كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 

«الجونة»..

جنة السينما على أرض مصر!

بقلم: مجدي الطيب

الجونة السينمائي

الدورة الرابعة

   
 
 
 
 
 
 

* مهرجان يُخصص 10 ألاف دولار للسينما المستقلة و15 ألف دولار للمشروع الفائز في مرحلة التطوير والفيلم الفائز في مرحلة ما بعد الإنتاج بالإضافة إلى جوائز عينية ومالية تصل إلى 300 ألف دولار وجوائز لأفلام المسابقات الثلاث تبلغ قيمتها 224 ألف دولار .. هو مهرجان كُتب له أن يعيش ويجد التشجيع

* «جائزة أفضل فيلم» أصبحت جائزة «حفظ ماء الوجه» و«جبر الخواطر» للأفلام العربية العاجزة عن منافسة الأفلام العالمية !

توقف المراقبون طويلاً، عند موقف إدارة مهرجان الجونة السينمائي، التي التزمت الصمت، تجاه الحملة، التي استهدفت الدورة الرابعة (23 – 31 أكتوبر 2020)، وطالبت بمقاطعتها؛ كونها تحولت إلى أداة للتطبيع، والتفريط في حقوق الشعب الفلسطيني، ومع هذا لم تُعلق إدارة المهرحان بكلمة، أو تُصدر بياناً، يرد على ما أثير من جدل !

ومع إعلان نتائج، وتوزيع جوائز، الدورة الرابعة للمهرجان، لفتت الفلسطينية مي عودة، منتجة الفيلم الروائي الطويل «200 متر»، الأنظار بإهدائها جائزة الجمهور (نجمة الجونة وشهادة و20000 دولار أمريكي) ، التي فاز بها الفيلم، «إلى فلسطين، والشعب الفلسطيني، والسينما كسلاح لتوصيل الرسالة»واختتمت بقولها : «احنا مكملين»، وهو ما فعلته، أيضاً، التونسية كوثر بن هنية، مخرجة فيلم «الرجل الذي باع ظهره»، الذي فاز بحائزة نجمة الجونة لأفضل فيلم عربي روائي طويل (نجمة الجونة وشهادة و20000 دولار أمريكي)، فما كان منها سوى أن أهدت الجائزة إلى «اللاجئين الفلسطينيين والعالم».

هنا بدا، وكأن الضيوف تولوا مهمة الدفاع عن المهرجان، وتبنوا، بالإنابة عن إدارته، الموقف الداعم للقضية الفلسطينية، وحقوق الشعب الفلسطيني، بينما أولت إدارة المهرجان إهتماماً ب «القضية»، من الناحية السينمائية؛ عبر اختيار فيلم «200 متر»، إنتاج الفلسطينية مي عودة، وإخراج أمين نايفة، المولود في فلسطين؛ فمن خلالهما أكد الفيلم أن القضية الفلسطينية لم تمت، ونجحا في تسليط الضوء عليها، بشكل إنساني يثير التعاطف، كونه جسد، بشكل صارخ، المأساة اليومية للشعب الفلسطيني، ما أجبر لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الروائية الطويلة على منح بطله، علي سليمان، ابن الناصرة الفلسطينية، جائزة نجمة الجونة لأفضل ممثل، وفي دليل جديد على أن المهرجان، لم يُفرط في القضية، ولم يسقط في مستنقع التطبيع، حصد الفيلم نفسه جائزة «سينما من أجل الإنسانية» ، كما حصد جائزة «الفيبريسي» من اتحاد النقاد العالمي.

آباء وأمهات .. ولجان تحكيم

بعيداً عن عدم التوفيق، الذي حالف خالد الصاوي، في كلمته بمناسبة تكريمه، ومنحه جائزة الإنجاز السينمائي؛ عندما وصف : لبنى عبدالعزيز، حسين فهمي، نجلاء فتحي، عادل إمام، يحيى الفخراني، بوسي، ميرفت أمين، شهيرة ومحيي إسماعيل،بأنهم «آباء وأمهات السينما المصرية» (!)، يُحسب لإدارة المهرجان تكريم «الصاوي»، مثلما يُحسب لها تخصيص جائزة للسينما المستقلة، قدرها عشرة ألاف دولار، باسم خالد بشارة، فاز بها هذا العام أحمد فوزي صالح، ودعم المشاريع والأفلام، من خلال منصة الجونة، بجوائز مالية قدرها 15 ألف دولار، للمشروع الفائز في مرحلة التطوير، والفيلم الفائز في مرحلة ما بعد الإنتاج، بالإضافة إلى الجوائز العينية والمالية، التي تقدمها المؤسسات المحلية والإقليمية، وتُقدر قيمتها بنحو 300 ألف دولار، وجوائز المسابقات الثلاث الرئيسة (الروائية الطويلة، الوثايقية الطويلة والأفلام القصيرة)، التي تبلغ قيمتها المادية قرابة 224 ألف دولار، والإعلان، مع نهاية الدورة الرابعة، أن المهرجان سيُقدم، ابتداء من الدورة الخامسة، جائزة لأفضل فيلم يهتم بقضايا البيئة؛ فالمهرجان يُطور نفسه من دورة إلى أخرى، ويُعد إضافة كبيرة لصناعة السينما المصرية، والعربية، فضلاً عن تحريكه المياه الراكدة، بشكل لم يكن أكثر الناس تفاؤلاُ يتصور حدوثه في هذا الوقت القصير (أربع دورات فقط)، بدليل حرص "الفيبريسي" (اتحاد النقاد العالمي) على وجود لجنة تمثله (منحت جائزتها هذا العام لفيلم "200 متر")، وتكرار تجربة شبكة دعم ورعاية السينما الآسيوية "نيتباك"، التي بدأت الدورة الماضية، بتخصيص جائزة لأفضل فيلم آسيوي عرضه المهرجان (منحت لجنة التحكيم جائزة هذا العام للفيلم الأذربيجاني "احتضار") .

في سياق ليس ببعيد، جاءت نتائج لجان تحكيم المسابقات الثلاث الرئيسة، في الدورة الرابعة، مُنصفة، وموضوعية، بدرجة كبيرة، ربما باستثناء بعض الجوائز، التي لم تلق هوى لدى البعض؛ ممن كان لهم رأي آخر، في أحقية أفلام أخرى بالفوز بالجوائز، مع اعتراف الجميع بأن الأمر يرجع، في النهاية، إلى تقدير لجنة التحكيم، وربما «الأيديولوجية»، التي تُهيمن على أعضائها؛ فمن بين 16 فيلماً روائياً طويلاً، منحت لجنة تحكيم المسابقة جوائزها لأفلام : "إلى أين تذهبين يا عايدة؟" (الذهبية و50000 دولار أمريكي)، "حكايات سيئة" (الفضية و25000 دولار أمريكي) و"احتضار" (البرونزية 15000 دولار)، واكتفت بتنويه خاص لفيلم "واحة"، في حين تجاهلت فيلمي "لن تثلج مجدداً و"استمع". وفي مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة شاهدت لجنة التحكيم 10 أفلام، انحازت منها إلى أفلام : أيام أكلة لحوم البشر" (الذهبية و30000 دولار أمريكي)، "سوفتي" (الفضية و15000 دولار أمريكي) و"صائدو الكمأ" (البرونزية و7500 دولار أمريكي)، وصدمت الذين وصفوا الفيلم الوثائقي "بانكسي أكثر المطلوبين"، بالإبهار، وفيلم "أكازا، بيتي" بالواقعية الإنسانية، واللغة البصرية المُرهفة. أما لجنة تحكيم مسابقة الأفلام القصيرة، التي شاهدت 18 فيلماً، فأكبر الظن أنها خيبت ظنون المتابعين؛ ممن توقعوا فوز فيلم التحريك "لحاء" (سويسرا)، "الخد الآخر" (مصر) و"شكوى" (لبنان)، وإذ باللجنة تمنح جوائزها لأفلام : "أن أصبح أمي" (الذهبية و15000 أمريكي)، "حدود الأزرق" (الفضية و7500 دولار أمريكي) و"أفمشة بيضاء" (البرونزية و4000 دولار أمريكي)، ولا يعني هذا أنها منحت جوائزها لأفلام لا تستحق لكنها ظلمت الأفلام السابق ذكرها لأنها جيدة بالفعل ..

"جبر خاطر" الفيلم العربي !

عقب تقييم الدورة الأولى لمهرجان الجونة السينمائي، أدرك البعض، في ما يبدو، أن المنافسة بين الأفلام قوية، وشرسة، بالدرجة التي تجعل فرص فوز الأفلام العربية، بجوائز في المسابقات الثلاثة، تكاد تكون ضعيفة للغاية، فما كان من التيار المُنحاز للسينما العربية، وبدلاً من أن يُشجع صانعي الأفلام العربية على تطوير أنفسهم، ليُصبحوا قادرين على منافسة المدارس والتيارات السينمائية العالمية، سوى أن "اخترع" جائزة باسم "أفضل فيلم عربي"، أو بالأحرى جائزة "خبر الخواطر"، التي تحولت، بمرور دورات المهرجان إلى طوق نجاة للأفلام العربية، يحفظ ماء وجهها، ويُجنبها حتمية الخروج من سباق الجوائز "بلا حمص"، ورغم تميز فيلم "الرجل الذي باع ظهره"، إخراج كوثر بن هنية، إلا أن لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الروائية الطويلة لجأت إلى جائزة "أفضل فيلم عربي"، لتمنحها إياه، وهو ما فعلته لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة، التي منحت الفيلم الوثائقي "جزائرهم"، إخراج لينا سويلم، جائزة أفضل فيلم عربي وثائقي طويل، وتخلصت لجنة تحكيم مسابقة الأفلام القصيرة، من مأزق تجاهل الفيلم المصري "ستاشر"، إخراج سامح علاء، بعد ما تناقلت أنباء عن فوز الفيلم بسعفة "كان" الذهبية، فما كان منها سوى أن أرضت غرور صانعيه، بأن منحته، على سبيل الترضية، جائزة أفضل فيلم عربي قصير!

 

جريدة القاهرة في

03.11.2020

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004