كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

ماريان خوري تستعيد جذورها وثائقيا

نديم جرجوره

القاهرة السينمائي الدولي

الدورة الحادية والأربعون

   
 
 
 
 
 
 

على شرفة منزلها الكوبيّ، تبوح سارة لوالدتها، بحميمية محمَّلة بشيء من الغضب، ببعض ما تشعر به من نتائج إرثٍ عائليّ، يتوزّع على التاريخ والثقافة والحياة. تقول، بلكنةٍ ناتجة من خليط الفرنسيّ بالعربيّ، نقيضَ ما يتباهى به متحدّرون من ثقافات عديدة، جرّاء انتماءات جغرافية واجتماعية ودينية مختلفة، للوالدين والأجداد. فالتباهي متمثِّل بقدرة انتماءات كهذه على منح المرء وعيا معرفيا، يُتيح له اكتساب إمكانيات "أخرى" للعيش والتواصل والانفتاح، رغم أنّ هذا لن يكون ثابتا ودائما وشاملا، فما تبوح به سارة يختلف، بل يتناقض معه تماما، إذْ تشعر بثقلٍ وتوهانٍ وتعبٍ، لكونها ابنة أكثر من جغرافيا واجتماع ودين، وبالتالي هي خليطُ أكثرِ من ثقافة.

لن تكون صدفةً سينمائية أنْ يظهر هذا البوح في الجزء الأخير من "إحكيلي" (مصر، 2019، 95 دقيقة)، الوثائقي الجديد للمصرية ماريان خوري. فمثوله في ذاك الجزء موضوعٌ في لحظة حسّاسة، ناتجة من تراكمات كثيرة تشهدها سارة الشاذلي، أو تستمع إليها من والدتها، ماريان خوري نفسها. فالمخرجة منطلقة من حسّ ذاتيّ بحت، يدفعها إلى القيام بـ"رحلة عائلية"، كما تصف فيلمها هذا في "جينيريك" النهاية، بحثا عن أجوبة لتساؤلات مزمنة لديها، فتدفع غالبية رجال العائلة إلى التحدّث عن نسائها، مع بعض قليل من نساء العائلة، للهدف نفسه. وإذْ يبدو أنّ التساؤلات كثيرة ومعلّقة، فإنّ الأساسيّ فيها يُختَزل بواحد، يرتبط مباشرة بعلاقة ماريان بوالدتها، وإحساس ماريان بأنّ هناك غامضا يُلحّ عليها بخصوص تلك العلاقة.

لكن "إحكيلي" لن يُحاصَر في نساء العائلة وحكاياتهنّ وذاكرتهنّ ومواقعهنّ وعلاقاتهنّ. هنّ حاضرات، بأجيالهنّ المختلفة، والغائبات منهنّ يحضرن في استعادة الماضي وتفاصيل منه. مع هذا، سيكون للرجال دور في الكشف والنبش والتفكيك، وسيقولون انفعالات وخبريات ومواقف، وسيعلّقون ويبوحون، وإنْ يبدو محور هذا كلّه، أو غالبية المحور هذا، مركَّز على نساء العائلة، أو على بعضهنّ، أو بالأحرى على والدة ماريان تحديدا. وإذْ يتساءل إيلي، أحد شقيقيّ ماريان، عن جدوى كلامٍ، يتناول حميميات خاصة، علنا، فإنّ ماريان مُصرّة، وإنْ بشكلٍ مبطّن، على أنْ تكون الكاميرا وسيلة توصلها إلى أمانٍ تسعى إليه. فهي ترى الفيلم تشريحا لتاريخ العائلة، ورحلة إلى (هل أقول "في"، أيضا) جذور ماريان، الراغبة في معرفة من أين يبدأ ذلك الضيق النفسي، "خصوصا ذاك الذي تعانيه سيدات العائلة". تتساءل: "ما الذي يجعلنا نعاني الصعوبات التي نواجهها مع عاطفتنا كسيدات، والمنتقل من جيل إلى جيل: من جدّتي إلى أمّي، ومن أمّي إليّ، وبالتأكيد منّي إلى ابنتي".

"إحكيلي" ـ المعروض للمرة الأولى دوليا في المسابقة الرسمية للدورة الـ32 (20 نوفمبر/ تشرين الثاني ـ 1 ديسمبر/ كانون الأول 2019) لـ"مهرجان أمستردام الدولي للأفلام الوثائقية" ـ فيلمٌ عن والدة ماريان خوري، وعن علاقتها بسيدات العائلة. هذا تقوله ماريان في حوارٍ مع سارة: "أنا أحاول أنْ أفهم سيدات العائلة من خلالها (أمّ ماريان)". تقول سارة إنّ الفيلم "عنك وعن والدتك، وإنْ تريدين معرفة الأكثر عن جدّتك، إعملي كده". فتردّ ماريان: "أيوه. عشان أفهم الأم، أنا محتاجة أفهم الجدّة".

أما المعضلة الأساسية، فكامنةٌ في أنّ ولادة ماريان تبدو كأنّها تعطيلٌ لحلم الأم بالانعتاق من حياةٍ غير مرتاحة فيها. فالأم تريد الإجهاض، وصديقة الأم ـ التي (الأم) تقترن بشقيقها ـ تحول دون ذلك. من هنا ينشأ الضيق النفسي. وبسبب هذا يتراكم الضغط الداخلي، الذي تحتاج ماريان خوري إلى التحرّر منه، فيكون "إحكيلي" نوعا من تحرّر يوصلها إلى أمانٍ.

فهل تبلغ ماريان خوري أمانا كهذا؟

للسينما سحر يخترق جدرانا، ويكشف متواريا، ويُعرّي مُخبّأ. الاغتسال بالكاميرا فعلٌ ذاتيّ، يستفيد من الفني والثقافي والاجتماعي والنفسي والمعنوي والروحي، فتُصبح السينما تطهّرا. هذا لن يكون أكيدا أو كاملا، رغم أنّ ماريان خوري تقول، تعريفا بـ"إحكيلي"، إنّه "حِدادُها"، فمن خلال "الغوص في تاريخ عائلتنا، هويتنا وجذورنا الجغرافية، نقترب أكثر من المنبع". لذا، "أسمح لنفسي بالسينما، وبالحياة".

"إحكيلي" ـ الفائز بـ"جائزة الجمهور/ جائزة يوسف شريف رزق الله"، في الدورة الـ41 (20 ـ 29 نوفمبر/ تشرين الثاني 2019) لـ"مهرجان القاهرة السينمائي الدولي" ـ يوحي برغبة مخرجته في بلوغ أمانٍ ذاتي، فالأسئلة مُقلِقة، وانعدام الأجوبة مُقلِق أكثر. أما انكشاف أجوبة، فلن يكون نهاية قلق، فالرحلة صعبة، والثقل غير مُحتَمل، والإرث كبير، والأسئلة تتزايد، والكاميرا غير متوقّفة عن توليد حالاتٍ تحتاج، بدورها، إلى اشتغالات إضافية. هذا كلّه نتاج مُشاهدة، فالفعل الذاتيّ محصور بالمخرجة ورحلتها، التي تعود بها إلى أزمنةٍ بعيدة، قبل أن تضعها أمام مرآة نفسها، وتدخل معها إلى جوانيّةٍ تنفتح أمام عدسة الكاميرا من دون وجل أو تردّد. فالرحلة مفتوحة على الاحتمالات كلّها، وماريان خوري مُدركة هذا، واعتمادها على كاميرات صغيرة وتسجيلات قديمة جزءٌ من رغبتها في منع "تقنيات" السينما من الحؤول دون كُلّ عفوية وبوح وانفتاح وقول، بعيدا عن قواعد تفرض سلوكا ما أمام الكاميرا.

هذا تقوله الأم (ماريان) للابنة (سارة)، التي تسألها عن سبب استعانتها بكاميرا صغيرة، وعن استغنائها عن مساعدين. سارة نفسها ستنتقل إلى كوبا لدراسة السينما أيضا، فوالدتها منتجة ومخرجة وناشطة سينمائية، وخال والدتها هو يوسف شاهين، وخالها غابي يعمل في الإنتاج السينمائي، وجدّها لأمّها مُنتج يتصادم مرارا مع شاهين لأسبابٍ مهنية: "السينما لشاهين مُعتَقَد. أما بالنسبة إلى أبي، صهره، فهي وسيلة لكسب العيش" (تقول خوري). لكن، لعلّ انخراط هؤلاء جميعهم في السينما لن يكون سبب اختيار سارة لدراسة المهنة نفسها، لكن الإرث يُلاحقها، والانتماءات العديدة تُثقل عليها، والثقافات التي تُحصِّلها تُصبح عاملا ضاغطا. ربما لهذا تختار كوبا، البلد الأبعد، جغرافيا على الأقل، عن بلدانٍ تُشكِّل إرثها العائليّ. ورغم هذا، تختار سارة السينما، مهنة أناسٍ هم سبب إرثها الثقافي والاجتماعي والديني الثقيل هذا.
كلام كثير يُقال عن "إحكيلي"، المحصور داخل عائلة ماريان خوري، بأجيالها وناسها ومناخاتها وعلاقات أفرادها، كما بانفعالات أفرادها أنفسهم، وأهوائهم وكوابيسهم وحكاياتهم. فيلم ذاتيّ لن يخرج إلى العام، فهو يجعل الخاصّ جدا عالما سينمائيا وإنسانيا وانفعاليا وسرديا وتاريخيا. فيلم حميم لن يتمرّد على الحيّز المصنوع فيه، بل يُحوِّل الخاص إلى رواية تتشكّل من تفاصيل وسرديات ولحظات ومنعطفات ومواقف، فتُصبح شهادة وثائقية في حبّ الذات والسينما، وفي مواجهة التباسات الماضي وغليانه، وفي قراءة النفس والروح ومرويّاتهما.

 

العربي الجديد اللندنية في

09.12.2019

 
 
 
 
 

«شارع حيفا».. وهم الديمقراطية التي تأتي على ظهر الدبابات الأمريكية!

بقلم: مجدي الطيب

• القناص الذي أيقظ أوجاعنا .. وصور لنا الجحيم في شوارعنا

عن «شارع حيفا»، الذي كان محظوراً على العراقيين دخوله، بسبب خطورته، والعراق، عام 2006؛ الذي يجري كل شيء فيه تحت سمع وبصر المحتل الأمريكي؛ حيث تسيطر الهليكوبتر على السماء، وتعيث المدرعات في الأرض فساداً، اختار المخرج الشاب مهند حيال تقديم فيلمه، الذي كتب له السيناريو مع هالة السلمان، وقدم من خلاله قصة شيقة للغاية عن قناص يقطن «عشة» فوق سطح بناية في الشارع، يرصد المارة، ويُرديهم قتلى، لكنه ضحية، في واقع الأمر، للاحتلال الأمريكي الذي أسهم في تأجيج الحرب الطائفية في العراق، وأحال حياة أهله جحيماً !

المفارقة المثيرة أن مهنّد حيال كتب الفيلم، وهو في الثلاثين من عمره، لكنه أنهى تنفيذه وهو في الثالثة والثلاثين، ليرصد تجربة، تبدو شخصية إلى حد كبير، تناول فيها الأحداث التي عاشها ذلك الشارع، في تلك الأیام العصيبة (بغداد 2006)، التي عصفت فيها الحرب الطائفیة بأهل العراق، الذين قضت مضجعهم الحرب الأهلية، ومزقتهم الأحداث الدموية؛ فالقناص «سلام» (علي ثامر)، وجد في العنف، ومن ثم الموت، حلاً لمشاكله، وخلاصاً من همومه، وتكريساً لرأيه في الحياة من حوله، وراح ينفث عن غضبه المكتوم في «أحمد» (أسعد عبد المجيد)، الرجل الأربعيني، الذي جاء يطلب يد «سعاد» (إيمان عبد الحسن) للزواج، فأستهدفه «سلام»، تاركاً إياه غارقاً في دمائه، مانعاً أي شخص تسول له نفسه إنقاذه، بمن فيهم «سعاد» نفسها !

الغموض الجميل

هنا يبدو وكأن ثمة سراً وراء استهداف «أحمد»، على وجه التحديد، وهو السر الذي تكشف عنه الأحداث في ما بعد، لكن المخرج لا يكشف كل أوراقه، ويأخذ المشاهد في رحلة مليئة بالغموض، والأسئلة المبهمة، التي تُزيد الفيلم متعة وجمالاً؛ سواء على صعيد الحكي، الذي يقوده «أحمد»، أو الغوص في شخصية «سلام»، الذي يعكس اسمه جانباً من مأساته، التي أصبح فيها مثالاً للعنف الذي تفشى في الشارع العراقي؛ فالضحية «أحمد» كان يعمل لحساب جيش الاحتلال الأمريكي، في سجن أبو غريب، ورأى بعينيه الأهوال والفظائع، التي ارتكبها المحتل في حق العراقيين، وعندما أراد جنود الاحتلال إجباره على تصوير شاب عراقي، أثناء اغتصابه عارياً، شعر أنه ابنه، فاستيقظ ضميره، وسجل شهادته بالكاميرا على شريط مصور، لم يجد سوى مجذوب هائم على وجهه في الشارع، ليكلفه بتوصيله إلى «سعاد»، بينما «سلام»، على الجانب الآخر، يعيش جحيمه، وتعصف به همومه، مثلما تؤرقه ذكريات طفولته، وعلاقته الغامضة بعائلته، فيندفع إلى العنف عساه يخلصه من مشاكله وأزماته النفسية، مدفوعاً بوازع ديني يتملكه، وصراع مؤلم بين ماضيه وحاضره، وضحية واقع قاس ينتمي إليه، ولا يستطيع انتزاع نفسه منه .

إنه الجحيم بعينه؛ حيث الاقتتال الطائفي، الذي زرعه الاحتلال ليسهل عليه السيطرة، أرضاً وجواً، فالصورة السينمائية (سلام سلمان) تنطق بما يجري من عنف، وفتن، وعجز؛ فالفتاة «نادية» (رضاب أحمد)، ابنة «سعاد»، لا تجد مفراً من الالتجاء إلى «دلال» (الممثلة اللبنانية یمنى مروان)، لتقنع شقيقها «أبو مثنى» (علي الكرخي)، أمير التنظيم المحلي المتطرف، بإجبار «سلام» على كف رصاصاته عن ملاحقة من يقترب من «أحمد»، وسحب جسده المُثقل بالجراح، لكن «دلال» تقايضها بجسدها، لتلحق بها في طريق الدعارة؛ بعد ما باعت نفسها، وجسدها، لجنود الاحتلال وأعضاء التنظيم، غير أن «أبو مثنى»، زائغ العينين، المتدثر بعباءة الدين، والغارق لأذنيه في شهواته، يطمع، بدوره، في جسد «نادية»، ومن ثم يفشل في إقناع «سلام»، والسيطرة عليه، بعد ما بلغ ذروة التمرد، ولا يتورع عن قتله، والتمثيل بجثته، إمعاناً في إذلاله، وشقيقته، التي تجر جسده كالكلب !

تمجيد المرأة العراقية

في ظل الهوان، الذي يعيشه الشارع العراقي، من انتهاك، واغتصاب، وعنف، وإذلال، ودمار نفسي وجسدي، يقدم الفيلم تحية للمرأة العراقية الصامدة، في وجه المحن، القوية، في مقاومة شتى أشكال القهر والاغتصاب والإذلال، كما عبرت عنها شخصيات : «سعاد» و«نادية»، وضعيفة النفس، والمغلوبة على أمرها، في شخص «دلال»، وينجح في تكثيف أحداثه، ورسالته، بغير ثرثرة (مونتاج علي رحيم)، وموسیقى تصویریة مؤثرة (رعد خلف)، وحوار محدود للغاية، وتغليب للصورة التي تحتل موقعاً مميزاً بالفيلم، باللقطات البانورامية، التي تصور الدمار، وتداعيات الحرب، واللقطات المقربة، التي تعكس التشوش، الاضطراب، وأزمة البطل الرئيس، وصراعاته الداخلية، وقبل كل هذا وحشية المحتل، وزيف شعاراته، وتورطه الآثم في تعذيب العراقيين، وتجريدهم من إنسانيتهم (انتهاكاته في سجن أبو غريب)، وتأجيجه للصراعات الطائفية بين أبناء الوطن الواحد، وهو ما نجح المخرج مهند حيال في تصويره بسلاسة منقطعة النظير، وقيادة واعية لأبطاله، وتعاطف كبير مع ضحاياه، وصدق بالغ في رصد المأساة، بلغة سينمائية ساحرة.

مخرج واعد

الطريف أن المخرج، الذي ولد عام 1985، في مدينة الشطرة بالناصرية، ودرس السينما في "أكاديمية الفنون الجميلة" بجامعة بغداد، وتخرّج فيها عام 2010،وقدم فيلماً سينمائياً قصيراً بعنوان"عيد ميلاد"، كان ضمن الاختيارات الرسمية لـمهرجان برلين الدولي عام 2013، وحصل عنه على جائزة النجم السينمائي الصاعد في مهرجان رود ايلاند في أمريكا عام 2014، ويشغل حالياً منصب رئيس قسم الإنتاج السينمائي في وزارة الثقافة العراقية، كان متواضعاً للغاية، وهو يصور فيلمه «شارع حيفا» (80 دقيقة)، عندما قال للناقد العراقي علاء المفرجي (جريدة المدى 29/8/2018) : "ربما لن يُشكِّل "شارع حيفا" نقلةً للأفلام السينمائية العراقية الطويلة، رغم أني أتمنّى أن يفعل هذا. لكنّي أنجزته بوفائي للأشياء، وبأسلوب طرحي للواقع. صدقي يجعله عملاً يُشبهنا، ويشبه المدينة وواقعها"، ومن ثم لم يضع في حسبانه، مُطلقاً، أن فيلمه سيمثل نقطة فارقة ليس في تاريخ السينما العراقية فحسب، وإنما في تاريخ السينما العربية المعاصرة بحصده للجوائز الكبرى في كل مهرجان شارك فيه، وآخرها فوزه بجائزة سعد الدين وهبة لأفضل فيلم، وأفضل أداء تمثيلي (علي ثامر)، في مسابقة آفاق عربية، بالدورة الأخيرة لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، الأمر الذي يستوجب تقديم التحية للجهة المنتجة (علي رحيم وهالة السلمان)، التي تحمست لدعم وتمويل التجربة / المغامرة.

«شارع حيفا» جسد مأساة العراق، وكل بلد محتل، بلغة بصرية رائقة، وأسلوب سردي أخاذ، تحولت فيه الهواجس، والكوابيس، إلى ناقوس خطر يدق، ويلطمنا على وجوهنا، عسانا ننتبه، ونفيق من غفلتنا، ونُدرك جلياً أن "الديمقراطية لا تأتي أبداً على ظهر الدبابات والطائرات الأمريكية" !

 

####

 

"الأيرلندي".. عن "الكابوس" الأمريكي

بقلم: أسامة عبد الفتاح

** لا يكترث سكورسيزي بأي قواعد سينمائية أو حتى سياسية ولا يهمه سوى مشروعه الأثير لفضح تحالف الجريمة المنظمة والفساد السياسي في الولايات المتحدة

لا صوابية سياسية هنا، لا تطهر للمشاهد، لا عقاب للمذنب، لا تمجيد للحلم الأمريكي أو غيره.. عندما تشاهد فيلم "الأيرلندي"، أو "سمعت أنك تطلي المنازل"، للمخرج الأمريكي الكبير مارتن سكورسيزي، والذي عُرض في افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في نوڤمبر الماضي، لابد أن تنحي جانبا كل ما تراكم في ذهنك ووعيك ووجدانك، ليس فقط عن الأفلام السينمائية بشكل عام، والأمريكية تحديدا، ولكن عن فعل التلقي نفسه.

لا يكترث سكورسيزي بأي قواعد أو أعراف أو تقاليد سينمائية أو حتى سياسية، ولا يهمه سوى أن يضع لبنة أخرى - ويظنها كثيرون، أنا منهم، أخيرة - في مشروعه السينمائي الأثير لفضح تحالف الجريمة المنظمة والفساد السياسي في الولايات المتحدة، أو تحالف المافيا والطبقة الحاكمة، وتشريح المجتمع الأمريكي وفضحه ككيان قائم على منطق القوة وفساد المال والنفوذ والتزوير، حتى في الانتخابات التي يُقال إنها الأكثر ديمقراطية في العالم، علما بأن الفيلم ليس خيالا لمؤلفه ومخرجه، بل قائم على أحداث وشخصيات حقيقية ضمها كتاب يحمل نفس العنوان (سمعت أنك تطلي المنازل) للكاتب تشارلز برانت.

لا، لا يروّج سكورسيزي للحلم الأمريكي، بل يذكّر الأمريكيين وغيرهم – كما فعل في أفلام سابقة – بالكابوس، كابوس إقامة المجد الأمريكي بالحديد والنار والمال المشبوه والسياسيين الفاسدين وأرباب الجريمة المنظمة.. ولا يظهر علم الولايات المتحدة إلا لتحدي الاتحاد الفيدرالي نفسه، فعندما يلمح چيمي هوفا (آل پاتشينو)، الزعيم النقابي المتحالف مع المافيا، العلم الأمريكي منكسا فوق نقابته حدادا على اغتيال الرئيس الأمريكي چون كينيدي، يسارع بغضب إلى رفعه مرة أخرى، ليس إجلالا له أو للدولة التي يرمز لها، ولكن رفضا للحداد على كينيدي الذي يكرهه "هوفا" لأنه وصل إلى البيت الأبيض بفضل المافيا لكنه لم يحفظ لها الجميل، وعيّن شقيقه روبرت نائبا عاما ليطارد زعماءها وينغص عليهم حياتهم. وعندما يرتفع العلم، تكون كاميرا الفيلم أعلى منه.

وعلى المستوى الدرامي، لا يهم سكورسيزي إن كان المشاهد سيعرف – من الدقيقة الأولى – مصير بطله "فرانك شيران" (روبرت دي نيرو)، وسيدرك – في فيلم ينتمي لنوعية الجريمة ويعتمد على الإثارة والتشويق – أن هذا البطل لن يُقتل، وسينتهي به الأمر مسنا في دار للرعاية، مما يضرب التشويق في مقتل، لكن صناع الفيلم لا يسعون للتشويق بمعناه المعروف، بدليل أنهم يكشفون للمشاهد عن مصير كل شخصية، فور ظهورها على الشاشة، بعبارة مكتوبة على كادر ثابت، فيما عدا الشخصيات الثلاث الرئيسية: "شيران"، الذي نعرف مصيره من البداية كما أشرت، ورجل المافيا القوي "راسل بافالينو" (چو پيشي)، الذي يمكن أن يستنتج المشاهد بسهولة أنه سيبقى للنهاية لأنه المحرك الرئيسي للأحداث وتم تقديمه لنا كـ"إله صغير" يتحكم في كل شيء، و"هوفا"، الذي يحتفظ سكورسيزي بمصيره كمفاجأة وحيدة في النهاية.

بدلا من التشويق، يريدك صناع الفيلم أن تشارك "شيران"، القاتل الأجير المحترف، تلك الاعترافات الطويلة التي تشبه "الفضفضة" معك أنت كمشاهد بعد أن فقد أصدقاءه جميعا، وزوجته أيضا، وبعد أن هجرته بناته، ليدرك – بعد فوات الأوان – أنهن كن يتعذبن بسبب "مهنته"، وما كان يفعله، خاصة ابنته "بيجي" التي رأته على حقيقته العنيفة القاسية منذ طفولتها فقررت مقاطعته، والتي أدت دورها باقتدار "آنا باكوين".

يريدك سكورسيزي، وكاتب السيناريو ستيفن زيليان، أن تصل بالمشاركة إلى حد التواطؤ، ليس فقط مع "شيران"، ولكن أيضا مع صديقيه "بافالينو" و"هوفا"، وقد تجد نفسك بالفعل متعاطفا مع أحدهم، أو مقتنعا – ولو للحظات – بما ساقه "شيران" من مبررات لما ارتكبه من جرائم، ومنها أنه كان يسعى لحماية زوجته وبناته مما يحيط بهن من أخطار، ولم تكن أمامه وسيلة أخرى للحفاظ على حياتهن.

وعندما تصل مشاركتك – أو تواطؤك – إلى النهاية، تكون المفاجأة أن سكورسيزي لا يعد لك تطهرا (كثارسيس) مما شاهدت كما يحدث في الدراما الكلاسيكية، حيث لا يدفع "شيران" ثمن جرائمه، بل لا يستطيع أن يتوب عنها في حضور رجل الدين، وعندما يسأله القس: "ألا تشعر حتى بالأسف والأسى لأسر الضحايا؟"، يجيبه: "لا، لأنني لا أعرفها، فيما عدا أسرة واحدة".

ولأن البناء الدرامي يقوم على التداخل المستمر للأزمنة والعودة كثيرا للماضي، كان من الصعب الاستعانة بممثلين آخرين للقيام بالأدوار الثلاثة الرئيسية في أعمار أصغر، ومن هنا كان قرار الاستعانة بتقنية تصغير الأعمار باستخدام الجرافيك (دي إيدجينج) ليستطيع دي نيرو وپيشي وپاتشينو، الذين تجاوزوا جميعا الخامسة والسبعين، تجسيد شخصيات في الثلاثينات أو الأربعينات من العمر.. ولتجربة التقنية، أعاد دي نيرو تمثيل مشاهد من فيلم سابق لسكورسيزي، هو "جود فيلاز"، باستخدامها، وكانت النتيجة مذهلة، وجعلت دي نيرو يقول إن تلك التكنولوجيا يمكنها أن تطيل مشواره الفني ثلاثين عاما أخرى.

وتتطلب تقنية تصغير الأعمار التصوير بكاميرتين كل منهما بها ثلاث عدسات، ولم يكن ذلك سهلا في فيلم مكون من 309 مشاهد وتطلب التصوير لمدة 108 أيام في 117 موقعا، وفي هذا الإطار يصبح مفهوما أن تقفز ميزانيته إلى 159 مليون دولار.

وما تتطلبه فنيا أصعب، حيث لا يكفي استخدام التكنولوجيا لكي تستقيم الأمور ويصبح المسنون شبابا بالفعل، بل يجب أن يعكس الأداء التمثيلي ما تصوره الكاميرتان والعدسات الست، ويجب أن يفرد النجوم الثلاثة ظهورهم ويرفعوا هاماتهم ويزيدوا من سرعة إيقاعهم لكي يكون الأمر مقنعا، ويوضح ذلك حجم المجهود الجبار الذي بذلوه، فضلا عن استخدام الدوبليرات في العديد من المشاهد، وهو ما يوضح حجم المجهود الذي بذله سكورسيزي، فضلا عن موهبته وخبرته الطويلة، حيث أن النتيجة على الشاشة مذهلة، ويستحيل عليك – كمشاهد – أن تميز أيا من الحيل التي أشرنا إليها أثناء المشاهدة، بل تظل تتساءل وأنت تتفرج: كيف صنعوا ذلك؟

وبغض النظر عن التفاصيل التقنية، فإن أداء دي نيرو وپيشي وپاتشينو ساحر، ويُعد درسا في فن التشخيص السينمائي، خاصة الأخير، الذي يمكنني – بلا مبالغة – وصف تجسيده شخصية "هوفا" بأنه من أفضل وأمتع ما شاهدت على الشاشة الكبيرة في حياتي.

 

جريدة القاهرة في

10.12.2019

 
 
 
 
 

أحكيلي..ودانتيللا  عائلة شاهين

ماجدة موريس

مثلما تصنع النساء الماهرات ،والفنانات ،قطعا فنية من الخيوط تتحول الي أيقونات للابداع الانساني اليدوي  وإرث ينتقل الي الاجيال التالية بفخر،صنعت ماريان خوري قطعة من الدانتيللا المرئية ،واستبدلت خيوط الحرير والقطن بصور وخطابات ووثائق عائلية،وزادت عليها مقاطع وحوارات مصورة لعائلتها التي توفرت لها أكثر من غيرها من العائلات،فهي عائلة أنجبت يوسف شاهين أحد اهم صناع الافلام في تاريخ السينما المصرية والعربية،وبسببه تحول الجيل التالي للاسرة،جيلها هي وشقيقها جابي الي العمل في السينما ،إنتاجيا،قبل ان تقرر هي ان تصنع أفلامها أيضا،و تختار الفيلم الوثائقي لكي تقدم من خلاله تجارب مهمة وتعيد فتح ملفات رأتها مهمة وملهمة مثلما رأينا في فيلمها الاول( زمن لورا )عن الإيطالية التي تعيش في مصر وتدرس رقص الباليه لطالبات صغيرات وعمرها٨٠عاما،اما الفيلم الثالث (ظلال) فقد صنعته عن عالم المرض النفسي وقدمت فيه قصصا عديدة لنزلاء ونزيلات مستشفي الأمراض النفسية بالعباسية وبينهما صنعت فيلمها الثاني ،عن رائدات السينما المصرية عزيزة امير وبهيجة حافظ وأمينة محمد وآسيا وماري كويني ووضعت له عنوان (عاشقات السينما)مؤكدة علي نوع العلاقة بينهن وبين عملهن في السينما،وهو ما ينطبق عليها أيضا،فقد تخرجت في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية وسافرت للعمل خارج مصر،لكنها عادت فور ان طلبها خالها شاهين للعمل معه في افلامه كمنتج منفذ،وبعدها دخلت في عجلة الصناعة،قبل ان تقرر التحول الي صناعة الافلام التسجيلية والوثائقية، ثم ان تقيم مهرجانا للفيلم الأوروبي في مصر(بانوراما السينما الأوروبية) وليحدث هذا المهرجان تغيرا حقيقيا في(الحالة السينمائية)لدي شباب القاهرة الذي اكتشف سينما رائعة ومهمة لم تكن تعرض في مصر الا من خلال مهرجانى القاهرة والاسكندرية، و كما فعل معها الخال شاهين ،حملت ماريان مسئولية البانوراما  الي ابنها يوسف الشاذلي،الذي استطاع القفز بالفكرة والتنفيذ ليصل بهما الي أربع محافظات مصرية غير القاهرة، أما أبنتها سارة،فقد قررت ان تتعلم السينما هي الاخري،ولكن في هاڤانا عاصمة كوبا وربما كانت هي الدافع والمحرك لإنجاز هذا الفيلم الجديد،أحكيلي ،ومدته ١٠٠دقيقة،والذي مثل مصر في المسابقة الدولية لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الاخيرة ،وحصل علي جائزة الجمهور التي تعطي للمرة الاولي في تاريخ المهرجان،وأظن ان التجاوب الكبير من جمهور لم يترك مكانا شاغرا في القاعة الكبري لدار الاوبرا المصرية ،كان واضحا أثناء العرض،خاصة مع أسلوب سرد حفل بمناطق عديدة جذابة ،تصنع مناخا فيلميا دافئا في لحظات عديدة تعلوا فيها لغة المشاعر بين احد اجيال العائلة ،وكذلك بين أفراد لديهم مقدرة اكبر علي التعبير مثل يوسف شاهين الخال ،والعمة مارسيل ،لينتقل الحوار الي الام وابنتها،ماريان وسارة ،وهو الحوار الاصعب هنا الذي يدور في احيان كثيرة عن بعد عبر وسائط الانترنت حيث تدرس الابنة،ليكشف لنا الفيلم عن مفارقة مهمة في حياة العائلة، والام ،وحيث ترفض الابنة الكثير من مفردات حياتها سابقا،وبالتالي تاريخ الاسرة ،برغم وراثتها لحب السينما التي ذهبت تدرسها في آخر العالم ،وحيث يقودنا الفيلم الي أعتراف المخرجة -والام-بأنها أنشغلت عن ابنتها، وشعورها بالتقصير وسط عالم لا يتيح للانسان ان يؤدي كل ماعليه كاملا.

حوارات ساخنة وباردة

الحوارات بين سارة وأمها صنعت للفيلم مذاقا مختلفا،ينتمي لعالم جديد علي عالم الاسرة بأجيالها التي قام عليها البناء الفيلمي ،وكأن الابنة،آخر عنقود العائلة ،تنتمي لعالم يخصها،تترك مصر الي باريس في رحلة بحث عن الذات،ثم الي كوبا ،تتحدث بالفرنسية والإنجليزية،وتعيش بغير عائلة ،وتتحير في مسألة الهوية ؟؟وذلك بعد ان قدم لنا الفيلم الجانب الآخر لحياة ابطاله ،الذين تركوا الشام في ظروف صعبة وحضروا الي مصر،وعاشوا في الاسكندرية ،وتجمعوا وأقاموا أسرا،ثم انتقل المركز للقاهرة ،وأصبح المقر،الي ان قام (الفرع الاخير)بمحاولة انشطار،هنا يتعدي الفيلم قصة العائلة الي صورة اكثر عمومية لما يحدث الان في مصر من مسارات عائلية تهجر المدن والمقرات القديمة الي اماكن اخري من العالم بالهجرة او الدراسة،وبحيث يصبح الحوار اليومي بين أفرادها مرهونا بالشبكات الانترنتية وليس الغرف وأركان البيت،وهو ما يطرحه الفيلم الي جانب طرحه التقليدي والتاريخي لأمرين مهمين يصبان أيضا في عالمي الخصوصية والعمومية ،الاول هو تفاعل الاجيال والثاني هو دور نساء العائلة الملئ بالنجاحات والإخفاقات ايضا.

أربعة نساء

في الفيلم نتعرف علي نساء العائلة منذ حضرت لمصر،الجدة التي انجبت شاهين واخته أيريس والتي بدورها أنجبت ماريان وشقيقاها جابي وإيلي، وندرك جزءا من مشاعر مخرجتنا بالغضب مع محاولة الام  إنزال الجنين لانه بنت،وندرك ايضا كيف كانت الام شخصية قوية وفاعلة ،وتضيف الينا حوارات عديدة لها مع شقيقها صورة لحياة طبقة وسطي مختلفة ومتعددة الأصول في منتصف القرن الماضي،حيث كانت اللغة الفرنسية سائدة في حوارات المنزل،والعربية خارجه،والحياة لها إيقاع مميز لننتقل الي الجيل الثالث، وصعود الابنة (ماريان ). وتمردها،وتخلصها من زواج فرض عليها وفقا لمقاييس العائلة ،وقرارها بقيادة أمور حياتها،وهكذا يصل بِنَا الجزء الاول من الفيلم الي ما بعده في رحلة نساء العائلة ،والي تقديم ما يحدث لاي عائلة تتعرض لازمات بعد استقرار فتقاوم،وتحاول التماسك من جديد،وتبدأعملا يشغف به ابنائها( بدأ والدها العمل في الانتاج السينمائي بالقاهرة )ومعه الابن جابي،بينما كان الخال يصنع افلامه،،قصة خاصة جدا،،لكنها ايضا عامة جدا ،ومعبرة عن عائلات اخري في هذا الزمن،،لكن كان من الضروري ان تحكي من خلال الفن واستخدام مفرداته في بيوتنا كالصور والمقاطع المصورة،ولهذا شعر كثيرون ممن شاهدوا الفيلم انه يقدم أجزاء او مقاطع من حياتهم،،وربما فكر بعضهم في صناعة فيلم عن عائلته ،وهذا هو التأثير الاهم. 

 

الأهالي المصرية في

10.12.2019

 
 
 
 
 

محمد حفظي: لن ندفع المال لجذب النجوم العالميين

ضحى السعفي

للعام الثاني على التوالي، يواصل محمد حفظي ترؤس «مهرجان القاهرة السينمائي الدولي»، حاملاً رؤية جديدة وطموحاً وإصراراً على تجاوز جميع العقبات التي صاحبت المهرجان في دورات سابقة. محمد حفظي أصر على أن تكون الدورة الـ41 مهداة للناقد السينمائي الراحل يوسف شريف رزق الله، الرئيس الأسبق للمهرجان في لمسة وفاء لتاريخه الفني. «زهرة الخليج» التقت حفظي في حوار تحدث فيه بصراحة عما يحيط بالمهرجان من أسرار، أبرزها غياب النجوم العالميين، وتأثير «مهرجان الجونة السينمائي». ونسأله:

        ما الخطوات التي رسمتها لإدارة مهرجان بحجم مهرجان «القاهرة السينمائي»؟

في بداية ترؤسي للمهرجان في دورته الأربعين العام الماضي، تعلمت من خبرات وتجربة الفريق الذي سبقني وعلى رأسهم الراحل يوسف شريف رزق الله، حيث رأيت حينها أن المهرجان يحتاج لخبرات أخرى وينقصه فكر جديد، وأساليب إدارة جديدة مثل مهرجانات العالم، إذ كان من الضروري أن يسهم المهرجان في دعم صناعة السينما، من خلال ورش وندوات تتيح للجميع تبادل الخبرات، واستكشاف الجديد في هذا العالم، إضافة إلى أن المهرجان يلعب دوراً في دعم الصناعة المحلية والعربية، ويشجع المخرجين وشركات الإنتاج والتوزيع، ليشاركوا بأفلامهم وليطلعوا على مشاريع جديدة تستحق الإنتاج، وتكون قادرة على التنافس في السوق العالمية.

تغيير

        إلى أي مدى نجحت في تغيير شكل المهرجان؟

اعتقد أننا نجحنا إلى حد كبير في تغيير الخطوط العريضة للمهرجان، ففي الدورة الـ41 للمهرجان عرضنا 20 فيلماً طويلاً لأول مرة في تاريخ «مهرجان القاهرة السينمائي»، كما أسهمنا في إخراج الكثير من الأفلام إلى النور، وسعينا لاستقطاب ودعم الأفلام الجديدة واكتشاف المواهب، لتخريج جيل جديد قادر على صنع أفلامه، في الوقت ذاته عرضنا إنتاجات عالمية مختلفة من أجل التعلم من تجارب الدول الأخرى.

        كيف ترى تأثير «مهرجان الجونة» في «القاهرة السينمائي»؟

«الجونة» يعتبر مهرجاناً منافساً لنا، كونه يستطيع إحضار أفلام جيدة بحكم الميزانية الضخمة المخصصة له، أي أنه منافس قوي وناجح، في المقابل يمتلك «مهرجان القاهرة السينمائي» تاريخاً طويلاً ويمتلك حضوراً جماهيرياً أكبر، بحكم أن المهرجان يقام في القاهرة الأكثر سكاناً وحركة.

جمهور

        كيف تقيّم الإقبال الجماهيري على المهرجان؟

استطعنا خلال الدورتين السابقتين أن نضاعف عدد المشاهدين مقارنة بالسنوات الماضية، ووصلنا في بعض الأفلام إلى صالات كاملة العدد، واضطررنا في الكثير من المرات إلى تخصيص مشاهدة ثانية للأفلام تلبية لرغبة الجمهور، وهذا في حد ذاته نجاح؛ لأن المهرجان مخصص للجمهور في الأساس.

        كم تبلغ ميزانية «مهرجان القاهرة السينمائي الدولي»؟

تقترب ميزانية المهرجان من 40 مليون جنيه، ووزارة الثقافة المصرية دعمت المهرجان بـ16 مليون جنيه.

        ما المعايير التي تتحكم في الاختيار؟

الجودة الفنية في الأساس، ثم أن تكون الأفلام جيدة على مستوى الشكل والسرد وغيرهما.

        لاحظنا في هذه الدورة غياب نجوم ومشاهير عالميين تعودنا أن نراهم في الدورات السابقة، فما السبب؟

فضلنا أن نخصص جميع الموارد المالية، لزيادة عدد الأفلام المشاركة، واستضافة العديد من الباحثين والعاملين في ميدان السينما من أجل المشاركة بإلقاء دروس في الفن السينمائي، ولن ندفع لأحد كي يشارك في المهرجان من نجوم العالم.

بطاقة

مدير «مهرجان القاهرة السينمائي الدولي»، الكاتب والسيناريست محمد حفظي، هو منتج سينمائي مصري حائز العديد من الجوائز، قام بكتابة وإنتاج ما يقارب 30 فيلماً روائياً، في مارس 2018 تم تكليفه من قبل وزيرة الثقافة المصرية، الدكتورة إيناس عبد الدايم، بمسؤولية رئاسة المهرجان بدورته الأربعين، مما يجعله أصغر رئيس في تاريخ المهرجان.

 

زهرة الخليج الإماراتية في

13.12.2019

 
 
 
 
 

عالمية «القاهرة السينمائي» بين مفاجأة وزيرة الثقافة وغناء «الهضبة»

ضحى السعفي

أسدل نهاية نوفمبر الماضي الستار على أحداث الدورة الحادية والأربعين من «مهرجان القاهرة السينمائي» أحد أعرق المهرجانات السينمائية حول العالم، حيث تزينت دار الأوبرا المصرية بأبهى الحلل لاستقبال ضيوف المهرجان من النجوم والإعلاميين والنقاد، كما تنافست النجمات على الظهور على السجادة الحمراء، بما يلفت الأنظار إلى فساتينهن وإطلالاتهن، أبرزهن حلا شيحة ولقاء الخميسي ورجاء الجداوي وليلى علوي والراقصة دينا ورانيا يوسف ونادية الجندي ومنى زكي وهند صبري وغيرهن، وعلى مدى تسعة أيام، قدم المهرجان مواد سينمائية دسمة إضافة إلى ورش وندوات ومعارض متنوعة، رصدت «زهرة الخليج» كواليسها.

اعتراف منة شلبي

قالت النجمة المصرية منة شلبي إن الكثير من الشخصيات التي قدمتها سينمائياً سببت لها اكتئاباً، مؤكدة أنها كانت تذهب لطبيب نفسي للتخلص من آثار تلك الشخصيات، وأضافت في معرض حديثها عن تجربتها في التمثيل، خلال ندوة صحفية أقيمت لها بمناسبة حصولها على «جائزة فاتن حمامة للتميز»، أنها تستعد حالياً لخوض تجربة تمثيل جديدة لدور من نوعية «السايكودراما»، مشيرة إلى أنه سيكون دوراً مختلفاً عن جميع ما قدمته في السابق.

طلب شريف عرفة

أكد المخرج المصري شريف عرفة خلال ندوة تكريمه، أنه يقدم أفلامه للجمهور وليس للمهرجانات، راجياً من الصحفيين أن يبتعدوا عن الكتابة حول إيرادات الأفلام وتجاهل النجاح الفني، مشيراً إلى أن نجاح الفيلم لا يعتمد فقط على المداخيل، بل من الممكن أن ينجح عمل من دون أن يحقق إيرادات ضخمة، لكنه مقابل ذلك ينجح على المستوى الفني.

مفاجأة وزيرة الثقافة

عبرت وزيرة الثقافة المصرية، الدكتورة إيناس عبد الدايم، عن تفاجئها من الإقبال الجماهيري الكبير من قبل الشباب لمتابعة الأفلام التي عرضت، وذلك خلال افتتاحها معرض (القاهرة.. أحبك) الذي أقيم على هامش المهرجان، وأكدت عبد الدايم أن المعرض، الذي استعرض تاريخ مصر السينمائي، يدعو إلى التفكير مرة أخرى بكيفية استعادة مكانة مصر في ميدان الإنتاج السينمائي.

مؤهل للأوسكار

أشار رئيس مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، محمد حفظي، إلى أنه تم اختيار «مهرجان القاهرة السينمائي الدولي»، ضمن المهرجانات المؤهلة للفوز بجوائز الأوسكار، حيث تلقى المهرجان دعوة من أكاديمية الأوسكار تفيد أنه بداية من عام 2020 سوف يتم اختيار الفيلم الفائز في مسابقة الأفلام القصيرة ليكون من الأفلام المرشحة للأوسكار، مؤكداً أن «القاهرة السينمائي» هو المهرجان العربي الوحيد الذي سيتمتع بهذه الصفة، وأضاف حفظي: «هذا الاختيار يؤكد عالمية مهرجان القاهرة السينمائي».

الهضبة يغني للسينما

أقام المهرجان حفلاً للترحيب بضيوف المهرجان، أحياه الفنان عمرو دياب في أحد المنتجعات السياحية في مدينة زايد بالقاهرة، وحرص دياب على أن يلبي طلبات جمهوره من الفنانين، وشهد الحفل تفاعلاً لافتاً، من قبل كوكبة كبيرة من الفنانين أمثال إلهام شاهين وحسين فهمي وكندة علوش وزوجها عمرو يوسف ومنى زكي وأحمد حلمي وهنا الزاهد وتامر هجرس ولبلبة وغيرهم من النجوم.

واقع الممثلين العرب

في طريقة جديدة لتطوير تقديم فقرات افتتاح المهرجان، قدم الممثل خالد الصاوي فقرة تمثيلية كوميدية لخص فيها واقع الممثل في العالم العربي، ومروره بالعديد من العقبات التي تتلخص في تحكم المنتج في سير العمل، واضطرار العديد من الممثلين إلى قبول أدوار، قد لا تضيف لهم شيئاً فقط لضمان الاستمرارية والاستقرار المادي، هذه الفقرة صفق لها الممثلون الموجودون في القاعة طويلاً، وكأنها إشارة إلى معاناة مشتركة تعيشها النخبة من دون أن يعرف الجمهور تفاصيلها.

 

زهرة الخليج الإماراتية في

14.12.2019

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004