كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

«الجوكر».. أفكار وملاحظات

محمود عبد الشكور

جوائز الأكاديمية الأمريكية للفيلم

الدورة الثانية والتسعون

   
 
 
 
 
 
 

أتمنى ألا يصرف الأداء الفذ للمشخصاتى خواكين فوينيكس اهتمام المتفرج عن الأفكار والثنائيات التى يتناولها فيلم «الجوكر» (أخرجه واشترك فى كتابته تود فيليبس)، فالأمر فى رأيى يتجاوز تفسير سلوك شخصية الجوكر التى يطاردها باتمان فى أفلامه، إلى تأمل علاقات أكثر تعقيدا، وبذلك يمكن أن نحدد وزن السيناريو بين الاتساق والاضطراب.

الثنائية الأولى التى يتناولها الفيلم هى «العنف والسخرية»، وكأنهما صفتان متلازمتان فى قناع واحد، وهذا سبب الابتسامة القسرية المتكررة، والضحكة المفتعلة التى تميز الجوكر.. يبدو الضحك مصنوعا فى برامج تليفزيونية أو فى عروض ستاند أب، وتبدو السخرية نفسها عملا عنيفا يستوجب القتل انتقاما من مذيع التليفزيون، والعنف تجاه الجوكر تسبقه دوما سخرية مريرة منه، وهو نفسه سيمارس العنف تحت قناع مهرج يفترض أن يسعد الناس، هنا نظرة قاسية للطبيعة الإنسانية؛ حيث تكمن وراء ابتسامة المهرج مأساة، وتكمن وراء الضحكات قسوة لا حد لها.

الثنائية الثانية هى «الفرد والمدينة»، ومن هذه الزاوية تبدو مدينة جوثام الخيالية كئيبة ومنفرة، وليست مصادفة أبدا أن تبدأ الأحداث بإضراب يؤدى إلى ملء طرقات المدينة حرفيا بالقمامة والنفايات، أما الفرد، وهو آرثر الذى سيصبح الجوكر، فهو مهمش وغريب، شكلا ومضمونا، لا يريد فقط سوى أن يعيش فى المدينة، ولكنها لا تتركه فى حاله، بل ترفع الدعم عن خدمة علاجه، المدينة أيضا واقعية لدرجة أن أولى جرائم الجوكر كانت ضد ثلاثة يعملون فى وول ستريت، إنها مدينة معروفة وملموسة، وليست مدينة تطير فيها الكائنات فى الهواء، فيلم «الجوكر» من هذه الزاوية عن فرد لم يتحمل قسوة المدينة وأهلها.
الثنائية الثالثة هى «التمرد والجنون»، وفى رأيى فإن معالجة الفيلم لهذه الثنائية مضطربة ومشوشة، وظل هذا التشوش مستمرا حتى المشاهد الأخيرة، السؤال ببساطة هو: هل «آرثر/ الجوكر» رمز للتمرد أم أنه عنوان للجنون والمرض العقلى؟

الفيلم أراده الاثنين معا، فجرائمه الشخصية تثير تعاطف كل المهمشين، والجوكر يتحول إلى مئات من أقنعة الجوكر فى مظاهرات النهاية، وآرثر مهمش أيضا، لدرجة أنه يشك فى أنه موجود من الأساس، أين المشكلة إذن؟ المشكلة أن الجنون مرض، أما التمرد فهو موقف، المريض غير مسئول عن تصرفاته، أما المتمرد فهو واع ومسئول ويعرف ما يريد، وهذا الاضطراب فى رسم الشخصية، جعل من الصعب الفصل بين جرائم الجوكر بسبب مرضه، أو جرائمه كموقف تمرد وعنف مضاد، ولذلك لم أصدق أبدا كلمات الجوكر الحكيمة فى مشهد النهاية، والسيناريو نفسه حائر، فبينما يصبح الجوكر رمزا لتمرد المدينة بأكملها، ويعى هو ذلك فى مظاهرة، يعود فى مشهد تال إلى حجرة المستشفى، هنا خلل فادح انعكس على كل شىء، فاختلط وعى الشخصية بحالة جنونها فى أداء فوينكس أيضا، وهى مشكلة كتابة بالأساس كما شرحت.

لكن يظل أبرز ما قدمه الفيلم التأكيد على أن آرثر فى الفيلم ليس ممثلا للشر، ولكنه يكاد يصبح ضحية له، وضحية للمدينة وأهلها، وهو يهاجم دفاعا عن نفسه فى مواجهة العنف والسخرية، بل أراد الفيلم أن يجعله مطهرا للمدينة «نفاياتها»، وممن أهانوه أو غدروا به، لا فرق فى ذلك بين زميل العمل، والمذيع الساخر، ورجال المال، والعمدة الذى يلعب لعبة السياسة، هذا الخلط بين العام والخاص، وبين الجنون والوعى بمن يفسدون المدينة، هو أيضا ثمرة جعل آرثر متمردا ومجنونا فى نفس الوقت، وبينما تنمو أزمة بطل فيلم «سائق التاكسى» لسكورسيزى تدريجيا وصولا إلى مرحلة الانفجار، فإن «الجوكر» يبدأ وبطلنا يعالج فعلا من مرضه العقلى، مما يجعل سلوكه فى خانة الاضطراب، وللمفارقة فإن روبرت دى نيرو الذى لعب دور السائق العنيف فى فيلم «سائق التاكسى»، يؤدى فى «الجوكر» دور موراى الساخر الذى يسلى المدينة، ويستهدفه آرثر.

هى إذن ثورة فوضوية أشعلها شخص مريض عقليا، منعوا عنه الدواء، بعد أن فصلوه من العمل وسخروا منه، ومع ذلك أراده المهمشون رمزا لعنفهم المضاد، هذا حقا أقل بكثير جدا مما كانت تعدنا به أفكار الفيلم اللامعة، وإن كانت أفكارا مثيرة للجدل والنقاش، خاصة مع أداء فوينكس الذى لا ينسى.

 

الشروق المصرية في

10.10.2019

 
 
 
 
 

فيلم الجوكر قوي ويقدم خواكين فينيكس في بطولة كئيبة

يرسم المخرج تود فيليبس صورة ملتبسة عن الشرير الخارق الذي كان شابا مضطربا

جيفري ماكناب 

يؤدي خواكين فينيكس دور "الجوكر" بأسلوب يظهره ودوداً ومخيفاً جداً في الوقت نفسه.

("تووفاب.آكاميزد.نت")

إخراج: تود فيليبس. بطولة: خواكين فينيكس، وروبرت دي نيرو، وزازي بيتز، وفرانسيس كونروي. تصنيف عمريّ: 15 عاماً فما فوق. المدة: 118 دقيقة.

ما الذي تحصل عليه عندما تعامل شخصاً انطوائياً وفقيراً وغير مستقر عقلياً، كأنه قمامة؟ تحصل على الـ"جوكر" العدو اللدود لـ"باتمان" ("الرجل الوطواط"). ويقدّم الفيلم الطويل المبتكر الأخير للمخرج تود فيليبس، تلك الإجابة. إذ يرسم لنا المخرج صورة الشاب المضطرب نفسياً الذي ينقلب شريراً خارقاً في المستقبل، فيما يؤدِّي خواكين فينيكس الشخصية بأسلوب يظهره ودوداً ومخيفاً جداً في الوقت نفسه.

وفي الفيلم نفسه، تظهر للمرّة الأولى شخصية آرثر فليك أشبه بمزيج بين شخصيّتي ترافيس بيكل، الشخص المستوحد اليقظ في "سائق تاكسي" Taxi Driver (إخراج مارتن سكورسيزي)، وروبرت بوبكين ذلك الرجل الذي يطمح في أن يصبح نجماً كوميديّاً في "ملك الكوميديا"King of Comedy  الذي أخرجه سكورسيزي أيضاً. ويؤكد حضور روبرت دي نيرو بين طاقم الممثلين (يؤدي دور مقدم برنامج حواريّ يشبه إلى حدٍّ بعيد شخصية جيري لويس في الفيلم الأخير) حقيقة أنّ "جوكر" مستلّهم من أعمال سكورسيزي نفسه بقدر كونه مستوحاً من عالم قصص المجلات المصوّرة.

وفي التفاصيل، يرسم شريط "الجوكر" شخصية آرثر الشديدة الغرابة إلى حد مؤلم. ويعيش مع والدته المسنَّة والمريضة (فرانسيس كونروي) في شقة متهالكة، ويعمل مهرّجاً في الحفلات كي يكسب قوت يومه بشق الأنفس.

في المشهدية نفسها، تبدو مدينة "غوثام" الخياليّة غارقة في الفوضى والفساد والضياع. لم يُحدّد الزمن الذي تدور فيه حوادث الفيلم، لكنّه يبدو كأنه حقبة السبعينيات من القرن العشرين. إذ تعرض دور السينما أفلاماً إباحيَّة، وتزدحم الطرقات بالقذارة، وتغزو الفئران الشوارع، وتنتشر الجريمة، إضافة إلى وجود فجوة هائلة بين الأغنياء (الذين يمثّلهم العمدة الجديد توماس واين)، وبين بقية المجتمع.

وإذ لا يستطيع آرثر الدفاع عن نفسه، فإنه يخضع إلى العلاج بالأدوية. ولذا، عندما يعتدي عليه مراهقون سيّئون ويضربونه في أحد الأزقة الخلفية، يعجز عن ردعهم. كذلك يعاني ذلك المهرج حالة صحيّة غامضة تجعله ينفجر في نوبات ضحك جنوني في لحظات غير مناسبة أبداً. يضاف إلى ذلك أنّ آرثر ليس مسليّاً جداً أيضاً، إذ تسأله والدته مثلاً في أحد المشاهد "ألا يجب أن تكون مضحكاً كي تكون كوميدياً؟"، لكنه يرفض الإجابة عن ذلك السؤال. واستطراداً، كرّس آرثر نفسه لوالدته التي تحكي له قصصاً عن وايين الثريّ وصاحب السلطة، الذي عملت لديه في ما مضى، لكنه يظهر في الفيلم كمليونير متعجرف لا يولي سكان "غوثام" المضطهدين الاهتمام المطلوب.

كذلك من المستطاع القول إنّ مسار الفيلم يبدو أكثر كآبة وميالاً إلى ذائقة قوطية فنيّاً (بمعنى الممازجة بين الخيال والرعب والموت وأحياناً الحب) بالمقارنة مع مسار أفلام "الرجل الوطواط" للمخرج كريستوفر نولان. ربما يكون آرثر الذي يجسده فينيكس شخصية هشّة، لكن كلما تعرّض للتنمّر تراكمت المظالم التي تختزنها نفسه. ويخبره أحد المهرجين "عليك حماية نفسك، وإلا سيُقضى عليك". وتحرّك تلك النصيحة تحوّله شخصية خبيثة لها تلك الابتسامة التهكميّة التي نعرفها عن شخصية الجوكر في كل الأفلام عن ذلك المحارب الذي يرتدي قناعاً (= "الرجل الوطواط"). في المقابل، لا يشير فيلم "الجوكر" إلى "الرجل الوطواط" مباشرة في حوادثه.

في ذلك السياق، تظهر شخصية جوكر بالطريقة التي أداها فينيكس بوصفها أكثر قسوة وكآبة وانطوائية من الشخصية التي أداها هيث ليدغر في فيلم "فارس الظلام" (أحد الأفلام عن "الرجل الوطواط") للمخرج كريستوفر نولان. ومثلاً، نلاحظ أن الجوكر لا يتمتّع بتلك الطاقة الهائلة التي أبرزها ليدغر، بل يتحرّك ببطء أكثر. ومع ذلك، عندما يُطلق العنان لحقده في نهاية المطاف، يصير ملكاً للفوضى مشابهاً للشخصية التي أداها ليدغر.

نسبياً، تبقى مشاهد الحركة التي يتضمّنها الفيلم قليلة. وفي النهاية، لسنا إزاء فيلم عن بطل خارق، إضافة إلى أنّ آرثر يستغرق بعض الوقت لينقلب إلى شرير ويؤدي لقطات الأكشن المخصصة له. ومع ذلك، يُضمِّن المخرج فيليبس الحوادث مقطعاً قّدم ببراعة في مترو الأنفاق في "غوثام"، يشمل الجوكر ومئات من المحتجين الذين يرتدون زي المهرج، وضباطي شرطة قليلي الحظ وقد حوصرا في الحشد.

من جانبنا كمشاهدين، لا يسعنا إلا أن نتفهّم آرثر بالنظر إلى أنّ الجميع يضايقونه. ونشعر بمعاناته في المشاهد المؤلمة عندما يؤدي عروضاً كوميدية سيئة أو يُحرج نفسه عِبْرَ إساءة تفسير كلمات الآخرين وأفعالهم. في الواقع، من الطبيعي أن نتمنّى له الفوز، لذا يغمرنا شعور بالبهجة عندما يتوقّف أخيراً عن التعثّر ويشرع في الدفاع عن نفسه.

في السياق نفسه، يبدو أنّ للمخرج فيليبس موقفاً متناقضاً للغاية تجاه تلك الشخصية الرئيسة في فيلمه. من جهة، يقدّم آرثر كقاتل مختل عقليّاً يعجز عن إخبار النكات وتصدر منه ضحكة قبيحة غير طبيعية أشبه بضحكة الضباع. ومن جهة أخرى، يصوِّره الفيلم كبطل قوميّ، يبعث الفوضى في مجتمع تجاهل الفقراء والمهمّشين فترة طويلة. في أحد المشاهد، يخبره أحد العاملين الاجتماعيّين، وقد كان يتابع حالته أثناء معاناته الطويلة، "إنهم لا يبالون بك... ولا يكترثون بأمري أيضاً".

في بعض الأحيان، حينما يسعى صانعو الأفلام جاهدين إلى نسج دراما تستند على تفاصيل كثيرة حول شخصية شريرة، اعتدنا أن تُقّدّم تلك الشخصية بوصفها تمتلك بعداً واحداً. ولطالما ثار جدل بشأن وجود سلسلة أشرطة يمكن وصفها بأفلام الـ"مجلات مصوّرة سوداوية"، وفيلم "الجوكر" أوّلها، وتركّز على النصف المظلم من عالم الأبطال الخارقين. وبالتالي، في حال تطوَّر "جوكر" ليصبح نوعاً رائجاً، فمن المحتم أن تتفاقم التجاذبات في ذلك الشأن. ومن الصعب جداً إنتاج أفلام عن أبطال أشرار خارقين من دون صياغتهم كشخصيات تسحر الجمهور أو تنزلق إلى كليشيهات في المجلات المصوّرة. وعلى الرغم من ذلك، يبدو "جوكر" فيلماً قوياً ومبتكراً، إضافة إلى أنّه يحمل قدراً كبيراً من المتعة التي تميِّز أفلام سكورسيزي عادة، فتتلقى إشادة واسعة.

وقد بدأ عرض "جوكر" في المملكة المتحدة في 4 أكتوبر (تشرين الأول) 2019.

 

الـ The Independent  في

10.10.2019

 
 
 
 
 

جوكر- المقال الأول

محمد جمال

(ملاحظة: إذا لم تكن قد شاهدت الفيلم بعد، أنصحك بشدة بتأجيل قراءتك للمقال لبعد المشاهدة)

مهما كان رأيك في "جوكر"، مهما كان إعجابك الخارق بالفيلم، أو شعورك الجارف بعدم الرضا عنه، لا تنكر أنك خرجت من الفيلم بمشاعر متناقضة وغير واضحة ورأي غير متكامل وغير متماسك.. و"حيرة" تكتنفك وقلق في صدرك وروحك.. هناك شيء ما تود الإمساك به، رأي ما، فكرة ما، تفسير ما، لكنه يطير من بين يديك، وتعجز عن التعبير عنه.. أليس كذلك؟

بعض الأفلام مريحة وواضحة، وتستطيع خلال أول ربع ساعة من الفيلم أن تكون رأيا قاطعا عنها، ولذلك أفهم تماما -وأعرف أن هذا الرأي لن يعجب الكثير من الأصدقاء-، أستطيع أن أفهم تصريحات المخرج الكبير مارتن سكورسيزي التي أثارت عاصفة من الجدل خلال الأيام السابقة حينما وصف أفلام "مارفل" بأنها تجربة مسلية كالملاهي لكنها ليست "سينما". بالطبع أفلام مارفل هي سينما، لكن ليست كل سينما "سينما"، ليس كل طعام "طعام"، الفشار مثلا واضح وصريح ومسلي وممتع وسهل وسريع ومتاح، لكنه ليس "طعام" حقيقي. هو طعام، لكنه ليس "طعام"، ولا يمكن مقارنته مثلا بطاجن بامية باللحم الضاني تصنعه لك والدتك ممزوجا بالحب والدفئ والاهتمام والصنعة الماهرة التي لا يعلى عليها.

وبالتالي ففيلم "جوكر" بكل هذا الجدل المثار حوله، وحالة النقاش الضخمة التي تسبب فيها في الميديا العادية وعلى السوشيال ميديا يقع في صميم تعريف "السينما" التي قصده سكورسيزي، العمل الفني الذي يضعك في حالة طويلة من التأمل والتفكير والتدبر ويمس روحك بطريقة عميقة ومؤثرة، ويشغل مصر كلها بالنقاش حوله على فيسبوك ويجعلها تترك مؤقتا السياسة ومحمد علي وسد النهضة والربع جنيه المخروم وتنشغل لأول مرة منذ وقت طويل بالحديث حول "عمل فني" حقيقي. ومع احترامي لكابتن أميركا مثلا، ومهما تغزلت آلة مارفل التسويقية في وصفه بأنه يمتلك أفضل مؤخرة في أميركا Has America’s Best Ass، فلن يمكنه ترك الأثر الفني العميق الذي تركه جوكر، لأنه من البداية مصمم بعناية من أجل ذلك: شخصية تشويق وقتال وأكشن وسوبر هيرو سيكسي يرتدي الملابس الضيقة التي تبرز مؤخرته.. وهو الشيء المهم ابرازه أكثر من أي شيء فلسفي أو فكري أو فني آخر.. وبالمناسبة ليس لدي أي مشكلة في ذلك.

نعود للكلام عن حديث الساعة وفيلم واكين فينيكس وتود فيليبس Joker، والفيلم حرفيا يبدو مثل لوحة تجريدية أو لوحة انطباعية شديدة التعقيد، ومكون من عدة طبقات متقاطعة، ويمكنك أن تتوه فيه بمنتهى السهولة، وعلى مستوى بناء قصة الفيلم، يمكنك تقسيم القصة لثلاثة مستويات: أحداث يبدو أنها تقع للبطل، أحداث يبدو أن البطل يتخيلها، أحداث من المفترض أنها مألوفة للمشاهد بناء على معرفته بالمعلومات الأساسية حول عالم جوثام وعالم باتمان لكن يتم إعادة تقديمها بشكل مشوه -عمدا- في الفيلم.

كل ذلك من خلال أداء يكثف دور بطل العمل الأول "واكين فينكس" على حساب باقي الأبطال، مونولوج مسرحي طويل بامتياز مليئ بالأداء الحركي والصوتي والرقصات التعبيرية المعقدة والطويلة، وتقليص متعمد -أيضا- حتى الحد الأدني لأدوار باقي الشخصيات حتى لا يضيع التركيز طول الوقت على واكين، وحتى لا يتم فصل المشاهد عن جو التوتر العصبي والسودوي طول الوقت، هناك خيط يربطك منذ بداية الفيلم لواكين ولا يتركك حتى آخر ثانية من الفيلم.. حاول صناع الفيلم أن يبقوه مشدودا بقوة طوال ساعتين ودقيقتين هي مدة عرض الفيلم.

الفيلم يستعرض مقطع سريع ومتلاحق من حياة "آرثر فليك" عبر ثلاثة مراحل رئيسية (أو أجزاء رئيسية) يتكون منها الفيلم، وهنا سأضطر للقيام بأمر لا أقوم به إطلاقا.. هذه أول مرة على الإطلاق سيكون علي أن أسرد التسلسل الزمني لأحداث الفيلم الرئيسية.. كان علي مشاهدة الفيلم ثلاث مرات لأستطيع وضع بناء محدد وواضح لقصة الفيلم، وتقسيم البناء لأجزاء/ مراحل، وتحديد أنماط كل مرحلة من المراحل الثلاثة (كل مرحلة تبدأ بأحداث تمهيدية سودوية وتصاعدية، وتنتهي بجريمة قتل، ورقصة تعبيرية، وعملية تحول محورية في شخصية البطل).. وهو الأمر الذي لم أستطع تماما تكوينه عند رؤيتي الفيلم لأول مرة (وأنصح بشدة برؤية الفيلم لمرة أخرى ثانية على الأقل.. ومع كل تفاصيله وتعقيده أضمن أنه لا يمكن استيعاب ولو نصف رسائله من مرة واحدة فقط).. ولذلك علي أن أطرح تصور لتسلسل المراحل/الأحداث حتى يمكننا استخدام هذا التصور كمرجعية نبني على أساسها الحديث في باقي سلسلة هذه المقالات.
(بالمناسبة، كنت أنوي كتابة هذا التحليل في مقالين فقط.. لكني وجدت أن الفيلم لن يكفيه أقل من أربعة مقالات، والحقيقة أنني لن أستغرب أن تصدر قريبا كتب كاملة حول فيلم
Joker، ولن أندهش إذا تم تقديم رسائل ماجيستير ودكتوراه حول مادته السينمائية والأدائية والفلسفية الغنية، وأيضا حول الطريقة التي أثر بها نفسيا وسلوكيا على المتلقين سواء بشكل فردي أو جمعي.. ولذلك أستأذنكم أن تتحملوني في طول التحليل.. الذي أكتبه باستمتاع كبير نادر.. لا يحدث إلا مع الأفلام الكبرى من شاكلة Mother! وBatman Vs. Superman وBirdman وSilence.. الخ.)

دعونا نبدأ إذن، ونستعرض مراحل Joker الثلاثة الرئيسية:

المرحلة الأولى: يقدم لنا فيها الفيلم بورتريه سريع لحياة هذا الشخص الذي لا يزال يعيش مع والدته العجوز وحدهما في شقة صغيرة متواضعة بمدينة جوثام التي تضربها الفوضى والجريمة وتحاصرها أزمة تراكم قمامة خانقة وإضرابات عمال متلاحقة وسخط شعبي من الفروقات الطبقية العنيفة، شخص يعيش في جسد رجل أربعيني، لكنه في أغلب أفعاله وطريقة حركته ومشيه وجريه ورقصه يبدو كطفل صغير لا تزال والدته تدلله بلقب "هابي" حتى هذه اللحظة، شخص مضطرب نفسيا يعمل كمهرج فاشل ويحاول أن يبدأ مسيرة مهنية في مجال الStand Up Comedy، يتعرض للضغوطات والمضايقات الجسدية والنفسية من المارة، ومن زملاءه ومديره، ومن أمه نفسها التي تسأله مستنكرة: "هابي، كيف ستعمل في مجال الكوميديا؟ أليس من المفترض أن تكون مضحكا أولا؟"، ليس له صديقة أو حبيبة، فقط يختلس النظرات لجارته السمراء الحسناء "صوفي". ويدفن نفسه في علاقة خيالية مع مقدم برامج كوميدية وترفيهية ناجح "موراي فرانكلين" -روبرت دي نيرو-، يحلم بنفسه مع الجمهور داخل إحدى حلقات البرنامج المسائي، والجميع يصفق له وموري يحتضنه ويقول له: "كنت أتمنى أن يكون لدي ابن مثلك"، يرى آرثر في موراي الوالد والأب المفتقد، وتلك نقطة محورية وشديدة الأهمية في تحليل شخصيته سنرجع إليها لاحقا بالتفصيل. لكن ذلك لا يقدم له العزاء والراحة الكافية، تتصاعد المضايقات ويتعرض للفصل عن العمل وتبلغ الأمور ذروتها عندما يتحرش به ثلاثة شباب في المترو -يتضح لاحقا أنهم يعملون لصالح شركات توماس وين، والد بروس وين.. باتمان- فيقوم بإطلاق الرصاص عليهم وقتلهم.

المرحلة الثانية: تبدأ المرحلة الثانية برقصة تعبيرية، يخرج أرثر مهرولا في هلع من المترو على إثر فعلته الشنيعة ويلجأ لحمام عام يغلق فيه الباب على نفسه، وينخرط في رقصة تعبيرية مؤثرة وفي الخلفية تعلو موسيقى تمزج الحزن والخوف والرعب.. موسيقى استخدمت آلة الباص وصوتها الضخم الراسخ كأنه صوت القدر باقتدار للتعبير عن المأساة والاضطراب والتحول الذي يعيشه "آرثر".. يستكمل الرقصة (سنعود أيضا لعنصري الرقص والموسيقى اللذان يستخدمهما الفيلم دراميا بالتفصيل)، التي تعبر عن عملية التحول بين المرحلة الأولى والثانية في قصة Joker، يخرج آرثر من الحمام بعد الرقصة بسلوك مختلف.. شخصية مختلفة يعمدها الدم والقتل ونار الرصاص.. يذهب إلى صوفي ويأخذها بين أحضانه ليغيبا في وصلة حب.. يتجرأ ويبدأ أول محاولة لممارسة ال Stand Up Comedy في نادي ليلي متخصص في تقديم فناني الكوميدية للجمهور.. يراقب جوثام بإعجاب، صحافتها وإعلامها ومواطنيها وغوغائها وهم يحتفلون بالمهرج الغامض الذي قتل ثلاثة من ممثلي عالم الرأسمالية.. عالم الشركات العملاقة فاحشة الثراء.. انتشر الخبر وارتدى الناس قناع المهرج في الشوارع في رمزية لمقاومة طغيان رأس المال.
يحدث تحول داخل المرحلة الثانية عندما تدعي أمه أن توماس وين هو أبوه، هي كانت قد عملت في بيت الملياردير الثري من سنوات طويلة وكانت بينهما علاقة أثمرت عن ولادته، ينفجر آرثر في أمه ويواجه توماس وين الذي يثور ويلكمه في أنفه، وينكر أي شيئ ادعته "بيني فليك" متهما إياها بالجنون، ويؤكد له انها قامت بتبنيه عندما كانت تعمل في بيته. يسري الشك في أوصال آرثر لدرجة أنه يذهب لمستشفى الأمراض العقلية نابشا وراء ماضي أمه، يتأكد له أنها كانت مريضة نفسية، وأنه طفل متبنى، هي ليست والدته.. وأنها كانت تمثل خطرا عليه في طفولته، وأنه تعرض لإيذاء جسدي ونفسي عنيف في طفولته بسببها، وبسبب رجال كانوا في حياتها. يتصاعد الغضب أقصاه في المرحلة الثانية، يقتل آرثر أمه.. ويقتل زميل له في العمل الذي فصل منه.. ويستعد لرقصة التحول الثانية.

المرحلة الثالثة: يتواصل المعدون ببرامج "موراي فرانكلين" مع آرثر، كان موراي قد عرض من قبل لقطات من الفقرة الكوميدية التعيسة التي قام بها آرثر في النادي الليلي، ساخرا من ذلك الكوميدي الذي يعتقد أنه بمجرد القيام بوصلة طويلة من الضحك الهستيري سوف يجعل الناس يضحكون.. يتم تحديد موعد لآرثر للظهور على الهواء مباشرة مع موراي في البرنامج. يبذل آرثر مجهودا كبيرا في الاستعداد للمقابلة التي ستتم في نفس ليلة الدعوة لمظاهرة احتجاجية كبرى ضد الأوضاع في جوثام على يد حركة مرتدي أقنعة المهرج.. الغضب يتصاعد في جوثام، بالتوازي مع منسوب الغضب داخل آرثر، وكأن أحدهما انعكاس للآخر، وكأنهما شيئا واحدا.. يصل آرثر للبرنامج ويطلب من موراي أن يقدمه للجمهور تحت اسم Joker.. جوكر، وليس "الجوكر".. هذه نقطة شديدة الأهمية سوف نرجع اليها أيضا بالتفصيل.. وأثناء انتظاره وراء الستار في انتظار تقديمه تعلو الموسيقى الملحمية الحزينة من جديد ويبدأ آرثر في رقصة تعبيرية أخرى.. كمقدمة لعملية تحول أخرى في شخصيته. يتم إزاحة الستار ويدخل آرثر على الجمهور في استعراض واثق ومبهر على غير ما نعرفه من شخصيته المهزوزة المضطربة.. قبل أن يبدأ حوار عميق (وفي نفس الوقت عصبي) مع موراي.. وقبل أن يعترف على الهواء مباشرة أنه هو من قتل فتيان "وول ستريت" الثلاثة في المترو -وول ستريت؟ إيه اللي جاب القلعة جنب البحر.. إيه اللي جاب نيويورك سيتي لجوثام سيتي.. ليه ذكر وول ستريت لمرة وحيدة في الفيلم في هذا الموضوع تحديدا؟ هاجيلكم في الكلام لاحقا-، قبل أن يشهر المسدس لمرة أخيرة ويطلق النار على موراي.. تشتعل جوثام إثر هذه الحادثة، ويتم القبض على آرثر قبل أن يحرره الثوار مرتدو أقنعة المهرج.. رافعين إياه لمنزلة تقديس وتمجيد عالية. ويأتي المشهد الختام في الفيلم لآرثر داخل المصحة النفسية، يضحك ضحكته العالية المضطربة العصبية مخبرا المعالجة أنه يضحك على دعابة لا يمكن لها أن تفهمها.

حسنا فهمنا الخطوط الرئيسية للفيلم؟ دعوني أفاجئكم بشيئين.. الأول: الشخصية الرئيسية التي بين أيدينا ليست هي "الجوكر" الذي نعرفه، ليس جوكر دي سي كوميكس المعروف.. وليس جوكر هيث ليدجر.. ولا جوكر جاك نيكلسون.. وإنما هي شخصية أخرى.. ورجل آخر تماما. الشيء الثاني: كل تلك الأحداث التي سردناها في الثلاث مراحل لم تقع في الأصل، وإنما هي -في نظريتي- مجرد خيالات داخل ذهن مريض نفسي مضطرب محبوس داخل مصحة نفسية، ويعاني من ضغط نفسي عنيف لا يمكن تصوره.

في المرة القادمة، سنتجول أكثر داخل العناصر البصرية والسمعية والفنية للفيلم، ومدى ارتباطه بعنصر "المكان" وعنصر "الذاكرة". وفي المقال الثالث: سنقارن بين "الجوكر" الذي جسده هيث ليدجر في رائعة كريستوفار نولان The Dark Knight من أحد عشر عاما.. وبين جوكر واكين فينكس في تحفة تيد فيلبس الجديدة التي ستبقى أيضا راسخة في الذاكرة السينمائية لفترة طويلة للغاية.. وفي المقال الأخير سنشرح لماذا "جوكر" ليس هو "الجوكر"، ولماذا الإيهام بأحداث لم تقع، وما هو سر توقف الزمن في النصف الأول في الفيلم وإشارة جميع الساعات التي تظهر في كادرات الفيلم للزمن ١١:١٠ صباحا.

ستاي توند. 😎❤️

 

Mohamed Said

هو مين يدى لنفسه الحق ان يصنف أى فيلم سينما أو لا ... مارتن سكوريزى عمرى ما حسيتو عبقرى أو مختلف أو صاحب رؤية عكس كوبريك و كوبولا و برجمان عمرى ما استمتعت بفيلم ليه ... اختراع السينما الإخوان لوميير كان بشكل وثائقى دخول قطار المحطة عمال مصنع خارجين من المصنع فى البداية طبعا انبهرو بس مع الوقت الانبهار راح ... اللى انقذهم ساحر خدع اسمه جورج ميليه اشترى منهم الاختراع و نفذ خدعه الممتعة و أعاد احياء السينما و انشأ السينما الروائية ... لو المنطق أصل السينما الخيال يبقى مارفل أقرب لمفهوم السينما ... بس السينما مش كدا بالظبط السينما متعة ده الأهم و طريقة التلقى مختلفة من شخص لاخر فاحساسه بالمتعة بيختلف ... مش من حق حد يحتكر مفهوم السينما لنوع معين من الأفلام انت مش أحسن من المواطن البسيط اللى بيروح السينما عشان يرفه عن نفسه من ضغوطات الحياة ... دى نرجسية ساذجة ... المهم رأيي عن الفيلم ده انه مسخ مش فيلم مجموعة من الكليشيهات الهندية الميلودراما المملة جدا ... مصدقتش فينيكس تمثيله أوفر مبالغ فيه .. مفيش أى ابداع فى القصة أو التمثيل ... شخص فاكر ابوه شخص بعد كدا يكتشف انه كان مخدوع و امه طلعت بالتبنى ناقص يكتشف انه ميت مش عايش كليشيهات مملة ... مشهد انه ياخد المسدس مشهد مقحوم باستفزاز من غير منطق و اتبنى عليه باقى الأحداث ... فى الاخر لو هنلخص الفيلم مريض عقلى عنده مشاكل اجتماعية بيعانى من عدم التقدير و الاهتمام وصله انه يقتل يبقى مجرم ... فين الفيلم هنا ... فيه حالات أصعب منه فى المستشفيات النفسية محدش حاسس بيهم و بمعاناتهم ... لو على المعاناة هل لو شفت مريض عقلى نايم على الرصيف هل اتألمت عشانه هل عندك القدرة تروح العباسية من غير ما تبقى متقزز و خايف من المرضى و متعالى عليهم ... قمة التناقض تتعاطف مع مريض عقلى فى السينما و تحتقره فى الواقع ... المعاناة مش انك تبقى مريض عقلى و المجتمع ميهتمش بيك و يقدرك ... فى الاخر دى مشكلتك مش مشكلة المجتمع مش مبرر ليك تبقى مجرم و تحط الذنب على المجتمع ... ممكن حد يقول انت مجربتش احساسه ... أنا أصلا مريض عقلى من أكتر من عشر سنين عندى اضطراب وجدانى ثنائى القطب عانبت أقصى أنواع العذاب التفسى و الاكتئاب و الهوس روحت لاكتر من ٥ دكاترة نفسيين ... كنت شايف دايما انى ضحية المجتمع و مظلوم و كان نفسى اقتل اطلع الغضب اللى جوايا ... بس أصريت انى أتعالج التزمت بالدوا عالجت أفكارى السلبية وصلت لمرحلة السلام النفسى فالاخر مبقتش مجرم لانى قررت ده مع انى كان سهل جدا أكون مجرم ... الفيلم نجح فى الدعاية .. للاسف كل متفرج اتخيل سيناريوهات فى خياله ملهاش علاقة بالفيلم .. لانهم ملهومش علاقة بالواقع بالشخصيات الحقيقية عايشين فى برج عاجى يتعاطفوا مع الشخصيات الخيالية و يحتقروا الشخصيات الحقيقية قمة فى التناقض ... بيدو لنفسهم الحق انهم يستخفوا براى الناس و احتياجاتهم و ذوقهم و انهم أصحاب الذوق العالى اللى يحدد المقاييس للفن ... رايي روحو اتعالجو حبو نفسكوا و افهموها عشان تقدرو تفهمو غيركو ... متعملش نفسك ناصح و انك فاهم الناس و المجتمع و انت أصلا مش فاهم نفسك

 

الـ FaceBook في

11.10.2019

 
 
 
 
 

"قبل جوكر"... هذه أشهر شخصيات المهرجين حول العالم

حمزة الترباوي

تغرق شخصية الجوكر في هذه الفترة الأخبار، ومواقع التواصل، وصالات السينما مع صدور الفيلم المثير للجدل. ويدعو هذا لتذكر أشهر شخصيات المهرجين في التاريخ، والتي طبعت ذاكرة المشاهدين حول العالم. 

ويظهر الجوكر في الفيلم الجديد من خلال تتبع قصة تحوّل المهرج آرثر فليك، من رجل يكافح من أجل العثور على طريقه في مجتمع مدينة غوثام الخيالية، إلى قاتل مجنون يسعى للدمار والفوضى.

وشاهد الجمهور لأول مرة شخصية الجوكر عبر سلسلة أفلام "باتمان"، وزادت شهرة هذه الشخصية لتتحول إلى أيقونة في السينما ومواقع التواصل. وكان مؤديها الممثل الأسترالي الراحل، هيث ليدجر، بينما يؤدي خواكين فينيكس دور النسخة الأحدث من المهرج. 

وإلى جانب "جوكر" نجد بيني وايز، أحد أشهر المهرجين في عالم أفلام الرعب بفضل ظهوره في فيلم IT، وقد عُرف بكونه المهرج الشرير الشيطاني الذي مهمته قتل العشرات من الأطفال. 

ويُعتقد أنه السبب وراء حالة هسيتريا انتشرت في 2016، حين تكرّرت مشاهدات أشخاص متنكرين في زي مهرجين أشرار في الغابات القريبة والمدارس. وتم الإبلاغ عن الحوادث في الولايات المتحدة وكندا، ثم في بلدان وأقاليم أخرى اعتباراً من أغسطس/آب 2016. 

ورونالد ماكدونالد هو أيقونة سلسلة المطاعم الشهيرة "ماكدونالدز" منذ أوائل الستينيات، وقت إنشاء الشخصية على يد ويلارد سكوت. 

وفي أوائل القرن الحادي والعشرين، قُدر أن أكثر من 95 في المائة من شباب أميركا يعرفونه. وقد تسبب هذا في قلق بعض الذين يعتقدون أن رونالد يساهم في السمنة لدى الأطفال من خلال الترويج للغذاء غير الصحي.

والمهرج كروستي من أشهر المهرجين في تاريخ التلفزيون، بفضل ظهوره المتكرر في مسلسل الكرتون الشهير "ذا سيمبسونز".

 

العربي الجديد اللندنية في

11.10.2019

 
 
 
 
 

فيلم "الجوكر": هكذا يصنع العالم المتطرفين

كتب بواسطة:ماريا فلود

ترجمة وتحرير: نون بوست

بدأت ردود الفعل العنيفة المتضاربة بعد عرض فيلم "الجوكر" من بطولة خواكين فينيكس وإخراج تود فيليبس، المشهور بسلسلة "هانغوفر". وقد فتح هذا الفيلم الباب أمام المراجعات المتضاربة وآراء الصحافة السلبية.

 بعد أن لقي ترحيبًا حارًا كقطعة فنية في العرض الأول له في مهرجان البندقية السينمائي (حيث حظي بالإشادة وبحفاوة بالغة استغرقت وقوف الجمهور لثماني دقائق)، تعرّض الفيلم منذ ذلك الحين لوابل من التعليقات المثيرة للقلق بشأن احتمال أن يحرض على إطلاق النار الجماعي والعنف المدني. منذ صدوره الرسمي، بدأ المدّ يتحول مرة أخرى لصالح الفيلم، ما يشير إلى أن الرأي العام قادر بصفة أكبر على تمييز الفرق بين المواكبة الاجتماعية والتحريض على العنف أكثر مما يعتقد بعض النقاد.

يأخذ الفيلم الشخصية الشريرة البارزة في كتب القصص الهزلية من سلسلة "باتمان"، ويتتبع تطوّر آرثر فليك من كوميدي فاشل إلى وحش شيطاني يدعى "الجوكر". وبصرف النظر عن جذوره، يهتم الفيلم بصفة أكبر بكيفية ظهور الشر في العالم الحقيقي أكثر من اهتمامه بالكتب الهزلية الشريرة، كما يقدم تصويرا مقنعا لفشل مثال معين عن الرجولة الأمريكية البيضاء.

مشهد يصور العناية بوالدته.

يقدم هذا النموذج، الذي شهدناه في تقاليد هوليوود من كلينت إيستوود إلى سيلفستر ستالون، صورة للرجل الأمريكي الناجح باعتباره رجوليا وعنيفا ومستقلا ماديا. ويمثّل هؤلاء الرجال عملاء العنف الذي يخدم المجتمع، بالإضافة إلى أنهم شخصيات تحمي القيم الأمريكية من التهديدات المتصورة من الخارج باستخدام القوة المفرطة.

بعد مشاهدة الفيلم، أعتقد أن الجدل الدائر يتمحور حول نفاق معين حول تصوير العنف، حيث أننا معجبون بعنفنا المصقول والأنيق ولا نريد أن نفكر في دورنا في خلق الأفراد الذين يرتكبونه. وبشكل مثير للدهشة، هذا ما يركز عليه فيلم "الجوكر".

عنف الذكور

يأخذ النصف الأول من فيلم "الجوكر" المشاهدين في رحلة عبر العديد من الطرق التي تجعل فليك بعيدا عن المثالية الذكورية الأمريكية؛ حيث يتعرّض للضرب من طرف عصابة، ثم يعاني من مرض عقلي غير محدد يتناول على إثره عقارات طبية، ويستعين بمستشار، إلى جانب المضايقات التي يتعرض لها من طرف زملائه. كما صور الفيلم شخصية فليك على أنها ذات أبعاد أنثوية، ذلك أنه يعيش مع أمه ويعتني بها، ونحن مدعوون للنظر إليه على أنه شخصية غريبة الأطوار مثل نورمان بيتس. يشاهده الجمهور وهو يرقص أيضا، حيث يظهر جسمه الهزيل نصف العاري بينما يدور ويتلوى أمام الكاميرا.

يعكس الفيلم ما يدعوه عالم الاجتماع مايكل كيمل "بالاستحقاق المهضوم" للرجل الأمريكي الأبيض، حيث يؤدّي الإخفاق في الحصول على الوضع الاجتماعي والحاجيات التي تعتقد أنك تستحقها (المال، الوظيفة، الملكية، الجنس والعائلة)، إلى الغضب والعنف ضد الجماعات التي تلوموها مثل النساء، الأشخاص الملونين، والأقليات الجنسية.

تدعونا أفلام مثل فيلم "الجوكر"، وما سبقها مثل نادي القتال الذي يعتبر أيقونة من قبل الجماعات المتفوقة البيضاء في الولايات المتحدة، إلى التساؤل عن الخط الفاصل بين الواقع والخيال

نتيجة لذلك، ليس من المفاجئ أن يشعر البعض بالقلق من تقارب فليك الوثيق بالعازبين رغما عنهم أو ما يعرف بـ "الإنسيلز" (الغزوبية غير الطوعية). وداخل شخصية الجوكر، يمكن أن يجد العازبون رغما عنهم في فليك "القديس الراعي" الذي يجسّد العديد من سماتهم المفترضة على غرار العزلة، الغضب، البطالة، والفشل في جذب النساء.

تدعونا أفلام مثل فيلم "الجوكر"، وما سبقها مثل نادي القتال الذي يعتبر أيقونة من قبل الجماعات المتفوقة البيضاء في الولايات المتحدة، إلى التساؤل عن الخط الفاصل بين الواقع والخيال. فهل تعكس هذه الأفلام الأوضاع الاجتماعية أم أنها تساعد في النهاية في إنشائها؟

التعاطف مع الشيطان

يستند النقاش القائم حول إمكانية تشجيع فيلم "الجوكر" المشاهدين على تقليد العنف، إلى "التعاطف" أو "الشفقة" التي يظهرها الفيلم تجاه آرثر فليك. وتقول النظرية إن الشباب العنيفين والمنعزلين سيرون فليك ويحاولون الاقتداء بأفعاله. لكن في الحقيقة، لا يتم تشجيع الجمهور على التعاطف مع فليك، حيث أن تقنيات الأفلام التي تشجع الجمهور على التفاعل مع الشخصية، مثل اللقطات التي تظهر وجهة نظر أو اللقطات المأخوذة عن قرب، نادرا ما تحدث في فيلم "الجوكر". بدلا من ذلك، نرى فليك من خلال مجموعة من الأسطح المشوهة مثل النوافذ والمرايا وشاشات التلفزيون.

الابتسامة

يمثل باف وبراوني، الشخصيتين الرئيسيتين في فيلم "نادي القتال"، قادة حركة. في المقابل، يثير جسم فليك الاشمئزاز، إذ يصعب مشاهدة شكله الهزيل حين يتلوى بينما تغطي جسمه كدمات سوداء، ويقطر المخاط من أنفه، إلى جانب مكياج المهرج الخشن. من جهة أخرى، تجعلك ضحكته، بدافع الفضول في بالبداية، تتقلب في مقعدك بحلول نهاية الفيلم. من المؤكد أننا نشفق على وضعه في بعض الأوقات، وقد نشعر بإلزامية إدانة الظروف الاجتماعية التي تسببت في عزلته، لكننا في الحقيقة نريد الابتعاد عن هذا الرجل، وليس أن نصبح مثله.

هذا يثبت فشل الاقتراح الذي يدعي أن الفيلم يحرض الأشخاص العازبين رغما عنهم على العنف. يبدو أن النقاد قد نسوا أن الطريقة التي ننظر بها "نحن"، أي المجتمع ككل، للأشخاص مثل الأشخاص العازبين رغما عنهم وغيرهم من المتطرفين، تختلف عن الطريقة التي يرون بها أنفسهم. كما تفيد المحادثات على موقع فورشان (موقع ويب يستضيف منتدى للنقاش يخص الأشخاص العُزاب رغماً عنهم) بأن مقارنة هؤلاء الأشخاص مع شخصية الجوكر كشفت نظرة المجتمع الأوسع إليهم، الذي يراهم كوحوش.

الأبطال والأشرار

لا يعتبر الأشخاص الذين يرتكبون أعمال عنف باسم أيديولوجية معينة أنفسهم على أنهم رجال وحيدون، يعانون من الاكتئاب، غير جذابين، وضعيفين جسديًا مثل فليك - بل ينضمون إلى هذه الحركات لترك مثل هذه العيوب وراءهم. في الحقيقة، إنهم يتخيلون أنفسهم على هيئة راعي البقر، المبيد، رامبو، أو القناص الأمريكي، أي الأبطال الذين يقاتلون قوى "الشر".

في هذا السياق، توصف بعض الردود على فيلم "الجوكر" بالنفاق، إذ أنه فيلم يحتوي في آخر المطاف على عدد أقل بكثير من مشاهد العنف والموت مقارنة بأي فيلم من إخراج تارانتينو. إن الجوكر ليس نوعا من الهجاء، ولا يعتبر العنف الذي فيه "رائعا"، ذلك أن شهادتنا على الأصول الكئيبة والباردة لهذه الحركة تلقي بظلالها على كل شيء.  

وجه كئيب

تعيق قصة فليك عملية التمييز السهلة بين "الخير" و"الشر"، التي تمثل الدعامة السردية الأساسية لأفلام هوليوود انطلاقا من أفلام الويسترن إلى أفلام مارفل. من جهة أخرى، تتمثل المشكلة في روايات الأبطال والأشرار في عدم تواجد مسؤولية مطلوبة من جانب المشاهد أو الشخصيات الأخرى، حيث يقدم البعض على أنهم يولدون سيئين ويستحقون ما يحصلون عليه.

إن فليك شخص شرير وقبيح وساخر، وينطبق الأمر ذاته على العالم الذي يعيش فيه. ففي الواقع، يتشابه هذا العالم الذي تمارَس فيه عدم المساواة والقسوة على أكثر الفئات ضعفا في المجتمع مع عالمنا. ربما نُدين فيلم "الجوكر" لأن الارتقاء بصورة كاريكاتورية حاقدة وأنانية ونرجسية لرجل ومنحه السلطة قد تبدو بشكل مؤلم ومخزي قريبة من الحقيقة.

المصدر: ذا كونفرسيشن

 

نون بوست في

11.10.2019

 
 
 
 
 

"جوكر": هل تدعو هوليوود لثورة؟ أم تتطهّر؟

المدن - ثقافة

الجوكر، قد يصلح لأدوار عديدة في الوقت نفسه، لكنه في الحقيقة نكرة، ليس اسماً حقيقياً ولا هوية محددة، بل في مفهوم السلطة ومن يمثلونها، سواء حكومات أو شركات أو مؤسسات، مجرد مهرج، انسان فاشل، يخفي إخفاقه وراء قناع. يتنكر له الجميع، ولو قُتل لداسوه بالأقدام، وما ذكره أحد. في المقابل، فإن سفاحي البنوك، القتلة ذوي الدم البارد باسم سطوة المال أو الطبقة أو المؤسسة "النظام"، لا يتخفون وراء أقنعة، ولا يخفون سرقاتهم وتحايلهم على القوانين من أجل مزيد من النفوذ، والسلطة، سحقاً لكل قيمة وكل مبدأ، هؤلاء حين يتعرضون لأذى يبكي عليهم المجتمع ويندبهم الإعلام لأنه يتأثر لمصابهم، لغياب أقل فرد فيهم، بينما لا يطرف له رمش، حين يموت الآلاف من الجوع أو من الأوبئة أو نقص الخدمات.

الثورة هي الحل. ثورة من أسفل، بلا أيديولوجيا، يقوم بها المهرجون، المهمشون الذين يسحقهم المجتمع. حين يغضب الجوكر، ويقرر حينما تتاح له الفرصة التي يحلم بها، ليظهر قوته الحقيقية في الشاشة، ليس كمضحِك أو كوميديان، بل كشخص قوي صاحب قرار، وجد أنه قد حان الوقت لكي يتخلص من الإهانات والإذلال.

لكن السؤال هنا: هل حقاً يمكن أن تدعو هوليوود إلى ثورة مهمشين وجياع، على سلطة المال والسياسة؟ صحيح أن مدينة "غوثام" هي مكان خيالي، من وحي عالم الأبطال الخارقين، مثل "سوبرمان" و"باتمان"، لكن "وول ستريت" ليست كذلك. الإعلام الشرس الذي يتلاعب بعقول البسطاء، من خلال سطوة الضحك والسخرية، ليس فانتازيا سينمائية، بل هو واقع حقيقي، أحلام الملايين من المهووسين بالظهور في الشاشة ليقفوا إلى جوار نجومهم المحبوبين حتى لو كانوا يدركون في قرارة أنفسهم أنهم كاذبون، وهذه ليست وهماً.

هل يقدم الجوكر نوعاً من التطهير الهوليوودي؟ هل نحن أمام فانتازيا سينمائية؟ أم نذير بثورة تندلع شرارتها من قلب "وول ستريت" وسطوة عالم المال، على أيدي مهمشين يحلمون بالخلاص وأن يكون موتهم أكثر ربحاً لأنهم ليس لديهم ما يخسرونه؟

يعتبر الفيلم مونودراما، يركز بالأخص على أداء مبهر لبطل أوحد هامشي مجنون، مشكوك في نسبه، وفي علاقته بأمه وأبيه، يعاني اضطرابات نفسية، وفي الوقت نفسه هو مرهف الحس والشعور. وهي مواصفات تركز أكثر جوانب الضعف لإبراز المفارقة حينما يفجر هذا الضعيف شرارة الثورة، في ما يشبه فتوة الغلابة بصورة أكثر هشاشة، خصوصاً أن رغبته في الانتقام شخصية، وليست قائمة على دافع إيديولوجي أو انحياز لفكرة.

مازال هيث ليدجر يُعتبر أفضل من قدموا شخصية الجوكر في الشاشة، والتي سبق وتناولها عمالقة أمثال داني دي فيتو وجاك نيكلسون. ورغم براعة خواكين فوينكس في تجسيد الشخصية والإلمام بأبعادها، حيث يرتدي أكثر من قناع تنسحق خلفها هويته وفشله وإحباطاته التي ستؤدي إلى الانفجار، إلا أن هذا الأداء قد يكون نمطياً إذا ما قورن بتكرار أدائه لشخصية المضطرب نفسياً في فيلم Her أو The Master، مرة داخل عزلة التكنولوجيا حيث يقع في غرام صوت أنثوي يحدثه عبر جهاز، وفي الثانية، كان سبب الاضطراب معاناة أهوال الحرب العالمية.

(*) مدونة كتبها المترجم طه زيادة في صفحته الفايسبوكية.

 

المدن الإلكترونية في

11.10.2019

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004