كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

خفايا تاريخ متوتر لعلاقة الأوسكار بالعنصرية

هل فاز «كتاب أخضر» لأنه أبيض؟

لندن: محمد رُضا

جوائز الأكاديمية الأمريكية للفيلم

(أوسكار 2019)

   
 
 
 
 
 
 

«هذا أفضل فيلم لعام 1965»؛ كتب معلق ساخر على فوز فيلم «كتاب أخضر» لبيتر فارلي بـ«أوسكار أفضل فيلم» ليلة الأحد الماضي. بذلك قصد أن يقول إنّ الفيلم ينتمي إلى تلك الحقبة؛ إنّه جيد، ولكن بعقول تلك الفترة ومفاهيمها.

«غرين بوك» في الواقع يعكس حالات متعددة؛ إحداها بالتأكيد أنّ الفيلم لو حُقّق سنة 1965، لحمل رسالته إلى منصّة لم تكن مستعدة لقبوله بصرف النظر عن مستواه. في ذلك العام نال الجائزة فيلم «سيدتي العادلة» (My Fair Lady)، وهو فيلم تقليدي الصنعة لمخرج من مخضرمي هوليوود هو جورج كيوكر. في المنافسة آنذاك فيلم موسيقي آخر هو «ماري بوبنيز» لروبرت ستيفنسون، وفيلم «زوربا ذا غريك» لمايكل كاكويانيس، وفيلم مسرحي هو «بيكيت» حققه بيتر غلينفيل عن حياة الملك هنري الثاني.كل هذه الأفلام عاشت وماتت بعد سنوات قليلة باستثناء الفيلم الخامس: رائعة ستانلي كوبريك المعادية للحرب والمنتمية إلى الكوميديا السوداء بجدارة، وهي «دكتور سترانجلف أو: كيف تعلمت التوقف عن القلق وأن أحب القنبلة». وصول هذا الفيلم إلى الترشيحات المؤلفة من 5 أفلام فقط آنذاك، كان بادرة عبّرت عن الحب الليبرالي لهوليوود، لكنّها خسرت أمام تقاليد تفضيل أفلام منسوجة ومطرّزة حسب الحرفة المعتادة... أفلام حسب العادة.

لو أنّ «غرين بوك» أُنتج آنذاك ودخل التّرشيحات بالفعل بدل أي من هذه الأعمال الخمسة، لكان سجّل قصب السبق في أنه أول فيلم يتناول علاقة البيض بالسود يدخل حلبة الأوسكار... هذا لأنّه في عام 1968 شهد العالم دخول «في حرارة الليل» (In the Heat of the Night) ترشيحات الأوسكار الرسمية؛ بل وفوزه بجائزة أفضل فيلم.

«في حرارة الليل» لنورمان جويسون متاعب عرقية وعنصرية واضحة: تحرٍ أسود (سيدني بواتييه) في زيارة لقرية تقع في قلب الجنوب الأميركي (الذي ما زال يحفل بالنّعرات العنصرية إلى اليوم)، سيساعد شريف البلدة الأبيض (رود ستايغر) لحل جريمة قتل اتهم فيها أسود وكاد الملف يغلق على ذلك. لكن القاتل كان من البيض. وجود التّحري تيبس (أو «مستر تيبس» كما كان يؤكد لشريكه الأبيض) ألهب البلدة ضده. حاصر العنصريون السود تيبس وكادوا يجهزون عليه لولا تدخل الشريف وصدّهم. لم يكن ذلك التّدخل حباً بالتّحري لكن دفاعاً عن القانون.

- تفاهم عند الضرورة

الأفلام الأخرى التي كانت بحوزة سباق أوسكار 1968، كانت الفيلم العاطفي السّاذج «المتخرج» لمايك نيكولز، والفيلم المنتمي إلى تقاليد هوليوود الاستعراضية الكوميدية الرّاسخة «دكتور دوليتل» لريتشارد فليشر، وفيلم العصابات الممتاز «بوني وكلايد» لآرثر بن، وفيلم ميلودرامي استحوذ أيضاً على العلاقة بين البيض والسود، ووضع سيدني بواتييه في البطولة (إلى جانب كاثرين هوفتون وسبنسر تريسي وكاثرين هيبورن) هو «خمن من سيأتي للعشاء» Guess Who›s Coming to Dinner للمخرج ستانلي كرامر.

«خمن من سيأتي للعشاء» كان من فصيلة الأفلام التي تداولت موضوع العنصرية بطريقة ساذجة في التفكير والتنفيذ. ستانلي كرامر لطالما أمسك العصا من منتصفها في كل مرّة قدّم فيها موضوعاً يتعلّق بالعنصرية أو بموضوع آخر ذي حرارة مرتفعة. في عام 1958 قدم «المتحديان» (The Defiant Ones) مع توني كيرتس و(أيضاً) سيدني بواتييه. الفيلم دخل حلبة الأوسكار سنة 1959، «أفضل فيلم»، لكنّه خسر المواجهة (أمام الفيلم الموسيقي «جيجي» لفنسنت مينيل) وربح فقط في مجالي التّصوير لسام ليفيت، والكتابة المباشرة للسينما، هارولد جاكوب سميث وديريك يونغ.

في «خمن من سيأتي للعشاء» تصطحب ابنة عائلة بيضاء من وسط اجتماعي ثري صديقها إلى بيت والديها (ترايسي وهيبورن في آخر لقاء بينهما بعد أفلام مشتركة)، في زيارة بعد طول غياب. كلاهما يفاجأ بأنّ الصديق الذي تتحدث عنه هو رجل أسود، لكنهما من البداهة والانفتاح بحيث لا يغادران مائدة العشاء أو يعتذران للضيف عن عدم استقباله. الفحوى هنا هو أنّ كل فريق (السود والبيض) يستطيع التّفاهم والالتقاء عند الضرورة (فقط)، في منتصف الطّريق. الأسود عليه أن يتحلّى بدمث الأخلاق والثّقافة العالية، والبيض باستعدادهم للانفتاح على الآخر وممارسة المبادرة الحضارية في أي وقت عصيب كهذا. المفاد بالتالي هو أنّ الأسود قد يستطيع، إذا ما تحلّى بتلك المواصفات (بالإضافة إلى حلاوة ابتسامة سيدني بواتييه)، اجتياز الحاجز العنصري، لكن فقط بفضل البيض من أمثال عائلة درايتون.

«فيدني أفيدك» هو مبدأ «المتحديان»، الذي هو أفضل صنعاً من «خمّن من سيأتي للعشاء». بواتييه وتوني كيرتس مقيّدان إلى سلسلة واحدة في عربة قطار تقل مساجين. يهربان، ومن البداية يمارس كل منهما محاولة قمع الآخر، فكل منهما يريد التوجه صوب البيئة التي تحتضنه، لكنّه مقيد للآخر، مما ينشأ عنه صراع (بدني) ونفسي صارم. في هذا الصّدد سينقذ كل منهما الآخر وسيتفهم كل منهما المشكلة الكامنة في المجتمع وليس فيهما.

- الخط الوسط

في كل من «المتحديان» و«في حرارة الليل» تغيب وجهة النّظر البيضاء في المشكلة السوداء، بمعنى أنّ الفيلمين مرويان من وجهة نظر لا تمثل الطّرف الواحد؛ بل القصة. وهذا ما يخفق «كتاب أخضر» فيه. فالفيلم منسوج من ذكريات وضعها نك فاليلونغا حول الفترة التي قضاها والده سائقاً خاصاً لنجم موسيقي اسمه دون شيرلي. دون شيرلي كان موسيقياً متعدد المواهب: مؤلف موسيقي، وعازف بيانو، ومازج في حبه لموسيقى الجاز ذلك الذي يكنه صوب الموسيقى الكلاسيكية. وهو ولد سنة 1927 وتوفي سنة 2013. نيك فاليلونغا (يعرف أيضاً باسم توني لب) إيطالي الأصل وعمل سائقاً خاصاً وملاكماً وحارساً بدنياً في الحانات، وكان على اتصال بالمافيا ولعب أدواراً صغيرة في بعض الأفلام (بينها «العراب»)، وكبيرة على التلفزيون («ذا سوبرانوز») بعدما دخل السينما كاتباً وممثلاً ومن ثم منتجاً. جل الفيلم عن العلاقة بين السائق الأبيض، الذي يقدم الفيلم خلفيته العنصرية في مشهد قيام نيك برمي كأسين شرب منهما عاملان من السود في الزبالة، والموسيقار الأسود، وكيف واجه كل منهما الآخر من وجهة نظره ومفهومه الخاصين، ولاحقاً؛ كيف استفاد نك من تلك العلاقة؛ إذ تفهم أكثر معاناة السود من العنصرية، وذلك بعدما عمل دون شيرلي معه سائقاً في بعض الولايات الجنوبية وفي حفلات البيض ونواديهم هناك. على الرّغم من كل ذلك الكشف عن المواقع وتبادل المفاهيم، فإن الفيلم يكتفي بلقاء شخصيتيه عند خط وسط. كل ما نراه، في النهاية من مضامين، أنّ العنصرية ليست ضرورية للتواصل، لكنّها كذلك ليست مدانة؛ بل مجرد حالة واقعة. لو كانت مدانة لكان الفيلم توجه بأحداثه إلى ما هو أكثر حدة وانتقاداً. لكان على الفيلم أن يُكتب من جديد من دون تلك المسحة اللامعة من أنّ كل شيء يمكن أن يصبح على ما يرام رغم كل شيء.

على رقعة هذا الشطرنج؛ الأبيض ينقذ الأسود. هذا الأخير مضطر لأن يقبل بهزيمته الاجتماعية، فبعد حفلاته مع «كبار القوم» مضطر للمبيت في فنادق حقيرة مخصصة لأبناء جلدته. في أحدها يضبط «دون»، بين مجموعة من المثليين. نيك يرشو ضابط شرطة لإخلاء سبيل دون قبل فوات الأوان.

- الواقع والخيال

لكنّ الدلالات على تحيز الفيلم للمنقذ الأبيض واضحة. الحكاية تُسرد هنا من وجهة نظر كاتبها (وبعد رحيل الفنان سنة 2013)، وترضي غير المستعدين لدخول أعماق المشكلة أو تأنيب ذواتهم على واحدة من أكبر معضلات العلاقة الإنسانية في أميركا (وحول العالم). لكنها واضحة أيضاً خارج الفيلم.

فوز «كتاب أخضر» كتبه إيطالي كان شن إهانة إسلاموفوبية ضد المسلمين سنة 2015، قبل أن يعتذر عن ذلك. وأخرجه بيتر فارلي الذي كان خلع ملابسه أمام النساء العاملات في أفلامه السابقة (قبل أن يعتذر بدوره عن هذه الأفعال).

إلى ذلك، لو أنّ المنتجين حكوا الأحداث من وجهة نظر راوٍ محايد (كما حال «في حرارة الليل» مثلاً) أو من وجهة نظر دون شيرلي ذاتها، لكان تجنب الكثير من اللغط الحاصل حول فوزه.

لكن، ومن المنطلق ذاته، من يستطيع أن يؤكّد أنّ صانعي «كتاب أخضر» كانوا سيحقّقون الفوز في دورة الأوسكار الأخيرة فيما لو سردوا الحكاية من وجهة نظر الموسيقار وليس سائقه؟

لدينا الجواب الشافي عن هذا التساؤل في الدورة ذاتها.

ها هو «بلاكككلانسمان» خير دليل على أنّ سرد الحكاية من وجهة نظر الأسود لا يفيد كثيراً بين أعضاء الأكاديمية.

إنّها حكاية حقيقية (بدورها) عن رون ستولوورث (لعبه في الفيلم جون ديفيد واشنطن) الذي كان أول رجل أفرو-أميركي ينضمّ إلى شرطة بلدة كولورادو سبرينغز وذلك في 18 يونيو (حزيران) سنة 1974. وهو - وكما يذكر الفيلم حكايته - تمكّن من دخول عصبة «كو كلوكس كلان» متخفياً، ووضع تجربته في كتاب نشره سنة 2014. لم يغير لون بشرته، لكنّه انضم للعصبة المتطرفة على الهاتف، وحين طُلب منه الحضور للاجتماع برئيسها في كولورادو سبرينغز أوفد زميلاً أبيض البشرة مكانه.

الشرطي الذي ادّعى أنّه رون، في الواقع لم يكن يهودياً كما في الفيلم (أداه آدام درايفر)؛ بل مسيحياً. خطأ السيناريو الأساسي هو أنه حاول إقحام عنصر «مضطهد» آخر في الحكاية التي هي في الأساس عن بيض وسود وليس عن بيض ويهود.

لكن بصرف النظر عن هذه النّقطة (التي تشي بتدخل الكاتب ديفيد رابينوفيتز بالمادة) فإنّ الفيلم هو اقتباس للأشهر التسعة التي خدع خلالها رون الفرع المحلي لتلك العصبة لأجل كشف مراميها.

في الصميم هنا أن فيلم سبايك لي هذا حكى الأحداث من وجهة نظر بطله. هناك اختلافات عدة بين الواقع والفيلم، لكنّ الحقائق أكثر عدداً من الاختلافات.

وتقديم المخرج فيلماً يتبنّى وجهة نظر الشّخصية التي أجرت التحقيق، قاد العمل إلى جدية الطرح على عكس ما حدث مع «كتاب أخضر».

هنا يتضحّ أنّ أعضاء الأكاديمية فضلوا «تبويس اللحى» وتطييب الخاطر الأبيض على فيلم يدخل عميقاً في مشكلة ما زالت تشغل الولايات المتحدة، حتى ولو كان الثّمن هو هضم حق مخرج أفرو-أميركي له باع طويل في تناول الموضوعات العنصرية تناولاً ساخراً وموضوعياً في الوقت ذاته مثل سبايك لي.

الصورة التي تجمع بين صانعي الفيلم الفائز وهم على المنصة محتفين بأوسكاراتهم عن «كتاب أخضر»، قد تشهد أنّ الفيلم في النّهاية كان نظرة بيضاء على موضوع أسود. وأنّ الأكاديمية لا تزال أمامها مسيرة طويلة قبل أن تدرك الاختلافات الحميمة بين أفلام صادقة وأخرى لاصقة.

المرء قد يرضى بأن يفوز ألفونسو كوارون على سبايك لي في دائرة «أفضل إخراج».

كان هذا ما توقعناه هنا وتوقعه كثيرون سوانا، لكنّ ذهاب «أوسكار أفضل فيلم» لمن فاز به اعتبر من قِبل العديد من السينمائيين والنّقاد، قِصر نظر، ودليلاً على أنّ المشكلة العنصرية باقية على جانبيها: في الحياة وعلى الشّاشة.

الشرق الأوسط في

28.02.2019

 
 
 
 
 

رامي مالك.. وهذه ليست سوى البداية

محمد صبحي

في أقل من ثلاث سنوات، حصل رامي مالكعلى أرفع جائزتي تمثيل يمكن أن ينالهما نجم هوليوودي. الأولى حين فاز في 2016 بجائزة "إيمي"، كأفضل ممثل عن دوره في السلسلة التلفزيونية "مستر روبوت"، والثانية قبل أيام قليلة، حين فاز بأوسكار أفضل ممثل عن دوره في البيوغرافيا الموسيقية "ملحمة بوهيمية"، الفيلم الذي يروي فصولاً من سيرة حياة فريدي ميركوري، مغنّي فرقة الروك الإنكليزية "كوين" إحدى أشهر الفرق الموسيقية في التاريخ.

حظي مالك بتتويجين، على ما فيهما من كلام ونقاش حول استحقاقهما، يتيحان استعادة سيرة مهنية وتأمل مصير مهاجر شاب في زمن تجاور المتناقضات وسهولة رفع الصوت ليصبح ترينداً. فبين الردّة الأميركية، بزعامة "المجنون الأشقر" دونالد ترامب، والمدّ الانفعالي لحركات ارتدادية مناهضة تحاول كبح جماح الجنون السائد؛ يبرز رامي مالك (1981 - لوس أنجليس) كجزء ضمن حالة تمتد حدودها أبعد من صالات السينما ومواقع التصوير، كصاحب مشوار لافت لأكثر من 15 عاماً في عالم التلفزيون والسينما، عَبَر خلاله عدداً من التجارب المختلفة، أوصلته لتحقيق الكثير مما لا يتوقعه أحد.

مسار متنوع

البداية كانت بأدوار تلفزيونية خاطفة بين العامين 2004 و2005 جعلت له موطئ قدم في المشهد وأعدّته لما هو قادم. دور خاطف في إحدى حلقات الموسم الرابع من "غيلمور غيرلز"، ثم دور صغير كإرهابي عربي في ثلاث حلقات من الموسم الثامن لمسلسل "24" الشهير أمام الممثل كيفن سوزرلاند، ثم مشاركته في الموسم الأول من "أوفر زير"، في دور حسَّان، شاب عراقي متمرد، في عمل يدور في أجواء الغزو الأميركي للعراق. في العام ذاته، حصل على عضوية نقابة الممثلين الأميركيين، وقدّم دور شاب مثليّ في مسلسل "الحرب في البيت"، وقدّم أيضاً دور قاتل مريض نفسياً يعاني تعدد الشخصيات، في مسلسل "وسيط" من بطولة باتريشيا آركِت، وفي أدائه هذا الدور الصغير تُلاحظ قدرته على تجسيد الشخصيات المعقدة نفسياً بأداء هادئ بعيد عن المبالغة، وهو الذي سيصل ذروته في عمله التلفزيوني الأهم والأشهر "مستر روبوت".

التمكّن الأدائي لمالك سيصاحبه في أدواره الصغيرة ويجعله قادراً على تشكيل مساره المهني بتنوع، مثل دور القاتل المتسلسل المحب للموسيقى الذي يقتل ضحاياه بأوتار الكمان (مسلسل "ألكاتراز")، أو في ظهوره السينمائي الأول في "ليلة في المتحف" في دور الفرعون أخمن رع، أمام روبن ويليامز وبن ستيلر وبن كينغسلي، أو في شخصية الجندي مارييل شلتون، شاب يعاني نفسياً وعصبياً من آثار القصف والعمليات العسكرية في السلسلة التلفزيونية القصيرة "الباسيفيك"، وهو الدور الذي لفت نظر توم هانكس، المشارك في إنتاج السلسلة، ليستعين بمالك لاحقاً في دور صغير في فيلمه "لاري كراون". إلى أن وصل في العام 2015 إلى أولى بطولاته التلفزيونية في "مستر روبوت"، بمواسمه الثلاثة، ليجسّد الشخصية الأهم في مساره حتى ذلك الوقت: إليوت ألدرسون، الشاب "الكوول" العصري والقرصان الرقمي الطيب، بقامته النحيلة وعينيه الواسعتين القلقتين ومعرفته الهائلة بعوالم المعلوماتية ومتاهاتها، وبرغبته الثورية في إقامة العدالة وإصلاح المجتمع وإطاحة المؤسسات الكبرى.

"مستر روبوت"، من كتابة وإخراج أميركي آخر من أصول مصرية هو سام إسماعيل، مستلهم من ثورة 25 يناير المصرية، ومن حقيقة غضب شعبي تجاه مؤسسات المجتمع والنظام الحاكم، واستخدام شباب مصري لأدوات تكنولوجية مثل "فايسبوك" و"تويتر" لتنظيم تظاهراتهم السلمية، وقدرتهم على إسقاط الديكتاتور حسني مبارك في 18 يوماً. وشكّل المسلسل، بحكايته وتشويقيته وبانفتاح موضوعاته على مسائل نفسية واجتماعية، باباً ذهبياً ليعبر منه رامي مالك إلى قمة الشهرة، التي ستؤهله لبطولة فيلم "باسترز ميل هارت" (2016)، الذي يقدّم استنساخاً باهتاً لأحد خطوط "مستر روبوت" الذهنية والنفسية. لكن الموهبة الحقيقية قادرة على البروز وسط أكثر المناخات سوءاً، وهو ما تجسّد فعلياً في الفيلم الكبير التالي الذي قام ببطولته مالك، "بابيلون" في نسخة حديثة من فيلم سبعيناتي بالعنوان نفسه، وفي دور لويس ديغا، المزوِّر الفرنسي الثري ضعيف البنية الذي يجد نفسه مسجوناً في جزيرة نائية مع عتاة في الإجرام والقتل والبلطجة، فيتخذ من أحد المحكوم عليهم بالسجن حارساً شخصياً يحميه مقابل المال.

فريدي ميركوري

حصد "ملحمة بوهيمية" أربع جوائز أوسكار، وهو عدد جعله الفيلم الأنجح في ليلة الأوسكار، رقمياً على الأقل. لم يكن من المستغرب منح الفيلم جائزتي المزج الصوتي والمونتاج الصوتي، وكان من المتوقع فوز رامي مالك بجائزة أفضل ممثل عن دوره في الفيلم وتجسيده شخصية فريدي ميركوري. بالطبع، من الجنون التظاهر بمطابقة أداء مالك لميركوري أو جاذبيته وحركيته، ففي أفضل لحظاته يؤدي على خشبة المسرح قليلاً مثل ميركوري، لكن أداء الممثل الشاب لم يبتعد عن منطقة إثارة الإعجاب به في حد ذاته، فضلاً عن تقليد الأكاديمية الشهير في تفضيل تتويج الشخصيات التاريخية في فئة التمثيل تحديداً.

لكن "ملحمة بوهيمية" يمتلك شيئاً يحبّه عديد المشاهدين - الذين جعلوه ظاهرة ناجحة في شباك التذاكر حول العالم- وأعضاء أكاديمية هوليوود أيضاً: الحبكة الدرامية المفضلة عن ذلك "الأوتسايدر" (فاروق بولسارا، أو فريدي ميركوري، جاء بجذوره الهندية من زنجبار إلى إنجلترا) الذي يصنع بموهبته وشغفه اللانهائيين مهنة ناجحة في مجال متطلِّب. يتجنب الفيلم أيضاً، إلى حد كبير، الجوانب المظلمة والأزمات العميقة لحياة غير عادية، مختاراً التركيز على نجاح الفرقة، مع التزامه بمسارٍ مألوف في أي بيوغرافيا تقليدية لنجم موسيقي، تبدأ من التأسيس لحكاية النجاح الكبير، مروراً بسحر الاستديو وتسجيل الأغنيات، ثم الدخول إلى كواليس الحفلات الشهيرة، وصولاً إلى مشكلات الشهرة والمخدرات. كتالوغ محفوظ ومتوقع، لم يحاول الفيلم النأي عنه، بل رمى نفسه كلياً فيه. بالمحصلة، خرج الفيلم بقليل مما يمكن مشاهدته، وبالكثير للاستماع إليه.

هذه العوامل جعلت من أداء مالك بمثابة مركز ثقل في فيلم يملك من ضعف الدراما وملل الفرجة ما يباعد بينه وبين المشاهدين، وهو في ذلك يشبه كثيراً ماهرشالا علي في "غرين بوك" المتوَّج بأوسكار أفضل فيلم. بمعنى آخر، قدّم الفيلم لمالك أكثر مما قدّم لميركوري، وفي الوقت نفسه قدّم مالك أداءً أكبر من مستوى الفيلم.

بعيداً من هوليوود، يُختلق في مصر جدال ناقص عن شرعية الاحتفاء بمالك لفوزه عن أدائه شخصية مثلية في فيلم هوليوودي ناجح تجارياً. ففضلاً عن غياب حقيقة أساسية عن هذا المدّ السيبري المؤقت والمتهافتة أسبابه، تبدو شهوة الاندفاع لركوب موجه "التريند" دافعاً وحيداً لمعلّقين كثر، بما يكفي لنفي صفة الجدّية عن هذا الجدل أساساً. في إحدى مقابلاته الصحافية، يقول مالك عن استعداده لأداء شخصية ميركوري، إنه لطالما رأى فيه أعظم مؤدٍّ مسرحي في كل العصور، ووقف أمام تلك الحقيقة طويلاً ليرى كيف سيكون مدخله إلى الشخصية. لكن مالك يعتمد منهجاً خاصاً في تجسيد شخصياته، يمكن تلخيصه في "العثور على الإنسانية التي في داخلهم"، لذا "بدأت في النظر إليه كشاب، ومن الواضح أن اسمه ليس فريدي ميركوري، إنه فاروق بولسارا. كان هذا شيء يمكن البدء منه: شخص مهاجر، يتعارض مع الكثير من الأشياء في حياته، هويته، هويته الجنسية. قلت لنفسي "أوه، هناك أوجه تشابه. هناك أشياء أنت يا رامي مالك يمكنك بالتأكيد التعرف عليها هنا"، يقول مالك.

لكن الممثل الأميركي يعرف أنه يعيش في عالم لم يتخلّ كلية عن عدوانيته ورهابه تجاه المثليين والمهاجرين، مثلما كان في زمن ميركوري، بما يعنيه ذلك من استمرار التساؤلات الشخصية والصراعات الداخلية بخصوص هوية الفرد وتفاعله مع وسطه الاجتماعي. "أعتقد أن كل شخص يصارع مع بعض مظاهر هويته، لكني أود الاعتقاد أنني في موقع أكثر راحة مع ما أنا عليه. كل جانب من جوانب هذا سيكون صراعاً، من حيث اكتشاف من أنت بالضبط، وأعتقد أن هناك شيء واحد يساعدني فعلاً ويساعد الكثير من الناس: لا تشعر أبداً بأنه عليك تصنيف نفسك أو تشعر بأنك مهمَّش أو مصنَّف من قِبَل هذا أو ذاك الشخص. ما يملأني بالقوة هو قول: لا يهم إذا اكتشفت من أنا أو لا، أنا بالضبط ما أريد أن أكونه في أي لحظة، وأعتقد أن هذه رسالة يعطيها ميركوري لكل من يستمع إلى موسيقاه".

أمر آخر يجمع بين مالك وميركوري هو إثبات النفس، فكما وصل ميركوري إلى قمة النجاح متحدياً صعوبات العنصرية وعدم دعم الأهل والسخرية من شكل أسنانه البارزة، يستطيع مالك الآن الحصول على دعم عائلته التي لم ترغب أبداً في ذهاب ابنها إلى عالم التمثيل. عن ميركوري ورؤيته له كشخصية مأساوية يملك نجاحاً مهنياً وفشلاً اجتماعياً يجعله غير راضٍ عن نفسه في داخله، يقول مالك: "أعتقد أن عدم الرضا هو ما يبقينا، كفنانين، في تحدٍّ دائم لأنفسنا. كنت راضياً بلعب دور إليوت ألدرسون (مستر روبوت) وكان ذلك دور العمر بالنسبة إلي، ثم أتى هذا (دور ميركوري) وأواصل دفع نفسي وربما تجاوز توقعاتي الخاصة".

بحصوله على أول أوسكار له في سن الثامنة والثلاثين، وصل رامي مالك إلى ما لم يحققه عمر الشريف، الممثل الوسيم الآخر الذي تعقد مقارنته دائماً بمالك. وبالنظر إلى موهبته وحضوره، من المفترض أن أمام مالك أكثر من تمثال ليرفعه مجدداً في موسم الجوائز الهوليوودي.

(*) رامي مالك وُلد في لوس أنجليس العام 1981 لعائلة مصرية أرثوذكسية، لأب عمل مرشداً سياحياً في مصر قبل أن يهاجر إلى الولايات المتحدة، وأم مصرية من أصول يونانية، تعمل في مجال المحاسبة. التحق بمدرسة نوتردام الثانوية في شيرمان أوكس في لوس أنجليس، وتزامل مع إيميلي سلاتر، شقيقة الممثل كريستيان سلاتر، الذي جسّد دور والده لاحقاً في مسلسل "مستر روبوت". تزامل أيضاً مع كريستين دانست، واشتركا معاً في فصل دراسي للتمثيل المسرحي. حصل على شهادة بكالوريوس الفنون الجميلية في العام 2003 من جامعة إيفانسفيل، إنديانا. بعدها بعام واحد، يبدأ مسيرته التمثيلية بالوقوف أمام الكاميرا لأداء دور صغير في مسلسل "غيلمور غيرلز".

المدن الإلكترونية في

28.02.2019

 
 
 
 
 

هل تسبب تحيز الأكاديمية ضد Netflix

في عدم فوز Roma بأوسكار أفضل فيلم؟ المخرج يرد

أحمد حتحوت

"هل كان السبب وراء تغلب فيلم Green Book على فيلم Roma في أوسكار أفضل فيلم هو انحياز كثير من أعضاء الأكاديمية ضد شبكة Netflix؟" سؤال يطرحه كثير من محبي السينما منذ حفل أوسكار عام 2019 الذي عقد يوم الأحد الماضي، 24 فبراير.

ينظر الكثيرون إلى شبكة Netflix وكأنها تهدد بانهيار السينما نظرًا للانتباه الشديد التي تحصل عليه، حتى على الرغم من كسر الشركة لقواعدها هذا العام وإطلاق فيلم Roma في صالات السينما قبل عرضه على الشبكة بأيام.

صرح أحد أهم أعضاء الأكاديمية، المخرج ستيفين سبيلبيرج، أنه صوت لفيلم Green Book معتبره تصويت للسينما بشكل عام. كما أنه عرف بعدم تشجيعه لفكرة ترشح أفلام Netflix للأوسكار معتبرًا أنها "أفلام تلفيزيونية" وتستحق الانتباه من جوائز الإيمي وليس الأوسكار. ولا شك أن كثيرون غيره في الأكاديمية يشاركوه الرأي.

ومثل العادة، نشرت مجلة Variety حديث مع الفائز بأوسكار أفضل مخرج هذا العام، ألفونسو كوارون الذي نالها عن Roma، وعندما سئل عن احتمالية كون التحيز ضد Netflix السبب وراء عدم فوز فيلمه بالجائزة الكبرى، صرح كوارون أن كراهية Netflix موجودة بالفعل في الصناعة، إلا أن Roma كان له دور كبير في تغيير الوضع.

قال المخرج: "شعرت بذلك التحيز في البداية، إذ قال لي العديد من أصدقائي (ما الذي تفعله؟) كأنني أخون شيء ما، ولكني أظن أن رأيهم تغير، أعتقد أن أغلب الناس وجدوا أن الفيلم وصل إلى الجمهور العالمي بنفس الطريقة التي تصل بها الأفلام التجارية".

وأضاف ألفونسو: "أنا أرى أن التجربة السينمائية مهمة جدًا، فأنا صانع أفلام وأؤمن بالتجربة السينمائية، ولكن يجب أن يكون هناك تنوع، يوجد بالسينما نفس نوعية الأفلام وقليل من الاختلافات، من الصعب مشاهدة أفلام مستقلة ومن الصعب مشاهدة أفلام أجنبية. معظم المسارح تعرض أفلام هوليوود ذات الميزانية الكبيرة فقط".

يذكر أن المخرج صرح في حواره مع IndieWire بعد العرض الأول لفيلمه في مهرجان فينيسيا السينمائي أن السبب الرئيسي وراء إتجاهه لـNetflix هو عدم وجود أي شركة مستعدة للترويج لفيلم أبيض وأسود وناطق بالأسبانية ومن بطولة ممثلين مغمورين.

على الرغم من خسارة الفيلم لأوسكار أفضل فيلم، كانت له فرصة كبيرة للفوز بها خصوصًا لأنه فاز بأفضل مخرج، وأفضل فيلم غير ناطق باللغة الإنجليزية، وأفضل تصوير سينمائي.

موقع "في الفن" في

28.02.2019

 
 
 
 
 

«فرعون هوليوود».. كيف وصل الممثل ذو الأصول المصرية رامى مالك إلى لحظة الفوز بالجائزة السينمائية الأرفع؟

علا الشافعى

بمجرد أن أعلن فوز النجم الشاب رامى مالك (37 عاما) بجائزة أوسكار أحسن ممثل عن دوره فى فيلم «بوهيميان رابسودى» فى الدورة الـ 91، بدا الفنان الشاب كأنه يحاول استيعاب تفاصيل المشهد، خصوصا عندما صعد إلى خشبة المسرح، وألقى خطبته الصغيرة، وشكر أسرته، وتحدث عن نقطة التماس بينه وبين بطل الفيلم «فريدى ميركورى»، فالاثنان مهاجران من أصول أخرى، بطل الفيلم بريطانى هاجرت أسرته من زينزيبار، ورامى أمريكى من أصول مصرية.

ورغم الهدوء الذى بدا عليه رامى فإنه فى ظنى كان يخفى توترا كبيرا، وحالة من عدم التصديق، نعم سبق له وحصل على جائزتى «جولدن جلوب» و«بافتا» كأحسن ممثل عن نفس الدور، ولكنه تمثال الأوسكار بين يديه، ونجوم العالم يصطفون ويصفقون له، هى لحظة يشعر فيها النجم وكأنه ملك العالم، ويبدو أن المشاعر المتضاربة ولسان حاله الذى يقول لنفسه: أنا المصرى الذى جاءت أسرته إلى هنا مهاجرة، أمسك فى هذه اللحظة بأهم جائزة فنية فى يدى، هل فعلتها؟»، لذلك كان من الطبيعى أن يسقط رامى مالك وهو فى طريق نزوله من خشبة المسرح، فهو يعيش لحظة مليئة بالفرح والارتباك والخوف والتساؤلات.

مشهد وقوع رامى والتفاف المسعفين حوله، ومحاولة بعض زملائه مساعدته على النهوض إلى أن اطمأن عليه الجميع، وجلوسه إلى كرسيه، حاملا الأوسكار وبين لحظة وأخرى ينقل نظره ما بين خشبة المسرح، وبين جائزته، وقد تكون اللحظة التى ضمته والدته نيللى إلى صدرها هى اللحظة الفاصلة ليتأكد أن المشهد بكل تفاصيله هو حقيقة وليس حلما جميلا، نيللى والتى بدت فى هذا المشهد امرأة مصرية تخشى على «ضناها» من الحسد فهو قد أصبح محط أنظار العالم وهو التعبير الذى استخدمته فى تصريحاتها الصحفية بعد فوز رامى بجائزة «جولدن جلوب» حيث قالت: «حرصت على حضور حفل التكريم لأشاهد ابنى وهو محط أنظار العالم، وكيف يهتم به الفنانون الكبار، فرحتى كبيرة ولا تقدر بثمن، وكنت أتمنى أن يكون والده على قيد الحياة»، وقالت: «إنه منذ وصول رامى إلى العالمية وبروز اسمه كواحد من نجوم هوليوود وهى تخشى عليه من الحسد»، خصوصا بعد أن فعلها رامى مالك ليكون بذلك ثانى ممثل من أصول عربية يحصل على الأوسكار كأحسن ممثل، حيث سبقه موراى أبراهام من أصول سورية، وذلك فى عام 1980 وذلك عن دوره فى فيلم «أماديوس» للمخرج ميلوش فورمان والذى كان يتناول قصة حياة الموسيقار موتسارت.

يملك رامى ملامح تحاكى التماثيل الفرعونية المنحوتة فى المعابد (ترجع أصول عائلته إلى عزبة فلتاؤوس بمحافظة المنيا فى صعيد مصر وينتمى لأسرة قبطية مصرية)، لذلك تطلق عليه بعض الصحف الأجنبية «فرعون هوليوود»، خصوصا بعد تألقه فى مسلسل، «Mr. Robot»، والذى نال عنه جائزة «إيمى» فى عام 2016، وأبدع فى دور البطولة، حيث جسد دور قرصان الكمبيوتر «Elliot Alderson»، وكان نجاحه فى هذا العمل هو باب دخوله الحقيقى والفعلى إلى عالم هوليوود، حيث رشح لأهم دور فى حياته وهو دور المطرب «فريدى ميركورى» مغنى فرقة «كوين الإنجليزية»، وقد حضر بعض أعضائها حفل الأوسكار.

رامى المولود فى 12 مايو 1981 فى لوس أنجلوس، كاليفورنيا. ظهر فى عدة أدوار ثانوية مثل دوره فى فيلم «The Pacific» وفيلم : «Night at the Museum»، «The Twilight Saga Breaking Dawn – Part 2 - 2012» ، «The Master- 2012».

والده سعيد الراحل كان مرشدًا سياحيًا فى القاهرة، وبعدها عمل فى التأمينات، ووالدته كانت تعمل محاسبة فى مصلحة الضرائب، هاجرا من مصر فى عام 1980 وهناك ولد رامى وشقيقi التوءم سامى، درس مالك فى مدرسة «Notre Dame» الثانوية فى «Sherman Oaks California»، حيث تخرج فى عام 1999.

حصل مالك على شهادة فى الفنون الجميلة عام 2003 من جامعة «Evansville» فى ولاية إنديانا. ثم عاد مالك إلى لوس أنجلوس وحصل على أدوار صغيرة فى برامج مثل «Gilmore Girls Medium»، فى عام 2006 قدم مالك دورًا مستوحى من أصوله المصرية كفرعون «Ahkmenrah»

«Night at the Museum» و ظهر أيضًا فى الأجزاء الأخرى وبنفس الدور فى «Battle of the Smithsonian - 2009» «Night at the Museum» Secret of the Tomb - 2014».

من دور إرهابى إلى الوقوف أمام توم هانكس

رغم أن رامى مالك لم يتخط عمره الـ 37 فإنه كان مخلصا لحلمه فى أن يصبح نجما معروفا، لذلك لم يتردد فى قبول الكثير من الأدوار الصغيرة، فى المسرح والتليفزيون والبرامج، ومنها دور إرهابى انتحارى من أصول شرق أوسطية والتى جسدها فى الموسم الثامن من سلسلة Fox 24، ولا أعتقد أن رحلته كانت سهلة، فهو بالضرورة عاش فى مرحلة من مراحل حياته أزمة هوية، والتعامل معه على أنه أمريكى من أصول شرق أوسطية، رغم أنه فنان حقيقى دخل السينما بطموح الصعود إلى النجومية، ثم مثل كل القادمين من الشرق الأوسط تلقى عروضا بأفلام عن الفراعنة المفترين أو الإرهابيين العرب، إلا أنه قرر فى 2010 ألا يقبل مرة أخرى الأدوار التى رأى أنها تصدر صورة سلبية عن المجتمعات العربية، كما ابتعد لفترة عن هوليوود وسافر إلى الأرجنتين وعاش هناك فترة وتحديدا فى الريف كأنه يحاول اكتشاف نفسه من جديد أو التعرف إليها، وبعد تلك الرحلة الطويلة إلى الأرجنتين عاد رامى إلى هوليوود أكثر تصميما على تحقيق حلمه إلى أن جاءته فرصة حقيقية خلال تصوير «The Pacific»، حيث اجتمع مالك مع النجم والمنتج توم هانكس، والذى أبدى إعجابه بأداء مالك، لذلك لم يتردد فى أن يمنحه دور الطالب الجامعى فى فيلم «Larry Crowne»، الذى عرض فى يوليو2011، وبعدها توالت أدوار رامى فى عدد من الأفلام المهمة، إلى أن حصل على دور مصاص دماء مصرى الأصل، فى الجزء الأخير من:

«The Twilight Saga Breaking Dawn» .

كيف حصل الفرعون على الأوسكار

اختلفت التقييمات حول أداء رامى مالك وقدرته على تجسيد دور «فريدى ميركورى»، واستطاع الفيلم أن يجنى تكلفة إنتاجه خلال أسبوعين تقريباً بمجرد طرحه فى نوفمبر الماضى.

البعض وصف أداءه بالمتواضع، وأنه كان يبالغ فى تقمص الشخصية، ولذلك بدا مفتعلا، فى حين أن هناك من رأى أن أداء رامى كان شديد التميز، وأنه بذل جهدا مضاعفا للخروج بروح شخصية ذلك المطرب الموهوب صاحب الصوت المميز والتجربة المهمة فى الغناء.

والحقيقة أن فيلم «بوهيميان رابسودى» يحمل الكثير من الصدق والكثير من اللحظات الإنسانية المليئة بالمشاعر المتناقضة، ورغم تقليدية السرد فإن رامى كان يدرك أنه أمام تحد حقيقى، لذلك لم يبخل على هذا الدور حيث عمل بإخلاص شديد وفى ظنى أن إخلاصه وموهبته كانا أهم عاملين فى حصوله على أوسكار أحسن ممثل، وبحسب مجلة سكرين المتخصصة فى السينما رامى ومنذ أن أسند إليه دور البطولة لم يعرف النوم حيث قرر الحصول على دروس فى الغناء والرقص، وأيضا مدرب لهجات لإتقان اللهجة الإنجليزية، إضافة إلى التدريب على الطريقة التى كان ينطق بها فريدى، والأهم بالنسبة إليه هو إدراكه أنه جسديا لا يشبه فريدى، لذلك ركز على روح شخصيته والتركيبة النفسية لفريدى، ليتمكن من توظيف انفعالاته الداخلية، والتى انعكست على شكل الشخصية الخارجى (أعتقد أن مشاهد فريدى على المسرح جسدها رامى بحرفية شديدة وكأن روح فريدى تلبسته) وما يؤكد ذلك هو إصراره على السفر إلى لندن والحصول على مدرب حركة وليس رقص فقط حيث كان يأمل فى العمل مع مدرب الحركة اليكس الكسندر الذى قام بتدريب النجم إيدى ريماين فى «نظرية كل شىء» والذى جسد فيه دور عالم الفيزياء ستيفن هوكنج المصاب بالتصلب الضمورى، ولكنه للأسف كان مشغولا، لذلك اعتمد رامى على بولى بينيت، والذى ساعده كثيرا فى تلقى الكثير من حركات الباليه والقدرة على السيطرة على خشبة المسرح وبمعنى أدق أن يبدو رامى «فريديا»_( نسبة إلى فريدى ميركورى).

وبغض النظر عن الاختلاف حول تجسيد رامى للشخصية، يظل ثابتا ومحفوظا فى التاريخ أنه حصل على الأوسكار كأفضل ممثل واستطاع أن ينافس الكبار، ليس ذلك فقط بل إنه اقتنص الجائزة ليحفر اسمه على نجمة فى شارع المشاهير بهوليوود، وأنه وقف فى المؤتمر الصحفى بعد حصوله على الجائزة وأصر على أن تكون أولى كلماته أمام صحفيى العالم باللغة العربية حيث قال: «أهلا وسهلا، وفرصة سعيدة جدا ومنور بيكم كلكم»، لذلك لا يحتاج الأمر مزايدات رامى مصرى _صعيدى يحمل حنينا جارفا إلى ما يربطه ببلدته الصغيرة حسبما يقول أبناء عمومته فى المنيا والذين أكدوا أن آخر زيارة له إلى مصر كانت فى 2007، وكان يقضى وقته وسط الحقول تماما مثلما فعل عندما ذهب إلى ريف الأرجنتين وكأنه يبحث عن شيئ يفتقده وقد تكون والدته(لا تزال على اتصال بكل أقاربها فى مصر) غرسته بداخله لاشعوريا، وكأن رامى عندما رفع تمثال الأوسكار كان يهديه أيضا لأبناء عمومته وأقاربه فى صعيد مصر (الذين كانوا يشاهدون الحفل لحظة بلحظة).

الأهرام اليومي في

01.03.2019

 
 
 
 
 

كلاكيت ثالث مرة..

ألفونسو كوارون صائد الأوسكار: لم أتعمد صنع فيلم سياسي

كتبت - بوسى عبدالجواد:

حظى فيلم المخرج المكسيكى ألفونسو كوارون، الجديد «روما – Roma» على قدر كبير من الاحتفاء خلال عرضه الأول بمهرجان ڤينيسيا السينمائى، فكان هناك جمهور كثيف توّاق لمشاهدته ونقاد معجبون بأعماله، فسجله الفنى يحفل بالعديد من الأعمال السينمائية الهامة، فأبى أن يرحل دون أن يقتنص «الدب الذهبى» من المهرجان، ومن هنا خرج ليستكمل مسيرة نجاحه التى بدأها من ڤينيسيا، فاستطاع أن يهيمن على جوائز المهرجانات السينمائية العالمية أبرزهم جولدن جلوب، والبافتا البريطانية، وجائزة اختيار النقاد، ونقابة ممثلى الشاشة حتى توج بأوسكار أفضل إخراج.

عبّر شخصيات رئيسية لم يعتد المرء عليهم كثيراً وبطلة غير معروفة، وقصة بسيطة ربما تكون معتادة ومتكررة، وخيوط سردية واضحة المعالم، وشريط سينمائى بالأبيض والأسود، تمكّن ألفونسو، من رسم ماضيه، وإيضاح الترابط العاطفى الذى نشأ بين عائلته والخادمة «كليو»، وسرد تفاصيل حقبة كاملة بكل ما فيها من أحداث اجتماعية وسياسية واقتصادية، بدون تعقيد أو تشابك فنى.

فى «روما» تيمناً بـ«حى روما» فى مكسيكو سيتى، يمر المخرج بإطلالات على التاريخ دون عمد منه، فكان كل ما يشغله هو إبراز شخصية الخادمة «كليو»، الفتاة الصغيرة البريئة والساذجة، القادمة من الأرياف، والمرتبطة بشاب أهوج غير جدير بتحمل المسئولية، والمنضم إلى ميليشيا مسلحة يظهر دورها فى نهاية الفيلم، يتخلى عنها فى ذروة علاقتهما بعد علمه بحبلها، ليتحول الفيلم من دراما اجتماعية إلى بانوراما تاريخية يمكنك استشراف مستقبل دولة المكسيك خلال الأعوام القادمة من خلالها.

ابتعد «كوارون» الذى تولى كتابة وإخراج وتصوير ومونتاج الفيلم، فى سرد «سيرته الذاتية» عن شخصه، ليجعل من «كليو» التى جسدتها «ياليتزا اباريسيو» بطلة تتمحور حولها الأحداث.

لم يكن ألفونسو الذى حصل مؤخراً على أوسكار أفضل إخراج عن فيلمه روما، إلى جانب جائزتين أفضل فيلم أجنبى وأفضل مونتاج غريب أو جديد على جائزة الأوسكار الذهبية، فقد حصل من قبل على أوسكار أفضل مخرج وأفضل مونتاج عن فيلم Gravity.

فى حوار خاص أجرته مجلة فارايتى الأمريكية، مع المخرج المكسيكى ألفونسو كوارون، أعرب عن سعادته باستيعاب أكاديمية العلوم والفنون المانحة للأوسكار لقصة جديدة مثل «روما» الذى يخلو من المشاهير المعروفة، كاشفاً عن أمنيته فى أن تصبح هوليوود أكثر شمولية فى القصص التى تضعها على الشاشة.

رغم حصوله سابقاً على الأوسكار عن فيلم «Gravity» لكن الأوسكار الذى حصل عليه عن فيلم روما كان له مذاق مختلف، لأنه يحكى عن تجربة شبه ذاتية عنه، بجانب قصته الذى يعتمد على خادمة منزلية بسيطة، وصورة بالأبيض والأسود، وهذا ما يتعارض إلى حدّ ما مع شروط الفيلم الحاصل على الأوسكار، ففى «روما» يشعر بلذة انتصار لم يذقها من قبل حسبما صرح فى حواره.

وأشار إلى أنه لم يتوقع مطلقاً الاحتفاء الكبير بالفيلم وصُناعه، فكان هناك احتفال شديد وتفاعل كبير على الفيلم، فى الحقيقة لم أعتقد هذا النجاح الكبير، لأن الفيلم لا يوجد به العناصر التى تجذب الأوسكار، على الرغم من أهمية القصة لكنه غير مفعم بالخطب الكبيرة والنجوم الكبار.

وعن سر دوافعه الفنية فى عدم الاستعانة بممثلة معروفة لتولى قيادة العمل قال: الفيلم ليس بحاجة إلى نجوم، وهذا القرار ناتج عن إدراكى بأن ما أقدمه هنا هو سيرة ذاتية من بطولة أناس عاديين وبسيطة غير مكلفة فى الشكل أو المظهر، وهنا لا أعنى أن الممثلين المعروفين لا مكانة لهم فى أفلام السيرة الذاتية، لكن هنا أردت أن أجعل القصة محور الاهتمام وليس النجوم.

وأكد أن عملية البحث عن بطلة للفيلم لم تكن سهلة، فقد استغرق الأمر منه أعوام وأشهر، حتى وجد وجه ياليتزا ذات الملامح الهادئة البسيطة، لتقنعه بأنها الأجدر لتجسيد الخادمة «كليو».

وأشار إلى أنه لم يتعمد صنع فيلم سياسى، ولكن أحداث الحقبة التى كان يسردها «مطلع السبعينات» بكل تفاصيلها جعلت من الأحداث السياسية والاقتصادية أن تفرض نفسها على الفيلم، مؤكداً أنه من المخرجين الذين يولون اهتماماً كبيراً بالتفاصيل الصغيرة وهذا ما يتضح من خلال المشاهد اللافتة للانتباه والمُكررة.

واستطرد قائلاً: الفيلم لا يحكى عنى، وإنما يسرد قصة حياة خادمة بسيطة لكنها تتمتع بقلب كبير، خاصة فى مشهد البحر والغرق الوشيك للأطفال لولا إنقاذهم من قبل الخادمة.

وبسؤاله هل تأمل أن يشاهد «دونالد ترامب» رئيس الولايات المتحدة الأمريكية الفيلم؟ قال: لا أدرى لأن الفيلم يتعارض مع سياسته التى تميل إلى العنصرية، وكذلك مع رؤيته للمهاجرين الذين يعتبرهم أعداء الوطن.

وأعرب عن سعادته بالتعاون مع شركة «نتفليكس» التى تولت إنتاج العمل، مؤكداً أن نجاح «روما» وهيمنته على جوائز المهرجانات السينمائية، حسم الجدل حول مشروعية منافسة أفلام منصات خدمة تقديم الترفيه عبر الإنترنت فى المهرجانات. وكانت نتفليكس قد أنفقت 30 مليون دولار أمريكى، على الحملة الدعائية للفيلم، وهو المبلغ الذى يمثل تقريبًا ضعف ميزانية فيلم روما، وبالتأكيد هى أكبر حملة دعائية على الإطلاق لفيلم أجنبى، وربما تكون الحملة الأكبر لأى فيلم ينافس على أوسكار أحسن فيلم.

الوفد المصرية في

01.03.2019

 
 
 
 
 

فيغو مورتنسن لـ«الشرق الأوسط»: «كتاب أخضر» كان سيسقط لو أخفقت في أدائي

أتقن الدور... واللكنة لم تكن عائقاً

لوس أنجليس: محمد رُضـا

خرج فيغو مورتنسن من الأوسكار من دون جائزة تمثيل أولى. هذه نالها رامي مالك الذي جاء من أقصى اليسار إلى وسط الملعب ليتصدى للكرة ويطلقها صوب شِباك الأوسكار بنجاح. والأمر يحتاج إلى استفتاء بين أكثر من 6800 عضو في الأكاديمية لمعرفة السبب… إما هذا أو الرجوع إلى تاريخ الأوسكار لمعرفة ما إذا كان هناك من الممثلين الفائزين من لعب شخصية إيطالية من دون أن يكون هو إيطالياً أساساً باستثناء مارلون براندو في «العراب».

مهما يكن لبس مورتنسن دوره في «كتاب أخضر» على نحو غالبه جيد. هناك لحظات تدرك فيها التقليد، لكن إذا ما نظر الواحد منا إلى الكل فإن الناتج هو تقدير لجهد مبذول في سبيل عكس شخصية الرجل الأبيض الذي يغير نظرته للسود عندما يعمل لحساب موسيقار أفرو - أميركي.

> كيف حدث أن قمت بتمثيل «كتاب أخضر»؟ هل كانت المبادرة من (المخرج) بيتر فارلي؟

- نعم. عرض بيتر الدور علي وطلبت منه أن أفكر في العرض. أخذت وقتي. قرأت السيناريو وأعجبني كثيراً لكني لم أكن أرى نفسي في هذا الدور. عندما تقابلنا مرّة ثانية قلت له: «هذا السيناريو رائع. قصة عظيمة لأول فيلم درامي لك». ابتسم بيتر لذلك لكنه رد علي قائلاً: «ماذا عنك أنت؟ ما رأيك بدور السائق؟». أجبت بأنني لست إيطالياً. هو دور جيد لكني لست إيطالياً. لكن بيتر أصر وقال إنني أستطيع القيام بهذا الدور.

> لو كنت مكانه مخرجاً وكنت تريد ترشيح ممثل إيطالي - أميركي للدور، فيمن ستفكر لهذا الغرض؟

- هناك كثيرون. كنت سأتمنى لو أن روبرت دينيرو ما زال في الأربعينات من عمره لأنه كان الممثل المناسب لهذا الفيلم في رأيي. كذلك جايك كانافالي أو ربما فكرت بسلفستر ستالوني أو بنيكولاس كايج.

> هل شعرت أن بيتر فارلي كان يخاطر بالفيلم إذا ما اعتمد على ممثل من أصول غير إيطالية مثلك في الدور الأول؟

- نعم. كان هناك الكثير من المخاطرة ولذلك أعتبره مخرجاً شجاعاً في الحقيقة.

> هل شعرت كذلك بأنك تخاطر بالقيام بتمثيل هذا الدور؟

- كان هناك ذلك الشعور أيضاً. كنت متوتراً بعض الشيء، لأن الفاصل بين تمثيل شخصية ما وبين استنساخها ليس فاصلاً كبيراً. كذلك تمثيل شخصية ما من دون السقوط في الكاريكاتورية والتنميط ليس سهلاً. الفيلم بأسره كان سيسقط لو أخفقت في أداء الدور.

صعوبة

> عندما عرض الفيلم في تورونتو في سبتمبر (أيلول) الماضي وأعتقد أنك حضرت عرضه هناك، كيف وجدت ردّة فعل المشاهدين؟

- نعم كنت هناك وتساءلت قبل العرض إذا ما كان اسم بيتر فارلي سوف يخدع المشاهدين. أنت تعلم أنه وشقيقه حققاً أفلاماً كوميدية من قبل، لكنه هنا يقدم فيلماً جاداً، ولو أنه لا يخلو من المرح. وأعتقد أن الجمهور فوجئ بذلك، ولهذا أحب الفيلم. كان الفيلم بالنسبة له مفاجأة سارة، إلى جانب إنه قدّم لهم حكاية عن العنصرية من زاوية جديدة.

> ما رأيك بالأفلام وبالممثلين والمخرجين الذين ترشحوا للأوسكار هذا العام؟

- أظن أن كل الأفلام وكل الممثلين والمخرجين والكتاب يستحقون الترشيح. نقول ربح الترشيح، لأن الوصول إلى مرتبة كهذه من بين عشرات الألوف من العاملين في السينما ليس بالأمر الهين. وأنا سعيد كثيراً بترشيح ماهرشالا علي عن «كتاب أخضر».

> هل التقيت به سابقاً؟

- قبل ثلاث سنوات في مناسبة اجتماعية. تعرفنا على بعضنا البعض وتبادلنا الكلام لنحو ربع ساعة. لكني لم ألتق به بعد ذلك إلا عندما بدأن العمل على هذا الفيلم. عندما سألت بيتر عمن يريده لدور دون شيرلي، وقال ماهرشالا علي هززت رأسي موافقاً على اختياره. هو ممثل موهوب وبل متعدد المواهب فعلاً. يستطيع إيصال الدراما ولديه لحظات كوميدية جيدة.

> أجد أن الكثير من الممثلين لا يحسنون الجمع بين إتقانهم لكنة غريبة عنهم وبين الأداء الجيد بحد ذاته، كما لو أن محاولة الإتقان تسطو على جهودهم… هل هذا صحيح؟

- أعرف ما تقصده، وأعتقد أنه صحيح لكن النسبة ليست كثيرة. من حين لآخر تجد ممثلاً يتقن اللكنة أو اللهجة ويخسر الدور أو العكس.

> لكنك أجدت الإثنين هنا.

- ساعدتني عائلة فالينلونغا (العائلة التي تنتمي إليها الشخصية الأساسية التي يتحدث عنها الفيلم) كثيراً. كنت أريد أن أتقمص الدور جيداً. أمضيت أوقاتاً كثيرة مع أفراد العائلة وأكلنا معاً. كانت هناك كذلك الكثير من الأشرطة الصوتية والأشرطة المصوّرة حول تلك الشخصية. لكن ما قمت به ليس مميزاً. كل ممثل جيد يستطيع ذلك.

> هل هذا الدور أصعب من الدور الذي لعبته سنة 2007 في «وعود شرقية»؟

- أعتقد أن هذا الدور أصعب من قيامي بدور نيكولاي. اللكنة الروسية صعبة بحد ذاتها لكنني لم أجدها صعبة بحيث تستغرق مني بحثاً طويلاً لإتقانها. كذلك شعرت هنا أني أجازف وسيخسر الفيلم الكثير لو أنني أخفقت في التأقلم والسلوك الإيطالي ولكنته وشروط الشخصية الأخرى.

> التقيت بك في فنيسيا لأول مرّة بعد عامين من «وعود شرقية» بمناسبة عرض فيلم «الطريق» هناك. ما هي الأفلام التي تعتز بها خلال السنوات العشر الماضية؟

- بعد «الطريق» مثلت «منهج خطر»، وهذا أحببت دوري فيه.

> مثلت دور سيغموند فرويد.

- نعم. لكني أحببته أيضاً لأن المعالجة الدرامية لحسيرة فرويد ابتعدت عن المتوقع في مثل هذه الحالات. كان عن العلاقة بين فرويد ويونغ وهي علاقة بالغة التوتر. أحببت كذلك فيلماً قمت بإنتاجه لكنه لم ينجح هو «كل واحد لديه خطة» ومثلت في «وجهان لشهر يناير».

> هذه مجموعة من الأفلام المستقلة والصغيرة. هل تحبذها عن أفلام المؤسسات الكبيرة؟

- لا أستطيع أن أقول إنني أحبذها أكثر أو أقل. لكن الممثل يجد نفسه في وضع هو شريك في صنعه لكنه ليس الشريك الأكبر. يكفي أن تنجح في اختياراتك الأولى وتدخل إلى المشاهدين في نوع معين من الأفلام حتى يتكاثر عدد هذا النوع أمامك. هناك شبه تنميط للممثل سواء قصد ذلك أو لم يقصد وسواء أكان ممثلاً ينتمي إلى السينما الكبيرة أو لا.

الشرق الأوسط في

01.03.2019

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2019)