كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

"الأيرلندي" لسكورسيزي: اعترافات قاتل جيمي هوفا في الستينيات

نديم جرجوره

جوائز الأكاديمية الأمريكية للفيلم

الدورة الثانية والتسعون

   
 
 
 
 
 
 

أخيرًا، حدّدت المنصّة الأميركية "نتفليكس" يوم 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، موعدًا لبدء بثّ "الأيرلندي (The Irishman)، لمارتن سكورسيزي، على شاشتها، أي بعد شهرين اثنين فقط على إطلاق عرضه الدولي الأول، في الدورة الـ57 لـ"مهرجان نيويورك السينمائي"، المُقامة في "مركز لينكولن"، بين 27 سبتمبر/ أيلول و13 أكتوبر/ تشرين الأول 2019. ومشروع الفيلم، أحد أكثر الأفلام انتظارًا في الآونة الأخيرة، مولودٌ عام 2008 كتاسع تعاون بين سكورسيزي والممثل المفضّل لديه، أي روبرت دي نيرو، منذ بداية عملهما معًا في "شوارع دنيئة" عام 1973. في سبتمبر/ أيلول 2014، أكّد آل باتشينو أن المشروع سيتحقّق مباشرة بعد انتهاء سكورسيزي من إنجاز "صمت" (2016)، وكشف المخرج حينها أن ستيفن زايليان سيكتب السيناريو.

المتداول في الصحافة السينمائية الأميركية يُشير إلى أنّ حقوق إنتاج الفيلم عُرضت للبيع في "سوق السينما"، في الدورة الـ69 (11 ـ 22 مايو/ أيار 2016) لمهرجان "كانّ"، فوضعت شركة الإنتاج المكسيكية "فابريكا دي سيني" 100 مليون دولار أميركي لتمويل المشروع، متفقة في الوقت نفسه مع "باراماونت" على أن تتولّى الشركة الهوليوودية توزيع الفيلم في الولايات المتحدّة الأميركية، ومع الشركة الأميركية "آي. أم. غلوبال" (متخصّصة بالسينما المستقلّة) على توزيعه الدولي. شركات أخرى "دخلت على خطّ التوزيع"، قبل الإعلان، في فبراير/ شباط 2017، عن تخلّي "باراماونت" عن حقوق التوزيع الأميركي، بالتزامن مع انسحاب الشركة المكسيكية من المشروع، بحجّة أنّ ميزانية الإنتاج مرتفعة جدًا. حينها، اشترت "نتفليكس" الحقوق مقابل 105 ملايين دولار أميركي، مخصّصة للفيلم ميزانية تبلغ 125 مليون دولار أميركي، ومحدّدة أكتوبر/ تشرين الأول 2019 موعدًا لبدء بثّه.

روبرت دي نيرو نفسه أوّل المهتمّين بالكتاب، الذي سيُقتبس سينمائيًا. والكتاب يحمل عنوانًا لافتًا للانتباه، بقدر ما يُلفت مضمونه الانتباه أيضًا: "سمعتُ أنّك تدهن المنازل: فرانك "الأيرلندي" شيران، والقصّة الداخلية للمافيا، وسائقو الشاحنات، والجولة الأخيرة لجيمي هوفّا" (2004) لتشارلز براند، الصادرة ترجمته الفرنسية، التي قام بها جان إشْ وصامويل تود، في الثاني من يناير/ كانون الثاني 2019. للعنوان الفرنسي تتمة: "حقيقة جريمة القتل الأشهر في تاريخ المافيا الأميركية". حتى العنوان الفرنسي لافت للانتباه، باختزاله الحكاية كلّها، فالإيرلندي، الأقوى في تلك المافيا، يعترف لبراند، عشية وفاته (14 ديسمبر/ كانون الأول 2003)، بأنّه قاتل جيمي هوفّا، الزعيم السابق لنقابة سائقي الشاحنات (Teamsters). وبراند هو مدّع عام، ومحامي شيران أثناء اعتقاله عام 1975.

في كتاب براند، المُثير لمتعة القراءة، يروي شيران جرائمه، وسيرة حياته كـ"حامل مسدس"، هو الجندي السابق، المولود في 25 أكتوبر/ تشرين الأول 1920 في "داربي" في بنسلفانيا، الذي يُعاني أهوال الحرب العالمية الثانية، تلك "التي تُلقّنه القتل والتغلّب على الخوف". يتسلّق شيران السلّم داخل الجريمة المنظّمة في خمسينيات القرن الـ20 وستينياته، بفضل صداقته براسل بوفالينو، زعيم عائلة مافياوية كبيرة، يُقال إنّ ماريو بوزو استوحى منه شخصية دون فيتو كورلينو، في روايته المعروفة، "العرّاب" (1969)، المقتبس سينمائيًا في فيلم بالعنوان نفسه، في 3 أجزاء (أعوام 1972 و1974 و1990)، لفرنسيس فورد كوبولا.

بحسب تحقيقٍ لفريدريك فوبار، منشور في المجلة السينمائية الشهرية الفرنسية "بروميير" (سبتمبر/ أيلول 2019)، فإنّ التعبير الموجود في العنوان الإنكليزي للكتاب عن "دهن المنازل"، مأخوذ من "اللهجة العامية" التي تسم الاعتراف الطويل لشيران، فالمقصود بـ"الدهن" (أو الطلاء) هو الدم المرشوش على الجدران عند تصفية أحدهم.

يروي ستيفن زايليان أنّ روبرت دي نيرو، فور إعجابه بالكتاب، يُعلِم مارتن سكورسيزي به، ثم يطلبان منه كتابة سيناريو مقتبس عنه. لزايليان عملٌ سابق مع سكورسيزي، هو "عصابات نيويورك" (2002)، وآخر مع دي نيرو، هو "الإيقاظ (Awakenings)"، المُنجز عام 1990 لبيني مارشال. عام 2008، يقرأ زايليان الكتاب، ويضع اقتباسًا أول له. المعروف أنّ المشروع غير منجز قبل عام 2019، لأسبابٍ كثيرة، بعضها إنتاجي (تذكر الصفحة الفرنسية لـ"ويكيبيديا"، الخاصة بالفيلم، أن الميزانية النهائية تساوي 175 مليون دولار أميركي، بينما تورد معلومات صحافية متفرّقة أنّها تتجاوز 200 مليون دولار أميركي بقليل)، وبعضها مرتبط بالتزامات مهنية لدي نيرو وسكورسيزي.

"أراجع الاقتباس الأول مرّتين، الأولى عام 2013، والثانية قبيل بدء التصوير"، يقول زايليان، مُضيفًا أنّ هذا العمل هو الأسهل له في مساره المهنيّ، والسبب الأساسي كامنٌ في أنّ بوب (دي نيرو) ومارتي (سكورسيزي) يُدركان بدقّة ما يريدانه: "من الطبيعي أنْ تكون الملاحظات المُرسلة إليك من استديو أو منتج مرتبكة ومشوّشة. لكن، معهما، هذا غير حاصل البتّة".

تُجمع متابعات صحافية عديدة على أنّ سيرة حياة فرانك "الأيرلندي" شيران، تسمح برواية "الحكاية السرّية لأميركا"، في النصف الثاني من القرن الـ20. عبر راسل بوفالينو، يُصبح شيران صديق جيمي هوفّا، وأحد أكثر داعميه غير الفارضين عليه شروطًا. أما اختفاء هوفّا (30 يوليو/ تموز 1975)، غير المكشوفة أسراره لغاية الآن، فأحد الأحداث المتنوّعة والأكثر إثارة للنقاش في الستينيات المنصرمة. جيمي هوفّا، العدو اللدود لبوبي كينيدي، هو أحد أكثر الرجال نفوذًا في الولايات المتحدّة، "وهو نجم تلك المرحلة"، كما يوصف: "معروفٌ بالدرجة نفسها التي لفرانك سيناترا وإلفيس بريسلي"، كما يقول زايليان. رجلٌ مهمّ للغاية في أميركا ما بعد الحرب، وصانع أعمال مهمّة كثيرة في العمل النقابيّ، علمًا أن "نقابة سائقي الشاحنات" تُصبح حينها الأقوى نفوذًا، ما يُثير بلبلة في الأوساط السياسية والاقتصادية والاجتماعية الأميركية.

 

العربي الجديد اللندنية في

15.09.2019

 
 
 
 
 

نقاد: "ورد مسموم" لا يرتقي لتمثيل مصر في الأوسكار

العين الإخبارية - صفوت دسوقى

تباينت آراء عدد من صُنَّاع السينما المصريين حول ترشيح الفيلم المصري "ورد مسموم" للمنافسة على جائزة أوسكار لأفضل فيلم أجنبي هذا العام.

"العين الإخبارية" أجرت استطلاعاً حول الترشيح الذي اختارته لجنة مختصة بهذا الأمر في نقابة المهن السينمائية، ورأى الكاتب والمخرج المصري بشير الديك أنَّ مستوى الفيلم سيئ للغاية ولا يرتقي لتمثيل مصر في الأوسكار.

واتفق معه الناقد الفني طارق الشناوي، وهو أحد المشاركين في لجنة اختيار الفيلم، حيث أعرب عن اندهاشه من مستوى "ورد مسموم" قائلاً إنَّه وافق على الترشيح احتراماً لرأي الأغلبية وليس اقتناعاً بالعمل.

في المقابل، أشاد المخرج عمر عبدالعزيز بالمستوى الفني للفيلم، ووصف القصة بأنَّها تعكس أوجاع المجتمع في مصر.

الفيلم بطولة ميريهان مجدي وإبراهيم النجاري ومحمود حميدة، وهو مأخوذ عن رواية "ورود سامة لصقر" للمؤلف أحمد زغلول الشيطي، وتدور أحداثه داخل منطقة المدابغ في القاهرة، حيث تعيش عاملة النظافة تحية وشقيقها صقر وأمهما.

ترتبط تحية بعلاقة وثيقة مع شقيقها الذي تهتم بكل شؤونه وتفاصيل حياته، وعندما يقرر الشقيق الخروج من الحي الفقير والهجرة بشكل غير شرعي، بحثاً عن حياة أفضل، تبذل تحية كل ما بوسعها لمنعه حتى يبقى بجوارها.

وسبق للفيلم أن عرض بالعديد من المهرجانات العربية والأجنبية، وفاز ببعض الجوائز منها جائزة أفضل فيلم عربي في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الـ40.

 

 بوابة العين الإماراتية في

14.09.2019

 
 
 
 
 

قبل غلق الباب.. 4 أفلام هي الأقرب لـ"أوسكار فيلم عالمي"

كتب: نورهان نصرالله

أيام قليلة تفصل العالم عن غلق باب استقبال الأفلام المرشحة لجائزة "أوسكار" عن فئة أفضل فيلم عالمي، وحتى الآن تم ترشيح 51 فيلما للجائزة، التي سيتم تصفيتها إلى قائمة طويلة تضم 10 أفلام، ثم قائمة قصيرة تم 5 أفلام التي سيتم الإعلان عنها في يناير 2020.

هناك عدد من الدول التي لم تكشف عن ترشيحاتها حتى الآن من بينهم فرنسا وإيطاليا، وفيما يلي الأفلام الأقرب إلى الجائزة:

- "Parasite":

فيلم من كوريا الجنوبية وهو الحاصل على السعفة الذهبية في الدورة السابقة من مهرجان كان السينمائي، من إخراج بونج جون هو، ويعتقد النقاد أن الفيلم هو الأقرب إلى جائزة أوسكار أفضل فيلم عالمي في حالة عدم وجود مفاجأت جديدة خلال الأيام المقبلة.تدور أحداث الفيلم في إطار من الكوميديا السوداء، تدور أحداث فيلم "Parasite" فى 133 دقيقة، حول عائلة فقيرة مكونة من 4 أفراد، عاطلين عن العمل، يبذلون قصارى جهدهم لجمع أموال تساعدهم على البقاء في منزلهم المتواضع، ولكن عرضا ليس عاديًّا يدفعهم إلى الاحتيال عندما يزوِّر أحد أفراد العائلة، شهادة، ليتمكن من إعطاء دورس لغة إنجليزية لابن عائلة أرستقراطية ثرية، لتبدأ بعدها سلسلة من الأحداث التي لا يمكن السيطرة عليها.

- "Pain and Glory":

فيلم للمخرج الإسباني بيدرو ألمودوفار، شارك في الدورة السابقة من مهرجان كان السينمائي، وحصل بطله أنطونيو بانديراس على جائزة أفضل ممثل من المهرجان، سبق وحصل "ألمودوفار" على جائزة أوسكار أفضل فيلم أجنبي في عام 1999 عن فيلم " All About My Mother".يعتبر "Pain and Glory" سيرة ذاتية لمخرج الفيلم بيدرو ألمودوفار، يعود به إلى طفولته في الستينيات ليتذكر حبه الأول وألم انكسار قلبه، والراحة التي وفرتها له الكتابة، واكتشافه المبكر للشاشة الفضية، والفجوة اللانهائية التي تجعله حاليا عاجزا عن صناعة الأفلام.

- "System Crasher":

فيلم ألماني من إخراج نورا فينجشيدت في تجربتها الروائية الطويلة الأولى، وعرض للمرة الأولى في الدورة السابقة من مهرجان برلين السينمائي، وحصل على الدب الفضي "جائزة ألفريد باوير"، لأفضل فيلم يمتلك فنيات جديدة من المهرجان، وحصد بعد ذلك مجموعة واسعة من الجوائز في عدد من المهرجانات السينمائية.

الفيلم دراما اجتماعيّة تتناول معاناة "بيني"، فتاة في التاسعة من عمرها، مصابة بحالة نفسيّة معقّدة تصعب السيطرة عليها، وفي سعيها الدؤوب للحب تدفع الجميع من حولها إلى اليأس.

- "Our Mothers":

يمثل المشاركة البلجيكية في المسابقة، يحمل توقيع المخرج سيزار دياز الذي حصل على جائزة "الكاميرا الذهبية" عن الفيلم بالدورة السابقة من مهرجان كان السينمائي.

وتدور أحداث الفيلم حول "إرنستو"، عالم أنثروبولوجيا شاب في مؤسسة الطب الشرعي الذي يحقق في قصة سيدة عجوز، ليعتقد أنه قد وجد شيئا من شأنه أن يسمح له بالعثور على والده، المقاتل الذي اختفى خلال الحرب.

 

الوطن المصرية في

15.09.2019

 
 
 
 
 

عرض "The Irishman" في "روما".. ومدير المهرجان: الفيلم محور الاهتمام

كتب: نورهان نصرالله

يشارك فيلم "The Irishman" للمخرج مارتن سكورسيزي في مهرجان روما السينمائي، في 21 أكتوبر المقبل، وذلك بعد إطلاقه الأوروبي باعتباره فيلم ختام مهرجان لندن السينمائي، ومن المتوقع أن يحضر فريق عمل الفيلم عرضه في روما، وهو الذي وصفه نطونيو موندا مدير المهرجان بأنه "محور الاهتمام"، وذلك وفقا لخبر نشره موقع مجلة "فارايتي".

يعرض الفيلم للمرة الأولى في افتتاح الدورة الـ 57 من مهرجان نيويورك السينمائي، الذى تنطلق فعالياته في 27 سبتمبر الجاري وحتى 13 أكتوبر المقبل، على أن يتم عرضه في دور العرض السينمائي بشكل محدود في بداية نوفمبر ولمدة 4 أسابيع، قبل أن يبدأ عرضه على منصة "Netflix"، في 27 نوفمبر.

الفيلم مأخوذ عن كتاب سيرة ذاتية من عالم الجريمة بعنوان "I Heard You Paint Houses" للكاتب تشارلز براندت، وقام بكتابة السيناريو ستيفن زايليان، وتدور الأحداث حول زعيم المافيا فرانك شيران، المعروف بلقب "الأيرلندي"، وتحوله من جندي من أبطال الحرب العالمية الثانية أثناء خدمته في إيطاليا، إلى قاتل مأجور محترف، ويتطرق الفيلم إلى ذك التحول في حياته أثناء التحقيق معه في اختفاء زعيم نقابة العمال الأمريكي جيمي هوفا.

يُعتبر الفيلم هو التعاون السينمائي الأول الذي يجمع المخرج مارتن سكورسيزي مع آل باتشينو، كما يعيد التعاون مع روبرت دي نيرو منذ آخر أعمالها معا "Casino" عام 1995، كما يشارك في بطولة الفيلم مجموعة من ألمع نجوم هوليود من بينهم هارفي كيتل، جو بيشي، وراي رومانو، وبدأ "سكورسيزى" العمل على الفيلم في مرحلة التطوير منذ عام 2014، حيث كان مشروعه التالي بعد فيلم "Silence"، وكشف أن السيناريو الذى قام بكتابته ستيفن زايليان، يقوم على "الفلاش باك"، لـ"فرانك شيران" الذى يتذكر العديد من أنشطته الإجرامية على مدار عقود، وانطلق التصوير فى أغسطس 2017، وتم الانتهاء من الفيلم بشكل نهائى في 5 مارس 2018.

 

الوطن المصرية في

16.09.2019

 
 
 
 
 

بطلٌ مضادّ في ذاكرة السينما: جنون العالم

محمد جابر

لا يعرف كثيرون أن شخصية جوكر، حين ابتكرها بوب كين وجيري روبنسون عام 1940 كخصم لباتمان، كان يُفترض بها أن تظهر وتقتل في عددٍ واحد فقط من "القصص المصوّرة". لكن ما حدث هو أن العدد المذكور عرف نجاحًا استثنائيًا، رغم أنّ قرّاءه شعروا بالرعب والرهبة من تلك الشخصية.

هناك تفسيرات عديدة لهذا النجاح، منها أن الشخصية نفسها تعبيرٌ عن الجنون السائد في العالم، زمن الحرب العالمية الثانية. فالقرّاء ربطوا، بوعي أو بلا وعي، بين الـ"جوكر" وأدولف هتلر. لذلك، استمرت الشخصية، وأصبحت أشهر خصوم "باتمان" إطلاقًا، وانتقلت من الـ"كوميكس" إلى السينما عام 1966، وقُدِّمت بنسخٍ عديدة، إلى أنْ وصلت، عام 2019، إلى فيلمٍ منفرد، بعنوان The Joker لتود فيليبس، يؤدّي واكِن فينيكس فيه تلك الشخصية. والفيلم حاز على جائزة "الأسد الذهبي" في الدورة الـ76 (28 أغسطس/ آب ـ 7 سبتمبر/ أيلول 2019) لـ"مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي".

لكن، قبل "جوكر" فيليبس وواكِن وفينيسيا، هناك نسخ وقصص مختلفة، لسينمائيين عديدين، خلال أكثر من 5 عقود متتالية.

أول حضور سينمائي للشخصية كان في Batman: The Movie، الذي أنجزه ليسلي هيربرت مارتنسن عام 1966، وهو استثمار سينمائي لنجاح مسلسل تلفزيوني، عرض مطلع ستينيات القرن الـ20. فيه، أدّى سيزار روميرو تلك الشخصية، لكن من دون منحها مساحة اهتمام زائدة، إذْ كان فقط جزءًا من عصابة، تسمّى "اتحاد العالم السفلي"، تجمع عددًا من أشهر خصوم "باتمان"، كـ"بنغوين" و"رايدلر" وغيرهما. ما يُميّز هذه الشخصية هو الشعر الأخضر، والبذلة البنفسجية، ومكياج الوجه الأبيض، تجسيدًا مباشرًا لصورة الـ"جوكر" في "القصص المصوّرة".

ولأن ستينيات القرن الـ20 وسبعينياته لم تكن زمن ازدهار لأفلام الأبطال الخارقين، كالزمن الحالي، فإن الظهور التالي للـ"جوكر" في السينما حصل بعد 23 عامًا، بفضل Batman، الذي أخرجه تيم بورتون عام 1989، وكان حضوره استثنائيًا، لسببين: الأول، أنّ جاك نيكلسون هو من أدّى الشخصية؛ والثاني، أن الفيلم يتعمّق في أصل الشخصية، ويهتمّ بهذا الجانب، وبكيفية تحوّلها إلى عدوٍ لـ"باتمان"، من خلال أشهر حكاية عنه في الـ"كوميكس"، إذْ كان شريرًا عاديًا، سقط في برميل كيماويات أثناء مطاردة "باتمان" له، فتحوّل إلى شرير خارق، ذي ملامح ومكياج مرعبين.

رغم إنجاز 3 أفلام أخرى عن "باتمان" ومعه، في التسعينيات المنصرمة، أحدها لبورتون أيضًا (1992)، والاثنان الآخران لجويل شوماخر، أنجزهما عامي 1995 و1997، إلّا أنّ الأفلام كلّها اهتمّت بخصومه الآخرين، باستثناء الـ"جوكر". مع ذلك، لم تغب الشخصية عن الحضور بشكل كامل، إذْ عرض في ذلك الوقت Batman: The Animated Series، وهو مسلسل تلفزيوني أُنجز بين عامي 1992 و1995، في 4 مواسم، ظهر الـ"جوكر" في 15 حلقة منها، بأداء صوتي لمارك هاميل، بطل سلسلة Star Wars، فاحتفظ بمكانته كأقوى خصوم "باتمان" وأشهرهم.

شهرة الـ"جوكر" تضاعفت لاحقًا، وصارت أكثر أيقونية بما لا يضاهى، إذْ عُثِر مطلع عام 2008 على الممثل هيث ليدغر متوفيًا في منزله، بسبب جرعة زائدة من المنوِّم، وتمّ ربط الحادثة بالإرهاق النفسي الذي تعرّض له أثناء أدائه الشخصية، في The Dark Knight، الذي كان منتظرًا عرضه صيف العام نفسه.

والفيلم لاقى استقبالاً نقديًا وجماهيريًا حافلًا، والسبب الأساسي كامنٌ في تقديم باهر للـ"جوكر"، إنْ على مستوى الشكل، الذي يتخلّى عن صورة "القصص المصوّرة" للمرة الأولى، ويمنحه ملامح واقعية تزيده رعبًا؛ وإنْ على مستوى "فلسفة الفوضى" التي يعتنقها مقابل "باتمان". هناك طبعًا الأداء التاريخي لهيث ليدغر، المتوّج بـ"أوسكار" أفضل ممثل مُساعد، بعد عام واحد على وفاته، ليقترن اسمه بالشخصية، ويضاعف أسطوريّتها.

في الأعوام الـ11 الأخيرة، لم تُقدّم الشخصية في أي فيلم روائي، إلّا مرة واحدة، عام 2016، في Suicide Squad، الذي أخرجه ديفيد آير كجزء من عالم "الأبطال الخارقين"، الخاص بشركة DC. فيه، أدّى جاريد ليتو الشخصية. ورغم الانتظار الكبير للفيلم، وللثنائي الـ"جوكر" وحبيبته هارلي كوين (مارغو روبي)، إلّا أن النتيجة النهائية محبطة للغاية، فالفيلم فاشلٌ نقديًا وتجاريًا، ما دفع DC إلى إعادة هيكلة مشروعها، وتأجيل الجزء الثاني منه، والبحث عما إذا كان ليتو سيؤدّي الشخصية مرة أخرى.

أخيرًا، عاد الـ"جوكر" إلى الواجهة مجدّدًا، مع فيلمٍ يروي قصته الأصلية، يؤدّي فيه واكِن فينيكس الشخصية، وهو أحد أهمّ ممثلي السينما الأميركية في العقدين الأخيرين. وكما ظهر في الشريط الدعائي، فالفيلم يتبنّى إحدى نظريات نشأة الـ"جوكر"، بكونه "كوميديان" فاشل يدعى آرثر فْلِك، عانى اضطهادًا مجتمعيًا مستمرًا، أصابه بالجنون.

عرف الفيلم، في عرضه الدولي الأول في مهرجان فينيسيا، تقديرًا وترحابًا، قبل أن يُفاجأ الجميع بفوزه بجائزة "الأسد الذهبي"، وهي الجائزة الأولى للمهرجان، ليضاعف التوقّعات بخصوص "أوسكار" 2020، بانتظار عرضه التجاري في 4 أكتوبر/ تشرين الأول 2019، في الولايات المتحدّة الأميركية، وهي توقّعات مختصّة بمنافسة فينيكس على الجائزة في فئة أفضل ممثل، وفوزه متوقعٌ للغاية. فوز فينيكس بالـ"أوسكار"، إنْ يحصل، سيكون حدثًا تاريخيًا، يُزيد من أيقونية الـ"جوكر"، لأنه سيصبح الشخصية السينمائية الوحيدة التي فاز بفضلها ممثلان اثنان بالجائزة، في فيلمين مختلفين، بعد شخصية فيتو كورليوني، الظاهرة في الجزأين الأول (1972) والثاني (1974) لـ"العرّاب"، لفرنسيس فورد كوبولا، مع ممثلين اثنين، هم مارلون براندو (أفضل ممثل) وروبرت دي نيرو (أفضل ممثل ثانٍ).

 

####

 

جدل حول فوز "جوكر": لمن تُمنح الجوائز؟

سعيد المزواري

يثير الجدل المُرافق لمنح "الجوكر"، للأميركي تود فيليبس، جائزة "الأسد الذهبي"، في الدورة الـ76 (28 أغسطس/آب ـ 7 سبتمبر/أيلول 2019) لـ"مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي"، نقاشًا مثيرًا للاهتمام. ذلك أنّ غالبية النقّاد، المستائين من قرار لجنة لوكريسيا مارتِل، لم تفتها الإشادة بالفيلم، فالتحفّظ كان، بشكل مضمر، على نوعيته، وعلى الكلام الصريح عن خلفية مخرجه، مقارنة بمؤلّفين كبار تنافس معهم، كرومان بولانسكي وروي أندرسون وجيمس غراي. 

استحضر الجميع الطموح الفنّي الضعيف، الذي طبع فيلموغرافيا فيليبس، خصوصًا الثلاثية الكوميدية "ذا هانغوفر"، التي حقّقت نجاحًا جماهيريًا باهرًا، من دون أيّ صدى نقدي يُذكر. كأنّ هؤلاء النقّاد يتبنّون عبارة تُستعمل للتندّر من جوائز "كانّ": "يُهدي المهرجان سعفته الذهبيّة لأعظم المخرجين عن أفلامهم الأكثر سوءًا".
السؤال المطروح هنا: لمن تمنح الجوائز؟ للأفلام أو لمخرجيها، أو لهما معًا؟ في الحالتين الأخيرتين، ألا يُعتبر هذا حيفًا يلحق بالمخرجين الذين يحضرون بأفلام مهمّة، ولا يجرّون وراءهم بالضرورة مسارًا فنيًا لامعًا؟ ما الفرق حينئذ بين الجائزة الكبرى للمهرجان، وجائزة التكريم، التي تُقدَّم لفنانين كبار عن مسارهم المهنيّ كلّه؟

لنتذكّر فوز الفرنسي موريس بيالا بـ"السعفة الذهبية"، في دورة عام 1987 لمهرجان "كانّ"، عن "تحت سماء الشيطان". الفيلم ليس أبدًا أفضل ما أخرجه بيالا. لجنة تحكيم المسابقة الرسمية للدورة المذكورة كانت برئاسة إيف مونتان. في المسابقة نفسها، هناك "العيون السوداء" لنيكيتا ميخالكوف، و"أجنحة الرغبة" لفيم فاندرز. صعد بيالا لاستلام السعفة، مع صفير الحاضرين، فأجابهم بقوله المشهور: "إنْ لم تكونوا تحبّوني، فأنا بدوري لا أحبكم".

وكيف ننسى منح المخرج الدنماركي، لارس فون ترير، الجائزة الأرفع لمهرجان "كانّ" نفسه عن عمله "راقصة الظّلام" (2000)، وسحبها من أكثر الأفلام أصالة: "أغنية من الطابق الثاني" للمخرج السويدي روي أندرسون.

ينبغي القول إنّ سجل "سوابق" رئيس "لا موسترا"، ألبيرتو باربيرا، يساهم في تأجيج الجدل. فالمراقبون لم ينسوا فتحه باب المسابقة الرسمية على مصراعيه أمام أفلام من إنتاج المنصّة الأميركية "نتفليكس"، وفوز أحدها، "روما" لألفونسو كوارون بـ"الأسد الذهبي"، في دورة العام الفائت، ما منح نتائج المهرجان صيتًا كبيرًا عندها، وغذّى الشكوك اليوم، خصوصًا بعد تتويج "جوكر"، حول استمرارية تأثير محتمل على اللجنة للدفع نحو منح الجائزة الأولى لفيلم ذي حمولة جماهيرية مهمّة، وفاءً لاستراتيجية تهدف إلى تعزيز إشعاع المهرجان.

لكنْ، من ناحية أخرى، أليس غريبًا أن "يمطّ" نقاد شفاههم حول فوز فيلم مقتبس من الـ"كوميكس"، بعد أن اشتكوا على امتداد عقدين من تربّع هذا النوع على صدارة المداخيل، وتحطيم كلّ أرقام شباك التذاكر، من دون أن يكون لها أيّ وقع على السينما، أو إسهام في المضيّ قدمًا بجمالياتها، ما عدا استثناءات قليلة، لعلّ أهمّها الثلاثية المعروفة: "سبايدرمان" (2002) لسام ريمي، و"باتمان: فارس الظلام" (2008) لكريستوفر نولان، و"واتشمان" (2009) لزاك سنايدر؟

مراقبون آخرون تحجّجوا ببساطة كلمة تود فيليبس، بعد تسلّمه الجائزة، إذْ اكتفى بشكر كلّ من عمل معه على الفيلم، على عكس المؤلّفين ممّن سبقوه، الذين كانوا لا يفوّتون فرصة الأضواء المسلّطة عليهم لجذب الانتباه إلى قضايا إنسانية، أو على الأقلّ، إلى قضايا مرتبطة بمهن السينما.

يبدو النقاد هنا كمن يرتبك حين يتحقّق له ما كان يعتقد أنّها أكثر أمنياته بُعدًا عن الواقع، وإمعانًا في الخيال. في النهاية، فإنّ السينما في جوهرها ليست شيئًا سوى هذا: خيال يتحقّق أمام أعيننا بشكلٍ غير متوقّع.

 

العربي الجديد اللندنية في

17.09.2019

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004