كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

          "القاهرة السينمائي الـ40":

صخب إعلامي بسبب فستان وحضور شبابيّ

القاهرة ـ نديم جرجوره

القاهرة السينمائي الدولي

الدورة الأربعون

   
 
 
 
 
 
 

انتهت الدورة الـ40 لـ"مهرجان القاهرة السينمائي الدولي" بصخبٍ إعلامي تعتاده وسائل تلفزيونية ومواقع إلكترونية، غير مهتمّة بالسينما وأفلامها وهمومها وجمالياتها وتأمّلاتها واقتصادها. صخب تتبوّأ صدارة صُنعه محطات تلفزيونية مكترثة بنجومٍ يغلب عليهم الطابع المحلي، وبخطاب ممجوج عن وطنيات وبلد وفولكلور، وبأزياء تتنافس مذيعات على من هي أكثرهنّ فهمًا وإدراكًا في هذا المجال، بينما يطرح بعضهنّ أسئلة مُكرّرة فتكون الأجوبة مسطّحة ومتشابهة. 

صخب الإعلام التلفزيوني المصري إزاء مهرجان ـ يحمل اسم القاهرة، وله تاريخ من الحضور والتأثّر والتأثير ـ غير معنيّ بأحوال دورة يُفترض بها أن تفترق عن دورات سابقة، بتقديمها بعض المفيد وبعض الجديد وبعض المختلف. لكن السابق على حفلة الختام ـ المعروف دوليًا باسم "السجادة الحمراء"، والذي تتباهى مذيعات تلفزيونيات بلفظه بإنكليزية ركيكة ونبرة باهتة ـ يُشعِل حراكًا ينفضّ عن السينما لشدّة سذاجته وسطحيته، رغم تدخّل جهات رسمية فيه لوضع حدّ لـ"مهزلة"، يظنّ قيّمون على الجهات تلك أنها ناشئة من سلوكٍ يرفضونه وينقضّون عليه. 

المثل الأبرز على ذلك كامنٌ في الضجّة المفتعلة حول فستان رانيا يوسف، التي تعرّضت لهجوم وتقريع وتوبيخ على "زيّ فاضح" ارتدته لحضور حفلة الختام (وهو زيّ قبيح لا فاضح)، إلى درجة أن "نقابة المهن التمثيلية" عبّرت عن "انزعاجها" من "مظهر" بعض ضيفات الحفلة نفسها، مرتكزة في بيانها على أن "كثيرين من المهتمّين بالشأن الثقافي والفني" عبّروا هم أيضًا عن انزعاجهم. والنقابة تريد تحقيقًا "مع من تراه تجاوز في حقّ المجتمع، وسيلقى الجزاء المناسب، حتى تضمن عدم تكرار ذلك"، والتحقيق سيُجرى "بالتنسيق مع الإدارة العليا للمهرجانات واتحاد النقابات الفنية". 

بين فستان رانيا يوسف وموقف النقابة وضجيج وسائل التواصل الاجتماعي، بدا المشهد عاديًا للغاية في مدينة كالقاهرة مقيمة في تناقضاتها القاسية. الأسوأ من ذلك حاضرٌ في إجابات ضيوف مصريين عن سؤالين اثنين: ما هو رأيك في الدورة الجديدة؟ وما هي الأفلام التي أعجبتك؟ الفضيحة كامنةٌ في أنّ ممثلات عديدات يمتلكن إجابات واحدة كأنها مُنزلة عليهنّ من قيادة مركزية أو من إدارة عامة: إطراء يُمكن أن يُقال في مناسبات كثيرة، بينما غالبيتهنّ الساحقة لا يعرفن عناوين الأفلام التي شاهدنها و"أُعجبن" بها. 

لكن الدورة الـ40 (20 ـ 29 نوفمبر/ تشرين الثاني 2018) لـ"مهرجان القاهرة السينمائي الدولي" أكبر من صخب عابر، وأهمّ من ضجّة تلفزيونية ومتابعة إعلامية تهتم بحفلتي الافتتاح والختام. فالبرنامج حافلٌ بنتاجات حديثة مثيرة لنقاشات نقدية مختلفة منذ عروضها الدولية الأولى في مهرجانات أساسية، كبرلين و"كانّ" وفينيسيا وغيرها؛ وبعض العروض جاذبٌ لمشاهدين يملأون الصالات المخصّصة بالمهرجان في "دار الأوبرا"، لمتابعة المعروض ومشاهدة الأفلام والتنبّه إلى عوالم سينمائية مختلفة، علمًا أن الدورة الحالية شهدت ثرثرة أخفّ، واستخدامًا أقلّ للهواتف المحمولة. أما خروج مشاهدين أثناء العرض فاستثنائيّ، إذْ تبدو البرمجة غنيّة بما يرغب هؤلاء في مشاهدته. 

لكن هذا كلّه لا يشمل العروض كلّها. فالتفاصيل المذكورة تحدث بين حين وآخر، في هذه القاعة أو تلك، علمًا أن عاملين في "دار الأوبرا" لا ينتبهون إلى ضرورة الصمت المطلق أثناء العرض. كما أن البعض رفض الامتثال لنظام يُراد له ترتيب الجلوس في "المسرح الكبير" مثلاً وفقًا للبطاقات التي حصل عليها، إذْ توجد في المسرح طوابق وشرفات مختلفة. فالبعض هذا تعامل مع الشابات المتطوّعات بمنطق فوقي وبمفهوم الضحية (الشيخوخة والتعب يحولان دون تحرّك سليم)، ونادرًا ما استجاب البعض لمطالب المتطوّعات بضرورة الالتزام بالمقاعد المخصّصة لهم وفقًا للبطاقات، خصوصًا أن مقاعد "المسرح الكبير" محجوزة بكاملها في عروض عديدة. 

الشابات والشبان المتطوّعون يلتزمون المطلوب منهم. هذا واضح في تصرّفاتهم وتحرّكاتهم. لكن الحسّ الشبابيّ طاغٍ أيضًا في البرمجة والإدارة والاهتمام الثقافي والفني بسينما مختلفة، عربية وأجنبية. ما قاله محمود حميدة في تقديم حفلة الختام يعكس شيئًا من أسلوب محمد حفظي، رئيس الدورة الـ40، أكثر المعنيين بالهمّ الشبابي إنتاجًا ومتابعة ومواكبة واشتغالاً. فحميدة اعتبر أن السينما "هي الشباب الدائم" وأن اكتمالها وبهاءها متأتيان من "صنّاع شبابها المقبلين على الحياة". 

هذا ملموس في اهتمام واضح بسينما شبابية، مصرية وعربية تحديدًا، ما يُذكِّر بالفعل الثقافي للناقد الراحل سمير فريد، عند تولّيه رئاسة الدورة الـ36 (9 ـ 18 نوفمبر/ تشرين الثاني 2014). كما هو ملموس بتأكيد أهمية حضور الشباب في مفاصل المهرجان وبرامجه ومسابقاته، بدءًا من تعيين أحمد شوقي في منصب نائب المدير الفني. ولهذا انعكاسات إيجابية تحتاج إلى وقتٍ واشتغال لظهور تأثيراتها وأفعالها التجديدية. فاختيار 3 أفلام مصرية على الأقلّ للمشاركة في الدورة الأخيرة هذه، وفوز اثنين منها بجوائز مختلفة، دليلٌ على ما هو أعمق من رغبة عابرة: هذا توجّه ثقافي فني متكامل. فإلى جانب "ورد مسموم"، الفائز بـ3 جوائز (صندوق الأمم المتحدة للسكان، و"صلاح أبو سيف ـ جائزة لجنة التحكيم الخاصة" في مسابقة "آفاق السينما العربية"، وأفضل فيلم عربي)، و"ليل/ خارجي" لأحمد عبدالله السيّد (جائزة أفضل ممثل لشريف الدسوقي)، هناك أول خطوة إخراجية لأحمد مجدي، بعنوان "لا أحد هناك".

 

####

 

"مهرجان القاهرة السينمائي الـ40": جماليات البرمجة

القاهرة ـ نديم جرجوره

تنتهي الدورة الـ40 (20 ـ 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2018) لـ"مهرجان القاهرة السينمائي الدولي"، بعد احتفال بأفلامٍ تشق طريقها إلى مزيدٍ من النجاح الجماهيري، والمرافقة النقدية الباحثة في دلالاتها وحالاتها وأمزجة صانعيها. دورة تستقطب عناوين مثيرة لاهتمام ومتابعة، وتعكس شيئًا من نضارة الصناعة ومفرداتها، وتفرد حيّزًا لاقتصادها وتمويلها وإنتاجها. 

المسابقات ثرية بأفلام دولية، بعضها فاعل في المشهد السينمائي العام: "مانتا ـ راي" للتايلاندي فونتيفونغ أرونفينغ، و"روما" للمكسيكي ألفونسو كوارون ("العربي الجديد"، 26 نوفمبر/تشرين الثاني 2018)، و"النهر" للكازاخستانيّ أمير بايغازين ("العربي الجديد"، 12 أكتوبر/تشرين الأول 2018)، و"أمين" للفرنسي فيليب فوكون، و"طيور الممرّ" للكولومبية كريستينا غالياغو وثيرو غيرّا، و"دونباس" للأوكراني سيرغي لوزنيتسا (الأفلام الـ3 الأخيرة مُشاركة في المسابقة الرسمية)، وغيرها. 

اللائحة طويلة. الغنى الجمالي في الأفلام المختارة يعكس حيوية فنِّ مستمرّ في تخطي المصاعب كلّها، التي تحاصره في بلدانٍ غير مُصنِّعة له. الغنى الجمالي مفتوح على مواضيع وكتابة ومعالجة، كما على بناء درامي وأداء ومناخات. "أمين" مثلاً مشغول بسؤال مُلحّ في راهن دولي يُثير متاعب وإشكالات: الهجرة. الابتعاد عن الـ"كليشيهات" يُقابلها اقتراب من حساسية إنسانية في مقاربة حكاية أمين (مصطفى إمبينغي)، السنغاليّ المُقيم في فرنسا منذ 9 أعوام. مصائب اليوميّ لن تحول دون اختباره تجربة عاطفية مع غبرييل (إيمانويل دوفو)، ولن تمنعه من اكتشاف مزيدٍ من معطيات العيش في ذاك البلد. التجربة نفسها تتخطى حاجز اللغة والانتماء الاجتماعي والطبقي، من دون أن يُسرف الفيلم في تناول مسائل كهذه، فالهمّ الأبرز إنساني بحت، والمعالجة معنيّة بأسئلة الثقافة والهوية والعلاقات، المطروحة ببساطة وسلاسة. 

التجربة الفرنسية لأمين تضعه أمام اختبار آخر: له زوجة و3 أولاد في بلده. البحث في المسائل المذكورة أعلاها منطلقٌ من عوامل عديدة: هجرة أمين بحدّ ذاتها، لقاؤه غبرييل، ارتباطه بعائشة (زوجته)، رغبته في خلاص أو هناء، عيشه المحاصر بخوف وقلق. هذا كلّه مرويّ بتبسيطٍ يحمل عمق الأسئلة، وبسلاسة تمتلك تأمّلاً في مضامينه. "أمين"، المرتكز على فكرة لياسمينا نيني ـ فوكون، مبنيٌّ على بحث عملي يتمثّل في لقاءات عديدة مع أناس يعيشون الظروف نفسها لأمين: عاملون في بيوت الشباب، مقيمون في أمكنة متفرّقة تتشابه في انتمائها إلى طبقة اجتماعية فقيرة ومهمّشة، نساء ينتظرن أزواجهنّ في البلاد الأصلية لهؤلاء الرجال، ويربّين أولادهنّ بانتظار العودة المنشودة للمغادرين، إلخ. هذا يهدف إلى فهم وقائع يعيشها أناس راغبون في الهجرة. 

لكن "أمين" منصرفٌ إلى سرد حكاية رجل واحد يخوض تجربة تضعه على حافة هاوية. واختباراته الفرنسية مدخلٌ إلى ذاته، كمن يجتهد لمصالحة معها وسط ارتباك الهجرة والعلاقات والمشاعر. 

أما "طيور الصيف" (الترجمة الحرفية للعنوان الأصلي: Pajaros De Verano)، فيختار نمطًا بصريًا مختلفًا للغاية، لسرد ما يُمكن اعتباره بمثابة رواية موثّقة عن نشوء "كارتلات" المخدرات في كولومبيا. القصّة تشي بتشويق وحركة، لكن المُشاهدة تمنح متعًا بصريًا تمتد من الصورة والإضاءة والصوت، إلى المناخ والأساطير والأمكنة والنزاعات. حبكة الفيلم منطلقة من رغبة رابايِتْ (خوسي أكوستا) في الزواج بزايدة (ناتاليا رايّس)، وهذا يُفترض به أن يكون عاديًا، لو أن الشاب غير منتمٍ إلى قبيلة "وايو"، وغير متحدّر من سلالة تعرف صراعاتٍ جمة لكنها تُدرك معنى التوافق والسلم والانفتاح. الشرط الوحيد للقبول به زوجًا، يتمثّل في مَهْرٍ موزّع على حيوانات وقلادات، ما يُورِّط رابايِت في تجارة المخدرات لأميركيين مُقيمين في إحدى القرى الشمالية في كولومبيا. 

جمالية "طيور الصيف" متحرّرة من تقنيات نوع سينمائي يسرد كواليس تجارة المخدرات، وما تُنتجه من نزاعات عنفية ودموية. هناك ـ بالإضافة إلى سرد حكاية نشوء الـ"كارتلات"، في كولومبيا، في سبعينيات القرن الـ20 ـ كمٌّ من القصص الشعبية والأساطير الموغلة في القِدم، وهي ركيزة عيش ضمن بناء اجتماعي متوارث جيلاً تلو آخر، وهو (البناء) كفيلٌ باستمرارية عشائر وقبائل. لذا، ما يبدأ كقصة حب وتقليد اجتماعي بسيط، يتحوّل إلى عوالم ثرية بصُوَرها السينمائية الآسرة، ويتفنّن كثيرًا في كيفية استخدام التقنيات داخل السرد الحكائيّ: كادرات ولقطات وموسيقى وهندسة صوت وإضاءة، بشكل خاص. كما أن التقنيات تلك متمكّنة من كشف تفاصيل دقيقة عن عادات وأنماط احتفالات محلية، ما يُثري النصّ السينمائي ويجعله أمتن في تقديم رواية الـ"كارتلات". 

إلى ذلك، وفي ظلّ النزاعات المستمرة في أوكرانيا، يأتي "دونباس" ـ المعروض في افتتاح مسابقة "نظرة ما" في الدورة (8 ـ 19 مايو/أيار 2018) لمهرجان "كانّ" السينمائي ـ ليكشف شيئًا من أهوال حربٍ، وانكسار مدينة، وخيبات أناس وجنونهم. أوصاف مختلفة قيلت عنه (مهزلة مأسوية، كوميديا سوداء)، لكنها أعجز من أن تَفِي جمالياته حقّها. فالتداخل قاسٍ وجميل بين الواقعيّ والتاريخيّ والإنساني والاستخباراتي والعسكري؛ والكاميرا (أولِغ موتو) أقدر على تفتيت كلّ شيء تلتقطه في مساره المتجوّل بين أناس وحالات وانفعالات؛ والتوليف (دانياليوس كوكانوسكيس) يستكمل عملية البناء الدرامي بأسلوبٍ سلس، لكنه مفتوح على المبطّن أو المخبّأ في ثنايا الحكايات والمسارات والمصائر. 

نماذج تقول شيئًا من جمالية برمجة سينمائية، يعتمدها مهرجانٌ يُراد له الصمود في مواجهة تحدّيات جمّة.

العربي الجديد اللندنية في

01.12.2018

 
 
 
 
 

النساء ينقذن العالم

د. أحمد عاطف دره

تمتلئ قصص النساء دائما بعمق انسانى كبير. وقدرة على حشد المشاعر وتفجير للحظة الدرامية المؤثرة. فالمرأة فى حد ذاتها كائن درامى بامتياز. آلامه مركبة وتحدياته كبيرة. والمشاعر التى تملؤه تقوده لتجارب فارقة. المرأة تعتمل بداخلها اشياء كثيرة ومازالت تحارب بعد كل هذه السنوات من أجل ان تأخذ حقوقها، حتى فى الغرب. مازالت تتألم وتناضل من أجل ألا يستغل الاخرون ضعفها الجسمانى لانتهاكها او التعدى على حقوقها. ما زالت تريد التعبير عن نفسها ومازال قلبها يمتلئ بالخير رغم الصعاب. النساء هن كائنات الله الجميلة الرقيقة المتأثرات بأى موقف مهما صغر والحاملات للمشاعر الجياشة. يستحق الشعر أن يكتب فيهن حتى نهاية الزمان. فمن أهم من الأم والزوجة والابنة والأخت فى حياتنا. هن الأعز بلاريب. وهن من يشعرون دائما بالحنان وسط قسوة الحياة. وقصصهن معين لا ينضب لا تكل السينما من اللجوء اليه . وأجمل الأفلام التى شاهدتها فى الدورة الاربعين من مهرجان القاهرة السينمائى كانت عن عوالم النساء.

وعلى رأس الافلام المهمة جاء الفيلم الايسلندى امرأة فى حرب. وهو عن امرأة تدافع عن الطبيعة فى بلدها بكل قوتها. تذهب لوحدها للمناطق البعيدة. تحمل قوسا وسهما وتحطم الابراج المعدنية الضخمة التى تنقل الكهرباء مدمرة لأى خصوبة فى المكان. السيدة تؤمن بما تفعل ولا تنتظر احدا. اطلقت عليها الصحافة سيدة الجبال. وانكبت بعض الجهات الرسمية هناك على محاربتها من خلال القنوات التليفزيونية. فقررت ارسال ورقة لأغلب اهالى مدينتها تخبرهم بعدالة قضيتها وأن ما تفعله لمصلحتهم جميعا. لا يساعدها احدا إلا اختها التوأم ورجل مزارع تقليدى. تتلقى ردا ايجابيا من مركز للأطفال فى اوكرانيا بموافقتهم على تبنيها طفلة. تقرر تنفيذ عملية أخيرة لتدمير الابراج قبل رحيلها. لكن كل الجهات تتعقبها بالطيران والرادارات وغيرها. حتى يقبضوا عليها وهى على بعد مئات الامتار من مطار المدينة. تأتى اختها التوأم لزيارتها. وتبدل ملابسها معها فى غمضة عين رغم مراقبة الكاميرات لكى تتيح لها السفر لاستلام الطفلة المتبناة. ناهيك عن القصة الانسانية العميقة للفيلم، فأسلوب الاخراج مجدد واستثنائى. مزج ما بين السخرية وروح الشعر مع كسر الايهام على طريقة بريخت مثل إظهار عازفى الموسيقى التصويرية بوسط الأحداث وكذلك ظهور متخيل لمطربات فولكلور اوكرانى بملابسهن التقليدية

مع لا تقليدية على الاطلاق فى بناء المشهد، حيث التركيز على الوجه بشكل مفاجئ وحسبما تقتضيه اللحظة الدرامية المهمة. عرض الفيلم ضمن قسم اسبوع النقاد بالمهرجان الذى اداره الناقد أسامة عبد الفتاح ويستحق التحية لاختياراته الصائبة.

اما قسم أضواء على السينما الروسية المعاصرة فعرض الفيلم الروسى معركة من أجل سيباستوبول اخراج سيرجى موكليتسكى. ويحكى قصة فتاة أصبحت من أشهر القناصة فى الحرب العالمية الثانية مع الجيش الاحمر التابع للاتحاد السوفييتى. وبعيدا عن كونه فيلما حربيا يقدم الالة العسكرية وقدرتها على صد العدوان النازى، لكن الأهم أنه يقدم فتاة ذات إرادة فولاذية وعزيمة لا تلين. إنها البطلة السوفييتية لودميلا بافليشينكو. وتقدمها الاحداث أثناء زيارة اليانور روزفلت زوجة الرئيس الامريكى لها فى جولتها بالاتحاد السوفييتى، فتحكى لها لودميلا عن قصتها منذ البداية وكيف ان والدها كان يعاملها بقسوة لانه كان يريد ذكرا يصبح عسكريا. فقررت ان تكون هذا البطل المأمول. ومن معركة لمعركة لا تتوانى وتذهب للتضحية بنفسها حتى أقصى درجة. ثم تصاب اصابة موت. ترفض اتمام العلاج وتقنع الطبيب الذى يحبها بأنها لائقة فى العودة لأرض المعركة. وتصبح اسطورة فى القتال اثناء حصار مدينتى وديسا وسيباستوبول.

أما الفيلم الثالث الرائع فهو فيلم ايكا من كازاخستان والحاصل على جائزة افضل ممثلة بمهرجان كان الماضى. ومرشح هذه الدولة لأوسكار أفضل فيلم اجنبى.و يحكى قصة سيدة من كيرجيستان تعيش بدون إقامة شرعية فى موسكو. تنجب طفلا وسرعان ما تتركه مؤقتا وتهرب من المستشفى يملؤها الاعياء. وسرعان ما نفهم أنها تريد تدبير المال لرد دينها الذى اقترضته من احدى العصابات هناك. ويتمتع الفيلم بشريط صوت استثنائى يظهر الحمل النفسى على البطلة وعدم قدرتها على تحمل مزيد من الضغط حتى لو كان مجرد نباح كلاب أو صراخ اطفال أو قعقعة دجاج. إنه الحصار فى اقصى صوره لامرأة تعانى فى مجتمع يلفظها وهى تقاوم حتى أخر نفس.

الأهرام اليومي في

01.12.2018

 
 
 
 
 

هل سمعة مصر تنتظر فستان رانيا؟

طارق الشناوي

كم تمنيت أن يعرض الفيلم الرائع الحائز على الهرم الذهبى (ليلة الاثنى عشر عاما) فى ختام المهرجان، وأن يهدى المنظمون لرواد الحفل تلك الهدية المجانية، إلا أن هذه السُنة الحميدة تم إلغاؤها منذ 15 عاما، ولم يتم إصلاح الأمر فى عهد حفظى.

من شاهد الفيلم، مثل كاتب هذه السطور، سيشعر ولا شك برغبة للرؤية مجددا، فى كل الأحوال تم تنظيم عرض لكل الأفلام الفائزة فى اليوم التالى داخل دار الأوبرا، واستمتعت لثانى مرة ومستعد من الآن للثالثة.

لا يزال بداخلى شحنة للكتابة عن الشريط السينمائى الرائع، الذى قدم درسا بليغا، بقيادة المخرج الفارو بريخنر، ولكنى أرجأتها للغد، اكتشفت أن نقابة الممثلين لا تزال تواصل الجولة الثانية فى معركة فستان رانيا، وأن نقيب الممثلين أشرف زكى يؤهل نفسه لكى يلعب دور (المحتسب)، رافعا الخيزرانة، ويقيس حاليا أطوال الفساتين كم سنتيمتراً فوق الركبة مسموحا به، وما هو الاتساع الشرعى الذى ينبغى ألا تتجاوزه فتحة الصدر.

الوسط الفنى، خاصة قبيلة الممثلين، يعيشون قبل عدة شهور تحت وطأة الخوف من عام قحط يطل بشراسة عليهم، بينما الجهة النقابية المنوط بها حمايتهم مشغولة بإطالة النظر لما تحت القماش الشفاف الذى ارتدته الممثلة الباحثة عن الشهرة.

تخيل أن سفاحا يدخل بيتك ممسكا بسكين لقتلك، بينما أنت تعتبرها قلة ذوق، وتسأل لماذا لم يرن الجرس أولا، ولم يرتد الإسموكن والببيون، حتى يُصبح جديرا بلقائى؟.

الوسط الفنى، وخاصة الممثلين، يعيشون فى حالة رعب وهم ينتظرون عام القحط الدرامى القادم، تقلص عدد المسلسلات المتاحة هذا العام إلى 15، بعد أن كان الرقم قد تجاوز الـ40، أنا لا أتحدث عن النجوم، هم فى النهاية ضعف أصابع اليدين، سيعمل مثلا نصفهم، كما أن لديهم أرصدتهم البنكية، سيعيشون تحت مظلتها حتى إشعار آخر، إلا أن المأساة سيعيشها الممثلون الذى تعودوا على أن يلعبوا أدوارا صغيرة، هؤلاء بالآلاف، رمضان بالنسبة لهم هو موسم الحصاد، من خلاله يستطيعون توفيق أوضاعهم المالية، ودفع أقساط المدارس، وغيرها، لم أستشعر أى غضبة معلنة أو حتى حسرة مكبوتة أو مواساة يعلنها أشرف زكى ورفاقه من أعضاء مجلس الإدارة لمواجهة تلك المأساة، بينما يصدر بيانا يطلب فيه الالتزام بالملابس المحتشمة، لم يستطع النقيب توجيه اتهام مباشر للممثلة، ولهذا تناول فى البيان حفلى الافتتاح والختام، رغم أنه لم تحدث مشكلة فى الافتتاح.

هانى شاكر، زميل أشرف زكى فى مقعد نقيب الموسيقيين، حاول قبل عامين تقنين ملابس المطربات، فتحول إلى مادة للسخرية عبر (السوشيال ميديا).

العقاب نالته رانيا- ولا تزال- عبر كل مواقع التواصل الاجتماعى، شظايا تلك القنابل تتناثر، الغريب أن بعض الإعلاميين يعتبون على وزيرة الثقافة لأنها سمحت بدخول تلك الفساتين، هل هذا الدور من الممكن أن تلعبه الدولة، ممثلة فى وزيرة الثقافة؟!.

رانيا واحدة من الفنانات اللاتى يعشقن التواجد إعلاميا، عمال على بطال، وأحيانا بطال على بطال، هى لم تنكر ذلك، بل كتبت على صفحتها للمنافسات (موتوا بغيظكم)، ثم كررت حجة أخرى خايبة أكثر من الأولى، أنها تريد أن تُثبت للبنانيات، وخاصة بالذكر هيفاء وهبى ومايا دياب، أن (البلدى يوكل)، والبضاعة المصرية أقوى وأحلى والفستان أكثر شفافية!.

رانيا حدث عابر لا ينبغى، كما يحاول البعض، ربطه بسمعة مصر، لا أظن أن أشرف سيأخذ الأمر بجدية ويراجع الفساتين، هو فقط استشعر أن هناك غضبا فى المجتمع فأراد أن يركب كعادته الموجة ليثبت للدولة أنه الديك فى العشة قادر على الصياح، وإخافة الفراخ، الممثلون يرهبهم عام القحط المتربص بهم، حيث لا زاد ولا زواد، بينما النقيب يسأل عن «الكاتشب»!.

المصري اليوم في

01.12.2018

 
 
 
 
 

محمد حفظي لـ"مصراوي": سددت ديون "القاهرة السينمائي" واشترينا آلات عرض سنهديها للأوبرا

كتبت- منى الموجي:

طموحات وآمال كبيرة، حلم بتحقيقها مع توليه رئاسة الدورة الأربعين لمهرجان القاهرة السينمائي، بهدوءه المعروف عنه، استطاع أن يتخطى الكثير من المعوقات التي كان الاستسلام لها سيتسبب في دخول المهرجان في نفق مظلم لا يتمناه أحد لمهرجان عريق يحمل الصفة الدولية، هو المنتج والسيناريست محمد حفظي، الذي شهد الجميع بنجاحه في تقديم دورة استثنائية ليست فقط لأنها تحمل رقم 40 ولكن بسبب ما حملته من جديد من فعاليات، ولجودة الأفلام المشاركة، وغيرها من الأمور..

وفي تصريحات خاصة لـ"مصراوي"، قال حفظي إن مع بداية توليه رئاسة المهرجان، كان يعلم أن طموحاته تحقيقها سيحتاج لثلاث دورات على الأقل، مضيفًا "بدأت في الدورة الأربعين تحقيق بعضًا من طموحاتي، منها أمور ملموسة حتى يشعر الناس بفرق، فصححنا بعض الأخطاء".

وقال حفظي إنه حدد لنفسه مجموعة من الأهداف، مع بداية العمل على الدورة التي انقضت قبل ساعات قليلة، وحرص على السير فيها بالتوازي، مؤكدًا أنه نجح في تحقيق انجاز في كل الأهداف، موضحًا "بدأنا برنامج للصناعة من خلال أيام القاهرة لصناعة السينما، ومن الأهداف الأساسية أن تشهد الدورة الأربعون إقبالًا أكبر، وجود برمجة أفضل واختيار أفلام أهم، مع الحرص على تواجد أصحابها لعقد مناقشات تجمعهم بجمهور الفيلم".

وأضاف "كذلك بدأنا الاهتمام بالسوشيال ميديا، مع وضع خطة تضمن الترويج بصورة أكبر للمهرجان، ومراعاة وجود تواجد أكبر للصحافة العالمية، إلى جانب تخصيص جوائز مالية، واستحداث برنامج عروض منتصف الليل، وسينما الواقع الافتراضي، وإطلاق تطبيق على التليفون خاص بالمهرجان وفعالياته، ومراعاة لعدم تكرار أي شكوى من صنّاع الأفلام المشاركة بالمهرجان من سوء آلات العرض، التي تتسبب في خروج أفلامهم بصورة لا يرضون عنها، قمنا بشراء شاشات وآلات عرض للمسرح الصغير والكبير، وسنهديهم للأوبرا، حتى لا نحتاج في الدورات المُقبلة للتأجير، والحمد لله حققنا نسب متقدمة في كل ما سبق".

لا ينكر حفظي وجود بعض السلبيات التي شابت الدورة الأربعين من المهرجان، رغم حرصه على ألا يقع أي خطأ، ويوضح "كان نفسي ألا يتم إلغاء أي عرض، وأن تبدأ كل الفعاليات في وقتها المحدد بالبرنامج".

وفيما يتعلق بالميزانية التي كانت تسبب معاناة حقيقية لكل من ترأسوا المهرجان في دوراته السابقة، أكد حفظي أن التعاقد مع عدد من الرعاة ساعد في توفير ميزانية معقولة، مضيفًا "في حال التزام من تعاقدنا معهم، سيكون هناك فائض، لافتًا إلى أنه نجح مع حصوله على الميزانية المحددة للمهرجان هذا العام، في سداد الديون التي ورثها عن الدورة الـ39".

وبسؤاله كيف ينظر الآن لأزمة تكريم الكاتب والمخرج الفرنسي كلود ليلوش، بعد مرورها، قال "دلوقتي لما برجع أفكر فيها بقول لازم نأكد على فكرة إن المهرجان مُجرد من السياسة ولا يجب أن يُحمل بأي حاجة لها علاقة بالسياسة، احنا مهرجان سينما ولما بنكرم حد بيكون بناء على مشواره السينمائي، وسأظل أؤكد أن المهرجان يحترم القضية الفلسطينية ويقف إلى جوارها".

وفي ختام تصريحاته لـ"مصراوي"، قال حفظي إنه سيوافق على تولي مسؤولية المهرجان مجددًا، إذا عرضت عليه وزارة الثقافة برئاسة الدكتورة إيناس عبدالدايم، الاستمرار في العمل كرئيس للمهرجان في دورته المُقبلة الـ41.

جدير بالذكر أن فعاليات الدورة 40 من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي أقيمت في الفترة من 20 حتى 29 نوفمبر الماضي، وشهدت الفعاليات إقبالًا كبيرًا من الجمهور ونجوم الفن.

موقع "مصراوي" في

01.12.2018

 
 
 
 
 

أبطال فيلم «ليل خارجى» يكشفون لـ «الشروق» كواليس الفيلم

إيمان محمود

·        شريف دسوقى: سعيد بجائزة أحسن ممثل بمهرجان القاهرة السينمائى.. وأعتبرها تعويضا عن سنوات من التعب

·        منى هلا: شخصية «توتو» أرهقتنى.. واعتمدت على رسم تفاصيلها بنفسى 

·        كريم قاسم: «مو» يشبهنى كثيرا.. وحققت حلمى بالعمل مع المخرج أحمد عبدالله

قال الفنان شريف دسوقى، الحائز على جائزة أفضل ممثل بالدورة الأربعين بمهرجان القاهرة السينمائى الدولى: إنه استقبل الخبر بسعادة غامرة، فلم يكن يتوقع الجائزة، واكتفى بردود الأفعال الإيجابية واستحسان الجمهور للفيلم بعد عرضه، لأن المنافسة كانت صعبة جدا بين الأفلام، ووسط ممثلين من أنحاء العالم أكثر منه مهارة وخبرة وتدريبا، لكنه يرى أن لكل مجتهد نصيب، معتبرا الجائزة تعويضا وتكليلا لمجهود وتعب سنوات من التدريب وتجارب الاحتراف البسيطة ومشروعات الهواة التى قدمها خلال السنوات الماضية خاصة على خشبة المسرح.

وأضاف «دسوقى» فى تصريحات خاصة لـ«الشروق»، أنه شارك من قبل فى المهرجان بفيلم روائى قصير بعنوان «حار جاف صيفا» مع المخرج شريف البندارى، وحصل الفيلم على جائزة أيضا، لكنها المرة الأولى التى يفوز فيها بجائزة خاصة من المهرجان.

وحرص «دسوقى» على إهداء الجائزة لكل صناع وأبطال الفيلم، الذين منحوه الفرصة للوجود وخروج العمل بهذا الشكل الناجح، وأيضا الأساتذة الذين تبنوا موهبته ودعموها، وإثقالها على الرغم من عدم دراسته للتمثيل.

وتابع «دسوقى»، أنه يحب كونه فنانا مستقلا، وهذه الجائزة فرصة مهمة لمزيد من السعى والاجتهاد للتقدم فى مشواره الاحترافى فى مجال التمثيل.

وعن دوره فى الفيلم «كسائق تاكسى»، قال: إن الدور كان له ظروف خاصة، واعتمد فيه بشكل أساسى على الارتجال، وهو ما اكتسبه من خبراته فى العمل المسرحى، مشيرا إلى أنه شارك فى العديد من عروض «الحكى» وكان لديه مخزون كبير من فن الارتجال.

وأوضح «دسوقى» أن الفيلم يتناول الحياة الاجتماعية فى مصر، عن طريق 3 شخصيات من طبقات اجتماعية مختلفة، من خلال شخصية مصطفى سائق التاكسى التى يجسدها، وشخصية «مو» المخرج السينمائى الذى يجسدها كريم قاسم، و«توتو» فتاة الليل التى تجسدها منى هلا، فالبرغم من قربهم الجغرافى فى العاصمة، بمناطق «المعادى، وحدائق القبة، ودار السلام» والبعد الطبقى بين سكانها، والفاصل بينهم محطة واحدة، إلا أنهم يعيشون فى عوالم مختلفة داخل مجتمع واحد.

كما أشاد بالمجهود الكبير للمخرج أحمد عبدالله فى الفيلم، فهو مخرج مميز فى العمل، واعتمد على منهج واضح فى الارتجال خلال التصوير، ومنحهم حرية منضبطة ولم يسمح لأى ممثل بتخطى الحدود المتفق عليها، ولذلك وجد التجربة ممتعة جدا أثناء التصوير.

ومن جانبه، قال الفنان كريم قاسم: إن سبب تحمسه للمشاركة فى الفيلم هو المخرج أحمد عبدالله الذى عرض عليه فكرة العمل، خاصة أنه يحب نوعية الأفلام التى يقدمها عبدالله ومن المعجبين بها، فكانت المشاركة معه بفيلم حلما.

وأضاف قاسم فى تصريحات لـ«الشروق»، أن شخصية «مو» التى يجسدها فى الفيلم تشبه شخصيته الحقيقية إلى حد كبير، فهو شاب خريج الجامعة الأمريكية ومن طبقة اجتماعية معينة وليس لديه احتكاك بالطبقات الأخرى ويعيش فى عالم خاص به، حتى يضطر للتعامل مع أشخاص من مناطق وطبقات أخرى فيكتشف عالما آخر.

وأوضح قاسم أن سر نجاح الشخصيات هو الحرية فى العمل والارتجال ولم يتم الاعتماد على السيناريو بشكل دائم، وقبل التصوير كانت تجرى عدة بروفات للمشهد، لترك مساحة للكلام والتفاعل دون تقييد بالسيناريو وهو ما خلق نوعا من الطبيعية والحيوية فى الحوار، وكانت طريقة التصوير كأنه فيلم وثائقى، فكانت الكاميرا تتحرك مع كل الشخصيات فى كل حركة أثناء الحوار، وهو ما خلق الحالة الحقيقية فى الفيلم.

وأضاف قاسم أنه يحاول التوازن بين تقديم الأعمال التجارية ذات القيمة وبين الأفلام المستقلة التى تنافس بالمهرجانات، على الرغم من رفضه للتصنيف، وأنه يتوقع تحقيق الفيلم لإيرادات عند عرضه بالسينمات، لأن الفيلم هادف وكوميدى بعيدا عن الإسفاف، وقريب للجمهور وأحداثه من قلب المجتمع.

كما عبر قاسم عن سعادته وفخره بالفيلم وكل صناعه، معتبرا مشاركته فى الدورة الأربعين من مهرجان القاهرة السينمائى الدولى شرفا كبيرا وشهادة ميلاد لنجاح الفيلم، كما تمنى وجود أفلام مصرية أكثر تشارك فى المهرجان خلال الأعوام المقبلة لأن مصر تاريخ ومستقبل الفن فى الوطن العربى.

ومن جانبها، قالت الفنانة منى هلا: إن المخرج أحمد عبدالله عرض عليها فكرة الفيلم فى نهاية 2016، وصداقتها له وللمنتجة هالة لطفى حمسها للعودة للقاهرة للمشاركة فى الفيلم، بالإضافة إلى أن العمل مكتوب بطريقة جيدة، وأنها تابعت أعمالا سابقة للمخرج وأعجبتها تفاصيله المختلفة للعمل بداية من فيلمه ميكروفون، ولذلك وافقت أن يجمعهما عمل سويا.

وعن تجسيدها لشخصية «توتو» فتاة الليل، قالت: إنها استعدت لها بشكل خاص، خاصة أنها عاشت فترة من حياتها فى حى شبرا فالجو الشعبى ليس غريبا عليها، وأنها اعتمدت على رسم تفاصيل الشخصية بنفسها، فكان هناك مرونة فى التعامل أثناء التصوير ووجدت مساحة من الحرية والتغيير فى الكلمات، بالإضافة لتفاصيل الشخصية فى السيناريو، وشخصية توتو ليست مجرد فتاة ليل، لكنها مختلفة وذكية وتعبر عن معاناة فتاة من طبقة اجتماعية بسيطة، بالإضافة إلى أنها شخصية مرهفة الحس وطيبة القلب، على الرغم من ظروف عملها وبيئتها القاسية التى حاولت أن تقهرها لكنها لم تستسلم، ولم تتخل عن مشاعرها الإنسانية، ولكنها أرهقتها كثيرا، خاصة أنها تختلف عن حياتها تماما، فهى تحب النهار ولا تفضل السهر، وهو ما سبب لها إرهاقا أثناء التصوير، لأن معظم المشاهد تدور أحداثها ليلا، والتصوير الخارجى صعب للغاية، خاصة فى الشوارع والحوارى التى تم التصوير فيها.

وعلقت هلا على استخدام بعض العبارات التى تحمل إيحاءات جنسية بالفيلم، قالت: إنها كانت فى سياق الشخصية وفى إطار الدور ولم تخرج عن الذوق العام، وهى ضد وجود رقابة على الفن ومع التصنيف العمرى للفيلم لكن دون حذف لأى كلمة أو مشهد من الممكن أن يضر بالمشهد والعمل بشكل عام.

وعبرت «هلا» عن سعادتها بتمثيل الفيلم لمصر فى المسابقة الرسمية بالمهرجان، خاصة أن جميع صناع الفيلم بذلوا أقصى جهد لإخراج العمل للنور، ومعظم تصويره تم بالجهود الذاتية ليخرج الفيلم بهذا المستوى.

وأضافت «هلا» أن الجمهور يحتاج لرؤية أفلام جديدة تختلف عن الأفلام التجارية البحتة، مشيرة إلى أن «ليل خارجى» بجانب أنه فيلم مهرجانات وصنع بشكل تقنى ومهنى ومستوى عالمى، فهو يضم مشاهد إنسانية ومواقف كوميدية بعيدة عن الإسفاف، فمن الصعب تحقيق المعادلة الناجحة التى يحققها هذا الفيلم، فهو عمل جيد، مبذول فيه مجهود على جميع المستويات، وفى نفس الوقت مسلى ويترك انطباعا جيدا عند المشاهد.

الشروق المصرية في

01.12.2018

 
 
 
 
 

القاهرة السينمائي في دورته الـ40:

خطوة إلى الأمام مع نجاحات وإخفاقات

أمير العمري

فيلم "ليلة الاثني عشر عاما" للمخرج ألفارو بريخنر يتوج بالهرم الذهبي، و "ورد مسموم" المصري يحصد ثلاث جوائز.

بمشاركة أكثر من 160 فيلما من 59 دولة، اختتمت مساء الخميس فعاليات الدورة الـ40 من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، التي تواصلت على مدار 10 أيام بدار الأوبرا المصرية في القاهرة، حيث توج فيلم “ليلة الاثني عشر عاما” للمخرج ألفارو بريخنر بجائزة الهرم الذهبي.

القاهرة - اختتمت مساء الخميس الدورة الـ40 من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي بإعلان نتائج المسابقات الأربع، وأهمها بالطبع المسابقة الرسمية، وحصل فيلم “ليلة الاثني عشر عاما” للمخرج ألفارو بريخنر من أوروغواي على جائزة الهرم الذهبي.

وأبدى المخرج في الكلمة التي ألقاها عند استلام الجائزة اعتزازه برسوخ الديمقراطية وحقوق الإنسان في بلده باستثناء 12 عاما خضع خلالها للدكتاتورية العسكرية، خاصة وأن موضوع فيلمه يدور خلال تلك الحقبة المؤلمة، ويصور محنة ثلاثة سجناء سياسيين قضوا 12 عاما في السجن في زنزانة واحدة.

وتدور أحداث الفيلم بين عامي 1973 و1985 عندما اعتقلت الدكتاتورية العسكرية ثلاثةً من قياديي منظّمة “التوبامارو” اليسارية، ويُسجن الثلاثة انفراديا طوال فترة اعتقالهم، وينتقل المخرج بحساسية عالية بين القمع المرعب الذي يتعرّضون له في السجن، وبين أحلامهم الإنسانية البسيطة.

تتويجات الدورة

حصل فيلم “مانتاراي” من تايلاند مناصفة مع فيلم “دونباس” الأوكراني على جائزة الهرم الفضي لأحسن إخراج، بينما ذهبت جائزة أحسن عمل أول للفيلم البريطاني الممتاز “أطع” Obey، الذي يتناول موضوع العنصرية، وفاز بجائزة أفضل ممثل المصري شريف دسوقي عن دوره في فيلم “ليل-خارجي”، أما جائزة أفضل ممثلة ففازت بها صوفيا تانوتشي من المجر عن دورها في فيلم “ذات يوم”.

ومنحت لجنة التحكيم التي ترأسها المخرج الدنماركي بيللي أوغوست، جائزة أفضل إسهام فني لفيلم “الزوجة الثالثة” من فيتنام، وجائزة أفضل سيناريو (جائزة نجيب محفوظ) للفيلم الكولومبي الممتاز “طيور الممر”.

وقد فاجأ رئيس المهرجان الجمهور بإعلانه إلغاء جائزة الجمهور التي خصص لها مبلغ 20 ألف دولار بسبب ما ذكر أنه مشاكل شابت عملية الاقتراع، علما بأنني شخصيا لم ألمح ولا مرة واحدة، توزيع بطاقات التصويت قبل بدء العروض كما تفعل المهرجانات التي تخصص مثل هذه الجائزة، وكانت المفاجأة ذهاب قيمة الجائزة إلى الهرم الذهبي.

وفي مسابقة آفاق السينما العربية، حصد الفيلم التونسي “فتوى” لمحمود بن محمود جائزة أفضل فيلم عربي (جائزة سعدالدين وهبة)، بينما فاز فيلم “ورد مسموم” المصري بجائزة صلاح أبوسيف (جائزة لجنة التحكيم  الخاصة)، كما فاز أيضا بجائزة أحسن فيلم عربي، مقدمة من شركة “تيك تيوك” بقيمة 15 ألف دولار.

وفي مسابقة ”سينما الغد” للأفلام القصيرة، فاز فيلم “هي” من إنتاج كوسفو وفرنسا بجائزة لجنة التحكيم الخاصة، كما فاز بها أيضا فيلم “إخوان” من إنتاج كندا وتونس والسويد.

وفاز الفيلم المصري “ورد مسموم” لأحمد فوزي صالح بجائزة ثالثة هي جائزة صندوق الأمم المتحدة للشباب، وهو رغم تميزه الشكلي من ناحية الصورة يعاني من الترهل والتكرار.

المخرج ألفارو بريخنر يعتبر أن فيلمه المتوج بالهرم الذهبي، هو في حد ذاته تتويج للديمقراطية وحقوق الإنسان في بلده الأوروغواي

ومنح الاتحاد الدولي للصحافة السينمائية (فيبريسي) جائزته لفيلم “ليلة الاثني عشر عاما” الفائز بالهرم الذهبي أيضا، أما جائزة “أسبوع النقاد” ففاز بها فيلم “أغا” البلغاري كأحسن فيلم، واعتبر فيلم “رحلة الصعود إلى المرئي” اللبناني كأحسن إنجاز فني.

وشاب حفل الختام بعض الاضطراب، خاصة مع غياب الغالبية العظمى من مخرجي الأفلام الفائزة أو أي ممثل عن الفيلم، مما أدى إلى تسليم الجوائز لأعضاء البعثات الدبلوماسية أو النقاد القادمين من تلك البلدان، وهو أمر يؤسف له ويجب أن ينصب اهتمام المهرجان مستقبلا على دعوة جميع مخرجي الأفلام المشاركة في المسابقة الرسمية وضمان حضورهم قبل قبول أفلامهم في المسابقة.

ورغم ذلك، يمكن القول إن هذه الدورة أفضل كثيرا من دورات سابقة، فقد كان هناك شعور بوجود إمكانيات أكبر، وطموحات أكبر، وحرية أكبر في الحركة بدليل أن رئيس المهرجان محمد حفظي تمكن من إقناع عدد من كبار الشخصيات السينمائية في العالم بالحضور إلى القاهرة مثل رئيس لجنة التحكيم المخرج الدنماركي الشهير بيللي أوغوست، ومدير مهرجان فينيسيا أعرق مهرجانات السينما في العالم ألبرتو باربيرا، والممثل والمخرج البريطاني المرموق ريف فاينز، والناقد الألماني أمين عام الاتحاد الدولي للصحافة السينمائية كلاوس إيدير، والمخرج الفلبيني بريانتي ميندوزا، وغيرهم كثيرون.

وقد ألقى هؤلاء جميعا دروسا سينمائية وعقدوا ندوات حضرها عدد لا بأس به من المهتمين والسينمائيين، كما حضر إلى المهرجان عدد كبير من نقاد السينما والصحافيين العرب والأجانب المعروفين.

وكان من أهم الأحداث تكريم المخرج البريطاني بيتر غريناواي الذي قدم أيضا “درس السينما”، وقد أعلن المهرجان عن تكريمه قبيل الافتتاح مباشرة، وكان وجوده ليصبح أكثر فعالية ويكتسب قيمة أكبر لو كان المهرجان قد نظم عروضا استرجاعية (ريتروسبكتيف) لكل أفلامه في تظاهرة خاصة أو على الأقل عرض عددا من أهم أفلامه التي تعتبر مدرسة في حد ذاتها في سينما الفن.

جائزة أفضل ممثل فاز بها المصري شريف دسوقي، فيما ذهبت جائزة أفضل ممثلة للدور الـ40 لصوفيا تانوتشي من المجر

وقد نجح المدير الفني للمهرجان، الناقد المخضرم يوسف شريف رزق الله، في الحصول على عدد كبير من أهم الأفلام التي عرضت في العالم مثل “روما” المكسيكي الفائز بجائزة “الأسد الذهبي” في مهرجان فينيسيا، و”رجل الكوكلوكس كلان الأسود” للمخرج الأميركي سبايك لي الفائز بالجائزة الكبرى للجنة التحكيم في مهرجان كان، و”طيور الممر” وهو أحد أفضل أفلام المسابقة، و”حرب خاصة” الذي يصور حياة المراسلة الصحافية البريطانية ماري كولفين، و”كتاب الصور” لجان لوك غودار، و”أطع” البريطاني وهو عمل مدهش بمستواه الفني ووضوح رؤيته السياسية الاجتماعية.

وشهد المهرجان أيضا عرض مجموعة من الأفلام المصرية الجديدة (خمسة أفلام منها فيلم تسجيلي طويل)، كما عُرض أكثر من 30 فيلما جديدا من العالم العربي، وعدد آخر ضمن تظاهرة الاحتفاء بأعمال المخرجات العربيات، وهكذا تحقق التكامل بين العالمي والإقليمي والمصري المحلي.

وقد يتراوح مستوى هذه الأفلام ويتباين، لكن هذه هي طبيعة الأمور، فالمهرجانات تحرص على أن تعرض الجديد، خاصة من الإنتاج المحلي بغض النظر عن مستواها، وبذلك أتيحت فرصة جيدة للضيوف الأجانب، للتعرف عن قرب على مختارات من السينما المصرية والعربية، وهذا هو ما يثير اهتمامهم في المقام الأول أكثر من مشاهدة الأفلام الأوروبية والأميركية التي تعرض في بلادهم دون قيود.

مشاكل إدارية

المشاكل التي واجهها المهرجان ترجع في شق منها إلى إدارة المهرجان، وفي شق آخر إلى إدارة الأوبرا التي يقام المهرجان أساسا في نطاق منشآتها وقاعاتها، كان هناك أولا إهمال واضح للدعاية للمهرجان في مدينة القاهرة بشكل عام، وهي مسألة يجب أن توليها الإدارة اهتماما أكبر، بحيث تتفق مع بعض الرعاة على وضع إعلانات في محطات مترو الأنفاق والحافلات العامة ولوحات الدعاية الموجودة في الشوارع والساحات العامة، وعبر قنوات التلفزيون الرسمية.

إدارة المهرجان تحسب لها إتاحتها الفرصة للضيوف الأجانب للتعرف عن قرب على مختارات من السينما المصرية والعربية

من جهتها كان يجب أن تفرض إدارة المهرجان بالتعاون مع إدارة الأوبرا، على قنوات التلفزيون التي جاءت لتصوير مقابلات مع الضيوف في القسم المخصص لها، عدم نشر الأسلاك الكهربائية والمعدات والأخشاب على الأرض على نحو عشوائي، ووضع الكاميرات وأجهزة الصوت في أماكن مرور الجمهور، بحيث أعاقت حرية الانتقال والسير من جانب الأفراد مما تسبب مرارا في عرقلة الكثيرين وسقوطهم، بل وحدوث بعض الإصابات كما كان يمكن أن يتسبب في وقوع كوارث في حالة نشوب حريق، خاصة بعد سقوط الأمطار في اليوم الثالث من المهرجان!

صحيح أن حفل الافتتاح ليس هو المهرجان، لكن يجب الاعتناء بإخراجه في صيغة مقبولة تناسب مهرجانا دوليا، أي يجب الابتعاد عن ممارسة “الاستظراف” من جانب نجوم السينما المصرية، والابتعاد عن تبادل المجاملات والقفشات والتعليقات اللفظية بين نجوم السينما المصرية.

من جهة أخرى كانت العروض الاحتفالية (Gala) تتأخر كثيرا، ما يقرب من نصف ساعة عن موعد عرضها الرسمي المعلن في السادسة والنصف، بدعوى الاضطرار إلى انتظار سير النجوم وطاقم الفيلم على البساط الأحمر والتصوير.. إلخ. وهو تبرير غير مقبول على الإطلاق، فكل مهرجانات العالم الكبرى تقيم مثل هذه العروض الاحتفالية، لكنها تضبط الوقت بحيث تبدأ العروض في مواعيدها.

ومن ناحية إدارة الأوبرا، كان لا بد من إعادة تهيئة المكان بالكامل حتى يليق بمهرجان دولي كبير يحضره الكثير من الأجانب، فدار أوبرا القاهرة التي كانت في الماضي من أعرق وأجمل دور الأوبرا في العالم والتي احترقت في أوائل السبعينات، كان لا بد وأن يعاد لها الاعتبار في مقرها الجديد، فمقاعد المسرح الكبير والمسرح الصغير غير مريحة، ولا بد أنها مصممة لتناسب أجسام اليابانيين الذين قاموا بإنشائها، مما أصبح يستدعي إعادة تصميمها والاستعانة بمقاعد جديدة تكون وثيرة ومريحة، على أن يتم استخدام السجاد الجيد في الأرضيات، كما يجب إعادة تصميم المسرح الصغير بحيث يصلح كقاعة للعروض السينمائية.

أما المسرح الكبير فقد بات محتما إغلاق الطابقين العلويين ومنع استخدامهما تماما في عروض الأفلام السينمائية، بسبب عدم ملاءمتهما للمشاهدة حيث تظهر الصورة منقوصة كما تتنافى زاوية الرؤية مع فكرة العرض السينمائي والفرجة، ولم يكن مفهوما ذلك الإصرار العجيب من جانب المشرفين على القاعات، على تشغيل نظام تكييف الهواء البارد في فصل الشتاء في بلد يعاني أصلا من أزمة في الطاقة.

موضوع الرقابة

مرة أخرى تتسبب البيروقراطية المصرية والرقابة التي لا تريد الإعلان عن نفسها بوضوح، في مشكلة أثارت الكثير من اللغط، بل والغضب أيضا. والمقصود تحديدا ما وقع للفيلم السويدي “الحد الفاصل” Border الذي أعلن المهرجان عن عرضه وضمه إلى برنامجه، وفي اليوم المحدد لعرضه في إحدى قاعات الأوبرا ذهب حاملو التذاكر لمشاهدته، إلاّ أنهم أُبلغوا بأن العرض قد ألغي بسبب عدم ملاءمة النسخة، علما بأنها عبارة عن خرطوشة “دي.سي.بي” الرقمية التي ليس من الممكن أن تتلف ولو بعد مئة سنة، كما أن إدارة المهرجان لا بد وأن تكون قد فحصت النسخة قبل عرضها وتأكدت من صلاحيتها.

"ورد مسموم" فيلم مصري عن المهمشين

ورغم ذلك فقد خصصت إدارة المهرجان عرضا آخر للفيلم في سينما الزمالك الحديثة قصرته على النقاد والصحافيين، وقامت بتوزيع التذاكر الخاصة بالعرض، ومرة أخرى يتوجه الجميع لمشاهدة الفيلم لكنهم يجدون أنه لن يعرض لنفس السبب المضحك.

وهي مشكلة يجب أن تتعامل معها إدارة المهرجان مستقبلا بحزم وحسم، فأفلام المهرجانات لا يجب أن تتعرض للرقابة بحكم الطبيعة الخاصة لجمهورها المثقف.

حضور الجمهور

مما يُحسب للمهرجان والقائمين عليه أنه رغم قلة الدعاية، إلاّ أن الجمهور جاء وحضر وشاهد وناقش، وقد شهدت بنفسي تدافعا ولهفة على مشاهدة روائع الأفلام من الشرق والغرب وكان الجمهور يتحمل في صبر الجلوس لساعات فوق تلك المقاعد غير المريحة لمشاهدة الأفلام، كما لوحظ أيضا تحسن العروض من الناحية التقنية كثيرا عن السنوات السابقة، مع الاستعانة بأجهزة عرض حديثة جيدة وشاشات جديدة مع التوسع الواضح في استخدام الترجمة العربية المصاحبة للأفلام.

بشكل عام يمكن القول إن البيروقراطية لم تتمكن رغم كل شيء في نهاية المطاف، من هزيمة الطموحات الفنية الأساسية للمهرجان: عروض الأفلام الجيدة، وجود الأسماء اللامعة من الضيوف، حضور الجمهور، تحسن العروض، الندوات النوعية ودروس السينما. وهذا ما يهم في النهاية.

كاتب وناقد سينمائي مصري

 

####

 

مخرجون عرب يقودون في أفلامهم موجات تمرد جديدة

إنجي سمير

مشاركة نحو عشرة أعمال لمخرجين يخطون أولى خطواتهم في مهرجان القاهرة السينمائي تمثل تصورا جديدا ربما يفتح الباب على مصراعيه لاستقبال هؤلاء الشباب، مقارنة بدورات سابقة.

حمل عدد من المخرجين الشباب راية القيادة في الدورة الأخيرة لمهرجان القاهرة السينمائي، التي اختتمت الخميس، بمشاركة كبيرة وفريدة من الأعمال المختلفة، ترمي إلى التأكيد على أن هناك جيلا عربيا صاعدا يرغب في تكسير القيود، ومطلوب أن تتاح أمامه المزيد من الفرص، حيث أضفت الأفلام الشبابية روحا مختلفة ورونقا جديدا، وشكلت محتوى سينمائيا يتمرد على الواقع التقليدي.

القاهرةتعد المهرجانات السينمائية فرصة كبيرة لمولد مواهب جديدة، في الإخراج والتأليف والتصوير، وكل جزء خاص بصناعة الفن السابع، لتستقبل قاعات العرض التابعة للمهرجان باكورة أعمالهم وتقدمهم للمجتمع السينمائي الذي يتولى مسؤولية الحكم على مدى إتقان العمل.

وعكست مشاركة نحو عشرة أعمال، بين أفلام طويلة وقصيرة وتسجيلية، لمخرجين يخطون أولى خطواتهم في مهرجان القاهرة السينمائي، تصورا جديدا ربما يفتح الباب على مصراعيه لاستقبال هؤلاء الشباب، مقارنة بدورات سابقة.

مشاركات جديدة وحيوية

يعتبر أبوبكر شوقي واحدا من أبرز الأمثلة الشبابية التي مهدت الطريق وشجعت لاستضافة مخرجين آخرين، حيث نجح في أن يقدم نفسه للسينما العالمية في مهرجان كان الدولي من خلال فيلمه الأول “يوم الدين”، والذي أشادت به الكثير من وسائل الإعلام ليصبح المخرج الذي ملأ السمع والبصر في أول تجاربه الفنية، ما دفع مهرجان القاهرة لاختياره عضوا في لجنة تحكيم مسابقة آفاق السينما العربية.

وأضفت المشاركة الجديدة حيوية على مهرجان القاهرة في دورته الأربعين، وشكلت بعدا مختلفا عن الأفلام التقليدية المعروضة وطريقة النقد والمناقشة حولها، واتسمت بالجرأة والتمرد والتجدد، وبدا ذلك واضحا من خلال الموضوعات المطروحة والتناول والتصوير.

المخرج المصري أمير الشناوي، أحد هؤلاء الشباب، واشترك في أول تجاربه بفيلم “الكيلو 64” في المهرجان، وحاول فيه تقديم نموذج يحمل على عاتقه الحالة التي يمر بها الجيل الجديد من صعوبات وعقبات وشعور بالإحباط.

اختار الشناوي قصة شقيقه وائل، الذي تخرّج حديثا في كلية الصيدلة، لكن بدلا من التفكير في وظيفته كصيدلي، فكر أن يقيم مشروعا لاستصلاح قطعة أرض صحراوية، ليصطدم بالكثير من العقبات الحكومية ومراحل الفشل في الزراعة والحصاد.

أحمد مجديفكرة الانقسام حول فيلمي "لا أحد هناك"، أمر صحي وجيد

ونجح المخرج في رصد وتصوير أدق تفاصيل التجربة ومراحلها، وتابع مع وائل مرحلة الزراعة ثم جني المحصول وبيعه للتجار، وخسر في المرة الأولى، فقرر إعادة التجربة في العام الثاني ليقوم ببيع المحصول بنفسه للمواطنين، واكتشف في نهاية الفيلم أنه خلال العامين لم يجن ربحا فاضطر إلى حرق المحصول، لأن بيعه يزيد خسارته.

وقال أمير الشناوي لـ”العرب”، “ألقى العمل الضوء على معاناة الشباب وصراعهم الدائم بين النجاح والفشل، في ظل ظروف قاسية تعيشها مصر ودول عربية، وبات حلم الشاب صعب التحقيق”.

وأوضح أنه واجه صعوبات كثيرة أثناء التصوير، منها موقع الفيلم الذي تدور معظم أحداثه في الصحراء، وإيجاد ممول لفيلم تسجيلي، ما دفعه وفريق العمل للتصوير بأنفسهم، واصطدموا بعوائق أخرى من الصعب تجاوزها بمفردهم، لأنها تحتاج إلى متخصصين وتمويلها ليس سهلا.

واستعان الشناوي بطرق تصوير غير تقليدية، منها استخدام كاميرا الهاتف الجوال، لرغبته في صنع حالة طبيعية، مثل المشهد الذي جمع بطل العمل بوالدته، وكان يريد أن يكون المشهد عفويا، ولم ينظر هنا لفكرة جماليات الصورة بقدر اللحاق لتصوير لحظة كانت من وجهة نظره “أهم من أي شيء يتعلق بالكادر لتصبح قوة المشهد في محتواه”.

وكسر المخرج الشاب أحمد مجدي، نجل المخرج مجدي أحمد علي، حواجز التقليدية والتمرد على تقديم محتوى معتاد ومباشر بفيلمه “لا أحد هناك”، وتميّز بنوعية الأفلام العميقة النادرة، ما خلق حالة انقسام بين الحضور عقب عرض الفيلم، بين متفهم لرسالة العمل، ومعجب بالتجربة ويراها ثرية ومهمة، وبين آخرين لم يستوعبوا معانيها.

وتدور أحداث فيلم “لا أحد هناك” في شوارع مدينة خالية، حيث يجد أحمد نفسه تائها بلا هوية، وفي إحدى الليالي يصبح مطلوبا لمساعدة فتاة لا يعرفها لإجراء عملية إجهاض، وينتقل بطل العمل، عبر عدة أحداث غريبة يحاول فيها الكشف عن حقيقة تلك الفتاة وسر الزرافة المخبأة في حديقة الحيوان.

وأكد أحمد مجدي لـ”العرب”، أن فكرة الانقسام حول العمل أمر صحي وجيّد، ولن ينساق وراء الآراء التي تطالبه بتقديم ما يعجب الجمهور، لأن ذلك ينطوي على فخ قد يقع فيه أي مبدع، وهو لن يقدم إلاّ ما يؤمن به.

وأكد أن البعض يراه يسير في اتجاه معاكس لتجربة والده، لكنه لا يفكر بتلك الطريقة، ويرغب في الخروج من فكرة حصره في كيان والده أو الاستنساخ من آخرين، لذلك كان قراره أن يقدم نفسه بتجربة تمثله.

ووصف تجربته الإخراجية الأولى بـ”الصعبة”، لأنه يريد إخراج فيلم يعبر من خلاله عن هويته وشخصيته كمخرج، ولجأ إلى فكرة هذا الفيلم، واستوحاها من قصة إحدى صديقاته التي روت له تجربة صديقة لها حملت بطريقة غير شرعية.

وأشار إلى أن “التجربة غريبة بالنسبة للجمهور وغير مفهومة”، وكان الهدف من وراء ذلك، طرح أسئلة وليس تقديم إجابات ليستثير بداخل المشاهد التساؤلات حول قضية صعبة ومعقدة.

عيون أخرى

عكست مشاركة المخرجة السورية هبة خالد في مهرجان القاهرة السينمائي صورة أخرى من التمرد الشبابي، عبر قضية ربما تكون أثيرت أكثر من مرة في العديد من الأعمال السينمائية، إلاّ أنها فضّلت أن تسلط الضوء في عملها “سكان الأرض اليباب” عن مفهوم الحرب، من خلال تصوير جوي كانت فيه الكاميرا “go pro” بطل الفيلم الحقيقي لتستعرض صراعات المقاتلين السوريين.

وحرصت هبة خالد، على أن يكون جميع أبطال الفيلم من الجنود الحقيقيين، وقد قُتلوا في أثناء التصوير وبعده، باستثناء شخص واحد، لا يزال على قيد الحياة، وأرادت بفيلمها عرض الحرب كما هي لتوضح كم هي مدمرة للبشرية، وكم أن الواقع مُفجع أكثر من أي تمثيل؟

وتقول خالد “نحن نرى المُقاتل يخوض معركته بشكل حقيقي، وبالتالي فإن اللجوء إلى التمثيل سيكون أقل مصداقية من الواقع، وهو ما كان دافعا لتقديم شيء واقعي عن فجاجة الحرب وبشاعتها”.

وقدم اللبناني لوسيان بورجيلي، صورة ثورية من خلال عمله “غذاء العيد”، وأصبح أحد أبرز المخرجين الذين قدمهم مهرجان القاهرة السينمائي في دورته 40، لأسباب عدة، أهمها ما واجهه الفيلم في بلده لبنان من رفض الرقابة التصريح بعرضه لجرأة محتواه وموضوعه، والمطالبة بحذف بعض المشاهد التي هاجم فيها الحكومة اللبنانية، وهو ما جعله ينصاع، لأن له سابقتان مع الرقابة اللبنانية منعت فيهما مسرحيتان.

ويتناول العمل قصة على مدار 91 دقيقة للسيدة “جوزفين” التي تنجح للمرة الأولى في أن تجمع كل عائلتها المتفرقة على الغداء يوم العيد، وعلى عكس ما يبدو من حالة الود والترحيب بين الجميع، إلاّ أن الكاميرا تكشف عن اختلاف وتضارب للآراء في العديد من القضايا السياسية والدينية والاجتماعية والتي تؤرق المجتمع اللبناني، وكانت سببا في تقسيمه بعد حرب أهلية استنزفت مواطنيه وتركت جرحا غائرا.

وأكد مخرج العمل لـ”العرب”، أن ما يطرحه الفيلم من قضايا يراها من المهم أن تتناولها السينما اللبنانية، لكنه للأسف لم يعرض بشكل كامل للجمهور اللبناني بعد أن تدخل مقص الرقيب في حذف العديد من المشاهد، وتعامل هو مع الأمور من منظور فني، لكن الرقيب كان له رأي آخر.

واستخدم بورجيلي الكاميرا المحمولة في تصوير العمل، لأن الأشخاص الذين يجلسون على الطاولة مطلوب أن يبدو الحوار بينهم طبيعيا وبسيطا، لذلك كان من الضروري وجود كاميرا تعبر عن هذه البساطة، تشعر المشاهد وكأنه يجلس معهم على نفس الطاولة.

 

####

 

"أنا أمثل، أنا موجود"..

أبطال لا يفصلون بين الشخص والشخصية

فيلم "أنا أمثّل.. أنا موجود" للمخرج البوسني ميروسلاف مانديتش عرض ضمن المسابقة الرسمية في الدورة الأربعين لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي.

القاهرة – هل يمكن أن ينغمس ممثل أو ممثلة في أداء دور لدرجة أن يفقد إحساسه بنفسه ويتحوّل بالكامل إلى الشخصية التي يجسّدها؟

هذا التساؤل يطرحه المخرج البوسني ميروسلاف مانديتش في فيلمه “أنا أمثّل.. أنا موجود” (آي أكت.. آي آم) الذي عرض ضمن المسابقة الرسمية في الدورة الأربعين لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي.

وتدور أحداث الفيلم، وهو إنتاج مشترك بين سلوفينيا والبوسنة والهرسك، حول أربعة ممثلين هم لينا ونيكو ولوكا وإيفا، يجسد ثلاثة منهم شخصيات مختلفة، لكن ما يربط بينهم هو أن ثلاثتهم يفقدون تدريجيا إحساسهم بمن هم ليتماهوا تماما مع الشخصيات التي يجسدونها، الأمر الذي يدفعهم إلى تبني نمط حياة هذه الشخصيات. لينا تجد نفسها متورّطة في جرائم سرقة أثناء بحث تقوم به عن شخصية السارقة التي تمثلها، ونيكو يبدأ في الطواف على الملاجئ محاولا تكوين صداقات مع مشرّدين بعد أن سيطر عليه دور المتشرد الذي يلعبه، أما لوكا فقد بات مقتنعا تماما بأنه واقع في حب إيفا بعد أن مثل دور حبيبها في مسلسل تلفزيوني.

ويقدّم مانديتش من خلال فيلمه دراسة نفسية لعملية الأداء التمثيلي بما يصاحبها من جهد ذهني وبدني، وكيف يمكن أن يتحول الارتباط بالشخصية إلى نوع من الهوس يُفقد الممثل إحساسه بذاته.

وفي ندوة أعقبت العرض تحدث مانديتش عن سر اختيار الأبيض والأسود لعرض فيلمه، وقال “أردت أن يكون فيلمي بعيدا عن الواقع تماما مثلما كان أبطالي بعيدين عنه”.

العرب اللندنية في

01.12.2018

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)