كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

نادين لبكي في جحيم بيروت

جوائز الأكاديمية الأمريكية للفيلم

(أوسكار 2019)

   
 
 
 
 
 
 

تنطلق مساء اليوم عروض «كفرناحوم» فيلم نادين لبكي (1974) الجديد، الحائز جائزة لجنة التحكيم في «مهرجان كان السينمائي الدولي» هذا العام، لتكون لبكي بذلك ثاني لبنانية تنال هذا التكريم بعد الراحل مارون بغدادي عام 1991 عن فيلمه «خارج الحياة». وأمس، أعلنت وزارة الثقافة اللبنانية عن ترشيح الشريط لتمثيل لبنان في مسابقة الأوسكار عام 2019 عن فئة الفيلم الأجنبي في شباط (فبراير) المقبل.

 

####

 

سينما الاحتفاء بالواقع

بيار أبي صعب

«وأنتِ يَا كَفرناحومَ المرتفعة إلى السماء سَتُهْبَطينَ إلى الهاوية».

(إنجيل لوقا، 11 - 15)

السينما اللبنانية الجديدة، والفنون المعاصرة عموماً، أقامت منذ التسعينيات علاقة ملتوية وملتبسة بالواقع. كان متوقّعاً من جيل ما بعد الحرب، جيل القطيعة، أن يقصي الواقع، فيجعله خارج إطار الصورة ثم يروح يبحث عنه من الصفر، أو يتلاعب به، ويشتغل على الأرشيف، أو يجنح إلى التجريبيّة والغرابة والاستعادة الذاتية، أو يراهن على الجزئيات والتداعيات الحميمة. كان هذا الجيل يضع مسافة بينه وبين هذا «الواقع»، في محاولات لاستعادة الذاكرة ومساءلتها، ومحاكمة الحرب بأدوات من خارجها، ومن خارج لغتها. في كثير من تجارب العقدين الماضيين، صار الشكل هو الموضوع، وتحكّمت اللعبة السردية بالوثيقة، وكانت النتيجة أعمال تأسيسية محت الحدود بين الحدث واستعادته، بين حقيقة موضوعيّة (تسجيليّة) وحقيقة ذاتيّة مختلقة (روائيّة).

لذلك يفاجأ المرء للوهلة الأولى أمام «واقعيّة» فيلم نادين لبكي الثالث. فهي لم تعوّدنا على هذه المباشرة، على تلك القسوة. قد يؤرّخ «كفرناحوم» لمنعطف جديد في مسار السينما اللبنانية الجديدة، يمكن اختصاره بالتصالح مع الواقع، ليس فقط كموضوع، فهذا حاضر في أفلام كثيرة، بل كلغة، كأسلوب، كمدرسة فنيّة. في فيلميها الروائيين السابقين «سكر بنات» و«وهلأ لوين»، أسرفت لبكي في غوايتنا، بَنَت عوالم غرائبيّة، وصنعت سينما سحرية، وصوّرت لنا بيروت وناسها برومنسية، بلغة مؤسلبة من خلال رؤيا مثالية وطوباويّة. واعتقلت لبنان، بصراعاته وحروبه، داخل «بطاقة بريديّة»، رأينا في ذلك حينذاك، نوعاً من التعالي على الواقع، أو بالأحرى الهروب من الواقع. حتى أنّها خلقت موضة (صرعة) سينمائيّة، فأُنتج بعدها العديد من الأفلام التي تصوّر لبنان بأدوات «فولكلوريّة» ساذجة (إنما من دون لمسة نادين السحرية!). أما هذه المرّة، فتهبط بنا عنوة إلى قاع المدينة وعالمها السفلي الذي قد لا نتخيّل حتى وجوده. عالم المهمّشين والفقراء والمقتلعين والمتشردين واللاجئين والعمال والعاملات الأجانب والمهرّبين وسكّان مدن الصفيح، ومكتومي القيد والبلا أوراق شرعيّة و… أطفال الشوارع. صوّرت فيلمها بين النبعة والكرنتينا، مروراً بالكولا وسوق الأحد، بالقرب من مكب نفايات، وفي سجن رومية، ونظارة العدلية حيث تتكدّس أطياف بشريّة تائهة، بلا أفق ولا مستقبل.

بعيداً عن أي سياق ديني لـ «كفرناحوم» كما وردت في العهدين القديم والجديد، فإن إسم تلك المدينة السحيقة على ضفاف بحيرة طبريا، هو هنا، كما في روايات بلزاك، مجاز أدبي عن أرض الفوضى والخراب العظيم. ويمكننا أن نغامر ونقول، إن هذا الفيلم غير بعيد عن مدرسة «الواقعيّة الجديدة». فقد صورت لبكي (جزئيّاً) في ديكورات حقيقية. واشتغلت مع هواة ينتمون الى هذا الواقع جسّدوا أدوارهم الحقيقية، لتحصل على مشاهد تمثيليّة نادرة. بدءاً من بطلها زين، الطفل الهارب من جحيم الأسرة الفقيرة إلى متاهات العالم السفلي للمدينة. من دون أن ننسى العاملة الحبشيّة وطفلها. الحوارات كذلك مكتوبة بفجاجة ومباشرة تتوالد منهما «شاعريّة» خاصة. مشهد زين وهو يعرّي نهدي الدمية العملاقة التي تتوسّط دولاب مدينة الملاهي سريالي، تسرّب بلا شك من ذاكرة نادين السينمائيّة الخصبة. الثنائي هاروت ودعد مدهش… لكن الأهم في الفيلم هو التصوير بلا شك، على وقع موسيقى خالد مزنّر، وتناغم الايقاعات السريعة والأخرى البطيئة في المونتاج. الكاميرا المحمولة على الكتف تصيبك حركاتها بالدوار، منخفضة تارة إلى الحضيض، أو تلتقط مسرح البؤس من عل، وفي كل الاحوال تبقى لصيقة بالفقر والعنف واللوعة والقسوة. اللقطات المقرّبة غالباً من الوجوه والشخصيات، تشعرك بالاختناق، بضيق الأفق وقلّة الهواء
نعم. هذا فيلم لبناني يستحق الاحتفاء به، كما يستحق نجاحاً عالمياً لم يدفع ثمنه مساومات سياسية وأيديولوجيّة. نأسف طبعاً لأنّ الفيلم يفقد شيئاً من قوّته وتماسكه، في الجزء الأخير. يبدأ التحوّل مع الاستنجاد ببرنامج اجتماعي رائج على محطة لبنانيّة، بحثاً عن منعطف للأحداث يفضي إلى النهايات السعيدة. وهذا يضرب كل خيارات «الواقعيّة الجديدة». لكنّها نادين… راقبوا ابتسامتها جيداً تفهمونها: إنّها مصرّة أن تفتح لنا كوّة الأمل، ولو على حساب الكمال الفنّي
.

 

####

 

نادين لبكي نزلت بالكاميرا إلى جحيم بيروت

أمل عارف

تنطلق مساء اليوم عروض «كفرناحوم» فيلم نادين لبكي (1974) الجديد، الحائز جائزة لجنة التحكيم في «مهرجان كان السينمائي الدولي» هذا العام، لتكون لبكي بذلك ثاني لبنانية تنال هذا التكريم بعد الراحل مارون بغدادي عام 1991 عن فيلمه «خارج الحياة». وأمس، أعلنت وزارة الثقافة اللبنانية عن ترشيح الشريط لتمثيل لبنان في مسابقة الأوسكار عام 2019 عن فئة الفيلم الأجنبي في شباط (فبراير) المقبل. أبطال الروائي الثالث للبكي، ليسوا ممثّلين محترفين أو معروفين، ولا تلعب لبكي الدور الرئيس في أحداثه، كما فعلت في «سكر بنات» (2007) و«وهلأ لوين؟» (2011)، ولا تصوّر لبنان كقطعة في بطاقة بريدية. زين، يوناس، رحيل وآخرون… شخصيات حقيقية، مهمّشة في أحزمة البؤس في بيروت والعالم السفلي للمدينة، في «كفرناحوم»، أو مدينة الفوضى والغضب. تجربة تقترب فيها لبكي للمرة الأولى من السينما الواقعية مع أبطال يجسدون أدوارهم الحقيقية، وتحريك عدستها في الشارع ومناطق الحرمان وبيوت الصفيح. من خلال قصة زين ابن الـ 12 عاماً الذي يرفع دعوى قضائية على أهله لأنهم أنجبوه، تتفرّع الحكاية إلى خيوط درامية تنسجها مآسي الأطفال مكتومي القيد، والعاملات الأجنبية، وأطفال الشوارع وهؤلاء «غير المرئيين» في المجتمع.... الفيلم افتتح «مهرجان الفيلم اللبناني»، الاثنين الفائت، قبل أن يطرح اليوم في الصالات اللبنانية. «الأخبار» التقت المخرجة اللبنانية في مكتبها في الأشرفية للتحدث عن هذه التجربة التي تعتبرها مفترقاً في مسيرتها المهنية.

·        من هم أبطال «كفرناحوم» وكيف وصلت إليهم؟

هم أشخاص حقيقيون التقيناهم جميعاً مصادفة في الشارع. زين (زين الرافعي) لاجئ سوري هرب من الحرب في بلده، وعاش في منطقة المزرعة مع عائلته في وضع صعب فعلاً، ولم يلتحق بالمدرسة. حين بدأنا مرحلة التصوير، لم يكن يتقن كتابة اسمه المكوّن من ثلاثة أحرف. اجتمعت فيه ملامح والصفات التي أردت جمعها في شخص واحد حين كتبت السيناريو. كانت المهمة مستحيلة. عرفت أن زين هو الشخص المطلوب للدور منذ أن وقعت عيناي عليه، شعرت بطاقته وذكائه. كان يلعب في الشارع مع رفاقه، رأته مديرة الكاستينغ وصوّرته وشاهدت الفيديو. أما «رحيل» (العاملة الأثيوبية) في الفيلم أو يوردانوس شيفرو في الحقيقة، فكانت أيضاً تعمل في مطعم. حين شاهدت المقابلة معها، شعرت بأن لديها مأساتها أيضاً. فقدت أهلها في الرابعة من سنّها، ربّت إخوتها وحدها، ثمّ أتت إلى لبنان بطريقة غير شرعية وبدأت رحلة عذابها هنا من دون أوراق. جميع أبطال العمل كذلك، يوناس (الطفل الأثيوبي وهو في الحقيقة طفلة تدعى بولواتيف تيرجر بانكول) وسليم (فادي كامل يوسف) وسعاد (كوثر الحداد) والدا زين، والقاضي في المحكمة هو قاض أيضاً.

·        كيف كانت تجربة العمل معهم على أداء الدور إذاً؟ 

بالتأكيد هناك متعة، أنا أحب هذه المدرسة من السينما، وقد حاولنا أن نكون في خدمة الممثلين. كان هناك سيناريو مكتوب، لكن سمحنا لأنفسنا بمساحة كبيرة من الحرية. لم أطلب مرّة من زين أو من الممثلين حفظ النص أو التمثيل. لم يكن من الممكن تطبيق طريقة العمل المعتمدة عادة مع ممثلين محترفين. زين ذكي ولديه طاقة وعفوية ولا يخاف الكاميرا. في أحد المشاهد، قرّر من تلقاء نفسه الجري خلف الدراجة النارية التي يقودها والده ومعه شقيقته. ركض الحيّ عشر مرات، لحقنا به جرياً مع معداتنا.

صوّرت داخل منازل وشوارع أحياء فقيرة في النبعة، وحيّ منازل الصفيح في الكولا، وسجني العدلية ورومية

·        اخترت فريق العمل المناسب لتصوير مليء بالحركة؟

مدير التصوير كريستوفر عون قام بعمل رائع، الجميع كذلك، راهنت على الشغف في فريق العمل أكثر من رهاني على الخبرة وكسبت الرهان. منهم من يعمل للمرة الأولى. الكاميرات كانت ترقص في ملاحقتها لحركة الممثلين.

·        أين صوّرت الفيلم؟

صوّرت داخل منازل وشوارع أحياء فقيرة في منطقة النبعة، وحيّ منازل الصفيح في الكولا، خلف موقف السيارات والباصات والمحال الصغيرة وسجني العدلية ورومية

·        ماذا عن ظروف التصوير على الأرض؟

حصل معنا ما يشبه العجائب، كثير من القصص، قُبض على يوردانوس (رحيل) بعد تصوير مشهد القبض عليها في الفيلم بيومين. وشعرت ورأت ما صوّرناه في الفيلم. أيضاً قُبض على والدي الطفلة بولواتيف تيرجر بانكول (يوناس) اللذين كانا برفقتها، جميعهم من دون أوراق. كنا نصوّر مشهد «يوناس» دون أهله في الفيلم، بينما في الحقيقة، كان أهل يوناس/ تريجر في السجن. بقيت الفتاة معنا ثلاثة أسابيع إلى أن أفرج عن والديها. كان كلّ فريق العمل متوتَراً إلا أنا.

·        تدخلتم لدى الشرطة؟

تدخلنا وأتممنا أوراقهم.

·        كانت المرأة ومعاناتها محور فيلميك السابقين. أردت في «كفرناحوم» تصوير معاناة المناطق المهمّشة. هناك موضوع الفقر، وقضية فاقدي الأوراق الثبوتية، أو غير المسجّلين، ومعاناة العاملات الوافدات ونظام الكفالة، والإتجار بالبشر، والزواج المبكر، والفقر؟

نعم، أنا أرى أنّه كلّه متّصل ببعضه، في هذه الأماكن 90 في المئة من سكانها لا يملكون أوراقاً، بالتأكيد هناك فتيات تزوجن باكراً، هناك أولاد لم يذهبوا إلى المدرسة أو دخلوا إلى السجن. وكذلك بالنسبة إلى يوردانوس، أو العمال الأجانب، فهم يسكنون في هذه الأحياء أيضاً. كلّ هذا قصّة واحدة، وهذه القصة تحدث كل يوم. منهم من سيقول إنّ هذا كثير أو هناك مبالغة في الفيلم، أقول إن الواقع أسوأ بكثير بعد. لقد دخلت إلى منازل رأيت فيها ما لا يصدّق، هناك العديد من الأولاد المظلومين.

·        هل كنت قاسية في أحكامك على تصرفات هذا المجتمع أو أسلوب عيشه؟

كنت ضائعة. أحياناً كنت سريعة الحكم، كنت حين أدخل منزلاً، أجد أطفالاً وحدهم، يشعرون بالبرد، أحدهم يأكل بودرة الحليب لأنه ليس هناك ماء، آخر بجوارب مبلّلة. أشعر سلباً تجاه الوالدة وأتساءل كيف يمكنها ترك أولادها هكذا. بعد مرور عشر دقائق على لقائي بها، يتغيّر كل شيء. أقول لنفسي مَن أنا لأحكم؟ لم أعرف أنا أو أولادي الجوع، لم أطعهمهم ماءً وسكّراً لأني لا أملك طعاماً. هؤلاء لا يستطيعون تسجيل أولادهم عند الولادة لأنهم لا يملكون مبلغ مئة دولار، ثمن التسجيل. لا يرسلون أبناءهم إلى المدارس ولو كانت مجانية لأنهم لا يستطيعون شراء ثياب وكتب لهم. أنا متقلبة طوال الوقت، وليس هناك ما هو صح أو خطأ، هذا المجتمع أيضاً ضحية الجهل وضحية نظرة الآخر، وضحية الحروب والسياسيين والأنظمة الغبية والمجتمع.

والد زين، عاش فعلاً ما يقوله في مشهد المحكمة التي اعتبرها المجتمع. طلبت منه أن يقول فعلاً ما يشعر به وما عاناه. كذلك والدة زين، طلبت منها حين تؤنبني (تؤدي لبكي دور محامية زين في الفيلم) في المحكمة أن تقول ما تشعر به فعلاً تجاهي أنا نادين لبكي الآتية من عالم آخر، لا نادين المحاميّة في الفيلم. هي عاشت ما هو أسوأ مّما نراه في الفيلم وهي اضطرت أن تطعم أولادها ماءً وسكّراً. هذا هو هدفي أتمنى أن لا تصل أي فكرة أني قاسية بحكمي على الأهل.

·        هذه المرة لم نرَ نادين الممّثلة بدور البطولة؟

هذه المرة دوري صغير.

·        لكنك تقومين بنوع من البطولة من خلال لعبك دور المحامية عن زين؟

ليست بطولة

·        اقتربت من خلال «كفرناحوم» من سينما الواقع؟

طبعاً، هذا العمل مختلف كلياً عمّا سبقه، وأعتبره مفترقاً في مسيرتي.

·        فساد القضاء والمجتمع والنظام واضح في الفيلم، في صورة السجون مثلاً.. ألا تشعرين أن هناك نوعاً من نهاية غير منسجمة مع هذا الواقع ومع هذا العالم الذي تريدين تصويره؟ أي أن هناك قضاءً نزيهاً حقّق العدالة، وقوى أمنية أوقفت المجرمين، والإعلام أيضاً لعب دوراً مهمّاً للوصول الى نهاية سعيدة؟

لا أرى أي نهاية سعيدة لأي شخصية في الفيلم. أمّا فساد القضاء والمجتمع والنظام فهو واضح، في صورة السجون مثلاً… ما حقّقه زين، انتصار صغير عبر إيصال صوته إلى العالم والمجتمع، لكنه ظلّ في السجن. رحيل أيضاً، عثرت على ابنها بعدما خطف منها، لكنها رحِّلت من لبنان. أما بالنسبة إلى الإعلام، فهو سيف ذو حدّين. هو أفاد من «السكوب»، ولكنه لعب دوراً إيجابياً. زين أيضاً أفاد من هذا السكوب. وهذا ما يحصل حقيقة أحياناً. بغضّ النظر عن انقسام الآراء حول جو معلوف (يؤدي دور الإعلامي الذي يوصل قضية زين إلى الرأي العام في الفيلم)، هناك قضايا استطاع أن يحقق فيها شيئاً. لا نستطيع أن ننكر. ليست النهاية سعيدة. إذا وصلت فكرة غير هذه، أكون قد فشلت، أو أخطأت الحساب في مكان ما.

·        هل يمكن أن يغيّر الفيلم طريقة تفكير الناس إزاء العاملات الوافدات وأطفال الشوارع؟

هذا هدفي وأتمنى ذلك.

·        هل تفكرين في نوعية الجمهور خلال إنتاج الفيلم، جمهور محلي أو أجنبي؟

أبداً، أعمل وفق ما أشعر به. قد يعجب الجمهور خارج لبنان لأن الإنسان هو ذاته، ولأنّ المشاكل هي ذاتها في أنحاء العالم، مشكلة هؤلاء الأطفال موجودة أيضاً في باريس ولندن. هذا موضوع إنساني يمسّ الجميع.

* «
كفرناحوم»: بدءاً من اليوم في الصالات اللبنانية

زين في النرويج

خلال المقابلة مع لبكي، تحدثنا عن لجنة تحكيم «مهرجان كان السينمائي الدولي» هذا العام، وردود الفعل لدى مشاهدة «كفرناحوم». قالت نادين لبكي إنّ الممثلة كيت بلانشيت، التي كانت رئيسة اللجنة في هذه الدورة من المهرجان الفرنسي، تأثرت جداً بسماع قصة زين. وبما أنّها أيضاً سفيرة الأمم المتحدة للنوايا الحسنة، فقد أوصلت قضية زين، وضغطت باتجاه منحه اللجوء مع عائلته إلى النرويج. تضحك لبكي، قبل أن تضيف: «اليوم، زين يعيش في منزل من طابقين في النرويج، يطلّ على البحر مع جاكوزي، وبدأ الذهاب إلى المدرسة. غالباً ما يرسل لي صور منزله عبر «الواتس آب»».

الأخبار اللبنانية في

20.09.2018

 
 
 
 
 

«يوم الدين».. سينما تأسر القلوب!

محمود عبد الشكور

يستحق الفيلم المصرى البديع «يوم الدين» أن نضعه بين أفضل ما تم إنتاجه من أفلام مصرية خلال العشرين عامًا الماضية، ليس لأنه اختير ضمن أفلام المسابقة الرسمية فى مهرجان كان 2018، فهناك أفلام كثيرة تدخل المهرجانات ومسابقاتها، دون أن تمتلك هذا النضج والتكامل الفنى الذى يمتلكه «يوم الدين»، ولكن لأنه ببساطة عمل يأسر القلوب بشخصياته وأماكنه وأحداثه ومعالجته التى تمزج بين الجدية والإضحاك.

ليس المضمون الإنسانى وحده هو سر تفوق هذا الفيلم، ولكن هناك أيضًا الطريقة التى سُردت بها الحكاية بتفاصيلها اللامعة، مع تميز معظم عناصر الفيلم، خصوصًا أداء البطلين اللذين يمثلان لأول مرة، والسيناريو المحكم، والتصوير، والمونتاج، والموسيقى.

التقط أبو بكر شوقى، كاتب الفيلم ومخرجه، فى عمله الروائى الطويل الأول، شخصيتين مهمشتين ومختلفتين: رجل مسيحى فى مستعمرة الجذام، وطفل صغير مسلم من أصول نوبية فى دار أيتام، لا يجمع بين الاثنين سوى صداقة تجعل الأول يشعر بأن الثانى مثل ابنه، ورحلة الرجل المجذوم الذى شفى من مرضه، وصديقه الطفل الذى يكره المدرسة، ومعهما حمار هزيل، هى فى جوهرها رحلة لاكتشاف الذات والآخر، بل هى رحلة لرؤية الحياة: يبحثان عن الأهل فى الصعيد (سوهاج وقنا) فى مغامرة تستلهم ببراعة نوعية أفلام الطريق، لتنتهى بانتصار حقيقى، سواء فى إجبار الآخر على قبولهما، أو فى اختبار الرجل المجذوم لثقته فى وجهه الذى أكله المرض، إنه يتمنى فى الحلم أن يرى نفسه فى المرآة شابا بهيئته القديمة، ثم يتقبل فى المرآة صورته الراهنة، بعد العودة إلى أسرته، والمشهدان مقدمان بنفس الحركة البطيئة.

نجح السيناريو بامتياز فى رسم معالم بطليه، كما نجح فى ضبط المعالجة، فلم تنزلق أبدًا إلى الميلودراما، هناك مواقف مؤثرة بالتأكيد، ولكن دون استسهال للابتزاز العاطفى، الفيلم بأكمله ليس كئيبًا على الإطلاق، مع أنه يتحرّى واقعية الأحداث والأماكن، بل إنه يترك فى نفس مشاهده طاقة إيجابية هائلة، نابعة بالأساس من حب بطليه للحياة، ومن إرادتهما القوية، ومن بساطتهما فى التعامل، ومن تعليقاتهما المرحة واللطيفة والتلقائية.

من نجاحات السيناريو أيضًا أن فكرة التهميش والنبذ والاختلاف عن الآخر، لا تجد معادلها فى اختلاف الدين، أو فى الإصابة بالمرض الذى يشوه الوجه واليدين فحسب، ولكنها تأخذ تنويعات أخرى مع ظهور فريق من الشحاذين المنبوذين.

وليس صحيحًا أن الفيلم يمتلك نظرة تشاؤمية تقول إن المساواة بين الناس جميعًا يمكن أن تتحقق فقط يوم الدين أو يوم القيامة، إنها عبارة ترد وسط حوارات البطلين، ولكنهما يقنعان الآخرين بقبولهما، بإنسانيتهما وقلوبهما الصادقة، وكأن الفيلم البديع، إذ يجعل للاختلاف مظهرًا جسديًّا واضحًا وغريبًا، يدفعنا من باب أولى إلى قبول الآخر، الذى يشترك معنا فى الوطن، أو فى اللغة، أو فى المظهر، هنا والآن، وليس فى عالم آخر.

أما المدهش حقًا فهو أن ينجح مخرج مصرى شاب، هو أبو بكر شوقى، فى أول أفلامه الطويلة، فى إدارة ممثليه على هذا النحو الرائع، وبالذات راضى جمال فى دور الرجل المجذوم، وأحمد عبدالحافظ فى دور الطفل

والأول ما زال يعيش حتى اليوم فى مستعمرة الجذام، لقد أسرنى بأدائه القوى، وبصوته الذى يذكرنى بصوت على الكسار، وبنظرات عينيه التى لا تنسى حزنًا وفرحًا، لعل إدارة المخرج لهذين الممثلين من الهواة كان أفضل من إدارته للمحترفين، كما أن شوقى نجح فى منح رحلته تماسكًا كبيرًا، رغم تعدد الأماكن والأزمنة، وجعلنا نرى وادى النيل ومدنه وآثاره وأهله بشكلٍ مختلف تمامًا.

ومن أجمل اللازمات البصرية فى الفيلم حركة الأيدى، من يد الرجل المجذوم فى البداية وهى تفرز القمامة، إلى يده وهى تلقى القبعة التى يختفى وراءها فى النهاية، وبين الحركتين يد حماة الرجل وهى تصافحه، ويد صديقه الطفل وهو يدفعه للرقص، ويد الكومسارى فى الحلم وهو يبحث عن وجهه.. الخ، اليد تنوب عن الوجه فى التواصل، حتى يتصدر وجه الرجل الكادر فى النهاية.

«يوم الدين» ليس فيلمًا عن مريض الجذام الذى شوهه المرض، وجعل الآخرين يهربون منه رغم شفائه، إنه عن تشوه أعمق اسمه رفض الآخر، لأننا نخاف منه، أو نبذ الغير لأنه يختلف عنا، إن تشوه وجه هذا الرجل صاحب القلب الأبيض، هو أجمل تشوه شاهدته فى تاريخ السينما المصرية.

الشروق المصرية في

20.09.2018

 
 
 
 
 

حاصلة على وسام فرنسي.. معلومات عن نادين لبكي مخرجة "كفر ناحوم"

كتب: نورهان نصرالله

أعلنت لبنان بشكل رسمي ترشيح فيلم "كفرناحوم" للمخرجة نادين لبكي، ليمثلها في النسخة الـ 91 من مسابقة أوسكار، ضمن فئة أفضل فيلم غير ناطق بالإنجليزية.

الفيلم حصد جائزة لجنة التحكيم الخاصة بالدورة الـ 71 من مهرجان كان السينمائي، بالإضافة إلى المشاركة في عدد من المهرجانات السينمائية حول العالم، من بينها مهرجان "تورنتو" السينمائي، وحصد جوائز مجموعة من الجوائز منها جائزة الجمهور في مهرجان "سراييفو" السينمائي، بالإضافة إلى جوائز الجمهور في مهرجان الفيلم "النرويجي" الدولي، و"ملبورن" السينمائي.

وتدور أحداث الفيلم فى 120 دقيقة، حول الطفل "زين" الذي يبلغ من العمر 12 عاما، ويقوم برفع دعوى قضائية ضد والديه، بسبب جلبه إلى الحياة المليئة بالمعاناة التى يعيشها، ويعتمد الفيلم في بطولته على مجموعة من الممثلين غير المحترفين، على رأسهم الطفل زين الرافعي، وهو لاجئ سوري يبلغ من العمر 14 عامًا، ويقيم في حي شعبي في بيروت، بالإضافة إلى كوثر الحداد، فادي كامل يوسف، نور الحسيني، وسيدرا عزام.

وفيما يلي أهم معلومات عن نادين لبكي مخرجة الفيلم اللبناني المرشح للأوسكار أفضل فيلم غير ناطق بالإنجليزية:

- مخرجة وممثلة وكاتبة لبنانية ولدت عام 1974، درست الإعلام في جامعة القديس يوسف في بيروت.

- حصل فيلم تخرجها "11 Rue Pasteur" عام 1997، بجائزة أفضل فيلم قصير في بينالي السينما العربية في معهد العالم العربي فى العاصمة الفرنسية باريس.

- كانت بدايتها في عالم الإخراج من خلال الإعلانات والأغاني المصورة، حتى أصبحت واحدة من أشهر مخرجات الفيديو كليب العربيات، فتعاونت مع مجموعة كبيرة من الفنانين من بينهم بسكال مشعلاني، نانسي عجرم، كارول سماحة، نوال الزغبي، يوري مرقدي، وماجدة الرومي.

- خاضت أول تجاربها الروائية الطويلة بالإخراج في فيلم "سكر بنات" عام 2007، والذى عرض للمرة الأولى فى نصف شهر المخرجين المقام على هامش مهرجان كان السينمائى.

- حصلت على شارة فارس وسام الفنون والآداب من وزارة الثقافة والإعلام الفرنسية فى عام 2008.

- في عام 2011 قدمت ثاني تجاربها الإخراجية "هلا لوين؟"، وعرض الفيلم للمرة الأولي في قسم "نظرة ما" في مهرجان كان السينمائي.

- أخرجت على مدار مشوارها 4 أفلام روائية طويلة، وشاركت بالتمثيل في ما يقرب من 13 عملا سينمائيا ما بين الروائي الطويل والقصير.

- شاركت في عام 2015 بعضوية لجنة تحكيم مسابقة "نظرة ما" في مهرجان كان السينمائي.

الوطن المصرية في

20.09.2018

 
 
 
 
 

السينما العربية والأوسكار على موعد جديد

باتت أكثر حرصاً على دخول السباق

لوس أنجليس: محمد رُضا

كان من المتوقع، ومن الطبيعي، ترشيح فيلم نادين لبكي الجديد «كفرناحوم» إلى سباق أوسكار أفضل فيلم أجنبي، وهو الترشيح الذي أعلن عنه قبل ثلاثة أيام. هذا لسببين مهمّين أولهما أنه حظي بتكريم كبير عندما عرضه مهرجان «كان» السينمائي في مايو (أيار) الماضي، والآخر هو أن نصيب السينما اللبنانية من الأفلام التي تستحق الترشح لهذه المسابقة كان محدوداً جداً هذه السنة.

«كفرناحوم» له وعليه لكن ما له يطغى على ما عليه خصوصاً فيما يستولي على الاهتمام الأول. فيلم جيد التكوين من مشهد لآخر يعالج موضوعاً مثيراً للاهتمام ويدير شخصيات متباينة أبرزها الصبي الذي يبحث عن أم ذلك الطفل الذي تركته بجانبه ولم تعد.

في العام الماضي، حظي لبنان بترشيح رسمي بوصول فيلم زياد الدويري «الإهانة» (أو «القضية 23» إلى الترشيحات الرسمية. لم يفز، كذلك لم يفز - بعد - فيلم لبناني آخر. ربما آن الأوان ليخطف لبنان الأوسكار قريباً. يتوقف ذلك على طينة الأفلام التي سيتم ترشيحها رسمياً بعد خمسة أشهر من الآن.

- رجال ونساء

«كفرناحوم» ليس الفيلم العربي الوحيد الذي تم ترشيحه لهذه الجائزة (الجائزة الوحيدة المتاحة للأفلام الروائية غير الناطقة بالإنجليزية). هناك ستة أفلام من ست دول عربية أخرى أرسلت بما اعتبرته خيرة أفلامها إلى أكاديمية العلوم والفنون السينمائية في لوس أنجليس.

هذه الأفلام هي «إلى آخر الزمان» لياسمين شويخ (الجزائر) و«يوم الدين» لأبو بكر شوقي (مصر) و«بيرن أوت» لنور الدين لخماري (المغرب) و«اصطياد أشباح» لرعد أنضوني (فلسطين) و«على كف عفريت» لكوثر بن هنية (تونس) و«الرحلة» لمحمد الدراجي (العراق).

هذا الرقم من الأفلام العربية المرشحة قد لا يعلو على الرقم المسجل في خانة العام الماضي، لكن لنلاحظ حرص السينما العربية المستمر لدخول هذا السباق المهم بالنظر لما كان الوضع عليه قبل عشر سنوات فقط.

للدور الثمانين من الأوسكار نجد أن نادين لبكي قدمت فيلمها الروائي الطويل الأول «سكر بنات» للترشيح الرسمي. كان الفيلم واحداً من ثلاثة أفلام طمحت للجائزة ذاتها. الآخران هما «في شقة مصر الجديدة» لمحمد خان (مصر) و«جاني غال» لجميل رستامي (العراق، وهو فيلم كردي).

لجانب ملاحظة الحرص المتزايد للسينما العربية للاشتراك في السباق الأوسكاري الكبير، لا بد من ملاحظة أن ثلاثة من أفلام هذا العام من إخراج نساء هي «على كف عفريت» لكوثر بن هنية و«إلى آخر الزمان» لياسمين شويخ و«كفرناحوم» لنادين لبكي.

والمواضيع المثارة في هذه الأفلام متباينة من حيث إن الفيلم الجزائري «إلى آخر الزمان» والفيلم التونسي «على كف عفريت» يتناولان موضوعين نسائيين. بطلة الفيلم الأول هي امرأة أربعينية قصدت قرية صغيرة لكي تزور قبر شقيقتها.

يقع المسؤول عن المقبرة في حبها لكنها تفوت الفرصة المتاحة لها، عبر هذا الحب، مما يدفعه لمغادرة القرية بأسرها. في الفيلم الثاني فإن بطلة الفيلم (المأخوذ عن واقعة حقيقية) شابة تونسية قام شرطيان باغتصابها ونراها تحاول إثبات ذلك في قسم البوليس ذاته. في المقابل، فيلم نادين لبكي يضطلع ببطولته صبي ولو أن المرأة لها حيز مهم فيه. لكن من بين الأفلام التي أخرجها رجال يتعاطى «الرحلة» مع مصير فتاة ربطت حزاماً ناسفاً بأمر من الجهة التي تعمل لها وتوجهت إلى محطة القطار في بغداد. يحيك المخرج محمد الدراجي حكايته بعامل من التشويق يفتر في النهاية ويتحول إلى رسالة تلامس المذهبية.

- تاريخ العرب

وهناك رحلة أخرى في صميم فيلم «يوم الدين» لأبو بكر شرقاوي. هذا الفيلم المصري الذي شارك «كفرناحوم» الوجود في مهرجان «كان» الأخير يدور حول رجل مصاب بالجذام يريد الرحيل إلى القرية التي وُلد فيها. وسيلته عربة يجرها حمار ورفيقه صبي. ينصرف المخرج عن السياسة قولاً وفعلاً من دون أن تنصرف السياسة عنه. فالفيلم بحد ذاته يدور حول وضع لمعوزين من أدنى مستويات التهميش وهذا بحد ذاته نقد لوضع في بلد لا يزال يحاول معالجة مشكلاته المتكاثرة.

الاهتمامات الأخرى مختلفة. في فيلم نوري الدين الخماري «بورن أوت» (العنوان بالإنجليزية هو Burnout يعني «انطفاء» وكتابته بالعربية يجب أن تكون بيرن أوت وليس بورن أوت لكن…) نتابع حكايات متصلة ببعضها بعضا بخيوط قليلة وعن قصد. فيلم جيد النيات محدود الإنجازات حققه الخماري كثالث ثلاثية بعد «كازانيغرا» سنة 2008 و«زيرو» (2012). البطولة مشتركة بين الجنسين والحكايات تقصد نكش حالات عاطفية واجتماعية نقدية للظرف الاجتماعي المغربي الحاضر.

الفيلم الفلسطيني «اصطياد أشباح» لرائد أنضوني هو أكثر الأفلام المتنافسة في هذه المرحلة تميّزاً. جمع بين الروائي والتسجيلي على نحو يستمد الأول فيه معالجته من الثاني. كما هو متوقع، فيلم بمضمون سياسي مهم حول معاملة السجناء الفلسطينيين في إسرائيل والذكريات التي حملوها حين خرجوا من زنزاناتهم.

إذن هي في معظمها أفلام جيدة وبعضها متميز فعلاً، لكن أغلبها يحمل الطموح في أن تلعب جودته دورها في رفع حظوظ الفيلم ليدخل الترشيحات الرئيسية. الموضوعات المطروحة، على أهمية كل موضوع، ليست العامل الوحيد الذي يمكن الاستناد إليه في هذا الصدد. كذلك ليس التنفيذ الجيد على أهميّته. هناك أيضاً قدرة (أو لا قدرة) الفيلم الواحد على تجاوز الهم المحلي برفع ذلك المطروح إلى مستوى يمكن للجميع المشاركة في استقباله وتقييمه.

في هذا الشأن فإن «كفرناحوم» يبدو الأكثر احتمالاً بدخول الترشيحات الرسمية من سواه. وإذا فعل فستكون هي المرة الرابعة عشرة التي يبعث فيها لبنان فيلماً يمثله.

الدول الأخرى في نطاق تعداد المحاولات:

الجزائر: 19 مرّة، 5 ترشيحات رسمية وفوز واحد (فيلم كوستا - غافراس «زد» الذي حظي بتمويل جزائري).

مصر: تقدمت بـ32 فيلماً ولم يرشح لها رسمياً أي عمل، بالتالي لم تفز بعد بأي أوسكار.

العراق: تقدم بثمانية أفلام ولم يرشح أو يفز رسمياً بعد.

تونس: تقدمت 4 مرات والنتيجة صفر.

فلسطين كان لها حظ أفضل: تقدمت بعشرة أفلام ودخل الترشيحات الرسمية فيلمان لها (هما فيلما هاني أبو أسعد «الجنة الآن» و«عمر») لكنها لم تفز بعد بالأوسكار.

أما المغرب فتقدمت لهذه المسابقة 13 مرة وخرجت بنتيجة مشابهة لتونس.

ربما في يوم قريب ستتحقق المعجزة ونشاهد عربياً يقف على المنصة رافعاً يده بأهم ذهبيات الجوائز العالمية.

الشرق الأوسط في

21.09.2018

 
 
 
 
 

فيلم “الرحلة” يمثل العراق في مسابقة الأوسكار

شيماء صافي

"إيلاف" بيروت: أعلنت وزارة الثقافة العراقية، دائرة السينما والمسرح والمركز العراقي للفيلم المستقل ترشيح الفيلم العراقي "الرحلة" للمخرج محمد جبارة الدراجي لتمثيل العراق في مسابقة جوائز الأوسكار العالمية لعام 2019. وذلك بعد النجاح الذي حققه الفيلم “الرحلة” في المحافل العالمية والدولية وانطلاقته من مهرجان تورنتو السينمائي ومهرجان لندن و دبي ومهرجانات عالمية اخرى. علماً أنه حقق نجاحاً ملفتاً في الصالات العرقية وأعاد الثقة للفيلم العراقي بعد ٢٧ سنه من الانقطاع عن دور السينما التجارية، ونال إشادات النقاد العالميين والمختصين في السينما الذي اعتبرونه واحداً من أهم الافلام العربية للعام 2017.

وتدور قصة “الرحلة” حول سارة (23 سنة) التي تحاول الدخول الى المحطة العالمية للقطارات في بغداد وهي تحمل حزاما ناسفا مربوطاً بجسدها، وبعد ان تقبض بيدها على المتفجر، ومن خلال هذه الاجواء يقدم الدراجي صورة جديدة وهو يستعرض طبقات المجتمع العراقي بتنوعه الجميل وبسلسلة مصادفات تلتقي سارة بضحاياها، ففي كل لقاء نكتشف ان حياة سارة مفروضة علينا وهي تنازع معتقداتها، نجد انفسنا وسط ذروة الاحداث.

صُوِّر فيلم “الرحلة” سنة 2016 في بغداد ،حيث تم انتاجه من قبل بريطانيا ،هولندا ،فرنسا والعراق؟ وهو يحمل وجوهاً جديدة ستظهر للمرةِ الأولى في السينما العراقية من ضمنهم الإعلامية الشابة زهراء غندور، أمير علي، عارضة الأزياء إيمان لعيبي وحنين رعد، الموسيقار علي الخصاف و زهراء عماد.

يُذكر أن الحملة الاعلامية في أميركا والعالم لترشيح “الرحلة” لجوائز الأوسكار ستكون برعاية "مبادرة تمكين" التي يرعاها البنك المركزي العراقي والممولة من المصارف العراقية.

موقع "إيلاف" في

21.09.2018

 
 
 
 
 

فيلم «يوم الدين»: الكثير من الدخان بلا نار حقيقية

أنيس أفندي

الحفاوة الشديدة، هذا ما يلاقيه صناع «يوم الدين» أينما حلوا بفيلمهم. يشاع أن الجمهور استمر في التصفيق لمدة بلغت ربع الساعة بعد العرض العالمي الأول للفيلم في مهرجان كان، في مايو/أيار الماضي. شارك الفيلم في المسابقة الرسمية لمهرجان كان، كمرشح للسعفة الذهبية (جائزة أفضل فيلم)، ومرشح لجائزة الكاميرا الذهبية (جائزة أفضل تصوير سينمائي)، غير أنه لم يخرج إلا بجائزة شرفية هي جائزة فرانسوا تشاليز.

يحكي الفيلم قصة مريض متعافى من الجذام يسافر من القاهرة إلى قنا للبحث عن عائلته. الفيلم من تأليف وإخراج أبو بكر شوقي، وهو أول أعماله الروائية الطويلة، ومن بطولة راضي جمال، وهو مريض متعافى من الجذام في الحقيقة، بالإضافة إلى عدد من الممثلين غير المحترفين، أبرزهم الطفل أحمد عبد الحافظ.

يشارك الفيلم في المسابقة الرسمية لمهرجان الجونة السينمائي في دورته الثانية، وقد شهد عرضه الأول في الشرق الأوسط أمس الجمعة 21 سبتمبر/أيلول، وقد ﻻقى احتفاءً كبيرًا كذلكيعتبر الفيلم تجربة جديدة ومختلفة على السينما المصرية، سواء على مستوى الموضوع أو التنفيذ، غير أن الفيلم لم يخل من العيوب والنواقص التي جعلت منه فرصة لم يحسن استغلالها.

في هذا التقرير نتعرف على أبرز مواطن الضعف في فيلم يوم الدين.

التمثيل: الواقعية ليست بديلًا عن الاحترافية

الاعتماد على طاقم من الممثلين غير المحترفين هو تحدٍ كبير لأحد أهم وظائف المخرج، توجيه الممثلين. يمثل الفيلم حالة خاصة، إذ إن موضوعه يتطلب أن يكون البطل بمواصفات خاصة، أهمها أن يكون في الواقع مريضًا متعافى من الجذام، ويمكن القول إن أبو بكر شوقي قد وفق إلى حد كبير في اختياره لراضي جمال، وفي المستوى الذي خرج به أداؤه، خاصة أن الفيلم يعتمد بشكل كبير على دراما الشخصية.

وباستثناء راضي جمال، فقد خرج الأداء من باقي أفراد طاقم التمثيل شديد السطحية والافتعال، خاصة الطفل أحمد عبد الحافظ، الذي بدت أغلب مشاهده كأنه يقوم باسترجاع السطور من ذاكرته بطريقة آلية خالية من أي انفعال. قد يرى بعض المغالين في الاحتفاء بالفيلم أن هذا المستوى هو أفضل ما يطمح إليه مخرج من ممثلين غير محترفين، لكن الخبرة السينمائية السابقة تنأى بهذا القول عن الصحة، فهناك العديد من التجارب التي قام مخرجوها بتوظيف ممثلين غير محترفين، والخروج بنتائج مقنعة.

من أحدث هذه التجارب تجربة المخرج الأردني ناجي أبو نوار في فيلمه المرشح للأوسكار «ذيب»، إذ اعتمد الفيلم بشكل كامل على طاقم تمثيلي غير محترف، بل إن أبو نوار اختار هذا الطاقم من البدو من سكان الصحراء الكبرى التي تدور فيها أحداث الفيلم، ودرّبهم لمدة 6 أشهر قبل بدء التصوير، ليخرج المستوى بهذا الشكل المتقن، ويكون التمثيل أحد أبرز عناصره الفنية.

هذا عن الممثلين غير المحترفين، ولكن ماذا عن الممثلين المحترفين في فيلم «يوم الدين»؟ شارك في فيلم يوم الدين عدد من الممثلين المحترفين، مثل أسامة عبد الله (الشهير بإعلان «دحلاب»)، ومحمد عبد العظيم، وشهاب إبراهيم، الذين لم يختلف أداؤهم كثيرًا عن الممثلين غير المحترفين. عنصر التمثيل هو أحد أهم العناصر الفنية في الأفلام التي تتخذ منحى واقعيًا وإنسانيًّا، خاصة إن كانت مستوحاة من قصة حقيقية، بأبطالها الحقيقيين.

الحوار: أرني ولا تخبرني

أحد أشهر القواعد في فن السينما هي قاعدة «Show, don’t tell»، والتي تعني «أرني، وﻻ تخبرني». يقال عن السينما «فن الصورة»، بما يعني أن الصورة هي أداة التعبير الأولى والرئيسية، ومن هنا جاءت قاعدة «أرني، وﻻ تخبرني»، فكل ما يمكن أن تقوله الصورة يحرم على الحوار، وهي القاعدة التي استمر «يوم الدين» في الخروج عليها طول مدة عرضه.

كما أشرنا أن موضوع الفيلم هو بمثابة أرض جديدة لم تطأها السينما المصرية من قبل، ولكنها في الوقت نفسه أرض شائكة، تحتاج إلى المزيد من الحرص في خوضها، ولكن الحرص الزائد قد يؤدي إلى التسطيح والابتذال. حوار الفيلم جاء في أغلبه مباشرًا، وسطحيًّا، وخطابيًّا، وهو ما نراه في جمل مثل:

«إحنا ضحايا أشكالنا»، أو «أنت مش مريض، أنت عندك جرح مابيتعالجش»، أو «إحنا منبوذين». ويبلغ هذا الأسلوب السطحي والخطابي مداه في أحد المشاهد التي يُفَسَّر فيها اسم الفيلم بشكل مباشر على لسان إحدى الشخصيات: «يوم الدين كلنا هنبقي متساوين، ومحدش هيبص لشكلنا».

يمكن القول إن هناك ارتباطًا وثيقًا بين ضعف الحوار وضعف المعالجة الدرامية، والتي تبدو في كثير من الأحيان نظرة غربية لثقافة مغايرة، أو بالأحرى نظرة استشراقية. يظهر ذلك في العديد من التفاصيل، مثل السؤال عن اسم العائلة. ففي الغرب عمومًا هناك اسم أول واسم العائلة، لكننا في مصر ﻻ نعرف مثل هذا التقسيم، ولكن يتم تصنيف الأسماء بشكل رقمي تصاعدي من الأب إلى الجد إلى جد الأب، فلن تجد موظف حكومة يسأل مواطنًا عن اسم عائلته، أو لقبه، ولكنه يسأل عن «الاسم الثلاثي»، أو «الاسم الرباعي».

يمكن أن نرى ذلك أيضًا في محاولة إقحام «الحمار» كشريك في الرحلة دون البناء والتقديم الكافي لهذه الشخصية وعلاقتها بباقي الشخصيات. في مشهد لقاء بشاي أخاه يدور بينهما الحوار التالي:

انت جيت ازاي؟

على الحمار.

على الحمار!! هو فين؟

هذا شخص يقابل أخاه بعد ما يقارب أربعين عامًا، ويخبرنا الحوار أن ما يشغله في هذه اللحظة هو السؤال عن الحمار. انفصال تام عن الحالة الدرامية والانفعالية للمشهد وللشخصيات، وإقحام غير مبرر للحمار فقط لتأكيد كونه شريكًا في الرحلة.

نحن بصدد موضوع جديد وغير مطروق، موضوع يتسع لمساحات كبيرة من الدراما الواقعية، موضوع يسمح بمساحات كبيرة للتعبير البصري، ولكن صناع الفيلم تركوا كل هذه المساحات الواسعة وحصروا فيلمهم في تناول سطحي خطابي مباشر، ترك أثره الشديد على الحوار، وبالتبعية على التمثيل.

الموقع ﻻ المكان

فيلم يوم الدين هو فيلم نوعي بامتياز. نوعي بمعنى أنه ينتمي إلى نوع Genre محدد من أنواع الأفلام السينمائية، وهو فيلم الطريق. وفيلم الطريق هو الفيلم الذي يشهد رحلة البطل من مكان إلى مكان، والتحول الذي يمر به خلال هذه الرحلة. ولهذا النوع عدد من السمات المتكررة، على رأسها وسيلة/وسائل الانتقال خلال هذه الرحلة، ومحورية المكان على مستوى الصورة، وعلى المستوى الدرامي، غير أن صناع «يوم الدين» لم يتجاوز اهتمامهم المستوى الشكلي.

في بداية رحلة البطل بشاي يرسم أحد أصدقائه خريطة بسيطة على الأرض توضح مجرى نهر النيل، ويخبره أين تقع القاهرة، وأنه لكي يصل إلى قنا في أقصى الجنوب عليه أن يسير بمحاذاة النهر. تصور بسيط يعطي انطباعًا مبدئيًّا لما ستكون عليه الرحلة، غير أن صناع الفيلم يخرجون عن هذا التصور البسيط عددًا غير قليل من المرات، وبشكل غير مبرر دراميًّا. فعلى الرغم من أن التصور البسيط يقضي بأن يكون النهر رفيق الرحلة، فإن عددًا من المشاهد يخرج عن الوادي تمامًا لنجد الأبطال في الصحراء، بالطبع هناك ظهير صحراوي للوادي، لكن الانتقال نفسه يكون مفاجئًا وغير مبرر أو مفهوم.

الأمر نفسه بالنسبة لوسيلة الانتقال، فالاستغناء عن العربة الكارو يتم أيضًا بشكل مفاجئ وغير مفهوم، واستقلال القطار كذلك يتم بشكل غير مفهوم، بل إنه حتى بشكل غير واقعي، إذ يقوم البطلان بإيداع الحمار في عربة نقل البضائع، ثم الانتقال إلى عربة الركاب في نفس القطار، وهو تقليد قديم اعتادت أن تتبعه السكك الحديدية بأن يضم نفس القطار عربات لنقل البضائع وأخرى لنقل الركاب، غير أن هذا التقليد أُلْغِي من سنوات طويلة، ولم تعد هناك مثل هذه القطارات.

وفي مرحلة متقدمة يُسْتَغْنَى عن الحمار أيضًا بعد نفوقه، هذا النفوق الذي يأتي مفاجئًا وغير مبرر هو الآخر. وهو ما يدفعنا إلى القول بأن صناع «يوم الدين» اهتموا بموقع التصوير أو Location، لكن لم يهتموا بالمكان نفسه وتوظيفه بصريًا ودراميًّا، وكذلك اهتموا بشكل وسيلة الانتقال، ولكن لم يهتموا بأثرها بصريًّا ودراميًّا.

فيلم يوم الدين هو تجربة جديدة ومختلفة على السينما المصرية، عانت من بعض المشاكل الفنية، ولكنها تبقى تجربة مهمة وقابلة للتطور في ظل حالة الركود الفني، التي تسيطر على السينما المصرية منذ سنوات طويلة.

موقع "إضاءات" في

22.09.2018

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)