كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

صُناع فيلم «ورد مسموم» الحائز على 3 جوائز بـ«القاهرة السينمائى» فى ندوة «الوطن»

كتب: محمد عبدالجليل ونورهان نصرالله

القاهرة السينمائي الدولي

الدورة الأربعون

   
 
 
 
 
 
 

مكان خيالى يضج بالواقعية، تنتمى شخوصه إلى عوالم مختلفة، تحلق روحك معهم بينما قدماك غارقتان فى بواقى الجلود التى تغطى معالم الطريق، لتتحول فيها المدابغ وواقعها القاسى إلى لوحة مرسومة بعناية، نجح المخرج أحمد فوزى صالح فى خلق عالم خاص بمفردات جديدة على السينما المصرية يطرح فيها الأسئلة ويخلق نقاشات تدفع المشاهد إلى البحث والتفكير، خارج نطاق السينما التقليدية التى تروى فيها الحكاية على لسان أبطالها، لتكون الصورة هى البطل والحكاية فى «ورد مسموم» الذى استحق 3 جوائز من مهرجان القاهرة السينمائى، ومعروض حالياً فى دور العرض السينمائى تزامناً مع جولة طويلة فى المهرجانات السينمائية حول العالم.

مزيج بين بريق الصورة ورائحة المدابغ

واستضافت «الوطن» صناع فيلم «ورد مسموم» للتعرف على رحلة الفيلم التى امتدت لما يقرب من 5 سنوات، بالإضافة إلى الصعوبات التى واجهوها لخروج العمل فى شكله النهائى، كما نتطرق للحديث عن حالة انقسام الجمهور بين الاحتفاء الشديد والآراء السلبية.

صفى الدين محمود: لم أتحمل المدابغ أكثر من 10 دقائق.. والجوائز «طبطبة»

حالة من الارتباط القوى التى شكلت العلاقة بين شركة «ريد ستار» للمنتج صفى الدين محمود، ومجموعة من التجارب السينمائية المختلفة البعيدة عن السائد، التى تحقق نجاحاً فى المهرجانات السينمائية، فكان آخرها ثلاثى «ورد مسموم» فى «القاهرة السينمائى»، التى يراها بمثابة «طبطبة» على فريق عمل الفيلم الذى عمل فى ظل ظروف صعبة للغاية، قائلاً: «الفكرة ليست فى تحقيق الفيلم لـ3 جوائز، ولكنها من ثلاث لجان تحكيم مختلفة، وتعتبر شهادة كبيرة بالنسبة لنا».

العلاقة مع المخرج أحمد فوزى صالح لم تكن وليدة الفيلم، حيث تجمعهم علاقة صداقة وعمل سابقة وفقاً للمنتج صفى الدين محمود، بالإضافة إلى الإعجاب والاحترام على المستوى المهنى، حيث يعتبر فيلم «جلد حى» من أهم الأفلام التسجيلية التى تأثر بها بشكل شخصى، ليرى من وجهة نظره أن «صالح» هو المنتج الفعلى للفيلم، موضحاً: «هو عمل على إدارة الأمور بمفرده فكان بمثابة «One Man Show»، واقتصر دورى على تقديم خدمات إنتاجية، هو بالفعل أنجز رحلة طويلة ولم يتبق أمامه سوى خطوات معدودة حتى يصل إلى هدفه، وبالتالى دورى كان المساعدة فى تلك الخطوات المتبقية».

رفض «محمود» اعتبار تجربة «ورد مسموم» مغامرة بالنسبة له، قائلاً: «الفكرة الأساسية بالنسبة لى فى الشغف، أنا كإدارى فى تلك المنطقة كان من المهم أن أركض خلف شغف المبدع، حتى لو أكن مهووساً بالفكرة بقدر فوزى صالح، فهو مهووس بمنطقة المدابغ والرواية وطريقة سردها من وجهة نظره، الفيلم قد لا يكون مقارباً لذوقى، ولكن لا يصلح كمنتج أن أقدم كل الأعمال على ذوقى الشخصى، وأعتبر تلك التجربة أكثر عمل مختلف قدمته على كل المستويات، وأنا راض عن التجربة بشكل كبير، ولكنها لم تكن تجربة حياتية سهلة، لم أستطع دخول مكان التصوير لمدة 10 دقائق، بسبب الرائحة الكريهة فى المدابغ، خاصة مع ظروف أهل تلك المنطقة التى قد تجعل من الفن رفاهية».

وأشار مالك «ريد ستار» إلى أنه تم تلوين الفيلم فى لبنان، والعمل على المونتاج النهائى فى فرنسا، وكان ذلك ضمن منح الدعم التى حصل عليها الفيلم، حيث لم يكن فى صورة مبالغ مالية، ولكن خدمات إنتاجية، فيرى أن من المفيد أن يشاهد الفيلم أشخاص جدد من خارج التجربة حتى يستطيعوا الحكم عليها، موضحاً: «بعد سنوات داخل القصة نحتاج إلى الخروج منها ودخول شخص جديد تماماً، يرى ما تم تنفيذه لأنه بعد وقت معين يصبح المخرج أو المونتير جزءاً من العمل، وبالتالى يكون فى حاجة إلى شخص موثوق وصاحب عين جديدة صادقة، بغض النظر عن الخبرة، وبالتالى تعلم نسبة نجاحك فى تقديم فكرتك، خاصة بالنسبة لـ(ورد مسموم) بسبب المدة الزمنية التى استغرقها الفريق فى العمل على الفيلم والتركيز المتناهى كانوا فى حاجة إلى ذلك، وهو أمر معمول به فى العالم كله، حيث يكون الهدف منه المناقشة أكثر من التدخل فى العمل».

أحمد فوزى صالح: لا أُجيد صناعة أفلام لجمهور «قاصر».. والإرهاب لا يُكافَح بـ«الخطاب المباشر»

المرة الأولى التى قرأ فيها رواية بعنوان «ورود سامة لصقر» للكاتب أحمد زغلول الشيطى، لم يكن تجاوز 15 عاماً، ولكنه قرر أنها ستكون قصة فيلمه الأول، وبعد مرور 20 عاماً من تلك اللحظة، حمل الفيلم اسم «ورد مسموم» مقتنصاً 3 جوائز فى الدورة 40 لمهرجان القاهرة السينمائى الدولى، قالها المخرج أحمد فوزى صالح، مؤكداً أن الرواية كانت الدافع لدخول معهد السينما، «تعدد وجهات النظر فى الرواية كان جاذباً بالنسبة لى، تروى حادثة موت (صقر عبدالواحد) من 4 وجهات نظر مختلفة، بالإضافة إلى تناولها للصراع الطبقى الذى أردت التعبير عنه من منطلق اتجاهى اليسارى، وبقيت متمسكاً بالمشروع عقب تخرجى، وقال لى البعض إن الفيلم ليس به طموح تجارى يشجع المنتجين، لذلك لا بد أن يكون لدىّ مشروع روائى قصير أو تسجيلى لمخاطبة الممولين الأوروبيين باعتبارى مخرجاً جديداً خارج سرب السينما المصرية التقليدية، ومن هنا جاء الفيلم التسجيلى (جلد حى)، الذى حقق نجاحاً غير متوقع».

بالنسبة لـ«فوزى» لم يكن نجاح «جلد حى» مجرد بداية ناجحة فى مسيرته كمخرج، ولكنه كان الخطوة وحجر البناء الأول لـ«ورد مسموم»، حيث أوضح: «حصل الفيلم على جائزة مهرجان أبوظبى فى عام 2010، من لجنة تحكيم يرأسها المخرج إيليا سليمان، ومن المفارقات المهمة أنه طلب مقابلتى، وقال لى وقتها إن مشكلتى هى الوقوف بالمنتصف بين السينما المصرية التقليدية وبين رؤيتى ورغبتى فى التحليق بعيداً عن تلك العوالم، وكانت قيمة الجائزة 100 ألف دولار، طلب من إدارة المهرجان منحى 25 ألفاً فقط، على أن أحصل على المبلغ المتبقى من الجائزة لتنفيذ مشروعى المقبل، وبالفعل كان لدىّ مشروع، وبمجرد أن قدمت السيناريو حصلت على باقى المبلغ، وزوجتى لديها شركة للإنتاج، وبالتالى كان أسهل أن يتم تنفيذ الفيلم من خلال الشركة، خاصة فيما يتعلق بالإجراءات القانونية، وكانت تلك الخطوة الأولى للفيلم، المبلغ الذى حصلت عليه من المهرجان شجع جهات أخرى أن تدعم المشروع، كانت هناك مشكلة أننا خريجون جدد وبالتالى خبرتنا ضعيفة ونكتشف أشياء للمرة الأولى، وكان من المهم أن يوجد معنا شركاء لديهم خبرة، لذلك لجأنا إلى المنتج صفى الدين محمود، حيث انضم إلينا بعد البدء فى تصوير الفيلم».

جوائز «القاهرة» السينمائى «مدد».. ودور «حميدة» أهم من الإنتاج والتمثيل.. ولحظة «كشف» وراء تغيير السيناريو

بدأ تصوير الفيلم فى عام 2013، وكان السيناريو فى أقرب أشكاله إلى الرواية، وفقاً لمخرج العمل، حيث إن التغير لم يكن سوى فى الاستغناء عن إحدى وجهات النظر لتكون فقط 3، بعد نصيحة من أحد القائمين على الورش التى شارك بها فى أوروبا: «قالوا لى إن هناك مخاطرة بالنسبة لصانع أفلام يبدأ عمله الأول أن يقدم فيلماً به هذا الكم من تعدد وجهات النظر، خاصة أن السيناريو به طموح كبير لا يناسب خبرة الفيلم الأول أو الإنتاج المتاح للمشروع حتى يخرج للنور، ولأن (الحماقة أعيت من يداويها) قمت بتخفيف السيناريو ليضم 3 وجهات نظر، وبدأنا التصوير على هذا الأساس»، وعلى مدار ستة أسابيع متقطعة فى عامى 2013 و2014 تابع «فوزى» العمل على الفيلم حتى جاءت ما وصفها بـ«لحظة الكشف»، والتى قرر فيها التخلى عن القصة بشكلها التقليدى وتقديمها بشكل سردى مختلف، موضحاً: «كانت لحظة خاصة جداً، فى الوقت الذى عرض علىّ فيه المونتير مصطفى يوسف الفيلم بشكل كامل، وجدت أننا فى 2014 ولم تعد قصة حب تجمع بين شاب فقير وفتاة غنية تستحق أن تروى، بالرغم أنه تم تصويرها بالفعل، القصة التقليدية سوف تذهب بالعمل إلى منطقة أخرى بعيدة، قمت بإعادة كتابة السيناريو عن ما تم تصويره حول علاقة الأخ بأخته، فكانت عن شاب يرغب فى الذهاب لأوروبا سواء مع فتاة أو مع مركب هجرة، وأخته متمسكة ببقائه، هناك تأويلات عديدة للعلاقة بينهما، وهو ما يفتح باباً للنقاش، وتلك المناقشات حصلت فى كل مكان فى العالم تم عرض الفيلم به، حيث يمكن قراءته بتعدد مستويات المتلقى، الذى يستقبل الفيلم ولا يمتلك مقياساً أو (مازورة)، فيتعامل معه باعتباره قطعة فنية، وكنت متوقعاً هذا النوع من الجدل حول الفيلم، لأن تلك النوعية من الأفلام يتم تقديمها بشكل متقطع وليست مستمرة، ولأن الشكل التقليدى مهيمن، والخروج عنه كان صعباً ولكنه اختيارى، وأتمنى أن أظل قابضاً عليه».

وعن المدة التى استغرقها الفيلم فى التنفيذ وقارب الـ5 سنوات، قال مخرج «ورد مسموم»: «يرى المخرج الفرنسى جان لوك جودار أن «اللقطة سؤال أخلاقى»، وهو المنطق الذى كنت أعمل به فى تصوير الفيلم، لماذا اختار زاوية تصوير دون غيرها، حتى أعبر عن أشياء داخلى ومعانٍ مختلفة، وهو لن يحدث بين ليلة وضحاها، لأنك تستغرق تفكيراً فى العالم الذى ستقوم بتشييده».

«سينما المؤلف» هى التى ينتمى إليها المخرج أحمد فوزى صالح، حيث يعكس من خلالها المخرج أفكاره ومشاعره ليس من خلال الإخراج فقط بل السيناريو أيضاً، قائلاً: «أنا المخرج المؤلف، وهى مهمة أعقد من مجرد كتابة المخرج للسيناريو، وهذا النوع من الأفلام تخرج فيه مشاعر خاصة لا يمكن الإيحاء لمؤلف بكتابتها أو التعبير عنها، وكنت أرغب فى التخلص من القصة والحبكة التقليدية، فالسينما المصرية وفية للقصة أكثر من الوفاء للصورة، باستثناء بعض التجارب، منها فيلم (المومياء) للمخرج شادى عبدالسلام، وأنا لا أضع نفسى أو فيلمى فى مقارنة معه، ولكنه كان أول حجر يلقى فى البركة الراكدة، وواجه انتقادات وآراء سلبية، وهذا الأسلوب موجود أيضاً فى مجموعة من أفلام يوسف شاهين حيث القيمة البصرية هى الأعلى، وقد دخلت فى مناقشة مع المخرج خيرى بشارة حول كيفية تقديم ما أرغب فيه دون أن يفقد المشاهد اهتمامه بسبب إهمال القصة، وربما بعد فترة تكون لدى مرونة فى الوصول إلى جمهور أكثر، وتقديم عمل يلمسهم بشكل أكبر، وهذا لا يعنى التخلى عن شخصى، فأنا لا أقدم إجابات، وأريد تقديم سينما بهذا الشكل، جزء من الجمهور محبط بسبب أن الفيلم لا يقدم له رسالة أو حكمة، ولكنه يقدم فى المقابل أسئلة، وهو ما يلومك عليه بعض المشاهدين، وهو أمر مرعب بالنسبة لى، لأنه لا يوجد أحد يمتلك يقيناً عن أى شىء، ويبدو أننا عندما نتواصل مع الجمهور نكون فى حاجة إلى إعادة تعريف الأشياء، ولكن السينما لدينا لم تقتطع تلك الأشواط الكبيرة، ما زلنا فى الستينات المشاهد يطلب من صناع الأفلام تقديم رسالة أو توجيهه، لماذا يريد أن يقدم له الفيلم فكرة بـ(المعلقة) والتعامل معه باعتباره قاصراً، كل شخص لديه الوعى الكافى حتى لو لم يدركه، وهناك أفلام يتم تنفيذها لمواجهة الإرهاب إلا أنها تكون مباشرة وخطابية، والإرهاب لا يتوقف بهذا الشكل لأن تلك المباشرة لن تحقق ذلك بل يحققها الفن الحقيقى الذى يطرح أسئلة ويخلق نقاشاً، وأعلم أن الفيلم حجر فى بركة شديدة الركود».

ظهور الفنان محمود حميدة فى الفيلم أضاف كثيراً من الثقة لفريق عمل الفيلم، كما أشار «فوزى»، قائلاً: «هو منتج مشارك فى الفيلم، يرى تجربة مختلفة ومتفردة أعمل عليها، وبالتالى لم يكن لديه مانع فى أن يكون جزءاً منها وداعماً لها ليس على المستوى الإنتاجى فقط، حيث إن مشاركته فى الفيلم منحت فريق العمل ثقة من أفراد خلف الكاميرا أو ممثلين، فهذا الرجل لن يغامر باسمه وتاريخه من أجل علاقة أسرية، وهو ما انعكس بالفعل على الممثلين حيث لم تكن لديهم ثقة، خاصة أن المخرج ليس ضمن القالب المعتاد بالنسبة لهم، ودور محمود حميدة كان أكبر من ظهوره كممثل فى عدد من المشاهد، أما بالنسبة لشكل الشخصية فكنا نبحث عن شخص بمجرد أن تراه تدرك أنه لا ينتمى لهذا العالم سواء شكلاً أو موضوعاً، حيث تطلب منا ذلك شهوراً حتى الاستقرار على الشكل النهائى له، هى شخصية ميتافيزيقية من الممكن أنه ليس كائناً أرضياً قد يكون قادماً من فضاء أو عالم آخر، وقد تكون هى الوحيدة القادرة على رؤيته، وكان ذلك جزءاً كبيراً من اختياره حتى يحقق لنا ذلك، وكانت هناك مشاهد أخرى له ولكن قمنا بحذفها لأنها ليست فى صالح الفيلم، الفكرة ليست فى الكم، هناك لقطات جميلة ولكنها لا تشبه الفيلم فى طريقة الإضاءة أو التصوير، فأنا لا أرغب فى صور جمالية بل أبحث عن صورة خشنة ومتقشفة».

وفى تعليقه على الجوائز التى حققها الفيلم فى ختام «القاهرة السينمائى» والتى لم تكن متوقعة بالنسبة له، قال إنها «مدد»، مشيراً إلى أن الفيلم لديه جولة فى عدد من المهرجانات، تزامناً مع طرحه التجارى فى دور العرض السينمائى حالياً.

مصطفى يوسف: حذفنا مشاهد كثيرة.. ورفضنا الجماليات حتى لا نفقد طابع الخشونة

رحلة طويلة قضاها المونتير مصطفى يوسف مع «ورد مسموم»، ضمت مجموعة كبيرة من الصعوبات التى واجهتهم حتى يخرج العمل بشكل مرض، ووفقاً لـ«يوسف»، كانت أولى تلك الصعوبات طبيعة العمل داخل المدابغ، حيث كان يضطر إلى الوجود فى المكان لما يقرب من 14 ساعة يومياً، وهو ما دفعهم إلى ضرورة وجود مكتب تابع لهم فى المنطقة حتى يتم إنجاز العمل بشكل أسرع، إلا أنه فى بعض الأوقات يتم عمل «مونتاج» لمشاهد أثناء الوجود فى «اللوكيشن»، وأضاف: «صورنا الفيلم بالإضاءة الطبيعية معتمدين على الشمس، وكان أفضل حتى تعطينا الشمس ما نحتاجه بالنسبة للإضاءة فى الصورة شهرى سبتمبر وأكتوبر، وبعد التصوير وجد أن النتيجة لم تكن مرضية بالنسبة له فقرر تغيير ذلك معتمداً على طريقة مختلفة فى السرد، وبالطبع تم حذف مجموعة كبيرة من المشاهد، والأمر لم يكن سهلاً على الإطلاق، حيث كنا نصور المشاهد قبل التصوير الفعلى بالممثلين، وهى ما يطلق عليه (تكنيكال ريكى)، ويعنى تصوير كل مشهد دون ممثلين فكان أشبه ببروفة منضبطة للمشاهد قبل تصويرها حتى نرى إذا كان التصوير بهذا الشكل مناسباً أو مريحاً بالنسبة لنا أم لا، حيث كان واحد منا يقوم بدور شخصية ونقوم بتركيب المشاهد معاً كالفيلم الأساسى، وهو ما احتاج فترة طويلة تقترب من عام، وهناك عدد من المشاهد الجيدة صورناها ولكن لم تتم الاستعانة بها، حيث وجدنا أنها قد تخل بالعالم الذى نرغب فى تقديمه فتم الاستغناء عنها، وحدث كثير من الخلافات والمناقشات حول ذلك، حيث إن كل المشاهد التى بها جماليات وقد تكسر طابع الخشونة فى الفيلم تم الاستغناء عنها، فكان تفكيرنا النهائى فى الفيلم»، وتابع: «من الصعوبات التى واجهتنا أيضاً كان اختيار الكاميرات، وجربنا معظم الكاميرات التى كانت موجودة فى السوق حتى نختار من بينها، حتى تعطينا الصورة التى نرغب فيها، فكنا نبحث عن صورة بها شىء من الخشونة، وكان كل شىء خاضعاً للتجربة، وكان هناك تعاون مع مونتير فرنسى ليضع اللمسات الأخيرة على الفيلم بالنسبة لى كنت أواجه صعوبات إدخال المشاهد التسجيلية فى نصف الفيلم، أستطيع بالطبع فعل ذلك، ولكن ليس كشخص جديد لم ير المكان من قبل ولديه خبرة كافية لتقديم ذلك، وكان هناك خوف أن اعتيادنا على المكان يجعلنا نفقد الإحساس بمشاهد معينة فكان لا بد من وجود عين جديدة تقدم المكان بشكل مختلف».

بسام فرحات: شريط الصوت استغرق عاماً.. ولا أنسى صدمة أول زيارة

صوت تدفق المياه الجارية ممزوجاً بصوت تروس الماكينات الملتحمة، تعكس طبيعة العالم فى «المدابغ»، صوت الأبخرة السامة فى الفضاء تلتحم مع الإيقاعات الصوفية، أصوات البشر تتداخل وتتقاطع مع أصوات العربات المحملة بالجلود والحيوانات التى تئن، شريط صوت مميز نجح المهندس بسام فرحات فى تصميمه لفيلم «ورد مسموم»، وهو ما استغرق فترة تتراوح من 6 أشهر إلى عام كامل، موضحاً: «الحوار قليل فى الفيلم وموسيقى تصويرية تقترب من أن تكون معدومة بشكل كبير، ولكن يجب أن يكون هناك شريط صوت حاضر طوال الوقت، وبالتالى كان يجب تصنيعه، من مجموعة أصوات الطبيعة الخاصة بالمكان».

يروى «فرحات» المرة الأولى التى دخل فيها إلى عالم المدابغ برفقة المخرج أحمد فوزى صالح، كان يعود التاريخ فيها إلى 2010، «تجمعنى علاقة صداقة بصالح، حيث كنا دفعة واحدة فى معهد السينما، حيث طلب منى الذهاب معه إلى المدابغ حتى نجرى معاينة للمكان من أجل المشروع الذى كان يرغب فى العمل عليه، وكان الأمر صدمة بالنسبة لى سواء بالنسبة للرائحة النفاذة للجلود المخلوطة بالمواد الكيميائية أو على مستوى شكل المنطقة، ولكن استقبلنا أهلها بطريقة جيدة، ثم بدأ العمل على (جلد حى)، وبعد ذلك (ورد مسموم) الذى قرر تقديمه فى نفس المنطقة أيضاً».

ماجد نادر: واجهنا صعوبة فى التصوير بالإضاءة الطبيعية.. والمكان غنى بالألوان

«ورد مسموم» تجربة مختلفة المقاييس بالنسبة لصناع الفيلم، الذين يعتبر المخرج ماجد نادرر أبرزهم، حيث تخلى عن الإخراج ليشارك كمدير تصوير فى الفيلم للمرة الأولى، موضحاً: «الأمر معقد قليلاً، فى البداية كنت أعمل فى الفيلم كمساعد مخرج، وفى مرحلة ما توقف الفيلم وأنا بدأت العمل فى مشروع آخر، وعندما عاد لاستئناف الفيلم حدث خلاف بين المخرج ومدير التصوير، وفى نفس الوقت كنت قاربت على الانتهاء من عملى ليعرض علىّ (فوزى) أن أقوم بتصوير الفيلم، لم يكن لدىّ خبرة سابقة طويلة فى التصوير، حيث كنت أعمل على تصوير أشياء بسيطة متعلقة بعملى الخاص، وتعلمت فى ورشة التصوير بـ16 و8 ملم، وبالتالى الأمر كان بمثابة تجربة لنا، فهو كان يرى أننى أعلم عن تفاصيل الفيلم أكثر من أى شخص آخر، خاصة أن أثناء عملى معه كمساعد فى البداية عاينت الفيلم لمدد طويلة وأعرف اللوكيشن بدرجة كبيرة»، وأضاف: «قرار تصوير الفيلم بالإضاءة الطبيعية قرار مشترك بدرجة كبيرة، ولكنها كانت رغبة لدى فوزى من البداية، وواجهنا صعوبة فى تنفيذ ذلك ولكن كان لدينا ميزة فى أن اللوكيشن متاح لنا طوال الوقت ونستطيع الدخول والخروج باستمرار، والتحرك فى أماكن مختلفة بحرية مع تغير مكان الشمس، حيث إن سهولة الحركة سهلت تلك المهمة، تعودنا وتعايشنا مع طبيعة المكان الصعبة بعد فترة من الوقت، المكان غنى بالألوان ومنحنا صورة قوية».

الوطن المصرية في

06.12.2018

 
 
 
 
 

«لا أحد هناك» يحمل سلمى حسن إلى مراكش .. وتنتظر «لما بنتولد»

كتب: ضحى محمد

تشارك الفنانة الشابة سلمى حسن بفيلم «لا أحد هناك»، الذى يعرض حالياً بالمهرجان الدولى للفيلم بمراكش فى دورته الـ17 مع الفنان والمخرج أحمد مجدى، وذلك بعد أن عرض لأول مرة عالمياً ضمن مسابقة «أسبوع النقاد» خلال الدورة الـ40 من مهرجان القاهرة السينمائى الدولى، التى انتهت الأسبوع الماضى.

وقالت سلمى لـ«الوطن»: «صورنا (لا أحد هناك) منذ 5 سنوات، وقتها أحمد مجدى كان بيختار الأبطال، وبدأت بالفعل التصوير بعد قراءة السيناريو الذى كتبه من واقع الحياة التى نعيشها، وانتهينا من تصوير العمل وقتها، ولا يوجد منتج للفيلم، إذ اعتمد على مجموعة أنتجوا العمل، والفيلم تدور أحداثه عن طبيعة الإنسان بشكل وجودى وشاعرى»، وأعربت الفنانة عن سعادتها بمشاركة الفيلم فى المهرجان، مضيفة: «العمل تجربة مختلفة تدخل حالة جديدة على السينما فى مصر من ناحية الرؤية والتنفيذ والفكرة، وأعتقد أن هذه الفكرة ستعيش لمدة طويلة؛ لأن العمل يرصد هموم الأجيال وحالة الاكتئاب التى تصيب الشباب فى أعمار مختلفة، وهى مشكلة توجد فى كل الأجيال».

وعن دورها فى الفيلم، قالت: «أقدم شخصية (فرح) التى تعيش مع 3 فتيات وتحاول مساعدة من حولها لحل مشكلاتهن فى إطار تشويقى إنسانى»، معتبرة أن كون مخرج الفيلم هو مؤلفه ميزة، قائلة: «رغم أنها التجربة الإخراجية الأولى لأحمد مجدى، فإن العمل معه أفادنى خاصة أننى قدمت الفيلم فى بداية مشوارى الفنى، كما أنه صديقى وبيننا معزة كبيرة، وأتمنى العمل معه خلال الأعمال المقبلة»، مشيرة إلى أنهم حرصوا على تقديم الفيلم بأقل التكاليف وتركيز كبير للخروج فى أحسن صورة، موضحة أن المؤلف يظهر خلال أحداث الفيلم بمشهد واحد، لأنه فضل أن يكون تركيزه الأكبر على الإخراج والكتابة.

من ناحية أخرى، تشارك «سلمى» بفيلم «لما بنتولد» مع المخرج تامر عزت، وقالت: «تامر عزت عمل «مونتير» فى بداية حياته مع كبار مخرجى مصر، منهم يوسف شاهين ويسرى نصر الله، والفيلم يعتبر تجربته الثانية، بطولة أمير عيد وابتهال الصريطى ومحمد حاتم وحنان سليمان»، وأضافت: «العمل يضم 3 قصص أساسية فى الفيلم، لذا يحوى نوعاً من التشويق والإثارة، من تأليف نادين شمس، التى أراها مؤلفة عبقرية فقدناها منذ سنوات لكن عملها عظيم، وكنت أتمنى وجودها أثناء تنفيذه وعرضه»، مشيرة إلى أن الفيلم حصل على جائزة التطوير من مهرجان «مالمو» السويدى.

الوطن المصرية في

07.12.2018

 
 
 
 
 

"جريمة الإيموبيليا": حيث لا جريمة ولا تشويق

أمير العمري

المخرج خالد الحجر اعتمد على "حبكة" متخيّلة تدور حول شخصية مملوءة بالهواجس المرضية، ليضفي أجواء من التشويق والإثارة على الفيلم.

من الأفلام المصرية الجديدة التي انتظرها الجمهور في مهرجان القاهرة السينمائي الذي اختتم مؤخرا الفيلم الجديد “جريمة الإيموبيليا” للمخرج خالد الحجر، الذي عرض ضمن القسم الرسمي من أفلام المهرجان، ولكن خارج المسابقة.

من أقدم وأعمق القواعد الدرامية التي صاغها أرسطو في كتابه “فن الشعر” أنه لكي تكون لديك مصداقية في عالم الدراما يجب أن تكون قابلا للتصديق، أي أنك عندما ترغب في “محاكاة” الواقع أو الطبيعة أو البشر في أفعالهم، يجب أن تصوّر ما يمكننا تصديقه مهما بدا غريبا أو “مستحيلا”، فهو أفضل كثيرا من محاكاة أمرٍ يكون قد حدث حقا في الحياة، لكنك عندما تصوغه دراميا يصبح مستحيل التصديق أو مثيرا للسخرية، وهذا تحديدا الانطباع الأوّلي الذي يخرج به المرء بعد مشاهدة فيلم “جريمة الإيموبيليا” للمخرج المصري خالد الحجر.

هذا فيلم أراد له مؤلفه ومخرجه الحجر أن يكون فيلما من أفلام التشويق والإثارة، واعتمد بالتالي على “حبكة” متخيّلة تدور حول شخصية مملوءة بالهواجس المرضية، ربما نتجت عن العيش طويلا في عزلة بعد وفاة زوجته التي سنعرف في ما بعد أنها انتحرت بسبب شعورها بالإحباط في علاقتها معه، ثم هاجر أبناؤه منها إلى كندا وقطعوا كل علاقة لهم به.

وهو يتطلع إلى العالم في توجّس من شرفة مسكنه في الطابق الخامس من أشهر عمارات وسط القاهرة السكنية، أي عمارة الإيموبيليا التي سكنها في الماضي عدد من ألمع الشخصيات الفنية والأدبية في مصر أمثال نجيب الريحاني ومحمد عبدالوهاب وليلى مراد ومحمد فوزي وأسمهان وهنري بركات وكمال الشيخ، وغيرهم.

شخصية فصامية

الملاحظة الأولى تتعلق بعنوان الفيلم الذي يوحي بوقوع جريمة تؤدي إلى سلسلة من الجرائم الأخرى، بينما لا توجد جريمة، بل موت قدري يحدث دون سبب واضح، ربما نتيجة نوبة قلبية مفاجئة، مما يؤدي إلى شعور لدى بطل الفيلم وصاحب الشقة الكاتب “كمال حلمي” بالرعب، مما يؤدي بدوره إلى ارتكابه سلسلة من جرائم القتل، وهو ما يجعل الفيلم من البداية يفتقد المنطق الدرامي ويصبح غير قابل للإقناع. لماذا؟

الشخصية الرئيسية لكاتب شهير، كمال حلمي، تجاوزَ منتصف العمر، كئيب، رمادي، فاقد القدرة على التعامل مع البشر والعالم، لا تبدو عليه أي ملامح لعبقرية خاصة أو حتى حكمة خبرها بحكم تراكم السنين، بل هو أقرب ما يكون إلى البلاهة والتخلف العقلي.

والفيلم بالطبع لا يريد توصيل هذه المعاني السلبية إلى المشاهدين، بل على العكس، يريدنا أن نفهم أنه كاتب مرموق وموهوب ومشهور، لكنه فقط يؤكد بأكثر الطرق مباشرة وبدائية على أن الرجل مصاب بفصام في الشخصية (بارانويا)، وأنه يسمع باستمرار صوت رجل يخاطبه ويتحدث إليه ويبثّ في نفسه الشكوك تجاه الآخرين.

في الفيلم لا يوجد ما يضفي أهمية خاصة على فرضية وقوع الحدث داخل شقة في "عمارة الإيموبيليا" تحديدا

وعلى النقيض التام من مظهره وشخصيته المكتئبة المتشككة التي تعكس بالضرورة عجزا عن الفعل الجنسي، يستقبل الرجل في شقته الواقعة في عمارة الإيموبيليا الشهيرة، فتاة- صحافية تعرّف عليها عن طريق أحد مواقع التواصل الاجتماعي، جاءت بدعوى إجراء مقابلة صحافية معه.

أي أنه لم يكن يعتزم الانفراد بها وإتيان الفعل المشين معها لا سمح الله، لكنها تحاول منذ اللحظة الأولى إغراءه بشتى الطرق، لكنّه يصدها ويتشكك فيها، بل ويعرض عليها بعض المال لكي تتركه وتغادر، لكنها تتمادى في استجداء مشاعره بطريقة مبالغ فيها كثيرا، خاصة عندما تبالغ في إطرائه والتعبير عن وقوعها في حبّه ورغبتها في إقامة علاقة فورية معه إلى أن يستسلم لها بطريقة آلية لا تشي بوجود أي شعور لديه بالرغبة أو الاشتهاء.

يقع صاحبنا إذن في “الخطيئة” رغم تحذير الصوت المرافق له، ويصبح علينا أن نصدّق بعد ذلك أنها تذهب إلى الحمام لقضاء حاجتها فتصاب بألم لا نعرف كنهه، وتظل تعاني وتعاني في مشهد طويل ومفتعل ورديء من حيث التنفيذ، خاصة أن المخرج ينتقل بينه وبين الرجل في حجرة النوم وهو واقف لا حيلة له، إلى أن تسقط الفتاة ميّتة.

وعندما يقتحم كمال الحمام أخيرا نراها وقد أصبحت داخل “البانيو” وأنها تنزف دما من رأسها أيضا، فما الذي حدث؟ ليس مهمّا أن تسأل كيف حدث هذا، بل الأفضل أن تتجاوز مثل هذه الأشياء الصغيرة التي قد تفسد عليك متعة المشاهدة.

لكنك ستمضي لتجد أن كمال المرتجف المرتعش يستعين بصديقه (طارق عبدالعزيز) المقيم في نفس العمارة، لكي يساعده في التخلص من الجثة بينما كان يمكن بكل بساطة إبلاغ الشرطة بما حدث لأن الفتاة لم تفقد حياتها نتيجة مشاجرة معه مثلا، ولم يطعنها بسكين كما سيفعل بعد ذلك مع عدد كبير من الضحايا المساكين الذين يشك في أنهم يسعون لابتزازه، أولهم حارس العمارة الذي يساعد الصديقين في التخلص من الجثة بعد تقطيعها إلى أجزاء ووضعها في أكياس بلاستيكية ثم رميها من فوق جبل المقطم في ليل القاهرة الرمادي!

بلا منطق

الفيلم يدور داخل مكان واحد هو شقة الكاتب، وبعض أركان عمارة الإيموبيليا (يقول المخرج إنه صوّر في شقة أخرى خارج العمارة الشهيرة): في المدخل والردهة وأمام شقة صديق الكاتب، لا يغادرها سوى مرة واحدة لتصوير التخلص من الجثة، وهو ما اقتضى بالضرورة الاعتماد بشكل أساسي على الممثلين.

لكن الأداء الرتيب الأحادي السطحي الذي يعاني من النمطية والشحوب والافتعال في إبداء المشاعر وتعبيرات الوجه من جانب الممثل هاني عادل بوجه خاص في دور كمال، يثقل كاهل الفيلم إضافة إلى ضعف السيناريو الذي يريد إعادتنا إلى عصر “تمثيليات” التلفزيون الساذجة المتواضعة التي كانت تقتبس من أفلام عالمية برداءة، وكان التلفزيون المصري يعرضها في بداية ظهوره في أوائل الستينات، مع الفارق الكبير في مستوى أداء الممثلين بالطبع.

الفيلم يدور داخل مكان واحد هو شقة الكاتب كمال حلمي، وهو ما اقتضى بالضرورة الاعتماد بشكل أساسي على الممثلين

ومع ذلك فقد اجتهدت ناهد السباعي كثيرا في أداء دور الفتاة المغوية، ولكن خذلها رسم الشخصية في السيناريو وإدارة المخرج الذي دفعها إلى التكرار والمبالغة، بحيث فقدت القدرة على الإقناع رغم إدراكنا من أول لحظة أنها تخدع الكاتب.

لا يوجد في الفيلم ما يضفي أهمية خاصة على فرضية وقوع الحدث داخل شقة في “عمارة الإيموبيليا” تحديدا، ولا أهمّية تذكر لوجود صور معلقة على جدران شقة الكاتب لعدد من المشاهير الذين سكنوا تلك العمارة، على العكس مثلا من “عمارة يعقوبيان” الذي شكلت العمارة في الرواية (والفيلم) ركنا أساسيا في استقبالنا للشخصيات وعلاقتها بالعالم.

ولا يتجاوز السيناريو البعد السطحي الخارجي للقصص الساذجة، دون أن يحاول اختراق معالم أكثر عمقا تخبرنا شيئا عن هذا الكاتب وما الذي انتهى إليه وكيف أصبح يعاني من هذا الخلل النفسي الخطير، ولا لماذا قرر اعتزال العالم، وكيف أصبح وهو الذي ينتمي إلى جيل “الورقة والقلم”، قادرا على نسج علاقات عبر مواقع التواصل الاجتماعي على شبكة الإنترنت؟

ومن عيوب السيناريو، الذي أريد له تقديم فيلم من أفلام التشويق والإثارة، أنه حينما يقدم مفاجأة في النهاية بأن هناك شخصا ما يقف وراء جرائم القتل وهو الذي دفع الفتاة من البداية إلى إغواء الكاتب طمعا في ابتزازه، أن الكشف عن تفاصيل “العقدة” يأتي كله عن طريق الحوار والشرح الكلامي، ولا يبدو مقنعا لأن عليك أن تعود في خيالك لترى إن كان بوسع هذا الشخص بالفعل القيام بكل ما حدث في ذلك الزمان والمكان.

وكيف قام بتصوير شريط فيديو للكاتب مع الفتاة في الفراش، وكيف أمكنه ذلك، ثم كيف تمكن من وضع الهاتف المحمول في يد صديق كمال لكي يشك فيه وبالتالي يمكن التخلص منه، وهل كان محتما أن يتم قتل كل هؤلاء على نحو مجاني تماما لكي يتمكن هذا الرجل الذي يتضح أنه زوج الخادمة التي تتردد على شقة كمال، من ابتزاز كمال؟

ليس مهمّا أن تعرف الإجابة عن مثل هذه الأسئلة، المهم أن تقبل كل ما لا يمكنك قبوله حتى لا تفسد على نفسك القدرة على الاستمتاع بالفيلم، ولكن هل استمتعت حقا؟ الانطباع النهائي سيكون التحسّر على ما آلت إليه سينما الجريمة في مصر بعد سنوات طويلة من رحيل المخرج الشهير كمال الشيخ، وسيصبح شعورك بأن هذا النوع السينمائي ربما لم يولد وينضج ويكبر ويرسخ منذ العشرات من السنين على يدي سيد سينما الجريمة ألفريد هيتشكوك!

كاتب وناقد سينمائي مصري

العرب اللندنية في

07.12.2018

 
 
 
 
 

حفظى فى المصيدة

بعيدًا عن فستان «رانيا يوسف» والصخب الذى أحاطها الأسبوع الماضى فى حفل ختام مهرجان القاهرة السينمائى الدولى الـ40 يواجه «محمد حفظى» عاصفة من الانتقادات ليس فقط تعوق استمراره رئيسًا بل تهدد طموحه السينمائى أيضًا.

الانتقادات لخصها بيان أطلقه عدد ليس قليلًا من السينمائيين والنقاد وأساتذة أكاديمية الفنون.. يتهمون فيه «حفظى» بالتطبيع مع الكيان الصهيونى وهو على رأس مهرجان أقيم فى الأساس لمواجهة الفكر الصهيونى فى منتصف السبعينيات عند الشروع فى إقامة مهرجان سينمائى فى إسرائيل لغزو العقل العربى بعد الهزيمة فى أكتوبر 73.. وكان بندًا أساسيًا ضمن ورقة أكتوبر التى أطلقها الرئيس الراحل أنور السادات لتغيير وجه الحياة فى مصر بعد النصر المجيد، وسارع فى ذلك التوقيت الكاتب الراحل كمال الملاخ لتحويله إلى حقيقة عام 1976 وتصدى بعده سعد الدين وهبة لمحاولات الاختراق الصهيونى بكل شجاعة وإخلاص.

البيان أكد أن إدارة الدورة الـ40 استضافت عددًا من الضيوف الذين يعدون من أكبر الداعمين للسينما الإسرائيلية والمناصرين للكيان الصهيونى وهم على سبيل المثال ميشيل زانا (شركة صوفى دولاك) والمنتج لورون دانييلو، من شركة لوكو، وجيوم دى ساي من شركة أريزونا وجميعهم من متخذى قرار مشروع دعم السينما التابع لمعهد سام شبيجل بإسرائيل، وشبيجل نفسه وكما هو معروف للشارع السينمائى منتج صهيونى أنتج أفلامًا ضد العرب ومصر.. ضمن وقائع بالمستندات لا يمكن أن تمر مرور الكرام لكل من يهمه الأمر فى وزارة الثقافة واتحاد النقابات الفنية بمصر.

البيان لمن لا يعلم بتوقيع عدد كبير من كبار السينمائيين والنقاد وصل عددهم حتى الآن أكثر من مائة معترض فى مقدمتهم المصوران الشهيران سعيد شيمى، ود.محسن أحمد، ود.أحمد نوار، ومحمود عبدالسميع، والمخرج محمد فاضل، والكاتب والمخرج أحمد عاطف، ود.يحيى عزمى، الأستاذ بالمعهد العالى للسينما، وفردوس عبدالحميد، والناقدة خيرية البشلاوى، وعدد كبير من نقاد السينما المؤثرين.

السؤال المطروح هنا: هل سيخرج محمد حفظى رئيس المهرجان ليرد على هذه الانتقادات التى ربما تهدد ولايته للمهرجان؟، وما موقف وزارة الثقافة الوطنية أمام هذه المهزلة وهذا الصراخ الذى أطلقه كبار السينمائيين .<

مجلة روز اليوسف المصرية في

08.12.2018

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)