كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 

البندقية ٧٦ - “خيال السبت" للو يي:

متاهة درامية و”فانتازم” مخرج

البندقية - هوفيك حبشيان

فينيسيا السينمائي الدولي السادس والسبعون

   
 
 
 
 
 
 

غونغ لي مدهشة في فيلم لو يي. الممثّلة الصينية الكبيرة تجيد كيفية الدخول في لعبة الأقدار والامساك بخيوط الحكاية، فتجمع أجزاءها المشتتة. ألغاز كثيرة تنمو حول شخصيتها، لكنها صلة الوصل بين كلّ أطراف هذا العمل الشائق الذي شارك في مسابقة مهرجان البندقية السينمائي (٢٨ آب - ٧ أيلول). وجهها يضيء الشاشة على امتدادها، بصورتها ذات اللونين الأسود والأبيض. تبدأ الحوادث في كانون الأول من العام ١٩٤١، يوم كانت شانغهاي ساحة للجواسيس، أرضاً مفتوحة للمناكفات على أنواعها، ولا سيما بين الحلفاء ودول المحور. في هذه الأجواء، تشهد المدينة عودة النجمة الكبيرة جان يو (لي) إليها، للتمثيل في مسرحية من إخراج حبيبها السابق (مارك شاو). لهذه النجمة، على ما يبدو، أهداف عدة، تبدأ مع تحرير زوجها السابق الذي احتجزه اليابانيون لأسباب نجهلها، ولا تنتهي بالرغبة إلى الهرب من الحرب مع عشيقها.

أياً يكن، هناك شيء ملتبس في شأنها في الفيلم يزجّ بنا في متاهته الدرامية، حدّ انه لا يعود ممكناً التمييز بين الحليف والعدو والعميل، أي كلّ هذه الشخصيات التي كلّ منها تغنّي على ليلاها والتي يعجّ بها الفيلم المشبّع بالكثير من الحوادث المتعاقبة والمضللة. يجد المخرج متعة خالصة في جعل المُشاهد يقبع داخلها على مدار ساعتين من الزمن.

الفيلم لا يوفّر الكثير من المعلومات التي تتعلق بخلفية الصراعات، رغم ضرورة التقاط بعضها لفهم ما يجري على الشاشة. دوافع المخرج الكامنة خلف إنجاز الفيلم سينمائية بامتياز، فالتاريخ ليس ما يشغله على أي حال، أو السياسة بمفهومها المباشر. هناك شغل جيد في مجال اشاعة أجواء من حقبة ماضية لا تزال محل "فانتازم" عند العديد من السينمائيين.

ولد لو يي لأبوين يعملان في المسرح في شانغهاي. أمضى طفولته في كواليس المسارح. درس في معهد الفنون الجميلة، قبل أن يعمل في استوديوات شانغهاي لأفلام التحريك. في العام ١٩٨٩، تخرّج في أكاديمية بيجينغ للفيلم بشهادة في الإخراج السينمائي. عُرضت أفلامه في أهم المهرجانات الدولية (كانّ، برلين، البندقية)، ونالت أرفع الجوائز، منها جائزة السيناريو عن "حمى خريف" في مهرجان كانّ عام ٢٠٠٩ والدبّ الفضّة عن "تدليك أعمى"في مهرجان برلين العام ٢٠١٤. أراد لو يي فيلماً يوثّق مصير شخصيات مختلفة ومتناقضة في سعيها لتحقيق الذات، خلال واحدة من أسوأ فترات التاريخ. صوّر هذا كله كمَن يطمح إلى استعادة ذكريات طفولته. فهو، باعتباره يتحدّر من عائلة تعمل في المسرح، اكتشف عالم التشخيص منذ سن مبكرة، فأدرك الزيف والتحولات، والدخول من باب الواقع للخروج من نافذة الخيال، منذ ذلك الحين. هذه الأشياء هي التي صنعت فيلمه "خيال السبت".

 

النهار اللبنانية في

10.09.2019

 
 
 
 
 

سامي بوعجيلة أفضل ممثل في مسابقة «آفاق بيك نعيش» من ملتقى القاهرة السينمائي إلى جائزة مهرجان فينيسيا

خالد محمود

بعد 3 سنوات على اختياره كمشروع للمشاركة في نسخة 2016 من ملتقى القاهرة السينمائي الذي يقام ضمن مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، فاز الفيلم التونسي بيك نعيش للمخرج مهدي البرصاوي بأولى جوائزه بعد العرض العالمي الأول في قسم آفاق بالدورة الـ76 من مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي، بعد أن استلم سامي بوعجيلة جائزة أفضل ممثل.

أحداث بيك نعيش تحكي قصة أسرة تتحول عطلتها الأسبوعية إلى جحيم بعد إصابة الابن في حادث إرهابي. الفيلم من بطولة سامي بوعجيلة ونجلاء بن عبد الله، وهو من تأليف وإخراج البرصاوي وتتعاون في إنتاجه شركات Cinetelefilms للمنتج حبيب عطية وDolce Vita Film و13 Production وMetafora Production وSunnyland Film Art Group وShortcut Films وJour2Fete.

ويوافق هذا العام النسخة السادسة من ملتقى القاهرة السينمائي، وهي المبادرة التي أطلقها المهرجان لتشجيع الشراكات التي تقوم على الإنتاج والتمويل المشترك للأفلام غير المكتملة والمشاريع في مرحلة التطوير والتي سبق لها المشاركة في النسخ السابقة من الملتقى.

ويجتمع في ملتقى القاهرة السينمائي منتجون وممولون وموزعون وممثلون من شركات تمويل ووكلاء مبيعات وتغطية تلفزيونية من مختلف دول العالم، سعياً لإطلاق شراكات وعمليات إنتاج مشترك دولية مع صناعة السينما العربية.

يمثل ملتقى القاهرة السينمائي فضاءً يُمكن صنّاع الأفلام العرب من إنشاء شبكة من العلاقات، ويتيح لهم الحصول على الدعم اللازم لإكمال مشاريعهم السينمائية، كما يضم الملتقى لجنة تتشكل من أبرز الأسماء في عالم صناعة السينما لاختيار المشاريع الحاصلة على الجوائز المادية والعينية.

وفي نسخة العام الماضي، وقع الاختيار على 16 مشروعاً للحصول على دعوة للمشاركة في ملتقى القاهرة السينمائي، بينما نال عشرة منهم جوائز تصل مجموع قيمتها إلى 120 ألف دولار أمريكي مقدمة من شركاء الملتقى.

ملتقى القاهرة السينمائي يُقام ضمن أيام القاهرة لصناعة السينما، الذي يعد منصة تقدم للمشاركين فيها فرصاً مهمة للنقاشات والتشبيك والاجتماعات وورش العمل والورش التدريبية، بالإضافة إلى الشراكة بين المواهب العربية والأسماء المرموقة في صناعة السينما الإقليمية والدولية، بهدف تقديم دعم أكبر للسينما العربية.

 

الشروق المصرية في

10.09.2019

 
 
 
 
 

السينما العربية تسترد مجدها الغائب

العين الإخبارية - صفوت دسوقى

استطاعت السينما العربية أن تعلن عن نفسها جيداً في مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي الـ76، إذ اقتنصت الأفلام العربية المشاركة مجموعة من الجوائز المهمة، إذ فاز الفيلم السوداني "ستموت في العشرين" للمخرج أمجد أبوالعلاء بجائزة "أسد المستقبل". 

ومن لبنان فاز فيلم "جدار الصمت" للمخرج أحمد غصين بـ3 جوائز دفعة واحدة، وذلك خلال عرضه ضمن مسابقة "أسبوع النقاد"، وهي جائزة أحسن فيلم والجمهور وأفضل مساهمة فنية.

كما ظهرت السينما السعودية بشكل قوي ومؤثر في المهرجان بفيلم روائي طويل يحمل اسم "سيدة البحر" وفازت مخرجة الفيلم شهد أمين بجائزة "فيرونا" عن فئة الفيلم الأكثر إبداعاً، ومن تونس حصل فيلم "عرايس الخوف" للمخرج نوري بوزيد على الجائزة الخاصة لحقوق الإنسان.

الظهور العربي القوي في مهرجان فينيسيا جعل أنظار العالم تتجه نحو السينما العربية ومبدعيها، وكشف أيضاً عن تطور لافت للنظر في السودان والسعودية في مجال السينما.

"العين الإخبارية" ترصد في هذا التقرير التحول الذي طرأ على السينما العربية والعوامل التي جعلتها تتوهج وتفرض نفسها في المهرجانات الدولية الكبرى.

وقال المخرج المصري علي عبدالخالق لـ"العين الإخبارية": "الأمر الذي يدعو للفخر والسعادة هو وجود السينما السودانية على الساحة وقدرتها على اقتناص جائزة بالغة الأهمية، فرغم الظروف الصعبة التي مر بها السودان لم تمت السينما واستطاع فيلم (ستموت في العشرين) أن يبهر العالم".

الأمر ذاته بالنسبة إلى السعودية، وجودها على الخريطة السينمائية ضعيف، ولكن في فترة قصيرة استطاعت أن تقدم أعمالاً مهمة مثل فيلم "وجدة" الذي حصل العام الماضي على عدة جوائز من مهرجانات دولية عديدة، وفيلم "سيدة البحر" الذي عُرض هذا العام في مهرجان فينيسيا.

وتابع عبدالخالق: "أتصور أن السبب الحقيقي وراء انتعاش السينما العربية هو ارتفاع سقف الحرية للمبدعين فقد توليت العام الماضي رئاسة لجنة تحكيم الأفلام العربية في مهرجان الإسكندرية وفوجئت بمستوى التطور في التكنيك والجراءة في طرح الموضوعات والمعالجات السينمائية". 

وأضاف: "أيضاً لفت نظري وجود قضايا شائكة في الأفلام مثل الإرهاب والحريات، ففي الماضي صناع السينما كانوا يبتعدون عن مثل هذه القضايا".

أما الناقد الفني طارق الشناوي فيرى أن السينما العربية لا تعاني من مشكلة في الميزانيات الضخمة للإنتاج ولكنها كانت تعاني من قلة الأفكار.

وقال لـ"العين الإخبارية": "أزمة المبدعين في عالمنا العربي هي القيود التي تحاصرهم وتدفعهم للتحرك في مناطق محددة لكن بعد الحراك السياسي الذى طرأ على المنطقة العربية بدأت القيود تزول، وأكبر دليل على ذلك وجود أفلام جريئة وتقترب من قضايا مهمة".

وأوضح: "صحيح أن السينما العربية لفتت الأنظار في مهرجان فينيسيا لكن لا نستطيع أن ننكر أنه في السنوات الـ5 الأخيرة قدمت تونس والمغرب والجزائر ومصر أعمالا مهمة وحققت نجاحاً وحصلت على جوائز مهمة مثل فيلم (يوم الدين) وفيلم (اشتباك)". 

من جانبها، أكدت الناقدة ماجدة موريس أن مستوى السينما في عالمنا العربي أصبح لا يقل عن السينما العالمية ومن حقها أن تفوز بجوائز وتنافس بقوة في المهرجانات العالمية.

وتابعت: "الأفلام الأخيرة التي خرجت من مصر وعالمنا تكشف أن السينمائيين الجدد لديهم رغبة في كسر التابوهات الجامدة والذهاب بعقل المشاهد إلى قضايا عميقة".

وأوضحت موريس: "الأمر الجيد الذي استوقفني في جوائز مهرجان فينيسيا هو قدرة السودان والسعودية على تصدر المشهد والإعلان عن ميلاد سينما قوية وواعية وقادرة على التعبير عن أوجاع الناس وإجبار العالم على المشاهدة والتصفيق".

 

####

 

هند صبري بعد جائزة فينيسيا: أرفض تصنيف أفلام للمرأة بهدف التمكين

هشام لاشين

تعيش الفنانة التونسية هند صبري انتعاشة فنية كبيرة، بعد تكريمها من مؤسسة الصحفيات الإيطاليات، على هامش فعاليات مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي في دورته الـ76، ومنحها جائزة Starlight Cinema Award التي حصل عليها سابقا النجم العالمي آل باتشينو.    

كما تم اختيار هند عضوا بلجنة تحكيم مسابقة العمل الأول بمهرجان فينيسيا، وهي المسابقة التي استحدثت هذا العام، بالإضافة لمشاركتها في فيلم "نورا تحلم" بقسم "اكتشاف" وهو الفيلم الروائي الأول للمخرجة التونسية هند بوجمعة.

ويشارك الفيلم نفسه أيضا ضمن مسابقة "مخرجين جدد" في الدورة الـ67 لمهرجان سان سيباستيان السينمائي بإسبانيا خلال الفترة بين 20 و28 سبتمبر/أيلول الجاري، وكذلك مسابقة مهرجان قرطاج السينمائي المقبل في أكتوبر/تشرين الأول.

وتجسّد هند صبري الشخصية الرئيسية في الفيلم، والمستوحاة قصته من أحداث حقيقية لفتاة تنتمي للطبقة الكادحة بتونس، ويحكي معاناتها بعد سجن زوجها والمضايقات التي تتعرض لها بسبب تاريخه الإجرامي.

مجلة "فارايتي" انتهزت وجود صبري بمهرجان "فينيسيا"، وأجرت معها حوارا أشارت خلاله إلى أن فيلمها الأخير "الفيل الأزرق 2" حقق أعلى إيرادات في شباك التذاكر، كما تطرقت إلى تغيير صناعة السينما العربية والدور المستمر الذي تلعبه النساء في تحولها.

هند أكدت خلال حوارها مع "فارايتي" أن وصول أول فيلم مصري بعنوان "خوارق" للعرض على نتفليكس فرصة عظيمة لأنه يعني انتقال المزيد من القصص المحلية إلى العالمية، معتبرة أنه من اللافت عودة الأدوار القيادية النسائية للسينما التجارية.

وعن أكثر ما يؤلم "صبري" في صناعة السينما العربية، أشارت إلى عدم وجود إنتاج مشترك رغم أن العالم العربي 350 مليون نسمة، ويتحدثون اللغة نفسها، متمنية وجود سوق أقوى من حيث المحتوى والتكلفة والجودة.

واعتبرت "صبري" أن إطلاق عرض "الفيل الأزرق 2" في جميع الدول العربية في اليوم نفسه بمثابة الشرارة الأولى للضوء الذي تراه في نهاية النفق المظلم.

وأكدت هند صبري رفضها لفكرة تصنيف أفلام للمرأة وأخرى للرجل بهدف التمكين، معتبرة أن ذلك التصنيف صار مجهدا بالنسبة لها، معتبرة أن فيلم "نورا تحلم" من إخراج امرأة لكنها لم تتبع منهجا نسويا محددا في الطريقة التي تتحدث بها عن مشاكل المرأة العربية.

وحول رأيها في مشاركة أفلام عربية عديدة لنساء في فينيسيا السينمائي، خاصة من السعودية، قالت إن "المرشح المثالي" هو الفيلم الثالث لهيفاء المنصور ولا يتعلق بجنسها أو جنسيتها.

وقالت: "(الفيل الأزرق) هو الفيلم المصري الأول أو الثاني الذي يتم عرضه في دور السينما السعودية"، معتبرة أن هذا أمر تاريخي.

وأنهت "صبري" حديثها بالتأكيد على سعادتها بما تحقق على الأرض للمرأة مثل السماح للسيدة السعودية بقيادة سيارتها والذهاب إلى السينما، وتمويل الحكومة السعودية للأفلام، مؤكدة أن هذا الأمر ليس بجديد على المنطقة؛ حيث كانت تقرأ نصوصا لـ80% من نساء الخليج لسنوات طويلة، مضيفة: "معظم صناع الأفلام السعوديين الذين أعرفهم من النساء".

 

بوابة العين الإماراتية في

10.09.2019

 
 
 
 
 

"الجوكر" الذي اقتنص "الأسد الذهبي" بفينيسيا

أمير العمري

شخصية من عالم "الكوميك بوكس" في مزيج من الخيال المصور وسينما الاحتجاج السياسي.

شكل فوز الفيلم الأميركي “الجوكر” (أو المهرج) بجائزة “الأسد الذهبي” لأفضل فيلم في مهرجان فينيسيا السينمائي، مفاجأة عند الكثيرين، ليس لأنه أقل من مستوى الفوز بالجائزة، فهو عمل جيد ومتماسك على جميع المستويات، بل لكونه ينتمي على نحو ما، إلى سينما هوليوود التي تستند إلى الخيال المصوّر (الكوميك بوكس) التي اشتغلت عليها كثيرا.

 فيلم “الجوكر” Joker (أو المهرّج) الذي أخرجه تود فيليبس، عمل مستمد من الخيال، لكنه ينتمي بقوة إلى الواقع. وهو يبدو كما لو كان يدور في الماضي، فالأزياء والسيارات والملابس والإكسسوارات (بما في ذلك جهاز التلفزيون البيضاوي الصغير) تنتمي كلها إلى حقبة ماضية قد تكون أوائل الثمانينات، إلاّ أنه يمكن أيضا أن يكون عملا مستقبليا، يقدّم تصوّرا لما يمكن أن يحدث إذا استمرت الأحوال على ما هي عليه في مدينة “غوثام” (Gotham) التي يحافظ الفيلم على اسمها الراسخ في مسلسلات “باتمان” المعروفة، ولكنه يقدّمها بكل معالم نيويورك الحالية وهو اختيار واضح ومتعمّد بالطبع.

نحن أمام بطل نقيض anti-hero، أو بطل مهزوم ومحبط ومعقد، لا يتمتع بأي قدر من البطولة بل من المشهد الأول يتعرض للفتك به بعد أن يعتدي عليه عدد من الشباب ويسرقون منه لافتة “كل شيء للبيع” التي يرفعها أمام أحد المتاجر التي تصفّي بضاعتها، ويحطمونها من دون هدف سوى السخرية والإيذاء واللهو، ظنا بأن “آرثر” الذي يرتدي ملابس “المهرّج” هو مجرد “مهرّج” لا حول له ولا قوة.

إلاّ أن آرثر سيقتني بعد ذلك مسدسا للدفاع عن نفسه. وهو ما يتناقض مع مظهره العام وتكوين شخصيته، فقد كان يحلم بأن يصبح مهرّجا منذ طفولته، لكن مأساته الشخصية دفعت به إلى قدر من الهوس والجنون وقد تقوده أيضا إلى العنف، وهو يعيش بمفرده مع أمه المريضة في شقتهما الضيقة الحقيرة. لا يعرف من هو أبوه. يشاهد الاثنان البرنامج التلفزيوني الشهير الذي يقدمه أسبوعيا المقدم المعروف موراي فرانكلين (مباشر مع موراي فرانكلين).

أما فرانكلين الذي يعشق آرثر أسلوبه ويحلم بأن يظهر في برنامجه، فيقوم بدوره في الفيلم روبرت دي نيرو الذي رأيناه في فيلم “ملك الكوميديا” (1982) لمارتن سكورسيزي في دور يشبه -من زاوية ما- دور آرثر في “الجوكر”، وهو ما دفع الكثيرين إلى المقاربة بين “الجوكر” و”ملك الكوميديا” بل ومحاولة البحث عن علاقة بينه وبين فيلم سكورسيزي الآخر الذائع الصيت “سائق التاكسي” (1976).

تود فيليبس يقدم رسالة "فوضوية" واضحة تميل إلى فكرة "التطهير" الاجتماعي بالعنف الفوضوي المجنون

دراسة شخصية

إلاّ أن فيلم تود فيليبس يقوم على رؤية مستقلة تخصّ صاحبها، وهي رؤية مستمّدة جزئيا من الخيال المصوّر أساسا، ربما تكون قد تأثّرت على نحو أو آخر، ببعض الجوانب في أفلام أخرى منها أيضا فيلم هيتشكوك الشهير “سايكو”، ولكن في سياق الواقعية التي لا تبتعد عن المسار الصارم الذي يقترب كثيرا من الطابع التسجيلي في خلق مكونات الصورة، أي الالتزام بأسلوب الفيلم الواقعي، وسينما الاحتجاج السياسي والغضب التي عرفتها هوليوود منذ الستينات.

ومن ناحية أخرى، يمكن اعتبار “الجوكر” فيلم دراسة لشخصية (character study)، أي لشخصية شاب محبط فاشل في أن يحقّق حلمه، يريد أن ينتمي وأن يقترب من الآخرين، لكنه يُقابل دائما بالسخرية والاستهزاء، ويتعرّض للاستنكار بل وللإيذاء الجسدي، يشعر بأنه لا يقل قيمة عن غيره، لكن الواقع الذي يعيش فيه، هو واقع تبرز فيه طبقة “الأثرياء” الذين لم يبذلوا جهدا للحصول على الثروة سواء من مضاربي وول ستريت تحديدا وملاّك العقارات، أو هذا الرجل “مدير البلدية” الذي سيعرف أنه والده الحقيقي الذي سيتنكّر له ويرفضه تماما بعد أن يسعى إليه آرثر للحصول منه، لا على المال أو السند الاجتماعي، بل على مجرد “حضن أب”، كما يقول له في مواجهة ستسفر عن تفريغ دموي لنتاج الإحباط المتكرّر.

الجوكر يفشل في أن يصبح مهرّجا كوميديا، ويُطرد من كل عمل ألحق به، خاصة بعد أن يسقط منه المسدس الذي كان في جيبه في أحد فصول مدرسة للأطفال كان يقدّم لهم عرضا ضاحكا. ولا تجدي شكواه وتبريراته وأعذاره نفعا بل يتم لفظه بكل قسوة.

وعند كل موقف صعب يقابله في حياته ينفجر آرثر في فاصل من الضحك الهستيري الذي يبدو في نهايته أقرب إلى نوبة من البكاء. هذا الضحك المتواصل الذي يشبه شهقة طويلة، هو غالبا القشرة التي يتستر داخلها آرثر لكي تعوّضه عن الكلام أو التعليق كما أنه يشي أيضا بحالته “العقلية” المضطربة، لكنه ليس هكذا دائما فكثيرا ما نشعر أنه أيضا “يفتعل” هذا الفاصل من الضحك المتواصل العصبي كوسيلة للاحتجاج والرفض والتعبير عن الغضب.

داخل عربة من عربات قطار الأنفاق ثلاثة من الشباب من العاملين في البورصة في وول ستريت (ألم أقل إننا في نيويورك التي هي المعادل الواقعي للمدينة غوثام سيتي؟). ينفجر آرثر في ضحكه الطويل. النتيجة أن يعتدي عليه الشباب الثلاثة ويركلونه بكل قسوة، وعندما يصبح مهدّدا بالموت يخرج مسدسه ويقتل اثنين منهم، ثم يطارد الثالث في ممرّات المحطة التالية التي يتوقّف عندها القطار ويقتله.

وتصبح هذه الجريمة “الثلاثية” العنوان الرئيسي في جميع الصحف ووسائل الإعلام وبين السكان في المدينة كلها. لقد أصبح “المهرج” القاتل بطلا في عيون الفقراء والملوّنين والمهمّشين من سكان المدينة المنقسمة التي تعاني من التناقضات الطبقية اللعينة.

وسيلة للتطهير

سيظهر الجوكر أخيرا في برنامج معبوده موراي فرانكلين، ولكن لكي يتعرّض للسخرية والهزء. وعندما تفرغ طاقة التسامح والقدرة على التكيّف مع العالم تكون النتيجة أن الجوكر سينقلب على العالم بأسره، ويصبح وسيلة لتطهير غوثام سيتي من الآثام على غرار بطل “سائق التاكسي” الذي يرتكب المذبحة الدموية في النهاية لكي يطهر المدينة من “الرذيلة”.

المشكلة الأساسية في الفيلم، من الناحية الفنية أولا، أنه يعاني قرب نهايته من تعدّد النهايات فكلّما تصوّر المشاهد أن الفيلم انتهى عند لحظة ما، وكان يمكن أن تكون هي النهاية بالفعل، يفاجأ بالمزيد من الاستطرادات التي لا تضيف الكثير وتمدّ في الفيلم لنصل إلى النهاية الثانية التي لا تتحقّق ثم النهاية الثالثة التي يختتم الفيلم عندها.

أما المشكلة الثانية، فهي أننا ندرك حقا منذ البداية أن بطلنا مصاب باضطراب عقلي خطير بسبب عجزه عن التحقق في مجتمع يضطهد الضعفاء، ونحن بالتالي نتعاطف معه، لكن المشكلة أننا نظل نتعاطف معه حتى بعد أن يصبح أداة رهيبة للعنف والقتل وسفك الدماء بدرجة هائلة، وهو الذي سيُلهم باندلاع العنف الجماعي في نهاية الفيلم، وهي رسالة “فوضوية” واضحة تميل إلى فكرة “التطهير” الاجتماعي بالعنف الفوضوي المجنون.

ربما تكون هذه الرسالة تحذيرا ممّا يمكن أن تؤدي إليه التناقضات القائمة في المجتمع الأميركي حاليا. لكنها تحاط هنا بنوع من “التمجيد” و”التجميل” بل والتعاطف مع ذلك البطل الذي يخفي في طيات ضحكاته المجنونة- المحسوبة- المصنوعة- الاستهجانية، غضبا شديدا ورغبة عارمة في التدمير.

لم يكن "الجوكر" ليصل إلى كل هذه الجاذبية والرونق، لولا ذاك الأداء المذهل البديع من جانب الممثل جواكين فينيكس

لم يكن “الجوكر” ليصل إلى ما وصل إليه، أي كل هذه الجاذبية والرونق والقدرة على السيطرة على عقول وقلوب المشاهدين وجذبهم إلى شخصية كان الكثيرون يتصوّرون أنها قد أُشبعت تصويرا في السينما، لولا ذاك الأداء المذهل البديع من جانب الممثل الشهير جواكين فينيكس.

براعة التقمّص

إن جواكين فينيكس يبدو وقد تماثل -ليس فقط مع الشخصية المضطربة المجنونة نفسيا وذهنيا- بل وجسّد أيضا ملامحها “الجسمانية”، فهو فقد الكثير من وزنه بحيث برزت عظام كتفيه وصدغه وعموده الفقري، وبدت عيناه غائرتين، واستطاع أن يتحرّك كما لو كان مزيجا من “المهرج” الكرتوني والكائن البشري، أي الشخصية التي تريد تسلية الآخرين وإضحاكهم، كوسيلة للتغطية على ألمه الشخصي، ولكنه كان يستيقظ أيضا من نوباته السلبية، أي من فاصل الضحك المستمر، لكي نكتشف أنه قادر على التفكير والحكم على الأمور وفهم ما يجري من حوله وتحقيق انتقامه الخاص بطريقته. وهو يبدو في الكثير من المواقف كما لو كان يختصر نتاج إحباط مئة عام من القهر الاجتماعي.

وعندما يقتل يبدو كما لو كان ينتقم من ماضيه وممّا تعرّض له من ظلم وإنكار، وفي الوقت نفسه كما لو كان يقوم بدور في عمل من أعمال الخيال. ويبدو فينيكس في ملابس وماكياج المهرج، شديد الإقناع، لا تخفي المساحيق السميكة انفعالاته وتعبيرات عينيه، وفي الرقصة التي يؤديها على السلم أمام البيت الحقير الذي يقيم فيه مع والدته، يتحرّك بخفة وبراعة ويهبط في حركات محسوبة بدقة، كما لو كان كائنا كرتونيا قادما من خارج الواقع.

ومشاهدة أداء جواكين فينيكس تكفي للاستمتاع بهذا الفيلم الذي سيشقّ طريقه دون شك، نحو مسابقة الأكاديمية الأميركية ليثبت مجدّدا، أن مهرجان فينيسيا هو الطريق الرئيسي إلى جوائز الأوسكار.

كاتب وناقد سينمائي مصري

 

العرب اللندنية في

11.09.2019

 
 
 
 
 

"لا موسترا 2019": دورة غير استثنائية بجوائز متوازنة

فينيسيا ــ محمد هاشم عبد السلام

مساء السبت الماضي، اختُتمت الدورة الـ76 لـ"مهرجان البندقية (فينيسيا) السينمائي الدولي"، المنعقدة بين 28 أغسطس/ آب و7 سبتمبر/ أيلول 2019، وهي دورة غير استثنائية في اختيار أفلام الأقسام المختلفة، مقارنة بدورة العام الماضي مثلاً، رغم وجود أسماء عديدة مُكرّسة سينمائيًا، كان يُتوقّع أنْ تُقدِّم الكثير. لذا، لم تجد لجنة تحكيم الدورة الأخيرة هذه، برئاسة المُخرجة الأرجنتينية لوكريسيا مارتيل، صعوبة كبيرة في اختيار أفضل الأفلام بشكلٍ عادل، وتوزيع الجوائز على نحو متوازن ومُنصفٍ إلى حدّ بعيد. 

في أولّ مُشاركة له في مهرجان فينيسيا، فاز الأميركي تود فيليبس بـ"الأسد الذهبي" عن "جوكر". نجاح لم يأت من فراغ، والفوز مُستَحقّ بالتأكيد، إذْ بدا الفيلم، منذ عرضه الأول، أحد أقوى أفلام المسابقة، و"رشَّحه" كثيرون لجوائز مختلفة، أبرزها أفضل ممثل، التي كان يستحقّها واكِنْ فينيكس، عن تأديته شخصية "آرثر فْلَك". لكن، كان يصعب منح الفيلم جائزتين.

ذكر فينيكس في تأديته آرثر فْلِك/ الجوكر لم يكن بسبب روعة أدائه فقط، بل لأنّه لولا تأديته الدور لما كانت للفيلم قوّة ومصداقية. فـ"الجوكر" قائم على شخصية وحيدة بالغة الإنسانية، تعاني أمراضًا نفسية، لأسباب بعضها خاص بالتربية والمجتمع. يسرد الفيلم التطوّرات التي تطرأ عليها، وتحوّلها إلى نقيض ما هي عليه، من دون أدنى انفعال. ورغم جنوح الشخصية إلى القتل والدم، وعدم قدرتها على إثارة تعاطف مع ردود فعلها الدموية، إلّا أنّ الدوافع مفهومة، وتكاد تكون مُبرَّرة.

بعد عرضه الأول في المسابقة الرسمية، وُصف "إنّي أتّهم"، للبولندي الفرنسي رومان بولانسكي، بأنه "تحفة سينمائية"، وتردّد أنّه يصعب عدم منحه جائزة. وهذا ما حصل، إذْ فاز بـ"الأسد الفضي ـ الجائزة الكبرى للجنة التحكيم". الفيلم عن قضية الضابط الفرنسيّ اليهودي ألفريد درايفوس، المتّهم ظلمًا بالتخابر مع بلد عدو. ورغم شهرة القضية منذ حدوثها عام 1894، وكثرة تناولها، نبضت بدماء جديدة، مع بولانسكي. المُتمرّس في تقديم هذا النوع من الأفلام التاريخية.

في مفاجأة غير متوقّعة كلّيًا، أثارت دهشة واستغراب كبيرين، كي لا يُستخدَم تعبير "استهجان النقّاد والصحافيين"، فاز "عن الأبدية"، للسويدي روي أندرسون، بـ"الأسد الفضي ـ أفضل إخراج". فأندرسون، الفائز بـ"الأسد الذهبي" عن تحفته "حمامة جلست على غصن تتأمل الوجود" (2014)، لم يتمكّن من تقديم لافتٍ أو جديدٍ أو مغايرٍ في "عن الأبدية". لكنه، وكعادته، يتأمّل الوجود البشري، بكلّ ما له وعليه، بأسلوبه المُميّز، الذي لم يحد عنه في جُلّ أفلامه. وذلك في مَشَاهد أو فقرات عبثية، متّصلة ـ منفصلة، تُناقش كلّ شيء، وتسخر منه، مُضيفًا على السخرية مرارةً. لكن الفيلم لم يكن بالقوّة نفسها لأفلامه السابقة.

"كأس فولبي أفضل ممثلة" مُنحت لأريان أسكاريد عن دورها في "غلوريا موندي" للفرنسي روبير غيديغيان. بهدوء شديد ومصداقية بالغة، أدّت أسكاريد دور سيلفي، أمٍ لابنتين غير شقيقتين، تكافح وزوجها الحالي من أجل لَمّ شمل العائلة، ومواجهة الصعوبات المالية الجمّة التي تواجه إحدى ابنتيها، وتكاد تعصف بزواج الثانية، التي أنجبت طفلة سمّتها غلوريا. إلى هذا، تواجه سيلفي صعوبات في وظيفتها كعاملة تنظيفات، إذْ يريد زملاؤها بدء إضرابٍ عن العمل لرفع الأجور، بينما لا تستطيع مشاركتهم به، لحاجتها الشديدة إلى المال. في الوقت نفسه، يخرج زوجها السابق من السجن بعد أعوام طويلة أمضاها فيه، راغبًا في لقاء حفيدته، فيبدأ تواصله مع العائلة، ما يؤدّي إلى بعض التوتر، ويُوقظ مشاعر قديمة، تحاول سيلفي السيطرة عليها.

أما "كأس فولبي أفضل ممثل"، فنالها الإيطالي لوكا مارينيلّي، عن دوره في "مارتن إدن" لبياترو مارتشيلّو. إدن شخص عصامي، يعمل بحّارًا. أمّيٌ، لا يعرف الكثير عن حياة أخرى غير حياة البحر والشقاء والفقر. بإصرار وعزم شديدين، يُقرّر أنْ يصبح كاتبًا وأديبًا مشهورًا. حبّه لشابّة من أسرة إقطاعية دفعه إلى حبّ القراءة والكتب، فهي نصحته بضرورة إكمال تعليمه. يهجر العمل، ويعيش حياة تقشف وجوع لتحقيق حلمه، فيتمكّن لاحقًا من تحقيق شهرةٍ وثراء، لكنّه يخسر حبّه، ويعيش حياة تعيسة.

لم يكن أداء مارينيلّي مُقنعًا تمامًا، مقارنة بجان دوجاردان في "إنّي أتّهم" مثلاً، أي أنّه غير مُستحقّ الجائزة بجدارة وإنصاف. لكنّ الفيلم جيد، على غرار الأفلام الإيطالية في هذه الدورة، مقارنة بدورات كثيرة سابقة. هذا يظهر في فوز الفيلم الإيطالي الآخر "عمدة ريوني سانيتا" لماريو مارتوني بجائزة لجنة التحكيم الخاصة، التي يستحقها، وإنْ كان يُفضَّل منح جائزة أفضل ممثل لفرانشيسكو دي ليفا، عن دوره كعمدة ريوني سانيتا، بدلاً من مارينيلّي. لكن اللجنة ارتأت أن الفيلم إجمالاً أقوى من "مارتن إدن"، وأنّه يستحق جائزة لجنة التحكيم، أكثر من جائزة التمثيل.

أحداث الفيلم، المأخوذ عن مسرحية بالعنوان نفسه لإدواردو فيليبّو، تدور في نابولي، مع العمدة أنتونيو باراكانو، الذي يفصل بالعدل، لكن بحزم وجدّية، بين سكان المنطقة، الذين لديهم مشاكل ومنازعات، مستندًا إلى "كاريزما" فائقة، مُعطيًا لكلّ واحد حقّه. هذا كلّه في إطار غير معهود، يتمثّل بإبراز وجه آخر للمافيا ورجالها لم يظهر سابقًا.

للمرّة الأولى هذا العام، ينافس فيلم تحريك أفلام المسابقة الرسمية، ويفوز بجائزة أفضل سيناريو: "رقم 7، حارة الكرز"، للصيني يونفان مخرجًا وكاتبًا. جائزة تطرح تساؤلات كثيرة، خاصة أنّ في المسابقة أكثر من فيلم يستحقّها، كـ"في انتظار البرابرة"، للكولومبي تشيرو غيرّا، عن رواية بالعنوان نفسه للجنوب أفريقي جي. أم. كويتزي.

فالسيناريو الفائز لم يُقدِّم جديدًا. قصّته عادية، عن طالب يدرس الأدب الإنكليزي، يُغرم بفتاة صغيرة وبوالدتها في الوقت نفسه. تدور الأحداث في هونغ كونغ، في ستينيات القرن الـ20. يونفان مخرج أفلام رومانسية جيّدة، و"رقم 7، حارة الكرز" أول فيلم تحريك له، بعد أفلام وثائقيّة وروائية طويلة.

إلى ذلك، مُنحت جائزة "مارتشيلّو ماستروياني - أفضل ممثل أو ممثلة صاعدة"، للأسترالي توبي والاس، عن دوره في "أسنان الطفلة" لشانّون مورفي. الجائزة مُستحقّة لجودة الفيلم وأداء الممثل، ولعدم وجود منافسة قوية في الفئة العمرية نفسها. موزس شاب ضائع، منفصل عن عائلته، مدمن وتاجر عقاقير، يتعرّف صدفة على الشابّة ميلا، المريضة جدًا، التي تعيش أيامها الأخيرة. يتعقّد الأمر مع مبادلتها إياه الحب نفسه، الذي سيكون كارثيًا بالنسبة إلى أسرتها الأرستقراطية. لكن، بسبب تمسكها به، وقدرته على إعادة البسمة إليها، تتغاضى الأسرة عن العلاقة، مانحة ميلا أجمل لحظات حياتها قبل الرحيل.

أما جائزة "لويجي دي لورينتس - أسد المستقبل"، التي تُمنح للفيلم الأول، والتي يترأّس لجنة تحكيمها المخرج أمير كوستوريتسا، فذهبت إلى الفيلم السوداني "ستموت في العشرين" لأمجد أبو العلاء. لم يكن الفوز مفاجئًا أو غير متوقّع، فقد أجمعت آراء كثيرة على أنّه الأقوى بين أفلام مسابقة "أيام فينيسيا". وكان مثيرًا للانتباه عدم اختياره للمسابقة الرسمية، أو لقسم "آفاق" مثلاً، التالي للمسابقة الرسمية في الأهمية.

"ستموت في العشرين" مأخوذ عن مجموعة قصصية للسوداني حمور زيادة، بعنوان "النوم عند قدميّ الجبل" (2013). فيه سرد سينمائي آخّاذ، ورؤية بصرية جميلة للغاية، من دون تكلّف أو افتعال. الصدق الفني "كلمة مفتاحية" في تلقّي الفيلم، الغائص في تربة سمراء، غاية في الخصوبة. يرتكز الفيلم على شخصية مُزَّمِّل، الذي قيل لوالديه فور ولادته إنّه سيموت عند بلوغه 20 عامًا. بعد استعراض وجيز لطفولته ومراهقته، ينتقل الفيلم سريعًا إلى مرحلة بلوغه عامه الـ20. رغم بساطة الفكرة وفولكلوريّتها، فإنها مُحمَّلة بقدر كبير من التأمّل والفلسفة ومقاومة الموت وحبّ الحياة والانتصار لها.

 

العربي الجديد اللندنية في

11.09.2019

 
 
 
 
 

أمجد السودانى "أسد المستقبل" فى مهرجان فينسيا

حسام حافظ

سعادة غامرة عاشها السينمائيون العرب بعد فوز الفيلم السودانى "ستموت فى العشرين" بجائزة اسد المستقبل ، فى مسابقة برنامج ايام فينسيا المخصص لتجارب المخرجين الشباب .. وهو الفيلم الروائى الطويل الاول للمخرج الشاب امجد ابو العلا.

الفيلم ماخوذ عن قصة "النوم عند قدمى الجبل" للاديب السودانى حمور زيادة ، وهى تحكى عن الشاب "مزمل" الذى خضع لنبوءة احد المشايخ بانه سوف يموت فى سن العشرين .. ويعيش المسكين فى خوف دائم من اقتراب موعد موته ، ولكنه يتعرف على سليمان المصور السينمائى صديق والده ، والذى يبعد عن افكاره تاثير تلك النبوءة ، وينصحه بعدم الخضوع لمثل تلك الاقاويل التى يرددها المتخلفون للسيطرة على الناس فى تلك المناطق البدائية .. وحتى يستطيع الانسان الحياة السوية لابد ان يتخلص من افكار التخلف ويحرر عقله من كل القيود التى تكبله وتعيق انطلاقه وقدرته على الحياة بشكل طبيعى.

السبب الاساسى لسعادة السينمائيين بالجائزة ان السودان توقف عن الانتاج السينمائى منذ 20 عاما .. وفيلم "ستموت فى العشرين" هو الفيلم الروائى الطويل السابع فى تاريخ السودان ، وقد جاء نتيجة دعم العديد من الاطراف كجهات انتاج مثل : مهرجان برلين ومنحة من بيروت واخرى من النرويج بالاضافة لشراكة المنتج محمد حفظى ، وقد قامت الفنانة المصرية سلوى محمد على بتدريب الممثلين والهواه على الاداء التمثيلى قبل تصوير الفيلم .. وبعد فينسيا سوف يعرض الفيلم فى مهرجان تورنتو المقام حاليا فى كندا .

المخرج امجد ابو العلاء يعيش فى دبى بالامارات العربية ودرس الاعلام فى الجامعة هناك ، وقام باخراج وانتاج بعض الافلام الوثائقية للتليفزيون .. كما اخرج بعض الافلام الروائية القصيرة تحت اشراف المخرج الايرانى الراحل عباس كياروستامى .

قام بالادوار الرئيسية فى الفيلم مصطفى شحاتة واسلام مبارك ومحمود السرحى ، واستغرق تصويره شهرين فى منطقة الجزيرة الواقعة شمال العاصمة السودانية الخرطوم بين فرعى النيل الابيض والازرق. وتسلم أمجد الجائزة من المخرج الكبير أمير كوستوريتشا رئيس لجة تحكيم مسابقة "أيام فينسيا" .

 

الجمهورية المصرية في

11.09.2019

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004