كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

كانّ ٧٢ – "حدث ذات مرة في هوليوود": الرصاصة الأخيرة في جيب تارانتينو!

كانّ - هوفيك حبشيان

المصدر: "النهار"

كان السينمائي الدولي

الدورة الثانية والسبعون

   
 
 
 
 
 
 

يعود المخرج الأميركي كوانتن تارانتينو إلى مهرجان كانّ السينمائي (١٤ - ٢٥ الجاري) بأحدث أفلامه، "حدث ذات مرة في هوليوود"، التاسع له منذ انطلق سينمائياً في العام ١٩٩٢، بعد ربع قرن على "سعفته" عن "بالب فيكشن".

ذيل بشري طويل تشكّل بعد ظهر اليوم أمام صالة ديبوسي التي شهدت العرض الصحافي للفيلم قبل ساعات قليلة من عرضه الرسمي في حضور تارانتينو والممثلين، من ليوناردو دي كابريو وبراد بيت فمارغو روبي وغيرهم. الطابور هذا كان الأطول منذ بدء المهرجان قبل اسبوع. فالفيلم ينتظره الجميع في كانّ: الصحافة التي تحمّست له بناءً على اسم المخرج، والمشاهدين العاديين الذين وقفوا أمام القصر يشحذون بطاقات دخول، وحتى المهرجان الذي أضافه لاحقاً إلى المسابقة بعدما كان قد أعلن عن مجمل برنامجه.

قبل بدء العرض، صعد مبعوث خاص من المهرجان على خشبة المسرح ليعلن أن تارانتينو يتمنى على الصحافة الا تكشف تفاصيل الفيلم، وخصوصاً ختامه، وهذا مفهوم نظراً إلى الكيفية التي يزجّ بنا فيها من فيلم إلى فيلم، كأنه كاوبوي يلعّب مسدّسه على أصابع يده، قبل ان يطلق الرصاصة، ويبقي واحدة اضافية في جيبه.

أياً يكن، لم يخطئ مخرج "كيل بيل" عندما طلب إلى الصحافة ما طلبه. اذ ان جزءاً كبيراً من المتعة المرتبطة بمشاهدة الفيلم (هذا الفيلم تحديداً أكثر من أي فيلم آخر)، يستند إلى عنصر المفاجأة الذي يريده تارانتينو، والانتظار والتشويق اللذين يولدهما، ثم الخدعة والتضليل اللذين ينتهجهما كخطة جهنمية.

ينطوي الفيلم على كلّ ما صنع شهرة تارانتينو وشعبيته في العالم: حوارات غزيرة متذاكية ولمّاحة، شخصيات متطرفة، عنف مؤسلب ميّال إلى الطرافة، براعة يد في التقاط نبض الحياة، فيتيشيات على أصنافها، نبش "مريض" في الريبيرتوار الموسيقي المنسي، وكالعادة الكثير الكثير من السينما. أغلب الظنّ ان فيلمه هذا هو تتويج لسينيفيليته المغايرة التي صنعها عبر الفيديو. تلك السينيفيلية كما يعلم كلّ معجب به، "ملعوبة" وهجينة، تتشكّل من أفلام حركة درجة ثانية، أفلام الوسترن سباغيتّي، وأفلام الفنون القتالية. هذا كله ليس بالجديد عنده، بل هو الحجر الأساس في معظم أفلامه. الا ان السينما هنا تحضر بشكلها المباشر. الفيلم يتغذى منها لقطة بعد لقطة، حدّ انه يمكن القول اننا حيال ملحمة سينيفيلية على طريقة تارانتينو، ملحمة مشبّعة بكلّ الغث والسمين اللذين صنعاه، صاغا ذائقته، شكّلا وعيه الفيلمي، ولاحقاً نقلاه من كرسي المُشاهد إلى خلف الكاميرا. أما السيناريو المتداخل، بين أحداث حقيقية ولقطات من أفلام، فهو الشكل الأنسب للتعبير عن وعي تارانتينو المصنوع فعلياً من الذهاب والاياب المستمرين بين السينما والحياة.

أحداث الفيلم تجري في العام ١٩٦٩، تاريخ يعني ما يعنيه بالنسبة إلى السينما. انها بداية عصر جديد ستعيشه الشاشة في هوليوود على يد مجموعة ستُسمّى لاحقاً بـ"هوليوود الجديدة". باختصار، هؤلاء سيثورون على الأنماط التقليدية ويضعون حداً لهيمنة الاستوديوات، ليطرحواحكايات جديدة بطرق سرد مختلفة عمّا هو سائد. هذا كله ليس في الفيلم، لكن معرفته ضرورية لترتيب الفيلم في السياق، وتلقف خطاب تارانتينو الحنيني بعض الشيء.

يعرفنا الفيلم بداية إلى شخصين، الممثّل ريك دالتون (ليوناردو دي كابريو) وبديله كليف بوث (براد بيت) اللذين يعيشان ويعملان في لوس أنجليس. كلاهما يعاني من واقع مستجد، وهو التغيير الذي تشهده الساحة السينمائية، وهو تغيير يرميهما بلا أي رحمة في حضن الماضي، أي خارج الزمان والمكان. مع ذلك، يقاومان قدر المستطاع للبقاء في الأجواء. فدالتون هذا اشتهر في الماضي من خلال مسلسلات الوسترن التلفزيونية الرديئة، وها انه يريد ترك بصمته على السينما أيضاً. ولكن ليس كلّ ما يتمناه المرء يحققه. لذلك لن يجد صديقنا سوى إيطاليا حيث تزدهر أفلام الوستن ذات الموازنة الضئيلة. تارانتينو منبهر انبهاراً كاملاً بالفكرة. سيصوّر مغامرات هذا الثنائي داخل الحياة وداخل السينما، حيناً بسخرية وحيناً بحنين إلى حقبة ولّت ولا يزال صداها قوياً في ذهن السينمائي كونها تتقاطع مع طفولته.

هاتان الشخصيتان استوحاهما تارانتينو الذي تولى أيضاً كتابة السيناريو، من الممثّل برت رينولدز والبديل هال نيدهام.

الا ان الحكاية لا تقتصر على مغامرات ريك وكليف. فلهذا الثنائي جارة تُدعى شارون تايت تعيش مع زوجها رومان بولانسكي. تايت، لمَن لا يعرفها، هي الممثّلة التي قتلتها جماعة تابعة إلى المجرم تشارلز مانسون في العام ١٩٦٩، وهي حامل في شهرها التاسع. تحتل تايت مساحة لا بأس بها من السرد (بديع مشهد دخولها إلى صالة السينما لمشاهدة فيلم سخيف من تمثيلها)، الا ان الفيلم لن يكون فيلمها تماماً، كما كنّا نظن، لسبب لا يعلمه سوى تارانتينو - أو ربما نعلمه ولا نريد افساد "المشاهدة الكاملة الدسم". مَن مِن هؤلاء يصنع حكاية الآخر؟ المسألة محيّرة. تارانتينو يفضّل خلط الأوراق. يطلق النار… ولكن تبقى الرصاصة الأخيرة في جيبه.

اذاً، نحن أمام فيلم مصنوع من طبقات مختلفة لجمهور من ضفاف مختلفة. ولكن، في النهاية، يعطي تارانتينو كلّ ذي حق حقه. مَن ينوي قراءة عميقة لن يخيب ظنّه، ومَن يبحث عن حصة من الترفيه، فهذا مضمونٌ أيضاً. شخصياً، لم أشعر بمرور الساعتين والأربعين دقيقة. لم أنظر إلى الساعة الا مرتين، فقط جراء القلق من ان يتأخر المقال الذي سأكتبه، فينام المصحح! ولكن، للأمانة، ليس "حدث ذات مرة في هوليوود" أفضل ما قدّمه تارانتينو. عرفناه أكثر إلهاماً وجدارةً ومرحاً وسخرية. ولكن، مهما يكن، يبقى معلّماً في اشاعة أجواء، قلة تنافسه فيها.

 

####

مهرجان كانّ الـ 72: عودة ترنس ماليك إلى السينما الكبيرة

كانّ - هوفيك حبشيان

خلال الدورة الحالية، الـ 72، من مهرجان كانّ السينمائي (14-25 الجاري)، عاد المخرج الأميركي ترنس ماليك بفيلم كبير تدور أحداثه أثناء الحرب العالمية الثانية، في حين قدّم زميله البرازيلي كليبير مندونسا عملاً مهماً يحاكي الوضع الحالي في بلاده تحت بولسونارو. عمل ثالث افتُتح به "اسبوع النقّاد"، هذه المرة من المغرب، قدّم جردة حساب ساخرة عن الايمان في البلد الافريقي العربي. في انتظار أفلام عبد اللطيف كشيش وإيليا سليمان وكوانتن تارانتينو (يراهن عليها كثر) في الأيام المقبلة، هنا مقاربة نقدية مختصرة لثلاثة أفلام نالت اعجابنا.

قدّم المخرج المراكشي علاء الدين الجم فيلمه "سيد المجهول" في افتتاح مسابقة "اسبوع النقّاد"، القسم الذي لا يختار الا الأعمال الأولى والثانية لأصحابها. "سيد المجهول" باكورة الأعمال الروائية الطويلة لهذا السينمائي الشاب الذي سبق له أن أنجز أفلاماً قصيرة، وهو أحد الأفلام العربية العديدة التي شقت طريقها في هذه الدورة من مهرجان كانّ.

في الصحراء الجافة، حيث لا مطر أو خضرة، اختار الجم موضعة أحداث فيلمه، وهي أحداث أقل ما يقال فيها انها عبثية، مضحكة، مسلية، "بورلسكية"، دالة على نمط الفكر الذي يغلب على جزء من المجتمع الريفي المغربي الذي يترجح بين الحداثة والتقليد، ولم يحسم موقفه تجاه أي منهما.

البيئة بشخصياتها الرمزية وإيقاعها الرتيب، مهمّة وذات دلالات. فهنا أرضٌ قاحلة لا ينبت فيها شيءٌ يذكر، يغلب الملل على يومياتها المتعاقبة والمتشابهة. لا شيء هنا، سوى قديسٍ مجهول، لا أحد يعرف مَن يكون؟ ولكن لا يهم ما دام الكلّ يقدّم الطاعة والولاء لقداسته، وما دام يجلب السياح. هذا يقول الكثير عن تعلّق الناس بأي شيء، وفي أي ظرف كان ولأي هدف. الفيلم يتمسّك بحكاية هذا الايمان المتأصل عند البسطاء، إيمان لا يحاسَب، فوق الشبهات، وخارج التساؤل، أحياناً يحضر لدوافع اقتصادية، ويحوّل المؤمنين إلى كاريكاتور. هذا الموضوع الجاد يحوّله المخرج مادة للتندر حيناً، وللتأمل حيناً آخر، ولكن دائماً بحرص معيّن على القيام بالتوازن بينهما، علماً ان "سيد المجهول" ليس فيلماً عن الدين، بل عن مكان الإيمان في بعض المجتمعات التي تشترط الإيمان بشيء ما للتقدّم.

* * *

في "حياة خفية"، فلاح نمسوي أبٌ لثلاث بنات (أوغست ديل)، يرفض رفضاً قاطعاً الالتحاق بالجيش النازي خلال الحرب العالمية الثانية. لا عقيدته ولا مبادئه الإنسانية تسمحان لهذا الممانع، بخدمة الشر واعلان الولاء غير المشروط لهتلر. عصيانه هذا سيزج به في السجن، ويضعه هو وعائلته في مواجهة أهل قريته الذين سيعتبرونه خائناً.

من خلال الرسائل التي يتبادلها مع زوجته (فاليري بشنر)، يروي ترنس ماليك بأسلوبه الأوبرالي الذي ينطوي على التكرار والتجزئة والقفزات المونتاجية، سيرة صحوة ضمير. رجل وحيد يواجه بشاعة العالم، يتقبّل مصيره بلا أي مقاومة أو احتجاج. على رغم تعرضه للمهانة، والاستبعاد، والتعذيب، لن تثور روحه، لأن الثورة في موقفه المعلن الذي يذعن لعقاب الشرّ، وإن دفع حياته ثمناً له.

ثماني سنوات بعد فوزه بـ"السعفة" عن "شجرة الحياة"، يعود المعلّم الأميركي إلى كانّ بفيلم يُعرَض في المسابقة.

يجب القول انه في كلّ مرة وجد ماليك نفسه أمام قضية، حكاية كلاسيكية، لحظة من التاريخ، وصل بها إلى ذروة سينماه، وذروة التلاقي والانصهار بين الشكل والمضمون. النقيض هو ما كان يحصل في المرات التي تُرك فيها على سجيته، يسرح بكاميراته ويمرح على الشواطئ أو في السهول، كثائر بلا قضية يقتات أمجاد الماضي. هنا، في "حياة خفية"، تلتقي كلّ الأشياء، بعضها مع بعض، في كيمياء لا تحصل الا نادراً: النمط الماليكي العصيّ على التقليد بالأطروحة الفلسفية للخير والشر والايمان. فتنتج من هذا اللقاء، قصيدة سينمائية، صلاة، تمسك من عنق المُشاهد طوال نحو ثلاث ساعات ولا تتركه سوى مع صعود جنريك النهاية، مانحاً إياه الاحساس بأن المخرج السبعيني يكتب مع هذا العمل الكبير وصيته السينمائية.

لطالما ارتبطت سينما ماليك في الوجدان الجمعي بالايمان، وهذه مغالطة، ذلك ان لا يقين في أفلامه، بل أسئلة كبرى لا جواب عنها: هل يُمكن التصدي للشر المتأصل في الإنسان؟ لِمَ لا ينقذ الايمان صاحبه؟ غياب الله، صمته، خلال الحروب والمآسي، هذا أيضاً يلقي بظله على "حياة خفية"! لا وجود لأي شيء عند ماليك من دون الاحتفاء بالطبيعة، الحضن الدافئ للإنسان، بقسوتها، وروعتها، وأمومتها. تداعبها الكاميرا في مسارات وحركات ترافلينغ لا يمكن وصفها. رادغوند النمسوية وجبالها ووديانها، تغدو مسرحاً لتراجيديا اغريقية. حيث الأخضر يصبح في كونتراست واضح مع السواد الآتي من خلف التلال المغطاة بالثلوج. بتناغم واستسلام نادر للفكرة، يصوّر ماليك حكاية هي نقيض البطل الكلاسيكي الهوليوودي (حكاية دسموند دوس في "هاكسو ريدج"، رائعة ميل غيبسون مثلاً)، الذي يرى في موقفه من الشر وفي درب الجلجلة التي يختارها لنفسه، خلاصاً للبشرية.

* * *

اكتشفنا المخرج البرازيلي كليبير مندونسا فيلو قبل ثلاث سنوات في مهرجان كانّ، يوم كان يعرض فيه "أكواريوس" الذي روى من خلال سيدة تصر على البقاء في شقتها القديمة على رغم إلحاح المُضارِب العقاري عليها لبيعها، إلى أين يمكن ان يصل خبث الرأسمالية لتحقيق هدفها ومعاقبة كلّ ما يعترض طريقها. تلك الرأسمالية اللطيفة، الودودة، التي تتبنى لغة البساطة والشفافية. مع جديده، "باكوراو"، المعروض في المسابقة، تغيرت اللغة، باتت أشد توتراً، علماً ان القسوة هي هي. طبيعي وقد حلّت بالبرازيل، موطن فيلو الناقد الذي تحوّل مخرجاً، كارثة حقيقية، مع وصول بولسونارو إلى سدة الرئاسة. هذا وصول كافٍ عند الكثير من الفنّانين، وآخرهم فاغنر مورا الذي التقته "النهار" في مهرجان برلين الأخير، لإعلان حال الطوارئ، أقله سينمائياً، في البلاد.

"باكوراو" اسم قرية منسية في البرازيل (منطقة سرتاو)، فيلم غريب اللهجة، "لقيط"، سواء شكلاً أو مضموناً. يتبنى فيلو وشريكه في الإخراج جوليانو دورنيليس، صيغة مختلفة توحي بأننا في باروديا لأفلام وسترن ستيناتية. شيء ما بين سينما سيرجيو كوربوتشي وسام بكنباه، ولكن مع اضافات برازيلية. الأحداث تجري في مستقبل قريب جداً، في اشارة واضحة وصريحة إلى حال البرازيل راهناً، اجتماعياً وسياسياً. كأن الفيلم يحذّر من حدوث الأسوأ، تحت سماء ملبدة بالغيوم. الاحساس بنهاية العالم يخيّم على كل ّلقطة، منذ الافتتاحية حتى لحظة الختام. البلدة الصغيرة التي تجري فيها الحوادث قد تختزل في نظر المخرجين، برازيل الحالية الواقعة في فخ الكراهية والعنف والرغبة المتصاعدة في تصفية الآخر، وكلّ هذه الأشياء الآتية من كلّ حدب وصوب، وليست البلدة منبعها في أي حال

 

####

كانّ ٧٢ – "سيد المجهول" لعلاء الدين الجم: المغرب أرض القداسة! (فيديو)

كانّ - هوفيك حبشيان

المصدر: "النهار"

قدّم المخرج المراكشي علاء الدين الجم فيلمه "سيد المجهول" في افتتاح مسابقة "اسبوع النقّاد"، القسم الذي لا يختار الا الأعمال الأولى والثانية لأصحابها. "سيد المجهول" باكورة الأعمال الروائية الطويلة لهذا السينمائي الشاب الذي سبق أن أنجز أفلاماً قصيرة، وهو أحد الأفلام العربية العديدة التي شقت طريقها في الدورة الـ٧٢ من مهرجان كانّ (١٤ - ٢٥ الجاري).

في الصحراء الجافة، حيث لا مطر أو خضرة، اختار الجم موضعة أحداث فيلمه، وهي أحداث أقل ما يقال فيها انها عبثية، مضحكة، مسلية، "بورلسكية"، دالة على نمط الفكر الذي يغلب على جزء من المجتمع الريفي المغربي الذي يترجح بين الحداثة والتقليد، ولم يحسم موقفه تجاه أي منهما.

البيئة بشخصياتها الرمزية وإيقاعها الرتيب، مهمّة وذات دلالات. فهنا أرضٌ قاحلة لا ينبت فيها شيءٌ يذكر، يغلب الملل على يومياتها المتعاقبة والمتشابهة. لا شيء هنا، سوى قديسٍ مجهول، لا أحد يعرف مَن يكون؟ ولكن لا يهم. ما دام الكلّ يقدّم الطاعة والولاء لقداسته. ما دامه يجلب السياح. هذا يقول الكثير عن تعلّق الناس بأي شيء، وفي أي ظرف كان ولأي هدف. الفيلم يتمسّك بحكاية هذا الايمان المتأصل عند البسطاء، إيمان لا يحاسَب، فوق الشبهات، وخارج التساؤل، أحياناً يحضر لدوافع اقتصادية، ويحوّل المؤمنين إلى كاريكاتور. هذا الموضوع الجاد يحوّله المخرج مادة للتندر حيناً، وللتأمل حيناً آخر، ولكن دائماً بحرص معيّن على القيام بالتوازن بينهما، علماً ان "سيد المجهول" ليس فيلماً عن الدين، بل عن مكان الإيمان في بعض المجتمعات التي تشترط الإيمان بشيء ما للتقدّم.

صحيح انه لا دلالات واضحة إلى مكان وزمان معينين تجري فيهما الأحداث، ولكن هذا لا يمنع المخرج من التحدّث عن المغرب، بكلّ ما يمثّله هذا البلد في وجدانه، بكلّ ما يطرحه من تساؤلات في ضميره.

كلّ هذا الهدوء، سيزعزعه إلى حدّ ما وصول لصّ (يونس بواب) كان قد دفن مبلغاً من المال على تلّة في هذه القرية قبل عشر سنين. وها انه يعود بعد خروجه من السجن، ليكتشف ان كلّ شيء تغيّر في غيابه وان ثمة ضريحاً الآن في المكان الذي دفن فيه ثروته، يحرسه رجل وكلبه. والقول انه كان يستعد لاسترجاع المال ليعيش به حياة كريمة وسعيدة… ترى كيف سيجد الفرصة المؤاتية لنبش ثروته المطمورة؟ ولكن، هل يهم فعلاً هذا كله؟

هناك خطوط ثانوية موازية تتطور في الفيلم على هامش الحكاية الأساسية، أبرزها عن شخصية طبيب يجد نفسه ألعوبة في يد ممرض يحل كلّ المشاكل الصحية لنساء القرية عبر وصف دواء الأسبيرينلهنّ، أو شيء من هذا النوع! هناك كذلك، صالون الحلاقة الرجالي، الذي تزوره شخصيات غريبة عجيبة. هذا كله لا يحمل داخله قضية كبرى، لكنهبسيط ومسلّ ومريح، لولا ان اللص يجلب معه بعض التوتر كلما دخل إلى الكادر، مخرّباً الايقاع الذي اعتاد الناس عيشه.

المنطلق الدرامي عند علاء الدين الجم هو الموقف العبثي وتشابكه، لا أكثر. ولكن، يمكن الذهاب بالتحليل إلى أبعد من هذا، عبر القول ان مجمل العمل هو تكريس هزلي بعض الشيء لفكرة "مؤمنون بلا إيمان".

 

####

ألان دولون في كانّ: كيف تستطيعون النظر إليّ بعدما رأيتم كيف كنت في الماضي؟

كانّ - هوفيك حبشيان

المصدر: "النهار"

في حوار مع "باري ماتش" العام الماضي، لمناسبة مرور ٦٠ سنة على بداياته، قال ألان دولون: "الحياة ما عادت تعطيني أي شيء. عشتُ كلّ شيء، رأيتُ كلّ شيء. أكره هذا الزمن. أتقيأه. كلّ شيء أصبح زائفاً. لم يعد للاحترام وجود. لا قيمة لغير المال. طوال اليوم لا نسمع الا عن جرائم. تقريباً، كلّ الذين أعرفهم ماتوا. أعلم أنني سأترك هذا العالم بلا أي شعور بالندم".

يوم الأحد الماضي، عاش دولون يوماً مجيداً في مهرجان #كانّ (١٤ -٢٥ الجاري) في مناسبة تكريمه بـ"سعفة" شرفية وعرض "موسيو كلان" (١٩٧٦) لجوزف لوزي من بطولته. ضحك، بكى، وقّع أوتوغرافات، تألم كثيراً لدى رؤية صور الماضي المنبعثة من الشاشة، وزّع ابتسامات للجمهور، تذكّر النساء اللواتي دفعن بهذا الوجه إلى الشاشة، وهو وجهٌ غالب الظن انه لن يتكرر. وأخيراً، اعترف بأنه صنيعة الجمهور. دولون ٢٠١٩، لم يعد يتكلّم عن نفسه بصيغة الغائب، كحيوان جميل خرج من الحجرة للهجوم على فريسته، فأغوى الجميع، الرجال قبل النساء، حدّ دفعنا إلى الاستغراب أن هذا الذي كان يائساً قبل عام هو نفسه الذي يقف اليوم أمام الجمهور بابتسامة عريضة وبشعور بالرضا لم يحاول ان يخفيه قط.

في حوار جماهيري مع الناقد والمؤرخ سامويل بلومنفلد قبل ساعات من تسلّمه الجائزة في مسرح لوميير، استعاد دولون البالغ من العمر ٨٣ عاماً، سيرته المهنية كلها، مذ جاء إلى كانّ للمرة الأولى في العام ١٩٥٦. آنذاك، لم يكن يعرف شيئاً أو أحداً، بل كان قد عاد للتو من حرب الهند الصينية (حيث كان عسكرياً، فأُغرمت به الممثّلة بريجيت أوبير (مثّلت في "القبض على لصّ" لألفرد هيتشكوك) ودعته إلى مرافقتها إلى كانّ. يشدد دولون مراراً ان وسامته جذبت الأنظار آنذاك.

اعترف دولون غير مرة خلال المقابلة، انه لولا لقاؤه بالسيدات اللواتي التقى بهن، لكان ميتاً منذ زمن بعيد. "هؤلاء النساء حاربن من أجلي، من أجل ان أصبح ممثلاً".

أوّل فيلم مثّل فيه دولون الذي دخل التمثيل بالمصادفة، هو "عندما تتدخل المرأة" لإيف أليغريه. يتذكّر ماذا قال له المخرج قبل بدء التصوير. كلام كان درساً له لبقية حياته: "لا تمثِّل، تكلَّم مثلما تتكلم في الحياة، انظر مثلما تنظر في الحياة، اسمع مثلما تسمع في الحياة، كن أنت، لا تمثّل، عش!".

استعاد دولون خبريات كثيرة من الماضي، منها مثلاً انه شاهد "لا تلمسوا المال" من بطولة جان غابان عندما كان في سايغون في العام ١٩٥٥. وعندما مثّل إلى جانب غابان في "نغمة تحت الأرض" بعدها بسنوات قليلة، أخبره القصّة، فمات غابان ضحكاً. لم يدرس دولون التمثيل، وضعه أليغريه أمام الكاميرا، وهكذا بدأ كلّ شيء. لكنه، في المقابل، شعر بسرعة بارتياح كما لو كان "مكتوباً" له ان يمارس هذه المهنة. لم يحسّ بغربة يوماً، كانت الكاميرا عنده "كامرأة ينظر في عينيها".

بعدها بعام، اختير دولون الذي صرّح بأنه لم يكن له يوماً مدير للأعمال يدير أموره، ليكون شريك رومي شنايدر في "كريستين"، قبل ان يطير صيته عالمياً في العام ١٩٥٩ عندما أُسند دور البطولة في "كلها شمس" إلى رينه كليمان. في البداية، رفض الدور الذي أُعطي له، قبل ان يظفر بدور المجرم ريبلي الذي كان من المفترض ان يجسّده موريس رونيه.

بعد عرض مشهد من "كلها شمس"، صاح دولون للجمهور: "كيف تستطيعون النظر إليَّ اليوم، بعدما رأيتم كيف كنت في الماضي؟".

قال بلومنفلد لدولون الذي يُعتبر من الممثّلين الغرائزيين، ان لا أحد يتحرك مثله داخل الكادر، وما إن يدخل فضاءً حتى يجعله فضاءه. ربط دولون ذلك بعمله مع كليمان.

بعد خروج "كلها شمس" إلى الصالات، شاهد لوكينو فيسكونتي الفيلم، وأراده فوراً لدور روكّو في تحفته "روكّو وأخواته". وبعد عرض مشهد شهير من الفيلم يظهره مع آني جيراردو وهما في أعلى كاتدرائية ميلانو، تأثّر وبكى. "رؤية آني تقتلني. انها رائعة".

دولون المتحدر من بيئة فقيرة، تربّى في الضواحي. عن نفسه يقول: "أنا كلّ شيء وأنا لا أحد، أنا ما فعله الآخرون بي"، موضحاً أنه لطالما رفض التكريمات والجوائز لأن السينمائيين (يعتبرهم قادة أوركسترا) الذين عمل وأياهم أكثر أهلا لها. الا انه لما أدرك انهم ماتوا جميعاً، قرر ان يأخذها (الجائزة) بالنيابة عنهم.

كشف دولون ان أحد أفلامه المفضّلة هو "رجلان في المدينة" لجوزيه جيوفانّي (١٩٧٣) المناهض لعقوبة الاعدام. أما "المستعصي" لألان كافالييه (أول مخرج من جيله عمل معه دولون) المناهض لحرب الجزائر، فكان أول فيلم ينتجه، ما جعله لاحقاً ممثلاً مستقلاً يتحكّم بمصيره، كما قال بلومنفلد. الرأي الذي يعلّق عليه دولون قائلاً: "لستُ مؤلفاً. لا أجيد الكتابة، لم أذهب إلى المدرسة، قوتي الوحيدة كانت ان أكون سيد الفيلم، والطريقة الوحيدة لأصبح السيد كانت ان أنتج الفيلم. أتاح لي هذا ان أشغّل الناس الذين أريدهم. صرتُ منتجاً جراء عدم قدرتي على أن أكون مؤلفاً".

"الموجة الجديدة"، ترى ما هي بالنسبة إلى دولون؟ يقول ان جماعتها لم يرغبوا يوماً في العمل معه، "لأن دولون في مخيلتهم كان يعني فيسكونتي وكليمان وملفيل"، باستثناء غودار الذي صوّر معه – يا لسخرية القدر - فيلماً عنوانه "موجة جديدة" بعد سنوات. والحق انه لا يكترث بتاتاً لعدم اكتراثهم به.

ثلاثة أفلام مثّل فيها دولون يوم ذهب إلى هوليوود، نزولاً عند رغبة المنتج الاسطوري ديفيد سلزنيك. تلك فترة من حياته لم تكن الأنجح. ثم عاد إلى فرنسا لأنه كان بدأ يشتاق إلى باريس وفرنسا والسينما الفرنسية، فقال "شكراً" للأميركيين وعاد.

"الساموراي" (١٩٦٧) ألّفه جان بيار ملفيل وفي باله دولون، وما كان ليُنجز لو رفضه الأخير. روى انه جاء اليه ملفيل ليقرأ له السيناريو، وبعد خمس دقائق، وافق على تجسيد دور جف كوستيللو الاسطوري في واحدة من روائع السينما. على نقيض معظم الممثّلين، لم يحتج دولون إلى نصّ ليثبت براعته، اذ بدا سيداً في المشاهد الصامتة.

التجربة مع ملفيل تكررت ثلاث مرات، ومعاً شكّلا واحدة من أكثر الثنائيات انسجاماً في تاريخ السينما. روى دولون أنه كان له مشروع رابع مع ملفيل، في عنوان "أرسين لوبين"، الا ان الموت خطفه خنقاً اثر تعرضه لنوبة ضحك.

في "حوض السباحة" (١٩٦٩) لجاك ديراي الذي يقول عنه دولون إنه غير قادر على مشاهدته من شدة ما يجعله حزيناً، فرض رومي شنايدر على المنتجين، شنايدر التي كان نجمها قد خفت في هاتيك الفترة. خرج الفيلم إلى الصالات وحقق نجاحاً باهراً فاتحاً المجال لشنايدر ان تصبح احدى سيدات السينما الفرنسية في ادارة كلود سوتيه.

أخيراً، تحدّث دولون عن فيلم "موسيو كلان" الذي أخرجه الشيوعي الأميركي جوزف لوزي المُدرج على اللائحة السوداء في عهد الماكارثية، وكان دولون سبق ان مثّل في "اغتيال تروتسكي" للوزي. أشاد بلومنفلد برحابة صدر دولون الذي تعامل مع سينمائيين من معسكر إيديولوجي مختلف، كونه ينتمي إلى مدرسة ديغول السياسية. موسيو كلان يروي حكاية تاجر تحف (دولون) خلال فترة ارسال اليهود الفرنسيين إلى مخيمات الاعتقال على يد الجمهورية الفرنسية في تموز ١٩٤١. فصل معيب وتابو من تاريخ فرنسا. الفيلم يشكّل في نظر بلومنفلد ذروة المجازفة التي حملها على عاتقه ممثّل في ذروة مجده.

 

####

كانّ ٧٢ – "الفتى أحمد": الداردن في فخ الإسلام

كانّ - هوفيك حبشيان

المصدر: "النهار"

لا يحضرني اسم سينمائيٍّ غربي واحد صوّر الإسلام الراديكالي في السنوات الأخيرة، وقال شيئاً يستحق ان يُقال. جميع الذين تناولوا هذه المسألة وهم بكامل قواهم العقلية والبدنية، وقعوا في فخّها: إما محاولة تجميل أو تقبيح وإما البقاء على مسافة وإما الخضوع لمنطق الصواب السياسي. يجب القول ان الحديث عن التطرف الإسلامي من وجهة نظر أوروبية أكانت علمانية أم متدينة، ما هي سوى مسألة غاية في التعقيد والصعوبة. الأخوان داردن في فيلمهما الجديد، "الفتى أحمد"، الذي عُرض قبل يومين في إطار مسابقة الدورة الثانية والسبعين من مهرجان #كانّ السينمائي (١٤ - ٢٥ الجاري)، ليسا استثناء للأسف. من خلال المشاركة الثامنة لهما في كانّ، يصبح الأخوان خلفاً لسلسلة أفلام حاولت عبثاً البحث عن منابع الإرهاب الإسلامي في الغرب، من دون اضافة أي شيء على ما سبق، ومن دون التعلم من أخطاء الآخرين.

الحكاية بسيطة حدّ الغرابة: أحمد مراهق بلجيكي من أصول مغاربية. في مثل عمره، ينشغل المراهقون بالأشياء السطحية تمهيداً لدخول الحياة الجدية بعد بضع سنوات. عندما تقترح المعلّمة تدريس اللغة العربية مستعينةً ببعض الأغاني، يقرر أحمد التعرض لها جسدياً، بتحريض مباشر من الإمام الذي يعتبر ذلك مخالفاً للشرع.

بالغٌ هو التأثير المعنوي الذي يمارسه عليه إمام الحيّ ، إذ سيضعه على طريق التطرف الديني، ليدفعه إلى التدخّل في حياة الآخرين من أمّ وأخت. لكن الأسوأ من هذا، أن التطرف يسرق ابتسامته ويجعله يائساً يحاول تصحيح ما حوله. تفاصيل وجهه توحي دائماً بأنه غائب. انه ظلّ مراهق وليس مراهقاً كاملاً. يحاول الفيلم مراراً اعادته إلى الحياة، إلى مراهقته المفقودة. مرة من طريق الأم، ومرات أخرى من طريق قبلة يتبادلها مع صبية أو احساس بالندم. نحن في هذا المعنى أمام عمل يقارب الأشياء ببعض الايجابية، لكنه يوثّق فشله أيضاً.

أحداث الجزء الأكبر من الفيلم تدور في مركز لتأهيله، يملأه الفتيان الذين يعيشون حالات مماثلة لحال أحمد. كالعادة، يجيد الداردن تصوير الطفولة والمراهقة، هذه الفترة العمرية التي تضع أسس الإنسان. الحيرة، النظرة البريئة، الوعي على أشياء الحياة. في هذا كله، يظل الأخوان مخلصين لتاريخهما وسجلّهما، من "الوعد" إلى "صبي الدراجة"، مروراً بـ"روزيتا". ولكن لا يمكن ان نصرف النظر عن السذاجة غير المسبوقة في مقاربتهما موضوع الإرهاب الإسلامي، في تبسيطه، في تصويره كشيء أقل خطورة ممّا هو عليه، وأخيراً في الاعتقاد السهل والمستفز بأنه يمكن "الشفاء" منه بين لحظة وأخرى.

يقاوم الأخوان تجربة الوقوع في "الفيلم الملف" الذي يشرح هذا أو ذاك من وجهة نظر سوسيولوجية، باحثاً عن "مبررات"اجتماعية للتطرف. بدلاً من هذا، يحاولان الاتجاه إلى فيلم يراقب الحركات البدنية للمراهق، بحجة ان الفيلم لا يعاين ظاهرة الإسلام الراديكالي.

ولكن، في النهاية، لا نعثر على الكثير من الأسئلة. ما الذي يجعل صبياً في مقتبل عمره يختار أسوأ الطرق، فهذا سؤال لا يشغل الفيلم.

ما هو الشيء الذي يقوله "الفتى أحمد" اذاً، اذا كان على هذا القدر من السذاجة والتسطيح؟ لنبسّط الأمر: سينمائياً على الأقل، يتجه الموضوع صوب اسلوبية الداردن، بدلاً من ان تتجه اسلوبيتهما في اتجاه الموضوع، وهنا الخطأ الجسيم. كالعادة، يتعقب الأخوان الشخصية "على الدعسة"، الا ان أحمد لنا يتيح لهما هذه المرة، خلافاً للمرات السابقة، الذهاب بعيداً في بحثهما المزمن عن المجتمع المثالي.

 

النهار اللبنانية في

22.05.2019

 
 
 
 
 

تارانتينو يباغت مهرجان كان بفيلم عن هوليوود ونهاية عصرها الذهبي

كان (الجنوب الفرنسي) - إبراهيم العريس

في نهاية الأمر بدا فيلم كونتن تارانتينو المعروض في المسابقة الرسمية لمهرجان كان مستحقاً للآمال التي عُقدت عليه والإنتظار الطويل الذي استبد بالهواة منذ شهور طويلة، أي منذ تراكمت الهمسات والإشاعات تقول ان المخرج الهوليوودي المشاكس يحقق فيلماً عن المذبحة التي وقعت في هوليوود في العام 1969 على يد عصابة هبيين يتزعمها تشارلز مانسون وراحت ضحيتها الممثلة شارون تيت،- الحامل بطفلها من زوجها المخرج رومان بولانسكي-، وعدد من أصدقائها وضيوفها. أتى فيلم "حدث ذات مرة في هوليوود" عملاً كبيراً منعشاً يغوص فيه تارانتينو مرة أخرى في جوهر السينما. فهل تراه، في المقابل، غاص في جوهر ما حدث يومها بالفعل وقدّم الفيلم المنتظر والأحداث المعروفة؟ بالتأكيد انه لو فعل ذلك لما كان تارانتينو وكان سيخون تاريخه وفنه. ففي النهابة يمكننا أن نقول انه فعل ذلك و... لم يفعله!
تماماً كما في "الأنذال سيئي السمعة" حيث قدّم لنا تارانتينو الصراع ضد النازية من خلال عملية اغتيال لهتلر في صالة سينمائية فرنسية نعرف انها لم تحدث حقاً في التاريخ ما جعل من فيلمه "ديستوبيا" تاريخية، ها هو هنا يقدّم لنا جريمة عصابة مانسون مواربة دون ان يدنو من الجريمة نفسها قيد أنملة. بل إن الفيلم ينتهي قبل أن تبدأ الجريمة رغم انه يرسم لنا كل المقدمات الضرورية. طبعاً لا يمكننا هنا أن نقول ما الذي يحدث في الفيلم، فثمة ميثاق وقعناه مع إدارة المهرجان يقضي بعدم الإفصاح عن أحداث بعض الأفلام. كل ما يمكننا قوله هو ان المخرج/الكاتب ينطلق من حكاية جانبية تتعلق بجار لشارون تيت – لا وجود له في الحقيقة التاريخية – يتابع الفيلم، في نصفه الأول على الأقل، مساره المهني كممثل لعب في أفلام رعاة بقر إيطالية، وها هو الآن يفقد تألقه المهني بصحبة سائقه ومساعده وبديله (هما في الحياة ليوناردو دي كابريو وبرات بيت في أداء رائع للإثنين). ومن خلال علاقة هذين الإثنين بهوليوود في آخر أزمان النجومية وعند بداية الغزو التلفزيوني، يصور لنا تارانتينو على مدى ساعة ونيّف تشكلان النصف الأول من الفيلم الممتد على ما يقرب من ثلاث ساعات، الحياة الهوليوودية تصويراً رائعاً، ويتفرس في لعبة الإنتاج وآلية النجومية عبر تصوير فيلم رعاة بقر وما شابه. والذي يحدث خلال التصوير وبلعبة لا يتقنها أحد إتقان تارانتينو لها، يتحول الفيلم من حكاية هوليوود الى حكاية العصابة التي سيقابل السائق أفرادها في مزرعة قريبة من هوليوود استولوا عليها ويعيشون فيها بطريقتهم الهبية. وابتداء من هنا لا شك ان المتفرج سيبدأ ترقبه لأن تكون الجريمة الجماعية الشهيرة محور النصف الثاني من الفيلم، بخاصة ان بولانسكي وشارون يمران غير مرة على الشاشة قبل ذلك، ما يمهد لأن تكون شارون نجمة الأحداث المقبلة. صحيح انها ستحضر كثيراً من خلال الممثلة البديعة مارغوت روبي، لكنها ستبقى في نهاية الأمر خارج السياق
.

و"نهاية الأمر هذه" ستكون بعد ستة أشهر من اصطدام يحدث في المزرعة بين بوث الذي يمثله براد بيت وعدد من الهبيين بينهم مانسون نفسه. حيث بعد عودة بوث ومعلمه النجم الغارب من إيطاليا حيث مثل في عدد من الأفلام الخفيفة، يحدث ذات ليلة ان يقع إشكال جديد بين السائق وأفراد من عصابة مانسون لا يبدو لنا هنا انهم كانوا حقاً يريدون ارتكاب جريمة جماعية، بل إن مانسون نفسه لا يكون هنا في رفقتهم، لكنهم إذ يصلون صدفة الى بيت ليوناردو ديكابريو ويصطدمون معه دون تمهيد، يكتشفون وجود بوث... ويحاولون قتله وقتل ديكابريو وزوجة هذا الأخير، لكنهم يُقتلون بطريقة سينمائية مرعبة ومدهشة و... مضحكة في الوقت نفسه، ما يوصل ديكابريو الى بيت جارته شارون تيت في لقطة أخيرة من المؤكد انها تسبق المجزرة الحقيقية، جاعلاً من شخصية الممثل التي يلعبها ديكابريو ذلك الجار الشهير الذي تذكر الأخبار انه قتل مع شارون وضيوفها...

نعرف طبعاً ان الحكاية التي يرويها الفيلم مختلقة لكنها من نوع "الكذب الجميل" الذي يعتبره تارانتينو عادة، الجوهر الحقيقي للفن ويقدمه هنا كأبدع ما يكون في فيلم يمتزج فيه المرح بتاريخ عاصمة السينما والنجومية بالسقوط المريع لأصحابها، والأداء الرائع بالتفاصيل المدهشة. على عادته وبإبداع قد لا يصل الى مستوى ما حققه الرجل في "أنذال سيئي السمعة"، يقدم لنا المخرج هنا فيلماً ضخماً بالغ الروعة عن السينما نفسها ليس فقط من خلال حكاية السينما داخل السينما ولكن ايضاً من خلال ملامسته للجوهر الذي يشكل الفن السينمائي نفسه: الصورة التي تكذب عليك ألف مرة ولكن من خلال ما ستعتقده الحقيقة المطلقة. ترى أوليس من أجل شيء كهذا خلقت السينما نفسها؟ تارانتينو يعتقد هذا على الأقل ويملك من القدرة ما يمكننا من مشاركته إيمانه، وما "حدث ذات مرة في هوليوود" سوى برهانه الإضافي على هذا.

 

الحياة اللندنية في

22.05.2019

 
 
 
 
 

«يوم العشاق» فى مهرجان «كان» السينمائى

كان ــ د.أحمد عاطف دره

كان يوم أمس هو يوم العشاق والأزواج بالدورة 72 لمهرجان كان السينمائى حيث أضاءت السجادة الحمراء الشهيرة للمهرجان محبوبة فرنسا ماريون كوتيار التى جاءت برفقة حبيبها ووالد ولديها «جيوم كانتيه» الذى يشارك فى بطولة احد الأفلام الفرنسية فى المسابقة، وهو فيلم «الزمن الجميل»، وهو فيلم خيال علمى يحكى عن رجل يلعب بآلة الزمن ويعود بالزمن إلى محبوبته. وأعلنت كوتيار أن فيلمها القادم سيخرجه حبيبها الممثل كانتيه . والممثلة الهندية وملكة جمال العالم السابقة بريانكا شوبرا، قدمت فاصلا من المواقف والصور الرومانسية بالمهرجان مع عريسها الحديث المطرب الامريكى نيك جوناس.وفى وسط كل هذا الزخم، استطاعت المغرب أن تحقق حضورا مميزا بفيلم «آدم» للمخرجة مريم توزانى الذى انتجه زوجها المخرج المغربى الشهير نبيل عيوش الذى يحمل الجنسية الفرنسية. ويحكى عن سيدتين تساعدان بعضهما البعض فى مواجهة الحياة الصعبة.وعرض كذلك الفيلم الالمانى « رومانسية عائلية» للمخرج الالمانى الأشهر فيرنر هرتزوج، وهو دراما تسجيلية عن مركز يابانى يشغل ممثلين ليقوموا بأدوار ازواج واباء وابناء بالايجار للسيدات اللاتى فقدن ذويهن لكن بشكل إنسانى أفلاطونى، لكى يقللوا عنهن آلام الوحدة، فيرافقوهن فى المطاعم والحفلات والأماكن العامة.

ومن نجوم السينما الأمريكية المخضرمين، استطاع وليام دافو أن يلفت الأنظار بقوة بفيلم الرعب « الفنار» على خلفية قصة حب أيضا.

 

الأهرام اليومي في

22.05.2019

 
 
 
 
 

بحضور لينا ورتمولر يعرض Seven Beauties بفئة " كلاسيكيات كان"

كتبت / رانيا علوى

يعرض اليوم فيلم " Seven Beauties " وذلك بفئة " كلاسيكيات كان " ، بفعاليات مهرجان كان السينمائي الدولي في دورته الـ72 و التي تستمر حتي 25 مايو الجاري ، و عرض الفيلم في قاعة " Buñuel " في الثامنة مساءا ، و ذلك بحضور مخرجة و مؤلفه العمل لينا ورتمولر .

فيلم " Seven Beauties " عرض لأول مرة عام 1975 ، و شارك في بطولته جيانكارلو جيانيني و فرناندو راي و الينا فيور و اينزو فيتال ، و غيرهم .

 

####

اطلاق اسم فريد شوقي علي الدورة الجديدة من الأقصر للسينما الإفريقية

كتب: جمال عبد الناصر

أصدرت إدارة مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية في لقاء صحفي أقيم بالجناح التونسي بمهرجان كان في دورته 72 ، تصريحاً صحفياً ، صرح فيه السيناريست سيد فؤاد رئيس المهرجان والمخرجة عزة الحسيني مدير المهرجان وبحضور السيناريست أحمد حلبة منسق عام المهرجان ولفيف من السينمائيين والنقاد من أفريقيا وأوروبا .

أن الدورة التاسعة من المهرجان ستقام في الفترة من الجمعة 13 إلى الخميس 19 مارس 2020 وستكون السينما ضيف الشرف هي سينما دولة كينيا ، وذلك من خلال برنامج نظرة عن قرب للسينما الكينية الواعدة ، حيث يكافح جيل من السينمائيين الشباب لتقديم أعمال سينمائية متميزة تعبر عن واقع بلادهم بصدق ووعي ودأب .

وأن الدورة التاسعة سوف تحمل اسم الفنان المصري الراحل " فريد شوقي " بمناسبة مرور مائة عام على ميلاده ونظراً لعطاءه المتميز والكبير كممثل ومنتج ومؤلف .

وطبقاً لتقاليد المهرجان سيتم إهداء الدورة لأسماء الراحلين الممثل ستيجيه كواياتي من مالي ، والسندريلا الأولى للسينما المصرية الممثلة والمغنية عقيلة راتب والمنتج أحمد بهاء الدين عطية من تونس .

كما سيقيم المهرجان تحت شعار " الأقصر للسينما الإفريقية مهرجان على مدار العام " يوم يوسف شاهين في أفريقيا وذلك في ذكرى ميلاده 25 يناير ، وذلك بعرض أفلامه في معظم دول القارة الأفريقية في يوم ميلاده في نفس التوقيت بجميع الدول المشاركة في الاحتفال ، وكذلك عمل ندوات ونشرات حول سينما شاهين وذلك بالتعاون مع شركة أفلام مصر العالمية وزاوية .

كما سيقيم المهرجان هذا العام مسابقة إضافية هي"  مسابقة أفلام الدياسبورا " وذلك لعرض إبداعات الأفارقة في خارج القارة الإفريقية بناء على توجيه رئيس شرف المهرجان الممثل محمود حميدة .

كما أعلن المخرج محمد قبلاوي رئيس مهرجان مالمو للفيلم العربي  عن ليلة " الأقصر " للاحتفاء بمهرجان الأقصر للسينما الإفريقية في السويد والتعريف به من خلال عروض الأفلام الفائزة في الدورة الثامنة ومنها " دفن كوجو" من غانا " وليل خارجي " من مصر ، وذلك بعمل ندوة حول الأقصر الإفريقي ودعمه لصناعة السينما الإفريقية في شمال وجنوب القارة وكذلك عرض لفرقة طبول أفريقية ومعرض لأفيشات ومطبوعات الأقصر وذلك في دورة مالمو التاسعة في أكتوبر 2019 .

كما شاركت إدارة مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية إدارة مهرجان روما للسينما الإفريقية في مؤتمر صحفي مشترك بجناح السينما الإيطالية حيث صرح المدير الفني أنطونيو فيلاميني عن استمرار التعاون بناء على البروتوكول الموقع بينهما في كان عام 2016 وعرض الفيلم المصري هيبتا في افتتاح الدورة الخامسة من روما الإفريقي خلال شهر يوليو القادم .

مهرجان الأقصر للسينما الإفريقية تقيمه مؤسسة شباب الفنانين المستقلين للدعم والتنمية بالدعم والتعاون مع وزارات الثقافة والسياحة والشباب والخارجية ومحافظة الأقصر ونقابة المهن السينمائية .

 

####

من الموسيقى البديلة للسينما.. عبد الله المنياوى يتألق بمهرجان كان (صور)

مصطفى فاروق

يرفع المنشد والموسيقى عبد الله المنياوى علم مصر فى اكبر المحافل السينمائية العالمية خلال تواجده حاليًا فى فرنسا للمشاركة الرسمية فى فعاليات مهرجان كان السينمائى، عبر بطولته الفيلم التونسى "طلامس".

ويخوض "طلامس" للمخرج  علاء الدين سليم مغامرة تمثيل السينما التونسية والعربية فى قسم "نصف شهر المخرجين" فى النسخة الثانية والسبعين من المهرجان العالمى المقامة حاليًا فى فرنسا، ويعد العمل السينمائى العربى والأفريقي الوحيد من بين 24 فيلمًا طويلًا من 20 دولة تدخل المنافسة هذا العام، ويرتكز هذا القسم الذى ينظمه شركة مخرجى الأفلام برفع سقف حرية الفكر فى الأفلام المشاركة من مختلف بقاع العالم، وساهم فيما مضى بالتعريف من العديد من كبار المخرجين من  بينهم المصرى الراحل يوسف شاهين، ويحكى الفيلم قصة الجندى التونسى "س" الذى يقرر الفرار من حياة الجندية، ويشارك فى بطولته التونسية سهير بن عمارة، والجزائرى خالد بن عيسى.

المنياوى مطرب ومنشد صوفى وشاعر وعازف ترومبيت  مصرى بزغ نجمه سريعًا فى مجال الموسيقى البديلة بتقديمه مزيج غير مألوف بين روح الإنشاد الصوفى مع الإلكترونيك ميوزيك بالاتكال على الأداء الغنائى الحماسى، ويمتد مشواره الفنى لأكثر من عقد من السنوات، وصال وجال فى العديد من المهرجانات الموسيقيى العالمية بين العالم العربى وأوروبا، ومن أشهر أغانيه "مشاى" و"يا طلاب العالم الثالث" و"طوفى بى" وحاليًا مستقر بمشروعه الموسيقى الخاص فى العاصمة الفرنسية باريس.

 

####

نادين لبكى ودى كابريو وجولى جايت اليوم على السجادة الحمراء بمهرجان كان

رانيا علوى

يتواجد اليوم الأربعاء عدد كبير من صناع السينما والمعنيين بها ضمن فعاليات مهرجان كان السينمائى الدولى فى دورته الـ72 والتى تستمر حتى 25 مايو الجارى فى مدينة كان الفرنسية.

ومن المقرر أن يسير اليوم على السجادة الحمراء كل من خفير دولان وانطوان بيلون وسارة فروستيار وليا سيدو وليوناردو دى كابريو وكلار ديسنيس، كما يحضر أيضا الفعاليات جولى جايت وبيبا بيانكو ونادين لبكى ومارينا فوا وفانسون بيريز وريتشارد فان وغيرهم.

 

عين المشاهير المصرية في

22.05.2019

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004