كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

أسامة فوزي...

مأساة متمرّد في زمن الخنوع

عصام زكريا

عن رحيل «أسامة فوزي»

   
 
 
 
 
 
 

رحيل مبكر لمخرج «جنة الشياطين» و«بحب السيما»

القاهرة | جاء الخبر صادماً كمطرقة فوق رؤوس أصدقائه ومحبّيه. أول من أمس، كان المخرج المصري أسامة فوزي (1961 ــــ 2019) لا يزال يحلم بفرصة إنجاز فيلم جديد، أو على الأقل مسلسل رمضاني يعود به إلى جمهوره الذي انقطع عنه منذ عشر سنوات عندما قدم آخر أعماله «بالألوان الطبيعية».

لكن أمس، جاء خبر رحيله المفاجئ ليقضي على هذه الأحلام، ويضع نهاية مؤسفة لأحد أهم الأسماء في السينما المصرية على مدار تاريخها.

رحل صاحب «عفاريت الاسفلت»، و«جنة الشياطين»، و«بحب السيما» عن 58 عاماً، وأربعة أفلام، وعشرات الأحلام المجهضة، آخرها فيلم بعنوان «وردي أسود» ومسلسل بعنوان «دم مريم»، لم تتسع لانتاجهما صناعة الترفيه الأكبر في العالم العربي، والأكثر قسوة مع المبدعين الحقيقيين.

في تشرين الثاني (نوفمبر) 1995، عرض «عفاريت الاسفلت» ــــ باكورة أسامة فوزي ـــــ في المسابقة الدولية من «مهرجان القاهرة السينمائي»، فكان حدثاً فنياً وبشارة بولادة مخرج ليس متمكناً وصاحب أسلوب فحسب، بل أيضاً مختلف، ومتمرد وثائر ومحطِّم للأوثان في سينما ومجتمع مدجّنين، خانعين، خاضعين لأسوأ شروط السوق وأسوأ قوانين التخلف والرجعية.

للوهلة الأولى، بدا «عفاريت الاسفلت» امتداداً لسينما «المهمّشين» التي بدأت في ثمانينيات القرن الماضي على أيدي مخرجي ما يعرف بـ«الواقعية الجديدة» مثل «سواق الأتوبيس» لعاطف الطيب، و«أحلام هند وكاميليا» لمحمد خان، و«ليه يا بنفسج» لرضوان الكاشف، وغيرها. لكنّ «عفاريت الاسفلت» الذي صوّر مشاهد من حياة سائقي «الميكروباص»، سيارات الأجرة الجماعية، والطبقة المتوسطة الدنيا في حي حلوان، يختلف تماماً عن هذه الأفلام شكلاً ومضموناً.

ينتمي «عفاريت الاسفلت»، الذي كتبه الأديب الشاب آنذاك مصطفى ذكرى، إلى ما يعرف بالمدرسة «الطبيعية» في الفن، التي يعد الأديب الفرنسي إميل زولا أبرز أسمائها. مدرسة تسعى لتصوير الواقع كما هو، بطينه وعرقه وقبحه وخسته، بعيداً عن الجماليات الزائفة التي أضفتها الاشتراكية على الواقعية، أو المواعظ والأخلاقيات الزائفة التي أضفتها الرومانسية والميلودراما عليها.

في المدرسة الطبيعية، ينبع الجمال من تصوير الواقع كما هو، من «موضوعية» الحقيقة نفسها، ومن دقة وبرودة النظرة التي تستكشف المستور من الغرائز والطوايا الخبيثة والشريرة والمساحات المظلمة داخل الانسان. عندئذ ينبع الجمال من قوة الحقيقة التي هي أساس أي تغيير أو إصلاح.

«عفاريت الاسفلت» سعى إلى هدم الأفكار «المثالية» عن حياة الفقراء والحارة المصرية عموماً، التي تمتد عبر تاريخ طويل من التزييف السينمائي، حتى في أعمال نجيب محفوظ التي تحولت إلى أفلام حيث يمكننا أن نلمس آثار هذا التزييف. عرّى «عفاريت الاسفلت» بمشرط جراح، وجوهاً أخرى للطبقة الوسطى وتحايلاتها وأخلاقياتها الزائفة. كشف الفيلم ليس فقط الانتهاكات التي يمارسها المنتمون إلى هذه الطبقة، ولكن أيضاً التواطؤ الذي يمارسه الجميع، إذ يعرف كل واحد منهم فضائح الآخرين ويغمض عينيه عنها. وهم يغمضون أعينهم أيضاً عن فضائحه.

بعد أعوام ثلاثة، قدم أسامة فوزي فيلمه الثاني، ودرة أعماله، «جنة الشياطين» (1999) عن سيناريو لمصطفى ذكرى أيضاً، وهو معالجة ممصرة لرواية الأديب البرازيلي خورخي أمادو «كانكان العوام الذي مات مرتين»، وان كانت تختلف عنها في أشياء كثيرة. «جنة الشياطين» تجربة فريدة في السينما المصرية. فالممثل المنتج محمود حميدة، الذي شارك في بطولة «عفاريت الاسفلت» تحمّس لانتاجه، متحمّلاً خسارة مؤكدة، ولعب دور الشخصية الرئيسية فيه، لرجل ميت تتحول جثته إلى دمية بين أيدي الشخصيات الأخرى، وهي مجموعة من البلطجية والعاهرات... هذا يسرق أسنانه، وآخر يسرق ملابسه، وثالث يريد أن «يلوط» معه، وهذه تجلس بين حجره، وأخرى تبصق على وجهه، وهو يتخذ وضعاً ثابتاً لرجل ميت يفتح فمه كالأبله.

وإذا كان «عفاريت الاسفلت» قد صدم كثيرين بكشفه الانتهاك الذي تمارسه الجماعة المتواطئة، فإن «جنة الشياطين» يصدم أكثر لأنه انتهك محرّمات المجتمع والسينما المصرية معاً، وعرّى الأكاذيب التي صاغها هذا المجتمع، وهذه السينما، على هيئة أخلاقيات وقيم وثوابت، بهدف قمع الفرد وإخضاعه للجماعة.

يروي الفيلم قصة رجل بورجوازي متوسط العمر، زوج وأب تقليدي، يقرر ذات يوم أن يهجر بيته وطبقته، وينضم للمشردين وعاهرات الشوارع. يغيّر اسمه ويهيم على وجهه صعلوكاً وعربيداً أبدياً لا يتمنى الهداية. يبدأ الفيلم بموت الرجل، ورحلة البحث عن مقره الأخير بين أصحابه البلطجية وصاحباته العاهرات وأسرته التي يصلها خبر موته بعد اختفائه سنوات.

لا يحمل «جنة الشياطين» كما يبدو من قصته نظرة تشاؤمية أو مقبضة، لكنه ينتمي للفلسفة العدمية بكل ما تحمله من مرح وشجاعة في مواجهة الحقيقة.

لا شعور بالذنب هنا أو سرد لمبررات درامية لانحراف شخصياته... حتى عاهراته يعترفن أنهن يمارسن الجنس من أجل المتعة، ونحن لا نعرف شيئاً عن خلفيات شخوصه، ولا ظروفهم الاجتماعية والنفسية. مع ذلك يحمل الفيلم بعض اللمحات الصوفية الخالصة، وبطله «منير رسمي» يتحول إلى «طبل» يظل نبيلاً وقديساً وحتى «نبياً» كما تصفه إحدى الشخصيات. ويشار إلى ذلك عبر شيئين: رفضه بيع منزله ليبقى ميراثاً لأسرته من بعده، واحتفاظه بعلاقة حب حرّة مع عاهرته المفضلة.

بعد «جنة الشياطين»، كان على أسامة فوزي أن ينتظر خمس سنوات أخرى ليقدم فيلمه التالي، الأكثر شهرة، «بحب السيما» (2004) عن سيناريو لهاني فوزي. يصوّر الشريط ملامح حياة الأقلية المسيحية، البروتستانتية، في حي شبرا الشعبي، وهو الفيلم المصري الوحيد الذي يتناول مسيحيّي مصر من الألف إلى الياء، ومن دون أن يكون موضوعه الوحدة الوطنية أو العلاقة بين المسلمين والمسيحيين. وكما فعل في فيلميه السابقين، رسم أسامة فوزي صورة «واقعية»، «طبيعية»، تخلو من التجميل، بل تسعى للتعرية والكشف عن الزيف الأخلاقي والتدين المصطنع، ولكن بفهم وحب لا مثيل لهما.

خمس سنوات أخرى ضاعت قبل أن يقدم أسامة فوزي فيلمه الأخير «بالألوان الطبيعية» (2009) الذي يعتبر امتداداً لـ «بحب السيما» لكنه أقل جرأة وصدقاً. ويبدو أن الضجة الهائلة التي أثارها «بحب السيما» قد انعكست سلباً على نفسيته، بالإضافة إلى المعوقات والشروط الانتاجية التي ازدادت صعوبةً في صناعة السينما المصرية في الفترة الأخيرة.

ومن يومها لم يستطع أسامة فوزي أن يحقق أياً من مشاريعه العديدة التي ظل يعمل عليها حتى وفاته، وان لم يفقد يوماً ابتسامته الوديعة، وتفاؤله المبدئي بمستقبله ومستقبل السينما المصرية حتى في أحلك الساعات التي مرّ بها في مسيرته القصيرة الجامحة.

خسرت السينما المصرية أسامة فوزي ليس فقط بموته السابق لأوانه، لكن بالأفلام الرائعة التي كان يمكن أن يقدمها لولا العقبات والمعوقات والاعتراضات والهجمات الرخيصة التي تعرّضت لها أفلامه.

 

الأخبار اللبنانية في

09.01.2019

 
 
 
 
 

وداعا صديقي أسامة فوزي (1961-2019)

عبدالإله الجوهري

تعرفت عليه ذات دورة من دورات خريبكة السينمائي، وتوطدت العلاقة بيننا خلال أيام المهرجان، لحد أننا لم نكن نتفارق ليل نهار، نتابع الأفلام معا، ونسهر حتى تباشير الفجر، مع الأصدقاء السينمائيين والنقاد المغاربة والعرب والأفارقة.

إلتقينا في ما بعد في محطات مختلفة، لكن جد قليلة، على اعتبار أن أسامة لم يكن يحب الظهور أوالتنقل بشكل متواصل بين المهرجانات والملتقيات، كان يختار منها ما يوافق مزاجه الهادئ وحساسيته الرهيفة المفرطة في هدوئها. مثلما كنا نتواصل بين الفينة والأخرى بالهاتف لأطمئن عليه أو يطمئن علي، و أهنأه كلما حقق عملا أو فاز بجائزة، وكان يفعل نفس الشيء معي.

اكتشفت في أسامة، وأنا أصاحبه وأصادقه، النموذج الأمثل للفنان الأصيل، بثقافته العميقة، وموهبته العالية المستمدة من إحساس رهيف، وتواصل خلاق مع الواقع في تجلياته المختلفة، كل هذا ظهر في أفلامه الروائية الطويلة، وغن كانت قليلة، وهي: "عفاريت الإسفلت" و"شياطين الجنة" و"بحب السيما" و"بالألوان الطبيعية"، مثلما ظهرت في مواقفه وعلاقاته بالعالم والأشياء و تنكره للموروثات المفروضة، في ضرورة الإيمان الأعمى بالدين والعادات.

عندما فاز بجائزة الإخراج في خريبكة عن فيلم "شياطين الجنة"، كان الكل ينتظر منه أن يلقي خطابا، أويهدي الجائزة لأحد من أساتذته أومعارفه، مثلما يفعل الكثيرون، لكنه فاجأ الجميع بكلمة بسيطة لكن عميقة عن فرقة موسيقية شعبية محلية (عبيدات الرما) كانت حاضرة طيلة أيام المهرجان عند مدخل الفندق الذي كنا نقيم فيه، فرقة كانت تبهجه كطفل صغير وتهز مشاعره وهو يقف طويلا للإستماع والتماوج مع أنغامها وحركات أفرادها الراقصة. و أهدى لأفرادها الجائزة، تصرف ألهب القاعة، و أكد للجميع آنذاك أن الرجل يتوحد بسرعة مع كل محيط يحس فيه بالأمان والجمال وأصالة التراث وطيبوبة البشر.

برحيل أسامة فوزي، تفقد مصر مخرجا خلاقا، مثلما نفقد نحن أصدقاءه وعشاق أفلامه واحد من أنبغ المخرجين المصريين، ورجل من ألطف وأحلى خلق الله وأكثرهم محبة ووفاء.

 

موقع "أويما" في

09.01.2019

 
 
 
 
 

أسامة فوزي‏..‏ عاشق السينما يرحل وحيدا

شريف نادي

شيعت مساء أمس جنازة المخرج السينمائي أسامة فوزي عقب صلاة العشاء من مسجد الرحمة المجاور لمدافن الشرعية بطريق الواحات وسط حضور عدد من محبيه وزملائه منهم المخرج يسري نصر الله‏,‏ الفنانة سلوي محمد علي‏,‏ وحرص المشيعون علي مرافقة جثمان المخرج الراحل علي وداعه حتي مقابر العائلة بطريق الواحات‏.‏

 ونعت نقابة المهن السينمائية برئاسة المخرج مسعد فودة رئيس اتحاد الفنانين العرب, المخرج أسامة فوزي, مؤكدة افتقادهم لمخرج صاحب بصمة واضحة في السينما عبر أعمال وإن كانت قليلة كما إلا أنها مؤثرة كيفا, وجديرة بالتقدير حيث حملت خصوصية وتفردا يجعلها خالدة في ذاكرة الفن المصري والعربي.

كما نعي عدد من الفنانين والمخرجين الراحل أسامة فوزي وكان في مقدمتهم الفنانة هند صبري التي كتبت عبر صفحتها علي موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك أسامة فوزي مخرج قدير, مختلف, شجاع, أفلامه لا تنسي, وساعات توجع, كان إنسانا خجولا لطيفا صامتا, خسارة كبيرة للسينما العربية.. رحمة الله عليه

بينما كتب المخرج محمد ياسين أسامة سبق علي هناك.. لك الرحمة ولنا العيش في جنة الشياطين, فيما كتب المخرج هاني خليفة الوداع يا صديقي.. سلام علي روحك.. مش قادر اصدق يا أسامة.. إنا لله وإنا إليه راجعون, فيما كتب المؤلف ناصر عبد الرحمن أسامة فوزي طائر يعيش ويموت في غربة خارج السرب.

وكان المخرج الراحل قد وافته المنية أمس عن عمر يناهز الـ58 عاما بعد مشوار سينمائي مميز قدم من خلاله4 أعمال فقط نجح في أن يجعل منهم نقطة مضيئة في تاريخ السينما المصرية, لكنه في الوقت نفسه لم يكن الطريق مفروشا بالورود أمام هذه الأعمال فتارة تواجهه أزمة تمويل هذه الأعمال, وأخري يخوض معارك شرسة من أجل عرض أعماله والتي كانت تحمل أفكارا تبدو غريبة لدي البعض, كان من أبرز الأعمال التي خاض بسببها معركة شرسة هو فيلم بحب السيما مع الفنان محمود حميده, وليلي علوي, وهو العمل الذي واجه العديد من الأزمات منذ كان مجرد سيناريو حيث واجه اعتراضات رقابية, ثم واجه الأزمة نفسها وقت عرضه لأن أحداثه تتعرض لتفاصيل الحياة الاجتماعية لأسرة مسيحية

حيث خشي النقاد المعترضون وقتها حدوث ردود فعل غاضبة من جمهور الأقباط فطالبوا بحذف عدد كبير من المشاهد أو إحالة الفيلم إلي الكنيسة, وهو الأمر الذي واجه انتقاد شديد أيضا من مثقفين ومفكرين وسينمائيين أقباط أبرزهم المخرج داود عبد السيد الذي انتـقـد إقحام رجـال الدين في مشاهدة أعمال اجتماعية طالما أن هذه الأفلام لا تتضمن أي مساس بالعقيدة والدين, وذلك قبل أن تقرر اللجنة العليا للرقابة عرض الفيلم للكبار فقط وحذف مشهد القبلة داخل الكنيسة, وتخفيف لقطات المشاجرة أثناء حفلة الزفاف داخل الكنيسة.

 

الأهرام المسائي في

09.01.2019

 
 
 
 
 

الموت يغيّب المخرج المصري أسامة فوزي صاحب «بحب السيما»

ترك 4 تجارب سينمائية مهمة في مشواره الفني

القاهرة: «الشرق الأوسط»

غيّب الموت، أمس، المخرج السينمائي المصري أسامة فوزي بعد صراع مع المرض، ليرحل عن عمر ناهز 58 سنة، تاركاً أربع تجارب سينمائية مهمة باقية في ذاكرة السينما، أبرزها «بحب السيما»، بالإضافة إلى أحلام فنية لم تتحقق، منها مسلسل «دم مريم» مع السيناريست محمد أمين راضي، وكذلك فيلم «أسود وردي» الذي ظلّ يبحث عن تمويل له لسنوات، وهو الثالث له مع السيناريست والروائي مصطفى ذكري، ضمن ثلاثية قُدّم منها فيلمان، هما «عفاريت الأسفلت» عام 1996، و«جنة الشياطين» 1999.

ولد أسامة فوزي، 19 مارس (آذار) 1961، وتخرج في قسم الإخراج في المعهد العالي للسينما عام 1984، وعمل مساعد مخرج لعدد كبير من المخرجين الكبار قبل أن يقدم تجربته الخاصة في السينما، أبرزهم، حسين كمال، ونيازي مصطفى، وبركات، وأشرف فهمي، ورضوان الكاشف.

كانت تجربة أسامة فوزي مع المؤلف هاني فوزي الأكثر إثارة للجدل في السنوات الأخيرة، حيث كان يصاحب طرحها في دور العرض ضجة كبيرة لتناولها موضوعات تتماس مع المعتقدات الدينية، كان أولها فيلم «بحب السيما» عام 2004، بطولة محمود حميدة وليلى علوي، الذي تناول حياة أسرة مسيحية مكونة من زوج أرثوذكسي قبطي متزمت دينياً وزوجة بروتستانتية وطفل وطفلة، ويعرض المشكلات الاجتماعية التي تواجه هذه الأسرة بسبب رؤية الزوج «المتزمتة» للدين. وقد أثار هذا الفيلم عند عرضه ضجة كبيرة، وحرك محامون ورجال دين مسيحيون دعوى قضائية للمطالبة بوقفه.

الفيلم الثاني الذي أثار به الجدل من تأليف هاني فوزي، هو «بالألوان الطبيعية» عام 2009، بطولة يسرا اللوزي وكريم قاسم، الذي دارت أحداثه حول طالب بكلية الفنون الجميلة، الذي استجاب لنداء الموهبة وحب الرسم ضد رغبة الأسرة، وعلى مدار سنوات الدراسة تتغير شخصيته تماماً وتحدث حالة صدام بين الأفكار الدينية لدى الناس حول الفنون، خصوصاً النحت والرسم والنظرية الدينية المتشددة وموهبته كفنان.

ونعى المخرج الراحل عدد من الفنانين، من بينهم الفنانة التونسية هند صبري، التي كتبت عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»: «أسامة فوزي مخرج قدير، مختلف، شجاع، أفلامه لا تنسى، وساعات توجع، كان إنساناً خجولاً لطيفاً صامتاً، خسارة كبيرة للسينما العربية... رحمة الله عليه». كما نعاه مهرجان أسوان السينمائي الدولي لأفلام المرأة أيضاً.

 

الشرق الأوسط في

09.01.2019

 
 
 
 
 

لهذه الأسباب لم يخض المخرج أسامة فوزى تجربة الدراما قبل رحيله

محمد زكريا

رحل المخرج السينمائى أسامة فوزى، ظهر اليوم الثلاثاء عن عالمنا عن عمر ناهز الـ 58 عاماً متأثرا بمرضه، بعد مشوار سينمائى كبير إلا أنه لم يقدم من خلاله سوى 4 أفلام فقط، ولكنه استطاع ترك بصمة كمخرج مهم فى السينما المصرية خلال السنوات الماضية كان آخرها "بالألوان الطبيعية" الذى عرض قبل 10 سنوات وتحديداً عام 2009.

عمل أسامة فوزى كمساعد مخرج لمدة 13 عاماً حيث اشترك فى عدد من الأفلام أبرزها "الراقصة والطبال" للنجم احمد زكى والنجمة نبيلة عبيد وإخراج أشرف فهمى، و"أرجوك أعطنى هذا الدواء" بطولة نبيلة عبيد ومحمود عبد العزيز وإخراج حسين كمال، و"مرسيدس" بطولة يسرا وتحية كاريوكا وعبلة كامل وإخراج يسرى نصر الله، إلى أن قدم أولى تجاربه كمخرج من خلال فيلم "عفاريت الأسفلت" للنجم محمود حميدة عام 1996، وبعدها "جنة الشياطين" و"بحب السينما".

رحل أسامة فوزى دون خوض تجربة الاخراج فى الدراما التليفزيونية، حيث تعاقد على اخراج مسلسل بعنوان "دم مريم" تأليف محمد أمين راضى للعرض فى شهر رمضان 2017، ولكن المل توقف بعد فترة من التحضيرات بسبب خلافات بينه ومبين مؤلف العمل فى وجهات النظزر ليتم تأجيل المسلسل دون عودة مرة أخرى وهذه المحاولة الاولى والأخيرة للمخرج السينمائى فى خوض تجربة الدراما التليفزيونية.

 

اليوم السابع المصرية في

09.01.2019

 
 
 
 
 

رحل قبل تحقيق حلم "الشيخ عبادة ".. أسامة فوزي صاحب البصمة المثيرة للجدل

كتبت :دينا دياب

رحيل المخرج أسامة فوزي مثل صدمة فى الوسط الفنى، خاصة وأنه رحل قبل تحقيق حلم حياته بتقديم رواية "الشيخ عبادة" للباحث ماهر فرغلى فى فيلم سينمائي، والذى ظل يجهز للسيناريو منذ عام 2014، والذى يستعير فيه فصولًا من كتاب فرغلي "الخروج من بوابات الجحيم"، الذي يحكي فيه المؤلف عن تجربته الشخصية أثناء انضمامه للجماعة الإسلامية لمدة 20 عامًا وكيف قضى منها 13 عامًا في السجون.

أقيم عزاء فوزى فى منزل عائلته في مينا جاردن سيتى حسب وصيته، بعد أن شيعت جنازته صباح الثلاثاء الماضى من مسجد الرحمة المهداة بمقابر أكتوبر.

عانى أسامة طوال حياته من عدم وجود منتج يتحمس لأعمال المثيرة للجدل لأنها تحقق جوائز ولا تجمع إيرادات وهو ما أبعده عن السينما لمدة 10 سنوات منذ آخر أفلامه "بالألوان الطبيعية" ، وهذا كان السبب في تقديمه لـ4 أفلام فقط، ورغم محاولاته الدائمة إلا أنه فشل في خروج تجربته الأخيرة للنور لعدم وجود منتج يريد أن يخاطر بأمواله في فيلم سينمائي، يعلم أنه جيّد جدًّا، لكن قد لا يجلب له الإيرادات.

فوزى قدم في تاريخه الفني 4 أفلام كانت كلها مثيرة للجدل، لم تمر واحدة منها مرور الكرام، فكلها أحدثت جدلاً واسعًا مع الرقابة، لكنها حققت نجاحًا نقديًّا كبيرًا بسبب أسلوبه السينمائي الذي تميز بالاختلاف والجرأة غير المصطنعة، وأحدثت تغييرًا كبيرًا عند الجمهور عند عرضها، واستطاع أن يضع بها بصمة كبيرة في تاريخ السينما المصرية.

4 أفلام حولت مخرجها لواحد من أهم مخرجي السينما المصرية، بداية من أول أفلامه «عفاريت الأسفلت» مرورًا بفيلمه الصادم المفاجئ «جنة الشياطين»، ثم فيلم الأزمات والمشكلات التي لم تنته «بحب السيما»، وصولًا إلى آخر أفلامه «بالألوان الطبيعية»، وكان آخر ظهور لأسامة في مهرجان الجونة السينمائي الدولي في دورته الأولى، حيث أقيمت ندوة له مع ممثله المفضل محمود حميدة، الذي ظهر في 3 من أفلامه الأربعة.

فى آخر حواراته سئل أسامة فوزى عن سبب غيابه عن السينما فقال بحزن "البعض يتهمني بالكسل وعدم السعي لتقديم أعمال أكثر، وهم متخيلون أنني عندما أفكر في تقديم فيلم جديد ستفتح لي كل الشركات أبوابها، لكنهم لا يعرفون أن البحث عن تمويل لأفكار مختلفة هو أمر صعب للغاية؛ لأن واقع الحال أن المنتجين الذين قدموا المصطلح الغبي «فيلم المهرجانات»، وهو مصطلح لا يوجد في أي مكان في العالم إلا في السينما المصرية، وهو بمقاييس هؤلاء المنتجين فيلم رديء ودمه تقيل ولن ينجح لأن الناس لن تفهمه، أصبحوا يرفضون أعمالنا دون أن يقرأوها أصلًا، وللأسف الشديد أنا ومعي داود عبدالسيد ومحمد خان ويسري نصر الله أصبحنا نجد صعوبة في تقديم أفكار جادة؛ لأن الممثلين أيضًا الذين يقابلوننا من حين لآخر ويقولون نتمني أن نتعاون قريبًا يتراجعون عن هذه الآراء بعد أن يخيفهم المنتجون من اهتزاز صورتهم، وأن هذه الأفلام قد تتسبب في انخفاض أسهمهم لدى الجمهور.

 والهجوم العنيف الدائم على أفلامه كان السبب فيها أن المجتمع المصري أصبح عنيفًا جدًا، إضافة إلى أن مساحة التسامح وقبول الآخر أصبحت تتضاءل، بل أوشكت على الاختفاء.

 

الوفد المصرية في

09.01.2019

 
 
 
 
 

وشوش وحكايات-

بعد رحيل أسامة فوزي الصادم.. ماذا نقول لعفاف؟

علا الشافعي

لم يتغير شىء، ولن تتغير في ظنى، تفاصيل المشهد تظل كما هي، كل منا سيمضي في طريقة، يكافح أو يناطح بعض الشىء، وهناك من يداهن أو يتلون ويخادع ويتحايل ليعيش ويكسب ويتكسب.. هي الحياة بعيدا عن المزايدات أو الحديث عن حجم الوجع وألم الفراق تفاصيل نعيشها بعد أن نتجاوز صدمة الرحيل المفاجئ والمباغت.

كل من عرف أو إقترب من المخرج أسامة فوزي( ٥٨) عاما والذي رحل عن عالمنا هذا الأسبوع، يعيش حالة من الصدمة الحقيقية، خصوصا وأن رحيل أسامة وضعنا أمام أنفسنا، جعلنا ننظر إلى المرآة بشكل أكثر تأملا بعد أن صار الكثيرون منا يخشون النظر في المرآة بل عادة ما بتنا نشيح بأنظارنا حتى لا نرى كم التحولات التي آكلت أرواحنا من كثرة ما تفعله بنا تناقضات الحياة، لا أنكر أن هناك من يحب حياته كما هي وما وصل اليه هو سقف أحلامه، التي ظل يناطح ويسعي لأجلها، وأن هناك من إضطر للإنحناء أو الإنبطاح التام.. هي أيضا خيارات.

ولكن موهبة أسامة والتي ظلت تضغط عليه وتحاصره جعلته لا يشبه الكثيرون، فالعمر يمضي والحصار المادي والنفسي ينهش الروح ويخرج لسانه للموهبة والتي حاولت بكل الطرق أن تتحصن وتحمي نفسها إلى أن انهارت تماما.

من اقترب من عالم أسامة فوزي الحقيقي، يعرف أنه كان عالما بسيطا لم يرغب في الملايين والقصور أو أن تطارده الكاميرات لأنه الأشهر والأهم، فقط كانت قهوته الاسبرسو المميزة وسيجارته، وقليل من الطعام في مقابل أحلام كبيرة بمشروعات سينمائية لم تتحقق، ومع كل موجة وانكسار كان يلتزم الصمت لفترة، إلى أن يعاود المقاومة من جديد مع حلم آخر ومشروع سينمائى جديد، يعافر لتحقيقه.

10 سنوات كاملة بعد آخر فيلم قدمه "بالألوان الطبيعية" 2009، وهو يجلس في منزله يحاول فهناك أحلام ومشروعات، إلا أنه لم يستطع تحقيقها لأسباب مختلفة منها مثلا التصنيفات بمعنى أن البعض يضعه في فئة مخرجين المهرجانات، ذلك التصنيف الذي اخترعه كل من يعادي السينما المختلفة)، وهو التصنيف الذي تم من خلاله قتل العديد من المواهب الحقيقة، وكأنها تُرجم بسبب اختلافها، أو لأن البعض قرر أن يصفه بالمخرج المتعالي، لم تعد الأسباب تهم لقد رحل صاحب "عفاريت الأسفلت"، و"جنة الشياطين"، و"بحب السينما"، فجأة ليضع منظومة كاملة أمام نفسها وضميرها، إذا كان ولا يزال هناك شيئا منهما وفي ظنى لن يتغير شىء كل سيمضي إلى غايته

واذا كان رحيل أسامة الصادم والمفجع قد ترك الكثير من التساؤلات إلا أن ما يزيد ألمى الشخصي "عفاف" الشقيقة الصغري والمنتجة التي أُجهضت الكثير من أحلامها أيضا، عفاف وحدها التي كانت تراقب عن كثب تآكل روح شقيقها، التي لم تكف يوما عن دعمه وتقويته، عفاف التي لا تعرف سوى العطاء والإيمان بشقيقيها، كم مرة شاهدت انهياره، كم مرة راقبته وهو يشعر بأن الحلم بات قريبا، وكيف كانت تدعمه عندما يتكسر الحلم أمام طلاسم واقع صار يتجاوز العبث.

قد تكون روح أسامة قد تحررت بالخروج من هذا العالم، وحدها عفاف تعانى الكثير، ويكفيه كل تلك اللحظات المؤلمة، والمشاعر المتناقضة، والتي يقف أي كلام تعزية عاجزا أمامها، هي وكل أحباب مواهب حقيقة صادقة راحوا ضحية الإهمال والتجاهل والإقصاء المتعمد.

موقع "في الفن" في

10.01.2019

 
 
 
 
 

أسامة فوزي… صاحب الأفلام الفارقة في تاريخ السينما المصرية

محمد عبد الرحيم

القاهرة ــ «القدس العربي»:رغم الأفلام القليلة التي قدمها المخرج أسامة فوزي (19 مارس/آذار 1961 ــ 8 يناير/كانون الثاني 2019)، إلا أنه حاول دوما تقديم رؤية مختلفة لما تمثله السينما من فن يهتم بالوعي في المقام الأول، بدون المُشاع عنها أنها فن استهلاكي، خاصة في ظل نظام إنتاج في مُجمله مهما ادّعى لا يجد في السينما سوى بديل شرعي عن الكباريه.

ورغم اختلاف مستوى الأفلام التي قدمها فوزي، إلا أنها استطاعت التعبير عن وجهة مختلفة، لا تقلد أحدا، محاولة مناقشة القضايا الاجتماعية في شكل فلسفي أكثر عمقا من حكاية وشخوص وأماكن. تخرّج أسامة فوزي في المعهد العالي للسينما قسم اﻹخراج عام 1984. قدّم أول أفلامه «عفاريت الإسفلت» عام 1995 و«جنة الشياطين» 1999 ثم «بحب السيما» 2004، وكان فيلمه الأخير «بالألوان الطبيعية» عام 2009.

في كل من فيلمي «عفاريت الإسفلت» و«جنة الشياطين»، وقد كتبهما الكاتب مصطفى ذكري، والأخير عن رواية «الرجل الذي مات مرتين» لجورج آمادو، لا تبدو الشخوص ولا الحكاية خاصة بمجتمع أو زمن معيّن، قدر مناقشتها لقضايا وجودية أكبر، الحياة والموت، ومباهج الحياة وقدر الألم الذي نقايض به هذه المباهج. الأمر أكثر ارتباطا بـ (الحرية)، وثمنها المعروف سلفا، تبدو شجاعة الاختيار في الخطر المصاحب لهذا الاختيار، الخطر الدائم، الذي يبدو للآخرين شرا لا يمكن تحمّله. فجنة الشياطين تقتصر على مخلوقات اختارت أن تعيش بعيدا عن الآخرين، خالقة عالما يليق بهم وحدهم. فـ»طبل» أو منير رسمي سابقا في عالم الأسرة والمجتمع الأشبه بالسجن، يبدو حرا ويمارس هذه الحرية حتى بعد موته، عن طريق الحكايات التي تتواتر عنه، رغم وجوده كـ»جثة» بين رفاقه. هنا تصبح كل الموبقات ــ في عرف الآخرين ــ لحظات سعادة وتحققا للوجود، هذا الوجود الذي لا يعرفه الكثيرون، عائلة منير على سبيل المثال، التي لا يهمها سوى إقامة جنازة تليق بوالدهم، بدون اعتبار للرجل، فقط للحفاظ على سمعتها التي انتقم منها بطريقته، حتى وهو ميت.

يبدو الأمر كذلك في «عفاريت الإسفلت» هناك حياة سريّة يتحلق حولها الجميع، ويحرصون عليها في تواطؤ مزمن، فهناك تاريخ لا يمكن ولا يستطيعون التخلي عنه أو نسيانه، فمجرّد التفكير في بيع البيت الذي يجمعهم، يصرخ الجميع معا «لا». فمن الذي سيتذكّر، ومَن الذي سيحكي بعد ذلك. المسألة مسألة وجود، ورغم هذه القضايا المعقدة، إلا أن الإطار السردي لم يكن على شاكلة هذه الأفكار، بل حكاية يمكن التواصل معها وتأويلها حسب وعي ورؤية المتلقي.

لم يتحقق في الفيلمين السابقين الانتشار إلا في أوساط محدودة، أوساط المثقفين أو المتثاقفين أو حتى مدّعي ثقافة. لكن فيلم «بحب السيما» ربما كان الأكثر شهرة بين أفلام أسامة فوزي، نظرا لعدة أشياء، منها أنه للمرّة الأولى يتم تناول حياة أسرة مسيحية بأدق تفاصيلها ــ وكأن الأقباط كائنات غريبة مُبهمة لا نعرف عنهم شيئا، وهو الواقع بالفعل ــ ثانيا موقف رب أسرة متشدد يجد في الجنس خطيئة يفعلها مضطرا، مما يسبب الكثير من المشكلات لزوجته، التي بدورها تعمل مُدرّسة للرسم، وترسم أعمالا تخفيها خشية زوجها، الذي يرى كل شيء حراما. ورغم أن فوزي استوحى الإطار العام للفيلم من الفيلم الإيطالي «سينما باراديسو»، إلا أنه نجح في ربط تطور شخصية الزوج بأحداث مصر في الستينيات، من انتصارات وهزائم، وصولا إلى خطاب التنحي الشهير لعبد الناصر. الأمر الأهم هنا هو العلاقة مع الله، فهل هي خوف من نيران غضبه؟ أم أملا في رحمته؟ وهل يمكن فهم وتفسير الكثير من النصوص التي اتخذت صفة القداسة على أنها ضد حياة الإنسان، هذه الحياة القصيرة جدا، والتي لا تتحمّل كل هذه القيود، التي أولا وأخيرا يفرضها الإنسان على نفسه، فيكون بعيدا عن الله، قدر المسافة التي رسمها له الآخرون.

القدس العربي اللندنية في

10.01.2019

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2019)