كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

«روما».. نساء عظيمات ورجال جبناء!

محمود عبد الشكور

القاهرة السينمائي الدولي

الدورة الأربعون

   
 
 
 
 
 
 

يمكن أن تفهم الفيلم المكسيكى «روما» الذى كتبه وقام بتصويره واشترك فى مونتاجه وأخرجه ألفونسو كوران، على أكثر من مستوى، يمكن أن تراه كدراسة للعلاقات الاجتماعية بين خادمة وأسرة من الطبقة الوسطى فى سنوات السبعينيات المضطربة سياسيا واقتصاديا فى المكسيك، ويمكن أن تراه من زاوية نسائية خالصة

رجال هاربون وغائبون، ونساء فى قمة الشجاعة والمسئولية، تتعاون الخادمة «كليو» مع ربة المنزل «صوفيا»، فى مواجهة خذلان الرجال، وشقاوة الأبناء، تنمحى الفوارق الطبقية أمام عاطفة وعطاء المرأة، بينما ينفرد الرجال بالجبن والأنانية!

من زاويةٍ ثالثة، فإن الفيلم الذى يحمل اسم أحد أحياء المكسيك، وليس اسم العاصمة الإيطالية كما قد يتبادر فى الأذهان، يمكن أن تراه كمحاولة للتحرر على مستويات مختلفة

صوفيا ربة المنزل التى تتحرر بالاعتماد على نفسها، لتعمل فى دارٍ للنشر، بعد أن كانت تقنع بعمل لا يدر عليها إلا القليلُ، كمدرسة لمادةٍ لا تحبها، وكليو الخادمة تتحرر أخيرا من علاقتها بالشاب فيرمين الذى خدعها، وجعلها تنجب طفلة غير شرعية، وهناك مستوى الوطن نفسه الذى نراه فى حالة انتفاضاتٍ طلابية، تقمعها السلطاتُ بالقوة، وليس غريبا أن ينضم فيرمين ــ الذى هرب من كليو بعد حملها ــ إلى العصابات التى أرسلتها الحكومة القمعية لقتل الطلاب فى المظاهرات، فكأن الرجل الذى ظلم وخدع كليو، هو الذى سيقتل طلاب الحرية.

لدينا فتاتان: كليو الخادمة والمربية، وأديلا الطباخة، تعملان فى بيت يضم أربعة أولاد، وجدتهم، والأم صوفيا، أما الأب/ الرجل فهو يأتى لأيام، ثم يترك البيت، نعرف فيما بعد أنه هرب مع عشيقته، وأنه لم يعد يرسل أموالا، تتوازى نذالة الأب مع نذالة فيرمين، صديق كليو، الذى يتعلم الفنون القتالية، ولا يرى فى كليو سوى خادمة، لذلك يتركها عندما يعرف بحملها، صوفيا هى التى ستنقذ كليو، ستأخذها إلى الطبيبة، وستوفر لها الرعاية حتى تلد، ولكن الجنين يصل ميتا، مثل أشياء كثيرة سحقها الرجال.

تبدو خطوط الحكاية تقليدية، ولكن كوران يضعنا مباشرة فى قلب المكان، وفى وسط العائلة، حركة الكاميرا الغالبة بانورامية من اليمين إلى اليسار، أو بالعكس، وأحيانا يقوم بتصوير المشهد فى لقطة واحدة ممتدة، مثل المشهد البديع لإنقاذ كليو لطفلين من الغرق، هى إذن لوحات تمنح الفيلم مسحة تسجيلية واقعية تماما، مع رموز متناثرة متكررة، فالطائرة تنعكس على بلاط المنزل المبتل بالماء، ثم تحلق فى السماء فى نهاية الفيلم، والطائرات الحربية تظهر فى فيلم تشاهده كليو وفيرمين، ونشاهد فى أحد الاحتفالات شخصا يطلقونه فى الهواء، تبدو هذه الإشارات تعبيرا عن حرية مفقودة.

يستغل كوران بصريا تكرار عملية تنظيف الأرضية، والماء الممتزج بالصابون، وفضلات الكلب على الأرض، والدُمى المحطمة، وضخامة سيارة زوج صوفيا، التى تكاد تترجم غروره ولا مبالاته فى سبيل تحقيق ما يريد، لكى تكتسب دلالات أعمق، إلى درجة أنك يمكن أن تفهم رحلة كليو وصوفيا باعتبارها رحلة اغتسال بعد معاناة، وباعتبارها محاولات مستمرة للتخلص من الفضلات، التى تفسد حياتهما، وباعتبارها محاولة لرفض أن يصبحن مجرد دُمَى كسرها الرجال.

لا يمكن بالمقابل أن تمنع نفسك من التفكير فى صورة نساء الفيلم: صوفيا، وكليو، والجدة، وأم كليو، التى نسمع أنهم نزعوا أرضها، ومع ذلك ما زالت تعيش فى الريف، بل يمكن أن تضيف إلى الصورة طبيبة كليو التى ترعى حملها وولادتها، كليو صاحبة الإرادة الخارقة التى تنجح فى الوقوف على قدم واحدة، بينما يفشل الرياضيون

المرأة فى الفيلم تصنع الحياة، وتنقذ المستقبل، متمثلا فى الأطفال، وهى الأكثر قدرة على التخلص من الفكرة الطبقية. ربما نأخذ على الفيلم أنه لم يوضح ولو فى جملة حوار معنى كلمة «روما» فى سياق أحداثه، وكان ممكنا أيضا أن يشرح خلفية تلك الاضطرابات الطلابية فى المكسيك، ولكننا، على الرغم من هذه الملاحظات، أمام فيلم كبير من أفضل ما شاهدتُ فى مهرجان القاهرة السينمائى، ومن أفضل أفلام 2018.

الشروق المصرية في

06.12.2018

 
 
 
 
 

المخرج البريطاني بيتر جرينواي لـالأهرام المسائي‏:

‏السينما تحتضر وما نشاهده في دور العرض كتب مصورة

حوار ــ مني شديد

مهما يمر علي مصر من اضطرابات ومشكلات فإنها سرعان ما تستعيد بهاءها‏,‏ وستظل بتاريخها وحضارتها علي مر الزمان ملهمة للمبدعين من جميع أنحاء العالم‏,‏ المخرج البريطاني الكبير بيتر جرينواي الحاصل علي البافتا وعدد من الجوائز العالمية, زار مصر لفترة قصيرة لأول مرة بمناسبة تكريمه بالحصول علي جائزة فاتن حمامة التقديرية لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي, وحظي بجولة في عدد من معالم مصر ليتعرف علي تاريخها ولم يكتف بهذه الرحلة فحسب, لكنه ذهب إلي مدينتي الأقصر وأسوان ليعود منها بأفكار لمشروع فيلم عن مصر وتاريخها, وفي هذا الحوار يتحدث جرينواي لـالأهرام المسائي عن الأفكار التي ولدت في هذه الزيارة ونظرته الحالية للسينما في عصر التكنولوجيا الحديثة,

وإلي نص الحوار:

·        كيف كانت زيارتك الأولي لمصر؟

استمتعت كثيرا بهذه الزيارة وأبهرتني خلفيتكم التاريخية, فقد درست الفن والرسم في موسكو, ولدي اهتمام خاص بتاريخ الفن, والفن المصري جديد علي لأن مصر لا تعد دولة أوروبية, ربما تحمل الإسكندرية بصمة أوروبية, ولكن القاهرة مصرية خالصة, وكانت هذه الزيارة فرصة لأعرف الكثير عن مصر القديمة, لأن كل ما أعرفه عن تاريخها ينحصر في فترة حكم الإسكندر الأكبر لتقاطعها مع تاريخ أوروبا, امتدادا للفترة التي استطاعت فيها روما ضم مصر لإمبراطوريتها الكبري, لذلك أمامي الكثير لأتعلمه عنها, وكان من الجيد التواجد هنا لأعرف.

·        ما الأماكن التي زرتها؟

قضيت6 ساعات في المتحف المصري وانبهرت بكل ما رأيته هناك وزرت عددا من المواقع التاريخية في القاهرة, وأسوان ومعابدها والأقصر.

·        هل جعلتك هذه الزيارة تفكر في تقديم فيلم عن مصر؟

نعم, هذا حقيقي فقد تأثرت كثيرا بطريقة التعامل مع النساء في مصر القديمة التي كونت عنها فكرة من مشاهدة عدد من القطع الفنية والتماثيل في المتحف المصري التي تجمع بين الرجال والنساء, كما أبهرني فكرة أن عددا من الأبطال والشخصيات البارزة في العصر الفرعوني كانوا نساء, حيث قمت بزيارة وادي الملوك ووادي الملكات في الأقصر, وكنت مهتما جدا بالتفاصيل عن العلاقة بين الرجال والنساء منذ أكثر من6 آلاف عام, تاريخ مصر يمتد لآلاف السنين ولكن هناك الكثير من التغييرات التي شهدها العالم في العصر الحديث, فأعتقد أننا قد نتفق علي أن الحضارة في العصر الحديث تميل للذكور, ولكن ربما يكون هناك اتجاه للتغيير حاليا وإعادة النظر في الحضور النسائي علي الساحة في أوروبا وأمريكا وربما حتي في مصر ومنطقة الشرق الأوسط, لكني مازلت أحاول التعرف علي هذا التغيير والبحث عن المعلومات, تعليم النساء أصبح الآن أمرا مهما جدا, رغم أن هذا كان يعد مشكلة في مناطق ليست ببعيدة عن هنا ولا تزال هذه المشكلة مستمرة في بعض الأماكن, مازالت فكرة الفيلم لم تتبلور بعد بشكل كامل, ولكن ما أفكر فيه هو تقديم فيلم يعقد مقارنة بين العلاقات الاجتماعية والسياسية أيضا بين الرجال والنساء في الماضي والحاضر, لأني أعتقد أنه لا معني لصناعة فيلم يتحدث عن الماضي إذا لم نربطه بالحاضر ونقارن بينهما.

·        وهل هذه هي المرة الأولي التي تفكر فيها أن تصنع فيلما عن دولة عربية؟

نعم, ولم أفكر في الأمر إلا مع بداية زيارتي لمصر, ولكن هذا يحدث معي عادة, لأني أسافر كثيرا, خاصة في هذا التوقيت من العام الذي يوجد فيه العديد والعديد من المهرجانات السينمائية, فقد كنت مؤخرا في المكسيك وسأتوجه بعد ذلك إلي المجر وذهبت منذ فترة إلي مهرجان جنيف في سويسرا ولدي مشروعات في فلورنسا وفي روما وبجنوب إيطاليا.

·        هل جميعها مشروعات لأفلام؟

لا ليس دائما, لأن لدي أيضا معارض فنية للرسم, وأقوم بالعديد من المعارض المعروفة بـالانستليشن ولهذا أتعاون مع الكثير من صالات العرض والمتاحف في العالم واستمتع جدا بهذا العمل, كما أني أعمل منذ فترة طويلة كفنان في. جي وهو المعادل البصري لفكرة الـدي. جي الذي يعمل بالموسيقي, حيث يعمل الـفي. جي علي تداخل واستعراض الصور البصرية علي05 شاشة بمصاحبة الموسيقي, وفي عروض كبري تقام في ساحات كبيرة أو متاحف أحيانا ويحضرها آلاف الأشخاص.

·        وهل من الممكن أن تقدم فكرة مشابهة لذلك في المتحف المصري؟

نعم أستطيع القيام بذلك وبالفعل كنت أسعي إلي التواصل مع المسئولين عن إدارة المتحف المصري القديم بعد زيارتي له لأعرض عليهم فكرة تقديم عرض انستليشن كبير بداخله في العام المقبل, مستوحي من القطع الفنية المعروضة في المتحف واستخدم فيها التكنولوجيا الحديثة, لكني لا أرغب في القيام بذلك في المتحف الكبير الذي يجري الإعداد لافتتاحه حاليا لأن القديم له حالة وطراز قديم يميزه.

·        وهل يأخذك الرسم والفن من عالم السينما دائما؟

نعم لأني أفضل قضاء الوقت في صالة عرض أو متحف أكثر من الذهاب إلي صالة السينما, لأني أري أن السينما أصبحت محبطة جدا.

·        لماذا؟

السينما مملة ولم تعد تمنحنا الطاقة التي نحتاجها, فهي مرتبطة بسوق الكتب, لم نعد نشاهد أفلاما كل ما نراه هو021 عاما من الكتب المصورة, لا يوجد ما يسمي بالسينما, الأمر كله متعلق بتحويل النص المكتوب إلي صورة علي شاشة, فأغلب الأفلام التي نشاهدها هي عبارة عن كتب وروايات أدبية تحولت إلي أفلام, أكبر الأفلام والتي تحقق أعلي الإيرادات في السينما الغربية حاليا مثل سيد الخواتم وهاري بوتر ليست أفلاما وإنما كتب مصورة, هناك ارتباط دائم بين السينما وسوق الكتب, يشبه علاقة الأم بالطفل, الطفل هو السينما والأم هي الأدب, واعتقد أن علينا أن نحطم هذه العلاقة ونصنع ما أصفه بسينما الرسام, نصنع سينما عن هؤلاء الذين يؤمنون بالتعليم البصري وليس الأدبي, ربما يبدو هذا غريبا لكنه رأيي وأعتقد أن السينما الغربية لابد أن تتغير لأنها بدأت تحتضر في ظل عصر التكنولوجيا الحديثة, والهواتف الذكية فالكثير منا قد يشاهد الأفلام الآن علي الهواتف الذكية بدلا من مشاهدتها في صالات العرض الكبيرة, وأفضل وسيلة لمشاهدة فيلم كبير الآن علي الشاشة تكون من خلال المهرجانات السينمائية, التي يوجد الكثير منها في العالم, أغلب الشباب في المنطقة التي أعيش فيها بشمال غرب أوروبا لا يذهبون إلي السينما ويعتبرونها مملة, ولهذا علينا أن نضيف أشياء مثيرة للسينما تجذبهم مرة أخري حتي لا تختفي السينما تماما.

·        لهذا السبب يدور الكثير من الجدل الآن حول عمل شبكة نيتفلكس وعرض الأفلام علي الإنترنت.. فهل أصبحت البديل للسينما المتعارف عليها؟

لا, ليس هذا ما أقصده, نيتفلكس أيضا مملة جدا فهي لا تختلف عنها السينما العادية لكنها حولت الأفلام لحلقات تعرض علي الإنترنت, وهذا ليس حلا بل علي العكس الناس يملون بعد الحلقة الرابعة ويتوقفون عن المشاهدة, نحتاج إلي شيء أكثر راديكالية من نيتفلكس, فهي ليست أكثر من طريقة هوليوودية لحصد الأموال.

·        وهل هناك طرق أخري لتطوير السينما بما يلائم العصر؟

لنتحدث مثلا عن الفيديو آرت, أو تصغير حجم الصورة السينمائية لتلائم فكرة المشاهدة علي الهواتف المحمولة, لأني أعتقد أنه مثير للاهتمام أكثر من السينما, فعن طريق الهاتف الذكي أستطيع التحدث لأصدقائي في بكين ومشاهدتهم علي الشاشة بسهولة وهذا أمر رائع أكثر من السينما.

·        كنت تتحدث في مهرجان القاهرة عن أن أي شخص في العصر الحديث يستطيع أن يكون صانع أفلام بفضل التكنولوجيا.. حدثنا أكثر عن ذلك؟

كل منا لديه هاتف ذكي به كاميرا يستطيع التسجيل من خلالها ولدينا أيضا لاب توب, وبالتالي يستطيع تسجيل مقطع فيديو ولهذا نحن جميعا صناع أفلام, وآي شخص يستطيع صناعة أفلام جيدة بأدوات بسيطة جدا, وليس بالضرورة أن يكون لديه تمويل مالي كبير أو يستعين بنجوم سينما.

·        هل لديك مشروع يعتمد علي استخدام الهواتف المحمولة؟

نعم, أعمل حاليا علي مشروع يسمي السينما الرأسية, أغلب الناس يلتقطون صور السيلفي الشخصية بشكل رأسي من الشمال إلي الجنوب بينما السينما أفقية من الشرق للغرب, ولهذا نعمل حاليا علي مشروع مع شركة إنتاج رومانية لتشجيع فكرة صناعة السينما الرأسية, مازال المشروع في البدايات لكننا نسعي إلي تسويقه جماهيريا بشكل كبير في مهرجان برلين السينمائي الدولي عام0202, وأعمل أيضا علي صناعة سلسلة أفلام قصيرة عن صانع الأفلام الروسي المفضل لدي إيزنشتاين, فقد صنعت فيلما روائيا طويلا عنه والآن أسعي إلي تقديم فيلمين آخرين عنه, فهو مخرج شهير جدا بداية من عام9291, وصافح الكثير من الأشخاص المعروفين خلال هذه الحقبة ومنهم أينشتاين وبيكاسو وفرويد وستالين ونجمات أيضا مثل جريتا جاربو, وغيرهم المئات والمئات من الشخصيات وفكرتي هي صناعة برنامج عبارة عن سلسلة أفلام قصيرة عن001 شخص قام ايزنشتاين بمصافحتهم, وهو عمل تجريبي جدا ويتخذ شكلا جديدا من الدراما ويتقاطع مع الثقافات والفنون الأخري مثل الرسم والأدب والموسيقي, وهو مخصص للعرض علي الهواتف الذكية بطريقة السينما الرأسية.

·        هل من السهل العثور علي إنتاج للأفلام؟

لا بالطبع البحث عن إنتاج للأفلام دائما صعب, أفلامي تعتبر ذات ميزانية محدودة مقارنة بالأفلام الهوليوودية, لأنه كلما كانت تكلفتها قليلة كلما استطعت التحكم فيها, وكلما زادت ميزانية الإنتاج أصبح هناك العديد من الأشخاص الذين يتحكمون في الفيلم, ولا يكون الفيلم تجربة شخصية لصانعه, وأنا أحاول دائما أن أصنع السينما التي تعبر عني وليس ما يريده الآخرون, ولفترة طويلة كنت أعمل مع منتج هولندي كان يدعمني دائما, ونصنع حاليا فيلما عن نحات روماني غير شكل النحت في العالم الغربي في القرن العشرين, كان فقيرا جدا واضطر أن يسير مسافة طويلة من المجر وحتي باريس التي كانت مركزا مهما للفنانين في ذلك الوقت والفيلم يستعرض رحلة المشي التي قام بها للوصول إلي باريس علي مدي عامين.

الأهرام المسائي في

06.12.2018

 
 
 
 
 

محمد حفظى: وزارة الثقافة ستزيد من ميزانية القاهرة السينمائى بعد نجاحه

كتبت : اية رفعت

انقضت منذ ايام قليلة الدورة الـ40 من عمر مهرجان القاهرة السينمائى الدولي، ومع نهاية الدورة الاولى للسيناريست محمد حفظى كرئيس للمهرجان صرح لروزاليوسف بتصريحات حول رضائه بنسبة كبيرة عن الدورة والتى قام من خلالها بانجاز عدد من المحاور التى كان يفتقدها المهرجان بدوراته السابقة. ومنها توفير اجهزة عرض حديثة واهدائها بشكل دائم لدار الاوبرا بدلا من التأجيل سنويا، وكذلك الحرص على وصول المهرجان للصحافة العالمية ومحاولة وصول المهرجان إلى العالمية. وأضاف قائلا: « منذ بداية تعاقدى على رئاسة المهرجان وارى ان دورة واحدة للمهرجان لن تكون كافية لاصلاح وتلاشى كل الاخطاء، ورغم ان هناك بعض الاخطاء قد حدثت الا ان هناك 5 اهداف أو اكثر بدأنا بالفعل فى احراز انجاز بهم ومنها برنامج الصناعة والذى كان هدفا اساسيا للاقبال الاكبر وأفلام حديثة ومناقشة مع اصحابها، وبالاضافة إلى الترويج للمهرجان والتسويق والتواجد للصحافة العالمية والجوائز المالية وسينما الواقع الافتراضى وغيرها.»

 وعن المشكلات التى قابلت تلك الدورة قال حفظى انه راض بوصوله لتحقيق 80 أو 90% من النجاح الذى كان يتمناه حيث ان هناك اخطاء طبيعية ناتجة عن اختلاط المواعيد أو تأخر بعضها وغيرها من الاشياء التى كانت خارجة عن ارادته ولكنها تحدث بشكل عام. وانجاح المهرجان يستغرق خطة لمدة 3 سنوات على الاقل ولن تجنى ثمارها منذ الدورة الاولى.

وبالنسبة لاعلان وزارة الثقافة عن تقليل ميزانية المهرجانات مع حلول 2019 قال حفظى انه لا يعتقد ان هذا القرار سيتم تطبيقه على مهرجان القاهرة فى الدورة القادمة خاصة بعد الانجازات والنجاح الذى حققه مؤخرا حيث قال: « اعتقد ان الوزارة سوف تزيد من دعم المهرجان وان يطبق عليه فكرة تقليل الميزانية، فالدولة مهتمة بالمهرجان ودعمه وتخفيض نسبة الميزانية التى تخصصها الوزارة ليست فى صالحه. خاصة اننا قمنا بتقدير ميزانية الدورة الماضية بنسبة كبير وصلت لـ42 مليون بشكل مبدئي، وذلك من دعم الوزارة والرعاة الرسميين. واعتقد انه اذا التزم كل الرعاة بالدعم الخاص بهذه الدورة فقد نجد فائضا ماليا كبيرا يمكن الاستفادة منه بالدورة القادمة. وذلك على عكس الدورات السابقة والتى خرجنا منها مديونين وقمنا بسداد تلك الديون من ميزانية الدورة الحالية قبل بدايتها.»

واضاف قائلا: « اتمنى الا يطبق الامر على المهرجانات بشكل عام وليس القاهرة فقط، لان ميزانية الثقافة تعتبر دعما مهماً جدا لها ولاستمرارها، ومشكلة الوزارة ان اغلب ميزانيتها تذهب على الرواتب الخاصة بالموظفين بدلا من دعم الاحداث الثقافية نفسها».

روز اليوسف اليومية في

06.12.2018

 
 
 
 
 

مقعد بين الشاشتين

من ليل خارجي إلي ورد مسموم.. ولا أحد هناك

بقلم .... ماجدة موريس

أن تكتشف أنه يوجد جيل جديد من ُصَّناع السينما في مصر يدق الابواب لكي تنفتح له. وأن بعضه استطاع أن يصل بأفلامه الي ساحات السينما في مصر والعالم بعد جهد كبير واجتهاد أكبر. وأن تعرف كمشاهد أنه يوجد من يريد ان يخبرك عن طريق الفن كيف يري الحياة الان. وبأي وجه. فتدرك أنك أمام شباب يريد تغيير عالمنا الصعب. أو علي الاقل يضع يده علي الجرح الذي مازال يؤذينا. ستة أفلام مصرية جديدة عرضت في مهرجان القاهرة السينمائي في دورته الاربعين. في الدورات السابقة كان المهرجان يتمني عرض فيلمين فقط. وكانت المشكلة ان المهرجانات الاخري التي تعطي دعما ماديا للأفلام المصرية لها حق العرض الاول. وكان مهرجان "دبي" في المقدمة. لكن دبي توقف هذا العام. واصبح من حق مهرجان القاهرة عرض فيلمين حصلا علي دعم منه. الي جانب اجتهادات أخري لفرق انتاج مصرية مولت الافلام الاخري. وبينها فيلمان تسجيليان هما "الكيلو 46" اخراج أمير الشناوي الذي شارك في كتابته ايضا مع أحمد عبد السلام. والذي يمكن اعتباره وثيقة مهمة علي ما حدث ويحدث في مصر منذ سنوات طويلة وحتي اليوم. وَيَا ليت هذا الفيلم يعرض في اجتماع مجلس الوزراء. والمحافظين. ليروا تجربة خاضها شاب مصري عشق الزراعة منذ طفولته من خلال. زيارات قام بها لمزرعة أبيه المهجورة. وحين تخرج في كلية الصيدلة. قررالاتجاه لممارسة ما يحبه. وعلي مدي أعوام حاول الشاب أن يزرع الارض. وان يبيع محصوله من الفلفل الألوان. ولكنه لم يجد منظومة تدعمه. وانما كان عليه ان يقف علي عربة يد لبيع ما زرعه وإلا الرضوخ للتجار الكبار. محتكري الاسواق. قاوم لعامين قبل أن يعلن استسلامه. ويغلق مزرعته. كما فعل أبوه من قبل. ويبحث عن عمل آخر. "الكيلو 46" فيلم مهم. يسرد قصة حقيقية بأسلوب يجمع بين التوثيق لما حدث لبطله وائل الشناوي. وبين جماليات السينما من تصوير وإضاءة والانتباه لدراما الشخصية. وفي نفس البرنامج -آفاق السينما العربية- عرض فيلم مصري ثان هو "ورد مسموم" الذي كتبه وأخرجه أحمد فوزي صالح. وصوره ماجد نادر. وممثلوه من الوجوه الجديدة باستثناء محمود حميدة الذي ارتضي هنا دورا صغيرا لدجال في ثوب مختلف عن عمومهم. وصفاء الطوخي. والأحداث تدور في منطقة المدابغ بملامحها المحفورة في أذهاننا. والتي سبق للمخرج ان قدم عنها فيلما قصيرا منذ سنوات بعنوان "جلد حي" وكان فيلما قاسيا من خلال قسوة المكان نفسه. وملامحه الصعبه التي تتجدد هنا في "ورد مسموم" حيث تملأ ورش الصباغة الحي بينما تملأ الشوارع مياه الصرف فتدفع السائرين الي القفز لتفاديها. اوالانتباه والحذر. فهي مياه مسمومة. وبجانبها تسير كل يوم الفتاة الشابة تحية. ذات الوجه الصامد كتماثيل الفراعنة "الممثلة الجديدة كوكي" ذاهبة الي أخيها الوحيد صقر "ابراهيم النجاري" الصامت غالبا. والذي ينتقل بين الورش ليحصل علي لقمة عيشهما. ويرتب للهجرة. ينجح المخرج في تقديم صورة مؤثرة وعميقة لواقع مأزوم. يطول كل سكان الحي. ولعلاقة انسانية غير مألوفة. بل ربما بدت أحيانا غير مفهومة بين البنت وأخيها. يبدو فيها تعلقها به وكأنه تعلق بالحياة نفسها برغم قربهما العمري. وفِي الوقت نفسه. فإن مشاعر "صقر" تجاه أخته باهتة. لا تقترب من اهتمامها الشديد به. ويبدو الواقع القبيح. الصعب. والمكان. هو سيد الموقف هنا

بين المرأة .. والزرافة 

لا احد هناك. هو الفيلم الطويل الاول لمخرجه الذي نعرفه ممثلا : أحمد مجدي ومخرجا للافلام القصيرة. وهو فيلم مختلف فنيا في حرص مخرجه علي استخدام الاضاءة الطبيعية. وهو ما سبَّب مساحات من العتمة انسجمت مع السيناريو الذي يقترب من الارتجال. ويقل فيه الحوار. ولكنه يتمتع بروح شبابية واضحة في تقديم وإضاءة حياة شريحة من الشباب تسلك بعيدا عن الأنماط الشائعة في مجتمعنا. شباب يتواصل مع بعضه بالموبايل. ويحل مشكلاته بسرعة. بدون مرجعيات قديمة. وبعيدا حتي عن مفردات الثقافة المؤثرة كقراءة الصحف. وانما تلقف أخبارها المثيرة فقط. وحيث يروي أحد ابطال الفيلم لصديقيه في البداية ما قرأه في صحيفة عن موت ذكر الزراف بالإسكندرية. بعد تعذر نقله الي القاهرة. حيث توجد زرافة أنثي بحديقة الحيوان بها. والاثنان هما الباقيان من هذا الحيوان في مصر. وتتوالي المشاهد. اكثر من اللقطات. لعلاقات "احمد" وأصدقائه في إطار بعيد عن الحياة في الاماكن العامة والصاخبة. وانما هي حياة تخص مجتمعا ضيقا للغاية. لا نري منه إلا ما يريده المخرج من ملامح المكان في تلك المناطق الهادئة التي صور فيها. سواء كانت شعبية أو راقية. فنحن امام دراما مجتمع شبابي أختار أصحابه عدم اللجوء الي الغير. حتي الاهل. ومن هنا يواجهون العنف المتزايد حين يحاول البطل دعم "ليلي" صديقته التي قررت بدورها مساعدة صديقة لها في إجراء عملية إجهاض. يأخذ احمد النقود المستردة من صاحب سيبرمان قد أقرضها له بعد معركة طاحنة. ويأخذ طبيب الإجهاض نقوده. وتفشل العملية. وتموت الفتاة. وفِي كل مشهد يراهن المخرج علي قدر الوحدة والغربة لدي أبطاله برغم تضامنهم في مآس متعددة. ليصل ببطله الاول الي تذكر قصة الزرافة واكتشاف ان الذكر مات. والأنثي انجبت. وفِي مشهد. لا معقول. يذهب الشاب للحديقة ويكتشف الزرافة الميتة وبجانبها طفلتها. ولَم يكن هناك غيره. ربما ليقول اننا أنفسنا كبشر قد ننقرض أيضا

ليل خارجي .. وقصة الثلاثي المرح 

في فيلم هو الاكثر قربا من المزاج الشعبي للمشاهد. يأتي "ليل خارجي" فيلم المخرج أحمد عبد الله السيد. والمؤلف شريف الالفي معبرا عن الكثير مما يحدث في مصر الان. وفِي القاهرة العاصمة من خلال يوم واحد فقط بدي كأنه عام. وحيث يضطر المخرج السينمائي الشاب محمد او مو. خريج الجامعة الامريكية "كريم قاسم" الي استخدام سيارة سائق الاستديو مصطفي "شريف دسوقي" بدلا من سيارته. وهو ما يقوده الي مسار مختلف عما يعرفه في حياته من أماكن وناس وعلاقات. وحيث يستأذنه السائق في الذهاب لمشوار. يتعرف خلاله علي ُيمي "احمد مالك" الشاب الذي يحيي الأفراح والموالد بعروض صوتية ضوئي علي الموتوسيكل الخاص به. ويعرفه علي بائعة هوي هي "توتو" التي قامت بدورها مني هلا. التي تشاركهم "الفسحة" والانطلاق. يعيش المخرج الشاب ساعات في اماكن لا يعرفها. وبشر لم يلتقيهم قبلا. ينتقل فيها معهما من مكان لمكان. ومن الشوارع للنيل حيث حفل زفاف رقص مدعوية وغنوا في المراكب النيلية. حتي الاكلات. أعاد مو اكتشافها من جديد. وليحدث الصراع بينه وبين السائق بسبب الفتاة التي مالت اليه. ليكتشف أخيرا أنه كان يجهل أمورا كثيرة عن الحياة في بلد يعيش فيها. وهو ما يدفعه في النهاية للتمسك برفيقيه حين يقبض علي الثلاثة. ومراجعة تاريخه وحياته. من الملفت هنا ان مخرج الفيلم احمد عبد الله هو مصوره ايضا بالرغم من انه فيلمه الخامس. ومن الملفت ايضا شريط الصوت المعبر ببراعة عن تداخل وصراع الأصوات في حياتنا

جريمة الإيموبيليا 

يضعنا فيلم "جريمة الإيموبيليا" للمخرج خالد الحجر في حيرة بالغة. فهو فيلم لنفس المخرج الذي حصل من قبل علي جائزة أفضل فيلم من نفس المهرجان عن فيلم "الشوق" الذي حصلت بطلته سوسن بدر وقتها علي جائزة افضل ممثلة. وكان يضم ملامح تميز عديدة. لكننا هنا في فيلمه الجديد نفتقد هذه الملامح. بداية من قصة الكاتب الروائي الوحيد كمال حلمي الذي يعيش في إحدي شقق عمارة الإيموبيليا الشهيرة في قلب القاهرة. والذي قام بدوره هاني عادل فبدا مهزوزا وليس مريضا. مرتبكا دائما. مبالغا في انفعالاته لدرجه غير مقنعة. بينما بدا جاره وصديقه حبيب "طارق عبد العزيز" أفضل أداء وربما كل ممثلي وممثلات الفيلم عدا البطل. مثل ناهد السباعي. وعزة الحسيني. لقد شتت المخرج المؤلف جهده بين إلقاء الضوء علي الإيموبيليا باعتبار تاريخها الكبير. وبين دراما الكاتب الوحيد التي جاء بناؤها ضعيفا. ثم مسألة التخلص من الجثة وأسلوب البطل الذي لم يكن معبرا عن أزمة نفسية. وانما اضطراب سلوكي أثار الضحك والإشفاق عليه. للأسف

الجمهورية أونلاين المصرية في

06.12.2018

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)