كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

«الشرق الأوسط» في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي (7):

أفلام المكان الواحد والحزن العميق

القاهرة: محمد رُضا

القاهرة السينمائي الدولي

الدورة الأربعون

   
 
 
 
 
 
 

مقهى بيروتي وزقاق مصري يستعرضان الحياة الحاضرة

يصل مهرجان القاهرة السينمائي الدولي الأربعون إلى ختامه مساء اليوم، بحفل توزيع الجوائز وما سيليه من حفل عشاء سيكون اللقاء الجامع الأخير لأهل السينما في إطار المهرجان حتى العام المقبل.

الجهد الذي بذله محمد حفظي، رئيساً، وفريقه المتنامي وفي مقدّمتهم يوسف شريف رزق الله وأحمد شوقي، ملموس على الرّغم من أنّ هناك مشكلات لم تُحل بعد. هذا الجهد المبذول عبّر عنه مطّلع مقرب قائلاً إنّ سعي رئيس المهرجان لإتمام دورته الأولى بنجاح جعله ينكبّ على الشؤون الكبيرة كما الصغيرة بنفسه: «كان يراجع كل شيء. يقرأ كل التّفاصيل ويتأكد من كل شيء. كان جاداً في رغبته تحويل المهرجان من وتيرته السابقة إلى وتيرة أعلى نجاحاً».

- منوال

الكثير من مظاهر هذه العناية عكسها بنفسه خلال أيام المهرجان، بالأمس على سبيل المثال وقبل بداية الندوة الصحافية التي أدرتها مع الممثل والمخرج رايف فاينس حضر ليتأكد فقط من أنّ كل شيء على ما يرام من ثمّ انصرف ليتابع شؤوناً أخرى. ويقول مصدر آخر: «عندما جرى اختيار محمد حفظي ليقود هذا المهرجان شعر أهل السينما في مصر براحة شديدة، كونه يملك علاقات دولية طيبة يستطيع تطويعها لخدمة المهرجان. وهو قلل من اشتراكات عربية مقابل زيادة حصة الصحافة الأجنبية لإدراكه أنّ تلك هي التي سيعول عليها للحديث عن المهرجان للعالم».

لكنّ الواقع أنّ المشكلات المتراتبة على هذا المهرجان لم تُحل كلياً. نعم الأفلام أفضل. خطوات المهرجان لاستعادة مكانته العربية والعالمية سارت بخطى ثابتة. تنظيم الاحتفالات أحسن ممّا كان عليه، لكن هناك التأخير المستمر في العروض.

المسألة هنا ليست مسألة قليلة الشأن. المرء قد يقبل تأخراً يصل إلى خمس دقائق مثلاً أو حتى عشر دقائق في بعض الحالات، لكن أن يتأخر العرض لأربعين أو خمس وأربعين دقيقة لأن الممثل أو المخرج استجاب لدعوات كاميرات التلفزيون التي تصطاد الداخلين عند الباب وأمضى كل هذا الوقت وهو يبتسم ويؤكد أنّه سينمائي فذ، أمر غير مقبول.

ما ينتج عن هذا التأخير إدراك الجمهور بأنّ الفيلم لن يبدأ في الوقت المعلن وتبنيه عادة الوصول متأخراً بدوره. بعد ثلاثة أرباع الساعة ما زال هناك جمهور يصل متمهلاً لينضمّ إلى الجمهور الموجود الذي جلس يتجاذب الحديث غير عابئ بالتّأخير. بالنسبة إليه هناك وقت يمضيه الآن مع أصدقائه أو قريباته أو ما شابه. ومن يدخل وحيداً تراه منكباً على مطالعة الـ«فيس بوك» والرّد على الرسائل التي تسلمها أو كتابة سواها.

لكنّ الناقد الذي لديه فيلم آخر يريد مشاهدته أو موعداً لا يريد التأخر عنه، أو حتى سئم من الانتظار فلا أهمية له ولرأيه في هذا المجال.

ولا يتوقف دخول الناس، في بعض الحفلات، حتى من بعد بداية الفيلم وكثيراً ما يصل البعض قبل نصف ساعة أو أقل من انتهاء الفيلم باحثاً عن مقعد له وسط الظلام ليتابع فقط ما بقي من الفيلم. أحد المشرفين قال: «بس يا أستاذ هؤلاء اشتروا بطاقات ولهم حق الدخول» وعليه جاء رد أحد الحاضرين: «ليشترط عليهم المهرجان بأنّ من لا يحضر على الوقت سيخسر البطاقة والفيلم معاً».

- الشريحة الأدنى

قبل ربع ساعة فقط من نهاية «ورد مسموم»، الفيلم المصري الثاني في مسابقة «آفاق السينما العربية» دخل مشاهد وجلس وتابع المشاهد الأخيرة.

إنّه الفيلم الأول للمخرج أحمد فوزي صالح الذي عمل مساعداً في أفلام تسجيلية وحقّق وعلى نحو مستقل تماماً، هذا الفيلم الذي ينحو فيه إلى التسجيل أيضاً ولو أنّه فيلم ذو حكاية يرويها.

إنه حول فتاة محجبة اسمها نور (تكتفي بطاقة الفيلم باسم واحد لها هو كوكي) تعيش في حي المدابغ في ضواحي القاهرة. تعمل منظفة حمّامات وتعيل أمها وشقيقها صقر (إبراهيم النجاري) الذي يعمل في مصنع للدباغة كلما كان ذلك ممكناً (وهو يصرف من عمله قبيل نهاية الفيلم). صقر يود السّفر بطريقة غير شرعية إلى إيطاليا عبر البحر. يستدين المبلغ ويبدأ بالاستعداد. لكن نور لا تستطيع أن تقبل فكرة رحيل شقيقها وتلجأ إلى مشعوذ (محمود حميدة) الذي يعطيها دمية ويطلب منها حرقها ورمي رمادها في النيل. تفعل ذلك ويشعر شقيقها بتوعك وضعف. لكن ما إن يتغلب على وعكته حتى يؤم ما قرر القيام به.

تبلغ عنه ويتم القبض عليه وعلى من كان معه وينتهي الفيلم بعودة الحياة بوتيرتها لما كانت عليه سابقاً.

«ورد مسموم» عن حياة مكبّلة. لم يعد هناك طموحات لها ولا آمال، بل واقع معاش يشبه أشلاء الحياة. وهو يبدأ بمشهد من اللقطات الصادمة: مياه آسنة تسري في أحد الأزقة. يمشي العابرون بجانب الجدار مختارين خطواتهم بحذر لئلا يدوسون في الماء. بعد قليل تندلق مياه سوداء من أحد الأنابيب لتزين الآسن أسناً. تمر عربة يجرها حصان في ذلك الزقاق. يستمر المشهد لنحو دقيقة ونصف وبه يغلّف المخرج الواقع والمكان وينتقل منه للتفاصيل التي لن تختلف كثيراً عما بثه ذلك المشهد.

ليس أنّ المخرج لا يرى جمالاً في القاهرة لكي يصوّره، لكنّه غير معني بذلك، تاركاً هذا العمل لمن يرغب من صانعي أفلام الكوميديا والأكشن الجماهيريين. ما يريده هو توثيق تلك الشريحة من الحياة الأدنى من معظم ما شوهد من قبل من أفلام مشابهة عبر السنين. أسلوبه تسجيلي راصد. الممثلون لا يمثلون عواطف ولا الدراما لها تلك المكانة العالية. وهو ربما خافت أكثر بقليل ممّا يجب كونه بلا حدث بارز فيه. فيلم بلا حكاية والبديل ليس - بدوره حيوياً، ولو أن ذلك من شروط العمل. شيء لتعويض هذا الافتقار كان يمكن له أن يتم عبر زيادة نبرة الأداء ولو قليلاً. الناس حتى في تلك المواقع الاجتماعية الرّازحة تحت الفقر والعوز تبقى ذات صوت عاكس لعواطف ما تُقال بنبرات أقوى وردود فعل حاسمة.

محمود حميدة له دور صغير جداً تريده لو يكبر. هو مثل اللؤلؤة في كل فيلم يؤديه. في بعضها هو لؤلؤة بحجم كبير وفي بعضها الآخر هو لؤلؤة صغيرة، لكنّه دوماً لؤلؤة.

- مقهى لأوجاع البلد

أحد آخر الأفلام المعروضة في هذا القسم هو اللبناني «غود مورنينغ» لبهيج حجيج الذي وصل من الرباط، حيث نال فيلمه هذا جائزتين، واحدة كأفضل سيناريو (كتبه المخرج) والثانية كأفضل تمثيل (نالها كل من عادل شاهين وغبريال يمّين).

فيلم آخر محدود الميزانية ومتقشف لكنّه يختلف كلياً عن «ورد مسموم». قريب في صياغته العامة من الفيلم اللبناني الآخر «غداء العيد» للوسيان بورجيلي من حيث أن المكان واحد والفيلم بلا شخصية واحدة محورية.

«غود مورنينغ» يقع في مقهى في طابق مرتفع عن مستوى الأرض. هناك نافذة عريضة تطل على ميدان صغير في شوارع مختلفة. في المقهى النّظيف الماثل زبونان مسنان أحدهما اسمه الجنرال (كونه كان في إحدى سرايا الجيش)، والثاني صديقه الحميم. هما مسلم ومسيحي. ووراءهما كل يوم ينكب صحافي أصغر سناً اسمه سليم (رودريك سليمان) على الجلوس إلى حاسوبه والكتابة، متدخلاً من حين لآخر في حديث الصديقين. النادلة التي تعمل في المقهى (مايا داغر) تستلطف سليم وسليم يستلطفها، لكنّه مسيحي وهي مسلمة ولا ترى مستقبلاً مشتركاً بينهما.

يُكوّن بهيج حجيج فيلمه من مقاطع (فقرات) كل منها بعنوان مختلف. هذا العنوان عادة ما هو مأخوذ من عبارة سترد في الحوار. شغل العجوزين الشّاغل حل الكلمات المتقاطعة وقراءة عناوين الصحف والتعليق على ما يشاهدانه من تلك النافذة الرحبة.

كل فقرة تتبع يوماً مختلفاً في الروزنامة لكنّه غير مختلف في الممارسة. هذا يضعف سياق الفيلم الذي كان يحتاج إلى تفعيل أعلى حدة. شيء مثير بعد انقضاء شهوة متابعة الأيام الخمسة الأولى مثلاً. يقوم الجنرال من مقعده قاصداً زبائن آخرين ليحكي لهم نكاتاً مختلفة. يتظاهر بعضهم بالضحك ويغادر غالبهم المقهى تخلصاً من إزعاجه. وهذا المنوال الواحد يستمر إلى نهاية الفيلم حيث سيغيّب الموت أحدهما.

الفيلم حزين النبرة بدوره. حديث العجوزين يتناول الماضي والحاضر معاً ولا شيء يبدو مسرّاً اليوم كما كان بالأمس. ما يريانه من النافذة عالماً من انعدام المسؤولية. ما يقرآنه في الصّحف أو ما تعلنه شاشة التلفزيون القريب هو سلسلة من الانفجارات الانتحارية داخل لبنان وحتى فرنسا عاكساً وضعاً لعالم مات ضميره، كما يقول أحد عناوين الفيلم.

هو فيلم خاص بصياغة خاصة تستدعي الاهتمام من ثمّ يفتر ذلك الاهتمام بعض الشيء بسبب تكرار منوالها. لا جديد يُضاف إلى ما سمعناه وشاهدناه والأيام تتوالى من دون تعداد وتتشابه. كان يمكن للمخرج مثلاً، استبدال فقراته بعدد أيام محدودة في ذلك المكان الواحدة («سبعة أيام في مقهى» مثلاً). وكان يمكن له أن يكبر حجم بعض الشخصيات الخلفية كذلك أو يجعلها تقول شيئاً لامعاً من حين لآخر. بالنسبة لنكات الجنرال زادت قليلاً عن حدها وجعلت المشاهد يسخر مما يقوم به، عوض أن يدرك تمام حاجته للتواصل مع الآخرين.

- تحكيم

في السنوات الأخيرة ارتفعت نسبة الأفلام التي تدور في موقع واحد داخلي. ليس أن هذا النوع جديد. الراحل نبيل المالح أقدم على ذلك في «كومبارس» (1993) مع شخصيتين أساسيّتين في شقة. قبله (سنة 1984) حقّق الأميركي روبرت ألتمن «شرف سري» Secret Honor)) بطولة شخص واحد في مكتبه.

هذا العام شاهدنا لرشيد مشهراوي «كتابة على الثلج» الذي دار بأسره داخل منزل و«غداء العيد» دار كذلك في منزل واحد. «غود مورنينغ» يتبع هذه الأعمال وما يدور في خلد المخرج من تأطير المكان وما يدور فيه من أحاديث مهمّة، لكنّه قليل الحيلة عندما يأتي الأمر إلى ما يفرضه المكان وشخصياته من استطراد.

حفل اليوم سيعلن عن فوز الفيلم المتسابق في قسم «آفاق السينما العربية»، وهذه الجائزة ستهم فريقاً موازياً في الحجم لمسابقة المهرجان الأساسية التي يرأسها المخرج الدنماركي بل أوغوست وتضم كذلك المخرجة هالة خليل (مصر) والمخرجين بريانتي مندوزا (الفلبين) وفرانشسكو مونزي (إيطاليا) والمنتج الأرجنتيني خوان فيرا والممثلين ديامان بوعبود (لبنان) وظافر العابدين (تونس) وناتاشا رينييه (بلجيكا) وسامال يسلياموفا (كازخستان).

كيف سيرى هؤلاء الأفلام الستة عشر التي شاركت في المسابقة هو أمر مهم كون الكثير منها جيد ومثير للاهتمام، مما جعل هذه الدورة واحدة من أنجح دورات المهرجان في هذا الصدد.

الشرق الأوسط في

29.11.2018

 
 
 
 
 

مقعد بين شاشتين ..الأفلام تخترق الأحزان!

في مهرجان القاهرة السينمائي

بقلم .... ماجدة موريس

حين يعتقد كل واحد منا أن آماله وأحلامه وفشله أمور سرية وشأن خاص به يكتشف أنه يوجد آخرون غيره. في مكان آخر. وفي بلد آخر لهم نفس الأحلام والهموم. والبركة في السينما التي أصبحت فناً كاشفاً عن حياة الناس وأوضاعهم في كل مكان تقريباً. ولم تعد ذلك الفن الذي يحتفي بالمشاعر الجميلة فقط. أو يقدم قصص الحب وعذاباتها باعتبارها أهم ما في الحياة. هكذا تقول أفلام مهرجان القاهرة السينمائي الدولي المائة والأربعين في دورته رقم 40 والتي تنتهي اليوم مساء بحفل الختام وتوزيع الجوائز علي الفائزين من صناع السينما في العالم. في هذه الدورة من المهرجان. جهد كبير واضح في تقديم ما يخص عالمي السينما كفن. وصناعة من خلال تقديم خبرات كبار السينمائيين العالميين المدعوين للمهرجان في حوارات وندوات خاصة تتيح فرصاً عديدة للتعلم مثل الحوار مع المخرج الدانماركي الكبير بيل أوجست. الحاصل علي الأوسكار. ورئيس لجنة التحكيم الدولية لكبري مسابقات المهرجان هذا العام. والذي قدم وجهة نظره في الفارق بين السينما الأمريكية والسينما الأوروبية. ولماذا لم يلبي الدعوات التي وجهت له للعمل في هوليود. ومثل الندوة التي شارك فيها ثلاثة محترفون في شئون الصناعة وكانت عن "الصياغة المثالية للفكرة الإبداعية" ومثل حلقة نقاشية بعنوان "هوليوود هنا" والمقصود بها إضفاء الحرفة الأمريكية إلي صناعة الترفيه العربية.. وبشكل عام فإن دورة المهرجان هذه كان اهتمامها ملحوظاً بالجانب النظري والتقني للصناعة. في مواجهة جمهور شغوف أكثر بالبحث عن الأفلام التي ينتظرها. أو التي اكتشف وجودها ضمن برامج ومسابقات المهرجان. أو تلك التي فاجأته. وجعلته يتمسك أكثر بالبقاء بين ربوع تضاريس دار الأوبرا المصرية حيث توجد القاعات الخمسة للعروض إلي جانب القاعة المفتوحة "المسرح المكشوف" وقاعة الحضارة للندوات فقط والتي أقيمت بها ندوة تكريم الناقد السينمائي الراحل والكبير فوزي سليمان. ومن المهم هنا عودة المهرجان للبحث عن التوسع في دور العرض خارج الأوبرا. حيث اتسعت القاهرة بما لا يسمح بذهاب الجمهور المتزايد إلي قلبها. والمرور الصعب إليها. فذهبت أفلام المهرجان هذا العام إلي منطقتي التجمع الخامس "كايرو فستيفال". وإلي 6 أكتوبر "مول العرب". لكن الغريب أنها لم تعد تذهب إلي مناطق مصر الجديدة ومدينة نصر التي كانت تذهب إليها في السنوات الماضية. والتي تحظي بجمهور كبير يحب السينما. والكثير من هذا الجمهور أصبح يجد مشقة كبيرة في الذهاب للأوبرا أو سينما كريم. وليدفع التذكرة وثمن المواصلة

روما وأفلام الجوائز 

في القاعة الكبيرة بدار الأوبرا احتشد الجمهور لرؤية فيلم مكسيكي بعنوان "روما" للمخرج الكبير الفونسو كوران. الذي يقدم مرحلة مهمة من تاريخ بلاده. من خلال أسرة ثرية. تعاني أيام التمرد والثورة وتكتشف خلالها أن البشر متساوون. وأن الأقرب إليهم هم الذين تعاملوا معهم بمحبة وإخلاص. حتي لو كانوا الخدم. وقد عرض "روما" من خلال برنامج القسم الرسمي خارج المسابقة. فهو اختيار مهم. كالأفلام التي تتسابق علي الجوائز. لكنه خارجها لأنه سبق عرضه في مهرجانات أخري وفقاً للائحة تصنيف مهرجان القاهرة دولياً. والحمد لله أن هذه اللائحة تسمح بعرض هذه الأفلام الهامة. تحت أي مسمي. فالأهم أن يراها الجمهور المصري. ومن أهمها هنا أفلام "حرب خاصة" عن مراسلي الحروب من الصحفيين والمخاطر التي يتعرضون لها. و"بلاكسمان" عن أول محقق شرطة أمريكي أسود قرر كشف أسرار جماعة الكوكس كلان العنصرية. وفيلم "الغراب الأبيض" إخراج الممثل والمخرج الأمريكي ريف فاينز. الذي كرمه المهرجان هذا العام كأحد الأسماء الكبيرة والمهمة في عالم الفن السابع. وقد بدأ فاينز حياته ممثلاً قبل أن يتحول للإخراج. وفي فيلمه هذا إعادة لقصة شهيرة أيام الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي حين رفض راقص الباليه الروسي الأشهر. رودولف نورييف. العودة لبلاده بعد جولة في باريس مع فرقته بسبب الحجر علي آرائه

وقفة.. وطاعة 

بالرغم من احتفاء المهرجان بالمرأة العربية المخرجة. وتقديمه لبرنامج ضم أفلاماً لتسع مخرجات عربيات هن هالة خليل وهالة لطفي من مصر. ومي المصري وآن ماري جاسر من فلسطين. وجايا جيجي من سوريا وكوثر بن هنية من تونس ونجوم الغانم من الإمارات وهيفاء المنصور من السعودية. إلا أن قضايا المرأة كانت الأكثر وضوحاً ضمن أفلام المسابقة الرسمية للمهرجان. وهو ما رأيناه عبر أفلام مثل الفيلم اليوناني "وقفة" لتونيا ميسالي عن الخرس الزوجي ومعاناة الزوجة مع زوج لا يعتبرها موجودة إلا لتجهز له الطعام. وتغسل الملابس. أما الفيلم المجري "ذات يوم" إخراج صوفيا سيلاجي فيدور حول امرأة تخوض حرباً يومية من أجل رعاية أسرتها. وأطفالها الثلاثة. بداية من الفجر وحتي ترتمي بلا حراك. بينما الزوج في واد آخر. وفي الفيلم الإنجليزي "طاعة" تحاول الأم بعد خروجها للمعاش أن تستمر بنفس مستواها المعيشي. المتواضع ولا تستطيع. فتقع في دائرة إدمان الشراب. وفي فيلم "اللامبالاة اللطيفة للعالم" من كازاكستان يقدم مخرجه أديلجان برزانوف قصة أسرة مات عائلها مديوناً. وكان علي الأم أن تدفع الدين. أو توافق علي زواج ابنتها الصغيرة من الدائن العجوز. وفي فيلم "البجعة الكريستالية" من بيلاروسيا للمخرجة داليا زوك. قصة الفتاة أيفيلينا التي تحلم بالسفر إلي أمريكا لتعيش في بلد موسيقي الهوس. وسط رفض أمها. ويصبح البحث عن وثائق السفر. حتي ولو مضروبة. هو هدفها. وفي الفيلم الفيليبيني "ما مانج" للمخرجة دينيس أوهارا. حياة أم تتظاهر بالمرح من أجل ابنها الوحيد الذي يرعاها وحده. ولكن العواصف تهب حين يخبرها بسفره للعمل في مدينة أخري. وتبدأ الهواجس تحاصرها مع اكتشافنا أسرار رحيل زوجها وموت ابن وابنة. في حوادث تحاول إسقاطها من الذاكرة في مقابل هذا. عرض المهرجان أفلاماً عديدة عن قضايا تمس الصراعات العرقية والمناخية وتأثيرها علي حياة الناس. مثل الفيلم الكولومبي "طيور الممر" عن ثلاثية تنافس ذوي الأعراق المختلفة علي زراعة المخدرات وتجارة السلاح بدعم من جهات أمريكية. وفيلم "مانتا راي" من تايلاند عن الحياة بين مجتمعات وأعراق متعددة قبل أن يبدأ تقسيمها لأسباب سياسية

الأفلام المصرية.. وحل عقدة المهرجان 

من مزايا دورة المهرجان هذا العام عودة الأفلام المصرية إلي أحضان المهرجان الأكبر. ستة أفلام شاركت في عدة مسابقات وبرامج. وهو جهد. وبالتأكيد يدعمه حظ من المدير الفني للمهرجان يوسف شريف رزق الله. ورئيسه لهذه الدورة محمد حفظي. وهي أفلام "ليل خارجي" إخراج أحمد عبدالله في المسابقة الرسمية. و"لا أحد هناك" إخراج أحمد مجدي في مسابقة أسبوع النقاد. و"الكيلو 64" إخراج أمير الشناوي في مسابقة آفاق عربية. و"ورد مسموم" لأحمد فوزي صالح في المسابقة العربية أيضاً. ويبقي فيلمان هما "ستديو مصر" لمني أسعد. و"جريمة الايموبيليا" إخراج خالد الحجر. في برنامج العروض الخاصة. وهو ما نقدمه في الأسبوع القادم

الجمهورية أونلاين المصرية في

29.11.2018

 
 
 
 
 

ليل خلرجى طبقات المجتمع فى «التاكسى»

كتب : اية رفعت

رحلة قصيرة لمدة ليلة واحدة فقط.. يسير فيها 3 اشخاص لا يعرفون بعضهم البعض ولكل منهم قصة وتاريخ ومشاكل حياتية.. فمنهم المخرج «ابن الناس» خريج الجامعة الامريكية ومنهم سائق التاكسى الذى يفهم فى كل شيء ويعمل بأى شىء.. وآخر المنضمين تكون فتاة ليل من الطبقة الفقيرة والتى تحاول ان تعيش وسط المجتمع من خلال مهنتها التى يرفضونها ولكنها مصدر رزقها الوحيد. كل منهم له طريقه ومشاكله ويجتمعون معا فى رحلة لمحاولة المغامرة وتجربة الجديد ونسيان عالمهم لمدة ليلة واحدة..

منى هلا: «توتو» فتاة ليل تحترم نفسها رغم اضطهاد المجتمع

شخصية مختلفة وجديدة قدمتها الفنانة منى هلا ف«توتو» الفتاة الفقيرة التى تتحدى الظروف بالعمل بمهنة الدعارة. تعانى من المشاكل فى حياتها وتواجه المجتمع الذى تعيش بداخله بقوة وصلابة، فهى ترفض التحكم الذكورى وتتعرض إلى القسوة والقهر يوميا. ووسط هذه الاحاسيس المتباينة قالت منى ان اكثر ما اعجبها بشخصية توتو هو احترامها لنفسها رغم انها تعمل بمهنة لا احد يحترمها، بالاضافة إلى اعتزازها بنفسها وبكرامتها ووقوفها ضد المجتمع الذكورى وتحكماته. مؤكدة انها لم تجد شخصية مثلها فى السينما المصرية.

وتحدثت منى عن تحضيراتها للشخصية مؤكدة أنها تعمل على دراسة كل ما يتعلق بماضى الشخصية، قائلة: « انا لا اعترف بفكرة تقليد نموذج انسانى شفته من قبل فى حياتي، ولكنى اعتمد على تخيل تاريخ وبيئة الشخصية وظروفها والاشياء المحيطة بها والتى لا تكون مذكورة بالسيناريو او النص، ومن هنا تبدأ تنسج فى داخلى تفاصيلها لكى استطيع التعايش داخلها. فأنا اعمل على استذكار الشخصيات بشكل كبير حتى ان لدى «كراسة» باسم توتو تحمل كل تفاصيلها. آخر تلك التفاصيل يكون الشكل الذى ستظهر به.»

ونفت منى ان تكون الالفاظ والمصطلحات المستخدمة فى الفيلم تخدش الحياء أو خارجة حيث قالت ان الجمهور استقبلها كافيهات كوميدية، وانها لا يمكن حذفها حتى لو تم تصنيف العمل للكبار فقط فهذا لن يضره. مضيفة انها قامت بالتوحد مع شخصية توت والى الدرجة التى مكنتها من العودة لها بسرعة رغم ان تصوير العمل كان يتم بايام متفرقة.. ولكنها استطاعت ان تقوم بالتنسيق مع أعمالها الاخرى التى كانت تعرضها بسويسرا وقتذاك.

كريم قاسم: الارتجال تحد كبير وتلقيت ضربات حقيقية بالعمل

يعتبر الفنان كريم قاسم من أكثر فنانى جيله اهتماما بتطوير ادائه الفنى مع عدم الاهتمام بالظهور بأدوار كثيرة فى الكم ولكن بشرط أن تكون الأدوار تحمل اشياء جديدة وعوالم مختلفة بالنسبة له. ويقوم خلال الفيلم بدور محمد او «مو» مخرج شاب يبحث عن مغامرة جديدة يعيشها لتتعرض حياته لمنحنى تتغير بعدها افكاره التى كان يغلق عليها عقله دون التركيز فيها.

فى البداية تحدث قاسم عن مشاركته بالفيلم حيث قال إنه عندما قرأ سيناريو العمل لأول مرة شعر بان شخصية «مو» هى التى يبحث عنها وقرر الموافقة عليها. وأضاف قائلا:» الدور كان يحمل تحديا كبيرا بالنسبة لي، خاصة وأننى من محبى سينما المخرج أحمد عبدالله وكنت ابحث عن عمل مختلف بفكر جديد.. فوجدت أنه يجمع العديد من العناصر التى ابحث عنها.

وفى اعتماده على الارتجال فى حوار الفيلم قال قاسم: فكرة ان السينايو يحمل حرية الارتجال كانت من أولى تحدياتى بالعمل، فكان يجب ان نضع الحوار بشكل مناسب مع طبيعة الشخصية والموقف ودون الإكثار من الحديث. ولذلك تطلب منا الأمر القيام ببروفات مبدئية عديدة مع المخرج وكنا وقتها ندون الجمل الارتجالية، خاصة ان الشخصيات علاقتها تختلف وتطور طوال أحداث الفيلم. ولكن عبدالله رفض فكرة اننا نقوم بحفظ النص فكان يتصل بى يوميا وانا أحاول حفظ الحوار ويأمرنى بعدم مذاكرة نص، فهو كان يريد ان يظهر الحوار من خلال تحضيرنا للشخصية وبالفعل فنحن قمنا بتحضيرها بنسبة 200%.. لو معرفتش الشخصية جيدا كان الحوار سيقلب «افيهات» فقط.

ومن أصعب المشاهد التى قدمها بالارتجال هو مشهد الزواج حيث قاموا بتصويره 5 مرات مع الحفاظ على روح الحوار وذلك لرغبة المخرج فى عرضه بهذا الشكل ومن أكثر من زاوية، مؤكدا أنه كان متخوفا من أن يتغير الحوار المرتجل. وأصعب مشاهد الفيلم بشكل عام المشهد الخاص بالمطعم لأننا قمنا بتصويره مرتين احدهما بالحوار ولاخر كمشهد صامت لرصد تعبيرات الوجه.

وكشف قاسم عن صدمته فى صديقه الفنان عمرو عابد والذى ظهر كضيف شرف فى الفيلم بدور بلطجى يتعدى عليه بالضرب.. حيث قال انه تلقى ضربات حقيقية من عمرو ولا يعرف اذا كان المخرج هو الذى وجهه ام لا ولكنه كان مطمئنا لصديقه بان أداءه سيظهر عنيفا بينما فى الحقيقة لن يضربه. مؤكدا انه فوجئ بحدوث كدمات بضلوعه وظهره من اثر الضرب

شريف دسوقى: سائق التاكسى شخصية ثرية

رغم أنه لم يظهر فى أدوار كبيرة وكثيرة إلا أن الفنان شريف دسوقى ابن الاسكندرية والذى لفت انتباه الحاضرين لمساحة دوره وتميزه بشخصية السائق «مصطفى» وهو صاحب الرحلة التى يذهب اليها ابطال العمل، ويقوم بتوجيههم. فمصطفى شخص يحاول التعايش مع واقعه ويعمل فى اكثر من مهنة باليوم الواحد، وكذلك فهناك نماذج كثيرة فى مصر من هؤلاء الكادحين والذين يعملون بمختلف المجالات حتى يذهبوا لدارهم فى النهاية معهم النقود اللازمة.. هكذا وصف دسوقى مصطفى والذى اعجب به وبتخبطه منذ البداية.. حيث قال دسوقى إنه قابل أحمد عبد الله منذ ان كان هو يصور فيلم «الحاوى» مع المخرج ابراهيم البطوط.. ومنذ تلك الفترة وهو يتابعه لانه قدم عددا كبيرا من الافلام القصيرة وكان آخر مشاركته لـحار جاف صيفا.

وقال دسوقى إن عبدالله قام بالاستعانة به لانه خبير فى حكاء بالمسرح وانه يستطيع ان يقوم بارتجال الشخصية. وأضاف قائلا: «سائق التاكسى شخصية ثرية ونعايشها يوميا ونحن نراقب على مدار يومنا مجموعة من هذه النماذج المختلفة»

أحمد عبدالله: لم نعرض الفيلم على شركات إنتاج لرغبتنا فى تقديمه بتقنيات بسيطة

عادة ما يميل المخرج أحمد عبدالله إلى كتابة اعماله السينمائية بنفسه لأنه يحمل فى كل فيلم وجهة نظر ومجموعة من الحالات الاجتماعية التى يحب تسليط الضوء عليها، ولكن كان الأمر مختلفا بفيلم «ليل خارجي» حيث إنه من تأليف شريف الألفى والذى استطاع ان يقنع عبدالله بأن تتلاحم افكارهما فينتجان هذا العمل.. وعن قبوله للفكرة قال عبدالله: لقد كنت اعمل منذ فترة كبيرة على سيناريو خاص بى لم اكن قد انتهيت منه بشكل مرض.. فعندما قابلت شريف وعرض علىَّ الفيلم وجدته به عدة أفكار مختلفة كنت أريد أن أتناولها فى أعمالي، وأجرينا بعض التعديلات والتى تقبلها هو بصدر رحب. ثم بدأت فى الاتفاق مع المخرجة هالة لطفى على المشاركة بانتاج الفيلم. ومن هنا بدأنا الانتاج.

ونفى عبدالله فكرة ان يكون قد عرض الفيلم على مهرجانات أو مؤسسات لدعمه فى بداية العمل به أو رفض شركات لانتاج له، وعلق قائلا: خلال تعاملاتى مع السوق هناك شركتان انتاج عريقتان جدا كانتا تحتاجان الفيلم لدعمه، ولكننى احسست أن الأمر سيكون تقليدا واقتنعت بفكرة هالة بأن يكون لنا فيلم أو تكوين إنتاجى يعبر عنا. فأنا عادة أعمل بتقنيات وتكاليف قليلة. وكنت أريد أن يظهر الفيلم بهذا الشكل للجمهور بدون تقنيات عالية أو أدوات للتصوير مبهرة فيكون أقرب للشارع. فلماذا لا نقوم نحن بدعم أنفسنا وتقديم أعمالنا خاصة أنه لا يحتاج لميزانية ضخمة.. ولكننا استعنا بمنحتين إحداهما من مهرجان دبى لما بعد الإنتاج والأخرى تصحيح الألوان من مهرجان بيروت الدولي.»

وفوجئ جمهور الفيلم بإهداء المخرج العمل للناقد الكبير الراحل سمير فريد.. حيث قال إن فريد ساهم فى ظهور جيله كاملا وتيارا من الأفلام المختلفة التى انطلقت حديثا، ولولا دعمه الكامل لهذا الجيل بنصائحه ورؤيته وكتاباته وتشجيعه لما كانوا قد ظهروا أو أتيحت لهم فرصة. وأضاف قائلا: لم أكن أقدم عملا سينمائيا إلا بعد اطلاع سمير فريد على النسخة النهائية ومعرفة ملاحظاته.. وهذا هو أول فيلم أقدمه بعد وفاته وأول دورة أشارك بها بمهرجان القاهرة دون وجوده.. فكان اهداؤه العمل له اقل تقديرا منى لتاريخه ومكانته.»

 

####

 

رالف فاينز: الشعب المصرى ودود وكريم..

والحياة تستمر 24 ساعة بالقاهرة

للمرة الثانية يحضر النجم العالمى رالف فاينز إلى مصر ولكن بشكل رسمى لحضور فعاليات تكريمه بمهرجان القاهرة السينمائى الدولى بدورته ال40.. حيث قام رالف بالتأكيد على سعادته بحصوله على جائزة فاتن حمامة التقديرية مؤكدا أنه أحب مصر من قبل بزيارته لها منذ عدة أشهر بجولة سياحية، حيث قال إنه يحب الشعب المصرى والذى وصفه بالودود والكريم.. وذلك على عكس نظيره الفرنسى حيث إنه رغم جمال البلد هناك الا أن  شعبها لا يعتاد على الأغراب خاصة البريطانيين.

كما قال رالف إنه يحب زيارة مصر خاصة أنه انبهر بزيارة المتحف المصرى والذى يحتوى على تماثيل خلابة بالاضافة إلى زيارته لواحة سيوة والتى كانت جميلة رغم حرارتها المرتفعة. وأضاف قائلا إنه لاحظ أيضا بالقاهرة أن الحياة تستمر لمدة 24 ساعة ولا احد ينام او يهدأ بها.

وتحدث رالف فى ندوة صحفية عن اختياره لسيناريو فيلمه الأخير «الغراب الأبيض» والذى تم عرضه ضمن فعاليات المهرجان حيث قال إنه ركز فى الرواية الرئيسية المأخوذ عنه العمل على البحث عن الحرية وكيفية اختيار الفن والحرية وغيرها من الاشياء التى كان يبحث عن الراقص العالمى الذى تتناول سيرته القصة.
كما كشف رالف عن احساسه بالحرية بشكل كبير بوقوفه على المسرح امام جمهوره حيث يستطيع الابداع بشكل كبير دون عوائق السينما المختلفة.

روز اليوسف اليومية في

29.11.2018

 
 
 
 
 

"محمد حفظي" لـ "الميادين نت": لو تابعت مهمتي سأسعى لتعزيز ثقة الجمهور والضيوف الكبار بمهرجان القاهرة

محمد حجازي-القاهرة

مفارقة لافتة عرفتها الدورة 40 لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، التي يرأسها لأول مرة الكاتب والمنتج "محمد حفظي"، تمثلت في إنعدام المقالات والتحقيقات المعتادة عاماً بعد عام التي تنتقد المهرجان رئيساً وأركان تنظيم، بل جاءت ردود الفعل إيجابية جداً أشادت بحفل الإفتتاح ونوعية الحضور، وخيارات الأفلام عربية كانت أم أجنبية، وفاجأنا رئيس المهرجان بأنه لم يطلع على ما يحصل لأنه يركز على ضبط الأمور التنظيمية معلناً عن سعادته لسماع هذا الكلام، الذي يثبت أن التعب في التحضير أثمر رضى الإعلاميين والضيوف على السواء.

"الميادين نت" إلتقت "حفظي" ظهر يوم الأربعاء في 28 تشرين الثاني/ نوفمبر في مكتبه بالطبقة الثانية من فندق "سميرا ميس" بالقاهرة، وحاورتهٍ في شؤون وشجون المهرجان إضافة إلى إهتماماته الإنتاجية والتوزيعية للأفلام، وصورته المميزة ككاتب سيناريو، وكانت هذه الأجواء:

·        مبروك الدورة الـ 40 من المهرجان؟

_ مبروك لكل السينمائيين.

·        إنها أول دورة ترأسها من المهرجان. سبقك إليها كثيرون منهم أخيراً الراحل سمير فريد، والدكتورة ماجدة واصف وكلاهما إستقالا. أنت هل تبقى للدورة 41؟

_ والله لا أعرف. هذا يتحدد لاحقاً. لكنني آمل المتابعة لسبب بسيط وجوهري يتعلق بخطة إنهاض المهرجان وإعادته إلى قيمته ومستواه، ففي دورة واحدة يتعذر إنجاز كل الطموح.

·        هل سألت عن أسباب إنسحاب زميليك السابقين؟

_ بصراحة لا . أنا أهتم بقناعاتي المهنية، وتنفيذ ما أعتبره أفضل لرفع مستوى الصورة السينمائية للمهرجان، وأنا أدرك أن لكل مسؤول وجهة نظر في الإدارة وأنا أحترم خيارات الجميع.

·        كان واضحاً إفساح المجال أمام الأفلام المصرية المستقلة، والحصيلة بروز تجارب جيدة؟

_هذا واجب. هناك طاقات في جميع ميادين السينما يفترض بنا إحترامها وإفساح المجال أمامها لكي تحظى بالفرصة الكافية لتقديم نتاجها للنقاد وعموم السينمائيين، وأنا سعيد فعلاً لسماع إشادات بمواهب عدد منها، إنهم دعامة سينمانا في المستقبل والسينما التي لا تغيّر جلدها من وقت لآخر لن تعيش طويلاً.

·        واضح أنك مع قضية المخرج الفرنسي كلود لولوش حاولت فصل السينمائي عن السياسي؟

_ هذا صحيح فنحن حريصون على القضية الفلسطينية وأهلها ، وعندما أثير جدل حسمت الموضوع.

·        نعتقد أن إهتمامك بالإنتاج والتوزيع وحالياً بالمهرجان أخذك من ميدانك الرحب في الكتابة؟

_هذا صحيح. لكنني مؤخراً أيقظت نصاً كتبته منذ تسع سنوات بعنوان "رأس السنة" سلمته لمخرج جديد إسمه "محمد صقر" وقد أنجز تصويره منذ أيام مع: "وائل نصار" وعدد من الأسماء، ونعمل على عرض الفيلم في فترة الأعياد : الميلاد ورأس السنة.

·        هل يعني هذا أن الشوق غلبك لكي تعود إلى الكتابة؟

_ بصراحة نعم.

الميادين نت في

29.11.2018

 
 
 
 
 

"جريمة الإيموبيليا".. سايكودراما بعيدة عن التأريخ لعمارة وسط البلد

كتب باسم فؤاد

تشغل "العوالم السفلية" وما يتعلق بالجن والأرواح التى تحيطنا دون أن نراها، حيزًا كبيرًا من ثقافة الإنسان العربى، ويدور جدل من وقت لآخر بين مؤمن بوجودها ومنكر لكل ما هو غير مرأى، ربما استغل المخرج خالد الحجر ذلك للترويج لفيلمه "جريمة الإيموبيليا" معلنا - وهو أحد سكان العمارة الواقعة فى منطقة وسط البلد - أنه رأى ذات مرة  شخصا يجلس على حافة سريره، ودائما يشعر بيد تتحرك فوق جسده، متخذا من "اللامنطق" وسيلة ليمنح أحداث فيلمه شيئًا من الإثارة تجذب أكبر عدد من جمهور السينما.  

اتخذ "الحجر" من "عمارة الإيموبيليا" مسرحًا لأحداث فيلمه الذى يدور داخل أشهر عمارات وسط البلد وعاش فيها فنانو الزمن الجميل أمثال محمد فوزى، وأسمهان، وليلى مراد، وهنرى بركات، ونجيب الريحانى، وسعى لتصوير عمل سينمائى - فى ظنه - يخلد اسم العمارة العريقة، واستوحى الأحداث من قصة واقعية فى تسعينيات القرن الماضى – بحسب المخرج خالد الحجر -  إذ أتى سمسار بساكن جديد لإحدى الشقق، وبعدها طلب منه الساكن خادمة لتنظيف الشقة، فوقع فى علاقة معها، واختلفا على الأموال فقتلها الساكن هى والسمسار.

بعد الانتهاء من مشاهدة الفيلم ضمن عروض مهرجان القاهرة السينمائى الدولى، يمكننى أن أقول فى ثقة: "لا تأريخ ولا استيحاءً"، فلا هو يؤرخ لتاريخ عمارة الإيموبيليا التى بنيت عام 1938، لمالكها أحمد باشا عبود وكلفته 1.2 مليون جنيه لتصبح الأعلى والأضخم فى القاهرة آنذاك، ولا هو يستوحى الأحداث من الجريمة المذكورة أعلاه، وما احتوى عليه الفيلم من حبكة درامية ما هى إلا جريمة يمكن أن تحدث فى أى بناية أخرى من بنايات القاهرة أو أى مكان فى العالم، ولا نجد مبررا لإصرار مخرج العمل للربط بين أحداث فيلمه و"عمارة الإيموبيليا".

الفيلم يقتحم منطقة الـ"سايكودراما" التى اشتهر بها المخرج العالمى آلفريد هتشكوك وكان رائدها فى مصر المخرج الراحل كمال الشيخ، إذ يدور حول كاتب روائى شهير "كمال حلمى" ويجسده الفنان هانى عادل، يعيش منعزلًا فى شقته بعمارة الإيموبيليا، ومنذ وفاة زوجته ورحيل أبنائه عنه، يعانى من الشيزوفرينيا، ويسمع صوتا داخليا ينتقده دائما، ويدفعه انعزاله إلى الدخول فى علاقة مع فتاة تعرف عليها عبر "فيس بوك" تكون سببا فى تورطه فى العديد من الجرائم، فى حبكة موفقة من كاتب الفيلم ومخرجه خالد الحجر.

"حكاية الكاتب كمال حلمى مش معروفة ولا هتتعرف" هكذا خاطب الحجر جمهوره على لسان الراوى وفرض حالة من الغموض معلنًا بداية أحداث فيلمه ولم يترك الجمهور يعايش شخوصه وعالمه السينمائى تلقائيًا.

"النمطية" تهمة لاحقت هانى عادل منذ اقتحامه عالم التمثيل وصُنف على أنه أحد رواد مدرسة الـ"No Reaction" اتباعا لمقولة "التمثيل هو اللا تمثيل" لكن فى "عمارة الإيموبيليا" يفاجئنا "عادل" بتجسيد شخصية مركبة تعانى مرضا نفسيًا، وإن كان هناك التباس حول تشخيص المرض استنادا للغة جسده، فأحيانا نرى شخصا مصابا بـ" الشيزوفرينيا" يعانى من الهلوسة متمثلة فى صوت يحدثه ويقوده ويوجه أفعاله بالإضافة إلى اضطرابات فكرية وحركية، وفى أحيان أخرى نرى شخصًا مصابًا بـ"اضطراب الشخصية التجنبية" يعانى من القلق والكبح الاجتماعى، والشعور بالعجز والدونية، والحساسية الشديدة تجاه التقييم السلبى، وتجنب التفاعل الاجتماعى، وهذا جانب يمكن أن يفصل فيه خبراء الطب النفسى، لكن فى النهاية لا يمكن تجاهل أن شخصية كمال حلمى شهادة ميلاد حقيقية لهانى عادل وأبلغ رد على المشككين فى موهبته كممثل.

موافقة ناهد السباعى على لعب دور لا يتجاوز 15 دقيقة من عمر الفيلم ينم على نضجها الفنى، صحيح أن عمرها على الشاشة قصير ينتهى بموت تلك الفتاة المثيرة التى لم تخجل من أن تصارح كمال حلمى برغبتها فى مضاجعته، وبعد موتها يطارده ذلك الصوت الذى يكرهه: "قولتلك ماتدخلش ست البيت ماسمعتش كلامى.. تستاهل"، إلا أنك تشعر أنها لم تغب وموجودة طوال الأحداث.  

أضفى طارق عبد العزيز نوعا من البهجة من خلال أدائه الجاد الذى لا يخلو من الكوميديا دون تلطف أو كما يسمونه "استظراف"، وإن كانت مساعدته لكمال للتخلص من جثة "ناهد" ليس مسوغا إلى حد كبير، فقط لكونه صديقه ويخشى أن تتلوث سمعته لأنه يكتب روايات يتكسب منها "كمال" صاحب دار النشر المعروفة، ويمكن اعتبار طارق عبد العزيز "العصب" الذى لجأ إليه المخرج ليوازن بين أداء الممثلين، مستغلا خبرته الطويلة فى التمثيل.

تعمد "الحجر" من خلال السيناريو إلى مباغتة المشاهدين طوال الفيلم، فلا يكاد المتفرج يضع يديه على خيط لتتكشف أسباب الجريمة ودوافعها ليفاجئه بأن الحكاية لم تنهِ بعد، واللغز ما زال لغزا  حتى يصل به لمشهد النهاية، فجاء السيناريو حرفيًا إلى حد كبير لكنه ليس محكمًا، فعابه بعض التتابعات لم يحالفه فيها التوفيق، كمشهد مصارحة سماح بمعاناتها مع زوجها، ووجد الكاتب نفسه فى ورطة إذ أراد أن يعبر بالمشاهدين إلى النهاية ولا يجد مبررا دراميا فاستعان بمشهد اقتحام أحمد عبد الله محمود لشقة "كمال" واعترافه بأنه المسئول عن كل ما يجرى حوله، قبل أن تأتى لحظة التنوير التى يتبين فيها أن المرض النفسى هو ما دفع بكمال لارتكاب كل تلك الجرائم.

"جريمة الإيموبيليا" لا يمكن اعتباره فيلم مهرجانات – كما يروج له البعض - إذ يحتوى على جرعة من الإثارة والتشويق اللازمة لنجاحه تجاريا رغم خلوه من "نجم الشباك".

اليوم السابع المصرية في

29.11.2018

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)