كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 

رحيل

القاهرة تودّع أستاذ الأجيال وسط حضور كثيف: سمير سيف... معلّم الأكشن والكوميديا السياسية!

عصام زكريا

عن رحيل أستاذ الإخراج

سمير سيف

   
 
 
 
 
 
 

كان واحداً من أبرع المخرجين الذين اعتنوا بفنّ التمثيل والممثلين في أعمالهم

القاهرةوسط حضور كثيف من سينمائيين وفنانين ومواطنين عاديين احتشدوا في «كنيسة السيدة مريم العذراء» في حيّ مصر الجديدة، ودّعت السينما المصرية أمس الثلاثاء المخرج سمير سيف (1947 ـــــ 2019)، الذي رحل فجأة بعد أيام من إصابته بأزمة قلبية حادة. خلال مسيرته الفنية التي امتدّت أكثر من أربعين عاماً، قدم سمير سيف عدداً كبيراً من الأفلام والمسلسلات الناجحة والشهيرة كان أوّلها فيلم «دائرة الانتقام» (1976 ــــ بطولة وإنتاج نور الشريف)، وآخرها الفيلم الديني التاريخي «أوغسطينوس... ابن دموعها» (2016، من إنتاج وتمثيل تونسي) في تجربته الأولى والأخيرة خارج نظام إنتاج السينما المصرية.
كان آخر فيلم سينمائي صنعه في مصر هو «ديل السمكة» (2003) قبل أكثر من خمسة عشر عاماً. ومثل كثيرين غيره من مخرجي وممثلي السينما الكبار، اضطر للعمل في التلفزيون، حيث أخرج عدداً من المسلسلات كان آخرها «ابن موت
» (2012).

اشتهر سمير سيف بأفلام الحركة، أو «الأكشن» ومن أشهرها: «دائرة الانتقام»، «المشبوه»، «الغول»، و«شمس الزناتي». كما عرف بموهبته في تدريس السينما، وله كتاب بعنوان «إخراج أفلام الحركة: تجربتي في السينما المصرية» (الهيئة العامة لقصور الثقافة ــــ 2003)، كذلك له كتاب أقدم هو «أفلام الحركة في السينما المصرية 1952 – 1975» يضمّ رسالة الدكتوراه التي حصل عليها من معهد السينما، حيث درّس أجيالاً متعاقبة من الطلبة، إلى جانب العشرات من الكليات والورش الخاصة التي قام فيها بتعليم الإخراج والتذوق الفني للمحترفين والهواة. وقد ظهر ذلك جلياً في ردود الفعل والتعليقات على خبر وفاته من قِبل تلاميذه من المخرجين من مختلف الأجيال.

عرف سمير سيف أيضاً بثقافته السينمائية الواسعة وإتقانه للإنكليزية، التي اكتسبها خلال سفره ودراسته السينما في الولايات المتّحدة لبعض الوقت. كان عاشقاً مخلصاً للسينما الهوليوودية، والكثير من أعماله مقتبس من أفلامها، ولكن بمعالجات مصرية ذكية، مثل «شمس الزناتي» المقتبس عن «العظماء السبعة» (المقتبس بدوره عن الفيلم الياباني «الساموراي السبعة»)، و«قطة على نار» المقتبس عن «قطة فوق صفيح ساخن» وغيرهما.

وقد ظهر عشق وتأثّر سمير سيف بالسينما الهوليوودية منذ أعماله الأولى وهو الفيلم القصير «عليوة والقانون»، مشروع تخرجه في معهد السينما عام 1969. هو لم ينكر هذا الحب والتأثر إطلاقاً بالرغم من تعرّضه للانتقاد من قِبل بعض نقّاد اليسار بسبب ذلك. من الحكايات التي يرويها الناقد الراحل سمير فريد في كتابه «مخرجون واتّجاهات في السينما المصرية» (الهيئة العامة لقصور الثقافة ـــــ 2000) أنّ سمير سيف اعتبر اتّهامه بتقليد السينما الأميركية «وساماً على صدره»، وأنه استاء عندما حصل على جائزة عن فيلمه القصير الثاني «مشوار» لأنّ لجنة التحكيم أشارت إلى «القيمة الاجتماعية للفيلم باعتبارها أساس منح الجائزة. وقال إنه اضطر إلى إخراج الفيلم للتلفزيون لكي يبدأ»!

كثير من أعماله مقتبس من أفلام هوليوودية ولكن بمعالجات مصرية ذكية

عمل سيف في بداية حياته مساعداً مع مخرجين كبار بحجم يوسف شاهين في «الناس والنيل»، وشادي عبد السلام في «شكاوى الفلاح الفصيح». ولكن أكثر مخرج عمل معه وتأثّر به كان حسن الإمام، أستاذ الميلودراما الأكبر في السينما المصرية، بداية من «خلي بالك من زوزو»، وحتى «أميرة حبي أنا» و«انتهى الحب»، مروراً بـ«السكرية» و«بمبة كشر» و«حكايتي مع الزمان». ولذلك لم يحصر نفسه في أفلام الأكشن، وقدّم أعمالاً تنتمي إلى الميلودراما بوضوح مثل «شوارع من نار» (1984)، و«الراقصة والسياسي» (1990).

بالرغم من شهرته كمخرج أفلام أكشن، إلّا أن سمير سيف كان واحداً من أبرع المخرجين الذين اعتنوا بفنّ التمثيل والممثلين في أعمالهم، وهو الذي أعاد اكتشاف عادل إمام كممثل أكشن في سلسلة من أفضل وأنجح أعماله كان أوّلها «الغول» (1983). كذلك، أعاد اكتشاف سعاد حسني ونور الشريف كممثلين كوميديين في «غريب في بيتي» (1982). في أحد حواراته عن علاقته بالممثلين، قال سيف: «في قرارة نفسي أنا مخرج ممثل، لأنّه في التحليل الأخير تماماً، ما يبقى من عناصر أيّ عمل سينمائي هو الشخصيات التي تشعّ من الشاشة، والشخصية هي الممثل. والمعيار النهائي في تقييم المخرج أو المفاضلة بين مخرج وآخر هو مدى قدرته على استخراج أداء متميز ولافت من الممثل» (كتاب «أنا المخرج شهادات حول فن التمثيل» ـــ نادين شمس ــــ «دار ميريت» 2014).

قدّم سمير سيف في بداية مسيرته أفلاماً كوميدية تماماً مثل «الهلفوت» و«احترس من الخط» مع عادل إمام، وأفلاماً «سياسية» مع المؤلّف وحيد حامد بدأت بفيلم «الغول» (1983) وتواصلت في أعماله الأخيرة مثل «الراقصة والسياسي»، و«سوق المتعة»، و«معالي الوزير» و«ديل السمكة». كما انتقل التعاون بينهما إلى التلفزيون حيث قدّما مسلسلات جريئة مثل «البشاير» و«سفر الأحلام» و«أوان الورد». وقد اتّسمت أعماله مع وحيد حامد تحديداً بمضمونها الاجتماعي الجاد، الذي كان غائباً نسبياً في أعمال سيف السابقة.

إلى جانب عمله الإبداعي والتعليمي، شغل الراحل أيضاً عدداً من المناصب القيادية في قنوات فضائية، كما تولّى رئاسة «المهرجان القومي للسينما»، الذي تنظّمه وزارة الثقافة، لأكثر من عشر سنوات وحتى وفاته، حاول خلالها جاهداً أن يصنع للمهرجان بريقاً يليق بتاريخ السينما المصرية، الذي عشقه أكثر حتى من السينما الأميركية.

 

####

سمير سيف... رحيل معلّم الأجيال

توفي المخرج المصري عن 72 عاماً متأثّراً بأزمة قلبية مفاجئة

الأخبار

أمس الإثنين، ودّعت مصر المخرج سمير سيف الذي توفي عن 72 عاماً متأثّراً بأزمة قلبية مفاجئة. نعت المخرج الراحل أكاديمية الفنون ونقابة المهن السينمائية وعدد من المؤسسات الفنية والنقابية في مصر، فيما قالت وزيرة الثقافة المصرية، إيناس عبد الدايم، في بيان: «كان معلّماً للأجيال وتتلمذ على يديه الكثير من المبدعين في عالم الإخراج». وأضافت أنّ الفن «فقد إحدى قاماته العظيمة في مصر والوطن العربي».
تخرّج سيف من «المعهد العالي للسينما» وبدأ مشواره مساعداً للمخرج حسن الإمام في عدد من الأفلام، منها: «خلّي بالك من زوزو» (1972)، و«حكايتي مع الزمان» (1973)، و«أميرة حبي أنا» (1974)، مما أكسبه خبرة كبيرة. وفي منتصف السبعينيات، بدأ في تقديم أعماله الخاصة التي بلغت على مدى نصف قرن نحو 30 فيلماً، من أبرزها: «غريب في بيتي» (1982) بطولة نور الشريف وسعاد حسني، و«الراقصة والسياسي» (1990) بطولة نبيلة عبيد، و«سوق المتعة» (1999) بطولة محمود عبد العزيز وإلهام شاهين، و«معالي الوزير» (2003) بطولة أحمد زكي ولبلبة. كما تعاون بشكل وثيق مع الممثل عادل إمام وقدّم له سلسلة ناجحة من الأفلام، بداية من «المشبوه» في 1981، ثم «الغول» (1983) و«الهلفوت» (1985) و«احترس من الخط» (1984) و«النمر والأنثى» (1987) و«المولد» (1989)، وصولاً إلى «مسجل خطر» و«شمس الزناتي» في 1991
.

أما على صعيد الدراما التلفزيونية، فقدّم العديد من المسلسلات، منها: «البشاير» (1987)، و«أوان الورد» (2000)، و«السندريلا» (2006)، و«بالشمع الأحمر» (2011)، و«ابن موت» (2012).

في سياق منفصل، عمل سيف في مجال التدريس، وكان أستاذاً للكثير من الفنانين، كما شغل منصب رئيس «المهرجان القومي للسينما المصرية».

 

الأخبار اللبنانية في

11.12.2019

 
 
 
 
 

السينما المصرية تفقد المخرج المعلم سمير سيف

المخرج المصري الراحل شغل منصب رئيس المهرجان القومي للسينما وقدم في أفلامه العديد من النجوم مثل عادل إمام ونور الشريف وأحمد زكي.

القاهرة – توفي المخرج المصري سمير سيف مساء الاثنين، عن عمر ناهز 72 عاما متأثرا بأزمة قلبية مفاجئة. ونعت المخرج الراحل أكاديمية الفنون ونقابة المهن السينمائية وعدد من المؤسسات الفنية والنقابية في مصر.

وقالت وزيرة الثقافة المصرية إيناس عبدالدايم في بيان “كان معلما للأجيال وتتلمذ على يديه الكثير من المبدعين في عالم الإخراج”. وأضافت أن الفن “فقد إحدى قاماته العظيمة في مصر والوطن العربي”.

وتخرّج سيف في المعهد العالي للسينما، وبدأ مشواره مساعدا للمخرج حسن الإمام في عدد من الأفلام منها “خلي بالك من زوزو” و“حكايتي مع الزمان” و“أميرة حبي أنا” ممّا أكسبه خبرة كبيرة.

وفي منتصف حقبة السبعينات بدأ في تقديم أعماله الخاصة التي بلغت على مدى نصف قرن نحو 30 فيلما من أبرزها “غريب في بيتي” بطولة نور الشريف وسعاد حسني و”الراقصة والسياسي” بطولة نبيلة عبيد و”سوق المتعة” بطولة محمود عبدالعزيز وإلهام شاهين و”معالي الوزير” بطولة أحمد زكي ولبلبلة.

وتعاون بشكل وثيق مع الممثل عادل إمام وقدّم له سلسلة ناجحة من الأفلام بداية من “المشبوه” في 1981 ثم “الغول” و“الهلفوت” و“احترس من الخط” و“النمر والأنثى” و“المولد” وصولا إلى “مسجل خطر” و“شمس الزناتي” في 1991.

كان آخر أعماله الفيلم العربي “أوغسطينوس ابن دموعها”، والذي جمع من خلاله مجموعة كبيرة من فناني الوطن العربي، منهم عائشة بن أحمد، بالإضافة إلى كل من أمين بن سعد وعماد بن شندي وبهية الراشدي ونجلاء بن عبدالله وعلي بن نور.

وفي مجال الدراما التلفزيونية قدّم العديد من المسلسلات منها “البشاير” و“أوان الورد” و“السندريلا” و“بالشمع الأحمر” و“ابن موت”. وعمل المخرج الراحل بالتدريس وكان أستاذا للكثير من الفنانين وشغل منصب رئيس المهرجان القومي للسينما المصرية.

 

العرب اللندنية في

11.12.2019

 
 
 
 
 

مصر تودع سمير سيف مخرج «شمس الزناتي» و«آخر الرجال المحترمين»

القاهرة: عبد الفتاح فرج

في حين كان ينتظر طلاب المخرج المصري الكبير والأكاديمي الدكتور سمير سيف، محاضراته المقبلة بحماس شديد، وافته المنية إثر إصابته بأزمة قلبية مفاجئة، عن عمر ناهز 72 سنة. وترك رحيله حزناً كبيراً في نفوس العاملين بالوسط الفني وعشاق السينما المصرية.

«الطالب المتفوق»، سمير سيف، المولود في القاهرة عام 1947، تخرج في المعهد العالي للسينما بتقدير امتياز، وعُين بعد تخرجه معيداً في المعهد، وعمل ناقداً سينمائياً بجانب عمله مساعداً لعدد من المخرجين الكبار في عصره، على غرار «شادي عبد السلام، يوسف شاهين، حسن الإمام، وغيرهم»، قبل أن يخرج أول أفلامه «دائرة الانتقام» عام 1976، ثم توالت أفلامه التي جمعت بين التميز التجاري والفني، مثل «المشبوه» 1981، و«احترس من الخط» 1984، و«النمر والأنثى» 1987، و«شمس الزناتي» 1990، و«سوق المتعة» 2000 و«معالي الوزير» 2002، كما نجح كذلك في الدراما التلفزيونية عبر مسلسلات «البشاير» 1987، و«أوان الورد» 2000، و«الدم والنار» 2004، و«السندريلا» 2006.

ورغم شهرة سيف في تقديم أفلام مقتبسة من السينما الأميركية بشكل خاص، فإنه لم ينقلها، بل كان يستوحي منها الأفكار العامة ويمصّرها بشكل مختلف تماماً، وفق الناقد السينمائي المصري محمود عبد الشكور، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: «تجربة سيف السينمائية والتلفزيونية ثرية جداً ومهمة في تاريخ السينما المصرية».

محطّتان بارزتان تميّزان مشوار حياة سيف الفنية، أولاهما إخراجه عدداً من المقتبسة، التي حققت نجاحاً جماهيرياً كبيراً عند عرضها بدور العرض المصرية والعربية، في حين كانت المحطة الأخرى عبر تعاونه مع الكاتب وحيد حامد ونجحا معاً في تقديم أفلام رائعة حملت بصمة إنسانية باقية حتى الآن، مثل «آخر الرجال المحترمين»، و«معالي الوزير»، و«الغول» الذي ناقش بشكل مباشر فكرة العدل والمساواة بين المواطنين، وهل يطبق القانون بالفعل على الجميع أم لا». وفق عبد الشكور، الذي أكّد أن «سيف لم يكن مقلداً أو ناقلاً للأفلام الأجنبية، بل كان مبدعاً فلا يمكن أن يشك أحد في أن بطل فيلم (غريب في بيتي) الفنان نور الشريف الذي لعب دور (شحاتة أبو كف) بالفيلم دوره مقتبس أو منقول من فيلم أجنبي، فسيف كان صاحب وجهة نظر وليس منفذاً». ويلفت إلى «موقف حكاه له سيف قبل وفاته وهو أن منتج فيلم (غريب في بيتي) كان يرشح لاعب كرة شهيراً للعب دور (شحاتة أبو كف)، بينما كان هو يرى عكس ذلك، ورشح بدلاً منه نور الشريف، واستطاع في النهاية التعبير عن وجهة نظره ونجح الفيلم».

ارتبط اسم المخرج الراحل الذي اشتهر بابتسامته الدائمة، باسمين بارزين في السينما المصرية، هما الفنان الراحل نور الشريف، والفنان عادل إمام، وعن هذه التجربة يقول عبد الشكور: «رغم استفادة سيف من شعبية هذين النجمين، فإنه قدمهما بشكل مختلف ومميز في أفلامه، وكان يتمتع بذكاء شديد في اختيار الفنانين لبطولات أفلامه؛ إذ قدم النجم الراحل أحمد زكي في (معالي الوزير)، وراهن على قدراته التمثيلية في تقديم الشخصية ونجح في ذلك، في الوقت نفسه راهن على الفنان عمرو واكد عندما كانا شاباً صاعداً، وأسند له بطولة فيلم (ديل السمكة). هؤلاء الفنانون الكبار والذين كان من بينهم الراحل محمود عبد العزيز كانوا مؤمنين بموهبته جداً؛ لذلك عملوا معه كثيراً ونالوا جوائز مهمة عن أفلام قدموها معه».

المخرج والأكاديمي الراحل كان يؤمن بنظرية هوليوود التي عبر عنها المخرج الأميركي الشهير هوارد هوكس، بقوله: «أنا أقدم أحسن فيلم من كل نوع»؛ لذلك قدم نفسه سينمائياً بأفلام الحركة والكوميديا وأفلام الإثارة والدراما الاجتماعية؛ فالتنوع عند سمير سيف لم يكن يتعارض مع الأسلوب أو البصمة الشخصية للمخرج، حسب ما قاله في أحد حواراته الصحافية الأخيرة.

وكان يؤمن سيف بأن الأفلام الثمانية التي قدمها مع عادل إمام من أهم وأخصب الأعمال في التاريخ الشخصي لكل منهما، ولا تزال محفورة في وجدان الشعب، حسب تعبيره.

وشيعت أمس جنازة المخرج من كنيسة العذراء بمنطقة أرض الجولف (شرق القاهرة)، بحضور عدد كبير من الفنانين المصريين، كما نعاه عدد كبير من الفنانين المصريين والعرب.

 

الشرق الأوسط في

11.12.2019

 
 
 
 
 

سمير سيف... تلويحة لصاحب "شمس الزناتي"

محمد جابر

إذا كنت صانع سينما في مصر خلال العقود الخمسة الأخيرة، فلا بد أنك جلست في محاضرة واحدة - على الأقل - لسمير سيف، عَلمك فيها شيئاً ثميناً عن الأفلام والإخراج. أما إذا كنت محباً مخلصاً للسينما، فبالتأكيد تعرف اسمه وأفلامه، وتقدر مسيرته الطويلة التي مزج فيها بشكل صعب ونادر في السينما المصرية بين الطبيعة التجارية والنجاح الجماهيري لأفلامه من جهة، وبين الجودة التقنية والتقدير النقدي. وفي حالِ لم تكن هذا ولا ذاك، وكنت فقط مشاهداً يتفرج على الأفلام للتسلية في التلفزيون المحلي، فأنت - دون حتى أن تدري - تُدين لسمير سيف بالكثير من الساعات الممتعة التي قضيتها أمام أعمال مثل "شمس الزناتي" أو "المشبوه" أو "غريب في بيتي"، وغيرها من أفلامٍ أخرجها الرجل الذي صار جزءاً من الثقافة الشعبية المصرية، والذي رحل بهدوء مساء التاسع من الشهر الجاري إثر أزمة قلبية، كأنه يعمد أن تكون صورته الباقية في الذاكرة هي صورته مبتسماً ومتحمساً وممتلئاً بالحركة والطاقة والأحلام.

البداية

يحكي سيف أنه عرف برغبته في أن يكون مخرجاً وهو في الثانية عشرة من عمره أو أقل قليلاً، وأنه حينها كان يحب الأفلام ويحاول أن يقرأ عنها، وحين فهم من الكتب القليلة التي اقتناها بأن هناك من يدير كل شيء ليخرج بالصورة النهائية المضيئة على الشاشة قرر أن يكون مخرجاً. لحسن الحظ أن معهد السينما افتتح في مصر قبل سنوات قليلة من مراهقته، لذلك فحين أنهى الثانوية العامة عام 1965 كان أمامه خياران: أن يدخل كلية كبرى (كالاقتصاد والعلوم السياسية)، كما أرادت العائلة، أو يدرس السينما في المعهد الناشئ، وبشكل ثوري للغاية تحدى أسرته ودخل المعهد الذي لم يخرج منه بعد ذلك، كطالبٍ لأربع سنوات، ثم كمدرس لعقودٍ طويلة.

كان أكثر ما يميزه، والشيء الذي سيطبع مسيرته بعد ذلك كمخرج أو كأستاذ ومعلم، هو أنه "محب للسينما" بالأساس، يتعامل معها من موقع متفرّج يريد الاستمتاع بساعتي الفيلم ويتفاعل مع أبطالها، ولذلك فقد أراد منذ اللحظة الأولى أن يصنع أفلاماً مثل التي أحبها، ولذلك كان صادماً جداً في ذلك الوقت أن تكون أولى خطواته فيلم مثل "دائرة الانتقام" (1976)، كاقتباس مصري مختلف عن رواية "كونت دي مونت كريستو" وبفيلم "حركة" لا يدعي أي أفكار كبرى. رغم الفتور النقدي الذي قوبل به الفيلم إلا أن نجاحه الكبير، وفي لحظة سيئة وساكِنة من تاريخ السينما المصرية، دفع العديد من النجوم والمنتجين نحو سيف، ليخرج - وهو لم يزل في بداية الثلاثينيات من عمره - ثلاثة أفلام متتالية بعدها، هي "قطة على نار" (1977)، "إبليس في المدينة" (1978)، و"المتوحشة" (1979)، حققت كلها نجاحات جعلته مخرجاً مهماً من الناحية التجارية، وأثبتت أيضاً تفوقه التقني وإجادته لأنواع سينمائية مختلفة تربط بينها الحرفة والتسلية.

النضوج والشركاء

مع بداية الثمانينيات، وصل سيف لدرجة كبرى من التوهّج والنضوج الفني، بدأت بأهم وأفضل أفلامه "المشبوه" (1981)، والذي رغم كونه اقتباساً عن الفيلم الفرنسي (Once a Thief 1965)، إلا أن سيف، مع السيناريست إبراهيم الموجي، استطاع منحه صبغة مصرية خالصة، وشخصيات صادقة ومنحوتة تتجاوز حتى جودة الأصل. وإلى جانب كل هذا، فقد كان نجاح الفيلم بداية لشراكة فنية طويلة (8 أفلام) مع عادل إمام، الذي صرح بعد ذلك بأن سيف كان المخرج الوحيد الذي يثق فيه إلى درجة تسليم نفسه دون سؤال.

في ذلك الوقت أيضاً بدأ تعاونه مع السيناريست الشاب - حينها - وحيد حامد، ليكوّن معه شراكة فنية أخرى استمرت لـ30 عاماً، قدما خلالها 14 فيلماً ومسلسلين، أهمها "الغول" (1983)، و"آخر الرجال المحترمين" (1984)، و"الراقصة والسياسي" (1990)، حيث منح حامد لسيف نصوصاً جذابة تعتمد على خلفية سياسية واجتماعية تزيدها قوة، بينما منحه سيف حرفية وتنفيذاً سينمائياً قوياً للقصص والأفكار.

وحتى في أعمالهما الأكثر خفة، مثل "غريب في بيتي" (1982)، استطاعا خلق لحظات وشخصيات خالدة وباقية، فلا أحد في مصر لا يعرف "شحاتة أبو كف"، الذي صار مثالاً للاعب الكرة الموهوب الذي تعطله الشهرة والإغراءات، وكان أداء نور الشريف للشخصية هو تعاونه الثالث مع سيف، صانعاً شراكة أخرى امتدت لـسبعة أفلام تالية.

ومع هؤلاء الشركاء، وفترة التألق الناجحة تلك، أخرج سيف أفلاماً جماهيرية بامتياز، مثل "النمر والأنثى" (1987)، و"المولد" (1989)، وبالطبع اقتباسه الشهير للـ"ساموراي السبعة" في النسخة المصرية "شمس الزناتي" (1991)، وحتى تلفزيونياً حقق نجاحاً ضخماً مع مسلسلي "سفر الأحلام" (1986)، و"البشاير" (1987)، وكلاهما من كتابة حامد.

خفوت المخرج وبقاء المعلم

منذ منتصف التسعينيات، ومع مشاكل السينما المصرية وتغير المزاج العام للجمهور وغلبة سينما الكوميديانات الجدد، خفت نجم سيف كثيراً. صحيح أن المسيرة الكبيرة لم تخل من أعمالٍ قوية، مثل "أوان الورد" (2000)، الذي كان نقلة في شكل مسلسلات التلفزيون حينها، أو فيلمه الكبير وتعاونه الوحيد مع أحمد زكي في "معالي الوزير" (2002)، إلا أنه خلاف ذلك كان يعاني من تعثر إنتاجي، وتقابل أفلامه بفشلٍ تجاري للمرة الأولى.

في المقابل، كان الشيء الثابت الذي حافظ عليه وظل متقداً فيه دون أي تغيير هو تدريس مادة الإخراج في معهد السينما، ثم لاحقاً في معاهد أو ورش أخرى مستقلة، وتعلمت منه أجيال وأجيال من السينمائيين المصريين منذ السبعينيات، وحتى أيامه الأخيرة ظل مرتبطاً بطلاب ومحبي السينما، يحادثهم ويعلمهم ويساعدهم في إنجاز مشاريعهم، قبل أن يرحل فجأة تاركاً وراءه هذا الإرث الكبير من الأفلام والتلاميذ والسينما والمحبة.

 

العربي الجديد اللندنية في

11.12.2019

 
 
 
 
 

حضور فني ضئيل في عزاء المخرج سمير سيف

القاهرة ــ مروة عبد الفضيل

أقيمت مساء الأربعاء مراسم عزاء للمخرج المصري الراحل سمير سيف بكنيسة مار مرقس بحي مصر الجديدة.

وحضر العزاء الذي استقبلته زوجة المخرج ونجله، كلّ من الفنانين نبيلة عبيد ولطفي لبيب ومحمد هنيدي وهاني رمزي والهام شاهين وشيري عادل وحسين فهمي ومنى زكي وعلا رشدي والمخرج علي بدرخان، ورئيس الرقابة على المصنفات الفنية خالد عبد الجليل، والموسيقار هاني شنودة والمخرج علي عبد الخالق، وغيرهم.

وكان من المتوقع أن يحضر عدد أكبر من الفنانين، خاصة وأن المخرج الراحل لطالما عمل مع الكثيرين منهم على مدار مشواره السينمائي.

وكان المخرج سمير سيف قد توفي مساء الإثنين الماضي عن عمر ناهز 72 عاماً بعد أزمة قلبية، وتمت إقامة قداس الجنازة صباح أمس الثلاثاء بكنيسة العذراء مريم.

وعمل المخرج سمير سيف مع كبار الفنانين في مصر مثل محمود عبد العزيز وأحمد زكي وعادل إمام ونور الشريف، وكانت أعماله وستظل علامة بارزة في تاريخ السينما المصرية، ومن أشهر أفلامه "الهلفوت"، و"المشبوه"، و"معالي الوزير"، و"غريب في بيتي"، و"قطة على نار" وغيرها، وكان آخر عمل سينمائي له هو فيلم "ديل السمكة".

وبعيدًا عن الإخراج، أسهم سيف في كتابة القصة والسيناريو، حيث كتب القصة والسيناريو والحوار لفيلم "المشبوه"، وكتب السيناريو والحوار لفيلم "المطارد"، والحوار فقط لفيلم "لهيب الانتقام".

كما كانت له تجارب تليفزيونية محدودة مثل مسلسل "البشاير"، لمحمود عبد العزيز ومديحة كامل، و"قلوب عطشى" ومسلسل "السندريلا" الذي رصد حياة الفنانة الراحلة سعاد حسني عام 2006، ومسلسل "نور الصباح" للفنانة ليلى علوي بنفس العام، ومسلسل "نسيم الروح" عام 2008، ومسلسل "بالشمع الأحمر" ليسرا عام 2010.

 

العربي الجديد اللندنية في

12.12.2019

 
 
 
 
 

رحيل سمير سيف: "لي وطنان: مصر وهوليوود"

أمل الجمل

"لكل مخرج وطنان. وطنه الفعلي، ثم السينما الهوليوودية". مقولة للمخرج المجري ميلوش فورمان، ظلّ السينمائيّ المصري سمير سيف يُردّدها، كلّما لامه أو انتقده أحد بأنّه متأثّر بالسينما الأميركية. ومثلما ظلّ يُدافع عنها، مُعترفا بولعه بها، كان يستشهد بعدد من أشهر المخرجين المتأثّرين بسينما الغرب الأميركي، أمثال الياباني أكيرا كوروساوا، والهندي ساتياجيت راي، والألماني فيم فندرز. 

"هدفي الأساسي تسلية الجمهور". مقولة أخرى تردّدت كثيرا في معظم حوارات سمير سيف، أشهر مخرجي الأكشن والعنف في السينما المصرية، المتوفّى ليلة 9 ديسمبر/ كانون الأول 2019، إثر أزمة قلبية مفاجئة، عن 72 عاما، أنجز خلالها 25 فيلما، في أنواع مختلفة، كالاستعراض والكوميديا والاجتماع السياسي، محقّقا مسلسلات تلفزيونية عديدة أيضا، لكنّه تميّز بأفلام العنف والحركة.

للناقد السينمائي المصري كمال رمزي رؤية مشوّقة، منشورة في كتابه "سمير سيف سحر الاختلاف"، حلّلت أثر البيئة الجغرافية على هذا الاختيار، بسبب جذوره العائلية، العائدة إلى أبنوب، في محافظة أسيوط: "وفق إحصاء للأمم المتحدة عام 1952، جاءت أبنوب في المرتبة الثانية بعد شيكاغو، في عدد جرائم القتل. الفرق بين المدينتين أنّ الجرائم في الصعيد يرتكبها أناس عاديون، بعضها من منطلق التربّص أو الثأر، وكان الطفل سمير سيف ينصت للحكايات والمواجهات التي يتم تناقلها، ويمتزج الحقيقي منها بالخيال، ويتحوّل إلى ما يُشبه الأساطير. بعضها قصص عن مطاردات المراكب برّا ونِيلا، وحكايات عن العصابات الهاربة في الجبل. إذا، ليست صدفة أنْ يصبح هذا الطفل في مقدّمة مخرجي الأكشن في مصر".

رغم ولادته في شبرا (القاهرة)، في 23 أكتوبر/ تشرين الأول 1947، لوالد يعمل وكيلا لمصلحة بريد القاهرة، لم تنقطع صلة سمير سيف بأبنوب، حيث كان الجدّ يعمل في وزارة الأشغال هناك. وهناك أيضا توفّرت حكايات وأفلام، واكتساب مهارات. ففي زيارات إلى الجذور، شاهد أفلاما عديدة، في صالتين اثنتين كانتا تقدّمان 8 أفلام أسبوعيا. أما في شبرا، وبفضل جدّه عندما أحيل إلى التقاعد، وأحيانا عديدة بفضل خاله، طالب الطب المغرم بالسينما، تردّد سيف على صالات السينما في الحي نفسه، كما في الأحياء المجاورة، فشاهد أفلاما عديدة، ثم بدأ قراءة كتب سينمائية، فتحت له بابا واسعا على صناعة الفن السابع. فالكتب تحلّل عناصر الفيلم، وكتابة السيناريو، والممثل، والمولِّف، وواضع الموسيقى، والمخرج الواقف وراء هذه المواهب والمهن. أعجبه دور المخرج، وتمنّى أنْ يكون مخرجا.

كان من المتفوّقين. وهذا منحه فرصة الالتحاق بفصل "متفوّقي المتفوّقين" ومجانية التعليم، فتابع تفوّقه، والتحق بـ"جامعة القاهرة ـ كلية الاقتصاد والعلوم السياسية". لكن قلبه كان في "معهد السينما"، فتقدّم لاختبار القبول، وعندما نجح، انسحب من "جامعة القاهرة".

في شبابه، لم ينخرط في أيّ منظمة سياسية، متأثرا بتوصية توفيق الحكيم للفنانين، في كتابه "التعادلية"، التي تفيد بألّا ينضمّ الفنان إلى أيّ تنظيم سياسي، كي لا يفقد استقلاليته.

أول المؤثّرين فيه، حلمي حليم، الذي نشأت بينهما علاقة أبوّة، ورابطة إنسانية قوية، بدأت بإعطاء الأب كتبا له، ثم مناقشته فيها بشكلٍ معمّق. عرّفه على بعض أهم مخرجي السينما المصرية حينها، فعمل مع شادي عبد السلام أثناء اشتغاله على "الفلاح الفصيح" (1970). معه، انتبه سيف إلى الحسّ التشكيلي، الذي تمتّع به عبد السلام، وأدرك أنّ جمال التكوين وقوّته ليسا للإبهار والزينة، بل للتعبير بعمق عن المعنى والمحتوى. لذا، وافق سيف على أنْ يكون دوره عامل كلاكيت في "المومياء" (1974)، كما ظهر في لقطة منه، مرتديا زيّ مفتّش الآثار.

عمل مساعدا ليوسف شاهين، في النسخة الثانية من "الناس والنيل" (1968)، فتعلّم منه الإعداد الدقيق لـ"الديكوباج"، والإخلاص والتفاني في العمل. أثناء ذلك، تعرف على سعاد حسني، وتوطّدت الصداقة بينهما، وأيضا على زوجها، المخرج علي بدرخان. رشّحته سعاد للعمل كمساعد مخرج مع حسن الإمام، في "خلّي بالك من زوزو" (1972)، لكن الأخير لم يرد ذلك، لأنّ سيف محسوبٌ على مجموعة من منتقدي سينما الإمام. لكن، تحسّنت الأجواء بينهما لاحقا، فعمل سيف في أفلام عديدة له كمساعد أول، وتوطدت العلاقة بينهما، وصار كأنّه ابنه الرابع، إلى درجة أنّ حسن الإمام، في "السكرية" (1973)، كتب في الـ"جينيريك": مساعد المخرج "المخرج سمير سيف". لم ينسَ الأخير هذه اللفتة من أستاذه، فأهدى "شوارع من نار" (1984)، إليه وإلى نجيب محفوظ أيضا.

عمله مع نور الشريف في "السكرية" قرّب أحدهما من الآخر، مع أنّهما كانا معا في الأكاديمية نفسها، فهما أبناء جيل واحد (الشريف مولود عام 1946، قبل عام واحد من ولادة سيف). الأول ممثّل، والثاني مخرج. لكلّ منهما شخصيته وأحلامه وطموحه. شعرا أنّ عملهما معا يساعدهما على تحقيق تلك الأحلام. تحمّس نور، فأنتج له "دائرة الانتقام" (1977)، وأفلاما أخرى. هذا يوضح لماذا أخرج سيف 8 أفلام من بطولة نور الشريف، كـ"قطة على نار" (1977)، و"شوارع من نار"، و"آخر الرجال المحترمين" (1984). رقم لم يتكرّر مع أي ممثل آخر، باستثناء عادل إمام، الذي مثّل مع سيف في 8 أفلام أيضا.

بعد نجاح "دائرة الانتقام"، رغب نور الشريف في التغيير، كعادته، فأنتج "قطة على نار". بعده، أنجز سيف فيلمين متفاوتي المستوى، وبعيدين تماما عن الأكشن. هو نفسه لا يحبّ الحديث عنهما.

التفاصيل السابقة مروية على لسان سمير سيف، في كتاب كمال رمزي، الصادر قبل أعوام قليلة، بمناسبة تكريم المخرج الراحل. ورغم الاختلافات الواضحة بين مؤلّفه ورؤية المحتفَى به، إزاء بعض الأفلام، خصوصا "دائرة الانتقام"، إلّا أنّ الكتاب مكتوبٌ بحبّ شديد، وتقييم موضوعي، إذْ حاول رمزي أنْ يربط بين الخاص والعام. مثلا: لا يكتفي بتفسير أثر حكايات الصعيد وأساطيره على اختيار سيف الأكشن، بل يُضيف أنّ "ارتباط مسيرته بمزيد من أفلام العنف لم يكن مجرد اختيار ذاتي فقط، لكنّه ارتبط بتوجهات السينما المصرية آنذاك، وفي الوقت نفسه كانت تلك الأفلام تعبير عن انتشار العنف سلوكا ومزاجا في الواقع المصري".

هذا يُفسِّر لماذا لم يكرّر سمير سيف تجربة الأفلام الكوميدية. صحيح أنّ "غريب في بيتي" (1982)، لطيف ومرح وخفيف ومسل، لكن فيلميه الآخرين: "احترس من الخط" (1984)، مع عادل إمام، و"الشيطانة التي أحبتني" (1990)، مع محمد صبحي، لم يعرفا النجاح نفسه، فبدا سيف كأنّه "يلعب في أرضٍ غير أرضه"، كما حدث معه في الأفلام الاستعراضية. تجربته في "المتوحشة" (1979)، وهي تجربة استعراضية باهرة (تمثيل سعاد حسني ومحمود عبد العزيز)، لم تحقّق النجاح المتوقع، وعندما حاول تفسير فشل، أو عدم نجاح الفيلم، أرجعه إلى النهاية المأسوية (مقتل البطلة)، وهذا لم يَرِق للجمهور. تجارب سابقة لمخرجين كبار تؤكّد هذا.

بعد "المتوحشة"، ابتعد سمير سيف عن الأفلام الاستعراضية، التي لم تتوافق مع هواه. ثم حقّق "المشبوه" (1981)، الذي وصل فيه إلى أفضل مستوياته، بمساعدة سيناريو إبراهيم الموجي. فيه، توفّرت عناصر الإثارة، التي تُطلق العنان لإمكانياته، كالمطاردات والمواجهات الدامية والهروب والاكتشافات والصدف والتآمر والتهديد والتشويه والابتزاز، ثم الإنقاذ في اللحظات الأخيرة. اللافت للانتباه أنّ عادل إمام تمسّك بسمير سيف بعد "المشبوه"، الذي ظهر فيه بشكلٍ مختلف، مثبتا إمكانيات لديه لا علاقة لها بالكوميديا، علما أنّ إمام، حينها، كان "بطلا مطلقا" لأفلام كثيرة.

 

العربي الجديد اللندنية في

13.12.2019

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004