كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 

تغطية خاصة بـ" العالم ":

الجونة تواصل دورتها السينمائية الرابعة رغم المخاطر الصحية

الجونة ـ عدنان حسين أحمد

الجونة السينمائي

الدورة الرابعة

   
 
 
 
 
 
 

انطلقت فعّاليات الدورة الرابعة لمهرجان الجونة السينمائي وسط إجراءات احترازية مشدّدة، دعت فيها إدارة المهرجان إلى الالتزام بارتداء الكِمامات، والحفاظ على التباعد الاجتماعي بين الحضور من المدعوّين وعُشاق الفن السابع حيث بدأ حفل الافتتاح بأغنية "دقّي يا مزيكا" للفنان اللبناني رامي عياش التي أُعدت خصيصا لافتتاح المهرجان. وأكدّ في كلمة مقتضبة على تعطشنا الدائم للفرح والحياة وضرورة أخذ الحذر خلال أيام المهرجان، واختتم كلمته بشكر عائلة ساويرس على المضي في هذا المهرجان الثقافي والفني. لم يكن رامي عياش هو اللبناني الوحيد في هذا المهرجان فلقد تبعتهُ الإعلامية اللبنانية هيلدا خليفة التي قدّمت حفل الافتتاح بلهجتها اللبنانية المحببة إلى قلوب الناس وعبّرت عن سعادتها بمهرجان الجونة الذي أطلق شعار "سينما من أجل الإنسانية".

الجونة عاصمة الفنون في مصر

لا بد من الإشارة إلى أن كلمات بعض المشاركين كانت طويلة نسبيا وخاصة كلمة محافظ البحر الأحمر اللواء عمرو حنفي الذي وجّه التحية لمنظمي المهرجان وقال: "إن الجونة أصبحت عاصمة الفنون في مصر، وأن الفن هو تعبير إنساني يتجاوز الحدود ويجعل الإنسان أكثر رقيًا، وعلى الفنان أن يسعى لتحقيق تلك القيم لتغرز داخل الأجيال القادمة المعاني الجميلة، وتعرفنا على حضارات الماضي، وتمنحنا رؤية للمستقبل، وأن مصر تواصل رسالتها التنويرية ومحاربة الإرهاب بذلك المهرجان".

ثم ارتقى المنصة بعد ذلك المهندس سميح ساويرس، مؤسس مدينة الجونة الذي قال: "أنا سعيد جداً أننا نجحنا في إقامة المهرجان هذا العام وأن نحافظ على استمراريته، لذلك أحب التوجه بالشكر للدولة ووزارة الصحة خاصة، التي لولا وجودها هي والفريق الخاص بها لما استطعنا النوم ونحن مطمئنون. والذي أسعدني أكثر أني شعرت أن الناس تشتاق للعودة إلى الحياة العامة من جديد". كما توجّه بالشكر  للأشخاص الذين تحمّلوه في فترة الإعداد والتهيئة للمهرجان

جائزة خالد بشارة لصناع السينما المستقلة

كما قدّم تذكارا إلى ماريان زوجة المرحوم خالد بشارة المدير التنفيذي السابق لشركة أوراسكوم، الذي يعُد فقدانه خسارة كبيرة لأنه كان يتحمل أعباءً كثيرة لا يقدر على تحمّلها الإنسان العادي. أمّا السيدة ماريان فقد وصفت زوجها الراحل بأعذب الكلام وأدقّهُ حيث قالت عنه: "لم يكن يدير شركات أو رجل أعمال، كان مجرد شاب طموح، دمه خفيف، عينه يظهر فيها الذكاء، قام ببناء نفسه بنفسه، ومشواره المهني  لم يكن سهلاً ولم يكن مليئًا بالنجاحات، ولكن شغفه وحلمهُ جعله يتغلب على اليأس ويسبق منافسيه بتفكيره خارج الصندوق، لم يكن يبخل بوقته، وكان يساعد الشباب المبتدئ، ويسند البلد محاولاً أن يصنع فرقًا، ومن هنا جاءت فكره جائزة خالد بشارة لصناع السينما المستقلة في مصر،  أتمنى أن تكون بداية للشباب في المستقبل، وأشكر مهرجان الجونة لإطلاق اسم خالد على الجائزة وربطه بالمهرجان".

ديبارديو. . . مصر مكانه المفضّل

من جهته، قال المخرج بيتر ويبر، رئيس لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، لتقديم جائزة الإنجاز الإبداعي: "أرحب بهذا المهرجان في دورته الرابعة ويسعدني تواجدي في مصر الذي أعتبره مكاني المفضل. اليوم أنا يتم تقديمي كشخصية مميزة، ولكن هناك شخصًا آخر مميزًا قام بلعب أدوار مختلفة منها الشريرة والملائكية وهو الفنان الفرنسي جيرارد ديبارديو". وكما هو معروف فقد أثار تكريم هذا الفنان لغطًا في الوسط الفني المصري، إذ احتج البعض على تكريمه لموقفه المُساند لإسرائيل من دون أن يشيروا إلى أنّ ديبارديو يفضّل الثقافة الإنجليزية على الثقافة الفرنسية وقد انتقد الشعب الفرنسي في مرات متعددة دون أن يأخذ بنظر الاعتبار أنه فرنسي بشحمه ولحمه فهل يجوز أن نحاكم الفنان على آرائه وموافقه الشخصية، ونترك الجانب الفني وهو الأهمّ؟ تحدث ديبارديو عن الراحل يوسف شاهين وشكر آل ساويرس لإقامتهم هذا المهرجان الفني الجميل الذي يقام على أرض "أم الدنيا" كما لفظها بالعربية التي دغدغت مشاعر الحاضرين وأضاف: "يسعدني أن أكون هنا في مصر مكاني المفضل دائما".

الديكور أهم المهن في السينما

أما المهندس نجيب ساويرس، مؤسس المهرجان فقد رحّب بالحضور وذكر بأنه سوف يكرّم شخصًا مهمًا جدًا يعمل خلف الكاميرا بدأب وصبر واضحين هو مصمّم المناظر الأستاذ أنسي أبو سيف. ثم توالت كلمات نخبة من الفنانين من بينهم خالد النبوي، والمخرج داوود عبد السيد، ومروان حامد، وشريف عرفة. وأشار أنسي أبو سيف خلال تكريمه بأنه لم يجد شيئًا يقوله لأنه لا يُحسن الكلام، ولكنه يجيد الرسم. واعتبرَ هذه الجائزة مهمة لمهنة من أهم المهن في السينما وهي الديكور أو المنظر.

لمسة وفاء للفنانين الراحلين

دأب القائمون على المهرجان بتقديم رقصات وأغانٍ جميلة تنبض بالحيوية والفرح في الدورات السابقة الثلاث، أما نصيب الدورة الرابعة فهي أغنية "قصة حب" لرثاء الفنانين الذين رحلوا عن عالمنا خلال عام 2020، من كلمات أحمد رشاد، وتوزيع مصطفي الحلواني، وغناء فرح الديباني وهي التفاتة حب ووفاء لكل الفنانين الذين غادرونا بأجسادهم لكنهم بقوا بيننا بأرواحهم وأعمالهم الفنية من بينهم رجاء الجداوي ومحمود ياسين ونزار السامرائي من العراق.

ثمة كلمة مهمة ومختصرة لمدير المهرجان انتشال التميمي الذي رحّب بالحضور وشكرهم لأنهم استطاعوا تلبية الدعوة وحضروا المهرجان رغم الظروف الصحية القلقة التي يشهدها العالم برمته حيث قال: "إنّ الصعوبات التي واجهناها هذا العام جعلتنا قادرين على التصدي لأنه خلال السنوات الثلاث الماضية أصبح لدينا فريق رائع من الشباب المصريين الذين يمكنهم العمل في مهرجانات محلية وعربية بعد الخبرة التي اكتسبوها في هذا المهرجان". ثم قدّم لجان التحكيم الثلاث وهي: "لجنة تحكيم مسابقة الأفلام القصيرة" المؤلفة من المخرجة التونسية رجاء عماري، والممثل الهندي الشهير علي فازال، وكاتب السيناريو والمنتج الفرنسي جيوم دي ساي، والممثلة السورية كندة علوش، ومريم نداي، الممثلة السنغالية.

أمّا مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة فتضم المخرجة المصرية ماريان خوري، والمونتير والمخرج سيمون الهبر، المنتج والمبرمج السويدي فريدي أولسون، وبرنارد كارل، المبرمج والمدير الفني لمهرجان "حول العالم في 14 فيلم" والمنتجة ماري بيير ماسيا.

فيما اشتملت مسابقة الأفلام الروائية الطويلة على الممثل آسر ياسين، والمخرج أمجد أبو العلا، ورودريجو سيبوليدا، والمنتج تيري لينوفل، والمنتج بيتر ويبر .

سعيد تغماوي.. فنان متعدد المواهب

للمغرب حصته في هذا المهرجان حيث قدّم الفنان خالد النبوي جائزة عمر الشريف للفنان المغربي سعيد تغماوي وقد أثنى النبوي على هذا الفنان الذي وصفه بالمتعدد المواهب فهو ممثل، وكاتب سيناريو، وملاكم، وحصل أول سيناريو شارك في كتابته على جائزة  الإخراج في مهرجان كان. ولعل إتقانه لعدة لغات جعله أيقونة في السينما الفرنسية والأمريكية والمغربية. لم تكن لغته العربية سلسة ويسيرة لأنه يتحدث بالدارجة المغربية لذلك استعاض عنها باللغة الإنجليزية وأوضح جلّ ما يريده بسهولة ويُسر حيث تحدث عن تاريخه الشخصي وذكر بأنه وُلد في باريس، وعندما أصبح ممثلاً لم يهتم به كثيرون، وكانت أدواره غير جيدة. أما والدته فقد كانت تحب الفنان عمر الشريف، إضافة إلى حبها لأبيه. وأشار بأنه كان يشاهد الأفلام العربية والأجنبية ولم يكن يفهمها جيدًا لأنها كانت على درجة من التعقيد لكنه ما إن بدأ بدراسة الصورة حتى أخذ يفهم تلك الأفلام ويستوعبها. أمّا عن رؤيته لعمر الشريف فقد قال في هذا الصدد: "عمر الشريف لم يكن ممثلا بل كان أملاً، وكنت في مفتونًا ومعجبًا بهذا الرجل، فقد كان يعطيني الأمل، وهو شخصية عظيمة للشعوب العربية، ولم أكن أتوقع أن أحلم وأعمل معه في يوم من الأيام، عملت معه في أحد الأفلام، وتعلمت منه الكثير من الأشياء، واليوم وأنا أحمل جائزة باسمه، أفتقد صوته في أذني. أنا فخور بتلك الجائزة في بلده مصر الذي دعاني إليها في يوم من الأيام وتحدث عني، عمر أراك قريبا".

الأب الحالم بأخذ الرقص إلى منطقة ثانية

خفة الدم المصرية تظهر في مثل هذه المحافل الفنية والثقافية فقد قالت شيرين رضا "أن شكلكم جميل من هنا، المسرح له هيبة ويمكن أن تكون تلك الهيبة هي التي جعلتني أخالف رغبة أبي، وأكون الفتاه الوحيدة التي تمنى والدها أن يراها راقصة كبيرة وهي لم تحقق له هذا الحلم" وأضافت: "أنّ أبي رجل عظيم لديه حلم أن يأخذ الرقص في منطقة ثانية، حلم أن يخلق فنًا شعبيًا راقيًا ويعرف الناس بالفن المصري، ولولاه لم أكن أقف أنا الآن هنا وأقول بكل فخر أني ابنة محمود رضا".

استعباد الجسد

وفي نهاية الحفل عُرض فيلم الافتتاح الذي يحمل عنوان "الرجل الذي باع ظهره" للمخرجة التونسية كوثر بن هنية، بطولة الممثل السوري يحيى مهايني، وديّا ليان، وضيفة الشرف الفنانة الإيطالية مونيكا بلوتشي إلى جانب كوين دي باو، ومارك دي باندا وآخرين. يدور هذا الفيلم حول ثيمات متعددة من بينها السجن، والحُب، والهجرة، والعمل في مهنة غريبة ترقى إلى استعباد الجسد حيث يتفق البطل على بيع ظهره كسلعة مقابل ثمن، ويتم استغلال هذه المساحة الجسدية "الحيّة" كقماشة رسم ينفّذ عليها الفنان الأمريكي جيفري غودفروي وشمًا لفيزا شينغن تتيح لصاحبها التنقل في عدد من البلدان الأوروبية لكنه ما إن يصل إلى بروكسل يكتشف أن حبيبته عبير قد تزوجت من دبلوماسي سوري يبذل قصارى جهده كي يُظهر حبيبها سام علي كشخص منحط شوّه اسم سوريا وتاريخها وجعل من جسده موضوعًا لاستعباد جديد لم نألفه من قبل. ثم تنحرف القصة السينمائية باتجاهات متعددة تتعلق بالإرهاب الزائف الذي جسّده حينما سحب السماعات من أذنيه وأوحى للحاضرين الذين يريدون اقتناء عمله بأنه شخص إرهابي. يقرر سام العودة إلى سوريا مع حبيبته عبير لكن داعش ستكون له بالمرصاد جيث يسدد أحدهم فوّهة المسدس إلى رأسه ويرديه قتيلاً في الحال. جدير ذكره بأنّ بطل هذا الفيلم يحيى مهايني قد فاز بجائزة أفضل ممثل، كما فاز الفيلم أيضا بجائزة أديبو كينج للإدماج، وهى جائزة مستوحاة من مبادئ التعاون الاجتماعي.

 

العالم العراقية في

25.10.2020

 
 
 
 
 

المخرج أمين نايفه: قدمت حكاية كل فلسطينى فى «200 متر»

كتب: هاجر عثمان

«السينما الفلسطينية وسيلة مقاومة، وسعيد جدًا لظهور فيلمى فى هذه المرحلة الاستثنائية، وسعيد أكثر أنه وصل للجهمور وأن يرى الواقع الذى نعيشه اليوم فى، ولإنه واقع غير عادى ولا يمكن تجاوزه»، هكذا عبر المخرج الفلسطينى «أمين نايفة» فى بداية مقابلته مع «روزاليوسف» عن سعادته بنجاح فيلمه (200 متر) وفوزه بجائزة الجمهور فى مهرجان فينسيا فى نسخته 77

الفيلم نفسه يعرض فى مسابقة الأفلام الروائيةالطويلة بمهرجان الجونة السينمائى هذا الأسبوع ولهذا فإن الطريق مفتوح له لحصد مزيد من الإعجاب وأيضا الجوائز.

فى محاكاة لحكايته التى عاشها ومعايشته لحكايات من حوله واطّلاعه على أخرى، جاء الفيلم الذى يدور حول رجل من الضفة الغربية المحتلة فى عام 1967. بطل الفيلم يعانى من أزمة القدرة على الوصول لزوجته وأبنائه الذين يعيشون داخل الأراضى المحتلة؛ حيث تحول عنصرية الاحتلال دون لم شمل هذه العائلة، رغم أن المسافة بينهم 200 متر..!

وعن تفاصيل أفكار الفيلم ومواقف مخرجه جاء الحوار التالى:

·        أعلنت عن حزنك أثناء عرض فيلمك القصير (عبور) لأن الجمهور لم يكن يعرف بقصة الجدار العازل.. وها هواليوم يتفاعل مع (200 متر) ويمنحك جائزته فى فينسيا.. كيف ترى ذلك؟

مشاركة (200 متر) فى مهرجان فينسيا كأول فيلم روائى طويل لى، هو إنجاز فى حد ذاته، وفى البداية كان يُمثل خبرًا سعيدًا جدًا لى وصول هذا المشروع لمهرجان عالمى، وعندما وصلنا وتم عرض الفيلم وتلقينا تفاعلاً دافئًا واستثنائيًا من الجمهور بالقاعة، زادت سعادتى حتى لو حصلنا على جائزة أو لم نحصل عليها. لأن أهم شىء إحساسى بأن القصة التى أحكيها وصلت للناس وتأثرت بها، وعندما حصلنا على الجائزة فى النهاية شعرت بأننا نسير على الطريق الصحيح، والجائزة من الجمهور تعنى لى الكثير لأننى من البداية كتبت فيلمًا للناس، فلم يكن هدفى صناعة فيلم ملىء بالجماليات والاستعارات، ولكن فيلمى مباشر والجمهور قدَّر هذا الشىء.

·        هل هذه السعادة فقط ما جعلتك تبكى أثناء تصفيق الجمهور لمدة 3 دقائق بعد عرض الفيلم؟

بِكيت لأنه عندما استمر الناس فى التصفيق، صار أمامى شريط ذكرياتى من اللحظة التى بدأت فيها كتابة الفيلم ورحلته التى لم تكن سهلة، وكذلك تجاربى الشخصية ومعاناتى كفلسطينى مع جدار الفصل العنصرى وما حدث لعائلتى جرّاء هذا الجدار، كل ذلك رأيته أمام عينى.. بكيت تذكرت كيف واجهتنا صعوبات لإنجاز هذا الفيلم فى زمن جائحة كورونا والعالم كله «مِسَكر أبوابه»، ولن تصدقى أننى شاهدت الفيلم كاملاً لأول مرة فى قاعة مهرجان فينسيا، وأن المونتاج انتهى فى القاهرة أوائل 2020، ولكن مع الإغلاق العام تابعت كل مراحل الفيلم من صوت ومزج صوت وموسيقى وتصحيح ألوان عبر تطبيق «زووم».. كل هذه التحديات جعلتنى أبكى.

·        رغم تصريحك بصعوبة نقل تجربتك الشخصية مع الجدار العازل فى فيلمك القصير (عبور)؛  فإنك تقدمها بصورة أخرى فى فيلمك الروائى الأول (200 متر).. حدثنا عن هذه التجربة؟

صحيح جدًا، لجأت للروائى لأنه كانت هناك تفاصيل إنسانية كثيرة ومواقف فى حياة كل فلسطينى عانى من هذا الجدار العنصرى والتى كان صعبًا حَكيها فى فيلمى القصير (عبور) الذى ركزت فيه على لحظة واحدة مكثفة وموقف شخصى واحد مرت به عائلتى بعدم قدرتنا على الحصول لتصاريح لزيارة جدى فى مناطق عرب 48 الخاضعة للسلطة الإسرائيلية وإخبارنا بوفاة الجد ونحن على الحاجز. وصنعت (200 متر) أيضًا لاندهاشى أثناء عرض (عبور) عام 2017 فى مهرجانات دولية أن كثيرًا من الجمهور الأوروبى لا يعلم شيئًا عن الجدار العازل؟!، ويعرف فقط هذه الصورة النمطية التى خلقتها وسائل الإعلام الغربية المنحازة للكيان الصهيونى عن فلسطين بأنها بلد التفجيرات، القتل، الاعتقال.. فكرة أن فلسطين بلد فيه أشجار وحياة عادية غير موجودة بالأذهان، هل تتخيلين أن مخرجًا يونانيًا سألنى بعد مشاهدة (عبور) عن مشهد تسير به السيارة وفى الخلفية توجد أشجار قائًلا: «لم أكن أعلم أن فلسطين خضراء»!، لأنه كان يظن أنها صحراء، بعد هذا الموقف حزنت وشعرت أننى أريد أن أصنع فيلم طريق، أريد أن أوقظ الناس برحلة، لذا كانت الجغرافيا مهمة جدا بفيلم (200 متر) لنشرح للعالم جغرافيا هذا الوطن الذى يعانى منذ أكثر من 70 سنة

·        وماذا عن تسمية الفيلم (200 متر)؛ هل هى المسافة التى يفصلها الجدار العازل بين القرى الفلسطينية؟

المسافة أحيانًا تكون 10 أمتار وليس 200 فقط، هذا ما تفعله التفرقة العنصرية للجدار بين أكثر من مدينة وقرية فلسطينية على امتداد الضفة الغربية من شمالها لجنوبها، واخترت تسمية (200 متر)، لأنها تعود لموقف صار أمامى قبل 15 عامًا، عندما كنت أقف مع صديق فى قرية فلسطينية وتقابلنا قرية أخرى ولكن يفصلنا الجدار، حكى لى أنه قبل الجدار كان يشعل سيجارته فى هذه القرية ويطفئها فى القرية الثانية! لأن المسافة كلها 200 متر! لكن اليوم كى يذهب صديقى لهذه القرية عليه أن يدخل القدس «تهريب» ويسير نحو 200 كيلو متر. ومن هنا كانت الجملة برأسى واخترتها كعنوان للفيلم

·        لعل العالم ذاق فى 2020 مرارة هذه الحواجز القسرية التى يعيشها الفلسطينيون ولكن مع جائحة كورونا؟ 

صحيح، ولكن لا يُقارن من ناحية البُعد التاريخى والألم الذى نعيشه منذ 70 سنة، لكنى أشعر أننى محظوظ بخروج فيلمى فى هذا التوقيت مع كورونا، لأن الناس أصبحوا أكثر فهمًا وتعايشًا لفكرة الحاجة للتواصل الإنسانى. هذا الذى يعيشه العالم اليوم، يعيشه الفلسطينيون منذ سنوات طويلة

·        واجهتك تحديات إنتاجية كبيرة استمرت لسنوات لخروج (200 متر) للنور.. لماذا لم تلجأ لصندوق الدعم الإسرائيلى كما يفعل مخرجون فلسطينيون؟

مستحيل طبعًا أن أحصل على تمويل من الصهاينة، أنا ضد التطبيع الثقافى، وأفهم سؤالك جيدًا، هؤلاء المخرجون هم فلسطينيو الداخل ويخضعون لمناطق السلطة الإسرائيلية ويبررون ذلك بدفع الضرائب، لكن أنا أرفض ذلك أيضًا، فى النهاية نحن لسنا دولتين مختلفتين على حدود، وبيننا مشكلة بسيطة، هناك كيان مغتصب، لا يعترف بى ويضطهدنى منذ 70 سنة. الآن هل أعمل معه وكأنه ما صار شِى

·        كصانع أفلام.. كيف ترى أهمية دور السينما الفلسطينية كوسيلة مقاومة ضرورية؟ 

السينما الفلسطينية بالفعل وسيلة مقاومة، ولكن الكل يحمل المسئولية سينمائيين وإعلاميين، وسعيد جدًا لظهور فيلمى فى هذه المرحلة الاستثنائية من التطبيع التى يشهدها العالم العربى، وسعيد أكثر أنه وصل للجهمور وأنه يرى الواقع الذى نعيشه اليوم فى (200 متر)، وأنه واقع ليس عاديًا ولا يمكن تجاوزه، ولا يمكن أن نتعامل معه الآن وكأن كل شىء تمام ونعيش مع بعض فى سلام!، هذه رسالتى التى أريد أن تصل وستصل مع رحلة الفيلم فى الأيام المقبلة بالمهرجانات فى لندن، قرطاج بتونس، بوسان فى كوريا الجنوبية، إشبيلية، الجونة بمصر، آيسلندا.<

 

####

 

اتهامات «التطبيع» تطارد مهرجان الجونة!

كتب: هبة محمد على

انتقادات مكررة تطارد مهرجان الجونة السينمائى منذ انطلاق دورته الأولى قبل أربع سنوات، دأب «انتشال التميمى» مدير المهرجان على الرد عليها كل عام، فقبيل كل دورة تَتعالى أصوات مرددة أنه مجرد مهرجان سياحى لا هدف له سوى أن تسير فيه النجمات على السجادة الحمراء، لاستعراض أحدث صيحات الموضة فى الفساتين، والأزياء، بينما ينبرى فريق آخر للتشكيك فى المعايير التى يتم على أساسها اختيار الأسماء المكرمة فى كل دورة، ويرد المهرجان على الانتقاد الأول كل عام بشكل عملى، وذلك بعرض أحدث إنتاجات السينما العالمية.

 ليصنع من نفسه منافسًا شرسًا لأعرق المهرجانات محليًا، وإقليميًا، ونافذة حقيقية لمشروعات الأفلام فى مراحل التطوير، وما بعد الإنتاج، ولعل هذا الانتقاد المتكرر كان سببًا فى إعلان الفنانة «بشرى» مديرة العمليات بالمهرجان أن الأولوية فى دعوات النجوم هذا العام ستكون للذين قاموا بالفعل بحضور الفعاليات، والأفلام فى الدورات السابقة، وليس من جاءوا للمهرجان للتنزه، أما الاتهام الثانى فلدى «التميمى» رد دائما ما يكرره بأن (مهرجان الجونة ليس كوشة عروسة) فى إشارة إلى أن اختيارات المهرجان لأسماء المكرمين تتم بشكل دقيق، ومحدد، لذلك فدائما ما تكون عدد الأسماء المكرمة قليلة جدا، بخلاف مهرجانات أخرى، يتزاحم فيها المكرمون على خشبة المسرح، كما يتزاحم المدعوون حول (كوشة العروسة) فى حفلات الزفاف.

لكن يبدو أن فى الدورة الرابعة أضيفت تهمة جديدة إلى قائمة الاتهامات الموجهة للمهرجان؛ حيث تم اتهامه بالتطبيع بسبب وجود الممثل الفرنسى «جيرارد ديبارديو» ضمن قائمة الأسماء المكرمة فى هذه الدورة، بسبب مواقفه المنحازة لإسرائيل؛ حيث دشن بعض النشطاء المناهضين للتطبيع، حملة إلكترونية ضد المهرجان، أسفرت عن بيان كان أبرز الموقعين عليه المخرج «على بدرخان» والمخرج «محمد فاضل» وزوجته الفنانة «فردوس عبدالحميد» والناقدة «ماجدة موريس» وآخرون، ومع انطلاق الدورة الرابعة للمهرجان، قررنا أن نجعل السطور القادمة مساحة هادئة للنقاش، وأن نعرض وجهة نظر طرفى الصراع، خاصة مع إصرار إدارة المهرجان على التزام الصمت حتى الآن.

-تحدٍ للسينمائيين المصريين

البداية مع الاسم الأبرز ضمن قائمة الموقعين على البيان وهو المخرج «على بدرخان» والذى يرى أن الرفض لا يعنى عدم الموافقة على حضور «ديبارديو» للمهرجان، فنحن فى مصر نستقبل سياحًا من كافة بقاع الدنيا، لكن الرفض بسبب التكريم لأن معناه أن المهرجان يقدر مواقف هذا الفنان، وهو ما لا يجوز  على الإطلاق، وبخلاف مواقفه السياسية الداعمة لإسرائيل، فلديه مواقف سينمائية مخجلة، وروج من خلال أحد أفلامه لإسرائيل، وصنع دعاية لها، كما أنه ليس بالنجم العظيم الذى سيساهم فى إحداث نقلة للمهرجان، ولا أدرى ما هو سر الإصرار الشديد على تكريمه، ولا أدرى كيف نصنع مهرجانًا سينمائيًا فى مصر ولا نهتم بآراء السينمائين المصريين! مشيرًا إلى أن عددًا من أعضاء نقابة الفنانين الفلسطينيين قد أرسلوا للموقعين قائمة بأسمائهم لينضموا إلى حملة المقاطعة، شاكرين لهم موقفهم الداعم للقضية الفلسطينية.

-اختبار كشف نوايا

رغم ورود اسمها ضمن قائمة الموقعين على البيان، فإن الناقدة «ماجدة موريس» ترى أن مهرجان الجونة بريء من التطبيع! وعن ذلك تقول: وقعت على البيان لأنى ضد التطبيع مع إسرائيل بشكل عام، لكنى لست ضد المهرجان، ولست ضد تكريم «ديبارديو» فيه، فالمهرجان لم يعلن تطبيعه مع الكيان الصهيونى، أو عرض فيلم إسرائيلى مثلا ضمن برنامجه، و«دبيارديو» ليس مواطنًا إسرائيلى الجنسية، وفى رأيى أن الحملة مبالغ فيها، وسببها يعود إلى أن المهرجان قد حقَّق نجاحًا كبيرًا منذ دورته الأولى عجز عن تحقيقه أغلب المهرجانات المصرية، وفى هذا العام يدعو المهرجان 200 سينمائى من حول العالم، ومن المستحيل أن نقيم لكل هذا العدد كشف نوايا، لنتعرف من خلاله على ميولهم، وتوجهاتهم السياسية، فلا بُدّ أن تكون قواعد التكريم فى المهرجانات السينمائية محددة، ومعروفة للجميع، وتقوم على أساس الإنجاز الفنى، وليس على الموقف السياسى، أما إذا تمت دعوته كناشط سياسى مثلا فسأكون أول المعترضين على وجوده، وأنا على يقين أنه إذا تفوه بكلمة واحدة فى مدح إسرائيل، فسيجد المئات يهبون للرد عليه، وقد يكون هذا الأمر أفضل كثيرًا من المقاطعة، خاصة أننى قرأت عنه، واكتشفت أنه رجل متقلب المزاج، وهوائى فقد اعتنق الإسلام لفترة، عندما ذهب إلى الجزائر ليقدم فيلمًا فيها، ثم تراجع بعدها، وأعلن أنه تحول من مسيحى كاثوليكى، إلى مسيحى أرثوذكسى، وعندما ذهب إلى الهند أعلن تخليه عن المسيحية، إذن فلا بُد أن نحكم عقولنا، وأن لا تشغلنا أهواء البشر وميولهم، وأن يكون مقياسنا هو السينما الجيدة، وقواعدنا للتكريم واضحة، بما لا يخالف مصلحة وطننا، ومعايير التطبيع المعروفة منذ قديم الأزل.

-هيئة مطاردة التطبيع

وعلى الجانب الآخر، يرى الناقد «محمود عبد الشكور» أن مهرجان الجونة له طبيعة خاصة، فهو مهرجان (قطاع خاص) وصاحب المهرجان له حق يكرم من يرغب طالما لم يأت بأحد من دولة معادية، أو يحدث ضررًا بالأمن القومى المصرى، ولا سيما أن فرنسا دولة صديقة، وتربطها بمصر علاقات متينة، أما كون الفنان المكرم له انحيازات ضد مبادئنا، فهذا لا يتعارض أبدًا مع حضوره، لأن الحضور بمثابة دعوة للنقاش، ومشاهدة الصورة عن قرب، بدلا من الصور المغلوطة المسيطرة على عقلية بعض النجوم الأجانب، مع العلم أن مجرد حضوره لا يعنى التسليم بآرائه، أو الموافقه عليها، فهى تخصه هو وحده، وقد يتسبب النقاش فى تغييرها، وتكريم أى شخص فى أى مهرجان سينمائى يكون على منجزه السينمائى فقط، وليس على مواقفه السياسية، ومع ذلك أحترم كل الموقعين على البيان الرافض للتكريم، فلهم مطلق الحرية فى التعبير عن وجهة نظرهم، لكنى أرفض مصادرة الرأى الآخر الذى يتمثل فى تكريم المهرجان لمن يشاء من الشخصيات، لأن القائمين على المهرجان هم مجموعة من المثقفين ولهم وجهة نظر لا بد من احترامها دون مصادرة، أو فرض وصاية، وأنا أتعجب من أن المهرجان ذاته قد كرم النجم العالمى «سلفستر ستالون» قبل عامين، والذى يحمل نفس توجهات «ديبارديو» تجاه إسرائيل، ومع ذلك مر الأمر مرور الكرام، ولم يحدث أى ضجة! فما المعيار إذن؟

 وفى السياق ذاته، يتذكر «عبد الشكور» الضجة التى أثيرت عند قدوم الفنان الفلسطينى «محمد بكرى» لعرض فيلمه فى مهرجان القاهرة، فى فترة تولى «سعد الدين وهبة» رئاسة المهرجان، وكان سببها أن «بكرى» من عرب 48، ويحمل جواز سفر إسرائيليا، رغم أنه فلسطينى حتى النخاع، تمسك بأرضه، وسجن سنوات طويلة من قبل قوات الاحتلال، ويعبر عن قضيته فى أفلامه فى حدود الإمكانيات المتاحة له، حيث يقول: أذكر أن له عبارة شهيرة يقول فيها (أأتى إلى مصر فيحاكموننى لأنى إسرائيلى، وأعود إلى إسرائيل فيحاكموننى لأنى عربى!) وللعلم فهناك إسرائيليون ضد الجرائم الإسرائيلية ومع الحقوق الفلسطينية أكثر من بعض العرب، فلا بد من إعمال العقل فى هذه المسائل، وتحديد تعريف محدد للتطبيع، لأن ترك الأمر بهذا الشكل الفضفاض سيساهم فى تعويم القضية، وسيصبح كل من زار إسرائيل غير مرحب به، رغم أن حضوره إلينا سيجعله يرى الجانب الآخر من العملة التى لا يستطيع أن يراها من مكانه، بل وسيصبح «محمد بكرى» ومن على شاكلته من المناضلين بالفن مطبعين فى نظر البعض! >

 

مجلة روز اليوسف في

25.10.2020

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004