كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

«الموعود» صرخة فى برلين جونى ديب..

عندما يخطئ النجم ويغفر له الناس!!

طارق الشناوي

مهرجان برلين السينمائي الدولي

الدورة السبعون

   
 
 
 
 
 
 

هل من حق السينمائى المصرى أن يعرض شريطًا ينتقد أوضاعًا داخلية خارج حدود الوطن؟.. إجابتى، قطعًا، هذا من حقه، بل من واجبه تنبيه المسؤولين، ثم إنه لم يعد هناك حد فاصل بين الداخل والخارج، و«الميديا» كثيرًا ما تتناول سلبيات، ويبقى أن الأمر برمته يخضع فى النهاية لضمير الفنان، هل ما يوثقه بغرض الإصلاح أم التشهير؟.. المخرج الشاب أحمد الغنيمى شارك داخل قسم «منتدى السينما الموسع» بفيلمه التسجيلى «الموعود»، قبل يومين تناولنا الفيلم المصرى «معظم ما يلى حقيقة» للمخرج الشاب نادر ماجد، ونستكمل اليوم التواجد المصرى مع طموح آخر لعين مخرج ترصد أيضا العشوائية، يتناول أهم ما نملكه ونتباهى به أمام العالم، وأعنى بها آثارنا التى تبهر الدنيا كلها، فهى نقطة الجذب الأولى للمحروسة، إلا أننا كثيرا ما نشارك فى الاعتداء عليها، حتى لو تم ذلك بنوايا حسنة، إلا أنها قطعا هى الطريق للجحيم.

من هو «الموعود» الذى أشار إليه العنوان؟.. إنه من يحفر فى الأرض وينزل إلى الأعماق ويعثر على قطعة أثرية لا تقدر بثمن، إنه الكنز الذى ننتظره، وأرض مصر بها آلاف من تلك القطع التاريخية، وليس فقط فى صعيدها، ولكن فى العديد من المناطق تجد كنوزًا تحت الأرض تنتظر «الموعود»، داخل منطقة الفسطاط وبجوار عمرو بن العاص تلتقط العين خرابة، إلا أنها فى واقع الأمر كنز مصرى، كيف تعاملنا معها؟ لم نعرف سوى الإهمال، استطاع الغنيمى أن يقدم هذا الحوار البسيط الموحى فى دلالته، يقدم حوارًا بين المصريين البسطاء وهم يتحدثون عن القانون وكيف نحترمه ولماذا!. موظف من وزارة الآثار منوط به حماية تلك المنطقة التى اعتبرتها الدولة أثرية وواجب عليها حمايتها، ولكنها لا تمتلك الوسيلة لتنفيذ ذلك، تقع عين الموظف البسيط على شابين يعبران تلك المنطقة باعتبارها شارعًا مهملًا، فهى لا تتمتع بأى حماية، كما أن الحارس المنوط به رعايتها أعزل إلا فقط من جهاز لاسلكى.. قبل تلك اللقطات يقدم لنا المخرج تلك الخرابة بعيون الأطفال وهم يلعبون مرددين مقولة أحمد السقا فى فيلم «الجزيرة»، والتى صارت مثلًا «من النهاردة مفيش حكومة أنا الحكومة».. أتمنى ألا يعتبرها أحد ذريعة للهجوم على تلك النوعيات من الأفلام، ونحمّلها المسؤولية عن تفشى العنف وكسر هيبة الحكومة وتعليم الصغار قواعد العنف والخروج عن القانون، وفى النهاية تصبح السينما هى المتهم الأول عن أى فساد، كالعادة، نبحث عن أحد ليشيل الليلة بدلًا من أن نواجه أنفسنا.

عين المخرج تشير فى عمق الكادر إلى اعتداءات قديمة على مشارف المنطقة، حيث نرى العمارات الشاهقة التى ارتفعت طوابقها وكأنها تُخرج للجميع لسانها.

فى الحوار بين الشابين والموظف المسؤول تناولوا بصدق وعفوية تلك الثروة التى منحها الله لمصر ولم نحافظ عليها، فهى مورد رزق يفوق البترول، فقط لو وفرنا لها الحماية اللازمة، ونجحنا فى تسويق هذا التاريخ، ولكنه قانون الإهمال الذى يسيطر وصارت له الكلمة العليا، وهكذا أطلت العين على خرابة تمتلئ بالقاذورات وتعيش فيها الكلاب الضالة، وليست أبدًا بعيدة عن النهب والسرقة لو تنبه لها أحد.

أحمد الغنيمى الكاتب والمونتير والمصور والمنتج والمخرج.. وهكذا يُقدم مشروعه الفنى متحكمًا فى كل التفاصيل، وهو مثل العديد من الشباب الواعدين يتواصلون مع أكبر المهرجانات للتواجد والتعبير، ولا أتصور أن الأبواب فى الداخل مفتوحة أمام تلك الطاقات، فجاء الحل الوحيد أمامهم من الخارج، وأن يتحملوا هم المخاطرة. الفيلم به تحدٍّ وتنبيه ويستحق الحفاوة، وأتمنى ألا نعامله مثلما فعلنا مع يوسف شاهين عام 1991 عندما عرض فى مهرجان «كان» فى قسم «أسبوعى المخرجين» فيلمه «السيمى دراما» الذى يمزج بين التوثيق والدراما «القاهرة منورة بأهلها»، ويومها وصل الأمر إلى حد المطالبة بسحب جواز سفره، بل هناك من حاول فرض قانون لمقاطعته.. طبعًا مع الزمن اكتشفنا أن أبسط أسلحة المواجهة تبدأ عندما نملك الحرية فى تناول أخطائنا، ولا يوجد داخل وخارج، ليس المطلوب أبدًا من السينمائى أن يقدم «كارت بوستال»، ولكن على الحكومة أن تبحث: كيف نحافظ على كنوزنا المعرّضة للضياع؟.

لم أسأل المخرج عن أى إجراءات رسمية اتخذها متعلقة بالحصول مسبقًا على موافقة الرقابة بالعرض، لم أسأل، ولكنى موقن أننا يجب أن نسعد بهؤلاء الشباب الذين يقدمون لنا سينما جريئة مشاغبة تضع اسم مصر على الخريطة العالمية بعد أن تقاعس الكبار عن تحقيق ذلك.

فى بدايات المهرجان، عرض للنجم جونى ديب فيلمه خارج التسابق (ميناماتا)، وهو اسم مدينة يابانية تعرضت لمشاكل فى التلوث بسبب مادة الزئبق التى تسللت للمياه. الفيلم مأخوذ عن واقعة حقيقية ولايزال التلوث يشكل خطرًا على الصحة العامة، ولاتزال بقاياه حتى الآن تهدد البيئة والبشر. جونى ديب هو من أكثر النجوم الذين نالتهم الشائعات المتعلقة بسلوكه وحياته الشخصية، وفى المؤتمر الصحفى منح درسًا مجانيًا لنجومنا الذين أراهم يتخبطون فى أحاديثهم الصحفية والتليفزيونية، فلقد لاحظ أن العيون تترقبه فى الصالة لإحراجه، فقال: نعم لى أخطاء شخصية، ولكن سنتحدث فقط عن الفيلم. وأضاف أن الكيانات الكبرى تتدخل فى توجيه مسار حياتنا.

المعروف أن ديب كثيرًا ما تعرض للمساءلة القانونية لاعتدائه، وأحيانا انفلاته بسبب تعاطيه الخمور بكثرة، ومتهم أيضا بضرب زوجته، ولكن اتضح فى بعض الوثائق أنه هو المعتدى عليه منها، وأنه كان فى حالة دفاع شرعى عن النفس.

فى كل الأحوال، لم يتورط فى إجابات تضعه تحت نيران الانتقاد، وتغير بوصلة الاهتمام إلى الشخص وليس الفيلم، وهو درس أتمنى أن يسارع عدد من نجومنا باستيعابه، وإن كنت أشك كثيرًا فى قدرتهم على الاستيعاب!!.

 
 

المصري اليوم في

26.02.2020

 
 
 
 
 

مهرجان برلين السينمائي..التجديد ليس بتحريك الكراسي

أمير العمري

الدورة الـ70 من مهرجان برلين السينمائي لا تبدو أفضل من سابقاتها.

حتى الآن يمكن القول تمخضت الإدارة الجديدة التي عيّنت العام الماضي لمهرجان برلين السينمائي فولدت فأرا كبيرا. فقد بدا أن نظرتها إلى التجديد تتعلّق بتحريك بعض الكراسي والجالسين عليها، وتحريك بعض الأماكن التي اعتاد السينمائيون والنقاد التعامل معها ونقلها من مكان إلى مكان آخر.

الإدارة الجديدة لمهرجان برلين السينمائي في دورته السبعين، والتي تنقسم حاليا بين مدير فني إيطالي، ومديرة إدارية هولندية المولد ألمانية الثقافة، تعتقد أن تقليل عدد الأفلام التي يعرضها المهرجان من حوالي 500 فيلم أو أكثر إلى ما يقرب من 400 فيلم، والإعلان عن إلغاء بعض الأقسام (رغم إضافة أقسام أخرى بديلة لها) سيصنع فارقا كبيرا يجعل المهرجان أقوى وأكثر صلابة والاختيارات السينمائية للأفلام أفضل وأكثر تعبيرا عن الحالة السينمائية الحالية في العالم.

لكن الحقيقة أن تقليل العدد اختيار أرغمت عليه الإدارة الجديدة بعد أن فقدت هذا العام موقعين رئيسيين لعرض الأفلام من ذوي الشاشات المتعددة، بسبب التجديدات، ممّا اضطرها مثلا إلى نقل عدد كبير من العروض الصحافية التي يحضرها أكثر من ثلاثة آلاف صحافي، إلى دار عرض بعيدة عن مكان إقامة المهرجان في القسم الشرقي من المدينة.

انحياز مضاد

أما الاختيارات الفنية نفسها، فهي الآن محلّ رصد وتقويم من جانب الصحافة الألمانية. وكانت مارييت ريسينبيك المديرة المسؤولة عن الجوانب الإدارية قد أعلنت أن الغالبية العظمى من مديري أقسام المهرجان أصبحوا الآن من النساء. وهو وما يعكس في الحقيقة انحيازا في الاتجاه المضاد، وليس رغبة في تحقيق المساواة.

أما المدير الفني كارلو شاتريان فقد أعلن أن الأفلام التي وقع عليها الاختيار للعرض في برامج المهرجان، ليست بالضرورة هي الأفلام المفضلة أو “أفضل الأفلام” بل الأفلام التي تعكس “الحالة السينمائية القائمة حاليا في سينما العالم”.

وهو زعم لا صلة له بالواقع، فليس من الممكن أن يُقدّم فيلمان من الأفلام التي سبق عرضهما في مهرجانات أخرى في العام الماضي، لتمثيل السينما الأميركية التي تعتبر الأهمّ في العالم والتي تتمتع بالحيوية والقدرة على التجديد وتزخر بعدد كبير من المخرجين الموهوبين.

الحضور العربي في مهرجان برلين بعد أن كان قويا وملموسا خلال السنوات الأخيرة، تم تهميشه في الدورة الحالية

فهل فشلت الإدارة الفنية في إقناع شركات التوزيع الأميركية بعرض أفلامها الجديدة في برلين؟ هذا السؤال يجب تقديم إجابة واضحة عنه. أما إذا كان الأمر كذلك فيجب معرفة أسباب إحجام الموزعين الأميركيين؟ وهل البديل للحضور الأميركي الذي يضمن أيضا حضور نجوم السينما الكبار إلى برلين، أن يدرج في المسابقة فيلم فرنسي محدود القيمة هو فيلم “ملح الدموع” لمجرد أن مخرجه هو فيليب غارديل المخضرم؟ وهو نفس ما يمكن أن يقال عن إشراك فيلم المخرج المخضرم الآخر أبيل فيرارا في المسابقة في حين كان يمكن عرضه للتعريف في قسم البانوراما بسبب طابعه التجريبي.

من ناحية أخرى بدا أن الخضوع للعامل السياسي في الحكم على الأمور ليس في صالح المهرجان. فكيف يمكن على سبيل المثال، شطب تاريخ رجل مثل ألفريد باور مؤسّس مهرجان برلين نفسه، بكل بساطة وإلغاء الجائزة التي كانت لسنوات طويلة، تمنح باسمه في المهرجان، خضوعا لابتزاز بعض الصحف التي أصبحت تشم رائحة النازية في كل ما يتعلق بالذين عاشوا قدرهم خلال الحقبة النازية.

والمؤسف أن القرار صدر من قبل التأكد من ضلوع الرجل في رسم أي سياسات تتعلّق بالنشاط الثقافي والفني تحت إدارة وزير الدعاية النازية جوزيف غوبلز. فقد أعلنت الإدارة أنها كلّفت باحثا تاريخيا بتحري تاريخ ألفريد باور وموافاتها بتقرير عنه سيستغرق إعداده ثلاثة أشهر.

الدور الأكثر بروزا للممثل الرجل في أفلام المهرجان، يعود إلى أداء الممثل الإيطالي أليو جيرمانو في فيلم"مُخبأ بعيدا"

وبعد أن كان الحضور العربي في مهرجان برلين قويّا وملموسا خلال السنوات الأخيرة، تم تهميش وجود الأفلام العربية والاكتفاء بعرض بعض الأفلام القصيرة والتجريبية التي لا تقدّم صورة حقيقية للنشاط السينمائي في العالم العربي، ولا لما يصنعه السينمائيون من أصول عربية في أوروبا.

ولكن في الوقت نفسه، يواصل مهرجان برلين اهتمامه الدائم بالسينما الإيرانية، ففي المسابقة الرسمية فيلم جديد للمخرج محمد رسولوف مع فيلمين آخرين في البرامج الموازية. وهو ما يشير أيضا إلى دافع سياسي محدّد وراء هذا الاهتمام، في سياق السياسة المعتدلة التي تتبعها ألمانيا عموما في ما يتعلق بموضوع الملف النووي الإيراني.

ضعف الأفلام

بشكل عام تبدو الدورة السبعون التي كان يفترض أن تكون احتفالية وتتميز كثيرا عن سابقاتها، دورة أقلّ من عادية بسبب الضعف العام لأفلام المسابقة التي تستقطب عادة الأضواء.

وكلّما ذهب المرء وهو يملؤه الأمل في العثور على التحفة السينمائية المنشودة يخيب أمله، فلا توجد في مهرجان برلين تحف سينمائية، رغم وجود عدد من الأفلام الجيدة والمتوسطة الجودة، مع تشابه كبير في المواضيع التي تدور معظمها حول المرأة، في عذابها بسبب علاقتها بالرجل، كما أن صورتها في هذه الأفلام صورة امرأة قوية، تمتلك الرغبة في الاستقلال والتحقّق بعيدا عن العلاقة مع الرجل.

ولعل أفضل ما عرض من أفلام حتى الآن في هذا السياق هو الفيلم الأميركي “ليس نادرا بل أحيانا دائما”، فهو عمل متماسك شديد البراعة والتأثير.

وحتى الآن يبرز أداء الممثلة الألمانية المخضرمة نينا هوس في فيلم “أختي الصغيرة” وهي الممثلة الأهمّ في السينما الألمانية عموما، وزميلتها الأصغر سنّا بولا بير في فيلم “أوندينه”.

أما الدور الأكثر بروزا للممثل الرجل في أفلام المهرجان حتى الآن فيرجع دون شك إلى أداء الممثل الإيطالي أليو جيرمانو في دور الرسام الإيطالي توني ليغاوبي في فيلم “مخبأ بعيدا”. والفيلم نفسه يظل أيضا أفضل ما شاهدناه. لكن لا يزال هناك ثمانية أفلام في المسابقة لم تعرض بعد. وبعدها يكون لكل حادث حديث!

كاتب وناقد سينمائي مصري

 

العرب اللندنية في

26.02.2020

 
 
 
 
 

من يفوز بدب برلين الذهبي؟

محاسن الهواري

تختتم مساء الأحد القادم فعاليات الدورة السبعين من مهرجان برلين السينمائي الدولي حيث تعلن أسماء الأفلام الفائزة بالجوائز وعلى رأسها جائزة «الدب الذهبي» والتى يتنافس عليها 16 فيلما لعل أبرزهم فيلم «السيدة التي هربت» وهو فيلم كورى جنوبى من تأليف وإنتاح وإخراج هو سانغسو ويتوقع النقاد لهذا الفيلم أن يسير على خطى فيلم «الطفيليون» الذى حصد جائزة الأوسكار لأفضل فيلم فى سابقة تاريخية تعد الأولى من نوعها.

وتدور أحداث «السيدة التى هربت» حول جومانهى وهى سيدة فى منتصف العمر تعيش فى قلب مدينة سول تلتقى أثناء سفر زوجها فى رحلة عمل قصيرة بثلاث نساء آخريات فى البداية تزور سيدتين فى منزلهما بعدها تلتقى بأخرى عجوز من أقاربها وتدور بينها وبين كل منهم نقاشات عميقة والفيلم ينتمى لنوعية السينماالمستقلة وتبدو فى الفيلم حالة النضج الفنى التى وصل لها المخرج بعد 24 تجربة إخراجية واللافت للنظر بشأن الفيلم هو ضحالة التواجد الذكورى وهامشيته حتى يبدو كأنه غير موجود وربما يكون من المميز فى الفيلم هو تغاضى بطلته الشابة عن قول الكثير فى حواراتها فى الفيلم ولكن مالا تقله البطلة هو مايترك صداه لدى المشاهد بصفة عامة يمكن وصف الفيلم بأنه حالة انسانية مميزة لها سماتها الخاصة فى التواصل مع ذاتها والعالم.

من الأفلام الاى تسير بقوة نحو «الدب الذهبى» أيضا فيلم «دورية ليلية» وهو فيلم فرنسى للمخرجة آن فونتين والتى اشتهرت بأفلامها المدافعة عن المرأة وهذه المرة تتطرق إلى إحدى القضايا الشائكة وهى قضية الهجرة غير الشرعية حيث تدور أحداث الفيلم حول دورية من الشرطة فيها رجال ونساء كل منهم يواجه حياته الخاصة بما فيها من مشكلات وأثناء عملهم يقومون بمهمة إلقاء القبض على مهاجر غير شرعى ليتم ترحيله إلى موطنه ولكنهم يعلمون أن هذا الرجل سيتم إعدامه فور وصوله مما يضعهم جميعا فى مأزق إنسانى أمام ضميرهم.

وربما يكون فيلم «ميناماتا» للمخرج أندرو ليفيتاس ومن بطولة النجم الشهير جونى ديب هو ثالث الأفلام من حيث توقعات النقاد وقد غير جونى ديب من جلده تماما فى الفيلم فهو مصور فوتوغرافى موهوب لكنه مدمن للكحول ويرصد بعدسته آثار الخراب الذى تركه تسمم الزئبق على المدينة اليابانية الساحلية «ميناماتا» وقد بدت فى الفيلم بوضوح قدرة المخرج على رصد سحر الطبيعة فى لقطاته البصرية.

ويستحق الفيلم السويسرى «أختى الصغيرة» ستيفين شاروه وفيرونيك ريموندالإشادة فهى يرصد ملحمة إنسانية عن علاقات الأخوة وهو الموضوع الذى لم تعد تطرحه الدراما كثيرا هذه الأيام فتدور الأحداث حول ممثل شاب يعيش فى برلين تتبدد طموحاته المهنيةبعد إصابته بالسرطان فتقوم أخته الكبرى بترك حياتها فى سويسرا والقدوم إلى برلين لمساندته ووسط مواجهة المرض بشراسته تقرر أن تأخذه معها إلى سويسرا لكى يخططان للحياة وسط هدوء الجبال وجمال الطبيعة ليصبحا معا أكثر قوة.

 

بوابة أخبارر اليوم المصرية في

26.02.2020

 
 
 
 
 

«الشرق الأوسط» في مهرجان برلين السينمائي (4):

كوبا تسأل عن ثورتها وروسيا عن ماضيها

أفلام من القاع بعضها أفضل مما في المسابقة

برلين: محمد رُضا

في حين يدخل مهرجان برلين عامه السبعين، هناك مناسبة مهمّة أخرى لازمته منذ سنة 1971، وتدخل بدورها عامها الخمسين. هذه المناسبة هي قسم «فورام» الذي تديره هذا العام الناقدة الألمانية كرستينا نورد.

في الماضي، كان لهذا القسم اعتبار أعلى مما أصبح عليه في السنوات العشرين الأخيرة؛ كان يعرض ما تبدّى كأفلام ذات نزعة تجريبية أو سياسية أو مختلفة، وكان يجمع عشرات الأفلام التي يحاول مخرجوها البقاء تحت مظلة الاستقلال التام عن التيارات السائدة.

الكم لم يعد كبيراً (26 فيلماً بدل نحو 40 فيلماً في بعض السنوات)، كون البرنامج صار أكثر تحديداً مما كان عليه سابقاً بالنسبة لما يريد عرضه من أعمال. وبالتالي، أصبح أقل جذباً للمشاهد الذي ينوي مشاهدة كل ما يدور في رحاب السينما من أعمال، إذا استطاع. وبينما كان الجمهور الداخل لقاعات «فورام» من قبل مؤلفاً من فئات ومهن مختلفة، أصبح غالبه من الذين يطلبونه لذاته.

أحد أسباب ذلك يعود إلى قسم آخر أسسه المهرجان قبل عقود، ويحتوي هذا العام على 22 فيلماً. هذا القسم اسمه «بانوراما»، وفحواه عرض أفلام متطرفة، إذ يجد المرء فيه أفلاماً عن كل شيء لا ينتمي إلى أفلام المؤسسات وأنواعها الكثيرة. فهناك الأفلام المتطرفة سياسياً، والأفلام المتطرفة نسائياً، وهو يرحب بالأفلام المتطرفة جنسياً، خصوصاً إذا ما كانت عن المثلية وتجارب الحب المختلفة.

ولكي يؤلف قسم «بانوراما» أفلامه، سحب من قسم «فورام» كثيراً مما كان يتألف منه، وترك له الأفلام التجريبية وتلك التي لا جمهور كبير لها.

«ملاحظات آنا أزوري» يستطيع أن يلخص ما يقوم عليه قسم «فورام»، والنوعية المختارة من أفلامه؛ إنه فيلم عن فيلم تم تحقيقه سنة 1975، بعنوان «آنا». آنذاك، وجد المخرجان ألبرتو غريفي (توفي سنة 2006 عن نحو 25 فيلماً) وماسيمو سارشيللي (توفي 2010 عن 98 فيلماً) امرأة شابة تعاني من الدعة والفقر وغموض المستقبل، فقاما بتصوير فيلم من 225 دقيقة، عرضه قسم «فورام» في ذلك العام.

- فيلم عن فيلم

الفيلم الجديد يعود إلى فيلم «آنا» ليبحث فيما عنته تلك الشخصية وأوحت به من واقع اجتماعي، لكن هذا ليس سوى جانب واحد من هذا الإنتاج النمساوي - الألماني المشترك. وباقي ما يطرحه هو لقطات أرشيفية، وأخرى حية، وكثير من اللقطات التي تعني للمخرج كونستانس روم أكثر مما تعني لسواه. هو فيلم تجريبي تنتقل صوره من الوجوه إلى الأشجار، ومن الأشجار إلى المياه، وفي وسط كل ذلك دعوة مؤيدة للمرأة، ونوع من فحص المسافة الزمنية بين وضعها وحقوقها في السبعينات وحالها اليوم. لكن آنا ذاتها تبقى في صورة الفيلم الأول أكثر حضوراً منها حالياً.

وأفضل منه فيلم «ما بين كلب وذئب» لإيرين غوتييريز. فيلم كوبي حول ثلاثة رجال من ثوار السبعينات يشقون طريقهم في الأدغال محمّلين بالشكوك حول أهدافهم التي لا يفصح عنها الفيلم. طريقته في التعامل مع هؤلاء هي تركهم يعكسون الوضع الصعب للحياة التي اختاروها. لن نعرف ما المهمّة التي هم بصددها، وأين تقع، لكنّنا سنلحظ أنّ أحدهم يعلن ريبته بكل شيء، والآخر ماض بحزم مكتوم، وإيمان لا ندري مدى ثباته، والثالث يعاني من جرح في ساقه يهدد سلامتها.

ما توحي به المخرجة الكوبية الشابة ليس فقط أين أصبحت الثورة اليوم، بل ما كانت عليه في السابق أيضاً. هناك تصوير دافئ للأدغال وسخونة الأجواء ودكانة الضباب. إنّه كما لو أرادت أن تؤكد أنّ قسوة الطبيعة وحياة هؤلاء الرجال باتت واحدة في عبثها.

- روسيا بين عالمين

القدر نفسه من الحيرة وعدم الثقة وغزارة التساؤلات يصلنا من فيلم روسي هذه المرّة، بعنوان «نوم عميق» لماريا إغناتينغو، حيث كل شيء هنا يبدأ ويتوقف كما لو أنّ الحياة عبارة عن حلقات مستديرة، لكنّها مقطوعة الأوصال. بطل الفيلم بحار متهم بقتل ميكانيكي، والفيلم ينتقل بأحداثه بين أكثر من فصل، كل منها يؤرخ لمرحلة من حياة المتهم: المرحلة الأولى عاطفية الانبعاث، فالبحار كان عاشقاً لفتاة تعرضت لحادثة وماتت، وحياته من بعدها لم تعد كما كانت عليه. فصلان آخران يتناولان وضعه النفسي، وتساؤلاته التي لا تقوده إلى أجوبة. كذلك لا يقودنا الفيلم -عن قصد- إلى قرار نتخذه حول ما إذا كان البحار بريئاً مما نسب إليه من تهمة، ولو أن القصة ستقودنا إلى ذلك الحدث.

وفي طيّات هذا الفيلم، توحي المخرجة بأنّ روسيا ما زالت ضائعة بين إرث الأمس وواقع اليوم. فيلم جيد يحتاج إلى مهرجان متخصّص، وليس فقط إلى قسم في مهرجان كبير كهذا.

هناك فيلم قلق آخر يمكن ضمّه إلى هذه المجموعة، وهو «جريمة مشتركة» الذي عرضه قسم بانوراما. امرأة شابة (إليسا كاريكاجو) تعيش وحيدة مع ابنها الصغير. وفي إحدى الليالي الداكنة، تسمع طرقاً على الباب؛ إنّه صديقها السابق، لكنّها تخشى دخوله ووجوده وترفضه. وفي اليوم التالي، يجد البوليس جثته طافية في نهر البلدة القريب.

الحادثة الغامضة (ليس معروفاً من قتله ولماذا) تكون سبباً في مراجعة بطلة الفيلم لنفسها، وطرح أسئلة من نوع: هل قصدها صديقها السابق لإيوائه؟ هل كانت سبباً غير مباشر في مقتله؟ المخرج الأرجنتيني فرنشسكو ماركيز يتوسع للبحث فيما يراه غياب العدالة مع غياب الطبقة الوسطى، وانقسام المجتمع بين فقير وغني. والطريقة التي يدفع بها المخرج هذا الخط السياسي ليست كاملة سلسة، لكنّها موحية به جيداً. ومثل الفيلم الكوبي، يعتمد على الأجواء النفسية، كما الطبيعية.

- لقطة منك لقطة مني

وعلى صعيد المسابقة، حدّث ولا حرج. فالأفلام تبدو كما لو كانت تُرمى على الشاشات لنترحّم على جيل من المخرجين كنّا نحضر الدورات السابقة لمجرد ذكر أسمائهم. اليوم، أي اسم تراه يحتل مكانه فوق العنوان في الدعايات وعلى الشاشة كما لو كان قد وُلد بحجم كيروساوا أو فيلليني أو كارلوس ساورا أو كوبولا.

في «امح التاريخ» (Delete History) لبنوا دليبين وغوستان كرفرن، حكاية تتصل بعالمنا اليوم، حيث يعيش رجل وزوجته وابنتهما في فوضى الإنترنت، والمتوفر من حياة افتراضية أصبح معظمنا يتابعها كما لو كانت بديلاً لحياتنا على الأرض.

الفتاة الشابة تصوّر قطتها، وتحقق مئات ملايين المتابعين، لكنّ الأب يلحظ أنّ كل ذلك لم يحقق دخلاً يتمناه ليدفع ديونه، وهو في الأصل يريد حماية ابنته من التورط أكثر في لعبة الحياة الافتراضية، لئلا تخسر الواقع الذي تعيش فيه، لكنّها تتورط بلا ريب، إذ هناك من يحاول ابتزاز الفتاة بعدما صوّرها في خلوة جنسية مع عشيقها.

هذا الفيلم الفرنسي عبارة عن خطوط نحيفة لا يشكل أي منها سبباً لفيلم، إذ تتوازى وتشكل في النصف الثاني مشروع فيلم ذي قيمة، نجد الفيلم أضعف بنية من أن يحمل مشاهديه إلى رحاب جديد. الإضافة الوحيدة للفيلم هي أنّه يتبع التقليد الشائع: قليل من الإبداع في الصورة وكثير من الحوار.

فيلم آخر لا يبلغ مداه هو «كل الموتى» (All the Dead Ones) للمخرجين ماركو دورتا وكياتانو غوتاردو. وهما والمخرجان الفرنسيان صانعا «امح التاريخ» من جملة عدة ثنائيات إخراجية لاحظناها هذا العام، بعضها -بل معظمها- يبعث على السؤال حول: لماذا على الفيلم الواحد أن يضم مخرجين؟ وكيف يعملان معاً؟ هل يوزعا العمل على أساس لقطة منك ولقطة مني أم أنّهما يبحثان في المشهد المقبل برأيين؟ وماذا يحدث إذا ما اختلفا؟

على الأقل، الأخوان تاڤياني في إيطاليا، والأخوان كوون في أميركا، مشهود لهم بالعمل عن كثب وفي تعاضد، وبرؤية فنية لا تخيب. لكنّها تخيب في «امح التاريخ»، وتخيب في «كل الموتى»، ولا تستطيع أن تبرّر نفسها في كليهما.

هذا الفيلم الدرامي عن التركة الثقيلة للوضع العنصري الذي كان سائداً حتى سنة 1888، حين صدر قرار رسمي بحرمانه. القرار لم يحل إشكالات الحياة بعد أكثر من مائة سنة من العبودية: الخدم الذين كانوا يعملون عبيداً في المزارع وفي البيوت توقفوا عن الأعمال المهينة، لكن أحوالهم لم تتحسن اقتصادياً، وما زالوا في قاع الحياة؛ وعقلية البيض الآتين من القارة الأوروبية (البرتغال أساساً) ما زالت كما هي، وحين لا تحصل على مميزاتها السابقة تعبر عن أسفها لزمن مضى، من دون شعور بالذنب لما عانى منه الفريق الآخر.

إنّها علاقة شائكة تعبث برجاحة عقل إحدى فتيات العائلة البيضاء الكبيرة التي اعتادت على حياة تختلف عما آلت إليه. ما زالت ثرية لديها حرية كبيرة في فعل أي شيء تريده، لكنّ الانعكاسات النفسية شديدة الوطأة، وعلى نحو غير مقنع. إحدى بنات العائلة تلجأ للكنيسة كراهبة، وأخرى تلجأ إلى الوهم، وتكاد تفقد رجاحة عقلها.

كل شخصية في الفيلم (وهناك شخصيات كثيرة أخرى) يُراد منها أن تكون أمثولة في فيلم يرسم صورة بانورامية تفتقد العمق. والأحداث دائماً واضحة أكثر من اللزوم، ما يصنع عملاً محدود القيمة.

- برودة

في المسابقة أيضاً الفيلم الكوري «المرأة التي ركضت» للكوري الجنوبي هونغ سانغسو الذي يقص هنا حكاية زوجة سافر زوجها في رحلة عمل، فتنتهز الفرصة لمقابلة صديقات لها. في كل واحدة جانب من الشّخصيات يتم كشفها، بما فيها شخصية الزوجة. ليس هناك حدث كبير يقع، ما يؤدي إلى مواجهات وأزمات، لكن هناك إيحاءات بأزمات داخلية.

المخرج يبدأ وينتهي بإيحاءاته، ولا يُقيم وزناً لفاعلية المادة ذاتها، أو الرغبة في تصوير حدث يكون له وقع درامي فاصل بين مرحلة من الفيلم ومرحلة أخرى.

كثير من أسلوب هونغ سانغسو لم يتغير منذ سنوات؛ يميل إلى اللقطات البعيدة، وإلى حوار لا يريد له أن يتوقف، والحياة التي يصورها بليدة، والحرارة دون الصفر بين الفيلم والمتلقي العادي. على المرء أن يبحث عن دافع أقوى مما يعرضه المخرج لكي يجد الزاوية التي يستطيع من خلالها تحريك الجمود الواقع داخل الفيلم، وبين الفيلم وبينه هو.

هذا كان شأنه كذلك في فيلمه الأسبق «صحيح الآن، خطأ حينها» (Right Now… Wrong Then)، الذي احتوى كذلك على بصريات بسيطة، وحبكة بالبساطة نفسها، وعلى مشاهد متكررة. ورغم ذلك، وفي فيلمه ذاك، كما في الفيلم الحالي، يستطيع بعضنا أن يجد عذوبة في الأسلوب الذي يتبعه. على الأقل، لا يحاول، كما حال فيلم آبل فيرارا «سايبيريا»، فرض ما يراه عليك، ويتوقف بعد نحو 75 دقيقة عن الكلام المباح.

 

الشرق الأوسط في

26.02.2020

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004