كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

"أيام قرطاج السينمائية"..

مشاركة مصرية مختلفة

بقلم: أسامة عبد الفتاح

أيام قرطاج السينمائية الثلاثون

   
 
 
 
 
 
 

** هشام صقر وشادي فؤاد في المسابقة وتامر عزت ومنى أسعد خارجها ومحمد صيام في لجنة التحكيم يرفعون شعار الشباب والدماء الجديدة

تُختتم مساء السبت المقبل بمسرح الأوبرا بمدينة الثقافة في تونس العاصمة دورة "نجيب عياد" من مهرجان "أيام قرطاج السينمائية"، والتي شهدت مشاركة مختلفة تخرج عن السياق التقليدي للتركيز والبحث عن النجوم والأسماء الراسخة، سواء من خلال أعمالها بالمسابقات الرسمية أو خارج المسابقة، أو من خلال وجودها شخصيا كضيوف شرف وأعضاء في لجان التحكيم.

رفعت المشاركة المصرية – في هذه الدورة الثلاثين من المهرجان العريق – شعار الشباب والدماء الجديدة، ففي المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة، شارك الفيلم المصري "بعلم الوصول"، وهو العمل الروائي الطويل الأول للمخرج هشام صقر، ويواجه منافسة شرسة على الجوائز مع 11 عملا آخر منها أفلام مهمة حققت نجاحا في مهرجان "كان" الأخير، وهي: الجزائري "بابيشا" لمونيا مدور، والمغربي "آدم" لمريم التوزاني، اللذان شاركا في مسابقة "نظرة ما"، والجزائري الآخر "أبو ليلى" لأمين سيدي بومدين، الذي عُرض في أسبوع النقاد، والسنغالي "الأطلنطي" لماتي ديوب، الذي فاز بجائزة "كان" الكبرى في مفاجأة كبيرة وقتها.

وتزداد المنافسة شراسة مع اشتراك الفيلم السوداني "ستموت في العشرين" لأمجد أبو العلاء، الفائز بذهبية مهرجان الجونة الأخير، والتونسي "هند تحلم"، الفائز بجائزة أحسن ممثلة لهند صبري من نفس المهرجان في سبتمبر الماضي. ومن الواضح أن الانحياز للشباب ليس صدفة، حيث يلفت النظر في مسابقة "الروائي الطويل" أن ثمانية من أصل 12 فيلما تشارك فيها أعمال أولى لمخرجيها، مما يشير إلى اهتمام المهرجان بالمواهب والدماء الجديدة وتشجيعه لها.

وتمتد الدماء المصرية الجديدة إلى مسابقة الأعمال الروائية القصيرة، التي يتنافس فيها الفيلم المصري "حبيب" مع 11 فيلما آخر أيضا، وهو الفيلم الروائي القصير الثاني للمخرج الشاب شادي فؤاد بعد "بين صيف وشتا" الذي شارك أيضا في مسابقة نفس الفئة في قرطاج العام الماضي. ويقوم ببطولة الفيلم الجديد كل من سلوى محمد علي وسيد رجب، الذي حضر العرض العالمي الأول للعمل في تونس.

ويستمر "خيار الشباب" في "الأيام" هذا العام مع مشاركة خمسة أعمال أولى لمخرجيها في مسابقة الأعمال الوثائقية الطويلة من أصل 12 فيلما أيضا من بينها السوداني "الحديث عن الأشجار" لصهيب قسم الباري، الفائز بذهبية مهرجان الجونة لتلك الفئة، والسوري "من أجل سما"، لوعد الخطيب وإدوارد واتس، والذي كان ضمن الاختيار الرسمي في مهرجان كان هذا العام في قسم "عروض خاصة"، والتونسي "الغياب" لفاطمة الرياحي.. ويختفي رقم (12) في مسابقة الأفلام الوثائقية القصيرة، حيث يشارك فيها 8 أفلام فقط من كل من: تونس (عملان) ولبنان (عملان) والجزائر وسوريا والسنغال والكاميرون.

وفي العروض الرسمية خارج المسابقة، يشارك الفيلمان المصريان "لما بنتولد" و"في ستوديو مصر" لتامر عزت ومنى أسعد على الترتيب، واللذين لا يصح القول بأنهما من الشباب، حيث ينتمي الأول لجيل الوسط فيما تُحسب الثانية على جيل الكبار، لكنهما من الدماء الجديدة في السينما المصرية، حيث أن "لما بنتولد" هو الفيلم الروائي الطويل الثاني لتامر عزت بعد "الطريق الدائري" (2010)، و"في ستوديو مصر" هو الفيلم الوثائقي الطويل الأول لمنى أسعد.. كما يُعرض في إطار نفس القسم الفيلمان: اللبناني "1982" لوليد مونس، والمغربي "التائهون" لسعيد خلاف.. وفي قسم "عروض خاصة"، يقدم المهرجان الفيلم التونسي "قبل ما يفوت الفوت"، لمجدي الأخضر، في عرضه العالمي الأول.

واستحدثت إدارة "الأيام" قسما بعنوان "شتات" يشارك فيه ستة أفلام من بينها "البؤساء"، إخراج لادج لي، الفائز بجائزة لجنة التحكيم الخاصة من مهرجان كان في مايو الماضي. ويلقي "قرطاج" نظرة على السينما التونسية يعرض من خلالها خمسة أفلام طويلة وأربعة أفلام قصيرة.

وتأتي المشاركة المصرية في لجان التحكيم من خلال الشباب أيضا، حيث اُختير المخرج محمد صيام عضوا في لجنة تحكيم الأفلام الوثائقية، والمعروف أنه عضو في الأكاديمية الأمريكية لعلوم وفنون السينما التي تمنح جوائز الأوسكار.. واللجنة يرأسها مدير صندوق مينا للاعلام "جيروم جاري"، ومن بين أعضائها مدير أيام قرطاج السينمائية لسنة 2012 "محمد المديوني" والناقدة السينمائية "دجيا مامبو"، إلى جانب المخرج "جون ماري تينو".. فيما يرأس لجنة تحكيم العمل الأول (جائزة الطاهر الشريعة) المنتج الفلسطيني / السويدي ومدير مهرجان مالمو للسينما العربية "محمد قبلاوي"، ويشاركه كل من الممثلة والمنتجة التونسية "أنيسة داود" والسينمائي "جويل كاركازي".

أما لجنة التحكيم الكبرى فيرأسها المخرج السنغالي الفرنسي "آلان جوميز" وتضم في عضويتها المخرج التونسي "محمود بن محمود" والسينمائي الياباني "فوكادا كودجي" والمخرجة المغربية "مريم بن مبارك" والممثل الجزائري "حسن كشاش" والسينمائية "تسيتسي دانجارمبجا" من زيمبابوي والممثلة اللبنانية "ياسمين خلاط".. وتقوم جميع لجان التحكيم بمهمة صعبة نظرا لقوة الأفلام المتنافسة.

 

جريدة القاهرة في

29.10.2019

 
 
 
 

افتتاح مبهج لـ"جهات قرطاج" في بنزرت

رسالة تونس: أسامة عبد الفتاح

** فقرات موسيقية وعروض راقصة للطلبة.. وزفة بالـ"كارتات".. وتكريم الضيوف بـ"عروس سجنان"

انطلقت مساء أمس، بولاية بنزرت التونسية، "أيام قرطاج السينمائية" (دورة نجيب عياد) في "الجهات"، أو في الأقاليم، وذلك في يوم – وليس مجرد حفل – افتتاح جميل ومبهج بدأ باستقبال فرق الموسيقى العسكرية، المكونة من طلبة مدارس الولاية، للضيوف القادمين من تونس ومن خارجها، ومن ضمنهم الوفد المصري، بعزف مقطوعات من الموسيقى التونسية، ثم استقبل والي بنزرت، محمد قويدر، الضيوف في مقر الولاية، حيث شرح لهم تاريخ بنزرت خاصة في مجال الفنون والثقافة.

وانتقل الضيوف بعد ذلك، في زفة موسيقية بالـ"كارتات" التونسية الحمراء التي تجرها الجياد، إلى دار ثقافة "الشيخ إدريس"، حيث كانت في استقبالهم عروض "بانتومايم" موسيقية، وأخرى غنائية، قدمتها فرق مكونة من طلبة الجامعات في الولاية.

وتم – في دار الثقافة التي شرح الوالي أنها كانت أصلا كنيسة في زمن الاحتلال الفرنسي – تكريم الضيوف بمنحهم عرائس "سجنان" الشهيرة التي تصنعها نساء الولاية من الفخار، والتي سُجلت – العام الماضي – ضمن التراث الثقافي غير المادي لمنظمة اليونسكو، وكانت أول ملف تتقدم به تونس ويُسجل بعد غياب 20 سنة عن اليونسكو، كما كان تسجيلها خطوة مهمة نحو إعادة الاعتبار للشأن الإبداعي الحرفي وتثمين إسهاماته في إثراء المشهد الثقافي التونسي وإخراج فخار "سجنان" – وهي إحدى مدن الولاية – من نطاق المحلية إلى العالمية.

وتوجه الضيوف في نهاية الحفل، الذي يُعد افتتاحا ثانيا لـ"الأيام" التي تم افتتاحها رسميا السبت الماضي، إلى قاعة عرض دار الثقافة، الممتلئة عن آخرها بالجمهور، لمشاهدة فيلم الافتتاح "الغياب" للمخرجة التونسية فاطمة الرياحي، وهو مشارك في المسابقة الرسمية للأفلام الوثائقية الطويلة، ويدور حول التونسي "توفيق" الذي شارك في القتال في حرب البوسنة ضد القوات الصربية، لكنه دخل السجن لمدة ست سنوات بعد عودته إلى تونس، لترحل زوجته إلى البوسنة وتتركه مع بناته الثلاث، ليجد نفسه مسئولا عنهن، وتتنازعه الرغبة بين رعاية بناته وبين الانتقام ممن دمر حياته، ويعاني – في هذا الإطار – صراعا يوميا يعذبه.

ويأتي مشروع "أيام قرطاج في الجهات" تنفيذا لسياسة تجاوز حدود العاصمة، وامتداد خدمات وأنشطة المهرجان إلى جمهور المدن والمحافظات الأخرى المتعطش إلى السينما والفنون بشكل عام.

من ناحية أخرى، عُرض مساء أمس، في إطار المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة بمهرجان قرطاج، الفيلم المصري "بعلم الوصول"، تأليف وإخراج هشام صقر، بطولة بسمة ومحمد سرحان وبسنت شوقي، والذي يدور حول "هالة" التي صارت أمّا لتوها، وتعاني - مع الضغوط التي يحتمها عليها كونها أمّا - اعتلال صحتها العقلية، وحزنها على فراق والدها، وسجن زوجها الذي تحاول إخراجه من السجن.. وفي يوم تعثر على رسالة تجعلها تغير أفكارها.

 

الأهرام المسائي في

29.10.2019

 
 
 
 
 

مهرجان قرطاج السينمائي..زخم البرمجة وشغف الفرجة!!

تونس: عبد الإله الجوهري

53 سنة من العطاء السينمائي و30 دورة انتصرت في مجملها للسينما العربية ومعها السينما الإفريقية

قراءة سريعة لبرنامج الدورة يجعل القارئ المتتبع يعرف أنه أمام دورة غنية بالفعاليات والأنشطة واللقاءات والأفلام المشاركة القادمة من دول عربية وإفريقية، إضافة لأفلام ممثلة لبلدان عالمية عديدة في فقرات مختلفة متباينة يصعب حصرها في عجالة، حيث تمت برمجة مائة وسبعون فيلما قادما من 40 دولة موزعة على القارات الخمس، أفلام مستقلة تعكس جرأة زماننا من خلال ما تمرره من قوة وقسوة وجمال وعقد. لهذا تؤكد السيدة لمياء قيقة، المندوبة العامة للمهرجان من خلال قولها “إن أيام قرطاج السينمائية كواجهة للسينما المغايرة، تمكننا من مشاهدة حواديثنا وواقعنا من زوايا تحلت أكثر من أي زمن آخر بحلية المنحى الكوني”.

زخم في العروض والأنشطة واللقاءات المهنية، يترجم بالملموس الشغف الكبير لمنظمي المهرجان، بما يقومون به ويؤمنون، مثلما يعكس الإرادة التونسية في القول والفعل وتسطير أرضية نحو الخلق، من خلال فتح الباب على مصراعية للطاقات الشابة القادمة بقوة، الطاقات الصانعة لسينما الغد، في هذا الصدد كتب مدير المهرجان الراحل نجيب عياد، قبل رحيله “أيام قرطاج السينمائية هي ثلاثة وخمسون عاما من الاكتشافات والتفاعلات والنقاشات العاصفة أحيانا، والبناءة والمثيرة دائما، بين الأجيال من المخرجين الموهوبين في الجنوب. يغذي السينمائيون الشبان اليوم قيم أيام قرطاج السينمائية، يسيرون على خطى الكبار، ويقترحون أساليب فنية مبتكرة، دائما ما تبقي الجماهير في أكبر مهرجانات السينما مبهورة ومندهشة”.

نعم، ثلاثة وخمسون سنة من العطاء السينمائي، وثلاثون دورة بالتمام والكمال، دورات في مجملها انتصرت للسينما العربية ومعها السينما الإفريقية، وشكلت وعي أجيال وأجيال، هذه الأجيال هي السند الحقيقي للمهرجان وقوته الضاربة، حيث يندر أن تجد قاعة من القاعات العديدة المبرمجة للأفلام، دون حشود من الجماهير القادمة للمساهمة والمشاهدة، حشود لا تيمز بين عروض المسابقات الرسمية وعروض السينما الضيف أو غيرها من العروض، لحد أن الإعجاب والانبهار بهذا الوعي السينمائي يجعلك ترفع القبعة عاليا لجماهير تونس ووعيها الخلاق في مساندة فعل ثقافي سينمائي جاد، مثلما تفرض الذهاب باكرا للقاعات لحجز مقعد وإلا بقيت في الخارج تمضغ أحزان الوقت وتندب الحظك  عدم المشاركة والمساهمة في فرجة جماعية قل نظيرها في المهرجانات العربية والإفريقية.

ملاحظة لابد من الإشارة إليها في نهاية هذه الورقة، تتمثل في المساهمات والحضور النسائي الوازن، حيث تؤكد المندوبة العامة للمهرجانفي هذا الصدد “مرة أخرى، الأنوثة السينمائية الرقيقة تفرض نفسها، سنشاهد مجموعة من الأعمال النسوية ذات مصادر مختلفة معالجة مواضيعها بلغة متجددة وأساليب تقنية فاعلة دون عقد أو تكلف”، صحيح، فالمساهمة النسائية جد كبيرة، نساء ونساء وراء الكاميرا سواء كمخرجات أو تقنيات في مهمات مختلفة حضرن بقوة لتقديم أعمالهن، تتقدمهم ثلاث مخرجات مغاربيات شابات وازنات، وهن مريم التوزاني بفيلمها “آدم” من المغرب، ومونية المدور بفيلمها “بابيشا” من الجزائر، وهند بوجمعة بفيلمها “نورة تحلم” من تونس، إضافة للممثلات اللواتي يضفن على أيام المهرجان رونقا خاصا بأناقتهن و سحرهن القاتل..

 

موقع "بيت الفن" في

29.10.2019

 
 
 
 

الجمال والأزياء سلاح باتر ضد الإرهاب!

طارق الشناوي

فى المهرجانات الكبرى يتفاخرون عندما يقترب عدد النساء المخرجات من الرجال، خاصة المسابقات الرئيسية، وعندما يتضاءل تواجد المرأة يعتذرون، قائلين إنهم لا يطبقون فى الفن نظام (الكوتة)، وهو ما ينبغى بالفعل أن يسود المنظومة الإبداعية، مع الزمن سوف يسقط شعار (البقاء للأقوى)، ليصبح (البقاء للأجمل) لأن الإبداع الجمالى فيه تكمن القوة.

مهرجان القاهرة مثلا وقع ميثاق (50 50) والذى يقضى بالمساواة بين الرجال والنساء فى العمل والإدارة والأفلام، اكتشف أنه داخل هيئته التنظيمية ما يتجاوز 70% من النساء، ولم يتعمد أحد ذلك، وكأن الرجل هم المستفيد الأول من (50 50)، فهو الذى سيطالب بالمساواة!!.

وبرغم تحفظى على تقييم مسابقات المهرجان بتلك النسبة التى تحمل ظلما للمرأة، حيث يبدو كأن المشاركة رسميا تنحاز للأنثى لمجرد كونها أنثى، بينما فى الإبداع الساحة مفتوحة للجميع. هذه النسبة مثلا أراها متحققة فى أفلام (قرطاج)، كما أن عدد النساء فى الإدارة التنظيمية، بدون العودة لإحصائيات رقمية موثقة تبدو أيضا لها النصيب الأكبر.

فى عالمنا العربى المتهم أصلا بازدراء المرأة، تجد المرأة فى عدد من المواقع وقد تقدمت الصفوف، الشارع التونسى مثلا وعلى باب دور العرض التى تُقدم أفلام المهرجان، تكتشف أن المرأة تُشكل الأغلبية، عندما يحتاج الأمر إلى إعلان الثورة، تجد أن المرأة أيضا تتقدم الصفوف.

على الجانب الآخر تضاءل عدد النساء المصريات فى المهرجان، أفلامنا لمخرجين، لكن هذا طبعا لا يعنى سوى أنها الصدفة ليس إلا.

بينما داخل المسابقة الرسمية لقرطاج تحقق هذا التوازن غير المقصود قطعا.

ومن بين الأفلام المهمة نتوقف أمام (بابيشا) للمخرجة الجزائرية منية مدور فى أول عمل درامى طويل، هناك أحداث لا يمكن أن تغيب عن الذاكرة الجماعية للشعوب، تتعاقب السنوات وتتغير المواقف، وتتبدل السياسات، بينما تظل قادرة على الحضور، كأنها صورة ثابتة، بسبب ما أسفرت عنه من أثر نفسى ومادى عصى على النسيان، (العشرية السوداء) بالجزائر، تلك السنوات العشر التى بدأت مع مطلع التسعينيات فى هذا البلد العزيز علينا، ونظمتها الجماعات الإرهابية المتطرفة، وهى تسعى لتغيير ليس فقط هوية الدولة بقدر ما تغتصب هوية الشعب، القتل والدمار والدماء خبزهم اليومى، وبعدها، وبضمير مستريح، ينطقون الشهادتين، لهم نفس الملامح والعقيدة الدموية ولديهم نفس النظرة التى تشعرك بأنهم يضعون عيونا لاصقة تُطل على الموت والدمار!!.

سبق أن عُرض فيلم (بابيشا) فى قسم (نظرة ما) بمهرجان (كان)، وهو يستعيد تلك الأحداث من خلال عين فتاة فى الـ18 من عمرها تنتظرها الدنيا، بينما قد أصدروا أمرا ينهى رصيدها من الدُنيا، هى واحدة من شهود وشهداء الإرهاب، سلاحها الباتر هو تصدير الجمال، من خلال عملها بالأزياء، قررت التحدى وأقامت معرضا، يبدو للوهلة الأولى أنه ملابس المرأة، لكن كانت تلك هى الوسيلة التى تواجه بها الإرهاب، هم يريدون للمرأة أن تنتقب، ويا حبذا لو ظلت حبيسة البيت، (بابيشا) كلمة باللهجة المحلية الجزائرية تعنى الفتاة الجميلة التى لا ترتدى حجابا.

استعادت المخرجة الجزائرية سنوات الإرهاب الدموى، الذى ظل حاضرا دوما فى المشهد السينمائى، صحيح أن الجزائر فى نهاية الأمر أطاحت بالإرهاب، بعد أن تولى الرئيس السابق، عبدالعزيز بوتفليقة، دفة الحكم، ثم أطاح الشعب ببوتفليقة والمجموعة الحاكمة، عندما أرادوا البقاء للأبد، فجاءت ثورة الجزائر السلمية فى الشارع من أجل الديمقراطية والتى أراها هى السياج الحقيقى ضد التطرف، الذى تنمو بذوره فى عهود الديكتاتورية.

المتطرفون يرصدون كل أماكن الحياة والترفيه مثل النوادى والمقاهى ويعتبرونها من أهدافهم الرئيسية، المخرجة الجزائرية، مونية مدور، اختارت أن تُقدم بُعدا أعمق للصورة، وهو التحدى بالجمال من خلال معرض أزياء نسائى (ديفيليه) تسعى لإقامته بطلة الفيلم، وتدعى نجمة، بينما المتطرفون يعاقبون أى فتاة لا ترتدى فى الشارع، الحجاب، ولديهم قوائم بكل من يمارس الفن و الأدب والإعلام والصحافة يعتبرونه مروجا للرزيلة، عداؤهم للمرأة هو البند رقم واحد فى ميثاقهم الدموى، وجريمتها أنها امرأة.

بطلة الفيلم تحلم بـ(ديفيليه) ترتدى فيه الفتيات الجزائريات أحدث وأجمل الأزياء فى تحدٍ مباشر للإرهاب، كانت تعلم أنها ستواجه الموت حتما لكنها لم تتراجع.

الذروة التى قدمتها المخرجة هى إقامة معرض للأزياء، وفى تلك اللحظة يشهرون بنادقهم ويسنون سيوفهم ويلطخون الجمال بالدماء كأنهم قد حملوا تفويضا بقتل البهجة، الجمال هو العدو الأول لمغتصبى الحياة، الفيلم لا ينتهى مع اندحار التطرف لكن ما حرصت عليه المخرجة، التى كتبت أيضا السيناريو، أن إرادة التحدى تتجسد فى إشهار سلاح الجمال، الفيلم يتحرك دراميا وإخراجيا فى دائرتين حكاية البطلة وحكاية الشارع، فكانت عين المخرجة تنتقل بين الساحتين المتداخلتين، ما يمارسه الإرهابيون فى الشارع ما تخطط له البطلة التى لم تتنازل عن حلمها، حتى ولو كان الثمن حياتها وأطلقت تغريدتها الأخيرة فى وجه الظلام والقبح!!.

tarekelshinnawi@yahoo.com

 

المصري اليوم في

29.10.2019

 
 
 
 

"الحبل السري" فيلم سوري ينتصر لإرادة الحياة

نضال قوشحة

الفيلم يقتحم عالم المرأة، للبحث عن بعض الظروف القاسية التي عاشتها في زمن حرب ضارية بعيدا عن مجالات السياسة وتشعّباتها.

دمشق – يعتمد الفيلم القصير “الحبل السري”، على لغة الرمز، التي تعدّ أحد أهم حوامل الفن السينمائي، وذلك من خلال اعتماد مخرجه السوري الليث حجو في تكوينه وبنيته على إيصال فكرة ما من مرسل إلى ذهن المتقبل عبر منظومة متسقة من الدلالات والإشارات البصرية التي تتناغم معها تنويعات وإضافات صوتية بشكل محدد، يتغير ويتطوّر وضعها مع ثقافة المخرج وموهبته وفهمه لحقيقة الفن الذي يتعامل معه.

هكذا قدّم الليث حجو المخرج التلفزيوني الشهير بمعية الكاتب الشاب رامي كوسا تجربتهما الأحدث “الحبل السري”. حيث يقتحم الفيلم عالم المرأة، للبحث عن بعض الظروف القاسية التي عاشتها في زمن حرب ضارية، دمرت البشر والحجر بعيدا عن مجالات السياسة وتشعّباتها.

وليد وندى، زوجان سوريان ينتميان إلى شريحة ما، في مكان ما، لكنهما ينتميان بالتحديد إلى زمن الحرب، الذي وضعهما على أبواب مصير مفجع. الزوجان يعيشان في منطقة تماس عسكري. وهما مع قلة من الناس التي ما زالت تعيش في حي شبه مهدم، وهناك قناص، مجهول الانتماء في الفيلم، لا يسمح لأحد بالحركة ضمن هذا الخراب.

يبدأ الفيلم بلقطات تصوّر حطام الحياة العادية التي تعيشها هذه الأسرة، فالرجل يجفّف بعض أوراق التبغ في شباك بيته، ثم يفتّت إحداها ويلتقط قطعة ورق من بقايا دفتر هواتف ليجعل منهما لفافة تبغ، يشعلها، ثم لا يلبث أن يسعل بشدة بعد أول عملية سحب منها. لتلاحق الكاميرا الزوجة وهي تغسل وجهها أمام مغسلة يتقاطر الماء فيها من أنبوب “سيروم طبي” موصول بعبوة بلاستيكية، تنظر في المرآة لتقرّر قصّ شعرها كي تتفادى غسله بالماء لكونه غير متوفّر.

الليث حجو يعتمد في تجربته السينمائية الروائية الأولى على الرموز والإشارات البصرية، ليروي ملحمة إنسانية

يحمل سيناريو الفيلم منعرجا ينقل الحدث نحو مساحة مفترضة مليئة بالحيوية. فجأة يخبر جار الشاب بأنه تحصل على خبز وسيرسل له رغيفا، يصعد وليد إلى الطابق الأعلى لنشاهد الجار وقد ربط الرغيف على حبل مركّب على عجلتين بحيث يمكن بسحب الحبل أن يتحرك إلى الطرف الآخر. وهذا ما يكون، وبالطبع فعين القناص التي لا تسمح بأي حركة تجري، تشاهد الرغيف وهو يتحرّك من جهة إلى أخرى، فيسدّد القناص نحوه ويطلق النار فيثقب الرغيف، لكن هذا لا يمنعه من الوصول إلى وليد الذي يتعامل معه فورا ويجهّز به رغم كونه مثقوبا وجبة طعام لزوجته وجنينها.

في المشهد سوريالية ومشهدية تحمل روح التحدي، وترمز إلى كون هذا الأمر وكأنه الحبل السري الذي يحافظ على حياة هؤلاء، فرغم الحصار والرغبة في القتل التي يريدها هذا القناص فإن الحبل السري الذي أوجده الناس قادر على إعطاء المزيد من الأمل في الحياة.

ويحمل السيناريو المحبوك معاني أهم ممّا سبق، إذ يُشكّل حالة تشويق مثالية. وذلك عندما تبدأ آلام الولادة عند ندى وسط حالة الارتباك الشديدة التي تطال الزوج، لكونها جاءت قبل موعدها بشهر، فالقابلة في الطرف الآخر بحيث لا تستطيع أن تأتي ولا يستطيع هو أن يذهب بها إليها لأن القناص لا يسمح بذلك.

وتحت ضغط آلام الوضع التي تطلقها الزوجة، وخطورة اللحظة يقرّر الزوج الطلب من القناص السماح لهما بالمغادرة، لكن إجابة القناص تكون بإطلاق الرصاص عليه، فيعود مستسلما لمأساته. وتحت رعب الخطر ونظرات جيرانه الذين يبعدون عنه أمتارا وأخطارا.

وعلى بعد خطوات تدلّه القابلة على كيفية إجراء الولادة. وتنجو المرأة وتلد بنتا تسمى نور، وفي هذا الاسم دلالة، فعسى أن يكون المستقبل نورا بعد هذا الزمن المليء بالظلمة.

ربما كان من المفترض تقليديا أن تنتهي قصة الفيلم عند هذه النهاية السعيدة، لكن روحا متهكمة عند كاتب السيناريو ومخرجه، تجعل النهاية في فضاء آخر قلّ نظيره في السينما العربية. ببساطة يقرّر الزوج متابعة إصلاح سيارته، ويفعل ذلك، فيحرّكها ويسدّ شباك السائق بقطعة ورق سميك بحيث يحجب الرؤية عن القناص، ويكتب شيئا على غطاء السيارة/ الشاحنة. ويتركها تتحرّك مُنفردة.

تمرّ السيارة ويشاهدها القناص فيطلق النار على شباكها الذي لا يكون وليد وراءه، وعندما تتابع السيارة مرورها البطيء، تظهر العبارة التي كتبها الزوج للقناص، وهي شتيمة قاسية تقع عليه كالزلزال، فتستفزّه ويقوم بإطلاق وابل من الرصاص على السيارة، فيما تقوم الزوجة بإرسال كيس من البرتقال إلى جارتها في الضفة الأخرى “حلوان” (هدية) ولادتها وسلامة مولودتها. وتكون نهاية الفيلم على هذا المشهد الذي يرمز بذكاء إلى فكرته الأصلية، وهي صراع إرادة الحياة مع إرادة الموت القادم من فوهة بندقية القناص، ليقدّم المخرج حلا دراميا إبداعيا لا يخلو من التهكم.

و”الحبل السري” فيلم من إنتاج الاتحاد الأوروبي، من تأليف رامي كوسا وإخراج الليث حجو، وتمثيل كلّ من: نانسي خوري، يزن الخليل، جمال العلي، ضحى الدبس وسناء سواح.

رامي كوسا، كاتب السيناريو، يعي تماما كيف يخدم فكرته من خلال وضعها في سياقات درامية تصل إلى الجمهور بشكل مختلف، الأمر الذي اعتمده المخرج الليث حجو في كاميراه بعيدا عن البهرجة البصرية، وهو الذي اعتمد لغة بسيطة عادية تنقل تفاصيل حياة هذه الأسرة بكثير من الدقة والشفافية، فخلق من الفيلم ثيمة هادئة بإيقاع متوازن، وزّع فيها الذرى الدرامية على امتداد زمن الفيلم. ولعل أحلى ما في الفيلم هو امتداد حالة التشويق فيه إلى آخر لحظة، ففي اللقطة النهائية يمكن للمتابع أن يفهم تماما قصدية الحكاية.

وعن السينما يقول مخرج الفيلم، الليث حجو، “السينما عالم مليء بالتكثيف والإمعان في التركيز للوصول بالمتلقي إلى مادة بصرية معبرة بوضوح دون الكثير من الحوار الفضفاض، في السينما شكل الطرح ومضمونه مختلفان تماما عن الدراما التلفزيونية”.

وما يدل على امتلاكه وجهة نظر مختلفة عن اشتغاله التلفزيوني المُعتاد، استخدامه في تجربته السينمائية الروائية الأولى له أسلوبا خاصا في البنية السمعية، حيث أوجد الليث حجو مؤثرات صوتية كانت تتضافر مع اللحظات البصرية لتشكلا معا جملة فكرية واضحة المعالم والأهداف.

كاتب سوري

 

####

 

الفاضل الجزيري يعود إلى المنافسة على قرطاج السينمائي بعد 31 عاما

صابر بن عامر

ثلاثة مخرجين يسعون إلى الحصول على التانيت الذهبي التاسع لتونس بأفلام عن الحب والحرب.

تنافس تونس بثلاثة أفلام روائية طويلة على جائزة التانيت الذهبي في الدورة الـ30 لمهرجان أيام قرطاج السينمائية التي انطلقت في السادس والعشرين من أكتوبر الجاري وتتواصل حتى الثاني من نوفمبر القادم، في سعي من البلد المنظم للحصول على التانيت الذهبي التاسع له منذ تأسيس الأيام في العام 1966 على يد السينمائي التونسي الراحل الطاهر شريعة.

 تونس – يعدّ فيلم “السفراء” للمخرج محمد الناصر القطاري أول فيلم يهدي تونس التانيت الذهبي لأيام قرطاج السينمائية في العام 1976، أي بعد عشرية من انطلاق المهرجان الذي تأسّس في العام 1966، وتطرّق الفيلم عصرئذ إلى ظاهرة الميز العنصري التي كان يتعرّض إليها العمّال الأفارقة والعرب في أوروبا.

وحصدت تونس بعد أول تتويج لها بالتانيت الذهبي على سبع أُخر، وهي تباعا: “عزيزة” لعبداللطيف بن عمار في العام 1980، و“ريح السد” للنوري بوزيد في العام 1986، وهو الوحيد من التونسيين الذي تحصّل على التانيت الذهبي في مناسبتين، وكان الثاني له في العام 2006 عن فيلمه “آخر فيلم”، كما تحصل فريد بوغدير على أرفع جوائز المهرجان في العام 1990 عن فيلمه “عصفور سطح”.

وفي العام 1994 تمكنّت المخرجة التونسية مفيدة التلاتلي من أن تكون أول مخرجة في العالم العربي وأفريقيا تتوج بالتانيت الذهبي لقرطاج السينمائي، عبر فيلمها “صمت القصور” لتلتحق بها بعد أزيد من عقدين كوثر بن هنية التي تحصلت في العام 2016 على التانيت الذهبي للأيام، وذلك عن فيلمها الوثائقي الطويل “زينب تكره الثلج”.

وكان آخر تتويج للسينما التونسية بتانيتها الذهبي الثامن، في العام 2018 المنقضي، عبر فيلم “فتوى” لمحمود بن محمود، وذلك بعد أن أصبحت الأيام تقام بشكل سنوي منذ العام 2014، وهي التي كانت تقام مرة كل سنتين، بالتداول مع أيام قرطاج المسرحية.

ثورة تتجدد

تراهن تونس في دورة هذا العام المهداة إلى روح نجيب عياد، فقيد السينما التونسية ومدير الأيام في الدورات الثلاث الأخيرة: 2017 و2018 و2019، بأفلام “قيرة” (الحرب) للفاضل الجزيري و“بيك نعيش” لمهدي برصاوي و“نورا تحلم” لهند بوجمعة، من أجل الظفر بتاسع تانيت للبلد المنظّم، وهي أفلام عن الحب والحرب.

بفيلم “قيرة” (الحرب) يعود المخرج التونسي المخضرم الفاضل الجزيري، للمنافسة على إحدى جوائز أيام قرطاج السينمائية التي سبق وأن فاز بتانيتها البرنزي بمعية المخرج الفاضل الجعايبي، شريكه في إخراج فيلم “عرب” في العام 1988.

وبعد 31 عاما بالتمام والكمال، يعود الفاضل الجزيري، وحيدا هذه المرة، للمنافسة على إحدى جوائز المهرجان وهو الذي سبق له أن افتتح دورة 2008 بفيلم “ثلاثون”، كما شارك في دورة 2016 بفيلم “خسوف” خارج المسابقة الرسمية.

ويبدو طموح الجزيري كبيرا هذه المرة للظفر بالتانيت الذهبي للأيام بفيلم استوحاه من مسرحية “صاحب الحمار” لعز الدين المدني والتي سبق له أن عرضها في العام 2012 ضمن فعاليات أيام قرطاج المسرحية.

والمسرحية التي كتبها المدني ما بين 1967 و1968 وقدّمها للمسرح لأول مرة الراحل علي بن عياد سنة 1969، أتت في فيلم الجزيري انعكاسا لقصة أبي يزيد بن خويلد الكدادي المعروف باسم “بوزيد صاحب الحمار”، لكن بعيدا عن القراءة الخطية للتاريخ، بل هي إعادة اشتغال عليه، حيث حفل الفيلم بمشاهد تشبه كثيرا واقع تونس الحالي الذي مهّد لثورة 14 يناير 2011 بتونس، مثل انطلاقها من الجنوب زيادة عن تقاطع الثورتين في عدة جوانب مثل البعد الثوري والاجتماعي والفكري وتدهور الوضع الاقتصادي والقدرة الشرائية.. إلخ.

وما يحسب لفيلم الجزيري الذي قدّمه في عرضه العالمي الأول، الأحد، بقاعة الأوبرا بمدينة الثقافة بتونس العاصمة، اشتغاله العميق على الرمز، فالثورة كانت محرّكتها المرأة، خامسة (آمنة الجزيري) وهي ابنة بوزيد (الطاهر عيسى بالعربي) المتعطّشة للقتل وسفك الدماء بداع أو دونه، ومن أنهتها أيضا، هي امرأة، عيشة (سارة الحناشي) التي بشّرت بالثورة المُضادة.

وفي إعلان صريح للراوي (سامي النصري)، في آخر الفيلم يؤكّد لعمّار (علي الجزيري) أن الثورات تتداول كل ثلاثين أو أربعين عاما، ما يعني أن كل الثورات مخطّط له مُسبقا ولا شيء يحصل بالصدفة، وعلينا انتظار عمر جليل جديد لنعيش ثورة أًخرى تنطلق من الشعب، ليستولي عليها الحكّام من جديد، ما يعني أن الثورات تتشابه وإن تقاطعت أسبابها. و“قيرة” في النهاية، هي رحلة الداعية، الذي ادعى محاربة الظلم وتحوّل إلى طاغية متعطش للدماء. وهو من بطولة الطاهر عيسى بالعربي وسامي نصري وسارة الحناشي وآمنة الجزيري ومعز بن طالب وعلي الجزيري.

وإن كان الفاضل الجزيري ينافس بفيلمه “قيرة” على تانيت قرطاج للمرة الثانية له بعد فيلم “عرب”، فإن كلا من مهدي برصاوي وهند بوجمعة ينافسان للمرة الأولى على أهم جوائز المهرجان بفيلمي “بيك نعيش” و“نورا تحلم” على الترتيب.

مشاركة أولى

يعدّ “بيك نعيش” الفيلم الروائي الطويل الأول لمهدي برصاوي تدور أحداثه في العام 2011 بتونس، حيث يعيش فارس رفقة زوجته مريم وابنه عزيز في انسجام دون منغصّات تُذكر، إلى أن تنقلب حياتهم فجأة إلى كابوس إثر وقوعهم في كمين في جنوب البلاد. فتجد الأسرة نفسها فجأة في جحيم حقيقي ليعصف باستقرارها وتنكشف بعض الحقائق التي ظلت مدفونة زمنا طويلا. والفيلم من بطولة سامي بوعجيلة ونجلاء بن عبدالله.

وعلى غرار مهدي برصاوي تقدّم هند بوجمعة في فيلمها الروائي الطويل الأول “نورا تحلم” تجربة إنسانية حول قصة أم لثلاثة أطفال، نورا، تعمل في محل لتنظيف الملابس والأقمشة، بينما يقضي زوجها، جمال، مدة عقوبته في السجن.

وتقابل نورا، بالصدفة شخصا، الأسعد، الذي يصبح حب حياتها، فتتغيّر نظرتها للحياة بشكل كامل. وأثناء فترة انتظارها استكمال إجراءات الحصول على الطلاق وقبل أيام قليلة من الموافقة على الطلب، يطلق سراح زوجها السجين، ممّا يزيد الأحداث تعقيدا عندما يقرّر الحبيبان الهروب بعيدا.

و”نورا تحلم” من بطولة كلا من لطفي العبدلي وحكيم بومسعودي وهند صبري التي تعود للمنافسة على جوائز المهرجان الكبرى بعد ربع قرن من أول مشاركة لها في فيلم “صمت القصور” للمخرجة التونسية مفيدة التلاتلي، حيث فازت صبري حينها بجائزة أفضل ممثلة وهي في ربيعها الرابع عشر.

هذا، وتتنافس الأفلام التونسية الثلاثة على الجوائز الكبرى لأيام قرطاج السينمائية في دورتها الثلاثين أمام كل من الفيلمين الجزائريين “أبو ليلى” لأمين سيدي بومدين و“بابيشا” لمنيرة مدور، والفيلم المغربي “آدم” لمريم توزاني، والفيلم المصري “بعلم الوصول” لهشام صقر، والفيلم السوري “نجمة الصبح” لجود سعد، والفيلم العراقي “شارع حيفا” لمهند حيال، و“سيدة البحر” للمخرجة السعودية شهد أمين، و“ستموت في العشرين” لمخرجه السوداني أمجد أبوالعلاء والفيلم السنغالي “أتلانتيك” لماتي ديوب.

صحافي تونسي

 

العرب اللندنية في

29.10.2019

 
 
 
 

صور وفيديو.. استقبال حافل لفيلم «حبيب» للفنان سيد رجب والمخرج شادى فؤاد

تونس : جمال عبد الناصر

استقبل الجمهور التونسى بمهرجان أيام قرطاج السينمائية الفيلم المصرى الروائى القصير "حبيب" للفنان سيد رجب والفنانة سلوى محمد على والمخرج شادى فؤاد استقبالا حافلا.

ونال الفنان سيد رجب تصفيقا حارا عقب صعوده على المسرح بمدينة الثقافة بقاعة دار الأوبرا قبل عرض الفيلم وقال للجمهور: أشكركم وأتمنى أن ينال الفيلم إعجابكم وتستمتعوا به.

وأضاف مخرج الفيلم وكاتبه شادى فؤاد: "هذه المرة الثانية التى أشارك فيها بمهرجان أيام قرطاج السينمائية، وأنا أحب هذا المهرجان، وأتمنى أن ينال الفيلم إعجاب الحضور". 

الفيلم تدور أحداثه حول "حبيب" وهو حلاق فى أواخر الستينات من عمره يعمل بصالون الحلاقة الخاص به، يكسر روتين يومه الطبيعى بمحاولة تنفيذ طلب غريب من زوجته، وخلال رحلته تتضح العديد من الصراعات النفسية التى يخوضها حبيب.

الفيلم بطولة سيد رجب، سلوى محمد على وعلى صبحى، إنتاج مشترك بين شركتى ريد ستار للإنتاج الفنى وS Productions، مدير التصوير جوزيف كرم، مونتاج محمد عيد، موسيقى أحمد الصاوى، ديكور لورا هانى وتأليف وإخراج شادى فؤاد.

 

عين المشاهير المصرية في

29.10.2019

 
 
 
 

هند صبري في «نورا تحلم».. ضعف القوة وقوة الضعف

عندما وقفت هند صبري لتسلم جائزة أحسن ممثلة في مهرجان الجونة السينمائي الثالث عن دورها في «نورا تحلم»، شكرت المخرجة التونسية هند بوجمعة لأنها «لم تخف على نورا من هند صبري»، مشيرة للرهبة النابعة من التصورات المسبقة، والتي تجعل غالبية مخرجي الأفلام المغايرة يحجمون عن عرض مشروعاتهم على النجوم خوفًا من رفضهم أو تأثيرهم السلبي على المشروع ونظام العمل.

حديث هند صبري مثير للشجون، فبعد أجيال كان نجوم بقيمة نور الشريف وأحمد زكي ومحمود عبد العزيز هم أبطال رافدي السينما السائدة والمغايرة، صار الانعزال الكامل بين النوعين أحد الأسباب الرئيسة في الشعبية شبه المنعدمة لأي فيلم جاد له توجه فني لا يستهدف شباك التذاكر. ليأتي نجاح هند صبري في «نورا تحلم» الذي ذهب لتورنتو وسان سباستيان قبله تتويجه في الجونة، فيعيد الأمل في مصالحة بين صناع السينما الجادة ونجوم السينما السائدة.

لكن من هي نورا؟ وكيف فهمتها وتعاملت معها هند صبري حتى صار فوزها بجائزة التمثيل أمرًا متوقعًا قبل إعلان الجوائز؟ هذا ما سنحاول الإجابة عنه في هذا المقال.

بلاغة التقديم أو الشعبية العاشقة

مع عناوين البداية نلمح ابتسامتها الواسعة.. عيناها الضاحكة تشي بسعادة واضحة.. ثم يتسع الكادر لنرى المزيد من التفاصيل: شعرها المصبوغ بصبغة رخيصة، العلكة التي تمضغها بطريقة سوقية، وملابسها التي تشير لعملها في مغسلة ما، والتي تفتحها لتُظهر مفرق صدرها في تناقض واضح مع زميلتها المجاورة، المحجبة التي تغلق ملابس العمل حتى الزر الأعلى.. المجموعة الثالثة من المعلومات تأتي من حديثها عن الحب بجوار زميلتها، وكوب القهوة الذي تسكبه برعونة على الغسيل النظيف ولا تهتم.

مجرد ثوان كانت كافية لنعرف الكثير عن نورا، عن مستواها الاجتماعي وعملها وطبيعتها الشخصية، وشعورها الحالي بالسعادة الذي لا تخجل منه أو تخفيه. هذه امرأة شعبية، قوية، تعيش حالة حب لا تهتم لما عداها، حالتها المادية غير مستقرة لكنها كما قلنا لا تهتم. صورة مثالية لبلاغة الاستهلال الذي تُقدم به المخرجة بطلتها العاشقة.

التتابع التالي يعرفنا أكثر عن علاقة الحب التي تعيشها نورا: تسير وراء حبيبها لا جواره، تُقبّله خلسة في مدخل بناية، ويصعدان لنعرف إنه عشيقها الذي يخوض معها اجراءات الطلاق من زوجها السجين، العشيق الذي تدافع عن وضعها معه بقوة وترفض وصاية الموظفة الحكومية التي تحاول أن تلفت نظرها لأن ما تفعله قد يكون خاطئًا.

دعك هنا من السمات الشكلية للشخصية، والتي أوضحنا كيف عبّرت دون صراخ عن الكثير من المعلومات الضرورية التي تقربنا منها، ولنتحدث عما قامت به هند صبري فيما لا يتجاوز الست دقائق من تجسيد يحقق هدفين أساسيين: الأول هو القدرة على ربط نورا بالواقع، تقديمها في «بروفايل» يمكن لكل مشاهد أن يجد فيه تماسًا مع امرأة قابلها في حياته، خادمة أو عاملة في صالون أو بائعة في محل. نمط ما ربما تندر مشاهدته على الشاشات لكنه متوافر بكثرة في الحياة الواقعية، بما يفتح باب التصديق والتماهي مبكرًا على مصراعيه.

الهدف الثاني هو التعبير اللحظي عن القوة، نورا هذه تعيش وضع القطة الشرسة المستعدة للهجوم من أجل الحفاظ على وليفها الذي تخالف الأخلاق السائدة وتُقدم على تحرك قانوني مُدان لدى الأغلبية كي تكون معه. لكن سرعان ما تأتي اللقطة التالية (والتي نرى فيها أبناءها للمرة الأولى) لتخبرنا ـ بشكل خافت مطروح للنقاش ـ أن تلك القوة لحظية، مشروطة بالوضع الراهن، بل تكاد تكون والضعف وجهين لعملة واحدة.

نورا في مهب الريح

وصفنا تعبير هند صبري/ نورا عن القوة باللحظي لأنه لا يدم طويلًا، فإذا كانت دراما الشخصية عموما هي قوس arch، تقطعه من نقطة إلى نقطة أخرى، فإن قوس نورا هو اكتشافها ـ واكتشافنا معها ـ إنها أكثر هشاشة مما كانت تتخيل، أن تصوراتها عن مستقبلها السعيد مجرد وهم، لاعتبارات اجتماعية وأسرية وشخصية، تجعل كل الأحلام قابلة للتقويض بمجرد صدفة قدرية، حتى إن لم تحدث خلال الأيام الأربعة السابقة لقرار المحكمة، فغيرها وغيرها سيحدث عاجلًا أم آجلًا.

لماذا؟ لأن النزق لا يكفي. صحيح إنها امرأة تبدو أقوى ممن حولها، لكنها قوة مستمدة من وضع لا يمكن استمراره. ثمة حائل مؤقت يجعل العالم يغض البصر عن ممارسة يستعد الجميع لإشهار نصالهم في وجه صاحبتها. نورا وإن كانت قادرة على الصياح في وجه موظفة حكومية حاولت لفت نظرها بهدوء، فالتجربة تثبت أنها عاجزة عن فعل الشيء نفسه في مواجهة ما هو أقوى: الزواج/ الأسرة/ المؤسسة. ليكتمل قوس الشخصية برحلتها من دفاعها عن حقها في الحب، إلى ضعفها البطرسي في إنكار الحبيب ثلاثًا.

قيمة أداء هند صبري تكمن في إمساكها من بداية الفيلم لنهايته بهذا التناقض الكامن تحت جلد نورا، ففي أقصى لحظات قوتها وجرأتها يشيّ شيء في وجهها بالضعف والشك، وفي أقسى لحظات انكسارها تكذب بقوة من تدافع عن وجودها وكيانها، وبين ضعف القوة وقوة الضعف تمثل حكاية نورا الخيالية، تعبيرًا عن مأزق واقعي للمرأة الراغبة في الحرية في عالم معاد بطبيعته لها، أو بكلمات أخرى: عن مأزق تلك المرأة في العالم العربي!

قمة التعبير عن تناقض القوة والضعف لدى نورا تأتي في لحظة انفجارها في وجه زوجها (لطفي العبدلي)، انفجار يُعبّر ـ وتُعبّر به هند ـ عن الأمرين معًا، تصرخ وتفرغ شحنة راكمتها عبر السنوات تجاه زوج لم تنل منه سوى الألم، لكنها ليس صرخة تحرر قدر كونها «تغريدة البجعة»، التي تنتهي بها علاقتها بالحب والحلم والحرية، لتبقى فقط الرغبة في البقاء بأمان. من جديد، قوة وضعف معًا، وكأنه قدرها وقدر كل نورا أخرى.

«نورا تحلم» فيلم جيد لا أكثر، لديه فصل أول ممتاز يليه فصلان متوسطان على صعيدي الإيقاع والقرارات الإخراجية، ونهاية غرائبية يظل سر استعانة المخرجة بها لغزًا تصعب إجابته، لكنه يمتلك عنصرًا مدهشًا هو فهم بطلته (ومخرجته بطبيعة الحال) لمأزق الشخصية الرئيسة ورحلتها الداخلية، والذي تجسد في أداء يصعب ألا تتوقف أمام جودته. أداء تبدو معه الإشارة للتفاوت الواضح بين مستوى أبطال العمل بلا قيمة، فربما لم يكن البطلان بهذه الاعتيادية، وإنما ظهورهما جوار ممثلة خارقة للعادة هو ما منحنا هذا الشعور.

 

المدى العراقية في

29.10.2019

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004