كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

"الألم والمجد" .. فيلم الظلال الباهتة

محمود عبد الشكور

جوائز الأكاديمية الأمريكية للفيلم

الدورة الثانية والتسعون

   
 
 
 
 
 
 

لم نر مجدا وإن كان بطل فيلمنا يتوجع ويتألم طوال لوقت، معاناته جسدية بشكل أوضح، هكذا رأينا سلفادور مايّو المخرج الوحيد، بطل بيدرو ألمادوفار المخرج الأسبانى فى فيلمه " الألم والمجد".

ذكريات باهتة متناثرة من الماضى، ومعاناة مستمرة فى الحاضر، هناك لحظات لامعة بالذات فى مشاهد سلفادور الطفل مع أمه العظيمة، المشاهد نفسها متعددة الألوان، زاهية رغم الفقر، ولكن الرحلة ليست أبدا ببريق أفلام شهيرة عن معاناة المخرجين المبدعين، سواء فيما يتعلق بمعاناة الإبتكار، وكتابة فيلم جديد، كما شاهدنا فى فيلم فيللينى الشهير " ثمانية ونصف"، أو فيما يتعلق بحضور الماضى قويا ومؤثرا، كما فى فيلم فيلينى أيضا " إنى أتذكر"، أو حتى فيما يتعلق بآلام الجسد، وانتظار الخلاص منه، كما فى تجربة بوب فوس فى فيلمه الأشهر " كل هذ الجاز".

مزيج بيدرو ألمادوفار يعانى من بعض التنافر، فالألم الجسدى أقوى وأكثر حضورا، والجسد عموما حاضر بقوة فى أفلامه، والحاضر فى "الألم والمجد" يخطف الأضواء من الطفولة، ولا يبدو المخرج سلفادور، بطل الفيلم، خاليا من الإبداع، فقد كتب نصا حقق نجاحا كبير على المسرح، ومشاهد الماضى بدورها تتركز على علاقة سلفادور بأمه، وبشاب كان سلفادور الطفل يعلمه القراءة والكتابة، ويتم استدعاؤها على فترات متباعدة، ومن قبل من بعد، فإن الخروج من الأزمة بمجرد لقاء البعض، او حتى بمجرد التذكر، احتمال بعيد ومفاجئ.

هناك شئ ما ضرب الروح، أو هذا على الأقل ما قدمه أداء أنطونيو بانديراس للدور، وهو هنا فى أحسن حالاته، ويذكرنا بألمادوفار نفسه، ولكن عيناه حزينتان على الدوام، مكسور من الداخل إذا جاز التعبير، وهذا الكسر عميق لا يفسره كل ما شاهدناه فى الفيلم.

براعة ألمادوفار تكمن فى قدرته على السرد، وفى هذا المزيج بين الجدية والسخرية، بناء السيناريو بالأساس يتضمن قصتين: لقاء المخرج سلفادور بممثل شترك معه فى فيلم منذ 32 عاما، ثم لقاء سلفادور مع رجل ارتبط معه بعلاقة حميمة، منذ سنوات طويلة، وتقطع الحكايتين ذكريات طفولة سلفادور، أما سبب معاناة سلفادور فى الحاضر، فهو الصداع والعمود الفقرى، بينما تبدو فكرة عدم الكتابة أو صنع الأفلام فى الخلفية.

حكاية سلفادور مع بطل فيلمه القديم تشغل حيزا كبيرا، الرجل مدمن هيروين، ويقوم سلفادور باستخدام هذا الهيروين لتخفيف آلامه الجسدية المبرحة، وتتكرر مشاهد صدام سلفادور مع بطل فيلمه، ولكن العلاقة تنتهى بقيام الممثل المدمن ببطولة مسرحية كتبها سلفادور، وهنا يظهر رجل الماضى الذى قام علاقة حميمة مع سلفادور، الآن هو فى مدريد، فى أجازة من عمله كصاحب مطاعم فى الأرجنتين، لن يستأنف علاقته مع سلفادور، وإنما سيتبادل مع بعض الذكريات، ثم يفترقان، ذكرى عابرة جديدة.

ما يبقى فى الذهن فعلا ذكريات الطفولة، وحضور الأم المكتسح بأداء متفوق من بنيلوبى كروز، ذكرتنى فيه بأداء صوفيا لورين فى سنوات نضجها، الأم هنا هى العمود الفقرى البديل، وهى سيدة البيت المتواضع، حتى عندما تنتقل الأسرة الى كهف فقير، يتحول بلمساتها الى عالم ملون، وهى التى ستقترح على عامل جاهل أن يزين حائط منزلها بالسيراميك، فى مقابل أن يقوم ابنها الطفل سلفادور بتعليم الشاب مبادئ القراءة والكتابة.

هذه الذكريات هى أفضل ما فى سرد بيدرو ألمادوفار، وتزيدها قوة محاولة إدخال الطفل سلفادور مدرسة دينية ليكون قسيسا، لأنها مدرسة جديرة بفقرهم، بينما يرفض هو أن يكون قسيسا، كما يبدو ظهور الأم فى مرحلة ما قبل موتها قويا ومؤثرا، إنها تريد أن تدفن فى قريتها، يعدها سلفادور أن يعود بها، ولكن صحتها تتدهور، ثم تموت، فلا يتحقق الوعد أبدا.

مثلما توقف سلفادور عن الكتابة فجأة، يستعيد قدرته فجأة، ويكتب سيناريو بعنوان " الرغبة الأولى"، ونكتشف أن مشاهد العلاقة مع الأم جزء من هذا الفيلم، بينما كنا نظن أنها مجرد ذكريات متعلقة بأزمته الصحية، هروبا من واقعه. فى كل الأحوال، تبدو فكرة العودة للإبداع منفصلة الى حد كبير عن طوفان الذكريات، وعن لقاء صديقين قدامى، مجرد حيلة للتذكر، بدون رابطة عضوية.

عملية ينتهى بها الفيلم ينتظر أن تحرر سلفادرو من الألم، يقول لطبيب التخدير أنه سيكتب فيلما جديدا، وأنه لا يعرف هل هو كوميديا أم هو فيلم جاد، أفلام ألمادوفار مزيج من الاثنين، والحياة أيضا كذلك، ولكن فيلم "الألم والمجد" يؤثر فينا على فتراات متباعدة، وهو أقرب الى الفضفضة منه الى الدراسة العميقة للذات، أو حتى الدراسة العميقة لمعنى الإبداع، وهو حتى ليس محاكمة للنفس للتطهير مثلا.

ماذا هو إذن ؟ هو بروفة كتابة لاستعادة بعض الشغف، ربما " تسخينا" لكتابة أقوى قادمة، فى فيلم أكثر لمعانا وتميزا.

 

أكتوبر المصرية في

04.12.2019

 
 
 
 
 

فيلم التقرير وثيقة إدانة طارت منه مفردة التعذيب

سكوت زد. بيرنز يعيد الحياة إلى توصلات بطله

لندن- فيصل عبد الله

على شكل تحقيق سينمائي مصور، وفي إطار دراما سياسية مشوقة بتفاصيل وقائعها الحقيقية يستحضر كاتب السيناريو والمخرج سكوت زد. بيرنز في شريطه "التقرير"،بدأت عروضه الشعبية منذ منتصف الشهر الجاري، أجواء حملة مفزعة وعشوائية شنتها الولايات المتحدة الامريكية لمحاربة الإرهاب، غداة هجمات الـ 11 أيلول/سبتمبر 2001 الإرهابية على برجي التجارة العالمي في مدينة نيويورك. من جهتها، وضمن تلك الأجواء المشحونة بنبرات التهديد والتصعيد والمخاوف الأمنية، اهتدت وكالة المخابرات المركزية (CIA) الى استعمال طريقة سادية لإنتزاع إعترافات ممن وقعوا في قبضتها، أطلق عليها "أساليب الإستجواب المحسنة". ورغم أن الإعترافات لم تفض الى شيء يستحق التثبت منه، أقله لم تمنع هجمات إرهابية لاحقة، أو في أحسن الحالات التعرف على آليات عمل الجماعات الإرهابية لمحاربتها كما هو معلن. ومع ذلك ظلت أسرار تلك الممارسات المشينة، قسماً منها يرتقي الى جرائم حرب، مسكوت عنها أو في طي أدراج مسؤولي الإدارة الامريكية دون توافر إرادة سياسية للكشف عنها.

-بتكليف من السيناتور، وعضو لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأمريكي، ديان فينشتاين (آنيت بيننغ) تسند الى الشاب دانييل جونز (أدى الدور الممثل آدم درايفر) مهمة إعداد تقرير خاص يجمع أكبر معلومات ممكنة عن برنامج الاحتجاز والاستجواب والتعذيب الذي مارسته السي. آي. أيه غداة الحادي عشر من أيلول/سبتمبر. يكرس جونز جل وقته، غياب شبه تام لحياته ولحياة من شاركوه هذا العمل الاجتماعية، مع فريق عمل صغير وفي قبو مظلم كي يجمع خيوط تقريره الضخم، ووفق شروط؛ أن يكون موضوعياً وبعيداً عن تأثيرات السياسة وأهوائها

- إزاء هذه المهمة المارثونية الصعبة، بدأ جونز عمله على اعداد تقريره عام 2009، وللفترة المحصورة بين عامي 2002 - 2008، ومن دون مراجع مكتوبة. ولكي يصل الى حيثيات ما يبحث عنه وسط شبكات معقدة من الصعاب والممنوعات، يعمد المخرج الى الانتقال بين زمن إطلاق حملة مكافحة الإرهاب سيئة الصيت وبين حركة بطله المكوكية في التواصل مع مكاتب مركز مكافحة الإرهاب التابع الى (CIA) ومكتب السناتور وقبوه المليء بقصاصات أوراق تحمل ملاحظات معلقة لخارطة اسماء قادة الجماعات الإرهابية الجينية، تواريخ وأماكن اعتقالهم، المعلن منها والمخفي، أساليب اعتقالهم وعلاقة بعض هذه الطرائد الوهمية والمفزعة مع عملاء السي. آي. أيه.

-ما يكتشفه جونز أثناء بحثه المضني، أقله الجزء الأول، خطير فعلاً. إذ نجد ان السي.آي.أيه قد إبتاعت برنامج "أساليب الاستجواب المحسنة"، يتضمن الإغراق بالماء والحرمان من النوم والحبس الإنفرادي لتكثيف حس العزلة والشعور بالعجز، وبمبلغ 80 ألف دولاراً امريكياً من نصابين. ذلك أن مفردة "المحسنة" التي أدخلت على برنامج "أساليب الاستجواب" تعنى ان طريقة كشف كذب المعتقل، أستعملت في فيتنام، لم تعد تفي بانتزاع الاعتراف المطلوب. وعليه ينبغي اعتماد وسائل أخرى لإنتزاعها "كلما زاد الألم، كلما حصلنا على معلومات أكبر"، كما ترد في سياق الشريط. ولتطبيق تلك المنهجية ترد أيضاً سلسلة أماكن مارست فيها السي.آي.أيه أساليبها المستحدثة في التعذيب، من بينها سجني أبو غريب في العراق وغوانتانامو مثلاً. وليكتشف، كما تقوده توصلاته البحثية، الى ان عدداً ممن يطلق عليهم تسمية "ارهابيون" معرفون لدى السي. آي.أيه، ولربما عمل قسماً منهم معها. النقطة التي أثارت جونز وعجلت في إكمال تقريره هو تستر أجهزة المخابرات على ملفات وممارسات شنيعة منها، إغراق معتقل بالماء لأكثر من 180 مرة، ووفاة آخر تحت وقع التعذيب المبرح، فضلاً عن قائمة ممارسات جرى التخلص من وثائقها.

-لم يبق جونز على خيط معلومة مفيد، وعلى مدى ساعتين، من دون تعقبه وضمه الى تقريره الجامع والفاضح في آن. إذ أعتقد، وهو المدفوع بحس مهني عال، من ان تقريره سيلقي الضوء على المخفي من ممارسات وحشية تتناقض كلياً وتنتهك في آن مبادئ القوانين الدولية الناظمة بما يخص المعتقل. لكن ما غاب عليه هو ان شرط "الموضوعية" صعب المنال في عاصمة القرار واشنطن، وفي ظل تشابك المصالح السياسية والأولويات. وكان أول ضحايا ذلك هو تقريره الذي طارت منه مفردة "التعذيب" من جهة، وأخرى تكثيفه من 7000 ألف صفحة الى 5400 ألف صفحة. ومع ذلك، يمكن اعتبار ما اجتهد به جونز وراكمه هو أقرب الى وثيقة إدانة معززة بالأدلة للمؤسسة السياسية ولأجهزتها الأمنية. ولنا فيما يقوله الشريط نفسه إزاء تحميل إدارة جورج بوش الأبن مسؤولية ماجرى، هناك اتهام مباشر لديك تشيني، مساعد الرئيس، ولرئيس وكالة المخابرات المركزية ولطيف واسع من أسماء تلك الإدارة. المخرج وسع من اتهامه، أيضاً، وليشمل إدارة باراك أوباما، كان يكتفي الأخير بذكر الحرف الأول منه دون ان يتجراً على نطق المفردة كاملة، ومن تبعه لتسترهم على هذا الملف وإهمال توصلاته الجريئة.

-ولئن بدا دانييل جونز (آدم درايفر) بارعاً في تقمص دور شخصية قد لاتثير حماسة المشاهد برتابتها، لكن أداءه يذكرنا بأبطال شريط "كل رجال الرئيس" (1976) للأمريكي آلان غي. باكولا والمقتبس من تحقيق استقصائي كتبه الصحافيين بوب وودورد وزميله كارل برنشتاين لصحيفة "الواشنطن بوست" عن فضيحة ووترغيت التي أطاحت بالرئيس ريتشارد نيكسون. فيما ظلت آنيت بيننغ محتفظة باتزان ووقار السيناتور على طول الخط. ومثلما يدين شريط "التقرير" المؤسسة السياسية، فانه، أيضاً، يسلط الضوء على آليات صنع القرار السياسي في الدوائر الأمريكية وأساليب التستر على أفعال مشينة تتخاتل وراء "مصلحة الأمن الوطني".

 

####

 

فيلم 1917 سام مينديز يحول رعب الحرب إلى تحفة سينمائية

ترجمة / أحمد فاضل

"1917"  للمخرج الإنكليزي سام مينديزهو فيلم جريء بشكل مثير للدهشة ، مثير مثل أي سرقة لا يترك فيها السراق أي أثراً لهم ، مزعج مثل كابوس يجثم على الصدور، فمن خلال العمل مع ويلسون كيرنز الكاتب المشارك الذي ابتكر لنا دراما رائعة للحرب العالمية الأولى في جبهتها الغربية ، من خلال رحلة فظيعة تم تصويره في لقطة واحدة غير عادية من قبل المصور السينمائي روجر ديكينز ، وهي لقطة مستمرة لم تنقطع أحداثها المروعة (مع تعديلات رقمية تتسلل إليها ) ، حيث يوضح لنا مينديز ما يراه هؤلاء الجنود وأحياناً يدور بالكاميرا حوله حتى نراهم جميعاً .

بليك ( دين تشارلز تشابمان ) وشوفيلد ( جورج ماكاي ) جنديان تعرضا لشعور زائف بالأمان ، وهما يشهدان معارك ضارية فيما يبدو أنه تراجع ألماني ، و " دفعة كبيرة " وشيكة من قوات الحلفاء لتحقيق النصر ، لكن الفريق ( كولن فيرث ) يخبرهم أن استطلاع الصور الجوية كشف أن الألمان انسحبوا بعيداً ، ووصلوا ببساطة إلى موقع يتم فيه الدفاع عنهم بشكل أفضل ، وجذب عدوهم إلى الفخ ، والآن هناك فرقة بريطانية أخرى على وشك التقدم نحو مذبحة قادمة بعد أن تم قطع الاتصال الهاتفي الميداني معهم ، فإن الطريقة الوحيدة لإخبارهم بالتوقف عن الهجوم هو عبر هذين الجنديين ، ولذا يتعين عليهما شق طريقهما عبر الأراضي الحرام وعبر الخطوط الألمانية المهجورة ، فيسافر بليك وشوفيلد وسط مشاهد مروعة ، جذوع اشجار مكسورة منتشرة في كل مكان ، وبحيرات طينية وحفر خلفتها القذائف ، وجثث الموتى ، والفئران التي تعتاش عليها ، ثم عندما يتعثرون في الخنادق الألمانية ، ويكتشفون مدى متانة بناءها ، ومدى تهيئتها وتدريبها وقيادتها بشكل أفضل للألمان الذين يتوسمون فوزهم ، لكن يجب عليهم أن يستمرا وسط شعورهما بالخوف ، والغثيان والدهشة التي تأتي مع تجربة بقائهما على قيد الحياة لحظة بلحظة ، وبشراسة التمسك بها مع كل طلقة قناص تحاول أن تخترق طبلة أذنيهما .

عن / صحيفة الغارديان البريطانية

 

المدى العراقية في

04.12.2019

 
 
 
 
 

من فيلم "جوكر" إلى "بلو ستوري" أوقفوا لوم الفن على عنف المجتمع

فيونا ستيرجيس 

بعد إلغاء صالات سينما عروض فيلم "بلو ستوري" نتيجة شجار في بيرمنغهام... هل خوف المجتمع من التحريض على العنف هو في غير مكانه؟

يهدف الفن إلى جعلنا نشعر بالأشياء. الأفلام والأغاني الشعبية واللوحات والكتب والمسرحيات، جميعها لديها القدرة على إثارة الفرح لدينا والخوف والعار والضحك والملل والحزن. يمكنها أيضاً أن تثير الغضب الشديد، ولهذا السبب أبذل ما في استطاعتي لتجنّب مشاهدة أفلام لارس فون ترير. لكن ما لا يفعله الفن هو التسبّب في زرع شخصية بكاملها، وتحويل أفرادٍ كانوا مسالمين إلى مهووسين يشهرون آلاتٍ حادّة.

إنه لمن المستغرب أن يحتاج ذلك توضيحاً في السنة 2019. ومع ذلك، بعد سحب الفيلم البريطاني "بلو ستوري" (القصة الزرقاء) من سلسلتي صالات عرض في نهاية الأسبوع على أثر اندلاع شجار في إحدى صالات "فو" Vue في بيرمنغهام، ها نحن هنا. فالفيلم الذي أخرجه أندرو أونوبولو، المعروف أيضاً بإسم "رابمان"، يروي قصة صديقي طفولة يتحوّلان إلى عدوّين في سنّ المراهقة، بسبب قتال العصابات في لندن ضمن ما عُرفت بـ "حرب الرمز البريدي". وقد تلقّى المخرج مديحاً على تصويره دورة العنف والعقاب التي تنتهجها ثقافة العصابات.

وفي مقال نشرته أسبوعية "ذي أوبزرفر"، أثنى الناقد السينمائي سيمران هانز على العمل "الذي أكد على مأساة البراءة الفاسدة، والرموز المشوّهة، ومرحلة ما بعد الصدمة." لكن ترحيب النقّاد بالفيلم لم يعنِ الكثير لمجموعة صالات العرض "فو" التي تذرّعت بمسألة الحرص على سلامة مرتادي صالاتها لوقف عرضه  على شاشاتها. ووجّهت إدارتها من خلال هذه الخطوة اللوم ليس إلى أولئك الذين بدأوا القتال، بل إلى فيلم "بلو ستوري" نفسه.

ليست هذه هي المرة الأولى التي ينشب فيها عنف داخل قاعات السينما، ولن تكون الأخيرة. ومع ذلك، عندما هاجمت مجموعة من المراهقين رجلاً أثناء عرض فيلم "بوهيميان رابسودي" Bohemian Rhapsody في بورتسموث العام الماضي، لم يُقدَّم أي اقتراح بوجوب وقف عرض الفيلم. وعندما قُتل 12 شخصاً أثناء إطلاق مسلّح النار خلال عرض فيلم The Dark Knight Rises في أورورا بولاية كولورادو الأميركية، عام 2012، كان من المفهوم عموماً أن الجاني هو المسؤول وليس باتمان. لقد تمّ التعامل مع فيلم "بلو ستوري" باعتباره السبب الرئيسي في شجار بيرمنغهام، وهذا يعكس الكثير ممّا يحدث في العالم الذي نعيش فيه. فالفيلم قدّم مجموعة من الممثلين السود، وعمل عليه صانعو أفلام سود، ويتناول قضايا تؤثّر بشكل كبير في المجتمعات السوداء، وهؤلاء هم أكثر عرضة للشك والمساءلة من الأفلام التي تصنّع من جانب البيض ومن أجلهم، ومن بطولة ممثلين منهم.

مع ذلك ، فإن الخوف من الفن وخصائصه المفسدة، كان موجوداً على مرّ الدهور، ولا يقتصر على السينما وحدها. فاللوحة التي رسمها الفنان الفرنسي غوستاف كوربيت في القرن التاسع عشر بعنوان "أصل العالم"، والتي جسّدت صورة مقرّبة لفرج المرأة، اعتُبرت خطرة للغاية كي تظهر في حياة فنّان، بينما استغرق الأمر محاكمةً مثيرة في العام 1960 لرفع الحظر عن عرض فيلم Lady Chatterley’s Lover المستوحى من رواية دي إتش لورانس عن علاقة غرامية. ولطالما كان موسيقيّو الروك هدفاً لشرطة الأخلاق، فقد تلقّى المغنّي ماريلين مانسون تهديدات بالقتل وبتقطيع أجزائه، بعد مزاعم عن أن مرتكبي مذبحة كولومبين في العام 1999 كانوا من عشّاق موسيقاه (دفعت ولاية ساوث كارولينا له مالاً في الواقع، من أجل عدم تقديم حفلاته الموسيقية هناك). طبعاً لم يكن مانسون مسؤولاً عن أعمال القتل التي وقعت في كولومبين بمقدار ما كانت فرقة البيتلز مسؤولةً عن أعمالٍ حملت توقيع سميّه شارل مانسون، الذي بعدما أمر بمقتل شارون تيت وعائلة لابيانكا في العام 1969، ادّعى زعيم الطائفة أن رسائل مموّهة ضمن  "وايت ألبوم" لفرقة البيتلز هي التي دعته إلى القيام بذلك.

وينصبّ عادةً غضبٌ من نوع خاص على الأفلام التي تُعدّ سياسية جداً أو جريئة للغاية جنسياً أو شديدة العنف، وبالتالي يمكن أن تلحق الضرر بجمهور المشاهدين. ففيلم Taxi Driver (سائق التاكسي) التي تولّى بطولته الممثل روبرت دينيرو، يُزعم أنه كان له دور كبير في أوهام جون هينكلي جونيور ومحاولته اغتيال الرئيس الأميركي الأسبق رونالد ريغان في العام 1981. أما فيلم A Clockwork Orange للمخرج ستانلي كوبريك، المقتبس عن رواية أنطوني بورغيس، والمتضمّن مشاهد تعذيب وعنف جنسي، فقد سُحب من صالات العرض السينمائية بناءً على طلب كوبريك نفسه، بعدما بدأت تقارير تتحدّث عن وقوع جرائم حقيقية حصلت بتأثير من أحداث الفيلم. هذه السنة، تعرّض فيلم "جوكر" لانتقاداتٍ بسبب تعاطفه مع قاتلٍ مختلّ عقليا، وذهب بعض المعلقين إلى وصف المحتوى العنيف فيه بأنه "خطير". وقد أدّت تلك الدعاية المهتزّة التي سبقت العروض إلى اتّخاذ الشرطة سلسلة إجراءات وتمركزت خارج عدد من دور العرض في الولايات المتحدة لمنع وقوع اضطرابات.

قد تكون في فيلمٍ ما جوانب غير محبّبة أو عنف يمكن الاعتراض عليه انطلاقاً من الذوق الشخصي أو بناءً على قاعدة اللامعقول، هذا شيء، لكن القول إنه ينبغي ألا يكون موجوداً خوفاً ممّا قد يثيره، فهذا شيء آخر. ولو أخذنا هذه الفكرة إلى نهايتها المنطقية، فسنُضطر إلى التفكير جدّياً في منع الأطفال من مشاهدة أفلام الكرتون "توم أند جيري" خوفاً من الأضرار التي يمكن أن يحدثها هؤلاء الصغار بواسطة مكنسة منزلية، أو منع أفلام كرتون Wile E Coyote، مخافةً أن تؤدي إلى زيادة كبيرة في مبيعات مادّة الديناميت.

هناك أسباب لعدم تشجيع الأطفال على مشاهدة المحتوى الجنسي الصريح أو الوحشي، لأنهم في سنّهم لا يمتلكون الأدوات اللازمة لمعالجته وفهمه. لكن البالغين هم أكثر تطوّراً في تفكيرهم. تشارلز مانسون قال إن فرقة "البيتلز" أمرته بأن يرتكب جرائمه، علماً أن ديفيد بيركوفيتز القاتل الشهير في نيويورك المعروف بـ "إبن سام" Son of Sam كان قد ادّعى أنه أخذ أوامره من كلب. الأفلام لا تلهم العنف أكثر من الكلاب. واللوم كلّه يجب أن يُلقى على الناس.

صحافية وكاتبة @FionaSturges 

 

الـ The Independent  في

04.12.2019

 
 
 
 
 

لابد إنها الجنة.. ما أضيقَ الرحلة.. ما أكبَرَ الفكرة

علي الضو

قال المخرج والفنان الفرنسي الرائد "جان كوكتو" في خضم حديثه عن صديقه "تشارلي شابلن": (عندما أشاهد أفلام شارلي القديمة لا أضحك بالطريقة نفسها، أنا أفكر في كافكا).

بنفس تلك الكلمات البسيطة يمكن أن نصف التجربة السينمائية للمخرج الفلسطيني "إيليا سليمان" وعلى قمتها فيلمه الأخير "لابد إنها الجنة" والذي عُرض ضمن فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي والحاصل على جائزة النقاد بمهرجان كان 2019.

لو تتبعنا أثار إيليا سليمان في عالم السينما منذ أولي أعماله الطويلة "سجل اختفاء 1996" مروراً بـ"يد إلهية 2002" و"الزمن الباقي 2009” ووصلاً لأخر أعماله يمكن أن نري العديد من الملامح المشتركة الواضحة بين أعماله الأربعة الطويلة والتي تشكل بصمته الإبداعية.

ضحكات صامتة:

بالنظر إلى تجربة إيليا سليمان عبر ذات المنظار الذي أطل منه كوكتو على تجربة تشابلن يمكن أن نري أحد أهم الملامح المميزة لتلك التجربة والتي تجعلنا ندرك مدي العمق والتعقيد الذي تحمله هذه التجربة تحت قناع البساطة التي ترتديه، فأفلام سليمان المبنية على مجموعة من المفارقات التي ترتكز على كوميديا الموقف والتعبير المرئي الذي ينحي الحوار جانباً نري فيها تشاؤمية دفينة مخفية تحت عبثية ومرح الموقف.

عند سليمان الضحك نبتة تنبع من قلب المأساة والمأساة عنده ذات مستويات متعددة يقبع على رأسها التراجيديا الفلسطينية بكل ما تحمله من تفاصيل وتعقيدات، يركز إيليا في تناوله على الحياة اليومية للمواطن الفلسطيني ويحاول الابتعاد بشتى السبل عن الأحداث الكبرى ويسلط اهتمامه على الأحداث الصغرى اليومية الروتينية وتأثرها المباشر وغير المباشر بالصراع بالقضية الفلسطينية.

 

يجد إيليا في تجربته الشخصية البوابة الأنسب للدخول إلى عالم الفلسطينيين بعيداً عن الخطابية والتنميط، فهو أبن أسرة خاضت تجربة النكبة والحياة داخل بيئة معادية –ينتمي إيليا سليمان إلي عرب 48- وخاض بذاته تجربة البعد عن الوطن ثم العودة إليه مما يجعل من تجربته مثالاً نموذجياً للحياة الفلسطينية عقب النكبة.

خلال الأفلام الثلاثة الأولي الطويلة وعبر تجربته الذاتية يعزف إيليا موال المأساة الفلسطينية الذي يسرد القصة من الأسفل حيث يحي الناس داخل هذا المعترك الطويل متأثرين به ومنخرطين داخل مستوي أخر من المأساة وهي مأساة الإنسان في العصر الحديث وكيف يصارع الظروف والعوائق والروتينية من أجل أن يعيش بشكل طبيعي، لا تخلوا المشاهد من العبثية ولا تخلوا الإسقاطات السياسية ولا تعبير البسيط والفذ عبر الصورة واللقطات الجمالية ولا تخلوا من الضحك والكوميديا التي تعبر فيما تعبر عن مأساة متجذرة وواقع متشح بالسواد .

رحلة التحطيم:

يخرج سليمان في تجربته الأخيرة عن نطاق الثلاثية-وهو تقسيم لا يحبذه شخصياً - ليقدم تجربة جديدة تحمل بصمته إلا أنها تتعمق فيما هو أبعد من سيرته الذاتية والقضية الفلسطينية.

الخروج الأول كان خروجاً عن النطاق الجغرافي لفلسطين فالفيلم يدور في فلك رحلة مكوكية من فلسطين إلى باريس ومنها إلى نيويورك ثم تكون العودة إلى فلسطين مجدداً وهو الخروج الأول عن حدود الأرض الفلسطينية منذ أن بداية مشروعه السينمائي والذي يمكن أن نعتبره محاولة لاستكشاف العالم أو لنكون أكثر دقة محاولة لاستكشاف "نظرة العالم".

الرحلة التي بدأت كمحاولة للبحث عن تمويل لفيلمه الجديد سرعان ما تتحول إلى دعوة لاستكشاف فلسطين من داخل عيون العالم المقابل بعيد عن الصراع مع إسرائيل وبعيد عن حياة مواطنيها اليومية التي لطالما انغمست فيها تجربة سليمان علي مدي أكثر من عشرين عاماً.

يصطدم إيليا بواقع غارق في التنميط يضع الشخصية الفلسطينية في قالب ضيق يزداد ضيقاً مع تزايد التعاطف الإنساني مع القضية وأهلها، يحاول إيليا طوال مسيرته تناول الحياة الفلسطينية من منظور إنساني بعيد القوالب والأنماط السائدة في الخطاب المتعاطفة أو المعايدة للفلسطينيين وقضيتهم ففلسطينيوه أناس عاديون يمارسون حياتهم اليومية ويعيشون صراعاتهم وأزماتهم ويعبرون عن أفكارهم في خضم الصراع الكبير الذي يؤثر على حيواتهم الذي لا يهتفون أو يلقون الخطابات باسمه لكنهم لا ينسلخون عنه.

تصطدم هذه الرؤية بما هو سائد من تصور عن الفلسطينيين وهو ما يتجلى في رفض مختلف الجهات تمويل فيلمه الذي لا يتناول فلسطين لا من منظور مأساوي ولا نضالي ولا حتي لا يجهر بالسياسة جهراً، هنا يتجلى الخروج الثاني لإيليا عن روح الثلاثية فهنا ينتقل إيليا في صراعه إلي جبهة جديدة بعيداً عن صراع الوجود داخل الأرض الفلسطينية ليبدأ صراعاً إنسانياً جديداً يفكك فيه ما تراكم من تصورات للشخصية الفلسطينية علي مدي عقود طويلة ويحاول فيه انتزاع حقها في التعبير عن ذاتها كأي جماعة من البشر لها حياتها وتنوعاتها وثقافتها وحياتها التي تشكل القضية جزء هاماً في قلبها يؤثر فيها من جهات مختلفة.

كانت الكلمة:

يخرج إيليا سليمان عن عرفه المعتاد فينطق بكلمات معدودة ضمن سياق أحد المشاهد (أنا من الناصرة، فلسطيني) قبل أن يعود مرة أخري في نهاية رحلته إلى فلسطين يراقب عن كثب مجموعة من الشبان والفتيات يتراقصون على كلمات "عربي أنا" وكأنها رسالة للمشاهد أننا هنا نعيش حياتنا كما الجميع لكن حتى في لهونا لم ننسي من نحن وإلى أين ننتمي.

نهاية "فللينية" –نسبة لفيردريكو فلليني- الطابع تذكرنا بنهاية "8½" حيث تفشل مساعي المبدع في إتمام عمله إلا أننا نكتشف في النهاية أننا طوال تلك المدة كنا بين ثنايا تلك التجربة التي فشلت داخل السياق الدرامي لكنها خرجت إلي النور في سياق الواقع.

حداثة ساحرة لكنها هذه المرة بنكهة عربية ساخرة تتحدث عن فلسطين بمختلف الألسنة ومن مختلف النظرات وتجسد جمالية سينمائية متداخلة مع قضية إبداعية وصراع مستمر من أجل الوجود ومع الحياة.

 

موقع "أويما 20" في

05.12.2019

 
 
 
 
 

«نتفليكس» تشتري سينما... لعيون الأوسكار؟

ميديا وتلفزيون

في خطوة هي الأولى من نوعها بالنسبة إلى الشبكة الأميركية الرائدة في مجال الـ «ستريمينغ»، أعلنت «نتفليكس» الشهر الماضي استحواذها على «سينما باريس» في حي مانهاتن في نيويورك بموجب عقد إيجار لمدّة عشر سنوات. هكذا، ستصبح «سينما باريس» الأيقونية حضناً لعروض أعمال «نتفليكس» الأصلية وغيرها من الفعاليات. «سينما باريس» ذات الشاشة الواحدة والـ 581 مقعداً، افتُتحت في عام 1948، وتحوّلت مع الوقت إلى إحدى أبرز دور العرض في البلاد، قبل أن تُغلق أبوابها في أواخر آب (أغسطس) الماضي. أبرمت «نتفليكس» هذه الصفقة بعدما كانت وسائل إعلام أجنبية قد تداولت في نيسان (أبريل) الماضي أنباءً حول محادثات تجريها الشركة التي أبصرت النور عام 1997 لشراء «المسرح المصري»، وهي دار العرض السينمائية التاريخية في قلب هوليوود. علماً بأنّ المفاوضات لا تزال مستمرّة، في ظلّ أحاديث في الكواليس عن أنّ نيّة شراء هذا الفضاء العريق في لوس أنجليس لا تزال موجودة. لكن ما الذي يدفع الشبكة إلى خوض هذه التجربة، وهي التي كانت من أولى المنصات التي غيّرت قواعد المشاهدة ووضعت في متناول الناس مكتبة هائلة من المواد الترفيهية المصوّرة بمجرّد كبسة زرّ، كما شكّلت منافساً أساسياً لهوليوود، واتّهمت بأنّها «تهدّد» التجربة السينمائية الكلاسيكية المكرّسة منذ عقود؟
«
برأيي، من المرجّح أن يكون السبب أنّه رغم أنّ «نتفليكس» تعدّ من عمالقة البثّ عبر الإنترنت، إلا أنّها في الحقيقة «سمكة صغيرة» مقارنة بمنافسين كـ «ديزني» و«أمازون»...»، يقول ماتياس فري، بروفيسور السينما والإعلام والثقافة في «جامعة كنت»، في حديث إلى موقع «وايرد». ويضيف: «ربّما يكون الأمر بالون اختبار تمهيداً لشراء سلسلة سينمات والتحوّل إلى لاعب أساسي في هذا الملعب. أعتقد أنّه احتمال ضعيف لكنّه ممكن
».

سلاسل صالات العرض قد تعتبر أنّ الموضوع هو ردّ على العلاقة المشحونة التي تربط شبكة «الستريمينغ» الشهيرة بعدد من السينمات البارزة في البلاد، فيما قد يذهب بعضهم أبعد من ذلك. بول هاردارت، مدير الترفيه والإعلام والتكنولوجيا في كلية «ستيرن» للأعمال التابعة لـ«جامعة نيويورك»، يؤكد أنّه «لفترة طويلة، قالت (نتفليكس) إنّها تريد الناس أن يشاهدوا المحتوى أينما وكيفما يريدون».

لكن في تشرين الأوّل (أكتوبر) الماضي، تأزّمت الأوضاع بين الطرفَيْن بسبب فيلم مارتن سكورسيزي الجديد «الإيرلندي» (210 د). أما السبب، فهو رفض «نتفليكس» إصرار الصالات التي اشترطت 72 يوماً من العروض الحصرية قبل الإطلاق عبر منصة الـ«ستريمينغ» للمشتركين، في مقابل موافقة الشبكة على 26 يوماً فقط.

قبل أن يصبح The Irishman متاحاً للبث عبر الإنترنت، عرضته نتفليكس في مسرح «برودواي»، الذي لا يعتبر سينما من الناحية التقنية، ما يظهر إلى أي مدى الشركة مستعدة للذهاب في سبيل تجاوز اللاعبين الرئيسيين!

في هذا السياق، يرى فري أنّ ما حسم المسألة أخيراً هو كلام سكورسيزي عن أنّ فيلمه «يجب أن يشاهد في صالات السينما، إلى جانب تمنّيه على الناس عدم اللجوء إلى هواتفهم المحمولة لفعل ذلك». هنا، «قال القائمون على المنصة لأنفسهم: لماذا يجب أن نقضي شهوراً في هذه المفاوضات عندما يمكننا لعب ورقة الشراء أو الاستثمار؟».

تجدر الإشارة إلى أنّ «نتفليكس» خفّفت من تشدّدها المتمثّل في الإصرار على إطلاق أفلامها في السينما تزامناً مع عرضها عبر منصّتها، وهو ما أوقعها في مشاكل عدّة من بينها منع إنتاجاتها من المشاركة في المسابقة الرسمية لـ«مهرجان كان السينمائي الدولي». ففي العام الماضي، أصدرت شرائط «روما» (إخراج ألفونسو كوارون)، وBallad of Buster Scruggs (إخراج الأخوين كوين)، و«بيرد بوكس» (إخراج سوزان باير)، و«ماوغلي» (إخراج آندي سيركيس)، في عدد محدود من الصالات في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة قبل توافرها لأصحاب الاشتراكات المدفوعة. وفي هذا العام، كشفت «نتفليكس» أنّ عشرة من أفلامها ستُخصَّص بعروض حصرية محدودة في دور السينما قبل الوصول إلى منصة الـ«سترمينيغ».

برأي نيومان، «تعدّ هذه الأفلام دعاية لجذب المشتركين أكثر من كونها مشاريع نجاح في شباك التذاكر. سبق لـ «نتفليكس» أن حصلت على فرصة لشراء مسارح «لاندمارك» ذائعة الصيت، لكنّها لم تقترب حتى من تقديم عرض شراء». ويشدد الأكاديمي الأميركي على أنّ الاهتمام بـ «سينما باريس» و«المسرح المصري» عائد إلى سبب جوهري: الأوسكار! من الأجل المشاركة في سباق الجوائز الأبرز في عالم الفن السابع، يتعيّن على «نتفليكس» عرض أفلامها في نيويورك ولوس أنجليس في صالة واحدة لمدّة أسبوع. وفي سبيل هذه الغاية، كانت الشبكة تعمد إلى استئجار فضاءات لا تقع ضمن خانة السينمات أصلاً.

يعتقد بول هاردارت أنّ امتلاك دور السينما أمر جيّد للمستهلكين و«نتفليكس» على حدّ سواء: «يمكنك أن تتخيل إذا كنت تعيش في نيويورك، ستتم دعوتك إلى العروض والنقاشات المرتبطة بها. من جهة، يحقق أصحاب الصالات السينمائية بعض المكاسب، وإلى حدّ ما، تتعرف «نتفليكس» من جهة أخرى إلى أهمية التجربة السينمائية التقليدية. أعتقد أنّه أمر جيّد لمحبّي الأفلام ولصانعي السينما أيضاً».

من جهتها، ترى صحيفة «غارديان» البريطانية أنّ استحواذ «نتفليكس» على «سينما باريس» (تحتضن عروضاً محدودة لفيلم Marriage Story لنوح باومباخ) سيساعد في استمالة أبرز المخرجين التواقين إلى سحر ليالي الافتتاح وغير المستعدّين للتنازل عنها ولو كان الثمن التخلّي عن ميزانيات إنتاج ضخمة.

 

الأخبار اللبنانية في

06.12.2019

 
 
 
 
 

هذه أفضل أفلام 2019 بحسب مجلة "تايم" الأميركية

لوس أنجليس ــ العربي الجديد

على الرغم من أن "دائرة نقّاد الأفلام في نيويورك" قد صوتت لفيلم "الأيرلندي" The Irishman، للمخرج الأميركي مارتن سكورسيزي، كأفضل فيلم في 2019، إلا أنه احتل المرتبة الثانية ضمن قائمة أفضل أفلام 2019 من مجلة "تايم" الأميركية. هذه القائمة الكاملة مع أسباب اختيارات المجلة:   

10. Hustlers

يسير الفيلم مع الأمهات العازبات اللواتي يحتجن إلى إعالة أسرهن، من خلال خطة غير شرعية للغاية لتخليص نجوم "وول ستريت" من أموالهم. تقول المجلة إنّ "فريق المخرجة لورين سكافاريا مفعم بالحيوية والمرح، بالإضافة إلى تذكيرٍ بأن النساء وأطفالهن غالباً ما يعانون أكثر من غيرهم عندما ينهار نظام اقتصادي يحركه الرجال إلى حد كبير".

9. A Beautiful Day in the Neighborhood

يحكي الفيلم قصة صداقة تجمع روجرز (توم هانكس) وصحافي (ماثيو ريس) ممزوجة بقضايا الغضب. الفيلم يسلط الضوء على مبدأ "علينا أن نعطي أنفسنا الإذن بأنّ نشعر بكل شيء من أجل تحقيق السلام مع الأشياء التي تهدد بتمزيقنا"، تقول المجلة.

8. Dolemite Is My Name

يقوم إيدي مورفي، بدور رودي راي مور الذي قام بتمويل وتأليف فيلم بميزانية ضيئلة جداً عام 1975 وحقق نجاحاً كبيراً. "هذا الفيلم من إخراج كريغ بروير، يدور حول الطموح في رحلة ضد كل الصعاب. إنه أيضاً فرح خالص"، تعلق المجلة.

7. Knives Out

تقول المجلة: "تقدم الممثلة آنا دي أرماس، عرضاً رائعاً كفتاة شابة وممرضة تصادف أنها مهاجرة في قلب المؤامرة. هذا الفيلم ممتع للغاية لمشاهدته". الفيلم من إخراج راين جونسون، وبطولة دانييل كريغ، وآنا دي أرماس، وكريس إيفانز.

6. Parasite

أكثر ما يلفت النظر، بحسب المجلة، "هو إنسانية الفيلم العميقة: فالمخادعون والمخدوعون يكسبون تعاطفنا". "وبارازيت" هو فيلم كوري، للمخرج بونغ جون ـ هو.

5. Little Women

الفيلم مقتبس عن روايةٍ للويزا ماي ألكوت بالغةٍ من العمر 150 عاماً. تصفه المجلة بأنه "يرتبط بالسبب الذي لا تزال أفكار ألكوت يتردد صداها: كانت تعرف كيف شعرت بالتوق إلى شيء أكثر، حتى عندما لم تكن متأكدة من ذلك الشيء".

4. Marriage Story

آدم درايف وسكارليت جوهانسون، يتألقان كزوجين في خضم الانفصال. يتحول انفصالهما إلى وحش لم تكن لديهما فكرة عن أنهما قادران على خلقه. تصف المجلة الفيلم بأنه "فيلم نواه بومباخ الأكثر عاطفية، وهو اعتراف بأن التسويات ليست مصدر إزعاج ينتقص من الحياة؛ إنها الأشياء المبنية عليها".

3. Once Upon a Time… in Hollywood

إنه "الفيلم الأكثر تفصيلاً لكوانتين تارانتينو، مليء بالحنان لفيلم هوليوود المفقود، وعصر ضاع من صناعة الأفلام"، بحسب المجلة.

2. The Irishman

تقول المجلة: "لما يقرب من الثلثين الأولين، الأيرلندي مسلٍ للغاية. ثم ينتقل إلى شيء أكثر تعقيداً. إنها ملحمة الغوغاء الحزينة".

1. Pain & Glory

اختطف هذا الفيلم المرتبة الأولى من "الأيرلندي" لأنه، بحسب مجلة "تايم"، "الأكثر تألقاً وتحركاً عند المخرج بيدرو ألمودوفار، وهو بانوراما من الألوان النابضة بالحياة وحتى المشاعر الأكثر كثافة، وترنيمة لأي شيء غامض".

 

العربي الجديد اللندنية في

06.12.2019

 
 
 
 
 

فيلم knives out .. ما بين المنافسة على الجوائز وتسلية الجمهور

عبد الرحمن توفيق

تميل معظم الأفلام الكبيرة إلى الطابع الدرامي أو النفسي، وهو بالتأكيد أمر محبب بالنسبة للجمهور الذي يعشق الشخصيات العميقة والمعقدة وغير البسيطة، وهذا ما شهدناه في أعمال مثل Joker أو حتى The Irishman اللذان يعتبران الأكثر تقديرًا من النقاد والجمهور على حد سواء.

لكن ما علمته السينما لنا خلال السنوات الأخيرة يتلخص في أنه لا يوجد نوع واحد فقط من الأفلام يجب أن تقدمه لنا، وإلا لأصبحت كل الأعمال متشابهة، ولهذا نجد أعمال تتناول الواقع بطريقة مختلفة سواء بالسخرية أو حتى الضحك مثل فيلم Once Upon a Time in Hollywood، وأيضًا الفيلم الذي نتحدث عنه اليوم وهو Knives Out.

صدر فيلم Knives Out في نهاية شهر نوفمبر «2019»، وهو فيلم جريمة له طابع كوميدي، وهو ما لم نجده في الأفلام الكبرى وجيدة الصنع لهذا العام، ولهذا فهو يعتبر من الأفلام المنتظرة للغاية مع احتمالية دخوله لسباق الأوسكار وأيضا جائزة جولدن جلوب كأحسن فيلم كوميدي أو موسيقي.

طاقم عمل فيلم Knives Out

يأتي الفيلم من بطولة النجم البريطاني العالمي Daniel Craig الشهير بتقديم شخصية «جيمس بوند» ويعتبر دوره في هذا الفيلم هو الأخير له قبل تفرغه للجزء الجديد لأفلام الجاسوسية الشهيرة والقادم تحت اسم No Time to Die، والمقرر عرضه في العام القادم وبمشاركة النجم صاحب الأصول المصرية رامي مالك.

ويضم الفيلم مجموعة هائلة من النجوم إلى جانب Daniel Craig، وهم الممثل الأمريكي Chris Evans المؤدي لشخصية «كابتن أمريكا»، إلى جانب الممثل Don Johnson الحائز على جائزة «جولدن جلوب» كأحسن ممثل عن دوره في مسلسل Miami Vice.

ويشارك في الفيلم من الممثلات النجمة اللاتينية Ana de Armas والتي شاركت في أفلام كبرى مثل Blade Runner 2049 في عام 2017، ومن المنتظر في عام «2020» أن تشارك في فيلم No Time to Die، إلى جانب بطولتها لفيلم Blonde أيضًا.

وتشارك النجمة الأسترالية الصاعدة Katherine Langford في الفيلم، والتي عرفها الجمهور من خلال تجسيدها لشخصية «آنا بيكر» في المسلسل الدرامي 13 Reasons Why، ويعتبر دورها في هذا الفيلم هو البوابة الحقيقية لها في عالم السينما خاصة مع وجود كل هؤلاء النجوم معها.

أحداث فيلم Knives Out

وتدور أحداث الفيلم حول جريمة قتل لمؤلف كبير في العمر، وقيام أحد المحققين باستجواب عائلة الضحية والشخصيات المقربة منه في محاولة لاكتشاف القاتل، ويتشابه الطابع الكوميدي في الفيلم مع روايات شخصية المحقق «هيركول بوارو» التي ألفتها الأديبة العالمية «أجاثا كريستي».

ويقوم بطل الفيلم في هذه النوعية من الأفلام باستجواب الشخصيات ومقارنة أقوالهم في التحقيقات لمعرفة الصادق من الكاذب، وهذا ما يجعل من المشاهدين في حالة تركيز دائمة طوال أحداث الفيلم، الذي يمتاز بالتشويق والترفيه وهي الخلطة الناجحة التي يأمل المخرج في تقديمها.

لماذا لا توجد جوائز كبرى تخصص لأفضل الأفلام الكوميدية؟

يوجد الكثير من النقاد حول العالم ينظرون للأفلام الكوميدية باعتبارها أعمالًا أقل أهمية من الأفلام الدرامية، وهذا الفكر ليس وليد اليوم أو الأمس بل هو عميق وله جذور أصيلة منذ بداية الفن، ويمكن ملاحظة هذا العمق في اعتبار المسرحية الكوميدية في بلاد الإغريق بالملهاة، واعتبارها أقل أنواع الأعمال الفنية.

لكن هذه النظرة القديمة ليست دقيقة بشكل كبير، فقد تطورت أساليب الكوميديا عبر السنوات لتصبح متنوعة وراقية بشكل أكبر من ذلك الوقت، بل يري البعض أنه يوجد العديد من الأعمال الكوميدية التي تناولت قضايا هامة بشكل أعمق وأكثر إثارة لإعجاب المشاهد من الأنواع الفنية الأخرى.

ويوجد مثال غاية في الأهمية في وطننا العربي وهو فيلم أرض النفاق من بطولة الكوميديان العظيم فؤاد المهندس، والمبني على الرواية العميقة التي حملت نفس الاسم للأديب المصري يوسف السباعي، وفي الغرب يوجد أمثلة كثيرة مثل فيلم The Truman Show للفنان العظيم جيم كيري، وغيرها الكثير.

وهذا يجعلنا نطرح سؤال غاية في الأهمية وهو لماذا لا توجد جائزة كبرى خاصة بالأفلام الكوميدية ضمن جوائز أكاديمية فنون وعلوم الصورة «الأوسكار» أو غيرها من المؤسسات الفنية والثقافية، خاصة بعد تقدم الكوميديا واشتمالها على أنواع أخرى قريبة منها وهي السخرية والعبث والتهكم وغيرها من المعاني العصرية التي يمارسها كل إنسان في حياته اليومية.

ولهذا نجد في هذا العصر مطالبات كبيرة من بعض النقاد والفنانين بضرورة تقديم جائزة للأفلام الكوميدية والقائمين عليها باعتبارها نوعًا فنيًا أصيلًا، ولتقضي بقية المؤسسات بجائزة «جولدن جلوب» العالمية التي تخصص فرعًا من فروعها لأحسن ممثل وممثلة عن دوره في فيلم كوميدي أو موسيقي.

وهذا الفرع من الجائزة قد سمح للكثير من الفنانين الكوميديين أو الاستعراضيين في نيل التقدير الذي يستحقونه، مثل النجم «جيم كيري» الذي لم يحصد ولا جائزة أوسكار، لكنه نال جائزتي «جولدن جلوب» وغيره الكثير من النجوم الذين أنصفتهم الجائزة.

ويُعتبر فيلم Knives Out القادم هذا العام واحدًا من تلك الأفلام الكوميدية الجميلة التي ننصح الجمهور بمشاهدتها، خاصة وأنه حصل على واحد من التصنيفات العائلية الذي يسمح لكافة الأعمار السنية بمشاهدته، ومع وجود هذه النخبة من النجوم فمن التوقع جدًا أن ينال الفيلم إعجاب جميع مشاهديه.

 

أراجيك فن في

07.12.2019

 
 
 
 
 

محاط بممثلين مساعدين من العيار الثقيل

إيدي ميرفي يتألق ويعيد إحياء «بلاكسبلويتيشن» في «اسمي دولمايت»

المصدر: عرض: عبدالله القمزي

فيلم Dolemite Is My Name (اسمي دولمايت) ليس مجرد سيرة ذاتية عن الممثل والموسيقي والكوميدي، رودي راي مور، بل هو عشق النجم الأميركي الأسود، إيدي ميرفي، لإحدى أكثر الشخصيات جرأة في حقبة السبعينات، وتحديداً خلال حركة Blaxploitation التي ظهرت وبرزت في ذلك العقد.

هذه الحركة ظهرت لتعديل الصورة النمطية للأميركيين السود الذين كانوا إما مهمشين أو ضحايا أو أشراراً. فوضعتهم الحركة أبطالاً لقصصهم، وجعلت الرجل الأبيض الشرير في بعض أفلامها. كانت في البداية موجهة للسود، وعندما لاحظت هوليوود حجم الإقبال عليها توسّعت في إنتاجها. لطالما رغب ميرفي في أداء شخصية مور، لكنه واجه صعوبات في التمويل، ولم يكن هناك اهتمام كافٍ من استوديوهات هوليوود، خصوصاً عندما أفلت نجومية ميرفي بداية سنوات الألفية، ولم يعد عامل جذب لشباك التذاكر الأميركي.

ثم تغيّر مجرى التاريخ بدخول «نتفليكس» على خط صناعة الترفيه، وأبدى عملاق التقنية رغبة واهتماماً بالتعاون مع النجم الآفل، لصنع فيلم من أفكاره دون أي تدخل، «نتفليكس» تمول، وميرفي يصنع الفيلم، ويعرض حصرياً على منصتها.

ظروف غريبة

تمكّن المخرج، كريغ بروّر، من خلال نص كتبه سكوت أليكساندر ولاري كراسوزكي (كتبا «إيد وود» 1994 و«الشعب ضد لاري فلنت» 1996) بعد عملية بحث شاملة عميقة للشخصية من صنع فيلم يعيد لوس أنجلوس إلى أجواء السبعينات، ويسلط الضوء على أحداث وظروف غريبة وقعت خلف كواليس فيلم دولمايت عام 1975. بالنسبة لميرفي، فإن تقمص شخصية مور بمثابة العودة إلى جذوره. ركز ميرفي في العقدين الماضيين على الأفلام الموجهة للعائلات. الآن، وباقترابه من سن 60، يبدو أن ميرفي يميل تجاه أفلام الكبار، وهذا الفيلم يعطيه الفرصة المثالية لتحقيق شخصيات تجمع بين الجرأة والبذاءة، تقمصها في بداياته بشكل روتيني.

عشاق موجة أفلام «بلاكسبلوتيشن» هم فقط من يتذكرون مور الذي صنع ستة أفلام بين 1975 و1982، قبل اختفائه وظهوره مجدداً في التسعينات حتى وفاته عام 2008.

نوعيات الكوميديا

يحكي «اسمي دولمايت» قصة إعادة مور ابتكار نفسه ليكون دولمايت، وبعد مجموعة ألبومات كوميدية ناجحة، تمكن من تمويل فيلمه الذي أصبح كلاسيكياً، بعد أن التفّت حوله نوعية معينة من الجمهور. الكوميديا غير موضوعية، هذا متفق عليه، هناك من سيحب مونتي بايثون، وهناك من سيجده سخيفاً، خصوصاً من لا يفهم الكوميديا البريطانية. الأمر نفسه ينطبق على مور. يعكس الفيلم بلا تحفظ ردود أفعال ناس من عرقيات وطبقات وأجناس مختلفة تجاه نوعيات الكوميديا.

مثلاً، في مشهد نرى مور وأصدقاءه ذاهبين إلى السينما لمشاهدة فيلم «الصفحة الأولى» لبيلي وايلدر عام 1974، من بطولة وولتر ماثاو وجاك ليمون، نراهم جالسين في الصالة بوجوه متحجرة، بينما الجمهور من حولهم، معظمه من البيض، يضحك على الكوميديا، فيقولون: «هذا الفيلم ليس مضحكاً، ولا يحوي مشاهد كونغ فو مبتذلة من التي يريد الناس مثلنا مشاهدتها».

رغم أن كوميديا الفيلم الذي يشاهدونه لا تصل إلى مستوى منطقهم، إلا أنهم يخرجون من الصالة بدرس مهم وهو قوة السينما كوسيط للوصول إلى جماهيرهم. يعني لو تأملنا قليلاً سنجد أن الراحل وايلدر - وهو صانع أفلام أسطوري نمساوي/‏ أميركي من حقبة هوليوود الذهبية - ألهم فيلم دولمايت! السؤال: كيف سيشعر وايلدر لو علم هذه الحقيقة؟

الفيلم ليس كوميدياً بالنسبة للجماهير خارج دائرة عشاق مور، لكنه ترفيهي إلى حد كبير، وبالإمكان مشاهدته كفيلم سيرة ذاتية أو دراسة سلوك شخصية. يحوي الفيلم مشاهد صنع مور لفيلم دولمايت، وهي شبيهه جداً بمشاهد جيمس فرانكو في فيلم «الفنان الكارثة»، عندما تقمص شخصية تومي ويسو صاحب فيلم «الغرفة». «دولمايت» و«الغرفة» يتشاركان في كونهما رديئين جداً، وبسبب ذلك أقبلت عليهما الجماهير لتضحك، وبالتالي أصبحا كلاسيكيين، وهذه إحدى غرائب السينما، تجد فيلماً تحفة كلاسيكياً، وتجد رديئاً يتحول إلى كلاسيكي بسبب رداءته الشديدة. إقبال الجماهير هو العامل الحاسم. الفرق شاسع بين مور وويسو، الأول ذكي ويعرف أنه يصنع رداءة مضحكة مربحة بسبب إقبال الجماهير، الثاني منذ أن صنع «الغرفة» في 2003 وإلى اليوم، يعتقد أنه عبقري سينما. يعتبر مور نفسه مجرد رجل استعراضات يتمتع بشعبية بسبب شخصيته أكثر من أفلامه، أما ويسو فيعيش في فقاعته الخاصة.

كما شاهدنا في «الفنان الكارثة»، فإن مشاهد صنع «دولمايت» قد تكون هي الأكثر إضحاكاً. نرى مشاهد حقيقية من دولمايت وجزئه الثاني «الإعصار الإنساني»، تعرض في نهاية الفيلم.

أدوار

أحاط ميرفي نفسه بطاقم ممثلين مساعدين من العيار الثقيل، كيغان مايكل كي (ظهر في الفنان الكارثة) في دور كاتب السيناريو الساذج، الذي يظن أنه يكتب دراما قوية عن مشكلات اجتماعية.

كودي سميت مكفي الذي كان في دور نايت كرولر في أفلام «إكس من»، يؤدي دور طالب سينما في جامعة كاليفورنيا عُين مصوراً للفيلم. ويزلي سنايبس رائع في دور دي أورفيل مارتن، بطل مشارك ومخرج الفيلم. كريس روك وسنوب دوغ - وهذا الأخير كان فاعلاً في إعادة تقديم مور إلى الجماهير في التسعينات - يتمتعان بمشاهد قصيرة، لكن كبيرة من ناحية التأثير والفعالية.

هذا الفيلم للكبار فقط و ليس عائلياً، هذا ليس ميرفي الذي سمعنا صوته في «شريك» وليس البروفيسور المجنون أو دكتور دوليتل. هذا ميرفي الذي عرفناه في ثلاثية شرطي بيفيرلي هيلز 1984- 1994، أو في Trading Places، ميرفي الذي أمتعنا ضحكاً حتى وإن كان بذيئا إلى حد ما.

لمشاهدة الموضوع بشكل كامل، يرجى الضغط على هذا الرابط.

قليل من النوستالجيا

إذا كنت من محبي «دولمايت» أو حركة «بلاكسبلوتيشن» إجمالاً، فهذه فرصة لقليل من النوستالجيا. إذا لم تكن كذلك فهي فرصة جيدة لتفحص صنفاً سينمائياً منقرضاً من حقبة ماضية. كان مور شخصية طموحة جداً إلى درجة ضاقت عليه أحلامه، وهكذا تماماً تقمصه ميرفي بأداء قوي لشخصية تستحق أن تسرد سيرتها في فيلم.

كريس روك وسنوب دوغ يطلان بمشاهد قصيرة، لكنها كبيرة بالتأثير.

 

الإمارات اليوم في

08.12.2019

 
 
 
 
 

"ووتش من": العالم في مواجهة الرجل الأبيض

عمّار فراس

ما زلنا نترقب الحلقات الأخيرة من سلسلة "ووتش من" Watchmen التي تبثها شبكة HBO. المسلسل يمكن اعتباره بداية لسلسلة قد تنال شهرة تشابه شهرة لعبة العروش بذات الشبكة، خصوصاً أن "ووتش من" تمتلك تاريخاً هاماً في عالم الكوميك بوصفها واحدة من العلامات الفارقة، إذ يقال عن مؤلفها آلان مور، صاحب "عصبة الرجال المميزين" و"في فور فانديتا" أنه "كتب رواية صادف أنها تحوي رسوماً"، وذلك بسبب إتقان بنائها والمفاهيم الجديدة التي قدمتها إلى عوالم الأبطال الخارقين. 

كتب مور "ووتش من" بين عامي 1986 و1987، لصالح دي سي كوميكس، في محاولة لتقديم صورة جديدة من الأبطال الخارقين، الذين نراهم في السلسلة بوصفهم أناساً عاديين قرروا وضع أقنعة في الأربعينيات والخمسينيات، لتقاتل الفساد المستشريّ في البلاد التي تلتهمها حرب فيتنام، التي أنهاها دكتور مانهاتن، المهندس الذي تعرض لحادث طبي حوّله لما يشبه الإله الأزرق. ظهر عام 2009 الفيلم المقتبس من السلسلة من إخراج زاك سنايدر الذي تشبث بحرفية الكوميك إلى حد أن اللقطات في الفيلم تتطابق مع الكتاب المصور. وهذا العام مع ظهور المسلسل الذي تدور أحداثه عام 2019 ندخل في عوالم جديدة، فيتنام فيها ولاية أميركيّة، والشرطة ترتدي الأقنعة، ودكتور منهاتن معتزل في المريخ.

قبل الخوض في المسلسل، لا بد من الإشارة إلى أهمية "ووتش من" عند صدروه، إذ يعتبره البعض رائعة مور التي غيرت شكل الكتب المصورة وطبيعة تكوين الحكايات فيها ومدى تعقيدها، بل وصلت أهميتها إلى تغيير أسلوب قراءة الكوميك، فمانهاتن مثلاً يرى الزمن بوصفه دائرياً يحدث كله في ذات الوقت، وهذا ما نراه في الكوميك عبر أسلوب ترتيب الصور وظهور مانهاتن فيها.

كما أن الكوميك يحوي ملاحق متخيّلة من أعمال أخرى، كقصاصات الجرائد، والتقارير الطبيّة وغيرها. تدور أحداث المسلسل الذي بثت منه إلى الآن سبع حلقات، بعد أحداث الفيلم والكوميك، فالشرطة يرتدون أقنعة، أمام "الأعداء" الذي يمكن وصفهم ببساطة بأنهم "المتعصبون البيض" الذين كانوا البداية ضمن تنظيم الـKKK (كو كلوكس كلان) وارتكبوا مجزرة في بدايات القرن العشرين، ثم تحولوا إلى منظمة سريّة اسمها السايكلوبس تريد السيطرة على العقول ونشر أعمال الشغب لاستهداف السود. الأهم، أن د.مانهاتن ليس موجوداً، بصورة أدق لا نعلم حقيقة إن كان على المريخ.

لن نخوض في أحداث المسلسل أو شرح رموزه الغنية والتاريخ البديل الذي يقدمه، لكن سنركز على قراءة الوضع السياسي الراهن عبره، خصوصاً أنه يستهدف التفوق الأبيض، بل يمكن القول إن رسالة المسلسل تُختزل بأنه يجب قتل كل البيض العنصريين، لأن خراب العالم ناتج عنهم، هم يحيكون مؤامرات لتدمير العالم حرفياً وتقليب الناس بعضها على بعض باستخدام تكنولوجيا التحكم بالدماغ، والاختبارات العلميّة لخلق بطل خارق يقارع مانهاتن.

يحيلنا المسلسل أيضاً إلى "القناع"، وأساليب استخدامه والخوف الذي تعيشه الشرطة، ما أدى إلى تقنعهم جميعاً حرصاً على حيوات عائلاتهم. لكن ما تجب الإشارة إليه أن المسلسل لا يتعاطف مع الشرطة، بل يقدم تخيلاً مختلفاً لطبيعة القوى السياسية التي تحكم سلوكهم، إذ تحول أفرادها إلى الهدف الأول لـ"البيض"، مع ذلك هم مقيدون من القيادات التي تتحكم بهم والتي تسلل "البيض" إليها، فالتاريخ البديل الذي يقدمه المسلسل تظهر فيه الشرطة كجهاز يتحرك أحياناً خارج القانون، مع ذلك لا يمتلك أفراده حق حمل السلاح طوال الوقت، وبالكاد يضمنون حياتهم. هذه العلاقة مع القناع ولون البشر تظهر في مفهوم البطل الخارق، فـ"العدالة المقنّعة"، أول من حارب لأجل الحق، كان شرطياً أسود، وتعرّض لعنف عنصريّ، إثر ذلك قرر وضع القناع، لكنه لوّن مكان عينيه بالأبيض، فالعالم ليس مستعداً لبطل خارق أسود حينها، وهذا ما يحيلنا إلى سياسات الآن، وأشكال كتابة التاريخ التي تختفي فيها الأقليات لينال المجد "البيض" أو أصحاب السلطة الذين تتضح حكاياتهم في المسلسل عبر الأفلام والإعلانات التي تظهر في عوالمه.

لم ينته الموسم الأول من المسلسل بعد، لكنه يعد بانعطافات في الحبكة تشابه تلك التي نراها في الفيلم والكوميك، خصوصاً أن المسلسل يمتلك أساطيره وحكاياته الخاصة التي تقدم صورة مبالغاً بها عما يشهده العالم الآن، من ناحية أشكال الاستعمار الحديث، والعلاقة مع الفضاء الخارجي، والتجارب العلميّة وأساليب البروباغندا والجماعات الإرهابيّة. الأهم، أن مور يرفض أن تكون له أي علاقة بأي منتج مقتبس عن الكوميك، كالفيلم الذي لا نرى اسمه فيه، وإلى جانب المسلسل والمنتجات الأخرى المرتبطة بالكوميك الذي أنجزه وحوله إلى واحد من أشهر كتاب القصص المصورة، وربما يأتي هذا لأنه لا يمتلك حقوق العمل بالتالي لا ينال ريعاً ماديّاً منه.

 

####

 

أبرز المرشحين لجوائز "غولدن غلوب" 2020

لوس أنجليس ــ العربي الجديد

أعلن كل من تيم ألين وداكوتا فاننغ وسوزان كيليتشي واتسون وآخرون عن ترشيحاتهم لجائزة "غولدن غلوب" 2020. وسوف تمنح جوائز النسخة 77 على الهواء عبر شبكة NBC، في 5 يناير/كانون الثاني.

ويتسابق على جائز أفضل فيلم درامي كل من 1917 وThe Irishman وJoker وMarriage Story وThe Two Popes. 

وفي فئة أفضل فيلم موسيقي/كوميدي ترشح Dolemite Is My Name وJojo Rabbit وKnives Out وOnce Upon a Time in Hollywood وRocketman. 

وترشح لجائزة أفضل فيلم بلغة أجنبية كل من "الوداع" و"البؤساء" و"ألم ومجد" و"دخيل" و"صورة سيدة على النار". 

ومن المتوقع أن تكون جائزة أفضل أداء من قبل ممثل في مسلسل محدود أو فيلم تلفزيوني من نصيب راسل كرو أو جاريد هاريس أو سام روكويل أو كريستوفر أبوت أو ساشا بارون كوهين من الرجال، ومن نصيب جوي كينغ أو كاتلين ديفر أو هيلين ميرين أو ميشيل ويليامز أو ميريت ويفر من النساء. 

وقد تكون جائزة أفضل مسلسل تلفزيوني محدود/فيلم تلفزيوني من نصيب Catch 22 أو Chernobyl أو Fosse/Verdon أو The Loudest Voice أو Unbelievable. 

هذا وترشح إلى جائزة أفضل أداء في دور داعم في مسلسل أو مسلسل محدود أو فيلم تلفزيوني، كل من آلان آركين وكيران كولكين وتوبياس مينزيس وستيلان سكارسغارد وهنري وينكلر. 

بينما ترشح إلى فئة أفضل مسلسل تلفزيوني، موسيقي أو كوميدي، كل من Barry وFleabag وThe Kominsky Method وThe Marvelous Mrs. Maisel وThe Politician. 

وخلال الحفل، سوف يُعرف إن كانت جائزة أفضل ممثل في مسلسل تلفزيوني، موسيقي أو كوميدي، من نصيب مايكل دوغلاس، بيل هادر، أو بن بلات، أو بول رود، أم رامي يوسف من الرجال، ومن النساء إن كانت من نصيب كريستينا آبلجيت، أو راشيل بروسهان، أو كيرستن دونست، أو ناتاشا ليون، أم فيبي والر.

وفي فئة أفضل أداء لممثل في مسلسل تلفزيوني درامي، تم ترشيح أسماء براين كوكس، وكيت هارينغتون، وتوبياس مينزيس، وبيلي بورتر، ورامي مالك بين الرجال. وبين النساء تم ترشيح جنيفر أنيستون، وأوليفيا كولمان، وجودي كومر، ونيكول كيدمان، وريز ويذرسبون.

ويتسابق كل من توم هانكس، وأنتوني هوبكنز، وآل باتشينو، وجو بيسكي، وبراد بيت، على أفضل أداء ممثل في دور داعم في فيلم. 

بينما يتسابق دانيال كريغ، وليوناردو دي كابريو، وتارون إغيرتون، ورومان غريفين ديفيس، وجوجو رابيت، وإدي ميرفي على أفضل أداء ممثل في فيلم سينمائي، موسيقي أو كوميدي.

 

العربي الجديد اللندنية في

09.12.2019

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004