كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

التونسى أحمد الحفيان بطل «الفيلم» الحائز على جائزتى قرطاج والقاهرة لـ«الأهرام»: «فتوى» يمس العرب والمسلمين لأنهم الأكثر اكتواء بنار الإرهاب

حوار أجراه ـ محمود موسى

القاهرة السينمائي الدولي

الدورة الأربعون

   
 
 
 
 
 
 

·        هناك بلدان عربية تعيش «رجة» تاريخية تحتاج لإعادة النظر فى بناء الدولة الوطنية

·        أنا مع ما يخدم الدولة.. ومن يستخف بها عدوى حلمت بأن أكون المليجى العملاق فى «الأرض»

نعيش الآن صدمة تاريخية عنوانها الأخطار التى تهدد وتتربص بدولة الاستقلال ومكاسبه.. فهناك من القوى المفتعلة تاريخيا «إخوان، إرهاب، إسلام سياسي...» لا ترى مصالحها فى الدولة الأمة ولا المواطنة بل فى مفهوم قديم اسمه الخلافة الإسلامية والرعية.. التاريخ دائم المضى إلى الأمام ولن يعود إلى الوراء.. الحتمية تقتضى منا مواصلة البناء والتطوير.

لهذا الحوار حكاية ، إذ كان مقدرا أن يتم عقب عرض فيلم «فتوى» فى تونس ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان قرطاج السينمائى، ويومها لاقى استقبالا كبيرا لما تميز به موضوعه الجرىء فكرا ورسالة والذى يحذر من خطر ومخاطر الإرهابيين.

ويومها قابلت الفنان المصرى فتحى عبدالوهاب وخرجنا من أجواء المهرجان وتحدثنا ومن كانوا معنا حول «فتوى» وقيمته وجرأته، وفوجئنا بدخول بطل الفيلم التونسى الفنان أحمد الحفيان المكان نفسه الذى كنا نجلس فيه وتعارفنا وهمس لى أحدهم بأن «الحفيان» ليس مجرد ممثل وإنما مثقف وصاحب رأى فهذه الجملة تلخص عقلية هذا الفنان الذى توج وفيلمه بالجوائز .

واتفقنا يومها على إجراء حوار ولكن لم تسمح الظروف به، ثم مرت الأيام وكان «فتوى» من بين الأفلام التى عرضت فى آفاق السينما العربية بمهرجان القاهرة السينمائى. وكما فى قرطاج التى حصل فيها الفيلم على جائزة التانيت الذهبى وحصل هو على جائزة أحسن ممثل توج فى مهرجان القاهرة بجائزة أفضل فيلم عربى.

وبعد تتويج الفيلم من مهرجان القاهرة كان واجبا أن نتحاور مع الفنان التونسى صاحب الرأى والرؤية أحمد الحفيان، وإليكم نص الحوار:

·        دوافعك لقبول بطولة فيلم «فتوى» هل نابعة من قوة ورسالة العمل ضد التطرف والإرهاب أم أن الشخصية الفنية هى التى دفعت لقبوله؟

سبق أنى تعاملت مع المخرج محمود بن محمود فى سنتى 2010و2011 فى فيلم «الأستاذ» وكانت تجربة مهمة فى مسيرتي. ثم تكررت فى شريط «فتوى» فلم أتوان عن القبول. كيف لا والعمل مع محمود بن محمود فيه متعة بكل المقاييس أولها الشخصيات وبناؤها المتماسك وحبكة السيناريو إضافة إلى ذوق راق فى الإخراج. وهو ما يؤدى بطبيعة الحال إلى عمل فيه التزام اجتماعى وسياسى وكذلك مصداقية ترقى بمستوى المتفرج المواطن ـ وبالتالى كل أسباب النجاح فى هذه المغامرة متوافرة. والمطلوب هو التركيز والتحضير الجيد و ذلك ما كان. وأنا سعيد وفخور بالتجربة الثانية مع المخرج والمؤلف محمود بن محمود.

·        تطرف الابن ومن ثم قتله وهما محور الفيلم وما تلاه من رحلة الأب فى البحث عما حدث ،هل ترى ان الأب والأم هما المسئولان عما حدث لابنهما بسبب سفر الأب وانشغال الأم فى عملها السياسي؟

فى هذا الفيلم كان التناول الإنسانى للشخصيات أهم من التناول الاجتماعي. وجوابا عن سؤالكم أقول: فى هذا الفيلم الرسالة والصرخة الإنسانية هى: «كيف لنا ألا نضيع بعضنا بعضا فى زحمة أحداث وعالم مجنون..» فعلا فى هذا الفيلم نبه الكاتب والمخرج إلى خطر البعد النفسى عن الأقارب أكثر من البعد الجغرافي. ففى تغاضى الوالدين المطلقين عن حياة ولدهما «وهنا لا اقصد الرقابة أو الحشرية كما تقولون بالمصرى» ولكن انعدام المواكبة للابن فى تطوره كأنه نوع من التخلى عن هذا المشروع المواطنى الذى تحيط به الأخطار المحدقة ومن أهمها التطرف الدينى والعنف.

·        هل ترى أن من إيجابيات الفوضى التى حدثت فى تونس وبعض البلاد العربية أنها أظهرت على السطح كل وجوه التطرف؟

الذى نعيشه فى بعض البلدان العربية هو أكثر من أن نوصفه بفوضى، بل هو رجة تاريخية مهمة كان لا بدّ منها لإعادة النظر فى بناء الدولة الوطنية دولة الاستقلال، كما عاشت أمتنا صدمة الحداثة فى أواخر القرن التاسع عشر كذلك نعيش الآن صدمة تاريخية أخرى عنوانها الأخطار التى تهدد وتتربص بدولة الاستقلال.. ومكاسبه وأسباب استمرار الدولة ،وفى هذا السياق هناك من القوى المفتعلة تاريخيا «إخوان، إرهاب، إسلام سياسى ...» لا ترى مصالحها فى الدولة الأمة ولا المواطنة، بل فى مفهوم قديم تجاوزه التاريخ اسمه الخلافة الإسلامية والرعية، بينما التاريخ دائم المضى إلى الأمام ولن يعود إلى الوراء و بالتالى الحتمية تقتضى منا مواصلة البناء والتطوير لما سبق أن ضحت من أجله أجيال سابقة من أجل دولة الاستقلال. وهنا أجد نفسى كمواطن عربى تونسى أؤكد أنه لا ولاء إلا للدولة و مؤسساتها وليس للأحزاب والتلوينات السياسية. فكل من يخدم و يطور الدولة هو منى و أنا منه و كل من يستخف أو يخرب الدولة هو عدوى التاريخى. و شرف لى أن أتخندق فى المواطنة والدولة.

·        هل حصول الفيلم على الجائزة الذهبية فى قرطاج يؤكد وقوف الدولة ودعمها للأفلام التى تناهض الإرهاب؟ وهل حصوله على جائزة أفضل فيلم فى قسم آفاق السينما العربية فى مهرجان القاهرة يؤكد الدعم العربى للفيلم ورسالته فى مواجهة الإرهاب؟

السينما مرآتنا التى نرى فيها أنفسنا .والدعم من الدولة للسينما فى تونس هو تماشى طبيعى مع حاجة المجتمع إلى صورته وأحلامه الإنسانية. لذلك لا تقصر وزارة الشئون الثقافية فى تونس فى دعم الإنتاج السينمائي. و هنا تطفو على السطح المواضيع الإنسانية التى تثير التساؤلات فى حق أنفسنا. فى هذا الإطار ينزل «فتوى» لمحمود بن محمود. الموضوع خطير و يمس كل العائلات العربية. و بالتالى هذا الفيلم لم يكن مرآة محلية تونسية صرفة بل تخطى ذلك إلى أشقائنا العرب والمسلمين وهم أكثر الناس اكتواء بآفة الإرهاب من أى شعوب أخري. ولكن الأهم فى الفيلم أنه يصور تفاصيل السلوك الإنسانى أمام هذا الخطر الرهيب المتربص بالعالم وهذا سر نجاح الفيلم وما زال مرشحا إلى عديد من الجوائز فى قادم المهرجانات.

·        أغلب الأدوار والأعمال التى شاركت فيها تحمل بعدا سياسيا فهل هذا مقصود منك؟

لقد تربيت فى نوادى السينما فى بلدتى، وبالمناسبة أحيى من خلال منبركم الإعلامى الجامعة التونسية لنوادى السينما فهى التى ربتنا كجيل على أفلام تعد علامات فارقة فى تاريخ السينما العربية وكذلك العالمية. «الأرض» ليوسف شاهين وأداء الممثلين وخاصة العظيم محمود المليجي. كل أفلام صلاح أبوسيف وعاطف الطيب ورضوان الكاشف. إضافة إلى الواقعية الجديدة الإيطالية وكل الأفلام الملتزمة سياسيا. لقد تربينا فى هذه النوادى على أن السينما حرية تعبير وحلم وكذلك مسئولية والتزام بقضايا الإنسان والمجتمع. و شاهدت جان ماريا فولنتى العملاق الايطالى وقلت أريد أن أكون كما فولنتى فى «ساكو وفانزيتي» وكذلك حلمت بأن أكون كما العملاق محمود المليجى فى فيلم «الأرض».

·        لك أكثر من عمل مع المخرج محمود بن محمود صاحب فيلم «فتوى» هل لأنه يستطيع أن يستفزك بأفكاره؟

العمل متعة ومغامرة جميلة مع محمود المواطن والإنسان والفنان المبدع. لدينا ما يجمعنا من الوعى السياسى و كذلك البحث فى أعماق الإنسان/ التونسى. وبالتالى العمل مع محمود هو تجذير لانتمائى التونسى العربى الذى أريد، رغم انى أعمل فى السينما الإيطالية والأوروبية عامة.

·        لماذا قبلت ان تكون النهاية بهذه القسوة وهى ذبح الأب أيضا على أيدى الإرهابيين؟

لم أقبل نهاية معينة فحديثى مع المؤلف والمخرج محمود بن محمود كان فى الأداء الجيد لثلاث نهايات مختلفة ثم تركنا المسألة للتركيب الذى يعتبر كتابة ثالثة للفيلم «بعد السيناريو ثم مرحلة التصوير» وكان ما كان فى عملية التركيب النهائي. وهنا قسوة النهاية قد تكون صرخة إنسانية للمخاطر التى تحف بحياتنا اليومية وضرورة اليقظة من أجل الانتصار للحياة.

·        هل هذه النهاية المؤلمة تؤكد استمرار الإرهاب أم كنت تفضل نهاية أخرى؟

النهاية بالنسبة لى ضمنيا هى إعلان انتصار للحياة و للإنسان. ففى قسوتها كانت ردة فعل أغلبها إيجابية من المشاهدين بعد نهاية الفيلم حيث خروج المواطنين من القاعات كان مفعما باليقظة من أجل الحفاظ على الحياة ومكاسب المجتمع والدولة والاستعداد للذود عنها و كان أغلب المواطنين يشكروننى على الأداء و يقولون «يا أحنا يا هم. ولن يمروا» وما أجمل هذا الوقع على المشاهد حين تحس انك أسهمت فى إيصال هذه الرسالة الوطنية السامية.

> وفى الختام وجه النجم التونسى رسالة قال فيها: كل الشكر والامتنان لهذه الفرصة الطيبة والأنيقة للحديث عبر هذا الصرح الإعلامى العربى العظيم، وهو شرف كبير لى أن أكون على صفحات جريدة الأهرام التى تتبنى القضايا الإنسانية. عاشت وعاشت تونس ولتحيا السينما التى تؤكد المواطنة الراقية.

 

####

 

هرم «القاهرة السينمائى» ذهب لمن يستحق.. «ليلة الإثنى عشر عامًا»..

تحفة فنية تحيى الأمل فى النفوس

علا الشافعى

هى السينما.. ذلك الفن الذى يؤرخ ويرصد ويروى حكايات البشر والشعوب.. نعرف عن طريقها ثقافات مختلفة.. تمدٌ جسور التواصل بين الشعوب.. نعرف بها الآخر الذى يقطن فى أى مكان فى العالم.. هى السينما التى تحمل راية التنوير وتحرض على التفكير.

من هذا المنطلق يمكن قراءة الفيلم الفائز بالهرم الذهبى فى الدورة الأربعين لمهرجان القاهرة السينمائى «ليلة الاثنى عشر عاماً»، ــــ «انتاج إسبانيا والأرجنتين، وأوروجواى وفرنسا» ــــ ذلك الفيلم الذى كشف عن صفحة مهمة فى تاريخ دولة الأوروجواي، وقصص بشر ناضلوا لأجل بلدهم وللقيم والمبادئ الإنسانية.

يقول مخرج العمل ألفارو بريخنر، إن الفيلم يتناول قصصا حقيقية لمعتقلين سياسيين، ومنهم أعضاء المجموعة اليسارية «توباموس»، وهم: خوسيه موخيكا، وماوريسيو روزينكوف، وإيليتريو فيرنانديز هويدوبرو. ويضيف أن هذه القصة كانت تشغله منذ سنوات، فمعاناتهم وفقدهم أحيانًا لحواسهم، وتخيلهم لأصوات تسيطر عليهم، والشعور بالوحدة والخوف والقهر، لم يسلبهم القدرة العجيبة على المقاومة والصمود. ومن هنا كان دافعه ومصدر حماسه لتقديم عمل إنسانى عن هؤلاء الأبطال..

كان من الممكن أن يقع مخرج العمل فى فخ التقليدية والمباشرة والخطابة، إلا أنه نجح وبشدة فى تقديم عمل سينمائى رفيع المستوي، يحفل بجماليات على مستوى السرد الدرامى وطريقة الحكى وتوظيف الـ «فلاش باك»، وعلى المستوى البصرى أيضا.

«أيها الداخلون تخلوا عن كل أمل»

تلك الجملة المنسوبة لدانتى هى أول ما وقعت عليها عينا أحد المعتقلين الثلاثة محفورة على جدار الزنزانة التى تم سجنه بها بعد إلقاء القبض عليه فى ليلة خريفية من عام 1972 هو واثنين من رفقاء الكفاح، حين كانت الأوروجواى تحت حكم الديكتاتورية العسكرية، لنرى حياة ثلاثة ثوار اعتقلوا بحجة الاشتراك فى عملية عسكرية سرية، لكن يبقى الرجال الثلاثة معزولين فى زنزانات صغيرة يقضون معظم الوقت فيها بأغطية فوق رءوسهم، ومن بينهم بيبى موخيكا الذى يصبح رئيسا للأوروجواى فى وقت لاحق، وآخر صار من أشهر الأدباء، والثالث صار من بين أعضاء الحكومة.

من خلال كاميرا المخرج الشديدة الرهافة والحساسية - حيث رصدت معاناة الثلاثة فى السجن الانفرادى - يبدأ الشريط من خلال زوايا ضيقة، وإضاءة قاتمة معبرة عن حالة القهر والعزلة وفقد الأمل فى بعض الأحيان..

تبدأ الكاميرا فى رصد التفاصيل كافة، إذ لا يوجد سوى القليل من الطعام والشراب.. هى الوحدة فقط بين جدران الزنزانة الخالية.. فقط جدران صماء تضيق أو تتسع قليلا حسب السجن الذى ينقلون إليه.

«كنتم تريدون تغيير العالم.. انظروا لحالكم الآن»

جملة كان أحد الضباط يصر على ترديدها على مسامع المعتقلين الثلاثة - جسد أدوارهم: سيلفيا بيريز كروز، وسوليداد فيلاميل، وسيزار ترونكوسو -المناضلون الثلاثة والذين بفعل السجن والتعذيب والإهانات لسنوات أصبح بينهم وبين الجنون «شعرة».. بعضهم كان  يشعر بالفعل أن حواسه معطلة، لذلك يبدأ فى الاستماع لصوت النملة الحشرة الوحيدة التى تلامس جسده.. موخيكا يواجه ما هو أصعب: أصوات عقله الذى لا يتوقف عن التفكير أو التصورات، حوارات بينه وبين والدته، تتداخل معها أصوات من قاموا بتعذيبه، بكل وسائل التعذيب غير الآدمية، إلى أن يلجأ واحد منهم إلى النقر على الحائط لتبادل الحوارات والجمل البسيطة، لتصبح هناك لغة تجمعهم، يتبادلون من خلالها الحوارات والذكريات.

كاميرا المخرج، مع براعة الإضاءة، وزوايا التصوير، وعدم المبالغة فى الأداء أو الميل إلى الميلودراما المبالغ فيها ـــ « مع أن خطوط ودراما الفيلم تتحمل ذلك»، تشعرنا بأن الكاميرا تتماهى مع الأبطال، حيث يرى المشاهد السجن والزنزانة كما يراها الأبطال.. الوحدة والقاع الذين يعيشون فيه من دون آدمية.. الموسيقى فى أماكنها مع توظيف الصمت فى أحيان أخري.. المونتاج المنضبط الذى منح الفيلم إيقاعا يحمل الكثير من التناغم فى النقلات الزمنية دون أدنى شعور بالملل.

لم يخل الفيلم من الشاعرية فى رسم تفاصيل علاقة موخيكا بوالدته، وإيليتريو فيرنانديز بابنته، وكيف تحول إلى كاتب الخطابات الغرامية للضباط الذين يرغبون فى التقرب من النساء إضافة إلى حس السخرية العالى وتحديدا فى مشهد الحمام ومن سيأخذ القرار بفك قيد السجين من أجل قضاء حاجته، الجميع يتنصل ويلجأ إلى من هو أعلى منه وأيضا اللقطات السريعة للنجوم  التى تزين السماء ويحلم الأبطال برؤيتها، وكأنه فى نهاية النفق المظلم، سيكون هناك أمل بالتأكيد، مشاهد ولقطات خروجهم من المعتقل، واستقبال أسرهم،ويرددون: «الشعب المتحد لا يهزم». فشعب أوروجواى هو سبب خروجهم للنور عندما رفض التعديلات الدستورية، وأعاد الديمقراطية إلى الحكم، ليخرج جميع المعتقلين: فيلم «ليلة الإثنى عشر عاما»، هو تحفة سينمائية بحق، وأحد الأفلام الملهمة فى تاريخ السينما العالمية. بعد 12 عاماً من الحبس الانفرادى يعرف المشاهد أن هذا البطل «بيبى موخيكا» فاز بالانتخابات الرئاسية لسنة 2009 وتولى الرئاسة فى الفترة من 1 مارس 2010 إلى 1 مارس 2015، وعرف بأنه كان أفقر رئيس دولة فى العالم.

«المهزوم هو من يكف عن القتال»

المخرج وكاتب السيناريو ألفارو بريخنر قال: «استلزم هذا المشروع أكثر من أربع سنوات من الأبحاث والتوثيق، وطلب منى أن أكون دقيقا للغاية فى الجانب الجمالى والإنسانى للأشياء، وإن أول ما أدهشنى هو سماع جملة الرهائن: «كان ينبغى علينا قتلهم فى ذلك الوقت».. لقد كنت مفتونا بفكرة استكشاف هذا الكون حيث يكافح شخص ما حقا، وكنت مهتما باستكشاف كيف أن عليه فى عزلة الأسر، أن يعيد اختراع نفسه ليتمكن من معارضة خطة تهدف إلى إزالة آثار المقاومة الأخيرة المتبقية على الذات».

 

####

 

أحسن فيلم عربى يدين التطرف..والأغنيات المصرية منحته مصداقية

أحمد السماحى

من إيجابيات مهرجان القاهرة السينمائى الدولى، عرض الفيلم التونسى «فتوى» الذى حصل على جائزة «سعد الدين وهبة»، لأحسن فيلم عربى، فى مسابقة «آفاق السينما العربية»، فى ختام الدورة الأربعين من المهرجان، وتمتع بمصداقية منحتها له الأغنيات المصرية التى غلفت بعض مشاهده.

الفيلم يعالج موضوعا من أخطر وأخصب ما يمكن أن تعالجه السينما، ويخاطب الناس فى عيونهم، ولا يخدعهم ولا يساومهم ولا يضحك عليهم بأغنية أو رقصة أو جسد امرأة، على العكس يخاطبهم بقسوة لفتح عيونهم على واقعهم، ويحدثهم عن الشر الذى يأكل حياتهم وحريتهم. والشر فى « فتوى» ليس مجرما ولا عصابة مخدرات قابعة فى ناد ليلى، إنما هو شىء أكبر وأخطر من هذا بكثير.

إنه عصابات دولية من تجار الدين الذين يستقطبون الشباب لتفريغ عقولهم وملئها بأفكارهم السامة التى تجعلهم بعد فترة يقتلون أقرب الناس إليهم بحجة دفاعهم عن دينهم ومعتقداتهم، الفيلم يفضح هذه التيارات المتطرفة التى تفرض نفسها بالإرهاب على الشباب لتقدم لهم صورة شائهة عن الدين والدنيا معا وتكفر وتحرم وتحل دم كل من يخرج عنها.

يحكى الفيلم عن فترة دقيقة فى تاريخ تونس المعاصر، وبالتحديد بعد عامين من الثورة أى عام 2013 مع بروز الحركات السلفية المتطرفة والعلمانية هناك، ويبدأ بعودة الأب «إبراهيم» الذى يعيش فى فرنسا، إلى وطنة لدفن ابنه الذى توفى، فى حادث دراجة بخارية، ليكتشف أن ابنه «مروان» كان منخرطا فى جماعة إسلامية متطرفة، ليقوم الأب بإجراء تحقيقه الخاص، لاكتشاف إذا ما كان ابنه متطرفا ومعرفة من قاده إلى طريق التطرف، وأثناء بحثه تدور مناقشات بينه وبين بعض أعضاء الجماعات الإرهابية ليكشف زيف معتقداتهم الدينية، أمام قوة حجته، لكن هذه الجماعات الإرهابية لم تنس له قوة حجته فقامت فى نهاية الفيلم بنحره أو ذبحه على يد واحد منهم!.

قيمة فيلم «فتوى» أنه لم يقدم موضوعا جيدا فقط، وإنما قدم سينما جيدة من ناحية التصوير والمونتاج والإخراج، فقد كان صادقا جدا عندما أظهر حب الشارع والمقاهى التونسية لصوت أم كلثوم وليلى مراد ضمن مشاهد الفيلم، وكان موفقا أيضا فى اختياره قارئ قرآن ! لدلالة على انتشار الحركات الوهابية وحضورها فى تونس.

لكن يؤخذ عليه نهاية الفيلم الصادمة، فهذه النهاية تؤكد انتصار الإرهاب، لكن مخرج الفيلم «محمود بن محمود» فى ندوة الفيلم برر هذه النهاية بقوله: «النهاية قد تكون مأساوية مرتبطة بالقصة وشكلت صدمة للبعض ولم يكن ينتظرها أحد، لكن لها معنى آخر رمزيا، حيث إن الإرهاب مشكلته الأكبر مع المسلمين الذين يملكون قراءة تنويرية مختلفة للدين، أكبر من العلمانيين أو الملحدين، مشيرا إلى أن الفترة الزمنية التى دارت فيها الأحداث شهدت اغتيالات سياسية كثيرة استهدفت ناشطين سياسيين بحجم ثقيل وراح ضحيتها عشرات الضحايا، وأرى أن الفيلم تنبأ بموضوعات لا تزال مطروحة حتى اليوم».

كما يؤخذ عليه أيضا عدم تذكر الأم ــ لبنى ــ وهى شخصية مناضلة سياسية منفصلة عن زوجها التى أدت دورها «غالية بن على» ـ ابنها فى أى من المشاهد، حيث لم نشاهد دموعها أو حتى استدعاء مشهد واحد بينها وبين ابنها القتيل، رغم أنها لها معارك ضروس مع الجماعات المتطرفة فى تونس، والتى بسببها أصدروا «فتوى» بقتلها، وعلى أثر تلك المعركة لقى ابنها الوحيد حتفه بعد أن كان قريبا من التنظيمات الإرهابية التى قتلته.

فمثل هذه الأم لابد أن يتسلل الندم أو الذنب إليها فى لحظة ما، لكن هذا لم يحدث طوال الفيلم، وقد قدمت «غالية» الدور بفهم شديد رغم قصر الدور، وكان أفضل مشاهدها عندما طلب منها أحد التكفيريين تغطية شعر رأسها أثناء إقامة جنازة ابنها.

وقدم الفنان التونسى أحمد الحفيان دور الأب بتمكن شديد وبساطة وهدوء، وكان مفاجأة الفيلم بقوة أدائه ومناقشاته وحواراته الدالة على قوة شخصيته مع بعض أعضاء الجماعات التكفيرية، وكانت الفنانة «سارة الحناشى» ـ زوجة أحد الإرهابيين ـ بسيطة ورقيقة طوال الأحداث .

فى النهاية لابد أن نشيد بمخرج الفيلم «محمود بن محمود» ومعه جهة الإنتاج، ونقدم لهم التحية على هذه الرسالة الشجاعة التى تُوجه فى ظروف صعبة ومحفوفة بالمخاطر يشهدها العالم العربى من هذه الجماعات الإرهابية.

الأهرام اليومي في

16.12.2018

 
 
 
 
 

ماء النار

طارق الشناوي

حققت هذه الدورة الفارقة من عمر مهرجان القاهرة السينمائى نجاحًا من الصعب تجاهله، ووهجًا من المستحيل أن نغض الطرف عنه، نعم لم يسلم الأمر من أخطاء، عدد منها مجانى، كما أن الكاتب والمنتج محمد حفظى، رئيس المهرجان، يتحرك فقط داخل دائرة مغلقة، بينما لصالح المهرجان أن تتسع الرؤية، ورغم ذلك فمن يتحمل المسؤولية أمام الدولة لا يمكن أن نجبره على أسلوب إدارته للأمور.

أتمنى أن يتحلى حفظى برحابة صدر وقدرة على الإنصات لكل الآراء حتى التى يتشكك بعضنا فى صدق دوافعها، هؤلاء لو قالوا شيئا يحمل منطقا ما، فإن على رئيس المهرجان وفريق العمل الإنصات له ودراسته.

نتابع بيانا يتم تداوله عبر (النت) يستقطب عددا من الأصدقاء والزملاء للتوقيع عليه، ولهم كل الحق قطعا فى تبنى ما يرونه معبرا عنهم.

فى البيان ذكروا اسم أكثر من منتج أجنبى عرضت أفلامهم بالمهرجان، وأنا ليس لى فى الحقيقة دراية بتلك التفاصيل الإنتاجية، ويقينى أن عددًا كبيرًا من الزملاء الموقعين على البيان لا يعرفون الكثير عن هؤلاء، ولم يشاهدوا أفلامهم.

البيان خص بالذكر اسم أحد المنتجين، وتوقفوا أمام فيلميه (اختراق) و(زيارة الفرقة) قالوا إنهما موجهان لتشويه مصر. لم أشاهد الفيلم الأول، وشاهدت الثانى عند عرضه فى قسم (نظرة ما) بمهرجان (كان) عام 2009، ومن الممكن أن تعتبره قصيدة عشق فى مصر.

وبالمناسبة تقدم منتجه بعرضه فى مهرجان (القاهرة) وقبله مهرجان (أبوظبى)، وبالطبع هذا مرفوض تماما، لا نحكم على مضمون الفيلم، هل هو مؤيد لنا أم لا، جنسية الفيلم هى الفيصل أولا قبل مضمونه، وهكذا رفض الفيلم فى أبوظبى والقاهرة، لأنه إسرائيلى الجنسية، وليس لأنه ضد مصر.

هل تأكد زملائى الموقعون على البيان من صدق كل الوقائع، أم أن الخوف من الاتهام بالتطبيع صار سلاحًا يستخدمه البعض بمهارة لاكتساب أكبر عدد من الأصوات.

عام 2014 فى مهرجان الإسكندرية كان الصديق الناقد والشاعر الأمير أباظة قد أعلن أنه بصدد عرض فيلم (فيلا توما) فى الافتتاح، كما أنه سيشارك فى التسابق، قلت له، وكتبت وقتها أن الفيلم من الناحية العلمية يصنف كفيلم إسرئيلى، لأنه حاصل على تمويل من صندوق دعم الفيلم الإسرائيلى، وشركة الإنتاج تقع فى (حيفا)، وهوية الفيلم تحددها جهة التمويل.

صحيح الفيلم من إخراج فلسطينية الجذور التى تحمل الجنسية الإسرائيلية، سهى عراف، ولكن الفيلم إسرائيلى، وأصر أباظة على حقه فى العرض، وفى النهاية لم يعرض الفيلم، وتردد أن الجمارك المصرية منعته باعتباره فيلما إسرائيليا،ولم يجرؤ أى مهرجان عربى على عرضه.

زميلنا الصحفى والناقد والكاتب والمخرج والمنتج أحمد عاطف دُرة الذى يقف فى طليعة متهمى مهرجان القاهرة بالتطبيع مع إسرائيل- كان مشاركا فى التسابق بفيلمه فى مهرجان الإسكندرية، ولم ينسحب احتجاجا على السماح بمشاركة فيلم إسرائيلى، ولم يتهمه أحد بالتواطؤ حتى يحصل على جائزة، فلا أحد من حقه محاكمة الضمير. يُمسكون ماء النار يطلقون عليه اتهام التطبيع الذى يشوهون به من يريدون اغتياله أدبيًا، وفى مواقف أخرى نجد النيران قد صارت على من يحبونهم بردًا وسلامًا.

 

####

 

سينمائيون ونقاد يطالبون باستبعاد «حفظي» من رئاسة مهرجان القاهرة

كتب: سعيد خالد

طالب عدد من النقاد والسينمائيين باستبعاد المنتج والسيناريست محمد حفظى من رئاسة مهرجان القاهرة السينمائى الدولى، بسبب ما سموه «تضمن الدورة الحالية للمهرجان عدة مخالفات تستوجب استبعاده، وأبدوا فى بيان أمس الأول اعتراضهم على استضافة إدارة الدورة ٤٠ للمهرجان عددا من الضيوف يعدون من أكبر الداعمين للسينما الإسرائيلية والمناصرين للكيان الإسرائيلى ومن بينهم على سبيل المثال المنتج ميشيل زانا والمنتج لورون دانييلو وجيوم دى ساى، وجميعهم من متخذى القرار بمشروع دعم السينما التابع لمعهد سام شبيجل بإسرائيل، ومنهم من ينتج بانتظام للسينما الإسرائيلية مثل ميشيل زانا ومن أفلامه ضد مصر أفلام اختراق وزيارة الفرقة.

وأضاف البيان: «من بين هؤلاء من يترددون على كل المحافل السينمائية الإسرائيلية ويدعمون مواطنيها. جيوم دى ساى مثلا يشارك بانتظام فى مهرجان القدس ومهرجان الفيلم الإسرائيلى. ويدعم مشاريع التطوير لسينمائيين إسرائيليين. ودى ساى شارك رئيس الدورة الـ٤٠ لمهرجان القاهرة فى إنتاج أحد أفلامه الأخيرة، وهو فيلم «على معزة وإبراهيم» مما يضع شكوكا حول مصدر تمويل دى ساى لأفلام مصرية وهدفه».

وواصل المعارضون فى بيانهم: ويعرب الموقعون عن اعتراضهم على عرض رئيس الدورة ٤٠ للمهرجان فيلما من توزيعه فى المسابقة الدولية وهو فيلم ليل خارجى الذى نشرت شركة إنتاجه بوسترا يتضمن لوجو للشركة التى يمتلكها محمد حفظى كموزع للفيلم، ولم ينشر حفظى أى صورة لعقد فسخ التوزيع، خاصة أن شركته هى التى باعت الفيلم لإحدى القنوات الفضائية كما صرح.

وأكدوا فى البيان على عرض حفظى فيلما آخر فى المهرجان من إنتاجه فى قسم بانوراما السينما المصرية وتأليفه فى أقسام أخرى. وأبدى الموقعون على البيان اعتراضهم على اختيار حفظى عددا من أعضاء لجان التحكيم المصريين فى مسابقات المهرجان ممن اكتشفهم أو يعملون معه بانتظام فى أعماله الفنية التى ينتجها وهم شباب موهوبون فى مقتبل حياتهم بتجاهل تام لكل الأسماء المهمة فى السينما المصرية أصحاب التاريخ الكبير والخبرة اللازمة للتحكيم فى مهرجان دولى بهذه الأهمية. ولفت الموقعون على البيان النظر إلى خطأ إدارة المهرجان فى إسناد تنظيم فعالية أيام القاهرة لصناعة السينما لشركة دعاية وإعلان تتولى أعمال رئيس الدورة ٤٠ للمهرجان، بدلا من الاستعانة بالمتخصصين، مما نتج عنه انفصال هذه الفعالية عن جموع العاملين فى صناعة السينما المصرية واقتصارها على فئة محددة. كما ذكروا أن رئيس المهرجان اختار مديرا تنفيذيا للمهرجان من غير المتخصصين. وطالب المعترضون والموقعون على البيان النقابات الفنية بمصر ووزير الثقافة المصرية بضرورة تشكيل لجنة رسمية متخصصة لتقييم إدارة الدورة ٤٠ للقاهرة السينمائى بشكل شفاف ماليا وفنيا وسياسيا، وإصدار القرارات اللازمة نحو أى تقصير أو أى تجاوز.

جدير بالذكر أن من بين الموقعين على البيان مدير التصوير سعيد شيمى والمخرج على عبدالخالق، والأمير أباظة، رئيس مهرجان الإسكندرية السينمائى والناقدة خيرية البشلاوى والمخرج والناقد الدكتور أحمد عاطف والسيناريست سامى السيوى، والدكتور محمد شومان، عميد كلية الإعلام بالجامعة البريطانية والناقد محمد الروبى والمخرج محمد فاضل والفنانة فردوس عبدالحميد.

من جانبه أكد حفظى، نجاح مهرجان القاهرة السينمائى فى دورته الأربعين التى انتهت الخميس الماضى، وقال إنه يحتفل حاليًا بنجاح الدورة التى وصفها الكثيرون بالمميزة، وأنه متواجد حاليًا بالمملكة المغربية لحضور فعاليات مهرجان مراكش السينمائى والاستمتاع بالسينما ومشاهدة الأفلام، وشدد فى تصريحاته لـ«المصرى اليوم» على أنه ليس لديه ما يعلق به على البيان الصادر ضده ولا على المطالبين بعدم التجديد له.

المصري اليوم في

16.12.2018

 
 
 
 
 

أحمد رزق الله يكتب:

10 مشاهدات من مهرجان القاهرة

على مدار 10 أيام من انعقاد مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الأربعين، في الفترة من 20 وحتى 29 نوفمبر الماضي، شاهدت العديد من الأفلام المصرية والعربية والأجنبية، وتباين خلالها الأداء وكذلك ردود الفعل من الجمهور. استعرض أفضلها فيما يلي مع توضيح الأسباب.

1- ليل خارجي

في خامس أفلامه الروائية الطويلة كمخرج بعد (هليوبوليس- ميكروفون- فرش وغطا- ديكور)، اختار أحمد عبد الله السيد هذه المرة موضوعًا أقرب للحياة اليومية التي يعيشها رجل الشارع المصري كتغيير عن الطابع التجريبي الذي سلكه في مشواره خاصةً في فيلميه السابقين. ربما التجريب هذه المرة يكون لأحمد في آلية إنتاج الفيلم التي بعدت عن شركات الإنتاج وصناديق الدعم الأجنبية المعتادة، بالإضافة أيضًا إلى عدم استعانته بممثلين من ذوي الأسماء البراقة أو الجماهيرية للعب الشخصيات الرئيسية.

ولكن رغم ذلك فإن عناصر التمثيل الثلاث لم تخذل أحمد وكانت إحدى نقاط القوى الرئيسية لليل خارجي سواء كان كريم قاسم أو منى هلا وخاصةً شريف الدسوقي الذي فاز بجائزة أفضل ممثل في المسابقة الرسمية للمهرجان عن دوره المميز كسائق أجرة. هذا السائق هو رمانة ميزان الفيلم والضلع الأقوى والأكثر ثراءً بين الشخصيات الثلاثة الرئيسية، المخرج السينمائي المتعثّر في بداية مشواره الفني (مو/ كريم قاسم)، وفتاة الليل التي يتنافس عليها الجميع (توتو/ منى هلا)، والسائق المنتفع من خدمة المخرج والراغب في قضاء وقت لطيف مع فتاة الليل (مصطفى/ شريف الدسوقي).

الفيلم لاقى إعجاب الكثيرين ولكنه أيضًا اتهم بالضعف وبوجود ثغرات في السيناريو (الذي كتبه شريف الألفي) من الآخرين من السينمائيين. في رأيي الخاص “ليل خارجي” هو أقوى أفلام أحمد عبد الله (ربما مناصفةً مع تحفته الأخرى ميكروفون) فنحن أمام فيلم مكتوب بعناية شديدة وبعد مجهود لمعايشة حقيقية للشارع المصري في وقتنا الحالي ولشخصيات شبيهة بتلك التي ظهرت على الشاشة ليخرج في النهاية بهذه الواقعية الشديدة، ولكنها واقعية من النوع غير المؤلم أو المدرّة للشفقة بقدر ما هي واقعية ساخرة تجعلك تتحسّر على الأوضاع دون أن تنفر منها.

2- واجب

مرة أخرى تتألق آن ماري جاسر المخرجة الفلسطينية بفيلم دافيء يختلف عن السائد والمعتاد تقديمه في السينما الفلسطينية. “واجب” فيلم مبهر في بساطته عن رحلة أب وابنه لتوزيع دعوات حضور فرح ابنة الأول وأخت الثاني على حبيبها. نتعرّف خلال هذه الرحلة القصيرة على الخلافات الفكرية بين الأب (الممثل الكبير محمد بكري) والابن (صالح بكري، ابن محمد بكري في الحقيقة) والتي دفعت الابن إلى ترك فلسطين والسفر للحياة في إيطاليا هربًا من الأوضاع المتدهورة في فلسطين، ليعود فقط في هذه الرحلة القصيرة لحضور فرح شقيقته.

الفيلم عرض في إطار القسم الخاص الذي نظمه مهرجان القاهرة لتحية المخرجات العربيات الناجحات، وشهد حضور مخرجته في عرضه الأول والذي للأسف لم يصحبه أي ترجمة إنجليزية، مما أدى لانسحاب الجمهور غير العربي من العرض (وإن تم ترك هذا في العرض الثاني للفيلم). نقطة القوة الرئيسية في الفيلم هي النجاح في الاستعانة بمحمد وصالح بكري وتجسيدهما لنفس العلاقة الإنسانية التي تربطهما في الواقع، وإن تفوّق محمد بكري بتأديته لشخصية الأب الضعيف المستعد للتعاون مع العدو وذلك على النقيض تمامًا من شخصيته الأصلية المعروفة بالرفض التام للمحتل وما استتبع ذلك من مشاكل كثيرة له في مسيرته وفي حياته الخاصة.

3- ورد مسموم

رغم حصوله على عدد من الجوائز بنهاية المهرجان إلا أن فيلم “ورد مسموم” لمخرجه أحمد فوزي صالح يعاني العديد من المشاكل التي استفزت الكثير ممن شاهدوا الفيلم سواء من المتخصصين أو من الجمهور العادي الذي كان متشوقًا لهذا العمل لمخرجه الواعد. أحد أهم مشاكل الفيلم هو الريتم شديد البطء لأحداثه، أحداثه التي تتلخص في حياة بائسة لتحية التي ترعى شقيقها الذي يعمل في صناعة الجلود بالمدابغ والذي يخطط لأخذ أحد مراكب الهجرة غير الشرعية ليهرب من ظروف المعيشة الصعبة.

قصة مكررة ولكن يميزها عنصران جديدان الأول هو التصوير في منطقة المدابغ وهو ما سمح بتقديم مناظر جديدة لم تعتد عليها السينما المصرية (وإن قدمها المخرج نفسه في فيلمه التسجيلي الناجح “جلد حي”)، والعنصر الآخر هو علاقة التملك والسيطرة (وربما الهوس؟) المسيطرة على “تحية” تجاه شقيقها والتي تدفعها إلى إفشال مخططه للهرب بالإضافة إلى محاولة إبعاده عن علاقة عاطفية محتملة له. الفيلم تبلغ مدته الزمنية 70 دقيقة (ساعة وعشر دقائق) أي أنه في عرف الأفلام الروائية أقرب إلى كونه فيلم قصير عن كونه فيلم طويل ورغم ذلك يبدو أن صناعه لم يكن لديهم الكثير ليقولوه من خلاله فلجأوا إلى إعادة نفس اللقطات والمشاهد مرة بعد الأخرى لتأكيد نفس الفكرتين (الظروف البائسة، والشقيقة المسئولة عن رعاية وعن إطعام شقيقها). جلد حي هو فيلم ذو نوايا طيبة جدًا إلا أنه ورغم تلك الجوائز التي حصدها فإنك في الأغلب – إن استطعت إكمال مشاهدته الأولى- لن ترغب في الاصطدام به مرة أخرى.

The White Crow -4

واحدة من أهم إنجازات الدورة الأربعين لمهرجان القاهرة هي استضافة النجم السينمائي البريطاني “ريف فاينس” والأهم أن استضافته جاءت في إطار تقديمه لفيلمه الأحدث (كمخرج وممثل) The White Crow للجمهور المصري، وبالتالي لم يكن حضوره دعائيًا فقط كما جرت العادة بهدف التقاط صور له على السجادة الحمراء للمهرجان ثم سفره مباشرة في نفس اليوم بعد أن يكون وكيله قد تحصّل على “المعلوم”.

الفيلم الذي عرض خارج المسابقة يتناول قصة حقيقية وهي قصة راقص الباليه الروسي الشهير”رودولف نورييف” من خلال عدة مراحل في حياته وأهمها كيفية نجاحه في الهروب من النظام الشيوعي إلى باريس حين كان في جولة فنية لفرقة الباليه الروسية التي كان أحد أبرز أعضاءها. الفيلم –كما يقول فاينس في الندوة التي عقدت له مع الجمهور في اليوم التالي لعرض الفيلم- لا يهتم بأخذ موقف مع أو ضد أي من أبطال العمل فاختار أن يقدّم جميع الشخصيات بشكل حيادي تاركًا حبها أو كرهها للجمهور بما في ذلك الشخصية الرئيسية (والتي ظهرت في أحيان كثيرة كشخصية متعجرفة أنانية رغم إنه يفترض تعاطف الجمهور معها) وحتى الشخصية التي قدمها “فاينز” نفسه كمدرب باليه ضعيف الشخصية رغم عظمته المهنية.

The Interpreter – 5      

هو أحد الأفلام التي لم تأخذ خقها من المشاهدة في المهرجان رغم أهميته وطرافته في نفس الوقت. يبدأ الفيلم السلوفاكي/النمساوي/التشيكي الذي عرض في قسم البانوراما الدولية بداية شديدة الجدية لا توحي بما هو قادم بأننا أمام فيلم خفيف الظل رغم القضية الشائكة التي يتناولها. فالفيلم يبدأ برجل ثمانيني يصعد إلى أحد البنايات بحثًا عن أحد سكانها حاملاً مسدسًا وعازماً على قتل هذا الرجل الذي يبحث عنه حال العثور عليه. إلا أن الوضع يتغيّر عندما يفتح له باب الشقة التي يستهدفها رجل خمسيني يخبره أنه ابن الرجل الذي يبحث عنه وأن هذا الرجل (والده) قد توفّى، فنبدأ هنا تراجع مؤقت عن تلك النية بالقتل لنشهد فيلمًا طريفًا يجمع هذا الرجل الثمانيني السلوفاكي والابن الخمسيني النمساوي للرجل الذي يبحث عنه. الفيلم يناقش (كمئات الأفلام التي ناقشت هذا الموضوع سابقًا) الإبادة التي حدثت لليهود على يد الألمان وحلفاءهم في القرن الماضي وذلك من خلال هذا الرجل الكبير في السن الذي يعمل مترجمًا والذي يريد الوصول للقائد العسكري النمساوي الذي قام بتعذيب ثم قتل والده اليهودي في تلك الفترة ثم الانتقام منه بقتله.

ولكن ما يحدث عندما لا يجد ضالته في العنوان المنشود أن الأحداث تقوده ليعمل مترجمًا لابن قاتل والده في رحلة الأخير للبحث عن أي معلومات يتعرّف من خلالها عن تلك الفترة في حياة والده قاتل اليهود. ننطلق إذاً في رحلة طريق أخرى لاثنين ليسا فقط شديدي الاختلاف في الشخصية (اليهودي البائس الممتنع عن ملذات الحياة في مقابل النمساوي المستهتر المقبل على الحياة عاشق النساء) ولكن أيضًا والد أحدهما قام بقتل والد الآخر على أساس ديني عنصري.

النجاح الحقيقي لهذا الفيلم هو كيفية تحويل هذه القصة الشائكة إلى كوميديا لطيفة جدًا دون أن يفقد القائمون عليه العصب الرئيسي للفيلم بإلقاء الضوء على مدى بشاعة ما حدث من جرائم تطهير غير مقبولة على مختلف العصور وباختلاف الضحايا.

Alpha, the Right to Kill – 6

من المنجزات الهامة أيضًا للدورة الأربعين لمهرجان القاهرة استضافة المخرج الفلبيني الأهم “بريانتي ميندوزا” وهو الحاصل على جائزة أفضل مخرج في مهرجان كان عام 2009. وقد حضر “ميندوزا” كعضو للجنة التحكيم وكمحاضر حيث تم تنظيم ندوة له مع السينمائيين، ولكن كان أيضاً مرافقًا لفيلمه الأخير Alpha, the Right to Kill والذي عرض خارج مسابقة المهرجان. إلا أن مستوى الفيلم جاء مخيبًا جدًا للأمال ومغايرًا للمستوى المعروف عن أفلام ميندوزا. فقصة الفيلم (وهي أضعف ما فيه) مكررة وسبق تقديمها بنفس تلك الحبكات في الكثير من الأفلام حتى المصرية منها.

الضابط الفاسد الذي يقوم بحملة على وكر عصابة إتجار مخدرات وأثناء الحملة نكتشف تواطؤه مع أحد أفراد العصابة (وهو أيضاً المخبر الذي يجمع له المعلومات) ليقوما بالاستيلاء معًا على جانب من أموال وممنوعات العصابة لصالحهما الخاص. وبالطبع مع قرب اكتشاف أمرهما يقوم هذا الضابط (البارع في تقديم نفسه كضابط ملتزم هاديء الطباع) بقتل المخبر شريكه في العملية لإخفاء أي دليل على إدانته. الفيلم من نوعية الأفلام البوليسية التي تناسب فترة الظهيرة أمام أي تليفزيون وهو في رأيي واحد من أضعف أعمال “ميندوزا” في السنوات الأخيرة.

Bombshell: The Hedy Lamarr Story – 7

فيلم وثائقي آخر عرض في قسم البانوراما الدولية ومر عرضه مروراً هادئًا دون أن يلتفت إليه الكثيرون. هيدي لمار هي واحدة من أجمل ممثلات هوليوود في فترة من ثلاثينات إلى خمسينات القرن الماضي وقد كان جمالها هو رأسمالها ومدخلها إلى عالم التمثيل الصعب اقتحامه في تلك الفترة. ولكن من خلال هذا الفيلم نتعرف على أوجه أخرى أكثر عمقاً لتلك الممثلة التي يجهل عنها الشباب الكثير. فنتعرف من خلال رواية هيدي نفسها في مكالمة تليفونية سجلها صانعو العمل مع هيدي قبل وفاتها بقليل أنها (ذات الأصول النمساوية) بدأت حياتها بداية صعبة بزيجة خالية من أي حب مما جعلها تهرب إلى باريس بحثًا عن فرصة لحياة جديدة وجدتها في عالم التمثيل. ولكن أهم ما يكشف عنه الفيلم هو الوجه المجهول تمامًا لهيدي، فتلك الممثلة التي ظلت محاصرة لفترة طويلة من مسيرتها في أدوار الفتاة اللعوب (بسبب نجاحها في لعب هذا الدور في فيلم قامت بتمثيله في النمسا وعرفها الناس به في بداية مسيرتها) كانت تمتلك موهبة أخرى رفض العالم لسنوات طويلة الاعتراف بها. فقد كانت هيدي مهتمة بالعلوم وخاصة ما يتعلق بالموجات والترددات ونجحت بالفعل مع صديق لها (مؤلف موسيقي) في الوصول إلى نظام راديو يعتمد على تكرار الترددات يمكن استخدامه لتطوير تكنولوجيا الاتصالات المستخدمة في ذلك الوقت في مواجهة القوات الألمانية أثناء الحرب العالمية. إلا أن العالم وجموع المتخصصين في علوم الحرب رفضوا الاعتراف بهذا النظام وكان الدافع الأكبر لرفضهم هو عدم تقبلهم تدخل ممثلة غير متخصصة ومعروفة كممثلة إغراء في شئون عسكرية لا شأن لها بها.

الجزء الأخير من الفيلم التسجيلي وهو الجزء الأكثر تأثيرًا يوضح كيف أن مع مرور السنين بدأ العالم يلتفت للنظرية العلمية التي توصلت لها هيدي وبدأوا في تطوير ما قامت به حتى أصبحت تلك التكنولوجيا هي أساس الثورة التكنولوجية التي حدثت في السنوات الماضية مع التوصل إلى تكنولوجيا البلوتوث والواي فاي وغيرها من تكنولوجيات معتمدة على الذبذبات والموجات.

8- في استوديو مصر

الكثير يعرفون استوديو مصر كاستوديو لتصوير وإنتاج الأفلام السينمائية خاصةً أثناء العصر الذهبي للسينما المصرية، والبعض الآخر يعلم إضافةً لذلك دور طلعت حرب أبو الاقتصاد المصري في إنشاء هذا الاستوديو كجزء رئيسي من خطته لتحديث مصر واقتصادها. قامت منى أسعد بتقديم بحث ممتع عن هذه الجوانب في فيلمها الوثائقي الهام “في استوديو مصر” ولكن الأهم هو توثيقها للرحلة التي قام بها مجموعة من السينمائيين المصريين الشباب (آنذاك) الطموحين (المجنونين؟) في عز فترة خصخصة الدولة لممتلكاتها لتولي إدارة هذا الصرح المتهالك وتحويله إلى استوديو حقيقي يواكب العصر السينمائي الحديث.

فريق شركة الإكسير بقيادة المخرج (مع إيقاف التنفيذ) كريم جمال الدين نجحوا في إحداث نقلة نوعية في تقنيات الصورة والصوت في السينما المصرية حين اقتحموا السوق في نهاية تسعينات القرن الماضي مسلحين بثقافة الانفتاح على العالم، ولكن طموحهم لم يتوقف عند هذه النقلة وقرروا اتخاذ خطوة يبدو أنهم لم يكونوا مدركين لخطورتها حين قرروا الدخول في عش الدبابير بتولي إدارة استوديو مصر. منى أسعد كانت حاضرة هذه العملية منذ لحظتها الأولى وفي فيلمها (الذي عرض في قسم العروض الخاصة – خارج المسابقة بالمهرجان) نجحت في إلقاء الضوء على هذه التجربة الهامة التي نساها الكثيرون والتي توضح الحالة المزرية التي وصلت إليها السينما المصرية في ظل ترهّل الدولة وكياناتها المسئولة عن دعم هذه الصناعة. نعيش مع الفريق رحلة الطموح والشقاء والمعافرة ثم الإحباط التي مروا بها خلال رحلتهم من الانتقال من القطاع الخاص حيث حققوا نجاحات مبشرة إلى الوقوع في فخ بيروقراطية الدولة العتيقة المقيّدة لأي إبداع دون أن نملك سوى أن نتعاطف معهم لتصديقهم لحلم انتهى مصيره بأقل كثير مما كانوا يتمنونه. فيلم عظيم يستحق المشاهدة مرارًا.

Green Book -9

كان هذا الفيلم واختياره لافتتاح المهرجان مؤشرًا إيجابيًا على ما نحن جمهور المهرجان مقبلون عليه من وجبة محترمة من الأفلام الهامة. للأسف اقتصر عرض فيلم Green Book على عرض واحد غير مسموح بحضوره سوى لمدعوي حفل الافتتاح رغم الإعلان المبدئي عن تنظيم عرض آخر لجمهور المهرجان.

الفيلم هو أحدث أعمال المخرج الأمريكي الهام “بيتر فيريلي” ويعتبر في رأيي تجربته الإخراجية الأنضج، والدليل على ذلك فوزه بجائزة الجمهور في مهرجان تورونتو السينمائي (وهي جائزة يعرف أهميتها المتخصصون) بالإضافة إلى توقّع الكثيرين له أن يتصدر قائمة الأفلام المرشحة لجوائز الأوسكار لهذا العام. لا يتخلّي “فيريللي” عن أسلوبه الكوميدي في صناعة أفلامه ولكنه يقدم الكوميديا في إطار قصة متماسكة تطرح قضية هامة سبق لكثير من الأعمال طرحها وهي العنصرية التي لاقاها أصحاب البشرة الداكنة في الولايات المتحدة في القرن الماضي.

فيجو مورتينسين” يقدم شخصية الأمريكي صاحب الأصول الإيطالية المندفع الأهوج والذي يؤدي اندفاعه وعصبيته إلى طرده من وظيفته (كحارس في ملهى) مما يجعله يقبل على مضض العمل كسائق ومساعد لموسيقار من أصحاب الأصول الأفريقية لعدة أشهر أثناء جولته الموسيقية مع فرقته في عدد من ولايات الجنوب الأمريكي. نصاحب هذا الثنائي خلال رحلتهما معًا (فهو فيلم من أفلام الطريق- Road Movie) والتي يتخللها الكثير من الأحداث أغلبها تصوّر بشاعة العنصرية الشديدة التي كان يعاني منها أصحاب البشرة الملونة في أمريكا في تلك الفترة بشكل شديد المهانة وكيف أدت هذه المواقف إلى تغيّر نظرة السائق (المائل إلى العنصرية هو الآخر حتى نحو سيّده) من رفض إلى تعاطف ثم صداقة مع هذا الموسيقار الذي صاحبه وعاش معه لعدة اشهر (والذي يقوم بأداءه بشكل عبقري الممثل ماهرشالا علي ليكون أحد أقوى المرشحين لأوسكار أفضل ممثل هذا العام) حتى ينتهى بهما الفيلم وهما يتناولان عشاء عيد الميلاد معًا في منزل السائق وكعضو من أسرته.

A Twelve-Year Night -10

الحب والتقدير الذي لاقاه مخرج هذا الفيلم (الأوروجواني ألفارو بريشنر) من الجمهور المصري خاصةً بعد العرض الأول للفيلم في المهرجان وأثناء استلامه لجائرة الهرم الذهبي في حفل ختام المهرجان قد يوحي أن لهذا المخرج الشاب تاريخ طويل مع الجمهور المصري ومهرجانهم. إلا أن فيلمه الذي عرض في المسابقة الرسمية نجح في لمس قلوب المصريين وفي تحريك مشاعرهم تجاه أحداثه وأبطاله بشكل نادر الحدوث لدرجة أن الجمهور استمر في مطاردة مخرج الفيلم بعد انتهاء العرض والندوة وأصروا على مرافقته حتى خرج تمامًا من المسرح الكبير بدار الأوبرا بعد أن تناقشوا معه طويلًا والتقطوا معه صوراً كثيرة كما لو كان أحد نجوم هوليوود.

الفيلم يستحق هذا التقدير كما يلزم الإشادة بجرأة إدارة مهرجان القاهرة لاختيار هذا الفيلم السياسي شديد الإنسانية الذي يحكي قصة 12 عام من الديكتاتورية والقمع العسكري مرت بهم أوروجواي في الفترة من (1973-1985) قبل العودة مرة أخرى إلى طريق الديموقراطية الصحيحة. يلقي الفيلم الضوء على هذه الفترة من خلال رصد العذاب الذي تعرض له ثلاث رجال من القوى المعارضة لهذا الحكم داخل سجون النظام القمعي والذي تخلله تعذيب مستمر لهم وعزل عن جميع مظاهر الحياة (بما في ذلك منعهم من الحديث إلى بعضهم) مع الانتقال إلى حياتهم ما قبل السجن وطبيعة علاقاتهم الإنسانية بأسرهم.

وينتهى الفيلم مع انقشاع تلك الموجة الديكتاتورية وهزيمة هذا النظام من خلال الانتخابات وبالتالي خروج الثلاثة من السجون بعد تلك السنوات من الانقطاع عن الحياة ليعودوا إلى لعب دورهم التنويري في ظل نظام ديموقراطي حر سمح لأحد الثلاثة بأن يصبح رئيسًا لدولة أوروجواي في عام 2010 وحتى عام 2015.

موقع "إعلام.أورغ" في

16.12.2018

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)