كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 

سينما شاعرية في "سيدة البحر" وأخرى عبثية في "جدار الصوت"

أمير العمري

فينيسيا السينمائي الدولي السادس والسبعون

   
 
 
 
 
 
 

تجربة سعودية مدهشة وفيلم لبناني محبط في تظاهرة "أسبوع النقاد" بفينيسيا.

بعد عرض فيلم “المرشحة المثالية” للمخرجة السعودية هيفاء المنصور في المسابقة الرسمية بـ مهرجان فينيسيا الـ76، جاءت مفاجأة ثانية تمثلت في عرض فيلم “سيدة البحر” أول الأفلام الروائية الطويلة للمخرجة السعودية الشابة شهد أمين ضمن تظاهرة “أسبوع النقاد”، كما عرض ضمن التظاهرة نفسها فيلم “جدار الصوت” للمخرج اللبناني أحمد الغصين الذي جاء مُحبطا.

 فينيسيا (إيطاليا) – ينتمي فيلم “سيدة البحر” للمخرجة السعودية الشابة شهد أمين (31 سنة) الذي عرض ضمن تظاهرة “أسبوع النقاد” بمهرجان فينيسيا الـ76، إلى سينما الشعر، التي قد تروي قصة، كما في حالة فيلمنا هذا، وهي قصة رمزية تدور على مستوى الخيال مع ميل مقصود للتجريد عن طريق عدم تحديد المكان مع جعل الزمان هو الماضي القريب، قبل تطوّر سفن الصيد، لكنها تصوّر مفردات هذه القصة باستخدام وسائل السينما: الصورة والتكوين وحركة الكاميرا والضوء والظل والمونتاج والموسيقى، في سياق غير تقليدي بل يجنح للتجريب والتحرّر من “الحبكة” والاعتماد على ما ينتج عن الصورة من تداعيات في ذهن المشاهد عمّا يشاهده.

المرأة والعار

تستمد المخرجة شهد أمين الفكرة من الواقع، لكنها تظهرها في سلسلة من المشاهد واللقطات التي تجسّد من خلالها رؤيتها الخاصة لمعاناة الأنثى/الفتاة/المرأة في المجتمع العربي التقليدي، وهو كما تراه مجتمعا بطريركيا، يقمع ويستبعد ويغفل وجود المرأة، بل ويحرمها من حقها في الحياة، يراها باعتبارها كائنا أدنى من الذكر/ الولد/ الرجل، فهي رمز الضعف، لا يسمح لها الصيادون كما في حالة بطلتنا الصغيرة حياة التي يرمز اسمها للعطاء، بالخروج معهم للصيد، ويتم حرمانها بقسوة من ممارسة الحياة كما ترغب بدعوى أنها “الأدنى” والأضعف، ولن تقدر بطبيعة تكوينها الجسماني على مشاق الرحلات البحرية التي يخرج فيها رجال القبيلة للصيد.

والصيد يرتبط بتوفّر السمك في البحر. ويرتبط توفّر السمك بدوره برضاء البحر عن الصيادين، ففي أعماق البحر تكمن “سيدة البحر” أو الحورية الشريرة التي يجب استرضاؤها باستمرار عن طريق تقديم الأضاحي والقرابين لها، والأضحية يجب أن تكون فتاة صغيرة شابة عذراء، ومن دون هذه التضحيات التي يتعيّن أن تقدّمها كل عائلة، والتي أصبحت سمة مقدسة وتقليدا متوارثا عبر الأجيال، لا يكشف البحر أسراره للصيادين، ولا يجدون فيه ما يبحثون عنه، بل يمكن أن تهب العواصف القاسية، لتفتك بالسفن وأصحابها.

وتدور أحداث الفيلم في جزيرة معزولة للصيادين تقع وسط البحر. تضع امرأة مولودة يطلقون عليها حياة يتعيّن تقديمها قربانا للبحر الهائج وشياطينه أو حورياته المتعطشات لالتهام القرابين، لكن والد حياة ينقذها من الغرق. إنها ابنته الوحيدة. وهي تنشأ باعتبارها الحلقة الأضعف ويعتبرها مجتمع الصيادين وصمة عار ويعتقدون أن إفلاتها من الغرق قد جلب لهم سوء الحظ.

شهد أمين في فيلمها الروائي الطويل الأول خلقت بناء شعريا يشبه بناء القصيدة بألغازه ورموزه ولقطاته المأخوذة من زوايا غير تقليدية، علاوة على اهتمامها بالتكوين في الصورة السينمائية

ولكنها تحاول أن تثبت لهم طوال الوقت أنها تتفوّق على الذكور بجرأتها وشجاعتها وإقدامها على الصيد وعلى النزول إلى البحر الهائج والعودة بما يعجز عن الإتيان به الرجال، ولكن بعد أن تضع والدة حياة مولودا ذكرا يصبح أمر تقديم حياة قربانا لسيدة البحر مفروغا منه.

إنها تقفز وتختفي في البحر وتظل لأيام غائبة ويتصوّر الصيادون أنها قضت وانتهى الأمر، لكنها تعود وتظل صامتة.. وتدريجيا يتحوّل جسدها إلى جسد حورية البحر. لقد اكتسبت شكل الحورية الأسطورية التي يخشاها الجميع.

والفيلم تجربة شديدة الجرأة على صعيد “التجريب” في السينما العربية. وهو من حيث ما يوجهه من نقد شديد مغلف بالشعر، لهيمنة الرجل في المجتمع القبلي، لا يشبه عملا آخر على صعيد الشكل، وحيث شعرية الصورة والبيئة الخاصة التي يصوّرها، ولكنه ربما يكون أقرب ما يكون إلى عالم فيلم “بس يا بحر” (1972) للمخرج الكويتي خالد الصديق، فكلاهما ينتمي إلى نوع خاص من “الواقعية السحرية”. وبينما كان الصيادون في فيلم “بس يا بحر” يلقون بقطة إلى البحر الهائج لكبح جماحه، يستبدل الصيادون في “سيدة البحر” القطة بفتاة.

أهم ملامح تجربة شهد أمين في فيلمها الروائي الطويل الأول الذي يعتبر تطويرا لفيلمها القصير “نافذة ليلى” (2013)، اهتمامها الكبير، لا برواية قصة محكمة مترابطة الأطراف، بل بخلق بناء شعري يشبه بناء القصيدة بألغازه ورموزه ولقطاته المأخوذة من زوايا غير تقليدية، والأهم أيضا، ذلك الاهتمام الكبير بالتكوين في الصورة السينمائية، مستفيدة من الخبرة الكبيرة التي يتمتع بها مدير التصوير خواو ريبرو، لإبراز قوة حياة وسط غرابة الطبيعة، وضآلة الإنسان أمام الطبيعة، صبغ الصور بمسحة من الضباب الذي يساهم في تعميق الإحساس بالطابع الخيالي الأسطوري للقصة دون إغفال مغزاها المعاصر، والتصوير بالأبيض والأسود الذي يحيلنا إلى الماضي، مع القدرة على خلق علاقة بديعة بين شريطي الصوت والصورة، باستخدام الأغاني الفولكلورية والموسيقى، والإيقاع الهادئ الممتد الذي يوحي بعمق الأسطورة في الزمن، وطريقة كتابة الحوار ونطقه التي تساهم في “تغريب” الموضوع والشخصيات، لا لكي تبعدها، بل لتقريبنا منها والإيحاء بأنها شخصيات شديدة المعاصرة، ولكن دون السقوط في المباشرة الفجة.

منتج الفيلم هو العراقي محمد الدراجي، وقد أنتج الفيلم بالتعاون بين شركة “إيماجنيشن” في أبوظبي وشركة “إيماجيناريوم” البريطانية. وقام بالأدوار الرئيسية بتميز وحرفية عالية الممثل الفلسطيني أشرف برهوم والممثلة السعودية الشابة بسيمة حجار، وهي نفسها التي قامت من قبل ببطولة فيلم شهد أمين القصير “نافذة ليلى”، إلى جانب يعقوب الفرحان وفاطمة التاي وهيفا الأغا وحفصة فيصل.

جدار الخوف

 “جدار الصوت” هو الفيلم اللبناني للمخرج أحمد الغصين المشارك في تظاهرة “أسبوع النقاد” بمهرجان فينيسيا السينمائي. ويمكنني القول إن هذا الفيلم نموذج عملي على صحة مقولة أرسطو الشهيرة “المستحيل الممكن، في الدراما، خير من الممكن المستحيل”. فالفيلم كما نعرف من المعلومات التي تظهر في بدايته على الشاشة، قائم على قصة حقيقية. والأحداث تقع خلال الغزو الإسرائيلي للأراضي اللبنانية في أغسطس 2006. إلاّ أن كون القصة حقيقية لا يجعل لها بالضرورة مصداقية عند المشاهد. والعبرة بطريقة البناء والقص والتجسيد السينمائي.

ويفترض أن تدور الأحداث في إحدى قرى الجنوب اللبناني، أي في مناطق الشيعة، ولكننا لا نرى الكثير من المناظر الخارجية سوى لقطات عامة للمساحات الخالية أو لمنازل القرية المدمرة بفعل القصف الإسرائيلي المكثّف. أما التركيز فيتمّ في الداخل، أي داخل منزل مهدّم حيث يتحصّن خمسة أشخاص خشية من الموت الوشيك بفعل القنابل التي تتساقط وطلقات الرصاص التي لا يتوقّف هديرها.

ولا يجمع بين هؤلاء جميعا سوى هذا الموقف الحالي، إنهم لا يعرفون بعضهم البعض من قبل. أولهم هو “مروان” وهو شاب جاء للبحث عن أبيه في منزله هذا، لكن الأب اختفى، وهناك رجلان مسننان كانا صديقين لوالده، يخبره أحدهما أن أباه قد توفي، ثم يأتي رجل ثالث بصحبة زوجته المرتعدة للاحتماء بالبيت. وفي الخارج بقرة مسكينة تنتظر مصيرها الدامي كما لو كانت رمزا للحالة اللبنانية نفسها.

هناك شخصية سادسة، هي زوجة مروان الشابة الموجودة في بيروت، تحاول الاتصال به عبر الهاتف المحمول، ولكن دون جدوى فهو في منطقة “خارج التغطية”. وهي تظهر في لقطات عابرة بين حين وآخر يستدعيها في ذاكرته في حنين، ونفهم أنها قد سئمت الوضع بأسره وتريد الرحيل عن لبنان إلى الخارج. كيف يمكنها ذلك وإلى أين ستذهب؟

الطابع العام لفيلم “جدار الصوت” مسرحي تماما. هناك حدث واحد يتداعى بين أربعة جدران، يتم التعبير عنه من خلال الأصوات والحوار. شخصيات تندب حظها المأساوي وتستعد لملاقاة مصائرها.. وعندما يأتي ذكر “الحزب” منسوبا إلى والد مروان المختفي، وهي إشارة واضحة إلى “حزب الله” اللبناني، يستنكر مروان أن يكون والده مرتبطا بالحزب ويصرّ أنه تركه قبل فترة.

ومع ذلك فهناك أحاديث كثيرة حول القوة المسلحة الخاصة (من شباب البلدة أو الحزب) التي ينتظر الأشخاص الخمسة وصولها لتخليصهم من المأزق الحالي، خاصة وأن القوات الإسرائيلية تقترب. ثم تأتي بالفعل قوة إسرائيلية وتحتل الطابق العلوي من المبنى الصغير.

لا يشعر الإسرائيليون بوجود أناس في الطابق السفلي، وهو ما نقول إنه يعتبر هنا في هذا السياق بمثابة “الممكن المستحيل”، أي رغم أنها حقيقة وقعت بالفعل، فأول ما يفعله الجنود الإسرائيليون عادة هو تأمين المكان وليس معقولا أن يصعدوا إلى الطابق العلوي دون الاهتمام بتفتيش ما يوجد تحتهم.

الأحداث تستمر (إن جاز أن هناك أحداثا) ويتصاعد التوتر بين أفراد المجموعة التي يُقصد من أحاديثها التعليق على “المأزق اللبناني” وكيف أصبح هؤلاء المدنيين اللبنانيين ضحايا صراع لا ناقة لهم فيه ولا جمل، ورّطهم فيه أصحاب الهدف السياسي، أي من حزب الله، وعجز ممثل الدولة الرسمية في بيروت عن حمايتهم منه: في بداية الفيلم نستمع إلى خطاب الرئيس اللبناني فؤاد السنيورة وهو ينفجر في البكاء على ما يتعرّض له لبنان، ويقول عن بلاده “رفعت شكوى للأمم المتحدة”، بينما يأتي تعليق أحد الرجال بأن الرئيس يجب أن يكون أكثر تماسكا ولا يبكي.

طابع مسرحي لفيلم أحمد الغصين

وفي ما بعد مع ارتفاع وتيرة التوتّر يندفع أحد هؤلاء الشيوخ إلى الخارج لكي يلقى مصرعه على الفور برصاص الإسرائيليين الموجودين في الطابق الأعلى، ثم لا يهبط أحد منهم للتفتيش عن المكان في الأسفل. لذلك يصبح خلق التشويق في انتظار المواجهة القادمة بين ما يشبه “قطيع” من المدنيين العاجزين، مع الجنود الإسرائيليين، أمرا عبثيا. ولا ينجلي الموقف سوى بعد أن تأتي مروحية تلتقط الإسرائيليين ومعهم جثة زميلهم الذي عرفنا أنه قتل في الاشتباكات، وكانوا يؤدون الصلوات اليهودية عليه.

فكرة الجدار

هل يعكس فيلم “جدار الصوت” فكرة رمزية حول الجدار القائم بين “جارين” هما اللبناني والإسرائيلي وعزلتهما عن بعضهما البعض، رغم قربهما الجغرافي؟ ولكن ما سبب هذه العزلة؟ هل يعود إلى الأقدار العاتية، وهل “العقاب” الإسرائيلي العسكري للمدنيين وبيوتهم ورزقهم (قتل البقرة بالرصاص) وحرق أراضيهم، هو الذي يمكن أن يقرّب الجارين من بعضهما البعض؟ وهل يريد الفيلم أن يقول لنا إن الحديث عن “المقاومة” في الجنوب مجرد عبث، وأن لا قيمة لها، وأنها تختفي وقت الاحتياج إليها بدليل أن المجموعة المعزولة المحاصرة، تنتظر دون جدوى وصول الفرقة المسلحة من “الشباب”؟

الذين يهتمون بمضمون من هذا النوع في فيلم سينمائي مسرحي شديد الرتابة والتكرار يعجز مخرجه عن تطوير الفكرة، قد يجدونه عملا يثير الاهتمام نظرا لرسالته السياسية، لكن هذه الرسالة وتصوير العجز اللبناني على هذا النحو (كنقيض لأفلام المقاومة التقليدية القديمة التي كانت تصوّر الجنوب اللبناني كما في أفلام جون شمعون ورفيق حجار، مثلا) ليس جديدا أولا، وثانيا هو لا يرتفع بالفيلم إلى مستوى عمل سينمائي جاد يمتلك جمالياته الخاصة، ففيلم “جدار الصوت” (أو “كل هذا النصر” All This Victory حسب عنوانه الساخر باللغة الإنكليزية) عمل فقير في كل عناصره باستثناء عنصر واحد فقط هو شريط الصوت.

لكن الأفلام لا تعتمد على الأصوات وحدها، بل أساسا، على الصور حتى من دون صوت. الرؤية البصرية غائبة أو غائمة، والاستفادة من المكان محدودة باستثناء مشهد وحيد عندما ينفجر أنبوب مياه في الحمام فيهرع الجميع يشربون ويملأ أحدهم زجاجة بالماء وترشّ المرأة جسدها بالماء لكي تهدئ من توتّرها ومن حرارة الطقس.

المشكلة أن المشاهد ينتظر أن ينجلي الموقف الجامد عن تطوّر ما.. في اتجاه حدث أكبر.. ليس بالضرورة المواجهة، بل ربما كشف التناقضات الكامنة بين البشر أنفسهم ورؤاهم المختلفة للنزاع، لكن الانتظار لا يسفر بكل أسف، سوى عن الشعور بالإحباط!

كاتب وناقد سينمائي مصري

 

العرب اللندنية في

06.09.2019

 
 
 
 
 

روي أندرسون: حياتنا... تلك الكوميديا اليومية

رسالة البندقية - شفيق طبارة

البندقيةبعد خمس سنوات على نيله جائزة الأسد الذهبي في «مهرجان البندقية» عن «حمامة جلست على غصن تتأمل الوجود» آخر فيلم في «ثلاثية الحياة» (ضم أيضاً «أغاني من الطابق الثاني»/ 2000 و «أنتم، الأحياء»/ 2007)، عاد السويدي روي أندرسون إلى جزيرة ليدو، بفيلم جديد تمتلئ لوحاته بالتأمل في الحياة البشرية بكل روعتها وقسوتها وسخافتها. في «عن الخلود»، يعيد أندرسون خلق نمطه المعتاد بكاميرته الثابتة ليراقب الإنسان بكل العلامات الوجودية التي تؤدي إلى النهاية. في عالم أندرسون، كل لقطة هي قصة قصيرة بحد ذاتها، لوحة تأتي للحياة بطريقة مفاجئة، من دون بداية أو نهاية. بتدفّق مشاهد قصيرة مستمرة؛ يقدم أندرسون الحالة الإنسانية بلحظات غير منطقية، سوريالية، لا تتشابك ببعضها ولكنها تعبّر عنّا بكل تفاهتنا، عظمتنا، فرحنا، حزننا، عدميتنا، مخاوفنا، وحدتنا، ندمنا، إشفاقنا. إحباطنا، فكاهتنا، إيماننا، حبنا، كرهنا، قسوتنا... إلى لانهاية مشاعرنا.

«عن الخلود» هو جولة أخرى للسويدي في كوكبه السينمائي الفريد والمميز والكامل. رغم قصر مدة الفيلم (76 دقيقة)، إلا أن جميع مكونات وهوية هذا الكوكب البصرية موجودة. ولادة جديدة بعد الثلاثية. عيّنة صغيرة عن الحياة والإنسان في السينما الكبيرة الخاصة به. في لب أطره الثابتة الرمادية التي لا يستغني عنها والمليئة بالتفاصيل التي يجدّ في البحث عنها واستكشافها؛ نرى السخرية والفكاهة واللاعقلانية الجوهرية للحياة. نجد كلماته التي قالها خلال المؤتمر الصحافي: «كل حيوان على هذا الكوكب عالي التأثر، يشعر بالضعف، نحن البشر كذلك، ويجب أن نكون شاكرين. هذه هدية، لأن الحياة ستزداد ثراء عندما تستطيع أن تفهم وترى كيف يتصرف البشر الآخرون... كيف يكونون سعداء وغير سعداء». يتألف الفيلم، كما عادة أندرسون، من قصص فردية قصيرة وكثيرة، تصور لحظات يومية وأحداثاً تاريخية. تقدمها راوية كأنها شهرزاد جديدة. هذه القصص قد لا يحدث فيها شيء، لكن داخل اللاشيء يحدث الكثير. أبطال القصص أشخاص عاديون بسطاء من الحاضر والماضي. كاهن كاثوليكي فقد إيمانه وطبيب نفسي. رجل يركض للحاق بالحافلة. ثلاث فتيات يرقصن خارج المقهى. درب المسيح في شوارع الحي. جدة تصور حفيدها. هتلر في القبو. محارب مجروح. جيش مهزوم في الطريق إلى المعسكر. رثاء صديق. عودة امرأة لا تتوقع استقبالها في المحطة. افتتان صبي لم يعرف الحب قبلاً. زيارة مؤلمة لطبيب الأسنان وهلم جرّا.

إنّه النهج السردي القديم نفسه، وقد أضيفت إليه المزيد من العناصر الميتافيزيقية التي تجعل كلّ شيء منفراً لكن شاعرياً. الأقفاص التي يحبس فيها أندرسون شخصياته، لا تقتصر فقط على حدود الشاشة الإطار، فهم محبوسون داخل حواجزهم الاجتماعية والعقلية التي تخنق أي محاولة للتواصل في ما بينهم. يجد أندرسون دائماً المفتاح لتهجير جمهوره بمؤلفاته السوريالية. تمنح المناظر الطبيعية القاسية الإحساس بالصلابة. تعكس القصص تراجع الإنسانية. هذه الإنسانية هي ضحية أحداث عشوائية لا يمكننا التحكم بها. ربما يكون الارتياح والخلاص الوحيد من العالم والآلام هو حرية الحلم.

سينما أندرسون مزعجة، متكبرة، ثابتة، أنيقة، قاتمة، مجازية، ساذجة. توفر مستويات قراءة عميقة لكامل خفة الحياة في ثقل هشاشتها. تقودنا الحلقات المختلفة إلى أحلام، كوابيس وحقائق يومية. لكنها أيضاً نقد واضح لبلده من وجهة نظر تاريخية اجتماعية وإنسانية. نقد للمجتمع السويدي، لبلد يصفه بأنه بلا رحمة. يسكنه بشر أنانيون من دون دفء ولا أمل. مكبلون داخل ضغائنهم وأسفهم. سويد أندرسون بلد متعثر، فقد الإيمان ولا يعرف كيفية استعادته. بلد مهجور بائس. وصف لا يتماشى مع ماضيه الذي ـــ رغم الحرب العالمية الثانية ـــ كان مفعماً بالألوان وكان للدولة الاسكندنافية دور يفوق ما يعتقده كثيرون. الإعادة التاريخية هي عند أندرسون تكرار أبدي لقسوتنا وطبيعتنا المصنوعة من ندم وذكريات يعاد تكرارها. «عن الخلود» لا يمكن تفريقه عن «ثلاثية الحياة». الكوكب مكان ترحيبي غريب وفي الوقت نفسه غير مضياف، كما في ألوان الجدران والملابس ووجوه البشر والحياة نفسها. الحديث عن البشر أمر حساس، يحتاج إلى فرشاة دقيقة وإتقان، وأندرسون هو أهل لها. العبثية الرائعة للإنسان تعكس أضواءها على وجوه المشاهدين. إنها الكوميديا اليومية. إنها نحن.

 

الأخبار اللبنانية في

06.09.2019

 
 
 
 
 

أمجد أبو العلاء: فيلمي يقول “اهربوا من الصندوق لا من السودان” (فيديو)

البندقية - هوفيك حبشيان

"ستموت في العشرين” للمخرج السوداني أمجد أبو العلاء، الذي يشارك في قسم "أيام فينيسيا” داخل مهرجان البندقية السينمائي (٢٨ آب - ٧ أيلول) أفلمة لرواية "النوم عند قدمي الجبل" لحمور زيادة. خلال مراسم حفل مولده، يتنبأ شيخ صوفي بأن الطفل مزمل لن يعيش سوى عشرين عاماً. الكلّ مقتنع بهذه النبوءة، سوى العمّ سليمان، صديق والد مزمل، الرجل المختلف عن كلّ مَن عرفهم الشاب الموعود بالموت في حياته، وسيكون نقطة ضوء له (وللفيلم أيضاً)، يساعده في القفز فوق المسلّمات ومناقشة الأشياء التي من المفترض إنها لا تُناقَش. الفيلم ترك صدى طيباً عند عدد من المشاهدين والنقّاد في فينيسيا. قبل أن يرافقه إلى مهرجان تورونتو، حيث من المفترض أن يكمّل مسيرته، كان لـ”النهار” جلسة مع المخرج السوداني الواعد.

https://www.youtube.com/watch?v=zm-DnhABZ2k

 

####

 

مهدي البرصاوي: تفاديتُ كليشيه "الرجل الشرقي" (فيديو)

البندقية - هوفيك حبشيان

"بيك نعيش" للمخرج التونسي مهدي البرصاوي المعروض في قسم “أوريزّونتي"، داخل مهرجان البندقية السينمائي (٢٨ آب - ٧ أيلول)، أحد أجمل الميلودرامات وأكثرها قدرةً على الاقناع. فارس وميريام (سامي بوعجيلة ونجلاء بن عبدالله) زوجان سعيدان، ولديهما ابن في الحادية عشرة من عمره. حادثة إرهابية تتعرض لها العائلة في طريق العودة من رحلة في الطبيعة، ستغيّر كلّ شيء في واقعها، وتكشف أسراراً لم يعد ممكناً طمسها. هناك ما قبل الحادثة وما بعدها في حياة الشخصيات، مثلما هناك ما قبل الثورة وما بعدها، في تاريخ تونس المعاصر. سرعان ما تتحوّل الحادثة ذريعة لمناقشة منظومة كاملة، من العلاقات الأسرية إلى أحوال تونس، السياسية والاجتماعية والأخلاقية، فالقوانين التي تستمد شرعيتها من الإسلام

 “النهار” التقت مهدي البرصاوي في مهرجان البندقية وكان معه المقابلة الآتية:

https://www.youtube.com/watch?v=wwogXTRBHwA

 

النهار اللبنانية في

06.09.2019

 
 
 
 
 

«الشرق الأوسط» في مهرجان فينيسيا السينمائي (7): أفلام عربية تسبح على ضفاف الجندول

تحتوي على سيناريوهات جميلة ومختلفة

ڤينيسيا - محمد رُضـا

شهدت السينما العربية اهتماماً كبيراً في دورة فينيسيا الحالية (رقم 76) وهي التي واظبت في السنوات العديدة السابقة على الحضور ومحاولة الخروج بنجاحات إعلامية وفنية كبيرة. العودة إلى تلك السنوات سوف تنتج عنها قائمة بعشرات الأفلام التي وجدت في فينيسيا، وليس في سواها، منصّة صحيحة للعرض طرحت فيه أعمالها، وخرجت أحياناً بجوائز.

لكن هذه السنة تحديداً جاءت المنصة أوسع من مثيلاتها في معظم سنوات الأعوام الماضية. ضمّت ثمانية أفلام متنوعة، سعودية وإماراتية وسودانية وأردنية ولبنانية وتونسية.

بانوراما

البداية كانت مع فيلم هيفاء المنصور «المرشحة المثالية» الذي كان ثاني فيلم عرضه المهرجان في مسابقته الرئيسية. دراما اجتماعية تهم المرأة السعودية وتهم المجتمع السعودي وتهم الغربيين الذين يواكبون التطورات التي تقع في ذلك المجتمع. المنصور عرفت كيف تقدم حكاية طبيبة تواجه الصد في بعض الحالات من قبل مفاهيم متراكمة في مهنتها وكيف أن ذلك لا يمنعها من ترشيح نفسها لمنصب رئيس البلدية. وهي تعرف أكثر من سواها بجوانب هذا الموضوع وقدّمت في نهاية الأمر، وكما أشرت في حينه، فيلماً فيه من حسنات العمل ما ينجز ما وعدت به مشاهديها على نحو كاف.

المرأة أيضاً كانت في فيلم «سيدة البحر» (سُمي للتسويق العالمي بـScales) وهو فيلم إماراتي الإنتاج لمخرجة سعودية أيضاً اسمها شهد أمين.

هذا الفيلم يختلف تماماً عن فيلم هيفاء المنصور في كل شيء ما عدا اهتمامه بالمرأة. والفروقات الأهم شأناً ليس في أنه الفيلم الأول لمخرجته، بل إنه يقوم على فانتازيا حول تقاليد تقديم الفتيات كأضحية لوحوش بحرية. بالتالي هو فانتازيا لا يدّعي مطلقاً أنه واقع. تم تصويره في عُمان لكنه لا يحدد المجتمع المعني ولا البلد الذي تقع فيه الأحداث ويتوجه إلى البحث في كيف أن الفتيات يجدن أنفسهن معرضات لممارسة لها جذور بدائية تعاملها كضحية لا بد لها أن تمتثل فيها للتقاليد.

إغراق الفيلم في الترميز والخيال ليس غريباً على أفلام تريد توظيفها لصالح تقديم رسالة لا يمكن توفيرها، بهذا المنظور وبذلك التعبير الإبداعي، إلا من خلال تحريك الخيال وتغريب الواقع وهو ما فعلته شَهد أمين جيداً وبأسلوب بصري ساحر.

أمجد أبو العلا مخرج سوداني واظب على العمل في الإمارات محققاً أفلاماً قصيرة عدّة بعضها عرض في مهرجان دبي وبعضها الآخر في مهرجان أفلام الخليج والآن، وبعد توقف هذين المهرجانين اللذين كانا من أهم إنجازات الحياة السينمائية في العالم العربي، ها هو ينجز فيلمه الروائي الطويل الأول «ستموت في العشرين».

اقتبس المخرج مادته من رواية «النوم عند قدمي الجبل» لحمور زيادة حول شاب في بلدة سودانية صغيرة حكمت عليه منذ مولده بأنه سيموت في العشرين من عمره أو دون ذلك. الوعد يحوّل حياة الشاب إلى خوف شديد إذ يحصي السنوات القليلة التي تبعده عن ذلك السن. لكن الحقيقة تتبلور في محيطه ويدرك أن حياته لن تنتهي لمجرد نبوءات. يلتقط المخرج مفردات مرهفة ويعالج موضوعه، الذي يتعرض فيه للصوفية وطرقها، بجمالية مفاجئة. والفيلم، عدا كل ذلك، تم تقديمه (في تظاهرة «أسبوع النقاد») كفيلم سوداني. واحد من المرات النادرة على أي صعيد في بلد لم يشهد نهضة سينمائية من قبل.

تجارب أخرى

في التظاهرة نفسها الفيلم اللبناني «جدار الصمت» لأحمد غصين معالجة ذكية لموضوع الحرب بين لبنان وإسرائيل. دولتان على حدود واحدة في أحداث تقع في العام 2006 حول بضع شخصيات محبوسة في منزل احتله الإسرائيليون. لا بطولات من أي نوع بل واقع معالج برغبة إنجاز فيلم يعرض الوضع الذي يتناوله المخرج بكفاءة. الفيلم يستفيد، إعلامياً، من الحال الراهن مع التوتر القائم على الحدود بين الدولتين.

هذا هو الفيلم الأول للبناني غصين كذلك الحال مع المخرجة التونسية منال لبيدي التي قدّمت هنا فيلم «أراب بلوز» حول امرأة تونسية (الإيرانية غولدشفته فرحاني) درست وعملت في حقل الطب النفسي في فرنسا لعدة سنوات ثم عادت إلى تونس لتفتح لنفسها عيادة في هذا الاختصاص، فإذا بها تكتشف أن المحيط الاجتماعي من حولها، وحسب تعبير الفيلم، يحتاج للكثير من العناية.

يعمد الفيلم إلى الكوميديا ليقدّم شرائح من مشاكل الناس كما من مشاكل الطبيبة في محيطها الجديد.

كان الفيلم بحاجة إلى سيناريو أدق في تعامله مع شخصياته عموماً، لكن النتيجة - رغم ذلك - ليست رديئة بل تقدم للسينما التونسية مخرجة جديدة لديها ما تود التعبير عنه وتفعل ذلك بقدر لا بأس به من الإجادة.

من تونس أيضاً، وكما تقدم معنا في هذه الصفحة في الأسبوع الماضي، فيلم نوري بوزيد الجديد «الفزاعات» الذي يتطرق فيه، وليس للمرّة الأولى بالنسبة إليه أو إلى السينما التونسية، لموضوع الإرهاب ومشاكله والتشدد الديني. في هذا الفيلم يوفر مأساة النساء اللواتي انضممن إلى «داعش» أو اللواتي اختطفن ليجدن أنفسهن وقد تحوّلن إلى سبايا وتعرضن للاغتصاب الفردي والجماعي. موضوع صارم في إطار أكثر صرامة ويحتاج إلى تحمّل وجَلَد لمشاهدته.

والتونسي مهدي برصاوي يعرض حكاية صبي في العاشرة من عمره يُصاب بطلق ناري في فيلم «بيك نعيش». الإصابة تتطلب عملية زرع كبد جديد وهذا سرعان ما يكشف عن خلافات عائلية مفاجئة تهدد حياته. من هنا يفتح المخرج بؤرته على الأوضاع التونسية بعد نحو سنة من ثورة الربيع التونسية سنة 2011 ليؤكد أن القليل تغير والكثير ما زال كما هو على نحو أو آخر.

الفيلم الأردني «سلام» هو فيلم قصير من إنتاج ماري جاسر التي عرفت سابقاً ببضعة أفلام ناجحة من إخراجها (آخرها «واجب») ومن إخراج زين درعي وموضوعه نسائي يتمحور حول اكتشاف امرأة (ماريا زريق) بأن زوجها لا يستطيع الإنجاب وهي التي تمنت طويلاً أن تنجب أطفالاً. عليها، حسب الفيلم، أن تجد حلاً.

معظم هذه الأفلام سينطلق من هنا ليخوض تجارب أخرى مع مهرجانات عدة قادمة. بعضها سيتوجه إلى تورونتو وبعضها الآخر إلى لندن وربما صندانس لاحقاً (في مطلع العام المقبل). كذلك فإن العديد منها سيتوجه لمهرجانات الجونة وقرطاج والقاهرة. والمهرجان الأخير يعد بأن يتحوّل إلى بيت للسينما العربية. يقول رئيسه المنتج محمد حفظي لهذا الناقد:

«بغياب مهرجان دبي صار لزاماً أن يقدم مهرجان عربي آخر على تبني الحجم الكبير من الأفلام العربية التي كانت تقصده. وأرى القاهرة المكان المناسب لذلك».

 

####

 

شاشة الناقد

Mosul

الحرب لتحرير الموصل

إخراج: ماثيو مايكل كارناهان

الولايات المتحدة (2019)

تقييم:

«موصل» هو فيلم أميركي التمويل (لم يجد موزعاً بعد) ناطق بأكمله بالعربية يدور حول الحرب لتحرير الموصل والقتال العنيف الذي دار في أزقتها وشوارعها بين قوات SWAT العراقية المدربة أميركياً وبين قوات الدولة الإسلامية (داعش). وهو ثاني فيلم بالعنوان ذاته يتم إنتاجه (أميركياً) في غضون السنة. الفيلم الآخر تسجيلي من إخراج دان غبريال.

هو أيضاً فيلم روائي اشترك في مهرجان فينيسيا وسيتوجه بعده إلى مهرجان تورونتو ليبحث عن فرص إعلامية وتسويقية. وهو يستحق الاثنين. يستحق التغطية الإعلامية الغربية وما توفره من تمهيد لعروضه التجارية ويستحق أن تلتقطه واحدة من شركات التوزيع الكبيرة التي تؤم ذلك المهرجان الكندي بحثاً عن أفلام جيدة.

لا نرى أفلاماً كثيرة من تمويل أميركي يؤدي كل أدواره عرب ويتحدثون العربية طوال الوقت. لكن لا بديل لذلك في هذا الفيلم المنتمي، بصرامة، إلى سينما الحرب (War Movies). ينطلق سريعاً ولا يتوقف عن إيقاع جيد الحبكة والسرد بمشهد قتال في الشوارع بين قوّة من رجال البوليس محاصرة من قِبل قوّة من رجال «داعش». كاوا (آدم بيسا) ينضم إلى القوّة الخاصة التي يقودها جاسم (سهيل دباغ) وشريكه الوحيد الباقي حياً لن يكون سوى جاسوس يلقي القبض عليه الجيش الشعبي (الموالي لإيران) لاحقاً. لكن إلى أن يلتقي جاسم ورجاله العشرة بأفراد الجيش الشعبي في مشهد متوتر يكشف عن عدم ثقة كل فريق بالآخر وحاجته العسكرية إليه في الوقت ذاته، سنبقى مع قوّات «سوات» وهي تتعرض للهجوم من قبل مقاتلي «داعش» وتدافع عن نفسها بتصميم وقوّة.

الفصل الأخير من المشاهد يسرد كيف تقرر القوّة العسكرية مداهمة حي من أحياء موصل المكتظة (تم التصوير في المغرب) وسبيلها لتحقيق هذه الغاية الصعبة. المداهمة تتحقق بصعوبة وفي كل مرحلة من مراحلها يسقط مقاتلون من القوّة المهاجمة لكن ليس من قبل أن يتم تطهير المكان.

يؤمن المخرج الحركة طوال الوقت لكن ليس بمنأى عن منح بعض شخصياته الرئيسية (جاسم، واكا، وليد كما قام به إسحاق إلياس) ما يستطيعون ترجمته إلى مشاعر ومضامين داخليه تشي بمفاهيم متجانسة ومنتشرة بينهم كالشجاعة والخوف والجرأة كما الحذر وحتى بعض الريبة بين بعض أفرادها والبعض الآخر.

النهاية مبتورة (يتوقف الحدث عند لقاء وليد بزوجته حياة، تؤديها حياة كامل جيداً على صغر المساحة الممنوحة إليها) لكن الفيلم بأكمله يتمتع بكل عناصر أفلام الحرب ممارسة بمهارة تذكر بأفلام الحرب الأميركية في الأربعينات والخمسينات.

المخرج هو كاتب جيد في الأصل ويؤم فيلمه الأول كمخرج بثقة. لكن أكثر ما يلفت الاهتمام في الفيلم حقيقة أن ممثليه يؤدون أدوارهم جيداً بحرفة أميركية مناسبة بعيداً عن التقليد العربي الشائع محافظين، في الوقت نفسه، على واقعية السلوك والتصرف.

إسحاق إلياس يتقدم مقاتلين في «موصل»

 

الشرق الأوسط في

06.09.2019

 
 
 
 
 

مخرجتان سعوديتان تحملان رسالة عن تمكين النساء لمهرجان البندقية السينمائي

رويترز

حملت المخرجتان السعوديتان هيفاء المنصور وشهد أمين رسالة إلى مهرجان البندقية السينمائي إلى جانب فيلميهما.. لابد من رؤية النساء وسماعهن.

وفيلم (المرشحة المثالية) لهيفاء المنصور هو واحد من بين 21 فيلما تتنافس على جائزة الأسد الذهبي في المسابقة الرسمية للمهرجان، ويحكي قصة طبيبة تواجه تحديات بسبب جنسها عندما تقرر الترشح لرئاسة البلدية. وهو أحد فيلمين قدمتهما مخرجات للتنافس على مسابقة هذا العام.

أما فيلم (حراشف) لشهد أمين، والذي عرض خارج المسابقة الرسمية، فيدور حول فتاة تنجو من براثن سكان قريتها المؤمنين بالخرافات والذين يعتقدون أن لعنة حلت عليها.

وتأمل المخرجتان أن توصل أفلامهما رسالة عن تمكين المرأة في الوقت الذي تشهد فيه السعودية تخفيف قواعد ولاية الرجل التي لطالما قوبلت بانتقادات في الخارج.

وقالت المنصور لرويترز ”تقديم بطلة (للفيلم) هو تمكين غير مباشر للنساء“.

وأضافت ”أكثر شخصية ستحقق مكسبا في هذا الفيلم هي الفتاة. إنها ليست شخصية فرعية إنها الشخصية الرئيسية. وتجد نفسك تستثمر (الوقت والجهد) في متابعة رحلتها وتقع في حبها وتشجعها وهذا أمر من المهم للغاية أن يراه جمهور محافظ“.

وتعكس بداية فيلم منصور التغيرات التي تشهدها المملكة حيث تظهر البطلة مريم وهي تقود سيارتها إلى عملها. وفي الشهر الماضي أمرت المملكة أيضا برفع قيود السفر عن النساء البالغات، الأمر الذي يتيح لهن السفر دون إذن. كما منحت النساء مزيدا من السيطرة على الشؤون العائلية.

وعندما سُئلت المخرجة عن الرسالة التي تريد إيصالها إلى السعوديات من الفيلم، قالت ”الوقت حان لكي يخاطرن وألا يخشين من الفشل أو من إطلاق الأحكام عليهن“.

* مدينة مختلفة

في فيلم (حراشف)، ينقذ والد الفتاة حياة ابنته من تقليد قروي يقضي بأن تقدم الأسر بناتها قربانا لمخلوقات البحر، الأمر الذي يجعلها منبوذة.

وقالت المخرجة شهد أمين لرويترز ”كانت هذه قصتي وتجربتي... عن معاملة الناس لي في البلد الذي كنت أعيش فيه... في مجتمع منفصل للغاية، في مجتمع يفضل الرجال على النساء بوضوح“.

وأضافت ”هل نتقبل في نهاية الأمر أجسادنا التي شوهوها لسنوات بأصواتهم في عقولنا؟ هل تصبح لنا أصواتنا الخاصة في النهاية؟ أعتقد أن هذه قصة كل فتاة وليس في الشرق الأوسط فحسب“.

وفي 2018، رفعت المملكة حظرا استمر 40 عاما على دور عرض الأفلام. وسبق أن تحدثت هيفاء المنصور عن كيف كانت تضطر في بعض الأحيان للاختباء في سيارة فان وهي تخرج فيلمها (وجدة) في 2012 والذي تدور أحداثه عن فتاة سعودية تصمم على شراء دراجة.

وتقول ”تغير الوضع كثيرا. لم أعد مضطرة للاختباء في سيارة فان بعد الآن“.

وتشير شهد أمين إلى التغييرات بالنسبة لصناع الأفلام في السعودية التي ستقيم مهرجانا سينمائيا العام المقبل.

وقالت ”في ظل وجود وسائل التواصل الاجتماعي، بدأ الناس يشعرون بارتياح أكبر مع الكاميرات ولا سيما في ظل التغيير الذي يحدث في السعودية. أنا من جدة. وهي الآن تبدو مدينة مختلفة تماما.

عندما ترى النساء في الشوارع وهن فاعلات في المجتمع، يدفع هذا بعجلة التغيير في المدينة ويجعلها تنبض بالحياة“.

 

الشروق المصرية في

06.09.2019

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004