كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 

الجونة السينمائي.. على اسم مصر

د. أمل الجمل

الجونة السينمائي

الدورة الثالثة

   
 
 
 
 
 
 

هنا، على أرض "الجونة" - ذلك المنتجع المُحاط بجمال البحر الأحمر من ناحية ومن جانب أخر تحميه أحضان الجبل - بقينا تسعة أيام مرابطين على جسر متين مغزول سينمائياً بالمشاعر والقضايا والشخصيات. ظل الجسر المهرجاني يحملنا في ثبات بينما نتجول بمتعة كبيرة بين نخبة من أرقى وأروع إنتاجات العام السينمائي، عشنا مع مشاكل وهموم وقضايا الناس، من الشرق والغرب، الشمال والجنوب. عانينا معهم من الإرهاب وآثاره، من العنف وخرابه. تابعنا عددًا من أحدث نتاجات السينما العربية، لنناقش مجددًا هل حقًا السينما العربية تفوقت على المصرية، أم أنها غزارة في الإنتاج ولا إبداع في المعالجات؟!. إضافة إلى نقاشات أخرى عديدة تتعلق بالشأن السينمائي وصناعة الفن السابع.

فالسينما تتمتع بقوة هائلة في النفاذ إلى الأعماق، مثلما تمتلك سطوة في تحريك اللاوعي المسؤول عن تصرفات الإنسان وتطويع شخصيته. هكذا أثبتت دراسات علم النفس الحديث. ربما لذلك تُثير الصورة السينمائية الرعب والفزع أحياناً لدى بعض الجهات.

خطرت في بالي تلك الأفكار عندما كنت أنصت إلى كلمات المخرج المغربي نبيل عيوش أثناء حديثه في ندوة "السينما الأفريقية، الماضي الحاضر والمستقبل" التي أقيمت على هامش مهرجان "الجونة" السينمائي الثالث، وفيها تحدث عيوش عن الرقابة في المملكة المغربية، مُشيراً إلى أنه بسبب قوة الصورة والخوف منها تُحْرَم كثير من الأفلام من الدعم الحكومي لتعطيل أو منع خروجها للنور، وفق رأيه.

ميزة المزايا

من ناحية أخرى، فإن قوة السنيما وبريقها، سحر الفن السابع وأضواءه هو الذي جعل أنظار العالم تتجه صوب مدينة "الجونة" الساحرة. هذه المدينة الصغيرة التي لو قٌدر لمهرجانها البقاء والصمود سيُصبح اسمها عالميا بعد عدة سنوات قليلة، بفضل عوامل متنوعة اجتمعت لها.

إحدى أبرز مزايا مهرجان "الجونة" السينمائي - التي تتأكد مع الدورة الثالثة التي اختتمت فعالياتها ليلة ٢٧ سبتمبر - أنه ليس فقط منصة لعرض الأفلام، لكنه يفتح المجال للنقاشات والحوارات التي تظل تروح وتجيء طوال أيام المهرجان.

تبدأ المناقشات بين الجمهور، بين النقاد والصحفيين، الناس تتحدث سينما طوال أيام المهرجان، تحكي عما أعجبها من الأُفلام، تختلف الآراء أحياناً، كثير منهم يُنصت للرأي المخالف، ربما يراجع نفسه، ربما ينتبه لشيء كان غائبًا عنه. البعض الآخر يستشير أصحابه عما يُشاهد، يأخذ بالاقتراحات. ينبهر أحياناً، ويخرج سعيدًا، أو يستقبل العمل بود أقل فيُفتح النقاش مجددًا حول اختلاف التلقي، وهي ظاهرة صحية للغاية، الاختلاف أمر ضروري، مفيد، ويجعلنا نراجع قناعاتنا وربما نختبرها مجددًا.

تستمر النقاشات، لكن هذه المرة مع صناع الأفلام. عقب العروض أو في الممرات أحيانًا. ستجد صناع الأفلام داخل دور العرض أو خارجها يجيبون الجمهور برحابة صدر وشغف، هناك موائد مستديرة تُلقي مزيدًا من الضوء على صناعة الفن السابع وكواليسها وأسرارها، وموضوعاتها والقضايا الإنسانية المثارة في العالم ويتحتم على السينما التطرق إليها.

الجسر بيننا وبين العالم

لا شك أن المهرجان يبني جسرًا بيننا وبين العالم من جديد. يبني جسرًا بين السينمائيين العرب ونظرائهم من كافة أنحاء لعالم. ولنعطي نموذجًا من النجوم وصناع الأفلام والمحاضرين ومديري الندوات والموائد المستديرة الذين يأتون من الشرق والغرب، كذلك يشارك الإخوة العرب ليس فقط في المسابقات المختلفة والبرامج الموازية، ولكنهم يشاركون أيضاً في تنظيم هذا العرس الثقافي السينمائي مما يُضفي عليه الإحساس بأنه مهرجان لكل العرب وليس للمصرين فقط.

هناك أيضاً الخبرات الأجنبية التي يتم الاستعانة بها ليس فقط في إدارة الموائد المستديرة والمحاضرات والندوات، ولكن أيضاً في اختيار الأفلام في عدد من دول العالم. يجسد أهمية تلك الخبرة أنها تُؤكد التنوع في الاختيارات، مثلما تتحول مع الأيام إلي عامل جذب وترويج للمهرجان دوليًا؛ لأنه لو تخيلنا تأثير كل فرد على عشرة أفراد فقط في محيطه، لو تخيلنا عدد المهرجانات التي تسافر إليها تلك الشخصيات والكوادر الأجنبية التي يتم الاستعانة، لو تخيلنا مقدرتهم على الحكي بموضوعية وواقعية عن مهرجان "الجونة" السينمائي - سواء مع الآخرين أو من خلال المطبوعات التي يكتبون فيها - لأدركنا المكسب الكبير، وكيف يتحول مهرجان "الجونة" المقام على أرض مصرية برأس مال مصري إلى مهرجان دولي يليق باسم مصر.

على صعيد آخر، هناك "جسر الجونة" الذي يتضمن ندوات ومحاضرات وورش عمل لأساتذة السينما، وهو في حد ذاته جسر مهم يربط بين الخبراء من صناع السينما وبين المواهب الواعدة خصوصًا الحالمين بالعمل في مجال الفن السابع، فعلى سبيل المثال هذا العام نجح المهرجان في إقناع مهندس الصوت المبدع الهندي رسول بوكاتي الحائز على جائزة الأوسكار أن يقدم محاضرة ليتحدث فيها عن الطرق المبتكرة للوصول إلى أفضل تصميم صوتي للفيلم، تحدث عن أهمية وجماليات استخدام الصوت في الأفلام الروائية المختلفة، وتم تسليط الضوء على عملية تكوين الصور من خلال استخدام الصوت خلال مراحل الإنتاج وما بعد الإنتاج. كانت محاضرة شيقة وبديعة تجمع بين الشرح النظري والتطبيقي عن إمكانيات الصوت التي تستطيع السيطرة على الجمهور وتغيير وجهة نظره، فقط من خلال الإبداع في توظيف الموسيقى والمؤثرات الصوتية.

كذلك الندوة التي أقيمت للمخرجة الفلسطينية مي مصري فأتاحت التفاعل بينها وبين الجمهور والنقاد فحكت عن تجربتها الوثائقية، وصعوباتها، ومخاطرها، ثم تحولها للروائي، واستعدادها لأن تعود للوثائقي في أي وقت، كل ذلك مع تقديم مشاهد من أفلامها قبل أن تبدأ في التعقيب عليها.

المنطلق وإنتاج الأفلام

أما الشق الثاني من الجسر فيتمثل في «منطلق الجونة السينمائي» الذي استقبل ١٨ مشروعًا في الدورة الثالثة في مرحلتي التطوير وما بعد الإنتاج. هنا أتوقف أمام مضاعفة الدعم المالي المقدم لهذه المشاريع، ففي العام الأول تم توفير ٦٠ ألف دولار للدعم. في الدورة الثانية تزايد إلى ١٧٥ ألف دولار. وهذا العام أصبح المبلغ ٢٥٠ ألف دولار. شيء لافت وذو دلالة على الاهتمام بصناعة السينما.

أتأمل هذه الأرقام وأقول لنفسي: لنتخيل الوضع بعد عشر سنوات من الآن. لنتخيل عدد الأفلام التي ستحمل اسم مصر؛ لأنها تحمل اسم «الجونة» السينمائي على تتراتها، هذه الأفلام ستجوب مهرجانات العالم، وربما يأتي اليوم ويُرشح بعضٌ للأوسكار، كما حدث من قبل مع صناديق دعم عربية أخرى. إذن سيكون الدعم المالي للأفلام خير رسول بيننا وبين العالم.

لذلك، ولكل ما سبق أيضاً، أتمنى أن تزيد الحصة أكثر وأكثر. وأحلم باليوم الذي يُعلن فيه أن فيلم افتتاح الجونة السينمائي من إنتاج مُموليه.

اختفاء وميلاد

لم تعد الجهات الحكومية بمصر تقدم دعمًا يُذكر لصناع الأفلام. في الوقت نفسه تراجع الإنتاج المستقل في مصر، خصوصا بعد اختفاء صناديق دعم عديدة، واختفاء مهرجانات كبرى من على الساحة كانت تدعم الأفلام المستقلة، وتأخذ بيدها إلى النور. فجأة، ونتيجة طبيعية لاختفاء الدعم والمنح، ونتيجة عدم قدرة المخرجين المصرين على التواصل مع جهات الدعم الأجنبية - بنفس قدرة يوسف شاهين مثلاً - حدث تراجع للإنتاج المصري المستقل. أصبح المخرج يستغرق خمس وسبع سنوات حتى يخرج فيلمه للنور، بينما في فترات سابقة كان المخرج يقدم ثلاثة وأربعة أفلام في العام.

لذلك نضع آمالا عريضة على أن تعمل منصة الجونة على تنمية المواهب ودعمها وتعزيز إنتاجها، المواهب المصرية والعربية على السواء. نأمل أن تكون اللقاءات - التي ينظمها المهرجان لتجمعهم بالمبدعين والموزعين والمنتجين الدوليين على أرض الجونة - لقاءات مثمرة ومفيدة وقادرة على فتح آفق جديد للشراكة الإنتاجية.

خدمة تبادلية

وأخيرا، يمكن القول إن إحدى مزايا مهرجان الجونة السينمائي أنه يسعى أن يكون في خدمة البيئة والمكان الذي يحتضنه، فيسعى لتحسين - ولو بقد ما ـ وضع العاملين هناك، ليس فقط من خلال إنعاش السياحة ومنحها قبلة الحياة حتى صارت الفنادق خلال فترة المهرجان "سولد أوت"، لكن أيضاً دوره يتضح في دعم الحرف التقليدية والتراثية، فهو يعمل على "تمكین الحرفیین المصریین اقتصادیًا، وإحیاء التراث وتعزیز قطاع الحرف الیدویة المصریة، ودعم المنتج المصري الذي یتمیز بالجودة وروعة التصمیمات" وفق تصريح المهندسة نورا سلیم، المدیر التنفیذي لـ"مؤسسة ساویرس للتنمیة الاجتماعیة" حيث تم إطلاق مسابقة الحرف الیدویة بالشراكة بین المؤسسة وبين مهرجان "الجونة" السینمائي قبيل الدورة الثالثة.

من ثم، تم فتح باب التنافس بين الجمعیات الأهلیة ومؤسسات المجتمع المدني لمسابقة الحرف الیدویة، وهي خطوة شديدة الأهمية لما لها من دور في دعم الفنانین والحرفیین المصریین المهرة، وتقوية ممارساتهم الإبداعیة، وتعزیز قیمة منتجاتهم، وتقدیم مصر للعالم من خلال منتج یعكس التاریخ والهویة والثقافة المصریة. إنها خطوة ضرورية ليس فقط للتراث المصري ولكن أيضاً العالمي لحمياتها من الانقراض، وهى ضرورة يُؤكدها تصريح عمرو منسي، الرئیس التنفیذي لمهرجان "الجونة"، قائلًا: "یُعد الحفاظ على الحرف الیدویة، وحمایتها، والعمل على استدامتها، والتعریف بها، من التحدیات المتنامیة في العالم بأسره. وإذا لم نُحيِ هذه الأشكال الفنیة، وننشر الوعي بها في المساحات العمرانیة، فهذه الحرف مهددة بالانقراض. لا بد أن نولي المنتجات الیدویة الاهتمام الكافي، ونمنح صُناعها من الحرفیین الاعتراف المستحق بمهاراتهم".

وكانت نتيجة هذا التنافس وتلك الرعاية المسؤولة أن فاز البيت المصري، ونال أحقية تصمیم وتنفیذ شنطة الهدایا الدعائیة - للدورة الثالثة لمهرجان "الجونة" السینمائي - والتي كانت بشهادة الجميع جميلة ولافتة ومتعلقة بتراث مصر.

 

موقع "مصراوي" في

30.09.2019

 
 
 
 
 

الجونة، يوماً بعد يوم (3)

الجونة - هوفيك حبشيان

انطباعات شخصية، مشاهدات، على مدار الساعة، عن السينما والمدينة وناسهما خلال مهرجان الجونة السينمائي، الطبعة الثالثة (١٩ - ٢٧ أيلول ٢٠١٩).

اليوم الخامس - الثلثاء ٢٤ أيلول

في اليوم الرابع من مهرجان الجونة، وبعد مشاهدة كمّ من الأعمال السينمائية، لم يعد هناك أدنى شك في ان المبرمجين انتقوا لجمهور الجونة "زبدة" الأفلام التي ظهرت منذ منتصف العام الحالي. أكثر من ٩٠ في المئة من الأفلام المعروضة تراوحت بين الجيدة والممتازة. عدد من المشاهدين الذين أعرفهم وجدتهم يخرجون من الصالات بفم دائري الشكل. علامات الرضى والدهشة ترتسم على وجوههم فيلماً بعد فيلم في عام سينمائي لم يبخل علينا بكلّ ما هو مستجد ومثير. أحياناً، يبدي أحد هؤلاء رغبة في الحديث عن فيلم خرج منه للتو. لكن، بعض التفاصيل تفوتك عندما تكون قد شاهدتَ الفيلم المعني قبل أربعة أو خمسة أشهر. في المقابل، يجب القول ان المهرجان يحتاج إلى المزيد من الروح، وهذا شيء لا يأتي لا بتشكيلة الأفلام ولا بالبهرجة ولا حتى بنوعية الضيوف ولا بكلّ أموال الأرض. هذا شيء يخلق نفسه بنفسه تدريجاً، ويرتبط إلى حدّ كبير بالمكان الذي يجري فيه الحدث السينمائي. لا يزال المهرجان يفتقر إلى هذه الروح الحماسية التي تميز أكبر التظاهرات السينمائية في العالم عن غيرها. مهما يكن أداء المنظمين بارعاً ونياتهم صافية وخبرتهم واسعة وخياراتهم صائبة، فبعض الأشياء تحتاج إلى بيئة ثقافية حاضنة يحاول الحدث أن يستمد شرعيته منها، يتفاعل معها وينصهر فيها. شيء آخر افتقر له المهرجان هذا العام: أعضاء أعلى شأناً في لجان التحكيم، وعدد أكبر من السينمائيين الذين يرافقون أعمالهم إلى الجونة. أخيراً وليس آخراً: العمل على دعوة قامات كبيرة اعتدناها في السنتين الأخيرتين. نذكر منها أوليفر ستون وجان جاك آنو وفيكتور كوساكوفسكي وغيرهم.

بعد الظهر، شاهدتُ فيلم المخرج والكاتب الأفغاني الفرنسي عتيق رحيمي الجديد، "سيدة النيل"، الذي يروي المناخ (انقسام طبقي، استعمار، فروقات اقتصادية) الذي ساد في رواندا وهيأ للإبادة فيها. فيلم حميمي مقتبس من رواية للكاتبة شولاستيك موكاسونغا صدرت في العام ٢٠١٢، يعاين فيه رحيمي كيفية صعود التعصّب في بيئة شديدة الخصوصية، وصولاً إلى الارتماء في حضن العنف القاتل. حتماً، هذا ليس أفضل ما أنجزه رحيمي، ولكن كلّ شيء في الفيلم سليم، بدءاً من صورة الفرنسي الكبير تييري أربوغاست. في اليوم التالي لعرض الفيلم، التقيتُ رحيمي في مقابلة صحافية. تذكّرني رأساً عندما رآني. فقد كنت التقيته في المرة الأولى في الهند في العام ٢٠١٢، وعدنا التقينا ثانيةً في أبو ظبي، يوم عرض "حجر الصبر". في الهند، كانت لقاءاتنا متقطعة؛ حيناً حول مائدة طعام، حيناً آخر في صالة سينما، وأحياناً كثيرة في ردهة الفندق. إلى أن فتح "علبة الباندورا" ونحن مستلقيان على كنبة من الجلد، فصارحني بما كان يُمكن قراءته بين عينيه الحزينتين. في الجونة، تحدّثنا عن حياته كمتشرد في بلدان عدة، عن مشروعه مع المنتج ماران كارميتز الذي أُلغي بعد الأعمال الإرهابية التي كانت باريس ضحيتها عام ٢٠١٥، وعن مشروعه أفلمة رواية "موانئ الشرق" لأمين معلوف. أخبرني انه كتب رواية كاملة وهو يصوّر الفيلم في رواندا.

عصراً، جرت محاولة للدخول إلى عرض "حلم نورا" للمخرجة التونسية هند بوجمعة في "مسرح المارينا"، لكن التذاكر كانت قد نفدت تماماً. هذا هو الفيلم الوحيد الذي لم أستطع مشاهدته بسبب نفاد التذاكر، ولكن تناهى إلى مسامعي ان بعض العروض كانت كاملة العدد. هذه حال "٣٧ ثانية" للمخرجة اليابانية هيكاري الذي فاز بجائزة الجمهور في مهرجان برلين الأخير. ماي (يوما تاكادا) رسّامة "مانغا" شابة مصابة بشلل دماغي تسعى إلى تحقيق ذاتها وطموحاتها وتحاول اشباع رغابتها الجنسية، في مجتمع ذي قيود أخلاقية صارمة. السرد يوفّر امتاعاً كبيراً. وعليه، فإن الاقبال على الأفلام في الجونة جد متفاوت. كلّ شيء يتوقف على العمل نفسه والرغبة التي تنشأ حوله، وأيضاً توقيت عرضه. في هذا الصدد، كتب المدير الفني للمهرجان أمير رمسيس على صفحته الفايسبوكية انه يشعر أحياناً باليأس والاحباط، لكن مشهد الناس وهم يركضون من فيلم إلى فيلم، يستحق المعاناة.

في الليل، قررتُ مشاهدة "المرأة الباكية" للمخرج الغواتيمالي خايرو بوستامانتيه، بعدما سمعتُ الناقد العراقي قيس قاسم يكيل له المدائح، معتبراً اياه "تحفة سينمائية". قد لا أعتبره كذلك بالضرورة، ولكن يجب الاعتراف بأننا حيال عمل ملهم على أكثر من صعيد، مشغول بصدق وعناية وابتكار وحساسية، ضمن اسلوب شديد الخصوصية، اذ ننغمس حرفياً في الأجواء طوال ما يقارب الساعة ونصف الساعة. الايقاع المرهون بوتيرة مشدودة، يتلف الأعصاب لا محالة، وهذا ما يقصده المخرج. أما الحكاية فتعيدنا إلى تاريخ غواتيمالا الدموي. الجنرال المتقاعد انريكه مونتيفيردي مسؤول عن ابادات جماعية. البيت الذي يقيم فيه محاصر من الناس. نسمع عويلهم ونحيبهم طوال الفيلم. الأرواح الانتقامية تطارده حتى بعد ٣٠ سنة. بعد الفيلم، دار نقاش مع الممثّلة ماريا مرسيديس كوروي.

اليوم السادس - الأربعاء ٢٥ أيلول

لسبب أجهله، النهوض الباكر في الجونة أمر سهل. الساعة الخامسة والنصف من صباحات كلّ الأيام تقريباً كنت جالساً أتفرج على الشروق من شرفة الغرفة في فندق "موفمبيك". الذباب كان منتشراً بكثرة هذا العام. وكنت على اقتناع راسخ غير منطقي بأن الذبابة التي تحلّق حولي، أينما جلستُ، هي ذاتها دائماً، وتنتقل معي بالسيارة.

من أجل كتابة هذه اليوميات، قررتُ منذ بداية الطريق الا أسجّل ملاحظات في دفتر صغير. وددتُ أن أترك الأشياء التي أحاول استذكارها إلى لحظة جلوسي أمام الكومبيوتر، كي تخضع لامتحان الزمن، لأرى اذا كانت ستصمد أمام النسيان. هذا شيء تعلمته من كاتب مكسيسي، قال لي مرةً ان الأشياء التي تستحق أن تُكتَب، تتذكّرها حتماً عند رغبتك في الكتابة عنها، أما التي تنساها، فهي، في النهاية، لا تستحق سوى أن تُطوى.

بعد الفطور، التقيتُ المخرج المغربي نبيل عيوش الموجود في الجونة بصفته منتج "آدم" لزوجته المخرجة والممثّلة مريم التوزاني. أخبرني انه هنا ليعمل وليرتاح في الحين نفسه. سبق أن قابلته مرتين في معمعة كانّ، بشكل سريع. هذه المرة، كان اللقاء أطول، واللغة بسيطة وهادئة، والجلسة عميقة في وقار بعيد من التكلف. تحدّثنا عن ثقافته السينمائية التي تأسست في ضواحي باريس في السبعينات، عن كوزموبوليته، فهو من أمّ يهودية وأب مسلم، تربى في بيت عروبي يناصر القضية الفلسطينية. أثناء اللقاء، عبّر لي عن انزعاجه من استخدام بعض المشاهدين للهواتف المحمولة خلال العروض في هذا الجزء من العالم.

ظهراً، عُرض "الحقيقة" للياباني كوريه إيدا، الذي افتتح مهرجان البندقية الأخير. الفيلم عن كاترين دونوف أكثر ممّا هو عن أي شيء آخر. انه رسالة حبّ وتقدير لممثّلة شاهدناها في أفلام كبار السينمائيين. يعتمد الفيلم في جزء كبير منه على دونوف بمساعدة من جولييت بينوش. هي تجسّد نجمة فرنسية اسمها فابيان، صاحبة سلطة ومكانة. لئيمة، متعجرفة، صاحبة إيغو ضخم، تعتقد ان الوجود كله يدور في فلكها. في مناسبة نشرها كتاب مذكراتها، تجتمع بعائلتها الصغيرة في منزلها. بعض المقرّبين منها سيكتشفون انها لم تذكرهم في كتابها. باقي الأحداث يتوالى بوتيرة لطيفة، دون بلوغ أي ذروة.

في الخامسة والنصف، توجهتُ إلى "الجامعة الألمانية"، فالتقيتُ هناك مشاهدين يخرجون من "باكوراو" للمخرجين البرازيليين كليبير مندونسا فيلو وجوليانو دورنيليس. هناك مَن يبدو شديد التأثر بما شاهده. يسارية مخضرمة، تقول لي: "يجب تطبيق هذه التجربة في مصر، واسقاطها على الاخوان المسلمين". "باكوراو" فيلم غريب اللهجة، متطرف، لا يساوم، يذهب إلى أبعد نقطة في الطريق الذي يسلكه، وذلك بخطى ثابتة وأكيدة. نشأت الفكرة من التمييز المناطقي الذي يعاني منه سكّان جنوب شرق البرازيل، مسقط رأس كلٍّ من فيلو ودورنيليس. بدلاً من الاشارة إلى هذا التمييز بشكل مباشر، ارتأى المخرجان الاستعانة بأكثر السبل تعقيداً: الرواية الخيالية. نجد أنفسنا في أحداث تجري في المستقبل القريب، في عمق الريف، حيث قرية معروفة باسم باكوراو، تعيش فيها جماعة بشيء من التناغم مع حاضنتها البيئية. طبعاً، هناك مشاكل بين أفرادها، وهم ليسوا بالملائكة في أي حال. يشتد الصراع عندما يدخل إلى القرية بعض الغرباء، ليعكّروا صفو المكان.

ينتهي يوم مهرجاني طويل بعرض "خيال السبت" للو يي. غونغ لي مدهشة في هذه الدراما التجسسية المطعّمة بالرومنطيقية. الممثّلة الصينية الكبيرة تجيد كيفية الدخول في لعبة الأقدار والامساك بخيوط الحكاية، فتجمع أجزاءها المشتتة. ألغاز كثيرة تنمو حول شخصيتها، لكنها صلة الوصل بين كلّ أطراف هذا العمل الشائق. وجهها يضيء الشاشة على امتدادها، بصورتها ذات اللونين الأسود والأبيض.

اليوم السابع - الخميس ٢٦ أيلول

"أفلفش" بعض الصفحات الالكترونية لأطالع ما كُتب عن المهرجان في الأيام الماضية. الحكي عن الفساتين والأشياء السطحية كان الغالب في الدورتين الماضيتين. الصحافة المصرية، ومثلها العربية، مهمومة بالترهات كالعادة. في هذه الدورة، زاد عدد المنشورات التي تتناول الأفلام، سواء في مقاربات نقدية أو عروض سريعة. هذا ما يؤكده في أي حال، أحد المسؤولين في الجونة. مع ذلك، هناك محاولات دائمة لتسخيف المهرجان وإلصاق تهم به والزجّ به في منطقة غير مرغوبة، كالقول انه مرتع للعري والخلاعة، فالفنّ، من وجهة نظر أنصار "الفنّ الهادف"، لا يُمكن أن يكون أنيقاً يولي الأهمية لمظاهر البهجة والاغواء. هناك في مصر هوسٌ بما يسمّى حفلي الافتتاح والختام اللذين تميل الصحافة الصفراء التي لا تُشاهد الأفلام ولا تهتم بها إلى تقييم كلّ شيء انطلاقاً منهما. هذه الصحافة بتركيزها البليد على كلّ شيء سوى الأفلام، تغذّي اعتقاد الناس الخاطئ بأن المهرجان غير جدي. السجّادة الحمراء كثيراً ما تمد هذا الاعلام بعناوين سطحية وفاضحة تشغل هواة النميمة، من مثل: "أكثر فساتين صدمت السوشل ميديا"، و"اختلال توازن عادل إمام في حفل افتتاح الجونة".

عندما كانت المناسبة سانحة ظهراً لمشاهدة "عذراً، لم نجدكم" لكن لوتش، سارعتُ إلى الصالة التي تعرضه. الفيلم كان قد فاتني في كانّ، ولن يفوتني مرة أخرى. لا حاجة في الدخول إلى تفاصيل جديد المخرج البريطاني الكبير. إنه الإنسان داخل المنظومة التي تسحقه وتذلّه. لعل ما يزعجني في لوتش اعتقاده المتواصل بأن العالم أجمع مهموم بمتاعب موظف يعيش في بلد كبريطانيا. الأمر الأكثر ازعاجاً هو ان لوتش محق، اذ ينتهي بنا الأمر أن نهتم بما يعيشه ويعانيه، لتصبح فجأة متاعبه متاعبنا. لعله سحر السينما والتضامن الذي تصنعه بين البشر.

خرجتُ من العرض منفعلاً، لا بسبب لوتش، بل لأن الشباب المتطوعين في المهرجان قرروا ان يقطعوا الجنريك ليدخلوا الصالة ويخبروا المشاهدين بأنه يجب عليهم التصويت للفيلم لـ"جائزة الجمهور". حركة رعناء جعلتني أشعر بأن الفيلم سُرق مني. كأن أحدهم سحبه من يدي.

لحسن الحظ، في مصر، لا يستمر الانفعال طويلاً، هناك دائماً شخص ينسيك الشخص الذي سبقه. سائقو التاكسي من هؤلاء. ففي السيارة التي قادتني من "سي سينما" إلى الفندق، دار بيني وبين السائق الحوار الآتي:

- بتشتغل ايه؟

- حالياً سوّاق. بس أنا محاسب متجمّد.

- متجمّد؟

- آه. يعني عاطل عن العمل.

- دي كلمة مستخدمة بمصر يعني؟

- لا، أنا اخترعتها لتوصيف حالتي.

لاحقاً، خلال جلوسي في باحة الجامعة الألمانية، التقيتُ سيدة مغربية خفيفة الدم، من عشّاق السينما. أخبرتني بأنها تلفّ المهرجانات العربية حبّاً بالمشاهدة النهمة. هي ليست ناقدة ولا سينمائية، بل مشاهِدة تتابع الجديد وتلتقي بالصنّاع. كنت أعرفها من الـ"فايسبوك" ولطالما لفتني لديها استعمالها المفرط للنقاط. بعد كلّ كلمة تضع سطراً من النقاط. كلّ كلمة خلفها نقاط. ما إن رأيتها حتى طلبتُ منها الكفّ عن هذه الممارسة الشنيعة. تحدّثنا عن الأفلام التي شاهدناها خلال الاسبوع، عن المغرب الذي بات يصعّب على اللبنانيين الحصول على تأشيرة، عن أي شيء وكلّ شيء، ثم أحدهم التقط لنا صورة.

عند تمام الثالثة، كان عرض "بارانزا الأطفال" للمخرج الإيطالي كلاوديو جيوفانّيزي. كان يمكن لهذا الفيلم أن يغدو مجرد فيلم آخر عن المافيا النابوليتانية، الا ان وجود الروائي روبرتو سافيانو خلفه أنقذه من هذا المصير. فسافيانو، الصحافي الشهير المطارد من المافيا الذي أدهشنا بـ"غومورا" في العام ٢٠٠٨، هو الحجر الأساس لهذا الفيلم، علماً ان إخراج كلاوديو جيوفانّيزي يقوم بالواجب على أكمل وجه. العنف والضغائن والكيد والتصفيات الجسدية بين مختلف العصابات التي تهيمن على المدينة، هذا كله يصوّره المخرج من وجهة نظر شلة من الصبيان، هم صنّاع العنف ومشاهدوه في آنٍ واحد، وهذه ظاهرة حقيقية في نابولي. لا يوجد في قلوب هؤلاء ما يكفي من الشر لنتمنى معاقبتهم. هم ولدوا في المكان الخطأ وسلكوا الطريق الخطأ نظراً إلى عدم توافر البدائل.

أما ختام اليوم ما قبل الأخير، فكان مسكاً: "استراتيجيا العنكبوت" (١٩٧٠) لبرناردو برتوللوتشي، المعروض في اطار استعادة الأفلام القديمة. التحفة المقتبسة من بورخيس أحد أجمل أفلام المخرج الإيطالي الذي رحل العام الماضي. انها محاولة موفّقة للتطرق إلى جانر سينمائي برع فيه الإيطاليون: التراجيكوميديا. سكّان بلدة تارا يعتزّون بمناضلهم السياسي الذي اغتاله الفاشيون في العام ١٩٣٦. يبدأ الفيلم مع وصول ابنه إلى البلدة لمعرفة المسؤولين عن مقتله وصون ذكرى هذا الأب الذي لم يعرفه يوماً. بيد انه يكتشف ان معرفة الحقيقة ليست بتلك السهولة التي كان يعتقدها. يفهم ان التحقيق الذي يجريه، غير مرحّب به، قبل ان يصطدم بجدار من الصمت والميثولوجيات. صوَّر برتوللوتشي الفيلم (للتلفزيون) في مسقطه، ما يعطيه طابعاً أوتوبيوغرافياً، وخصوصاً ان صورة الأبّ، والتماهي الملتبس معه الذي يعبر معظم أفلامه، حاضرة فيه بقوّة.

اليوم الثامن - الجمعة ٢٧ أيلول

مقابلة صباحية تجمعني بالمخرج السوداني صهيب قسم الباري، صاحب فيلم "التحدّث إلى الأشجار"، المتزوج حديثاً. روى لي ان أحدهم بعث إليه برابط المقال الذي كتبته عن فيلمه، قائلاً له بسعادة ان "ناقداً ألمانياً أحبه جداً". اعتقد المسكين، بسبب اسمي غير المألوف، بأن أنغيلا ميركل وأنا نحمل جواز السفر نفسه. اعترف المخرج الشاب بأنه شعر بالذنب ان أمه لمّحت له عن رغبتها في حضور الجونة، لكن ذلك لم يحصل. فهي ساعدته كثيراً في إنجاز الفيلم، ولا سيما في أمور لوجستية، والأرجح انه سيحتاجها مجدداً في أفلامه المقبلة. فور الانتهاء من قسم الباري، كانت لي جلسة مع هاني أبو أسعد، الموجود هنا مع زوجته. استعدنا تجربته الهوليوودية الأخيرة، "الجبل بيننا". أقر بأن الأمور في عاصمة السينما الأميركية بدأت بالتحسن بالنسبة إلى العرب، لكن أبوابها لا تزال مفتوحة للمطبّعين (مع إسرائيل) على وجه الخصوص.

بعد صراع داخلي طويل، قررتُ التغيب عن حفل الختام وتوزيع الجوائز، والبقاء في الغرفة للعمل. زميلة بدأت ترسل إليَّ النتائج تباعاً من مسرح المارينا. فرحتُ لفوز الفيلمين السودانيين، "ستموت في العشرين" و"التحدّث إلى الأشجار". نال الأول نجمة الجونة الذهب للفيلم الروائي الطويل، أما الثاني فاستحق نجمة الجونة الذهب لأفضل فيلم وثائقي. الأناقة السودانية فعلت فعلتها على السجادة الحمراء. هند صبري حبست دموعها وهي تتسلم جائزة التمثيل عن دورها في "حلم نورا". جوائز بقمية ٢٢٤ ألف دولار وُزِّعت على المشاركين. أما ستيفن سيغال فأُعطي جائزة تكريمية. جاء مرتدياً ملابس يابانية، ودخل المسرح وسط حراسة مشددة.

 

النهار اللبنانية في

30.09.2019

 
 
 
 
 

الطفل يسرق (أم المسيح)!

طارق الشناوي

لدى ثلاثة أسئلة عالقة عن مهرجان (الجونة) السؤال الأول، على مدى ثلاث دورات أردده، ولا أجد إجابة منطقية، كيف أن الفيلم العربى الحاصل على جائزة الأفضل بين كل الأفلام المشاركة رسميا بالمهرجان من كل دول العالم، وبينها قطعا أفلام عربية، إلا أنه لا يحصل على جائزة الأفضل عربيا، ومن نفس لجنة التحكيم؟. مع الدورة الأولى اقترحت على مدير عام المهرجان الصديق والخبير السينمائى انتشال التميمى، أن يضيف لجنة تحكيم أخرى للقسم العربى، بمختلف أنماطة الطويل والقصير والدرامى والتسجيلى، حتى لو اختلفت نتائجه مع اللجنة الأولى، فلا يوجد أبدا ما يؤخذ على النتائج، لأن من حق كل اللجنة أن تضع معاييرها، وفى هذه الحالة، الأفضل دوليا ليس هو بالضرورة الأفضل أيضا عربيا. كانت الجائزة الأولى هذه الدورة من نصيب الفيلم السودانى (ستموت فى العشرين) لأمجد أبوالعلاء، اقتنصها بين 15 فيلما روائيا طويلا بينها خمسة أفلام عربية، بينما من توج بجائزة أفضل فيلم عربى، الفيلم الجزائرى (بابتشيا) إخراج مونيه مدور، وهو ما تكرر أيضا فى السينما التسجيلية الفيلم السودانى (حديث عن الأشجار) صهيب قسم البارى توج بالأفضل، بينما أفضل فيلم تسجيلى عربى من نصيب الفيلم اللبنانى (إبراهيم لأجل غير مسمى) إخراج لينا العبد.

لا يوجد فى اللائحة ما يشير صراحة إلى أنه فى حالة حصول فيلم عربى على جائزة الأفضل يتم استبعاده من التنافس على الجائزة العربية. هذا هو السؤال الأول وإليكم الثانى، وقبل أن نصل إليه نوجه تحية للرقابة المصرية التى وافقت على عرض الفيلم اللبنانى القصير (أمى) للمخرج وسيم جعجع، الذى يقدم لمحات من حكاية الطفل الذى لا يزال يسكن فى أعماقه، عندما ماتت أمه وقالوا له إنها عند السيد المسيح (عليه الصلاة والسلام) فقرر الانتقام بأن يسرق من الكنيسة تمثال السيدة العذراء مريم (أطهر نساء العالمين) أخذ منه المسيح أمه، فقرر ببراءة أن يأخذ من المسيح أمه.

مشاعر يحركها النقاء والفطرية، الفيلم عرض فى لبنان بلا أدنى مشاكل رقابية، وبالطبع الرقابة المصرية تعتبر أن للمهرجانات خصوصيتها، ولكن هل من الممكن أن يحظى فيلم مثل (أمى) بالعرض العام فى مصر؟

كل التجارب السابقة تؤكد أن الغضب سيصبح هو العنوان، سوف يعتبر الشريط بمثابة هجوم على المقدس سواء للمسلم أو المسيحى، لم يتقبل المجتمع المصرى قبل 15 عاما عرض فيلم (بحب السيما) للمخرج الراحل أسامة فوزى، فهو يعقد أيضا ببساطة علاقة الطفل بالسينما والكنيسة، ورغبته أن يدخل النار طالما أن النجوم الذين أحبهم سيدخلون النار، وصلت موجة الغضب إلى أن ترتفع أصوات المتظاهرين داخل الكنيسة، متى تصفو أرواحنا مثل هذا الطفل الذى رأيناه فى فيلم (أمى)؟!.

وننتقل إلى السؤال الثالث، وهو تكريم محمد هنيدى بجائزة الإنجاز، تلك التى سبقه فى الحصول عليها فى الدورة الأولى عادل إمام ثم فى الثانية المخرج داوود عبدالسيد، ليس مطلوبا قطعا من المهرجان أن يعلن تراجعه أو ندمه عن منحها لهنيدى، إلا أنه لا يوجد مبرر لكى يصبح المبرر، الذى جاء على لسان مدير المهرجان، أن من يأتى بعد عادل إمام ويحصل على الجائزة، يعتبر أقل إنجازا، هذا التصريح أعتبره «إجهاز» على جائزة (الإنجاز)!.

tarekelshinnawi@yahoo.com

 

المصري اليوم في

30.09.2019

 
 
 
 
 

بطلا «ستموت فى العشرين»: الفيلم فرصة لعودة السينما السودانية

تحرير:محمد عبد المنعم

·        عرض الفيلم السوداني «ستموت فى العشرين» بمهرجان الجونة السينمائي في دورته الثالثة، وفاز بجائزة نجمة الجونة الذهبية في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة

"ستموت في العشرين"، هذا هو اسم الفيلم السوداني الذي حصل على جائزة أسد المستقبل في مهرجان فينيسيا السينمائي، والذي تمرد به مخرجه أمجد أبو العلاء علي حالة السينما في السودان وعلى العادات والتقاليد، فهو اقتحم عالم السينما بعد غيابها عن السودان نحو أكثر من 20 عاما، فوجد فرصته لأن يثور على كل الأوضاع ويخرج تجربة سينمائية تنقل أحوال السودان من خلال طفل يخبره أحد المتصوفين بأنه سيموت في العشرين، ليحول حياته كلها إلى انتظار للموت والاستسلام التام لكل أحداث الحياة.

كان لـ"التحرير" حوار مع أبطال الفيلم ليحكوا لنا عن كواليس تلك التجربة المهمة والمصاعب الكبيرة التي واجهوها في أثناء تصوير الفيلم.

مصطفى شحاتة: مشاهد "ستموت في العشرين" ما زالت تطاردني

"مزمل" هو اسم الشخصية التي يلعبها الفنان السوداني مصطفى شحاتة، والتي جسدها صدفة، حيث إن أحد الأصدقاء طلب منه أن يأتي معه إلى أحد المشاوير ولكنه اكتشف أنها شركة تجارب أداء، ويقول: "شعرت بالتوتر في البداية ولكن الفضول حمسني لأن أدخل وأعرف ماذا يحدث، وقابلني المخرج أمجد أبو العلاء وطلب مني صفحتي على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، وبعدها بفترة تفاجأت باختياري لتقديم مزمل".

مصطفى مولود بالسودان ولم يكن مهتما بالسينما من البداية فهو طبيب مساعد عيون وكل ما يربطه بهذا العالم هو مجموعة من الاسكتشات التي قدمها مع أصدقائه على سبيل الترفيه فقط.

بدأ يجلس المخرج أمجد مع مصطفى لإطلاعه على تفاصيل شخصية مزمل وكيف يريدها، إلى جانب مجهود الفنانة المصرية سلوى محمد علي التي قامت بتدريب فريق عمل الفيلم، حسبما قال "مصطفى"، مشيرا إلى أنه ممتن لها كثيرا على ما قدمته له ولكل فريق العمل، لافتا إلى أنها دائما كانت تنصحه بأن يكون تلقائيا ويجعل الشخصية تخرج من داخله.

ما زالت شخصية "مزمل" تطارد مصطفى ولا تخرج من داخله كما أن هناك بعض المشاهد تحاصره، وتحدث عن الصعوبات التي واجهته وقال: "الشخصية لم تكن سهلة وصعوبتها تكمن في الحيرة التي تخلق داخلي نتيجة معرفتي بميعاد موتي".

محمود السراج: دوري التحرري سيعرضني لهجوم بالسودان

لم يحضر الفنان محمود السراج عرض الفيلم في مهرجان فينيسيا، لكنه سعيد بردود الفعل التي حصل عليها من هناك، مشيرا إلى أنه كان متحمسا لأن يعرض العمل في مصر، موضحا أن الجمهور في مصر هو الأكبر عربيا، وأكد أن نجاح الفيلم في المهرجانات هو مكسب للسينما السودانية.

محمود يجسد شخصية سليمان في العمل، وهو شخص متحرر يحاول أن يخلص مزمل من مخاوفه، ولفت "محمود" إلى أنه أول شخصية تم تحديدها في السيناريو، موضحا أنه قابل أمجد عام 2016، حينما بدأ في مرحلة كتابة الفيلم، ووقتها بدأ الفيلم يحصل على دعم مادي واستكملوا مسيرته.

تجسيد البعد الفلسفي والنفسي لسليمان أمر ليس سهلا على محمود ولكنه جسد أدوار السايكودراما في أعمال أخرى، ما جعله يتقن الشخصية بسهولة، مؤكدا أن سليمان هو صوت الملاك الذي يحاول أن ينقذ مزمل من مخاوفه وأوهامه، ويتوقع محمود أن يثور عليه الجمهور في السودان حينما يرون شخصيته، فهو متوقع أن يكون هناك هجوم كبير.

نوه سليمان بأنه في أثناء تصوير الفيلم قامت الثورة في السودان فترك العمل في الفيلم هو وباقي الأبطال وذهبوا للمشاركة في الثورة، وأكد محمود أنه ينتظر عرض الفيلم في السودان قريبا، خاصة بعدما هدموا السينمات وحولوها إلى "بوتيكات"، ولفت إلى أن السينما السودانية مختفية ولكن هناك فرصة كبيرة للعودة بقوة وإحداث تأثير كبير.

يذكر أن إدارة مهرجان الجونة السينمائي منحت جائزة مجلة فارايتي للمخرج السوداني صهيب قسم الباري، الذي شارك في مسابقة الأفلام الوثائقية بفيلمه "حديث عن الأشجار"، وعُرض للمرة الأولى في مهرجان برلين، وفاز فى الجونة بجائزة نجمة الجونة الذهبية فى مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة، ونال جائزتي الجمهور وأفضل فيلم وثائقي في قسم بانوراما في الدورة الـ69 لمهرجان برلين السينمائي، وجائزة لجنة التحكيم الخاصة في مهرجان إسطنبول السينمائي.

 

التحرير المصرية في

30.09.2019

 
 
 
 
 

"1982" لوليد مونس يُمثّل لبنان في "أوسكار" 2020

بيروت ــ العربي الجديد

يوم الجمعة الماضي، أعلن وزير الثقافة اللبنانية، محمد داود داود، ترشيح "1982"، أول روائي طويل للّبناني وليد مونّس، لتمثيل لبنان في مسابقة الـ"أوسكار" لعام 2020، عن فئة الفيلم الأجنبي، وذلك بعد توصية من لجنة تشكّلت من عاملين في الشأن السينمائيّ، نقدًا وصحافة وتوزيعًا واشتغالات مختلفة، ترأسها المدير العام للشؤون الثقافية في الوزارة علي الصمد، وضمّت إميل شاهين وهادي زكّاك وجورج كعدي وغسان قطيط ولين طحيني وكوليت خلف ومحمد حجازي والياس دومَّر وهانيا مروَّة وغيدا مجذوب وجوزف شمالي وإبراهيم سماحة. 

مفارقات عديدة تَرِد في هذا السياق. بيان الوزارة لم يُشر إلى عدد الأفلام التي استوفت شروط التنافس على اختيار الفيلم لتمثيل لبنان في تلك المسابقة الدولية. لكن معلومات "العربي الجديد" تفيد بأنّ هناك فيلمين اثنين فقط، هما "غود مورنينغ" (2018) لبهيج حجيج و"1982"، المُنجز مؤخّرًا، والمعروض للمرة الأولى في الدورة الـ44 (5 ـ 15 سبتمبر/أيلول 2019) لـ"مهرجان تورنتو السينمائي الدولي"، والفائز هناك بجائزة "نتباك" (شبكة الترويج لسينما آسيا والمحيط الهادئ)، "لأسلوبه المُغامِر والمبدع، وللإخراج الواثق والدقيق"، بحسب بيان الشبكة، الذي رأى أنّ الفيلم "يُبرز في الوقت نفسه، ببراعة وشجاعة وتأثير، براءة الأطفال وسحرهم، رغم ما يجري حولهم من خوف وعنف".

ونال "1982" (تمثيل نادين لبكي ورودريغ سليمان) جائزة "الاتحاد الدولي للنقّاد (فيبريسي)"، في ختام الدورة الثالثة (19 ـ 27 سبتمبر/أيلول 2019) لـ"مهرجان الجونة السينمائي".

المشكلة كامنةٌ في أنّ أحد أبرز شروط الاختيار أن يكون الفيلم معروضًا في بلد المنشأ أسبوعين اثنين على الأقلّ، في حين أن "1982" معروضٌ في صالة واحدة بدءًا من 27 سبتمبر/أيلول 2019، أي قبل يوم واحد فقط من إعلان الاختيار، وهذا منافٍ لشرط "أكاديمية علوم السينما وفنونها" في هوليوود.

هذا مُكرّر. الغلبة دائمًا لنافذين في العمل السينمائي، توزيعًا وإنتاجًا. صحافيون ونقّاد يتواطؤون، والقلّة ترفض، لكن لا أحد يستجيب. الوزارة تتبنّى اختيارًا تُجمع الأغلبية عليه، والأغلبية تتشكّل دائمًا من أفراد منتمين إلى جهة واحدة، هي التي تُقرّر ما يتناسب مع عملها.

 

العربي الجديد اللندنية في

30.09.2019

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004