هيفاء المنصور مخرجة سعودية بأجندة. في فيلمها الأول «وجدة»
(2012) سجّـلت رغبة الفتاة الصغيرة وجدة (عشر سنوات) في ركوب الدراجة
وسعيها الحثيث لتحقيق هذا الحلم على الرغم من المحاذير التي تمنع الفتيات،
في ذلك الحين على الأقل، من القيام بمثل هذا الفعل. آنذاك، لم تعِ وجدة
أنها كانت تواجه تقاليد صارمة، وأنها بذلك تتحدى مفاهيم قديمة العهد
ومتشددة.
في فيلمها الجديد «المرشحة المثالية» تنتقل المنصور لتحكي
قصة امرأة مثقفة اسمها مريم (ميلا الزهراني) تعمل طبيبة في مستشفى طوارئ
يقع في ضاحية ما زالت الطريق صوبها غير معبّدة. سيارات الإسعاف التي تعمل
على نقل المرضى والمصابين عليها أن تغوص في الوحول والدروب غير المزفّتة
لكي تصل إلى مدخل المستشفى.
لا تستطيع مريم أن تقنع المسؤولين الحكوميين في منطقتها
بأهمية تعبيد الطريق، وهذا جزء من مشاكل عملها، ولو أنه الطموح الأكبر في
الوقت ذاته. المشكلة الأخرى هي أن رئيسها في المستشفى مستعد لمعاملتها
كأنثى وليس كطبيبة إذا ما اقتضت الحاجة.
والحاجة تقتضي عندما يصل رجل عجوز بصحبة حفيده ليدخل حالة
الطوارئ بعدما صدمته سيارة. حين يرى العجوز مريم يصرخ في وجهها، مطالباً
إياها بتركه وشأنه واستبدالها بطبيب ذكر.
ويخرج المدير من مكتبه بسبب صراخ المريض ويلومها على أنها
لم تمتثل لطلب المصاب.
لمريم شقيقتان وأب عازف في فرقة تراث موسيقية. تحتاج مريم
إلى موافقة والدها لحضور مؤتمر في دبي خلال إجازتها.
في تلك الأثناء كان الأب ينتهز فرصة دعوته لأول عرض أمام
الجمهور بعدما أمضى سنوات يعزف في الأفراح. هو بدوره يسعى لتحقيق ذاته
ورسالته الفنية، لكن المصاعب تختلف وستتبدد لتنتهي بنجاح. أما مريم فستجد
أن سفرها ممنوع فتحاول الاستنجاد بأحد مديري الأقسام الرسمية، ولكي تقابله
تدعي أنها تريد الترشح كرئيس مجلس البلدية.
هنا سرعان ما يتبدّل وضعها وتجد نفسها تدخل التنافس مع عدد
من المرشحين الرجال. عليها أن تثبت للآخرين بأنها تصلح لأن تكون رئيس
البلدية ولو أن غايتها استخدام الوصول إلى المنصب لغاية واحدة تشير إليها
في كل تصريحاتها وهي تعبيد تلك الطريق المهملة.
إيجابيات
كتبت هيفاء المنصور سيناريو فيلم هادف يتمحور حول حق المرأة
في اكتساب الفرص الموازية لفرص الرجل في السفر وفي المناصب الرسمية.
لكن المنصور لا تؤمن بأن عليها أن تعمد إلى المطالبة بأكثر
مما هو متاح. فيلماها ينتهيان بفوز محدود وبأمل كبير في التغيير المنشود.
ومنوالها في هذا الصدد لا يشكل عبئاً عليها؛ لأنها تترك لشخصياتها النسائية
بلورة ما في بالها من رسائل اجتماعية. لذلك؛ نجد أن قيمة ما تعرضه من
مضامين منحصرة في تلك الشخصيات الساعية للتغيير أكثر مما هو في وجهة نظرها،
أو في أسلوب فني تعتمده لتحريك أقوى للدوافع النبيلة التي تحتضنها هي
وبطلتها.
«وجدة»
كان له النصيب الكبير من الاهتمام؛ كونه الفيلم الأول لمخرجة سعودية.
وحينها كانت المملكة في أولى خطوات التغيير ما جعل «وجدة» عملاً مواكباً
وفي وقته المناسب. هذا الفيلم هو أيضاً مواكب للمرحلة وفي وقته المناسب،
لكنه لا يتجاوز «وجدة» في معالجته الفنية. السيناريو يرتكز على الأساسيات
التقليدية في السرد. يعرف مثلاً متى يحرّك عائقاً أمام بطلته ثم يتجاوزه
(على الطريقة الهوليوودية في الأفلام الدرامية والكوميدية التقليدية)، كما
تعلم متى تمنح بطلتها الشعور بالاكتفاء بعدما استطاعت - على الأقل - تأمين
تعبيد الطريق إلى المستشفى التي تعمل فيه.
إنه فيلم إيجابي الرسالة يؤمن بأن الأمور عليها أن تتم
بالتدرّج ولا يؤمن بالنقد في سبيل تحقيق الغاية. لذلك؛ فإن الفيلم يمر عبر
مناطق ساخنة بيسر ومن دون حدّة. الشخصيات بأسرها إيجابية أو هي تصل إلى
قناعات إيجابية تؤيد منحى مريم بمن فيها شخصية المصاب العجوز الذي يخبرها،
بعدما عارض بشدة أن تشرف عليه امرأة، بتقديره لها وأنه شخصياً صوّت لها على
أمل فوزها.
هذا تبسيط سعياً لنهاية سارّة، لكن المثير في العمل هو
المقارنات التي تقوم بها بين سعي بطلتها وسعي والدها للوصول بفنه وبفن
فرقته إلى مرحلة نجاح جديدة (وهو ما يتحقق له عندما توافق الجهات المسؤولة
على ضمّه بصفته فريقاً فنياً وطنياً في عداد الفرق الموسيقية التراثية في
المملكة).
تقوم المخرجة بفعل المقارنة بين وضع المرأة ووضع الرجل
بذكاء. وفي الوقت ذاته تنتهز الفرصة لتقديم وصلات فنية من العزف لدرجة أن
الناقد كان يتمنى لو أخرجت الفيلم بأسره كميوزيكال، خصوصاً أن المخرجة
تستعين أيضاً بمغنيات تشتركن في بعض المناسبات. بل نرى كذلك مريم ذاتها وهي
تصدح بالغناء في بعض المشاهد الأخيرة.
رسالة الفيلم في الختام هي أقوى من أسلوب المخرجة الفني.
تعمد لتصوير مشاهدها بالمتوقع من زوايا وأحجام واختيارات؛ لذلك تجتاز
طريقها بيسر وسهولة، وتترك للمشاهد كل البراهين على أن المرأة تستطيع أن
تنجز ما تطمح لإنجازه ولو بالتدرج المريح.
لا أرى أنها ستخرج بجائزة لأن بعض التحدي الذي تضعه في
شخصية بطلتها كان مطلوباً في صياغة الفيلم فنياً وأسلوبياً.
رومان بولانسكي تحت المجهر بسبب تاريخه
>
احتج منتجو فيلم «ضابط وجاسوس» بسحب الفيلم من المسابقة إذا لم تعتذر رئيس
لجنة التحكيم لوكرزيا مارتل عما كانت صرحت به قبل يومين عندما قالت إنها لن
تحضر حفلة عرض فيلم رومان بولانسكي لأنها «لا تريد تهنئته أو إهانة ضحايا
(اعتداءاته) الجنسية».
وردت عباراتها التي اعتبرها المنتجون مهينة في لقاء صحافي
قبل بدء لجنتها أعمالها يوم أول من أمس. في ذلك اللقاء أشارت إلى أنها
راجعت ملفات وأمضت وقتاً طويلاً في البحث عن خلفية القضية التي وجدته
المحكمة الأميركية مُداناً سنة 1977.
وأضافت «أنا مخرجة أرجنتينية وأرى نفسي أمثل الكثير من
النساء اللواتي لن يرغبن مني مصافحة أو تهنئة مخرج بصرف النظر عن مستوى
فيلمه. لن أستطع أن أصفق له حين يصعد على المسرح في ليلة افتتاح الفيلم».
على ذلك، قالت المخرجة الأرجنتينية إنها لا ترى أن المهرجان
أخطأ في قبول فيلم رومان بولانسكي الجديد في دورته هذه.
نتيجة ذلك أن انبرى أحد منتجي الفيلم، الإيطالي لوكا
بارباريشي، بالتهديد بسحب الفيلم من المسابقة إلا إذا اعتذرت مارتل عن
تصريحاتها. ومساء الخميس أعلنت أن بعض الصحف حرّفت أقوالها، بل اقترحت أنها
سترفض مشاهدة الفيلم. قالت «هذا ليس حقيقياً، ولو أنني لا أستطيع فصل
الفيلم عن صاحبه، لكني أؤمن أن فيلم بولانسكي له الحق في أن يكون في
المسابقة».
كلامها كان له وقع إيجابي على منتجي الفيلم الذين تراجعوا
عن تهديداتهم على الرغم من أنها لم تتأسف أو تعتذر لما قالته.
لكن أحدهم ذكر، بالنيابة عنهم، بأنهم اعتبروا كلماتها تلك
اعتذارا و«لهذا السبب سوف يبقى الفيلم داخل المسابقة».
فعلياً، لا أحد من المخرجين حول العالم عانى في حياته من
وضع مماثل على الإطلاق.
كانت هناك تهم عدة في الماضي (بينها تهمة اغتصاب وجهت إلى
الكوميدي فاتي أرباكل)، وأكثر منها في السنوات الأخيرة، لكن الإدانة التي
وجهت إلى بولانسكي قبل فراره من الولايات المتحدة طالته بعنف. لجانب إنه
وجد نفسه غير قادر على السفر إلى نحو نصف دول العالم بسبب اتفاقية تبادل
مطلوبين بين الولايات المتحدة والكثير من الدول، شعر، حسب ما ذكره مؤخراً
بأن وسائل الإعلام اتخذت موقفها ضده إذعاناً لقرار المحكمة حتى من قبل
قدرته على نقضه. إلى ذلك، خسر فرص العمل في الولايات المتحدة تلك التي كان
بدأها بنجاح قبيل نهاية الستينات. بعد ذلك، كان هناك ذلك الصيت الذي وصمه
طوال حياته (هو في السادسة والثمانين من العمر الآن) والتجاذب حول موقفه
والحكم عليه.
اثنتان وأربعون سنة من هذا القفص الذي يحيط به والذكريات
المؤلمة على إثر تراكمات من التجارب التي تعرض إليها من معاناته صغيراً
أيام احتلال ألمانيا النازية لبولندا إلى معاناته كمخرج هرب من السوط
الستاليني لاجئاً إلى الغرب وصولاً إلى مقتل زوجته شارون تايت (بعض الصحف
الأميركية اتهمته بأنه هو من تسبب في موتها إلى أن ألقى البوليس الأميركي
القبض على القاتل تشارلز مانسون).
لكن نزوات بولانسكي الجنسية ليست محط خلاف كبير. الرجل أخطأ
بحق تلك الفتاة التي كانت في الثالثة عشر عندما تعرضت لاعتدائه وهو هرب من
الحكم لأنه أدرك أنه سيمضي نحو عشر سنوات من حياته في السجن، وسيخرج منه
محطماً.
فيلمه الجديد «ضابط وجاسوس» سيحمل الكثير مما ذكرناه هنا من
انعكاسات متاعبه الشخصية؛ إذ يتحدث عن الضابط ألفرد دريفوس الذي أدانته
المحكمة بالتجسس لصالح الألمان.
الفارق هو أن المحكمة آنذاك أدانت دريفوس ونفذت فيه الحكم.
أما بولانسكي فقد قدر له أن يواصل كل من المعاناة والعمل بنتائج مختلفة
القيمة.
يقول: «كل ذلك يطاردني حتى اليوم. أي شيء وكل شيء. إنه أشبه
بكرة ثلج كبر في كل موسم».
سكارلت جوهانسن لـ «الشرق الأوسط» :
ما زلت في طور التعلم
>
استأجرت شركة «نتفلكس» الغرفة رقم 662 في فندق إكسلسيور لكي يمضي فريق فيلم
«قصة زواج»
(Marriage Story)
وهم سكارلت جوهانسن، وأدام درايفز، والمخرج نواه بومباك، معظم وقت يوم أول
من أمس (الخميس) لإجراء مقابلات الصحافة. وكالمتوقع انصب الزخم الأكبر من
طلبات اللقاءات الصحافية على جوهانسن لأسباب معروفة ليس شهرتها سوى أحد تلك
الأسباب.
بطبيعة الحال، فإن الوقت المتاح لكل لقاء محدد بالثواني
يحرسه الفريق الإعلامي للفيلم ويمارسه بكل صرامة. ينهض الصحافي من أمام
الممثلة ليأخذ المكان آخر. وبين كل مجموعة من اللقاءات تغادر الممثلة
الغرفة لكي تستعيد نشاطها. الأمور ليست براقة على الدوام بالنسبة لنجوم
الفن السابع. رغم ذلك، لا تغيب الابتسامة عن وجه الممثلة إلا عندما تبدأ
الإجابة عن الأسئلة. وهذا كان أولها:
·
يبدو لي أن «قصة زواج» هو مناسبة للخروج من ملابس شخصية
«بلاك ويدو» التي تقومين بها في الأفلام ذات الأجزاء مثل «كابتن مارڤل»
و«أفنجرز». هل هذا هو السبب الذي من أجله قمت بتمثيل الفيلم؟
-
هو السبب فعلاً، لكن هذا المشروع ليس الوحيد المتاح للتنفس بعيداً عن تلك
الأفلام، ولا أعتقد أني أهملت سابقاً الخروج من هذه الدائرة كلما كانت هناك
فرصة مواتية.
·
تتنفسين بعيداً عن متطلبات الأفلام الكبيرة وغالبها تقني.
أليس كذلك؟
-
نعم. الفيلم الصغير، أو ما نسميه صغيراً ولو أن الكلمة ليست مثالية ولا حتى
صحيحة، هو فرصة كل الممثلين المشتركين في تلك الأفلام ذات الأجزاء للعودة
إلى المواضيع الواقعية مثل موضوع هذا الفيلم.
·
موضوع الطلاق الذي يثيره «حكاية زواج» شائك ومعقد، خصوصاً
عندما يتدخل فيه المحامون من كلا الطرفين. أعتقد إنك مررت مؤخراً بهذه
التجربة.
-
نعم. فعلت. في الأساس كنت في طور الترتيبات النهائية للطلاق عندما اتصل بي
(المخرج) نواه وسأل إذا ما كان يستطيع مقابلتي لهذا المشروع. وافقت على
المقابلة من دون أن أعرف ما هو المشروع الذي يود التحدث فيه. وحتى بينما
كنا نجلس في أحد المطاعم كنت ما زلت أجهل المشروع ولماذا عليّ أن أوافق
عليه. لكن عندما ذكر لي المخرج بأن الفيلم سيدور حول مصاعب الطلاق أدركت
أنني أحتاج للتعبير عن أزمتي الشخصية في هذا المجال. وافقت ضمنياً على
الدور وطلبت أن أقرأ السيناريو. حين قرأته ازدادت رغبتي في تمثيل هذا
الفيلم.
·
هل اختارك المخرج لأنك كنت تمرين بمراحل الطلاق؟
-
لا. مطلقاً. لم يكن يعرف ذلك عني. فوجئ بالأمر كما فوجئت بدوري بأن الفيلم
يدور عن الطلاق.
·
حين تنظرين إلى أدوارك في أفلام «أفنجرز» و«كابتن مارڤل» ثم
إلى أدوارك في أفلام مختلفة مثل هذا الفيلم أو مثل «مرحي، سيزار» أو «دون
جوان» هل تفصلين بين هذين النوعين شبه المتناقضين من الأفلام؟
-
لا، لأن النوعين منفصلان أساساً. أعتقد أن الممثل عليه أن يعمد إلى الأدوار
التي تثير اهتمامه. وأنا دائماً ما أقول إنني ما زلت في طور التعلم. كنت في
حاجة إلى أفلام الكوميكس لأكثر من سبب ولا أمانعها مطلقاً. لكني في الوقت
ذاته ألبي الرغبة في تمثيل أفلام مستقلة حتى وإن كان من المعروف إنها أقل
نجاحا من الأفلام الكبيرة.
·
هي حاجة الممثل إلى التناوب بين الأفلام الناجحة تجارياً
والأفلام الهادفة فنياً. صحيح؟
-
نعم، وإلى حد كبير.
·
لكنك ستقومين ببطولة فيلم مخصص لشخصية «بلاك ويدو»
(Black Widow)…
-
نعم... في الواقع هو الآن في طور التصوير وحال عودتي إلى وطني سأكمل تصوير
دوري في الفيلم.
·
هل تطمحين لاستكماله في أجزاء لاحقة؟ وكيف ترين الأفلام
التي تقوم الممثلات فيها بأدوار المرأة المقاتلة؟
-
يعتمد ذلك على الفيلم نفسه. في السنوات القريبة كثرت هذه الأفلام التي
تقودها المرأة لتحارب بالقدرات ذاتها التي يحارب بها الرجال. وهي شهدت
نجاحاً كبيراً هيأ الجو للمزيد منها. نعم، أطمح لأن يحقق «بلاك ويدو»
غاياته ويتم تحقيق أجزاء لاحقة، لكنني منشغلة دائماً. في الغالب عند خروج
هذا الفيلم سأكون منشغلة في تمثيل فيلم آخر بعيد تماماً عن كل ما يمثله
«بلاك ويدو». |