كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

الجندى كان يعرف الموعد؟!

طارق الشناوي

رحيل الفنان

محمود الجندي

   
 
 
 
 
 
 

آخر مرة شاهدت فيها محمود الجندى وتبادلنا وقتها حوارًا سريعًا كانت قبل عام وبضعة أشهر، في ورشة يديرها المخرج على بدرخان، زميله القديم في معهد السينما، حيث كانت الدفعة التي تضم بين رفقاء المشوار خيرى بشارة وداوود عبدالسيد، تحتفل باليوبيل الذهبى 50 عامًا على التخرج، الجندى خريج قسم تمثيل في معهد السينما، رأيته ممسكًا بالميكروفون ويغنى في حالة من البشاشة والألق والبهجة كانت قد غادرته في السنوات الأخيرة، أما آخر مرة رأيته على خشبة المسرح فكانت على المسرح القومى قبل أقل من عام، يؤدى مع نبيل الحلفاوى بطولة مسرحية لينين الرملى (اضحك لما تموت).

لدى قناعة أن لا أحد يغادر الدنيا إلا وهناك إشارة قد جاءت إليه تخبره بضرورة الاستعداد للرحيل، وتتعدد النداءات حتى نصل للأخير وبعدها ستقلع الطائرة حتما، سواء استجبت أم لا.

عندما تعجز عن فك الشفرة، فإن هذا لا ينفى وجودها، وأظن أن محمود الجندى قد قرأها قبل سنوات، حتى إنه وعلى غير عادته أعلن لأول مرة غضبه من الوسط الفنى وقرر الاعتزال عندما وجد أنهم لا يحترمون تاريخه لا في كتابة اسمه على (التترات) ولا في (البوستر) المصاحب للعمل الفنى، ولا حتى في الأجر الذي يتقاضاه، كانت لديه قناعة أن النجوم الذين يتقاضون الملايين يتم تحقيق كل شروطهم الأدبية، لأنهم الأعلى سعرًا، وهكذا اختلط الأمر في الحياة الفنية بين القيمة المادية والأدبية.

أظنه بقرار الاعتزال كان يشعر بأن عليه أن يثير لديهم الشغف والاهتمام، ليضعوه في مكانة أدبية تليق بتاريخه الفنى، وكأنه بصدد (جردة) علنية، من المؤكد لم يكن جادًا في هذا القرار، بدليل أنه ظل في الميدان حتى النَفَس الأخير، موقنًا أنه في طريقه للمحطة الأخيرة.

الجندى هو واحد من أصحاب الرصيد الأكبر تليفزيونيًا، ومنذ (الشهد والدموع) في مطلع الثمانينيات لأسامة أنور عكاشة وإسماعيل عبدالحافظ وهناك حالة من التوافق الإيجابى والكيميائية بينه وبين الدراما التليفزيونية، حنين الجمهور إليه يتصاعد، فهو صاحب الطلة الخاصة.

إمكانيات محمود الجندى كان يعوزها المناخ الفنى الملائم، إنه المسرح الغنائى، فهو صاحب قدرة على الأداء الغنائى الممزوج بالدراما، كما أنه يتمتع بلياقة بدنية فائقة تؤهله للتعبير الجسدى، إنه زمن العشرينيات من القرن الماضى في شارع عماد الدين، في عز تألق هذا اللون من المسرح، ورغم ذلك فإنه تأقلم بسرعة مع المتاح، أتصور أن الجندى وهو طفل بدأ مغنيًا، فهو صاحب إذن موسيقية متميزة، قبل أن يكتشف قدراته الأدائية، إنه من جيل أحمد زكى ونور الشريف ومحمود عبدالعزيز، إلا أنه ليس نجما للشباك، إنه الممثل الذي يترك دائمًا أثرًا لا يُمحى في الوجدان.

جرّب حظه في الإنتاج السينمائى بفيلم (المرشد) واحتل مساحة متميزة على الشاشة وفى (الأفيش)، ولا أتصورها تجربة ناجحة ماديًا أو أدبيًا، الفيلم إخراج وتأليف إبراهيم الموجى ووقف فيه مع أقرب صديقين له، شريهان وفاروق الفيشاوى، وشهد الفيلم قبل 30 عامًا أول ظهور لأحمد الفيشاوى طفلًا، فهو يعتبره ابنه الرابع.

نعم، استمع للنداء الأخير ورسم كل التفاصيل، الجنازة في مسقط رأسه مركز أبوالمطامير بمحافظة البحيرة وعشاقه سوف يذهبون إليه، واختار أيضًا المجمع الإسلامى في الشيخ زايد للعزاء. الخميس الماضى بدأ حياة أخرى سيعيشها معنا مجددًا عبر شاشات الفضائيات.

 

المصري اليوم المصرية في

13.04.2019

 
 
 
 
 

"ابن الوزّ عوّام"... تعرّف إلى نجل الراحل محمود الجندي

محمود إبراهيم - المصدر: "النهار"

تصدّر اسم الفنان #محمود_الجندي كل وسائل الإعلام، منذ إعلان خبر رحيله... وإذا كان الجندي قد رحل، فإن أعماله ستظلّ، وبقي أيضاً ابنه أحمد الجندي الذي يعمل مخرجاً.

"النهار" ترصد بعض المعلومات عن نجل محمود الجندي...

هو أحمد محمود الجندي، مخرج مصري من مواليد 15 كانون الثاني العام 1980. أحبَّ الفنّ عن طريق والده، والتحق بمعهد السينما لدراسة الإخراج، وبدأ حياته العملية مساعد مخرجٍ في عدد من الأعمال منها "أفريكانو، "ظرف طارق"، "واحد من الناس"، ثم مخرجاً لعديد من الأعمال الكوميدية، منها: "حوش اللي وقع منك"، "طير أنت"، "الكبير أوي"، "لا تراجع ولا استسلام"، "نيللي وشريهان"، "يوم مالوش لازمة"، "بنك الحظ"، "الكويسين"، وسيُخرِج في رمضان مسلسل "الواد سيد الشحات" لأحمد فهمي وهنا الزاهد.

كما مثّل أحمد الجندي في 3 أعمال هي "ليه خلتني أحبك"، "حرامية في كي جي 2"، "واحد من الناس"، كما اتّجه للتأليف في فيلم "طير إنت"، وكان صاحب فكرة فيلمَي "لا تراجع ولا استسلام" و"سيما علي بابا".

 

النهار اللبنانية في

13.04.2019

 
 
 
 
 

محمود الجندي.. “معاوية” الباحث عن الله

رباب طلعت

في أكرم من أن ربنا لما يحب عبد يبتليه بحاجة تقربه منه؟

تلك الكلمات لخصت بها الفنانة عبلة كامل “جليلة” حياة الفنان الراحل محمود الجندي “الشيخ معاوية” في حوار مؤثر جمعهما في أحد مشاهد رائعتهما “حديث الصباح والمساء”، وكأنها النبوءة التي أخبرته بها واصفة له ما سيحدث معه، ليعيده من غيبات الإلحاد لنور الله مرة أخرى.

كثير من الفروقات بين حياة “الشيخ معاوية” العابد الزاهد، زوج “جليلة” الذي يرفض ما تقوم به من أعمال شعوذة بإيمانها بأنها “ممسوسة” من جن يخبرها بكل أحوال العباد، وبين محمود الجندي الفنان الذي ألحد وعاد فاختفى ثم اختار الاعتدال، ولكن تلك الفروق تذيبها ما وصفته له جليلة، بأنه “الابتلاء الذي يقربه من الله”، فمعاوية قربه الله له بالسجن، لقوله شهادة حق، و”الجندي” قربه الله له بحريق خطف منه زوجته ليعود له من الضلال.

فمحمود الجندي، الفنان الكبير، صاحب الوجه الطيب، والزي الأبيض، المقارب لملابس المتصوفين، ولحيته الخفيفة، وابتسامته المريحة، قد ظل متأرجحًا في حياته، ما بين القرب والبعد عن الإيمان، ما بين البحث عن الذات والبحث عن الله.

فعن قصة إلحاده حكى للإعلامي عمرو الليثي، في “واحد من الناس” على قناة “الحياة”، أنه تعرض لصدمتين كبيرتين في حياته، الأولى وفاة صديقه محمود متولي، حيث كان معه قبل وفاته بدقائق، وصعد منزله وتوفي على الحال، ثم وفاة زوجته في حريق منزله، ما وضعه في صدمة حول حقيقة الحياة فهي ليست مستمرة، فهناك لحظة تأتي على الإنسان يصبح فيها غير موجود، متسائلًا: “طب إنت ماشي صح ولا غلط”.

وعن المرحلة ما قبل تلك اللحظة، قال إنه كان مقصر، فلم يكن يفكر في الزكاة وغيرها من الفرائض، ولكنه كان يصلي الصلوات الظاهرية، مثل صلاة الجمعة، ولم يكن متدينًا وقتها، مؤكدًا أنه كان في نفس التوقيت يمر بفترة “البحث عن الذات”، وأصابه الغرور كبعض الشباب، فكان يفكر في أن كل ذلك النجاح الذي وصل له بمجهوده، خاصة أنه كان حزينًا بسبب أن البلد لم تعوضه بعد خروجه من الحرب، ولم يقف أحد بجواره، فلحظة الغرور تلك وجهته لمناطق مختلفة في التفكير، منها الأفكار المتعلقة بوجود الله، معلقًا: “غصت قوي مع الناس دول”.

أكد أن الخطاب الديني، في فترة ما بعد حرب أكتوبر، كان هناك قصور في الخطاب الديني، حيث ترك الناس تربط بين الظواهر العلمية والبحث في القرآن هل هي موجودة أم لا، بالرغم أن العلم متغير، وطبيعي أن تثبت تلك النظريات خطأها وبالتالي التشكيك في القرآن، ومنه قلة الإيمان، واصفًا تلك الفترة بأنها فترة “تمرد وغرور فكري”، مؤكدًا أن مكتبته كانت مليئة بكتب الإلحاد، وكان منغمسًا في مناقشات مع الملحدين.

وعن عودته من ذلك الطريق، قال إنه يوم حدوث الحريق في منزله، وجد مكتبته تشتعل، والتي كان يحتفظ فيها بكل ما كتب عنه في الصحافة وعن أعماله وغيرها، بجانب كتب الإلحاد، وكانت أرفف تلك الكتب هي الأشد اشتعالًا، فحدث أن شعر بإشارة في عقله وصفها بأنها كاشتعال الكهرباء في عقله، أخبرته بأن ينظر لاشتعال تلك الكتب، وظلت تراوده أثناء إطفائه للحريق، وأصبح يردد: “يا رب أنا راضي باللي بيحصل لأني كنت ماشي غلط”، واصفًا تلك اللحظة بـ”لحظة التنوير في حياته”، لافتًا إلى أنه بدأ التفكير: “أنا ماشي صح ولا غلط”، بعد تلك اللحظة وانتهاء عزاء زوجته الأولى التي راحت ضحية لذلك الحريق.

في تلك الفترة قرر “الجندي” الابتعاد عن التمثيل، حيث كانت تراوده العديد من الأفكار حول مشروعية الفن من عدمه، إلى أن قابل بعض المتفتحين والمتعمقين في الدين أكثر منه، ومنهم الحبيب علي الجفري، فلقد تعلم على يديه أنه يحاسب على نيته “أنت جاي تعمل إيه”، موجهًا إياه أن يظل في الفن، لكي يقدم أدوارًا بها رسالة اجتماعية، ويؤدي فرائضه في أماكن التصوير كتذكرة لفريق العمل بها، فأقنعه بالعودة للتمثيل.

ذكر مع الإعلامي وائل الإبراشي، في برنامجه “العاشرة مساءً” على قناة “دريم”، أنه كان قد نشأ في أسرة متدينة في أبو المطامير بالبحيرة، حيث كان يجب إرسال الأطفال إلى “الكُتاب” لحفظ القرآن، وكان لديه صديقًا مسيحيًا، يذهب إلى الكنيسة كل يوم أحد، وكانوا يعلمونه بالموسيقى والأغاني فكان يسأل نفسه: “ليه احنا مش بنتعلم في الكتاب كده”، فقال لوالده أنه لا يريد الذهاب إلى “الكُتاب”، بل يريد الذهاب لمدارس “الأحد”، لأن كان هناك فرق كبير بينهما، فالشيخ يعلم بالعصى ولكن القس كان يعلم بالموسيقى، فتحدث والده مع قس الكنيسة، ووافق وقال لوالد “الجندي”، إنه بعد فترة سيشعر بغربة وسيطلب عدم استكمال دراسته في الكنيسة، موضحًا أنه لم يعد يذهب لها بعد ذهابه للمدرسة.

قال إنه كان أيام الامتحانات كان يصلي، لكي يوفقه الله في دراسته، ولكنه لم يكن يصلي بانتظام، إلى أن تعرض لحريق منزله ووفاة زوجته، وكانت تلك رسالة من الله، مؤكدًا أن كل حادث في حياة الإنسان رسالة ولكن يجب أن يتعلم قراءتها بصورة صحيحة، فلا شيء يحدث صدفة، الكون يمشي منظم بثوابت، وهو مؤمن بذلك، ويرتاح لتلك النوعية من التفكير.

قال إن بعد تلك الحادثة لم يكن يعلم كيف يعود إلى الله، فقد ترك الالتزام فترة طويلة، منذ أن ترك أبو المطامير، فتحدث مع شقيقه الاًصغر والذي وصفه بأنه “الأعلم” منه، حيث يقرأ كثيرًا عنه، فأخبره أنه سيصطحبه في رحلة صغيرة، وكانت رحلة عمرة، وصفها “الجندي” بأنه كان يشعر أنه طفل تائه من أهله ووجدهم، حيث وجد نفسه وسط المعتمرين، فشعر معهم، ومع شعائر العمرة، من طواف وسعي وغيرها، وجد ضالته، ونفسه، وعاد للطريق المستقيم.

وعن ارتدائه “الجلابية”، قال إن ذلك حدث خلال العمرة، فأحد المعتمرين قال له: “هتفضل كده بجلابية وبنطلون؟ هاتلك جلابية عشان تبقى مرتاح”، فارتداها بعدها لعدة سنوات، لأنه عندما عاد من العمرة شعر براحة بها، واصفًا إياها: “كنت حاسس وأنا لابسها بأني مالك نفسي أنا حر جواها”، مؤكدًا أنه خلعها وعاد للملابس العصرية بسبب ما أشيع عنه أنه “انحرف وسلك طريق التزمت الديني”، لكي لا يسيء للدين، ويجعل الناس يذكرونه بالسوء بسبب ذلك الزي، لافتًا إلى منع التلفزيون المصري لظهوره إعلاميًا على قنواته في تلك الفترة، بسبب شائعات تزمته.

أما عن شائعة أنه شيعي، أوضح في “حفلة 11″، على “ON E”، مع سمر يسري، أن ذلك حدث بعد زيارته للعراق، وارتدائه لملابس الجيش وأوضح أنه في الأساس سافر إلى العراق لمهرجان السينما هناك، وذهب لموقع استشهد به الكثير من العراقيين، وكانت “مجزرة”، فارتدى الملابس العسكرية العراقية، ليكون قريبًا من روح المكان ولم يسأل إذا كان تابعًا للحشد الشعبي أم لا، لأنه لم يهتم بذلك، هو فقط كان يريد مساندة الشعب في مصابه.

وأكد أنه يحب الوسطية، ولم يكن يومًا صوفيًا، فهم لهم طقوسهم الخاصة، فالصوفي، يعيش مع الله طول الوقت، ويزهد الدنيا، وهو لم يفعل ذلك، فهو ليس صوفيًا، كما قيل عنه، ولكنه أكد في مداخلة هاتفية مع برنامج “صح النوم” على قناة ltc، إنه يعشق آل البيت، واختار الاعتدال في التصوف.

 

موقع "إعلام.أورغ" في

13.04.2019

 
 
 
 
 

بالفيديو| محمود الجندي "الغائب الحاضر" بعد وفاته

كتب: نرمين عفيفي

كان مقلا في الظهور بوسائل الإعلام المختلفة، وخصوصا بعد قراره بالابتعاد عن الوسط الفني، وقلة أدواره على شاشات السينما والدراما، ولكنه كان لديه رصيد كبير لدى زملائه ولدى محبيه وجمهوره، جعل الحزن يخيم على ساحات الوسط الفني وبين فناني وفنانات الوسط الفني، وبين محبي وجماهير العمال الدرامية والسينمائية، وجعلنا نشاهد جنازة مهيبة يوم رحيله، وجعل كافة وسائل الإعلام تستحضر لقاءاته القديمة التي سجلتها معه.

وأصبح الفنان محمود الجندي الفترة الماضية ومنذ رحيله عن عالمنا يوم الخميس 11 أبريل الجاري، الغائب الحاضر بين الوسط الفني، وبين محبي ومتابعي الفن والفنانين.

وتكتسي مواقع التواصل الإجتماعي بالحزن على رحيله، ولا يمر يوما على برامج التوك شو إلا ويتم إستحضار لقاءا قديما له، كان آخرها الأمس، حينما عرضت قناة "MBC مصر" لقاء قديما له، قبل وفاته ببرنامج "الجمعة في مصر".

ورحل الفنان الكبير محمود الجندي، عن دنيانا الأربعاء الماضي ،عن عمر ناهز الـ74 عاما، تاركا لنا أرث كبير من الأعمال السينمائية والدرامية والمسرحية.

الجندي كان تزوج ثلاثة مرات، كان أبرزها زواجه من الفنانة عبلة كامل في شهر أكتوبر من عام 2003.

 

الوطن المصرية في

13.04.2019

 
 
 
 
 

رحلة محمود الجندي… فواصل في حياة فنان موهوب

كمال القاضي

لم يتوقف طموح محمود حسين الجندي، الفتى الريفي البسيط عند حصوله على دبلوم الثانوي الصناعي في قسم النسيج، لكنه تجاوز المرحلة التعليمية الصعبة في حياته، وخرج من عنق الزجاجة، لينفتح على عالم الإبداع والفن عبر البوابة الرسمية، فدخول المعهد العالي للسينما كان حُلماً بعيداً فصار حقيقة راهنة، وباتت المسافة بينه وبين الهدف قريبة، فعمد إلى السير في اتجاه الموهبة التي بدأت بهواية الغناء والموسيقى، كجواز مرور يسهل عليه مهمة البحث عن الفرصة المنتظرة.

يتخرج محمود الجندي في معهد السينما عام 1967 ويتأخر ظهوره الفني إلى ما بعد حرب 73، وتتحدد بدايته مع بداية مرحلة جديدة عنوانها الانتصار، ويظل يفتش عن المزيد من الفرص الفنية، فيعمل بدون تمييز أو دقة في الاختيارات، إلى أن يحين الوقت فيصبح على موعد مع المستقبل، إذ يقف مع فؤاد المهندس وشويكار وأمينة رزق على خشبة المسرح، ليقدم دوراً مهماً في مسرحية «إنها حقاً عائلة محترمة»، ويثبت جدارته كممثل يمكن الاعتماد عليه والاطمئنان لموهبته الصاعدة، ومن المسرح إلى التلفزيون تتنوع التجارب بتنوع الأدوار، فيلعب الجندي دوراً رومانسياً في مسلسل «أبنائي الأعزاء شكراً» أمام آثار الحكيم، ويقدم الرسالة الضمنية للدور، بأحقية الشاب الميكانيكي المكافح في الارتباط بفتاة جامعية، بدون النظر للفوارق الطبقية والعلمية، ويستفيد من العمل مع الفنان عبد المنعم مدبولي، كما استفاد من تجربته المسرحية مع فؤاد المهندس.

وبعد وقت قصير تكون الانطلاقة الثانية مع عادل إمام في مسلسل «دموع في عيون وقحة» فتُسلط علية الأضواء، ويبرز أداؤه التلقائي في دور مصطفى، شقيق جمعة الشوان، الولد الشقي المغامر، وفي مسلسل «عائلة الدوغري» يلعب محمود الجندي دوراً مشابهاً من حيث خفة الظل والحركة، فيجسد شخصية حسن، لاعب الكرة الناشئ، وكان الوجه الجديد الواعد محظوظاً إلى حد كبير بالعمل مع كبار الفنانين والنجوم، شفيق نور الدين ويوسف شعبان وعبد الحفيظ التطاوي وآخرين، أثروا فيه ونقلوا إليه خبراتهم فأثقلوا موهبته وساهموا في رسوخه كممثل يتمتع بموهبة وإحساس فارقين.

مرّ محمود الجندي بظروف قاسية أفضت به إلى حالة من الاكتئاب، فاعتزل العمل فترة طويلة غاب خلالها عن الأضواء وتملكه الحزن، لكنه عاد ليمارس نشاطه بمرجعية فكرية وإبداعية مختلفة.

وعلى أثر النجاح الذي تحقق له في المسرح والتلفزيون، قدرت السينما موهبة محمود الجندي فأسندت إليه أدواراً كان لها اعتبار بالغ في مسيرته الفنية، وجعلت لأدائه خصوصية ما، ففي فيلم «التوت والنبوت» المأخوذ عن قصة الكاتب نجيب محفوظ يقدم شخصية العربجي فيرمز إلى زمن الفتوات وممارسات البلطجة وقانون البقاء للأقوى، الذي يفرض نفسه على حياة الحرافيش فيجعل الظلم سمة العصر وعنواناً لأولئك الحفاة العراة البؤساء.

وفي أفلام مثل «قلب الليل، وناجي العلي، وشمس الزناتي، واللعب مع الكبار، وعصافير النيل، وساعة ونص، وكبارية والفرح:، تتواصل الرسائل ويتأكد انتماء الفنان للطبقات البسيطة بهمومها ومشكلاتها وخلفياتها الاجتماعية، فهو لم يحد عن منهجية النقد، ولم يتخل عن نبرته الواضحة في توجيه اللوم لأصحاب القرار، بحيثيات، ودلائل مرتكناً إلى ثقافة واسعة وإيمان مُطلق بدور السينما المهم في التثقيف والتنوير والتوعية، وهو ما يدل على عمق الرؤية وإدراك الأبعاد المختلفة لدور الفن والإبداع، ووظيفة الفنان كمشارك في العملية النهضوية والأخذ بيد الجمهور لاستبيان المسار الصحيح .

وليس مصادفة أن يحصل الفنان الراحل على جائزة أحسن ممثل دور ثان عن دورة في فيلم «ناجي العلي»، وهو الدور الأكثر جرأة في ما يتعلق بحدة النقد المباشر للأنظمة العربية إزاء تواطؤها المزري، وإهمالها للقضية الفلسطينية على حساب أصحاب الحق الأصليين، وهي الصرخة التي أطلقها الجندي مدوية في شجاعة متناهية متهماً الحُكام العرب بأنهم أول من باع القضية.

وبدواعي التقلبات العنيفة في حياته على المستويين الشخصي والفني، مرّ محمود الجندي بظروف قاسية أفضت به إلى حالة من الاكتئاب، فاعتزل العمل فترة طويلة غاب خلالها عن الأضواء وتملكه الحزن، لكنه عاد ليمارس نشاطه بمرجعية فكرية وإبداعية مختلفة، أنبأت بقدرته على تجاوز المحنة وامتلاك شجاعة المراجعة والمحاسبة ومحاولة إصلاح ما أفسده الدهر.

٭ كاتب من مصر

 

القدس العربي اللندنية في

16.04.2019

 
 
 
 
 

وداعاً.. «سلامة الطفشان»

عصـام عـطــية

»مانا أهو! مليش أهل.. لا تعرف لي أب ولا أم.. لكن كل اللي أعرفه إن اللي ملوش خير في أهله.. ملوش خير في حد».. وداعا سلامة الطفشان في شمس الزناتي.. وداعا أيها الفنان الجميل، يا من جئت من المطامير وذهبت إليها في جنازة مهيبة.. محمود الجندي رحل، لكن تاريخه الفني سيبقي ليتحدث عنه، مشواره مليء بالحودايت والحكايات والغناء.

لم يلعب دورا واحدا يشبه الآخر، بصمته التي تركها في كل دور بدءا من مواويله التي كان يلقيها في المسرحيات شابا، مرورا بتلعثم حروفه في »زيزينيا»، وصولاً إلي لزماته الكلامية التي يضيفها للشخصية وتصبح كالشعار مثل جملة »واخدلي بالك آخويا» التي كان يطعم بها حديثه في فيلم »الفرح»، أو جملة »ربنا يعدينا منها علي خير» التي كان ينهي بها معظم حواراته في مسلسله الأخير »رمضان كريم».
هو الشيخ معاوية في مسلسل »حديث الصباح والمساء»، الشناوي في مسلسل »زيزينيا»، حبشي في فيلم »الفرح»، كمال في مسلسل »الخواجة عبد القادر»، والكثير جدا من الأدوار التي لعبها »محمود الجندي» والتي ترك كل منها أثرا لم يزل رغم انقضاء السنين.

اشتهر الجندي بعديد من الأدوار المهمة سواء في السينما والمسرح والتليفزيون، ورغم أنه لم يكن الفتي الأول في هذه الأدوار، فإنه استطاع أن يجذب قلوب الجمهور بخفة دمه، والقبول الذي كان يتمتع به، ما جعل المنتجين والمخرجين يستعينون به في معظم الأعمال التي بلغت نحو 400 عمل متنوع، وهو رقم كبير للغاية، ويعبّر عن المكانة التي وصل إليها الفنان الراحل

قدم الجندي مسرحيات منها: »عنترة»، »مولود الملك معروف»، »شكسبير في العتبة»، »علشان خاطر عيونك»، »البرنسيسة»، »إنها حقا عائلة محترمة».

وقدّم في السينما أدواراً مهمة في أفلام ناجي العلي، »يوم مرّ ويوم حلو»، »شمس الزناتي» الذي اشتهر فيه بدور »طفشان» حبيب الأطفال، حيث كان أحد رجال شمس الزناتي الذي جسّده الفنان الكبير عادل إمام، وجسّد شخصية ضياء الناجي في »الحرافيش»، و»واحد من الناس» مع الفنان كريم عبدالعزيز

أما في المسلسلات، فكان في قمة تألقه في عديد من الأدوار التي لا تزال ترتبط بأذهان المشاهدين، مثل »زيزينيا»، »الشهد والدموع»، »دموع في عيون وقحة» وغيرها.

بدأ مشواره بأدوار صغيرة في عدد من المسلسلات والسهرات التليفزيونية والمسرحيات، إلي أن وقف في 1979 أمام فؤاد المهندس في مسرحية (إنها حقا عائلة محترمة)، وبعدها ثبت أقدامه في عالم الفن بمسلسل (دموع في عيون وقحة) عام 1980 أمام عادل إمام.

وكانت انطلاقته القوية عام 1983 مع مسلسل (الشهد والدموع) تأليف أسامة أنور عكاشة وإخراج إسماعيل عبد الحافظ، والذي قدم فيه الجندي دوري الأب والابن.

واشتهر الجندي بصوته العذب وغناء المواويل، الأمر الذي شجعه علي تقديم ألبوم غنائي باسم (فنان فقير) عام 1990، لكنه لم يستثمر موهبته الغنائية.

 

آخر ساعة المصرية في

16.04.2019

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004