كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 

خالد محمود يكتب:

«احتضار».. عندما تعلمنا السينما أن لحظة في الحياة تساوى العمر كله

الجونة السينمائي

الدورة الرابعة

   
 
 
 
 
 
 

فيلم عميق وذو مغزى بصورته القوية وشخصياته الغامضة والعنيفة أحيانًا.

من السهل جدا العثور على أفلام جيدة، ولكن من الصعب العثور على مخرج جيد يجعلك تؤمن بعمق روحه، لذا فإن الفيلم بالنسبة لي هو مجرد باب لاكتشاف ذلك الشخص.

المخرج الأذربيجاني هلال بايداروف يعرف ما يريده جيدا في فيلمه "احتضار"  Between Dying، وهو أن لحظة واحدة فى الحياة قد تساوى العمر كله، وهى بالتأكيد لحظة حب، فالحب هو العائلة الحقيقية للإنسان.

يقدم الفيلم الذى عرض على شاشة مهرجان الجونة السينمائي وفاز بنجمته البرونزية قصة داود، الشاب الذي يعيش مع والدته المريضة، يحاول العثور على عائلته الحقيقيّة، ويعيش دورة حياته في يوم واحد وعندما يجد مبتغاه، يكون الأوان قد فات.

سيطر المخرج بقوة على الحالة المزاجية للقطاته وصورته وشخصياته وحواره وأيضا على المشاهد أمام الشاشة، الفيلم ملئ بعناصر التشويق منذ البداية الغامضة، حيث نسمع داود (أورخان إسكندرلي) في تعليق صوتي يتحدث عن بحثه المتواصل عن امرأة ستكون حب حياته، بينما تتحدث امرأة عن رفضه التحرك ليعثر عليها كحبه الحقيقي، وفيما بعد نراهما بالقرب من بعضهما دون أن يرى كل منهما الآخر.

يتنقل الفيلم بين عدد من الصور الشاعرية لتلقى بجمالها وظلالها على الشخصيات مازجة بين ضبابية السماء وخضرة الأرض، وخاصة فى رحلة بطلنا داود التى يشهد خلالها على مدار يوم واحد سلسلة من الحوادث الغريبة يفضى بعضها إلى موت بشر، وأخرى تكشف عن سرديات غامضة، حيث يلتقى مع مجموعة من النساء المقهورات تواجه كل منهن خطر ما، وتسعي للتحرر، سواء من الزوج العنيف أو الأخ المستبد، أو من ألم الجسد أو الروح.. التحرر الذي يصل في الموعد المحدد بالموت.

فها هو أولا مع امرأة شابة تقول إنها مصابة بداء الكلب، ثم مع امرأة تخبره عن زوجها الوحشي ثم مع شابة ترتدي فستان زفاف، هاربة من زواج مرتب رغما عنها، يؤدى فى النهاية إلى الموت على طول الطريق الممتد والملئ بالمناظر الطبيعية القاتمة.

"الصبر هو أعظم هدية على طريق الكمال"، هذا ما قيل لنا على الشاشة، ستحتاج إلى كثير منه عندما يتعلق الأمر بالمؤامرة، هنا تبدو لقاءات داود بالنساء مجازية في البداية - كنوع من المحاكمات الذاتية للضحايا - وهو غالبًا ما يصطحبهن على دراجته النارية معه طوال الوقت، هاربًا من مجموعة من الرجال، الذين يظهرون مثل جوقة من وقت لآخر لمراقبة الموت االذي يتركه لكل حالات النساء.

إنها تجربة تشبه الحلم، وحالة صوفية  للمخرج الاذربيجانى تثير الإعجاب أكثر من كونها قصة يسهل الوصول إليها، فداود الذى يبحث عن معنى في حياته يحيطه الموت من جانب، وكأنه يثبت لنا بأنه عندما يفتقد الجميع للحب يحتضر ويكون بين أحضان النهاية عن طيب خاطر.

الأداء المرتجل لبطلنا فى مشواره الغامض كان ملهما يشعرنا بالتأثر الكبير بأندريه تاركوفسكى، يبحث  عن الحب والذي يشعر أنه الهدف الوحيد في الحياة، حيث تكمن الفرصة الفعلية للحب في المرأة التي كانت تنتظر هناك ولن يشعر بها ولم ير وجهها أبدا، هى دائمًا في لقطة طويلة مع ظهرها للكاميرا

بالطبع، فات الأوان بالنسبة لداود، من المفترض أن ندرك ذلك، لأن أفعاله في العالم كانت لها عواقب، ومع ذلك هناك خلاص لكنه مشؤوم حيث ألحقته رحلته بالعديد من النساء البائسات على طول الطريق، والذي يربطهم جميعًا بشكل موضوعي كقطعة واحدة من القماش، كما لو كانت لاعبات من مأساة يونانية.

فى الطريق يلتقى داود مع  امرأة ترتدي الأسود، وبجوارها طفل وحصان أبيض تسقيه الماء وتنظف ملابسه وتخبره بقصتها وهروبها من زوجها المدمن الذى يسئ معاملتها وتقول له متنهدة وهى تحتضر  "كل نفس تقربني إليك"، في إشارة إلى الحب المجهول الذي تسعى إليه بشكل مخيف، ويبدو أن العروس المخصصة لداود يمكن أن تكون الموت بالفعل.

بايداروف، يكشف فكره الفلسفي لنا كبشر، حيث تعمل شخصيته داود كوسيط بين عالمين: عالم من المعاناة، والسجن، والقمع. عالم يثقل كاهل كل من مجبرين على العيش فيه، ثم هناك عالم الحرية، والإفراج، وربما المغفرة، ويتفاوض داود بين الاثنين ويساعد الناس على الانتقال من عالم إلى آخر.

يفعل ذلك دون وعي. إنه يحرك الأمور من خلال حضوره المطلق وكأنه كائن من السماء يعيش بين الاحتضار هو أيضًا: إنه مطاردة لكن هل يحدث ذلك فى الحقيقة في الخيال؟ لا زمان ولا مكان في فيلم بايداروف. إنه سرد حر وربما يكون السبب الرئيسي لذلك هو تقسيم الفيلم إلى فصول، كل فصول يقدم شخصية امرأة أخرى، يركز على معاناتها وتحررها من هذه المعاناة. ربما يكون أكثر ما يذهل المشاهد هو أن النساء المختلفات تجسدهن نفس الممثلة، مما يمنع التوجه الزمني والمكاني.

المناظر الطبيعية المغطاة بالضباب، والحالمة الجميلة تضيف إلى هذا الشعور الغريب بأنك في مكان ما معروف وغير معروف في نفس الوقت. أثناء هروبه يجد داود نفسه في ظروف مأساوية وغامضة. أينما ذهب، الموت ليس بعيدا وفي المشاعر التي يستحضرها.

صور المخرج فى فيلمه الخيالي الثاني، بعد "تلال بدون أسماء " 2018 والعديد من الأفلام الوثائقية،الموت فى صورة شاعرية وبسرد تضغى عليه السمة الخيالية والتأملية فى علاقة البشر بالطبيعة المحيطة وأسلوب ملئ بالرمزية السينمائية ويبدو أنه تأثر أيضا ككاتب سيناريو بالمخرج بيلجى سيلان وخاصة فى تصوير الطبيعة ببطئ، وكان لمزيج الموسيقى مع الصوت المؤلم تأثير كبير فى رسوخ المشهد من حيث الإيحاء بالفكرة.   

بجانب التركيبات والإضاءة والتى غالبا ما كانتمظلمة تمامًا، وحتى الضباب والسحاب وهي أمور كانت ملهمة في أسلوب المخرج لأنها تؤدي إلى وحدة الوجود، وحدة الأرواح بينما جاء أداء  أورخان إسكندرلي  "داود" ورنا أسجاروفا "العروس"  عميقا وبليغا وخاصة فى التعبير الصامت بالجسد والنظرات التى تجاوزت حدود تقليدية الأداء،  إنه حقا فيلم رائع عميق جدا وذات مغزى، بصورته القوية وشخصياته الغامضة والعنيفة أحيانًا.

إنه ليس مجرد "حدس شعري" تقليدي يتعلق في الغالب بالانسجام والتوازن، إنه عن الجمال، ولا أنسى كلمات هلال بيداروف: "من فيلم إلى فيلم أدركت أنني لا أحب السينما، أحب الحياة، إنها مجرد لحظة حياة، لحظة جمال أرغب دائمًا في التقاطها".

قرأ بيداروف قصة بوذا عندما كان في المدرسة الثانوية. إنها قصة بسيطة عن بوذا يعرفها الجميع - لقد كان ابن الملك ، ولم يرَ قط مرضى وكبار السن وفقراء في القصر. ذات يوم غادر القصر عن طريق الخطأ والتقى بواقع الحياة وقرر عدم العودة وكرس نفسه لفهم "الحياة".

وقال: "لا أرى الفيلم على أنه مشكلة يجب تحليلها. لا يوجد حل مشكلة ولا أعتقد أن هناك نفق عميق أو شيء من هذا القبيل. السينما تدور حول نقطة واحدة فقط أو السينما هي مجرد نقطة واحدة من بين 360 درجة من حولنا. والتصوير يحاول إيجاد هذه النقطة".

 

بوابة أخبار اليوم المصرية في

10.11.2020

 
 
 
 
 

مشروعات لصناع أفلام مصريون تدشن في الجونة الرابع *

جوائز دعم لهاملت و رامبو ورجل لا يبكي

صفاء الليثي

الإنجاز الكبير في منطلق الجونة  كان لصاحبي فيلم " هاملت من عزبة الصفيح " المخرج أحمد فوزي صالح والمنتج والكاتب أحمد عامر، ومعهم الممثل أحمد داش. بفوز الفيلم بأربع منح كجوائز رعاة منطلق الجونة السينمائي  إذ حصل المشروع على جائزة بقيمة 20 ألف دولار أمريكي من شاهد، وجائزة بقيمة 10 ألف دولار أمريكي من سباركل، كما حصل على  مشاركة في إقامة منتدى فيلم إندبندنت الافتراضية المقدمة من فيلم إندبندنت والسفارة الأمريكية، ومشاركة في مبادرة جلوبال فيلم إكسبرشن المقدمة من إيفتا. وجائزة خامسة جائزة خاصة مقدمة من وزارة السياح والاثار المصرية للمنتج أحمد عامر للتصوير لمدة شهر مجانا في أماكن أثريةواكتملت في الختام بالجائزة السادسة جائزة خالد بشارة المستحدثة لصناع السينما المستقلة في مصر ، وهي الجائزة التي تلقاها في حفل الختام وقيمتها ماليا عشرة آلاف دولار أمريكي. في حوار مع أحمد فوزي صالح صرح بأن الأموال لا تصنع أفلام. وأن الفيلم لابد أن ينجز على تمهل بالكتابة وإعادة كتابة، وهذه أهم مراحل صناعة الفيلم، أي مخرج ينجح فيلمه يؤكد أن السيناريو ثم السيناريو وقد يكررها عشر مرات، مهم جدا العمل على السيناريو طويلا قبل البدء في تصوير الفيلم. وقد تستغرق الكتابة عامين على الأقل لكي يمكن صناعة فيلم جيد. وعندما سألته عما يتردد كثيرا عن شروط الدعم قال " من تجاربي السابقة لا توجد أي جهة تفرض وجهة نظر أو شروط معينة ، تكون لدى صانع الفيلم وجهة نظر فنيا أو إنسانيا يوضحها ومن يريد أن يتحمس للمشروع يقدم دعمه ، وهي تخضع لذائقة لجان التحكيم. التي تتغير كل عام، قد تكون لجنة أخرى ولا تتحمس للمشروع، لم ألمس أي تدخل من اللجنة التي منحتني الدعم. وبالنسبة للعمل مع المخرج والكاتب أحمد عامر أعتقد لكي تكون هناك موجة من الأفلام لابد من العمل بشكل جماعي مستحيل شخص واحد يمكنه بمفرده إحداث تأثير أو أن يترك أثرا. أحمد عامر كاتب سيناريو محترف ورائع، وجوده معي في كتابة السيناريو إضافة للمشروع الذي فكرت فيه، وجدت أننا متفقين على كثير من الأمور، ونتيجة العمل ستكون مضاعفة عندما نعمل معا. ثم فكرت لم لا نكون نحن منتجي العمل ففي مثل هذه النوعية من الآرت هاوس فيلم يكون أصحابها هم منتجوها ، وبدأنا شراكة رائعة مع انسان غاية في النبل والإخلاص ، أتعلم منه في كل خطوة وأتمنى أن تستمر الشراكة في أفلام قادمة.  ليست كل مهرجانات العالم لديها البلات فورم أو المنصة الإنتاجية التي تساعد مشروعات لكي تنتج، يكون هناك موقع به طلبات معينة. ملخص، معالجة وأحيانا يطلب نسخة سيناريو، يتم التقديم وكل مهرجان يختار لجنة تبعا لسياساته ، وعند اختيار المشروع يرسلون رسالة عبر البريد الشخصي أنه تم اختيارك ويكون اللقاء في الجونة وعرض المشروع ومناقشته . خلاصة ما صرح به لي مخرج ورد مسموم أن فيلمه باسمه اللافت " هاملت من عزبة الصفيح" لن نشاهده في الجونة قبل مرور عامين أوثلاثة في الدورة السادسة أو السابعة حتى يكون قد أخذ حقه في الكتابة والتحضير الجيد ليكون منافسا قويا في أفلام المسابقة التي تضم 14 فيلما من أفضل انتاجات العالم. والصبر طيب.

منطلق الجونة السينمائي مختبر لتطوير المشاريع والإنتاج المشترك، يوفر الفرص للمخرجين والمنتجين العرب لإيجاد الدعم الفني والمالي اللازم. استقبل المنطلق المشاريع الروائية والوثائقية الطويلة في مرحلة التطوير، والأفلام في مرحلة ما بعد الإنتاج التي تم إرسالها في وقت التقديم المُحدد. كما حصل "مفيش راجل بيعيط" لمحمد مصطفى (حصالة) على مشاركة في إقامة منتدى فيلم إندبندنت الافتراضية المقدمة من فيلم إندبندنت والسفارة الأمريكية. بينما حصل "خذوني إلى السينما" للباقر جعفر (العراق، مصر) على إقامة للمونتاج لمدة 10 أسابيع وجلسات توجيه مقدمة من دوكس بوك.

انجاز آخر لصناع السينما الجدد في مصر لرشا حسني منتجة، وخالد منصور مخرجا للفيلم القصير البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو  بمنحتين من روتانا ومؤسسة إنتاجية " production la goonie film. ومعهم في الفريق ، محمد الحسيني، ومحمد أحمد السيسي .

تكونت لجنة تحكيم المنطلق من وكيل مبيعات الأفلام الفرنسي كليمون شوتون والمخرجة والمنتجة اللبنانية ديما الجندي والكاتبة والمخرجة والمنتجة الأردنية ليالي بدر.

هناك سينما مصرية جديدة قادمة مع اكتساب صناعها الشباب لمهارات الحصول على الدعم ، ففي السنوات الأخيرة ازدهرت تجمعات وكيانات مستقلة، مثل حصالة هالة لطفي، فج ليف مارك لطفي، ومنتجون مستقلون مازالوا يتجمعون بعد أن أدركوا أنه لا يمكن انتظار قبولهم بأفكارهم المختلفة في الكيانات القديمة ومؤسسات الإنتاج بنمطها القديم، ولا ينتظرون أيضا دعما حكوميا من مؤسسات الدولة  التي وعدت وخصصت ميزانيات لمشروعات لم تنفذ .

 

جريدة القاهرة في

10.11.2020

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004