كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

تعاسة العرب فى أوسكار الفيلم الأجنبى!

إيهاب التركى

جوائز الأكاديمية الأمريكية للفيلم

(أوسكار 2019)

   
 
 
 
 
 
 

هل يشهد حفل الأوسكار القادم فوز أحد أفلام الترشيحات العربية؟

منذ أيام أعلنت أكاديمية العلوم والفنون الأمريكية عن قائمة الأفلام الأجنبية التى تم قبولها للتنافس على جائزة أوسكار الفيلم الأجنبى، عن الدورة رقم 91، التى ستقام يوم الأحد 24 فبراير، العام القادم، وكانت 89 دولة قد أعلنت أنها سترسل أفلامًا للمسابقة، لكن تخلفت دولتان عن إرسال أعمال تمثلها، هما هندوراس وبورتو ريكو، وبهذا ضمت القائمة النهائية للأفلام المقبولة من حيث استيفاء شروط الأكاديمية للتسابق على الجائزة 87 دولة، وتنتظر هذه الدول التصفيات الأولى التى ستضم تسعة أفلام فى القائمة الطويلة، يتم اختصارها إلى خمسة أفلام فى القائمة النهائية للأفلام التى ستنافس على التمثال الذهبى لأفضل فيلم غير ناطق باللغة الإنجليزية.

تضم قائمة الأفلام التى أعلنتها أكاديمية الأوسكار ثمانية أفلام مُرشحة من الدول العربية، هى أفلام «يوم الدين» من مصر، و«كفرناحوم» من لبنان، و«اصطياد الأشباح» من فلسطين، و«الجميلة والكلاب» من تونس، و«إلى آخر الزمان» من الجزائر، و«مُحترق» من المغرب، و«الرحلة» من العراق، و«عشرة أيام قبل الزفاف» من اليمن.

الإنسان المنبوذ هى تيمة الفيلم المصرى «يوم الدين»، إخراج أبو بكر شوقى، وبطولة راضى جمال وأحمد عبد الحافظ، ورُشح للسعفة الذهبية فى مهرجان «كان» السينمائى لعام 2018، وهو يحكى عن رجل قبطى يعمل فى جَمع القمامة وعاش فترة طويلة من حياته داخل مستعمرة للجذام بالقاهرة، وبعد تعافيه من مرضه يذهب فى رحلة بصحبة صبى يتيم وحمار للعثور على أفراد عائلته فى الصعيد، الذين نبذوه حينما أصيب بالمرض، وعاش فترات فى مستعمرة للجذام. الفيلم الذى يأمل كثيرون فى وصوله للمراحل النهائية لقوائم ترشيحات الأوسكار، ينافسه عدد من الأفلام القوية والهامة، من السينما العالمية ومن السينما العربية.

الفيلم اللبنانى «كفرناحوم»، إخراج نادين لبكى، من أكثر الأفلام العربية المرشحة للوصول إلى القائمة النهائية لترشيحات أوسكار الفيلم الأجنبى، وقد تم ترشيحه للسعفة الذهبية فى مهرجان «كان» 2018، وهو يتناول حكاية طفل يعيش فى قرية لبنانية تعانى، مثل كثير من القرى العربية، من الفقر والجهل والمرض والعادات والتقاليد الرجعية، ويقرر الطفل الذى نشأ فى هذه الأجواء التمرد على واقعه البائس، ورفع دعوى قضائية على والدَيه لأنهما أنجباه فى هذه الظروف الصعبة.

الحب يبدأ من داخل مقبرة فى الفيلم الجزائرى «إلى آخر الزمان» للمخرجة ياسمين شويخ، والفيلم ليس من أعمال الرعب كما توحى فكرته، بل يتناول قصة حب بين حفار قبور وأرملة اعتادت زيارة مقبرة شقيقتها، ومن خلال قصة الحب يعرّج الفيلم على أوضاع المرأة فى الريف الجزائرى، وبشكل ساخر ينتقد الفيلم تغلغل الخرافات والجهل والتخلف فى البيئة القروية، ورغم الأجواء المقبضة للمكان الذى يمثل مسرح قصة الحب الغريبة، يدعو الفيلم فى جوهره إلى التشبث بالحياة حتى آخر لحظة.

يشارك اليمن فى الأوسكار رغم أهوال الحرب التى يتعرض لها بالفيلم اليمنى «عشرة أيام قبل الزفة»، تأليف وإخراج عمرو جمال، وبطولة هديل عبد الحكيم وعبير عبد الكريم، وقد حقق الفيلم نجاحًا جماهيريًّا لدى عرضه المحدود فى عدن، ما دفع صُناع الفيلم إلى مَد عرضه على الرغم من الأوضاع الأمنية المتدهورة فى العاصمة اليمنية. الفيلم يتناول حكاية عروسين تتحطم آمالهما فى إتمام زفافهما القريب؛ بسبب تداعيات الحرب، ويحاول الفيلم إعادة صورة الإنسان اليمنى ومشكلاته إلى بؤرة الضوء بعد أن أصبحت أخبار اليمن مجرد أخبار عسكرية وسياسية مكانها عناوين نشرات الأخبار.

الفيلم المغربى «مُحترق» للمخرج نور الدين لخمارى، يتناول حكايات لمجموعة شخصيات تعيش فى الدار البيضاء، ويركز على شخصية طفل يعمل ماسحًا للأحذية، وبسبب وسامته وهيئته التى لا تعكس حقيقة فقره، لا ينسجم مع رفاقه ماسحى الأحذية، ويرصد الفيلم أيضًا حكاية أم الصبى، الأرملة العرجاء، التى تسبب مسمار فى إصابتها وبتر قدمها، وحرمانها من العمل فى الموقف.

يحمل الفيلم التونسى «الجميلة والكلاب» إخراج كوثر بن هنية، عنوانًا آخر هو «على كف عفريت»، ويبدو الاسم الثانى من أجل العرض المحلى بسبب حساسية موضوع الفيلم، وتم عرضه فى قسم «نظرة ما» بمهرجان «كان» عام 2017، والفيلم يتناول صورة الحياة المعاصرة فى تونس بعد ثورة عام 2011، واختارت هنية موضوعًا يحمل حساسية خاصة من خلال حكاية زوجة شابة تتعرض للاغتصاب على شاطئ البحر ليلًا من قبَل رجال شرطة بعد استغلالهم وجودها بصحبة صديق لها فى مكان لا يوجد به أشخاص. ويصور الفيلم الفساد الذى ينخر فى المؤسسة الأمنية التونسية، واستغلال النفوذ للضغط على البطلة حتى تتنازل عن اتهام رجال الأمن باغتصابها.  

الإرهاب هو موضوع الفيلم العراقى «الرحلة»، إخراج محمد الدراجى، وتم عرضه فى قسم السينما العالمية المعاصرة فى مهرجان «تورنتو» 2017، وتدور أحداث الفيلم فى محطة القطار المركزية فى بغداد، ويرصد صورة شابة انتحارية تُدعى سارة، تتجه إلى طريق الإرهاب بعد إجهاض أحلامها، وقبل تنفيذها عملية انتحارية تُتاح لها الفرصة لمراجعة أفكارها التكفيرية. الفيلم بطولة زهراء غندور وأمير جبارة، وتأليف إيزابيل ستيد ومحمد الدراجى.

أزمة الأسر فى السجون الإسرائيلية هى موضوع الفيلم الفلسطينى «اصطياد الأشباح»، تأليف وإخراج رائد أندونى، وهو يجمع بين الدراما الروائية والوثائقية من خلال حكاية مجموعة من الأسرى الفلسطينيين، الذين خرجوا من سجون الاحتلال الإسرائيلى، ويحاولون استدعاء أحداث التحقيق معهم وظروف أسرهم فى محاكاة تستدعى كل ما مروا به من خوف وألم ومعاناة.

الموضوعات العربية التى يغلب عليها حكايات إنسانية بائسة ستشاهدها لجنة اختيار الأكاديمية، ونأمل أن تحظى السينما العربية بفرصة الحصول على الجائزة، وكانت شيلى هى آخر دولة فازت بأوسكار الفيلم الأجنبى، وذلك عن فيلم Una mujer fantástica  «امرأة رائعة»، وتضم ترشيحات هذا العام أعمالًا هامة ومرشحة بقوة للحصول على الجائزة، منها الفيلم المكسيكى Roma «روما»، إخراج ألفونسو كوارون، والفيلم البولندى Cold War «الحرب الباردة»، إخراج بافل بافليكوفسكى.

المقال المصرية في

23.10.2018

 
 
 
 
 

المخرجة "نادين لبكي" لـ "الميادين نت":

الأوسكار فرصة ذهبية، وفكرة الفيلم التالي جاهزة

محمد حجازي

ما تزال المخرجة "نادين لبكي" ملتزمة بمواعيد آخر أفلامها "كفرناحوم" في العديد من المهرجانات والتظاهرات الإقليمية والعالمية، سعيدة بشكل غامر لإختيار لبنان له ممثلاً لسينماه في أوسكار أفضل فيلم أجنبي غير ناطق بالإنكليزية، معتبرة أن الأوسكار فرصة ذهبية بإمكانها أن تفتح أبواباً عالمية لـها خصوصاً وللإنتاج اللبناني عموماً، مراهنة على الموضوع الإنساني الذي هز لجنة تحكيم مهرجان كان السينمائي، وسيكون له أثر على حكماء الأوسكار، في وقت أشارت فيه إلى أن أمرين لن تتركهما في مهنتها الأول تصوير الكليبات والذي سيكون خاضعاً لما يُعجبها من الإنتاج الغنائي السائد، والثاني القبول بلعب أدوار أمام الكاميرا كممثلة.

"نادين" أكّدت أن معاناة الأطفال في فيلمها لم تكن للإستغلال الدرامي فقط بل إنها مستمرة على أكثر من صعيد للتخفيف من معاناة الطفولة بسبب الحروب والتهميش والفقر، وأشارت إلى أن صندوقاً بإسم الفيلم يتم من خلاله جمع التبرعات والمساعدات العينية لدعم قضية هؤلاء. وألمحت "لبكي" إلى أن مجرد بدء عرض الفيلم في الصالات الجماهيرية، يعني أنه صار في عُهدة الناس، وأنها بعد فترة راحة تطول أو تقصر ستنخرط في العمل على فيلم جديد، ولم تتردد في القول إنها تميل إلى عمل راقص، أو كوميدي، لكن الأمر لم يُحسم بالكامل بعد، وهناك حقيقة فكرة جاهزة للتنفيذ لكن "من يعلم كيف ستسير الأمور فقد تطرأ واحدة بديلة وتزيح كل ما جهزناه لصالحها".

تعترف المخرجة المتميزة بأن مال إنتاج أفلامها ليس مشكلة أبداً فالثقة التي بنتها أكبر بكثير من كل العلاقات العابرة التي تُبنى عادة بين المخرج وجهات الإنتاج. وأكدت أن الكاستنغ بالنسبة إليها يتقدّم على ما عداه حين البدء في تصوير أي مشروع سينمائي، فلا يُمكن قبول وجوه متنافرة أمام الكاميرا أو العمل مع ممثلين لا ينسجمون مع الأدوار التي تُسند إليهم، فيما الصورة المطلوبة هي الفوز بالممثل المناسب في الشخصية الملائمة، ومن دواعي سعادتها أن فريقها المساعد يدرك تماماً ما تريده ويعمل بجد وإخلاص على تأمين أقصى ما تطمح إليه.

لا تتعب من اللقاءات الصحفية إلاّ عندما يحاورها من لم يشاهد معظم أفلامها، وقالت في لقائها مع "الميادين نت":

الميادين نت في

23.10.2018

 
 
 
 
 

حينما تكلم كفر ناحوم ‏

سنان باسم

لم يدر في بالي أن أجلس مجاوراً للبنانيين ، ‏لأشاهد في بيروت رائعة نادين لبكي " ‏كفرناحوم " ، أي رائعة أتكلم عنها ولماذا ؟ ‏، حسناً للكلام بقية غالبة التأثير ، بداية الفيلم ‏من منظر علوي بطائرة " درون " ‏لكفرناحوم ، وهو مخيم بائس واحد أحياء ‏بيروت ، تقطع الصورة على محكمة لطفل ‏يقوده شرطي ،وينادي القاضي على زين ، ‏الطفل زين هو بطل ومحور الفيلم ، كما ينادي ‏القاضي على والدي الطفل ، ويسأله ( لماذا ‏تريد أن ترفع عليهما قضية ) ، الاجابة ‏صادمة ومحيرة في آن واحد : لأنهما ‏انجباني ، تنطلق نادين لبكي من هنا نحو ‏ملحمتها الاجتماعية الصامتة ، فالحوار ندر ‏وقعه وشح ملمسه في مساحة الفيلم المتنوعة ‏، ليبدو لنا أن ماجال في ذهن لبكي ، عكسته ‏تصورا ًوتنفيذاً بعد سنين الكليبات ، في ‏تفاصيل كفر ناحوم ، انطلق الفيلم ليروي ‏قصة مأساوية مزكرشة بلمسات ترقب وفرح ‏وكوميديا ، تبدأ من شقة بائسة يقطن بها ‏زين مع عائلته الكبيرة والتي تكبرها اخته ، ‏حيث المنام والمأكل والجلسة في مكان واحد ‏، كتب عليهم الشقاء فيه جراء كسل أب ‏لايعرف غير الأكل والنوم والانجاب ، ‏ليضطروا الى العمل في بيع أي شيء متاح ‏من أجل إعالة الأسرة الفقيرة ، الفيلم الذي ‏تضمن السب والشتيمة القاسية ، تلقته ‏الاسماع بشكل عادٍ في قاعة السينما إلا أنا ‏باعتباره جزءاً صعب التفسير ، لكنه بات ‏يسيراً كونه من المسلمات المجتمعية ، ‏والذي أعطى صدقية في الحوار نقدها في ‏مجمل أعمالنا بسبب تغليب المثالية على ‏الواقعية .‏

تجرك القصة الى شأن أخر ، حيث صاحب ‏الدكان الذي يحاول استدراج اخت زين ، من ‏أجل خطبتها والزواج منها ، حيث يدرك زين ‏مآربه الدنيئة ، ويقف عائقاً لتزويج أخته ‏القاصر من شاب بالعشرين من عمره ، لكن ‏الأمر يذهب في النهاية الى الزواج ، من أجل ‏المال ولاغير ، ليهرب الصبي الى بيت جدته ‏معرباً عن رفضه وامتعاضه ، وهنا تتغير ‏تفاصيل حياته إذ يركب الباص ، وفي ‏الطريق يتعرف على الأشخاص المتنكرين ‏بزي " سبايدر مان " لكنه طاعن في السن ‏مايجعله مثاراً للضحك والجدل ، وليتضح أنه ‏يعمل في مدينة ألعاب على ساحل الروشة ‏الشهير ، ماجعل زين ينزل خلفه ليتعرف ‏على حياته ، وهناك يتعرف على عاملة ‏أثيوبية كانت تعمل خادمة في وقت مضى ، ‏لكنها تضطر لترك عملها السابق بعد أن ‏انجبت من البواب بشكل غير شرعي ‏مااضطرها للهروب ، لتبدأ قصة أخرى من ‏رحم معاناة أقسى ، تفاصيلها تبدأ من بيت ‏من صفيح تسكنه العاملة الاثيوبية ، وهنا ‏تقصدت لبكي في إظهار الجانب اللا إنساني ‏الذي تعيشه العاملات الاجنبيات في بيروت ، ‏بالاضافة الى معاناة الاندماج والعمل ، ‏ليسكن الطفل زين في هذه الخربة ، وليعتني ‏بطفلها بعد أن جعلته يعيش معها لتكون ‏المنفعة متبادلة ، وليستمر الأمر عمل في ‏الصباح وأخر في المساء من أجل جمع المال ‏والهرب من لبنان ، لكنها تقع في قبضة ‏القانون ، بعد أن إتضح أن أوراقها الثبوتية ‏مزورة ، لنصل الى أقسى لحظات الفيلم ، ‏وهي الانتظار بالبيت والتجوال والبحث بعد ‏ذلك عن الأم الاثيوبية التي تركت ابنها ‏الرضيع مع زين ، وهنا تسمع حسرات ‏المشاهدين واندماجهم ، وإن التفت اليهم ‏لوجدت دموعا ًتنساب بلا شعور ، وليصل ‏الفيلم الى نهايته التي تذهل من لديه ذائقة ‏جمالية ورؤية فلسفية للسينما ، إذ تقصدت ‏لبكي في وضع إبتسامة كاذبة على وجه ‏الصبي ، لتوصل رسالة بأن صعوبة العيش ‏وأزمات الحياة ، تنسيك حتى الابتسامة وإن ‏فعلت فلانها كذبة لا أكثر .‏

تجربة نادين تستحق أن ترى أوسكار لأفضل ‏فيلم أجنبي ، وتحاكي واقعية إيطاليا الجديدة ‏برؤية حديثة ، تقاس على قصر الكلام ‏وجزالة التعبير ، وما أجمله من هدف منشود ‏‏.‏

المدى العراقية في

24.10.2018

 
 
 
 
 

التعاون الثاني بين المخرج والبطل

«أول رجل».. قصة بطيئة وأداء متحجر

عرض: عبدالله القمزي

دخلنا موسم الجوائز بشكل رسمي، فالأسبوع الماضي انطلقت عروض فيلم «ولادة نجمة»، من بطولة برادلي كوبر، والمغنية ليدي غاغا، وإخراج الأول، وهو الإعادة الثالثة في 80 عاماً، ثم حل في صالات السينما في الدولة فيلم First Man أو «أول رجل»، الذي يوثّق قصة رائد الفضاء الأميركي نيل آرمسترونغ، الذي صنع تاريخاً لأميركا وللإنسانية، بوضع قدمه على سطح القمر في 20 يوليو عام 1969.

المخرج الفرنسي الأميركي ديميان شازيل يتعاون مرة أخرى مع بطله من فيلم «لا لا لاند» رايان غوسلينغ. يعود الفيلم بالزمن ثمانية أعوام قبل مهمة «أبولو 11»، ليستعرض المصاعب التي مر بها رائد الفضاء، وقراره خوض تلك المهمة الشاقة، رغم كل الأحداث التراجيدية التي مر بها.

يبدأ الفيلم عام 1961، نرى آرمسترونغ (غوسلينغ) طياراً، يحاول تحطيم رقم قياسي لبلوغ ارتفاع معين في الفضاء. على كوكب الأرض نرى زوجته جانيت (الإنجليزية كلير فوي من مسلسل ذا كراون)، تراقب ابنتهما بقلق، وهي تتلقى علاجاً بالإشعاع من ورم خبيث.

تموت الفتاة ويكتفي آرمسترونغ بلحظة بكاء هيستيرية يخرج فيها آلامه، وسرعان ما يترك زوجته ويعود إلى عمله متجاهلاً الحدث الجلل. يقدم آرمسترونغ أوراقه رسمياً، ليصبح رائد فضاء لدى وكالة الفضاء الأميركية (ناسا)، ويتم قبوله في برنامج جيمني عام 1962.

ينتقل آرمسترونغ مع زوجته وولديه إلى مدينة هيوستن بولاية تكساس، ويبدأ خوض تدريبات قاسية. نراه كذلك يتناول العشاء مع زميله إد وايت (جيسون كلارك)، وهما يشاهدان أخبار آخر تطورات الجانب السوفييتي في ذلك السباق.

ولا يفوت شازيل مشاهد حضور آرمسترونغ جنازات زملائه، الذين فاضت أرواحهم نتيجة حوادث وقعت أثناء التدريب.

لماذا نهتم بالقصة؟

رغم أن شازيل أثبت نفسه جيداً في الدراما كاتباً ومخرجاً في فيلمي «ويبلاش» عام 2014، و«لا لا لاند» عام 2016، الرائعين اللذين خرجا بجوائز «أوسكار» عدة، فإن شازيل يكتفي بالإخراج هنا، أما النص فهو لجوش سينغر، الذي كتب فيلم «سبوتلايت» و«ذا بوست»، والأول حاز «أوسكار» أفضل فيلم لعام 2015.

ومع أن «أول رجل» فيلم دراما يستحق الاحترام؛ إلا أن هناك خللاً كبيراً في أكثر من موطن، بداية من البطء الشديد، ومروراً بالأداء البارد، ونهاية بالتصوير المهتز، ما يدفعنا للتساؤل: لماذا نهتم بالقصة؟

يركز الفيلم كثيراً على الجانب التقني أكثر من العاطفي، وربما هذا منطقي؛ كون النص والإخراج يريدان إظهار شخصية تقمع مشاعرها لتركز على العمل فقط، وتتجاهل الجانب الأسري من حياتها.

«أول رجل» ليس عن الهبوط على القمر وهذه بديهة، فماذا على القمر لنشاهده! مجرد أرض صخرية قاحلة، بل هو قصة أول إنسان خطا على سطح ذلك الجرم السماوي، قصة رجل وضع مشاعره في مكان سري، واختار التركيز على هدف مهمته.

ولو وضعنا ذلك في الاعتبار، فليس غريباً انجذاب شازيل إلى النص، لأن فيلم «ويبلاش» كان عن قصة رجل مهووس لبلوغ الكمال ورحلته النفسية الشاقة التدميرية لذاته، للوصول إلى النجاح مهما كان الثمن. وبينما كان «ويبلاش» فيلماً مفعماً بالطاقة والحيوية إلى درجة جنونية، لا تستطيع معها أن تنظر في اتجاه آخر، يأتي «أول رجل» كمولود ميت إلى هذه الحياة.

فلا تشويق يذكر في الفيلم رغم أن القصة الحقيقية كلها تشويق، الغرض من ذلك مقصود وهو نقل المشاهد إلى داخل رأس آرمسترونغ ليعيش حالته النفسية، لكن ذلك قد لا يأتي للبعض سوى بنتيجة واحدة هي النوم.

لا للفرح

صرح شازيل بأنه لم يستطع تخيّل ممثل آخر غير غوسلينغ في هذا الدور، وهو محق - إلى حد كبير - فالأخير لعب أدواراً مشابهة تطلبت كتمان مشاعره مع وجود رغبة للإفصاح عنها، أشهرها دوره في فيلم Drive عام 2011، ومرة أخرى في Blade Runner 2049 بأكتوبر الماضي.

لكن هنا ينتابنا تساؤل: هل غوسلينغ يؤدي المطلوب منه؟ هل الأداء الروبوتي هو المطلوب لتجسيد آرمسترونغ في هذه المرحلة من حياته؟ لا توجد أي مشاعر في وجه غوسلينغ على الإطلاق إلى درجة أنك لو وضعت قطعة حجر منحوتة على شكل غوسلينغ بجانب وجهه في هذا الفيلم فلن تميز بينهما! ولو كانت هناك فئة لأفضل أداء متحجر لترشح غوسلينغ بالتأكيد ولفاز.

فلو كان الفيلم بطيئاً فالمخرج يعوض بالأداء لخلق الرابط العاطفي مع المشاهد، لكن عدم توافر هذا يتسبب في عدم اهتمامنا بمجريات القصة، ولعلنا هنا نتساءل مرة أخرى: هل أداء غوسلينغ بسبب كتابة الشخصية بهذه الصورة أم أن آرمسترونغ في الواقع كان هكذا، هل يعقل أن الرجل كان متحجراً وهو يعلم حجم المهمة الملقاة على عاتقه؟ هل يعقل أن عينيه ذرفتا الدموع حزناً على ابنته، ولم تذرفا دمعة فرح واحدة بالهبوط والمشي على سطح القمر؟

ربما كان ذلك صحيحاً، لكن تقييمنا للفيلم وليس الواقع، ونقول إنه رغم هبوطه على سطح القمر؛ فإننا بسبب الأداء المتحجر لم نشعر بشيء كأن شيئاً لم يحدث، وحدث أن أفاق البعض من غفوته بعد نهاية تلك اللقطة الختامية للفيلم!

بقدر ما كان غوسلينغ متحجراً، فإن فوي - في دور زوجته - كانت أفضل من ناحية إظهار العواطف والمشاعر الإنسانية؛ لكن الفيلم لا يعطيها ما تستحقه من مشاهد؛ ومعظم لقطاتها إما تصرخ عليه أو جالسة على السرير تلاعب طفلها، والسؤال: ماذا تفعل فوي هنا؟ الجواب: تنتظر ترشيحاً لأفضل ممثلة مساعدة!

صرح آرمسترونغ، في مقابلة عام 2001، بأنه لم ينظر إلى القمر قبل تلك الرحلة. قد تكون الإجابة مبالغة، ومن المعروف أن الرجل دخل في حالة من الاكتئاب حتى وفاته عام 2012، اعتزل العالم بسببها، لكن يصعب تصديق تصريحه بأنه لم ينظر إلى القمر، لأننا كلنا ننظر إلى جمال شكل القمر من الأرض، فما بالك لو كان الأمر يتعلق بالرجل الذي سيخطو عليه، وبالتالي تراودنا شكوك حيال دقة الحالة النفسية التي يصورها الفيلم له!

لمشاهدة الموضوع بشكل كامل، يرجى الضغط على هذا الرابط.

لقطة حية.. متأخرة

يستيقظ الفيلم لحظة الهبوط على القمر، ويبدأ شازيل بالتفنن في التصوير وإبراز اللقطات الجميلة. وعندما ينزل آرمسترونغ على سلم مركبته الصغيرة، وتلامس قدماه السطح، ويقول عبارته الشهيرة: «خطوة صغيرة للإنسان.. وثبة كبيرة للإنسانية» نرى أروع اللقطات والتي تأتي بعد ساعتين من تصوير شديد الاهتزاز، لكن روعة لقطة النهاية لا تشفع لثلاثة الأرباع الميتة، التي سبقتها من الفيلم.

20

يوليو عام 1969، التاريخ الذي وضع فيه آرمسترونغ قدمه على القمر.. بـ«خطوة صغيرة للإنسان.. وثبة كبيرة للإنسانية».

لا تشويق يُذكر في الفيلم.. رغم أن القصة الحقيقية كلها تشويق.

الإمارات اليوم في

24.10.2018

 
 
 
 
 

حكاية درامية في عمل جذاب

«الرجل الأول».. سيرة نيل أرمسترونغ المبهرة

دبي ـ غسان خروب

لم يكن أحد يتوقع أن يتمكّن المخرج الأميركي داميان تشازيل، من احتلال القمة قبل تقديمه فيلم «ويبلاش» في 2014، وهو المخرج القادم أصلاً من عوالم الموسيقى، والذي استطاع في «ويبلاش» أن يبرهن على قدرته والاستفادة من خلفيته الموسيقية وتأثره بالجاز وقرع الطبول التي يتقنها، ليعيد تكرار التجربة في أيقونته «لا لا لاند» (2016) التي أهّلته لحمل أوسكار أفضل مخرج، بفضل ما قدمه من سحر موسيقي في هذا الفيلم الذي فتح الأعين على الممثل الكندي رايان غوسلينغ، الذي عاد مجدداً للعمل مع تشازيل في «الرجل الأول» (First Man) ليخرج الاثنان معاً من عوالم الموسيقى التي أحاطت بهما في «لا لا لاند»، للتحليق في الفضاء.

«الرجل الأول» حكاية درامية جميلة، أقرب في تكوينها إلى سيرة ذاتية لرائد الفضاء نيل أرمسترونغ، تلك الحكاية وقبل أن تدخلنا في دروب حياة أرمسترونغ نفسه وإنجازه التاريخي بالهبوط على سطح القمر، استطاعت أن تكشفت لنا عن طبيعة الكيمياء بين تشازيل وغوسلينغ، والتي من دونها لم يكن لهذا الفيلم أن يحقق النجاح.

مجريات

في «الرجل الأول» يعتمد داميان تشازيل على سيناريو جوش سينغر (صاحب سيناريو سبوت لايت)، وفيه حاول تحرير نفسه من كل ثقل غير مطلوب، فالحوارات لديه كانت عند حدودها الدنيا، مستخدماً منها فقط ما يفيد مجريات العمل الذي اكتفى بتقديم شخصياته الأساسية فقط، من دون أن يتطرق إلى إظهار شخصيات ثانوية، من شأنها أن تثقل الفيلم، الذي حاول تشازيل توجيه دفته نحو أرمسترونغ نفسه، فنجده مثلاً لم يركز كثيراً على رائد الفضاء باز ألدرين (الممثل كوري سترول) الذي خطا إلى جانب أرمسترونغ على القمر، وكذلك مايك كولينز (الممثل لوكاس هاس) الذي قاد المركبة المدارية، حيث جاء ظهوره في الحدود الدنيا فقط.

تجربة

ورغم أن تركيز تشازيل في الفيلم ظل منصباً على أرمسترونغ نفسه، إلا أنه لم يسع إلى تقديم خلفية عن حياته الخاصة، مكتفياً بدوره في برنامج أبولو الأميركي، الذي ظل على الدوام أشبه بخلفية للفيلم، وبلا شك أن مضي تشازيل في هذا الطريق كان كفيلاً بأن يقدم لنا فيلماً جذاباً متأنياً، وواقعياً للغاية، يحمل بين ثناياه مشاهد مبهرة، قادرة على تأجيج المشاعر الإنسانية، ليبدو أن تشازيل قد حرص طوال الفيلم على تقديم هذه الصورة، وقد يبرر ذلك عدم التفاته إلى عرض كشهد رفع «العلم الأميركي» على سطح القمر، والذي أثار الأميركيون ضجيجاً حوله، إيماناً منهم بأهمية هذه اللقطة، التي اعتبرها تشازيل ثانوية وليست أساسية في حياة رائد الفضاء.

اختيار تشازيل للممثل رايان غوزسلينغ، كان موفقاً إلى أبعد الحدود، فعدا عن التجربة السابقة التي جمعتهما معاً في «لا لا لاند»، فرايان يتميز بجمود ملامحه، ولذلك بدا مناسباً للعب دور أرمسترونغ، ذلك الطيار الذكي والقادر على ضبط مشاعره وإخفائها، كما في مشهد دفنه لابنته الصغيرة التي رحلت نتيجة إصابتها بورم في الدماغ، وعلاقته الإنسانية مع زوجته جانيت (الممثلة كلير فوي)، والتي جاءت شخصيتها متوافقة تماماً لطبيعة شخصية عوزسلينغ، فهما ثابتان، وبارعان في حركتهما وأدائهما.

صدمات

إتقان تشازيل لقيادة دفة الفيلم ساعد كثيراً في تجنيب الجمهور متابعة أحداث «لافتة» و«محزنة» في الوقت نفسه، وفي ذلك نجده قد اعتمد على «الإحساس» بما يحدث داخل برنامج أبولو، والمآسي التي شهدها برحيل عدد من الذين تقدموا للمشاركة فيه، حيث تشعر للوهلة الأولى أن تشازيل الذي قدم مشهدين فقط لجنازتين، تعمد إلى إقامة عدة جنازات خارج إطار مشاهد الفيلم، وأصحابها هم رفقاء أرمسترونغ الذين لم يتمكنوا من مواصلة العمل مع برنامج أبولو، ليبدو ذلك محاولة من المخرج تجنيب الجمهور التعلق بأي من الشخصيات.

البيان الإماراتية في

24.10.2018

 
 
 
 
 

فيلم «First Man»: انعكاسات حقيقية على أقمار بشرية

حسام فهمي

خطوات وحيدة لكنها على القمر، أم خطواتك برفقة من تحب على الأرض، أيهما تفضل؟ غذاء ودواء للبشر، أم صورايخ ومحركات لغزو الفضاء، أيهما تفضل؟

شغفك وأحلامك في مقابل من تحب، أحلام أمة في مقابل حياتك وحياة كل من يشاركك الطريق.

مرة أخرى يقدم لنا المخرج الأمريكي «داميان تشازيل» حكاية عن بشر يعانون في مجتمع إنساني يطمح لما هو أكبر من قدرات البشر، حينها يصبح التضرر الذي يصيب الأسرة، علاقات الحب، الصداقة، والنفس البشرية ذاتها، دمارًا جانبيًا لا مفر منه.

اليوم نتحدث معكم عن فيلم «First Man» الذي تدور أحداثه عن القصة الحقيقية لرائد الفضاء الأمريكي وأول رجل يمشي على سطح القمر، «نيل أرمسترونج».

لا حرق للأحداث في هذه القصة فكلنا نعرف أن أرمسترونج سيصل للقمر في نهاية الفيلم، ولمن فاتته المعلومة فعنوان الفيلم يكفي لتذكيره، لكن الجديد  هو المعالجة الواقعية الإنسانية التي تجعلنا نرى من افترضناه رجلًا خارقًا وهو يعاني.

يتجمع مراسلون صحفيون قرب نهاية الفيلم لسؤال جانيت أرمسترونج – التي تقوم بدورها كلير فوي بتميز- عن مشاعرها عقب خطوات زوجها الأولى على القمر، يسألها أحدهم هل تتمنى أن يصبح أبناؤهما رواد فضاء أيضًا، تبتسم جانيت بشكل محايد مناسب لصور الصحافة، تصمت وتتخطى السؤال، ولكننا كمشاهدين نعلم يقينًا ما هي إجابتها.

عالم تشازيل السينمائي: عن البشر لا العلم

عقب بداية عرض الفيلم في دور العرض الأمريكية خرج الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» ليهاجم الفيلم كونه لم يركز على لحظة وضع العلم الأمريكي على سطح القمر أثناء مهمة «أبوللو 11». على الأغلب لم يشاهد ترامب الفيلم، ولكن في حقيقة الأمر فإن العلم تواجد على سطح القمر داخل الفيلم، ولكننا كمشاهدين لم نشعر به، لأن داميان شازيل قرر أن يركز على لحظة إنسانية وشخصية جدًا لنيل أرمسترونج بدلًا من هذا.

هذه اللحظة تبلور بشكل كلي ماهية هذا الفيلم، نحن أمام معالجة سينمائية مبنية على كتاب سيرة ذاتية شخصية للغاية، تصور نيل أرمسترونج بشكل أقرب لصفات البطل المخالف للعرف Anti-hero. أرمسترونج ليس لبقًا في الحديث، ليس صورة فضائية لجيمس بوند، كما أنه لا يملك حس دعابة كأيرون مان. أرمسترونج ليس بطلًا خارقًا، هو ليس حتى رجلًا سعيدًا.

أصدر تشازيل خطابًا مشتركًا مع ابني أرمسترونج للرد على أزمة العلم، أكد فيه أن الفيلم لم يقصد أن يعادي حس الوطنية الأمريكي، لكن الأهم في رأيي هو كلمات ابني شازيل التالية: «هذه حكاية عن رجل عادي قام بتضحيات كبيرة وعانى من فقد هائل، في سبيل تحقيق المستحيل».

إذن أرمسترونج هنا ما هو إلا حلقة جديدة في عالم داميان تشازيل السينمائي للحالمين في واقع ما بعد حداثي، ينضم رائد الفضاء الذي يعاني من فقد شخصي ووحدة إجبارية في سبيل غزو الفضاء، إلى الموسيقي الذي عانى من الإيذاء والإهانة وفقد الحياة الشخصية في سبيل الكمال في فيلم «Whiplash»، والحبيبان اللذان فضلا مطاردة حلم مهني على علاقة حب تستمر في فيلم «La La Land».

الصورة: اختلاط الواقع مع الذكريات مع الأحلام

للصورة السينمائية عناصر عدة تتضافر لتخدم الغرض الدرامي للقصة، نحن هنا أمام معالجة واقعية للحكاية الشخصية لأول رجل يصعد إلى سطح القمر.

للقصة بصريًا ثلاثة جوانب، الأول، هو واقع رجل يعاني شخصيًا كما يعاني في تحضيرات غزو الفضاء، والثاني، هو ذكريات شخصية عن أيام جميلة يتجسد فيها الحب والأسرة والأصدقاء في زمن ما قبل المعاناة، والثالث، هو حلم القمر، عالم لم يصل له البشر من قبل.

في سبيل هذا قام داميان تشازيل بالتعاون مع مدير التصوير السويدي «لينوس ساندجرين» بالجمع بين أكثر من نمط تصويري داخل أحداث الفيلم. واقع يسرد على طريقة الفيلم التسجيلي، صورة غير ثابتة، كما لو أنها التقطت بكاميرا محمولة على اليد، بماذا يصيبك هذا؟ بالتوتر، هذا هو المطلوب، وهذا ما يشعر به أبطال الفيلم، يطاردك هذا الواقع في جلسات تحضير وكالة ناسا، كما يطاردك من زاوية رؤية رواد الفضاء لما حولهم داخل المركبات الفضائية، اهتزاز ودوران وصخب لا يتوقف، صورة ذات سطوع ضوئي منخفض، ألوان قاتمة ذات حواف حدة.

ذكريات صورتها ذات سطوع ضوئي مرتفع مما يجعل ألوانها فاتحة وغير مشبعة، تفاصيل ناعمة ودافئة تشبه لوحات الباستيل للفنان الأمريكي توم سيراك، وفضاء يشبه الحلم، قمر تم تصوير مشاهده بكاميرات ذات تقنية IMAX، مما يعطي تفاصيل شديدة الوضوح وصورة شديدة الإبهار.

موسيقى من القمر: لحن واحد ومشاعر عدة

يتعاون داميان شازيل مرة أخرى مع شريكه الأوسكاري «جوستين هورويتز». اللحن الرئيسي للمقطوعة التي نسمعها طوال لحظات الموسيقى التصويرية في First Man تبني في الأساس على تتابع من الخطوات أو الدقات، خطوات قدم على سطح القمر، دقات قلب يتذكر من فقد، تسارع أنفاس وأصوات ارتطام داخل رأس لا يتوقف عن التفكير، كل هذا من الممكن أن تعبر عنه الموسيقى هنا.

يضيف جوستين هورويتز للحن الرئيسي طبقًا لما يتطلبه الغرض الدرامي، فيضيف صوت آلة الثيرمين النادرة والذي يشبه الهمهمات البشرية عالية التردد ليخلق أجواء حالمة كما في مقطوعة Quarantine.  

لكن الاستخدام الأفضل كان في إضافة أصوات الطبول وغيرها من الآلات الإيقاعية مع التدرج في صوت لحن التتابع في مقطوعة The Landing والتي صاحبت لحظات هبوط أبوللو 11 على القمر وترقب خطوات أرمسترونج الأولى على سطحه. تتابع مشوق، وموسيقى تزيد من الشعور بالتجربة، تنزل القدم البشرية الأولى ببطء لتلامس سطح القمر ونحن نراها من زاوية عين صاحبها فنشعر وكأننا نشاركه هذه الخطوة، خطوة البشرية الأولى على القمر.

انعكاسات بشرية وأقمار عدة

من بين الخصائص العديدة ذات المغزى والتأويل في First Man يبقى ملمحًا بصريًا هو الأكثر ملاحظة، ألا وهو كثرة الكادرات القريبة close-up وكثرة استخدام تكوين الانعكاسات داخل الكادر، انعكاسات على أسطح زجاجية، انعكاسات على أسطح الماء، انعكاسات على خوذة أرمسترونج نفسه، وانعكاسات داخل العيون، هذا وبلا شك أكثر فيلم شاهدته به كادرات لعيون بشرية منعكس عليها ضوء وصور.

هذا فيلم يتحدث عن رحلة بشرية للقمر، من المنطقي محاكاة هذا في الأسلوب البصري، لكن المغزى الأهم في رأيي هو أن تشازيل يدلنا على أقمار بشرية عديدة قد تكون أكثر قيمة وإبهارًا من القمر ذاته، أقمار لا يلزمنا صواريخ ولا مركبات فضائية لبلوغها ولكن يلزمنا قليلًا من الحب وكثيرًا من الرضا والتقبل.

أرمسترونج الذي يقوم بدوره وبهدوء شديد -لم يعجب البعض- ريان جوسلنج، تنعكس صورته أكثر ما تنعكس في عين زوجته جانيت، هكذا يجد كل منهما في الآخر قمره، وهكذا تنتهي الحكاية كما اعتدنا من تشازيل بلحظة صمت وتأمل. وهكذا يمكننا تفهم تصريح أرمسترونج الحقيقي في إحدى مقابلاته، حينما سأله أحد الصحفيين عما إذا كان يخرج عادة للنظر للقمر وتأمله في السماء، أجاب أرمسترونج: «لا .. لم أفكر في هذا من قبل».

موقع "إضاءات" في

25.10.2018

 
 
 
 
 

مخرج «يوم الدين»: الفيلم كان مشروع تخرجي للحصول على الماجستير

إيفون مدحت

قال أبو بكر شوقي، مخرج فيلم «يوم الدين»، إنه في 2009 تخرج في معهد السينما وكان يدرس بالجامعة الأمريكية في ذات الوقت، ثم توجه إلى دراسة الإخراج في جامعة «إلينوي» بنيويورك، متابعًا أن الفيلم كان مشروع تخرجه للحصول على درجة الماجستير

وأضاف، خلال لقائه ببرنامج «معكم»، المذاع عبر فضائية «سي بي سي»، مع الإعلامية منى الشاذلي، أمس الأربعاء، أن الفيلم تدور فكرته الرئيسية حول آثار المرض التي تلازم المصاب بالجذاب بعد الشفاء منه، والتي تعرضه لمضايقات كثيرة ممن حوله.

وتابع أن الجذام نادر جدًا لكن علاجه سهل، وبطل الفيلم عاش 30 عامًا في مستعمرة الجذام، لكن الفرق بين الحقيقة والعمل الفني أن علاقته جيدة مع أهله في المنيا، مشيرًا إلى احتواء مصر على كمية لا حصر لها من القصص التي يمكن أن تُحكى في صورة أعمال فنية

وأوضح أن حلمه من وراء فيلم «يوم الدين» هو إقناع الناس بأن الشخصية هي الأهم في الإنسان وليس شكله، مضيفًا أنه ما زال هناك خطوات ينتظرها حتى يصل الفيلم لمسابقة الأوسكار، التي تتطلب أن يحصل الفيلم على موافقة 5 آلاف سينمائي قبل دخوله التصفية النهائية التي تتكون من 5 أفلام فقط.

يُذكر أن الفيلم السينمائي «يوم الدين»، حصل على نجمة الجونة لأفضل فيلم عربي روائي طويل، كما فاز بجائزة الجونة لسينما من أجل الإنسانية، وهو من بطولة راضي جمال، شهيرة فهمي، أحمد عبد الحافظ، شهاب إبراهيم، محمد عبد العظيم، أسامة عبد الله، وتأليف وإخراج أبو بكر شوقي.

الشروق المصرية في

25.10.2018

 
 
 
 
 

"ولادة نجمة": إنقاذ كلاسيكية العمل

محمد جابر

قبل عرضه الأول في الدورة الـ75 (29 أغسطس/ آب ـ 8 سبتمبر/ أيلول 2018) لـ"مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي"، لم تكن هناك توقّعات واضحة عن المستوى الفني لـ"ولادة نجمة" (A Star Is Born) لبرادلي كووبر، أو حتى احتمال نجاحه جماهيريًا، إذْ يمكنه أن ينجح بشدّة أو يفشل تمامًا، لأن تفاصيله كلّها تحمل مخاطرات، بدءًا من كون الإخراج هو الأول للممثل كووبر، الذي يمرّ في فترة هبوط في مسيرته المهنيّة في الأعوام الـ3 الأخيرة. كما أنه اقتباس عن قصّة كلاسيكية ناجحة، أُنجزت سينمائيًا بالعنوان نفسه أكثر من مرة. بالإضافة إلى ذلك، هو من بطولة لايدي غاغا، في ظهورها الأول كممثلة رئيسية. 

في النهاية، عُرض الفيلم، ونال استقبالاً جيدًا جدًا، أفضل من أيّ توقّعات. والغريب أن فيلمًا بهذه المخاطر كلّها كان السبب الأهم في نجاحه أن خياراته الفنية "آمنة" وتقليدية إلى تلك الدرجة. 

لم يُغيّر الفيلم أبدًا في كلاسيكية الحكاية وبساطتها، ولم يحاول التعمّق في محاورها التي تحتمل تعمّقًا: جاكسون ماين (كووبر)، نجم موسيقى "كاونتري" ناجح جدًا، لكنه ـ كما يظهر في المشاهد الأولى ـ يعاني اكتئابًا وإدمانًا على الكحول. تتغيّر حياته عند ذهابه بعد إحدى حفلاته إلى بار صغير، حيث يلتقي المغنية آلي (لايدي غاغا) فيقرّر التعرّف إليها. بعد ليلة طويلة ومليئة بالتفاصيل، يقرّر تبنّي موهبتها. تصعد معه إلى المسرح، ويغنّيان، ويحقّقان نجاحًا بالغًا. تسير الأمور بشكل جيّد، حتى يتقاطع تصاعد نجمها مع خفوت نجمه وازدياد إدمانه على الكحول. 

أثناء مُشاهدة "ولادة نجمة"، ينتابك شعورٌ بأنك سبق أن رأيت ما يحدث أمامك، وهذا ليس لكونه إعادة لفيلمٍ سابق، بل لأن فصول السيناريو تتحرّك بأكثر الأشكال توقّعًا وتقليدية بالنسبة إلى فيلم موسيقي ـ رومانسي كهذا: لقاء، فإيمان بالموهبة، فنجاح وأوقات سعيدة، ثم وقوع تعثّرات وصدامات، وصولاً إلى النهاية الميلودرامية. لم يتعمّق السيناريو أبدًا في مشاعر شخصية جاكسون مثلاً، وهو يرى زوجته ـ أي الشخص الذي قدّمه إلى العالم ـ تسبقه بخطوات، ولم يمنح مساحة أكبر لعلاقته بأخيه، وما تكشفه العلاقة عن ماضيهما وحياتهما وكيف وصلا إلى تلك الحالة. فكلّ شيء في النص لا يتعدّى القشور، في مقابل السير بشكلٍ آمن وواضح وتقليدي حتى النهاية. 

رغم تواضع مستوى السيناريو، أو تحديدًا سطحيته الشديدة، فإن "ولادة نجمة" ليس سيئًا أبدًا، بل إنه جيّد أحيانًا كثيرة بفضل الاستثمار الفني الذكي لعناصره الأخرى، وأهمّها الأداء التمثيلي الرائع والمفاجئ للايدي غاغا، والكيمياء الواضحة التي تجمعها ببرادلي كووبر على الشاشة الكبيرة، علمًا أن كووبر نفسه في أفضل أداء له منذ Silver Linings Playbook (2012) لديفيد أو. راسل، فإذا بظهورهما معًا في مشاهد حوارية طويلة يُصبح مصدر جذب للمُشاهدين، وغناؤهما معًا يصنع لحظات ممتعة، خصوصًا مع الاهتمام المنطقي بالأغاني والموسيقى في العمل، ودعمها الدرامي لما يحدث. 

كذلك، يمتد تأثير برادلي كووبر في إدارة الممثلين إلى آخرين أيضًا، وتحديدًا سام إليوت الذي سيُرشّح غالبًا لـ"أوسكار" أفضل ممثل ثانٍ عن دور الأخ. أما النتيجة، فهي بعض المشاهد القوية وصادقة المشاعر التي تبقى في الذهن حتى لو لم تكن مفاجئة: حفلة توزيع جوائز "غرامي"، ومشهدَا تصادم الشقيقين وتصالحهما في الفندق والسيارة، والنهاية المتتالية، وصولاً إلى الخاتمة المؤثّرة للفيلم، التي تترك طاقة عاطفية جارفة، رغم كلاسيكية العمل وتقليديته.

العربي الجديد اللندنية في

25.10.2018

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)