كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 

إعادة اكتشاف فيلم "نشوة" الذي أطلق موهبة هيدي لامار

أمير العمري

فينيسيا السينمائي الدولي السادس والسبعون

   
 
 
 
 
 
 

مهرجان فينيسيا يقدم عرضا خاصا لفيلم "النشوة" بعد استعادة وتجميع أجزائه المتفرقة المفقودة بحيث جاءت النسخة الجديدة أقرب وأكثر قربا من النسخة الأصلية للفيلم.

 جرت العادة منذ سنوات، أن يخصص مهرجان فينيسيا السينمائي عرضا سينمائيا خاصا قبل يوم من الافتتاح الرسمي للمهرجان. في هذا اليوم يحرص المهرجان على تقديم أحد الكلاسيكيات السينمائية أو الأفلام التي يعاد اكتشافها في نسخة جديدة تم إنقاذها من الأصل القديم وتحويلها بواسطة التقنيات المعملية الحديثة إلى نسخة رقمية عالية النقاء.

في العام الماضي عرض المهرجان الفيلم الألماني الكلاسيكي الصامت “الغوليم” (1915) وكان العرض مصحوبا بعزف موسيقي حي مباشر بديع يصاحب عرض الفيلم الصامت. أما قبل افتتاح الدورة الـ76 من المهرجان العريق (28 أغسطس-7 سبتمبر) فقد نظم المهرجان عرضا خاصا لفيلم “النشوة” Ecstasy بعد استعادة وتجميع أجزائه المتفرقة المفقودة بحيث جاءت النسخة الجديدة أقرب وأكثر قربا من النسخة الأصلية للفيلم الذي عرض في الدورة الثانية من مهرجان فينيسيا عام 1934 (أقيمت الدورة الأولى عام 1932)، وكان آخر ما أخرجه المخرج التشيكي غوستاف مشاتي Gustav Machaty والأول الذي قامت ببطولته النمساوية هيدي كيسلر وكانت في التاسعة عشرة من عمرها (وإن بدت في الفيلم أكبر وأكثر نضجا).

اشترك الفيلم في فينيسيا 1934 مع فيلم آخر في الحصول على جائزة أحسن إخراج، كما منحه الجمهور جائزة أحسن فيلم أجنبي. وتقول المعلومات التي وفرها المهرجان إن مايكل أنجلو أنتونيوني (الذي حضر المهرجان كناقد شاب قبل أن يصبح من كبار المخرجين الإيطاليين) كتب يصف العرض بقوله “في حديقة فندق اكسيلسيور، في تلك الليلة، كان يمكنك سماع أنفاس المشاهدين المفتونين، والشعور بارتعاش أجسادهم”.

هيدي كيسلر ستعود إلى السينما بعد خمس سنوات، ولكن في فيلم أميركي من أفلام هوليوود، تحت اسم جديد هو “هيدي لامار”، لتنطلق بعد ذلك بسرعة الصاروخ بفضل جمالها المثير وجرأتها التي بدت من أول أفلامها “النشوة” الذي منحها سمعة خاصة في العالم بعد أن أصبحت رمزا للإثارة والجمال.

عندما عرض فيلم "النشوة" في "الموسترا" عام 1934 اعتُبر "فضيحة المهرجان" أو "الفيلم الفضائحي"، فقد كان أول فيلم في تاريخ السينما تظهر بطلته وهي تجري عارية في الغابة قبل أن تلقي بنفسها في البحيرة وتسبح عارية تماما

فضيحة المهرجان

عندما عرض فيلم “النشوة” في “الموسترا” عام 1934 اعتُبر “فضيحة المهرجان” أو “الفيلم الفضائحي” فقد كان أول فيلم في تاريخ السينما تظهر بطلته وهي تجري عارية في الغابة قبل أن تلقي بنفسها في البحيرة وتسبح عارية تماما. وفي مشهد تال، تظهر وهي تمارس الجنس مع رجل وقعت في غرامه، وتبدو على وجهها من خلال لقطات الكلوز أب القريبة جدا، الانفعالات التي تشي بتحقق النشوة الجنسية أو ما يسميه فرويد “ذروة اللذة” أي “الأورغازم”.

ولم يكن مألوفا ظهور مثل هذا العري أو المشاعر التي تعبر عن النشوة الجنسية في السينما حتى ذلك الوقت.

ولعل من يشاهد الفيلم اليوم يمكنه أن يتوقف طويلا أمام مشهد الجنس ويتعجب ويتساءل كيف أثار في زمنه كل ما أثاره من ضجيج، فالمقارنة مع الأفلام التي ظهرت بعد ذلك، في الستينات والسبعينات واستمرت حتى وقتنا هذا، تجاوزت كثيرا تصوير وجه البطلة في لقطات قريبة، ولكن ينبغي الاستدراك بالقول إن “هيدي لامار” بتعبيراتها الخاصة جدا في هذا المشهد ربما لا يكون لها مثيل في الأفلام الأحدث.

صحيح أن المشهد كان يخفي أكثر مما يُظهر، ولم يظهر العُري، إلا أنه نموذج بارز للإيروتيكية، وكان يكفي التعبير بالوجه والعينين مع الموسيقى الدرامية المتصاعدة، لكي يتفاعل المشاهدون مع المشهد.

قيل إن “هيدي” اتفقت مع الشركة التي تعاقدت معها في هوليوود على تغيير اسمها في محاولة لطي صفحة الماضي بأسره والتخلص تماما من دورها في فيلم “النشوة” الذي ارتبط اسمها به، كما أطلقت الصحافة عليها “فتاة النشوة”، خاصة بعد أن أدان بابا الفاتيكان الفيلم، كما مُنع عرضه في الولايات المتحدة بدعوى أنه مناقض للأخلاق.

كانت الفضيحة التي تسبب فيها الفيلم، لا نتيجة لمشهد الظهور العاري للبطلة التي ستستمر في القيام بدور المرأة المثيرة في أفلامها التالية في هوليوود، بل بسبب جرأتها في التعبير عن الشعور باللذة الجنسية وهي مع رجل يفترض أنه غير زوجها الذي هجرته وتخلت عنه حسب أحداث الفيلم. ولهذا السبب وحده وبعد أن تغيرت المعايير والنظرة الأخلاقية في مجتمعات الغرب، يمكن اعتبار الفيلم اليوم معبرا كأقوى ما يكون عن النظرة “الفيمنست” أو الحركة النسوية الجديدة التي تتبنى الدفاع عن حرية المرأة في اختيار ما تفعله وخاصة في علاقتها بالرجل.

قصة حب وصراع

موضوع الفيلم بسيط للغاية: امرأة شابة حسناء تزوجت حديثا من رجل ثري يكبرها في العمر، بارد شديد الصرامة، يعاملها بجفاف ويهملها تماما بل ويتركها تجلس بجواره خلال حضورهما حفل كبير راقص يحضره عدد كبير من الأزواج، لينكب على تقليب صفحات جريدة دون أن يتطلع إليها ودون أن يشعر بوجودها. وفي المنزل يختلف الاثنان حتى في طريقة وضع فرشاة الأسنان، وينتهي الأمر بأن تهجره المرأة وتعود إلى بيت والدها الثري في ضيعته بالريف وتشرع في إجراءات الطلاق. وهناك تتجول في المنطقة.. تركب حصانها الأثير إلى نفسها.. تسير به في الغابة.. ثم تتجرد من ثيابها تماما وتجري نحو البحيرة وتلقي بنفسها وتسبح عارية، ثم تلتقي بشاب وسيم جذاب يعمل مهندسا في إنشاء السكك الحديدية في المنطقة القريبة.. سرعان ما تقع في غرامه وتمارس معه الحب وتتذوق طعم “النشوة” الجنسية للمرة الأولى.

لكن زوجها الذي هجرته يحضر إلى حيث تقيم مع والدها الجاف بدوره الذي يشير الفيلم إلى أنه كان أيضا يعامل أمها معاملة جافة، والواضح أن الزوج يرفض الطلاق، يريد استرجاع زوجته الحسناء فهو يحبها ولكن على طريقته الخاصة، ولكنها ترفض وتضرب موعدا لحبيبها في البلدة القريبة. وينتهي الأمر بانتحار الزوج، وشعور الزوجة بالذنب والفرار من حبيبها بعد أن كانت قد اعتزمت الذهاب معه إلى برلين، لينتهي الفيلم نهاية مأساوية حزينة لجميع أبطاله.

الموضوع كما نرى بسيط. والفيلم يكاد يكون صامتا، فالحوار فيه قليل للغاية، عبارة عن كلمات محدودة وأحيانا كلمة واحدة تقولها الشخصية، وكان الحوار في ذلك الوقت يتم تركيبه على الشخصيات في مرحلة المكساج، ولم يكن يجري تسجيله مباشرة فوق الصورة، وكان من الممكن الاستغناء عنه تماما فالفيلم يشرح نفسه بنفسه، وتتعاقب مشاهده في سلاسة وجمال ورونق لا يحتاج لأي حوار بل تكفي نظرات العينين، لكنه ظهر في بدايات عصر السينما الناطقة (بعد 6 سنوات من ظهور الفيلم الناطق) وكان لا بد من استخدام الحوار لإضفاء الواقعية على الحدث وإثارة اهتمام المتفرجين الذين كانوا منبهرين بالاختراع الجديد.

جماليات الصورة

التصوير (بالأبيض والأسود) بواسطة مدير التصوير النمساوي هانز أندروشن وزميله التشيكي يان ستاليتش، بديع يتميز بالتشكيل والاهتمام الكبير بالتكوين، يراعي تحقيق الطابع الواقعي للصورة، ولكن مع لمسات رومانسية تتمثل في استخدام مناظر الطبيعة (السحب، الغابة الضبابية التي تبدو كالحلم، البحيرة، الحشرات التي تستخدم للتعبير المجازي.. الخ)، لكن هناك أيضا تأثر واضح في بعض المشاهد (خاصة داخل قصر الأب) بالتعبيرية الألمانية حيث تنعكس ظلال الأشخاص على الجدران من خلال الإضاءة الخافتة التي تصنع جوا يوحي بالقلق الشديد والترقب وتمهد للمصير القادم.

إلا أن أهم ما يلفت النظر في الفيلم طريقة هيدي لامار في التعبير بنظرات العينين، بالالتفاتة والإيماءة، وذلك الحضور المدهش على الشاشة في اللقطات القريبة، والقدرة على التعامل بشكل طبيعي مع الشخصيات الأخرى، ويبقى منها في هذا الفيلم ذلك السحر الخاص الذي يشع من عينيها ممزوجا بالغموض المثير. ولا شك أن هذا الغموض نفسه كان وراء ما حققته من نجاح في هوليوود.

كان لهيدي لامار وجه آخر هو وجه امرأة موهوبة بارعة في الابتكارات العلمية، وقد قدمت منها الكثير، كما تمكنت من ابتكار نظام للشفرة يسبب التشويش على السفن الحربية الألمانية ويعطل قدرتها على إطلاق الطوربيدات المدمرة على سفن الحلفاء وهو الاختراع الذي أهدته إلى البحرية الأميركية في الأربعينات، وأصبح مسجلا باسمها. لقد اجتمع لديها الجمال مع العبقرية. ولا أدري ماذا كان يمكن أن يقول لنا فرويد عن هذه العلاقة الخاصة بين الجانبين!

كاتب وناقد سينمائي مصري

 

####

 

جولي أندروز الموهبة الذهبية التي يمنحها مهرجان فينيسيا "الأسد الذهبي"

أمير العمري

مهرجان فينسيا السينمائي يكرّم الممثلة البريطانية جولي أندروز، التي ذاعت شهرتها لقيامها ببطولة فيلمي "ماري بوبينز" و"صوت الموسيقى".

يتم خلال الدورة الـ76 المقامة حاليا من مهرجان فينسيا السينمائي تكريم النجمة البريطانية الشهيرة المرموقة جولي أندروز التي عرفها جيلنا عندما كنا أطفالا، وكانت تملأ الدنيا بهجة وجمالا بصوتها وأدائها العذب الجميل الذي جعلنا دائما نشعر أننا أطفال سعداء حتى بعد أن كبرنا ونضجنا وكبرت هي بل ووصلت الآن إلى ما يسمى “الشيخوخة”.

جولي أندروز التي تجاوزت الآن الثالثة والثمانين من عمرها، تفوقت في الغناء والتمثيل، يمنحها المهرجان العريق جائزة “الأسد الذهبي” الذهبية تقديرا لتاريخها الحافل بالأفلام التي رسخت في ذاكرة المشاهدين عبر الأجيال.

عملت جولي أندروز المولودة في مقاطعة ويلز البريطانية في الأول من أكتوبر 1935، في المسرح الغنائي الاستعراضي في برودواي بنيويورك، منذ أن كانت في التاسعة عشرة من عمرها، ففي عام 1954 قامت بدور “بوللي” في مسرحية “العشيق” (بوي فريند)، وحققت نجاحا كبيرا ولفتت أنظار النقاد. وكانت هذه المسرحية قد عرضت أولا في 1953 في الويست اند في لندن، وقامت بالدور الرئيسي فيها آن روجرز، وعندما انتقلت إلى برودواي بدا وكأنها كتبت خصيصا لجولي أندروز بصوتها العذب الرائق الجميل الذي جذب الصغار والكبار. وقد نالت جولي عن دورها جائزة أحسن أداء تمثيل على المسرح الموسيقي في نيويورك.
ولفت أداؤها وحضورها المدهش أنظار منتجي مسرحية “سيدتي الجميلة” (عن بيغماليون لبرناردشو) فأسندوا إليها بطولة المسرحية التي حققت  نجاحا كبيرا وتحولت إلى فيلم سينمائي غنائي
.

لم تكن طفولتها سعيدة، بسبب طلاق والديها ثم زواج أمها من مغن كان يؤدي في الصالات، يدعى إدوارد أندروز وهو الذي أخذت اسمها عنه رغم أنها لم تكن تحبه بل كتبت في مذكراتها أنه حاول اغتصابها وهي صغيرة مما اضطرها لوضع قفل على باب غرفتها، كما كان الرجل مدمنا للخمر وانتقل الإدمان منه إلى أمها مما أصاب جولي بالإحباط والاكتئاب.

بدأت جولي الغناء عندما كانت في الثامنة خلال الحرب العالمية الثانية. وكانت تغني داخل الملاجئ حيث يحتمي السكان من الغارات الألمانية. ولفت صوتها القوي أمها التي عرضتها على طبيب لقياس قوة أحبالها الصوتية فوجد أنها تتفوق على كثير من البالغين كما يضاهي أصوات أعرق المغنيات، فذهبت بها إلى معلمة درست على يديها فن الغناء.

وعندما بلغت الثانية عشرة بدأت تغني في نفس الأماكن التي كانت تعزف فيها أمها ويغني فيها زوج أمها، إلى أن أسند إليها دور في مسرحية غنائية على مسرح “هيبودروم” في لندن، ثم قامت بالدور الرئيسي في مسرحية “سندريلا” (1953) وكانت تعتمد على الأداء الحركي الصامت. ولفت أداؤها نظر مخرجة مسرحية “العشيق” التي انتقلت بها إلى نيويورك وأسندت بطولتها إلى جولي ومن هنا بدأت رحلة الصعود والتألق التي استمرت أكثر من ستين عاما.

رغم نجاحها الكبير في مسرحية “سيدتي الجميلة” وحصولها على جائزة نقاد نيويورك، إلا أن منتجي الفيلم أسندوا الدور إلى أودري هيبورن.

ورغم براعتها في بطولة مسرحية “كاميلوت” إلا أن دورها ذهب إلى فانيسيا ريدغريف في الفيلم، ولكنها ستحقق انتقامها الخاص عندما تقوم ببطولة فيلم “ماري بوبنز” عام 1964 وتنال عنه جائزتي الأوسكار والغولدن غلوب ويصعد نجمها إلى عنان السماء، فتقوم بعد ذلك ببطولة “صوت الموسيقى” (1965) أمام كريستوفر بلامر وإخراج روبرت ويز، الذي يعتبر من أكثر الأفلام الموسيقية رواجا في كل العصور.

كاتب وناقد سينمائي مصري

 

العرب اللندنية في

01.09.2019

 
 
 
 
 

أزمة "إني أتهم" لرومان بولانسكي بفينيسيا وراءها الاعتداءات الجنسية

د. أمل الجمل

رغم حملة "وأنا أيضاً" واسعة الانتشار وذائعة الصيت، ورغم الأصوات النسائية العديدة المناهضة للتحرش، ورغم العقاب المفروض بأشكاله المتعددة- والذي يبدو لي شخصياً أن بعضه مغرض، وراءه مصالح جماعات وأفراد، وأهداف أبعد من الدفاع عن حقوق المرأة- فها هو رومان بولانسكي، المخرج الفرنسي البولندي، المتهم بحوادث تحرش واعتداء جنسي يُنافس بفيلمه الأحدث عشرين فيلماً أخرى على الأسد الذهبي في فينيسيا السادس والسبعين، أعرق مهرجانات الدنيا وأقدمها.

والحقيقة أنه حتى لحظة كتابة هذا المقال- وبعد مشاهدة تسعة أفلام من أصل ٢١- يُعد فيلم بولانسكي، البالغ من العمر ٨٦ عاماً، من أهم وأبرز الأعمال السينمائية داخل المسابقة، وحتى الآن يحتل الترتيب الثاني في تقديري بين المنافسين، وأضعه بعد الفيلم الإسباني "إيما" للمخرج بابلو لارين، وهو دراما موسيقية مغايرة- مفعمة بالجِدة رغم بساطتها الشديدة- عن فكرة التطهر من الأخطاء والذنوب بالرقص والتصالح مع العالم بإشعال الحرائق وممارسة الحب، وجعل الأمومة والبنوة والحب أمراً مشاعاً.

إنه فيلم ضد الملكية والاستحواذ، وهو أمر وأمنية يصعب تصديقها وتحقيقها لأنها تحتاج إلى الدهاء والذكاء والصدق.

أما فيلم بولانسكي، الذي أنتج بمبلغ ٢٨ مليون دولار- والتي تعتبر ميزانية ضخمة وفقًا لمعايير بولانسكي في أعماله الأخيرة- فيحمل عنوان "إني أتهم" بالفرنسية، وفي الإنجليزية "الضابط والجاسوس".

إنه دراما تاريخية محكمة الصُنع، جذابة سينمائياً، وتحمل كثيرا من الإسقاطات الحديثة رغم كونها مأخوذة عن قصة حقيقية، بل فضيحة كبيرة تعود لعام ١٨٩٣، وكانت أحداثها قد صدرت في رواية تاريخية عام ٢٠١٣ لمؤلفها روبرت هاريس الذي شاركه المخرج رومان بولانسكي في كتابة السيناريو.

بعيدا عن تصريحات المخرج بأنه اختار قضية الفيلم للتعبير عن نفسه وحالته وتعامل الكثيرين معه وهجومهم العنيف ضده في أعقاب الاتهامات الموجهة إليه، فتلك التصريحات أراها مليئة بالمبالغة والمغالطات، كما أنها خارج السياق، فشتان بين القضيتين، وإن كنت أفصل بين تقييم العمل السينمائي والأفعال المشينة لصاحب الفيلم.

تدور الأحداث حول ضابط المدفعية اليهودي الفرنسي ألفريد دريفوس الذي أُدين بتهمة الخيانة العظمى في محاكمة عسكرية سرية، وحُكم عليه بالسجن المؤبد في جزيرة الشيطان.

كانت الإدانة غير عادلة، بل ظالمة، ورغم محاولات أستاذه ورئيسه لاحقاً الملازم كولونيل جورج بيكوارت لإثبات براءته وتقديم الأدلة، فالجهات المعنية بالجيش رفضت إعادة تبرئته بحجة الخوف من رد فعل الشعب، فأصبح دريفوس شهيدا أسطورياً.

كان النفي جهنمياً بالنسبة للبطل، جحيماً لا يُطاق، مع ذلك عندما قررت المحكمة إطلاق صراحه لظروف استثنائية، رفض دريفوس هذا الحكم، وأصر على البقاء بالسجن لأنه كان بريئاً، ولأنه كان يُريد حكماً بالبراءة ليستعيد شرفه وسمعته التي تم تلطيخها هو وعائلته، وهكذا ظل في السجن عشر سنوات حتى اعتذرت له المحكمة، ومنحته البراءة فقبل اعتذارها.

رغم ما سبق، فإن الشخصية الرئيسية بالعمل ليست دريفوس، لكن الكولونيل جورج بيكوارت. إنه ضابط فرنسي كان له يد في محاكمة دريفوس العسكرية، ينتهي به الأمر إلى أن يكون هو الشخص الذي يسعى لإثبات براءة دريفوس، ويتحمل في سبيل ذلك كل الاتهامات والانتهاكات والنفي، والفضيحة المدوية له ولعشيقته بعد نشر رسائلهما الغرامية بالصحف. لكن المثقفين الفرنسيين من كتاب ومبدعين وصحفيين يقفون إلى جانبه حتى وإن لم ينتصروا في حينها، واستغرق الأمر سنوات.

يبدأ الفيلم مع دريفوس، يقف أمام مجموعة من الجنود وخلف الأسوار الحديدية، تقف مجموعة هائلة من العامة والغوغاء تصرخ، وتندد بتصرفاته، وتصفه بأنه خائن، بينما يردد هو أنه بريء و"يحيا الجيش".

يتم تجريده من ميدالياته كوصمة عار في مشهد بديع سينمائياً ومؤلم إنسانياً، بينما نرى ردود فعل الآخرين الساخرين بشكل بذيء، وبعضهم يصفه بأنه "كالخياط اليهودي الذي يبكي على ذهبه الضائع"، ربما هذه البذاءة المتناقضة مع الصورة والانطباع الذي كان يحمله جورج بيكوارت هو ما دفعه للقيام بفعل الصواب مهما كان الثمن فادحاً، خصوصاً عندما يحصل بيكوارت على ترقية فيُصبح رئيس الاستخبارات الفرنسية.

يمنحنا السيناريو تفاصيل تُجسد كيف كان التجسس في القرن الماضي، بارعاً في التمويه. في أجواء العمل وحالة المكتب السيئة، ورائحة المجاري، والنوافذ التي لا تُفتح، بالتوازي مع كل هذا نطالع مكتب التجسس وأفراده الذين يقومون بتصفح بريد الأشخاص، واستعادة وتسجيل المراسلات الممزقة من سلات المهملات. مثل هذه الرسالة هي التي تكشف عن الأسرار التي تم بيعها إلى الدول الأجنبية المعادية، مثل هذه الرسائل التي كانت دليلا أساسيا في إدانة دريفوس- حيث نرى محاكمته عبر الفلاش باك- هي ذاتها التي ستكون دليل براءته، ويتم كشف العالم الفاسد داخل الجيش.

إنه فيلم شديد الأهمية مليء بالحيوية، بالتشويق، بالكشف عن مافيا الفساد السياسي والمالي في كل زمان. ولذلك لم يكن من المستغرب أن تتراجع رئيسة لجنة التحكيم عن موقفها وتصريحها، الذي كاد يتسبب في أزمة بجزيرة الليدو في البندقية إذ كان منتج الفيلم قد فكر في سحبه من فينيسيا، عقب تصريحها "لن أقف وأصفق له".

فتسبب تواجد الفيلم- حتى في غياب المخرج والاتهامات التي كانت تلاحقه بشأن الاعتداء الجنسي على طفلة عمرها ١٣ عاماً والموقف المعادي له-، في نشوب هجوم عنيف ضد رئيس مهرجان فينيسيا ألبرتوا باربيرا، وكانت هناك أسئلة صحفية مفخخة تم توجيهها إلى رئيسة لجنة تحكيم المسابقة الرسمية - المخرجة الأرجنتينية لوكريسيا مارتِل- التي قالت "أنا لا أفصل بين الرجل والفن الذي يقدمه". مُضيفة "أنها لن تحضر حفل العشاء على شرف الفيلم"، لأنها، وفق تصريحها، "تمثل نساء عديدات يكافحن في الأرجنتين من أجل قضايا مماثلة".

لكن في أعقاب ذلك المؤتمر الصحفي، ورغم دفاع ألبيرتوا باربيرا قائلاً: "إنه يحكم على الفيلم وليس على صانعه"، لكن لوكا بارباريشي، المنتج الإيطالي المشارك في إنتاج "الضابط والجاسوس" صرح بأنه "يشعر بالقلق إزاء تعليقات وتصريحات مارتيل"، مُضيفاً أنه "يفكر في سحب الفيلم من المسابقة ما لم توضح مارتيل تصريحاتها"، وكان من الواضح بالنسبة لفريق العمل أن الفيلم لن يحصل على محاكمة عادلة في غرفة المحلفين.

لكن سرعان ما أوضحت مارتل أن "المشاركة في تحكيم فيلم الضابط والجاسوس لن يكون سهلاً عليها"، وأضافت مارتل: "أعتقد أن مشاركته في المهرجان ضرورية، لأننا بحاجة إلى مثل هذا النقاش.. كما دافعت بشدة عن قرار مهرجان البندقية السينمائي إزاء برمجته". موضحة: "أنا أميل بشكل يكاد يكون متشددا إلى عدم الفصل بين الرجل عن الفن الذي يقدمه. لكن رومان بولانسكي جعل من المستحيل القيام بذلك مع ضابط وجاسوس".

هذه الأزمة تعيد للأذهان براعة مدير مهرجان فينيسيا في التعامل مع مأزق نتفليكس بشكل مغاير عما فعلته المهرجانات الأخرى في العام الماضي، وكذلك موقفه من صناع الأفلام المتهمين في حوادث تحرش، وما زلنا في انتظار القادم من الأعمال السينمائية هنا في "موسترا" حيث يخطو على السجادة الحمراء العديد من كبار النجوم أمثال براد بيت وسكارلت جوهانسن، وجولييت بينوش، وكاترين دونوف، وبيدرو ألمودوفار، وفي انتظار بينيلوبي كروز، وروبرت دي نيرو. حتى الآن مرت أربعة أيام، ولا يزال أمامنا سبعة أيام كاملة نتوقع أن تكون حافلة بالمفاجآت السينمائية.

 

موقع "مصراوي" في

01.09.2019

 
 
 
 
 

«الشرق الأوسط» في مهرجان فينيسيا السينمائي (4): رحلة دريفوس صوب البراءة وبراد بت صوب المجهول

فينيسيا: محمد رُضـا

كان لا بد، يوم أمس، (السبت) الحديث عن المخرج رومان بولانسكي بمناسبة الضجة التي وقعت بسبب تصريحات رئيسة لجنة التحكيم، المخرجة الإيطالية، لوكرزيا مارتل، التي هاجمت فيها بولانسكي وأكدت أنها لا تفرق بين «الفنان وفيلمه» ولن تحضر حفل الافتتاح، وهي التصريحات التي، كما تقدم، أثارت منتجي الفيلم فهددوا بسحب الفيلم.

لكن سحب الفيلم لم يتم. لو تم لكان فعلاً شبيهاً بمن يدين نفسه بنفسه وينتحي إلى الحل الذي قد يصب في غير مصلحة الفيلم التجارية بعد ذلك.

لذلك، وفي الوقت المحدد من مساء يوم أمس، تم عرضه ليشهد، في نهايته التصفيق الذي يرضيه والذي يشابه ذلك التصفيق الذي حصده رومان بولانسكي أكثر من مرّة في حياته المهنية.

قضية تزوير

«ضابط وجاسوس» هو العنوان الذي سيحمله الفيلم في عروضه حول العالم، لكن العنوان الذي سيحمله إلى جمهوره الفرنسي هو «أنا أتهم»، وهو عنوان فيلم كلاسيكي للمخرج آبل غانس حققه سنة 1919 ولا علاقة له بموضوع هذا الفيلم الذي يدور حول الضابط الذي اتهم بالجاسوسية في أواخر سنوات القرن التاسع عشر ألفريد دريفوس.

«أنا أتهم» هو عنوان المقال الجريء الذي كتبه إميل زولا في صحيفة «الفجر» (L’Aurore) حول قضية دريفوس والذي يبرزه بولانسكي بقوّة مدروسة مازجاً عنوان الفيلم بعنوان المقالة التي اتهمت العسكر واليمين المحافظ ورجال الدين بإلصاق التهم لمواطن فرنسي تبعاً لبراهين واهية وملفقة. لجانب هذه التهم التي وضعها زولا في نقاط وفقرات اتهام مماثل لتلك القوى بالعنصرية كون دريفوس يهودي الديانة.

بعيداً عن التاريخ كما وصلنا، هذا الفيلم هو استعراض معلوماتي يشبه صفحات الموسوعة البريطانية «إنسايكلوبيديا بريتانيكا»، في خلال هذا الاستعراض موقف واضح لإدانة المؤسسة العسكرية الفرنسية في عام 1894 (سنة واحدة قبل قيام الأخوين لوميير بعرض نتاجاتهما السينمائية الأولى) التي لم تصدر حكماً ببراءة دريفوس مما نُسب إليه إلا سنة 1995 أي بعد ستين سنة على وفاته.

يتوقف الفيلم عند تقديم دريفوس، بعدما قضت محكمة عليا (غير عسكرية) بتبرئته من التهم سنة 1905 وإعادته لمنصبه السابق كضابط في الجيش الفرنسي، بطلب ترقية كتعويض له عن السنوات التي قضاها مسجوناً في «جزيرة الشيطان» (السجن الفرنسي الشهير في وسط المحيط) ولاحقاً في أحد السجون الفرنسية. هذا كله بعد استعراض معلوماتي وفير لا حول دريفوس بذاته، بل حول الكولونيل جورج بيكارد (جان دوجوردان)، الضابط الوحيد الذي آمن ببراءة دريفوس وسعى لسنوات لإثبات أن الجاسوس الحقيقي هو ضابط آخر (فرديناند وولسن - استرازي) الذي كشف للألمان خططاً وسرب وثائق وهو الذي زوّر الرسالة التي أدّت لاتهام دريفوس.

يبدأ الفيلم من مشهد تجريد دريفوس من زيه العسكري وكسر سيفه ثم نقله بالسيارة مقيداً بعدما صاح بصوت جلي بأنه بريء من التهمة التي ألصقت به. بعد ذلك يسرد بولانسكي الأحداث التاريخية حسب ورودها (وكان كتب في المقدمة أن الشخصيات والأحداث التي نراها حقيقية). هذه الأحداث تتضمن اكتشاف بيكارد للثغرات الكثيرة التي تزيد من شكوكه أن اتهام دريفوس كان مؤامرة ضد الضابط اليهودي الوحيد في الخدمة. يحاول بيكارد الحصول على أدلة على تلك الشكوك وينجح. تحديه لمعارضة رؤسائه ومسؤوليه تتسبب في تقديمه هو للمحاكمة وسجنه.

رجل تحت الضغط

يحيط بولانسكي كل ذلك (وأنا لست في وارد كتابة الأحداث بالتفصيل مما يفسد الفيلم أمام مشاهديه العرب المحتملين) بفن لا يثير الكثير من اهتمام المشاهدين والنقاد هذه الأيام وهو فن التصاميم الفنية (جان راباس) والديكوراتية (فيليب كوردوم) كما تصاميم الملابس (باسكالين شافان). الفيلم من الدقة في استخدام ما هو قديم عائد إلى تلك الفترة الزمنية بحيث تحتل هذه العناصر (بالإضافة إلى حسن التصوير من بافل إيدلمان) المكانة التي تستحق في هذا العمل.

ما لا ينجح كثيراً هنا هو البحث عن رومان بولانسكي في «عازف البيانو» أو «ماكبث» أو «الكاتب الشبح» (الأخير كتبه روبرت هاريس، الذي يشارك بولانسكي كتابة سيناريو هذا الفيلم). تلك المساحات النفسية والعاطفية حيال المادة أو القصة المعروضة. صحيح أن موقف بولانسكي من قضية دريفوس واضح في الفيلم إلا أن هذا هو معظم ما نخرج به من علاقة بولانسكي بالموضوع.

في فضاء رهيب

فيلم آخر كان له وقع جيد في العموم، لكنه ليس من مستوى التأثير الذي أنجزه «ضابط وجاسوس» هو AD Astra للأميركي جيمس غراي.

هو فيلم خيال علمي رصين (أحياناً أكثر من اللازم) حول ملاح فضائي في مهمّة صعبة. روي ماكبرايد (براد بت) ينطلق من الأرض للبحث عن والده في الفضاء. رحلة صعبة يمكن مقارنتها، ولو على السطح، برحلة الكابتن ويلارد (مارتن شين) النهرية في فيلم فرنسيس فورد كوبولا «القيامة الآن» لا من حيث المهمّة التي تنتظر كلاً من الملاح في «آد أسترا» والكابتن في «القيامة الآن»، بل من حيث وحدتها وسط قناة السفر ذاتها: الفضاء اللانهائي المخيف في مقابل النهر الداكن البعيد الذي لا يعرف الكابتن إلى أين يؤدي ولا إلى أين يؤدى به.

يكاد يخلو الفيلم الجديد من الأحداث المتوقعة. ينأى المخرج غراي بنفسه عن أفلام الخيال العلمي السائدة اليوم (غرار «ستار وورز» أو «ستار ترك») ويؤم الفضاء الذي أحاط ببعض أهم أفلام الخيال العلمي السابقة (يذكّر قليلاً بـ«أوديسا الفضاء» وكثيراً بـ«سولاريس»). هو يبحث عن أبيه الذي قيل إنه لم يعد له وجود منذ أن اختفى في الفضاء، ولو أن قناعات روي هي التي تقوده. هي ذاتها التي تلج به في مغامرات مفصولة عن بعضها بعضاً بتقديس المخرج للصمت في الفضاء وتحديق الكاميرا بعيني براد بت وهما يتصفحان المحيط الواسع لفضاء رهيب.

للأسف القصة ذاتها أكبر من الفيلم والطموح أعلى مما يستطيع المخرج غراي، الذي غمس سابقاً من سينما المشاكل الاجتماعية، تحقيقه كما يرغب. ما يحرك الفيلم هو فكرته وأجوائه. الحديث عن رغبة الإنسان في البحث عن حياة أفضل بعيداً عن هذا العالم وهو بحث بدأه والد روي (تومي لي جونز) ويتبدّى لاحقاً أن ما اكتشفه يختلف كثيراً عما طمح لاكتشافه. في كل هذا، يأتي أداء براد بت واثقاً من قدرته على تحمل أعباء فيلم يدور حول الشخصية وليس حول الممثل. حول فكرة البحث عن المجهول وتوقعات هذا البحث أكثر من مجرد فيلم مغامرات وقصة مبسطة للترفيه.

بالنسبة لبراد بت فإن أداءه شبه الصامت ذاك يفرض عليه الاستعانة بعينيه للتدليل على المشاعر والملاحظات التي تتولد في ذاته. هذا الدور لجانب دوره في «ذات مرّة في الغرب» خليقان بوضعه أمام ترشيحات موسم الجوائز المقبلة.

قصة طلاق

عندما تقرر نيكول (سكارلت جوهانسن) العودة من نيويورك إلى المدينة التي تحب (لوس أنجليس) يعارضها زوجها تشارلي (أدام درايفر) الذي يفضل نيويورك على أي مكان آخر في العالم. لكنها لا تستطيع أن تحرم نفسها من فرصة العمل المتاحة لها في مسلسل تلفزيوني جديد.

هذا هو محور فيلم «قصة زواج» لنوا بومباك وبطولة ممثليَن هما في الحياة الفعلية لا ينتميان إلى مستوى واحد من النجاح. جوهانسن نجمة بالغة الشهرة تعمل على نحو دؤوب ولا تستطيع أن تترك لوس أنجليس التي هي بمثابة قلعتها الفنية بينما أدام درايفر، ورغم وثباته الفنية الأخيرة التي ضمت «بلاكككلانسمان» و«الموتى لا يموتون» ودور مساند في سلسلة «ستار وورز»، ينتمي إلى جيل لاحق ما زال في طور التأسيس. هي حملت أفلاماً كممثلة أولى وحيدة من دون أن يتأثر نجاحها، وهو ما زال عليه المشاركة في البطولة لكي ينال المزيد من قبول الجمهور.

«قصة زواج» هو دراما عاطفية حول الطلاق تذكر بفيلم روبرت بنتون «كرامر ضد كرامر» مع ميريل ستريب ودستين هوفمن (1979). وهو الفيلم الذي جمع الإعجاب الأعلى بين النقاد الغربيين من بين كل ما عرض على شاشة المهرجان من أفلام.

يبدأ بمشاهد من الألفة والرومانسية والتفاصيل الصغيرة في حياة الزوجين وطفلهما. إنها مشاهد تؤدي دوراً مزدوجاً إذ تذكر بماضي علاقة الزوجين من ناحية وتبني بنك معلومات في بال المشاهدين قبل الانتقال إلى ما ورد أعلاه من بداية شرخ العلاقة.

مثل «كرامر ضد كرامر»، الطلاق مسألة قانونية مليئة بالعقد التي على كل واحد منهما حلها عبر محاميه. اختارت نيكول المحامية نورا (لورا ديرن) لتدافع عن مصالحها، بينما توجه تشارلي لمحاميين على التوالي، إذ اختار آلان ألدا في البداية ثم انتقل إلى راي ليوتا الذي ينقذ الفيلم من سبات ممثله الأول درايفر في كل مشهد يجمعهما.

لكن في حين أن فيلم روبرت بنتون ركّـز على الطلاق وتبعاته العاطفية يوسع «قصة زواج» مداره ليشمل دور المحامين في إزكاء المصاعب للاستفادة قدر الإمكان من تطويل فترة المعاناة ولاصطياد الأخطاء التي يقوم الزوجان بها لعلها تضيف ركاماً إلى ركام.

نواه بومباك يجيد السرد وتوظيف الأماكن وتقديم الشخصيات. لكن المشكلة التي قد يواجهها البعض هي إذا ما كان الموضوع مهماً له أم لا. أولئك الذين لم يتزوّجوا بعد قد يجدونه تحذيراً. أولئك الذين تورطوا قد يقومون بفعل المقارنة بين ما يرونه على الشاشة وبين تجاربهم الخاصة فيشعروا أكثر بأن الفيلم يتعاطى ومسائل حميمية وإنسانية بعضها لم يكن وارداً في بال أحد.

 

الشرق الأوسط في

01.09.2019

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004