كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

بلا ثرثرة.. مشاركة مشرفة للسينما المصرية!

طارق الشناوي

كان السينمائي الدولي

الدورة الثانية والسبعون

   
 
 
 
 
 
 

المشاركة المصرية الرسمية الوحيدة هذا العام في (كان) تحققت مع الفيلم الروائى القصير (فخ) للمخرجة ندى رياض، الذي يحمل رقم 27 بالنسبة لنا طوال تاريخ المهرجان، الذي انطلق عام 1946، عرض الفيلم في قسم (أسبوع النقاد) وهى المرة الأولى للسينما المصرية، أغلب مشاركتنا في (المسابقة الرسمية) و(نظرة ما) و(أسبوعى المخرجين) أو (خارج التسابق)، كما أن ندى ثانى مخرجة مصرية تشارك في المهرجان، سبقتها تهانى راشد بفيلمها التسجيلى (البنات دول) قبل 12 عاما.

بدأت رحلتنا مع المهرجان العريق منذ دورته الأول بفيلم (دنيا) للمخرج محمد كريم، وفى ذلك العام كانت هناك حفاوة زائدة بمصر، حيث شارك يوسف بك وهبى في عضوية لجنة التحكيم، ومن المعروف أنه كان النجم الأشهر في تلك السنوات، ناهيك عن عمله بالإخراج والتأليف منحه شرعية المشاركة في تحكيم كان.

أكثر المخرجين مشاركة يوسف شاهين، تجاوز 10 مرات، يوسف أحد الأسماء التي لها مساحة دائمة، صورته تجدها داخل قصر المهرجان، وفى مكتب طيران (أير فرانس)، المهرجان وقف بجانب يوسف شاهين أكثر من مرة، بدأت عندما عرض له (ابن النيل) عام 52 وكان مرشحا بقوة لجائزة العمل الأول (فهو ثانى أفلامة الروائية)، ولهذا يحق له الترشح لها، وتعددت العروض ليوسف شاهين، مثل عام 73 في قسم (أسبوعى المخرجين ) فيلمه (العصفور) الذي كان ممنوعًا من العرض في مصر، وشهد نفس القسم بعدها بـ 18 عاما، فيلمة الروائى التسجيلى (القاهرة منورة بأهلها) ويومها شاهدنا في القاهرة حملة ضارية تطالب بإسقاط الجنسية عن يوسف شاهين، ولم أكن حاضرًا في كان 91، فلقد بدأت رحلتى بعدها بعام، إلا أن هناك من حاولوا إعلان الغضب هناك بحجة الإساءة لسمعة مصر، ومن أشهر المشاركات عام 85 يوسف شاهين (الوداع بونابرت) داخل المسابقة الرسمية، وتلميذه عاطف الطيب في (نصف شهر المخرجين) بفيلم (الحب فوق هضبة الهرم)، حصل يوسف شاهين في عام 97 على جائزة تذكارية بمناسبة (اليوبيل الذهبى) 50 عامًا للمهرجان، ولدينا أيضا مشاركات من صلاح أبوسيف وهنرى بركات وأحمد بدرخان وأحمد كامل مرسى وكمال الشيخ ويسرى نصرالله ومحمد خان، وصولًا إلى محمد دياب (اشتباك) في قسم (نظرة ما)، ثم أبوبكر شوقى العام الماضى (يوم الدين) في المسابقة الرسمية، وبالطبع هذا العدد قليل لا يتناسب مع تاريخ مصر السينمائى.

هذا العام، لنا فيلم (فخ) للمخرجة ندى رياض، التي اعتمدت في بنائها لنسيج الفيلم على اللمحة السريعة، في تكثيف لا يتجاوز 20 دقيقة، لتروى حكاية شاب (إسلام) إسلام علاء وشابة (آية) شذى محرم، بينهما علاقة، لكن مشكلات تحول دون الزواج لتعنت والد الفتاة في طلبات مادية، هكذا تأتى شذرات لا تقول كل شىء ولا تقدم عادة إجابة مشبعة، ولكن مجرد خيوط واهية، وكأنها معادل موضوعى لحياتهما معًا، فهى أيضًا لا قوام لها، هناك رغبة للشاب لكى يقيم علاقة مع الفتاة، بينما هي كان لديها هدف آخر وهو التخلص منه بوضع السم في الطعام.

الشقة المهجورة تطل على شاطئ مهجور، تركب الميكروباص ثم التوك توك، عندما يذهبان لشراء بعض مستلزمات البيت، تفلت من صاحب الدكان (نبيل نور الدين) نظرة عابرة، تعنى أنه أيضا يريدها، ثم يتحدث في التليفون على طريقة (الكلام إلك يا جارة) ليصل المعنى أكثر فجاجة.

كل شىء تراه أمامك يخاصم الحياة، حتى الشقة المطلة على البحر تشى بأنها صارت مرتعا للقاذورات والفئران والصراصير، كل التفاصيل تبدو كئيبة ومملة.

لسنا بصدد علاقة حب نستطيع أن نلمسها، لكن الأمر لا يتجاوز الاحتياج الجسدى للطرفين، خطتها توقفت في المحطة الأخيرة، تخلصت من الأكل المسموم إنقاذًا له، وفى تلك اللحظة تقيم العلاقة معه، وتأتى لقطة النهاية وهما معا، من الرغبة في الموت إلى الرغبة لإشباع الجسد، هذا هو التناقض الذي تعيشه.

لا تسأل عن شىء تفصيلى ومباشر في تلك النوعية من الأفلام، المخرجة تملك ترمومترًا حساسًا في توجيه ممثليها، الذين أراهم على الشاشة لأول مرة امتلكوا التلقائية المفرطة، منحت ندى الفيلم من خلال الموسيقى وشريط الصوت ألقًا خاصًا، هارمونية بين المرئى والمسموع، خاصة في استخدامها لأغنية أم كلثوم (ألف ليلة وليلة)، لا مجانية في التعبير أو إسراف في حركة كاميرا. نجحت ندى رياض في أن تمنحنا الإحساس بالتواجد المشرف في (كان) ولو لمدة 20 دقيقة!!.

tarekelshinnawi@yahoo.com

 

####

فعاليات الدورة 72 لمهرجان «كان» تتواصل..

انتقادات لتكريم «آلان ديلون».. ومظاهرات على السجادة

كتب: ريهام جودة

تتواصل فعاليات الدورة 72 لمهرجان كان السينمائى الدولى بحضور مشاهير السينما العالمية حتى 25 مايو الجارى، وأثارت إدارة المهرجان جدلًا كبيرًا بتكريم النجم الفرنسى آلان ديلون رغم الانتقادات والرفض الذي قوبل به ذلك التكريم بسبب تصريح سابق لـ«ديلون» عن صفعه لزوجته.

حضر «ديلون» بصحبة ابنته أنوشكا للتكريم، وهو ما قابلته بعض الحركات النسائية بانتقادات ومظاهرات على السجادة الحمراء، ووضعت بعض ضيفات المهرجان تاتو يحمل جملة «أوقفوا العنف ضد النساء» اعتراضا على تكريم المهرجان للنجم الفرنسى الذي تسلم جائزة السعفة الذهبية الفخرية تقديرا لمسيرته الفنية التي امتدت لستين عاما شرفية، وتجاهلت إدارة المهرجان تلك الانتقادات التي كانت بسبب آرائه عن المرأة والمثليين.

وأثار قرار تكريم «آلان ديلون»- 83 عاما- جدلًا حتى خارج فرنسا، وشهد حملة توقيعات على الإنترنت في الولايات المتحدة لأكثر من 25500 توقيع تطالب بوقف تكريمه. وقال «ديلون» في كلمة أمام المهرجان: «إذا كان هناك شىء واحد أنا فخور به بشكل حقيقى فهذا الشيء الوحيد هو مسيرتى المهنية، وهذه السعفة الذهبية منحت لى من أجل مسيرتى وليس لشىء آخر، وهذا هو سبب سعادتى ورضائى».

وتسلم «ديلون»- الذي اعتبرت وسامته سببا كبيرا في شهرته وجعلته معبودا للنساء في فرنسا- الجائزة من ابنته أنوشكا ديلون، وشغل «ديلون» الرأى العام على مدى مسيرته مثلما حدث عندما أعلن صداقته للسياسى الفرنسى اليمينى المتطرف جان مارى لوبان واعترف بصفعه للنساء.

وتمسك «ديلون» ببعض آرائه في مقابلة مع صحيفة «لو جورنال دو ديمانش»، وقال إن بعض التصريحات التي نسبت له حُرفت، وتابع: «لا أعارض زواج المثليين.. لا أهتم.. يجب أن يفعل الناس ما يشاءون... لكننى ضد تبنى زوجين من ذات الجنس للأطفال». وأضاف: «هل قلت إنى صفعت امرأة؟ نعم.. لكن كان على أن أضيف أننى تلقيت صفعات أكثر مما أعطيت بكثير.. لم أتحرش بأى امرأة في حياتى.. أما هن فقد تحرشن بى كثيرا».

وشهد عرض فيلم وثائقى يستعرض مسيرة اللاعب الأرجنتينى الشهير دييجو مارادونا حضورا كبيرا، خاصة من مشجعى ومهاوويس كرة القدم الذين رفعوا لافتات باسم النجم المعتزل وباسم ناديه Napoli SSC، ويعرض الفيلم خارج المسابقة الرسمية، وهو من إخراج البريطانى عاصف كاباديا.

وبعيدا عن أجواء المنافسة السينمائية، واصلت نجمات السينما العالمية منافساتهن بجلسات التصوير وارتداء الفساتين المبهرة من كبرى بيوت الأزياء العالمية، ومنهن الهندية أوما كورشى، التي وقفت على سلالم قصر المهرجانات تستعرض فستانها الرمادى، وشكلت مشاركة «إيشواريا راي» حدثا كبيرا، نظرا لما تتمتع به من جماهيرية وشعبية بين ضيوف المهرجان، إلى جانب حرصها على المشاركة كل عام، وأثارت «إيشواريا» جدلا بسبب فستانها الذي شبهه خبراء الموضة بأنه مكون من أكياس بلاسيتيكية، وحافظت أيقونة السينما الإيطالية مونيكا بيللوتشى على حضورها الجذاب الذي تحرص عليه سنويا في المهرجان، وهذا العرض يعرض لها فيلم The Best Years of a Life.

كما اجتذبت البرازيلية كاميلا كويلهو الأنظار بفستان بذيل كبير من اللون البيج خلال حضورها العرض الأول لفيلم «حياة خفية» A Hidden Life الذي ينافس في المسابقة الدولية، بحضور الممثلة النمساوية فاليرى باشير والألمانى «أوجست دايهل». وسجلت العارضة السويدية إلزا هوساك رقمًا قياسيًا في طول ذيل فستانها الذي تجاوز 3 أمتار، وتطلب مساعدة من العاملين بالمهرجان لفرده على السجادة الحمراء أثناء صعودها سلالم قصر المهرجان. وأثارت أسرة الفيلم الأمريكى Port Authority المشارك في المهرجان أجواء طريفة خلال جلسات التصوير التي سبقت المؤتمر الصحفى للفيلم. وتشهد المسابقة الدولية هذا العام تنافس عدد من المخرجين الكبار بأفلامهم، منهم الأمريكى كوينيتن تارانتينو، والإسبانى بيدرو ألمودوفار، بينما تمثل السينما العربية داخل المسابقة الدولية بفيلم وحيد هو «لابد وأنها الجنة»، للمخرج الفلسطينى إيليا سليمان، الذي سبق وفاز بسعفة «كان» الذهبية من خلال جائزة لجنة التحكيم الخاصة عام ٢٠٠٢.

 

####

عرض الفيلم الهوليودي الأول لمحمد كريم في مهرجان «كان»

كتب: أحمد النجار

شارك النجم المصري محمد كريم، في افتتاح فيلم A Score to Settle، بمهرجان «كان»، الفيلم من بطولة النجم العالمي نيكولاس كيدج.

وشهد العرض إقبالا كبيرًا من الحاضرين بمهرجان كان السينمائي لمشاهده الفيلم، كما شهد حضور من الدول العربية، وحضور المهندس نجيب ساويرس والمهندس تامر وجيه.

ومن المقرر عرض الفيلم في سينمات الولايات المتحدة الامريكية، وباقي دول العالم.

يُعد الفيلم هو الأول لـ«كريم» في عالم هوليود، إذ تدور ‏أحداثه حول كيدج، والذي يلعب دور قاتل محترف يدعي فرانك يحاول الإنتقام من رؤساءه السابقين بعد دخوله السجن لأكثر من 20 عاما، بما فيهم الشخصية التي يجسدها محمد كريم، ومن المقرر أن يعرض الفيلم بعدد من مهرجان السينما العالمية قبل طرحه أخر العام الجاري بدور العرض السينمائيه عالمياً وفي الشرق الأوسط.

 

المصري اليوم في

23.05.2019

 
 
 
 
 

فيلمه الجديد المميّز لن يخرج خالي الوفاض من مسابقة "مهرجان كان"

إيليا سليمان: فلسطين تنظر الى العالم في "لا شك أنها الجنة"

كان (جنوب فرنسا) - إبراهيم العريس

للوهلة الأولى، قد يخيّل للمشاهد أن إيليا سليمان جمع في فيلمه الجديد "لا شك أنها الجنة" المشارك في المسابقة الرسمية لـ "مهرجان كان" (مع حظوظ كبيرة في نيل جائزة كبيرة ما)، مشاهد وصوراً ومونولوغات وأفكاراً، فاضت عن أجزاء ثلاثيته القديمة التي بدأها قبل ربع قرن وختمها قبل عشرة أعوام. غير أن حضور سليمان ذاته كممثل، إضافة الى كونه مخرجاً في كل لقطة من لقطات الفيلم الجديد، سيجعلنا نتنبه الى أن الفلسطيني الصامت واللامرئي تقريباً، الذي كانه في "سجل إختفاء" و"يد إلهية" و"الزمن الباقي"، تقدم في السن كثيراً حتى وإن بقي هو هو. لكن التقدم في السن زاد من قوة لغته السينمائية التي توغل "غوداريّة" وتنتمي الى "ما بعد حداثة" فريدة من نوعها سينمائياً. ومع هذا هي تستخدم العناصر ذاتها دائماً: "ريبرتوار" الأغاني العربية المختارة بعناية لتضفي على الفيلم معنى ما بل منطقاً يفتقر إليه عن قصد، الأداء الصامت (على طريقة باستر كيتون) لسليمان، جعل من نظرته نوعاً من الشاعر فرجيل، يقودنا كما حال دانتي في "الكوميديا الإلهية" في مجاهل الحياة اليومية، ما يجعله بالتالي عيننا التي ننظر بها. غير أن تلك العين إذا كانت في ثلاثيته جعلتنا وجعلت العالم يشاهد فلسطين بشكل لم يشاهَد في أي فيلم فلسطيني آخر، فإن الجديد هنا، هو أن تلك العين – عين سليمان التي تصبح عيننا – تنطلق وقد أضحت أيضاً عين فلسطين ذاتها، لتنظر الى العالم. فإذا بالعالم كله لا يختلف أي إختلاف عن فلسطين: العنف ذاته، العبثية ذاتها، وخاصة ذات التهديد الذي يحسه سليمان في كل مكان.

ولأن لا بد من حبكة. ولأن ايليا سليمان هو نفسه كما هو دائماً في أفلامه، ها هو هنا بعد معايشة غرائب الحياة اليومية في مدينته الناصرة، يزور باريس ثم نيويورك بحثاً عمّن ينتج له فيلمه الجديد. من الواضح أن هذا البحث أمر جانبي، ومن الواضح أيضاً أن السلبية التي يجابَه بها السينمائي وتعيده الى مدينته خالي الوفاض، وقد بات من الواضح أن فلسطين وسينماها ما عادت تهم أحداً، من الواضح أن هذا لا يؤثر على السينمائي – ربما سيجد ضالته في قطر! لكن هذا موضوع آخر – المهم هنا أن ثمة إنقلاباً أساسياً في النظرة الى فلسطين يشكلها جوهر الفيلم حتى وإن كان العراف النيويوركي سيقول لإيليا سليمان: "ستكون هناك فلسطين ولكن ليس في زمنك ولا في زمني". وبالتالي إذ يتحول الفلسطيني المندهش دائماً واللامرئي عادة الى فلسطيني مرئي، على الأقل بالنسبة الى السائق الأسود الذي حين يعرف ان راكبه فلسطيني، يذهل ويهاتف زوجته قائلاً لها ان ثمة فلسطيني "كرفات" – ويقصد عرفات – في سيارتي. فالفلسطيني الآن، بات حقاً جزءاً من العالم في انتظار أن تصبح فلسطين بدورها جزءاً منه. في انتظار ذلك، يعود إيليا الى الناصرة، إلى حياته اليومية أو بالأحرى إلى رصده الطريف لحياة الناس من حوله، ولكن هذه المرة مع ظل ابتسامة خفيفة تلوح على طرف شفتيه. ويا له من تبدل أساسي! تبدّل سنعود إليه وإلى الفعل بتوسّع طبعاً.

فيلم كبير وجميل، كالعادة وأكثر ربما، يقدمه لنا إيليا سليمان هنا. فيلم لن يكون من العدل ألا يلفت نظر محكمي مسابقة "كان" الرسمية. ولكن مهما كان مصيره في "كان"، من المؤكد أنه سيكون الحدث السينمائي العربي الأكثر أهمية خلال المرحلة المقبلة، مؤكداً مكانة إيليا سليمان في حاضر هذه السينما، وغائصاً أكثر وأكثر في غرابة سينما لا تتوقف عن مفاجأتنا وإن بوتيرة سينمائية بطيئة إلى حد لا يطاق (نحو عقد من الزمن بين روائيّ طويل وآخر)، ومطوّراً أكثر وأكثر تلك اللغة القائمة على "كولاج" شديد الدهاء والطرافة والألم والعدمية، التي تجعل المخرج يختار لمشهده الأخير مجموعة شبان يرقصون صاخبين في ملهى ليلي على إيقاع أغنية نضالية تحولت هنا الى أغنية "ديسكو"!

 

الحياة اللندنية في

23.05.2019

 
 
 
 
 

هل يفوز "بؤساء" هوجو الجدد بالجائزة الكبرى ؟

من يفوز في المسابقة الرسمية بسعفة "كان" الذهبية؟

كان - صلاح هاشم

عرض المهرجان ومنذ انطلاقته يوم 14 مايو، مجموعة كبييرة من الأفلام في جميع أقسام المهرجان،لعل أبرزها سياسيا وعربيا وعالميا – خارج المسلبقة الرسمية للدورة 72 – ومن وجهة نظرنا، الفيلم الوثائقي السوري من " أجل سما"  اخراج السورية وعد الخطيب، والبريطاني إدوارد واتس ..

الذي يوثق لحصار وقصف مدينة حلب السورية، ولفترة تزيد على 5 شهور،وبشاعة  ودمار الحرب، التي مازالت مشتعلة في البلاد،ويكون ويروح ضحيتها الأطفال قبل الكبار، مثل "سما "الطفلة إبنة المخرجة وعد الخطيب ،التي ولدت في أتون الحرب، ويكاد الفيلم، الذي يصدمنا بقوة مشاهده وواقعيتها، ويحرك فينا مشاعرنا، والعالم كله ينظر، ولايحرك ساكنا، يكاد أن يكون "صرخة" ضد دمار ورعب الحرب، إن يارب إرحم..

كما عرض المهرجان ومنذ انطلاقته  يوم 14 مايوفي إطار المسابقة الرسمية للدورة 72 الحالية 7 أفلام متميزة هي : فيلم " الموتى لايموتون " للأمريكي جيم جامروش، الذي عرض في حفل افتتاح المهرجان، وفيلم  " البؤساء " – العمل الأول- للمخرج الفرنسي لادجي لي، وفيلم " باكورو"  للمخرجين كليبر ماندونسا فيلهو، و جوليانو دورنيل من البرازيل ، وفيلم " اتلانتيك " لماتي ديوب من السنغال، وفيلم " عفوا لقد افتقدناكم " للمخرج البريطاني الكبير كين لوش ،وفيلم " ألم ومجد" للمخرج الأسباني الكبير بدرو المودوفار، وفيلم " جو الصغير " للمخرجة النمساوية جيسكا هوسنر..

 ونرشح من ضمنها للفوز بسعفة مهرجان " كان" الذهبية، ويكاد يكون أقواها فكريا وسينمائيا، واقربها الى الكمال الفني، فيلم " ألم ومجد "PAIN AND-  GLORY - للأسباني بدرو المودوفار، ويحكي فيه عن طفولته، ومسيرته السينمائية الكبيرة،وهو أقرب ما يكون الى أفلام السيرة الذاتية الذاتية والاعترافات ..

ويتسامق الفيلم البديع، ليس فقط بالأسرار الشخصية للمخرج الأسباني الكبير التي يكشف عنها في عمله السينمائي الكبير المتميز،، بل يتسامق أيضا، بما فيه من سينما – حضارة السلواك الكبرى- كما أحب أن أسميها ، والقيم  الكبيرة القيمة، التي يكرس لها الفيلم الجميل ، ولعلها أهمها قيمة العلم ،والتربية ، والدرس والتعليم ، ونقل المعارف الجديدة، وقيمة "عشق السينما" في اكتشاف العالم..وأعماقنا، ومخاوفنا..

فيلم المودوفار هو " تحفة " سينمائية بإمتياز، توظف السينما، كأداة للتفكير في مشاكل وتناقضات مجتمعاتنا الانسانية،وتجعلنا كما في فيلم المودوفار البديع، نتصالح مع أنفسنا، والعالم ،وننجح كما فعل المودوفار في فيلمه، نروض  ذلك " الوحش " الذي يسكننا..

كما نرشح أيضا بعد فيلم " ألم ومجد " مباشرة ، الفيلم الفرنسي " البؤساء " -  LES MISERABLES - للفرنسي لادجي لي- العمل الأول لمخرجه، وهو مرشح أيضا من هذا المنظور، كعمل أول، للحصول على" الكاميرا الذهبية "في ثاني مسابقة رسمية للمهرجان، الا وهي مسابقة الكاميرا الذهبية، وهي مخصصة لكل الأعمال الأولى المشاركة في جميع أقسام و تظاهرات المهرجان..

ويحكي الفيلم عن " بؤساء "هوجو الجدد، من  سكان الضواحي من المهاجرين العرب والأفارقة ، الذين  يسكنون جيتوهات وضواحي العزلة  والغربة والفقرالموحشة ، على هامش المدن الفرنسية الكبرى، ويجعلنا نتعرف على شبابها الباحث عن عمل، وأطفالها الضائعين، وهيمنة عصابات المجرمين، وتجار المخدرات، والجماعات الدينية الارهابية المتطرفة مثل جماعة الإخوان المسلمين، هيمنها وسيطرتها نفسيا وسياسيا واجتماعيا على تلك الضواحي..

 مثل ضاحية " فيرماي" التي يعرض لها الفيلم ، وهي ذات الضاحية التي حكي عنها وعن أهلها ، وتقع فيها أحداث رواية " البؤساء" الشهيرة ، لكاتب فرنسا العظيم فيكتور هوجو ..

فمازالت تلك الأحياء، كما يكشف لنا لادجي لي في فيلمه  " الملاكم " الصادم البوليس السياسي المثير، الصاعد بتوتره ، وتواتر أحداثه، تعيش بعيدة جدا عن فرنسا الوجاهة، والحضارة،والتقدم ، والثراء،في أحياء العاصمة السياحية ، مثل الشانزليزيه والحي الاتيني والكونكورد ،وضواحي الغنى الفاحش في ضاحية " نوي" في باريس التي تسكنها الطبقات العليا من البرجوازية الفرنسية في العاصمة الفرنسية..

و"بؤساء" اليوم الجدد، في تلك الأحياء، من المعدمين الهامشيين الفقراء، المنسيين المظلومين،  مازالوا هم نفس " البؤساء " الفقراء التي حكي عنهم فيكتور في روايته، ولم تتغير أوضاعهم منذ القرن 19،ومازالوا يتعرضون اليوم على يد الشرطة الفرنسية ، بعد مرور 100 سنة وأكثر، لأبشع أنواع القمع و والظلم، والتمييز العنصري الفرنسي البغيض..

ويشير المخرج في فيلمه الى أن حربا دموية ما ستنشب لامحالة، بين قوات الشرطة،وبين أطفال الحي الأبرياء الضائعين، معلنة عن " ثورة الضواحي " الجديدة في فرنسا – في أعقاب إحتجاجات أصحاب السترات الصفراء-  بزعامة أبناء وأطفال المهاجرين العرب والأفارقة، التي ستهتز لها قريبا جدا بلاد الغال، ليجعل من فيلمه كله ، " نبؤة " لأجيال المستقبل ..

 

سبنما إيزيس في

23.05.2019

 
 
 
 
 

مهرجان "كان" السينمائي الـ72: حضور فلسطيني يتحدّى الغرب

أشرف الحساني

ككل سنة، تعودنا أن يباغت بصيرتنا وقلوبنا بسحر ودهشة، المهرجان الدولي للسينما "كان" بالمدينة الفرنسية التي تحمل اسم المهرجان، والمطلة على البحر الأبيض المتوسط، الواقعة بجنوب فرنسا قرب مدينة نيس في منطقة جبال الألب، بما تتميز به هذه المدينة من تراث معماري خاص شاهد على أزمنة جريحة مرت بها المدينة سياسيا واجتماعيا منذ العصر الوسيط إلى اليوم، ويتجلى ذلك في مجموعة القصور القديمة المختلفة والباذخة البناء، التي تزخر بها المدينة، وأهمها قصر "كارلتون" الذي بني قديماً من طرف هنري رول، ثم قصر المهرجانات، الذي يحتضن كل سنة المهرجان السينمائي، فضلاً عن العديد من المطاعم السياحية الباذخة الكثيرة المتراصة على جنباتها، والتي يقصدها في الغالب الأثرياء.
لهذا السبب تعد المدينة اليوم قبلة العشاق من مختلف دول العالم، نظراً للدور الكبير الذي أصبحت تلعبه داخل فرنسا ككل، ويعود ذلك إلى الارتباط الوثيق بالمهرجان، الذي ينظم كل سنة داخلها، ويستقبل أعداداً هائلة من عشاق الفن السابع لمتابعة هذا الحدث الاستثنائي، الذي تشهده المدينة كل سنة من هذا الشهر، منذ أكثر من سبعين سنة خلت. وبفعل هذا العرس السينمائي باتت مدينة كان (Cannes) الفرنسية ليست ككل المدن الأخرى كباريس ونانسي وبوردو ونيس، لما أصبح لها من بعد سياحي كبير ومن خصوصية جمالية وفنية أساسية داخل الأجندات السياسية الفرنسية بسبب المهرجان، الذي يحتفي بالمنتوج السينمائي من مختلف دول العالم والبحر الأبيض المتوسط، يضمن للمدينة اليوم بعداً ثقافياً وفنياً، كما يوطد علاقات التجاور والتبادل الثقافي بين مختلف دول العالم من أجل تبادل الخبرات والآراء حول واقع السينما والتعريف بآخر الأفلام العالمية وفق أشكال مختلفة من النتاجات الفنية
.

"كان": عرس سينمائي متجدد

يحتل مهرجان "كان" السينمائي اليوم مكانة متميزة ضمن قائمة أشهر المهرجانات العالمية ذيوعاً وانتشاراً بشكل لا يكاد يربك المرء في تمييزه عن باقي المهرجانات الترفيهية الرتيبة الأخرى، التي باتت اليوم مجرد كرنفالات احتفالية لا علاقة لها بجوهر الفعل السينمائي، وهو الأمر الذي ضمن له ديمومته التنظيمية والفنية، ليظل متربعاً على عرش المهرجانات العالمية على مدى سبعين سنة، تكتظ من خلاله المدينة من حيث عدد الزائرين المتفاقمين سنوياً خاصة في شهر مايو من كل سنة، وتصبح الفنادق والمطاعم والمقاهي غاصة بالناس على اختلاف سحناتهم والقادمين من مختلف أقطار دول العالم. ومنذ سنة 1939 سيبرز المهرجان ليشكل الحدث الأبهى في العالم خلال دورته الأولى، ونظراً للحرب العالمية الثانية التي شهدها العالم سنة 1939 سيتوقف المهرجان في يومه الثالث ويتم تأجيله لسنوات بسبب احتلال الألمان لبعض الأراضي الفرنسية خلال هذه الفترة كما هو معروف تاريخيا، ما جعل المهرجان يظل معلقا، حتى انتهت الحرب العالمية الثانية سنة 1945 ويتم إعادة فتحه بشكل رسمي سنة 1946 رغم بعض التوقفات التي طالته بسبب ضعف ميزانية الدعم المخصصة له، خاصة في سنوات 1948 و1950 و1968. منذ ذلك الحين ظل مهرجان "كان" علامة بارزة في تاريخ السينما خلال القرن العشرين، ما جعله ملتقى للفكر السينمائي العالمي وتبادل الخبرات الفنية، بين مختلف المخرجين والممثلين والنقاد من مختلف دول العالم مع حرصه الشديد على دعم المخرجين الجدد وتقديم المساعدة الترويجية لأفلامهم وعرضها وإشراكها وإقحامها أحياناً

داخل جوائز متنوعة مرموقة يقدمها المهرجان كل سنة وأهمها جائزة "السعفة الذهبية" التي تمنحها إدارة المهرجان المكونة من نخبة مخرجين وممثلين من العالم لأفضل فيلم في الدورة؛ هذا إضافة إلى العديد من الفعاليات السينمائية، التي يحرص المهرجان على تنظيمها كل سنة ومنها: أسبوع النقاد، الأفلام القصيرة، نصف شهر المخرجين وغيرها.

"مهرجان "كان" علامة بارزة في تاريخ السينما خلال القرن العشرين، وملتقى للفكر السينمائي العالمي وتبادل الخبرات الفنية، بين مختلف المخرجين والممثلين والنقاد من مختلف دول العالم"

أفلام جديدة ومتنوعة

الدورة الأخيرة- 72- تمتد ما بين 14 و25 من مايو الجاري، ويترأسها المخرج المكسيكي أليخاندرو غونزاليس إيناريتو رفقة ممثلين ومخرجين آخرين من العالم كالممثلة الأميركية آل فانينغ، وماي مونا ندباي من بوركينا فاسو، والمخرجة الإيطالية أليس رورواسر، ثم كاتبة السيناريو الأميركية كيلي ريشاردت، والكاتب الفرنسي أنكي بلال، والمخرج اليوناني يورغوس لانتيموس، والسيناريست الفرنسي روبن كامبيلو، وأخيرا المخرج البولندي بافيل باوليكوسكي.

كما تجدر الإشارة إلى أن المهرجان افتتح بفيلم "الموتى الذين لا يموتون" للمخرج الأميركي جيم جارموش، الذي يتناول قصة موتى قاموا من قبورهم نتيجة هزة أصابت الكرة الأرضية، لتبدأ عملية نهش لحم البشر بإحدى المدن التي هاجموها. وقد لعب أدوار الفيلم كل من بيل موراي، تيلدا سوينتن، ستيف بوسيمي، آدم درايفر وغيرهم من المشاهير الآخرين. وترأست المخرجة اللبنانية نادين لبكي فقرة "نظرة ما"، وترأس كلير دينيس فقرة "الأفلام القصيرة".

وضمت قائمة المسابقة الرسمية 19 فيلماً من دول مختلفة بما فيها بعض الدول العربية، خاصة فلسطين، التي يمثلها فيلم "لا بد أن تكون هي الجنة" لإيليا سليمان، هذا إضافة إلى أفلام عربية أخرى مثل "الوحوش" للمخرج المغربي أكسيل، الذي حاز على عدة جوائز في مهرجان آسني نورغ الدولي للفيلم في دورته 12، ثم "أغنية البجع" للمخرج يزيد القادري، و"من أجل سما" للمخرجة السورية وعد الخطيب، و"بابيشا" للمخرجة الجزائرية مونيا بيدور، و"زوجة أخي" للمخرجة التونسية مونيا شكري، و"آدم" للمخرجة المغربية مريم التوزاني، و"فخ" للمخرجة المصرية ندى رياض وغيرها من الأفلام العربية، الموزعة بين الأفلام القصيرة والأفلام الطويلة لأسبوع النقاد ونظرة ما ثم المسابقة الرسمية، التي يمثلها فيلم إيليا سليمان. وهو ما يؤكد نضج السينما العربية في السنوات القليلة الماضية، إذ استطاعت أن تفرض نفسها بقوة، وأن تكون إحدى نقاط الاستقطاب داخل المهرجانات العالمية مثل كان وبرلين وفينيسيا، دون أن ننسى السينما التونسية خلال سنة 2016 وما حققته من انتصارات مذهلة عبر فوزها بـ 4 جوائز في سنة واحدة داخل مهرجانات عالمية، فضلا عن الترشيحات داخل القائمة القصيرة لجائزة الأوسكار.

"ضمت قائمة المسابقة الرسمية 19 فيلماً من دول مختلفة بما فيها بعض الدول العربية، خاصة فلسطين، التي يمثلها فيلم "لا بد أن تكون هي الجنة" لإيليا سليمان، وأفلام عربية أخرى ضمن المسابقة الرسمية، أو الأفلام القصيرة، وأسبوع النقاد، و"نظرة ما""

حضور فلسطيني متألق

ما أثار انتباهي حقيقة داخل المهرجان هو ترشيح فيلم المخرج الفلسطيني إيليا سليمان ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان "كان"، وهي المرة الثالثة له بعد فيلميه "يد إلهية" و"الزمن الباقي"، والذي يضمر في طياته أبعادا فكرية وفنية، كما يطرح على المهتمين بالشأن السينمائي العربي جملة من التساؤلات المرتبطة بالفيلموغرافيا العربية داخل المهرجانات العالمية من خلال أمرين: الأول، يتمثل في واقع السينما العربية والاعتراف بمنجزها الفني والجمالي وما شهدته مؤخرا من طفرة فنية ليس فقط على مستواها التقني فقط، بل أيضا من ناحية مضامينها الفكرية والسياسية الجريئة، خاصة السينما التونسية والعراقية واللبنانية والسورية، بما حققته هذه الأخيرة مؤخرا من أفلام قوية على الرغم من البعد التوثيقي، الذي ظل يميز بعض متون أفلامها الطويلة والقصيرة معا، لكنها استطاعت أن تنقل لنا بلغة سينمائية مذهلة دقيقة تفاصيل ما يجري في الواقع السوري اليوم، من أعين مخرجين جدد، لم نسمع بهم من قبل، لكنهم أثبتوا جدارتهم وقوتهم العملية في تخييل الواقع السوري وفق قالب سينمائي متميز يحاكي الواقع دون أن ينصاع ويذوب فيه بشكل كلي، مقارنة مع المشهد السينمائي المغربي، فعلى الرغم من التتويجات الفنية والجوائز الكثيرة، التي حصلت عليها بعض الأفلام المغربية داخل مهرجانات ومحافل دولية (كمال كمال، نبيل عيوش، هشام العسري، فوزي بنسعيدي)، ما تزال الصناعة السينمائية بالمغرب ذات مجهود فردي يرهق المخرج ويجعله دوما يفكر في تقشف المشهد، هذا فضلا عن الدعم الوطني، الذي باتت تتحكم فيه بعض لوبيات الإنتاج، والتي تحتكم في طرائق تقييمها للمتن الفيلمي إلى منطق السوق ومعايير العرض والطلب والتهريج والتصفيق المجاني، فضلا عن الدعم الخارجي، الذي تمنحه بعض المؤسسات الفنية الغربية، والمتماشي هو الآخر مع رؤية وأيديولوجية المؤسسة وثقافة ترفيه الحشود الهلامية حسب المفهوم الذي جاءت به مدرسة فرانكفورت.

أما الأمر الثاني فيتعلق بجرح تاريخي، متمثل في أفول سلطة الغرب ودحض الأطروحة القائمة حول مركزية الغرب والاستعلاء والتصغير، الذي يقابل به المنجز الإبداعي العربي، فأن يتم ترشيح فيلم من بلد عربي، خاصة فلسطين، وداخل مسابقة رسمية بمهرجان سينمائي عريق مثل "كان" أمر أقرب إلى الحلم منه إلى الممكن، إذ أن المخرج الفلسطيني المتميز إيليا سليمان سبق أن ترشح مرتين لجائزة "السعفة الذهبية"، الأولى سنة 2002 بفيلمه "يد إلهية" فحاز على جائزة لجنة التحكيم، والثانية سنة 2009 عن فيلم "الزمن الباقي". وقد استطاع الفيلم في نظري أن يوسع حدود الرؤية وأن يكسر هذه العلاقة القائمة بين الغرب والشرق، وبين المركز والهامش وغيرهما من الثنائيات، التي عمد بعض المستشرقين إلى تكريسها في بعض الأدبيات التاريخية خلال مرحلة التحديث، منذ القرن التاسع عشر إلى اليوم.

إن فلسطين التي ستظل النجمة الحاضرة في الوعي واللاوعي العربي بتاريخها الجريح، تمثل اليوم خزانا فنيا وجماليا ساحرا لا ينضب، بل ورمزا للكيان العربي ورمزا للصلابة والقوة على جميع الأصعدة. فلسطين الحاضرة دائما وأبدا في مخيالنا الجمعي، تفرحنا وتعلمنا دوما دروسا في التضحية، رغم القهر والحصار والغبن والألم والدم المستشري في حدائقها، ما تزال تئن وتنضح بالحياة، مقاومة كل أشكال الظلم والفساد والتطبيع والاستبداد التاريخي، الذي ظلت تعاني منه، تقف اليوم من خلال أبنائها من فنانين ومفكرين ومخرجين وشعراء كبار صامدة في وجه خراب العالم واستبداد الأنظمة السياسية وقمعيتها وعنف التاريخ، لتقول لنا: أنا امرأة من أقصى الريح.. عصية على المحو والنسيان.

 

ضفة ثالثة اللندنية في

23.05.2019

 
 
 
 
 

«الشرق الأوسط» في مهرجان «كان» (9): ليس بالفن وحده تفوز الأفلام بالسعف

قراءة في حاضر وماضي لجان التحكيم

لندن: محمد رُضا

تتمخض الدورة الحالية من مهرجان «كان» غدا عن الفيلم الذي سيفوز بالسعفة الذهبية، وهي الجائزة الأعلى شأناً بين جوائز المهرجان. المخرج الذي سيفوز فيلمه بهذا التتويج سيرفع الجائزة بين يديه. وخلال كلمات الشكر سيشعر بأن لجنة التحكيم قد خصّـته بتقديرها عنوة عن باقي أترابه من المخرجين الذين نافسوه.

ضمن طبيعة وتلقائية هذه المشاعر فإن الوصول إلى قرار بشأن من سيفوز بالسعفة وكيف ستتوزع الجوائز الأخرى كجائزة لجنة التحكيم الخاصة وجائزة أفضل تمثيل (رجالي ونسائي) وجائزة أفضل مخرج وأفضل سيناريو ثم جائزة لجنة التحكيم (غير الخاصة) ليس بالأمر السهل. لم يكن سهلاً في معظم الدورات السابقة من عمر هذا المهرجان ولا من عمر أي مهرجان كبير وفعلي آخر.

هذا لأن لجان التحكيم تتألف من أشخاص لكل واحد منهم مرجعيته الثقافية والفنية والذاتية وكل مرجع من هذه المراجع قد يختلف عن مراجع الآخرين. حتى وإن التقى في بعض ثقافته وفهومه لماهية الفيلم مع عضو آخر أو اثنين، يبقى الأعضاء الآخرون بمثابة ذوات منفصلة لديها مفاهيمها المنفصلة التي تمارس من خلالها قراراتها وقت التصويت.

ما تنضوي تحت مظلته هو رئيس يعمل مثل قائد أوركسترا. يتطلع الجميع إليه باحثين عن قرار أخير أو للبت بقضية تثير الجدل ولا يمكن الاتفاق عليها. هو مرشد ومحكّم وحلال مشاكل ورئيس. لذلك فإن القرارات النهائية مهما واجهت من صعوبات وتناقضات في الرؤى تنضوي تحت مسؤوليته.

نسبة غالبة

رئيس لجنة تحكيم هذا العام هو المكسيكي أليخاندرو غونزالز إنياريتو الفائز بأوسكار أفضل إخراج عن فيلمه «المنبعث» (2015) وبالجائزة نفسها عن «بيردمان» (2014) وبعشرات الجوائز الأخرى عن أفلامه التي تحتوي، لجانب الفيلمين المذكورين، على «بابل» و«بيوتيفول» من بين أعمال أخرى.

تحت قيادته نجد الكاتبة والمخرجة الإيطالية أليس رورواكر ومؤلف الروايات الغرافيكية إنكي بلال (فرنسا) والمخرج يورغوس لانتيموس (يوناني- بريطاني) والممثلة إيل فانينغ (الولايات المتحدة) والمخرجة كَلي رايكهارت (الولايات المتحدة) والمخرج باڤل باڤيكوڤسكي (بولندا) والمخرج روبن كامبيلو (فرنسا) والممثلة ميمونة ندياي (بوركينا فاسو).

أمام هؤلاء مجموعة من الأفلام التي تستحق النقاش والجدال. ليس كل ما حشده المهرجان من أفلام بل على الأقل تلك الأعمال البارزة بينها مثل «حياة خفية» لترنس مالك و«آسف افتقدناك» لكن لوتش و«ألم ومجد» لبدرو ألمودوڤار و«حدث ذات مرّة في هوليوود» لكونتِن تارنتينو و«لا بد أنها الجنة» لإيليا سليمان و«الخائن» لماركو بيلوكيو و«البائسون» للادج لي. وربما يدخل في المعمعة فيلم الأخوين جان - بيير ولوك داردان «أحمد الشاب» و«الموتى لا يموتون» لجيم جارموش.

هناك عدد أكبر من الأفلام المتسابقة التي تتساقط من الاعتبار سريعاً حتى وإن تبنى بعضها أحد أعضاء لجنة التحكيم خلال الجلسة الأولى. هذا طبيعي جداً. ما هو غير طبيعي أن تتألف لجنة التحكيم من ستة مخرجين (إيناريتو، رورواكر، لانتيموس، رايكهارت، باڤيكوڤسكي، كامبيلو) ما سيقيد أصوات الآخرين إن اختلفت. الإشكال الأهم هو أن لكل مخرج من هؤلاء نظرته المختلفة عن الآخر. قد يلتقي وإياه في نقطة لكنه سيختلف عنه في باقي النقاط.

إيناريتو قد يحب فيلم ترنس مالك «حياة خفية» المبحر في أجواء فنية لا حدود لها بينما يميل باڤيكوڤسكي إلى فيلم كن لوتش «ألم ومجد» بينما يدافع لانتيموس عن «البائسون». وحتى لو اضطر كل عضو في هذه اللجنة إلى التنازل عن بعض تفضيلاته، يبقى البعض الآخر في دورة عرفت قدراً أعلى من الأفلام التي تستحق الفوز بجائزة أو أخرى.

نتائج هشّة

ما تعلمناه من الدورات الماضية هو أن العديد من جوائز السعفة الذهبية توجهت لأفلام لا تستحق. لو نظرنا إلى السنوات الإحدى عشر الماضية (2008 - 2018) وحدها لوجدنا ما يؤكد ذلك.

ترأس الأميركيون خلال تلك السنوات لجان التحكيم خمس مرات (هو بذاته نسبة عالية تبرر غياب مخرجين من بلاد وثقافات مختلفة) هم شون بن (2008) وتيم بيرتون (2010) وروبرت دينيرو (2011) وستيفن سبيلبرغ (2013) والأخوين جووَل وإيثن كووَن (اعتبرا واحداً، 2015).

للأستراليين ثلاثة حظوظ في القيادة: جين كامبيون (2014) وجورج ميلر (2016) وكايت بلانشيت (2018). وللفرنسيين والإيطاليين والإسبان حظ واحد لكل منهم: الفرنسية إيزابل أوبير ترأس لجنة تحكيم سنة 2009 والإيطالي ناني موريتي ترأسها سنة 2012 ثم الإسباني بدرو ألمودوڤار في العام 2017.

أربعة من المخرجين الأميركيين الذين تبوأوا السدة منحوا السعفة لأفلام فرنسية الإنتاج وثلاثة منهم أخفقوا في توجيه الدفة لمن استحقها. تيم بيرتون أعلن فوز «العم بونمي الذي يتذكر حيواته الماضية» لأبيتشابونغ ويراستاكول (المخرج تايلاني والفيلم تمويل فرنسي) بينما حفلت الدورة بأفلام أفضل من بينها «أميرة مونتبنسييه» للفرنسي برتران ترڤنييه و«بيوتيفول» لأليخاندرو إيناريتو نفسه و«شعر» للكوري لي تشونغ - دونغ.

ستيفن سبيلبرغ أعطى السعفة لفيلم فرنسي آخر لعبد اللطيف كشيش وقام الأخوان كووَن بمنح السعفة لفيلم «ديبان» أيضاً بوجود أفلام تماثله أو تتجاوزه فناً مثل «سيكاريو» لدنيس ڤيلنييڤ و«ماكبث» لجاستن كورزيل.

الرابع هو شون بن الذي منح الجائزة لفيلم «الصف» للوران كانتيه سنة 2008. نعم كان هناك أفضل منه لكنه على الأقل انتمى إلى طبيعة عمل بن كمخرج.

فقط روبرت دي نيرو منح السعفة لمن استحقها فعلاً عندما ذهبت إلى ترنس مالك عن «شجرة الحياة» سنة 2011. هذا الفيلم هو الوحيد الذي ما زال ساطعاً إلى اليوم. لكن من المهم القول هنا إن اختيارات غير الأميركيين كانت صائبة عموماً: الأسترالية جين كامبيون بمنحها «نوم شتوي» لنوري بيلج شيلان ومواطنها جورج ميلر بمنح الجائزة إلى البريطاني كن لوتش عن فيلمه «أنا، دانيال بليك».

أخيراً، وخلال هذه الحقبة نال النمساوي ميشيل هانيكه سعفتين. الأولى عندما قادت الممثلة الفرنسية إيزابل أوبير لجنة التحكيم سنة 2009 ففاز فيلمه «الشريط الأبيض» والثانية عندما آل القرار إلى الإيطالي ناني موريتي فمنح هانيكه سعفته الثانية عن «حب» (2012).

ما بات واضحاً أن قرارات لجنة التحكيم، بصرف النظر عن قوّة وسداد رأي من يقودها، تصل عادة إلى أحكام إن أعجبتها قد لا تعجب النقاد وإذا ما أعجبت النقاد لم تعجب الجمهور. وما علينا إلا انتظار قرارات لجنة يقودها هذه المرة مخرج مكسيكي غير متنازل.

 

الشرق الأوسط في

24.05.2019

 
 
 
 
 

كانّ ٧٢ - “مكتوب، حبّي: انتزمزو”: كشيش نحّات في جسد البنات

كانّ - هوفيك حبشيان

مجدداً، أضرم عبد اللطيف كشيش النار في كانّ (١٤ - ٢٥ الجاري). بعد ست سنوات من "حياة أديل" (نال عنه "السعفة")، يعود إلى المهرجان بـ"انترميزّو"، تتمة الجزء الأول من ملحمته "مكتوب، حبي"، التي شاهدناها في البندقية قبل نحو سنتين.

خرج السينمائي الفرنسي التونسي الأصل من صالة المونتاج ووصل إلى كانّ، ليقدّم فيلمه، كما عهدناه، بلا جنريكي البداية والنهاية. وضعنا مرةً أخرى أمام "ورك إن بروغرس" لم ينته العمل عليه بعد، لحظة سينمائية نعرف أين تبدأ لكننا نجهل أين تنتهي، من دون عنوان ولا أسماء الممثّلين وفريق التصوير. فقط مَشاهد سينما خالصة خرجت للتو من المصنع، سلّمنا اياها ومضى. صور متدفقة، بحالتها الأصلية، كانت قبل أيام بين أيادي الساحر، على رغم انها التُقطت قبل أكثر من ثلاث سنوات. من ثلاث ساعات وثمانٍ وأربعين دقيقة، اختصر كشيش فيلمه إلى ثلاث ساعات وثمانٍ وعشرين دقيقة. اقتطع من الفيلم مشاهد عدة، لكنه سيعيدها في أول فرصة، وفور انتهاء "دوشة" كانّ.

مع فيلمه هذا، يواصل كشيش مشروعه الراديكالي (الذي يزداد راديكاليةً)، في اقتناص لحظات من زمن ضاع وذهب أدراج الرياح لمَن عاشه، زمن لا نملك كلّ صوره وكلّ أحاسيسه في المخيلة الجمعية. الزمن المقصود هنا، هو منتصف التسعينات، أي قبل ربع قرن تماماً، يوم كان كشيش في الثلاثينات. زمن اللامبالاة والخفّة. زمن بلا توتر، بلا عنصرية، بلا أفكار مسبقة. كلّ شيء كان أكثر عفويةً قياساً باليوم. ألهذا الحدّ تغيرنا؟

يعود الفيلم بنا إلى مدينة سيت الساحلية الباهرة، حيث تلك الشلّة من الفتيان والبنات الرائعي الجمال، الذين تعرفنا إليهم في "مكتوب". كشيش يلتقط هذه العفوية في سلوكهم اليومي، المجال الذي لا يوجد له منافس لا في الأمس ولا اليوم. يتابع النحت في أجسادهم، وخصوصاً أجساد البنات، من أوفيلي وكاميليا وشارلوت فسيلين وغيرهن.

الجزء الأول من "مكتوب" كان يبدأ في آب ١٩٩٤، أما "انترمزّو" فينطلق في أيلول من العام نفسه، أي أيام الصيف الأخيرة التي تجعل الكلّ يرغب في الإفادة منها إلى أقصى حد. مشهد تمهيدي من نصف ساعة يدور على الشاطئ يلخّص بعض الشيء أحداث الجزء الأول، نتعرف خلاله إلى شخصية جديدة: مراهقة شقراء بعينين زرقاوين (ماري برنار) تمضي عطلتها في سيت. أنها وافدة جديدة إلى هذه البيئة. تحمل براءتها إلى عالم كشيش الذي يتكفّل الباقي. ما إن ينتهي هذا التمهيد، حتى يزج بنا الفيلم في المكان الذي لن نخرج منه إلا في الدقائق الخمس الأخيرة: ملهى ليلي، حيث الأزرق أكثر الألوان دفئاً.

طوال ثلاث ساعات، لن يكف الفيلم عن التجوّل في بضع أمتار مربعة. يشق طريقه بين أحاديث الشخصيات الجانبية وأجسادهم المتمايلة على إيقاع الموسيقى الصاخبة وتحت الفلاشات الملونة. يصوّرهم، يلحّعليهم ذهاباً وإياباً، حتى الهلاك، حتى الأنفاس الأخيرة أو ما قبلها بقليل، عائداً، في كمية لا تُحصى من المرات، إلى المواقع التي شكّلت نقطة انطلاقة كلّ حركة كاميرا. هذا التكرار بصفته إصراراً، تعنّتاً، تراكماً، أشبه بضربات متتالية على وتر واحد، يهدف منها كشيش إلى خلق صدى في نفوسنا كأننا في حالة مغناطيسية. فالتكرار هنا يخرج بحصيلة مختلفة في كلّ مرة. لا يوجد مشهد عند كشيش كآخر، مع أن كلّ المشاهد متشابهة.

التلسكوباج الذي كان يقدّمه الفيلم المرة الماضية، من شواطئ سيت إلى مزارعها عبوراً بحاناتها الليلية ومطاعمها، انتقل هذه المرة إلى المرقص. كلّ شيء يبدأ وينتهي (هل ينتهي فعلاً؟) في هذا المكان الذي كان ولا يزال "هاجساً تصويرياً" عند بعض السينمائيين، من مايكل مان إلى غاسبار نويه. حبّ وجنس وأحلام وعواطف وخيبات وغيرة وصداقات، هذا كله يتعانق ويتداخل وينصهر على إيقاع الموسيقى التي لا تصمت الا لتعود مجدداً. هناك الشباب الذين يحاولون استدراج الفتيات اليهن. وهناك الفتيات اللواتي يستسلمن. بين هذا وذاك... كشيش وما يفعله بهم!

في النهاية، ليس "انترمزّو" سوى فيلم عن الرغبة. رغبة تجد التجسيد الغرائزي الأبهى لها في الليل وحفيف الأجساد المعرقة بعضها على بعض وفي جنس فموي صريح داخل الحمّام. تتأخر كاميرا مدير التصوير ماركو غرازيابلينا على أجساد الشخصيات النسائية صعوداً وهبوطاً، مراراً وتكراراً، لمئات المرات، وخصوصاً لإلتقاط أرداف الفتيات الجميلة وأشكالهن المكوّرة، من دون أن يسقط في السوقية في أيّ لحظة من اللحظات.

في حين أن معظم السينمائيين يصوّرون ما له معنى وهدف، كشيش يتأخر على الشيء ويكرره تكرار المهووس، بغية إعطائه معنى، ولاستخراج ما لا يُمكن رؤيته بنظرة سريعة خاطفة. الحياة بكامل بهائها تسلّم نفسها على الشاشة، بحالتها الصافية.

كشيش يقدّم سينما مشبّعة بالتفاصيل، ولا يزال مخلصاً لأنماط العمل التي صنعته: التمهيد المستفيض، إطالة الزمن، البنية السردية، الحوارات، المناخ الذي يتشكّل ببطء. هذه كلها "خدع" كشيشية لبثّ الإحساس بالزمان والمكان.

"انترمزّو" تأكيد جديد ان كشيش سينمائي الرغبة والشهوة. طريقته في التعبير عنهما بعيدة سنوات ضوئية عن طريقة أي سينمائي آخر؛ فهو ينتقل من لحظة رقة إلى أخرى فيها الكثير من العنف. التجربة برمتها في "انترمزّو" قاسية للمُشاهد، إذ يأخده رهينة، حرفياً! ولكن، في المقابل، القول أنه لا يروي شيئاً، هو تحامل على السينما كلغة وجمالية واحساس.

الرغبة التي يصوّرها في حالاتها المتعددة: باطنية، مهذّبة، مكبوتة، كما حال أمين (شاهين بومدين)، بطلنا السلبي الذي يراقب من دون أن يمدّيده إلى المائدة (ألتغر أيغو المخرج). أو رغبة صريحة ومعلنة، كما حال باقي الشخصيات. أنه سينمائي الجسد كذلك، هذا الجسد الذي بات مجرد رؤيته والحديث عنه وتصويره موضوع اعتراض عند بعض الأغبياء في الغرب، وخصوصاً إذا كان مرتكب "الجريمة" ذكراً. أخيراً، يبقى كشيش سينمائي الزمن وكيفية استعادته وتجميده. وما محاولة إطالته للزمن سوى رغبة في البقاء فيه أطول فترة ممكنة. كأنه يمسك بالليل ولا يريده أن يمضي.

 

النهار اللنانية في

24.05.2019

 
 
 
 
 

لم أتحرش بالنساء.. هن اللاتى تحرشن بى!

طارق الشناوي

اختلطت الأحزان بفرحة التكريم، عندما قال آلان ديلون إنه يراه تأبينًا فى حياته، وأصر على أن ابنته أنوشكا هى التى تمنحه السعفة التذكارية، كانت دموع الابنة مع أبيها هى العنوان.

هناك من أرادوا حرمانه من تلك الذروة المستحقة، التى يشعر فيها أن ما قدمه طوال رحلته لم يذهب هباءً، وأن هناك من يعنيهم أن يقولوا له شكرًا جزيلًا.

هم يريدونه أن يدفع ثمن آراء له فى الحياة سواء على المستوى الاجتماعى أو السياسى، المعركة بدأت كالعادة هادئة، وذلك قبل نحو شهرين عندما أعلن المسؤول الفنى عن المهرجان تييرى فريمو تكريم نجم فرنسا الأول بتلك السعفة، التى تعوّد المهرجان أن يمنحها لفنان عالمى كبير، فهى أشبه بإنجاز العمر، ومع قوة (السوشيال ميديا) التى تسمح بالتعبير بكثافة عن الرضا أو الرفض، بضع مئات يرفضون تتويج مشواره بسعفة (كان)، ولا يجدون أن رحلة فنية تجاوزت 60 عاما تستحق، بحجة أن له آراء معادية للمرأة والمثليين، وأنه يتبنى أفكارًا سياسية شديدة الرجعية واليمينية، خاصة المتعلقة بالمهاجرين.

ومع الزمن، ارتفع عدد الغاضبين إلى ما يزيد على 25 ألفًا، ومن الممكن مع الأيام أن الرقم الذى يسبق ثلاثة أصفار قد تصل إلى ستة أصفار، وظلت إدارة المهرجان متمسكة بموقفها، فهى تنحاز للفنان، ولديها أسبابها طبعا فى هذا التكريم، والذى يدركه كل من شاهد أفلام هذا الفنان الكبير.

فى العادة، فإن مشاعر الغضب تدفع الإنسان لإعلانها، بينما الرضا فى كثير من الأحيان يرتدى ملابس الصمت.. كانت هناك تهديدات تصل إلى رفع لافتات تحيط بقصر المهرجان لمنع تكريم نجم أسطورى حفر بداخلهم مساحات من الحب لا تمحى، إلا أن المهرجان لو تراجع فى هذه الحالة سيفقد الكثير من مصداقيته، المسافة الشائكة بين الفنان والإنسان كانت وستظل مؤثرة على صانع القرار، خاصة أن الوسائط الحديثة ساهمت فى زيادة مساحات التعبير عن الرأى.. وفى ثوان، تتكون مجموعات مؤيدة أو رافضة من الممكن أن تؤثر على توجه القرار.

من أشهر من تعرضوا عبر التاريخ للغضب المخرج العالمى إيليا كازان عندما تجاوز التسعين من عمره وأرادوا منحه (الأوسكار) الشرفية فى مطلع الألفية الثالثة، قوبل هذا القرار بعبارات استهجان، لأنهم لم يضعوا خطًا فاصلًا بين الفنان والإنسان.. «إيليا» المخرج لم يشفع له أنه قدم (شرق عدن) و(فيفا ظاباطا) و(عربة اسمها الرغبة).. وغيرها، لأنه كان يشى بزملائه فى هوليوود أعقاب الحرب العالمية الثانية، ويتهمهم بأن لديهم ميولا شيوعية، فيما عرف وقتها بـ(المكارثية) نسبة إلى السيناتور الأمريكى جوزيف مكارثى، وكانت الميول- وهى طبعا من الصعب الحكم عليها- تكفى للإدانة.. لقد مارسوا عليه ضغوطا لكى يبوح بأسماء زملائه، وعندما تناثرت تلك الأخبار لم ينكر، بل واصل اللعبة حتى نهايتها، ودافع عن موقفه. كانت توصف أى توجهات تتعارض سياسيا مع الولايات المتحدة الأمريكية بأن أصحابها من جبهة الأعداء.. ومع سقوط الاتهام (المكارثى) فى الستينيات، ظل الاتهام عالقا بعدد من فنانى (هوليوود) الذين لعبوا دور الوشاة على زملائهم.

فى العالم كله يحدث تماس فى دائرتى الفنان والإنسان، وهو ما يمكن أن تجد له مردودا مماثلا عندما قرر مهرجان القاهرة السينمائى العام الماضى تكريم المخرج الفرنسى (ليلوش)، ثم تراجع عندما بدأت مساحات الغضب تعلن عن نفسها بين عدد من المثقفين، ولم يشأ حفظى رئيس المهرجان أن يسرقوا الكاميرا بعيدا عن الأفلام والتكريمات والندوات الأخرى فتراجع فى لحظات.

بينما ما حدث فى (كان) أن إدارة المهرجان تمسكت حتى لا يفقد المهرجان مصداقيته، كان التكريم له مذاقه الإنسانى، وانسحبت كل مشاعر الرفض أمام صدق الحب.. نكتشف أنها لم تكن المرة الأولى التى يرشح فيها لنيل تلك الجائزة، سبق أن اعتذر عنها من قبل قائلا إن المخرجين الذين عمل معهم هم أولى بالتكريم منه، ولكن تييرى فريمو قال له إن أغلب المخرجين الذين عمل معهم قد رحلوا، وقبولك للتكريم يحمل فى عمقه حفاوة بهم، ووجدها فرصة لكى يقول لهم هو أيضا شكرًا، وتعددت بعدها التفسيرات لكلماته التى هوجم بسببها، حيث قال إنه لم يعلن تأييده بأن يصفع الرجل زوجته، وأكد أنه تلقى منها صفعات أكثر، كما أنه لم يتحرش طوال حياته بأى امرأة بل هو الذى تعرض كثيرا للتحرش، ولم ينتقد المثليين جنسيا، فهم أحرار، ولكنه رفض أن ينجبوا أطفالًا أو يتبنوا أطفالًا.

المهرجان انتصر فى النهاية، تكريم الفنان هو القضية، بينما المواقف الإنسانية للفنان بطبعها كانت وستظل القنبلة التى يتم تفجيرها بين الحين والآخر.

tarekelshinnawi@yahoo.com

 

المصري اليوم في

24.05.2019

 
 
 
 
 

غرباء في «كان».. 8 دول غير متوقعة تنافس في المهرجان

هذا العام، نافست بعض الدول التي لم نلاحظها من قبل في المهرجان، وكان لإفريقيا حضور واضح، ومنها بعض الدول العربية، مثل المغرب والجزائر، وإن غابت مصر عن المنافسة هذا العام

تحرير:حليمة الشرباصي

عوّدنا مهرجان كان السينمائي على اهتمامه بتمثيل كل الدول سينمائيا، سواء كانت من العالم الأول أو الثالث، فلا يوجد أي اعتبار لمدى غنى أو فقر الدولة، المهم هنا هو المحتوى السينمائي الذي تقدمه، ولنفس السبب لم نعد نفاجأ عندما يفوز فيلم غير متوقع، فالعام الماضي فازت اليابان بالسعفة الذهبية عن فيلم Shoplifters. وهذا العام سارت لجنة تحكيم كان على نفس النهج، إذ سمحت بمشاركة دول كثيرة قد لا يعرف الجمهور أنها تمتلك سينما قوية، من بينها دول في إفريقيا وأخرى في أوروبا، فهل تصبح إحداها الحصان الأسود الذي يفوز بالسعفة الذهبية؟

نستعرض هنا بعض المشاركات النادرة للدول في كان 2019.

1- نيجيريا 

تشارك نيجيريا هذا العام بفيلم 2 Weeks in Lagos الذي يدور في إطار رومانسي، ويتطرق لعادات وتقاليد نيجيريا اليومية، وتشارك فيه مجموعة من أكبر نجوم نيجيريا، منهم جوك سيلفا، وشافي بيلو.

2- السنغال

دخلت المخرجة السنغالية الفرنسية ماتي ديوب، التاريخ من أوسع أبوابه بمنافستها على السعفة الذهبية في مهرجان كان هذا العام بفيلم Atlantics، وتدور أحداث الفيلم حول مهاجرين من السنغال هجرة غير شرعية على متن مركب، ما أسفر عن مقتل وضياع الكثير من المسافرين، وعلى إحداهن أن تجد حبيبها الذي افترقت عنه في محاولاتها النجاة.

3- الجزائر

تدور أحداث فيلم Papicha الذي تشارك به الجزائر في فترة التسعينيات، حول فتاة جامعية تدعم حقوق المرأة وتهتم بالموضة وعروض الأزياء، وهو من إخراج المخرجة مونيا ميدور.

تلقى الفيلم مديحًا من لجنة تحكيم كان بسبب تركيزه على جوانب غير معروفة في إفريقيا، نسيها الناس.

وتشارك الجزائر بفيلم آخر وهو Abou Leila، الذي تدور أحداثه عام 1994، خلال الهجمات التي كانت تجتاح الجزائر.

4- رومانيا

تدور أحداث فيلم The Whistlers حول رجل شرطة يحاول تهريب رجل أعمال محتال من سجن في لاجوميرا بإسبانيا، لكن عليه أولا أن يتعلم لغة المنطقة ويدرس خطة تهريبه.

5- كوريا الجنوبية

تشارك كوريا الجنوبية بفيلم Parasite أو طفيلي، الذي تدور أحداثه حول عائلة من العاطلين عن العمل، يحبون الحدائق ولديهم جميعًا ولع غريب بها، إلا أنهم يفاجؤون في أحد الأيام بحادثة تغير حياتهم.

6- المغرب

من جديد تعلن المخرجات الإفريقيات عن قدرتهن على المنافسة، وهذه المرة من خلال فيلم Adam الذي تخرجه مريم توزاني، وتدور أحداثه حول أم عزباء وفتاة حامل تجمعهما الصدف وتدور بينهما مغامرة خيالية.
يتطرق الفيلم للوصمة الاجتماعية التي تلاحق الفتيات اللاتي يحملن خارج إطار الزواج، والتقاليد والعادات العربية.
وتشارك المغرب بفيلم آخر هو The Unknown Saint
، وتدور أحداثه حول لص تطارده الشرطة، يحفر حفرة ويدفن فيها كنزه قبل أن تلقي الشرطة القبض عليه، وعندما يخرج من السجن يعود لمكان الكنز إلا أنه يفاجأ بمدفن أحد الشيوخ بُني عليه، وأهل القرية جميعهم يتباركون بالقبر، فلا يدرك ما العمل؟

7- فلسطين

تشارك فلسطين بفيلم It Must Be Heaven لأول مرة، وتدور أحداث الفيلم الكوميدي حول رحلات المخرج إيليا سليمان إلى بلدان مختلفة، واكتشافه وجود تشابهات غريبة بينها وبين فلسطين.

8- بلجيكا

أثار الفيلم البلجيكي Young Ahmed حالة جدل واسعة، بسبب قصته الشائكة، إذ تدور أحداثه حول طالب (مراهق) في المدرسة يتبنى أفكارا متطرفة تدفعه للتفكير في قتل معلمه، بسبب تفسير الأخير الخاطئ لبعض آيات القرآن، ومهاجمته الدين الإسلامي.

 

####

رغم الحظر.. نتفليكس حاضرة في مهرجان كان

تحرير:حليمة الشرباصي

قبل انطلاق فعاليات مهرجان كان السينمائي في دورته الـ72، أعلن القائمون عليه أن شبكة نتفليكس للبث الإلكتروني لن تكون حاضرة هذا العام للعام الثاني على التوالي، وهو ما أثار أزمة جديدة بين نتفليكس وكان، بسبب استمرار الأخير في حظر أعمالها من الوجود في واحد من أكثر المهرجانات السينمائية عَراقة دون وجه حق، في حين كان رد إدارة «كان» أن أفلام نتفليكس لا تستوفى معايير المنافسة داعمةً رفضها بالأدلة. المثير للدهشة أنه رغم هذا الرفض، فإن نتفليكس ما زالت موجودة بشكل واضح في الكواليس، بحسب موقع Livemint الأمريكي.

وتمثّل وجود «كان» في عمل كبار نجوم هوليوود المشاركين في كان في نتفليكس أيضًا، بما في ذلك رئيس لجنة تحكيم كان ذاته، أليخاندرو جونزاليس، فضلا عن مندوبين عن نتفليكس مسؤوليتهم شراء حقوق ملكية عرض بعض الأفلام التي تشارك في كان، رغم أنهم حتى الآن لم يعلنوا عن شراء أي فيلم.

وحاول "جونزاليس" أن يشفع لـ"كان" نظرًا لمكانته كرئيس لجنة التحكيم، فصرح بأن هناك كثيرين من المهتمين بالسينما يرغبون في إنهاء الحرب الباردة بين نتفليكس وكان، فالأولى تقدم أعمالا فنية جيدة مؤخرًا، وربما من الأفضل منحها فرصة.

ورأى المنتج الأمريكي كاسيان إلويس، أن وجود أفلام نتفليكس في "كان" قد يفيد صناعة السينما، نظرًا لأن معظم الأفلام التي تعرض في كان لا يعرفها الجمهور الأمريكي ولم يسمع عن صُناعها، ومن ثم قد تفيد "كان" مشاركة نتفليكس بأفلامها التجارية.

 

التحرير المصرية في

24.05.2019

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004