كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

تسجيلي هو أم وثائقي؟

أسئلة واشتغالات

الإسماعيلية ــ نديم جرجوره

الإسماعيلية الدولي

الدورة الحادية والعشرون

   
 
 
 
 
 
 

التنويع سمة "مهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة". مسائل التنويع عديدة، في الجغرافيا والأشكال والمواضيع والانفعالات، كما في التناقض الواضح بين أعمالٍ تميل إلى النمط التلفزيوني في مقاربة القضايا المختارة، وأعمال تحافظ على جمالية سينمائية في الفيلم الوثائقي. النمط التلفزيوني يوصف بالتسجيلي، تمامًا كاسم المهرجان منذ تأسيسه قبل 21 دورة. التسجيل يقترب من الريبورتاج، فهما غير معنيَّين بالصورة كفنّ يمتلك خصوصية جمالية في توثيق لحظة أو حكاية أو انفعال. الوثائقي يتحرّر من كلاسيكية الاشتغال، التي يعتمدها مخرجون عرب عديدون منذ سنين طويلة، وبعضهم مستمرّ في اعتمادها، رغم التطوّر الحاصل في مفهوم الفيلم الوثائقي وآليات تحقيقه، غربًا وشرقًا وعربًا. 

التنويع جزءٌ من حيوية الاجتماع والثقافة والتفكير. لكن مسألة التسمية ضرورية في مرحلة تمتلك نتاجًا بصريًا منقلبًا على كلاسيكية الاشتغال. النتاج المُسمّى "الوثائقي الدرامي" فعل عمليّ لمقاربات وثائقية عربية عديدة، تستعين بمتخيّل يروي وقائع ويوثّق شهادات وينبش مخفيًا، كي يُعرّي زمنًا أو بيئة أو أفرادًا، أو كي يحصّن هذا كلّه من تلف السنين. إدخال فنّ التحريك في السرد الوثائقي يزداد حضورًا، ويمتلك خصوصيته الجمالية بمشاركته البصرية في توثيق المُختار، رغم أنه يفقد أحيانا إمكانية المُشاركة في صُنع المختلف. تمثيل أحداثٍ أو شخصياتٍ يُساهم في تمتين أسس الوثائقي في تحقيق المُراد منه. هذا كلّه لن يتناقض مع رأي السينمائي اللبناني برهان علوية، الذي يعتبر أنْ لا وجود لوثائقيّ أو لروائيّ، فالأهم ـ بالنسبة إليه ـ كامنٌ في وجود مخرج سينمائي من عدمه. 

هذه مسائل أساسية في صناعة الفيلم الوثائقي، لكنها لن تكون شرطًا مفروضًا لتصنيف العمل. "تأتون من بعيد" (2018، 84 دقيقة) للمصرية أمل رمسيس تأكيد على جمالية الوثائقي في سرد حكايةِ عائلةٍ وتاريخٍ وبلدانٍ وعلاقات، بلقاء شخصيات أساسية، وباستعادة حقبات وذكريات مع الشخصيات نفسها أو عبرها، جامعًا الحكاية بصُوَر أرشيفية (مُعظمها تلفزيونيّ) عن لحظات تاريخية، وبتصوير حديث لأمكنة شاهدة على تلك اللحظات. للصُوَر الفوتوغرافية دورٌ في السرد، وإنْ تكن الصُوَر عائلية، تخصّ ثلاثة إخوة، لوالديهم مشاركات عملية ومباشرة في أحداثٍ تاريخية، تبدأ بالحرب الأهلية الإسبانية (1936 ـ 1939)، وتمرّ بفلسطين ولبنان، وانقلابات أزمنة وأمكنة وحالات فيهما. تكتفي رمسيس بتوليفٍ باهر لما تملكه من صُوَر ومرويّات، تتوزّع على ماضٍ قديمٍ وراهنٍ مُثقل بذاكرة تلتقي فيها مصائر عائلة وبلدان وقضايا، بمسارات أفرادٍ يكتشفون صلات قربى بينهم بعد أوقاتٍ مريرة، والتباساتٍ جمّة، وبواطن مختلفة يصنعها ظرفٌ أو قرار أو أمٌّ. 

الجمالية السينمائية طاغية في "تأتون من بعيد"، توثيقًا وأرشفة وبحثًا ميدانيًا وتنقيبًا عن الحكايات ومعانيها، وعن المسارات وخواتمها، وعن المصائر وأفعال القدر والزمن بها. الجمالية نفسها منبثقةٌ من بناء درامي لوثائقيّ ينبش في سيرة الفلسطيني نجاتي صدقي وعائلته الخاضعة لتشتّت لاحقٍ، بعض أسبابه ناشئ من حماسة الرجل في التزاماته السياسية اليسارية الأممية، التي تُشاركه زوجته الأوكرانية فيها؛ ومن هوسه بأولوية النضال ضد الفاشيات، وبانتشار جغرافيا النضال في الأمكنة كلّها الخاضعة لفاشية أو لاحتلال. 

التوليف أساسيّ في مزج صُوَر قديمة وحديثة بنصّ الراوي. أمل رمسيس غير محتاجة إلى إدخال عنصريّ التحريك والمتخيّل، فلديها ما يكفي لصُنع فيلمٍ يتناول ذاتًا وعلاقاتٍ وتفاصيل غير مُدرَكة سابقًا. هذا يُمثِّل نمطًا من اشتغال وثائقيّ، يذهب بعيدّا في بناء عوالمه السينمائية المنبثقة من حالات وانفعالات وتأمّلات ووقائع. 

"نحنا منا أميرات" (2018، 75 دقيقة) للسورية عتاب عزّام والإنكليزية بريدجيت أوجيه، المعروض في افتتاح الدورة الـ21 (10 ـ 16 إبريل/نيسان 2019) للمهرجان، و"الموجة التالية" (2018، 71 دقيقة) للإسباني لويس كاليرو، يلتقيان معًا في تجسيد نمط وثائقي يقترب أكثر إلى الريبورتاج التلفزيوني. الأول منصرفٌ إلى تقنية تقليدية عادية في متابعة أحوال لاجئات سوريات في بيروت. جوهر النصّ التوثيقي مائلٌ إلى متابعة روتينية لتدريبات مسرحية، تؤدّي بهنّ إلى تقديم "أنتيغون" (441 قبل الميلاد) للإغريقي سوفوكليس (497 ـ 406 قبل الميلاد)، بما فيها من تفاصيل تتقاطع، بشكلٍ أو بآخر، مع راهنٍ تعيشه النساء السوريات. الثاني منشغلٌ بحكاية واقعية، "أبطالها" 4 شبانٍ إسبانيين يواجهون تحدّيات قاهرة، في ظلّ أزمة اقتصادية قاسية يعانيها بلدهم. ينتسبون إلى معهدٍ يُخضعهم لدراسة تمتدّ أسابيع عديدة، تنتهي بامتحانات تضع الفائزين بها في مواجهة مصيرهم: اختيار بعضهم للعمل في مؤسّسات مختلفة. 

البناء السرديّ في الفيلمين مُثقل بوطأة التسجيل. للإضافات الفنية غير التسجيلية وغير التوثيقية دورٌ، لكنها وحدها تعجز عن إخراج النصّ الأصليّ من ورطة التقليد. هناك نبرة في التقاط نبض الحالات تُثير مللاً. النصّ نفسه غير حامل ما يصدم ويكشف ويُفكِّك، وهذا يؤدّي إلى اكتفاء بصري بتسجيل ما يحدث أمام الكاميرا. 

الاختلاف بين النمطين المعتمدين في الأفلام الثلاثة جزءٌ من نقاشٍ مُعطَّل، لكنه مطلوب. نقاش يبدأ من أولوية تبديل اسم المهرجان نفسه كي يتوافق وغالبية الأفلام الوثائقية المختارة في دوراته السنوية، وهي أفلام تمتلك حساسية سينمائية آسرة.

 

####

نقاشٌ مبتور مقابل نقاش مُكرَّر

نديم جرجوره

النقاشات الجدّية، التي تُقام بعد عروض أفلامٍ مشاركة في مهرجانات سينمائية عربية، قليلةٌ، بل نادرة. هناك تسطيح يطغى على غالبيتها الساحقة، أو استخدام "مُذهل" لتعابير ومفردات تجعل نقاشات كهذه غير مفيدة. الأسوأ كامنٌ في أن "نقادًا" وصحافيين سينمائيين عربًا يطرحون أسئلة ويقولون تحاليل وتعليقات مسطّحة أو مرتكزة على تعابير ومفردات متشابهة. الفراغ مذهل. ادّعاء المعرفة قاتل. فرض آراء هؤلاء على الأفلام ومخرجيها لا حدود له. فهم يُطالبون السينمائيين بما يريدونه هم وبما يعتقدون به هم وبما يرونه ملائمًا ـ بالنسبة إليهم ـ لتربية أو ثقافة أو سلوك، يغلب عليها حسّ مُحافظ أو متشدّد، ينبع من البيئة العربية المولودين فيها، والمُقيمين فيها دهرًا أو أكثر.

هذا مملّ ونافر. هذا مُسيء إلى السينما، وإلى سينمائيين كثيرين وأفلام كثيرة ومخرجين كثيرين. هذا مؤذٍ لمعنى النقاش والحوار. لكن عربًا عديدين غير آبهين، فهم محصورون في ثقافة يتلقّونها منذ ما قبل الولادة، ونادرون هم القادرون على تخطّيها، لبلوغ الأفضل والأعمق والأجمل والأهمّ. وهم غير مسافرين وغير مطّلعين وغير مشاركين في نشاطات سينمائية دولية. هذا مأزق متنوّع الجوانب، ثقافيًا وسينمائيًا وسلوكًا، فهؤلاء يتنطّحون لطرح أسئلة تبدو في الظاهر حسنةٌ لكن مضمونها مُسطّح ومُكرَّر وساذج. هؤلاء يتغاضون كلّيًا عن جوانب سينمائية تتساوى، بأهميتها، مع الموضوع، وهذا الأخير محور أسئلة يطرحها هؤلاء بلا كلل أو تعب، كأن السينما موضوع فقط.

أساسًا، هناك نقّاد غير مستسيغين هذه الفقرة في البرنامج اليومي للعروض السينمائية في المهرجانات العربية. يقولون إنّ نقاشات كهذه غير مهمّة، إذْ نادرًا ما يُشارك نقّادٌ وصحافيون سينمائيون، جديرون بهاتين الصفتين، فيها، لإدراكهم كيفية مناقشة الأفلام في مهرجانات دولية، تُقام في قاعاتٍ مخصّصة بالمؤتمرات الصحافية، ويُتاح وقتٌ أطول للنقاش، ومع هذا، تُطرح أحيانًا أسئلة عامة ومُكرّرة. نقادٌ وصحافيون سينمائيون عرب، جديرون بهاتين الصفتين، يُفضّلون حوارًا مباشرًا وخاصًّا مع عاملين في الفيلم، أو مع أحدهم على الأقلّ، يكون المخرج/ المخرجة أو الممثل/ الممثلة غالبًا. في مهرجانات عربية عديدة، تُقام نقاشات، يحدّد وقتها سلفًا بدقائق قليلة، في صالة السينما، مع مخرج الفيلم بشكلٍ أساسيّ، فدعوة عاملين عديدين في كلّ فيلم يُرهق ميزانيات المهرجانات السينمائية العربية. أما الدقائق القليلة فتحول دون بروز "مُناقشين سينمائيين جدّيين"، إذْ يُسيطر المسطّحون سريعًا على مكبّرات الصوت، ويبدأون مونولوغات مُكرَّرة ومملّة.

حتّى إن سينمائيين عربًا ـ يعملون في اختصاصات فنية وتقنية مختلفة يبرعون فيها لشدّة انغماسهم في عوالمها وامتلاكهم مفرداتها، ويطرحون أنفسهم كتّابًا ومثقفين وأصحاب "رؤى" سينمائية وثقافية وحضارية وتاريخية وفكرية ـ يتفوّقون على مدّعي نقد ـ وهم مجرّد صحافيين فنيين ـ في تكرار الأسئلة، والاستخدام المملّ للمفردات نفسها في أكثر من نقاش يتناول أكثر من فيلم. السينمائيون العرب، الذين يملكون وعيًا معرفيًا متنوّع الأشكال والاختصاصات والمصادر، قليلون للغاية، كقلّة نقّاد وصحافيين سينمائيين عربٍ، يُثيرون نقاشًا جدّيًا يصطدم سريعًا بضيق الوقت، وإلحاح "مدير" النقاش على التوقّف لاقتراب موعد عرض فيلم آخر، ونقاش آخر يُصاب بالأعطاب نفسها، وبضيق الوقت نفسه.

لذا، يبدو أن إلغاء تلك الفقرة في المهرجانات السينمائية العربية ملحّ للغاية، لعجز عن إيجاد بدائل أفضل وأهمّ.

 

العربي الجديد الللندنية في

15.04.2019

 
 
 
 
 

اليوم.. مهرجان الإسماعيلية يحتفي بأعمال عطيات الأبنودي وأسامة فوزي

كتب: خالد فرج

يقيم مهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة، اليوم الاثنين، ندوات تكريم لكلا من المخرجة الراحلة عطيات الأبنودي والمخرجة والإعلامية فريدة عرمان والمخرج أسامة فوزي، داخل قصر ثقافة المحافظة.

وحرصت إدارة المهرجان برئاسة الناقد عصام زكريا، على إقامة الندوات في توقيتات زمنية متباعدة لإتاحة الفرصة للصحفيين والنقاد والضيوف لحضورها.

فندوة المخرجة الراحلة عطيات الأبنودي (سفيرة الغلابة) التي لقبت بـ"بعطيات الابنودى" نسبة الى زوجها السابق الراحل الشاعر عبد الرحمن الأبنودي الساعة 1 ظهرًا.

و"عطيات الأبنودي" مخرجه سينمائية مواليد 1939 حصلت على دبلوم الدراسات العليا المعهد العالي للسينما عام 1972، أخرجت أكثر من 25 فيلما تسجيليا ووثائقيا، صاحبة مدرسة السينما التسجيلية الواقعية الشاعرية، فكانت رحلتها مع أفلامها التسجيلية ترصد الواقع وإشكالياته، وتعبر بالصوت والصورة عن لسان حال الغلابة.

حصل فيلمها "حصان الطين" على أكثر من 30 جائزة في مهرجانات دولية، كما قامت بتأليف أربعه كتب هي: (أيام الديموقراطية - أيام لم تكن معه - أيام السفر - السينما الثالثة)، وتوفيت عطية الأبنودي عام 2018.

وندوة المخرجة والإعلامية فريدة عرمان في تمام الساعة 7 مساء، وعملت فريدة عرمان كصحافية تحت التمرين في جريدة أخبار اليوم ثم دخلت التليفزيون قبل البث بأربعة أشهر وعملت كمساعدة مخرج، وانتقلت إلى الأعداد وتقديم البرامج ثم اتجهت للإخراج فقامت بتصوير أغلب الأغاني الوطنية على شريط سينما وقدمت بمكتبة التليفزيون أكثر من 400 فيلم تسجيلي .

وتعتبر "فريدة عرمان" صاحبة أول أغنية فيديو كليب بالمعني العلمي حيث قامت بتصوير أغنية (سيد درويش)، (أنا خويت وانتهيت) واستعانت بالفنان التشكيلي" سيف وانلي" لرسم لوحاته من البالية فكان المزج بين البالية كفن غربي والموسيقي والصوت الشرقي.

ويقيم المهرجان في الـ5 عصرا ندوة للمخرج "أسامة فوزى" الذي عمل مع عدد كبير من المخرجين منهم حسين كمال ونيازي مصطفي وبركات.

وأنقطع لفترة ثم عمل مع المخرج شريف عرفه وأنتج له فيلم (الأقزام قادمون) ثم اتجه للعمل مع المخرج يسري نصرالله في فيلمه (مرسيدس)، وكانت تجربة إخراجية فيلم (عفاريت اﻷسفلت) عام 1995، ونال جائزة التحكيم الخاصة في مهرجان لوكارنو، ثم فيلم (جنة الشياطين) الذى أنتجت الفنان محمود حميدة وقد شارك في مهرجان لوكارنو، ونال الجائزة الذهبية في دمشق، ومهرجان خربكا في المغرب، كذلك نال تكريم في معهد العالم العربي في باريس، وشارك في ميلانو، وقدم بعدها فيلمان مع الكاتب هاني فوزى (بحب السيما ، بالألوان الطبيعية).

 

####

عطيات الأبنودي.. محطات في حياة "سفيرة السينما التسجيلية"

كتب: نورهان نصرالله

سينمائية مبدعة خلدت بكاميراتها مشاهد شاعرية؛ أسهمت في إثراء السينما التسجيلية المصرية، لتكون المخرجة الراحلة عطيات الأبنودي، التي فارقت عالمنا أكتوبر الماضي، من أبرز رواد السينما التسجيلية، واحتفى مهرجان الإسماعيلية للأفلام التسجيلية والروائية القصيرة، بالمخرجة الراحلة، اليوم.

تجولت "الوطن" عبر محطات المخرجة الراحلة عطيات الأبنودي..

- عام 1939 في إحدى قرى دلتا النيل، انطلقت صرخة الميلاد الأولى للطفلة التي سماها والدها عوض محمود خليل، "عطيات"، والذي سيقترن بعد ذلك بلقب زوجها الأول، الشاعر الكبير الراحل عبدالرحمن الأبنودي، حتى وفاتها.

- تخرجها من كلية الحقوق لم يرض شغفها تجاه الفن، ففي تلك الأثناء كانت تعمل كممثلة في مسرح الجيب، واختارت المعهد العالي للسينما ليكون محطتها التالية، وعندما وتخرجت عام 1972، واصلت الدراسة للحصول زمالة مدرسة السينما والتليفزيون الدولية من بريطانيا عام 1976.

- أسست شركة إنتاج بعنوان "أبنود فيلم"، واهتمت في جميع أفلامها برصد الحياة الاجتماعية اليومية للشرائح الكادحة في مصر.

- اختارت التركيز على الكادحين والمهمشين في أفلامها التسجيلية، واستحقت لقب "سفيرة السينما التسجيلية".

- قدمت على مدار مشوارها ما يجاوز 25 فيلما، أولها "حصان الطين" عام 1971، والذي حصد مجموعة كبيرة من الجوائز، تلاه عدد من الأفلام منها "أغنية توحة الحزينة"، الأحلام الممكنة"، "سوق الكانتو"، "نساء مسؤولات"، "الساندوتش"، "مناظر من لندن" و"بحار العطش".

- رفضت "عطيات" الانتقال من التجارب التسجيلية إلى الروائية، رغم الاتهامات التي كانت تواجهها أحيانا بـ"تشويه سمعة مصر"، بسبب تطرقها في أعمالها التسجيلية إلى قضايا الكادحين.

- حصدت مجموعة كبيرة من الجوائز عن أفلامها، أبرزها جائزة الميدالية الذهبية في مهرجان قليبية بتونس، والجائزة الأولى في المهرجان الأول للشباب بدمشق عام 1972، والجائزة الكبرى في مهرجان جرونوبل بفرنسا عام 1973، والميدالية الذهبية من مهرجان مانهايم بألمانيا، وجائزة أحسن إنتاج مشترك في مهرجان فالنسيا بإسبانيا عن الفيلم التسجيلي "إيقاع الحياة" عام 1990، ومهرجان الفيلم الأفريقي في مدينة نيويورك الأمريكية.

- دونت جزءا كبيرا من حياتها خاصة خلال الفترة التي اقترنت فيها بالشاعر عبدالرحمن الأبنودي في كتاب بعنوان "أيام لم تكن معه" صدر عام 1999، وهو رسائل أشبه بالمذكرات عن فترة اعتقاله في أكتوبر عام 1966 ولمدة 6 أشهر.

- لم تقتصر تجاربها في الكتابة على "أيام لم تكن معه"، وصدر لها عدد من المؤلفات؛ أولها "أيام الديموقراطية" عام 1997، "أيام السفر" عام 2006، و"السينما الثالثة" عام 2011.

- "جزء حي من تاريخي.. لست مستعدة للتخلي عنه"، هكذا عبرت "عطيات" عن تمسكها بلقب "الأبنودي" رغم انفصالهما بعد علاقة زواج استمرت 12 عامًا، وحتى عقب اقترانه بالإعلامية نهال كمال، ووصل الأمر إلى زيارتها في منزلها وطالبها بالتخلي عن اللقب.

- لم تحظ المخرجة عطيات الأبنودي بأطفال خلال زيجتها، ولكنها تبنت "أسماء" ابنة يحيى الطاهر عبدالله، الذي توفي في حادث عام 1981، ولم تكن أسماء جاوزت الـ5 سنوات، والتي قالت عنها في أحد حوارتها الصحفية: "غادرت البيت بعد 3 أيام من الحادث، وأذكر هذا اليوم، كنت في الشارع مع أطفال في مثل سني، ومن بعيد لمحتني ماما عطيات التي كانت قادمة لمنزلنا لتفتش على أوراق وكتابات أبي، لتحتفظ بها، يومها نظرت لي جيدًا، حيث لم تكن رأتني إلا مرات قليلة من قبل، ثم احتضنتي، ووقتها قررت أن أكون ابنتها التي لم تنجبها، ارتميت في حضنها ولم أتركها منذ ذلك اليوم، وأظن أن هذا اللقاء غيَّر حياتي تمامًا".

 

####

"باقية بأعمالها".. تفاصيل تكريم عطيات الأبنودي بمهرجان الإسماعيلية

كتب: نورهان نصر الله

أقيمت مساء اليوم ندوة تكريم اسم المخرجة الراحلة عطيات الأبنودي، والتي تحمل الدورة الـ21 من مهرجان الإسماعيلية اسمها، حيث أدار الندوة الناقدان فايزة هنداوي وحسين عبد اللطيف، وبحضور كل من أسماء يحيى الطاهر، الابنة بالاختيار لـ"الأبنودي" وأحمد السيد، ابن شقيق الراحلة.

ومن جانبها، قالت فايزة هنداوي، "عطيات الأبنودي لن ترحل عنا ولكن باقية بيننا بأعمالها فهي من الرائدات في السينما التسجيلية والتي لن تنجرف وراء الفيلم الروائى.. وانحازت هي خلال ما قدمته من أعمال للبسطاء بشكل فني، فقد قدمت 25 فيلمًا بنفس الأفكار والمبادئ"، متابعة: "إلى جانب ذلك كانت كاتبة ولها أعمال كتابية علي الرغم من قلتها إلا أنها تعد من أهم الكتب التي تحدثث عن السينما".

كما تحدث السيناريست حسين عبد اللطيف، صاحب كتاب "عطيات الأبنودى سفيرة الغلابة" وذكر في بدايه حديثة، بقوله: "لم يشأ الحظ أن التقي بها بسبب حالتها الصحية أثناء عملى بالكتاب، ولكني كنت متابعا جيدا لأعمالها، وفي حديث لي مع الناقد عصام زكريا دار النقاش عن عطيات الأبنودي وقام بتوفير مادة أرشيفية مهمة لي، والمدة الزمنية قبل المهرجان حكمتنا في حجم الكتاب، لأن تاريخ المخرجة الكبيرة وكان يحتاج لأكثر من 500 صفحة، وقسمنا الكتاب لعدة فصول وكان من بينها جزء مهم يشير لأعمالها الفولكلورية مثل فيلم سندوتش".

وقالت الكاتبة أسماء يحيى، ابنة عطيات الأبنودي، "أشكر المهرجان على إهداء الدورة لاسم الراحلة، وهو بمثابة الإعلان عن أن تبقى عطيات بيننا"، مضيفة: "علاقتي بوالدتي تمت بالاختيار المشترك كان عمرى 5 سنوات، فعندما جاءت إلينا لتجمع أوراق يحيى الطاهر عبدالله، والدي ولم تكن رأتني منذ أن كنت رضيعة وعندما رأتني سألت عني وعلمت أني ابنة يحيى الطاهر طلبت أن تقوم بتربيتي".

وتابعت: "ظلت تتعامل معي على أني ابنتها ورفضت أن يطلق في أى مكان أنها تكفلني ولكن دائمًا كانت تقول هذه ابنتي.. لم تكن والدتى لديها أشياء مسلمة في حياتها ولكن كانت تتعامل مع حياتها دائمًا بالاختيار سواء في العمل أو الحياة الشخصية، فقد أعطت الجميع درسًا أن كل إنسان يستطيع صنع حياته التي يحبها".

فيما وجه أحمد السيد، ابن شقيق الراحلة، إلى إدارة المهرجان لأنها منحته أول فرصة للحديث عنها، قائلًا: "كنت أستقي منها معلومات عن الحياة قامت هي باختياري من وسط كل عائلتنا.. فهي لم تكن تهتم بالتقاليد، وكانت تفعل دائمًا ما تريد كانت تخرج من حياتها الأشخاص الذين لن ترغب فيهم ولم تكن شخصية مجاملة، كنت أتعلم منها كيف أعيش حياتي، كانت تقول إنها تحلم بمشروع كاميرا ديجيتال لكل مواطن لتصوير يوم من أيامه ويعيد مشاهدته مرة أخرى.. استطاعت أن تجمع شخصيات بينها كأصدقاء مختلفين تمامًا في كل شيء".

كما تحدث سعيد شيمي، قائلًا: "أقول سر لأول مرة، وهو يدل على إصرار عطيات حين كان لديها فكرة فيلم وقدمتها للجنة كنت أترأسها بجمعية الفيلم، ووافقت الجمعية على الفكرة وبعد التصوير وجدت عطيات عيوبا بالتصوير وعلمت أن الجمعية لن تصوِّر الفيلم مرة أخرى لها، بسبب التكاليف.. وجاءت لى وطلبت مني أن تبيع ذهبا لديها لتصوير الفيلم، وهذا الكلام أذكره حاليًا لأنه يعبر عن مدى إصرارها لنجاح عملها وظهوره بالشكل الذي يليق بقيمة فنها منذ بداياتها".

وبعد ذلك أعلن الدكتور خالد عبدالجليل، أنه سوف يتم إنتاج فيلم من ميزانية المركز القومي للسينما الجديدة لعطيات الأبنودي ويخرجه علي الغزولي، قائلًا: "سوف نسجل به كل الشهادات الجميلة الخاصة بها من خلال القامات السينمائية".

وتحدثت "ماجدة موريس" وقالت نريد إطلاق اسم عطيات الأبنودي على مكان في وزارة الثقافة ونود أن نشاهد أفلامها.

وتحدث يسري نصر الله، قائلًا: "عطيات لها لغة سينمائية فهي شاعرة قبل أن تكون مخرجة سينمائية، وبالمناسبة فإن هناك جماليات معينة لأفلام عطيات، وأنها تعد من المخرجين الذيت حفروا في الصخر ونعتبرهم تاريخا لنا".

واختتمت الندوة بتسليم ابنتها درع التكريم الخاص بالمخرجة عطيات الأبنودي، وسلمها الدرع الدكتور خالد عبد الجليل والناقد عصام زكريا.

 

الوطن المصرية في

15.04.2019

 
 
 
 
 

5 جنسيات مختلفة لأعضاء لجنة تحكيم «الروائى القصير والتحريكى» بالإسماعيلية السينمائى

كتبت ــ إيناس عبدالله:

والمحكمون يؤكدون: للسينما لغة قادرة على توحيد الشعوب.. ولم نجد صعوبة فى العمل سويا
قررت إدارة مهرجان «الإسماعيلية الدولى للفيلم التسجيلى والروائى القصير» فى دورته الـ 21، اتباع نهج جديد يحدث لأول مرة فى تاريخ المهرجان، وهو عقد مؤتمر صحفى لأعضاء لجان تحكيم المسابقات المختلفة على مدى يومين، اليوم الأول لأعضاء لجنة تحكيم مسابقة الفيلم الروائى القصير وأفلام التحريك، واليوم التالى للجنة تحكيم الفيلم التسجيلى الطويل، ولأن لجان التحكيم لا تزال تمارس عملها، فطلب القائمون على المهرجان عدم التطرق فى الحديث لطبيعة عمل اللجنة أو تقيمهم للأفلام، وهو ما اعتبره الحضور به نوعا من القيد، فيما شهد المؤتمر الذى عقد للجنة تحكيم مسابقة الفيلم الروائى القصير وأفلام التحريك، أمس الأول، محاولات لمعرف طبيعة عمل اللجنة والتى تضم 5 جنسيات مختلفة من 3 قارات فكان السؤال كيف لهم أن يجتمعوا على قرار واحد فى اختيارهم الأفلام الفائزة فى ظل تمتع كل واحد منهم بثقافة ولغة مختلفة تماما عن الآخر؟

فاللجنة تترأسها المخرجة الفرنسية مارلين كانتو، وعضويتها كاثرين ميبورج من جنوب إفريقيا، ومحمد حماد من مصر، وإنستاسيا ديمتريا من اليونان ونواف الجناحى من الإمارات.

فى البداية تحدثت كاثرين ميبورج وقالت: الأفلام التى تتحدث عن الإنسانية لا تحتاج للغة مفهومة لمن يشاهدها، فهى لغة فى حد ذاتها، وهذه هى متعة الفن والسينما، فلغتها قادرة على توحيد الشعوب مهما اختلفت لغاتهم وجنسياتهم، لذا فلم نعانى من أى مشاكل ونحن نعمل سويا، وكان هناك انسجام وتفاهم من اليوم الأول.

وقالت مارلين كانترو إنه كان هناك شبه اتفاق بين لجنة التحكيم على الأفلام المشاركة، على الرغم من اختلافات ثقافتهم، مشيرة إلى أنهم اختاروا الأعمال بعد مناقشة عناصر الأفلام المشاركة سويا عقب مشاهدة كل عمل منها وتوصلوا إلى لاتفاق.

وعن تقييمهم لمهرجان الإسماعيلية طلب المخرج نواف الجناحى الإجابة عن هذا السؤال باعتباره كان مشاركا فى مسابقة المهرجان عام 2006، ثم مرت السنوات ليكون محكما فى 2019 وقال:

على الرغم من أن هذا المهرجان يتمتع منذ البداية بسمعة طيبة للغاية فى المحافل الدولية ومعروف فى جميع أنحاء الوطن العربى، لكنى لاحظت أن هناك تطورا شديدا بالمهرجان، ورغبة حقيقية من القائمين عليه فى دفعه خطوات للأمام لوضعه على خريطة المهرجانات العالمية.

وأضاف: «الإسماعيلية» لا يكتفى بدعوى صناعة الأفلام فحسب، بل يدعو منتجين وموزعين ومخرجين، وعليه فهو مكان جيد للتعارف والتقاء صناع الأفلام سويا فى مكان واحد.

وباعتباره أصغر المحكمين سنا وجه سؤالا للمخرج المصرى محمد حماد عن تأثير هذه عليه وعلى عمله خاصة أنه لا يزال فى بداية مشواره المهنى وطريقة تعامله مع الأفلام المصرية المشاركة فى المسابقات فقال: السن ليست مهمة، بل الأهم هو ضرورة التنوع فى لجان التحكيم لتمثل مراحل عمرية مختلفة.

مشيرا إلى ضرورة تمكين الشباب وأفكارهم، لأن المستقبل لهم، ولفت إلى أنه يضع نفسه مكان كل من يصنع أفلاما تسجيلية أو قصيرة لأنه مر بتلك التجربة مع أفلامه التى قدمها من قبل، وأشار إلى أن هؤلاء الشباب لديهم حلم وهدف، فهم فى النهاية يصنعون سينما من أجل التعارف وتقريب المسافات.

وقال حماد إن حلم حياته كان الاشتراك بأحد أفلامه القصيرة بمهرجان الإسماعيلية لأنه مهرجان كبير ويتمتع بسمعة طيبة وكل من يرغب فى تحقيق مكانة طيبة ويسعى للوصول للعالمية، يتمنى أن ينطلق منه، لكن للأسف لم يتحقق حلمه أن يكون متسابقا ليتم اختياره ليكون محكما.

وتنبأ المخرج محمد حماد أن الفيلم القصير سيحظى بمكانة كبيرة فى المستقبل وسيتفوق على الأفلام التجارية السائدة فى ظل وجود منصات إلكترونية عديدة على شبكة الإنترنت لعرض الأفلام، ولأن معظم مرتادى هذه المنصات من الشباب والتى لن تتحمل ميزانيتهم عمل باقات كبيرة للإنترنت فالحل الأمثل لهم هو مشاهدة فيلم قصير، واستشهد أن عدد مشاهدة الأفلام القصيرة يفوق بمراحل عدد مشاهدة الأفلام التجارية.

وطلب المخرج المصرى من محبى هذه النوعية من السينما الانتباه لهذا الأمر والتركيز فى الفترة القادمة لأن المستقبل لهم.

 

الشروق المصرية في

15.04.2019

 
 
 
 
 

"نجيب محفوظ بختم النسر"- رحلة الأديب العالمي مع الوظيفة الحكومية..

لهذا السبب اعترض جمال عبد الناصر عليه

أمل مجدي

من بين إصدارات مهرجان الإسماعيلية السينمائي الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة في دورته الـ21، كتاب "نجيب محفوظ بختم النسر" لطارق طاهر، الذي يتتبع مسيرة الأديب العالمي في سلك الوظيفي، معتمدا على وثائق ومستندات تنشر لأول مرة.

وقد أقيمت ندوة مساء أمس الأحد، لعرض الكتاب ومناقشته أدارتها الناقدة السينمائية ناهد صلاح، بحضور مجموعة من المتخصصين في النقد السينمائي والأدبي.

تحدث في البداية الكاتب طارق طاهر عن مشروع الكتاب الذي بدأ منذ 6 أشهر خلال تحضيره لعدد خاص في أخبار الأدب يتمحور حول سؤال: ماذا لدى مؤسسات الدولة المصرية من أوراق تخص نجيب محفوظ؟ وقد اتخذ النهج الرسمي في بحثه مخاطبا دار الوثائق المصرية

وبالرغم من بعض المعوقات، وصل في نهاية المطاف إلى 11 وثيقة، واحدة منها لا تخص الأديب نجيب محفوظ، وإنما طبيب النساء والتوليد الشهير الذي يحمل نفس الاسم.

استمر طاهر في القراءة والبحث عن محفوظ، ومن ضمن الكتب التي ساعدته، "موسوعة نجيب محفوظ والسينما 1947-2000" للدكتور مدكور ثابت، الذي ساعده على التوصل لعدد من الوثائق المهمة، إلى جانب المركز القومي للسينما الذي يرأسه الدكتور خالد عبد الجليل.

قال طارق طاهر: "الكتاب يتضمن 70 وثيقة، من أصل 350 وثيقة توصلت إليها. جزء منها وثائق بخط يد نجيب محفوظ، وآخر لقرارات صادرة عنه، وجزء ثالث لقرارات صادرة بشأنه"، موضحا أنه رتب هذه الوثائق طبقا للأماكن الوظيفية التي شغلها محفوظ.

3 وزارات حكومية

أوضح طاهر أن محفوظ عمل في وظائف تابعة 3 وزارات؛ حيث عمل لمدة 5 سنوات في الجامعة المصرية التابعة لوزارة المعارف (التعليم)، إلى جانب شغل مناصب في وزارة الأوقاف لمدة 17 عامًا، وأخرى في وزارة الثقافة لمدة 20 عامًا.

وقد قرر طاهر أن يعيد قراءة سيرة نجيب محفوظ الذاتية من خلال هذه الأوراق الرسمية، مهتما بحالتيه الاجتماعية والصحية.

تابع طاهر: "من الوهلة الأولى تشعر أنك أمام شخص استثنائي، فعندما رغب محفوظ في التعيين بالجامعة المصرية، كتب: (أنني على استعداد أن أتولى أي عمل كتابي أو ترجمة، رغم أنني من المتخصصين في علم الفلسفة) هذه الصيغة تكشف عن مدى اعتزازه بنفسه منذ بداية العمل الوظيفي".

وأشار إلى أن تقييماته الوظيفية توضح مدى التزامه أيضًا، حيث أن كافة التقارير السرية تفيد بأنه حصل على تقييم 100%، فيما عدا عام 1954 عندما نال 94% بعدما وقع اختلاف على أدائه بين مديره المباشر ورئيس المصلحة الحكومية.

ولفت إلى أنه واجه أزمة عندما حان وقت حصوله على الدرجة الرابعة في وزارة الأوقاف، فقد نالها في البداية، ثم سحبت منه وتم منحها لموظف آخر يتمتع بعلاقة قوية مع أحد المسؤولين. وبالرغم من أن محفوظ قال إنه لن يقيم دعوى قضائية، فقد تراجع عن ذلك ولجأ إلى القضاء. كما أنه كتب عن هذا الأمر في "المرايا"، موضحا أن هذا الموظف كان يميل إلى المثلية الجنسية.

قمة النضج

أوضح طاهر أن محفوظ استفاد من الوظيفة الرسمية في العديد من أعماله الروائية والإبداعية، حتى وأن كانت عطلته قليلا.

وذكر أن أفضل مرحلة في مراحل عمله الحكومي كانت أثناء توليه مناصب في وزارة الثقافة، لأنها كانت تمثل قمة نضجه الإبداعي والوظيفي. حيث تولى وظائف مهمة للغاية، بعضها يصدر بقرارات جمهورية.

وعلى سبيل المثال، فقد تولى مدير عام الرقابة بقرار من الدكتور ثروت عكاشة، وفي نفس الوقت كان ينشر حلقات "أولاد حارتنا" مسلسلة في صحيفة الأهرام. وعندما أثيرت ضجة حول الرواية، اعترض بعض المسؤولين عليها، وتم نقله من مدير عام الرقابة إلى مدير عام السينما، بحسب ما ذكر عكاشة في كتابه "مذكراتي عن السياسة والثقافة".

وعندما اختاره عكاشة لتولي رئاسة مجلس إدارة السينما، اعترض الرئيس الراحل جمال عبد الناصر موضحا أن محفوظ يهاجم السينما، وأن لديه مقال منشور في مجلة "الكواكب" يحمل نظرة سلبية تجاه هذا الفن. غير أن عكاشة تمسك به مؤكدا أنه يستحق الفرصة. وعندما أصدر عبد الناصر القرار الجمهوري، جاء يحمل اسم "نجيب محفوظ" وهو اسم مركب، ولم يأتي متضمنا الاسم الثلاثي كما جرت العادة. وهذا يبين مكانة الأديب العالمي لدى الدولة المصرية، بحسب ما قال طاهر.

وأكد طاهر أن محفوظ لم يحب مجتمع السينما، نظرا لأنه تعرض للنصب عليه من قبل بعض العاملين في الوسط السينمائي.

نجيب محفوظ والرقابة

قال طاهر إن كثيرين تعجبوا من اختيار الأديب لتولى منصب الرقيب، موضحا أن عناوين الصحف ركزت على خبرين؛ الأول قرار التعيين، والثاني قرار محفوظ بعد عرض أي سيناريو له على الرقابة خلال فترة توليه المنصب.

ولفت كاتب "نجيب محفوظ بختم النسر" إلى أن الرقابة في هذه الفترة كانت مليئة بالرشاوي، ولذلك جاء اختيار محفوظ لمحاربة هذا الفساد المتفشي بين العاملين بها.

فيما علقت الناقدة أمل الجمل مؤكدة أن محفوظ كان رقيبا متشددا، لافتة إلى أن قراراته وسلوكياته في هذه الفترة متناقضة مع كونه مبدعا عظيما.

الموظف المثالي

أكد طاهر أن محفوظ كان معروفا بنزاهته الشديدة، وقد قدم كشف بممتلكاته في عام 1952 يؤكد أنه لا يمتلك أي عقارات أو أملاك، وأن حسابه في البنك يتضمن 600 جنيه فقط. ولفت طاهر إلى أنه كان قد حقق شهرة آنذاك وبالتالي فإن هذا المبلغ يعتبر أقل بكثير من المتوقع.

وعقب الكاتب عاطف بشاي، موضحا أن محفوظ كان موظفا دقيقا، ونمكيا، وقد تأثر ببيروقراطية النظام الإداري المصري.

وعلق طاهر قائلا أنه كان يحرص على تقديم إجازاته الرسمية بدقة شديدة، وبلغة عربية راقية تختلف عن السائد في الأوراق الحكومية

 

موقع "في الفن" في

15.04.2019

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004