كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

أفلام حولت النصر إلى هزيمة

«رجل أول» يساهم في ردم أحلام الفضاء وإنجازاتها

لوس أنجيلس: محمد رُضا

جوائز الأكاديمية الأمريكية للفيلم

(أوسكار 2019)

   
 
 
 
 
 
 

إحدى ميزات فيلم «أول رجل» (Fist Man الذي بوشر بعرضه تجارياً في المنطقة العربية وحول العالم) في نطاق حديثه عن تجربة الهبوط على سطح القمر وقيام نيل أرمسترونغ بالسير فوقه كأول آدمي ينجز ما بدا معجزة في الستينات، أن فعل الوصول والهبوط والسير ليس معالجاً كنصر للبشرية كما تردد آنذاك. ولا هو هزيمة بالطبع.

هذا الإنجاز، بمعالجة المخرج داميال شازيل ليس برّاقاً ولا مدعاة للزهو بالنسبة لأرمسترونغ كما يؤديه رايان غوزلينغ. الخطوات، وقد نصب المخرج الكاميرا فوق رأس ممثله بحيث لا نرى ردات فعله بادية على وجهه، تتابع تلك الخطوات الحذرة التي تهبط السلم الخارج من بطن المركبة. وأول خطوة تلامس فيها قدم أرمسترونغ تراب الكوكب هي أيضاً فوقية.

أرمسترونغ لا يقفز فرحاً ولا يتفوّه بكلمة ولا يبدو عليه، وقد انتقلت الكاميرا على سطح الكوكب المذكور، الفرح أو الاكتئاب. هذا لا يماثل قدرة الممثل على عكس مشاعر عالية (فرح، غم، غضب الخ…) وإبقاءها تحت رداء النفس، لكنه لا يماثل المتوقع والمستنتج وربما ليس الواقع أيضاً.

يماثل حقيقة أن القمر يبدو من عندنا ونحن ننظر إليه من زاوية منخفضة (دوماً) كبيت من الشعر. لكن حين الوصول إليه يتبدى كما لو أنه صحراء بلون رمادي كالح. لا جمال فيه. كذلك حال الشعور البديهي من أن رحلة إلى القمر حافلة بالتحديات وجاهزة لقطف انتصار الإنسان على حدود وقدرات الأمس، لكن حين الهبوط عليه فعلاً فإن جل ما يستطيع أرمسترونغ فعله (حسب هذا الفيلم) هو تذكر ابنته التي ماتت صغيرة.

- في فضاء عائم

يبدأ الفيلم برحلة خوف وينتهي برحلة مخاوف. البداية هي للكاميرا مركّزة على وجه ذلك الطيار المدني (أرمسترونغ) قبل سبع سنوات من رحلته الفضائية صوب القمر. إنه في قمرته يواجه اختبار قدرات ملاحية. القمرة تهتز. أصوات الأجهزة تتعالى. الطائرة تهوي والخوف يعتري وجه الطيّار والكاميرا تسجل.

في النهاية الهبوط على سطح القمر ينجز انتصاراً علمياً بالنسبة للمتابعين على الأرض ويمثّل خوفاً ذاتياً يمنع أرمسترونغ من الشعور بالفرح ذاته. داميان شازال يفعل ما في وسعه لكسر المسلمات، فالهبوط لم يكن إنجازاً لأرمسترونغ ولا هو احتفاء فعلي لأحد. في واقع الفيلم (وليس بالضرورة في الواقع التاريخي) السير على سطح القمر لا يستمر إلا لبضع خطوات. والبقاء على ذلك السطح المترب محدد بخطوات قليلة ومحدود القيمة الفعلية. أرمسترونغ يعود إلى المركبة وهذه تعود إلى الأرض.

كثير من ذلك الوضع غير البهيج، يماثل ما ورد قبل ثلاثة أعوام في فيلم ريدلي سكوت «المريخي» (The Martian).

هناك يواكب الشعور بالنصر رحلة الفيلم إلى الكوكب الأحمر (نسبة إلى لون تربته)، لكن الخطأ المرتكب (والفيلم بالطبع ليس استيحاءً من الواقع) هو الفرار مع اقتراب عاصفة عاتية مع افتراض الملاحين أن أحدهم (مات دامون) لا ريب قضى في تلك العاصفة.

لكن مارك، وقد أصابه الهلع من فكرة بقائه وحيداً فوق سطح المريخ، يستعيد زمام القرارات ويحول التربة المعدمة إلى مصدر للزرع، بل ويبتكر الماء. يكيّف نفسه بنجاح لحين عودة المركبة الفضائية إليه لكي تنقله مجدداً إلى سطح الأرض.

التجربة التي خاضها ذلك الملاح لا تُسجل لصالح العلم لا الأميركي ولا الإنساني بشكل عام. وهذا أيضاً حال «جاذبية» (Gravity) لألفونسو كوارون (2013): رحلة فضائية عائمة تتخللها حادثة تقضي على الفريق الفضائي باستثناء اثنين (جورج كلوني وساندرا بولوك) والأول يضحي بحياته في سبيل الحفاظ على حياة زميلته وعودتها إلى الأرض. في النهاية، لا الرحلة أدت خدمة جليلة للعلم، ولا أهل الأرض كانوا قادرين على مساعدة الملاحة الوحيدة في محنتها ولا حتى هبوطها إلى الأرض كان سهلاً ومريحاً.

- فضاء مزيف

ليس من بين هذه الأفلام المذكورة ما هو مرعب في انتمائه. إنها ليست أفلام رعب فضائية كحال أفلام ريدلي سكوت من Alien سنة 1979 إلى Alien Covenant سنة 2017 أو أي من تلك الأفلام الكثيرة (منذ الخمسينات وإلى اليوم) حيث تتحوّل الرحلة الفضائية إلى معارك ضارية بين الإنسان ووحوش الفضاء. تلك لها ناصية خاصة بها ولو أنها، في نهاية مطافها، تحذر الإنسان من مغبة القيام برحلات صوب الفضاء البعيد كونه مليئاً بالمخلوقات المجهولة التي تقضم الحياة وتحيل المغامرين إلى وجبات طعام.

هي أيضاً ليست أفلام تخليد للفضاء لكنها أفلام جماهيرية التأسيس تعلن هذا الموقف ضمن جنوحها صوب العنف والرعب المباشرين.

تلك التي تستند إلى أبعاد فلسفية ووجودية حول الحياة على الأرض والفضاء البعيد قلما لديها نظرة متفائلة للبشر بدورها. نظرة واحدة على فيلم ستانلي كوبريك «2001: أوديسا الفضاء» تطلعنا على أن كيان الإنسانية كله عرضة لخطر الذكاء الصناعي ورغبته في سيادة الحياة الإنسانية.

أندريه تاركوفسكي ينحو بعيداً صوب المزيد في «سولاريس» (1972). كحال «رجل أول»، بطل ذلك الفيلم (دوناتاس بنيونس) ينقل معه إلى المركبة الفضائية ذكرياته المؤلمة. كنه هذه الذكريات مختلف لكنها بدورها إنسانية صرفة لا تناسب البطل المغوار الذي في بال هواة سينما المعارك الفضائية والمخاطر الناتجة عن غزو المخلوقات لمركبات الفضاء أو الأرض. هذا ما يجعل «سولاريس» والأفلام الشبيهة له أقرب إلى استكشاف الإنسان الذي جاء من الأرض بدل استكشاف الفضاء الذي مضى صوبه.

الصراع صوب الفضاء ورد في خلال سنوات الحرب الباردة بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة، وهذا وارد في «رجل أول» لكن بعض الأفلام شككت في الرواية الرسمية الأميركية من أن فضائياتها المسيّرة حطت على سطح المريخ وبذلك سبقت مثيلاتها الروسيات. أهم هذه الأفلام ليس تمريرات ستانلي كوبريك في فيلم «لمعان» لخديعة قال إنه تعرض لها على يد «ناسا»، بل فيلم لبيتر هيامس عنوانه «كابريكون وَن». هناك الرحلة كلها تمثيلية، والمركبة حطت في صحراء نيفادا ليجد ملاحوها الثلاث أنفسهم عرضة للقتل حتى لا يكشف أحدهم الحقيقة.

الفيلم الذي تم عرضه سنة 1979 لا يلتقي بالضرورة لا مع الواقع ولا مع أي من الأفلام المذكورة أعلاه، إلا من حيث إنه بدوره لا يرى فائدة تذكر من عبور ذلك المحيط الشاسع الفاصل بين الأرض وكل الكواكب الأخرى. وهو ورد كرد على أفلام الحرب الباردة مظهراً أنها، بدورها، لم تكن ذات نتيجة.

«رجل أول» لا يبحث في تلك الحرب لكنه يذكرها. هي دافع أساسي لـ«ناسا» والحكومة الأميركية.

 

####

 

شاشة الناقد

: Bad Times at the El Royale

«أزمنة سيئة في الرويال»

Bad Times at the El Royale

> إخراج: درو غودارد

> تمثيل: داكوتا جونسون، جف بردجز، كريس همسوورث، جون هام.

> تشويق | الولايات المتحدة (2018)

> تقييم:

هواة سينما التشويق القائم على الألغاز المتعددة والإجابات المتأخرة، قد يجدون في هذا الفيلم الثاني لمخرجه درو غودارد ضالتهم. آخرون، وهذا الناقد من بينهم، سيجد أن الفيلم لم ينجز ما وعد به رغم تسلله إلى مواقع أحداثه بنفَسٍ لاهثٍ ورغبته في إثارة التساؤلات وإنجاز ردود غير متوقعة.

بصرياً يحمل نتيجة لافتة. عملياً هناك نحو ساعتين وثلث من الشيء نفسه يدور ويتمحور ويطول ويكشف ويخفي ثم ينجلي عن نتائج أقل أهمية مما طمح المُشاهد إليه.

العنوان يشمل اسم فندق «إل رويال». فندق من المخيلة فوق أرض من الواقع يقع على الحدود بين كاليفورنيا ونيفادا. الفندق شاسع وقديم، بُني لزبائن من المنتقلين ما بين الولايتين لكنه ليس مشاداً في موقع أساسي، مما يجعل الوصول إليه مقصداً أكثر منه مصادفة. هناك سبع شخصيات تعيش فيه هم خمسة زبائن وعاملان. كل منهم يخفي سراً في ذاته (وأحدهم في حقيبته) وأكثرهم رغبة في درء الحقيقة هو الراهب فلين (جف بردجز) الذي يصرّح لاحقاً بأنه تخفّى في هيئة راهب هرباً من تبعات جريمة قتل ارتكبها.

ليس من بين الضيوف الخمسة من هو طبيعي. المشكلة هنا هي حاجة الفيلم لشخصية قد تبدأ طبيعية وتكاد لا تثير الاهتمام قبل أن تكشف عن أنها تستطيع أن تتحلى بالغرابة ذاتها كأي شخصية أخرى. طبعاً هناك حقيقة أن الكاتب - المخرج غودارد أراد لتلك الشخصيات جميعاً أن تتبدى لاحقاً على عكس ما أوحت به في البداية. لكن إلى أن يقع ذلك، على بعد أكثر من ساعة ونصف من بدء الفيلم، يكون الكثير من الاهتمام قد فتر، خصوصاً وأن كثرة الألغاز لا تؤدي إلى مزيد من التشويق بل إلى تبديد جزء منه.

الشخصيات ليست وحدها التي لديها ما تظهره وما تخفيه بل الفندق ذاته. حجراته قد تكون مصائد وغرفه الواسعة قد تحتوي على سماعات تجسس مركّبة. الوداعة قد تصبح مصدر رعب وعندما يتم تأسيس هذه الشخصيات وجدران المكان ومسبحه وأروقته، تدخل الشخصية السابعة متمثلة برجل ربما كان قاتلاً لكنه بالتأكيد شرير، على باقي الشخصيات الحذر منه.

درو غودارد كتب وأخرج من قبل «كابينة في الغابة» مقدّماً ما يمكن اعتباره ورق اعتماده للانضمام ثم أمضى نحو خمس سنوات لكتابة وإخراج هذا العمل الذي يستند إلى حبكات وشخصيات كثيرة من دون معالجة كافية لنجاح العمل ككل.

 

####

 

سنوات السينما

: Identificazione di una Donna (1982)

«هوية امرأة»

أنطونيوني يبحث في هوية المرأة

يلخص العنوان، «هوية امرأة»، بعض سينما المخرج الإيطالي مايكل أنجلو أنطونيوني التي كثيراً ما عكست رغبته، وأحياناً رغبة أبطاله الرجال، معرفة الذات الأنثوية والبحث عن ماهية المرأة أو بالتحديد هويتها. على عكس فدريكو فلليني، الباحث الساخر في الموضوع ذاته، لا يميل أنطونيوني إلى الفانتازيا ولا إلى التاريخ البعيد ولا يأتي بشخصيات مرسومة كاريكاتيرياً، ولو أنها معالجة بفن السخرية في أفضل حالاته. يتجنب أنطونيوني النماذج الحادة، وعوضاً عنها يقدم حالات ذاتية واجتماعية تعكس أعماقاً إنسانية. كل فرد من أفراد أنطونيوني الرئيسيين، أو ربما غير الرئيسيين أيضاً، هو حالة قائمة بذاتها وقابلة للتصديق.

«هوية امرأة»هو عمق ذلك البحث. بطله نيكولو (توماس ميليان) مخرج أفلام، وصديقته «مافي» (دانييلا سيلفريو) هي المرأة التي يبحث عنها بعدما افتقدها. موضوع فيلمه القادم هو المرأة المثالية، وهو يريد عبره تحديد ماهية المرأة. لكن كيف يمكن له تحقيق فيلم عن المرأة المثالية إذا لم يكن يعلم مواصفاتها؟ من دون وعي، وفي عناء بحثه عن صديقته (نعلم منذ البداية أنه قد طلق زوجته حديثاً) ثم في عناء محاولة التعرف عليها من جديد وقد التقاها، يخلط نيكولو بينها وبين الشخصية المثالية التي يبحث عنها ثم يفقد اهتمام صديقته من جديد فيعود إلى دائرة البحث المفرغة.

في النهاية، يقلع المخرج نيكولو عن هذه المحاولة ويقرر تحقيق فيلم خيالي - علمي. نفى أنطونيوني أن يكون فيلمه هذا من نوع السيرة الذاتية وضعها في شخص بطله أو من وجهة نظره. على ذلك، فإن محرك البحث ذاتي، كون أنطونيوني سبق له وأن طرحه في أفلامه السابقة مثل «كسوف» و«الليل» و«المغامرة» و«الصحراء الحمراء» و«تكبير صورة» (Blow - Up).

الفارق بين أنطونيوني وبطله نيكولو، أن الأول ملتزم بسرد واقعي محدد واهتماماته هي ذاتها في معظم ما حققه من أفلام. أما نيكولو فيعيش عالماً غير واقعي. والمشهد الذي يبدي لنا ذلك الخيط غير الواقعي أكثر من غيره هو الذي نراه فيه يبحث عن صديقته في مشهد على طريق منقطعة وكثيفة الضباب تمنعه من الرؤيا.

في المشاجرة التي يتم بعضها في ذلك الجو المضطرب - وقد سيطر عليه أنطونيوني سيطرة تامة مصمماً تنفيذاً مناسباً تماماً للحالة الماثلة - تكتشف هي ونكتشف نحن معها أن نيكولو يستغل اقترابها منه في سبيل إيجاد الشكل النسائي المناسب لفيلمه. الشكل وليس الصميم. إنه يبحث عن المرأة المثالية ويواجه فكرة إزالة الحواجز بين المرأة المهتمة به والمرأة التي يريدها لفيلمه. بمعنى أن «مافي» أرادته لنفسها وليس من أجل أن يجد فيها المرأة - الصورة. بعد مافي يتعرف على إيدا (كرستين بوسون) المثيرة للاهتمام بدورها كونها تصبو لأن تصبح امرأة أخرى لكنها لا تدري أي امرأة تريد أن تصبح. هذه تكتشف أن نيكولو هو أقل استقراراً منها.

يرفض نيكولو أن يكون ضحية هذا الوضع، لكنه ضحية شاء أم أبى. في المشهد الأول نراه يعاني من آثار زواجه السابق عندما يحاول دخول شقته، فإذا بصفارة الإنذار التي وضعتها زوجته ضد اللصوص تنطلق لأنه أساء طريقة فتح الباب. إنه مشهد رمزي لا يقبل التأويل. لاحقاً يعاني من مطاردته لمافي ومحاولة التقرب منها ثم من إيدا التي تتركه لضياعه.

مثل «نقطة زابرسكي» و«المهنة: مخبر صحافي» وغيرها من أعمال أنطونيوني السابقة، فإن «هوية امرأة» فيلم عن محاولة رجل الخروج من ذاته بحثاً عن المرأة المناسبة في أكثر من رمز، ومثل تلك الأفلام الأخرى يرفع أنطونيوني الموضوع إلى مستوى الهاجس الشخصي في الوقت الذي يقدم فيلماً يدعو للتمعن مرة ويدعو للتمعن أكثر في كل مرة لاحقة.

 

####

 

المشهد:

علاء الدين جديد

> من العجيب، كما من المستهجن، أن السينما العربية الغارقة في محاولات حل القضايا الاجتماعية و«التصدي» للمواضيع السياسية، ليس لديها الوقت ولا النية للالتفات إلى السينما الفانتازية التي هي السبب وراء تعلق الصغار والكبار بالسينما.

> لا أقول إن السينما التي تثير القضايا يجب أن تغيب، بل ما يجب أن يغيب هو ندرة التنوّع الذي أصاب السينما العربية بشرخ دائم منذ عدة عقود. لا أفلام تاريخية ولا أفلام مقتبسة عن روايات عربية أو عالمية ولا أفلام فانتازية يسرح فيها الخيال ويمرح. لا بوليسي ولا خيال علمي ولا موسيقي... بل وليمة واحدة لا تتغير باتت تشبه طعام السجون.

> لا السندباد ولا علي بابا ولا علاء الدين. تركنا ذلك للغرب واحتفظنا بحق الصراخ في وجه «ديزني» أو سواها عندما قدّمت «علاء الدين» الكرتوني وفيه شتيمة للعرب ولتاريخهم. أما أن نفعل شيئاً إيجابياً. نبادر إلى عمل يعكس نضجاً في تقديم علاء الدين خاص بنا، فإن ذلك لا يخطر على بال أحد.

> «ديزني» في سبيل إطلاق علاء الدين آخر. هذه المرّة ليس رسوماً متحركة بل فيلم «حي». تم اختيار ول سميث ليلعب دور المارد الخارج من الإبريق والمخرج غاي ريتشي ليقوم بتحقيقه. لا أدري بالطبع كيف سيتولى الفيلم معالجة الشخصيات العربية لكن تاريخ «ديزني» جزء من تاريخ هوليوود والشخصية العربية.

> بدأ «علاء الدين» و«علي بابا» الظهور في العقد الأول من القرن الماضي. الفرنسي جورج ميلييس كان من بين عدة مخرجين في تلك الحقبة الأولى الذين عالجوا هذه الحكايات المستوحاة من «ألف ليلة وليلة»، ثم توسعت الرقعة لتشمل سينمات غربية أخرى. ودائماً ما كان هاتان الشخصيتان، والسندباد ومغامراته، موضع اهتمام لأنها تمثل خيالاً رحباً يعجب الصغار ويعيد الكبار سنوات إلى الوراء.

> إذن علاء الدين جديد قادم ونحن ما زلنا داخل القمقم متفرجين. إن لم يكن هناك غيرة على سمعتنا من جراء تحويل حكايات عربية إلى أفلام تحمل تفسير ومفهوم الغربي عنا، فعلى الأقل سعي تجاري طالما أن الحكاية مرغوبة إلى حد أن إنتاجها يُعاد لجيل جديد كل بضع سنين.

م. ر

الشرق الأوسط في

12.10.2018

 
 
 
 
 

«عَمْرة والعرس الثاني».. فيلم سعودي يكشف مكابدات امرأة تحمي كينونتها الأنثوية

لندن - خالد ربيع السيد

يؤسس المخرج السعودي محمود صباغ عبر فيلمه الجديد الطويل (135 دقيقة)، «عمرة والعرس الثاني» والذي يعرض للمرة الأولى في مهرجان لندن السينمائي (منتصف الشهر الجاري)، للغة سينمائية متقدمة في حقل الإنتاج السعودي، إذ يمكن تلمّس بعض ملامحها في فيلمه هذا، وأيضا في فيلمه السابق «بركة يقابل بركة» الذي حققه قبل عامين، وبالطبع لا يمكن الجزم بملامح متكاملة لأسلوبه الفني، فالحديث عن خصائص اللغة السينمائية لأي مخرج لا يمكن القطع بها بعد فيلمين فقط، ولكن ثمة سمات تتعلق بتجويد العمل تظهر في تكوين أسلوبية سينمائية رصينة تشق طريقها. الفيلم في خطه الرئيسي يحكي قصة معتادة في بيئة ألفت مسألة الزواج مثنى وثلاث ورباع، إنها «عمرة» وبناتها الثلاث وجدتهن ووالدة الزوج، يمثلن حالات نسائية في المجتمع، يواجهن تلك الحالة المعتادة، زواج الأب من زوجة ثانية، وهن إن كن يعشن في بيت واحد إلا أن كل منهن تمثل شريحة مجتمعية أو عمرية نسائية قائمة، بل وانهن بلهجاتهن المختلفة يمثلن ثقافات مناطقية داخلية في مجتمع سعودي مترابط في العادات والموروثات الثقافية.

شخصية بسيطة ومركبة

«عمرة» سيدة أربعينية، تبحث عن أمان المستقبل و«الشيك الذهبي»، تواجه مجتمعا نسائيا، ساكنات المجمع السكني (الكامب) المخصص لعائلات العاملين في محطة تكرير النفط، وعلى خلفيات السطوة الذكورية، يتكون مجتمع نسائي، شخصيات مأزومة، عصابية، سوداوية، خائفات من زواج أزواجهن عليهن، لذا يردن من عمرة أن تفتديهن وتقدم زوجها لـ«عشتار»، (يلاحظ رمزية اسم عشتار، إلهة الجنس والحب والجمال عند البابليين). النسوة يهاجمن عمرة ويلقين عليها لوما ثقيلا، لعدم خضوعها، وفي ذات الوقت لا يهمهن من أمرها سوى أن تزيل عنهن خطر زواج أواجهن من عشتار (الرمز) ومن ثم الإمعان في استغلالها، وهي بالتالي لا هاجس لها سوى حماية كينونتها الأنثوية من الزوجة الثانية والحفاظ على بيتها وبناتها، ولهذا تدير مجموعة الناقمات حولها بحكمة، وربما بكتم الضغينة عليهن... شخصية حيوية أجادت أداءها «الشيماء طيب» التي برعت كثيرا وأدت بتمكن يضعها في مصاف الممثلات القديرات، فيما شاركنها بقية الممثلات طبيعية الأداء وتقمص الشخصيات بمقدرة ممتازة: «شيماء الفضل» سارة، و«سارة الشامخ» جميلة. إلا أن أم الزوج سعدية «خيرية نظمي» أدت فورما مسرحية عالية، وأمعنت «أم كلثوم سارة» حميدة، في تنفير المشاهد منها، بحسب ما يقتضيه دور الفتاة اللعوب الساعية إلى بهجة الحياة حتى لو كلفها ذلك سمعتها، وأتقن الشاب الموهوب «محمد الحمدان» دور «داحم» بتلقائيته المحببة، والأداء الرصين لتركي الجلال «راشد».

المجابهة بكل الطرق

لكن «عمرة» لا تستسلم للضغوط التي تواجهها وأولها رغبة والدة زوجها «سعدية» في تزويج ابنها بأخرى لكي تنجب له الذكور؛ وضغطها في إخراج (نفيسة) والدتها من المنزل؛ لكنها تسعى إلى حل أزمتها بكل الطرق التي أمامها، تارة بالصلاة والدعاء، وتارة باللجوء الى الشعوذة الدينية وشرب «الماء المقري» عليه ورشها على البيت، وأخرى إلى استشارات تنمية الذات، وجمعيات الارشاد النسائي، وأخيرًا تلجأ إلى السحر الأسود. لكن كل هذا التوتر المحموم الذي تبدو عليه عمرة بحنكتها وشكلها المشابه، غير المقصود، بـ«فرجينيا وولف» يذكر ويحيل الى قوة وضعف رجاحة عقل الشخصية في آن، ويكشف عن أبعاد حقد انتقامي دفين لا يداويه إلا إشعال النار في الجميع.

وهكذا، في سياق الفيلم يجد المشاهد نفسه لا يحمل أي تعاطف مع أولئك النسوة الغاضبات، فهن ممعنات في حنقهن بلا هوادة، عدا الابنة الكبرى «حليمة» التي يهينها زوجها ويطردها من بيت الزوجية فتحل مقيمة في بيت والدتها؛ وتعلن عن سخطها: «ما ضيعنا غير المذلة والخضوع»، انه حنق الانتقام من ضعفهن وهشاشة شخصياتهن التي يدركن أنها شيء من الخيبة، فعبرن عنها بكلمة «حلطمة» الغريبة على اللهجة والثقافة، والتي ترددت كثيرًا، فأخلت بجاذبيتها اللفظية، في حين لو استرجعنا فيلم «بركة» وتذكرنا كيف كان وقع كلمة «متسيطة» لوجدنا كيف تتحول كلمة شعبية غريبة إلى أيقونة بدلا من ترديد منفّر يخل بحوارات الفيلم النابهة والمكتوبة بوعي عميق.

خصائص أسلوبية

أول ما يلفت الانتباه: الاعتماد على طاقم ممثلين ليس لهم تجارب أدائية درامية سابقة، عدا الممثلة «سناء يونس»، كضيفة على الفيلم، ما يعني تكبل مشقة التدريب للخروج بأفضل أداء ممكن. الرمزية أيضًا تأخذ حيزا في سياقات الفيلم، وقد تصل بدلالاتها المتوارية للمشُاهد المتأمل، أو بمفهومها الظاهر الذي لا يستغلق على المشاهد العادي، مثل انسكاب الماء من قارورة الشيخ. فيما ينبني زمن السرد بحيث لا يغطي فترات طويلة، كما في «بركة»، إذ تمتد فترة الروي بين أيام الى شهر، أو أقل.

إلى جانب هذا وذاك تتجلى حرفية توظيف المؤثرات الصوتية الطبيعية والموسيقية لـ«تامر كروان»، علاوة على التحكم في ايقاع السرد الذي يخلق حالة ديناميكية تبعد المشاهد عن الملل، في حين تأتي عملية تقطيع المشاهد وانتقالاتها في وتيرة مونتاجية موفقة ومتزامنة مع زوايا التقاط الكاميرا، والتي تضفي بعدا تشويقيًا، بل وجماليا كما هو الحال في التكوينات البصرية للكوادر الواسعة والبعيدة، للجبال والبحر، أو للبيوت في المجمع السكني، وأيضا تلك التي ظهرت منذ أول مشاهد الفيلم وتصور جمالا تسير في صحراء وخلفها مصانع تكرير النفط وأعمدة الكهرباء، بما يوحي بامتزاج البيئة الصحراوية بأسباب نهوضها (البترول)، وهو المحمول الذي تتكئ عليه خلفية الفيلم (المورفولوجية) الشكلية والثقافية، وأثرها في تشكيل شخصيات الابطال وارثهم الثقافي. لا يمكن تجاوز اللغة الايحائية الذكية في الفيلم، والتي تفصح دون ثرثرة.. الصورة ولغة الأجساد والاشارات ودلالات الأغنيات... إشارات الحب في لقطات ساحرة في جماليتها: الشاب المستهتر «داهم» يتخيل رفيقته «حميدة» بينما تنساب أغنية خالد عبدالرحمن (خذني بقايا جروح أرجوك داويني)، وقبلها تلميحات لشعور خفي يراود الجار ولا تغفله عمرة، لينساب صوت طلال مداح (خذاك الموعد الثاني)، ثم دلالات النار، المشتعلة في حقول النفط، وفي مطبخ عمرة، تمهيدا لما سيأتي، ومشهد حوار عمرة وصديقتها سارة في المسبح.

بين الحداثة والتقليدية

إلى جانب التحديث الاسلوبي الذي يسعى إلى تحقيقه المخرج، في المقابل أيضا بناءات فيلمية تبدو تقليدية، فعملية إدراج عناوين مكتوبة تظهر على الشاشة (الاستخارة. الخلع. ارفعي علومك... إلخ) لا تضيف للسرد، إلا إذا كان المقصود منها تقنية كسر حاجز الايهام، التي عبر عنها «برتولت بريخت» في المسرح، رغم أنها تقنية كلاسيكية، تخلى عنها الكثير من المخرجين السينمائيين، وهنا نجد أن الاستغناء عنها لا يؤثر بأي شكل أو معنى في سياق الفيلم. نشاهد ضمن موجودات البيت جهاز تليفزيون قديم، وتيليفون يدار بالـ «أزرار»، ومسجل كاسيت، أجهزة تعود إلى الثمانينيات، حيث ثقافة خطب الشيوخ المسجلة على أشرطة، والتي أثرت وقتها في جيل ذلك الزمن، في حين تتواصل «عمرة» عبر وسائل التواصل الحديثة الذكية (الجوال).. تارة بجوال حديث وتارة بجوال قديم، بما يفسر تمسكها بحياتها القديمة، وبما يوحي بتأثيرات العصر السابق على البطلة، رغم تمايز شخصيات بناتها، حليمة وحميدة وجميلة، بهمومهن وتطلعاتهن ومشكلاتهن.

خلطة الواقعية السحرية بالكوميديا السوداء

نصل إلى الجزء الأخير من الفيلم، حيث يتسارع الإيقاع، تتأرجح الأحداث بين واقعية سحرية ساخرة، وبين تراجيديا كوميدية سوداء... يصل التصعيد الدرامي الى ذروته. لم يعد يدرك المشاهد ما تراه عينه، أهو ضمن السياق الواقعي الذي سار عليه الفيلم، أم أنها تهيؤات تدور بمخيلة البطلة، نهاية قوى التسلط المتمثلة في سعدية. انتقام عمرة من عشتار. طرد الجار المحب «راشد».. مشاهد متلاحقة ونهايات صادمة ومباغتة، في حين يأتي المشهدان الأخيران هادئين عميقين. تقول الفتاة الصغرى «جميلة» لوالدتها، بعد تحقيقها تقدما مذهلاً في عزف الموسيقى، في ذات اللحظة التي يقام فيها العرس..

انه انتصار «جميلة» الذي طمأن قلب الأم، والذي سيقودها وأمها إلى عالم جديد مليء بالاندماج مع الحياة الجميلة الموعودة، تنظران ببرود إلى خيمة العرس، بينما صوت الطرب ينساب، تقول لوالدتها: يللا ماما خلينا نروح البيت.

الحياة اللندنية في

12.10.2018

 
 
 
 
 

"عشرة أيام قبل الزّفة": اليمن قريب من الأوسكار

جمال جبران

لعلّها فكرة مجنونة: أن تفعل فيلماً سينمائياً في زمن الحرب، في وقت إقامتك في مدينة مُحاطة بالرصاص والانفلات الأمني من كل جانب والاغتيالات تحدث هنا وهناك. هذا أول ما يأتي لتفكير الواحد حين يسمع أن فيلماً سينمائياً تمّ تصويره وتنفيذه كاملاً فيمدينة عدن (جنوب اليمن) بطاقم شبابي ومواهب يمنية من أول نقطة في الفيلم وحتى آخره. إنه فيلم "عشرة أيّام قبل الزّفة" الذي يواصل عروضه في عدن وقد اقترب من الشهر الثالث منذ بداية العرض الأول. وقبل البارحة تم الإعلان عن دخول الفيلم نفسه في قائمة الترشيحات الأولى لأوسكار أفضل فيلم ناطق بغير الإنكليزية. وعلى الرغم من صعوبة وصول الشريط إلى القائمة النهائية، لكن يكفي أهل العمل أنهم فعلوا شيئاً يستحق الالتفات في زمن الحرب والموت اليومي المُعلن. 

لكن كيف بدأت المُغامرة؟ على أي نحو صُنعت الخطوة الأولى من أجل بلوغ إنتاج هذا الفيلم؟ يُخبرنا مُخرج الفيلم، عمرو جمال (1983)، بأن الفكرة بدأت من وقت طويل حيث كانت الحياة هادئة في المدينة. لكن أكثر من ظرف أقعد تلك الفكرة في دولاب الانتظار. وقال صاحب "كرت أحمر" ( مسرحية له عرضت في 2010) في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إن أساس العمل كان من المفروض أن يظهر على شكل مسلسل درامي. "لقد اشتغلنا عليه في ظروف صعبة للغاية من جيوبنا، وعقدنا ورش عمل واجتماعات. أكثر من ثمانية أشهر ونحن نكتب على نحو يومي، أنا ورفيقي مازن رفعت". لكن، بعد كل ذلك الوقت المبذول، قالت الجهة التي كان من المفروض أن يُعرض العمل الدرامي على شاشتها: "لا نملك فلوساً كي نتحمّل إنتاج الفيلم". لتكون العودة إلى النقطة الصفر. 

وكان صاحب مسرحية "معك نازل" (2009) قد أخبرنا أن اللجوء إلى الشاشة الصغيرة كان أمراً اضطرارياً حيث يعتقد بأن التلفزيون عبارة عن "مجال بلا تاريخ، شيء للترفيه لا يبقى لعُمر طويل، إنه عبارة عن حقل تجارب والاستفادة من التعامل اليومي مع الكاميرا من أجل الحصول على مرونة التعامل مع الكاميرا السينمائية، هو عشقي الأول". 

"لكن الحياة لا بد أن تستمر"، يقول لنا عمرو جمال وهو الكلام نفسه الذي قاله لرفاقه، وعلى وجه الخصوص لمازن رفعت (شريكه في كتابة النص). واللافت في مسألة الإعاقات المتتالية تلك، أن قصة عمل "عشرة أيّام قبل الزفة" إنما يحكي قصة شاب وفتاة يحاولان إتمام حفل زفافهما وهما يسعيان لمعالجة كل الصعوبات التي وقفت أمامهما. وعلى كل ذلك أن ينتهي قبل 10 أيّام من موعد الزفاف. من تلك العقبات الآثار المرتبطة بحالة الحرب وحالات النزوح وتدخلات الجماعات المستفيدة من بقاء أحوال وأجواء الحرب على حالها. 

"كان مخرج العمل يعرف الظروف المالية الصعبة التي يمر بها رفيقه إضافة للفريق الذي سيطلبه للشغل معه، وعلى وجه الخصوص مع استحالة العثور على المال المطلوب لإنتاج العمل"

وكان لتلك الحياة أن تستمر حين اجتمع عمرو مع رفيقه مازن رفعت، وأخبره بضرورة خروج النّص من الدولاب والانطلاق في عملية تنفيذه "كانت إجابة مازن يائسة حين قال لي: لم نقدر على الشغل في زمن السلم فكيف سنقدر عليه في وقت الحرب"؟! كان مخرج العمل يعرف الظروف المالية الصعبة التي يمر بها رفيقه إضافة للفريق الذي سيطلبه للشغل معه، وعلى وجه الخصوص مع استحالة العثور على المال المطلوب لإنتاج العمل. "لكن بحكم الصداقة القديمة عملت على عودة الفريق إلى الشغل وإعادة ترتيب النص الدرامي ليكون صالحاً لظهوره على هيئة فيلم سينمائي". وبعد الانتهاء من النّص بدأت مرحلة أُخرى، عملية التواصل مع أفراد الفريق المُختار لأداء الأدوار ومحاولة إقناعهم بالعمل تحت ضغط كافة الظروف المحيطة بالمشروع. 

"لم أكن أتوقع أن يكون تجاوبهم على ذلك النحو السريع"، يقول لنا جمال، مضيفاً أن الفكرة التي اكتشف لاحقاً أنها سيطرت عليهم كانت "إذا قُتلنا ونحن نعمل فهذا متوقع، وإذا لم نعمل فسوف نموت من البطالة واليأس فلماذا لا نعمل؟"، وهو ما كان. 

مع بداية الشغل، ظهر تعاون الجهات الرسمية لافتاً ولو من جهة معنوية وتشجيع وسهولة في نيل تصاريح التصوير. أمّا مسألة الدعم المالي، فلم تكن سهلة، وقد كان ذلك متوقعاً "نحو 30 ألف دولار هي جملة ما قدرنا على جمعه من أجل تنفيذ العمل". 

لكن المُبهج في مرحلة الشغل سيأتي لاحقاً، بحسب ما يقول لنا مخرج الشريط. "حين نزلنا إلى الشارع، وكان في خارطة شغلنا محاولة تقليص مسألة التصوير الميداني إلى أقصى حد ممكن تحسباً لعمليات التفجير والاغتيالات والاشتباكات العسكرية". لكن حين انطلق التصوير في منطقة "كريتر" الشعبية، ظهر أن الصورة التي كانت في بال فريق العمل لم تكن دقيقة تماماً "لقد وجدنا ترحيباً عظيماً من الناس ومن الأهالي ومن أصحاب المحالّ. بل إن بعض البيوت فتحت لنا أبوابها كي نستريح فيها أثناء فترات توقف التصوير". وانتهى العمل وصار جاهزاً لتظهر مشكلة أُخرى: أين القاعات الصالحة للعرض؟ 

أغلب الصالات الموجودة أو التي من الممكن إعادة تأهيلها في مدينة عدن هي صالات بلا سقوف حيث بُنيت كي تكون ملائمة لأجواء المدينة الحارّة، وأي مكان بلا سقف، من السهولة أن يرمي أحدهم قنبلة بداخله. لم يكن من الممكن حينها غير اللجوء لصالات الأعراس والحفلات العامّة وما شابهها كي تكون ملائمة للعرض السينمائي بعد إعادة تأهيلها وتركيب شاشات ضخمة في داخلها. 

ومن بعدها بدأت العروض في مُفتتح عيد الأضحى الماضي، وما تزال مستمرة حتى اليوم بحفلات كاملة العدد. يقول عمرو جمال: "اكتشفنا أن الناس على الرغم من كل العذابات التي تُحيط بها، تريد لمس البهجة بأي طريقة كانت، تريد أن تنسى ألم الحرب وأثقالها، وظهر أن السينما وسيلة علاج لكل ذلك".

العربي الجديد اللندنية في

13.10.2018

 
 
 
 
 

المخرج العراقي "محمد الدراجي" لـ"الميادين نت":

"أنفي أي تدخل أجنبي في أفلامي"

محمد حجازي

ترك العراق لسنوات عاش خلالها في هولندا حيث عرف الحياة الفنية وجوانب التعاطي مع مادته الإبداعية بتؤدة وتقدير، وعندما هدأت الحال في بلده عاد الكاتب والمخرج "محمد الدراجي" إلى بغداد وباشر الإشتغال على أكثر من مشروع. وظهر له فيلم "بابيلونيا" ثم "الرحلة" الذي عرضه في بيروت لعدة أيام تواكبت مع إعلان وزارة الثقافة العراقية أنها إختارته لتمثيل العراق في مسابقة أوسكار أفضل فيلم أجنبي غير ناطق بالإنكليزية.

في بيروت عرض الفيلمين وناقش نقاداً وناشطي سينما في زيارتين منفصلتين، وسط إهتمام إعلامي به، إنطلق من قيمة العملين اللذين قدرهما الجميع مما أضفى مناخاً إيجابياً على علاقة الدراجي ببيروت، خصوصاً وأنه يتحضر لتنفيذ مشروع سينمائي عربي متوسطي تظهر ملامحه في وقت غير بعيد من العام المقبل 2019.

وكان شفافاً في التعاطي مع مقاربتنا لفيلم "الرحلة" الذي يحكي عن إنتحارية تريد تفجير نفسها في عدد من المواطنين في محطة سكة حديد بغداد، لكنها لا تنجح في ذلك وسط إعتبارات مختلفة حكمت قرارها، وعندما سألناه ألا ترى فيه شبهاً في الموضوع مع فيلم "الجنة الآن" للمخرج الفلسطيني "هاني أبو أسعد" شرح الفارق بين العملين بطريقة سلسة، وخلص إلى أن الفارق بينهما رحب في الشكل وفي التفاصيل فبطلتي عراقية تريد قتل عراقيين، أما بطل هاني فهو بسعى لإستهداف جنود إسرائيليين. وكان طبيعياً أن نسأل "الدراجي"عن التهمة الدائمة التي تُطلق في وجه المخرجين العرب العاملين في الغرب وكيف يقدم المال الإنتاجي إليهم وعلى أي أساس ووفق أي شروط، هنا إستنفر ضيفنا وبادرنا بأن كل من يروج لهذه الأجواء إنما يُسهم في تعطيل آلية دعمنا من دون طائل لأن هذا المناخ ليس موجوداً أبداً، "وأنا أنفي وجود أي تدخل أجنبي في شكل أو موضوعات أفلامي هكذا بصراحة وبساطة".؟

وأعرب الفنان العراقي عن رغبته في إنجاز أفكار عديدة تهم الأمة العربية وتكون جسر عبور لكل العرب بإتجاه بعضهم البعض لإنجاز ما هو مفيد للجميع، راغباً دائماً في مساعدة شباب المخرجين على المتابعة مع مشاريعهم حتى تنفيذها كما يأملون ويتمنون. وقال"أنا متفائل رغم الغيوم المتلبدة في سماء وطننا العربي" وأضاف في حديثه إلى "الميادين نت":

الميادين نت في

13.10.2018

 
 
 
 
 

ثمانية أفلام عربية تتنافس على أوسكار أفضل فيلم بلغة أجنبية

حسام عاصي

لوس أنجليس – «القدس العربي»: نشرت أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة الأسبوع الماضي قائمة الأفلام التي ستشارك في منافسة الأوسكار لأفضل فيلم بلغة أجنبية في دورتها الواحدة والتسعين. وضمت القائمة سبعة وثمانين فيلما، بينها ثمانيةُ أفلام عربية.

أوسكار أفضل فيلم بلغة أجنبية تشبه شيئا ما كأس العالم لكرة القدم، وذلك لأنها تلقى اهتماما أكبر خارج الولايات المتحدة من داخلها. وأيضا لأن الأفلام المتنافسة تمثل دولها المنتجة وليس مخرجيها، ويتم اختيارها على يد لجان رسمية في هذه الدول، ترسلها للأكاديمية وتتكلف بالدعاية لها باعتبارها نافذة على حضاراتهم ومجتمعاتهم.

بعد وصول كل أفلام الدول المتنافسة، توزع بين ست لجان مكونة من أعضاء متطوعين من الأكاديمية، عادة يكونون أعضاء متقاعدين، ويقومون بمشاهدتها وبترشيح ستة أفلام منها، بينما تضيف لجنة خاصة من المتخصصين بالأفلام الأجنبية ثلاثة أفلام أخرى. ثم تُعرض أفلام القائمة المصغرة التسعة أمام ثلاث لجان من مخرجين محترفين في لوس أنجليس، نيويورك ولندن، من أجل اختيار خمسة أفلام لدخول المنافسة على جائزة الأوسكار.

أفلام الدول العربية في المنافسة

ثماني دول عربية تدخل المنافسة هذا العام بأفلام شارك معظمها في مهرجانات عالمية ومحلية وفاز بعضها بجوائزها.

مصر يمثلها فيلم أبو بكر شوقي «يوم الدين»، الذي رُشح للسعفة الذهبية في مهرجان كانّ السينمائي الأخير. ويدور حولَ رجل قبطي مريض بالجذام، تركَه والدُه في مستعمرة المرضى في طفولته للمعالجة ولم يرجع لاخراجه، وبعد وفاة زوجته ينطلق في رحلة عبرَ الاراضي المصرية بصحبة طفل يتيم، بحثا عن عائلته.
وتنافس الجزائر بفيلم ياسمين الشويخ «حتى آخر الزمن»، الذي يحكي قصة أرملة في السبعين من عمرها تقع في حب حفار قبور سبعيني أعزب عندما تلقاه لتطلب منه تحضير قبر لها بجانب قبر اختها المتوفية. لكنها ترفض الزواج به.

بينما تشارك تونس بفيلم كوثر بن هنية «على كف عفريت»، الذي شارك في منافسة «نظرة ما» في مهرجان كانّ السينمائي العام الماضي، وهو مستلهم من قصة فتاة حقيقية تعرضت للاغتصاب من قبل شرطيين وعندما ذهبت الى مركز الشرطة للابلاغ عنهما، حاولوا اسكاتها بالتخويف والتهديد.

أما المغرب فيمثله فيلم نو الدين الخماري «بيرن آوت»، الذي يسلط الضوء على ظواهر اجتماعية في الدار البيضاء من خلال طرح عدة شخصيات من طبقات وفئات اجتماعية مختلفة تربطها علاقات متفاوتة مع بطله الغني التعيس والفاشل في كل مجالات الحياة.

ويمثل العراق فيلم محمد الدراجي، «الرحلة»، الذي حصل على عرضه الأول من مهرجان تورنتو الدولي للأفلام العام الماضي. الفيلم يسبر واقع المجتمع العراقي خلال الاحتلال الامريكي من خلال طرح قصة فتاة تعتزم تفجير نفسها في محطة قطار في يوم عيد الأضحى، وبعد احتكاكها مع الناس تتردد في تنفيذ العملية.

وتشارك فلسطين بفيلم رائد انضوني «اصطياد أشباح»، الذي فاز بجائزة «الدب الذهبي» لأفضل فيلم تسجيلي في مهرجان برلين السينمائي السادس والسبعين.

الفيلم يمزج الروائي بالتسجيلي في معالجته لموضوع معاملة السجناء الفلسطينيين في إسرائيل والذكريات الموجعة، التي لاحقتهم بعد خروجهم من زنزاناتهم.

فيما ينافس اليمن بفيلم عمرو جمال «عشرة أيام قبل الزفة»، الذي يعتبر أول فيلم يمني طويل، ويسبر العواقب الوخيمة للصراع الدائر في اليمن على المجتمع من خلال قصة شاب أرهقته الظروف الاقتصادية والاجتماعية وحرمته من زواج حبيبته.

أما لبنان فيمثله فيلم نادين لبكي «كفر ناحوم»، الذي فاز بجائزة لجنة التحكيم في مهرجان كان السينمائي الأخير.

الفيلم يسبرُ واقعَ الأطفالِ المشردينَ في الشوارعِ اللبنانيةِ وظاهرةَ الزواجِ المبكرِ للاناث، وحرمانَ الفقراءِ من تسجيلِ أطفالِهم رسميًا من خلالِ سردِ قصةِ طفلٍ لعائلةٍ فقيرةٍ يهربُ من بيتِه ويعيشُ في الشوارعِ بعد أن أجبرَ أهلُه أختَه الطفلةَ على الزواجِ من صاحبِ متجرٍ حارتهم.

امكانية ترشيح فيلم عربي

منذ تأسيس أوسكار أفضل فيلم بلغة أجنبية عام 1956، رشحت لها ثمانية أفلام من دول عربية: أربعة من الجزائر وهي «زد» (1969) «الحفل» (1985) «غبار الحياة» (1995) و»البلديون» (2006)، وأثنان من فلسطين، «الجنة الآن» (2005) وعمر (2014) والأردني «ذيب» (2016) والمورايتاني «تمباكتو» (2015) واللبناني «الاهانة» (2018). ولم يفز بها سوى فيلم واحد، وهو الجزائري «زد» عام 1969، لكنه ناطق باللغة الفرنسية ويجسد أدواره ممثلون فرنسيون ومخرجه يوناني هو كوستا غارفاس.

كما أن أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة لم تعتبر الأربعة أفلام الجزائرية عربية لأنها لم تكن ناطقة بالعربية. لهذا يبقى عدد الأفلام العربية التي رُشحت للأوسكار خمسة: من فلسطين، الأردن موريتانيا ولبنان.

هذا العام يبدو أن «كفر ناحوم» أقوى الأفلام العربية في معركة الأوسكار. لكنه سوف يواجه منافسة شرسة من أفلام أخرى نافسته في مهرجان كان السينمائي الأخير، مثل الياباني شوبليفتيرس، الذي فاز بالسعفة الذهبية، والبولندي «حرب باردة»، الذي فاز بجائزة أفضل مخرج، والايطالي «دوغمان»، الذي فاز بجائزة أفضل ممثل والبلجيكي «فتاة»، الذي فاز بجائزة الكاميرا الذهبية، فضلا عن الملحمة الألمانية «نيفير لوك أوي»، الذي عرض في مهرجان «فينسيا» الأخير.

لكن الحظوظ الأوفر تظل لتحفة المخرج المكسيكي الفونسو كواران «روما»، الذي حصد جائزة الأسد الذهبي في مهرجان فينسيا، وتجمع التوقعات في هوليوود على أن أوسكار أفضل فيلم بلغة أجنبية هذا الموسم لن يفلت منه.

القدس العربي اللندنية في

14.10.2018

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)