كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

الجوكر.. عندما تتعاطف مع المجرم

عبد الكريم واكريم

جوائز الأكاديمية الأمريكية للفيلم

الدورة الثانية والتسعون

   
 
 
 
 
 
 

خرجتُ من فيلم "جوكر" بعد أن شاهدته في القاعة الكبرى لسينماتيك طنجة (سينما الريف) وأنا في حالة غريبة قليلا ما يُدخلني فيها فيلم، تلك الحالة التي لم تحصل لي منذ مدة طويلة، وظللت غير راغب أو على الأصح غير قادر على الكتابة عنه ولا قراءة أي شيء حوله منذ انهمار الكم الهائل من "المقالات" من طرف نقاد مكرسين وآخرين هواة وسينفيلييين ومدونيين فيسبوكيين. شعرت ساعتها بنوع من العجز عن الكتابة لم يعد يعتريني منذ مدة طويلة كوني أصبحت أظن نفسي ناقدا محترفا يمكن له أن يكتب متى أراد ذلك ولم يعد خاضعا للأهواء التي تعتريه وأصبح متمكنا ومتحكما في توقيت الكتابة لديه وساعتها.

خرجتُ من فيلم "جوكر" بعد أن شاهدته في القاعة الكبرى لسينماتيك طنجة (سينما الريف) وأنا في حالة غريبة قليلا ما يُدخلني فيها فيلم، تلك الحالة التي لم تحصل لي منذ مدة طويلة، وظللت غير راغب أو على الأصح غير قادر على الكتابة عنه ولا قراءة أي شيء حوله منذ انهمار الكم الهائل من "المقالات" من طرف نقاد مكرسين وآخرين هواة وسينفيلييين ومدونيين فيسبوكيين. شعرت ساعتها بنوع من العجز عن الكتابة لم يعد يعتريني منذ مدة طويلة كوني أصبحت أظن نفسي ناقدا محترفا يمكن له أن يكتب متى أراد ذلك ولم يعد خاضعا للأهواء التي تعتريه وأصبح متمكنا ومتحكما في توقيت الكتابة لديه وساعتها.

لكن وبعد مرور أربعة أيام على مشاهدتي للفيلم وقد استطعت أن أخلق مسافة بيني وبينه ها أنذا أخط هاته الملاحظات والانطباعات عنه وحوله.

"جوكر" فيلم من بين تلك الأفلام التي كُتبت بشكل جيد وهو فيلم شخصية وقد استطاع واكين فونيكس أن يحمل الفيلم على أكتافه بشكل لا يُتصور، إذ لايمكن لنا أن نتخيل ونحن نشاهد الفيلم ممثلا آخر في مكانه وبنفس قدرته على تقمص هذه الشخصية المهزومة والذي يلعب بها القدر ألعوبته القذرة.

"جوكر" ليس قاتلا بالفطرة بل إنَّ كل الظروف القاسية المحيطة به تكاتفت لتجعله كذلك، وهو لايخطط لجرائمه أبدا بل يجد نفسه مضطرا ليرتكبها.

منذ البدء تتالى الضربات القاسية عليه هو البريء الذي لانملك إلا أن نتعاطف معه، بل ومع مرور لحظات الفيلم نجد تبريرات للبشاعات التي يرتكبها، وهنا منبع الحالة الغير مرتاحة التي يتعمد المخرج أن يضعنا فيها كمشاهدين، إذ ونحن نتعاطف مع الجوكر نعلم في نفس الوقت أن مايفعله ليس أمرا سليما ولا مبررا، وهكذا وكلما اقتربت نهاية الفيلم وازدادت حالته تأزما ازداد إحساس التأزم لدينا أيضا كمشاهدين وكأننا نشاركه بتعاطفنا جرائمه.

"جوكر " شخصية دوفستوفسكية بامتياز، إذ تحمل خصوصيات شخوص الروائي الكبير ولها قرابة دم معها، فيه شيء من بطل "الجريمة والعقاب" راسكولنيكوف، وفيه أيضا من الشخصية الرئيسية لرواية "القبو" لنفس الروائي الكبير، وكثيرا من تلك الروايات التي تجعلنا نتعاطف مع شخوصها ونبرر مايفعلونه ويرتكبونه رغم أننا نعلم علم اليقين أن ذلك ليس أخلاقيا بالمرة وأنها شخوص مريضة ومهزوز نفسيا.

يلعب معنا المخرج تود فيليبس والسيناريست سكوت سيلفر بشكل جيد إذ يخفيان أشياء تتعلق بهلوسات الجوكر وتخيلاته واستيهاماته ليخرجاها كما يُخرج الساحر ألعابه من قبعته السحرية في الوقت والزمن الذي لاننتظر كمشاهدين، ليُربكانا ويُزعزعا قناعاتنا ويكسرا انتظاراتنا ويُردياها هباء في كثير من لحظات الفيلم، وهذا يقع أكثر من مرة بداية من قصة الحب الرومانسية البريئة التي تنطلق بعد أول عملية قتل نشاهدها كاملة يقوم بها الجوكر، لنعلم بعد ذلك أننا سرنا وراء سراب وأن قصة الحب مجرد وهم في ذهنه المريض وأن المرأة جارة عادية ستكون من بين ضحاياه بدورها بعد ذلك.

لكن ذكاء الكتابة والإخراج نأيا بِنا عن مشاهدة هذه الجريمة التي قد تجعل تعاطفنا معه يَقِلُّ أو ينتفي نهائيا، عكس الجرائم الأخرى التي شاهدناها والتي كانت "مبررة" وصورها لنا المخرج وكأنها دفاع عن النفس أو انتقام لكرامة مجروحة ونَفس جريحة مُهانة. وقد كانت الطريقة والأسلوب الذي جعلنا به المخرج نعرف أن كل ماشهدناه قبلا بخصوص العلاقة العاطفية للجوكر مع المرأة الشابة كان وهما وخيالا جد ذكية، وقد تمُر مرور الكرام لمن لم يكن جِدَّ مركز فيما يقع على الشاشة، وهنا يمكن لنا تذكر أفلام مثل الحاسة السادسة على سبيل المثال لكن بشكل جد سريع.

وفي نفس سياق اللعب الإخراجي الذكي والكتابة المطرزة بعناية، يجعلنا المخرج نتوهَّم مع اقتراب الفيلم إلى نهايته أن الجوكر يتهيأ للانتحار مباشرة على الملإ في البرنامج التلفزيوني للمنشط الكوميدي الشهير (يلعب دوره روبيرت دينيرو بشكل جد مقنع) ، لكن كل هذا ينقلب رأسا على عقب ليرتكب الجوكر واحدة من بين "أهم" جرائمه التي ستكرسه "بطلا شعبيا" سلبيا وتُلهب حماس محبيه ومريديه لِيُشعلوا على إثر ذلك مدينة "غوتام" لهيبا ويدخلوها في فوضى عارمة وعنف لايُبقي ولايذر، وقد صور المخرج كل هذا كثورة على نظام رأسمالي بشع لايمكن لِاستغلاله وظلمه سوى أن يُنتج مثل هذه الشخوص الغير سوية ويكون السبب في اندلاع ثورات وهبات لمقهورين مُهانين ومُهمشين. وهنا يكمن البعد الآخر للفيلم كونه فيلما سياسيا بامتياز، لكن دون خطب ولا شعارات زاعقة، هو فقط فيلم يُنذر بالكارثة ويتنبأ بها ويحذر منها بشكل فني غير مباشر ولا فج، إن ظلت الأوضاع على ماهي عليه.

يبقى الجدير ذكره أن شخصية المهمة والمؤثر جدا في أحداث الفيلم وفي تطور شخصية "جوكر" هي أمه التي سيقلب اكتشافه لكذبها المرضي كل كيانه وسيدفعه للمرور للسرعة القصوى في هذيانه وجنونه وجرائمه إلى درجة أن يقتلها هي أيضا في لحظة عتاب هذياني وهي مُسجاة على سرير المستشفى.

يمكننا الجزم أن المخرج قد نزل بمدينة "غوتام" الخارجة من الرسوم الكارتونيةB.D  إلى مدينة واقعية تشبه نيويورك أو هي نيويورك ذاتها، وبـ"الجوكر" من شخصية كرتونية شريرة إلى إنسان من لحم ودم اضطرته الظروف السيئة والمُهينة لكرامة الإنسان كي يرتكب أفعالا لايقبلها المجتمع ويعتبرها شرا وخروجا على الأخلاق المتعارف عليها. وفي نفس الوقت تم الحفاظ على ذلك الزمن المبهم بحيث لايمكن لنا أن نُحدد زمن الأحداث ولا توقيتها بالضبط ليصلح الفيلم لكل زمان ومكان، وليظل فيلما سيعيش لسنوات طوال.

 

موقع "أويما 20" المصرية في

13.11.2019

 
 
 
 
 

7 أفلام عربية تحلم بـ«الأوسكار» 2020

السعودية تنافس بعمل هيفاء المنصور... و4 دول تقدم التجارب الأولى لمخرجيها

القاهرة: انتصار دردير

لطالما ظل حلم الفوز بجائزة «الأوسكار» في فئة أفضل فيلم أجنبي حلماً يداعب مخرجي السينما العربية التي لم تحظَ بذلك رغم مشاركاتها المتعددة ووصول بعضها إلى مستويات متقدمة من المنافسة مثل فيلم «ذيب» الأردني في نسخة المهرجان لعام 2016، و«كفر ناحوم» اللبناني في 2019.

وتعود المخرجة السعودية هيفاء المنصور، للمشاركة في سباق «الأوسكار»، بعد خمسة أعوام من مشاركتها بفيلم «وجدة» عام 2014، لكن الأمر هذه المرة مختلف تماماً في أجواء تشهد عودة السينما إلى السعودية بعد غياب بفيلم «المرشحة المثالية» الذي تم تصويره في الرياض، وحظي بدعم «المجلس السعودي للأفلام»، الذي تم إطلاقه في مارس (آذار) 2018، بهدف دعم الإنتاج السينمائي بالسعودية، وكانت لجنة جوائز «الأوسكار» التي تضم مجموعة مستقلة من صانعي الأفلام، ويترأسها المخرج عبد الله أليف، قد اختارته لتمثيل السعودية في سباق «الأوسكار» لعام 2020.

ويروي الفيلم قصة طبيبة شابة تسعى لتحقيق ذاتها، وتقرر الترشح للانتخابات وسط ظروف غير مواتية لكن إصرارها يتغلب على مخاوفها من ردود أفعال المجتمع، وقد كتبت المنصور السيناريو مع براد فيمان، ولعبت بطولته ميلا الزهراني، وشارك الفيلم بمهرجان «فينيسيا السينمائي الماضي» وقوبل بحفاوة كبيرة.

- «إن شئت كما في السماء»

هل يكون حظ السينما الفلسطينية أفضل هذه المرة مع فيلم المخرج الكبير إيليا سليمان «إن شئت كما في السماء» الذي تم اختياره للمنافسة على جائزة أفضل فيلم عالمي؟ هذا الفيلم الذي حصل على «جائزة النقاد بمهرجان كان» هذا العام، كما حصل على تنويه خاص من لجنة التحكيم والذي يمثل عودة لإيليا بعد غياب عشر سنوات منذ أخرج فيلمه «الزمن الباقي» عام 2009. ويصور فيلم «إن شئت كما في السماء» حياة إيليا سليمان بعد خروجه من فلسطين، ورحلته للبحث عن وطن جديد، إنه يتساءل من خلال فيلمه عما يكون المكان الذي يمكن أن يسميه وطناً، وخلال رحلته يكتشف أن فلسطين تظل داخله، لتحرك دوافعه وأفكاره.

وكان فيلم سليمان «يد إلهية» عام 2003، قد شهد أول مشاركة لفلسطين في «الأوسكار»، وتوالت بعدها المشاركات وسجلت السينما الفلسطينية حضوراً كبيراً بفيلم «الجنة الآن» للمخرج هاني أبو أسعد الذي وصل إلى القائمة القصيرة في تصفيات «الأوسكار» عام 2005.

- الأفلام الأولى

تشارك كل من مصر، والمغرب، والجزائر، بأفلام تعد تجارب أولى لمخرجيها، من مصر يأتي فيلم «ورد مسموم» للمخرج أحمد فوزي صالح الذي تدور أحداثه داخل منطقة دبغ الجلود بحي مصر القديمة من خلال عائلة مكونة من ابن وابنة وأمهما، وتعولهما الابنة عاملة النظافة، فيما يسعى شقيقها العامل بدبغ الجلود للهجرة العشوائية هرباً من الحياة الشاقة، وتسعى شقيقته لثنيه عن السفر بكل الطرق. وهو مأخوذ عن رواية «ورود سامة» للمؤلف أحمد زغلول الشيطي، ويشارك في بطولته محمود حميدة، وكوكي، وإبراهيم النجاري.

وتشهد منافسات «الأوسكار» هذا العام انضمام 12 سينمائياً عربياً جديداً للجنة تحكيمها من بينهم الفنانة يسرا، والمخرج عمرو سلامة، والمنتج محمد حفظي، رئيس مهرجان القاهرة السينمائي، والمخرجة اليمنية خديجة سلامي، والمخرجة التونسية رجاء عماري.

وتقدمت المغرب بفيلم «آدم» للمخرجة مريم توزاني في أول أفلامها الروائية الطويلة، الذي عُرض بقسم «نظرة ما» بمهرجان «كان» السينمائي، كما فاز بجوائز من مهرجاني «الجونة»، و«قرطاج».

تدور أحداث الفيلم من خلال امرأتين تواجهان صعوبات اجتماعية واقتصادية، حيث تهرب الأولى من قريتها بعد أن حملت طفلاً تنكّر له أبوه، فتغادر قريتها، وتقرع باب امرأة تعيش برفقة ابنتها بعد وفاة زوجها وتقوم بصنع الحلوى وبيعها من خلال نافذة بيتها، تقرّب المحنة بين المرأتين بشكل مثير. الفيلم بطولة لبنى آزبال، ونسرين الراضي، وعزيز خطاب.

- «بابيشا» الجزائري

وتقدمت الجزائر بفيلم «بابيشا»، وهي كلمة تعني الفتاة الجميلة المدللة، ويعد أول الأفلام الروائية الطويلة للمخرجة منية مندور، ويتعرض الفيلم لفترة «العشرية السوداء» التي عاشتها الجزائر تحت مواجهات مسلحة بين المتطرفين والجيش، في تسعينات القرن الماضي من خلال «نجمة»، الطالبة الجامعية ذات الـ18 عاماً التي تصمم الفساتين للنساء وتقيم عرضاً للأزياء داخل الحي الجامعي الذي تقيم فيه مما يعرّضها لأزمات عديدة في مواجهة المتطرفين الذين يقتلون شقيقتها الصحافية، لكن «نجمة» تصر على المقاومة.

ويستعيد الفيلم تلك الفترة المظلمة في تاريخ الجزائر وكيف لعبت النساء دوراً في التصدي لها جنباً إلى جنب مع الرجال. الفيلم إنتاج جزائري - فرنسي - بلجيكي مشترك، وتقوم ببطولته لينا خضري، وشيرين بوتلة، وأميرة هيلدا داودا، وكان قد عرض للمرة الأولى ضمن قسم «نظرة ما» بمهرجان «كان» خلال دورته الـ72. ومخرجة الفيلم مونية مندور، كانت قد عاشت تجربة مماثلة.

- لبنان

تمكنت السينما اللبنانية من إحراز نجاحات بـ«الأوسكار» العام الماضي، بوصول فيلم «كفر ناحوم» للمخرجة والممثلة نادين لبكي، إلى القائمة القصيرة للمنافسة ضمن أفضل خمسة أفلام طويلة، وهذا يُحسب لها، وهذا العام رشح لبنان فيلم «1982» للمخرج وليد مؤنس، في أول أفلامه الطويلة، وكان قد وصل فيلمه القصير «الجفت، والواوي، والذئب والصبي» إلى قائمة ترشيحات جوائز الأكاديمية الـ89 لـ«الأوسكار».

ويستعيد المخرج من خلال فيلمه «1982» يوم 28 يونيو (حزيران)، الذي قامت فيه إسرائيل بغزو لبنان. وتدور أحداثه داخل مدرسة تداهمها أخبار الغزو من خلال المذياع، وتتوالى وقائع الاجتياح الإسرائيلي بينما تتواصل الدراسة من خلال المعلمة، نادين لبكي، التي تُكنّ حباً لزميلها رودريج سليمان، والذي تتعارض آراؤه السياسية مع شقيقها الذي ينضم للميليشيات المسلحة في لبنان، في الوقت ذاته يشعر الصبي «وسام» بحالة حب تجاه زميلته «جوانا» ويصبح كل همه أن يفصح لها عن مشاعره.

- «ولدي» التونسي

«ولدي» هو الفيلم الذي اختارته لجنة تحت إشراف المركز الوطني للسينما والصورة، برئاسة المخرج نور الدين الخماري، حيث حظي بأغلبية الأصوات ليمثل السينما التونسية في مسابقة «الأوسكار» خلال نسخته الـ92. الفيلم من إخراج محمد بن عطية، وبطولة محمد ظريف، ومنى الماجري، وزكريا بن عياد، ويتناول حياة شاب وحيد والديه يدعى «سامي» يستعد لامتحانات البكالوريا ويحظى برعاية أبويه، وفجأة يختفي الابن، ويبدأ الأب رحلة بحث مضنية عنه بين أقرانه ليكتشف سفره إلى سوريا للتطوع مع إحدى الجماعات «الجهادية»، فيسافر وراءه بحثاً عنه محاولاً إقناعه بالعودة. وقد حظي الفيلم بجائزة «أفضل ممثل» في «مهرجان الجونة السينمائي» لمحمد ظريف، كما حصل على جائزة «أفضل فيلم» بمهرجان «سينما البحر المتوسط» بجنوب فرنسا.

- «موصل 980»

وللمرة الأولى يشارك العراق بالفيلم الروائي القصير «موصل 980» للمخرج علي محمد سعيد، وقد عُرض الفيلم للمرة الأولى في دورة «مهرجان برلين» الـ69 ضمن مسابقة «أجيال».

ويتعرض الفيلم لمدينة الموصل التي اجتاحها تنظيم «داعش» عام 2014، حيث واجهت مئات النساء الإيزيديات الاغتصاب والعنف الجسدي على أيدي عناصر التنظيم الإرهابي، ويتناول قصة فتاة إيزيدية تحاول الهرب من مصيرها المحتوم لكنها لا تجد وسيلة للهرب سوى سيارة مفخخة. وقد تم تصوير الفيلم في مدينة الموصل بعد فترة وجيزة من تحريرها بواسطة الجيش العراقي، وأكد مخرجه علي محمد سعيد أن الفيلم يهدف لتشجيع المجتمع الدولي على مساعدة الإيزيديات اللاتي تعرضن للاغتصاب على أيدي تنظيم «داعش». الفيلم بطولة رحاب أحمد، ومهند حيال، وعلي يونس، ومصطفى السعدي.

ويؤكد الناقد السينمائي د. وليد سيف، أن «سمعة الفيلم المرشح أهم من مستوى الفيلم نفسه لأن بعض أعضاء (الأكاديمية الأميركية) لفنون وعلوم الصورة قد لا يشاهدون كل الأفلام ويعتمدون على سمعتها من خلال مدى مشاركتها في مهرجانات عالمية، وما نُشر عنها».

كما يشير سيف إلى ما قال إنها «طفرة سينمائية في كلٍّ من تونس والجزائر والمغرب، التي حققت وجوداً كبيراً بنوعية متميزة من الأفلام، وذلك في ظل منافسة دولية ضارية»، متوقعاً أنه «ربما يكون لفيلم المخرج الفلسطيني إيليا سليمان، فرصة الوصول للقائمة القصيرة التي تنافس على جائزة أفضل فيلم عالمي، لأنه مخرج متحقق على الساحة الدولية».

 

الشرق الأوسط في

15.11.2019

 
 
 
 
 

"الإيرلندي": أميركا سكورسيزي في خريف عمره

هوفيك حبشيان - المصدر: "النهار"

في قاعة "أوديتوريوم ليون" الضخمة التي تتسع لأكثر من ألفي متفرج، كان عرض "الإيرلندي" لمارتن سكورسيزي في إطار مهرجان لوميير السينمائي (١٢ - ٢٠ تشرين الأول). بعد أربع سنوات على تكريمه في المدينة التي شهدت بزوغ فجر السينماتوغراف على يد الأخوين لوميير وتقليده الجائزة التي تحمل اسمهما، عاد مخرج "سائق التاكسي" إلى ليون، مدفوعاً بإحساس الحبّ والاخلاص لمكان وناس وأصدقاء، فقدّم عمله المنتظر أمام جمهور متحمّس وشغوف بأفلامه. "١٨٠٠ بطاقة نفدت بثلاثين ثانية على الموقع الالكتروني"، كشف تييري فريمو، وهو يتحدّث عن العرض الاحتفالي الكبير، الذي كان الثالث في العالم بعد عرضي نيويورك ولندن.

حظي سكورسيزي باستقبال الأباطرة، تحت مطر من التصفيق. لكم أن تتخيلوا ألفي شخص، سينيفيليين من الأعمار كافة، لا يتوقفون عن التصفيق وقوفاً لواحد من أعظم الفنّانين الأحياء في العالم. ينبغي القول ان "الإيرلندي" واحد من أكثر الأفلام المنتظرة، وقد تابعنا مراحل تصويره في الإعلام منذ الاعلان عن رغبة سكورسيزي في أفلمة كتابَين لتشارلز براندت وضمّ ثلاثة من أبناء عشيرته (روبرت دنيرو، جو بيشي، هارفي كايتل) إلى المشروع، مع وافد جديد إلى عالمه هو آل باتشينو. كون الفيلم إنتاج “نتفليكس" وسيُبَث على منصّته بدءاً من ٢٧ الجاري، وأنه تالياً لن ينزل إلى الصالات التجارية سوى في عروض محدودة النطاق، كان الشعور بأننا من القلة المحظوظة التي تشهد على لحظة تاريخية نادرة سائداً في تلك الأمسية.

جميلة كانت الكلمة التي ألقاها المخرج برتران تافرنييه، رئيس معهد لوميير المنظّم للمهرجان، في حقّ سكورسيزي. قال انه عشق "الإيرلندي" وتذكّر ان مارتن كان يرسل إليه من أميركا كاسيتات "في أش أس" يوم كان مشغولاً بتأليف كتابه المرجعي "٥٠ عاماً من السينما الأميركية". أما سكوسيزي، فبدا متعباً من جولته الترويجية، مُقلاً كلاماً. لم يرشقنا كعادته بسطوره السريعة المتداخلة، ولكنه قال ما يريد قوله: "كلّ عمل سينمائي هو مغامرة. مع هذا الفيلم حاولنا دفش الحدود. عندما أنجزُ فيلماً أسعى إلى أن أتعلّم عن نفسي وعن الآخرين".

لم يكن سكورسيزي ينوي إنجاز فيلم آخر عن المافيا، وتكرار تجربة العمل مع روبرت دنيرو للمرة التاسعة، خوفاً من ان تكون قد استُهلِكت ولاعتقاده بأنه لم يعد هناك جديد يقوله في هذا الشأن. الا انه عندما جاءه ذاك الذي اضطلع يوماً بدور ترافيس بيكل، بكتاب لتشارلز براندت، وجده متأثراً ومنفعلاً جداً. قرأ في عينيه رغبة صادمة. وجده وقد "ارتدى" ثوب الشخصية، مع انه بالكاد كان قد روى له القصّة. ففهم حينها ان عليه أن يخرج هذا الفيلم. هو والسيناريست الشهير ستيفن زاليان وباقي الممثّلين، سيطرت عليهم رغبة شديدة في العودة إلى أفلام المافيا والعصابات، على نسق "غودفيلاس" (١٩٩٠)، ولكن هذه المرة بهدف تناول مسألة مرور الزمن وما تؤول اليه الأحوال في خريف العمر.

كلّف "الإيرلندي" ما يقارب الـ١٦٥ مليون دولار، وتطلب إنتاجه بناء أكثر من مئة ديكور سينمائي. الحصيلة السينمائية: عمل غاية في الطموح، من ثلاث ساعات و٢٩ دقيقة.

لا يستقيم "الإيرلندي" من دون هذا الزمن الذي يتحدّث عنه سكورسيزي. فالإبحار به فوق أمواج نصف قرن من الزمن، أي منذ الخمسينات حتى مطلع القرن الحالي، يترك بصمات واضحة وأثراً غامضاً في حياة الشخصيات التي نكتشفها تباعاً، واحدة تلو أخرى، في منظومة مونتاجية تفضي بإيقاعها الجهنمي إلى الحتف المرتقب، البطيء، الذي لا فكاك منه، حيث ينتظرنا فيلم آخر، لعله أكثر أفلام سكورسيزي ميلاً إلى اليأس والاحباط، اللذين لا يمكن اصلاحهما أو تجاهلهما أو القفز فوقهما.

كلّ شيء في "الإيرلندي" يدور على روبرت دنيرو. دنيرو يجسّد شخصية فرانك شيران. انه رجل اليد، القاتل المحترف، منفّذ الأوامر، الذي يتوجّه إلى الهدف برباطة جأش. انه الإيرلندي الذي يبدأ سائقاً للتاكسي ثم تستدرجه المافيا الإيطالية التي يترأسها راسل بوفالينو (جو بيشي). الفيلم من وجهة نظر شيران، يرويها وهو في عمر متقدّم، جالساً في كرسيه، مستعيداً السبعينات التي طبعت ذاكرة السينما الأميركية. يروي فيروي، ولا يبدو على عجلة من أمره. فالحياة المستعادة بتفاصيلها الملهمة نهرٌ تصب مياهه في الجريمة والتشبيح وفرط استخدام القوة. هناك دائماً حادثة خلفها أخرى، زمن جديد يولد من زمن سابق، علينا العودة اليهما.

من المستحيل عرض أحداث الفيلم المتداخلة والمتشعبة جداً، المليئة بالتفاصيل. هذا بالاضافة إلى عدم جدوى فرضها على القارئ الذي لم يشاهده بعد. ولكن يمكن القول ان سكورسيزي يبقى طوال الخط في خدمة اسلوبيته المدهشة ولغته السينمائية، وإن ابتعد عنها في الفصل الأخير، هذا الفصل الذي يأتي كاستنتاج، حصيلة حياة كاملة، جردة حساب شاملة. هذه النهاية المفتوحة على أكثر من احتمال، والتي لا تطمح أن تكون خاتمة تقليدية.

أسلوبياً، يؤكد سكورسيزي انه لا يزال سيد إيقاع واستاذ سرد وهو في السابعة والسبعين. نجده يلعّب المَشاهد كعازف بيانو يضرب على المفاتيح بأصابعه. الرجل لم يفقد شيئاً من الـvirtuosité التي صنعت مجده. دعونا لا ننسى المساهمة القيمة للمونتيرة تلما سكونمايكر في انشاء هذه الوتيرة المشدودة طوال الوقت، حدّ ان الجمهور صفّق لها عندما ظهر اسمها في آخر الجنريك، وهذا شيء نادر. بالتأكيد، نتيه أحياناً وسط كمّ الدروب التي نجد أنفسنا أمامها، ولكن لا تمر سوى دقائق قبل أن يمسك الفيلم بيدنا لأخذنا في الاتجاه الصحيح.

تيماتيكياً، نحن في أرض نألفها جيداً. كلّ ما صنع سينما سكورسيزي عبر التاريخ يسجّل عودة مريحة إلى المقدّمة: الجريمة والاحساس بالذنب، العائلة، السلطة، الاخلاص، المغفرة، التوبة، الصداقة، الفساد، البخار المتصاعد إلى الرؤوس. هذا كله يجتمع تحت سقف واحد، داخل نصّ مؤجج بالصراعات الداخلية، ليشكّل الداعم الأساسي لدراما تسير دربها المعتاد من دون ان تلتقط أنفاسها الا في الفصل الأخير.

على مستوى الحكاية، لا يروي سكورسيزي جديداً. ما من مبالغة اذا قلتُ ان الحكاية ليست أكثر ما يشغله، بل ما تحدثه من صدى في دواخلنا، على رغم انه لا تمر لحظة واحدة على الشاشة من دون حدوث أمر ما. من خلال شخصية بوفالينو وأعوانه وعصابته، ندخل في مفهوم العائلة المافيوزية على طريقة "العراب" (في الفيلم تحيّة إلى فيلم كوبولا)، بكلّ ما لها وعليها. مشوار حياة قاسٍ، متكرر، تعبره لحظات ضحك وعزلة والكثير الكثير من الانتظار للخاتمة. لا حساب ولا محاكمة، كلّ شيء مؤجل. في المقابل، فإن شخصية جيمي هوفّا (آل باتشينو)، رئيس نقابات سائقي الشاحنات، الذي يرفع الفيلم إلى مصاف آخر، تزجّ بنا في سؤال الأخلاق والوفاء والمفاهيم المنتشرة في "الوسط"، هناك حيث تنام الضمائر والذمم والخيانات العظمى. جيمي هوفّا، ليس سوى فارس الفيلم الذي يمتطي حصانه نحو مصير محتم.

في نهاية الفيلم، يترك سكورسيزي الباب مفتوحاً كنافذة مطلة على عالم جديد "يتسرب" من دون أن تكون لأبطال العالم القديم القدرة على الانخراط فيه. لا يقفله نزولاً عند رغبة شيران. السؤال الذي يطرح نفسه: أهي دعوة للدخول إلى غرفة الرجل العجوز الذي لم يبقَ له الكثير، أم الخروج منها نحو الحرية؟ فأميركا هذه التي قاربها سكورسيزي من مختلف الجوانب، تبدو سجناً لشخصيات لا تبحث عن أي خلاص، خلافاً لحالها في أفلامه الأولى. هذا الفصل من تاريخ أميركا الذي يرينا اياه سكورسيزي في لحظة تحولاتها السياسية (اغتيال كينيدي) والاجتماعية والأخلاقية والنفسية، يرينا مدى انعدام الخيارات أمام الإنسان، من دون تجميل أيٍّ من أفعاله.

لا أخفي أنني خرجتُ من "الإيرلندي" مع طعم المرارة تحت لساني. مع هذا الإحساس بأن المعلّم النيويوركي قال كلّ شيء مختتماً الفصل الأهم من حياته كسينمائي، وانه قد يكون شبيهاً بشخصياته، يسكنها الألم والخشية والندم في خريف العمر.

 

النهار اللبنانية في

15.11.2019

 
 
 
 
 

"الأوسكار" تتجاهل القارة السمراء

كتب - هيثم مفيد

أثار قرار أكاديمية علوم وفنون الصور المتحركة باستبعاد الفيلم النيجيرى «Lionheart» للمخرجة جينيفيف نناجي، من القائمة الطويلة لفئة الأفلام الدولية بجوائز الأوسكار 2020، الكثير من الاستهجان والغضب في الأوساط السينمائية ودوائر النقاد المختلفة واصفين إياه بالمجحف في حق السينما الأفريقية والنيجيرية على وجه خاص.

أوضحت الأكاديمية، التى قامت بتغيير اسم فئة الأفلام الأجنبية إلى الأفلام الدولية هذا العام، أن الفيلم النيجيرى اخترق القواعد والشروط الحاكمة لهذه الفئة والتى تنص على اعتماد لغة العمل على أخرى غير الإنجليزية وهو ما لم يدركه صناع الفيلم أثناء تقديم المشروع للمنافسة على هذه الجائزة العريقة ما جعل الفيلم غير مؤهل للترشيح.

وقد أشارت تقارير أجنبية عديدة إلى أن المنطق الذى تعاملت به الأكاديمية مع الفيلم يرسخ لفكرة أن النيجيريين لا يزالون غير مألوفين بالنسبة لها. فدائمًا ما تتعامل هوليوود مع الثقافة الأفريقية بالكثير من الاستخفاف والتساهل، ففى عام2015 قدم النجم ويل سميث شخصية طبيب نيجيرى يُدعى «بينيت أومالو» في فيلم بعنوان «Concussion»، وسببت مبالغته في استخدام اللهجة الأفريقية الكثير من السخرية وقتها، وهو ما يؤكد وجود بعض أوجه القصور لدى هوليوود في الفهم والتعامل مع اللهجات.

من جانبه، قال لارى كاراسوفسكى الرئيس المشارك للجنة اختيار الأفلام الدولية، إن الموقف احتوى على القليل من الجدل والكثير من سوء الفهم. وأوضح في تصريحات لموقع «إندى وير» الأمريكي: «أنه على الرغم من التغيير في اسم الفئة إلا أن القواعد المنظمة تظل كما هى. يجب أن يكون الفيلم بلغة أخرى غير الإنجليزية، ويحتوى Lionheart الذى تبلغ مدته ٩٥ دقيقة، على 11 دقيقة فقط عبارة عن حوار بلغة «الإيبو». 

واختتم أنه لا توجد نوايا سيئة من أى الجانبين ويتطلعون إلى أن تكون البلاد جزءًا من العملية. وحثت لجنة الاختيار النيجيرية صانعى الأفلام المحليين لتقديم أفلام روائية بغير الإنجليزية للمضى قدمًا نحو تمثيل البلاد في الجائزة الأكثر شهرة

وعلى الرغم من أن السينما النيجيرية (نوليوود) تعتبر واحدة من أفضل الصناعات السينمائية في العالم، إلا أنها لم تشهد ازدهارًا حقيقيًا إلا في الستينيات، عندما أدرك رواد السينما النيجيريون أمثال المخرج أولا بالوجن، في حقبة ما بعد الاستعمار أن بلاده تتمتع بثقافة وتقاليد غنية، وأنهم كانوا ينظرون إلى الخارج - نحو هوليوود – لمجرد الترفيه فقط

ولطالما كانت نيجيريا تنبض بقصصها الخاصة. فإلى جانب «بالوجن»، أصبح هوبيرت أوجندى وجاب أدو وموسيس أولايا، الجيل الأول من المخرجين النيجيريين، مما وضع الأساس لصناعة توسعت لاحقًا خلال فترة التسعينيات.

وبدأت نناجي، وهى إحدى رائدات السينما الأفريقية، مسيرتها الفنية في المسلسلات التليفزيونية والإعلانات التجارية، ثم انتقلت إلى السينما كممثلة إلى أن أصبحت منتجة ومخرجة. ويُعد فيلمها الروائى الأول «Lionheart» أول تجربة إخراجية تخوضها بجانب كونه أول فيلم روائى طويل يمثل نيجيريا في جوائز الأوسكار.. ويتبع الفيلم قصة أديز أوبياجو، وهى سيدة أعمال ذكية تحاول يائسة إنقاذ شركة والدها في أعقاب مرضه، وسط صناعة يهيمن عليها الذكور.

 

البوابة ستار المصرية في

15.11.2019

 
 
 
 
 

يحمل أصداء مسلسل «لعبة العروش»

«الملك» يُغضِب عشّاق شكسبير ويحكم الجمهور

المصدر: عرض: عبدالله القمزي

عند ذكر كلمة ملك؛ فإن أول صورة تتبادر إلى الذهن هي رجل يضع تاجاً على رأسه، ملتحٍ، على وجهه وقار وهيبة، وربما حكمة أو غرور، يرتدي ثياباً فاخرة، ويمسك بيده صولجاناً، وهو جالس على عرش ومن حوله الحاشية.. هذه الصورة النمطية لأي ملك من التراث الأدبي الأوروبي أو كما نشاهد في المسلسلات والأفلام التاريخية.

لكن فيلم The King (الملك) من إنتاجات نتفليكس الأصلية، يتخلص من هذه الصورة النمطية، ونرى أمامنا شاباً في مقتبل العمر، يرتدي قميصاً وبنطالاً، يرث عرش والده، إنه هنري الخامس، ملك إنجلترا في القرن الـ15، حسب مسرحية أو مجموعة من مسرحيات ويليام شكسبير (هنري الرابع الجزآن الأول والثاني وهنري الخامس) المقتبس منها هذا الفيلم.

في القرن الـ15 كان معدل عمر البشر في إنجلترا 35 عاماً، وهي السن التي توفي فيها هنري الخامس، وبالتالي فإن اعتلاء شاب أو فتاة في عشريناتهم العرش ليحكموا في القارة العجوز - أي قبل زواجهم أو حتى بلا خطط للحفاظ على مكتسبات ممالكهم وامبراطورياتهم - كان أمراً متعارفاً عليه آنذاك.

هنري أمير ويلز، ويسمى هال من قبل أصدقائه المقربين، الابن الأكبر لهنري الرابع (بين مندلسون) ملك إنجلترا، وهو منبوذ ومختلف مع والده، وهجر القصر الملكي، ويمضي حياته في الحانات وبرفقة فتيات الليل. الأمير غير مهتم بحروب والده الداخلية، ولا بخلافته، ولديه صديق واحد هو جون فولستاف (جويل إدغرتون).

يستدعي الملك هنري الرابع ابنه المنبوذ هال، ويبلغه بأن شقيقه الصغير توماس سيرث العرش بدلاً منه. يخرج توماس في مهمة عسكرية لإخماد تمرد هوبستور، لكن هال يعترض تقدم الجيش، ويعرض مبارزة فردية ضد هوبستور لو انتصر هال ينتهي التمرد. ويبلغ هال توماس أن الحكمة من المبادرة القتالية هي أن يحفظ روح شقيقه، ويجنبه موتاً ناتجاً عن حماقة والدهم السياسية.

ينتصر هال على هوبستور؛ لكن توماس يتهم شقيقه بسرقة المجد المنشود من تلك المعركة، ويصر على التقدم تجاه موقع المتمردين، فيلاقي حتفه في ويلز. يمرض الملك هنري الرابع ويموت، وبالمنطق يرث هال العرش، ويصبح الملك هنري الخامس المهادن ذا النظرة السلمية، وإقامة العلاقات الودية مع الجيران.

صعود نجم

يعلم المشاهد المتمرّس والخبير بأعمال شبيهة أن ذلك لن يستمر طويلاً، وإلا ما سبب وجود نجم صاعد مثل تيموثي شالاميه في بطولة فيلم عنوانه «الملك». بزغت نجومية شالاميه بداية هذا العقد، ويظهر أنه سيكون الأبرز ضمن جيل نجوم القرن الحالي، خصوصاً عند النظر في أدواره الماضية، التي كان معظمها أفلاماً مستقلة نافست على أرفع الجوائز.

دور الملك بالنسبة لشالاميه نوعي وجديد، ويختبر قدراته التمثيلية خارج إطار أدوار الشباب التي اضطلع بها، فهنا الدور قيادي في المقام الأول، وبحاجة إلى كاريزما وسلطة وهيبة على الشاشة. نقول إن شالاميه يأتي بنصف متطلبات الدور، بينما تأتي براعة المخرج الأسترالي ديفيد ميتشود بالنصف الآخر.

لدينا دور جميل لملك صاعد لائق تماماً على ممثل صاعد هو الآخر، أي كأن الفيلم يوثق صعود نجومية شالاميه، الذي يؤدي بمشاعره وجسده في الوقت نفسه ربما للمرة الأولى في مسيرته الفنية. يؤدي شالاميه بجسده وبمعاركه وحتى بنظرات عينه الباردة، فما تنظر إليه الشخصية وما تفكر فيه يصبح قصة الفيلم، وهنا يأتي إسهام ميتشود.

تربى في الشوارع

إضافة إلى ذلك، فإن ميتشود (أخرج فيلم جريمة أسترالي بعنوان مملكة الحيوان عام 2010) يقلب الحقيقة المعروفة في الأدب الأوروبي، التي تقول إن القصور تصنع الملوك، أي أن الأمراء يتربون في قصور، ويتولون الحكم منطقياً. بدلاً من ذلك نرى الأمير هنري تربى في الشوارع، ونقلته الظروف السياسية ليرث عرش والده.

بكلمات أخرى، إن الملك بطل القصة لم يعش في فقاعة الغرور والرفاهية والخيلاء، بل جاء من الشارع، حيث كان مخالطاً الشعب، وهذا مصدر قوة الشخصية، وسبب التعاطف معها. معركة هال ضد هوبستور بمثابة مقدمة للملك الصاعد، فهي تعكس أنه تربى في الشارع على يد المحارب المحترف فولستاف.

يمضي مشهد المبارزة الفردية من معركة فرسان إلى قتال شوارعي باللكمات، ومصارعة الأبدان في الوحل، والصورة بأكملها تحمل قصة ملك جاء من الشارع. وحتى مع تقدم أحداث الفيلم، وزحف الملك هنري الخامس وغزوه أراضي المملكة الفرنسية، فإن ملابسه عادية جداً، ولا يرتدي تاجاً، ولا يختلف أبداً عن أفراد جيشه. بعكس الطرف الآخر، وهو ولي العهد الفرنسي دوفين (روبرت باتنسون)، ابن الملك تشارلز السادس ملك فرنسا الذي لا يتحرك إلا بخيمته وخيلائه وغروره يسبقانه بعشرات الأميال.

كتب ميتشود وإدغرتون النص، وأزالا العقد اللفظية الشكسبيرية منه، ليكون مناسباً للجيل الجديد بكل فئاته، وهذا قرار لم يعجب عشّاق المسرحي والشاعر شكسبير، ووصفوه بأنه بمثابة شرب قهوة بلا كافيين؛ لكنه - أي الفيلم - حاز إعجاب الجماهير.

هناك أصداء واضحة لمسلسل «لعبة العروش» في «الملك»، ولا يمكن القول أبداً إن «نتفليكس» صنعت الفيلم دون استغلال الضجة والهوس اللذين أحدثهما المسلسل. المعركة الطاحنة التي خاضها هنري الخامس ضد جيش دوفين مشابهة إلى درجة تقترب من التطابق لمعركة جيشي الابنين غير الشرعيين في الحلقة التاسعة من الموسم السادس لذلك المسلسل، الفرق أن معركة الفيلم أصغر وأقصر.

لمشاهدة الموضوع بشكل كامل، يرجى الضغط على هذا الرابط.

تقييم

باتنسون كاد يسرق الأضواء

قدم روبرت باتنسون أداءً جميلاً، رغم ظهوره المحدود، وكاد يسرق الأضواء من شالاميه، وقدمت ليل روز ديب ابنة الممثل جون ديب أفضل أداء لها في هذا الفيلم في دور كاثرين شقيقة دوفين.

لا يمكن القول أبداً إن «نتفليكس» صنعت فيلم «الملك» دون استغلال الضجة والهوس اللذين أحدثهما مسلسل «صراع العروش».

3

يعد «الملك» ثالث فيلم يتناول شخصية هنري الخامس، فقد سبقه فيلم «هنري الخامس» من بطولة وإخراج لورنس أوليفيير عام 1944، وفيلم بالعنوان نفسه بالضبط لكينيث براناه بطلاً ومخرجاً عام 1989.

يقلب ميتشود الحقيقة المعروفة في الأدب الأوروبي، التي تقول إن القصور تصنع الملوك.. لنرى الأمير الذي تربى في الشوارع، ونقلته الظروف ليرث عرش والده.

 

الإمارات اليوم في

17.11.2019

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004