كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

محمد حفظي:

الجمهور هدف أساسي لـ «القاهرة السينمائي».. ونستهدف 40 ألف مشاهد هذه الدورة

حوار - حسن شعراوي وعزة إبراهيم

القاهرة السينمائي الدولي

الدورة الحادية والأربعون

   
 
 
 
 
 
 

ينشر بالاتفاق مع مجلة الفيلم

ـ وقعنا بروتوكول تعاون مع جامعة القاهرة لترويج المهرجان بين الطلاب

ـ المجانية فكرة فاشلة ونعمل على ملف الإقبال الجماهيري

ـ أفلام المهرجان تمرّ على الرقابة وغالبًا ما توافق عليها

ـ يجب على الدولة دعم السينما المستقلة و صناع الأفلام الشباب

ـ نعاني من عدم وجود فيلم مصري ينافس في المسابقة العربية

 في عامه الثاني يواصل "محمد حفظي" رئيس مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الحادية والأربعين رؤيته الطموحة لتطوير وتجديد المهرجان شكلًا ومضمونًا بإصرار على تجاوز جميع العقبات التي صاحبت المهرجان في دوراتٍ سابقةٍ وكذلك الحالية، وفي حواره المفتوح مع مجلة "الفيلم" تحدث بصراحة ودقة عن برنامجه المتفائل ليعيد للقاهرة السينمائي بريقه ومكانته بين مهرجانات العالم، مستعينًا بالفريق الفني للمهرجان الذي يرأسه "أحمد شوقي" وعدد من النقاد الشباب الذين أضفوا الحيوية والتجديد لروح المهرجان في دورته المهداة للراحل "يوسف شريف رزق الله"

·        في رأيك ما العقبات التي تواجه مهرجان القاهرة السينمائي؟

طوال الوقت توجد عقبات كنت أتابعها من قبل بصفتي عضوًا في اللجنة الاستشارية العليا للمهرجان. وأول شيء اعتمدت عليه قبل أن أتصدى لمهمة رئاسته هو أن الوزارة كانت متفهمةً لطبيعة المشاكل التي تواجه المهرجان، وعندها الاستعداد والنية لإزالة هذه العقبات، فوزارة الثقافة هي المشرفة على المهرجان، وهناك بعض الأمور الروتينية والإدارية والمالية التي تجعل الحركة واتخاذ القرار أبطأ من لو أننا كنا نعمل في مكان خاص أو مهرجان غير تابع للدولة.

لذلك رأيت أن أول شيء عليَّ فعله هو التفكير في كيفية إزالة هذه العقبات، وكيفية العمل بخلق مساحة للحرية في الحركة واتخاذ القرار، لكن في نفس الوقت دون أن نخالف اللوائح والأساليب المتبعة للدولة والوزارات.
وفي الحقيقة، المهرجان هو إدارة مستقلة وله هيكل مستقل لكننا لا نغفل بالطبع تبعيته للدولة أيضًا. فيمكن القول إن لديه كمًّا من الحرية في اتخاذ القرار، لكن التسوية المالية لابد أن تتبع أسلوبًا معينًا، وأنا تعلمت السير في هذه المتاهة والكواليس البيروقراطية، وهناك أيضًا من يساعدونني في ذلك إلى الآن. وفي النهاية لم يكن ممكنًا أن نترك هذا عائقًا أمام حركتنا
.

·        ما الخطوات التي اتبعتها في بداية رئاستك للمهرجان؟

في العام الماضي كان لابد لي أن أتعلم من الفريق القديم، وأولهم بالطبع كان الأستاذ "يوسف شريف رزق الله "الذي تعلمت منه كثيرًا جدًا ومن فريقه أيضًا، فهم لديهم خبرة لا يستهان بها، لكن أيضًا وجدت أن المهرجان يحتاج لخبرات أخرى وينقصه فكر جديد وأساليب إدارة جديدة ليصبح مثل مهرجانات العالم كله، فهو ليس مجرد وسيلة لعرض أفلام من أفضل إنتاج العالم أو المنطقة، لكنه أيضًا في قلب الصناعة نفسها، ويلعب دورًا كبيرًا مع المنتجين وصناع الأفلام، ويناقش معهم كيفية تمكينهم ومساعدتهم ليطوروا مشاريعهم، فالمهرجان يلعب دورًا مهمًا فى دعم الصناعة.

وتبادل الخبرات ما بين الصناع في العالم كله، سواء في مصر أو في الدول العربية ودول العالم من خلال الورش والندوات وكل ما بدأنا نركز عليه في العام الماضي تحت مظلة "أيام القاهرة السينمائية" ، وكان هذا بدايةً حقيقيةً لتغيير شامل في مهرجان القاهرة السينمائي ليصبح مهرجانًا يلعب دورًا في دعم الصناعة المحلية والعربية، ويشجع ليس فقط المخرجين على المجيء ولكن أيضًا شركات الإنتاج والتوزيع ليشاركوا بأفلامهم ، وليطلعوا على مشاريع جديدة تستحق الإنتاج وتكون قادرة على التنافس في السوق العالمي.
ففي فترة ما كان المهرجان يرى أن دوره هو عرض الفيلم بعد انتهائه وجاهزيته للعرض، لكن في المهرجانات الأخرى ربما نجدهم يتابعون الفيلم قبل أن يكتمل إنتاجه، ويتواصلون مع الصناع في مراحلَ مبكرةٍ من إنتاج الفيلم، وبالتالي كان لابد أن نغير فكرنا ونصبح مهرجانًا فعالًا في التواصل مع صناع الأفلام
.

·        إلى أيّ مدى نجحتم في ذلك؟

أعتقد أننا نجحنا إلى حد كبير جدًا، ففي مهرجان هذا العام لدينا عشرون فيلمًا طويلًا "عرض عالمي أول" وسبعة أفلام قصيرة، وهذا يحدث لأول مرة في تاريخ مهرجان القاهرة، فحتى مهرجان "الجونة" لم يحدث فيه ذلك، وهذا نتيجة أننا بدأنا نتكلم مع الناس كلها وساهمنا في خروج بعض الأفلام للنور وأن تجد فرصًا كما حدث في ملتقى القاهرة السينمائي .

وسعينا لاستقطاب ودعم الأفلام الجديدة واكتشاف المواهب ليخرج جيلٌ جديدٌ قادرٌ على صنع أفلامه. وفي الوقت نفسه نحاول الحصول على أفضل إنتاج العالم لنرتقي بذوقنا الفني ونتعرف على سينمات مختلفة، ونقدم الجديد دائمًا لنرتقي بذوق الناس. أيضًا في العام الماضي نجحنا إلى حدٍّ كبير وأرجع الفضل في ذلك ليوسف شريف رزق الله وأحمد شوقي فقد نجحا في وضع برنامج جيد، وبنظرة على عدد الأفلام التي فازت بجوائز فيما بعد أو قبل ذلك سواء في المهرجانات الكبيرة أو حتى الأوسكار أو الجولدن جلوب، سنجد أنه كان عندنا النسبة الأكبر من الأفلام الفائزة بالأوسكار، بما فيها فيلم الافتتاح "روما" الذى فاز بالأوسكار كأحسن فيلم أجنبي، وكل الأفلام كانت تعرض للمرة الأولى في الشرق الأوسط كانت معروضة لدينا فى القاهرة السينمائي ، هذا بجانب الأفلام التي فازت في المهرجانات الكبرى التي أرى أننا قسمناها مع الجونة .

·        إلى أي مدى نجحت في تغيير شكل المهرجان؟

من الناحية الفنية أرى أن المهرجان استطاع أن يغير شكله إلى حد ما، وفي نفس الوقت بدأنا في أيام القاهرة لصناعة السينما" ، التي حضرها أكثر من 150 من القائمين عليها في الصناعة العالمية أو العربية فحضر عدد كبير جدًا من الأمريكان والأوروبيين وعددٌ من التابعين لشركات مهمة جدًا أو مؤسسات تعاونت معنا في الورش وما شابه من فاعليات. وهذا العام يدخل الملتقى دورته السادسة لأنه بدأ مع "ماريان خورى" في دورة 2010 وكان وقتها بالتعاون مع ملتقى دبي الذى يقام على هامش مهرجان دبي .وحينما كنت في اللجنة الاستشارية للمهرجان حاولت دعم هذا الاتجاه لكن إدارة المهرجان لم تكن توفر إمكانياتٍ كافيةً ولم تساعد في إتمامه، فكان لابد أن نعتمد على مجهودات ذاتية من الرعاة بالتعاون مع شركات الإنتاج الموجودة في السوق سواءً المصري أو العربي، وكانت محدودةً جدا ،لأن المهرجان نفسه لم يكن يشجع هذه الشركات على أن تأتي وتدعمه ويكون لها دور، وتستفيد من الدعاية التي يقوم بها، لكن المهرجان كان مضطرًا لذلك لأن موارده محدودةٌ جدًا ووزارة الثقافة كانت توفر مبلغًا ضئيلًا لا يزيد على ستة ملايين جنيه، بالإضافة لحوالي 4 ملايين أخرى تقدمها وزارات السياحة والشباب وبعض الجهات الحكومية التي توفر نحو 10 ملايين أخرى وكان المهرجان يقام بهذا المبلغ ، وحتى قبل تعويم الجنية كان من الصعب إنجاز أكثر مما تم عمله بالفعل، كانت هناك مشكلة مالية .ومشكلة أخرى وهي تغيير الإدارة من بعد الثورة، والظروف الاقتصادية والأمنية التي جعلت من الصعب أن يكون هناك استقرارٌ في مصر، وبالطبع فإن تغيير الإدارة بكثرة ليس صحيًّا، لأن كل من يأتي مؤكد أنه سيأتي بفكر مختلف، وهذا يجعل من الصعب أن يكون هناك تواصلٌ واستمرارية، وينتج عنه تخبطٌ، لذلك أنا لا ألوم الإدارة القديمة بل بالعكس أرى أنها استطاعت تقديم عملٍ جيدٍ في إطار الإمكانيات التي كانت متاحة، بل والحقيقة أن ما يتعلق بالإدارة الفنية كان على أعلى مستوى في الاختيارات والذوق والبرمجة، لكنهم واجهتهم صعوبة في إيجاد الأفلام الكبيرة في ظل منافسة مهرجانات أخرى بالمنطقة كدبي وقرطاج وغيرهما وهنا أتحدث كرئيس مهرجان، لكن توقف مهرجان "دبي" جعل حظي كسينمائي سيئًا لأنه مهم لنا على مستوى الصناعة كلها .

·        كيف ترى تأثير مهرجان الجونة على مهرجان القاهرة؟

"الجونة" من المؤكد أنه مهرجان منافس لأنه يستطيع إحضار أفلام جيدة، لكنه في النهاية يختار خمسة أفلام عربية فقط في المسابقة. وهذا يتيح لنا مساحة أكبر في أن نختار من الأفلام الموجودة، كذلك فالجونة يتمتع باستقلالية وميزانية كبيرة أكثر من ضعف ميزانية مهرجان القاهرة، أي أنه منافس قوى وناجح، وفى فترة قليلة استطاع تعويض أنه موجود في مكان لا تعرف عنه الناس شيئًا، ورغم أنه ليست له مكانة دولية لأنه بدون تاريخ، لكنه استطاع خلال عمره القصير أن يكون معروفًا وله اسم، صحيح أنه لازال أمامه المشوار طويلٌ لكن لا أستطيع أن أقول إنه غير منافس. فهو لديه مميزات في أنه معزول عن زحمة القاهرة، لأنه ليس مهرجانًا للجمهور، لكنه حدث سينمائي وسياحي في نفس الوقت فهو داخل منتجع مغلق. وكذلك له تأثير على الساحة ويستطيع أن يقدم دعمًا للأفلام، وأن يمنح جوائزَ ماليةً كبيرةً، وإدارته الفنية ممتازة وهذا جعله مهرجانًا مؤثرًا إلى حد ما، لكن مهرجان القاهرة مختلف ليس فقط بسبب تاريخه الطويل – 41 دورة هذا العام – لكن أيضًا لأن القاهرة مدينة كبيرة، فهذا يجعل الجمهور والتذاكر المباعة أكثر بكثير من الجونة.

·        هل ترى أن الإقبال الجماهيري على مهرجان القاهرة في تزايد؟

أعتقد أننا في العام الماضي استطعنا أن نضاعف عدد الجمهور قياسًا على العام الذى سبقه، لكن لازال أمامنا طريقٌ طويلٌ لكي نصل به لمرحلة "كامل العدد"، ومعظم عروضه عليها زحام وإقبال، ونعمل على ذلك بقوة. وفي هذه الدورة الحالية أخذنا إجراءات ستساعدنا في العمل على ذلك أكثر مما مضى، لأننا سنعمل بجدية على ملف الإقبال الجماهيري. والحقيقة أن "أحمد شوقي" ساعدنا كثيرًا في ذلك لأنه استطاع عمل البرنامج والانتهاء منه مبكرًا بحيث نستطيع الترويج له بشكل جيد من خلال الدعاية والسوشيال ميديا والتفاعل مع الشباب في الجامعات، والآن نحن بصدد توقيع بروتوكول مع جامعة القاهرة من أجل هذا الهدف، وسنحاول الترويج له بين الطلاب والمهتمين.

·        وماذا عن برامج الدورة الحالية؟

من خلال البرمجة حاولنا نحافظ على فكرة تقديم أفلام جديدة وفى نفس الوقت مهمة ومتنوعة، وفى العام الماضي عملنا قسمًا جديدًا وهو "أفلام منتصف الليل"، وسنواصل الاهتمام به هذا العام أيضًا. كذلك نهتم بأفلام الواقع الافتراضي، وهى عبارة عن أفلام في معظمها لا تزيد على عشر دقائق مدعمة بفكرة تكنولوجيا الواقع الافتراضي، واستطعنا الحصول على الهارد وير والمعدات ونحاول التوسع فيها هذا العام لأننا نستطيع أن ننافس في هذا القسم، لكن لا يوجد إنتاج عربي يكفي لأن يجعل الصناع العرب والمصريين يقدمون أفلامًا تتنافس مع السينما العالمية فمازلنا نحتاج لوقت، لذلك أجلناه لوقت آخر.

خلال ذلك اكتشفت أن الواقع الافتراضي أصبح فعالًا في العالم كله، وهو مسابقة مهمة في "فينيسيا" التي تعتبر الأولى على مستوى العالم من حيث الإمكانيات والمساحة التي توفرها له .نحن لا نستطيع عمل شيء في نفس المستوى لأنه ليس لدينا صناعة محلية لهذا النوع من الإنتاج.

لكى نعمل أي شكل جديد للمهرجان نحتاج لتكلفة، فالسجادة الحمراء والشكل الذى ظهر به في العام الماضي تكلف كثيرًا، لكن لابد منه، لأنه حتى في المهرجانات المصرية الجديدة نجدها تخرج بشكل مبهر ولطيف وجيد، ولكي نقوم بذلك نحتاج لرعاة ولهيئة تنشيط السياحة، واستطعنا الحصول على دعم من عدد من الشركات الخاصة من خلال الرعاة، والحقيقة كان عندهم تصور أن إدارة المهرجان لا تحقق ما يحتاجونه من المهرجان للظهور بشكل معين. كذلك كانت هناك سمعة سيئة لدى بعض الرعاة من الدورات الماضية وقلق في دعمهم للمهرجان. ولكن استطعنا إقناع ما يجاوز التسعين بالمئة منهم .

·        كم تبلغ ميزانية هذا العام؟

زادت عن العام الماضي قليلًا وتقترب من 40 مليون جنيه، لأنه لازالت بعض الجهات لم تؤكد مشاركتها إلى الآن فربما تقل بعض الشييء .ووزارة الثقافة دعمت المهرجان بنحو 16 مليون جنيه فقط في العام الماضى، ونحاول هذا العام أن نزيدها إلى 18 مليونًا لكن النسبة الأكبر تأتى من خارج الوزارة فهي تقريبًا تدفع النصف، لكن إلى الآن هناك بعض الجهات لم تحدد موقفها وأخرى لم تدفع ما عليها من العام الماضي، وهذا يضعنا في موقف مالي مرتبك، وعادة ما نتجاوزه بالعمل على تقليل الصرف ومحاولة الحصول على موارد من جهات أخرى.

·        كيف يتم اختيار الأفلام المشاركة في "القاهرة السينمائي"؟

هذا العام تم الاختيار بشكل مختلف عن ذي قبل، ففي السابق كان الاختيار يتم بالشكل الكلاسيكي الذى هو عبارة عن لجنة مكونة من 12 ناقدًا وصحفيًا فنيًا يشاهدون معًا نفس الفيلم، ويكتبون رأيهم، وبعد ذلك يقرر المدير الفني للمهرجان في النهاية إذا ما كان سيأخذ برأيهم أم لا، فهي لجنة استشارية فقط.
وهذا النظام لم يعد معمولًا به في العالم لأنه يسبب إهدارًا للوقت، فالأفلام الواردة إلينا كثيرة وقد تتجاوز الألف فيلم، لذلك غيرنا الخطة هذا العام وفى الحقيقة فقد بدأ هذا التغيير- باقتراح من أحمد شوقي- وقت وجود "يوسف شريف رزق الله" حيث عرضت عليه وقتها نظام المبرمجين المعمول به في العالم كله، والذي يطبق في مصر لأول مرة، وهو يعتمد على تقسيم العمل على خمس مبرمجين يعملون تحت إشراف المدير الفني، وكل واحد فيهم مسئول عن منطقة، فأندرو محسن مسئولٌ عن أوربا الشرقية بالإضافة لمسابقة الأفلام القصيرة، وأسامة عبد الفتاح مسئولٌ عن أوروبا الغربية بالإضافة لأسبوع النقاد، ورشا حسني مسئولة عن آسيا والمحيط الهادي بالإضافة لبرنامج عروض منتصف الليل، ورامي عبد الرازق مسئولٌ عن الأمريكتين الشمالية والجنوبية، وأحمد شوقي مسئول عن البرنامج العربي بالإضافة للإشراف على البرنامج بشكل عام
.

ثم هناك مجموعة ثانية مكونة من 6 أشخاص هم "لجنة البحث" ومهمتهم فرز الأفلام التي تأتي للمهرجان وهؤلاء يعملون من بيوتهم من خلال اللينكات وكلهم متعهدون بالسرية وعدم الإفصاح عن الأفلام وهذا يمكننا من أن الفيلم الواحد يشاهده ثلاثة أشخاص بدلًا من شخص واحد ولو أن الثلاثة أجمعوا على الفيلم فإنهم يبلغون المدير الفني بذلك، والخلاصة أن فكرة البرمجة مكنتنا من مشاهدة الألف فيلم الواردة إلينا وانتهائنا من المشاهدة في منتصف سبتمبر.

فالمبرمج دوره هو أن يرى ويتابع الجديد في العالم ويسافر وإحضاره للجان الفرز لتختار الأفلام.
ثم هناك مجموعة أخيرة من المنتجين ومديري المهرجانات مهمتهم ترشيح الأفلام والضيوف لنا ويعرفوننا بالجديد في منطقتهم، وهؤلاء يعملون بدون أجر ولا يتحمل المهرجان سوى دعوتهم للحضور، وعند حضورهم يشاركون في الأنشطة ويقدمون للأفلام والندوات دون أن يكونوا عبئًا على ميزانية المهرجان
.

أي أنه الآن أصبح لدينا 18 شخصًا موزعين على أنحاء العالم ويعملون على مدار الساعة بدلًا من الاثني عشر شخصًا الذين كانوا يعملون معًا وهذا جعل النتيجة تصلنا بشكل أسرع.

·        ما هي المعايير التي تتحكم في الاختيار؟

الجودة الفنية بالأساس هي المعيار الأول ثم أن تكون الأفلام فيها تجارب جيدة على مستوى الشكل والسرد وغيره.

·        ما طموحاتك للدورة القادمة؟

لدي أهداف أود الوصول اليها منها "الجمهور" سنحاول في هذا العام أن نصل لأكبر عدد من المشاهدين، وسنعمل على جذب الأجيال الجديدة والمهتمين، وسنحاول خلق دوائر جديدة بالنسبة للسينما العربية من خلال تطوير برنامج "أيام القاهرة لصناعة السينما" من حيث نوع الضيوف والورش والمشروعات المتوفرة وتقديم ما نستطيعه من دعم .كما سنسعى لتصل هذه الفاعليات للجمهور .وإذا كان جمهور العام الماضي قد تضاعف عن العام الذى قبله، فإننا نسعى هذا العام أن يزيد لأكثر من 40 ألف مشاهد.

·        كيف ستتغلبون على الصعوبة التي يجدها الجمهور كي يصل إلى قاعات العرض في الأوبرا وكذلك ارتفاع أسعار التذاكر؟

في العام الماضي كان النظام سلسًا جدًا، وأسعار التذاكر معقولة، بالإضافة إلى أن هناك بطاقات دخول للمتخصصين وأعضاء النقابات الفنية والصحفيين والطلبة أيضًا، وبالتالي غالية بالنسبة لمن؟ إذا كان سعر التذكرة للجمهور العام في الأوبرا 35 جنيهًا بينما هي في سينما المول بمئة وخمسين جنيهًا، نحن لا نهدف للربح من هذا السعر، كذلك فالجمهور العام يدفع 75 جنيهًا تذكرة في السينما العادية، وعدد التذاكر التي تباع نحو 15 مليون تذكرة، لا أرى أن 75 جنيهًا تشكل مشكلة .كذلك لو قارنتها بالنسبة لمهرجانات أخرى في المنطقة فستجد فرقًا، ونحن يجب أن تكون لدينا مقاييس ونقارن بيننا وبين مهرجانات العالم، فالهدف من بيع التذاكر هو تغطية نظام التذاكر والمسئولين عن إدارته فقط، لأنه بدون نظام التذاكر ستحدث فوضى. ومن تجارب كثيرة فإن فكرة المجانية فكرة فاشلة.

·        لكن مهرجان القاهرة هو مهرجان الدولة ويجب أن يستقطب قطاعًا كبيرًا من الشعب المصري.

لا أظن أن تقليل سعر التذكرة سيجعل الجمهور يزيد كثيرًا لأن عوامل أخرى تدخل في مسألة الجمهور.

·        كيف ستتعاملون مع التفتيش المبالغ فيه على بوابات الدخول؟

من ذهب لمهرجان كان أو غيره من المهرجانات الدولية سيعرف أن التفتيش هناك أصعب بكثير.

·        ما هو سبب الغياب الملحوظ للسينما الإيرانية والتركية؟

هذا العام عندنا فيلم إيراني بريطاني، وبكل صراحة هناك صعوبة في أننا ندعو ضيوفًا من إيران، والمهرجان بالأساس ليس فقط للعروض الفنية ولكن للحوار بين الجمهور وصناع الفيلم ، فإذا كنا غير قادرين على استضافة صناع الفيلم فلا داعى لهذه التكلفة.

·        هل تمر أفلام المهرجان على الرقابة؟ وما هى الحدود المسموح فيها للرقابة بالتدخل؟

كل الأفلام التي تأتى لنا تمر بالطبع على الرقابة، وغالبًا ما توافق عليها ونادرًا ما تحدث حالة رفض. وفى هذا العام قدمنا للرقابة 200 فيلم لم ترفض سوى اثنين منهم لجرأتهم الجنسية، وفى حالة الرفض لا يجوز بالطبع حذف أية مشاهد ويعاد الفيلم لصاحبه.

·        كيف ترى صناعة السينما في مصر الآن؟

لابد أن نفرق بين صناعة الأفلام التي تشاهدها في المولات والمواسم، والأفلام الضخمة التي تحقق إيرادات عالية فهذه صناعة مختلفة غير الصناعة الصغيرة التي نهتم بها ونبحث عنها في المهرجان. وحاليًا لابد أن نعترف أن الدولة لا تقف بجانب صناعة الأفلام الصغيرة ولا بجانب الصناع. فالدولة كما قلت في ختام مهرجان العام الماضي لا تدعم الإنتاج المستقل أو الشباب. والصناعة تنقرض في مصر، وكذلك الأفلام المستقلة لأنه ليس لها منفذ، ويمكن اعتبار 2019 أسوأ سنة بالنسبة للإنتاج المستقل، على عكس العام الماضي الذى شهد أفلامًا مهمة منها "ورد مسموم" و"ليل خارجي" هذا العام لدينا فيلمٌ واحدٌ هو "بعلم الوصول" ونحن نعانى من أننا لا نجد فيلمًا يصلح لتمثيل مصر في المسابقة العربية .

·        أين الدولة من ذلك؟

كل ما لدى الدولة هو النوايا والكلام فقط، والمهرجان ساهم من خلال ملتقى القاهرة لصناعة السينما بنحو من 120 إلى 130 ألف جنيهٍ لدعم مشاريع ومساعدتها على الخروج للنور، وهذا العام هناك فيلمان خرجا من الملتقى .

·        كيف ترى مهرجان القاهرة السينمائي؟

أرى فيه حيوية وهذا ما استشفه عندما أسافر لمهرجانات أخرى في الخارج. وأظن الناس قد شعرت بالفرق، فالضيوف كانوا يجدون صعوبة في أن يعطوا وقتهم للمهرجان، لكن الآن العدد أكثر مما نستطيع استيعابه، فالناس بدأت تطلب الحضور إلى مهرجان القاهرة وآخرون يأتون على حسابهم الخاص.

هدفي الآن من رئاسة المهرجان - التي أنوي ألا تزيد عن ثلاث دورات قادمة - وأتمنى أن أحقق ما أريده، وهو زيادة عدد الضيوف وعدد الذين يشاهدون أفلام المهرجان، أتمنى أن ترتفع نسبتهم إلى فوق ال 70 ألف متفرج .وأتمنى أن أصل لزيادة نسبة العروض الجديدة ونسبة المخرجين الحاضرين وهذا يستلزم بعض الوقت. ودائمًا الناس يسألونني عن النجوم العالميين الذين سيحضرون، ولهم أقول إن المهرجان لن يتفق مع نجوم عالميين بسبب قلة الموارد المالية. وبدلا من إحضار النجوم سنحضر أفلامًا أو ضيوفًا تعطى دروسًا سينمائيةً لكن لن ندفع لأحد كي يشارك.

·        متى يمكن أن يصبح مهرجان القاهرة مؤسسة غير مرتبطة بشخص؟

في رأيي أن مدير المهرجان لابد أن يكون ثابتًا لفترة طويلة ويعمل في إطار نظام مستقر وهيكل للمهرجان، وحتى رئيس المهرجان عليه أن يعمل من 3 إلى 5 سنوات على الأقل ولا يتم تغيره كل عام، وأنا أنتوي ألا أطيل عن ثلاث سنوات لكن الهيكل والنظام يجب أن يظلا ثابتين.

 

####

 

يوسف شريف رزق الله.. «بيجاسوس» السينما وطموح الملائكة

أمل ممدوح

ينشر بالاتفاق مع مجلة الفيلم

بعينين مصغيتى البريق.. منتبهتين كمن تكشفان العالم باتساعه، ينظر إليك كما لو كان ما يراه يتعدى حدود مكانكما، كل ما يراه سيكون جزء مما يرى، وإن كان موجها له كل الانتباه، فهاتان عينان بلا نطاق تماما كذهنه، ترى ماذا شاهد الطفل الصغير حتى تولدت الأفق فى عينيه؟ تمد فيهما مساحات الحلم وتسكن مخيلته.. ببساطة، شاهد السينما، هذه الساحرة التى جعلت العالم فى عينيه مفتوح الحدود، والسماء قريبة يجلب منها ويعرض للجميع، يسحرهم بما سُحر، كبيجاسوس.. ذلك الحصان المجنح فى الميثولوجيا الإغريقية، الذى كان يحمل الشعراء على ظهره لآفاق بعيدة، وبضربة قدمه للأرض، فجر نافورة «هيبوكرين» مأوى ربات الإلهام التسعة: الشعر والموسيقى والفنون والعلوم وغيرها، لتصبح مصدرا لإلهام كل من يشرب بعده من مياهها التى صارت متاحة للجميع.

حلم من الحياة.. وواقع من الحلم

كان عمره 14 عاما، ابن وحيد، يعيش مع والديه فى حى غمرة، حين كان يقرأ بشغف مجلة Radio mond التى كانت تصدر بالفرنسية، متابعا ناقده المفضل سمير نصرى فى بابه الأسبوعى، الذى يقدم فيه أبرز الأفلام المعروضة، حيث كانت ثقافته الأولى الفرنسية فى مدرسته الجيزويت بجانب الإنجليزية والإيطالية، حتى فاز فى إحدى مسابقاتها، بإجابته عن سؤال عن اسم مخرج أحد الأفلام، فقد بدأ اهتمامه بالسينما هنا يأخذ مسارا واعيا غير الطفل الصغير المتفرج ببهجة غير واعية، ليبدأ فى سن السابعة عشرة والثامنة عشرة، تقريبا فى أواخر خمسينيات أو أوائل ستينيات القرن الماضى، فى اقتناء مجلات سينيمائية متخصصة اشترك فيها، مثل كراسات السينما الفرنسية الشهيرة، ومجلات أخرى مثل Ecran وFilms and Filming فى زمن كانت تكثر فيه السينمات بشكل كبير وتحيطه أينما اتجه سواء سينمات شتوية أو صيفية؛ سينما بارك فى ميدان السكاكينى، فيكتوريا فى شارع الجيش وهوليوود وسهير فى الظاهر وغيرها، خاصة فى محيط مصر الجديدة، حيث زيارته مع الأسرة لجدتيه هناك، كثيرا ما كانت ترتبط بالذهاب عائليا إلى السينما، ليذهب مع العائلة أو قد يذهب بمفرده ثم يعود لوالديه، حين يفضلان أحيانا البقاء فى أحد مطاعم شارع الألفى، يستكشف فى بداية كل أسبوع فى جولة طقسية محببة، ما جدّ فى عالمه الأثير مما يوشك عرضه من أفلام فى هذه السينمات، التى ظل يحفظ أسماءها السابقة والجديدة وأماكنها القديمة، ومسارها تفصيليا حتى سنواته الأخيرة.

فى ذلك الصباح الذى فاجأه باسمه منشورا فى الجرائد كاملا بلا لبس: يوسف شريف رزق الله، معلنا حصوله على المركز الخامس فى الثانوية العامة على مستوى الجمهورية.. لم يكن يدرى أن القدر رتب له بطريقته شيئا ما، قد يطيل تأمله لعمر قادم، وإن خالف ما كان يتمنى أو ما كان يبدو الأفضل له، فقاده القدر بترتيبه، وكثيرا ما يحسن الترتيب، للمهمة الأنسب لها والأكثر تميزا، فبينما كان يرغب فى الالتحاق بالمعهد العالى للسينما الذى كان حديث التأسيس وقتها، أدى مجموعه الكبير لأن تقنعه أسرته بالالتحاق بكلية كبرى مضمونة المستقبل والتعيين، فالتحق بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، التى كانت فى بدايتها شديدة البريق فى ذلك الوقت، ليوصله ذلك بعد تخرجه عام 1966 لتعيينه فى الهيئة العامة للاستعلامات عام 1967، ومنها ينتقل لماسبيرو كمعد للنشرات الإخبارية، محررا ثم سكرتير تحرير ثم رئيسا للتحرير، ثم مقدما لأهم البرامج السينمائية، شيء بعيد عما جال فى باله مسبقا، صارإعلاميا وناقدا سينمائيا، كطريق مختلف لربطه بالسينما المعشوقة دون ترتيب منه، لكن وفق الدور الذى تخيره له القدر، فربما لو كان التحق وتخرج فى المعهد العالى للسينما لما شغل هذا الحيز والدور الخاص الذى شغله فى عالم السينما، وكان على وعد لملئه كما لم يملئه أحد، حين شق أبواب سموات كانت ما زالت مغلقة فى ذلك العصر، لم يصنع الخبز لكنه قدمه شهيا مشبعا خلف الشاشة ووراء الميكروفون، بإعلام نقدى شهى جذاب، كان سببا لنظرة جماهيرية جادة للسينما كفن حقيقى لا مجرد حالة ترفيهية مسلية، وسببا لتعلق الكثيرين بها بل ودراستهم الجادة لها، الأمر الذى يجيب عن السؤال الذى ظل يراوده ويوجه إليه بقية حياته؛ لماذا لم تدرس السينما؟ ولماذا التحقت بدراسة بعيدة عنها رغم كل هذا العشق؟

فى علم النفس تعرف الرغبات بأنها تحرك العقل، وبحسب قوتها تكون الطاقة النفسية والشغف، هذا الشغف الذى يحقق معنى قويا للوجود، مارسه باهتمام مبكرا تجاه السينما، فالتحق فى بداياته بنادى لوميير فى سينما مترو، والذى لا يذكره الكثيرون ــ كما يقول، وقام بالكثير من المهام السينمائية ومارسها بشغف جاد على مر حياته، فقام فى المدرسة بتحقيقات فنية عن السينما نشرت فى مجلة المدرسة، ثم كتب مقالا نقديا بالفرنسية نشر فى مجلة «راديو العالم» كان عن الفيلم المصري «الزوجة العذراء»، وحين التحق بالجامعة كتب عدة مقالات فى نشرة مجلة الفيلم، منها عن فيلم «هيروشيما حبيبتى»، فهو يرى «الكتابة فعل طبيعى لمتابع جيد للأفلام»، يحضر الندوات ويناقش، ويريد أن يعبر عن وجهة نظره فيما يشاهد بشكل مكتوب ووفقا لمنهج محدد، ليستمر نشاطه حتى تخرجه والتحاقه بميدان العمل، كمراسل ومقدم ومعد برامج ومترجم وناقد، وكان قد التحق بجمعية الفيلم وصار يكتب فى نشرتها ويدير الندوات والحوارات مبكرا، وانضم لنادى سينما القاهرة بنشاطه الضخم التابع لوزارة الثقافة وأصبح سكرتيرا له، حتى أصبح بعد ذلك رئيسا لجمعية الفيلم، مع تقديمه أو إعداده لبرامج كان آخرها «سينما رزق الله»، الذى كان تقديرا له بعد سنوات من العمل الجاد، بطلب من المهندس أسامة الشيخ رئيس قنوات النيل المتخصصة، وربما كان أول من سمى برنامج باسمه، إلا أنه توقف وكان آخر برامجه، بقيام ثورة يناير، ليتفرغ تقريبا لمهرجان القاهرة السينمائى، الذى تولى منصب سكرتيره الفنى منذ عام 1987، ثم مديره الفنى منذ عام 2000 وحتى بقية حياته.

موسيقى وأفلام برائحة الحياة

لست أدرى تحديدا من وراء اختيار الموسيقى الشهيرة الأخاذة لتتر برنامجه الشهير «نادى السينما»، الذى كان البرنامج الأول من نوعه حين بدأ عام 1975، والذى كان معدا له، وقام بتقديمه فى البداية مع د. درية شرف الدين، ليعرض فى سهرة كل سبت، مقدما روائع السينما فى نسخة نقدية كاشفة، بموسيقى فواحة بروح الفن وتدفقه وجموحه، خاطفة للحواس تسحرها بلا هوادة، تناديها بعيدا، توقظنا أجنة مندهشين ببهجة جنونية إلى حيث لم نذهب من قبل، هذه الموسيقى الشهيرة Supernova للفرقة الموسيقية Moon birds المقطوعة الأخيرة فى ألبوم بعنوان EnergyــMC1ــAstro 9، التى ما زالت تسحرنا حتى اليوم، ويفتش الكثيرون عن اسمها، وعن الفيلم الذى تعبر عنه اللقطة الأخيرة من تتر البرنامج، والتى تظهر فيها طفلة ذات ثوب أبيض تخرج من أحد المنازل، هذا الارتباط الحميمى الباقى لسنوات طويلة ليس بأمر بسيط، فقد قدم البرنامج السينما فى صورتها الشهية المثيرة جامحة الحياة، مع لقطات مدهشة ومشهية منتقاة بعناية من روائع الأفلام بأنواعها المختلفة، ثم يأتى برنامج «أوسكار» الذى قدمته الإعلامية سناء منصور شهيا كذلك بموسيقى تتر فيلم ستانلى كوبريك 2001: A Space Odyssey المأخوذة عن مقطوعة لشتراوس، بانتقاء أنيق أخاذ، ثم تتوالى برامجه الناجحة محدثة بجوار بهجتها ثورة فى الذائقة والثقافة الفنية والأسلوب أيضا، فعبر برنامج «ستار» كان يحاور يوسف شريف رزق الله مع فنانين مصريين، فنانين أجانب من دول العالم، فاتحا بذهن مبتكر بوابات العالم أمامنا، عبر تبادل أشرطة فيديو ترسل لهؤلاء الفنانين الأجانب بأسئلة، ليستقبل على مثلها إجاباتهم، فيقوم بعمل مونتاج للحلقات لتبدو كما لو كان التفاعل الآن وهنا، تلا ذلك برامج أخرى مميزة تحظى دائما بمشاهدة كبيرة مثل «تليسينما» و«سينما x سينما»، الذى اختار بنفسه مقطوعة تتره للموسيقار يحيى غنام، و«نجوم وأفلام»، فأحدثت هذه البرامج التى كانت تحمل سمة المجلة السينمائية حالة من الحراك والتفاعل الجماهيرى، حيث كان من المعتاد أن يقابله الناس فى الشارع فيعلقون على فيلم السهرة الماضية ويطلبون نوعا معينا من الأفلام أو فيلما معينا، أخبار حديثة مواكبة للحركة السينمائية الآنية، أو تغطيات من الخارج كثيرا ما كان يتكلفها بنفسه، لتكون برامجه موسوعة سينمائية كذهنه الموسوعى، ما دعا البعض لتسميته «يوتيوب جيلهم»، فقد كان يقول بمهمة اليوتيوب الآن، بل وربما جوجل للسينما بذاكرته القوية الأرشيفية. وسط هذا العشق للسينما كان مستمعا جيدا لأنواع متعددة من الأغانى والموسيقى وإن كانت بحكم لغاته الأجنبية تميل للغربية، فكان يحب الاستماع لداليدا وفرقة «آبا» وإيديث بياف وموسيقى الجاز بشكل خاص، ليصاحبوه أحيانا فى كتابة اسكريبتات بعض الحلقات.

خارج الكادر لصورة أصدق..

عكست هذه البرامج وطبيعتها حالة طامحة ذات رؤية ابتكارية تروض المعوقات، وتؤمن باستمتاع بغاية حقيقية لا تغرب عنها العينان، تبتعد كل البعد عن الحالة السطحية الاستعراضية التى نراها فى حالات كثيرة كسولة، تزهو بالمعتاد والمألوف، وبتبديلات بسيطة على أمر مستهلك كإبراز ألوانه أو نثر بعض وريقات الزهور عليه، ليبدو براقا جديدا، هذا الفرق بين الحقيقى والزائف الذى نطلق عليه مسمى الأصالة، ومن هنا لم يكن يوسف شرف رزق الله ساعيا أبدا لأن يكون مركز الضوء على مر حياته، بل ساعيا دوما لتسليط الأضواء على العمل الذى أحبه وعلى إنجاز هذا الحب، كحلم من الحياة وواقع من الحلم، كما تقول الكاتبة الأمريكية باربارا جولدسميث: فقد ظل مديرا فنيا لمهرجان القاهرة لسنوات طويلة كان فيها عموده الفقرى، رافضا دائما أن يصبح رئيسا له، وهو موقف يستحق التأمل، لكنه منسجم تماما مع طبيعته ومواقف حياته، هو فقط يعنيه أن يمارس ما يحب، تحت أى مسمى.. لا يهم، مقدما أو معدا.. مديرا أو رئيسا، فالاستمتاع بالعمل هو ما يضفى عليه المثالية كما يقول أرسطو، وهو يحب هذا الجانب الفنى من المهرجان المتصل مباشرة بالأفلام وانتقائها ومشاهدتها، لا يعنيه الظهور وإن رحب به إن جاء كنتيجة طبيعية، لكنه ليس مبتغاه ولا محل سعيه، فهو صادق فيما يفعل مستمتع به دوما كمرة أولى، ما يفسر عدم مغادرة القلق له، كنت أنظر إليه وأتأمل قلقه رغم كل هذه السنوات من الثقة الراسخة فى حسن الأداء والإنجاز، قلق حقيقى، وعينان لم يُمِت روحهما الزمن أو الاعتياد، كثير من العيون ذات المناصب أراها فى السن المتقدمة بل من قبله كثيرا راكدة فاترة، تدرك كيف ستُسيّر الأمور شكليا، وكيف ستوارى النقص وتبرز القليل ككثير.. كما طمأنينة الموتى، لكن هذا الكيان الصادق القلق، ساقية ما تفرغ حتى تغترف، وما تفيض حتى تمتلئ، تحركه سفينة من الشغف الدائم ما إن ترسو حتى تبدأ رحلة جديدة.

عادة ما يتسم حضوره بالسمت الهادئ، خطوات خافتة بإيقاع نشط، مشية بها بساطة وتواضع.. صوت وقور هادئ النبرة، إيقاع متزن للكلمات، كل شيء فيه منسجم اللحن كقطعة واحدة صادقة، فما داخله يمكنك استشعاره، من جسده وصوته وأسلوبه رغم اعتدال تعبيراته، مع لغة جسد متزنة أرستقراطية كطبيعته عامة، وروح قريبة بسيطة فى نفس الوقت، وإدارة مهنية راقية للأمور والعلاقات، قوى التركيز يجيد الإصغاء، لا يبارز حضوره حضور الآخرين، يعطى الآخرين وإن كانوا أصغر منه مساحات قد تفوقه، فلا وجود لأنا زاعق أو هيمنة، بل حرص على الاحترام المتبادل، محب للحياة يملك طاقتها، ملابسه كلاسيكية أنيقة بذوق يقبل كل الألوان بشكل يظل هادئا وإن كانت مشرقة، شديد الجدية إذا ما تحدث عمليا، ينهمك بحثا عن دقة المعلومة فى ذاكرته.. أيا كانت، مهتم بشدة بالتفاصيل ويكره الاستسهال مهما كان العمل، وإذا ما سمع عبارات إطراء تعتبر حقيقة مستحقة ومتوقعة له، استقبلها ببسمة فرحة خجولة كمن لم يتوقع إطراء، لا يسعى لسماع عبارات التقدير لكنك تستطيع أن تلمح نظرة رضا تتذوق أخيرا نتاج جهد، فقد كان مشغولا بالإنجاز عن تذوقه، كل شيء يستقبله كمرة أولى مهما تكرر.. بصدق ورهافة، فى أحد لقاءاته التليفزيونية الأخيرة لمحت بريق دمع تسرب تدريجيا لعينيه بنشوة هادئة وانفعال داخلى بدا فى احمرار وجهه وبسمة مستغرقة التأمل بفطرية بريئة، حين سماعه لكلمات ثناء حقيقية مؤثرة من مقدم البرنامج، يضم أصابعه الأربعة على جبينه مع إصبع عند الصدغ، منصتا متأملا بشرود من يتأمل الرحلة الطويلة بعين أخرى، بينما كان منهمكا فى صنعها، كمن فوجئ بظهوره فى صورة كان حريصا أن يكون فيها خارج الكادر، كمن سمح لنفسه أخيرا بعد طول الطريق أن يتلذذ برشفات من رحيق أنهكه انتقاؤه وجمعه.

شغف وأحلام وأثر..

فى بدايات شغفه بالسينما أحب أفلام الويسترن والكاوبوى، حيث مساحات البرارى الواسعة وقطعان البقر والخيول الجامحة، وبطل يقودهم ملتحفا بقبعته فقط من الشمس الممتدة.. ينطلق على حصانه لا يوقفه شيء، يحمل مسدسه الجاهز للانطلاق.. متقبلا للصعاب والمفاجآت والظروف القاسية، كحالة من الاكتفاء المثير، وحرية التخلى والثقة اللا مبالية والمترفعة، حالة من الفردية الحرة المجترئة على المجهول، وكم يثير المجهول ذوى الخيال، مع الثراء الحركى والمواقف البطولية كواقع بمذاق الخيال السحرى، حالة زاخرة الإثارة والدراما، لابد أن يُسحر بها كل حالم لا يرتبط بموطئ قدميه، كان مغرما بفيلم «ريو برافو»، وأحب هوارد هوكس وكلينت إيستوود وغيرهما من أبطال الويسترن، كما أحب كثيرا فى بدايته أيضا أفلام هتشكوك، مثل «الدوامة» و«خلف النافذة» و«سايكو» وغيرها، وأفلام ستانلى كوبريك، والسينما الإيطالية وأفلام الموجة الفرنسية الجديدة والواقعية المصرية الجديدة، فأحب أفلام محمد خان صديقه القريب وعاطف الطيب وخيرى بشارة وغيرهم، وكان يحب الأفلام الرومانسية والإنسانية ويتأثر حتى تدمع عيناه فى بعض المواقف، وبينما تورط فى حب هذا العالم وتقديمه، لم يحاول الولوج لصناعته، أحيانا يكون منتهى التقديس للشيء يؤدى لخوف المساس به، فلم يقدم على الاقتراب سوى مرة لم تكتمل، فقد شارك بدعوة من الناقد رفيق الصبان لكتابة سيناريو فيلم من إخراج ممدوح شكرى، كتابة ثلاثية يشترك فيها ثلاثتهم، ورغم اكتمال الكتابة توقف المشروع بوفاة المخرج، رغم وجود هذا السيناريو حتى الآن، وبشكل شخصى أتمنى أن يتم تنفيذ وإخراج هذا السيناريو الذى أتوقع أن يكون مهما قيما.

ظلت الصداقة على مر طريقه لها قيمتها وحضورها، يرتبط بأصدقائه ويخلص لهم، ذكرى أو حضورا، فنلحظ فى حديثه ميلا لذكرهم إذا ما سمحت الفرصة، ذكر يضيء الوجه دون كلمات مبالغة، لكن يشعرك بقيمة هذه الأسماء فى نفسه، لمحات ولفتات صادقة هادئة تظهر تقديرا ووفاء حقيقيين دون صخب، كان أقرب أصدقائه فى الماضى الناقدان سمير فريد وسامى السلامونى، ثم الناقد رفيق الصبان والمخرج محمد خان، والناقدان على أبو شادى وكمال رمزى وغيرهم، ومن أصدقائه المقربين الذين ظل على اتصال بهم الناقد رءوف توفيق بصحبة طريق طويل وعلاقات عائلية قوية، وأيضا د. ماجدة واصف والمخرج خيرى بشارة ومدير التصوير سعيد شيمى، أما أصدقائه فى ماسبيرو فظل متواصلا معهم فى لقاءات منتظمة كل فترة، فمع كثرة أعبائه يظل حريصا على صلته المستمرة بأصدقائه، ومع طول مشواره وبالرغم من قامته المهنية لم يكن صداميا، ولم نسمع يوما عن تراشقه مع أحد، سيدافع بقوة عن حقه لكنه سيظل دفاعا لائقا راقيا، ربما عانى بعض الغيرة المهنية أو الإجحاف وعدم التقدير المستحق، وذاق مرارات، كتوقف بعض برامجه لأسباب غير مقنعة وهى فى أوجها، فكان يبتلع إحباطه ويطوى صفحات مرارته ليبدأ شيئا جديدا أقوى من سابقه، وبينما يغذى الناس بأخبار العالم وأحدث أفلامه، لم يكن يقدم ذاته كجزء من حالة العرض، ليبدو دوما خلف عمله لا أمامه، ليقدمه هذا العمل نفسه للواجهة، لذا كان يسعد برأى الناس وتقديرهم، فهو يرى النجاح فى الأثر كما قال فى أحد لقاءاته: «النجاح أن تترك أثرا يتذكرك به الناس»، وبرغم ما تركه من أثر باق لأجيال حيث كل جيل أثر فى من بعده؛ بقيت هناك غصة فى نفسه لتكاسله فى إصدار كتاب يجمع كتاباته ومقالاته القديمة، فقال فى أحد لقاءاته الأخيرة: «الشيء الوحيد الذى يحزننى حاليا، أننى تكاسلت على مدى السنوات الماضية فى أن أصدر كتابا، لأن طبعا البرامج زائلة والكتب باقية، وأتمنى لو أستطيع على الأقل جمع بعض المقالات تحت عنوان معين وإصدرها فى كتاب».. وكم نتمنى ذلك أيضا.

داخل الكادر.. لسماء جديدة

هذا الكيان المتوارى خلف عمله لم يكن حافلا سوى بما يقدم، لم يكن يصدّر عالمه الخاص للضوء، نعرف عن حياته الخاصة عناوين بلا تفاصيل يطيل أو يكثر التحدث عنها، الأمر ليس تحفظا فهو يتطرق لأسرته وأسماء أفرادها ببساطة إن لزم الأمر، لكنه يركز على ما يقدمه ويرى أنه ما يهم الناس، فلم يقدم نفسه مادة عرض أو نجما، ولم يجد يوما الترويج لذاته، ولم يشغله ذلك، فهو أكثر بساطة وصدقا، بسؤاله فى أحد اللقاءات الحديثة عن أكثر اللحظات سعادة فى حياته الخاصة، أجاب فى إشارات دون استغراق، بأنها لحظة ميلاد ابنه الأكبر كريم وأن أتعس لحظاته كانت فقد والدته، أما نقطة ضعفه فأشار عندها لحفيدتيه من ابنه كريم، متطرقا لابنه الأصغر أحمد وتمنيه السعادة له فى حياته الجديدة، مشيرا بشكل يشوبه الخجل لزوجته السيدة ميرفت أبو السعود حين طلب منه الحديث عنها وعن لقائهما الأول، أما مرضه ومعاناته مع الفشل الكلوى، فلم يكن يعرف عنه إلا دائرته المحيطة تقريبا، قد تسمع خبر تعبه من البعض بينما لا يبدى ذلك ولا يتطرق له إلا للضرورة القصوى، فهو ينجرف فى عمله ناسيا كيانه المادى، بكيانه الروحى، العمل الذى أحبه حتى الثمالة، بل أحب حتى أشخاصه، فلن ننسى كلماته فى تكريمه فى حفل افتتاح الدورة الماضية من المهرجان، حين ذكر العاملين معه وموظفى المهرجان بأسمائهم موجها لهم الشكر، فى وداع مبطن مستشعر، لم يذكر أهمهم فقط، بل ذكر الكثيرين متذكرا أسماءهم بدقة، لتأتى شهوره الأخيرة ونراه متوترا متعجلا بشدة لسرعة إنجاز عمل ما زال أمام إتمامه مزيدا من الوقت، ربما كان يرى شيئا فى الأفق، فيأتى دخوله للمستشفى بعد آخر مرات غسيله الكلوى، بشكل مفاجئ سريع، يضطره لإغماض عينيه اليقظتين، لرحلة شغف جديد.. لا أظنه ينطفئ، تاركا محبة وتقديرا صادقين كصدقه، بعد أن حلق بنا بطموح شفيف فى سموات السينما السبع، حين كانت مغلقة، تاركا جناحيه للباقين والآتين، ليذهب إلى باب جديد ــ كما يقول نجيب محفوظ: «يُفتح تحية لمن يخوضون الحياة ببراءة الأطفال وطموح الملائكة».

مصادر: كتاب الناقد محمود عبدالشكور «يوسف شريف رزق الله عاشق الأطياف»، وعدد من اللقاءات التليفزيونية.

 

####

 

أحمد شوقي: الإقبال على مهرجان القاهرة فاق التوقعات..

وتخصيص شباك تذاكر للصحافة

قال الناقد أحمد شوقي، القائم بأعمال المدير الفني لمهرجان القاهرة السينمائي، إن اليوم الأول لفعاليات للمهرجان، شهد إقبالًا على شباك التذاكر فاق كل التوقعات، مؤكدًا على أن الزحام والطوابير لم تكن للعرض المجاني لفيلم "الايرلندي" فقط، وانما كانت لمعظم أفلام اليوم وغدا، حتى أن كثير منها رفع لافتة كامل العدد منذ الصباح، مثل "بيك نعيش"، و"ابو ليلى"، و"جودي".

​وأعلن​"شوقي"، أن المهرجان قرر تخصيص شباك لحاملي الكارنيهات من صحفيين ونقاد، حتى يتمكنوا من حجز تذاكر الأفلام التي يرغبون في تغطيتها وإنجاز مهام عملهم بعيدًا عن زحام الشباك المخصص للجمهور.

ونفى "شوقي" ما يتردد عن أن التذاكر بالكامل متاحة للجمهور، مشددا على أن المهرجان يخصص بالفعل نسبة 40% من عدد التذاكر لحاملي الكارنيهات، وليس مسموحًا للجمهور حجزها.

كان اليوم الأول لفعاليات مهرجان القاهرة السينمائي، شهد توافد أعداد كبيرة من الجمهور، على شباك التذاكر، لحجز فيلم الافتتاح "الأيرلندي" للمخرج الشهير مارتن سكورسيزي، في عرضه الثاني الذي عرض في الواحدة من ظهر اليوم الخميس، بالمسرح الكبير في دار الأوبرا المصرية.

 

####

 

بعد تكريم «القاهرة السينمائي» لها..

تعرف على الحكايات المؤسسة للسينما المكسيكية

محمد طارق

ينشر بالاتفاق مع مجلة الفيلم

يكرم مهرجان القاهرة السينمائي هذا العام المخرج المكسيكي صاحب الأعمال شعرية الطابع كارلوس ريجاديس بل ويحتفي بدولة المكسيك كونها ضيف شرف الدورة من خلال برنامج ممتد عبر تاريخ السينما المكسيكية مكون من 8 أفلام، أربعة منها لصناع أفلام مكسيكيين يحلون ضيوفًا على المهرجان هم: السيناريست والمخرج جوليرمو أرياجا والمخرجين كارلوس ريجاديس وميشيل فرانكو وجابريل ريبستاين. الأربعة أفلام الأخرى تأتي من المكسيك أيضًا لكنها من اختيار الضيوف ذاتهم، وتشمل قائمة أفلام البرنامج: "الثلاث دفنات" لتومي لي جونز والسيناريو لجوليرمو أرياجا، و"ضوء صامت" لكارلوس ريجاديس و"مُزمن" لميشيل فرانكو و"600 ميل" لجابريل ريبستاين". اختار أرياجا فيلم "ريح سوداء" لسيرفاندو جونزاليس واختار ريجاديس فيلمًا تجريبيًا نادرًا هو "التركيبة السرية" لروبن جاميز، بينما اختار فرانكو فيلم "هو" للويس بونويل ووقع اختيار جابريل ريبستاين لفيلم من إخراج والده المكسيكي الشهير أرتورو ريبستاين هو فيلم "عقوبة مدى الحياة".

بهذه المناسبة، فكرت مجلة الفيلم في معرض تخصيصها هذا العدد عن مهرجان القاهرة السينمائي، الذي تُقام دورته الـ41 هذه الأيام، في أن تنتهز هذه الفرصة للحديث عن تاريخ السينما المكسيكية الحافل والمليء بفترات الازدهار والانتكاسات، فهي سينما تعثرت أكثر من مرة لكنها كانت تنهض كل مرة أقوى مما كانت عليه.

وفي السطور المُقبلة فضلنا أيضًا أن نسرد تاريخ تلك السينما من خلال بعض القصص المميزة من تاريخ السينما المكسيكية ذاتها.

من منح ابن الع*هرة الـ"جرين كارد"؟

في ليلة جوائز الأوسكار وبينما يُعلن الممثل شون بين جائزة أفضل فيلم، فتح المظروف الذي بيده ثم اندهش وقال "من منح ابن العاهرة هذا الجرين كارد (حق الإقامة في الولايات المتحدة)، بيرد مان". كان هذا العام 2015 الذي حصل فيه أليخاندرو جونزاليز إيناريتو على جائزة الأوسكار عن فيلمه "الرجل الطائر" أو "بيرد مان"، ولم يتخذ إيناريتو أي موقف عدائي تجاه بين، بل على العكس رد الكلمة قائلًا "وللسنة الثانية" قاصدًا مواطنه الآخر ألفونسو كوارون الذي فاز بها عام 2014 عن فيلمه "جاذبية". والمصادفة تأتي أنه في العام 2016 حصد إيناريتو الجائزة للمرة الثانية عن فيلمه "العائد - زا ريفنانت"، لتحتل السينما المكسيكية لثلاث أعوام قائمة أفضل فيلم في جوائز الأوسكار! إنجاز كبير سيستمر في عام 2017 حين يحصد فيلم جوليرمو ديل تورو 4 جوائز أوسكار منها أفضل فيلم، ثم يأتي كوارون مجددًا في عام 2018 ليحصد أسد فينيسيا الذهبي وثلاثة جوائز أوسكار.

5 سنين متتالية سيطر فيها مخرجون مكسيكيون على جوائز الأوسكار في سابقة مذهلة، إضافة إلى جوائز، مواطنهم الرابع مدير التصوير إيمانويل لوبيزكي عن إنجازاته في مجال التصوير، ولكن من أين تبدأ هذه الحكاية؟

بدأ كوارون وإيناريتو برفقة جوليرمو ديل تورو (المعروفين بـ"الأصدقاء الثلاثة") مسيرتهم السينمائية في أواخر تسعينات القرن الماضي وأوائل الألفية الجديدة، منقلبين على تراث السينما المكسيكية إلى حد كبير، ليقدموا أفلامًا عُرفت في ما بعد بـ"السينما المكسيكية الجديدة". تلك السينما التي اعتمدت على إنتاج خاص في معظمه بعيدًا عن بيروقراطية الأنظمة الجديدة، وتخلصت من المواضيع التي كانت تمنحها الدولة اهتمامًا للظهور في الأفلام واستخدمت العديد من الممثلين الشباب، ومنهم جايل جارسيا برنال الذي أصبح نجمًا مكسيكيًا بارزًا في ما بعد، من أجل الوصول إلى الجماهير المكسيكية التي كان أغلبها من الشباب آنذاك، متجاهلة كل الالتزامات الاجتماعية التي كان مخرجي المكسيك يضمنونها في أفلامهم غير ملتفتين للجمهور.

على الرغم من ذلك فإننا نجد فيلم مثل "وأمك أيضًا" لألفونسو كوارون، وهو الفيلم الذي قرر صناعته بعد عدة أفلام صنعها في هولييود، يشتبك مع تراث أفلام "السيكسوكوميديا" أو أفلام الجنس الكوميدية الاستهلاكية الرديئة (وهي تشبه إلى حد كبير أفلام المقاولات المصرية من حيث أسلوب الإنتاج ومستوى جودتها)، ويصور على هامش لقطات كوميديا الجنس جانبًا مظلمًا من تاريخ المكسيك، فنستطيع أن نلاحظ التفرقة العنصرية ما بين المواطنين الأصليين بملامحهم المرهقة والمواطنين البيض الذين يتمتعون بقدر أكبر من المال، ونستطيع أن نلاحظ عنف الشرطة والجيش أيضًا تجاه هؤلاء المهمشين في مساحة ضيقة من كادرات الفيلم على هامش الأحداث "المُضحكة"!

هذه المساحة من الموتيفات البصرية عاد كوارون لينجزها مجددًا في فيلمه "روما" (2018) ليوضح الفارق بين الـ"جوروس" (الشُقر أو أصحاب البشرة الفاتحة) والـ"بريتوز" (داكني البشرة) في عمل ملحمي مصور على شريط 70 مللي (ومن إنتاج نيتفليكس!) يبرز تلك الطبقية الموجودة في فيلمه المكسيكي الأول بشكل أكثر وضوحًا، رغم أنه لا يزال يلقي بالأحداث السياسية الهامة في هوامش فيلمه (زمن عرض قصير) في مقابل تركيزه على شخصية الخادمة المشتتة ما بين حبيبها الثوري الذي يتركها وما بين سيدتها الصارمة. ولكن ما هي حكاية السينما المكسيكية منذ القدم؟

العصر الذهبي للسينما المكسيكية

عرفت المكسيك السينما منذ بدايات القرن التاسع عشر على أيدي الأخوين لوميير الذين عرضوا أفلامهم في المكسيك وغيرها من الدول، وصوروا العديد من الأفلام ذات المواضيع المتشابهة من تصوير للتقاليد الكلاسيكية والمراسم الملكية أو الحكومية ومن ثم عرضها في أماكن أخرى في العالم، وفي بدايات القرن العشرين عرف المخرجون المكسيكيون طريقهم لصناعة السينما، لكن سرعان ما قامت "الثورة" عام 1910 وتلتها الحرب العالمية الأولى. تلك الأحداث جعلت المكسيك لم تعرف عهدًا حقيقيًا بالسينما حتى ثلاثينات القرن الماضي أو ما عُرف بالعصر الذهبي للسينما المكسيكية.

شهدت سنوات إنتاج السينما المكسيكية في العصر الذهبي لما يزيد عن أكثر من 100 فيلم في العام الواحد، خاصة مع "المعجزة المكسيكية" (تمكنت المكسيك من النجاة من الحرب العالمية الثانية وآثارها، بل وعززت اقتصادها في ذلك الوقت بشكل مذهل) التي كانت السينما جزءًا كبيرًا منها، والذي جعلها سوقًا مصدرة للأفلام في وقت تراجع فيه معدل الإنتاج بسبب الحرب.

يمكننا أن نجد العديد من المواضيع المتشابهة (الثيمات) الموجودة في سينما هذه الفترة، فقد بدأت بسينما "قوطية" كئيبة أو سينما تتناول الثورة مثل الثلاثية الشهيرة لفيرناندو دي فوينتيس حول الثورة (السجين رقم 13 - العراب ميندوزا - لنذهب مع بانشو فيلا) وخاصة ذلك الفيلم الأخير الذي تكلف أموالًا طائلة لصناعته وأفلست شركة إنتاجه ويتناول عددًا من الشباب المثالي الذي يذهب للحرب مع بانشو فيلا ومصيرهم المأساوي معه، بينما لا يكترث هو لأمرهم، وبشكل ما عبرت أفلام دي فوينتيس عن خيبة أمل وظروف اجتماعية قاسية من فقر وبطالة عانت منها المكسيك في العشرينات والثلاثينات.

مخرج آخر عرفته السينما المكسيكية في هذه الفترة هو خوان بوستيلو أورو الذي شارك في صناعة فيلم "العراب ميندوزا" ثم صنع فيلمه "راهبان" والذي يعتبر واحدًا من الأفلام المؤسسة لهذه الفترة السينمائية. لكن ورغم أهميته التاريخية والفنية وقربه الأسلوبي من التعبيرية الألمانية، فشل الفيلم في شباك التذاكر! ذهب بعدها أورو إلى منتج ليعرض عليه سيناريو فيلم "راهبة وزوجة، عذراء وشهيدة" والذي اقتنع به منتج الفيلم لأنه رأي فيه إمكانية للتسويق والنجاح التجاري، قائلًا لأورو "انس أمر الفن! ألم تكتف بـ راهبان؟!". اقتنع أورو برأيه وغير نهاية الفيلم الحزينة بأخرى سعيدة، ونجح الفيلم تجاريًا بالفعل. عاد بعدها أورو ليجرب حظه مع الأفلام الفنية بفيلم "لغز الوجه الشاحب" الذي فشل، ولم يحاول أورو بعدها أن ينتج فيلمًا غير جماهيري طوال مسيرته الإخراجية التي أخرج فيها نحو 60 فيلمًا.

بونويل المكسيكي

كانت مقولة هذا المنتج حقيقية نوع ما لصناعة السينما في العصر الذهبي، فلا مصدر لتمويل الأفلام إلا نجاحها في شباك التذاكر، وحتى لويس بونويل السوريالي الذي لجأ إلى المكسيك لظروف الحرب العالمية الثانية ووجود فرانكو في السلطة ومشاريع لم تكتمل في هولييود، اضطر في النهاية إلى العمل في أعمال لم ترق لها جميعها من أجل كسب عيشه. يقول بونويل في مُذكراته :

"حققت في المكسيك عشرين فيلمًا وإذا استثنيت "روبنسون كروزو" و"الشابة" فجميعها كان ناطقًا بالإسبانية وجرى تحقيقها بممثلين وتقنيين مكسيكيين. كانت فترة التصوير تتراوح بين 18 و24 يومًا… كانت الإمكانيات محدودة والأجور متواضعة … وربما كانت الحاجة التي دفعتني لكي أعيش من عملي هذا توضح سبب تقديم هذه الأفلام بصورة متفاوتة.. لقد كان علي أحيانًا أن أوافق على مواضيع لم أقم أنا باختيارها وأن أعمل مع ممثلين غير محترفين، ومع ذلك فإن ما أردده دائمًا أنني لم أصور على الإطلاق أي مشهد مخالف لقناعاتي وأخلاقي الشخصية".

وإذا نظرنا إلى أعمال بونويل المكسيكية نجدها متنوعة بالفعل. فهناك "المنسيون" الذي يعد مقاربة لسينما الواقعية الإيطالية الجديدة من تصوير للأطفال الفقراء والمهمشين ولقي بونويل عنه هجومًا شديدًا ووُصف بأنه يسيء إلى صورة المكسيك ويشوه هويتها. وهناك الفيلم المُغرق في ميلودراميته ككل أفلام الثلاثينات "الكازينو الكبير" وهناك أيضًا على سبيل المثال "هو" الذي يراه بونويل ذاته واحدًا من أفلامه المفضلة، والذي يعد بورتريه دقيق لحالة البارانويا والخوف السيكولوجي من النساء.

موعد نهائي لم يستطع إيزنشتاين اللحاق به!

محطة أخرى يجب التوقف عندها هي زيارة المخرج سيرجي إيزنشتاين للمكسيك بعد فشل تعاقده مع شارلي شابلن في الولايات المتحدة الأمريكية. قام إيزنشتاين بالتعاقد على فيلم عن المكسيك وتم إملاء بعض الشروط الخاصة بهذا الفيلم عليه هو ومساعديه قبل أن يدخل المكسيك وهي أن يصنع فيلم غير سياسي وأن لا يهاجم "الثورة" أو أي من مبادئها وأن يُسلم الفيلم قبل أبريل 1931.

كان إيزنشتاين قد وصل إلى المكسيك في ديسمبر 1930، وهو متطلع إلى رؤيتها، خاصة مع انبهاره بفكرة أنهم قد قاموا بثورة اجتماعية عام 1910، وبعد مقابلته للفنان دييجو ريفيرا في الاتحاد السوفيتي الذي حكى له عن الثقافة والطبيعة المكسيكية. لكن إيزنشتاين لم يمتلك أي رؤية وقت وصوله، وبدأ التصوير وتبلورت رؤيته مع الوقت وأصبح أكثر طموحًا غير مراع لميزانية الفيلم أو الاتفاق الذي عقده، الأمر الذي انتهى بتصويره حوالي 50 ساعة فيلمية دون إنهاء الفيلم. توقف الإنتاج وعاد إيزنشتاين إلى الاتحاد السوفيتي مقابل وعد أن يستكمل الفيلم هناك، وهو أمر لم يحدث أبدًا. تم إعادة مونتاج المادة المصورة وإنتاج الفيلم لأول مرة في عام 1979 على يد جريجوري أليكساندروف!

إيمليو فرنانديز يعيد اختراع "المكسيك"

انتقالًا إلى الأربعينات والخمسينات، فقد ظهر نوعين فيلمين آخرين في السينما المكسيكية هما فيلم "النوار" أو "الفيلم الأسود" واشتهرت فيه السينما المكسيكية بأعمال لمخرجين مثل روبرتو جلفادون وخوليو براخو وأليخاندرو جاليندو. كما شهد هذا العقد ظهور نظام النجوم، فاشتهر فيه أسماء مثل بيدرو أرمانديز وأرتورو دي كوردوفا ودولوريس دي ريو والممثلة الشهيرة ماريا فليكس. أتت هذه السمات نتيجة لتدخل الولايات المتحدة الأمريكية في صناعة الأفلام المكسيكية وإنشاء "بنك السينما" الذي خصص لدعم هذا النوع من الأفلام، في محاولة الولايات المتحدة إتخاذ المكسيك كحليف ثمين في الحرب. كما أدى صدور قانون "حماية الصناعات السينمائية من ضريبة الدخل" إلى زيادة أرباح الصناعة السينمائية بوجه عام. وفي هذه الفترة انتعش الاقتصاد المكسيكي كما ذكرنا سابقًا، وأدى هذا الازدهار إلى ازدهار صناعي وتمدين زائد وظهور طبقة متوسطة ثرية. كان لهذا التمدين الواسع آثاره حيث امتدت على جوانب المدينة العديد من الأحياء الفقيرة والتي كانت موطنًا بشكل ما للمجرمين، الأمر الذي عزز من وجود الفيلم "نوار" في هذا العقد.

"هناك مكسيك واحدة … المكسيك التي اخترعتها"، هكذا يقول المخرج إيمليو فيرنانديز الذي حققت أعماله نجاحًا جماهيريًا وشهرة عالمية حيث شاركت أعماله في مهرجانات سينمائية مثل كان وبرلين وفينيسيا وكارلوفي فاري، وحقق في كان الجائزة الكبرى عن فيلمه "ماريا كانداليرا" والجائزة الدولية في فينيسيا عن فيلمه "اللؤلؤة". اشتهرت أعماله بـ"مكسيكيتها" في مقابل أعمال "النوار" المتأثرة بهولييود، ولقطاتها المقربة للوجوه المكسيكية الأصيلة. يمكننا أيضًا القول أن سبب نجاحه العالمي هو نوع من أنه اخترع المكسيك بالنسبة للعالم، وصورها بشكل جديد يركز على هوية البلد العريق، الأمر الذي جعل أفلامه نوع من المرجع للجمهور غير المكسيكي للمعرفة عن تقاليد وتراث البلد من خلاله.

لن نذهب لنشاهد فيلمًا مكسيكيًا!

في الخمسينات، ظهر الوسيط الجديد متمثلًا في التلفزيون مؤسسًا لنهايات العصر الذهبي للسينما المكسيكية. فعلى جانب لم تستطع المكسيك مجاراة جارتها في إنتاج أفلام ذات تقنية أفضل أو ملونة نظرًا لتكاليف الإنتاج وكان العالم قد بدأ في التخلص من آثار الحرب، وظهرت العديد من الموجات السينمائية الأوروبية والآسيوية. في الـ15 من أبريل عام 1957 توفي بيدرو إنفانتي، وكانت وفاته علامة على نهاية ذلك العصر. في نهاية الخمسينات أيضًا توقفت جوائز الأريال وهي جوائز المكسيك الوطنية للسينما التي أنشئت في عام 1946، وأصبح مجال دخول مخرجين جدد شبه مستحيل مع القوانين المتعنتة لنقابة العاملين بالإنتاج السينمائي.

أما عن التسينات يقول الناقد ليوناردو جارثيا تساو:

كان هناك فيلم واحد مكسيكي جيد أو فيلمان في الستينات، ولكن باستثناء بونويل، كان المشهد السينمائي فقيرًا تمامًا في المكسيك. لذلك نما واستمر لدى أناس ذلك الجيل تحامل ضد الأفلام المكسيكية. كانت تلك مسألة طبقية. لقد اعتبرت الشرائح العليا من الطبقة المتوسطة أن الأفلام المكسيكية لم تكن تلائم وضعها الاجتماعي: كانوا يعتبرون أن الطبقات الأدنى هي التي تذهب لتشاهد مثل تلك الأفلام. أتذكر أن أبي، حين كنت طفلًا كان يقول بتصميم: "مستحيل! لن نذهب لنشاهد فيلماً مكسيكيًا!"

في السبعينات والثمانينات شهدت المكسيك ظهور نوع رديء من الأفلام أشرنا إليه في معرض الحديث عن فيلم "وأمك أيضًا" لكوارون وهو أفلام الجنس الكوميدية أو أفلام "الفيثيراس" أو "السيكسو-كوميديا" وهي أفلام "إيروتيكية" مستوحاة على الأغلب من مثيلتها الإيطالية. كانت معظم هذه الأفلام رديئة الجودة ذات ميزانية ضئيلة، ورغم ذلك فقد حققت نجاحًا جماهيريًا في الأوساط الشعبية وهو الأمر الذي يؤكد كلام تساو عن دخول الطبقات الأدنى للأفلام المكسيكية بينما فضلت الطبقات الأعلى دخول أفلام هولييود المتقدمة بالطبع.

نهضة سينمائية ثانية

من الاستثناءات التي وجدت في هذه الفترة هي أعمال أرتورو ريبستاين الذي بدأ مسيرته مساعدًا لبونويل ثم أخرج فيلمه الأول "وقت للموت" واشتهر في مصر بعد إخراجه عمل مقتبس عن رواية نجيب محفوظ بنفس عنوانها وهي رواية "بداية ونهاية"، كما اقتبس رواية جابريل جارسيا ماركيز "ليس للكولونيل من يخاطبه" وأخرج أفلامًا أخرى مثل "قرمزي عميق" و"جحيم بلا حدود" و"عقوبة مدى الحياة" و"الشيطان بين الأرجل"، ويعد من أكبر المخرجين في السينما المكسيكية الذين لا يزالون مستمرين في الإنتاج. حيث عُرض فيلمه "الشيطان بين الأرجل" عالميًا لأول مرة في مهرجان تورنتو السينمائي الدولي عام 2019.

استمر هذا الوضع حتى ظهور بشارات التغيير مع ظهور فيلم "مثل الماء للشيكولاتة" لألفونسو أراو، والذي حقق نجاحًا عالميًا باهرًا حتى وإن اعتبره بعض النقاد المكسيكيين أنه فيلم يمنح نظرة سطحية غير حقيقية للمكسيك. ثم أتت السينما المكسيكية الجديدة بأصدقائها الثلاثة وبأسماء سينمائية لامعة مثل السيناريست جوليرمو أرياجا الذي كتب مع إيناريتو "غراميات بائسة" و"21 جرام" و"بابل"، ثم اتجه للعمل مع الممثل والمخرج الأمريكي تومي لي جونز في فيلم "الدفنات الثلاث" والذي حاز عنه جائزة أفضل سيناريو في مهرجان كان السينمائي. من الأسماء اللامعة أيضًا هناك كارلوس ريجاديس الذي اشتهر بعالمه الخاص الكوني بشكل ما، والذي يصنع أفلامًا قد تحدث في أي مكان وتمتلك طابعًا شعريًا تجريبيًا إلى حد كبير وحاز جائزة لجنة التحكيم عن فيلمه "ضوء صامت" في مهرجان كان السينمائي.

لاحقًا ظهر ميشيل فرانكو وأمات إسكلانتي وجابريل ريبستاين وألونزو رويز بالاسيوز الذين حققوا الكثير من الجوائز المرموقة في المهرجانات السينمائية العالمية، وحازوا اهتمامًا نقديًا واسعًا. لكن ورغم ذلك، لا يذهب العديد من الجماهير المكسيكية في الأيام الحالية إلى أفلام هؤلاء، خاصة ومع التوزيع الأمريكي الذي يسيطر على 80 % من قاعات العرض السينمائي، رغم ارتفاع عدد الأفلام المكسيكية المنتجة في العام ليصل 172 فيلمًا في عام 2017 ما يعد طفرة في معدل الإنتاج نسبة إلى وقت ظهور السينما المكسيكية الجديدة.

معضلة أخرى تواجه هذه السينما هي جذب هولييود لموهوبي المكسيك للعمل بها، الأمر الذي يراه بعض النقاد "بيع" للوطن، ويراه بعض المخرجين كلجوء إلى بيئة إنتاجية وفنية أفضل تتيح لهم تنفيذ ما يدور في ذهنهم، إضافة إلى قضية هوية الأفلام المكسيكية أصلًا والتي يرى البعض أنها تُصنع بقالب عالمي وليس محلي معبر عن المكسيك. كل هذه الأسئلة ستبقى محل جدال بلا أي أجوبة شافية لكن الأمر المؤكد هو أننا أمام سينما ثرية للغاية مليئة بالتناقضات والسياقات السياسية المختلفة المؤثرة على إنتاجها السينمائي والتي نتمنى أن تتخذ السينما المصرية من حكاياتها الإلهام للنهوض مجددًا.

المصادر:
https://www.bfi.org.uk/news-opinion/sight-sound-magazine/features/deep-focus/deep-focus-golden-age-mexican-cinema

http://sensesofcinema.com/2018/latin-american-cinema-today/the-dream-of-a-mexican-film-industry/

https://www.theguardian.com/film/2002/jul/19/artsfeatures

https://www.theguardian.com/film/2001/may/18/culture.features2

https://www.salon.com/2015/02/23/who_gave_this_son_of_a_btch_his_green_card_on

_the_oscars_stage_theres_no_such_thing_as_a_joke_between_friends/

The Classical Mexican Cinema - Charles Ramriez Berg

السينما المكسيكية - جايسون وود - ت: توفيق الأسدي

The Oxford History of World Cinema - Edited by GEOFFREY NOWELL-SMITH

 

####

 

غدا.. «فاريتي» تحاور منة شلبي في لقاء مفتوح بالهناجر

يقام في الثالثة والنصف من مساء غدا الجمعة، حوار مع الفنانة منة شلبي الحاصلة على جائزة فاتن حمامة للتميز، وذلك في مركز الهناجر بدار الأوبرا المصرية، ويديره جاي ويسبيرج، الناقد الأمريكي بمجلة فاريتي.

ومن المقرر أن تتحدث منة شلبي خلال الحوار، عن مشوارها السينمائي، الذي استحقت عنه التكريم بجائزة فاتن حمامة للتميز، كما تكشف عن أسباب ارتباطها بالأفلام أكثر من المسلسلات التلفزيونية.

ويعرض المهرجان ضمن برنامج تكريم منة شلبي، ثلاثة من أبرز الأفلام التي شاركت في بطولتها، وهي "الماء والخضرة والوجه الحسن" للمخرج يسري نصر الله، و"أحلى الأوقات" للمخرجة هالة خليل، و"ميكرفون" للمخرج أحمد عبد الله السيد.

الجدير بالذكر أن الفنانة منة شلبي بدأت مسيرتها الفنية عام 2001 بالمشاركة في مسلسل "حديث الصباح والمساء" المأخوذ عن قصة أديب نوبل نجيب محفوظ، وفي العام نفسه كتبت شهادة ميلادها السينمائية بالمشاركة في فيلم "الساحر" للمخرج الراحل رضوان الكاشف، ومنذ هذه اللحظة حرصت على تقديم أعمالا ذات قيمة، أبرزها فيلم "بحب السيما" للمخرج أسامة فوزي عام 2004، وفي العام نفسه قدمت "أحلى الأوقات" للمخرجة هالة خليل، وفي 2005 قدمت “بنات وسط البلد” مع المخرج الراحل محمد خان، تبعته بفيلم “عن العشق والهوى” لـكاملة أبو ذكري عام 2006 .

وفي عام 2007 اختارها المخرج المصري العالمي يوسف شاهين لبطولة آخر أفلامه “هي فوضى”، كما شاركت في فيلم “ميكروفون” عام 2010 للمخرج أحمد عبد الله السيد، وفي عام 2012 تعاونت منة شلبي مع المخرج المصري الكبير يسري نصر الله في فيلم “بعد الموقعة”، الذي أعاد السينما المصرية إلى مسابقة مهرجان كان السينمائي بعد 15 عاماً من الغياب، قبل أن تكرر التعاون معه عام 2016 في فيلم “الماء والخضرة والوجه الحسن” الذي كان عرضه العالمي الأول في مهرجان لوكارنو.

وشهد عام 2016 تحقيق منة شلبي رقماً قياسياً بحصولها على جائزة أفضل ممثلة 10 مرات عن دورها في فيلم “نوراة”، تضاف الى عشرات الجوائز التي حصدها الفيلم في المهرجانات المحلية والدولية.

وتعاونت منة شلبي مع المخرج مروان حامد في فيلمين، هما الأصليين ععام 2017، ثم “تراب الماس” عام 2018المأخوذ عن الرواية الأكثر مبيعاً التي تحمل الاسم نفسه للكاتب أحمد مراد، أما أحدث أفلامها كان “خيال مآتة” في موسم عيد الأضحى 2019، من إخراج خالد مرعي.

 

####

 

السفير المكسيكي: استضافة «القاهرة السينمائي» للمكسيك شرف كبير ..

وصناعة السينما أساس نمو الاقتصاد الكلي

ينشر بالاتفاق مع مجلة الفيلم

قال أحمد شوقي، القائم بأعمال المدير الفني، إن برمجة أفلام الدولة ضيف الشرف تمت بطريقة مختلفة عن الدورات السابقة للمهرجان، تحول خلالها المكرمون إلى مبرمجين، حيث اختار المهرجان فيلما للسينمائيين الأربعة، ثم طلب من كل منهم اختيار فيلما ينضم للبرنامج من الأفلام التي أثرت في مسيرتهم الفنية.

وأوضح "شوقي"، أن المهرجان يعرض للمكرم كارلوس ريجاديس فيلم "ضوء صامت"، بينما اختار هو من كلاسيكيات السينما المكسيكية فيلم "التركيبة السرية" لروبن جاميز، ويعرض المهرجان للمكرم جوليرمو ارياجا فيلم "الدفنات الثلاث لميلكادس إسترادا" من إخراج تومي لي جونز والذي فاز عنه بجائزة أفضل سيناريو في مهرجان كان السينمائي، بينما اختار هو من كلاسيكيات السينما المكسيكية فيلم "ريح سوداء"، للمخرج سيرفاندو جونزاليس، كما يعرض المهرجان لضيفه جابريل ريبستاين فيلم "600 ميل"، اختار هو عرض فيلم "عقوبة مدى الحياة" لوالده أرتورو ريبشتاين، أما ميشيل فرانكو، فيعرض له المهرجان فيلم "مُزمن" الحائز على جائزة أفضل سيناريو في مهرجان كان السينمائي، بينما اختار هو عرض فيلم "هو"، للمخرج الإسباني المكسيكي لويس بونويل صاحب الأعمال السوريالية المميزة.

من جانبه قال السيد خوسيه أوكتابيو تريب، سفير المكسيك في مصر، إن قرار استضافة "القاهرة السينمائي" أحد أعرق المهرجانات السنيمائية بالمنطقة، لدولة المكسيك لأول مرة خلال الدورة 41، يعد شرفًا كبيرا للمكسيك وصناعتها السينمائية، كما يعد أيضا حافزا هاما لاكتشاف مجالات جديدة للتعاون بين المكسيك وإفريقيا والشرق الأوسط.

وأشار السفير المكسيكي، إلى أن مهرجان القاهرة السينمائي يعد نافذة لتعزيز مجال جديد من التعاون الثنائي بين مصر والمكسيك، مع الأخذ بعين الاعتبار المكانة الهائلة التي تتمتع بها مصر فى مجال الصناعة السينمائية، وكذلك تواجد العديد من الخبراء السينمائيين في القاهرة نوفمبر المقبل، لهذا تعرب سفارة المكسيك عن امتنانها لمهرجان القاهرة السينمائي الدولى، وتتمنى للجمهور المصري وقتا ممتعا في مشاهدة الأفلام المكسيكية.

وأوضح "تريب" إلى أن صناعة السينما المكسيكية تشهد منذ مطلع هذا القرن طفرة كبيرة، حيث اجتمع الإبداع والموهبة والإنتاج للمخرجين والكتاب والممثلين وغيرهم ممن يقودون السينما المكسيكية إلى عصر ذهبي جديد، مؤكدا أن مؤشرات الصناعة السنيمائية تظهر الطريق نحو التقدم، وقد أنتجت المكسيك 176 فيلما عام 2017، وفي عام 2018 زاد العدد إلى 186 فيلما، محطمة بذلك الأرقام القياسية، حيث نمت صناعة السينما بمعدل أربعة أضعاف معدل نمو الاقتصاد الكلي في المكسيك.

وكشف "تريب"، عن بعض الإحصائيات المرتبطة بصناعة السينما في المكسيك خلال العشرين عاما الماضية، موضحا أن عدد الحاصلين على جوائز الأوسكار من المكسيكين وصل إلى 32 سنيمائيا، خمسة منهم حصلوا على جائزة أفضل مخرج، وخمسة على جائزة أفضل تصوير، وواحد لأفضل فيلم أجنبي، والعديد غيرها في الفئات المختلفة، وفى عام 2018 فقط فازت الأفلام المكسيكية بـ 78 جائزة من 23 دولة.

 

####

 

غدا.. المخرج عمرو سلامة يحاور نظيره البريطاني «جيليام» بمسرح الهناجر

يدير المخرج عمرو سلامة، في الخامسة من مساء غدا الجمعة، حوارًا بعنوان "إيجاد الهوية عبر الوسائط المختلفة"، مع المخرج البريطاني تيري جيليام، المكرم بجائزة فاتن حمامة التقديرية، وذلك في مسرح الهناجر بدار الأوبرا المصرية.

ويعرض مهرجان القاهرة لـ"جليام" خلال فعاليات الدورة 41 فيلم الخيال العلمي الأيقوني "برازيل"، الذي نال إعجاب النقاد وترشح للأوسكار عام 1985، وفيلم "الرجل"، الذي قتل دون كيشوت The Man Who Killed Don Quixote” الذي استغرق ثلاثة عقود في تنفيذه انتهت عام 2018، وهو فيلم مغامرات كوميدي بطولة آدم درايف وجوناثان برايس، اختاره مهرجان كان كفيلم ختام دورته الحادية والسبعين.

وتستعرض "الشروق" مشوار المخرج البريطاني الفني منذ البداية وحتى التكريم بالدورة 41 لمهرجان القاهرة السينمائي، وذلك عبر النقاط التالية:

المخرج تيري جيليام، الذي حصل على البافتا، وترشحت أعماله وفازت بالعديد من جوائز الأوسكار وجولدن جلوب، ويرى كثير من نقاد السينما، أن العالم كان سيصير كئيبًا بدون السحر الذي قدمه في أعماله السينمائية، بدأ مشواره الفني عضو مؤسس في فرقة مونتي بايتون Monty Python الكوميدية، ورساما لمسلسل “سيرك مونتي بايتون الطائر Monty Python’s Flying Circus” الذي بدأ بثه في التلفزيون البريطاني عام 1969، قبل أن ينتقل لمقعد المخرج، ويشارك تيري جونز في إخراج فيلمين من علامات السينما الكوميدية الحديثة، هما؛ “مونتي بايتون والكأس المقدس Monty Python and the Holy Grail” عام 1975، و”مونتي بايتون ومعنى الحياة Monty Python’s The Meaning of Life” عام 1983.

انطلقت مسيرة جيليام كمخرج منفرد، عام 1977 بفيلم “جابروفكي Jabberwocky” والذي شارك في كتابته أيضًا، قبل أن يتبعه بفيلم الفانتازيا “قطاع طريق الزمن Time Bandits” عام 1981، بطولة جون كليز وشون كونري، أما عام 1985 قدم فيلم الخيال العلمي الأشهر “برازيل”.

خيال جيليام الجامح كان وقود تجربته التالية، عام 1989، حيث قدم فيلم الفانتازيا “مغامرات البارون مانخاوزن The Adventures of Baron Munchausen”، قبل أن يقدم عام 1991 فيلم “الملك الصياد The Fisher King” الذي ترشح لخمس جوائز أوسكار ومثلها من الجولدن جلوب، ليفوز بجائزة أوسكار وجائزتي جولدن جلوب، وهو من بطولة جيف بريدجز وروبن ويليامز ومرسيدس رويل.

وفي عام 1996 قدم تيري جيليام واحدًا من أهم أفلام الخيال العلمي المعاصرة “12 قردًا- 12 Monkeys ” من بطولة بروس ويليز وبراد بيت، والذي خطف الأنظار، وترشح لجائزتي أوسكار وفاز عنه براد بيت بجائزة الجولدن جلوب الوحيدة التي نالها كأحسن ممثل مساعد.

نال تيري جيليام مزيدا من التقدير، بمعالجته السينمائية لكتاب هانتر إس طومسون “خوف واشمئزاز في لاس فيجاس Fear and Loathing in Las Vegas”، والتي قدمها كتابةً وإخراجًا عام 1998 في فيلم بطولة جوني ديب وبينوتشو ديل تورو، ليحقق سمعة جعلت له أتباعا مخلصين حول العالم، انتقل بعدها عام 2005 لتجربة لا تقل خيالا بعنوان “الأخوان جريم The Brothers Grimm”، بطولة النجمين مات ديمون وهيث ليدجر، وفي العام نفس حرص على العودة للسينما المستقلة، ليكتب ويخرج فيلم “تايدلاند Tideland”، وفي عام 2009 أدهش الجميع بفيلم خيالي مغامر بعنوان “خيال الدكتور برناسوس The Imaginarium of Doctor Parnassus” شهد الأداء الأخير للممثل الموهوب هيث ليدجر الذي رحل قبل عرض الفيلم.

استكمالًا لمسيرته وبصمته الخاصة في التفاصيل، قدم جيليام عام 2014 فيلم الخيال العلمي “النظرية الصفرية The Zero Theorem”، والذي شهد أداءً مؤثرًا من النجم المتوج بالأوسكار كريستوفر فالتز، أما عام 2018 فشهد انتهاء مشروعه الذي لم يفقد الأمل في خروجه للنور على مدى ثلاثة عقود، “الرجل الذي قتل دون كيشوت The Man Who Killed Don Quixote”، وهو فيلم مغامرات كوميدي، شارك طوني جريسوني في كتابته، ولعب بطولته آدم درايف وجوناثان برايس.

 

الشروق المصرية في

21.11.2019

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004