل شابة في العشرينات رغم انها سيدة تجاوزت الخمسين عاما، كذلك عملت المخرجة على اللقطات القريبة المعبرة لوجه بطلتها، التي تبوح بقلق أنساني عال عما يمكن أن يحدث والذي حدث فعلا، فتلك اللقطات كانت تعبر أيضا عن ما يمثله وجه أي محاصر لا يعرف نتيجة الحصار الذي يعانيه.

كذلك ارادت المخرجة ان تظهر الحقيقة الإنسانية والعاطفية لشخص مثل عايدة، ففي ذروة الاحداث تبدو عايدة منحازة لزوجها وأولادها، أكثر من سكان مدينتها، في محاولة منها لاختبار رد فعل المشاهد في حقيقة مشاعر عايدة الإنسانية، التي يمكن لأي واحد منا ا، يتخذ نفس السلوك، فلا يمكن لأي شخص كان أن لا يهتم بعائلته في هكذا ظرف حتى لو كانت مسؤوليته كبيرة وتشمل الجميع.

حتى في لحظات النقاش والطلبات التي تقدمها عايدة لقادة القوات الدولية ، يسالها القائد ، لماذا تريدين ان نحمي أسرتك دون غيرهم؟ فتصمت عايدة زلا تجد ردا ، فهي واقعة بين نارين ، نار الخوف على أبناء مدينتها، ونار الخوف على عائلتها التي تغذيها عاطفة الأمومة، وفي النهاية تخسر الجميع.

تخاذل القوات الهولندية في حماية المدنيين جسدت المخرجة بصورة وتعابير جندي هولندي يمتلك وجه طفولي، يبكي كثيرا لما أل اليه أمر من لجأ اليهم، كذلك في الزي الذي يرتديه افراد الكتيبة الهولندية‘ .
كذلك استطاعت ان تعطينا جرعة أمل بإمكانية نجاح عايدة في انقاذ الناس، رغم معرفتنا المسبقة بحقيقة ما حصل
.

كاميرا المصور كريستين ايه ماير ، تحركت برشاقة واضحة بين الحشود لتنقل تعابير وجوهها المختلفة ، بين الأمل وبين القلق الواضح، والفزع من مأساة مرتقبة الوقوع.

«ما أراد النص قوله»

ما أراد النص البصري لفلم عايدة قوله، كيف يمكن لمجزة مثل تلك التي حصل في العقد الأخير من القرن العشرين ان تحدث تحت أنظار الأمم المتحدة وكل الدول الكبرى المتمثلة بالتحالف الدولي التي نمتلك كل أدوات الحسم ، والتي كان بإمكانها إيقاف هذه المجزرة التي تحدث عنها الفلم وغيرها من المجازر خلال أيام معدودات ان لم يكن خلال ساعات، وهو ما حصل في الأخر.

هل كان ثمة سبب للتأخير وما هو ؟ هل اتن محاكمة مجرم الحرب الجنرال راتكو ميلادتش والحكم عليه بالسجن المؤبد تكفي لمداوة الجرح الكبير؟

واذا كانت العداوة والقسوة وصلت الى هذا الحد ، فكيف كان الجميع يعيشون في دولة واحدة هي يوغسلافيا الموحدة ، وما الذي يمكن ان يحدث مستقبلا لو توفرت نفس مسببات الحرب بين الصرب والبوسنيين؟ واذا كان الفلم قد جسد ما حصل في مجزرة واحدة فما حجم الجرائم الأخرى التي حصلت في هذه الحرب التي امتدت من العام 1993 الى العام 1995، وشهدت استلاب لكرامة الانسان لم يشهد العالم مثلها إلا في الحرب العالمية ، رغم ان مأساة الحرب العالمية الثانية كان يغذيها الفكر النازي والفاشستي، فما الذي كان يغذي أفكار من ارتكبوا هذه المجازر؟

مخرجة الفلم ياسميلا زبانيتش من مواليد مدينة سرافييفيو عام 1974، درست المسرح والإخراج السينمائي في اكاديمية فنون الأداء في مدينتها ، حصل أول أفلامها الطويلة « أرض أحلامي « على جائزة الدب الذهبي من مهرجان برلين عام 2006، ولها فلمان قصيران هما « أحذية مطاطية حمراء، وصنع في سراييفو» وعد ذلك قدمت فلما روائيا طويلا هو « من أجل هؤلاء الذين لا يستطيعون أن يحكوا حكاياتهم « وحصلت خلال مسيرتها على أكثر من 17 جائزة وأربعة عشر ترشيحا.

 

الصباح الجديد العراقية في

02.01.2021

 
 
 
 
 

عن "حظر تجول" وفوز بطلته بجائزة التمثيل مناصفة من القاهرة 42

في "حظر تجول" سكتت فاتن وسكت الفيلم أيضا

صفاء الليثي

فيلم المخرج أمير رمسيس  " حظر تجول" يعد فيلمه الثامن في مشواره مع السينما الروائية الطويلة ، يقدم رمسيس هنا سينما تعتمد على النجوم وتناقش قضية تشغل المجتمع المصري ، اختار رمسيس حي شبرا القاهري المعروف بتجاور المسيحي والمسلم من الطبقة الوسطى به، كما أنه قريب من قلب القاهرة حيث مركز أحداث العام 2013 وتطبيق حظر التجول على العاصمة، تبرز العناصر الفنية في الفيلم  بشكل جيد، ديكور البيت والشقة بطرازها المصري القديم، باب عريض في صالة المنزل وشرفات تقابلها شرفات منازل الجيران، العمارة بساكنيها وحتى السطح، تعبر عن نماذج متنوعة من نسيج المجتمع المصري، بداية من مشهد على السلم ومقابلة الجارة مرورا بمنزل الجار يحى الذي قد يكون مسيحيا دون أن يؤكد لنا صانع الفيلم، عند مشاهدة الفيلم تطمئن إلى حقيقة أنه مازالت هناك صناعة للسينما في مصر وتتساءل أيضا لماذا لا يوجد خلل سوى في السيناريو، قام أميررمسيس بتأليف فيلمه بنفسه كما فعل أحيانا في أفلامه السابقة، السيناريو  بدأ مشوقا وضعنا في حيرة عن ليلى وفاتن، هل هي حماتها؟ قريبة لها، ولكنه لم يصبر طويلا ثم أفصح عن العلاقة بشكل أسرع مما توقعت. بناء جيد لشخصية فاتن تقوم بها الهام شاهين  بتمكن، وشخصية غامضة لم أفهم تركيبتها النفسية تماما تقوم بها أمينة خليل، وشخص متسق مع نفسه يقوم به أحمد مجدي، طفلة السينما الغلباوية والجار يحي بملامح رومانسية، يحب عبد الحليم ويعاني صحيا أداء رائع للممثل الفلسطيني كامل الباشا. جارة لها قبول لدى المشاهدين هي عارفة عبد الرسول تضفي حيوية على  المشاهد القليلة التي تظهر بها، ولتكتمل التوليفة المصرية هناك سائق التوكتوك المنزعج من الحظر فيعوض الحبسة بإقامة ما يشبه الغرزة في منزله على سطح البيت. وأداء جيد للكوميديان محمود الليثي. ينتهي الفيلم كإشارة عابرة فقط عن مشكلة كبيرة قد تحدث في بيوتات كثيرة ويكون التعمية عليها مسببا لمشاكل أكبر. يمكن الاستمتاع بالفيلم رغم هنات الكتابة التي قام بها المخرج بنفسه. المناخ العام الذي يضعنا فيه " حظر تجول" يتجاوز الاسم بعيدا عما قد يوحي به سياسيا ويناقش فقط علاقة كراهية من ابنة لأمها غير معتادة في تركيبة الأسر المصرية.  فقد سكتت فاتن عن سبب قتلها لزوجها حماية لابنتها، وسكت الفيلم أيضا ، لم يناقش فيلم " حظر تجول " المسكوت عنه، مشكلة تحرش الأب بابنته، الصبية البطلة لم تدرك شيئا وظلت على حبها لوالدها الذي يتحرش بها وضبطته الأم متلبسا فقتلته ، وبدعوى شائعات طالت الأم عن علاقتها بالجار يحيى تصدقها الابنة وتكره أمها ولا تزورها في سجنها لمدة 17 عاما، لم يناقش الفيلم سبب محبة الابنة للأب الذي ينتهكها، هل لم تدرك وقتها فحش ما يفعله بها ؟ توقعت مع تقطيع الفلاشات باك على أجزاء عبر الفيلم أنه في لحظة ما ستدرك مدى الجرم الذي مارسه معها الأب، لحظة التنوير التي تكتمل بها الدراما، ولكن هذا لم يحدث. تحول الفيلم الى مناقشة علاقة كراهية من ابنة لأمها، تتحول الى قبول ثم اعتراف بها كأم وهذا جيد ولكن المشكلة الأساسية لم تحلل ولم تناقش .

"حظر تجول " فيلم تجاري محكوم بسينما النجوم ، النجمة الأم  الهام شاهين نجمة مخضرمة والنجمة الشابة أمينة خليل نجمة هذه الأيام ومباراة التمثيل بينهما دون ترك مساحة حقيقية لمشكلة الطفلة، لايبدو أن المخرج استشار طبيبا نفسيا ليفهم طبيعة مشاعر صبية تتعرض لانتهاك من والدها، ولم يتم مناقشة تركيبة هذا الأب ، حين يتم تناول موضوع اجتماعي هام كان يجب  استشارة طبيب نفسي لتوضيح بعض المفاهيم. وبالطبع شخصية ساكن السطح مزروعة لغرض الترفيه، مشاهد ظريفة ولكنها تبقى في إطار تركيبة الفيلم المصري الذي يقبل عليه الجمهور. لا أعتقد أن صناع العمل منتجه صفي الدين محمود وباهو بخش قد  حققوا هدفهم من فيلم يفتح نقاشا حول زنا المحارم أو الخلل النفسي لدى بعض الآباء.  ما أراده صناع الفيلم  من الحديث" عن المسكوت عنه"  لم يتحقق لأن الفيلم سكت كما سكتت فاتن وتم عرض الحدث بشكل غامض وترك لكل مشاهد حرية التفسير التي وصلت بي الى أن الفتاة كانت تجد متعة في مداعبات الأب وتلك مشكلة كبرى تمتد الى التوتر الجنسي بينها وبين زوجها ونفورها ورفضها بحجة وجود الأم رغم أن الحوار يعكس أن هذا التباعد مستمر قبل مجيء الأم بالإضافة الى غيرتها من ممرضة تتحرش بالطبيب الزوج، على طريقة الحدق يفهم تركت كل الأمور دون تعمق في تحليلها. هناك تعمية بحجة التناول الهاديء أو لعدم خدش حياء المشاهد ، وظلت المشكلة قائمة دون تحليل.

 

جريدة القاهرة في

05.01.2021

 
 
 
 
 

أمين نايفة مخرج فيلم «200 متر»: الجدار العازل سيقع قريبًا

عزة عبد الحميد

استطاع الفيلم الفلسطيني «200 متر»، أن يحصد العديد من الجوائز خلال الفترة الماضية، فكان من نصيبه 4 جوائز من مهرجان الجونة السينمائي الدولي في دورته الأخيرة، وهما جائزة لجنة تحكيم «فيبريسي» لأفضل فيلم عربي، والجائزة التي يمنحها جمهور المهرجان لفيلم يُعنى بالقضايا الإنسانية، وجائزة نجمة الجونة لأفضل ممثل التي ذهبت إلى الممثل الفلسطيني «علي سليمان».

كما منحت مجلة «فارايتى – variety»، الأمريكية الشهيرة المنتجة مي عودة جائزة أفضل موهبة عربية للعام بمهرجان الجونة عن فيلمها «200 متر»، وهي الجائزة التي تمنح لأول مرة لأمراة وأيضًا لمنتجة، كما حصل مخرج العمل أمين نايفة، جائزة مؤسسة مينا مسعود الخيرية «EDA»، وهى الجائزة السنوية التي أطلقها الفنان المصري العالمي باسمه بمهرجان الجونة السينمائي، وننطلق من هنا حول المخرج الفلسطيني أمين نايفة صاحب الـ33 عامًا، الذي استطاع من خلاله عمله السينمائي الثالث أن يكون أشهر مخرج فلسطيني في الآونة الأخيرة وحصد العديد من الجوائز، وهو صاحب الأعمال الـ3 فقط، وهما «200 متر» و«زمن معلق»، «العبور»، تأليفًا وإخراجًا.

ومع بداية عرض فيلم «200 متر»، في مصر بشكل تجاري منذ عدة أسابيع، ومع اختيار «إضاءات» للفيلم على رأس قائمة أفضل الأفلام العربية في عام 2020، أجرينا هذا الحوار الخاص مع المخرج أمين نايفة للتعرف على تفاصيل الفيلم، الذي روى من خلاله معاناة زوج فلسطيني يحاول العبور  إلى زوجته وأبنائه، حيث يفصل بينهما 200 متر والجدار العازل، في كشف لما يدور من معاناة يعيشها الفلسطينيون يوميًا، ولمعرفة أيضًا أعماله القادمة.

·        متى بدأت فكرة هذا الفيلم؟

بدأت فكرة الفيلم عام 2010، وأنا ما زالت في صف صناعة السينما، حين طلبت منا المعلمة أن نقوم بتحضير أفكار جدية لأفلام سينمائية، لأنه من الممكن أن تستكمل معنا تلك الأفكار لكي  يتم تنفيذها، فكان «200 متر»، إحدى هذه الأفكار.

·        ما الوقت الذي استغرقته في التنفيذ؟

قمت بكتابة المسودة الأولى للفيلم عام 2013، وظهر الفيلم للنور في عام 2020.

·        ما أكثر ردود الأفعال الجيدة والسيئة على حد سواء التي وصلت إليك عن الفيلم؟

ردود الأفعال في الإجمال كانت جيدة جدًا، فأنا حضرت مشاهدة الفيلم  مع الجمهور بفينيسيا والجونة والقاهرة، وفي قرطاج، وكان هناك حالة من التأثر لدى الجمهور والمشاعر كانت قوية تجاه العمل، وبالتالي فرسالة العمل وصلت إلى الجمهور، ولم تصل إلي في واقع الأمر ردود فعل سلبية، بالتأكيد هناك بعض التعليقات والتساؤلات على بعض المواقف، ولكن إجمالًا لم يصل لي أي رد فعل سلبي، فالفيلم الحمد لله حصد 12 جائزة عالمية منهم 5 جوائز من الجمهور، وهذا كافي

·        ما المشكلات التي تعرضتم لها أثناء تنفيذ هذا العمل؟

أكبر مشكلة واجهتنا هي البحث عن التمويل، وهي لا تخص فلسطين فقط، ولكنها أصبحت تصيب العالم العربي ككل، فالأمر أصبح أكثر صعوبة وتنافسية للحصول على التمويل.

ومن المشكلات الأخرى التي واجهتني هي أن «200 متر»، لم يكن المرة الأولى التي يتم بها مناقشة أمر الجدار العازل، سواء في أفلام روائية أو وثائقية، فكان إقناع الإنتاج بأن يتم استثمار الأموال في أمر تمت مناقشته من قبل، وأن يسثتمروا فيّ أنا أيضًا كمخرج لأول مرة في فيلم روائي طويل، ولكننا استطعنا أن نثبت من خلال الطرح أننا قدمنا شيئًا مختلفًا، وذا قصة إنسانية مختلفة قريبة من الجمهور.

·        هل تعرضتم لمضايقات من قوات الاحتلال؟

وجود الاحتلال نفسه هو أكبر مضايقة، فنحن قمنا بالتصوير في ظروف وفي مناطق قوات الاحتلال متواجدة بها، وكانت  من ضمن المواقف التي مررنا بها، تعرضنا لأن نكون في وضع خطير ولكنه مر بسلام في النهاية.

ولكن بالإجمال كنا طوال الوقت حريصين أن نكون بعيدين عن نقاط الاحتكاك، على الرغم من التصوير في مناطق قريبة منهم ولكن حاولنا محاذتهم، للحفاظ على فريق العمل، لكن طوال الوقت كنا في حالة ضيق من وجودهم بالأساس.

·        ألم تخشوا من الكشف عن طريقة التهريب في تفاصيل الفيلم؟

أتخيل أن التهريب بشكل عام معروف لقوات الاحتلال، والطرق التي تم تناولها بـ«200 متر»، أتوقع أنها معروفة، لأن هناك العديد من المواطنين تم القبض عليهم في اتباعهم هذه الطريقة، وبالتالي نحن لم نقم بكشف شيء غير معلوم.

·        ما الذي قد يجعل السينما الفلسطينية في تطور أكثر؟

إذا كان هناك عجلة إنتاج قوية وحقيقية وأقوى وأكثر مما هي متواجدة بالوضع الحالي، هذا سيساعد على إعطاء فرص جديدة لأشخاص مثلي، قد يكون لديهم أفكار جديد ومغايرة لما تم طرحه من قبل.

·        ما رأيك في تطبيع بعض الفنانين العرب؟

التطبيع بشكل عام شيء محزن ومؤسف، وليس لدي تعليق أكثر من ذلك، ولا أود التعبير بكلمات مؤذية أكثر، ولكن أتمنى من الفنانين الذين قاموا بالتطبيع أو يرغبون في ذلك مشاهدة فيلم «200 متر»، حتى يعلموا بقصة من القصص، التي يعيشها الشعب الفلسطيني في إحدى مناطقه وليست جميعها، في ظل 70 عامًا من الاحتلال، تحت إمرة دولة تدّعي الديمقراطية، وتدّعي أنها من حماة حقوق الإنسان وأبسط هذه الحقوق ليست متوفرة لديها

·        ما الفيلم العربي والعالمي الذي تعلمت منه؟

كثير من الأعمال التي تعلمت منها، ولكن أكثرها تأثيرًا هي مالها علاقة بالواقع وتقدم قصصًا حقيقية، مثل أفلام كين لوش و الأخوين دردان، هذا هو العالم الذي أفضله في المشاهدة، المليء بالتفاصيل.

·        ما أعمالك المقبلة؟

لدي أفكار كثيرة أود تنفيذها خلال هذه الفترة، ولكن التي أحاول أن أطور بها حاليًا هي فكرة عن شخص يأتي من عائلة مفككة باحثًا عن الانتماء ودفء العائلة، ويجد هذا الدفء عند زوجين كبار بالسن، ويقوما باحتضانه، وهو يحتاج إلى وقت وتحضير ولكن اهتمامي الأكبر بالقصص الإنسانية، لذلك أميل إلى اختيار موضوعات متعلقة بهذا الأمر.

·        ما رأيك في عرض الفيلم تجاريًا في مصر؟ وما رأيك في السينما التجارية المصرية؟ 

سعيد جدًا بعرض الفيلم في سينما زاوية، وحينما شاهدت شباك التذاكر والجمهور يأتي لكي يشاهد العمل، فرحتي كانت لا توصف، وخاصة أن هذا العرض يتم في مصر بلد السينما، وتحدثت للجمهور في أول عرض للفيلم، أن هذا اليوم لا يمكن أن أنساه بحياتي، كما أنه أول عرض سينمائي لفيلم خاص بي، إضافة إلى أن الجمهور المصري مهم جدًا بالنسبة لي.

أما الأفلام التجارية المصرية، فقد ابتعدت عن مشاهدتها لفترة ثم عدت لمشاهدتها قريبًا، ولكني مع كل الاحترام، لست من هواة الأفلام التجارية المصرية، فالأفلام التي تهمني هي القريبة من الناس وبها حقيقة أكبر، والمكتوبة للتجربة الإنسانية بشكل أكبر.

·        ما شعورك بأن فيلمك يمثل الأردن في تصفيات أوسكار أفضل فيلم أجنبي؟ 

أن يمثل فيلم لك بالأوسكار، وخصوصًا أن يكون عملك الأول، فحتمًا ستكون في حالة من السعادة الغامرة، ولم أصدق حين تلقيت الخبر.

أما عن أنه يمثل الأردن، فأنا فخور أني عشت طفولتي بالأردن ودرست السينما هناك ومعي الجنسية الأردنية،وأن تختار الأردن الفيلم ليمثلها في الأوسكار فهذا شرف كبير لي ويشعرني بالفخر بكل تأكيد.

·        ماذا كان رد فعلك ورد فعل عائلتك على تكريم الفيلم بعدة جوائز من مهرجان الجونة؟ 

كانت فرحة رائعة، وهم كانوا يشاهدون البث المباشر للحفل، والكل كان فخورًا بما وصلت له، وخصوصًا أنهم شاهدون على كل الأبواب التي طرقتها والمعاناة التي عانيتها خلال السنوات الماضية، وبالتالي تأثروا بشدة.

·        لماذا ظهر محمد صلاح لاعب الكرة المصري في الفيلم؟

محمد صلاح ظاهرة عالمية وأنا أحبه بشده، وجزء كرة القدم كان موجودًا في السيناريو من 2013 ومع تطوير الشخصيات طورت الحوار لأقوم بتعديله لشخصية محمد صلاح، فهو ملهم لكل الشباب العرب، وبالتالي قمت بوضعه كمرجع لشخصية رامي في الفيلم التي تبعث عن الحلم والاستمرار.

·        هل تعتقد أن الجدار الفاصل الذي أقامته قوات الاحتلال من الممكن أن يسقط يومًا ما؟  

هذا هو الأمل، وأنا متأكد أنه سيسقط في حياتنا فهو لم يُكمل 50 عامًا، لأنه قائم على ظلم والظلم لن يُعمر مهما طال الوقت.

·        كيف حدث التعاون مع فنان عالمي بحجم علي سليمان، خصوصًا أن هذا هو فيلمك الروائي الطويل الأول ؟

حين كتبت النص السينمائي الأول كنت أرى أن علي سليمان هو بطل القصة، وحين تحدثت إليه أبدى اهتمامه، وكنت خائفًا لأنها تجربتي الأولى وهو تعامل مع عالميين، ولكنه كان متواضعًا، وكان هناك قبول منه، وبالطبع كام هو الخيار الأمثل لفيلم «200 متر».

·        ما رسالتك للجمهور الفلسطيني والعربي، وما رسالتك للجمهور العالمي الذي سيشاهد الفيلم؟ 

رسالتي لكل العالم هي أنني أتمنى أن يكون الفيلم نافذة على فلسطين، لكي يروها في وضع حقيقي، لم أقم بتأليفه ونسجه من خيالي بل إنها مواقع حقيقية، وأحداث تقع في أرض الواقع، فإذا أرادوا أن يتخذوا موقف تجاه القضية ليكن عن وعي وليس عن جهل.

 

موقع "إضاءات" في

07.01.2021

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004