كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 

افتتاح بارد لمهرجان فينيسيا السينمائي الـ76

أمير العمري

فينيسيا السينمائي الدولي السادس والسبعون

   
 
 
 
 
 
 

·  محاكاة يابانية للثرثرة الأوروبية والسحر الأسود ينتصر على العلم.

جاء الافتتاح الرسمي، مساء الأربعاء، للدورة الـ76 من مهرجان فينيسيا السينمائي أعرق مهرجانات السينما في العالم، بالفيلم الفرنسي “الحقيقة” وهو من إخراج المخرج الياباني هيروكازو كوريدا الذي نال “السعفة الذهبية” العام الماضي في مهرجان كان عن فيلم “سارقو المتاجر”. وافتتح قسم “أوريزونتي” (أو آفاق) التالي في أهميته بعد المسابقة الرسمية، بالفيلم الألماني “دم البجعة” للمخرجة كاترين جيب.

فينيسيا (إيطاليا) – يعتمد فيلم “الحقيقة” The Truth للمخرج الياباني هيروكازو كوريدا الذي افتتح مساء الأربعاء الدورة الـ76 من مهرجان فينيسيا السينمائي، على سيناريو كتبه كوريدا غير أنه من الواضح بقوة دور شريكته في الكتابة اليابانية-الفرنسية ليا لو ديمنا التي عملت له من قبل كمترجمة من اليابانية إلى الفرنسية، خاصة وأنها تقيم في فرنسا وعلى معرفة بالثقافة الفرنسية وطبيعة السينما الفرنسية وولع الفرنسيين بالحديث والثرثرة خلال تناول الطعام، كما أنها لعبت دورا أساسيا في نقل روح كوريدا وتعليماته إلى الطاقم التمثيلي كونها تجيد اللغتين الفرنسية والإنكليزية وهما اللغتان الأساسيتان اللتان تنتقل بينهما الشخصيات الرئيسية في الفيلم ولا يتحدثهما كوريدا نفسه.

هذا “التأثير” جعل فيلم “الحقيقة” يبدو كما لو كان من تلك الأفلام الفرنسية التقليدية العتيقة التي تدور في أوساط أسرة بورجوازية وتعكس همومها ومشكلاتها النفسية مع تركيز خاص على معضلة التفاهم بين الأجيال: الجدة والأم والحفيدة.

وعلى الرغم من وجود بعض اللمسات الكوميدية إلاّ أن الفيلم لا يرقى إلى ما كان يقدمه سينمائيون فرنسيون عرفوا بسخريتهم اللاذعة من التقاليد البورجوازية الفرنسية مثل كلود شابرول. والحقيقة أن هيروكازو كوريدا مهتم هنا أكثر بفكرة العائلة، وبوجه خاص بفكرة الولاء: هل يكون للعائلة على حساب الفن أم للفن على حساب العائلة؟

مهرجان فينيسيا السينمائي، هو أعرق مهرجانات السينما في العالم، فعمره اليوم أزيد من سبعة عقود

دور الزمن

كاترين دينيف تقوم بدور نجمة تمثيل في السينما الفرنسية حقّقت نجاحا كبيرا ولكنها تشعر في داخلها بالخواء: لا ينكشف هذا الخواء تدريجيا سوى بعد أن تأتي ابنتها جوليت بينوش وتبدأ الاحتكاكات بينهما مع استعادة الذكريات وما ظل قائما بينهما من حواجز لم تستطع أي منهما تجاوزها.

بينوش تزوجت من ممثل أميركي يحاول أن يضع قدميه على الطريق لكن الواضح أنه يتعثر، يقوم بالدور أمامها إيثان هوك ويبدو دوره هامشيا، يظهر فيه متلعثما مهتزا باعتبار أنه كان في الماضي القريب مدمنا للخمر وحاول الإقلاع عنه، لكن يبدو أنه لم يهجره نهائيا.

أما بينوش فهي كاتبة سيناريو قوية الإرادة، لديها أيضا ابنة صغيرة تبدو في الخامسة من عمرها، رغم أن الأم تجاوزت الخمسين وبدت عليها بوضوح علامات التقدم في العمر.

كوريدا يبحث عن أبعاد إنسانية يشتغل عليها عادة في أفلامه، وعن جرعة من المشاعر المتفجرة التي تنطلق من الصراع. أما الصراع نفسه فينشأ بعد صدور مذكرات الممثلة المرموقة فابيان أو كاترين دينيف التي تبدو متمحورة حول ذاتها مع شعورها النرجسي العميق بنفسها، وإنكارها دور الآخرين بل وأقرب الناس إليها في حياتها مع تلوينها ببعض الأكاذيب التي تجدها مبررة أيضا في سياق أنها مذكراتها وهي حرة في أن تضع فيها ما تشاء، وأن الكتابة نوع من الفن المنفصل عن الحقيقة.

غير أن أداء دور الابنة في فيلم جديد أمام أم يفترض أنها لا تكبر أبدا، يتناوب على هذا الدور عدد من الممثلات الشابات الموهوبات، ومع استمرار التداعيات في ذهن فابيان وضغوط ابنتها ومواجهتها لها بالحقائق التي أغفلتها كثيرا في علاقتها بها، تبدأ لحظة المواجهة من الذات، والتخلي عن دور النجمة والعودة إلى إدراك دور الأم الذي ظلت تتهرب منه وتنكره طويلا، وخاصة بعد أن يتبدى أمامها أن الزمن أيضا لا يسمح بالاستمرار في إنكار حقيقة صعود مواهب جديدة في التمثيل ستشق طريقها، رغم أنف فابيان وبنات جيلها اللاتي لا تعترف بهنّ ولا بتأثير أي منهنّ عليها في إنكار واضح للحقيقة.

تكرار وتأكيد

هناك الكثير من التكرار والتأكيد على الفكرة مرارا وتكرارا، مع طغيان مشاهد الثرثرة الكلامية التي تدور داخل غرف مغلقة، حيث يصبح الانتقال داخل الفيلم بين المنزل الكبير لفابيان الذي يقع وراءه سجن كبير، وتصفه الحفيدة عندما تراه لأول مرة بأنه “يشبه القلعة”، وبين الأستوديو الذي يتم فيه تصوير الفيلم الجديد من نوع الخيال العلمي، الذي تقوم ببطولته فابيان أمام ممثلة جديدة صاعدة تدفع بأدائها لدور الأم تيارا من المشاعر داخل فابيان.

وهناك تلاعب واضح ومقصود على شخصية كاترين دينيف نفسها، وإحساسها بنجوميتها بل وتبدو هي في الكثير من تعليقاتها وكأنها تستهجن وتسخر من نفسها ومن أنانية النجوم بشكل ما بل وبما تفعله النجومية بالمرأة، ولكن هناك أيضا تعرض ساخر أجده ثقيل الوطأة من مخرج مرموق مثل ألفريد هيتشكوك الذي تقول الممثلة إنها كانت ستعمل معه في فيلم جديد لولا أنه توفي قبلها مباشرة، ثم تسخر من أفلامه وتشترك معها ابنتها، وتشير إلى أن أفلامه كانت مجرد أفلام تمتلئ بالقتل، وهي إشارة غير مفهومة من جانب كوريدا!

ودينيف في أفضل حالاتها عندما تقوم بالتمثيل داخل الفيلم حينما يشتبك الحاضر مع الفيلم، أو الحقيقة مع الخيال لتنتصر الحقيقة في الواقع على الوهم الذي عاشت فيه طويلا، لكنها ليست على نفس المستوى من إثارة الاهتمام عندما تميل إلى الإضحاك وتتمادى في السخرية.

أما بينوش فهي تصبح أفضل حالا عندما تستدعي تأثير صديقة الأسرة الراحلة سارة التي كانت ممثلة مرموقة تركت تأثيرا لا ينكر على فابيان التي تنكر أي تأثير للراحلة، وربما أصبحت سارة في وقت ما الأم البديلة لبينوش التي تتخذ في الفيلم اسم لومير.

فيلم افتتاح المهرجان يقل دون شك عن أفلام افتتاح فينيسيا في الدورات الست الأخيرة على الأقل. ولذلك كان استقباله في العرض الصحافي الحاشد، صباح الأربعاء، استقبالا فاترا، ففيه دون شك بعض لمحات من سينما المخرج الياباني الشهير، لكنه يفتقد لروح أفلامه اليابانية، لكن المؤكد أن الفيلم سيجد له جمهورا داخل فرنسا، خاصة من الأجيال القديمة التي عاصرت مجد كاترين دينيف في الستينات، لأن الفيلم يستعيد بعض الممثلين والإشارات إلى أفلام سابقة لها من تلك الفترة.

المخرج الياباني هيروكازو كوريدا مهتم في "الحقيقة" بفكرة العائلة وبوجه خاص بفكرة الولاء: هل يكون للعائلة على حساب الفن أم للفن على حساب العائلة؟

دم البجعة

أما فيلم “دم البجعة” Pelican Blood الذي افتتح تظاهرة “آفاق” فجاء عملا طموحا في استخدام الخيال والبعد عن المواضيع المكررة المعهودة في السينما الألمانية، لكنه فيلم مخرجة امرأة بامتياز، فهو يدور حول مشكلة التبني، ليس من خلال حالة من آلاف الحالات “العادية” التي نعرفها وقد ترتبط بفترة أولية من عدم الاستقرار والوضوح في علاقة الأم (الغير متزوجة) بالابنة التي تبنتها رغم وجود ابنة أخرى لديها، بل بحالة شديدة الخصوصية لطفلة غريبة ربما تكون من البوسنة اسمها راية، مرت بظروف سبّبت لها تأثيرا مكدرا على جزء من خلايا المخ ممّا يؤدي إلى تعرضها لحالات من العصاب والهوس والهواجس المجنونة التي تدفعها إلى العنف والرغبة الدائمة في إيذاء الآخرين، والأهم ربما، أنها أصبحت غائبة المشاعر، لا تتأثر بالبكاء أو الضحك أو الشعور بالألم والحب.. الخ. بل أصبحت مثل آلة صماء تستمع إلى أصوات غريبة مجهولة وترى أشياء لا يراها الآخرون وتسبب الكثير من المشكلات للمرأة التي تبنتها وابنتها الطبيعية التي أنجبتها من أب لا نعرف عنه شيئا، بل وامتدت مشكلات راية أيضا إلى المدرسة التي لم تستطع أن تستمر في قبول التعامل اليومي معها، ولا في الدار المخصّصة لألعاب الأطفال.

جميع التداعيات التي نشاهدها، تكرّر جميعها فكرة استحالة أن تتكيف راية وتصبح طفلة طبيعية مع تكرار محاولات الأم وإصرارها على تقديم كل ما يمكنها وتحمل كل ما ينتج من أذى حتى لابنتها الجميلة البريئة التي أصبحت لا تطيق راية، وتشعر بالفزع ممّا يمكن أن تقوم به في الليل حينما تنتابها النوبات.

ورغم هذا التكرار والتأكيد يستمر الفيلم لأكثر من ساعتين في الإعادة والتكرار بتنويعات مختلفة تتصاعد خلالها جرعة العنف والشر من قتل الحيوانات وتقطيع الدمى وتكسير الصحون وتحطيم المائدة، إلى إشعال النيران في غرفتها وإخفاء سكين تحت الوسادة ومحاولة قتل شقيقتها بالتبني.

ويتحوّل الفيلم في ثلثه الأخير من فيلم دراما نفسية إلى أحد أفلام الرعب، وحينما يفشل الطب النفسي أو يبدو أن العلاج النفسي لن يكون مجديا في حالة راية، تلجأ الأم إلى ساحرة تمارس السحر الأسود الذي ينتصر ويتمكن من إخراج الروح الشريرة القادمة من عالم آخر والتي سكنت جسد الفتاة البريئة.

يتخلى الفيلم عن موضوعه الأساسي، أو على الأقل الموضوع الذي أوحى به إلينا نحن المشاهدين في البداية، أي تأثير الحروب والنزاعات المسلحة على نفسيات الأطفال، ليصبح فيلما من أفلام طرد الشياطين والأرواح الشريرة. وهي رؤية شديدة التخلف، معادية للعلم والعقل، تنتصر للخرافة والجهل جريا وراء تحقيق التأثير على جمهور السينما الذي سئم استخدام الدين في طرد الشياطين، فأصبحت هناك الآن ضرورة لتجربة السحر الأسود الذي يقتضي “دفع ثمن”، كما تقول الساحرة للأم، التي ضحت بسعادتها من أجل تخليص تلك الطفلة (وهو سلوك غير مبرّر وغير مفهوم في سياق الفيلم).

دور الأم يبدو كما لو كان قد كتب خصيصا للممثلة الألمانية نينا هيس التي تبدع وتبرع في تلوين مشاعرها وتتجه لتبدو كما لو كانت قد أصبحت هي نفسها مسكونة بفكرة التحدي.. تحدي المجهول وهزيمته مضحية بسعادتها الشخصية وحبيبها الذي حاول بكل قوة أن يكسبها ويساعدها.

وبوجه عام يتميز التمثيل في الفيلم وخاصة من جانب الطفلة كاترينا ليبوفسكا، التي أدت دور راية. والفضل في إدارتها والتحكم في أدائها، يرجع دون شك إلى المخرجة الألمانية الموهوبة التي لا يخلو فيلمها من مشاهد جيدة، خاصة تلك التي تدور في إسطبل الخيول الذي تملكه الأم والمقارنات التي يقدمها الفيلم بين قدرة الإنسان على ترويض الخيول والفشل في علاج الأطفال، والتحكّم في سلوكهم، كما تبدو قوة المرأة في التعامل مع الخيول وترويضها بنفسها، علامة على قوة إرادتها وتمكنها، ولكن هذا بكل أسف، لم يكن كافيا لإنقاذ الفيلم من السقوط في المبالغات الميلودرامية التي تثير التعاطف، ولكن لا تدفع إلى التفكير. بل ينتهي الفيلم إلى رفض العقل أصلا والانحياز للخرافة!

كاتب وناقد سينمائي مصري

 

####

 

السعودية هيفاء المنصور تحض بنات جنسها على رص صفوفهن

البندقية (إيطاليا)

المخرجة السعودية هيفاء المنصور تنافس في البندقية بفيلم "المرشحة المثالية".

تأثرت المخرجة السعودية هيفاء المنصور خلال مهرجان البندقية وذرفت دموعا عند حديثها عن العوائق التي تعترض المرأة في العالم متمنية مستقبلا أفضل لابنتها.

وقالت هيفاء المنصور خلال مؤتمر صحافي لتقديم فيلمها “المرشحة المثالية” المشارك في المسابقة الرسمية، “أظن أننا نحن النساء نواجه بالتأكيد أينما كان في العالم مقاومة كهذه”.

ويروي فيلم المخرجة السعودية العوائق التي تعترض طبيبة شابة في السعودية عندما تقرر الترشح للانتخابات البلدية في مجتمع محافظ يسيطر عليه الذكور.

ويعكس الفيلم التغييرات التي تشهدها السعودية، والتي وصلت لتخفيف قيود نظام ولاية الرجل، إذ يبدأ ببطلة الفيلم مريم وهي تقود سيارتها.

وفيلمها هو واحد من عملين فقط من إخراج امرأة يشاركان في المسابقة الرسمية لمهرجان البندقية في دورته السادسة والسبعين.

وقد سبق لهيفاء المنصور أن عرضت فيلمها الأول الطويل “وجدة” في مهرجان البندقية العام 2012 لكن خارج المسابقة الرسمية.

وتحدثت المخرجة (45 عاما) عن الصعوبات التي تواجهها النساء في المجال المهني في العالم، فقالت إن عليهن “الكفاح فعلا لتولي مراكز مسؤولية” في حين لا يضطر الرجال “إلى شن هذه المعركة”.

وتابعت تقول “علينا كنساء أن نوحد صفوفنا ونتعاضد ونؤمن ببعضنا البعض وبنجاحاتنا”.

وأكدت بصوت خنقه التأثر “لا أريد أن تختبر ابنتي عالما كهذا في المستقبل” وذرفت دموعا وسط تصفيق حار.

ورأت المخرجة بعد ذلك أن “المهرجانات يجب بالتأكيد أن تدعم المخرجات” في وقت تعرض فيه مهرجان البندقية لانتقادات لاختياره فيلمين فقط من إخراج امرأتين من أصل 21 عملا في المسابقة الرسمية.

وأضافت “يجب أن يبدأ ذلك فعلا مع التمويل وفتح أبواب الاستوديوهات أمام مزيد من النساء والتنوع”.

وختمت تقول “ثمة فرجة تحدث الآن ونرى أن الأمور تتغير. لكن يجب أن يبدأ ذلك في مراحل سابقة وليس فقط في المهرجانات”.

 

العرب اللندنية في

30.08.2019

 
 
 
 
 

'المرشحة المثالية' السعودي ينتصر للمرأة المكافحة

البندقية (إيطاليا)

هيفاء منصور تبكي عند حديثها عن صعوبات تعترض المرأة في العمل، وفيلمها المشارك في البندقية يدور حول طبيبة تقرر الترشح للانتخابات البلدية في المملكة.

·        علينا كنساء أن نوحد صفوفنا'

·        المرشحة المثالية' يشارك في المسابقة الرسمية

·        هيفاء تطالب بدعم المهرجانات للمخرجات

تأثرت المخرجة السعودية هيفاء المنصور خلال مهرجان البندقية وذرفت دموعا عند حديثها عن العوائق التي تعترض المرأة في العالم متمنية مستقبلا أفضل لابنتها.

وقالت هيفاء المنصور خلال مؤتمر صحافي لتقديم فيلمها "المرشحة المثالية" المشارك في المسابقة الرسمية، "أظن أننا نحن النساء نواجه بالتأكيد أينما كان في العالم مقاومة كهذه".

ويروي فيلم المخرجة السعودية العوائق التي تعترض طبيبة شابة في السعودية عندما تقرر الترشح للانتخابات البلدية في مجتمع محافظ يسيطر عليه الذكور.

وفيلمها هو واحد من عملين فقط من إخراج امرأة يشاركان في المسابقة الرسمية لمهرجان البندقية في دورته السادسة والسبعين.

وقد سبق لهيفاء المنصور أن عرضت فيلمها الأول الطويل "وجدة" في مهرجان البندقية العام 2012 لكن خارج المسابقة الرسمية.

وتحدثت المخرجة (45 عاما) عن الصعوبات التي تواجهها النساء في المجال المهني في العالم وليس فقط في السعودية، فقالت إن عليهن "الكفاح فعلا لتولي مراكز مسؤولية" في حين لا يضطر الرجال "إلى شن هذه المعركة".

وتابعت تقول "علينا كنساء أن نوحد صفوفنا ونتعاضد ونؤمن ببعضنا البعض وبنجاحاتنا".

وأكدت بصوت خنقه التأثر "لا أريد أن تختبر ابنتي عالما كهذا في المستقبل" وذرفت دموعا وسط تصفيق حار.

ورأت المخرجة بعد ذلك أن "المهرجانات يجب بالتأكيد أن تدعم المخرجات" في وقت تعرض فيه مهرجان البندقية لانتقادات لاختياره فيلمين فقط من إخراج امرأتين من أصل 21 عملا في المسابقة الرسمية.

وأضافت "يجب أن يبدأ ذلك فعلا مع التمويل وفتح أبواب الاستوديوهات أمام مزيد من النساء والتنوع".

وختمت تقول "ثمة فرجة تحدث الآن ونرى أن الأمور تتغير. لكن يجب أن يبدأ ذلك في مراحل سابقة وليس فقط في المهرجانات".  

 

ميدل إيست أونلاين في

30.08.2019

 
 
 
 
 

«الشرق الأوسط» في مهرجان فينيسيا السينمائي (2): كاترين دينوف وجولييت بينوش تتواجهان في فيلم الافتتاح

يبحث عن الحقيقة في طيات علاقات متوترة

فينيسيا: محمد رُضـا

الموضوع العائلي، بعلاقاته الشائكة، محفور في عدد ملحوظ من أفلام المخرج الياباني هيروكازو كوريدا. في فيلمه الجديد «الابن كالأب» (2013) وفيلمه المتوسط «الشقيقة الصغيرة» (2016) كما في فيلمه الذي نال سعفة مهرجان «كان» في العام الماضي وهو «سارقو المحال» (Shoplifters)، هناك ذلك المحور الذي تدور من حوله الأحداث ومفاده العائلة والأسرار التي تجري من تحت جسورها مخفية وخفية إلى أن تكشفها مواجهة لم يتنبأ بها أحد.

كوريدا (57 سنة) لا يعرف الإنجليزية ولا الفرنسية لكنه عندما سنحت له فرصة تحقيق أول فيلم له خارج اليابان لم يتأخر. الفيلم هو «الحقيقة» الذي افتتح الدورة السادسة والسبعين من مهرجان فينيسيا السينمائي.

لومير (جولييت بينوش) كاتبة سيناريو تعيش في نيويورك مع زوجها الممثل هانك (إيثان هوك) وابنتهما الصغيرة (كلمنتين غرنييه). وأحد المشاهد الأولى للفيلم يصوّر وصولهما للبيت الكبير الذي تشغله أم لومير، الممثلة المعروفة فابيان (كاترين دينوف). وينتهي الفيلم بلقطة فوقية للعائلة وهي تغادر المكان بعد أن أمضت فيه بضعة أسابيع.

اللقطتان تقعان في حديقة المنزل. شيء من التوقع يصاحب الوصول وقدر من الحزن يصاحب الرحيل. ما بينهما حكاية تعتمد على العلاقة بين الأم وابنتها، شغل كوريدا المعهود في بعض أفلامه.

فابيان ما زالت، كما كاترين دينوف ذاتها، تعمل كثيراً. لقد عاصرت مخرجين كثيرين. وفي مطلع الفيلم، مباشرة قبل مشهد وصول عائلة ابنتها، نجد فابيان تجيب على أسئلة صحافي غير متمكن من أدوات عمله. يسألها المعهود وترد عليه ببرود، وأحياناً ما ترسم علامات وجه متعجبة من سذاجة الأسئلة.

هل كان سيختلف الوضع لو تم تقديم الصحافي الذي يجري المقابلة على نحو إيجابي؟ ليس بالضرورة ما يجعل اختيار صحافي ساذج وغير ملم مقصوداً لغايته. لا بأس سريعاً ما ينساه الفيلم (ومعظم المشاهدين) وتتقدم الحكاية بعيدة عنه. لا يبقى من المشهد سوى وجود غير مبرر.

الأوراق الخفية لنوعية العلاقة بين الأم وابنتها تتبدّى سريعاً بعد ذلك انطلاقاً من كتاب سيرة صدر حديثاً للممثلة حول حياتها وعلاقاتها وأعمالها. عندما تقرأ الابنة مذكرات والدتها تُصاب بالهلع لأن أمها ذكرت أشياء لم تقع على أساس أنها حقائق من بينها أنها كانت كثيرة الاهتمام بابنتها. أمر يشكل سبباً لمواجهة بين الأم وابنتها لا تكترث فيه الأولى حتى للدفاع عن نفسها. في مشهد آخر تتحدث عن زوجها وعلاقاتها كما يحلو لها. عندما تواجهها الابنة ببعض الأسئلة في هذا المجال ترد عليها الأم بأنها لم تعتذر يوماً لأحد «خصوصاً الرجال».

زوجها السابق يدخل ويخرج من الفيلم بعد مشاهد قليلة. هو هناك لإضاءة علاقة أخرى غير متجانسة في حياة فابيان. هو والد لومير الذي يصل بلا دعوة ويقرر المغادرة بلا وداع. بعض السبب هو أن المخرج كوريدا يريد التركيز على المواجهة بين الأم وابنتها، وبين الأم وعملها فهي تصوّر دورها في فيلم جديد لاعبة دور الأم المريضة. على عكس الحياة ستجد الجرأة المطلوبة لتعتذر من ابنتها في الفيلم ولن توفر أي اعتذار من ابنتها الفعلية.

دور إيثان هوك في الفيلم كان يمكن تسخينه قليلاً. هو هناك لتوسيع دائرة الشخصيات التي تتعامل والأزمة الحاصلة. يكمل الصورة لكنه يبقى أقرب إلى أميركي ساذج خصوصا أنه يؤدي شخصية ممثل طموح لنقلة نوعية في حياته لم تحدث بعد و- غالباً - لن تحدث.

فيلم من مغترب

كون شخصيته لا تحتوي على أكثر مما تبديه، فإن موهبة هذا الممثل مهدورة في مواقف معهودة. يضحك هنا. يلاعب ابنته هناك. يتحدث لزوجته. لكن لا شيء يمثل أبعاداً أو يتوقف ليشرح ظروفاً. لا نعرف لماذا هو ممثل فاشل ولماذا هو سريع الاعتراف بذلك. دوره هنا هو شاهد على ما يدور من دون أن يكون له الحق (كما تنهره زوجته في أحد المشاهد) بالتدخل بينها وبين والدتها.

الفيلم ليس فيلماً لكوريدا الذي نعرف. صحيح أنه يتعامل مع العائلة المفككة إلا من روابط متردية إلا أن الثقافة التي يوفرها تختلف عن ثقافته الأصلية. الفيلم فرنسي بالكامل كتابة وتنفيذاً وتوليفاً، لكن روح المخرج ليست موجودة. وكاثرين دينوف (التي تكرر شخصيتها الحالية كأيقونة الممثلات الفرنسيات ولو باسم مختلف) صرحت في المؤتمر الصحافي أن حقيقة أن كوريدا لا يتحدث الإنجليزية أو الفرنسية جعل الجميع يتعامل مع بعضه البعض بالإشارة.

لا نجد صعوبة التواصل متوفرة في أمثلة محددة أو في مشاهد معينة، لكن ما نشاهده هو أن الفيلم لا ينتمي إلى كوريدا بل ينتمي إلى صناعة فرنسية كحال ما قام به المخرج الإيراني أصغر فرهادي عندما قام بتحقيق فيلمه الأخير «لا أحد يعلم» في إسبانيا ومع ممثلين إسبان.

«الحقيقة» هو فيلم يبلور مواقف يحب الغربيون (الأوروبيون تحديداً) مشاهدتها ويقبلون عليها بحب وشغف. هذا يبدأ من النقاد الذين وجدوا الفيلم هنا شبه تحفة ويمتد للجمهور الشاسع في أوروبا الذي يهوى الدراما العائلية المحلاة بنجمتين محبوبتين واحدة مخضرمة ما زالت نجمة والثانية من جيل لاحق ما زالت بدورها في المستوى ذاته.

«الحقيقة» لا يزال عن حقيقة مخفية ترتفع الستارة عنها بالتدرج شأن أعمال المخرج السابقة. لكنه أقل أهمية من فيلم «سارقو المحال» أو من «الابن كالأب» (Like Father،  Like Son) كونهما تمتعا بمعرفة أوسع بما هو ياباني. الفيلم، بذلك، عمل مغترب كمخرجه. نعم، يحمل الفيلم الإيقاع الجيد وسلاسة عناصر العمل ويبرز خانات التوتر بين الأم والابنة وبين الابنة وزوجها (كما بين الأم والآخرين جميعاً) إلا أنه فيلم فرنسي من دون أن يكون أفضل الأفلام الفرنسية المماثلة.

هذا يفسر البرود الذي يتسلل إلى مفاصل الفيلم. كوريدا يخفق في إثارة الاهتمام طوال الوقت كما يخفق في توفير عناصر ساخرة مبطنة كاملة بل يكتفي بعرض الحكاية مع محطاتها وشخصياتها.

معظم التصوير داخلي والمشاهد مؤطرة بحركة كاميرا مقبولة لكن بقليل من دخولها للعب دور آخر غير ذلك.

 

####

 

شاشة الناقد:

«الفزاعات».. «نساء داعش بعد الأسر»

إخراج: نوري بوزيد

تونس (2019)

تقييم: (جيد)

هناك دائماً، في طيات الحروب منذ عمق التاريخ وإلى اليوم، حكايات لا نشعر بها أو نلم بها أساساً إلا من خلال العناوين الكبيرة للمآسي الحاصلة. الحرب ومن تشهده من معارك وقتال تغطي على تلك الحكايات الواقعية الصغيرة إلا في الحالات النادرة، وفي هذه الحالات فإن الحكاية الصغيرة تعرضها نشرات الأخبار أو ملحقاتها وتمضي بعد حين كما لو لم تكن.

منذ حين والسينما الروائية في العالم العربي تطل على الوضع الناتج عن الحرب السورية مقتربة من ذلك الداخل غير المطروح إعلامياً إلا في حالات محدودة. من تونس ذاتها كان المخرج رضا الباهي رصف الطريق بفيلمه «زهرة حلب» حول الممرضة (هند صبري). الآن نجد التونسي الآخر نوري بوزيد ينجز فيلماً جديداً عن الوضع يعرضه حالياً في مهرجان فينيسيا (مظاهرة أسبوع النقاد) لكن من زاوية مختلفة: شخصياته الرئيسية هن أناث انخرطن في الحرب بمعية رجالهن ليكتشفن أنهن لسن سوى سلعة جنسية تفي بحاجة المحاربين لتفريغ الكبت الناتج.

هذا وحده كاف لإحداث ردّة فعل حازمة وبأسلوب المخرج بوزيد الذي لا يهاب أن تقترب الكاميرا من الواقع الذي يعرضه، فإن الوقع قاس وعنيف لكنه، بالطبع، ليس قاسيا أو عنيفاً كما الفعل الواقعي. يتحدث بألم عن ضحايا بطلاته، لكن مهما فعل فإنه لن يستطيع الوصول إلى مستوى الألم الذي تعيشه بطلاته ومستوى المعاناة النفسية والإنسانية التي مرت عليهن ولا تزال حتى من بعد أن عاد بعضهن إلى مجتمعاتهن وأسرهن.

يعرف بوزيد الألم الناتج عن السجون فهو خرج من سجنه إبان قيامه بإخراج عمله الأول «رجل من رماد» (1986) الذي روى فيه وقائع مرّة شهدها أو حدثت له خلال سجنه. المشهد الأول لنساء يتم دفعهن لغرفة معتمة وإغلاق الباب عليهن يذكر بذلك لكن هذا هو الخيط الشخصي الوحيد الرابط بين المخرج وبين فيلمه هذا وهو ينطلق منه ليصوّر، في فيلم لا يلعب فيه الرجال غالباً سوى أدوار صغيرة ووحشية، ماذا يحدث لهؤلاء النساء وكيف. لا يهتم المخرج كثيراً بلماذا لأنه (على الأرجح) لا يريد خوض أسباب الحرب. في الوقت ذاته هو فيلم لا يتوانى عن مهاجمة «داعش» وما يحمله من تطرّف تسبب في المآسي التي لا حصر لها.

بعد المنوال المستمر لاعتداءات الداعشيين على النساء (بينهن طبيبة ومحامية) يُطلق سراحهن محملات بالإهانة والآلام النفسية والجسدية المبرحة. يتوجهن إلى محامية (عفاف بن محمود) وإلى طبيبة (الممثلة الجيدة دوماً فاطمة بن سعيدان) طلباً لمساعدتهما في كيفية التأقلم مع المجتمع من جديد علماً بأن المجتمع هو المطالب بالتأقلم معهن لأنهن لم يكن سوى ضحايا. بعضهن، في الواقع، ما زلن غير واثقات من خطواتهن التالية وربما كن يغازلن فكرة البقاء في كنه التطرف خوفاً.

يعاني فيلم بوزيد من فجوات كتابة ومن تصوير لا يخلو من التكلّف. لا داعي لأن تقترب الكاميرا دوماً من الوجوه والأجساد لندخل نفسياتها ومعاناتها، لكن الفيلم يفعل ذلك ويطيح بإمكانية التعامل مع الواقع من دون إقحام.

 

الشرق الأوسط في

30.08.2019

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004