كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 

مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي:

"الحقيقة" مجرّد فيلم افتتاح

فينيسيا ــ محمد هاشم عبد السلام

فينيسيا السينمائي الدولي السادس والسبعون

   
 
 
 
 
 
 

مساء الأربعاء الفائت في 28 أغسطس/ آب 2019، افتُتحت الدورة الـ 76 لـ"مهرجانفينسيا السينمائي الدولي"، التي تنتهي في 7 سبتمبر/ أيلول 2019. في 11 يومًا، سيتابع عشّاق السينما مسابقات رسمية وفرعية وتظاهرات واستعادات ومعارض، تُقام كلّها في جزيرة الـ"ليدو"، المقرّ المشهور للمهرجان.

كالعادة، كان فيلم الافتتاح مجرّد فيلم افتتاح. فلأسبابٍ ما، يختار مديرو المهرجانات الكبرى افتتاح دورات مهرجاناتهم بأفلام يمكن وصفها بالـ"خفيفة"، فتكون غير صادمة وغير إشكالية، ولا تغرق في الفنّية. ويُفضّل طبعًا أنْ "يحتوي" الفيلم على عدد كبير من النجوم والنجمات، الذين يمشون معًا على البساط الأحمر. ثم بعد ليلة سهر لطيفة، وتبادل المجاملات وعبارات الترحيب، يبدأ عشّاق السينما متابعة واستكشاف الجديد والمثير في مختلف الأقسام.

الأمر نفسه انطبق على فيلم افتتاح "لا موسترا 2019"، بعنوان "الحقيقة"، للياباني هيروكازو كوري ـ إيدا، المُشارك في المسابقة الرسمية أيضًا، إلى جانب 20 فيلمًا. فهو بامتياز فيلم افتتاح مهرجان، تسهُل مُشاهدته من دون إرهاق، أو كثرة تفكير، أو تأويل للأحداث أو الشخصيات. طريف بعض الشيء، يخلو من التعقيد والتركيب. نجمتان كبيرتان تقودانه، هما كاترين دونوف وجولييت بينوش، ولهما محبّون ومعجبون كثر في العالم. حضرتا الافتتاح، ومشتا على البساط الأحمر. أي إنّ الشروط الكاملة لافتتاح المهرجان تحققت بشكل ناجح ومبهر، ومن دون تعقيدات أو تشديدات أمنية.

بالنسبة إلى النقّاد والصحافيين الذين شاهدوا الفيلم، والمُطّلعين على أعمال كوري ـ إيدا (1962)، فإنّ "الحقيقة" مُخيّبٌ جدًا للآمال. لم يقترب ولو قليلًا من مستوى فيلمه السابق "سارقو المتاجر" (2018)، الحائز "السعفة الذهبية" في الدورة الـ71 (8 ـ 19 مايو/ أيار 2018) لمهرجان "كان" السينمائي. المثير للانتباه أن كوري ـ إيدا، الحائز جوائز فنية عديدة ورفيعة من مهرجانات مختلفة، لم ينل أبدًا أيّ جائزة من "مهرجان فينيسيا"، ولم يحظ فيلمه "الجريمة الثالثة" (2017) مثلاً، بترحيبٍ أو تفاعلٍ نقديين، عند عرضه في المسابقة الرسمية لـ"لا موسترا" قبل عامين.

لذا يُمكن القول، استباقًا للأحداث ولعروض المسابقة، إنّ حظوظ "الحقيقة" في الفوز بجائزة ولو شرفية، بعيد المنال للغاية. الفيلم ليس سيئًا كلّيًا، فمخرجه متمرّس ومخضرم، يُجيد صناعة فيلم جيّد ومحبوك، وقيادة وتوجيه اثنتين من أهم الممثلات الفرنسيات. لكن، لو نُزِع اسمه عن الفيلم، ووضع بدلًا منه أيّ اسم آخر، فلن يتغيّر الكثير. بصماته واضحة في مَشَاهد عديدة، كما في الحوار والسيناريو، الذي كتبه مع ليا لُو دَمْنا. لكن هناك ما هو مُفتَقَد، إذْ يبدو المخرج وكأنّه في غير مكانه، أو كأنّه يتلمّس خطواته في عالم غريب عليه بعض الشيء.

"الحقيقة" أول فيلم ناطق بلغة غير اليابانية لهيروكازو كوري ـ إيدا. كما أنّها المرّة الأولى التي يُخرج فيها فيلمًا خارج بلده. هل معنى هذا أن الفنان يتأثّر بلغته وموطنه وبيئته إلى هذا الحدّ؟ ربما. لكن الأمر مُتفاوت، ومردّه شخصية المخرج. تجربة كوري ـ إيدا ليست الأولى في تاريخ السينما، ولن تكون الأخيرة. أسماء كثيرة لامعة سبقته في خوض التجربة خارج بلدها ولغتها، كالإيطالي مايكل أنجلو أنتونيوني في "نقطة زبريسكي" (1970)، والسويدي إنغمار برغمان في "اللمسة" (1971)، وغيرهما. التجربتان غير موفّقتين، على نقيض تجربة البولندي كْسيستوف كيشلوفسكي، في ثلاثية "أزرق" (1993) و"أبيض" (1994) و"أحمر" (1994)، الموفّقة للغاية، فنيًا وإخراجيًا وإنتاجيًا، رغم أنّ الإنتاج فرنسي، والمخرج يجهل الفرنسية، والتصوير خارج بلده.

في "الحقيقة"، حاول هيروكازو كوري ـ إيدا الغوص داخل الشخصيتين الرئيستين، تحديدًا: النجمة السينمائية المخضرمة "فابيان" (دونوف) وابنتها كاتبة السيناريو "لوميير" (بينوش). كذلك، حاول إبراز مدى تعقّد العلاقة بينهما، وتشابكها، والنقاط المشتركة بينهما؛ كما حاولت دونوف وبينوش تقديم أداء جيد. الأداء مُقنع، لكن هناك ما هو مفقود على الشاشة. هناك برودة طاغية، وعدم تفاعل، ولا استمتاع. أحيانًا، هناك ملل.

يبدأ الفيلم بحوار صحافي مع "فابيان" بمناسبة صدور مذكّراتها، بعنوان "الحقيقة". في الوقت نفسه، تصل لوميير، رفقة زوجها "هانك" (إيثان هوك)، وهو ممثل تلفزيوني متواضع الموهبة، ومدمن كحول، مع ابنتهما "شارلوت" (كليمانتين غرونييه)، للاحتفاء بها وتهنئتها بصدور مذكّراتها. لاحقًا، مع قراءة "لوميير" المذكرات، تكتشف كذبًا وخداعًا، ما يدفعها إلى مواجهة والدتها. أولاً، ذكرت فابيان أنها كانت تذهب إلى المدرسة يوميًا لإحضار ابنتها، وهذا لم يحدث مرة واحدة، كما تقول لوميير. ثانيًا، شهدت تجربة أداء ابنتها الصغيرة ممثلةً في المدرسة، في مسرحية "الساحر أوز"، وهذا لم يحدث أيضًا. "فابيان"، القوية والنرجسية والباردة، تدرك جيدًا قواعد اللعبة. تقول لابنتها: "أنا ممثلة مشهورة. لن أقول الحقيقة المجرّدة، فهي ليست مثيرة للاهتمام، بالنسبة إلى الجمهور". هذا ما تراه "فابيان" بخصوص أمور حياتية كثيرة، بما فيها علاقتها بابنتها وزوجها السابق.

في الوقت نفسه، تعمل "فابيان" التي باتت في سبعينياتها، والفائزة بجوائز مهمّة، في فيلم جديد مع ممثلتين شابّتين. بالنسبة إليها، هذا مجرّد فيلم، فهي غير مُعجبة بالمخرج وبالسيناريو، وبطاقم العمل. مجرّد عمل تؤدّيه ليظلّ اسمها يتردّد. لذا، يتنقّل هيروكازو كوري ـ إيدا، بين الفيلم الذي يجري تصويره، والحياة في المنزل الريفي، حيث تجتمع عائلة "فابيان". مع هذا الفيلم، داخل الفيلم الأصلي، وعبر شخصية "فابيان" كممثلة وابنتها ككاتبة سيناريو، يمكن القول إنّ كوري ـ إيدا يقدّم تحية بسيطة للسينما والسينمائيين، أرادها عميقة ورصينة. لكن، يبدو أن التجربة لم تُدرَس كفاية، والسرعة سيدة الموقف. 

وعلى غرار بطلته "فابيان"، يبدو أنّ قبول هيروكازو كوري ـ إيدا العمل في إخراج فيلمٍ خارج بلده، مع ممثلين يجهلهم ولغة لا يعرفها، "مجرّد عمل". لذا، فـ"الحقيقة" مجرّد فيلم.

 

العربي الجديد اللندنية في

01.09.2019

 
 
 
 
 

النوري بوزيد من البندقية: كان الدين في شبابي عيداً أما اليوم فقنابل (فيديو)

البندقية - هوفيك حبشيان

لا يزال المخرج التونسي النوري بوزيد متمرداً ثائراً على واقع بلاده رغم انه سيبلغ الخامسة والسبعين بعد أشهر قليلة. ولا يزال يتحكّم به شغف التصوير الذي يلازمه منذ أكثر من ثلاثين عاماً، تاريخ بدء عمله في السينما. فصاحب الأفلام المهمة في تاريخ السينما التونسية، من "ريح السد" إلى "صفايح ذهب"، موجود في مهرجان البندقية السينمائي (٢٨ آب - ٧ أيلول)، هذه الأيام لتقديم أحدث أعماله، "عرايس الخوف"، الذي يعتبره الجزء الثالث من ثلاثية باشرها مع "آخر فيلم" وواصلها مع "ما نموتش"، ويختمها مع جديده المعروض في قسم "سكونفيني".

الفيلم إحالة على القضية التي باتت هاجس السينما التونسية في السنوات الأخيرة: انضمام توانسة، شبّاناً وفتيات، إلى جماعات إرهابية ومتطرفة، ناشطة في سوريا تحديداً. من "زهرة حلب" لرضا الباهي إلى "ولدي" لمحمد بن عطية مروراً بـ"فتوى"لمحمود بن محمود، لم يستطع السينمائيون التوانسة غض النظر عمّا حصل لأبناء وبنات جلدتهم، والتقبّل انهم مارسوا أعمالاً مدانة أخلاقياً. شعروا بمسؤولية تجاه أنفسهم وفنّهم وتاريخهم النضالي، للوقوف ضد هذه المصيبة التي تأكلت المجتمع التونسي.

النوري بوزيد الذي لطالما كان من أشرس المدافعين عن العلمانية في تونس (تعرّض إلى اعتداء بآلة حادة بسبب مواقفه من المتشددين بعد الثورة التونسية)، يروي في "عرايس الخوف"، وبالكثير من القسوة والصرامة، عودة فتاتين من جحيم سوريا حيث تم استغلالهما جنسياً والتغرير بهما بأبشع الطرق. انها حكاية تروما نفسية، يصوّرها بوزيد بالكثير من الغضب والعودات إلى الخلف، عبر فلاشباكات متتالية، لنكتشف قصّة الفتاتين المعذبتين اللتين ستجدان ان الحياة بعد عودتهما من سوريا إلى تونس لا تقل قسوة عن الجحيم التي هربتا منها. من خلال لغة سينمائية هي أقرب إلى الوثائقي منها إلى الروائي، يقتحم الفيلم ميدان العلاقات الإنسانية الصعبة التي تحكمها القوة والحاجة والارادة المسلوبة، وهي الأشياء التي يعرف بوزيد بأي صيغة ينقلها إلى المُشاهد وإن سجّل الفيلم نقاط ضعف في أماكن أخرى يصعب تحديدها.

تجري حوادث "عرايس الخوف" في العام ٢٠١٣، في زمن الترويكا التي قادت البلاد بعد انتخابات ٢٠١١. هذا زمن غير بعيد تابعنا فصوله على وسائط التواصل الاجتماعي، ولكن ما يبحث عنه المخرج هو التفاصيل التي منها تتشكّل صورة شاملة لتونس من عيون نساء يتحملن الكثير، وهن لسن فقط ضحايا وخاضعات، بل يشغلن وظائف أساسية، فيجعلن الحياة شيئاً قابلاً للتحمّل.

https://www.youtube.com/watch?time_continue=1&v=xRqSPvaub_I

 

####

 

البندقية ٧٦ – "إني أتّهم" لرومان بولانسكي: درس في معانقة التاريخ

البندقية - هوفيك حبشيان

المصدر: "النهار"

"إني أتّهم" لرومان بولانكسي المتسابق على "الأسد الذهب" في الدورة الحالية من مهرجان البندقية السينمائي (٢٨ آب - ٧ أيلول) من أفضل ما شاهدته حتى الآن. فيلمٌ، كلّ مشهد فيه،مرسوم، بعناية تبلغ حدّ الهوس أحياناً. تُعرَف أفلام السينمائيين الكبار من أشياء عدة، منها تشكيل الكادرات، الايقاع، براعة السرد، البناء الدرامي، إدارة الممثّلين. هذا كله وأكثر متأصل عند بولانسكي كـ"طبيعة ثانية"، منذ أفلامه الأولى في بولونيا، وهذا ما يجعل فيلماً مثل "إني أتّهم"، متماسكاً وجميلاً.

قضية الضابط الفرنسي اليهودي ألفرد درايفوس (يضطلع بالدور لوي غاريل) الذي يُتَّهم زوراً في العام ١٨٩٤ بالتجسس لمصلحة الألمان وبيع أسرار عسكرية لهم فيُحاكَم بالخيانة العظمى، أشهر من أن تُروى. كثر يعتبرونها تمهيداً لأوروبا العقود التالية، وصولاً إلى النازية. درايفوس شخصية أيقونية حملت على ظهرها خطايا يهوديتها، والفيلم يحمل عنوان الرسالة المفتوحة التي وجّهها اميل زولا إلى رئيس الجمهورية الفرنسي في صحيفة "لورور" لإدانة هذا الفعل المشين في حقّ درايفوس والكشف عن مأسسة معاداة السامية التي كانت معششة على أبواب القرن الحادي والعشرين. الرسالة تلك فجّرت القضية وسلّمتها للرأي العام.

أن تؤفلَم قضية درايفوس على يد صانع أفلام شيء، وأن يأتيها بولانسكي شيءٌ آخر، علماً ان السينما صوّرتها منذ العام ١٩٩٩ في نسخة جورج ميلييس. ليس فقط لأن بولانسكي يعود هنا إلى حكاية حدثت قبل نحو أربعة عقود من محرقة اليهود التي صوّرها في تحفته "عازف البيانو" (٢٠٠٢)، بل لأن المشروع "على قياسه"، نظراً إلى التداخل بين السيرتين، العامة والخاصة. ونظراً إلى أن بولانسكي يعتبر ان في قضية درايفوس شيئا من قضيته (ملاحقته القضائية والاعلامية منذ سنوات بسبب تغريره بفتاة قاصر وممارسة الجنس معها في العام ١٩٧٧). لهذه الأسباب كلّها، وربما لغيرها من الأسباب، كان لا بد أن تلتقي طريق درايفوس بطريق المخرج الثمانيني في يوم من الأيام.

يتعامل بولانسكي مع هذه الأفلمة لرواية كتبها روبرت هاريس، ببرودة وجفاف ومسافة وطول أناة لطالما ميّزه عن كُثُرٍ من أبناء جيله. هاريس الذي سبق أن اقتبس بولانسكي منه "الكاتب الشبح" قبل سنوات، شارك في تأليف السيناريو. في الرواية كما في الفيلم، تُطرَح القضية من وجهة نظر الكولونيل جورج بيكار (جان دوجاردان في أداء باهر)، الشاهد على عملية إذلال درايفوس واستبعاده من الجيش وارساله إلى جزيرة الشيطان (مستعمرة غويانا الفرنسية). فبعد تسلّمه مكتب الاستخبارات العسكرية الذي كان فبرك أدلة تدين درايفوس، يسعى الرجل إلى ترتيب وضع البيت الداخلي بعد الفوضى التي أُثيرت فيه، واذابه يكتشف الظلم الذي تعرّض له درايفوس.

بيكار هذا رجل عنيد يعمل بدقّة وإصرار وموضوعية، رغم انه لا يخفي كرهه لليهود ويكن مشاعر سلبية لدرايفوس، ويتمنى لو كان فعلاً خائناً. لكن الحقيقة التي سيبحث عنها ويكشفها ويكررها في السر والعلن، تقول غير ذلك. بيكار رجل ضمير، وما يفعله ليس سوى من منطلق اقتناعه انه يجب حماية الشرف العسكري وصونه، بدلاً من تلطيخه بالعار، عبر لصق اتهامات جائرة. بيكار لا يحب اليهود، ولكنه يرفض الظلم. المواجهة اللاحقة (فيها شيء من الطرافة) بينه وبين درايفوس بعد تبرئته، تلخّص كلّ شيء، وتقول الكثير عن طبيعة العلاقة التي جمعتهما.

بالتأكيد، نحن حيال فيلم معادٍ للعسكر، بكلّ تفاصيله المقروءة والخفية. لا يبخل النصّ في هذا الصدد البتة. العفن الذي يتأكل أروقة المؤسسة العسكرية ومكاتبها وكذلك عقول الجالسين على أقفيتهم فيها، مطروح بمباشرة حيناً وكاريكاتورية أحياناً، لكنه طرح غير مزعج أو متحامل. لا أحد في هذه البيئة يريد الحقيقة، سوى بيكار! هذه المعاداة للعسكر تتجلى بصرياً في النحو الذي يصوّر فيه بولانسكي مجموعة من الناس يصنّفون ذواتهم أعظم شأناً من بقية البشر وأوصياء عليهم. على غرار "دروب المجد" لستانلي كوبريك أو "ملك وبلاد" لجوزف لوزي، لا يوفّر الفيلم العسكر من نقده اللاذع، قبل أن يعرّج على قضية على صلة بمعاداة السامية. ليس من الغريب أن نسمع في أحد مَشاهد الفيلم، تعليقاً لعسكري على الظلم الذي تعرّض له درايفوس على الشكل الآتي. "اذا طلبتَ مني أن أقتل، فسأقتل. ثم عدتَ لتقول اننا أخطأنا في حق القتيل، فسأقول لك هذا ليس ذنبي؛ أنا أنفذ أوامر. نحن عسكر، هكذا هم العسكر".

درايفوس لا نكاد نراه، فهو شخصية ثانوية جداً في الفيلم، يكاد يكون غير مهم، لأن بولانسكي يتحدّث عن قضية انصاف وضمير وقائل حقيقة، مفضّلاً اعادة الاعتبار إلى البطولة لا إلى التضحية والمهانة. "إني أتّهم" يُعدّ درساً في معانقة التاريخ من دون الوقوع في فخاخها.

 

####

 

البندقية ٧٦ - روي أندرسون من مخرج دعايات إلى "برغمان المهرّج"

البندقية - هوفيك حبشيان

المصدر: "النهار"

روي أندرسون (١٩٤٣) سينمائي أسوجي مُقلّ، لم ينجز سوى ستّة أفلام روائية طويلة في نصف قرن. عام ٢٠٠٠ خطف جائزة لجنة التحكيم في كانّ من يد لوك بوسون عن "أغنية الطابق الثاني" الذي اشتغل أربعة أعوام على تحقيقه. بعدها قدّم "أنتَ، العيش" (٢٠٠٧)، سجّل به مشاركته الثانية في كانّ، ولكن هذه المرة في قسم "نظرة ما". قبل خمسة أعوام، فاز بـ"أسد البندقية" عن "حمامة تحط على غصن وتتأمل الوجود"، وها اننا ننتظر بعد غد جديده "عن الأبدية".

معروف عن أندرسون اجتهاده في مجال الدعايات التلفزيونية. هو رجل صورة لا كلام. لهذا أفلامه شبه صامتة، تتخللها تمتمات ووشوشات لا أكثر. فبين ١٩٧٥، تاريخ إنجاز فيلمه الثاني "غيلياب"، و٢٠٠٠ الذي جاء بـ"أغنية الطابق الثاني"، لم يقدّم أندرسون أي عمل جديد. السبب هو ان "غيلياب" لم يستحوذ على الإعجاب النقدي ولم يُغوِ الجمهور، فابتعد عن السينما كلياً. ولكن هذا لا يعني انه جلس على غصن شجرة يتأمل الوجود، بل أنجز نحواً من ٤٠٠ اعلان تجاري لمحطات اسكندينافية مختلفة، صاقلاً بها معارفه التقنية.

إعلانات أندرسون الترويجية تستحق وقفة. فهي تفيض بالطرافة والسخرية الهدامة المتفلتة من كلّ قيود الأخلاق الحميدة، لكن مع المحافظة على مكانة الشخصيات المقترحة واحترام عقل المتفرج. إنغمار برغمان كان يعتبر أندرسون أفضل مَن أنجز أفلاماً دعائية، وهي للمناسبة ساعدت صاحبها في تمويل أفلامه الروائية الطويلة. وتصعب معرفة اذا كانت أفلامه السينمائية أثّرت في الدعايات أو العكس. فهناك نقطة مشتركة بينهما: تلك البرودة في تصوير الشخوص، الجمود، الحركة البطيئة، العبثية، اللقطة الواحدة، الخ. هذا كله يعطي الدعاية بُعداً آخر، يمسّ المتلقّي مسّاً مختلفاً، فيبدأ يلمس فيها فلسفة المخرج في التعاطي مع الطبيعة البشرية، تلك التي يعتمدها في أفلامه للشاشة. إعلانات أندرسون تتسم بهذا الاختلاف الذي يجعل مخرجها يقول عنها بأنها "ليست تجارية". فكيف لإعلان تجاري ألاّ يكون تجارياً؟ وكيف منحت شركة "تريغ هانسا" للتأمين كلّ هذه الحرية لفنّان يريد إنجاز إعلانات تجارية "غير تجارية"؟ وحده أندرسون يمتلك الجواب عن مثل هذا السؤال.

ذات مرة اعترف المخرج الدانماركي لارس فون ترير إنه "يخاف" أندرسون، ويشكّل بالنسبة اليه تهديداً حقيقياً. صرّح بهذا يوم تسابقا معاً على "سعفة" كانّ التي ذهبت في النهاية إلى ترير وفيلمه "راقصة في الظلام". لعل أندرسون كان أحق بها.

ينتج أندرسون، بكادراته الأنيقة والمشغولة والثابتة، التي تطغى عليها ألوان ميتة ودافئة كالأزرق والرمادي والبيج والأخضر الباهت، تشكيلا بصريا فيه شيء من كآبة الروح والضجر والأسى المكبوت. أفلامه نظيفة، مهذّبة، إلى حد الاختناق، والانفجار... والموت. انه موت يحكيه الضوء، الضوء الخافت للبلد الذي يأتي منه، وقد يفهمه الإنسان أفضل اذا زار مدينته غوتنبرغ كما أتيحت لي الفرصة في العام ٢٠١٧. بعضهم أطلق عليه تسمية "برغمان المهرّج". فلا شيء جدّياً عنده، ولا شيء مضحكاً فعلاً. سينماه بين بين. تستخرج المأساة من قلب الملهاة، والملهاة من قلب المأساة. عبثية المواقف التي يضع فيها شخوصه هي من مقوّمات سينماه. شخوصه نماذج في البلادة، لكنه لا يهزأ منهم، كما هي الحال مع زميله النمسوي أولريش زيدل، اذ يمنحهم أسباباً تخفيفية ويراعي معاناتهم الشخصية. سينماه تحاول إعادة النظر في القيم الاسكندينافية ليعرّيها ويتأملها.

لا تتوقّعوا فيضاً من المشاعر المتضاربة وعذابات ناتجة من التأرجح المستمر بين الشك واليقين، كمخرج أسوج الأشهر. المشاعر عند شخصياته مكبوتة كي تنفجر من الداخل. ولا يمكن تجاهل الجسمانية في عمله. الشخصيات التي نراها هي أولاً حضور جسدي قبل أن تكون قلباً وعاطفة. أفلامه مصممة ومهندسة كي تبقى راسخة في الذهن، وتقيم في الذاكرة السينيفيلية لأطول فترة ممكنة.

في "حمامة تحط على غصن وتتأمل الوجود"، هناك بضعة مَشاهد قد تدخل بأسرع وقت في معاجم السينما: ١) رجل يقع على الأرض في مطعم. إنها النهاية بالنسبة اليه: ولكن، بمَ تهتم موظفة الصندوق في تلك اللحظة؟ بالطعام الذي دفع الراحل ثمنه. همّها الآن مَن الذي سيأخذ هذا الطعام. ٢) فوج من العسكر يدخل حانة ومعهم ملك. على جلالته أن يدخل الحمّام لقضاء حاجة. بيد أن الحمّام مشغول!

عبثية وانعدام منطق وإيقاع بطيء وملل ما هو سوى المللالأوروبي. هذا بعض ما نجده في محتوى أفلامه، التي بعضها ليست سوى تمرين فيلمي على إضاعة الوقت وإطالته. ولكن أي محاولة لشرحها وتفنيدها وإيجاد معنى لها، أشبه بمحاولة شرح الحياة نفسها. ماذا يُمكن الكتابة في أفلام هذا الرجل ونحن نعلم أنها أولاً وأخيراً تجربة بصرية وحسية لا شفهية، أي أن الكلام فيها لا يفيد اذا لم يكن مصحوباً بمشاهدة تخوّلك "لمس" ألوان الفيلم الباهتة القريبة من حالة الاحتضار. مهلاً: لن يفيدك أيضاً أن تسأل أندرسون عمّا أراد قوله، فأندرسون غير قابل للتصنيف على الرغم من المحاولات، يفسر الماء بالماء، ويذكّرنا بأن وظيفة المخرج ليست بالضرورة التعليق على فيلمه. وعندما يشرح أن فيلمه "حمامة…" مستوحى من "سارقو الدراجات" لفيتوريو دو سيكا، عبثاً نحاول أن نفهم العلاقة بين الفيلمين!

 

النهار اللبنانية في

01.09.2019

 
 
 
 
 

Joker يحصد إشادات نقدية بعد عرضه بمهرجان فينيسيا

على الكشوطى

ذكر موقع الديلى ميل أن فيلم Joker استطاع أن يحصد الإشادات النقدية فور عرضه فى مهرجان فينيسيا، الذى يستمر حتى 7 سبتمبر الجارى.

وذكر التقرير أن النقاد شاهدوا الفيلم، وأقروا بأن أداء جواكين فونيكس بطل العمل مذهل، واستطاع أن يتحول من الفنان الكوميدى إلى الرجل الشرير داخل سياق الأحداث.

الفيلم من المقرر أن يُطرح فى أكتوبر المقبل بدور العرض السينمائى، والعمل يسرد قصة شخصية الجوكر من بدايتها قبل التحول لتكون شخصية شريرة لا تسعى سوى للانتقام.

وفى سياق متصل حظيت شخصية الجوكر التى ظهرت فى فيلم The Dark Knight الذى عرض عام 2008، هى أكثر الشخصيات التى لا تنسى فى آخر 21 عاما، وكان لها تأثير وصدى كبير فى عالم السينما.

ويضم الفيلم الجديد عددا هائلا من أهم وأشهر نجوم هوليوود، أبرزهم وربيرت دى نيرو وزازى بيتز ومارك مارون وبيل كامب وبراين كالين وغيرهم، وأعلنت الشركة المنتجة للفيلم أنه من المقرر عرضه رسميا بدور السينما فى 4 أكتوبر المقبل.

 

عين المشاهير المصرية في

01.09.2019

 
 
 
 
 

النقاد يصفون فيلم Joker: مخيف ومأساوي ومثير للقلق .. هل تفوق واكين فينيكس على هيث ليدجر؟

مروة لبيب

غالبية عشاق شخصية "الجوكر" عليهم الانتظار حتى طرح Joker في الرابع من اكتوبر المقبل، ولكن هناك محظوظين بالطبع تمكنوا من مشاهدته في أول عرض خاص له بمهرجان فينيسيا السينمائي.

الفيلم الذي طال انتظاره منذ الإعلان عن انتاجه صيف 2017 نال اشادات عظيمة من قبل النقاد بعد عرضه الأول في مهرجان فينيسيا السينمائي ووصف أداء واكين فينيكس بأنه مذهل.. مخيف للغاية.. مأساوي.. رائع ووصل الأمر إلى حد التنبؤ بحصوله على أوسكار أفضل ممثل في دور الشرير الأيقوني "الجوكر".

ووصف الفيلم الذي كتبه تود فيليبس وسكوت سيلفر ويضم روبرت دي نيرو ومارك مارون وزازي بيتز بأنه بمثابة تصوير شجاع لشخصية نبذها المجتمع.

حالة من الترقب يعيشها الكثيرون قبل طرح الفيلم نظرا لأنه يجسد واحدا من أشهر الشخصيات الخيالية التي ابتكرتها شركة DC للقصص المصورة، وأحداثه التي تقع في فترة الثمانينيات من القرن الماضي داخل مدينة جوثام ، وسيكون أكثر قتامة وميلا إلى أجواء الجريمة الدرامية منه إلى القصص الهزلية.

ويأتي الفيلم بعد مرور نحو 11 عاما على رائعة كريستوفر نولان The Dark Knight التي اشتهر من خلالها الراحل هيث ليدجر بشخصية "الجوكر" التي نال عنها جائزة الأوسكار بعد رحيله.

هيث ليدجر كان يتبع أسلوب التمثيل المنهجي الذي يعتمد على تقمص الممثل للشخصية في حياته العادية من أجل التدريب على الأداء والتعبير عن المشاعر الداخلية بإتقان ومن المعروف أيضا أن واكين فينيكس يتبع نفس الأسلوب وقد استخدمه في أفلام مثل I’m Still Here و Walk the Line.

ماذا قال النقاد عن فيلم Joker؟ وهل هناك جائزة أوسكار في طريقها إلى واكين فينيكس؟

The Hollywood Reporter

وصف الناقد ديفيد روني الفيلم بأنه يسلط الضوء على الأداء المثير للقلق والمثير للغرابة من واكين فينيكس الذي تقمص دور "الجوكر" بطريقة جنونية تجعلك تتعاطف معه وتخشاه في نفس الوقت، مضيفا إنه يجلب الرثاء لتلك الشخصيات المنبوذة من قبل المجتمع.

وأكد الناقد إن سيناريو الفيلم مكتوب بذكاء ويتركز على القصة في مدينة منعزلة عن أجواء أمريكا المعاصرة المفلسة أخلاقيا، لافتا إلى أن الفيلم قد يجذب جمهورا عريضا ممن لا يبحثون عن ضجة الأبطال الخارقين.

وأشاد روني بالتصوير السينمائي الذي قدمه لورانس شير وتصميم الانتاج لمارك فريدبرج وكلاهما دعم بصريا انفعالات الشخصية وما يدور بداخل عقله الباطن.

واختتم الناقد بأن دراسة الأبعاد النفسية للشخصية في الفيلم الجديد هي الأفضل منذ عصر The Dark Knight.

CinemaBlend

يرى الناقد إريك أيزنبرج أن الفيلم هو شرح جوهري للشخصية يتطلب مجسدا يستطيع التحول من شخصية لشخصية مع الالتزام بأبعاد الشخصية ومن الرائع أن نرى واكين فينيكس متوليا هذا الدور ويلعبه كما لو كان أول ممثل يجسد هذه الشخصية الأمر الذي قد يقوده للحصول على أوسكار أفضل ممثل بلا منازع.

وأشار الناقد إلى أن تود فيليبس يستحق التقدير لإعادة ابتكار القصة الكلاسيكية من جديد برؤيته لمدينة جوثام الهادئة التي تبعث عن الراحة النفسية وهي المدينة نفسها التي صورها كريستوفر نولان وتيم برتون.

وأضاف أيزنبرج أن الفيلم قد ينظر له على أنه مثير للجدل ولكنه يفتح الكثير من المناقشات حول ما هو حقيقي وما هو خيالي.

The Independent

يصف الناقد جيفري ماناب بأنه قوي ومبتكر ولعب فينيكيس للدور بطريقة تجعلنا نراه مثيرا للشفقة ومخيفا في آن واحد.

وألمح جيفري ماناب إلى أن لهجة الفيلم أكثر قتامة من نغمة ثلاثية كريستوفر نولان The Dark Knight، ووصف الناقد جوكر فينيكس في الفيلم الجديد بأنها أكثر ثقلا وأكثر تطورا من جوكر هيث ليدجر، وربما لا يمتلك فينيكس طاقة هيث ليدجر بل يتحرك ببطئ ومع ذلك عندما يطلق العنان في النهاية لحقده يصبح على نفس مقدار الفوضى التي كان عليها هيث ليدجر.

مشاهد الأكشن ليست متواجدة بكثرة، فهو ليس فيلما خارقا ولكن يعوض فيليبس ذلك الأمر بالمشاهد في مترو جوثام الذي يضم "جوكر" ومئات المحتجين الذين يرتدون زي المهرجين واثنين من ضباط الشرطة الذين قادهم حظهم السيء إلى ان يحاصروا بداخل المترو.

Variety

أشاد الناقد أوين جليبرمان بفيلم Joker مشيرا إلى أن فينيكس مدهش في دور المهووس العقلي الذي يتحول إلى مهرج قاتل ضمن رؤية تود فيليبس عبر فيلم قصص مصورة نادر من نوعه عما يحدث في الواقع.

ويقول الناقد " كمشاهدين.. لا يسعنا إلا التماشي مع "آرثر" الذي يجني الجميع عليه، نعاني معه في المشاهد المؤلمة عندما لا تثير نكاته الضحك، أو عندما يتعرض للحرج بسبب اساءة الآخرين تفسير كلماته وأفعاله".
مضيفا أن "آرثر" يصبح مبهجا عندما يقرر التوقف أخيرا عن التعثر وأن يدافع عن نفسه
.

 

موقع "في الفن" في

01.09.2019

 
 
 
 
 

"ستموت في العشرين".. فيلم سوداني يثير الجدل بمهرجان "فينيسيا"

هشام لاشين

شهدت مدينة البندقية الإيطالية، السبت، عرض الفيلم السوداني "ستموت في العشرين"، المشارك ضمن مسابقة "أيام فينيسيا" بمهرجان فينيسيا السينمائي الدولي في دورته الـ76، الذي أثار الجدل بمجرد عرضه، حيث اعتبره البعض لوحات فلكلورية محلية ساحرة، لكنه يعاني من عدم وجود أسلوب واحد في بناء وتصوير المشاهد

الفيلم الذي استغرق تصويره حوالي شهرين في منطقة "الجزيرة" شمال الخرطوم، هو سابع فيلم روائي في تاريخ السودان، وأول فيلم روائي طويل لمخرجه ومؤلفه السوداني أمجد أبوالعلا، واشترك في كتابته معه يوسف إبراهيم.

والفيلم مستوحى من قصة "النوم عند قدمي الجبل" للكاتب الروائي "حمور زيادة"، حيث يدور في عوالم صوفية، من خلال حكاية "مزمل"، الذي يولد في قرية سودانية تسيطر عليها أفكار الصوفية، ويقتنع هو والمحيطون به بنبوءة أحد المتصوفة التي تفيد بأنه سيموت في سن العشرين، فيعيش أيامه في خوف وقلق إلى أن يظهر في حياته المصور السينمائي "سليمان"، لتبدأ رحلة تنوير وأمل.

مجلة "هوليوود ريبورتر" اعتبرت أن الفيلم الأول لمخرجه له روعة ساحرة، لكن هناك مشاكل في رسم شخصية البطل الرئيسي، حيث إن "مزمل" الذي ينتظر الموت شخصية سلبية لا تفعل شيئا سوى انتظار ما سيحدث.

كما أن المتابع يجد صعوبة في معرفة طريقة تفكير البطل الذي يدرس القرآن لتبدو على هذا النحو من السلبية، حتى عند تعرضه للتنمر من قبل زملائه وتغطيته بالرماد، ووضعه في صندوق، فهو لا يفعل شيئا ليثأر لنفسه.

وتشير المجلة إلى أن "مزمل" الذي أحب الفتاة الجميلة "بونا خالد"، في سن المراهقة، لكنها لم تستجب لأبعد من الصداقة بسبب أفلاطونية مشاعره، كان في المقابل أكثر اهتمامًا بقضاء الوقت مع صديق والده "العم سليمان"، الذي يهتم بتصوير الأفلام، ويعيش حياته بحرية تامة، رغم حرمانية بعض تصرفاته من وجهة نظر "مزمل".

ومن حيث الصورة يبدو منزل "سليمان "القديم المتهالك منحوتا بملامح وأدوات سينمائية سريالية على نحو أسطوري، وتم تصوير بعض اللقطات في ممر المنزل العائلي، ومشاهد لمرور القوارب في النيل، بالإضافة إلى عدد من اللوحات التشكيلية الثابتة، لكن المشكلة في وجود فجوة كبيرة بين هذا التصوير الفني المنحوت للمنزل وتصوير ورسم مواقع وأماكن أخرى داخل الفيلم بطريقة واقعية قاسية ومباشرة.

"هوليوود ريبورتر" أرجعت ذلك إلى أنها تجربة لمخرج شاب لا يعرف حتى الآن تمامًا ما يريد، كما لا يعرف كيفية إدارة فكرة التعايش بين الأفكار المختلفة التي هي موضوع الفيلم، خصوصا في علاقة "مزمل" والثقافة القادم منها المهيمنة على مجتمعه، وبين أفكار "سليمان" المتحررة والأكثر قدرة على التكيف مع الواقع.

وأضافت المجلة أن فكرة الفيلم لا تتضح إلا بعد مرور 3 أرباعه عندما يتجرأ "مزمل" لأول مرة ويصرخ في وجه أبيه ليخبره بأنه يعتبر أن والده الحقيقي هو "سليمان" الذي ساعده في الخروج من أزمته، عكس الأب الذي هرب إلى أديس أبابا بعد أن فشل في حل أزمته.

ويشير سيناريو الفيلم إلى أن هروب الأب إلى "أديس أبابا" تحت زعم كسب المال كان بالفعل بسبب فشله في التعامل مع فكرة أن ابنه سيموت قبل بلوغه سن الرشد، بالإضافة إلى شعوره بالذنب، بسبب فشله أيضا في إنقاذ شقيقه من الغرق.

وبعد هروب الأب يبقى "مزمل" مع أمه "سكينة"، التي لا تريد حتى تسجيله في المدارس المحلية، لأنها تعتقد أنه لا جدوى من الدراسة للحصول على وظيفة لن تحتاجها أبدًا، لأن ابنها سيموت قبلها، بينما يصر إمام القرية على دراسة "مزمل" للقرآن.

"ستموت في العشرين" حصل على جائزة تطوير السيناريو في مهرجان الأقصر السينمائي، وعدة منح دولية من مختلف المهرجانات، منها برلين وبيروت، والنرويجية إنجريد ليل هجوين، كما ساهم في إنتاجه السيناريست والمنتج المصري محمد حفظي. وهو بطولة إسلام مبارك، مصطفى شحاتة، مازن أحمد، بثينة خالد، وطلال عفيفي، ومحمود السراج وبونا خالد.

والمخرج، أمجد أبو العِلا هو مدير برامج «مهرجان السودان للسينما المستقلة» السنوي، وفي رصيده سبعة أفلام قصيرة، كما قدم أكثر من 100 ساعة وثائقية لعدد من القنوات، ونال فيلمه الأخير "ستوديو" على جائزة التحكيم من مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية.

وينتقل الفيلم بعد "فينيسيا" إلى مهرجان "تورونتو" السينمائي، إلى جانب عرضه في الدورة المقبلة لمهرجان الجونة السينمائي الدولي.

 

بوابة العين الإماراتية في

01.09.2019

 
 
 
 
 

هيفاء المنصور: مشاهدة ممثلات سعوديات على السجادة الحمراء مؤثر للغاية

كتب: نورهان نصرالله

أقيم مؤتمر صحفي لفيلم "المرشحة المثالية" للمخرجة هيفاء المنصور، ضمن فعاليات الدورة الـ76 من مهرجان فينيسيا السينمائي، الذي تمتد فعالياته حتى 7 سبتمبر الجاري، حيث تنافس "المنصور" على الأسد الذهبي أمام مجموعة من صناع السينما الأبرز فى العالم، فضلا عن كونها واحدة من بين مخرجتين فقط تشاركان في المنافسة القوية التي تشمل 21 فيلما.

وفي المؤتمر الصحفي الخاص بالفيلم، قالت هيفاء المنصور إن هناك عددا من التغيرات التي تحدث في المملكة السعودية، وهي فرصة يجب على النساء استغلالها، متابعة: "أرغب شخصيا في مشاركة المزيد من النساء في السياسة وأن تصبحن فاعلات في المجتمع، لكن الأمر سيكون صعبا لأن المجتمعات ما زالت متحفظة، والأسر لا تريد أن تتولى النساء مناصب ولا أن تخرج في العلن".

وأضافت المنصور: "رؤية ممثلات سعودية على السجادة الحمراء مع تلك الفساتين كان أمرا مؤثرا للغاية، متأكدة، أن هناك الكثير من الناس المحافظين الذين لا يريدون رؤية نجمة أنثى بارزة، وامرأة تصنع أفلاما، وامرأة تقوم بعمل فيلم عن السياسة، أنا صانعة أفلام أحترم المكان الذي أتيت منه، أعرف أنه مكان محافظة سياسياً وتقليديًا ودينيا، لكن كيف يمكننا أن نجعل تلك الحدود أوسع كل يوم، نحاول فقط دفع الهوامش قليلاً، حتى يتمكن الناس من النقاش ويكون لدينا مساحة أكبر من الفن، ولذلك يجب أن يكون التغير عميقا وليس على السطح".

وتابعت مخرجة فيلم "المرشحة المثالية": "أعتقد أن المجتمع السعودي يمضي قدما، تتغير الحريات الاجتماعية، خاصة بالنسبة للمرأة، يمكنها السفر، قيادة السيارة، التصويت أو حتى الترشح للمناصب، ولكن هل يصوت الناس لهن، كيف يفكر الجمهور، كيف سيرى الناس في الشارع، هذه أسئلة مهمة جدا، إنها تخلق هذا السرد، يجب أن تذهب وتصوت لصالح النساء، يجب أن تثق حقاً في النساء وفي قدراتهن على القيادة".

 

الوطن المصرية في

01.09.2019

 
 
 
 
 

مشاهدات في مهرجان فينيسيا السينمائي الـ76

أمير العمري

الطابع التجريبي يغلب على فيلمي "إيما" و"عمدة ريوني سانيتا" لكن أكثر ما يميزهما التمثيل والتلاعب بالحبكة.

حتى الآن شاهدنا من أفلام المسابقة الرسمية 10 أفلام (من 21 فيلما). أهم هذه الأفلام الفيلم الأميركي الأول “أد أسترا” Ad Astra والفيلم الفرنسي “ضابط وجاسوس” (أو إني أتهم) أحدث أفلام المخرج الكبير رومان بولانسكي، والفيلم الأميركي الثاني “جوكر” لتود فيليبس. يلي هذه الأفلام الثلاثة الفيلم الإيطالي “عمدة بلدة ريوني سانيتا” للمخرج ماريو مارتوني، ثم “قصة زواج” الأميركي لنواه بومباك. وأقل أفلام المسابقة حتى الآن شأنا في رأي كاتب هذه السطور وأكثرها إرهاقا للعين وللذهن بسبب تشتته، هو الفيلم “إيما” أقل أفلام مخرجه الكبير بابلو لارين شأنا.

سنترك الأفلام المهمة ومنها تحفتان على الأقل هما “أد استرا” و”إني أتهم” والثاني تحديدا أعتبره الأفضل حتى الآن رغم كلاسيكيته بل بسبب كلاسيكيته، ونتوقف في هذا المقال أولا أمام “إيما” ثم الفيلم التونسي “نعيش بيك” الذي شاهدناه في تظاهرة “أوريزونتي” التي تنظم مسابقة وتمنح بعض الجوائز أيضا.

يعود بابلو لارين إلى بلده شيلي الذي لم يخرج فيه فيلما منذ أن أخرج فيلم “نيرودا” (2016) الذي سبق أن تناولناه بالنقد على هذه الصفحة، ويصور فيلمه الجديد “إيما” Ema في بلدة “فالباريسو” Valparaíso التي لجأ إليها شاعر شيلي الكبير بابلو نيرودا لتفادي الوقوع في قبضة أعوان السلطة الفاشية. وفي هذا القسم من الفيلم تحديدا أي بعد انتقال نيرودا إلى فالباريسو، أبدع لارين في تصويرها في فيلمه “نيرودا”.

وتتميز المدينة بأجوائها البوهيمية ومناظرها الطبيعية وجبالها المطلة على البحر وطالما ألهمت الكثير من الشعراء والفنانين، لكن بطلة فيلم لارين هذه المرة امرأة شابة شديدة التمرد، غاضبة تعبر عن غضبها بطريقتين: الرقص العنيف المعروف في أميركا اللاتينية باسم Reggaeton الريغاتون (الذي ظهر في أوائل التسعينات) والاستمتاع بإشعال النار في السيارات وإشارات الطرق وألعاب الأطفال في الملاهي والكثير من الممتلكات العامة والخاصة، وهي تستخدم في ذلك جهازا مملوءا بالبنزين توجهه ناحية الهدف فتشتعل النار وتقف تراقبها دون وجل، كأنها تتعبد في النار. لا أحد يوقفها ولا أحد ينتبه لها.

 وإيما راقصة محترفة في أوقات الفراغ، لكنها لا تكتفي بالرقص بل تعمل أيضا في مهن وأعمال أخرى لا تكاد تستقر في أحدها إلا لتتركها أو يتم الاستغناء عنها، بسبب جموحها وجنونها وسلوكها المعادي للمجتمع لكنها لا تحمل ضغينة على المجتمع (كما في حالة بطل فيلم “جوكر”).

في عدد من الأفلام يشد المتفرج فن الأداء وفن تحقيق الانسجام في إدارة الممثلين الذي يبرز بشكل عبقري

وإيما متزوجة من غاستون (غايل غارسيا بيرنال) وهو مدرب فرقة الرقص التي ترقص فيها لكنه يميل إلى نوع من الرقص التعبيري ويستهجن رقص الريغاتون، أما مشكلته مع إيما فهي أنه عقيم لا ينجب لذا تبنى الاثنان طفلا من كولومبيا هو بولو لكن إيما علمت بولو كيف يحرق الأشياء، فاقتفى أثرها وحرق غرفة في المنزل مما أدى إلى احتراق نصف وجه شقيقي إيما.

تهجر إيما غاستون الذي تكن له كل الاحتقار.. وتعيد الطفل المتبني بولو إلى مركز رعاية الأطفال اليتامى. وتتبناه أسرة أخرى، لكن إيما غير سعيدة بذلك فهي تريد الحصول مجددا على بولو. وهي تقيم علاقة جنسية مع أحد رجال الإطفاء الذي جاء بسيارة الإطفاء لإطفاء الحريق الذي أشعلته ووقفت من بعيد تراقبه، ثم تنتقل إلى علاقات جنسية مثلية متعددة مع عدد من النساء ومنهن امرأة سنكتشف في النهاية أنها الأم الجديدة التي يعيش في كنفها بولو كما سنعرف أن رجل الإطفاء هو زوجها نفسه، وأن إيما رسمت خطتها بإحكام واستغلت الاثنين للحصول على الطفل أو أن تفرض عليهما القبول بالاشتراك في تربيته وتبنيه، ولكن ما مغزى هذا كله؟

لا شيء سوى التمرد والرفض والجنون، والرغبة في تدمير العالم والرقص حتى النهاية الدموية ولو على أشلاء الأشياء المحترقة. الطابع التجريبي واضح في الفيلم. وهناك مناظر كثيرة تقترب من الإعلانات التجارية التلفزيونية ذات الإيقاع السريع أو تشبه شرائط الفيديو ميوزيك، مع مونتاج يقوم على التداعيات والمزج مع الخيال والهواجس المجنونة، والوحدة في المشهد هي اللقطة المنفردة المستقلة عن غيرها.. ولكن الواضح أن لارين يهتم بهذه الحالة الخاصة جدا لهذه الشخصية المجنونة التي قصت شعرها فبدت مثل صبي وصبغته باللون الأشقر الفاتح، وألصقت في أذنيها قرطا خاصا، وركبت رموشا صناعية جعلت عينيها الواسعتين مغريتين من دون صدق، تقتحمان الأشخاص بجرأة أو حتى وقاحة، أما تمردها وغضبها فهما غير محدودين وغير محددي الهدف والدافع.

إنها تريد الحصول على ما تريد ولو باستخدام الجميع، لا تقيم اعتبارا للرجال والنساء والنظام والمؤسسة: باستثناء صحبتها من الفتيات زميلاتها في فرقة الرقص.

الطابع التجريبي يغلب أيضا على الفيلم الإيطالي “عمدة بلدة ريوني سانيتا” للمخرج ماريو مارتوني.. تجريب في سياق العبث، ولكن من خلال شكل أكثر وضوحا وتحديدا بل ويمكن القول أيضا إن التحدي في الشكل في هذا الفيلم تحديدا يكمن في قدرته على شد المتفرج لأكثر من ساعتين من خلال مشاهد تتعاقب معظم الوقت (باستثناء الدقائق

 العشر الأخيرة) داخل غرف وصالات وحدائق منزل عمدة البلدة توني الذي يقوم بدور “الأب الروحي”، ولكنه الأب القاسي الذي لا يتورع عن القتل ولكن من أجل هدف يعتبره نبيلا، يستولي على الأرض ويبني منزلا بمثابة قصر منيف، ولكنه يبرر ذلك بأنه يقدم خدمة جليلة للمجتمع. وهو يقيم العدل، وينزل العقاب بمن يستحق بكل قسوة. يهدد بالقتل والتصفية الجسدية الدموية كل من يتجرأ على الوقوف في وجهه بما في ذلك طبيبه الخاص الذي ظل في خدمته لأكثر من 25 عاما.

هذا الرجل الدموي القاسي يمتلك في الوقت نفسه قلبا رحيما طيبا، فهو على استعداد للمضي قدما حتى نهاية الشوط لنصرة شاب لجأ إليه يطلب حمايته من والده الشرير صاحب المخبز الذي لفظه.

وسوف يتورط الأب الروحي في مشكلة تبدو بسيطة أكثر بساطة من كل ما سبق أن واجهه في حياته، لكنها ستجعله يدفع ثمنا باهظا. هنا لا تستقر الحبكة كما نتوقع بل تسير عكس ما هو متوقع طوال الوقت وهو أحد المفاصل الرئيسية التي يشتغل عليها السيناريو، كما أن الحبكة تلتوي وتتخذ مسارا آخر مدهشا قرب النهاية بل ومع النهاية.

ولعل أكثر ما يميز الفيلمين “إيما” و”عمدة ريوني سانيتا”، هو عنصر التمثيل. ولن يكون من المفاجئ حصول بطلة الفيلم الأول وبطل الفيلم الثاني على جائزتي أفضل ممثلة وأفضل ممثل في المسابقة، ولكن مازال من المبكر التكهن بالجوائز. فبطلة “إيما”، الممثلة ماريانا دي جيارولامو هي الاكتشاف الحقيقي هنا، بحيويتها وقدرتها المدهشة على الاستعراض والأداء التمثيلي والصمود في جميع المشاهد الصعبة، تماما مثلما يحمل فرنشيسكو دي ليفا فيلم المخرج ماريو مارتوني على كتفيه، ورغم أنه مأخوذ عن مسرحية وأن الحوار فيه يمتد دون توقف لأكثر من ساعتين، إلا أنه يشد المتفرج ويجعلنا لا نستطيع أن نبعد عيوننا لحظة واحدة عن الشاشة.

 هنا يبرز بشكل عبقري، فن الأداء وفن تحقيق الانسجام في إدارة الممثلين: التحكم في الميزونسين، والزوايا التي تكشف لنا عن نظرات العينين بينهم خاصة وأن معظم المشاهد تتضمن وجود عدد من الشخصيات في الكادر الواحد، ثم تقاطع الخطوط وتداخل عبارات الحوار أحيانا، وتحريك الكاميرا بحرص وحذر والتصوير في مواقع داخلية محدودة تتم الاستفادة من كل عنصر من عناصر الأكسسوار. إنه متعة للعين.

 كاتب وناقد سينمائي مصري

 

العرب اللندنية في

02.09.2019

 
 
 
 
 

"جوكر" يلفت الأنظار فى "فينيسيا" و8 دقائق تصفيق متواصل

كتب: نورهان نصرالله

يواصل مهرجان فينيسيا السينمائى فعاليات دورته الـ76، التى تستمر حتى 7 سبتمبر الحالى، وشهد السبت الماضى العرض الأول لفيلم «Joker»، المشارك فى المسابقة الرسمية للمهرجان، وكانت القاعة كاملة العدد تماماً، وبعد انتهاء العرض ارتفع التصفيق فى قاعة «سالا جراندى» لمدة 8 دقائق متواصلة، بحضور بطل الفيلم خواكين فينيكس والمخرج تود فيليبس.

كما حضرت العرض الأول للفيلم الممثلة زازى بيتز التى تشارك «فينيكس» البطولة، وغاب الممثل الأمريكى روبرت دينيرو الذى يؤدى خلال الفيلم دور مضيف برنامج حوارى، بينما أثار ألبرتو باربيرا، المدير الفنى لمهرجان فينيسيا السينمائى، ضجة بتصريحاته حول الفيلم، قائلاً إن «Joker» يتجه مباشرة إلى حفل توزيع جوائز أوسكار، فى إشارة إلى تميز الفيلم، وفقاً لما نشره موقع مجلة «فارايتى» الفنية.

وحظى الفيلم بإشادات عديدة من النقاد، حيث وصف الناقد أوين جليبرمان الفيلم بـ«من النادر أن يعبر فيلم مأخوذ عن كتب مصورة عمّا يحدث فى العالم بشكل حقيقى»، متابعاً: «أداء (خواكين) مدهش عندما يتحول من مريض ومختل عقلياً إلى بهلوان قاتل».

تدور أحداث الفيلم فى عام 1981، عندما يتحول ممثل كوميدى فاشل إلى أسطورة مخيفة فى مدينة جوثام، لتصبح غارقة فى الجريمة والفوضى، والفيلم مأخوذ عن شخصية «جوكر» من «DC Comics»، ولكنه الفيلم الأول فى سلسلة من الأفلام منفصلة عن عالم «دى سى» السينمائى، وتم تحديد 4 أكتوبر المقبل لطرحه فى دور العرض السينمائى حول العام، بينما يشارك فى مهرجان «تورنتو» السينمائى، بعد انتهاء فعاليات مهرجان «فينيسيا».

 

الوطن المصرية في

02.09.2019

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004