بعد مشاركتها على مدى سنوات طويلة في لجان التحكيم بعدد
كبير من المهرجانات، تترأس الممثلة المصرية لبلبة لأول مرة لجنة تحكيم
«مسابقة نور الشريف للأفلام العربية الطويلة» في الدورة الـ35 لمهرجان
الإسكندرية السينمائي، والتي يتنافس على جوائزها 13 فيلما، وتضم عضوية
اللجنة المنتج التونسي علي الزعيم، والممثلة المغربية فاطمة خير، والمخرج
العراقي جمال أمين الحسني، والممثلة السورية ليلى جبر، والمخرجة السودانية
سارة جاد الله جبارة.
لبلبة التي لطالما كانت ضيفة دائمة على مهرجان «كان»
السينمائي اعتادت أن يكون لها نظرة ثاقبة وتوقعات صادقة لجوائز التحكيم
بحكم خبرتها الفنية الطويلة.
«الشرق
الأوسط» أجرت حواراً مع الفنانة المصرية لبلبة، للتعرف على مهمتها في لجان
التحكيم وعن أعمالها الفنية المقبلة.
تقول لبلبة: تحكيم الأفلام بالتأكيد مهمة صعبة، ويقع العبء
الأكبر فيها على رئيس اللجنة ويجب أن يتعامل بحيدة ونزاهة، وقد مارست
التحكيم كثيراً وشاركت في 16 لجنة تحكيم بمهرجانات داخل مصر وخارجها،
بالإضافة إلى خبراتي كممثلة. فمنذ أن كان عمري 5 سنوات، وأنا لا أعرف سوى
الأفلام والحياة الفنية، فالفن هو روحي، وحياتي كلها تتمحور حوله.
وعن مدى التطور الذي تشهده السينما العربية في السنوات
الأخيرة تقول لبلبة: هناك تطور كبير واهتمام أكبر، وأنا أتابع الأفلام
العربية من خلال المهرجانات الدولية التي ازداد اهتمامها بالسينما العربية،
ما يؤكد تميز كثير من تجاربها، والآن تتضاعف سعادتي برئاسة لجنة تحكيم
الأفلام العربية بمهرجان الإسكندرية السينمائي، لمشاهدة أحدث أعمالها، كما
يزيدني شرفاً أنها تحمل اسم النجم الراحل نور الشريف.
وللفنانة لبلبة تجربة خاصة في مشاهدات الأفلام اكتسبتها من
حضورها المتكرر لمهرجان كان السينمائي، تكشف عنها لـ«لشرق الأوسط» قائلة:
«واظبت على حضور مهرجان كان منذ عام 1987. وكنت أحرص على مشاهدة أكبر قدر
من الأفلام وبشكل خاص أفلام المسابقة وكنت أحمل معي كاسيتا صغيرا لأسجل
انطباعاتي عن كل فيلم، وقبل إعلان نتائج الختام كنت أضع قائمة بالجوائز
فأحدد الفيلم الذي سيحصل على (السعفة الذهبية) ومن يفوز بجوائز (التمثيل)،
وكانت توقعاتي تتوافق في كثير من الأحيان مع آراء لجنة التحكيم، حتى أن
الفنان حسين فهمي سألني ذات مرة مازحاً ونحن في المهرجان: هل يسرب أحد
النتائج لك قبل إعلانها!! وضمني للجنة تحكيم مهرجان القاهرة السينمائي خلال
فترة رئاسته للمهرجان.
تروي لبلبة أنها اختلفت في إحدى دورات مهرجان كان، مع
المخرج الإيراني عباس كياروستامي، وقت توليه رئاسة لجنة تحكيم، حول بعض
الجوائز التي منحتها اللجنة قائلة: «رد علي وقال لي كلامك صحيح... واسمحي
أن أحييك وأسألك هل لديك أسرة؟... ورغم تعجبي من سؤاله فقد أجبته بـ(لا)،
فقال هذا واضح لأن الذي يهب نفسه للفن لا يكون عنده أسرة... نعم لقد أعطيت
عمري للفن بلا ندم، فيكفيني النجاح الذي حصدته والجوائز التي توجت بها وحب
الجمهور الذي أعتبره النفس الذي أتنفسه».
وعن تعرضها لوقائع ظلم سابقة في مهرجانات دولية قالت: «حدث
ذلك في مهرجان (فالنسيا) بإسبانيا وبسبب صوت واحد ذهبت الجائزة لممثلة من
سلوفينيا كانت قد برعت في أداء شخصية امرأة مدمنة، لم أغضب لذلك رغم أن
الجميع كان يتوقع حصولي على الجائزة، لذلك لا أحب الظلم ولو أن هناك فنانا
يستحقها نجري التصويت، ومعروف أن رئيس اللجنة يكون له صوتان، والمهم أن
ننهي مهمتنا بكل ود.
لبلبة التي حصلت على عشرات الجوائز كأفضل ممثلة من أهمها
جائزة «بينالي السينما العربية» من معهد العالم العربي بباريس، وجائزة
مهرجان «كل أفريقيا» بكيب تاون عام 1996 عن فيلم «ليلة ساخنة» للمخرج عاطف
الطيب، تشير إلى أن الجوائز التي حصدتها وشهادات التقدير التي تزين جدران
بيتها تعتز بها كثيراً، فالفوز بأحسن ممثلة يعني فرحة كبيرة لأنه يؤكد أنني
أتقنت أداء الدور، أما التكريم فله مذاق وإحساس مختلف، فالتكريم تقدير
لمشوار فني طويل، فهو بمثابة حكاية عمري.
يزخر مشوار لبلبة ببطولة 87 فيلما من أهمها «ضد الحكومة»
و«ليلة ساخنة» للمخرج الراحل عاطف الطيب، و«إسكندرية نيويورك»، «والآخر» مع
يوسف شاهين، وهما من المخرجين الذين أثروا كثيرا في مشوارها الفني، وتقول
عن ذلك: «تعلمت من كل مخرج عملت معه... إذ تعلمت الدقة من يوسف شاهين، الذي
كان يردد دوماً: إن كل شيء محسوب بدقة ولا يوجد في عملنا شيء اسمه الصدفة،
وقبل بدء التصوير بستة أشهر لا بد من تحضير الملابس والإكسسوارت والديكورات
وعمل بروفات مع الممثلين. أما عاطف الطيب فقد اكتشف بي جوانب كممثلة لم أكن
أعرفها وأستطيع أن أقول إنها كانت بمثابة انقلاب في حياتي فقدمني في شخصية
محامية انتهازية في فيلم «ضد الحكومة» لينقلني من الأدوار الاستعراضية
والكوميدية إلى أدوار الشر رغم ملامح وجهي (البريئة)، ثم قدمني في شخصية
فتاة ليل تائبة في فيلم «ليلة ساخنة» وطلب مني زيادة وزني 4 كيلو غرامات،
وقال ستكونين مفاجأة الفيلم وستحصدين جوائز عديدة، وبالفعل حصلت عن هذا
الفيلم على 13 جائزة من مصر والخارج.
وعن مشاركتها النجم عادل إمام في عدد كبير من الأعمال
السينمائية والتلفزيونية تقول: «عادل فنان كبير وبيننا تفاهم تام أثناء
التصوير وأعتز بأفلامي معه وقد شاركته في مسلسلين من أحب أعمالي وكنت لا
أرحب بدخولي مجال التلفزيون، لكنه أقنعني واختارني بطلة أمامه في مسلسل
«صاحب السعادة» وبعدها قدمنا «مأمون وشركاه».
وأرجعت الفنانة المصرية لبلبة سبب رفضها عددا من الأدوار
التلفزيونية التي عرضت عليها خلال السنوات الماضية إلى عدم اقتناعها بأهمية
وتأثير هذه الأدوار أنا لا أجري وراء الدراما التلفزيونية لكني لست أيضاً
ضدها، المهم الدور الجيد والقصة الجذابة، فأنا احترم فني وجمهوري، ولذلك
رحبت بمسلسل «الشارع اللي ورانا» مع المخرج مجدي الهواري، الذي قال أثناء
العمل إن لبلبة مخرجة نفسها بعدما وجدني أحفظ «راكوراتي» من ملابس وإكسسوار
وحركة، فأنا أجتهد في دراسة الشخصية وأتفرغ تماما للتصوير، هكذا اعتدت طوال
حياتي منذ كنت طفلة، إذ كانت تختار أمي أدواري وتطلب مني حفظ الدور
والتدريب على أدائه.
وتختتم لبلبة حديثها قائلة: احترام الفنان لذاته وحفاظه على
حياته الخاصة أحد أسباب نجاح الفنان، فالجمهور حين يحب فنانا فإن ذلك يرجع
ليس لأدواره فقط بل لالتزامه في حياته الخاصة أيضا، وأنا أختلف مع من
يقولون إن «الجمهور ليس له علاقة بحياتي الخاصة». |