كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

إعادة تمثيل الجريمة سينمائيًا:

"أوتِيّا 22 يوليو" نموذجًا

نديم جرجوره

مهرجان الجونة السينمائي

الدورة الثانية

   
 
 
 
 

ـ 1 ـ

لقطةٌ واحدة طويلة كافية لإنجاز فيلمٍ باهر، يُوجِد قلقًا وتعبًا، وفي الوقت نفسه يُثير شغف المتابعة. الكاميرا ملتصقة بالشخصيات القليلة. تلحق بها وتواكبها وتخترق كياناتها الإنسانية، بما هي عليه من انفعال مُضطرب وتفكير مُعطَّل ورغبة عميقة في خلاص مُعلَّق. لقطةٌ تذهب بعيدًا في تحويل صناعة الصورة إلى درسٍ سينمائي يتوزّع على مجالات عديدة: التمثيل، السرد الحكائيّ، التصوير، الإضاءة، الكادرات، التوليف، وهذا كلّه بهدف الانخراط في جحيمٍ مفروضٍ على شخصيات مستلّة من واقعٍ إنساني ـ بشريّ بحت.

النواة الدرامية؟ جريمة قتل جماعي في جزيرة منعزلة في النرويج. الضحايا؟ مُراهقون (15 ـ 16 عامًا) يُقتلون ويُجرحون في اعتداء وحشيّ يُنفّذه يمينيّ متطرّف في 22 يوليو/ تموز 2011. هؤلاء منتمون إلى "اتحاد شبيبة حزب العمال النرويجي". الجريمة تتّخذ أوصافًا شتّى: سياسية، عنصرية، إرهابية، إلخ. جريمة داخلية في بلدٍ ينتمي إلى دول اسكندنافية يندر فيها عمل وحشي كهذا. العالم يتغيّر. المجتمعات البشرية تتبدّل. أوروبا تعاني وطأة التحوّلات كلّها. النرويج شاهدة على ذلك. صراعاتها الداخلية تحفر عميقًا في بيئة يُفتَرض بها، كما يحلو لها تقديم نفسها إلى العالم، أن تكون مُسالمة. تاريخها مليء بالعنف، لكن حاضرها مائلٌ أكثر فأكثر إلى سلم يوهم كثيرين أنه أصيل وصلب ومتجذّر. الجريمة تُبدِّل مفاهيم ورؤى وتحليل.

ـ 2 ـ

الجريمة مخيفة. إعادة تمثيل الجريمة في فيلمٍ سينمائي مخيفٌ بدوره، لكن بلغة بصرية تُحرِّض عناصرها التقنية والفنية والدرامية والجمالية على التأمّل في أحوال انقلابات قاسية، وأفعال مدوّية بعنفها وبشاعتها.

إعادة تمثيل الجريمة نوع سينمائيّ يعتمده كثيرون كتجريبٍ على ممارسة فعل سينمائيّ. غاس فان سانت (1952) صادمٌ في "فيل" (2003)، بتمثيل جريمة قتل يُنفّذها طالبان مراهقان بحقّ زملائهما قبل انتحارهما في نهاية مسار دموي قاسٍ، في "ثانوية كولومباين" (مقاطعة جفرسن في ولاية كولورادو الأميركية) في 20 أبريل/ نيسان 1999. أوليفر ستون (1946) بارعٌ في التحايل على الجريمة بحدّ ذاتها (اغتيال الرئيس جون فيتزجيرالد كينيدي في 22 نوفمبر/ تشرين الثاني 1963، في دالاس في ولاية تكساس الأميركية)، كي يجعل التحقيقات والمحاكمة انعكاسًا سينمائيًا رائعًا للاغتيال نفسه، وإنْ بالاقتراب منه قليلاً ("ج. ف. ك."، 1991). ميكائيل هانيكي (1942) يمارس المختلف في "ألعاب مُسلّية"، الذي يُنجز منه نسختين: أولى عام 1997 في النمسا، وثانية عام 2007 في الولايات المتحدّة الأميركية. هذا تمثيلٌ لجريمة تحصل، لكن الفيلم بنسختيه غير مستلّ من وقائع حقيقية، مع أنه قابلٌ لأن يكون مرآة واقع. مايكل مان (1943) يُعيد سرد حكاية جون ديلّينجر (1903 ـ 1934)، سارق المصارف في ثلاثينيات القرن الـ20 في مدن أميركية مختلفة، في "عدو الشعب" (2009)، علمًا أن مان نفسه مبتكر حكاية سلسلة تصفيات جسدية يُنفّذها قاتل مأجور (توم كروز) في ليلة واحدة، في "جانبيّ" (2004).

ـ 3 ـ

الأمثلة عديدة. النرويجي إريك بُوبّي (1960) يذهب بعيدًا في هذا. يصنع "أُوتِيَا 22 يوليو" (2018) كي يوثّق سينمائيًا جريمة القتل الجماعي تلك في جزيرة أُوتِيَا، التي يرتكبها أندرس بيرينغ برايفيك (1979)، فتكون النتيجة: 77 قتيلاً و151 جريحًا (الرقم يتضمّن قتلى وجرحى الجزيرة والانفجار الإرهابي الحاصل في أوسلو قبل وقت قليل على تنفيذ الجريمة).

لن يعود الفيلم إلى أسباب الجريمة. لن يُدين المجرم. لن يُحاكم البلد وساسته ونُظمه الاجتماعية والثقافية والحياتية. لن يُساجل المسؤولين عن ملفات دولية عالقة. لن يقترب من هذا كلّه. فالمخرج بُوبّي مكتفٍ بإعادة تصوير الحدث الجُرمي من دون إظهار القاتل والغالبية الساحقة من ضحاياه. لعبته السينمائية مُثيرة لمتعة المُشاهدة رغم عنف اللحظات، ورغم توتر تصنعه كاميرا ملتصقة بشخصيات رئيسية (كلوز آب، تصوير مارتن أوتربِكْ)، ورغم حجم المجزرة التي تنبسط على الشاشة الكبيرة بمدّتها الزمنية الأصلية (نحو 90 دقيقة هي مدّة الفيلم نفسه أيضًا) من خلال أصواتٍ بعيدة لطلقات نارية وصرخات هاربين أو من يحاولون الهروب من الموت، أو من خلال هلع شخصيات رئيسية قليلة. يُريد إدخال المُشاهد في عمق الحدث. يريد وضعه مع الشخصيات أو إلى جانبها. يريد إشعاره بالهول والرعب والارتباك التي يشعر بها مراهقون مدفوعون إلى الموت أو إلى الانكسار والتمزّق الحاصلين في نفوس ناجية بعد انتهاء المجزرة.

أمام الموت، تنهار سدود نفسية وروحية كثيرة. لكن، أمام الموت نفسه، يجتهد المرء في ابتكار حيّز زمني لاحق للنجاة منه إنْ تحصل، لعلّ حلمًا ما يُنقذ المرء، أو يؤجّل موته على الأقلّ. في الحالتين، يتمكّن إريك بوبّي من إحداث الصدمة في نفوس مُشاهدين يتابعون وقائع الجريمة بالانفعالات نفسها التي تنتاب شخصيات تظهر أمام الكاميرا، أو يأتي حضورها عبر السَمَع.

ـ 4 ـ

بهذا، يُشبه "أُوتِيَا 22 يوليو" صنيع غاس فان سانت (فيل) إلى حدّ كبير. المقارنة تبقى في إطار ضيّق، لتبيان كيف يُمكن للكاميرا أن تُعيد اللحظة كما هي، من دون أحكام أخلاقية وقضائية أو سجالات ثقافية أو خلفيات نفسية أو تحليل سوسيولوجي. الفرق بينهما أن "فيل" يروي الحكاية من خلال القاتِلَين، بينما يُلغي إريك بوبّي القاتل كلّيًا (رغم ظهور بعيد جدًا له في لقطة عابرة، بملامح غامقة وضبابية)، مكتفيًا بسرد الحكاية عبر شخصيات أساسية قليلة للغاية تستقطب التفاصيل كلّها والمناخ كلّه والحالات كلّها.

يبدأ بوبّي فيلمه بكاميرا محمولة تُلاحق كايا (أندريا بَنتْزِنْ) وهي تعود إلى المخيّم الكبير، وتبحث عن لا شيء أو عن لا أحد. تلتقي زملاء لها في المخيّم قبل أن تبلغ خيمة شقيقتها. حوارات عابرة واتصالات هاتفية عادية. لقاء مع زميل ينتقلان معًا إلى مجموعة تتناول طعامًا. هذا كلّه تمهيدٌ لما سيحصل. رغم أن القصّة معروفة، إلاّ أن انفجارًا مدوّيًا في أوسلو سيُقلق الجميع. فجأة، تتبدّل الأحوال. الاتصالات الهاتفية تنقل شيئًا من الحدث الجرميّ في أوسلو، ثم طلقات نارية وهلع وخوف، وبداية رحلة الجحيم، والقتلى يتساقطون من دون ظهور سقوطهم أمام الكاميرا (تظهر جثثٌ قليلة للغاية في لحظات قليلة للغاية أثناء السرد البصري للحكاية)، والموت ينتشر من دون تبيان المعالم الملموسة لانتشاره.

تغييب القاتل إقصاء سينمائيّ له، فالأساس كامنٌ في إعادة تمثيل الجريمة عبر شخصيات ظاهرة وغائبة. عدم إظهار الجثث إلاّ نادرًا إمعانٌ في تفعيل الحسّ التشويقي وإيصال مآثم القاتل وتنفيذه جريمته عبر الصوت (توليف بديع للمؤثّرات الصوتية للثنائي فيدار غراندي وغون توفي غرونسبيرغ) الموزَّع على انفعال الضحية وأدوات تنفيذ الجريمة. الاكتفاء بكايا كمحور درامي لمسيرة الهروب من الموت، تكثيفٌ جماليّ لامتصاص مجريات الحدث كلّها في شخص أساسيّ واحد، ولإضفاء مزيد من التوتر والارتباك، وإنْ بمساعدة أشخاص قليلين سيكونون بمثابة إضافة مطلوبة لرفع حجم الهلع والضغوط، أو لمعرفة نزرٍ يسيرٍ من الحدث.

هذه لن تكون عابرة. الاشتغال التقني ـ الفني متساوٍ والعمق الدرامي للنصّ بجمالياتهما وتأثيراتهما (الاشتغال والنصّ معًا). السيناريو (آنّا باغ ـ فيك وسِفْ راجندرام إلياسن) مكتوبٌ بما يُلائم حجم الفجيعة، لنقل أقصى انفعال ممكن إلى شاشة تلتقط نبض الحكاية، وتصوغ مفرداتها بتعابير وانفعالات وحركات تجعلها كايا وبعض رفاقها مرايا شفّافة لهول الحدث.

ـ 5 ـ

يتفوّق "أُتِيّا 22 يوليو" بتلك الجماليات البصرية التي تقول إنّ الصورة وحدها كافية لصنع سينما حقيقية، وإنّ تقليص المفردات مفيد لبناء درامي أمتن وأقدر على البوح بالمبطّن في النفس والروح الفرديتين، وإنّ اللقطةَ الواحدة درسٌ سينمائيّ. تفوّقٌ يُعيد تمثيل الجريمة بلغة سينمائية تحرص على إظهار روائعها وإنْ بفضل القتل الجماعيّ.

(*) ناقد سينمائي من أسرة "العربي الجديد"

ضفة ثالثة اللندنية في

04.10.2018

 
 

مقعد بين شاشتين

أرض متخيلة

ماجدة موريس

هل من الممكن أن تصبح الأرض وسيلة للخيال. وأن يتحول الخيال إلي حقيقة؟ هذا هو السؤال الذي طرحه فيلم جاء من سنغافورة ليشارك في المسابقة الرسمية للفيلم الروائي الطويل في مهرجان الجونة السينمائي. في بلادنا نعرف أن الأرض هي إرث يعلي من شأن الناس التي تتحصل عليه. ونعرف ايضا أن عمليات الاستيلاء علي أراضي الدولة الملقاة في كل مكان . نشطة. ومليئة بالطامعين. ونعرف ونعرف الخ. لكن ها مخرج الفيلم القادم من دولة سنغافورة ــ مؤلفه ايضا ــ واسمه أيوا سيوا هوا. يخبرنا بأن الاستيلاء علي الأرض هناك تجاوز كل ما نتخيله. فتجار الأراضي. وناهبوها هناك ينهبون أراضي شاسعة تقع علي حدود ثلاث دول. ويستقدمون لهذا عمالاً من كل القارة. هنوداً وصينيين وغيرهم. ليعاملوا أسوأ معاملة من خلال نظام الكفالة! وليسرقوا أرضاً متخيلة. لانهم لا يعرفون مساحتها تحديداً. وفي المقابل ينشأ مجتمع آخر. من العمال المغتربين الأشبه بالعبيد. والذين يجردهم الناهبون الكبار من بطاقات الهوية ومن مدخراتهم حتي لا يرحلوا مهما ساءت أحوالهم. او احتاجوا للعودة كما حدث مع أجيتا" العامل الهندي الذي لم ير أولاده منذ سنين. الفيلم الذي حصل علي الجائزة الذهبية للفيلم الروائي الطويل يصنع من هذا العالم الجائر عملاً مليئاً بالتشويق حين يبدأ بشكوي تصل للبوليس بخصوص اختفاء العامل "وانج" الصيني من موقع العمل. وتكليف مفتش المباحث "لوك" بالتحقيق. وما بين رحلة الأول. وبحث الثاني عنه نكتشف نحن كل جوانب القضية حين يأخذنا الفيلم إلي عالم وانج المنقسم بين عمل في مهام متعددة يكلف بها كقيادة اللواري التي تحمل زملاءه. وبين ساعات النوم التي تصدر له أحزان العمال وبين مقهي للانترنت يتحاور خلاله مع آخر. لا يعرفه ويفضي لهذا المجهول بهمومه وبينهما الشاشة وبين علاقة صداقة مع مديرة السايبر الشابة التي تتغير كثيراً لمجرد تواجد من يتحاور معها كإنسانة وليست جسداً قابلاً للتحرش. يتحول الفيلم من بحث بوليسي عن عامل غائب إلي اكتشاف الضابط لما يذهله من عوالم خفية ولا يعرف عنها شيئاً وهو من هو. ويبدع المخرج المؤلف في تنويع مشاهدة ولقطاته ما بين المشاهد الحقيقية لتمهيد تلك الأرض الشاسعة المتخيلة. وبين خيلاء شاب صغير هو الحاكم بأمره فيها بالنيابة عن والده المشغول بتجهيز الوثائق للاستيلاء عليها وحفظ ملفات العمالة وهو ما يتابعه ايضا كل من وانج الذي يقرر مساعدة زميله الهندي. والضابط لوك الذي يكتشف تزوير الملفات.وحيث يصل بنا الفيلم في نهايته إلي لحظة صمت وتأمل فهؤلاء الأثرياء القادرون علي نهب المزيد من الأراضي التي لا يعرفون حدودها. وعلي تسخير الآخرين لخدمتهم. فقط لانهم فقراء هو عالم لا يؤثر فيه البحث عن عامل غاب. أو اكتشاف جريمة صغيرة. وانما الامر يتعلق بمصير البشر كلهم . والمعارك القادمة بينهم بعد أن فقدوا انسانيتهم

أين أفلام اكتوبر؟

بعد غد.. تأتينا الذكري الخامسة والأربعين لحرب اكتوبر المجيدة.. وسوف تعرض لنا قنوات التليفزيون المصرية بعض الأفلام التي انتجت علي مدي هذه السنوات كلها. والتي لا يزيد عددها عن ثلاثة عشر فيلماً. مهما زاد تعداد المصريين لقد اصبحت زيادة هذه النوعية من الافلام ضرورية كضرورة وطنية وثقافية وتاريخية. وجزه من دعم الهوية والانتماء لدي الملايين ممن يجلسون أمام الشاشات ويتركون أنفسهم لاعمال ضعيفة المستوي. ولن اقول أشياء أخري منها أن توقفنا كدولة عن انتاج الاعمال السينمائية والدرامية التي تقدم الجانب المضيء من حياتنا وقصص أبطال مصر علي أرض سيناء وفي البحار ومعارك الجو. يشجع العدو الاسرائيلي علي انتاج أفلام تكتب التاريخ كما يريد. كما أن رصيدنا من هذه الاعمال لا يكفي وايضا فإن تطور تقنيات الفن السابع وأجهزة التصوير والمونتاج سوف تفرق كثيراً مع الاعمال الجديدة إذا قررت الدولة أن تقدمها. لأن تقديم فيلم أو مسلسل عن معركة حربية يحتاج لارادة الدولة أولاً. ولبعث الحماس من جديد لدي الكثير من السينمائيين الذين لديهم مشروعات هامة عن بطولات الجيش ورجاله. علينا أن نتذكر كم تعلق الجمهور الكبير بأفلام قصيرة وثائقية مثل "عبدالعاطي صائد الدبابات" أو "ابطال من مصر" وغيرها كما تعلقوا بأفلام روائية طويلة مثل "أغنية علي الممر" و"الطريق إلي إيلات" و"ناصر56" وغيرها من الافلام التي صنعت لبعض تاريخنا الوطني مشاعل في القلوب

الجمهورية أونلاين المصرية في

04.10.2018

 
 

أن تنتظر «يوم الدين»

أمنية عادل

وسط دوامة الحياة التى يعيش فيها الإنسان يذوب الكثير من روحه دون قصد منه، ويذبل الجزء الآخر فى انتظار قطرة مياه تنعشه من جديد، هذا هو حال «بشاى» بطل فيلم «يوم الدين» لمخرجه وكاتبه أبو بكر شوقى، الذى اختير للمنافسة على السعفة الذهبية بمهرجان «كان» السينمائى فى دورته الـ71، فضلًا عن فوزه بجائزة «سينما من أجل الإنسانية» مناصفة (تصويت الجمهور) بمهرجان الجونة فى دورته الثانية، إلى جانب جائزة نجمة الجونة لأفضل فيلم عربى فى مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، كما حظى باحتفاء عالمى.

حول «بشاى والصبى أوباما» نتابع رحلة لاكتشاف معنى الحياة من منظور آخر، لنفهم معهما نظرتيهما عن واقعهما اللحظى وكذلك المستقبلَين القريب والبعيد، فـ«بشاى» المتعافى من مرض الجذام الذى ترعرع داخل مستعمرة الجذام وفارق أهله منذ زمن بعيد، لم يكتشف الحياة خارجها، والصبى اليتيم «أوباما» كما يطلق عليه نظرًا لسمرته، الذى تربى داخل دور الأيتام ولم يلقَ أسرته أو يخرج لمسرح الحياة الحقيقية، فجاءت القصة كحكايات «جحا» الذى يسعى مع حماره وولده، لتبدأ معه النوادر.

يستهل الفيلم بملمح من حياة «بشاى» الذى يعمل بجمع القمامة وفرز المخلفات، رغم ما يواجه من صعوبات فى التعامل بكلتا يديه، ويوضح روحه المرحة رغم شقاء الحياة من حوله، لتقدم الأحداث فاجعة تغير حياته وهو فراق زوجته «إيرين»، تبدل تلك الواقعة حياته وتفتح عينيه على ماضٍ قضى، وظن أنه أصبح طى النسيان، وهى عائلته التى تحمس لرؤيتها بعد ثلاثة عقود من العمر مرت عليه داخل قلعة المستعمرة.

من خلال تلك القصة البسيطة ينسج شوقى بسلاسة نظرة المحيط لكل ما هو غير مألوف أو غريب، فاختلاف ملامح بشاى يجعله محلًّا للنبذ فى بعض الأحيان والسخرية فى أحيان أخرى، وهو ما يولد معه شحنة عاطفية وإنسانية وكوميدية أيضًا من قلب البكاء المكتوم فى العيون على حال «بشاى»، فهو رجل لا يملك من مصيره شيئَا سوى الانتظار ليوم الدين، ليشهد المساواة بين البشر.

ثنائيات
يطرح فيلم «يوم الدين» مفارقات وثنائيات كفيلة بخلق دراما بسيطة وإنسانية إلى أبعد الحدود، فرغم رغبة «بشاى» فى معرفة مصير عائلته والعودة إلى محيطه الأول، فإنه يتمنى العودة إلى المستعمرة (عالمه)، خوفًا من النبذ كما كان مصيره سابقًا.

كما أن العلاقة الناشئة بين «بشاى» والصبى «أوباما»، تدعو للتأمل، فهذا الصبى الصغير ذو الأعوام العشرة يجد فى بشاى رفيقه وصديقه بل وعائلته، فيرافقه فى رحلته، التى لم يؤمن بها سواه، ولا تقف العلاقة عند هذا الحد بل يشتركان فى المصير ذاته فهما متشابهان، فكل منهما وحيد، بشاى بسبب مرضه الذى تعافى منه لكنه لم يتعافَ من نظرات مَن حوله، والصبى أوباما اليتيم الذى لا يملك أهلًا أو عائلة.

خطوة لابد منها

يحسب لنا القدر أحيانًا خطوات لا نضعها فى الاعتبار، هكذا كانت رحلة «بشاي» للعثور على بيته/ وطنه، فى رحلة لم يقم بها من قبل، يخرج للمرة الأولى بحياته من المستعمرة كباحث عن عالمه الحقيقى، اختبار لابد منه حتى يصل إلى القناعة بحياته فى المستعمرة وسط أناس عاشرهم لزمن طويل وأحبهم ويفضل قضاء حياته معهم، ويخبتر خلال رحلته العديد من المواقف التى لم يتوقع يومًا أن يخوضها، ويكتشف أن المستعمرة هذا العالم المغلق الشبيه بالسجن ما هى إلا حياة هادئة، لا يخفى نفسه بداخلها، لتبقى الأماكن مجرد محيط لا أكثر.

الدموع الضاحكة

استطاع شوقى بحواره وتكوين السرد أن يخلق «توليفة» خاصة مزجت بين الضحك والبكاء فى كثير من الأحيان، فمَن منا لم يكن يومًا يعانى من الآخرين. فكما هى الحياة يعرضها لنا فيلم «يوم الدين»، فالدموع تجاور الضحكات بمواقف إنسانية بسيطة وسلسة للغاية دون تكلف.

ما دعم هذا التوجه فى الفيلم هو الأداء التمثيلى البسيط، للوهلة الأولى نظن أن عنصر الأداء التمثيلى لا يساعد الفيلم على تقديم الصورة التى يريدها، وأن الاستعانة ببطل قد مر بمرض الجذام بالفعل قد يضر بالدور أكثر ما يقدم له، لكن على العكس فقد جاء أداء بطل فيلم «يوم الدين»، راضى جمال، والطفل أحمد عبد الحفيظ، أداءً طبيعيًّا، رغم بعض المشكلات فى مخارج الحروف التى أعاقت عملية المشاهدة لبعض الوقت، ولكن صدق الأداء وتعبيرات الوجه والحركة التلقائية حققت مغزى الفيلم الإنسانى وتجاوزت حاجز التقييم التمثيلى، فخرج الفيلم طبيعيًّا كما لو كان قطعة من الحياة دون تجميل أو تنقيح.

جماليات
اتسقت عدسة المصور «Federico Cesca» مع رؤية الفيلم العامة، فجاءت لقطاته طبيعية واستعرضت حياة «بشاى» ورحلته الواقعية ذات الملامح السحرية من العدم إلى الحياة مرة أخرى، ولم تُخفِ أيضًا المونتيرة «Erin Greenwell» طبيعة الفيلم فجاء المونتاج داعمًا للكاميرا وسلسًا فى نقلاته الهادئة.

تعتبر موسيقى «عمر فاضل» أحد أهم عناصر الفيلم بل يمكن اعتبارها أحد الأبطال بجدارة، فبنغمات رشيقة جمعت بين الشجن والمرح أغنى «فاضل» الفيلم وعزز من الشعور بالشخصيات ومعاناتها، كما منح الفيلم خفة فى استقباله لدى المشاهد.

يعد فيلم «يوم الدين» هو الأول الذى يتناول قصة مرضى الجذام، هذا المرض الذى لا يمنح مرضاه فرصة العيش والاختلاط، بل يجعلهم راغبين فى التوارى عن أعين الناس، فى حين استقبل جمهور الفيلم بطله المتعافى من المرض المذكور بطاقة من الحب والتعاطف.

«يوم الدين» لا يعتبر فيلمًا متكاملًا على مستوى الصناعة البصرية والتكوين السردي، لكنه يستمد قوته وحضوره من طاقة الإنسانية التى تفجر معها مشاعر متباينة لدى المشاهد، كما أنه تجربة خاصة لمخرج آمن بفكرة وآخرين آمنوا معه بها وقدموا تمويلًا لها، لتخرج سينما مميزة رغم نواقصها.

المقال المصرية في

04.10.2018

 
 

النجم الأمريكى فى حواره لـ«روزاليوسف» أوين ويلسون:

رحلتى لمصر هى الأجمل فى حياتى

الجونة حوار _ آية رفعت

زيارة قصيرة لمدة أيام جعلت النجم الأمريكى أوين ويلسون ينبهر بجمال مصر والتى لم يزرها من قبل.. فبعد رحلة ما بين الأقصر وأسوان والقاهرة ووصولًا إلى الجونة، استطاع ويلسون ان يزور اجمل واشهر الاماكن التى اعجب بها كثير.. مما جعله يفكر كيف للمصريين أن يعيشوا حياة طبيعية بجانب تلك الحضارات والاثار الجليلة والتى طالما سمع عنها وحلم برؤيتها.. وعن زيارته لبلد الحضارة ضمن حضوره لفعاليات الدورة الثانية لمهرجان الجونة السينمائى الدولي، ومشاريعه الفنية فى الفترة المقبلة تحدث ويلسون فى تصريحات حصرية لـ«روز اليوسف»..

■ بداية.. كيف كانت رحلتك الأولى لمصر؟

- اعتقد انها الرحلة الافضل التى قمت بها فى حياتى ولم أكن أتوقع أنها ستكون بهذه المتعة.. فأنا بدأت من محافظة الأقصر حيث زرت هناك معبد الكرنك وأيضا معبد الأقصر. ومن حسن حظى انى رافقنى فى رحلتى د.زاهى حواس، والذى يعد من اعظم من يقوموا بشرح الحضارة المصرية. وبعد انتهائى من رحلة الأقصر سافرت إلى القاهرة لأحصل على جولة ممتعة بين المتحف المصرى وايضا زيارة أبو الهول.. واعترف بأنى سررت بالحفاوة التى قابلنى بها الشعب المصرى رغم التزاحم المرورى الشديد.

■ هل هناك معالم معينة كنت تتطلع لزيارتها هنا؟

- نعم كنت اتطلع يومًا لرؤية الاهرامات حيث كان كثيرًا ما اقرأ عنها ببلادي، وأكثر ما أذهلنى هو حجم الأهرامات، فعندما قالوا لى اننا سنذهب لزيارتها ووجدت أنها كبيرة الحجم وتظهر للمارة فى الشارع. فبدأت اسأل نفسى كيف للمصريين ان يسيروا بجانب الأهرامات ويروها يوميًا ذهابًا وإيابًا فهذا شيء مذهل. فأنا لا أتخيل نفسى أمر على الأهرامات يوميا إلا ووقفت أنظر إليها بإعجاب.

■ كيف وجدت الأكلات المصرية؟

- تذوقت العديد من الاكلات المصرية التى أعجبت بها كثيرًا ولكنى أعتبر أكلة «الكشري» الشهيرة الأقرب لقلبى فهى شهية جدًا.

■ وكيف ترى استقبال الجمهور المصرى لك؟

- الشعب المصرى ودود للغاية وكانوا يوقفونى بالأقصر لسؤالى عن الفنان جاكى شان والذى قدمت معه أكثر من عمل مما كان يثير اندهاشي، لأنهم يعتقدون أنه بالضرورة أحضر مع صديقى بالعمل الى الجولة السياحية.

■ هل تجد ان السينما تكون «من أجل الانسانية» كما يحمل شعار مهرجان الجونة؟

- مؤكد  ان للسينما تأثير بالانسان وافعاله والتأثير على حياته، والانسانية هى أحد أهداف السينما السامية. حيث إن الأفلام تستطيع أن تغير مواقف وأحداث وأفكار ، وأنا عن نفسى اتأثر بشكل كبير بالافلام.

■ ألم تفكر فى تقديم عمل يتم تصويره بمصر؟

- بعد زيارتى هنا اتفقت مع أخى على تقديم عمل يتم تصويره هنا فى مصر تحديدًا بالأماكن السياحية التى زرتها، وأفكر ان يكون العمل بشراكة انتاجية بين مصر وامريكا، ولكننا نقف حاليا على تفاصيل القصة التى ستدور احداثها هنا فى هذه الأماكن.

■ هل من الممكن ان تشارك بعمل به نجوم مصريون؟

- بالطبع أتمنى سواء هذا المشورع أو غيره كما أننى ليست لدى أى مشكلة فى المشاركة بعمل مصري.

■ هل شاهدت أفلامًا مصرية أو عربية معينة؟

- نعم شاهدت بعض الافلام والتجارب الجيدة والتى لفتت نظرى خاصة عندما حضرت مهرجان دبى السينمائى الدولى بدورته السابقة. فشاهدت فيلم بعنوان «the square» وفيلم آخر بعنوان «المومياء».

■ هل نشأتك بعائلة فنية كانت دافع قوى لموهبتك؟

- بالطبع فعائلتى فنية  بالموهبة والفن، حيث ان والدتى مصورة فوتوجرافية ووالدى كاتبا ويعمل بالاعلام والسينما.. فكان من الطبيعى أن انشأ أنا وإخوتى بعالم مليء بالابداع وتشجيع الأهل.. ودعمهم لى كان سبب رئيسى بثقتى بموهبتى والاصرار عليها.

■ قدمت أكثر من عمل ناجح لك ككاتب لماذا توقفت؟

- لم يكن الامر قرارًا بالنسبة لي، فكانت بدايتى ككاتب برفقة صديقى ويس اندرسون منذ عام 1996 ، وقدمنا معا اعمال ناجحة بالفعل. ولكن انشغالى بالتمثيل جعلنى ابتعد قليلا عن الكتابة، ولكن هذا لا يمنع انى لدى النية للعودة مجددا خاصة مع وجود افكار جديدة. واعمل حاليا بالفعل على مشروع سينمائى اعود به للكتابة قريبا جدا.

■ الم تفكر فى خوض مجال الاخراج؟

- أغب حقا فى خوض مجال الاخراج خاصة بعدما استطاعت النجاح بالتمثيل والكتابة والانتاج، ففى الفترة الحالية اعمل على التحضير لاول عمل اخراجى لى ولكنى لا توجد لدى اية تفاصيل عنه.

■ ماذا عن جديدك؟

- انتهيت من تسجيل فيلم ينتمى لنوعية الانيميشن، وانا  اعشق المشاركة بافلام الانيميشن حيث اقوم بالتمثيل بصوتى فانا احب استخدام خيالى مثل الطفل الصغير واعمل على معايشة الشخصية حتى وان كانت سمكة او سيارة او اى شيء.. ففى شخصية « McQueen» الشهيرة اتخيل انى كسيارة تتألم مثلا او تبكى وغيرها من الامور التى اضع بها احساسى بالشخصية.

روز اليوسف اليومية في

04.10.2018

 
 

«أوتويا- ٢٢ يوليو» الدامي... صرخة ضد الإرهاب والترَّويع

القاهرة - أمل الجمل

بين بداية العام الحالي ونهايته خرج فيلمان سينمائيان روائيان عن واحدة من أكثر الحوادث بربرية في ما مضى حتى الآن من سنوات القرن الحادي والعشرين. تلك التي كانت واحدة من أقسى الهجمات الإرهابية التي وقعت غير بعيد من وسط مدينة أوسلو على يد ناشط نرويجي من اليمين المتطرف يوم ٢٢ تموز(يوليو) عام ٢٠١١ حيث قتل ثمانية أشخاص بسيارة مفخخة استهدفت مباني للحكومة ورئيس الوزراء، وأعقبها بنحو ساعة فقط بتنفيذ مذبحة مروعة على جزيرة أوتويا راح ضحيتها ٧٧ كان أغلبهم من المراهقين، كما أسفرت عن إصابة أكثر من مئتي جريح من شباب المعسكر الصيفي السنوي لحزب العمال النرويجي.

إبادة قادة الغد

هزت تلك الحادثة الدولة المسالمة الهادئة المشهورة بمستوى معيشتها المرتفع، واعتبر البعض يومها أعنف يوم في تاريخ النرويج منذ الحرب العالمية الثانية. والآن يأتي الفيلمان الراويان للجريمة المزدوجة، لافتين حيث أول ما يلاحَظ هو انه على رغم وحدة القضية، والواقعة التاريخية المفجعة فإن الأسلوبية وجماليات السرد اختلفت عند كلا المخرجين. جاء الفيلم الأحدث والمختلف تمامًا عن الأول بتوقيع البريطاني بول غرينغراس الذي شارك في كتابة السيناريو معتمداً على كتاب بعنوان «واحد منّا». بلغت مدة الفيلم ١٣٣ دقيقة، وشارك مخرجه البريطاني في إنتاجه مع خمس جهات أخرى منها شبكة نتفليكس، وانطلقت عروضه الأولى من المسابقة الرسمية لمهرجان فينيسيا الخامس والسبعين.

يبدأ غرينغراس شريطه من التفجيرات بوسط أوسلو، ثم ينتقل مع المجرم المتنكر في زي البوليس إلى جزيرة أوتويا حيث نعيش معه مالا يزيد عن ٢٥ دقيقة من القتل العنيف ومحاولات فرار الضحايا المصابين بالرعب والذعر وعدم الفهم لماذا يتم إبادتهم؟!. هنا، نرى القاتل يُزهق أرواح الأطفال والمراهقين بدم بارد وأعصاب هادئة، وعندما يأتي البوليس يُسلم نفسه من دون أدنى مقاومة، ويعترف بجريمته مؤكداً أنه أعلن الحرب ليستعيد بلاده، وعلى رغبته في تخليص أوروبا من المهاجرين، ثم مطالباً رئيس الحكومة بإيقاف الهجرة وفرض حظر عليها، بوضع حدّ «للتعددية الثقافية“. وعندما يخبره المحامي أن «مَنْ قتلهم أطفال أبرياء“ يجيبه بأنهم ”أبناء النخبة الليبرالية واليسارية، إنهم قادة الغد ويجب القضاء عليهم».

خارج الكادرج

أما في فيلم «أوتويا ٢٢ يوليو»- البالغ طوله ٩٢ د والذي عُرض بالمسابقة الرسمية لمهرجان برلين السينمائي الثامن والستين، كما عُرض قبل أيام في مهرجان الجونة السينمائي -، والذي شارك مخرجه النرويجي «إريك بوبا» في كتابة السيناريو له مع اثنين آخرين عن قصة للمخرج ذاته، فأسلوب السرد مختلف، إذ بعد التمهيد لحالة النشاط والبهجة، والعلاقات بين الشباب والأطفال على الجزيرة - إذ نرى بعضهم يشارك في المناقشات السياسية، والبعض الآخر يلعب كرة القدم في الخارج - يجعل بوبا كاميرته تصور تلك المجزرة في لقطة مشهدية واحدة ممتدة علي مدار ٧٢ دقيقة حيث الزمن الفعلي للمذبحة ولحالة الترويع والذعر التي أصابت الشباب والشابات والأطفال على تلك الجزيرة ومحاولات فرارهم على رغم الأمل اليائس في النجاة. وأثناء ذلك يظل المجرم خارج الكادر لا نراه، وربما نرى ظلاً له في بعض المرات القليلة جداً. لكنه يبقى مجرد ظل، لا نعرف له شكلاً أو ملامح، أو اسماً، كأنه شخص معدوم الهوية، أو كأنه يمكن أن يحمل أي هوية.

ربما تنحاز الرؤية الإخراجية السابقة لأمرين؛ الأول هو التعامل مع آثار الإرهاب المدمرة لأرواح ونفوس البشر أياً كان من وراءه، والثاني الانحياز للآراء المطالبة بعدم نشر صور المجرمين لتفادي «جعلهم نجوماً»، وبدافع حجب الشهرة التي يسعون إليها.

لكن، إضافة إلى ذلك فإن إريك بوبا لا يطرح أي حوار عن دوافع ذلك الإرهابي، ويظل المتلقي تماماً مثله مثل ضحايا هذه المذبحة في حالة من عدم الفهم؛ مَنْ الذي يُطلق الرصاص ولماذا؟!. ولماذا استغرق الأمر وقتًا طويلاً قبل أن تأتي إليهم المساعدة والإنقاذ؟ وهل شخص واحد أم مجموعة أشخاص وراء المجزرة؟ فقط نعيش رحلة الهروب بين الأشجار، أو الاحتماء بالصخرة، ولحظات الموت، أو الاحتضار، وكل الخواطر المروعة التي تجول في عقول الصغار، والخوف الشديد من الموت وحيداً، ولحظات ندم بعض الضحايا على إغضاب الأهل والأحباب، كما يتمثل ذلك في الخلاف بين الشقيقتين، أو الطفلة وجدتها، أو الطفل وأمه.

تلك اللحظات المتمادية في إنسانيتها والتي أمسكت بها كاميرا إريك بوبا تجعلنا نزداد كرهاً وحنقاً على مرتكبي أي فعل إرهابي مهما كانت دوافعه، تجعلنا نلعن مَنْ يقومون به مئات المرات، وعلى رغم أننا لا نرى المجرم، لكن هذا لا يهم، فالأثر المروع والبشع الذي خلفه من ورائه يظل أقوى على نفوسنا. وربما سنخرج من الفيلم لنبحث على محرك «غوغل» على الشبكة العنكبوتية لنعرف مزيداً من تفاصيل تلك الحادثة التاريخية المشينة وما وراءها من أفكار متطرفة.

مواجهة المجرم بالضحايا

بمقارنة هذا الفيلم النرويجي مع فيلم غرينغراس يُمكن وصف هذا الأخير بالأشمل، والأعمق، إذ تدور معظم أحداثه في ما بعد الاعتقال، بين قاعات المحكمة والسجن وغرف المستشفيات، فننتقل بين جلسات العلاج والجراحات، وبين جلسات الاستماع والمحاكمة، والتعرف على آراء المؤيدين والذين - على رغم تأييدهم أفكار المتطرف اليميني - يرفضون المثول للشهادة أو التضامن معه، بمن فيهم والدة المجرم نفسه، فهل يظل محامي النازيين الجدد الذي اختاره المجرم بنفسه للدفاع عنه هو أيضاً منحازاً إليه ومدافعاً عن آرائه؟!.

إن شريط غرينغراس يُلقي عشرات الأحجار على مركز العقل ليُثير دوامة من الأفكار والأفكار المضادة، خصوصاً في ما يتعلق بقضية المهاجرين وآثارها في تبدل المجتمعات الأوروبية.

صحيح أن المخرج يكتفي بتجسيد المذبحة في نحو ثلث ساعة مُكثفة، لكنه ينتقل بالتوازي في السرد بين لحظات اليأس التام وإشراقة النهار التي تمنح بصيصاً من الأمل والنور، ينتقل بين الآثار النفسية والجسدية التي يعاني منها الضحايا والأهالي، وبين تصرفات المجرم ونرجسيته الواضحة، ودفاعه وتخطيطه للإفلات من فعلته البشعة وإصراره على آراءه.

يمنح السيناريو أيضاً أحد الضحايا مساحة أكبر. إنه فيلجار الذي يقف في مواجهة قاتله بعد أن عاد للحياة بإصابات بالغة منها بقاء شظايا بالمخ يمكن أن تتحرك في أي لحظة وتسبب مشاكل بالغة، تظل الكاميرا قريبة منه، تتابع يأسه، ألمه، معاناته، محاولاته الانتحار، مساندته أخيه الأصغر الذي كان بصحبته على الجزيرة ونجا جسديًا لكنه يدفع ثمناً نفسياً فادحاً. نعايش رحلة الشفاء وآثار ذلك في حملة والدته الانتخابية، وذلك بالتقاطع مع المجرم الذي يلعب دور الوحش المطلق الذي يُريد أن يفرض قوانينه على الجميع. من دون أن ننسى تصويره رد فعل الحكومة، ونقدها الذاتي لنفسها، والتدابير التي وضعتها في أعقاب ذلك، وردود فعل أهالي الضحايا، بل كثير من أفراد الشعب ومؤسساته وتضامنهم لتقديم دفاع في سياق القانون.

####

عن عنصريتنا وبؤس هذا العالم

الجونة - فيكي حبيب

يهبط الفيلم المصري «يوم الدين» إلى العالم السفلي لانتشال بطله من أكوام القمامة وقسوة الوجود، فيسافر به إلى العالم العلوي في رحلة بحث عن الجذور، سائراً بخطوات ثابتة حيناً ومتعرجة أحياناً بين عالمين لا يلتقيان، في محاولة لتعرية النفس البشرية وفضح ما فيها من آثام وشرور.

رحلة لن تكون سهلة بتاتاً، لا بالنسبة إلى البطل الرئيسي لهذا العمل الذي يمكن اعتباره الفائز الأكبر في ختام مهرجان الجونة السينمائي الأسبوع الماضي، ولا بالنسبة إلى المتلقي الذي دخل الفيلم بسقف توقعات مرتفع بعد اختراق هذا الأخير أبواب مهرجان» كان» في دورته الأخيرة ومنافسته أفلام سينمائيين كبار على السعفة الذهب. فالأول سيجد نفسه أمام حلم يتلاشى على صخرة الواقع الزاخر بالخوف والكراهية، والثاني سيواجه اختباراً مرّاً لإنسانيته. وفي كلا الحالتين، سيحرّك الفيلم شعوراً دفيناً بالأسى المتبادل بين هذا وذاك... بل أكثر، سرعان ما تنقلب اللعبة ويجد مستوطن العالم السفلي نفسه مشفقاً على مستوطن العالم العلوي بعدما جرّدته الأحكام المسبقة والخوف من الآخر من الصفة التي يحمل اسمها... فيهجر المنبوذ عالمنا الذي تمنى لو ظل صورة جميلة عالقة في خياله، ويعود إلى «مستعمرته» التي رغم قباحتها تبقى أجمل وأنقى في نظره.

إنه «بشاي» (راضي جمال) الرجل الطيب الذي تعرّف إليه المخرج أبو بكر شوقي قبل 10 سنوات تقريباً خلال إعداده فيلمه الوثائقي «المستعمرة» عن مستعمرة الجذام في أبو زعبل، فقرر أن يقدم من خلاله تحية لأولئك الذين يعيشون على الهامش. فهو، رغم شفائه من مرض الجذام ما زال يحمل آثاره بجسده، ما يفسّر عدم مغادرته المستعمرة التي يقطنها قط. ولكن حين تتوفى زوجته، يحدث ما لم يكن في الحسبان، إذ تتحرك المياه الراكدة تحت قدميه، ويتعزز داخله الشعور بالانتماء، فيقرر أن يبحث عن جذوره، ويغادر على حماره بصحبة «أوباما»، الصبي النوبي اليتيم الذي يأبى أن يفارقه، فيتذوقان طعم الحياة الحقيقية خارج أسوار المستعمرة.

ولكن، كيف يمكن نظرة واحدة منا أن تحطم الآخر، المختلف عنا، وتقتل فيه أي حب للحياة؟ سؤال سيشكل محور فيلم «يوم الدين» الذي يدخل به المخرج أبو بكر شوقي عالم المنبوذين، راسماً صورة قاتمة عن ذواتنا، محاولاً أن يفضح عنصريتنا وعدم تقبلنا الآخر... لتأتي صرخة «بشاي»: «هو أنا مش بني آدم؟»، كالصفعة المدوية على وجوهنا.

صراع في النيل

«خوف... كراهية... اشمئزاز»، مشاعر يحرّكها «يوم الدين» في محاولة لمخاطبة الحسّ العاطفي داخل كل واحد منا من خلال قصة مؤثرة تجعلنا في صراع يضع على المحك إنسانيتنا مع بطل لا يشبه الأبطال في شيء. إنه بطل سلبي يأتي من عالم تحتي لا يوفّره فقر أو جوع أو مرض. بطل يصدم المشاهد للوهلة الأولى، بتشوهاته الكثيرة وشكله الخارجي غير المألوف. ولكن ومع مرور الدقائق، يكتشف المتفرج رجلاً طيباً لا يريد شيئاً من هذه الدنيا إلا الاعتراف بوجوده. هو رجل لا ذنب له في ما وصلت إليه حاله، بعد أن ظلمته الحياة، وقست عليه كما لو أنه ارتكب إثماً كبيراً. وقد نجح أبو بكر شوقي في أن يعبر بنا إلى جوانيات الرجل من خلال نسجه خيوط علاقة أبوية جميلة بينه وبين «أوباما» وهما في رحلة عبورهما من أرض المنبوذين إلى الجانب الآخر، الأكثر إشراقاً وسعادة... الجانب الذي يلفظ أمثالهما بعيداً كي لا تصل لوثتهم إليه.

وقد تكفلت الكوميديا الخفيفة بين الحين والآخر في ترطيب الأجواء والتخفيف من قتامة الواقع الذي يرتسم أمام أعيننا في فيلم طريق يسافر بمتفرجه من الصحراء إلى النيل وصولاً إلى الصعيد، بما تحمله رحلة العبور هذه من دلالات. لكن المفارقة أن «الحياة» التي سيكتشفها «بشاي» على طريق النيل، رمز الحياة، هي بمثابة «إعلان موت» له ولأمثاله. فـ «الآخر» المختلف غير مرحب به بيننا، ونظراتنا الخائفة، الساخطة، المشمئزة، لن ترحم... عندئذ، فقط يفهم بطل «يوم الدين» قرار والده الذي تركه طفلاً في عدم الرجوع إليه مطلقاً، رغم الوعد الذي قطعه له بأن يعود، لا خوفاً منه بل خوفاً عليه من حكم الإعدام الذي تصدره في حقه وحق أمثاله أحكامنا المسبقة.

هنا لا بد من أن نفتح قوسين حول أحد أبرز عيوب «يوم الدين»، والذي لخصه بعض من شاهد الفيلم في الحوارات التفسيرية غير المبررة التي تأخذ مساحة على حساب الجانب البصري، مثلما حدث مثلاً في الحوار السالف الذكر بين الأب والابن. أضف إلى ذلك مشاهد غير مبررة أيضاً مثل «المصادفة» التي جعلت «أوباما» يصل إلى الدار التي كانت ملجأه الأول قبل أن يهجرها، و «المصادفة» التي جعلته يجد الأوراق التي تحمل اسمه الحقيقي واسمي والديه بمساعدة أحد المنبوذين الذي يتحدث ساخراً عن إيجابيات البيروقراطية بصورة غير مقنعة وإن تعذر عليه لفظها جيداً.

نحن والآخر

مفهوم «الآخر» الذي أشبعته الفلسفة الأوروبية الحديثة دراسة واستخدمه علم الاجتماع لفهم المنهجية التي تقصي فيها المجتمعات بعض فئاتها ممن يتصفون بصفات دونية، يبدو المحرك الأساسي لحبكة «يوم الدين» التي أراد بها أبو بكر شوقي تسليط الضوء على علاقة المجتمع بالمهمشين... لكنه يفعل هذا، وهنا الأهمية، من دون فلسفة أو تصنع، بل بالاتكاء على قصة إنسانية لشخصيات من لحم ودم عانت من الإقصاء والـــحرمان وقاست الأمرّين في هذه الدنيا من دون أن يكون لها أي ذنب في ما هي عليه.

وهنا، يبرز أيضاً مفهوم العدالة الاجتماعية بكل تجلياته، فنرى أبو بكر شوقي يمعن في إظهار الفوارق التي تشكل في عصرنا هذا أبرز الحواجز بين البشر، مثل الدين واللون والطبقة. فـمثلاً «بشاي» القبطي لا يجد حرجاً في أن يرد «اسمي محمد» على سؤال جماعة من المتشددين المسلمين... و «أوباما» صاحب البشرة الداكنة، تجده ينحاز إلى جماعة المنبوذين. أما حثالة المجتمع التي يصادفها «بشاي» في رحلته، فيصورها الفيلم مفعمة طيبة وخدوم خلافاً للبشر العاديين الذين يبدون وحوشاً آدميين.

وقد وفّق أبو بكر شوقي في فيلمه الروائي الطويل الأول في الاعتماد على ممثلين غير محترفين للتأثير في المشاهد وإيصال الرسالة التي أراد تناولها، بخاصة إدارته للعم راضي الذي استطاع من خلال دور «بشاي» أن ينقل للمتفرج الإحساس بالثقل الكبير الذي يحمله على كتفيه لمجرد أنه مختلف ولا يشبه بقية البشر لناحية شكله الخارجي.

«يوم الدين» الذي منحته الدورة الأولى من مهرجان الجونة دعمها، لم يكن غريباً أن تحتفي به الدورة الثانية التي يأتي شعارها «سينما من أجل الإنسانية». أضف إلى ذلك أنه مثّل مصر وحيداً في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، وقد اختير لتمثيلها أيضاً في الترشح لجائزة الأوسكار لأفضل فيلم ناطق بغير الإنكليزية... وها هي الدورة الثانية تكافئه بمنحه جائزة أفضل فيلم عربي روائي طويل وجائزة «سينما من أجل الإنسانية»، فضلاً عن جائزة مجلة «فارايتي» لأفضل موهبة صاعدة.

الحياة اللندنية في

05.10.2018

 
 

يوم الدين.. كوميديا الألم

هشام أصلان

يقول شهود تلك الليلة من مايو/ أيار الماضي، إن التصفيق استمر وقوفًا لأكثر من 15 دقيقة. ربما بالغوا في حساب الدقائق، ولكن رأينا الوقوف تقديرًا لفترة ليست بطالة عبر مقاطع الفيديو. المصفقون هُم حضور مهرجان "كان" السينمائي في دورته الأخيرة، بعضهم من نجوم العالم، والأبطال هُم صُنّاع الفيلم المصري "يوم الدين". وخرج الفيلم من الدورة الـ71 لـ"كان" فائزًا بجائزة فرانسوا شاليه للأعمال الإنسانية، قبل أن يتم اختياره لتمثيل مصر في مسابقة الأوسكار للأفلام غير الناطقة بالإنكليزية.

بعد مرور سبع سنوات على ثورة يناير، التي بانتصاراتها وخيباتها لم تقف عند حدود الفعل السياسي، نحن بصدد وعي جديد وإن أدركه الإحباط. ذلك أن ما حدث ساهم في توسيع دائرة التلقي النخبوي. آن للأعمال التي تُصنف "نخبوية"، بلغة أخرى "أفلام المهرجانات"، أن تجد بُعدها الجماهيري بشكل ملحوظ.

من هنا، ليس مدهشًا أن يكفي الاحتفاء بفيلم في "كان" وفوزه بجائزة، أو أخبار ترشيحه رسميًا للمشاركة في الأوسكار، لترويجه عند قاعدة جماهيرية معقولة في نوع من أنواع الشارع المصري، وإقبال معقول في دور العرض عند عرضه جماهيريًا. الفيلم فاز أيضًا، منذ أيام، بجائزة أفضل فيلم روائي عربي في مهرجان الجونة السينمائي.

كان من الممكن ألا يجد الفيلم هذا التلقي من دون موهبة فادحة الظهور لراضي جمال، المواطن المتعافي حقيقة من المرض، والذي هو بطل سينمائي قام بأول أدواره بعد تدريب استمر شهورًا لنراه على الشاشة في شخصية بشاي، وهو قبطي أربعيني متعاف من مرض الجذام وإن قضى المرض على ملامح وجهه وأطرافه. ومع شفائه أكمل تعايشه وسط زملائه المرضى في مستعمرتهم المعزولة بعيدًا عاملًا في جمع القمامة، ذلك أنه، ومنذ تركه والده طفلًا عند بوابة المستعمرة، لا يعرف شكلًا آخر للحياة.

وبينما تموت زوجته بخليط من الجذام والمرض العقلي، يستيقظ عازمًا الرحيل، بعد حوار قصير عند المقابر بينه وبين أمها، وسؤال حول جدوى أن يكون لديك من يأتون لزيارة قبرك. هو، إذن، واحد من تلك الأعمال المتكئة على تيمة الرحلة، والتي عالجت سطحيتها المعهودة طبيعة المرتحل وعلاقة أمثاله بمجتمع مثل مجتمعنا، فضلًا عن ذهابه بحثًا داخل المجهول وعنه بتجلٍّ، من بداية الطريق مرورًا بحركة بشرية في شوارع وحياة لا يعرف عنها شيئا، انتهاءً بنتيجة غير مضمونة نهائيًا، سواء استطاع العثور على عائلته أو لم يستطع.

الحكاية بدأت عندما فكر المخرج أبو بكر شوقي في صناعة فيلم وثائقي عن مستعمرة الجذام والمرضى المعزولين بداخلها بعيدًا عن أي من أشكال الحياة بسب مرض يشوه ملامحهم ويحولهم إلى منبوذين حتى بعد الشفاء. بالفعل أخرج فيلم "المستعمرة" الوثائقي ليكون نواة فيلمه الروائي الطويل: "يوم الدين". يحكي للصحافة عن صعوبات العمل، ومنها أن الممثلين تم تجهيزهم في 4 شهور "خصوصًا أن بينهم من لا يعرف القراءة"، وكيف أصر على الاستعانة بشخص عانى من المرض ليجسد التفاصيل بدراية: "طريقة حمله للأشياء وتناوله الطعام وتدخينه وغيرها من التفاصيل الصغيرة".

أنت أمام مستويين للتلقي. الأول في بساطة التعاطف الطبيعي مع ممثل كونك تعرف أنه يعرض شيئًا من معاناته الحقيقية، ووجه تشوه من دون ماكياج سينمائي بما يتسبب له من مواقف شديدة الإزعاج، والثاني في عمق المفاجأة من قدرة هذا الممثل على توصيل إحساسه بينما يفتقد أدوات التوصيل البديهية. وتعبيره، بحساسية بالغة، عن الانفعالات الإنسانية العادية: الارتياح، الضيق الخفيف أو العميق، القرف. هكذا من دون عينين واضحتين أو ملامح تتحرك بطبيعية.

صديقا البطل حمار يموت في منتصف الرحلة وطفل يتيم لافت الذكاء والموهبة، أدى شخصيته أحمد عبد الحفيظ ممثلًا، أيضًا، للمرة الأولى، يلتصق ببشاي ويجد حلولًا بسيطة لتجاوز العقبات، كأن يحيك قطعة شاش في قبعة صديقه تداري وجهه عن العيون المنزعجة والخائفة، أو يردع بلسان سليط نسوة يحممن البهائم في النهر بعدما انطلقن في طردهما خوفًا من تلوث المياه ونقل العدوى إلى أطفالهن.

هنا، أيضًا، سؤال، وجودي ربما، حول الاضطهاد بوصفه سمة أصيلة في الجنس البشري. كيف أن المُضطهد اجتماعيًا سيمارس الاضطهاد عفويًا بمجرد أن تضعه الظروف أمام من هو أضعف، قد يكون مصطلح التسلُط أكثر دقة، لن يفرق كثيرًا، ذلك أن الفكرة هي ممارسة ما نعاني منه إن توفرت الظروف.

مثلًا، سترى متسولا مبتور الساقين يعنّف بشاي عندما اضطر للتسول في محيط منطقته جوعًا، أو محبوسا ظلمًا يعنف زميله قرفًا من شكله، غير أن المخرج أبو بكر شوقي لجأ إلى معالجة الأمر بأن خلق في قلب مبتور الساقين لحظة شهامة أدت إلى عدم احتماله ترك المتعافي من الجذام عرضة لنهش الشارع، فيأخذه إلى أصدقائه من المتسولين الذين يعانون عيوبًا جسدية ليعملوا جميعًا على المساعدة في وضع بشاي على أول الطريق الصحيحة للوصول إلى مسقط رأسه والبحث عن عائلته. لا أعرف إن كان من الأفضل فنيًا إيجاد صيغة لترك السؤال مفتوحًا من دون الحسم بإجابته. نحن، في النهاية، نفكّر بصوت عال، كما ضحكنا بصوت عال مع كوميديا راقية جاءت في كثير من مشاهد مؤطرة بالألم.

ضفة ثالثة اللندنية في

05.10.2018

 
 

باتريك ديمبسي: المصريون سحروني في مهرجان الجونة

مروة محمد:

قال النجم الأمريكي العالمي باتريك ديمبسي، إنه حرص على التواجد في مصر من أجل تقديم مسلسله الجديد «الحقيقة حول قضية هاري»، لأول مرة بالشرق الأوسط، ضمن فاعليات الدورة الثانية لمهرجان الجونة السينمائي، التي اختتمت 28 سبتمبر الماضي، مضيفا خلال مقابلة مع النسخة الإيطالية لمجلة «فانتي فير» المعنية بالمشاهير: "قلت لزوجتى في وقت سابق علينا أن نذهب لمصر معا، وعندما قمت بزيارتها رأيت ضوء في عيون المصريين سحرني".

وأشار النجم الأمريكى إلى أنه يفضل دائما التعلم في مجاله واكتساب الخبرات، ولهذ السبب قرر أن يكرس نفسه لمشاريع خارج الولايات المتحدة، مؤكدا أن السفر هو أعظم تعلم يمكنك أن تكتسبه في الحياة".

ولفتت «فانتي فير» إلى أن ديمبسي توجه إلى روما بعد مغادرة مصر من أجل استئناف تصوير مسلسله «ذا ديفيلز»، والذي يشارك فيه أيضا النجم الإيطالي أليسندرو بورجى.

وكان رجل الأعمال نجيب ساويرس، مؤسس مهرجان الجونة، أكد أن باتريك ديمبسي فنان لا خلاف عليه، وأنه بعد أن تعرف عليه، اكتشف طيبته وأدبه ولطفه، وجاء مصر من أجل الاستمتاع، موضحا أنه يسعى للإنتاج المشترك مع «ديمبسي» مستقبلًا، حتى يمكن إفساح المجال لنجوم مصريين، في الظهور عالميًا، لتكرار تجربة النجم المصري العالمي الراحل عمر الشريف.

يذكر أن ديمبسي حصل على جائزة نقابة ممثلي الشاشة 2006 لأفضل مجموعة «Best Ensemble» عن دوره في مسلسل «جراي أناتومي»، كما تم ترشيحه بنفس الدور لجائزة جولدن جلوب لأفضل ممثل.

واشتهر ديمبسي بـ«دكتور باتريك» في مسلسل «جرايز أناتومي»، وهو مسلسل درامي طبي تلفزيوني أمريكي من إنتاج هيئة الإذاعة الأمريكية، عُرض لأول مرّة على محطة «أي بي سي»، في 27 مارس 2005، وحاز على العديد من الجوائز.

الشروق المصرية في

05.10.2018

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)