كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

"نساء صغيرات":

اقتباس جديد مُخيِّب للآمال

باريس ــ ندى الأزهري

جوائز الأكاديمية الأمريكية للفيلم

الدورة الثانية والتسعون

   
 
 
 
 
 
 

رغم مضي سنين كثيرة على صدورها، لا تزال رواية "نساء صغيرات" تجذب وتسحر لغاية اليوم. تعليق لوحة "كامل العدد" في صالة عرض باريسية، تحت عنوان فيلم أميركي مأخوذ عن الرواية المشهورة، دليل يُعزّز "حكمة" اقتباسها للسينما، للمرة الخامسة في قرن ونصف القرن.

الرواية بديعة ومثيرة للعواطف، ارتبطت بطفولة كثيرين وشبابهم في العالم، وأثّرت بأجيال من القرّاء. رواية سيرة ذاتية بجزأين، ألّفتها الكاتبة الأميركية لويزا ماي ألكوت (1832 ـ 1888)، وأصدرت جزأها الأول عام 1868 والثاني عام 1869 (ترجمتها الكاتبة المصرية أمينة السعيد إلى اللغة العربية، وأصدرتها "دار المدى" عام 2017)، وصنع منها هارلي نوليز فيلماً عام 1919، زمن السينما الصامتة، تبعه جورج كوكر في فيلمٍ ثانٍ (1933) مع كاترين هيبورن. ثم جاء دور اليزابيت تايلور وجانيت لي لتأدية دوري البطولة في نسخة ميرفن لوروا (1949)، قبل أنْ يتوقّف آخر اقتباس عند جيليان أرمسترونغ عام 1995، قبل إنجاز نسخة جديدة، من توقيع ممثلة وكاتبة سيناريو ومخرجة أميركية، هي غريتا غيرويغ، صانعة "ليدي بيرد" (2017).

غيرويغ عصرنت الرواية، وأعادت إحياءها من دون أن تخونها حقاً. تناولت علاقات اجتماعية من القرن الماضي في اقتباسٍ حسّاس وحيوي، مصبوغ برؤية عصرية غير بعيدة عن المفاهيم الحديثة، خصوصاً النسوية. غاصت في ارتباطات عائلية لا تزعزعها ريحٌ، بين أخوات أربع: مِغ الحسناء الحالمة، وجو الجريئة المندفعة، وآمي الجميلة المغرورة، وبِثْ الرقيقة السمحة.

في سردٍ مبنيّ على خلفية حرب الانفصال الأميركية (1861 ـ 1865) بين الشمال والجنوب، تنكشف يوميات عائلة الدكتور مارش (العنوان السينمائي الفرنسي "البنات الأربع للدكتور مارش")، التي غادرها الأب للمشاركة في الحرب. عائلة مديونة من دون أن تكون فقيرة. تسعى الأم (لورا ديرن) مع خادمة مخلصة لتأمين مستلزمات عائلتها. في مجتمع له قواعده، حيث الزواج الناجح هدف أهم وربما وحيد لكلّ فتاة، تتفاوت مطالب بنات الدكتور مارش، إذْ تسعى كلّ واحدة منهنّ إلى إثبات نفسها، أحياناً على حساب قِيَم العصر.

يُركّز السرد على الفتيات الأربع: مشاعرهنّ وقصصهنّ اليومية وهواياتهنّ الفنية. جو (سويراس رونان) المتمرّدة والشغوفة بالكتابة تحاول بيع قصصها؛ ومِغ (إيما واتسون)، المُحبّة للتمثيل، أكثر انسجاماً ممّا هو مطلوب منها في حلمها بالزواج من فارس نبيل غني؛ وآمي (فلورنس بوغ) العنيدة تثق بمواهبها في الرسم؛ وبِثْ (إليزا سكانلين) تُفضّل الآخرين على نفسها، وتحاول ـ رغم هشاشة صحّتها ـ أن تتعلّم العزف على البيانو. شخصيات رئيسية، يدعمها لوري (تيموتي شالاميه)، الجار الشاب، المنتمي إلى عائلة نبيلة وغنية، الذي يعيش برعاية جدّه ومعلّمه، ويجد في العلاقة مع جاراته متعة تعيد الحيوية إلى حياته الرتيبة، ومع أمّ تحمل هموم الدنيا على كتفيها، وتنشغل بأعمالها الخيرية للمحاربين والفقراء، ومع عمّة عجوز (ميريل ستريب، الرائعة كعادتها) وغنية وسليطة اللسان، لكنّها مُحبّة للبنات، تعمل لمصلحتهنّ التي تتواءم مع معايير المجتمع، كما تراها هي طبعاً.

الشخصيات مرسومة بأحسن ما يُمكن، لا سيما بالنسبة إلى الفتيات. شخصيات يجد القارئ/ المُشاهد فيها، رغم تكثيف السرد، الشخصيات التي أحبّها بقراءته الرواية. لكن هذا لا ينطبق تماماً على البقية، لا سيما الأمّ التي كان دورها باهتاً، إلا في موقف واحدٍ، أفسحت فيه غريتا غرويغ فرصة لها لتثبيت وجودها وقوّة أدائها، حين انفردت مع جو ـ في نهاية الفيلم ـ في حديث حول مستقبلها. كذلك لوري، الذي لم يتطوّر شكلاً على الأقلّ مع مرور الزمن، وبدا صغير السنّ على الدور، إذْ ظلّ مراهقاً شكلاً وأداءً.

لكن، مع تكثيف الجزأين في ساعتين وربع الساعة، ظلّت غرويغ مخلصة للرواية ولأحداثها الرئيسية، مع اختيار موفّق للقطات مهمّة تُغني عن الحوار بتعبيرها عن شعور أو حدث، كلقطة للوري وهو يراقب فتيات الدكتور مارش من النافذة، ويحسدهنّ على الألفة التي يفتقدها، والتي وجدها في صحبتهنّ.

أما التجديد، فمتأتٍ من البناء السردي، الذي قلب النص الروائي رأساً على عقب، مبتعداً عن تتبّع خطٍّ زمنيّ مستقيم، فكان هناك ذهاب وإياب متواصلان بين زمن وآخر، من دون إنذار أو إشارة، ما أخلّ قليلاً بالتوازن، وأضاع المشاهد. تداخل زمنيّ وخلط مكانيّ أربكا كلّ من لم يقرأ الرواية (هل هؤلاء موجودون حقاً؟). فالمخرجة تنتقل باستمرار بين حدثين يدوران حول شخصية واحدة، أو يربط بينهما خيطٌ ما في زمنين، وأحياناً مكانين مختلفين، من دون منطق درامي، سوى الرغبة في التغيير وإدخال جديدٍ على قصّة كلاسيكية. مثلاً: حين يتبع سير الأحداث إحدى الشخصيات، يحصل تداخل لتداعيات قصّة ما، بين ماضيها وحاضرها. عند الإشارة إلى أنانية آمّي، أو إثارة العلاقة مع لوري، الذي أحبّ جو، ورفضت الزواج به حفاظاً على صداقتهما المتينة والعميقة، ولاعتزامها تحقيق أحلامها بالكتابة، يتتالى مشهدا البوح بالحبّ لجو ومغازلته لآمّي، من دون تبيان أيّهما يحصل في الحاضر، وأيّهما يحصل في الماضي.

كما تجلّى الابتكار في إدخال غريتا غيرويغ مفاهيم هذا العصر كالنسوية، لا سيما على شخصية جو، التي أدّتها ببراعة سويراس. بدا هذا من مشهدي البداية والنهاية، مع الناشر وفي المطبعة، بعد تحقيق آمالها. هكذا كانت شخصية آمّي، التي عبّرت عن آرائها بأسلوب بدا معاصراً، لكن من دون مبالغة. وتجنّبت غرويغ كذلك المبالغات العاطفية، حتى مع الأسوأ، لكنّها وقعت في فخّ آخر، فسحر الرواية نابعٌ من رومانسيتها، وممّا تحتويه وتثيره من عواطف غزيرة، من دون أن تكون مأسوية. بتقطيعها الزمني هذا، باستثناء الجزء الأخير وهو الأجمل، الذي راعى الزمن المتسلسل، كانت غرويغ تُخرج المشاهد من الجوّ ولا تدع له مجالاً للتفاعل وهي تنقله من دون توقّف إلى زمنٍ وحدثٍ آخرين، ما يقطع الاندماج الكامل في الحدث، والانفعال مع الشخصية.

إنها معجزة أن ينجح مخرج في إعادة خلق شخصياتِ روايةٍ ما وأمكنتها، لا سيما حين تكون مشهورة، كـ"نساء صغيرات". لكن، من شبه المستحيل تجسيد رواية في السينما من دون تخييب أمل قارئها. هذه رواية أحبّها قارئ رآها مُكثّفة ومُقدّمة بقراءة أخرى غير قراءته، التي احتلّت ذهنه فترة طويلة. غير أنّ فيلم غرويغ ليس كما في خياله وتصوّراته، ولا يُشبه الرواية التي يعرفها. بقيت الشخصيات سطحية والأحداث مبتورة، والمقارنة تتمّ مع مشاهد عديدة، يُرافقها تحسّر: "آه، هنا لم يكن سلوك الشخصية مبرّراً بما فيه الكفاية"، و"لم تفعل هذا في القصّة"، و"أهملوا حدثاً لا يجوز إهماله"... إلخ. تشوّهت روايته، لكنّ، هذه نظرة جزئية وغير موضوعية. إذْ تصعب الكتابة عن فيلمٍ مأخوذ عن رواية محبوبة. بالتأكيد، هذا مُخيّب للآمال، مهما كان رائعاً.

 

العربي الجديد اللندنية في

17.01.2020

 
 
 
 
 

"ريتشارد جيويل" لكلينت إيستوود:

عن أميركي نام على حلم فشاهد كابوسه

هوفيك حبشيان

خذ رجلاً مثل أي رجل آخر، كلّ شيء فيه عادي جداً، اعطه دوراً حاسماً، صوّر عملية تسويقه بطلاً في الاعلام، ثم كيفية انتزاع البطولة منه فسقوطه المدوي، تحصل على هذا الفيلم الكبير. ولكن، ثمّة شرط أساسي: عليك ان تكون كلينت إيستوود، أي انك تعرف أميركا كما تعرف أصابعك العشر.

بعد "البغل" في مطلع هذا العام الذي أعاده إلى الشاشة لا كمخرج فحسب بل كممثّل أيضاً، يقدّم إيستوود (٩٠ عاماً)، عمله الثاني في غضون عام. هذا امتداد لأفلامه الأربعة، منذ "قنّاص أميركي"(٢٠١٤). يسأل الأسئلة نفسها عن معنى البطولة ومفهومها، في المجتمع الأميركي وفي الوجدان الأميركي وفي العقلية الأميركية.

يعود "ريتشارد جيويل" إلى حادثة تفجير وقعت في العام ١٩٩٦ في ملعب سنتنيال الأولمبي في أتلانتا، ولاية جورجيا. اقتصر الضحايا يومذاك على قتيلين ونحو من مئة جريح. لا يوجد أدنى شك ان مصير الموجودين هناك لحضور الحفل الموسيقي في تلك الليلة، كان اختلف لولا رجل الأمن ريتشارد جيويل (بول واتر هاوزر) الذي كان يتولى حراسة المكان، وانتبه للشنطة المشبوهة المدسوسة تحت مقعد، ففعل ما يجب ان يفعله، وبأسرع ما يمكن، لتجنّب المجزرة.

هذا الرجل الثلاثيني، العادي جداً، الذي يعيش مع أمّه (كاتي بايتس) رجل حدس وسرعة بديهة، لكنه أيضاً صاحب عيوب وغير جذّاب. يبدأ الفيلم بتعريفنا عليه قبل عشر سنين على وقوع الحادثة التي غيّرت مجرى حياته، ثم تقع الحادثة فنراه وقد أصبح بطلاً قومياً، تقنعه جهات لتحويل مجده القصير إلى كتاب. منذ اللحظة الأولى، لا يوجد في بطولته ما يغوي إيستوود. كلّ شيء في الفيلم يحوم حول استردادها، نتيجة اتهامه بتدبير العملية؛ اتّهام يورط مكتب التحقيقات الفيديرالي والاعلام معاً في سباقهما المشترك للتضليل والتلاعب بالرأي العام، وتحويل البطل إلى كبش محرقة لفشلهما.

ما يقترحه إيستوود في هذا الفيلم بالكثير من النبل (سيناريو لبيلي راي استناداً إلى نصّ للصحافية ماري برينير)، حكاية أميركية بكلّ تفاصيلها وتعقيداتها، فيمدّها بأسلوبه المقتصد الباهر في تحريك الكاميرا ليمسح بها التراجيديا اليومية بلقطات سريعة ومكثّفة. انها لغة الكلاسيكيين الأميركيين الكبار التي تولي السرد الأهمية القصوى في لحظة قولها روايتها المفضّلة: شخص عادي في ظرف استثنائي.

جيويل الذي يجد نفسه فجأةً وقد تحوّل شخصية عامة، يفقد نتيجة الاتهام الموجّه اليه كلّ أشكال الخصوصية، ليصبح كمَن يعيش في العراء، أشياؤه مباحة وكرامته منتهكة. يحلو لإيستوود تقديم الاعلاميين ورجال الأمن مزوّرين وإنتهازيين لا ضمير مهنياً لهم ولا أخلاق. صورتهم، سواء الصحافية كايثي سكراغز (أوليفيا وايلد) أو عميل الآف بي أي (جون هام)، كاروكاتورية، مثيرة للسخرية. يصعب تصديق غبائهم أو صحوة الوعي في داخلهم. أياً يكن، لا شيء يفلت من يد المخرج، فهذا النمط مقصود، وإن لم يعحب بعضهم (شخصياً، لم أقتنع بتحوّل الصحافية). إيستوود يصر على هذا النمط جداً، على نحو كيدي أحياناً، ولكن مفهوم من سينمائي قدّم سابقاً "ج. ادغار". في النهاية، خيارات إيستوود كلها إشكالية، ولا تنم عن عقل تقليدي يساوم على اقتناعاته. يكفي انه في هذا الفيلم، يحكي أميركا من خلال شخص اتُّهِم زوراً بارتكابه جريمة، في حين ان الأفلام عادةً تحكي عن مرتكب الجريمة.

بالرغم من كلّ ما قيل وسيقال عن الفيلم في صحافة أميركية معينة لا تزال تحاسب إيستوود على بعض مواقفه السابقة، لا يوجد هنا تسويق لاطروحات سياسية يفيد دونالد ترامب وحربه على مؤسسات كانت خارج النقد في زمن سابق. الخيارات التي لدى كلٍّ من المخرج وكاتب السيناريو خيارات محض اشكالية لا تسهّل الأشياء، تبدأ بشخصية ريتشارد جيويل نفسها ولا تنتهي بها. فجيويل ليس النموذج التقليدي للبطل الهوليوودي. انما على نقيضه، "جسمه لبّيس"، يسهل لأي جهة اتّهامه بالاعتداء، كونه يمتلك أسلحة في منزله، ومعجباً بالسلطة الأمنية، ويعاني من سمنة تجعله مادة للهزء.

الفيلم لا يبيّض صفحة رجل ساذح، فقط يجعله أكثر وعياً، ويشهد على مناقبيته حتى اللحظة الأخيرة في التعامل مع التهم الموجّهة اليه. ماذا لو كانت البطولة الحقيقية هي في هذه المقاومة؟

عظمة فيلم إيستوود انه يعرّي منظومة التواطؤ الاعلامي الأمني ضد مواطن عادي، من خلال شخص ليس خصماً بل أكثرهم ايماناً بالمنظومة الأميركية نفسها، وتطبيق قوانينها والقيم التي ترعاها، ولا يوجد أي عداء تاريخي بينهما.

ريتشارد جيويل (١٩٦٢ - ٢٠٠٧) ينام على حلم فيستيقظ ليكتشف انه شاهد كابوسه. أما إيستوود، ذئب السينما الأميركية، فطوى أحلامه منذ زمن بعيد.

يُعرض حالياً في الصالات المحلية.

 

النهار اللبنانية في

17.01.2020

 
 
 
 
 

سورية إلى "أوسكار": سينما لا سياسة فقط

نديم جرجوره

كما في كلّ عام، يتابع كثيرون أخبار جوائز "أوسكار"، بدءاً من اللائحة القصيرة، التي تُعلَن عادة قبل انتهاء العام (17 ديسمبر/ كانون الأول). ورغم أنّ هذه الجوائز الهوليوودية ـ التي تمنحها "أكاديمية فنون الصورة المتحرّكة وعلومها" (تمّ تأسيسها في 11 مايو/ أيار 1927) للأفلام الأميركية المُنتَجة والمعروضة في العام السابق لموعد منح الجوائز ـ تأتي ثانيةً في التوقيت السنويّ، بعد جوائز "غولدن غلوب"، التي تمنحها "جمعية الصحافيين الأجانب في هوليوود" منذ عام 1944، بعد عام واحد فقط على تأسيسها؛ ومع أنّ الـ"غولدن غلوب" نفسها أشبه بإعلانٍ غير رسميّ لبعض أبرز جوائز "أوسكار"؛ إلا أنّ الاهتمام الدوليّ منصبٌ على "أوسكار"، أكثر من الـ"غولدن غلوب"، ومن الجوائز السينمائية الأخرى، الممنوحة في دولٍ تمتلك صناعات سينمائية مهمّة، كفرنسا (سيزار) وبريطانيا (بافتا) وإسبانيا (غويا).

ورغم أنّ لـ"غولدن غلوب" حفلة استعراضية، بما فيها من "سجادة حمراء" وأضواء وكاميرات تلفزيونية وعدسات مُصوّرين صحافيين، والمُثيرة ـ في الوقت نفسه ـ لمتابعة مهنيّة لعاملين في صحف وإذاعات ومحطات تلفزيونية ووكالات أنباء؛ إلا أنّ حفلة استعراضيّة كهذه تجذب ملايين المُشاهدين في العالم، عندما يتمثّل الحدث بتوزيع جوائز "أوسكار"، التي تحتفل بنسختها الـ92 مساء الاثنين، 9 فبراير/ شباط 2020، بتوقيت لوس أنجليس. علماً أنّ هناك محطة أساسيّة تسبق حفلة ذاك اليوم: إعلان الأكاديمية لائحة الترشيحات الرسمية مساء الاثنين، 13 يناير/ كانون الثاني 2020.

نقّاد عديدون يُعلنون عدم اكتراثٍ بمفهوم الجائزة، إنْ تُمنح في المهرجانات أو خارجها، تماماً كسينمائيين وعاملين في صناعة الصورة، لقناعتهم بأنّ الجائزة الأهمّ للفيلم تتمثّل بمكانته في المشهد السينمائي أولاً، وبعلاقته بالمُشاهدين ثانياً، وبالسيرة المهنية والاشتغالات المختلفة لمخرجه، وللعاملين فيه، ثالثاً. مع هذا، فإنّ هؤلاء أنفسهم ينتظرون إعلان اللائحة الرسمية ثم توزيع الجوائز، إمّا لسببٍ مهنيّ، وإمّا لإشباع فضول، وإمّا لرغبةٍ في تبيان كيف تنظر الأكاديمية إلى الأفلام، وبعض الأفلام يبقى خارج اللائحتين مع أنّه أهمّ، سينمائياً وجمالياً ودرامياً وفنياً وتقنياً، من أفلام يتمّ اختيارها للترشيح الرسمي، أو لجائزة أو أكثر. بعض العرب يهجس بالمؤامرة: أفلامٌ عربيّة تحصل على ترشيحٍ رسميّ توضع في خانة "تلبية أجندات أجنبية"، بينما فوز فيلمٍ عربيّ بجائزة "أوسكار"، أو بغيرها من الجوائز، يؤكّد الهاجس هذا، بالنسبة إليهم طبعاً.

لعلّ هذا صحيح. لكنّ مفهوم الجائزة بحدّ ذاته يضع الأفلام وصانعيها والعاملين فيها في خانات ضيّقة. وما دامت الجوائز تُمنح سنوياً في مهرجانات واحتفالات، فإنّ النقاش لن يُحسَم، مع أنّ المُشاهدة (ومناقشة الأفلام) أهمّ وأعمق وأفضل. لكنّ المهنة الصحافيّة تتطلّب متابعةً وكتابة، وإنْ تكن غير معنيّة بإبداء رأي أو طرح أسئلة أو قول تحليل. والمهنة الصحافية، إنْ ترتبط بمؤسّسة عربية، تستدعي نقاشاً يتناول الجوائز وآليات منحها وما يسبق إعلانها أيضاً (ترشيحات أولى ورسمية)، خصوصاً عندما تُدرَج أفلامٌ عربيّة في اللوائح الأولى أو الرسمية، أو تحصل على جائزة أو أكثر.

هذا حاصلٌ غداة إعلان الترشيحات الرسمية لـ"أوسكار 2020"، مع اختيار فيلمين سوريين في فئة أفضل فيلم وثائقي طويل: "إلى سما" لوعد الخطيب (في حوارٍ لها مع "العربي الجديد"، منشور في 29 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، تقول الخطيب إنّه لا يوجد عنوان عربيّ للفيلم، لكنّها تُفضِّل "إلى سما"، إذْ تشعر "أنّه الأقرب إليّ") و"الكهف" لفراس فيّاض. نقّاد عرب ينتقدون الفيلمين، منطلقين من مفهوم الأجندة وتلبية الشرط الغربيّ، ومتناسين أنّ لـ"أكاديمية فنون الصورة المتحرّكة وعلومها" سياسات في العمل ربما تندرج في إطار أجندات ما، لكنّها (السياسات) تختلف غالباً عن تلك الأجندات، وتتنوّع بتنوّع الأمزجة والأهواء والأحوال العامّة في الولايات المتحدّة الأميركية أولاً، وفي علاقة الولايات المتحدّة بالعالم ثانياً. هذا لن يحول دون تنبّه إلى سعي مخرجين عربٍ إلى تلبية الشرط الغربيّ لبلوغ مراتب أو للحصول على منافع، والجوائز الأساسية، كـ"أوسكار"، عاملٌ "إيجابيّ" في هذا، تماماً كجوائز مهرجانات دولية ("السعفة الذهبية" في "كانّ و"الأسد الذهبي" في "فينيسيا" مثلاً).

لكنْ، يُفترض بهذا ألا يحول دون تنبّه آخر، يتعلّق بالجودة الفنيّة والدرامية والجمالية لأفلام عربيّة يتمّ اختيارها في اللوائح الأولى، أو في الترشيحات الرسمية، أو تفوز بجوائز. فالاختيار والفوز متأتيان أحياناً من متطلّبات غير سينمائية، وأحياناً أكثر ينبثقان من هاجسٍ سينمائيّ بحت.

يختلف الفيلمان السوريان أحدهما عن الآخر، في المستويات البصرية والجمالية والفنية. لن يكون صائباً النفي المطلق لمعنى اختيارهما، في هذه اللحظة، في لائحة الترشيحات الرسمية. النزاع الداخلي الأميركي، بسبب سلوك الرئيس دونالد ترامب، يزداد حدّة. مؤسّسات عديدة تُساهم في مواجهة أكثر الرؤساء تعرّضاً للشتم من أبناء البلد، و"أكاديمية هوليوود" إحداها. في الوقت نفسه، الموضوع السوري مُلحّ، فالصراعات/ المصالح الدولية أقوى من إيقاف حرب إبادة ضد الشعب السوري. في مناخٍ كهذا، لن يكون سهلاً تفادي "إمكانية" أنْ ترغب الأكاديمية في تأكيد مشاركتها في التصدّي لإدارة دونالد ترامب، فتعثر في الفيلمين السوريين على مُرادها.

الأهمّ كامنٌ في سؤال واحد: هل يملك الفيلمان الشرط السينمائي الوثائقي، بعيداً عن المضمون الثقافي والدرامي والسردي، على أهميته؛ أم أنّ الأكاديمية الهوليوودية غير عابئة بثنائية الشكل والمضمون، فالضروريّ بالنسبة إليها كامنٌ في إعلان موقفٍ؟ يتّضح أنّ لـ"الكهف" جماليات سينمائية يصعب التغاضي عنها، رغم قسوة المضمون. بينما وعد الخطيب غير مُدّعية "عبقرية" اشتغال، بقدر ما يُقرّ فيلمها بتواضع سينمائي، قياساً على أهمية توثيق لحظات مواجهة يومية ضد الحرب والقتل والتدمير.

المُشاهدة وحدها كفيلةٌ بتبيان الفرق السينمائيّ بينهما، خارج إطار الجوائز والتكريمات الأجنبية، المبتعدة أحياناً عن السينما كفعلٍ إبداعي غير متحرّر من السياسي والثقافي والجمالي والفكري والفني. وإذْ يشترك الفيلمان في توثيقهما أحوال مشفيين سوريين في حلب والغوطة، فإنّ الفرق شاسعٌ بينهما في أسلوب العمل والتصوّرات الفنية والتقنية والجمالية، لميل "الكهف" إلى إيجاد مساواة سينمائية بين جماليات الصورة وعمق التساؤلات المطروحة في يوميات الشخصيات الأساسية، وفي آليات مواجهتها حرب إبادة وسطوة ثقافة اجتماعية منغلقة ومتزمّتة؛ ولامتلاك "إلى سما" بساطة مرتبكة في تسجيل سيرة طبيب بعدسة/ عين زوجته.

أما الجوائز، فلحظة عابرة يُفترض بها ألا تكون دافعاً إلى قراءة نقدية يجب أن تُعنى بالسينما، بأبعادها وجوانبها ولغتها وامتداداتها وركائزها وتقنياتها ومسالكها.

 

العربي الجديد اللندنية في

17.01.2020

 
 
 
 
 

"جوكر" يتصدر الترشيحات الرسمية لأوسكار 2020

حصد الفيلم المستوحى من المجلات المصورة أحد عشر ترشيحا

جاكوب ستولورثي  

ضمن الممثل يواكيم فينكس لنفسه مكانة في السجل الذهبي للفن السابع، بفضل أداء متمرس في فيلم "الجوكر" (ورنربروس)

ترشّح فيلم "الجوكر" للحصول على إحدى عشرة جائزة أوسكار، ما يعني أنه قد يقف على قدم المساواة مع أفلام "بن هور" و"تيتانيك" و"ملك الخواتم: عودة الملك" التي حصدت أرقماً قياسية من تلك الجوائز.

وفي الدورة المقبلة للأوسكار، يتنافس فيلم "الجوكر" المستوحى من شخصيات المجلات المصورة على جائزة أفضل شريط سينمائي، مع تلميحات إلى منحه تود فيليبس أوسكار أفضل مخرج، والممثل خواكين فينيكس أوسكار ممثل أول.

في المقابل، يواجه "الجوكر" يواجه منافسة قوية من أفلام "الأيرلندي" و"1917" و"ذات مرّة في هوليوود" التي حصل كل منها على عشرة ترشيحات.

وعلى نحو مشابه، نالت أفلام "الأرنب جوجو" و"نساء صغيرات" و"قصة زواج" و"طفيلي" ("بارازايت") الذي يشكّل أول عمل كوري جنوبي يُرشّح لجائزة أفضل فيلم، ستة ترشيحات لكل منها.

واستطراداً، ثمة أسماء نالت ترشيحاتها الأولى، من بينها سكارليت جوهانسون (ترشحين عن أفضل ممثلة مساعدة في "الأرنب جوجو" وأفضل ممثلة أولى عن "قصة زواج") وسينثيا إريفو (أفضل ممثلة أولى عن فيلم هارييت)، أنطونيو بانديراس (أفضل ممثل عن "الألم والمجد") وفلورنس بيو (أفضل ممثلة مساعدة عن "نساء صغيرات") وبونغ جون هو (أفضل مخرج عن "طفيلي/بارازايت").

وكذلك يتوقع أن يفوز الممثل براد بيت بأول أوسكار له على الإطلاق عن أدائه دور كليف بووث في فيلم "ذات مرة في هوليود" للمخرج كوانتين تارانتينو.

من بين أهم المفاجآت، ترشيح جينيفر لوبيز عن دورها في فيلم "فتيات التعري"/"هاستلرز" وآوكوافينا عن فيلم "الوداع" وغريتا غيرويغ مخرجة فيلم "نساء صغيرات".

وفي منحىً مغاير، فشل روبرت دي نيرو وتارون إيغيرتون وآدم ساندلر في الحصول على ترشيحات عن أدوارهم في أفلام "الأيرلندي" و"روكيتمان" و"جواهر خام" على التوالي.

يذكر أن الأكاديمية تعرضت لانتقادات لفشلها في ترشيح أي امرأة عن فئة أفضل مخرج.

بإمكانكم التعرف على جميع الترشيحات هنا وأحدث الأنباء عند صدورها هنا.

صحافي @Jacob_Stol 

 

الـ The Independent  في

18.01.2020

 
 
 
 
 

مُراجعة الأيرلندي: سكورسيزي في مهب الريح

أحمد الخطيب

 “تسير أغلب الأعمال بطريقة تُشبه ــ معلومات، قطع…معلومات، قطع…معلومات، قطع ــ المعلومات بالنسبة للمُخرجين هي مُتن القصة. لكن بالنسبة لي، هُناك وفرة من الأشياء التي تدنوا من كونها معلومات، وتتآلف مع حيواتنا الخاصة بشكل وثيق، بيد أنها لا تتصل أتصالاً مُباشراً بالقصة، أنا أحاول الخوض… الأفلمة… أخذ مساحة في الزمان والمكان، والكثير من الأشياء الأخرى، لذلك أنا أعمل بنفس الطريقة ــ معلومات، قطع…معلومات، قطع…معلومات، قطع ــ غير أنه بالنسبة لي المعلومات ليست هي كُلّةُ القصة”. المُخرج وكاتب السيناريو (بيلا تار).

هُنا (مارتي) حاول فعل بالضبط ما قاله المُخرج (بيلا تار) ولكنه لم يُنتج سوى نُسخة رائعة كَهلة لفيلمه القديم (الأصدقاء الطيبون) بعدد ساعات أكبر، وبإسهاب ومط فيه إغفال لروح أفلام عصاباته الأولى، وفيه ارتياح وخفة في أداءات ممثلين ربما كانوا على وشك التقاعد فأعادهم مرة أخرى للحياة.

سكورسيزي مزدوج، القديم يُلاحق الجديد… الفِكر والتوقعات

قبعات ومعاطف بألوان رمادية، بذات رسمية وحُلل منمقة، خواتم ذهبية ضخمة وأسلحة نارية في حجم كف اليد مُندسة في الجيوب، قطع لحم كبيرة، ورقائق ذرة مغموسة في الخمر، نُدف من الدم على الحائط، وحناجر مملوءة بالصيحات. بالإضافة للكثير من الأشياء الأخرى التي ستصطدم بها خلال مشاهدتك لفيلم ثلاث ساعات ونصف من الحوارات واللقطات المتوسطة والديباجة التي صبغت النصف الأول من الفيلم لتأتي بنتائج مُرضية في النهاية؛ بيد أن كُل هذه الأشياء لا تصيغ سيماء فكرية مُعينة، أرقى من أقرانها الراسخين في حقيبة السينما.

أكثر المتشائمين استنبأوا بقُدرة المُخرج العجوز (سكورسيزي) على خطف قلوب الجماهير، (سكورسيزي) الذي مرّ بالعديد من التجارب السابقة، تمكن فيها من صُنع أفلام ذات توجهات مُختلفة، ومواضيع مُتباينة، لكن من بين سيرة غصة بالعظمة والسمو، وأعمال تلتمع على سطح السينما، هُناك جواهر ثقيلة في الأعماق، مثل فيلم “سائق التاكسي” وفيلم “ملك الكوميديا” ومن بين تلك الجواهر -وأقصد هُنا الأشياء التي يؤوب المقال إليها- الأشياء التي برع فيها حقاً، وأحبها حقاً مثل “الأصدقاء الطيبون” و”كازينو” و”عصابات نيويورك” و”المغادرون” وهي أفلام العصابات التي تناولها بأوجه مُختلفة وفي حِقب مُتباينة، بفلسفات القتل مُتعددة.

لقد أبدى مهارة مُنقطعة النظير في صُنع أفلام العصابات، وأجاد نسج خيوط شخوصه الذي يُضفي عليها بُهاراته الإيطالية المخصوصة، بالإضافة لتشكيله الممتاز للعامل الزمكاني الذي يُضفي على السرد نوعاً من الواقعية باختياره الحِقب المُناسبة والبُقع المُلائمة، والأجواء المُتفقة مع طبيعة الفيلم، وهذا بجانب عوامل إخراجية أخرى، وحذق في الانتقاء والانتقال بين الكادرات، واصطفاء طاقم ممثلين يمتازون بطبيعة وصوت يُلائم قوة الفيلم.

إنما كُل ما في الأمر أنه فيلم عصابات! مرة أخرى! بعد كُل الأفلام والمحاولات التي امتصت الفكرة، وقدمتها بكُل وجه ممكن، ثم ألقت بها في أكبر سلة قمامة، والآن (سكورسيزي) يتلقفها مرة أخرى، يستدعيها ويستجلب معها الصخب والضجيج، ليعيد الأمل في فيلم عصابات تمنى الجميع أن يكون بحجم مكانته، وتوقع الجميع أن يبتعد عن الأفكار المُستهلكة قبلاً ليُنتج نوراً جديداً.

ولكن إذا فكرنا، بعد أفلام “سيرجي ليون” بفلسفتها وسردها المميز للأحداث، و”العراب” للجبار “فورد كوبولا”، وعصاباتكوينتن تارانتينو ما بعد الحداثية، وعُصبة أفراد “جاي ريتشي” المُثيرة للسخرية، والكثير إذا أسهبنا في الحديث، هل من جديد؟ حتى لو تم استهلاك جميع الأفكار التي تدور في حيز أفلام العصابات، كان الجميع يتوقع من مارتي الأفضل، حتى إذا لم يأت بفكرة عبقرية، يُمكنه أن يُقدم وجبة دسمة يرجف لها الجسد، وينبض لها القلب شغوفاً، وهذا ــ رُبما ــ بالفعل ما قدمه مارتي، في رِتم يسير بسرعة ثابتة نحو الأمام، وحلقات زمنية تُحكى من منظور “الفلاش باك” وهذا شيء يجب أن نتوقف عنده، لأن الإقدام على صُنع فيلم يزيد عن الثلاث ساعات هو تحدٍ هائل، سواء للميزانية الإنتاجية للفيلم، أو للجمهور الذي سيجلس لأكثر من ثلاث ساعات يُحملق في الشاشة، بيد أن الفيلم لم يفقد الرِتم حتى لو للحظات قليلة، وهذا شيء رائع، يدُل على مهنية عالية وخبرة حاضرة لكلا الطرفين الممثلين والمُخرج.

بيد أنه إذا حاولنا وضع اليد على المنطقة الجديدة في الفيلم، لن نجد شيئاً جديداً إلا بعض المشاهد المُتفردة في تركيبها، والذي أرتفع نسقها بسبب قوة حضور الممثل على الشاشة، ولكن يجب أن نسأل أنفُسنا دون تحيز هل أتى (سكورسيزي) بجديد؟ يُمكننا أن نقول بضمير مُرتاح، لا، لم أشعر أن هُناك كيس إبداعي مُنتفخ ينقبض وينثني في مُعاناة، وتكوين، وترسيب لسنوات ثم ينفجر في مثل تلك القصة!!

مارتي الخلّاق حاول الانفجار، والحق أنه لم يخرُج من بين تماثيل الماضي الذهبية سوى برمادٍ لا يسمن ولا يُغني، وأستطيع القول إن مارتي لم يترفع عن الماضي، بل أنه تلاشي في وسط زحام الأفكار، جعله هذا ينجذب لفكر أفلامه السابقة ــ أو ببساطة أخذها كنموذج يُعيد به بناء فيلمه الجديد ــ وللأسف لم يستطع أن يخرُج من رقّ أشياءه القديمة، حتى لو لونها بالهدوء، وشكّلها بأسلوب أخر لكي يدخل اللعبة مرة أخرى ولكني لم أجد سوى (الأصدقاء الطيبون) مترهلاً.

أنا لم أعرف كيف أضع يدي على المُعضلة، الفيلم يسير بالنسق المطلوب، نحو الأمام، ولكن أنا أعلم بالطبع ما سيحدث، وإذا كان أحد ما يود أن يُقدم فيلم عصابات، العامل الأول الذي يجب أن يطبع به عمله هو الدهشة، وأنا لم أقابل أي نوعاً من الدهشة، فقط…متوالية من الخطوط الزمنية، التي لا تكون عُقدة يجب على المُشاهد التفكير في حلها، بقدر ما تُمهد لفعل معروف ماهيته من أول ساعة ونصف. لذلك الفيلم أشبه بدراسة الحالة.

الخبرة ليست كُل شيء

هُناك فارق كبير بين أن تصنع فيلماً رائعاً، وأن تصنع فيلماً بفكر جديد، تضُج به كحالة غرائبية غير مُكررة، وسيأخذ نفس الحفاوة التي سيحصل عليها الفيلم الرائع، ولكن مكانته بين صُنّاع السينما ذاتهم ستختلف، لأن الفيلم ذا الفكر الإبداعي، هو منهج ونسق كامل، يستلهم فكرهُ من تطويع واستحداث وصُنع قالب مُختلف بنفس الأدوات التي يستخدمها البعض لصُنع فيلم عادي، وذاك الإلهام يظل لسنوات، ورُبما يصنع موجة جديدة تسير على نفس النهج والمنوال، أو أن تُسمى الطريقة باسم “مارتي العجوز”، ويُطبع أسمه على كُل من ألهمتهم طريقته. وأنا لا أقصد بهذا أن مارتي فقد هويته بطريقة ما، أو أنه لم يطبع بصمته في كُل شبر من سينما الشوارع، وكُل عضو من أعضاء صُناع السينما الموجودين بعده. بالتأكيد سكورسيزي لم يفقد هويته، وهذا الفيلم أكبر دليل على ذلك، ولكنه وضع كُل خبرته في هذا الفيلم، أنه أشبه بأن تنطلق بدراجتك الهوائية مُغمض العينين، ويداك مُنفرجتان في الهواء، فأنت شيخ الطريقة وسيد الأسلوب، لا تخاف شيء، وتحترم الطريق كما يحترمك، فهذه التجربة يُمكن أن تكون أصعب تجربة وتحدٍ خاضه مارتي، فهو المُشرف على الكتابة والإخراج واختيار طاقم الممثلين بشكل كامل، وكأنه يقول أنا أستطيع الآتيان بما لم يأت به الأوائل ــ والأوائل هُنا أقصد بهم سكورسيزي نفسه، لذلك كان بالنسبة لي “سكورسيزي يصارع نفسه” ــ ولكنه لم يأت بجديد حقاً! وهُناك الكثير من علامات الاستفهام التي وجب التحديق بها!

صُنع فيلم ليس جمع أقاصيص قديمة، وجلب عدة عظماء جيوبهم مُثقلة بجوائز الأوسكار، وتلفيق هذا ما ذلك لجس نبض جديد في قصة ماتت منذ زمن، ولكن المُدهش أن الفيلم خرج مميزاً، وهذا ليس غريباً. ولكن الصنعة الإبداعية تفرض التجديد، وليس الحنين للقديم بشيء سيء ولكنه يُشبه كثيراً ما حدث قبلاً، مثل ديجا فو.

أنا أقصد هُنا هي طريقة العرض، ولا أقصد مُتن الأحداث نفسها، فقصة (فرانك شيران) قصة لم أسمع بها، رغم أنها عُرضت من قبل، ولكن ألا من سبيلاٍ لعرض الفكرة غير الكليشيهات العصابية المعروفة؟ أنا أعرف أن الموضوع صعب، لأن السيّر الذاتية، أو الأفلام المُقتبسة من كُتب يصعُب تغيير قلبها، وطريقة سيرها، ولكن هذا الكلام يوجه لأي مُخرج غير (سكورسيزي). فهي نفس الطريقة في جميع الأفلام السابقة، القتل بدم بارد، والمُداعبات والسخرية قبل القتل، الخواتم المتبادلة علامة على التقدير، المناوشات والخفّة وضحايا الرصاصات الخاطفة والأقدام السريعة، الرأس الكبير وزعيم العصابات الذي يحترمه الجميع، إنها قصة مُثيرة، ولكنك رأيتها يوماً ما.

الشيء العظيم في هذا الفيلم، هو رُبما (آلبتشينو) وبالتأكيد (جو بيتشي)، أنهما الشيء الوحيد المُتمرد على عوالم العصابات المعهودة، وكليشيهات الأفلام السابقة، وأظن أن ممثل بقدر وحجم (آلبتشينو) هو أضافة قوية لعوالم مارتي، بل أضافة لشخصية (جيمي هوفا) نفسها، هذا العجوز الرائع، بطاقته اللامتناهية، ورأسه الصلفة، وصوته الذي يصدح بالثورة والتمرد، وهذه الصفات رُبما تكون أقرب إلى عوالم عصابات مارتي، ف(جيمس هوفا) الشامخ، المُكابر، الذي يتميز بروحه النشطة، وقلبه الشغوف، وحنجرته الرخيمة، وفمه المفوه، قد صبغ العالم بلون خالص به، قائدٌ للتكتلات العُمّالية، وسائقي الحافلات، يصدح صوته بالشعارات والحوافز الكلامية، وكأنه مُبارز كلامي، وهذا غريب على العصابات من الناحية الأخرى. أما (بيتشي) والذي رفض هذا الدور أكثر من عشرين مرة من قبل، فقد كان هادئاً، مميزاً، أنه مجموعة من المشاعر الممتزجة بالصورة، القسوة والحُب والحقد، شيء مثل غيمة، وثمة أمطار داخل الغيمة، ولكنها في الأول والأخر غيمة ظل.

كُل مُخرج هو سيد فيلمه الخاص، يعرض أضخم مساحة من الدواخل، ويمزجها بوفرة من العناصر التي يشترك فيها البشر جميعاً، وهكذا يستطيع جميع المُشاهدين ــ في نقاط محددة، وبُقع ضرورية ــ أن يجدوا ما يربطهم ببعض، وذاك الربط يوحدهم مع الفيلم، أنه العامل المُشترك الذي يستخدمه أغلب المُخرجين، ولكن (سكورسيزي) دائماً ما يأخذ على عاتقه العمل في عوالم الماضي، بطبيعة مُحددة، ومواقف استثنائية أغلبها مُقتبس من حوادث حقيقية لا يعرفها الكثير من الجيل الحالي، أو لم تأخذ نصيبها من التاريخ. الحقبة الزمنية والفكرة الإبداعية هي من توحد المُشاهد مع (سكورسيزي).

ولكن ها هُنا يعود مرة أخرى مُكرراً لذاته، فهل فقد إله أفلام الشوارع القدرة على تحرير فكرة جديدة؟ ألا من بعض الأحاجي التي تستملك علينا أنفُسنا تيهاً وأعجاباً؟ أتقاعد أحد آلهة السينما المعاصرة وقرر أن يرفُل في منطقته الأمنة ويقضي وقته في صُنع النُسخ؟ اقتران الأفكار بصورة قديمة يجعل المشاهد يستحدث الماضي حتى لو بصورة مُختلفة ويتوقع النهاية في باكورة البدايات. وبالتالي فهُناك نقطة ضعف في السرد ــ التوقع والمعرفة ــ وليس في القصة بشكل عام، بجانب نُقطة ضعف السرد هُناك شيء أخر، وهو الفوارق بين عُمر الأشخاص وأشكالهم، فبغض النظر عن الرائع (جو بيتشي) هُناك وعلى وجه الخصوص في (دي نيرو) يظهر تفاوت كبير، في البنية الجسدية وفي علامات الوجه والأوصاف، بالإضافة للملامح والشكل الذي أتى عليها (آلبتشينو) رغم إتيانه بواحد من أفضل أداءاته في أخر عشر سنوات.

فالأمر كان أشبه بجلسة أصدقاء قدامى في حلقة نار، يتبادلون أنصاف الحكايات، بيد أنهم ــ في أول الأمر أو أخره ــ أصدقاء رائعين، لدرجة أنك لا تشعُر أن الفيلم استغرق 106 يوماً كاملاً، بل تم قصه ولصقه في يومٍ وليلة من حنين العجائز ومغامراتهم وخيبات أملهم، أنه نوعاً أخر من أفلام المافيا، مافيا العجائز، وأمواج العطيف، وعناقات الأصدقاء، لم يكن هُناك العُنف المطلوب، أو الأبداع الثوري، أنه أشبه بهُدنة للتقاعد. حتى وأنت تُشاهد الفيلم يُمكن أن تقول كيف يجرؤ أحدهم بوصف هذا الفيلم كفيلم عصابات؟ وبالطبع هذا ليس أفضل أفلام (سكورسيزي) ولا أخفى عليكم أني أحببته بشدة. لأنه من مجموعة عظيمة مثل (مارتي) و(باتشينو) و(دينيرو) و(بيتشي). وإذا طبقنا عليه نقداً بنفس المعايير التي كُنا نحكم بها على أفلام (سكورسيزي) السابقة لخاب منّا.

نُقطة أخرى يجب الالتفاف حولها، هي ــ من وجهة نظري ــ تركه فُرصة ذهبية تمضي للعدم، (سكورسيزي) أذهب من يديه فُرصة لإدخال العديد من الشخوص في القصة وجعل الحبكة أكثر تعقيداً وأقل توقعاً، المزيد من الشخوص المكتوبة بعناية ودقة في مثل تلك المُدة هي الحياة بالنسبة للفيلم، ولكنه أفلت الفُرصة وفضل أن يجعل فيلمه أشبه بأفلام دراسة الحالة، يقوم على شخصية رئيسية وعدد من الشخصيات الأخرى التي لها تأثير مُباشر على الشخصية الرئيسية. ثلاث ساعات ونصف من الشريط السينمائي تدور حول شخص في إطار سرد سيرته، وبألمعية وحنكة يجذب المُمثل الشاطر الأنظار حوله، وبفضل الطاقم الثقيل يستطيع المُخرج أن يصنع دائرة سردية لا تخرج عنها الكاميرا، تدور في فراغ يملئه ثلاثة فيما كان يُمكن أن يملئه ستة أشخاص أو سبعة، فالقصة تدور من منظور شخص واحد، وكأنه إلهاً، بيد أنه كان من المُمكن أن تروى القصة من وجهتين للنظر أو ثلاثة، وكل وجهة نظر تأخذ مساحتها، وشخوصها الرئيسية.

مشاهد مُعيبة، ونقاط تناسي

أولهم بالطبع مشهد ضرب (دي نيرو) لرجُل السوبر الماركت، هذا مشهد مُضحكاً أكثر منه عنيفاً، لأنه لا الهيئة البدنية ل(دي نيرو) ولا حركاته الجسدية أو مرونته تؤهله لفعل ذلك، أكتظ المشهد بالترهُل والكادر المفتوح الذي حاول به المُخرج إخفاء وضع (دي نيرو) الجسدي، ولكنه لم ينجح للأسف.

ثانياً، لم تنجح تقنية ال De-Aging بنقل (دي نيرو) بشكل صحيح بين الخطوط الزمنية الثلاث، وأنا أقصد، أنه حتى بهذه التقنية، كان وجه (دي نيرو) الذي نعرفه جيداً أكبر بكثير من رجُل في الأربعين من عُمره.

ثالثاً، لم يستطع المُخرج أن يجعل المُشاهد يذوب بين الأحداث، وينسى الوقت، وذاك لأنه أنتظر ثلاث ساعات كاملة من “النوستولوجيا” لكي يخرُج لنا بنصف ساعة أخيرة مُميزة، إذاً لماذا؟ كان من المُمكن إعمال فريق ال EDIT بشكل أفضل كثيراً، في تقليص مُدة الفيلم، وإزالة الكثير من المشاهد واللقطات التي تُعيب الفيلم، والإسراع من الأحداث لكي تتكشف عن المحاور الزمنية ذروة حقيقية؛ يُمكن لمُشاهد السينما العادي الاستمتاع بها. ويمكن للبعض القول إن الفيلم بطيئاً ولكنه لم يفقد الريتم، وهذا شيء جيد، وأنا مُعترف بذلك ولكن بمقدار مُعين، أقصد أن البُطء هُنا كان نقطة ضعف للفيلم، لأنه يُعطي فُرصة أكبر للمُشاهد باكتشاف تفاصيل لا يود الخوض فيها، وليست لها علاقة بالقصة الرئيسية.

فلسفة الفيلم

وبالنسبة لفلسفة الفيلم، أبتعد (سكورسيزي) كُلياً عن فلسفة العُنف والدماء، وبدأ نوعاً أخر من الفلسفة، وهو فلسفة الرقص على الجثث، فالقتل بالنسبة له ليس غرضاً أساسياً مُقارنتاً بسير النظام، لذلك كان يلجأ (راسل) إلى القتل كأخر اختيار، وهو ليس خيار، بل هو واجب حتى لا ينهدم بناء كامل مضى أعوام على تشيده، ولكن بشكل أو بأخر، نجد فلسفة الأقصاء وإلغاء الآخر واضحة في هذا العالم الهادئ، وكما في أفلام أخرى، يواجه القاتل ضميره قبل فعل الجريمة، لكن هيهات، ليس هُناك شرفٌ بين اللصوص، بيد أن قاتلنا هُنا ليس سيكوباتياً بل يُحرر عقله وعاطفته لبعض الوقت حتى يُعطي مساحة لنفسه لأخذ خيار ليس له معنى، لأنه سيُنفذ الخيار الأول المطلوب منه. وهو ما يستجلب نتيجة أنه مُجرد بيدق في جيش الشطرنج، رُبما أفضل بيدق، غير أنه يظل بيدق، إنما هُناك نوعاً من التعارض والتناقض الذي يبني به (سكورسيزي) علاقة (فرانك) ب(راسل) فهو يشعر بالتخاذل ويخر بالإذعان، ولكنه يأكل مع سيده على مائدة واحدة. وهذا ما يهدم الواجب الأخلاقي الذي كان يشعر به (فرانك) أتجاه (هوفا) لأن هُناك على الجانب الأخر إرادة مُحركة تطغى عليه، فالإرادة هُنا تُلغي العقل، بيد أنها ليست إرادة داخلية، بل خارجية، وهُنا فرانك يرضخ كمُستقبِل للأحداث طول الفيلم، يسير كما يسير سيده، ولكن في أخر الأمر يخسر كُل شيء. كأنه يقول لنا في آخر نصف ساعة، أنظروا كيف استحال كُل شيء إلى رماد ودموع؟ والندم كان عُنصراً أساسياً في صياغة النهاية، لذلك فهي نهاية كليشيهية، تحمل في طياتها فلسفة الغُفران والتأسف لما آب إليه من أسى وآلم، فهو يقول أسفاً لنفسه أولاً ثم لإلهه ثم لابنته، إنما فلسفة الثواب والعقاب تلك لم تصنع النهاية الملحمية، رُبما كانت حزينة، ولكن كُل النهايات حزينة.

يُمكننا تقييم هذا العمل كأفضل فيلم عصابات في التاريخ إذا محينا كُل أفلام العصابات قبله. ولا يُمكننا أن ننفي بشكل مُطلق وجود بعض المشاهد التي بالفعل كانت تحمل فكر وتأثير جديد، وقوي، ولكن في وسط أكثر من ثلاث ساعات لم تكن بالشيء الذي يُمكن ذكره. وفي النهاية سيشارك (سكورسيزي) في الأوسكار بفلمين، أولهما بحضوره الجسدي في (الأيرلندي)، وثانيهما بروحه الحاضرة في (الجوكر) إخراج تود فيلبس. الفيلم كان جميلاً على أي حال، وتجربة كان من الجيد أن أخوضها.

 

أراجيك فن في

18.01.2020

 
 
 
 
 

«تطفل».. حصان كوري ينافس في سباق الأوسكار

كتب: المصري اليوم

قال «بونج جون- هو» مخرج فيلم Parasite «تطفل» الذي رشح لعدد من جوائز الأوسكار مؤخرا إنه فوجئ وشعر بفرحة غامرة عندما حصل فيلمه على 6 ترشيحات لجوائز الأوسكار قبل أيام، وهى المرة الأولى في تاريخ صناعة الأفلام في كوريا الجنوبية، مشيرا إلى أن اللغة لم تعد عائقا أمام النجاح العالمى في صناعة الأفلام.

الفيلم كوميديا سوداء عن الهوة الكبيرة بين الأغنياء والفقراء في كوريا الجنوبية، وحصل على ترشيح لجائزة أفضل فيلم وأفضل إخراج وأفضل سيناريو، بالإضافة إلى أفضل فيلم ناطق بلغة أجنبية. وقال «بونج» في مقابلة صحفية مؤخرا: «كل مرة يعلنون فيها الترشيحات الجديدة يكون الأمر في غاية الإثارة لأننا لم نتوقع حقيقةً أيًا من ذلك.

كان «بونج» قد تحدث من قبل عن التحديات التي تواجه الأفلام الأجنبية فيما يتعلق بكسر «حاجز اللغة» على مستوى العالم لكنه قال إن الترشيحات تشير إلى أن هذا الحاجز ربما يكون في طريقه للسقوط الآن.

وأضاف: «يمكننا القول إنه بفضل الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعى وخدمات البث قلت حواجز اللغة في المجتمع بكامله وربما يكون parasite قد استفاد من هذا الاتجاه العالمى».

وينافس هذا الفيلم الذي أنتجته شركة وارنر بروس على الجائزة الكبرى مع فيلم عن سباق السيارات هو «فورد ضد فيرارى» وفيلم «الأيرلندى» من إنتاج شركة نتفليكس الذي تدور أحداثه في عالم العصابات وفيلم «جوجو الأرنب» الذي يتهكم على القائد النازى أدولف هتلر، وفيلم «نساء صغيرات» الكلاسيكى المأخوذ عن الرواية الشهيرة بالاسم نفسه، والفيلم الدرامى «قصة زواج»، وفيلم «1917» الذي تدور أحداثه عن الحرب العالمية الأولى وفيلم «ذات مرة في هوليوود».

وسبق أن حصل الفيلم على جائزة أفضل فيلم ناطق بلغة أجنبية في سباق جولدن جلوب مؤخرًا.

 

المصري اليوم في

17.01.2020

 
 
 
 
 

وعد الخطيب: ترشيح فيلم «من أجل سما» للأوسكار فخر كبير وعظيم

عبارة عن رسالة حب تبعثها وعد لطفلتها سما ومدته 95 دقيقة

يأمل مخرجا الفيلم الوثائقي «من أجل سما»؛ السورية وعد الخطيب والبريطاني إدوارد واتس، أن يُذكِّر ترشيحه للأوسكار الناس بمحنة السوريين المتضررين من الحرب التي تأكل الأخضر واليابس في سورية منذ حوالي تسع سنوات. وتم ترشيح «من أجل سما» لجائزة أوسكار كأفضل فيلم وثائقي، على أن تنظم جوائز الأوسكار أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة بالولايات المتحدة. وقبل أسبوع، رُشح «من أجل سما» لأربع من جوائز الأكاديمية البريطانية لفنون السينما والتلفزيون (بافتا)، مما يجعله الفيلم الوثائقي الأكثر ترشيحاً في تاريخ «بافتا». ومن بين الجوائز الأخرى التي حصدها الفيلم؛ جائزة العين الذهبية لأفضل فيلم وثائقي في مهرجان «كان» السينمائي العام الماضي.

رُشح الفيلم السوري «من أجل سما»، للمخرجة السورية وعد الخطيب والبريطاني إدوارد واتس، لنيل جائزة الأوسكار المقبلة.

وذكرت تقارير إعلامية، أن الخطيب قالت من لندن، بعد يوم من إعلان ترشيحات أوسكار: «منذ حوالي ثلاث سنوات كنتُ في ذلك المكان، حيث لم أكن أعرف ما إذا كنتُ سأبقى على قيد الحياة أم لا، والآن الأضواء مسلَّطة عليَّ. أحاول فقط أن أحكي القصة. أنا فخورة جدا بأني استطعت القيام بذلك».

وأضافت قبيل ندوة نقاشية وعرض الفيلم في العاصمة البريطانية: «الترشيح شيء كثير بالنسبة لي، وفخر كبير وعظيم أكيد».

وفيلم «من أجل سما» عبارة عن رسالة حب تبعثها وعد لطفلتها سما، ومدته 95 دقيقة، مع تعليق صوتي من وعد، التي صوَّرت أكثر من 500 ساعة من اللقطات على مدى خمس سنوات، منذ كانت طالبة جامعية عمرها 18 عاما في حلب، التي شهدت بداية الانتفاضة.

ويسرد الفيلم الوثائقي الأحداث التي وقعت في حياة وعد، الشابة التي أحبَّت صديقا، هو طبيب يُدعى حمزة، ثم زفافهما، وبعدها ولادة سما، فيما يحتدم الصراع حولهما.

وبدأت وعد توثيق الأحداث بكاميرا هاتفها المحمول، قبل أن تنتقل تدريجيا لاستخدام مُعدات أكثر احترافية، مع بدئها في تقديم تقارير إخبارية من حلب على فترات للقناة الرابعة البريطانية.

وفي فيلم «من أجل سما» صوَّرت وعد الأحداث يوميا بمستشفى زوجها، وهو المستشفى الوحيد الذي كان يعمل في حلب آنذاك، والأوضاع المعيشية للأسر التي اختارت البقاء في المدينة المحاصرة مثل أسرتها.

وفي مشاهد مفزعة رأى الجمهور وعد والناس من حولها يمرون بتجربة فقدان الأحبة والنجاة وهم يتجادلون حول ما إذا كانوا سينزحون أم سيبقون كما هم في حلب.

وفي تلك الظروف حملت وعد في ابنتها الثانية، تيما، واضطرت أسرتها لمغادرة سورية. وبعد أن قضوا عاما في تركيا، استقر بهم المقام حاليا في لندن، حيث اشتركت مع البريطاني إدوارد واتس، وحوَّلا معاً مئات الساعات من اللقطات المصورة إلى فيلم وثائقي.

وقالت وعد وواتس إنهما قضيا عامين لعمل الفيلم، حيث قلصا أولا اللقطات إلى 300 دقيقة من التصوير الذي اعتبراه أكثر أهمية، وقدَّما الأحداث في البداية وفق ترتيبها الزمني، لكن سرعان ما ارتأيا الحاجة إلى تبني نهج مختلف، قائلين إنه مع تدهور الوضع، أصبح الفيلم كئيبا جدا.

ومع ذلك، فإن «التعديل الأول الذي عرضاه على مجموعة صغيرة من الأهل والأصدقاء كان مزلزلا»، على حد قولهما، الأمر الذي أوجب تخفيف النبرة في النسخة النهائية للفيلم.

وتُعلن أسماء الأفلام الفائزة بجوائز الأوسكار في 9 فبراير المقبل في حفل بهوليوود.

وإذا كانت وعد ستحضر الحفل، فإن طفلتها سما، التي يبلغ عمرها حاليا أربع سنوات، ستكون هناك أيضا لتشارك العالم قصتها.

 

الجريدة الكويتية في

17.01.2020

 
 
 
 
 

«1917» الأفضل في حفل توزيع جوائز اتحاد المخرجين الأمريكيين

كتب: ريهام جودة

وزع اتحاد المنتجين الأمريكيين (PGA) جوائزه لأفضل الأعمال الفنية السبت في احتفال كبير حضره عدد من المشاهير في الدورة الـ31.

ووجه «ميندز» الشكر لفريق العمل بفيلم «1917»، وقال لحظة تسلمه الجائزة «لقد كان أفضل تجربة في حياتى ومشوارى المهنى».

وتابع «ميندز»- الذي حصد مؤخرا أيضا جائزة جولدن جلوب واختيارات النقاد عن الفيلم- أنه استوحى قصة الفيلم من أحداث حقيقية وقعت لجده ألفريد ميندز، وأضاف «لقد أردت تخليد ما مر به خلال الحرب العالمية الأولى، وأشكركم لمنحى هذه الجائزة في أول مشاركة لى بها».

وحصد «ميندز» الجائزة إلى جانب المنتجين المشاركين له في الفيلم «بيبا هاريس» و«جايان آن تيجرين» و«كالكوم ماكدوجال»، واعتبر النقاد أن فوز فيلم «1917» بهذه الجائزة يمهد له للفوز بالأوسكار التي ترشح لـ10 جوائز منها وأبرزها أفضل فيلم، معتبرين أن 21 من 30 جائزة سبق أن منحها اتحاد المنتجين الأمريكيين للأفلام الفائزة على مدى دوراته السابقة، تماثل مع خيار أعضاء التصويت بجائزة أوسكار أفضل فيلم في الأكاديمية الأمريكية لفنون الصور المتحركة المانحة للجوائز، وحتى آخر عامين فإن جائزة أفضل فيلم في اتحاد المنتجين تطابقت مع أوسكار أفضل فيلم، وفاز بها فيلما Green Book، وThe Shape of Water.

من ناحية أخرى فاز Toy Story 4 بأفضل فيلم رسوم متحركة، واختير مسلسل Succession كأفضل عمل تليفزيونى لعام 2019 خلال الحفل، والذى أنتجته شبكة HBO، بينما حصد Chernobyl «تشيرنوبل» أفضل حلقات تليفزيونية، وفاز «فليباج» بأفضل عمل كوميدى.

كما تم تكريم عدد من المنتجين ممن أسهموا بأعمال مميزة خلال العام، ومنهم «أوكتافيا سبنسر» ومسؤول المحتوى بشبكة نيتفليكس «تيد ساراندوس» و«مارتا كوفمان» منتجة مسلسل Friends، والممثل والمنتج «براد بيت» الذي أنتج عبر شركته مؤخرا فيلم Bombshell أحد أقوى الأفلام المتنافسة على الجوائز هذا الموسم.

 

المصري اليوم في

19.01.2020

 
 
 
 
 

الأكاديمية غيّرت قواعدها لتسمح بترشيح 10 أفلام للمنافسة

«أوسكار 2020»: «الجوكر» و«الإيرلندي» في الصدارة

المصدر: دبي - الإمارات اليوم

أعلنت أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة (أوسكار) عن قائمة ترشيحاتها الرسمية والنهائية للدورة الـ92، ويقول التقرير الصادر عن الأكاديمية إن هذه الأخيرة كانت غيرت قواعدها لتسمح بترشيح 10 أفلام للمنافسة في فئة أفضل فيلم كل عام، ورغم ذلك لم تُطَبق القاعدة حتى الآن، أما هذا العام، فيتوقع النقاد أن تتحقق القاعدة وتتنافس 10 أفلام، منها فيلم الدراما الحربي «1917»، وفيلم «الإيرلندي»، وفيلم «الجوكر»، و«حدث ذات مرة في هوليوود»، إلى جانب فيلم من كوريا الجنوبية وفيلم سوري، لكن الترشيح لايعني الفوز، حيث فازت أعمال كثيرة في الدورات السابقة لم تكن مرشحة لنيل الجوائز، وفي ما يلي ملامح عن أبرز الترشيحات:

«الجوكر»: حصة الأسد

تمكن فيلم الجوكر من التفوق على الأفلام الأخرى في ترشيحات الأوسكار، إذ استطاع فيلم المخرج تود فيليب الحصول على 11 ترشيحاً، من بينها فئة «أفضل فيلم». ولا يعد الترشيح ضماناً للفوز، ففي الماضي خسرت الكثير من الأفلام المعروفة خلال حفل الأوسكار الفعلي.

«الإيرلندي»: بارقة أمل لـ«نيتفليكس»

يروي فيلم «الإيرلندي» للمخرج مارتن سكورسيزي قصة مافيا أميركية، وحصل على 10 ترشيحات في الأوسكار، بعد أن حصل على العديد من الترشيحات في جوائز «غولدن غلوب»، لكنه لم يفز. ويرى نقاد ومتابعون أن فوزه سيُعزز مكانة «نتفليكس» في صناعة السينما.

«ذات مرة في هوليوود»:

الفيلم الثالث الذي حصل على ترشيحات عدة هو «ذات مرة في هوليوود» للمخرج كوينتن تارانتينو. ويتحدث الفيلم عن الحياة في هوليوود أواخر الستينات وحفلات لوس أنجلوس خلال جوائز غولدن غلوب. فيما فوز الفيلم سيكون فرصة لعودة الأفلام الكلاسيكية إلى شاشات السينما.

«نساء صغيرات»: المخرجة الوحيدة

غريتا غيرويغ هي المخرجة الوحيدة المرشحة ضمن فئة «أفضل فيلم»، إذ استطاعت الممثلة والمخرجة غريتا غيرويغ انتزاع ترشيح في الأوسكار من خلال فيلمها الدرامي «نساء صغيرات». والفيلم يتحدث عن حياة أربع نساء شجاعات ونضالهن ضد الهيكلية التقليدية، ويرى ناشطون أن هذا الترشيح جاء رسالة واضحة ضد عالم هوليوود المسيطر عليه الرجال.

«1917»: دخيل على الجوائز

هذا الفيلم هو الفائز الأكبر في جوائز «غولدن غلوب» هذا العام، إلى جانب فيلم «ذات مرة في هوليوود». حيث إن فيلم الحرب الدرامي والمتطور تقنياً للمخرج البريطاني سام مندينز اعتبر في البداية دخيلاً خلال جوائز الـ«غلوب»، لذلك ربما سيستطيع مرة أخرى أن يقود انقلاباً في حفل توزيع الأوسكار.

«الطفيلي»: من «كان» إلى الأوسكار

استطاع فيلم «الطفيلي» من كوريا الجنوبية أن يحقق المنافسة في مهرجان كان العالمي، وينتزع جائزة السعفة الذهبية. فيلم المخرج بونغ جون يثير اهتمام الأوسكار أيضاً، حيث تم ترشيح الفيلم لفئات عدة من بينها «أفضل فيلم».

الترشيح لا يضمن الفوز، فالكثير من الأفلام المرشحة كان يخسر.

ترشيح غريتا غيرويغ رسالة ضد سيطرة الرجال على هوليوود.

 

الإمارات اليوم في

19.01.2020

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004