كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

برلين 70- "سيبيريا":

آبيل فيرارا في ذروة جنونه التضليلي

برلين - هوفيك حبشيان

المصدر: "النهار"

مهرجان برلين السينمائي الدولي

الدورة السبعون

   
 
 
 
 
 
 

بعد سلسلة أفلام لم يكن صداها طيباً، يعود المخرج الأميركي آبيل فيرارا بفيلمه الأحدث الذي أطلق عليه عنوانًا غرائبيًّا: "سيبيريا". نعتْ فيلم جديد لفيرارا بالأحدث، لا يعني أي شيء البتّة. فالمخرج الستيني يستشرس في التصوير منذ فترة، نشاطه لا يكاد يهدأ. فقط في العقد الأخير، صوّر ما يقارب الـ٢٠ فيلماً، بين روائي ووثائقي، قصير وطويل. ما عاد يتوقف كثيراً عند الفورما أو النوع السينمائي. يحمل الكاميرا وينطلق في المشروع. لا يوجد عمل واحد له صمد في الذاكرة منذ عشر سنين سوى اثنين: "٤:٤٤ اليوم الأخير على الأرض" و"بازوليني". لكن، والحق يجب ان يُقال: هذا الحس المغامر الذي لدى فيرارا مثير للدهشة. لم يتبرجز مثل كثيرين غيره. "سيبيريا" الذي عُرض داخل مسابقة الدورة ٧٠ من مهرجان برلين السينمائي (٢٠ شباط - ١ آذار) هو ثمرة هذا النمط في الاشتغال. ولكن، كلّ شيء فيه متصنع، مدّعٍ، ومملّ

والقول ان التوقعات كانت عالية كثيراً في شأن هذا الفيلم: هناك في الثنائي ويلَم دافو قبالة الكاميرا وآبيل فيرارا خلفها، في سادس تعاون لهما، ما يفتح الشهية. في "سيبيريا" المُشاهد مدعوّ إلى رحلة نفسية مضنية داخل عقل رجل وحيد يتنقل على الثلج، ويسكب الخمر في كأس سيدة عجوز، يمارس الجنس مع فتاة ذات صدر عارم، يلتقي بين لحظة وأخرى بمَن هو مفترض انه والده. وهكذا، حتى نهاية الفيلم المتعب الذي يقوم على سلسلة خيارات شكلية وسيناريستية غريبة، ولكنها غرابة بغير معناها الإيجابي. الأنكى ان ما يصلنا منه ليس بالضرورة ما أراده فيرارا الذي يقدّم مزيجاً من لينتش وتاركوفسكي، أو أقله ما يتذكر منهما بعد ليلة سكر طويل. 

هذا التشرد الذهني يولّد فيلماً غير سويّ، غير منطقي، غير محبب، حتى أكثرنا تردداً في استعمال عبارات كبيرة، يراهنون على سقوطه في النسيان في أقرب فرصة. فالفكرة في هذا العمل تبقى فكرة من دون ان تتشبّع بحكاية، تتجسّد بمواقف، تنخرط بشيء أبعد من مجرد محاولة الاغواء. 

يعيش رجلنا العجيب هذا في تخبّط دائم داخل كوخ، بعيداً من كلّ مظاهر الحضارة. الكوخ هو أيضاً حانة. يحاول التواصل مع أحلامه وذكرياته الماضية، محاولاً فهم ما لا يفهمه لا هو ولا المُشاهد. يجب القول ان فيرارا لا يسهّل المهمّة على أحد. 

القفز الفج من البوادي المغطاة بالثلوج إلى الأرض الصحراوية، كثيراً ما يعبّر عن المشروع الذي يطمح إليه فيرارا: تضليل المتلقي من خلال نصّ هجين. لكن ضرب الجنون هذا سرعان ما يتحول إلى قيلولة للمُشاهد المتعب من عروض الصباح. ثم ان استيتيك الفيلم يتبدّل كثيراً، طموحات السيناريو أيضاً، بالرغم ان هناك تماسكاً طوال الفيلم. 

يبقى السؤال: كيف يُمكن ادراج فيلم كهذا في مسابقة برلين؟ 

 

####

 

برلين 70 - ويلَم دافو الذي يعتقد أنّه ممثّل

برلين- هوفيك حبشيان

المصدر: "النهار"

الممثّل الأميركي الكبير ويلَم دافو، ابن الـ٦٥ عاماً، حلّ ضيفاً على مهرجان برلين السينمائي (٢٠ شباط - ١ آذار). دافو يشارك في المسابقة بـ"سيبيريا" لصديقه آبيل فيرارا، السينمائي الذي مثل ستّة أفلام في اداراته.

اشتهر دافو بأدوار شخصيات بغيضة، ربما لأنّ تقاسيم وجهه المربّع وحضوره كانا يرشّحانه لمثل تلك الأدوار. صحيح انه لا يتألق في جديده، كما فعل في "بوابة الأبدية" لجوليان شنايبل حيث جسّد دور فان غوغ، لكنه يبقى حضوراً كبيراً، طاغياً، يأخذ الفيلم إلى حيث يريده.

في "سيبيريا"، المُشاهد مدعوّ إلى رحلة نفسية مضنية داخل عقل رجل (دافو) وحيد يتنقل على الثلج، ويسكب الخمر في كأس سيدة عجوز، يمارس الجنس مع فتاة ذات صدر عارم، يلتقي بين لحظة وأخرى بمَن هو مفترض انه والده. يعيش رجلنا العجيب هذا في تخبّط دائم داخل كوخ، بعيداً من كلّ مظاهر الحضارة. الكوخ هو أيضاً حانة. يحاول التواصل مع أحلامه وذكرياته الماضية، محاولاً فهم ما لا يفهمه، لا هو ولا المُشاهد.

عمل دافو في إدارة سينمائيين كبار، من مثل أوليفر ستون وديفيد لينتش، ومارتن سكورسيزي الذي رمى على كتفه ثوب يسوع الناصري في "التجربة الأخيرة للمسيح" (١٩٨٨)، إلا أنّ اسمه ارتبط كثيراً بمخرجَيْن: آبيل فيرارا وبول شرايدر. لا يعتبر دافو أدواره سلبية الطابع. في لقاء سابق له في كارلوفي فاري، كان يقول: "الشخصيات التي جسّدتها تعطينا رؤية أخرى للعالم الذي نراه عادة في الصحافة التقليدية. لطالما كنتُ ميالاً إلى الهامشيين، لأنّ طريقتهم في النظر إلى الحياة تساعدنا في تطوير نظرتنا إلى الحياة. بدأتُ في المسرح. المسرح هويتي الفنية وخلفيتي الثقافية. في المسرح، لا تفكّر كثيراً بالشخصية أو بتسويق مظهر خارجي معين. لذلك، لم أفكّر يوماً بتغيير أسناني، إنها أسناني في نهاية الجولة، ولا أرى فيها مشكلة".

"قديسون بوندوك" من المحطات الأساسية في مسيرته. الفيلم حظي بتوزيع محدود، ولكن معجبيه يتوزعون حول العالم. "التجربة الأخيرة للمسيح" لسكورسيزي، لا يعتبره دافو ضرباً من الشجاعة في ذاته، لأنه لم يعِ ذلك عندما عرضه عليه المخرج. لكن مشاركته فيه جعلته يُستبعد من فيلمين بعدما كان مرشحاً لهما. أما عن العمل مع لارس فون ترير الذي مثّل في إدارته ثلاثة أفلام، أشهرها "المسيح الدجّال"، فيقول دافو إنّه يحبّه ولا يمانع أن يمثّل الدور لمصلحته، ناعتاً الدانماركي بـ"المخرج العظيم" وبأنه واحد من أفضل السينمائيين في العالم.

بالنسبة لدافو، تتوقف جمالية الفيلم كثيراً على ظروفه الاقتصادية: "الكلّ يعرف ذلك، ولن أكشف سراً بالقول إنه كلما كبر حجم الأموال المستثمرة زادت سيطرة الجهة المنتجة على العمل، وكثر الطباخون (...). معظم الأفلام تهدف إلى الترفيه كي ننسى الحياة ومآسيها. أنحاز إلى السينما التي تلهم الآخرين وتجعلهم يجدون فيها مادة للتحدي والتغيير. الأكثرية لا ترتاد السينما لهذا الهدف".

يقول دافو انه لا يتذكّر ما الذي زجّ به في التمثيل. "فعلاً، لا أتذكّر. حصل هذا تدريجاً. في الكثير من المجالات الفنية، تتمرّن ثم تمتهن. لم أتمرّن إلا قليلاً، والقليل الذي تمرّنته كان في المسرح، ومن النوع الذي لا يعدك بمسار مجيد، بل بمتعة مدّتها لحظة. بعد ٢٥ سنة من بداية اندماجي بفرقة مسرحية، بدأت أقول لنفسي: أعتقد أنني ممثّل. ثم تأكدتُ من هذا الاعتقاد تدريجاً عندما بدأ المخرجون يسندون إلّي الأدوار، فمرة أخرى قلتُ لنفسي: لا بدّ أنني ممثل. احتجتُ إلى كلّ هذا الوقت كي أصدق أنني ممثل!".

 

النهار اللبنانية في

26.02.2020

 
 
 
 
 

أفلام "البريناله 2020": السينما نادرة لكن المواضيع سجالية

برلين ــ نديم جرجوره

يُعبِّر زملاء وأصدقاء، يحضرون "مهرجان برلين السينمائي الدولي" منذ أعوام مديدة، عن استياء وانزعاج إزاء البرمجة الخاصّة بالدورة الـ70، المُقامة بين 20 فبراير/ شباط و1 مارس/ آذار 2020. يُقارنون الأفلام المُشاركة في الدورة الراهنة بأفلام دورات سابقة، فيجدون أنّ بعض الأفلام، المعروضة في الأيام الـ4 الأولى من الدورة الحالية في المسابقة وفي برامج أخرى، غير باهرة كالسابق، لكنّهم يتوقّعون أنّ الأيام المقبلة ستشهد انفراجاً إبداعياً مطلوباً. أشياء كثيرة متبدّلة، يرون أنّها غير مريحة في متابعة مُشوّقة ليوميات مهرجانٍ، يبدأ ـ بدورته الـ70 تلك ـ مرحلة جديدة من تاريخه، مع تولّي كارلو شاتريان ومارييت ريسّنبيك منصبي الإدارة الفنية والإدارة التنفيذية.

المُشاهدة تؤكّد شيئاً من هذا، من دون مقارنة مع السابق. أفلامٌ عديدة تعاين أحوالاً وانفعالاتٍ، من دون إثارة دهشة أو صدمة أو تحريضٍ على نقاشٍ مفتوح على الأسئلة كلّها. فيلمٌ فرنسي بلجيكي بعنوان Effacer L’historique، للثنائي الفرنسي بونوا دولَبين وغوستاف كرفرن، يتصدّر الواجهة، لسخريته وكوميديته السوداء وتلاعبه السينمائي على تفاصيل بسيطة لعيشٍ يومي، تصنع أزمات نفسية واجتماعية ومعنوية، بعيداً عن أي تحليل أو تفسير. السويسري "الشقيقة"، للمخرجتين السويسريتين ستيفاني شْيُوَا وفِرونيك ريمون، مُصاب بميلودرامية مُحصّنة من البكائيات، لانشغاله بالأهمّ: كيفية الاغتسال والتطهّر من المآزق المعلّقة والأسئلة التائهة في يوميات المرء، عبر مواجهة الموت، المتأتي من إصابة بمرضٍ سرطانيّ.

فيلمٌ فرنسي آخر يغوص في مسام النفس الفردية، بحثاً في سلوكها ونظرتها إلى الآخر، عبر الجسد والحبّ والجنس. الفرنسي فيليب غاريل، في "ملح الدموع"، يتابع يوميات شابٍ يُقيم علاقات مع شاباتٍ يرغب فيهنّ جنسياً، من دون أنْ يكون "دون جوان"، بقدر ما يبقى جاذباً لصبايا يبحثن عن حبّ حقيقي فيقعن في الاستغلال، أو يُدركن منفذاً، أو يذهبن إلى أنفسهنّ لضمان عيشٍ مختلف، بينما يبقى هو في مكانه "العاطفي": رغبة جنسية لا أكثر، مع ما يمكن لتلك الرغبة أنْ تمتلكه من أسبابٍ ودوافع.

هذه أفلام مشاركة في المسابقة، ومتنافسة على جوائز مختلفة، أبرزها "الدبّ الذهبي". يُضاف إليها الألماني "أوندينا" للألماني كريستيان بتزولد (تُذكر جهة الإنتاج قبل جنسية المخرج لأنّ تحديد هوية الإنتاج أهمّ من جنسية صانعه في المهرجانات وفي صناعة السينما حالياً، ولهذا كلامٌ ونقاشٌ لاحقان)، المبني على "علاقات حبّ" مُصطدمة بانفصال أو مرض أو موت، مع أنّ الحبّ أقوى، كما يوحي المبطّن في السياق الحكائيّ. لكن الحبّ لن يطغى لوحده على المناخ الدرامي، لأنّ هناك مشاهد تُذكِّر بفصلٍ من التاريخ الألماني، خصوصاً بعد الوحدة الناشئة من تحطيم "جدار العار" (1961 ـ 1989) في قلب برلين. ذلك أنّ أوندينا (باولا بيير) تعمل في مؤسّسة معنية بالعمارة والسياحة والجغرافيا البرلينية (إنْ يصحّ التعبير)، وتروي لسياحٍ وزائرين مسار إعادة الإعمار، وشكل العمارة والتصميم المديني، ومحطات مختلفة من تاريخ المدينة والبلد، منذ ما قبل اندلاع الحرب العالمية الثانية (1939 ـ 1945) حتى اليوم.

أوندينا غير راغبة في انفصال عمن تُحبّ، ومن تُحبّ يذهب إلى غيرها، مع أنّه غير مرتاح في قراره هذا. تلتقي شاباً لطيفاً، فتُغرم به. يُصاب بـ"موت دماغي" بعد فقدانه الهواء دقائق كثيرة، أثناء عمله في أعماق المياه، فتنتقم لنفسها بقتل حبيبها السابق، ثم بالغرق في بحيرة، وهو غرقٌ ملتبس، إذْ لن تُكشف نتيجة الغرق في البحيرة. حبّ وتاريخ وانقلابات ومرض، وهذا الأخير محور "الشقيقة"، فالممثل المسرحي سْفَنْ (لارس أيدينغر) مُصاب بسرطانٍ يتفاعل سريعاً فيه. شقيقته التوأم ليزا (نينا هوس) كاتبة مسرحية متعلّقة به للغاية. والدتهما كاتي (مارتي كيلّر) صعبة المراس. المسرح طاغٍ في العائلة. المرض يُفكِّك العائلة بعد تعرية الجميع. ليزا محور كلّ شيء: زوج وولدان، وأم قاسية، وشقيق مريض، ومخرج مسرحي يتعامل مع الحياة بواقعية رغم معرفته بها وبشقيقها. عالَمٌ قاتل. "هاملت" جزءٌ من الحكاية، لكن "هانسل وغريتر" يحضران أيضاً.

المواضيع متنوّعة. الغوص في جحيم المرض انعكاسٌ لرغبة العيش عبر الكتابة والتمثيل (الشقيقة). الموت إنقاذٌ للمحبوب من مرضه (أوندينا)، بينما التملّص من الحبّ إمعانٌ في تدمير الذات (ملح الدموع). الدراما طاغية في الأفلام تلك. الخوف والتحطّم الذاتيّ والقلق والانكسار والخيبة، عناوين مشتركة، بينما يذهب Effacer L’Historique إلى كوميديا ساخرة وسوداء، لنقدِ عالمٍ غارقٍ في التقنيات الحديثة، التي تُدمِّر عيش الناس ويومياتهم ونفسياتهم وعلاقاتهم الاجتماعية الطبيعية، وتدفعهم إلى هاوية الخراب الكبير. قسوة النقد "الكوميدي الساخر" أجمل، سينمائياً، من مرارة الميلودراميات المباشرة أو المبطّنة/ المواربة، الحاضرة في الأفلام الـ3 الأخرى. الكوميديا الساخرة والسوداء أقوى في معاينة الواقع وتفكيكه، من كلّ تنظيرٍ وخطابيّة. هذا يُقدِّم الفيلم الفرنسي البلجيكي على الأفلام الأخرى، رغم أهمية المواضيع الإنسانية والانفعالية والاجتماعية في تلك الأفلام الأخرى، ورغم جماليات تكتنفها في اشتغالٍ وتأمّلٍ وسرد.

مع الثنائي الفرنسي بونوا دولَبين وغوستاف كرفرن (Effacer L’historique)، تبغي الرحلةُ في أحوالِ راهنٍ فرنسي في إثارةِ متعة المُشاهدة، والتنبيه إلى مخاطر الراهن. 3 شخصيات أساسية تواجه مآزق حادّة: اتصال هاتفي من مجهولة، توقع برتران (دوني بوداليدي) ـ المرتبك في مسؤوليته إزاء ابنته التي تتعرّض للتنمّر في مدرستها ـ في فخّ حبّ أو وهم حبّ عبر التواصل الهاتفي الجنسي؛ وماري (بلانش غاردان) ـ العاجزة عن استعادة حياة طبيعية بعد طلاقها، واختيار ابنها العيش مع والده بسبب قدرة الوالد على تحمّل تكاليف عيشه خلافاً لها ـ التي تقع ضحية شابٍ يُصوّرها في أوضاعٍ جنسية مختلفة كي يبتزّها؛ وكريستين (كورّين ماسيارو)، المهووسة بالمسلسلات التلفزيونية وبربح نجومٍ إضافية. هؤلاء جميعهم يواجهون مخاطر التقنيات التي يحاولون التحرّر منها، وإنْ كان الفيلم يُصاب في نهايته بخطابية مباشرة وفجّة (ولو لدقائق قليلة، ربما يراها البعض ضرورية قياساً إلى مسار الحكاية) عن مساوئ التخلّي عن الأشياء الطبيعية في حياة المرء، والانغماس في أهوال التكنولوجيا المتسلّطة والطاغية.

"ملح الدموع" مغامرة سينمائية جميلة، تبحث في مسألة الارتباط بالآخر: علاقات حبّ/ جنس، وعلاقات أهل وعائلة: يبدو لوك (لوغانّ أنتيوفيرمو)، لوهلة أولى، مسالم وطيّب ووسيم وجاذب. يأتي إلى باريس للمشاركة في برنامج تدريسي/ تدريبي، متعلّق بأعمال الخشب. يريد اكتشاف ذاته عبر علاقاته بصبايا يلتقي بهنّ هنا وهناك، رغم ارتباطه بعلاقة "جدّية" بجنفياف (لويز شوفيلّوت)، التي "يهرب" منها بعد اكتشافه أنّها حامل منه. أول علاقة مع جميلة (عُلايا عمامرة). ثاني علاقة مع بيتسي (سهيلة يعقوب). اكتشاف الجسد يأخذه في رحلة متقلّبة وصعبة. كلّ واحدة منهنّ تعثر على دربٍ، فصدقها الكبير معه قاسٍ وسلبيّ عليها. نهايته حاضرة في وحدة، بعد موت والده، وانفضاض الجميع عنه.

نماذج معروضة في مهرجان، تُعاني دورته الـ70 تلك مصاعب مرحلة جديدة، يُراد لها أنْ تؤسّس فعلاً تجديديّاً.

 

####

 

"البريناله 2020": لا "كاتالوغ" لكن المطبوعات متوفرة بأحجام صغيرة

برلين ــ نديم جرجوره

لم يُصدر "مهرجان برلين السينمائي الدولي"، بمناسبة دورته الـ70 (20 فبراير/ شباط ـ 1 مارس/ آذار 2020)، الـ"كاتالوغ" المعتاد، ذا الحجم الضخم. لعلّه يرتئي، في ظلّ التغييرات الحاصلة في إدارته بدءاً من هذه الدورة، اعتماد أسلوبٍ مختلف في إصدار المطبوعات. الـ"كاتالوغ" الضخم يتحوّل إلى كتيّبات صغيرة، يحتوي كلّ واحد منها على معلومات خاصة بالأفلام المشاركة في المسابقة والبرامج المختلفة، وبنشاطات أخرى. تقليص الحجم يُسهِّل التعامل مع المطبوعات، رغم أنّ طباعةً كهذه تتطلّب تصغير حجم الأحرف، ما يُصعِّب القراءة. المعلومات الواردة فيها مكتوبة باللغتين الألمانية والإنكليزية، وعلى المهتمّ أنْ يجتهد في الاطّلاع على ما يرغب في معرفته.

هذا لا علاقة له بمطبوعات أخرى، تتعلّق ببرنامج عروض الصحافة، وبرامج العروض كلّها، المفتوحة أمام الجميع، مشاهدين وزوّاراً ونقّاداً وصحافيين وإعلاميين ومهنيين. البساطة سمة مشتركة، لأنّها الأقدر على منح المهتمّ ما يريده من دون إرباكٍ أو إضاعة للوقت، فالوقت في مهرجان برلين، كما في مهرجانات دولية أخرى، ثمينٌ وضيّق أحياناً. مع هذا، يُطرح سؤال: ألن يُشكِّل عدد المطبوعات الصغيرة عبئاً على من يرغب في الاحتفاظ بها، أو على من يستعين بها أثناء الكتابة؟ في المقابل، هل يحتاج المرء فعلياً إلى الاحتفاظ بمطبوعات، تصدر في مناسبةٍ محدّدة، وعند انتهاء المناسبة تنتفي الحاجة إليها (المطبوعات)، خصوصاً أنّ الـ"كاتالوغات" المصغّرة تحتوي على معلومات يُعثر عليها في مواقع إلكترونية متخصّصة؟ تحويل الـ"كاتالوغ" إلى كتيّبات ومنشورات يؤدّي إلى مأزق آخر: هناك أوراق كثيرة تُطبع، وكميات هائلة منها تُعين المهتمّ على العثور على ما يبتغيه. أهذا "صحّي" و"سليم"؟

إلى ذلك، هناك كتيّبان اثنان مرتبطان بتكريمٍ واستعادة، يُنظّمهما المهرجان: التكريم خاصّ بالممثلة البريطانية هِلِن ميرن (1945). الاستعادة معنيّة بتقديم بعض أبرز كلاسيكيات المخرج الأميركي كينغ فيدور (1894 ـ 1982). كتيّبان يختلفان تماماً عن كتبٍ تصدر في مهرجانات سينمائية عربية، مصرية تحديداً، تُسرف في تبجيل المُكرَّم، وفي سرد إيجابي (فاقع بإيجابياته غالباً) لمنجزاته، إنْ بكتابة نص طويل، أو بإجراء حوار يندر أنْ يكون سجالياً، رغم أهمية هذا المنحى التأليفيّ. كتيّب التكريم (باللغتين الألمانية والإنكليزية طبعاً) محصورٌ في تحليلٍ، غير نقديّ/ سجاليّ بل مُكثّف، للسيرة المهنيّة لميرن، مع نصّ يتعلّق بسيرتها الحياتية، وملحق خاص بأفلامها، ومعلومات مكثّفة عن أفلامٍ لها تُعرض في الدورة الـ70 هذه. كتيّب الاستعادة شبيهٌ به. معلومات وتحليل غير نقديّ/ سجاليّ أيضاً، ولائحة بأفلام معروضة في الاستعادة.

الفرق بين كتيّبين، أجنبي وعربيّ، كامنٌ في أسلوب الكتابة. الابتعاد الأجنبيّ عن التبجيل والإيجابيات الفاقعة دليل حِرفية مهنيّة في التعامل مع من يُراد تكريمه أو استعادة نتاجاته وسيرته المهنيّة. الإصدار العربي لمطبوعاتٍ خاصّة بتكريم أو استعادة تمتلك أهميّة كبيرة، لكنّها تحتاج إلى تواضع وسويّة بعيداً عن كلّ مبالغة. اختيار الحوار مادة لكتبٍ تكريمية في مهرجانات عربية، مصرية تحديداً، مهمّ، لانفتاحه على تساؤلات ونقاشات، لن تبلغ مرتبة نقدية سجالية، لأنّها معنيّة بالتكريم. تخفيف المبالغة مطلوب وضروري، وهذا يُعثر عليه في مطبوعات "مهرجان برلين السينمائي الدولي"، إنْ في كتيّبات التكريم والاستعادة، وإنْ في "كاتالوغات" المسابقة والبرامج المرافقة لها، علماً أنّ بعض "كاتالوغات" مهرجانات عربية "يُسرف" في تحليل إيجابيّ لأفلام مشاركة في دوراتها السنوية، بدل الاكتفاء بمعلومات ومعطيات بعيدة كلّياً عن التحليل والنقد.

اختبارات تُثير نقاشاً، لكنّ الأفلام ومناقشتها النقدية تبقى الأهمّ.

 

العربي الجديد اللندنية في

26.02.2020

 
 
 
 
 

صور.. مؤتمر صحفي لفيلم سلمى حايك وخافيير بارديم بمهرجان برلين

"Roads not taken" ينافس على جائزة الدب الذهبي بالمسابقة الرسمية

كتب: برلين: علا الشافعي

انطلقت فعاليات المؤتمر الصحفي الخاص بفيلم "Roads not taken"، وهو من بطولة خافيير بارديم وسلمى حايك، ومن إخراج سالي بوتر.

ويقوم "خافيير" بدور "ليو" والذي يفكر في الاختيارات التي كان من الممكن أن يقوم بها في حياته، وكيف كانت ستؤدي إلى تغيير ظروفه هو وابنته.

وفيلم "Roads not taken"، ينافس على جائزة "الدب الذهبي" بالمسابقة الرسمية لمهرجات برلين، والتي تضم 18 فيلمًا.

وانطلقت دورة العام الجاري للمهرجان في ظل الكثير من التحديات، حيث تطمح الإدارة الجديدة للمهرجان في تحقيق قفزات حقيقية فيما يتعلق بمستوى الأفلام المشاركة بكل التظاهرات والفعاليات، وأيضًا بما يتعلق بصناعة السينما والتحديات التي تقابلها في كل بلدان العالم، وتستمر فعاليات المهرجان حتى الأول من مارس

وتركز المسابقة الرئيسية للمهرجان بصورة كبيرة على الأفلام الفنية "آرت هاوس"، التي تتناول موضوعات إنسانية وقضايا حياتية معاصرة، مثل قضايا الهجرة والحياة الأسرية، ومعارضة السلطات السياسية.

وقال المدير الفني الجديد للمهرجان كارلو شاتريان، إنَّ "كل همه هو البحث عن أفلام سينمائية تتناول قضايا العالم الذي نعيش فيه برؤى فنية مختلفة". 

 

####

 

3 أفلام ضمن عروض "جالا" بمهرجان برلين السينمائي غدا.. أبرزها "هيلاري"

عرض الفيلم الألماني "Curveball" من إخراج جوهانس نابر

كتب: محمد غالب

يعتبر مهرجان برلين السينمائي، واحد من أهم المهرجانات الدولية، والذي بدأت فعاليات الدورة رقم 70، يوم 20 فبراير الجاري، وتنتهي 1 مارس، ويعرض خلال أيامه 340 فيلمًا.

ومن المقرر عرض مجموعة متنوعة من الأفلام غدًا، وذلك ضمن فعاليته، منها 3 أفلام تعرض ضمن قسم "جالا" "Gala Berlinale Spsecial"، والذي يعتبر منصة لعرض الأفلام التي تجذب جمهورًا واسعًا، بحسب موقع "برلين السينمائي".

وسيجرى عرض فيلم "Charlatan" وهو إنتاج التشيك، أيرلندا، بولندا، سلوفينيا، للمخرج: أنجيسكا هولاند، وتأليك ماريك إيبتسون، وبطولة "Jan Vlasák, Joachim Paul Assböck, Juraj Loj".

الفيلم مدته ساعة و58 دقيقة، وناطق باللغة التشيكية، ومترجم إلى الألمانية والإنجليزية.

ويعرض غدًا أيضًا في "برلين السينمائي" الفيلم الألماني، "Curveball"، من إخراج جوهانس نابر، والذي شارك في تأليفه مع أوليفر كايدل، ومن بطولة Virginia Kull وDar Salim وThorsten Merten، والفيلم ناطق باللغة الألمانية.. ومدته 108 دقيقة.

كما يعرض الفيلم الوثائقي "هيلاري"، من إخراج نانيت بورستين، ويروي الفيلم قصة حياة هيلاري كلينتون منذ نشأتها في شيكاجو، وعضويتها في مجلس الشيوخ الأمريكي وتقلدها منصب وزيرة الخارجية، ومحاولتها لتصبح أول رئيسة للولايات المتحدة.

وحضرت هيلاري، فعاليات مهرجان برلين السينمائي من أجل العرض الأول للفيلم.

 

الوطن المصرية في

26.02.2020

 
 
 
 
 

بطلات في أفلام برلين السينمائي يستجدين الحب

علا الشيخ (برلين)

المحاولات ما زالت قائمة في لمس تميز في الأفلام التي تعرض في أقسام عدة في الدورة الـ70 من مهرجان برلين السينمائي، الذي جاء هذا العام مخيبا بعض الشيء، ولأجل البحث عن جمال ما، في أفلام تعد هي بداية الإنتاجات السينمائية من كل عام، تأتي لحظة البحث عن موضوع مشترك، مثل شكل المرأة في الأفلام التي تم عرضها، وهنا ستتم الإشارة إلى ثلاثة أفلام اثنان منها في المسابقة الرسمية وواحد في قسم البانوراما.

فبعد النجاح الكاسح الذي حققه فيلم باراسايت أصبحت السينما الكورية تحت مجهر النقاد ومحبي السينما، لذلك كان الحضور كبيرا في عرض فيلم من كوريا الجنوبية the women who ran المرأة التي ركضت للمخرج هونج سانجسو، وهو نوع من الأفلام الذي يعتمد على إدارة السيناريو أكثر منه إدارة للغة البصرية التي جاءت بطيئة وغير جاذبة، و الذي أسعفه هو قصر مدته حيث لا يتجاوز الساعة وعشرين دقيقة، أنت ستشاهد بطلة رئيسية تعرفك على ثلاثة نماذج نساء أخريات، لكل منهن حكايتها الخاصة التي تحمل شكلًا من الوحدة واليأس، فالشخصية الرئيسية التي تكرر حكايتها مع كل زيارة تجريها وهي حكاية شكل علاقاتها مع زوجها الذي أقنعها أن لا ضرورة لأن يعيشا سوية طوال الوقت، هي تروي حكايتها حسب منظور زوجها وملامحها تفسر إحباطها وغياب السعادة في حياتها، وأيضا تكرر إعجابها بالمنازل التي تزورها وتتأوه بأمنية ياليتها تملك بيتا، وهنا الإشارة إلى شعورها بعدم الأمان، هي المحور التي تدور حوله حكايات النساء الثلاث الأخريات، فالأولى مطلقة، حزينة، وحيدة، لكنها تعيش في منزل امتلكته من المال الذي حصلت عليه بعد الطلاق، متعتها الاهتمام بالزرع وبقطة تشكل إزعاجا لجيرانها، أما الصديقة الثانية، التي تسكن أيضا في منزل جميل، تعاني من العمر، فهي التي قبلت بعلاقة مع شاب يصغرها بسنين عديدة، في الوقت الذي تؤكد إعجابها بجارها المتزوج، هي نموذج المرأة التي تريد إقناع نفسها أنها ما زالت شابة مرغوبة، ونموذج المرأة الثالثة تمت مقابلتها صدفة في دار سينما على ما يبدو في بادئ الأمر، وعمليًا هي التي تلخص كل حكاية الفيلم بحيث يدرك المشاهد أنها أخذت حبيب الشخصية الرئيسية منها، لكنها هي الأخرى غير سعيدة، مع كل هذا الركض تدرك أن دار السينما هي التي أرادت أن تصل اليها الشخصية الرئيسية في الفيلم لتقابل حبيبها السابق وتواجهه وتقول رأيها فيه بكل هدوء، بشهرته ككاتب بالنسبة لها هو ليس أكثر من رجل يتحدث كثيرا، لينتهي الفيلم وهي تشاهد عرضا سينمائيا للمرة الثانية يتلخص بمشهد للبحر وصوته وهدوئه وكأنها أطفأت نارًا كانت تسيطر عليها.

في المقابل و ضمن المسابقة الرسمية أيضا تم عرض الفيلم الألماني حورية قاتلة undine للمخرج كريستيان بتزولد، ومن عنوان الفيلم تدرك أن ثمة حكاية خلف المرئيات تتعلق بفكرة الحورية، وهذا الأمر تم اعتماده في أفلام عدة لهذا العام، بالحديث عن ما وراء الطبيعة وكأن الواقع بات مملًا وأصبحت الحكايات الخيالية هي مصدر الإلهام، فهذا الفيلم الذي يعتبر من الأفلام الجيدة في المسابقة نوعًا، يحكي قصة امرأة تعرضت للخيانة دمرتها حرفيًا، لكنها تسعف نفسها من خلال علاقة مع آخر بدأت من تحطم حوض سمك في مقهى، هذا الشاب الذي يعمل أيضًا في الغوص، سينقلها إلى عالم البحر، ثمة ربط روحاني بينهما، جعل من التصاعد الدرامي في الفيلم يذهب إلى منحى لا يدخل العقل بل يثير السخرية أحيانًا، لكن شكل المرأة في هذا الفيلم كان محاولة للبحث عن اهتمام ما يقدر قيمتها ويعزز ثقتها في نفسها، وكل الحوار الجاري بين الشخصيات هو أشبه بعملها كمرشدة تاريخية بما يخص بناء العقارات، لذلك تدخل في قصص تطور المدن، وأشكال العقار كيف تحول، وهذا هو مربط الحكاية وإسقاطها على عالم في البحر ما زال نقيًا، حتى لو كان الخلاص في قصة خيالية تم تجسيدها بأداء يستحق التقدير.

ومن قسم البانوراما، ومن كرواتيا ستكون شاهدا على فيلم (ماريه) Mare الذي كان يستحق أن يكون في المسابقة الرسمية، وهو للمخرجة أندريا شتاكا، ستعيش معنى التخبط في قصة هذا الفيلم، المبني أحداثه على امرأة متزوجة لديها ثلاثة أطفال بينهم مراهق، حياتها عبارة عن إيقاظ الأبناء، ترتيب المنزل، تحضير الطعام، زيارة خاطفة لزميلة عمل سابق، تتمنى تحقيق أمنيات صغيرة مثل شراء ملابس داخلية جديدة أو استخدام الحمام دون إزعاج، في المقابل أفراد العائلة وعلى رأسهم زوجها غير مكترث، حتى وهي تطلب منه أن تعود إلى عملها، ويرفض بدوره بحجة تربية الأبناء، تفاصيل تشبه آلاف النساء من حول العالم، و الحبكة فيها تتلخص بأنها لا تريد أكثر من أن تشعر بأنها ما زالت أنثى، لذلك تستسلم كليًا لشخص غريب قادم من بولندا يشعرها بقليل من الاهتمام ليتحول إلى علاقة بينهما، يراد منها ما يشبه بصرخة على كل من تجاهلها، في هذا المحك يبدأ زوجها بالانتباه، ويسود الصمت في البيت، وحتى صوت أواني المطبخ لأنها باتت تعتمد على الطعام الجاهز، يوجد مشهد هو الذي أيقظها نوعا ما وهي تحضر الطعام لعشيقها، وكأنها تذكرت أنه مر عليها كثيرا لم تحضر الطعام لأبنائها، فتقرر الابتعاد في نفس الوقت الذي تظهر فيه أحداث تجعل الأمور أكثر سلاسة، هي التي تعيش أمام مهبط الطائرات وهي التي لم تركب الطائرة يوما، لذلك مشهد قبل النهاية كان معبرا وهي واقفة أمام ظل زوجها وعشيقها بمشهد أقرب إلى الطائرة وهي تهبط إلى مقرها.

فيلم جميل ومتماسك ولديه الكثير ليقوله.

 

عكاظ السعودية في

26.02.2020

 
 
 
 
 

«هالة لطفي» من برلين 2020: اسألوا الدولة عن حال السينما

حسام فهمي

في سادس أيام الدورة السبعين التاريخية من مهرجان برلين السينمائي الدولي، والتي تقام في الفترة من 20 فبراير إلى 1 مارس 2020، كنا على موعد مع المخرجة المصرية «هالة لطفي»، والتي تشارك في المهرجان كعضوة في لجنة تحكيم جائزة أفضل عمل أول، شرف كبير حظيت به لطفي، التي تمثل مصر في دورة تاريخية للمهرجان، دورة قد تم الإعلان اليوم أنها قد حظيت برقم قياسي جديد هو 272 ألف تذكرة مباعة في الستة أيام الأولى فقط، وبفارق 20 ألف تذكرة عن الستة أيام الأولى في الدورة السابقة.

هالة لطفي قد اشتهرت بشكل خاص عقب فوز فيلمها الروائي الأول «الخروج للنهار» في عام 2012 بجائزتي أفضل فيلم باختيار لجنة تحكم الاتحاد الدولي للنقاد وأفضل مخرج من العالم العربي في مسابقة آفاق جديدة الخاصة بمهرجان أبوظبي السينمائي، بالإضافة إلى التانيت البرونزي في المسابقة الرسمية لـمهرجان أيام قرطاج السينمائية، وجائزة الأسد الذهبي في المسابقة الرسمية بـمهرجان وهران للفيلم العربي، وأخيرًا جائزة أفضل فيلم أفريقي من مهرجان السينما الأفريقية في ميلانو. وهو أيضًا الفيلم الذي تم اختياره ضمن قائمة مهرجان دبي السينمائي لأفضل 100 فيلم عربي، كما اختارناه أخيرًا في إضاءات في المركز الثاني في قائمة أفضل 10 أفلام مصرية في العقد الماضي باختيارات النقاد.

في يوم برلينالي ممطر ووسط جدول مزدحم للغاية لكل من يحضر المهرجان عمومًا، ولأعضاء لجان التحكيم خصوصًا كهالة لطفي كان لنا هذا الحوار.

·        هل يمكن أن تخبرينا عن كواليس اختيارك في لجنة تحكيم جائزة العمل الأول بالمهرجان؟ وكيف كان شعورك؟

في الحقيقة ليس لدي معلومات كافية عن طريقة الاختيار لأني لم أكن في الكواليس، ولكني أعتقد أن الإدارة الجديدة للمهرجان تريد ضخ دم جديد وزيادة التمثيل من دول مختلفة، بالإضافة لأني قد عرضت فيلمي من قبل في برلين، فربما يكون لهذا دور أيضا، لكني حقًا لا أعرف السبب المباشر.

·        عملتِ سابقًا كناقدة فنية في جريدة الدستور، هل كان لذلك أثر على مشوارك الفني فيما بعد كمخرجة؟ وهل ترين أن للنقد الفني قيمة حقيقية، أم تتفقين مع من يعتقدون أن صناعة مشهد واحد أكثر قيمة من كتابة آلاف المقالات النقدية؟

نعم عملت لمدة سنة كناقدة، قمت بهذا لأنني أحب الأفلام، وحينها لم أدرِ ماذا يمكن أن أفعل، حينها كنت لا زلت طالبة بكلية السياسة والاقتصاد، لم أكن أدري حقًا ماذا يمكنني أن أفعل بهذا الحب، كنت أظن حتى أنني يجب أن ألتحق بمعهد النقد الفني، لم أكن أدري أن هناك معهد سينما في مصر، وهناك مخرجون كثيرون قاموا بالكتابة النقدية في البداية، يسري نصر الله مثالاً، كتب لفترة مقالات نقدية أيضًا.

أختلف تمامًا مع من يعتقدون أن صناعة مشهد أكثر قيمة من النقد الفني والسينمائي، لو كنا في مجتمع صحي لكان من المفترض أن يقود النقد مسيرة التغيير، «أندريا بازان» في فرنسا هو من بدأ مجلة «كراسات السينما»، وهذه الكتابات النقدية هي التي صنعت الموجة الفرنسية السينمائية الجديدة في الستينيات.

على المستوى الشخصي أنا مدينة، وسأظل مدينة للناقد المصري الراحل «سمير فريد» بالكثير والكثير، كنت أثق في رأيه، هو إنسان قادر على المشاهدة والفهم بشكل حقيقي، كنت قد طلبت منه مشاهدة النسخة الأولى من فيلمي «الخروج للنهار» وإخباري برأيه فيه، وفي الحقيقة عقب ذلك قمت بتعديل الفيلم بناء على ملاحظاته الذكية والقوية، وأنا مدينة له بظهور الفيلم بشكله الأخير. النقد إبداع، إبداع موازٍ.

·        الخروج للنهار، وهو الفيلم الذي احتل المركز الثاني في استفتاء النقاد الذي أجريناه في إضاءات لأفضل 10 أفلام مصرية في عقد 2010- 2019، قد استغرق تحويله من فكرة لفيلم 5 سنوات، هل هذا حقيقي؟

أعتز جدًا بهذا التصويت، وأعتز بشكل أكبر بأنني في المركز الثاني بين فيلمين من إخراج أساتذتي الذين أقدرهم بشدة، الأستاذ داوود عبد السيد أطال الله عمره، والأستاذ محمد خان رحمه الله.

لكن في الحقيقة فكرة الفيلم بدأت في 2006، وكانت فكرة لفيلم تسجيلي، وقد كان الدافع وراءه الكثير من الأحداث الشخصية التي أردت أن أعبر عنها، ومع استحالة تنفيذه على المستوى التسجيلي لأنه كان مرهقًا عاطفيًا بشكل لا يمكن احتماله بالنسبة لي، فقررت في النهاية أن أصنعه كفيلم روائي.

بدأت العمل على الفيلم في 2007، وبدأ التصوير في 2010، لكنني استغرقت وقتًا طويلاً في التحضير، كنت أبحث عن أب بمواصفات معينة، وأم بمواصفات معينة، ولم أنجح في إيجادهم لوقت طويل، لكن الفيلم نفسه لم يستغرق تصويره الكثير لأنه فيلم قليل التكلفة إنتاجيًا، لم أستغرق حتى وقتًا طويلاً في جمع أموال الإنتاج، منحة واحدة تحصلت عليها من «آفاق» كانت كفيلة بالبدء في تصوير الفيلم، توقفنا عقب ذلك بسبب الثورة ثم عدنا عقب ذلك.

·        مر 8 سنوات على عرض الخروج للنهار، هل تعملين حاليًا على فيلمك الثاني؟

لدي مشروع فيلم يحمل اسم «الكوبري»، بدأت فيه منذ عام 2015، السيناريو تم الانتهاء منه، ولكن الفيلم يحتاج لتكلفة كبيرة نسبيًا، استغرقت 3 سنوات كاملة في محاولة جمع أموال من منح خارجية لإنتاج الفيلم، وهو أمر صعب للغاية وقد يصبح غبيًا في بعض الأحيان، ومرهق جدًا نفسيًا بالنسبة لي، أحاول حاليًا العودة للعمل على السيناريو وصنع بعض التعديلات التي قد تجعله أيضًا قليل التكلفة إنتاجيًا أسوةً بفيلمي السابق الخروج للنهار.

·        السينما العربية حاليًا تحظى بلحظات مميزة، أفلام من السودان ولبنان وتونس وسوريا تحقق إنجازات عالمية ويصل حتى بعضها للمنافسة على الأوسكار، ماذا ينقصنا في مصر؟

سؤال جميل، ولكن يجب توجيهه لوزيرة الثقافة المصرية والرئيس المصري. مصر تملك العديد من المؤسسات وثيقة الصلة بصناعة السينما، المجلس القومي للسينما، المجلس الأعلى للثقافة، والذي يضم لجنة دائمة للسينما، غرفة صناعة السينما، وزيرة الثقافة نفسها، التي تعتبر نفسها الأم الروحية لكل المهرجانات التي تحدث في مصر، النقابات الثلاثة، والتي أصبحت وظيفتها الرئيسية تغريم الشباب الصغير المحب لصناعة الفن في مصر، على سبيل المثال فالمخرج والمؤلف الشاب هشام صقر قد دفع مبلغًا فلكيًا للنقابة لكي يحصل على تصريح يمكنه من عرض فيلمه الجديد «بعلم الوصول».

·        كيف يمكن أن نقبل بأن أي مخرج جديد ليس عضوًا في النقابة ليس لديه الحق في العمل؟ هذا أمر غير دستوري، ولكن العرف الاجتماعي والسياسي يجبر كل المخرجين الشباب على ذلك، وكأنك تعاقبهم على رغبتهم في صنع أفلام جديدة.

في حقيقة الأمر فإن كل القوانين المنظمة لصناعة السينما في مصر هي ضد الإبداع وضد السينما وضد الأفلام وضد الأخلاق أيضًا، ولا يوجد أي مسئول يبدي أي اعتراض على ذلك. منذ شهر صدر القرار الخاص بزيادة تكاليف تراخيص الرقابة، هل تحدث أحد؟ هل فتح أي شخص فاه؟ هل من المفروض أن نقوم كسينمائيين وحدنا بالاعتراض على كل هذا؟

نحن نستضيف في مهرجانات مصرية زوارًا عربًا وأجانب، نمنح جوائز بمئات الآلاف، ولكن أين الدولة من دعم السينما المصرية؟ المخرجون في تونس الشقيقة يحصلون على منحة بملايين اليوروهات لصنع أفلامهم، أما نحن فنجلس في منازلنا لسنوات لعدم وجود فرصة لإنتاج أفلامنا.

 

موقع "إضاءات" في

26.02.2020

 
 
 
 
 

مجلة "السينما العربية" تلخص إنجازات 2019 لصناعة السينما في العالم العربي

مى عبد الله

بينما ينطلق في الدورة الـ70 من مهرجان برلين السينمائي الدولي للسنة السادسة على التوالي، أطلق مركز السينما العربية العدد الجديد من مجلة السينما العربية، التي تستعرض من بين موضوعاتها ملامح إنجازات صناعة السينما العربية في 2019.

وفي افتتاحية العدد قال الخبير السينمائي كولن براون الشريك المسؤول عن العمليات الدولية في MAD Solutions ومدير تحرير المجلة "كما سنقرأ في المجلة، فإن السينما العربية وصلت إلى مستوى غير متوقع في 2019 تجارياً، ومن المتوقع أن تتجاون هذا المستوى في السنوات المقبلة، بالتزامن مع إدراك السعودية لإمكانياتها الاقتصادية، بالإضافة إلى التعاون الواسع بين صُناع السينما بالدول العربية في إنتاج أفلام طويلة ومسلسلات تناقش موضوعات مهمة، لكن ما يهدد كل هذا، أن تنساق المؤسسات والمواهب خلف الربح السريع غير المستدام، حينها سيضيع كل ما تم إنجازه سابقاً".

ويقول ماهر دياب المدير الفني والشريك المؤسس في مركز السينما العربية وMAD Solutions "هذه هي السنة السادسة على التوالي التي ننطلق فيها في برلين، المهرجان الذي شهد الانطلاقة الأولى لمركز السينما العربية، ويعد فعالية خاصة بالنسبة لنا. في العدد الجديد نحتفي بشيراز العتيري المديرة العامة السابقة للمركز الوطني للسينما والصورة في تونس بمنحها جائزة شخصية العام العربية السينمائية، التي سوف تتسلمها ضمن احتفالية خاصة في برلين".

ويحتفي العدد الجديد من مجلة السينما العربية بمهرجان برلين في دورته الـ70 بالدب على الغلاف، كذلك يستعرض التواجد العربي في المهرجان وما يميز هذه الدورة الجديدة.

وبالتزامن مع حصول شيراز العتيري على جائزة شخصية العام العربية السينمائية، ينشر العدد الجديد حواراً مع المديرة العامة السابقة للمركز الوطني للسينما والصورة يستعرض خلاله أهم ما يميز مسيرتها وما جعلها تستحق الجائزة.

ومن الملفات التي تسلط المجلة الضوء عليها النسخة الرابعة من جوائز النقاد للأفلام العربية، التي انضم إليها 67 ناقداً جديداً لتصبح لجنة التحكيم تتكون من 142 ناقداً من 57 دولة، كذلك تستعرض المجلة جولات مركز السينما العربية في 2019، وأحدث أنشطة شركاء مركز السينما العربية، من بينها ملفات خاصة بـمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، بالإضافة إلى الشريكين المنضمين حديثاً مهرجان الجونة السينمائي وأفلام مصر العالمية.

مركز السينما العربية يحتفل هذا العام بمرور 6 سنوات على تأسيسه من خلال شركة MAD Solutions، وهو مؤسسة غير ربحية مسجلة في أمستردام وتروّج للسينما العربية، ويوفر مركز السينما العربية لصناع السينما العربية، نافذة احترافية للتواصل مع صناعة السينما في أنحاء العالم، عبر عدد من الفاعليات التي يقيمها وتتيح تكوين شبكات الأعمال مع ممثلي الشركات والمؤسسات في مجالات الإنتاج المشترك، التوزيع الخارجي وغيرها، وتتنوع أنشطة مركز السينما العربية ما بين أجنحة في الأسواق الرئيسية، جلسات تعارف بين السينمائيين العرب والأجانب، حفلات استقبال، اجتماعات مع مؤسسات ومهرجانات وشركات دولية، وإصدار مجلة السينما العربية ليتم توزيعها على رواد أسواق المهرجانات،.

كما أتاح مركز السينما العربية التسجيل عبر موقعه في خدمة الرسائل البريدية، وعبر هذه الخدمة يتاح للمستخدمين الحصول على نسخ رقمية من مجلة السينما العربية، أخبار عن أنشطة مركز السينما العربية، إشعارات بمواعيد التقدم لبرامج المنح والمهرجانات وعروض مؤسسات التعليم والتدريب، تحديثات عن الأفلام العربية المشاركة بالمهرجانات، وإلقاء الضوء على تحديثات أنشطة شركاء مركز السينما العربية ومشاريعهم السينمائية.

وقد أطلق مركز السينما العربية، دليل السينما العربية عبر موقعه على الإنترنت باللغة الإنكليزية، وهو دليل سينمائي شامل وخدمي يعتمد على مجموعة أدوات يتم تقديمها مجتمعة لأول مرة، بهدف توفير المعلومات المرتبطة بالسينما العربية لصُنَّاع الأفلام داخل وخارج العالم العربي، وتيسر لصناع الأفلام والسينمائيين العرب الوصول للأسواق العالمية، كما تساعد ممثلي صناعة السينما العالمية في التعرّف بسهولة على إنتاجات السينما العربية.

كما أعلن مركز السينما العربية عن إطلاق مهرجان مدّ عربي في براغ بدولة التشيك، والذي تتضمن أنشطته برامج تستهدف التعريف بجوانب متعددة من الثقافة العربية للجمهور في كل أنحاء العالم، وتركز البرامج على صناعتي السينما والتليفزيون لكنها تتمدد في كل جوانب الثقافة والفنون والمحتوى الإبداعي.

 

بوابة الأهرام المصرية في

26.02.2020

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004