كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

"عامي مع سالينجر"

احتفال بالبطولة النسائية

أمير العمري

مهرجان برلين السينمائي الدولي

الدورة السبعون

   
 
 
 
 
 
 

·        مهرجان برلين السينمائي ينطلق وسط أجواء من الحزن والقلق.

انطلق مساء الخميس، مهرجان برلين السينمائي في دورته السبعين، بُعيد ساعات على هجوم عنصري أسفر عن سقوط تسعة قتلى في ألمانيا، مما أشاع جوا من الحزن والقلق على الملتقى السينمائي الرئيسي الأول في أوروبا هذه السنة.

برلين – وسط أجواء من القلق والحزن والتوتر والغضب، في أعقاب الحادث الإرهابي الذي وقع في بلدة بجنوب ألمانيا مدفوعا بدوافع عنصرية وراح ضحيته تسعة من المهاجرين، افتُتِحت مساء الخميس، الدورة الـ70 من مهرجان برلين السينمائي الدولي بفيلم “عامي مع سالينجر” My Salinger Year للمخرج الكندي فيليب فالاردو.

إدارة المهرجان أصدرت بيانا يدين الحادث الإرهابي ويبدي تعاطفا مع عائلات الضحايا كما أكد المهرجان تمسكه بقيم التسامح والاحترام وحسن الضيافة، ووقف النجوم وممثلو صناعة السينما الذين حضروا الحفلة، دقيقة حدادا على أروح الضحايا قبل بدء مراسم الافتتاح.

بين الغضب والتحقّق

فيلم الافتتاح الذي عرض للمرة الأولى على الساحة العالمية، هو نموذج مثالي لفيلم المرأة من دون أن تكون مخرجته امرأة، فموضوعه يدور حول فتاة شابة لم تستكمل دراستها العليا وأرادت أن تصبح كاتبة. ولكن بدلا من أن تجد الطريق مفروشا بالورود أمامها، التحقت بوظيفة مؤقتة كمساعدة للسيدة “مرغريت” وكيلة أعمال الكاتب الأميركي الشهير “جيروم ديفيد سالينجر” المعروف بـ“ج. د. سالينجر”. ومع ذلك لا يظهر سالينجر في الفيلم وإن كنا نسمع صوته عبر الهاتف، وهو اختيار ربما كان يتسق مع رغبة سالينجر نفسه الذي توفي عن 91 عاما سنة 2010.

فقد اختار هذا الكاتب الذي حقق شهرة كبيرة بعد نشر روايته الوحيدة “الحارس في حقل الشوفان” عام 1951، أن يعيش في عزلة تامة بعيدا عن الأضواء وامتنع تماما عن الظهور الإعلامي. كما رفض نشر أعماله التالية التي قيل إنه واصل كتابتها، واختار الإقامة في مكان ما على شاطئ ولاية بنسلفانيا. وكان يقضي معظم وقته في الكتابة باستخدام آلة كاتبة عتيقة داخل كوخ خشبي، وهو اختيار يعكس موقفا صارما من فكرة أن يصبح الفن أو الإبداع الفني معروضا للبيع مثل أي سلعة.

رواية “الحارس في حقل الشوفان” The Catcher in the Rye (التي ترجمها إلى العربية غالب هلسا) وقورنت بـ“عوليس” لجيمس جويس، أصبحت أيقونة من أيقونات الأدب لدى أجيال من المراهقين الشباب في الولايات المتحدة والعالم، وظلت تُطبع ويعاد طبعُها منذ صدورها (وكانت توزع سنويا 250 ألف نسخة). واعتبرت “مانيفستو” للغضب والتمرّد على القيم التقليدية للمجتمع، وكان بطلها يرمز لجيل ما بعد الحرب العالمية الثانية، الذي يحتج بقوة على كل أشكال الزيف الاجتماعي.

احتجاج على الزيف الاجتماعي 

ويمكن القول إن بطلة فيلم “عامي مع سالينجر” تنتمي بدورها إلى ذلك الجيل الغاضب الذي يبحث عن الجديد، في اللغة وفي وسائل التعبير، وهي تنشد الأدب، وتقرض الشعر، تعيش في الخيال أكثر ممّا ترتمي في أحضان الواقع. لكنها رغم ذلك عنيدة، مستقلة، وسوف تصل في نهاية المطاف بعد أن تنضج على نار التجربة، إلى معرفة ما تريده لنفسها بالضبط من مشوار الحياة. فتختار الوقت الذي تعلن فيه رغبتها في البحث عن شيء آخر أكثر من مجرد العمل لتلك الوكالة الأدبية، رغم ما وجدته من اهتمام بعملها الذي حقّقت فيه نجاحا كبيرا.الفيلم مقتبس من كتاب بالعنوان نفسه، للكاتبة جوانا راكوف، تروي فيه تجربتها الشخصية، وقد أصبح عند صدوره في عام 2004، من أكثر الكتب مبيعا.

وتدور أحداث الفيلم في منتصف التسعينات، قبل ظهور وانتشار الكمبيوتر المنزلي وشبكة الإنترنت الدولية، في عصر الآلات الكاتبة، والوسائل التقليدية القديمة في الترويج للكتب الجديدة، وعلاقة وكالات النشر بدور الصحف الكبرى، والرسائل البريدية التي كانت تنهال على الكتاب من المعجبين والقراء. وبالتالي على بطلنا الغائب – الحاضر “سالينجر” نفسه، الذي يمكننا أن نتعرف على جوانب حياته الغريبة في لمحات من خلال الحوارات التي يتداولها من يعملون لحسابه، وخاصة مرغريت التي ترتبط معه بصداقة وتحرص كثيرا على إرضائه وتنفيذ تعليماته بدقة، وأهمها ألاّ يعرف أحد عنوان إقامته.

أساس اهتمام السيناريو هو تلك العلاقة التي تنشأ بين “جوانا”، الفتاة الشابة الجميلة المليئة بالحيوية والحياة والتألق والرغبة في التحقّق القادمة من الريف، و“مرغريت” السيدة الصارمة التي لا تقبل أي خطأ، وتفرض ستارا حديديا على من يعملون معها. ولكن تحت هذه القشرة السميكة من الصلابة، قلب رقيق وحسّ إنساني يمكنه أن يتفهّم ويغفر، وقدرة خاصة على معرفة الحقيقي من الزائف، والموهبة من الادعاء.

والفيلم يسبر أغوار تلك العلاقة من خلال تراكم المشاهد من دون ذروة تقليدية في الحبكة، مع لمحات بارزة عن تأثير سالينجر على طموح جوانا لأن تصبح كاتبة. وكيف تلهمها الرسائل المرسلة إلى سالينجر، ولا يمكنها أن تقاوم فكرة الاحتفاظ بالبعض منها وقراءتها بدلا من التخلص منها بعد أن تنتهي من فحص محتوايتها حسب التعليمات التي لقنت إياها من البداية، بل وكتابة رد حقيقي على بعضها بعيدا عن تلك الصياغة الروتينية التي أعطيت لها لتكرارها على الجميع.

نشاهد لقطات تتداعى في ذهن جوانا وصورا متخيلة لبعض الذين يبعثون بتلك الرسائل إلى سالينجر وكأنهم يستنجدون به للمساعدة في التوصل إلى حلول لمشاكلهم. كما نشاهد لمحات أخرى عن الحياة الخاصة لجوانا، التي تبحث في الوقت نفسه عن الحب الحقيقي، تتوهّم وجوده أولا مع “مارك” وتقبل العيش معه في شقة ضيقة كئيبة بحي بروكلين بمدينة نيويورك (حيث تجري أحداث الفيلم)، لكننا سنرى كيف أن كلا منهما يعيش في عالمه، منعزلا عن الآخر. ألم تشعر بالندم بسبب التضحية بحبيبها السابق الذي تركته وراءها في البلدة التي جاءت منها على أمل أن تقضي فيها شهرا أو شهرين، ثم تقرّر قضاء العام بأكمله؟

ليس هذا بالطبع السؤال الوحيد المطروح في هذا الفيلم، بل هناك أسئلة أخرى تدور حول البحث عن الذات وعن التحقّق، وعن حقيقة ما يريده المرء.. عن التضامن النسائي في لحظات الشدة.

غير أن الفيلم ينتقل تدريجيا ليصوّر كيف أثرت وسائل الاتصال الحديثة مثل الإنترنت على طريقة العمل، وكيف تم الانتقال من الآلة الكاتبة التقليدية القديمة إلى الكمبيوتر (الذي تعاديه مرغريت بشدة كونها تميل للتمسك بالوسائل القديمة).

فالفيلم يصوّر أجواء التسعينات بدقة، وبنوع من النوستالجيا أو الحنين إلى “عصر البراءة”. إن بطلة الفيلم جوانا تودّع في النهاية طفولتها أو مراهقتها وتتخلّى عن أفكارها النظرية عن العالم، بعد أن أصبحت قادرة على أن تتوقف مع نفسها وتختار. لقد أنضجتها التجربة.

"عامي مع سالينجر" للمخرج الكندي فيليب فالاردو، هو نموذج مثالي لفيلم المرأة من دون أن تكون مخرجته امرأة

فيلم أدبي

هذا فيلم “أدبي”، أي يسير كما تسير رواية تقليدية تدور حول الشخصية الرئيسية والتداعيات التي تعبر ذهنها، ولعها بالأدب وعالم الأدب والشعر، الوكلاء الذين يعملون للكتاب المشاهير، الإبداع ومغزاه وهل يصلح أن يكون سلعة أم قيمة غير قابلة للمساومة؟ وهل كان سالينجر يعتزم كما يقول الفيلم، نشر أعمال أخرى عن طريق ناشر صغير مغمور؟ ولماذا كان متحمسا لمقابلة بطلتنا الشابة جوانا وكان بشوشا معها هكذا في مكالماته الهاتفية، هل كان هذا مرتبطا بما عرف عن سالينجر من ولع بالفتيات صغيرات السن؟

أفكار كثيرة تشعر بها من تحت جلد المشاهد والصور، من دون أن يجيب عنها الفيلم. ولعل ما يميز الفيلم بوجه عام، ذلك الأداء المتميز من جانب كلٍ من سيغورني ويفر في دور مرغريت السيدة قوية الشخصية التي تقبض بقوة على جميع الخيوط في يدها، ورغم قسوتها الظاهرة فإنها تمتلك قلبا كبيرا قادرا على العطاء والحب.

ومرغريت كوايلي (ابنة آندي ماكدويل) تلك الموهبة الصاعدة بقوة مثيرة للإعجاب، في دور تؤديه بثقة وحيوية وتألق وشخصية تفرض وجودها بقوة على الشاشة. فهي تعبر بوجه جذاب في بساطة آسرة، عن الحب والعذاب والغضب والرفض والإعجاب، وتنتقل كالفراشة بين المكاتب، وتعبر الردهات والشوارع بنفس قوة الدفع التي تنعكس على وجهها فتزيده تألقا.

هذه ممثلة سيكون لها شأن كبير في المستقبل، بعد أن تجاوزت هنا دورها الصغير العابر في فيلم تارانتينو “ذات مرة في الغرب” في دور الفتاة اللعوب التي تركب سيارة براد بيت وتحاول إغواءه.

جدير بالذكر أن هذا الفيلم “النسائي” بامتياز “عامي مع سالينجر”، لا يكرّس فقط البطولة النسائية المطلقة مع جعل كل أدوار الرجال ثانوية (بما في ذلك دور سالينجر نفسه)، بل بالإضافة إلى أن قصة الفيلم مأخوذة عن كتاب جوانا راكوف التي تشارك في إنتاج الفيلم كمنتجة منفذة، فقد أسند المونتاج إلى ماري مينالي، والتصوير إلى ساره ميشارا.

كاتب وناقد سينمائي مصري

 

العرب اللندنية في

22.02.2020

 
 
 
 
 

مهرجان برلين السينمائي يحتفي بتحفة كلاسيكية

أمير العمري

فكرة فيلم "خزانة الدكتور كاليغاري" تدور حول "التحكم" أو "السيطرة"، أي كيف يمكن لشخص يمتلك سلطة ما، أن يتحكم بمصائر الآخرين (بالتنويم ثم الترويع والقتل).

من الطبيعي أن يحتفل مهرجان برلين السينمائي في دورته الـ70 المقامة حاليا، بمرور 100 عامٍ على ظهور تحفة السينما الصامتة وأيقونة التعبيرية الألمانية، فيلم “خزانة الدكتور كاليغاري” الذي أخرجه عام 1920 روبرت فينه Robert Wiene ودخل تاريخ السينما باعتباره أحد الكلاسيكيات الكبرى. وكان أرشيف الفيلم الألماني قد تمكن قبل 6 سنوات من ترميم وطباعة نسخة رقمية عالية النقاء والوضوح k4 من الفيلم، وأعاد إليه ألوانه الأصلية الأحادية.

بمناسبة الاحتفال بمئوية الفيلم أقام مهرجان برلين معرضا خاصا في “متحف السينما” تضمن عرض تاريخ إنتاج الفيلم مع بعض الرسوم والتصميمات الأصلية التي صممها الفنانون التعبيريون الذين استعان بهم مخرج الفيلم لتصميم الديكورات الغريبة الضيقة الخانقة التي اعتبرت بمثابة ثورة في عالم السينما في ذلك الوقت حينما كان الفن السينمائي مازال في بداياته. أشهر هؤلاء الفنانين وولتر ريمان وهيرمان فارم. والاثنان من الرسامين التعبيريين. وقد قدما رسوما وتصميمات لرؤية فنية لا تعتمد على تجسيد الواقع بل التعبير الذاتي عنه، من منظور الفرد المحبط المضطرب الذي يعاني من الهواجس والتشكك وانعدام الثقة في الآخر، وتصور علاقة الفرد بالواقع، كيف يراه ويتفاعل معه، من خلال صور “تعبيرية” تعكس الخوف والقلق والكوابيس المرعبة، وتستخرج من الصور ما يدور داخل الذهن البشري، ولا يتجانس بالضرورة مع “صورة الواقع” من الخارج.

كانت التعبيرية قد انتشرت في عشرينات القرن العشرين وشملت الأدب والفن التشكيلي والمسرح والسينما. وفي ألمانيا تحديدا برزت النظرة إلى السينما على اعتبار أنها فن له خصوصيته التي تميزه عن الأدب والمسرح. وليس سلعة أو وسيلة تجارية أو أداة للتسلية، وأن الفيلم بالتالي مثل اللوحة الفنية، لا يخضع للواقع بل لرؤية الفنان للواقع وإن تجاوز الواقع نفسه في تصوير هواجسه الداخلية العميقة. وفي الوقت الذي برزت فيه التعبيرية في ألمانيا، ظهرت السريالية في فرنسا. ولا شك في وجود الكثير من الصور السريالية في الأفلام التعبيرية، لكن في سياق الملامح الخاصة للتعبيرية التي ترتبط بتصوير غرف تبدو كمقابر، وشوارع مائلة، وسلالم صاعدة حادة الزوايا. إلى جانب استخدام الإضاءة لتوليد الظلال القاتمة والتركيز على الوجوه من خلال استخدام دوائر مغلقة تحبس الشخصيات، وتظهر الانفعالات على الوجوه بطريقة مبالغ فيها، مع تضييق المساحات أو الفراغات داخل الصورة كثيرا، وتصوير الجدران التي تمتلئ بالصور والرسوم الغريبة، والأسقف المنخفضة التي تحلق فوق الرؤوس مباشرة.

إن العالم في هذه الأفلام يبدو سجنا، ولا تؤدي الشوارع الملتوية الضيقة إلى شيء، وتظهر العمارات والمباني نحيفة مدببة، والمنازل أقبية مليئة بالأسطح المدببة. هذه الصور وغيرها هي ما تشكل الرؤية البصرية في فيلم “خزانة الدكتور كاليغاري” بحيث أصبح الفيلم نموذجا كلاسيكيا في استخدام التعبيرية.

يتم استخدام هذه الصور في الفيلم، ليس من أجل تصوير الواقع، بل التعبير عما يكمن داخل “الذات” أي نقل المشاعر الداخلية عند الإنسان- الفرد، إلى الشاشة وتجسيدها في صور مبالغ كثيرا في تصميمها من حيث الديكور وزوايا الكاميرا وحركة الممثلين، لتوليد تأثير مقصود على المتفرج، وخلق علاقة بينه وبين ما يشاهده من شخصيات، أي علاقة بين هواجسه الداخلية، والصور المقبضة المخيفة التي تستدعي مخاوفه الخاصة وتستخرجها كما لو كان يمر بإحدى جلسات التحليل النفسي. فالتعبيرية حركة مضادة للواقعية، بل وتعكس التشكك في الواقع نفسه، في مصداقيته واستقامته ووعوده بعد أن أصبح مشوشا مضطربا قاتما مزيفا.

تقول الكاتبة والباحثة الألمانية أليسا دارسا Alissa Darsa إن “اعتبار السينما فنا مستقلا عن غيره من الفنون أصبح من المفاهيم التي ستمتد إلى الكثير من صانعي الأفلام في القرن العشرين أمثال الفريد هيتشكوك وفيرنر هيرتزوغ وتيم بيرتون، وسيمتد تأثير فنانين تعبيريين مثل إريك هيكل وفاسيلي أندنسكي وإميل نولد، ويساهم في إعادة التفسير السينمائي للعالم طبقا للظروف الثقافية في فترة زمنية محددة”.

معنى عنوان الفيلم

كثيرون ترجموا عنوان الفيلم Das Cabinet Des Dr. Caligari  إلى”عيادة الدكتور كاليغاري”، و”كابينة الدكتور كاليغاري”، ولكني بحثت ودققت وتوصلت إلى أن المعنى الأقرب إلى كلمة cabinet الألمانية (والإنجليزية) هو “خزانة”. والمقصود تلك الخزانة الضيقة للغاية في بيت الدكتور كاليغاري التي يحفظ في داخلها جسد “سيزار” الشاب الذي قام بتنويمه ويستخدمه في ارتكاب الجرائم المنسوبة إليه في الفيلم. وهي خزانة تشبه “التابوت” أو “النعش” الخشبي. وليس في الفيلم “عيادة” بل إننا سننتقل من منزل الدكتور كاليغاري الذي لا يزيد في الحقيقة عن غرفة واحدة ضيقة كئيبة لا تحتوي سوى على نافذة واحدة مسدودة، إلى المستشفى في الفصول الأخيرة من الفيلم (المكون من ستة فصول). وهو مستشفى للأمراض العقلية يعمل كاليغاري مديرا له.

  فكرة الفيلم تدور حول “التحكم” أو “السيطرة”، أي كيف يمكن لشخص يمتلك سلطة ما، أن يتحكم في مصائر الآخرين (بالتنويم ثم الترويع والقتل). وفي وقت ظهور الفيلم عام 1920، كانت ألمانيا قد خرجت تعاني من هزيمة ساحقة في الحرب العالمية الأولى. وكان هناك خوف من القادم المجهول، من قوى عاتية يمكن أن تتحكم في مصير الفرد. ومن داخل هذا المناخ من الخوف والترقب والرعب، برزت النازية كبديل قومي متطرف وأمكن استخدامها كأيديولوجية تستنهض الروح الألمانية لمواجهة القوى الكبرى التي تريد تركيع الشعب الألماني. ومن داخل هذا المناخ جاء سيناريو الفيلم الذي كتبه كارل ماير وهانز جانوفيتز، مستلهمين الفكرة والموضوع من تجاربهما الخاصة خلال الحرب. وأُسند إخراج الفيلم في البداية إلى المخرج المرموق فريتز لانغ إلا أن الوقت الذي حددته شركة الإنتاج لإنجاز الفيلم جعل لانغ ينسحب من المشروع فأسند إخراجه إلى روبرت فينه (1873- 1938) وكان معروفا بغزارة إنتاجه (في عام 1920 وحده أخرج فينه ستة أفلام)

الشخصية الرئيسية في الفيلم، شخصية شاب يدعى “فرانسيس”، يبحث في مقتل صديقه الحميم “آلان” بعد حضور عرض قدمه الدكتور كاليغاري للتنويم في معرض مقام في البلدة، حيث استخدم شابا أطلق عليه “سيزار”. وسيزار هذا هو الذي سيتنبأ لآلان بالموت مع بزوغ فجر اليوم التالي. ويُقتل آلان بالفعل. وينتشر الفزع في البلدة. يعقب ذلك اختطاف الفتاة الجميلة “جين” التي يحبها كل من آلان وفرانسيس. ويعتقد فرانسيس أن الدكتور كاليغاري الذي يحتفظ بجسد سيزار داخل صندوق خشبي في غرفته، يسخره ويستخدمه في ارتكاب جرائم القتل. والفيلم يُروى من خلال العودة إلى الوراء أو الاستدعاء من الذاكرة، أي من ذاكرة فرانسيس، لكننا سنكتشف في النهاية أن ما نراه كله هلوسات تنبع من عقل رجل مجنون، أو أحد نزلاء مستشفى الأمراض العقلية التي يديرها الدكتور كاليغاري نفسه، وأن الحقيقة ليست هي ما تُروى لنا دائما.

القصة بسيطة، مصاغة في سياق الرعب، مع صور مضخمة كثيرا لردود أفعال الناس على الجرائم التي تقع في البلدة. وفي الفيلم مشهد لمطاردة طويلة بين عدد من الرجال منهم فرانسيس ووالد حبيبته جين، يطاردون سيزار بعد أن اختطف جين وأخذ يجرها على أرضيات الشوارع الضيقة ويصعد بها سلالم مخيفة مدببة.

ملامح الصورة

في الحبكة التواءات تصنع الإثارة. وموسيقى تبدو أحيانا كما لو كانت صراخا حادا أو حشرجات عالية النبرة تستخدم فيها آلة الكمان، مع دقات الطبول التي تنذر بالخطر، واستخدام خاص للماكياج وهو أحد الأدوات الرئيسية في السينما التعبيرية: إعادة رسم ملامح الوجوه لإبراز التأثير المراد توصيله للمتفرج: الرعب، الشعور بالضعف، بالموت.

نلاحظ هنا بوجه خاص، شحوب الموت على وجه سيزار النحيل والكحل الأسود الذي رسمت به حدقتا عيناه مع الصبغة السوداء تحت جفنيه، وكأننا نرى جثة عادت من عالم الأموات. أما وجه “جين” بعينيها المكحلتين بطريقة مبالغ فيها وفمها المرسوم الصغير فهو يتناقض مع الواقع، مع المبالغة في إبراز ملامح وجه الدكتور كاليغاري، المنتفخ، مع نظاراته المستديرة وشعره الطويل الأصفر الذي يتدلى من تحت قبعته العالية، ونظرات عينيه اللتين تنذران بالشر، كلها تخلق جوا من الرعب.. مع الكثير من الصور والرسوم المتناثرة فوق الجدران والتي تجعل صورة الواقع “السينمائي” منفصلة تماما عن الواقع الحقيقي.

من أكثر تصميمات الفيلم غرابة، تصميم غرفة المكتب الذي يجلس فيه رجلا الشرطة ويتكرر ظهورهما في الفيلم: إنهما يجلسان على مقاعد مرتفعة لا صلة لها بالواقع. سقف الغرفة منخفض كثيرا، وهناك مقعد صغير فارغ ومنضدة عالية، الضوء أصفر شاحب، مع ورقة تبدو كما لو كانت معلقة في الفراغ. ويتميز مظهر الشرطيين، بالنحول واللحى الطويلة والعيون الحادة النظرات وقبعاتهما العالية وملابسهما الفضفاضة الغريبة كما لو كانا ينتميان إلى القرون الغابرة.

يستخدم المصور اللون الأصفر أو الصبغة البنية المختلطة بالأصفر في مشاهد النهار، والصبغة الزرقاء في مشاهد الليل، والأزرق الخفيف الشاحب في مطلع النهار. كما يستخدم كثيرا زوايا التصوير المنخفضة التي تساهم في تغريب الصورة، وتكثف الطرق المائلة الصاعدة الضيقة وتزيد من الشعور بالرهبة. وفي مشهد قتل آلان في البداية لا نرى القاتل بل نرى ظل القاتل كما ينعكس على الجدار ثم آلان وهو ينهض من فراشه مذعورا ويقاوم الشبح الذي يطعنه بالسكين.

يختلف الفصل الأخير في طابعه وأسلوبه عن الطابع السائد في سائر فصول الفيلم، فالضوء يبدو فيه معتدلا، والجدران مستويةـ  إنه الفصل الذي يدور في المستشفى وفيه نكتشف الحقيقة، أي أن “فرانسيس” ما هو سوى أحد نزلاء المستشفى من المختلين عقليا، يجتمع عليه الأطباء ويقيدونه داخل قميص المجانين ويعزلونه، في صورة معكوسة تماما لما سبق أن تخيله هو يحدث مع الدكتور كاليغاري نفسه الذي لابد أن اسمه الحقيقي ليس كاليغاري فهذا الاسم مستمد من قصة وقعت فصولها في عام 1783 اطلع عليها “فرانسيس” وأخذ يقرأها في مشهد سابق من كتاب قديم في مكتب الدكتور كاليغاري في المستشفى، وكيف أن كاليغاري استمد فكرة تنويم “سيزار” منها، وقام بتدوين أفكاره في دفتر يومياته!

في المشهد الأخير، سيظهر الدكتور “كاليغاري” في صورة رجل “طبيعي”كمدير مستشفى يتمتع بالمصداقية والاحترام من جانب فريق الأطباء العاملين، أي نقيضا لصورته السابقة التي رأيناها من خيال فرنسيس طوال الفصول الخمسة السابقة.

الفيلم والتحليل النفسي

في دراسة ممتعة بعنوان “الدكتور كاليغاري: التاريخ والتحليل النفسي والسينما” (1997) يتوقف الباحث فرانك توماسولو أمام شخصيات الفيلم ويسلط الأضواء عليها من زاوية التحليل النفسي. وهو يشير مثلا إلى أن جريمة قتل آلان وقعت مباشرة بعد مشهد اعتراف آلان وفرنسيس بحبهما لجين. وربما يكون “فرانسيس” بالتالي هو الذي قتل آلان لكي ينفرد بحب جين. ويمكن هنا أن أضيف في ضوء هذا التفسير الفرويدي، أن فرانسيس قد أصبح بالتالي يعاني من الشعور بالذنب.

وقد أراد أن يتخلص من هذا الشعور عن طريق إلقاء اللوم على كاليغاري. لكن توماسولو يرى أيضا أن “سيزار” يتمرد على “الأب- البطريرك”، أي كاليغاري الذي سيطر عليه، حينما يختطف جين ويريدها لنفسه، لذلك فهو ينال العقاب بالموت. أما عندما نراه في المشهد الأخير وهو يمسك وردة ويبدو مسالما ناعما رقيقا أي نقيضا لصورته الشريرة، فإنه يجسد هنا التناقض بين صورة (الجندي) أثناء الحرب أي “الشرير”، وصورته في الحياة المدنية. ويشير توماسولو إلى أن فرويد كان قد نشر بحثه عن “عصاب الحرب” بهذا المعنى في نفس عام صنع الفيلم، وشرح فيه كيف ساهمت الحرب في تكريس شرخ نفسي خطير عند من شاركوا فيها وعادوا منها.

وأخيرا فميزة فيلم “خزانة الدكتور كاليغاري” أنه لا يزال بعد مئة عام من عرضه، يثير الكثير من التساؤلات، ويظل قابلا للكثير من التفسيرات.

كاتب وناقد سينمائي مصري

 

العرب اللندنية في

23.02.2020

 
 
 
 
 

الواقعية تنافس الخيال على شاشة «برلين السينمائى»

برلين ــ خالد محمود:

·        المهرجان يتجاوز مفترق الطرق.. والإدارة الجديدة تنجح فى الحفاظ على مكانته

·        جونى ديب: فيلم «ميناماتا» تجربة مهمة بالنسبة لى والسينما يجب أن تفتح أعين الناس على القضايا المهمة

نجح مهرجان برلين السينمائى الدولى فى التحدى الذى فرض على دورته السبعين عقب تولى إدارته الجديدة، المكونة من المدير الفنى كارلو شاتريان، والمدير التنفيذى مارييت ريسينبيك، ليتجاوز مفترق الطرق الذى وضع فيه خلال العامين الأخيرين، وشكل إلى حد ما تهديدا بمكانته المتميزة وسط المهرجانات الكبرى.

فى دورة هذا العام تحمل باقة من الأفلام العظيمة والملهمة، التى تشكل منافسة كبرى مع المهرجانات الأخرى مثل كان وفينيسيا، وخاصة فى المسابقة الدولية، لعشاق البحث عن أفلام تطرح قضايا واقعية بجانب أعمال أخرى تكرس الأحلام الجميلة، باإضافة إلى عروض الأقسام الأخرى الموازية مثل البانوراما والمنتدى، والتى تحظى بشغف السينمائيين والنقاد والصحفيين من مريدى المهرجان والذى تجاوز عددهم هذا العام الـ ٥ آلاف إعلامى وناقد، كما أغرى المهرجان المخرجين والنجوم للعودة إلى البرلينالى مثل جونى ديب وسيجورنى ويفر وليام دافو وكيت بلانشيت وايلى فانينج، خافيير بارديم، وسلمى حايك، وأكدت شاتريان سعادتها بالنجوم المشاركين، لكن الأهم بحسب تعبيرها من جذب الأسماء الكبيرة هو أنها تريد تعزيز المهرجان.

بالقطع شهدت بداية عروض المسابقة أفلاما ثرية فى فنياتها، كانت مثار أحاديث كثيرة بين أروقة المهرجان، منها «البقرة الأولى» للمخرجة كيلى ريتشارد الذى يحمل الكثير من المشاعر الإنسانية والسياسية وهو من بطولة الأمريكى جون ماجارو، ولم تكن كيلى المخرجة الوحيدة التى تنافس بالمسابقة، بل هناك ست نساء تنافس على الدب الذهبى منهن سالى بوتر، بفيلمها «ذا رودز نوت تيكن»، واليزا هيتمان بفيلمها «نيفر ريرلى سامتايمز اولويز»، وهناك الفيلم الأرجنتينى الرائع «الدخيل» إخراج الصاعدة ناتاليا ميكا الذى تدور أحداثه فى إطار مثير ومشوق على مدى تسعين دقيقة حول اينيس المرأة الشابة «اريكا ريفاس» التى تضطرب حياتها بعد حادثة مؤلمة أثناء رحلة مع شريكها، وقد بدأت تختلط بين الواقعية والخيال.

منذ اللقطة الأولى ونحن ندرك أننا سترافقنا على الشاشة ممثلة رائعة اريكا ريماس من التركيبة الغنية التى مررتها بشخصيتها ما بين الصراخ والتنهد والصمت والتأمل والخوف، وربما ذلك يؤهلها للمنافسة بقوة على جائزة الدهب الفضى أفضل ممثلة، وليس هى فقط بل جميع الممثلين كانوا رائعين سيسيليا روث وبيريز بيسكارت، واريكا ريماس، ونيال هيندلر، السيناريو الذى كتبته المخرجة أيضا كان ذكيا فى سرده وحافظ على إيقاع الإثارة، وفاجأتنا وهى تقودنا إلى زوايا سردية مبهرة وإبداعية، وجمعت المخرجة بين الدراما والفكاهة ببراعة، ومعهما حتمية المصير والتأمل فى الآخر والصورة وتصميم الصوت، الذى يعد جزءا لا يتجزأ من السرد، بطلتنا تجسد فى العمل ممثل أدوار صوتية، تعمل بالدبلجة وتغنى فى أوبرا بوينس آيرس، بعد تجربة مؤلمة سردها الفيلم فى ربع ساعة على طريقة «افان تتر» تعانى من الأرق وتطاردها كوابيس عنيفة فى استديو الدبلجة وتهدد مكانها فى الأوبرا؛ حيث لم تعد بنفس نغمة المطربين الآخرين، شيئا فشيئا تغرق «اينيس» فى حالة يصبح فيها الواقع والوهم أكثر وضوحا؛ حيث أخبرتها زميلتها أنها واقعة تحت تأثير متسلل، أو دخيل، وتطرح السؤال: هل تريد السيطرة على أحلامى أيضا؟ ويطرح الفيلم السؤال الأكثر حيرة عن الحدود التى يمكن قبولها بين الحلم واليقظة، ومدى تصورنا للأشياء التى ليست واضحة دائما فى الحالتين، وهل تتوقف الحقيقة عند رؤيتها ومعرفتها.

وكم كان مشهد النهاية الملىء بالبهجة والسعادة أكثر تأثيرا بتجاوز كل المحن، وتلك هى السينما.

وترى الممثلة اريكا ريفاس نجمة «الدخيل» أن تاريخ «اينيس» هو صدى لتحولات مجتمع اليوم، وشخصيتها تشبه إلى حد ما مراهقة تحتاج إلى الحب وطباعة هذا الحب على جسدها.

فيما قالت المخرجة «أردت أن أضع المتفرج على مستوى صوت اينيس فى غرفة الدبلجة، نسمع ما تسمعه، وما لا تسمعه، العمل مع الأصوات هو عمل داخل الفيلم، لم أكن أريد أن تأتى الأصوات من حيث نتوقع».

فى الأيام الأولى للمهرجان حضرت هوليوود بقوة؛ حيث أذهل جونى ديب جمهور مهرجان برلين السينمائى بفيلمه «ميناماتا» فى عرضه العالمى الأول، ضمن قسم العروض الخاصة، والفيلم يتناول واحدة من أشهر الفضائح البيئية فى العالم، وهى التسمم الزئبقى الذى أصاب مياه قرية ساحلية يابانية بسبب نفايات أحد المصانع التى نتج عنها آثار ضارة للغاية للجهاز العصبى لدى البالغين والأطفال، وهو مأخوذ عن كتاب بنفس الاسم لكل من المؤلفين أيلين إم سميث ودبليو يوجين سميث، والصادر فى عام 1975.

جسد ديب، الذى أنتج الفيلم أيضا، دور المصور المخضرم دبليو يوجين سميث (1918 ــ 1978) الذى لفت الانتباه من خلال الصور إلى التسمم المفاجئ الذى وقع فى مدينة ميناماتا فى محافظة كوماموتو فى اليابان، وراح ضحيته الكثير، واستمر هذا الوباء ما يقرب من 34 عاما.

وتسببت فى ذلك، إحدى شركات الكيماويات الكبرى التى أطلقت الزئبق ومخلفات المصنع فى الصرف، ما أثر ذلك على المحار والأسماك فى خليج ميناماتا وبحر شيرانوى، التى عندما يأكلها السكان يصابون بتسمم الزئبق الذى أدى إلى وفاة القطط والكلاب والبشر على مدى أكثر من 30 عاما.

وفى المؤتمر الخاص بالفيلم لفت مراسل يابانى فى ميناماتا أنه على الرغم من أن الفيلم يغطى الأحداث فى أوائل السبعينيات، «لم ينته مرض ميناماتا بعد، وسأل ديب؛ «ما رأيك بمرض ميناماتا؟ وأجاب النجم الكبير «عندما قرأت القصة للمرة الأولى ــ الكابوس الذى حدث هناك بسبب الزئبق والمياه السامة ــ كان من المستحيل تقريبا تصديق أن شيئا ما يصل بهذه الطريقة المروعة فقط، وما حدث فى ميناماتا وحقيقة حدوثه على الإطلاق أمر مروع للغاية، وأنه لا يزال مستمرا أكثر إثارة للصدمة».

وقال ديب خلال المؤتمر إن الفيلم يعد تجربة مهمة بالنسبة له، مؤكدا أن السينما يجب أن تفتح أعين الناس على القضايا التى حدثت، والتى تحدث الآن، والسينما تملك القوة فى تجسيد سوء أوضاع اجتماعية وسياسية.

وصف ديب نفسه ببساطة بأنه «شخص مهتم وكان يعتقد أنها كانت قصة يجب إخبارها للجميع، وأنه أحب تجسد شخصية سميث، الذى ضحى لالتقاط تلك اللحظات.. لحظات الصور.

المخرج والمشارك فى الكتابة أندرو ليفيتاس قال «جونى متواضع للغاية لا يستطيع أن يقول لك الحقيقة، لن يتحدث عن نفسه أبدا. جونى كان صاحب مبادرة هذا العمل اليوم الأول. وما كنا قادرين على فعله لولا شغف ديب فى عمل شىء مهم جاء من قلب جونى وشغفه. وهذا مهم».

وهناك فيلم وثائقى مشارك فى المسابقة وهو «ايراديز» للمخرج الكمبودى ريثى بأنه وتدور أحداثه حول الأهوال التى حدثت فى وطنه.

أيضا سوق الفيلم فى مهرجان برلين يضج بالحركة وشكل محطة جذب كبيرة لرجل الصناعة، وعقد صفقات الإنتاج مثلما حدث مع فيلم هانى أبو أسعد «صالون هدى».

 

####

 

«برلين السينمائي الدولي» ينفي استبعاده فيلما لآي ويوي بضغط من حكومة بكين

(د ب أ)

نفى مهرجان برلين السينمائي الدولي صحة اتهامات بخضوعه لضغط من الحكومة الصينية في اختيار أفلام المهرجان.

يأتي ذلك بعد أن طالب جوشوا وونج، الناشط الديمقراطي المنحدر من هونج كونج، بمقاطعة مهرجان برلين السينمائي بعد استبعاد فيلم للمعارض الصيني آي ويوي زاعما أن هذه الخطوة جاءت بضغط من قبل الحكومة الصينية.

وذكرت إدارة المهرجان اليوم الأحد أن اتهام وونج لبرليناله لا أساس له.

وقال كارلو شاتريان، رئيس المهرجان، إن آي ويوي قرر عرض فيلمه في مهرجان آخر قبل أن يتمكن المهرجان من البت في إدراج فيلمه في برنامجه.

كما رفض شاتريان اتهام المهرجان بفرض رقابة على الأفلام، ويتعلق هذا الاتهام بفيلم "فيفوس" عن المذابح في المكسيك.

كان وونج قد أجرى مقابلة مع صحيفة "فيلت آم زونتاج" الألمانية الصادرة اليوم، اتهم خلالها برليناله برفض فيلم وثائقي للفنان آي ويوي بضغط من الصين، وقال" الواضح بالنسبة لي أن آي ويوي لم يتم السماح له بالمشاركة في المهرجان بسبب وضعه السياسي".

ورأى وونج أن مسؤولي البرليناله لم يتمكنوا حتى الآن من تقديم تفسيرات مقنعة للجمهور بالرغم من ادعائهم بعدم وجود رقابة.

وكانت القيادة الثنائية للمهرجان، شاتريان ومارييت ريسنبيك، قد صرحا في وقت سابق في مقابلة مع مجلة "شبيجل" بأنهما يرفضان التدخل من الخارج وقالا إن من غير المسموح لأي راع التأثير على برنامج المهرجان.

وعن الاتهامات التي سبق أن وجهها المنشق الصيني للمهرجان بأن برليناله يقاطع أفلامه، قال شاتريان إن عروض برليناله يجري البت فيها بصورة مسبقة لمدة تتراوح بين عام إلى عامين وأضاف أن العروض التي يتم اختيارها تكون مخصصة لتاريخ السينما.

 

الشروق المصرية في

23.02.2020

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004