كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 

أيقونة السينما...

كارينا وبلموندو في ملصق "كانّ 2018"

نديم جرجوره

كان السينمائي الدولي

الدورة الحادية والسبعون

   
 
 
 
 

يُشكّل الملصق الرسميّ الخاص بمهرجان "كانّ" السينمائي، كما بمهرجانات دولية أساسية وغير أساسية، حالة فنية مستقلّة بحدّ ذاتها، لأنها الانعكاس البصري الأول والأهم للمهرجان، ولمضمونه ولجوهر دوراته. حالة فنية مُثيرة للتكهّنات، إذْ تجعل كثيرين ينتظرون ما ستُسفر عنه لغة الإبداع البصري في ابتكار الصورة الأقدر على تقديم كل دورة بأفضل شكلٍ ممكن. 

فبين استعادة ماضي السينما والتنبّه إلى راهن سينمائي، وإلى الأجواء العامة للمهرجان في كلّ دورة، تعجز التوقّعات عن مقاربةٍ مُسبقةٍ، تبقى بعيدةً عن النتاج النهائيّ للملصق المعتَمد.

للدورة الـ71 (8 ـ 19 مايو/أيار 2018) للمهرجان الدولي المنتظر (كانّ)، تمكّنت مُصمِّمة غرافيك شغوفة بالفن السابع تُدعى فلور ماكان (27 عامًا) من ابتكار الأجمل، بمنحها الملصق لمسة الـ"بوب" الخاصّة بها. 

اختارت صورة فوتوغرافية التقطها جورج بيار (1927 ـ 2003) أثناء تصوير "بيارو المجنون" للفرنسي السويسري جان ـ لوك غودار (1930) عام 1965، يظهر فيها الثنائي آنا كارينا (1940) وجان ـ بول بلموندو (1933)، عندما يُطلّ كلّ واحد منهما من سيارته لتقبيل الآخر.

المعروف عن فلور ماكان انجذابها إلى عوالم مختلفة ومتكاملة، تتمثّل بثقافة الـ"بوب" والتصاميم الفنية والسينما. ولا تزال تعمل خارج أطر المؤسّسات والوظائف، فتعيد ـ غالبًا ـ تصميم ملصقات أفلام قديمة بتقنية الـ"ديجيتال"، وتتعامل مع شركات فرنسية وأميركية، كـ"يونيفرسال" و"آرتي" و"قناة باراماونت" وESPN وغيرها.

"إنه إعلان حبّ للسينما"، كما قيل مع الإعلان عن الملصق الرسمي للمهرجان قبل أسابيع قليلة. علمًا أن فلور ماكان أنجزت مرارًا ملصقات سينمائية عديدة لحساب "معهد لوميير" في المدينة الفرنسية "ليون" (حيث تُقيم منذ أعوام مديدة)، الذي يتبوّأ المندوب العام لمهرجان "كانّ" تييري فريمو (1960) فيه منصب المدير العام ومدير النشر: "تواصلنا، أحدنا مع الآخر، أكثر من مرة في وقتٍ سابق. لكننا لم نتكلّم مجدّدًا في مرحلة لاحقة"، تقول ماكان في تصريحات صحافية فرنسية مختلفة، مضيفة أن فريمو نفسه اتصل بها مطلع العام الجاري، طالبًا منّها التفكير بتصميمٍ "يُمكن تنفيذه"، فإذا بها تختار الصُورة والألوان، بعد تبادلها أفكارًا ونقاشات عديدة معه.

في الوقت نفسه، تؤكّد ماكان على اشتغالها لوحدها، بخصوص هذا الملصق. تشير إلى أن مهرجان "كانّ" راغبٌ في منح مُصمِّم الـ"غرافيك" حيّزًا خاصًا به للتعبير عن نفسه، في ابتكاره الملصق المطلوب. مع هذا، تتواصل ماكان ـ طوال الوقت ـ مع تييري فريمو، وتتحدّث معه ـ طويلاً ـ عن "البصريّات التي تؤثّر فينا". تقول: "هناك تجارب عديدة مع صُوَر أخرى وألوان أخرى. بصريات كثيرة تمّ تناولها. نحن نرغب في البحث في الاحتمالات كلّها، والرسائل كلّها، والأساليب الممكنة كلّها. بشكل عام، شعرتُ أني حرّة جدًا في عملي على هذا الملصق. لم تكن هناك حواجز، بل على العكس. التبادل بيننا سلسٌ بخصوص التصميم. كنت أعلم أن الهمّ الأساسي لدى إدارة المهرجان كامنٌ في ضرورة أن يتنفّس الملصق شغف السينما". 

تعترف ماكان بمشاهدتها "بيارو المجنون" منذ وقتٍ بعيد، وبعدم مشاهدتها إياه مجدّدًا: "لكنه حضر في ذهني فور تكليفي العمل على تصميم الملصق"، فإذا بها تستعين بصُوَر فوتوغرافية مختلفة لجورج بيار، مختصّة بتصوير الفيلم: "ألوان الفيلم جميلة، والثنائي متحوّل حينها إلى أيقونة مثالية في المشهد الفرنسي". هذا تحريضٌ لها على اختيار تلك الصورة تحديدًا، والاشتغال عليها: "منجذبة إلى شعريتها وجمالها"، كما تقول، مضيفة أن "اختيار القبلة" يعكس ـ فعليًا ـ "حب السينما".

وعن إمكانية حضورها الدورة المقبلة للمهرجان، تقول فلور ماكان إنها لم تفكّر بالمسألة لغاية الآن، مشيرة إلى رغبتها في ذلك: "متأكّدة أنها ستكون لحظة انفعالية جميلة وقوية جدًا. بصفتي مُصمِّمة غرافيك "سينيفيلية"، هذه خطوة كبيرة".

أما "بيارو المجنون" ـ وهو إنتاج فرنسي إيطالي (1965) بلغت ميزانيته (بحسب القيمة الخاصة بعملة تلك الأيام) نحو 300 ألف دولار أميركي (شاهده في فرنسا مليون و310 آلاف و579 مُشاهدًا) ـ فيروي حكاية فردينان غريفون الذي يعيش حياة رتيبة مع زوجته وأولاده، مضفيًا عليها (الحياة الرتيبة) بعض السخرية المريرة، إثر خسارته وظيفته في التلفزيون. ذات مساء، بعد عودته من سهرة اجتماعية عادية للغاية عند عائلة زوجته، يكتشف أن جليسة أطفاله صديقة قديمة له تُدعى ماريان، فيُقرّر التخلّي عن كلّ شيء، والذهاب معها في رحلة كبيرة إلى جنوب فرنسا، حيث تختلط أمور عديدة: تجارة الأسلحة والمؤامرات السياسية واللقاءات المتنافرة، كما يتخلّلها توقّف في مدنٍ وبلدات ريفية، وتمزّقات انفعالية وعاطفية.

يُذكر أن السينمائي والكاتب الأميركي صامويل فولر (1912 ـ 1997) يظهر في بداية الفيلم: "طلب غودار مني أن أكون أنا نفسي في مشهد كوكتيل في "بيارو المجنون". كنت هناك أعمل على مشروع لم أتمكّن من إنجازه لاحقًا"، بحسب قول له في لقاء صحافي عام 1968. يُضيف: "العمل مع مخرج مثله رائع. تحديدًا: العمل معه يُشعرك بالحيوية. في ما يتعلّق بي، كنتُ أشعر فعليًا بالثقة".

المعروف أن جان ـ لوك غودار مُشارك في كتابة السيناريو مع ريمو فورلاني (1927 ـ 2009)، وهو مقتبس عن رواية "هاجس (شيطان الساعة 11)" للأميركي ليونيل وايت (1905 ـ 1985) صدرت ترجمتها الفرنسية عام 1963. لكن غودار قال يومها إنّ الاقتباس حرّ.

العربي الجديد اللندنية في

03.05.2018

 
 

ريد هاستينجز عن قرار كان السينمائي بمنع "Netflix": نحن مخطئون

كتب- مروان الطيب:

أكد ريد هاستينجز، الرئيس التنفيذي لشركة "Netflix"، أن هناك العديد من المشاكل التي واجهت الشركة وإدارة مهرجان كان السينمائي خلال الفترة الماضية، وذلك بعد رفض "كان" السماح لأفلام الشركة بعرضها ضمن مسابقاتها المختلفة، إلا بعد عرضها تجارياً بدور العرض الفرنسي، وهو ما رفضته الشركة وقامت بسحب أفلامها من المشاركة بفعاليات الدورة المقبلة.

وفي تقرير لموقع "The Hollywood Reporter"، قال ريد "نحن نملك سمعة جيدة في صناعة السينما والمسلسلات التليفزيونية، ونخطئ أحياناً في بعض الأوقات، ومررنا بمشكلة كبيرة لم تكن في مرادنا منذ البداية، ولم يكن في قرارتنا إفساد الذوق العالم للسينما أو التليفزيون كما يصرح البعض، بل حرصنا على تقديم مضمون جيد لمتابعينا حول العالم".

وقد أكد تيري فيرمو، المدير الفني لمهرجان كان السينمائي، أنه على الرغم من خلاف الجانبين، إلا أن "Netflix" ستعود مرة أخري بفعاليات كان خلال الدورات المقبلة، والطريقة لعودتها هي بالاستماع إلى صوت العقل، وعدم تعامل الشبكة مع أفلامها السينمائية كأعمال تليفزيونية، وأن المهرجان لن يتأثر بغياب "Netflix" هذا العام.

وقد شاركت "Netflix"، بفيلمين خلال الدورة الماضية للمهرجان، وهما فيلما "Okja"، و"The Meyerowitz Stories"، ضمن المسابقة الرسمية للمهرجان، إلا أن الشبكة رفضت طلب إدارة المهرجان بعرض أفلامها بالصالات الفرنسية أولاً، والذي كان السبب وراء قرار كان بطرد أفلام الشبكة خارج المهرجان هذا العام.

يذكر أن فعاليات الدورة الـ71 لمهرجان كان السينمائي الدولي، ستقام في الفترة من 8-19 مايو المقبل.

موقع "مصراوي" في

03.05.2018

 
 

لأول مرة أربعة أفلام عربية فى هذه الدورة السيلفى ممنوع فى المهرجان

بقلم: سامح فتحى

مع قرب انطلاق الدورة الـ٧١ لمهرجان كان السينمائى الدولى التى تقام فى الفترة من ٨ إلى ١٩ مايو تتضح الصورة عن ذلك الحدث السينمائى العالمى الفريد، حيث تقرر أن يكون افتتاح المهرجان من خلال الفيلم الإسبانى Everybody Knows والذى قام بإخراجه المخرج الإيرانى أصغر فرهادي، والفيلم من بطولة بينلوبى كروز وخافيير بارديم، والفيلم من نوعية الأفلام التى تغوص فى النفس البشرية، وتكشف عن أغوارها، وقد قام بكتابة قصته المخرج وتم تصويره بالكامل فى إسبانيا، وتأتى طرافة الاختيار من كونه ثانى فيلم غير فرنسى أو أمريكى يتم به افتتاح دورة مهرجان كان، حيث كان الفيلم الأول إسبانيا أيضا بعنوان Bad Education لـ بيدرو ألمودوبار الذى افتتح المهرجان عام ٢٠٠٤ .

وقد تم الإعلان عن أعضاء لجنة تحكيم المسابقة الرسمية التى ترأسها الممثلة الأمريكية كيت بلانشيت. فقد وقع اختيار إدارة المهرجان على المخرجة آفا دوفيرناي، والممثلة كريستن ستيوارت، إلى جانب المخرج دينيس فيلنوف. كما تضم اللجنة الروسي، أندرى زفياجنسيف. ومن بين أعضاء لجنة التحكيم، الممثلة الفرنسية ليا سيدو، والمخرج والمنتج الفرنسى روبير جيديجيان والممثل الصينى تشانج تشن، والمغنية البوروندية كاديا نين.

وستضم المسابقة الرسمية هذا العام فيلمين عربيين هما «يوم الدين» للمخرج المصرى أبو بكر شوقي، و»كفر نعوم» للمخرجة اللبنانية نادين لبكي. كما تضمنت قائمة الأفلام المشاركة فى المسابقة الرسمية ١٨ فيلمًا، كما ستضم مسابقة «نظرة ما»، ثانى مسابقات المهرجان الرسمية فيلمين لمخرجتين عربيتين هما «صوفيا» للمغربية مريم بن مبارك، و»قماشتى المفضلة» للسورية غايا جيجي، وبهذا تشارك أربعة أفلام عربية فى المسابقتين الرسميتين للمهرجان للمرة الأولى فى تاريخه.

وستشارك المملكة العربية السعودية لأول مرة فى مهرجان كان السينمائى بمجموعة من الأفلام القصيرة، وذلك بعدما رفعت الحظر عن إنشاء دور السينما الذى استمر لأكثر من ٣٥ عامًا. وقد أصدر وزير الثقافة والإعلام السعودى عواد العواد، بيانا صحفيا، جاء فيه: «تتطلع المملكة إلى حضورها الأول فى المهرجان، لدعم المواهب المختلفة فى صناعة السينما السعودية والاحتفاء بهم». وأضاف: «تشرع المملكة العربية السعودية فى تطوير صناعة فنية مستدامة وديناميكية تدعم وتشجع جميع مراحل العمل السينمائي

وستقدم مجموعة مذهلة من المواقع ليكتشفها صانعو الأفلام من مختلف دول العالم». ومن المقرر أن تعرض ٩ أفلام سعودية قصيرة يومى ١٤ و١٥ مايو المقبل. وفى سبيل سعى السعودية إلى تقديم محتوى ترفيهى متميز، بدأت فى التفاوض مع صناع السينما فى هوليوود من أجل إنفاق ما يقرب من ٨٠ مليار دولار على تأسيس صناعة سينمائية وترفيهية فى المملكة .

وقد كشف مهرجان كان السينمائى الدولى عن الملصق الدعائى الرسمى للدورة ٧١ ويرتكز على فيلم المخرج جان لوك جودار Pierrot lefou، والذى صدر فى عام ١٩٦٥. والفيلم من بطولة جان بول بلموندو وآنا كارينا. وقال المنظمون إن ملصق مهرجان كان السينمائى واحد من بين أعمال المصور جورج بيير الذى خلد أكثر من ١٠٠ فيلم على مدار حياته المهنية التى استمرت ٣٠ عاما منذ عام ١٩٦٠.

وتعود السينما المصرية للمسابقة الرسمية لمهرجان كان، باختيار فيلم «يوم الدين» للمخرج أبو بكر شوقى للمشاركة؛ لتكون المشاركة المصرية الأولى فى المسابقة منذ شارك يسرى نصر الله عام ٢٠١٢ بفيلم «بعد الموقعة»، بينما افتتح محمد دياب عام ٢٠١٦ مسابقة نظرة ما، ثانى مسابقات المهرجان أهمية، بفيلمه «اشتباك».

واختيار «يوم الدين» جاء مفاجئًا لكثيرين، فهو فيلم تم تنفيذه بهدوء ودون دعاية تذكر، بدون أى وجوه معروفة، وبدأب من مخرجه الشاب أبو بكر شوقى ومنتجته دينا إمام. وشوقى أخرج قبل قرابة العشر سنوات فيلما تسجيليا بعنوان «المستعمرة» عن مستعمرة الجذام فى أبو زعبل، وهناك تعرف على راضى جمال، مريض الجذام الذى سيصير لاحقًا بطل فيلم المخرج الروائى الأول.

و»يوم الدين» من تأليف وإنتاج وإخراج أبو بكر شوقي، إنتاج دينا إمام، منتج مشارك محمد حفظي، تصوير فيدريكو سيسكا، تصميم إنتاج لورا موس، بطولة راضى جمال وأحمد عبدالحافظ.

وقد أعلن مدير مهرجان «كان» السينمائي، المخرج السينمائى تييرى فارماو، عن إجراء بعض التغييرات الهامة فى دورة هذا العام، وقال فارماو فى مقابلة مع مجلة «لو فيلم فرانسيه»، إن المهرجان سيحظر مشاركة الأفلام التى من إنتاج شبكة «نيتفلكس» الأمريكية للبث الرقمي، بعدما رفض القائمون عليها طرح أفلامها فى الصالات السينمائية، وفقا لوكالة «رويترز»  للأنباء. كما أشار إلى أنه سيحظر التقاط المتفرجين صورا ذاتية على السجادة الحمراء، وعلّل هذا بضرورة إنهاء «الفوضى العارمة التى يثيرها هذا الأمر 

خلال استعراض المشاركين» على السجادة الحمراء. كما أكد فارماو أن صور «السيلفي» يخالف سمعة مهرجان «كان»، بكونه أنيقا وتقديريا لضيوفه. يذكر أن المفوض العام لمهرجان «كان» أعلن فى عام ٢٠١٥ عن حظره لالتقاط صور «السيلفي» على السجادة الحمراء، قبل أن يتم تعديل القرار ليتم حصره على المدعوين فقط، للحد من هذه «الممارسة السخيفة والمسيئة» بحسب تعبير القائمين على المهرجان.

وقد سبق أن احتفى مهرجان كان السينمائى فى دورته الرابعة والستين بفيلم «البوسطجي» - الذى صادف يوم الخامس عشر من شهر إبريل الحالى مرور خمسين عاما على إنتاجه - عندما تم اختيار مصر لأول مرة كضيف شرف للمهرجان، وتم عرض فيلم «البوسطجي» فى الساعة السادسة والنصف بقاعة بونوييه فى إطار قسم «كان كلاسيك» . وقد طلبت إدارة المهرجان وقتها من المسئولين المصريين هذا الفيلم بالتحديد ليعرض بالمهرجان .

المصور المصرية في

03.05.2018

 
 

"جائزة النقاد السنوية 2": مرايا الناس والواقع

نديم جرجوره

التجربة بحدّ ذاتها مهمّة: منح جائزة باسم النقّاد السينمائيين لأفلام عربية معروضة خلال عام واحد. الأفلامُ عربيةٌ، إنتاجًا ومواضيع وصانعين وعاملين. النقّاد عربٌ وأجانب معنيون بالسينما العربية، ومتابعون لمساراتها وجمالياتها ونتاجاتها. هذا نوعٌ من تواصل، وإنْ يكن غير مباشر، بين نقّاد يُقيمون في دول مختلفة، ويستندون ـ في مشاهداتهم وكتاباتهم ونقاشاتهم ـ إلى ثقافات وأساليب وهواجس وأمزجة عديدة. تواصل غير مباشر عبر مشاهدة النتاجات الحديثة، واختيار "الأفضل" في 6 فئات: أفضل فيلمين طويلين، روائي ووثائقي، وأفضل إخراج وسيناريو، بالإضافة إلى أفضل ممثل وممثلة. 

لن يكون أمر إعلان النتائج النهائية خلال دورات سنوية لمهرجان "كانّ" السينمائي سببًا لانتقادٍ سلبي. ربما هذا أفضل، كي لا يقع مانحو الجوائز في مشكلة الجغرافيا والحساسيات والانتماءات السلطوية في الدول العربية. لذا، فليكن الإعلان الرسمي في "كانّ "، لأن المهرجان الدولي حيّز سينمائيّ متحرّر من غلبة التمزّقات العربية؛ علمًا أن لا علاقة للمهرجان بهذه الجوائز، التي سيُعلن عنها ـ للمرة الثانية ـ في جناح "مركز السينما العربية" في "السوق السينمائية"، خلال الدورة الـ71 (8 ـ 19 مايو/ أيار 2018).

التجربة مهمّة، وإنْ تبقى المتابعة الدقيقة لأحوال الصناعة السينمائية العربية أهمّ وأفضل. الناقد المعنيّ بجوهر الصناعة وسجالاتها وأشكالها غير مكترثٍ بتفاصيل، بعضها مرتبط بالتكريم، المتمثّل بمنح الجوائز، وإنْ يَعتَبر الجوائز تكريمًا ما لجهدٍ واشتغالٍ. تفضيلُ فيلمٍ على آخر، أو ممثل/ ممثلة على آخر/ أخرى، أو سيناريو على آخر، إلخ.. جزء من لعبة مُتَداولة في أنحاء مختلفة من العالم، لكنها لن تحول أبدًا دون متعة المُشاهدة والمناقشة والحوار، أو دون عيش المتعة السينمائية، بشكلها العام.

الأفلام العربية حديثة الإنتاج، المنضوية في اللائحة القصيرة، تُشكِّل، وإن بتفاوتٍ متنوّع، بعض الواقع العربي، إنسانيًا واجتماعيًا. تُشكِّل انعكاسًا لاختبارات جمالية في مقاربة أحوال بيئات مضطربة، وأفراد مرتبكين. الأساليب جزءٌ من المتابعة: كيف يُمكن تحويل الأسلوب إلى كشفٍ وبوح واعتراف، أو إلى اغتسال وتنبّه؟ لكن، ألن يكون هذا دور الفيلم وصانعه: منح المُشاهد ما يجعله يعثر على نفسه في عمق ما يُشاهده، دافعًا إياه إلى اختراق البنيان السينمائي المتكامل، كي يتمكّن من التماهي به؟

السؤالان طبيعيّان ومشروعان. أفلامٌ عربية مُختارة في اللائحة القصيرة لـ"الجوائز السنوية للنقّاد السينمائيين العرب" تبدو نوعًا من ترجمة بصرية لقولٍ كهذا. 

مثلٌ أول: "واجب" للفلسطينية آن ـ ماري جاسر (3 ترشيحات: أفضل فيلم روائي، وأفضل سيناريو لجاسر، وأفضل ممثل لمحمد بكري). يومٌ كاملٌ يمضيه أبٌ وابنه العائد حديثًا من إيطاليا، لتوزيع بطاقات دعوة إلى حضور عرس الابنة/ الشقيقة. الناصرة حيّز جغرافيّ، لكنها تبدو أشبه بشخصية درامية في سياقٍ يعكس شيئًا من أحوال ناسها في يومياتهم العادية. مثلٌ ثانٍ: "وليلي" للمغربي فوزي بنسعيدي (ترشيحٌ واحد في فئة أفضل فيلم روائي): قسوة الانشقاق في البناء الاجتماعي المغربي منعكسٌ ـ سلبًا ـ على أفراد يعانون عنف التسلّط المبني على مزيج الأمن والمال والبورجوازية. مثلٌ ثالث: الفيلمان التونسيان "على كفّ عفريت" لكوثر بن هنيّة و"بنزين" لسارة عبيدي، المُرشّحان في فئة أفضل ممثلة: مريم الفرجاني في الأول وسندس بلحسن في الثاني. فيلمان مأخوذان من وقائع حقيقية في بلدٍ مرتبك، يُعاني كثيرون فيه تخبّط الأحوال كلّها بعد "ثورة الياسمين" (2010 ـ 2011).

وماذا عن الأفلام الوثائقية الـ3، المتنافسة على جائزة أفضل فيلم وثائقي طويل: "طعم الإسمنت" للسوري زياد كلثوم، و"اصطياد أشباح" للفلسطيني رائد أنضوني، و"آخر الرجال في حلب" للسوري فراس فياض؟ ألن تكون صُوَرها، المأخوذة من وقائع وحقائق ويوميات وتفاصيل، انعكاسات ما لأحوال أناسٍ معنيين بهموم مشتركة، وتأمّلات متشابهة، وانفعالات متبادلة؟

هناك أيضًا 3 مُرشّحين لجائزة أفضل إخراج: المغربي هشام العسري عن "ضربة رأس"، والجزائرية صوفيا جامة عن "السعداء"، واللبناني زياد دويري عن "قضية رقم 23". هذا الأخير مُرشَّح أيضًا في فئات أفضل فيلم روائي وأفضل سيناريو لدويري وجويل توما وأفضل ممثل لعادل كرم. الفئة الأخيرة (أفضل ممثل) تضمّ أيضًا المصري عمرو سعد عن دوره في "مولانا" لمجدي أحمد علي، في حين أن زهرة غندور مُرشَّحة لجائزة أفضل ممثلة عن دورها في "الرحلة" للعراقي محمد الدراجي.

هذه نماذج تندرج في إطار التنقيب الدرامي والإنساني لأناس تائهين في ذاكرة الألم والتمزّق، أو في راهن الخراب والفوضى، أو في انعدام أفق المستقبل. فالأفراد يواكبون انقلابات حادة وغير واضحة، ويسعون إلى خلاصٍ معلَّق، في أفلام تمتلك تنويعات سينمائية لافتة للانتباه ومثيرة للمتابعة والنقاش.

العربي الجديد اللندنية في

04.05.2018

 
 

50 سنة على سينما من الإبداعات الكبيرة

قوامها كوبريك وبرغمن وزيفريللي وآخرون

لندن: محمد رُضا

يزمع مهرجان «كان» السينمائي الذي سينطلق في الثامن من هذا الشهر في دورته الحادية والسبعين الاحتفاء بمرور خمسين سنة على أحداث سنة 1968 الثقافية. في مايو (أيار) من ذلك العام خرج الطلاب والشباب في مظاهرات حاشدة في باريس تعبيراً عن رغبتهم في تغيير واقع فني وثقافي يهدف إلى مزيد من التحرر الإبداعي. لكن مهرجان «كان» لم يكن ملماً تماماً بما يقع في العاصمة الفرنسية. كان قد انطلق بباقة من الأفلام الجميلة يعرضها لجمهوره المستمتع بشمس مشرقة وبهدوء يثير غيرة المدن الأخرى.

فجأة انتقل الصخب إلى المهرجان ذاته بوصول المخرجين جان - لوك غودار وفرنسوا تروفو داعين إلى إيقاف المهرجان. تروفو اتصل برومان بولانسكي الذي كان عضو لجنة التحكيم آنذاك وكان يحتل شقة في فندق مارتينيز مع زوجته الراحلة شارون تَيت وطلب منه الحضور إلى مؤتمر صحافي.

هب المخرج من سريره في ذلك الصباح ووصل إلى المؤتمر ليكتشف سعي تروفو وغودار إيقاف المهرجان. قال متذكراً: «تروفو كان هادئاً في دعوته، لكن غودار كان مرتفع الصوت ومحرضاً». ما طالب به غودار هو تغيير ماهية الأفلام التي يجري ترشيحها للمهرجان وإلغاء الجوائز.

فيلمان لبرغمن

1968 في السينما كان أكثر من ذلك الحدث على أهميته. كان عاماً غزير النتاجات الفنية الممهورة بأسماء كبار المخرجين حول العالم. الدورة حملت الرقم 21 وقدمت 28 فيلماً في المسابقة من بينها سبعة أفلام لسبعة مخرجين نابغين هم ميكلوش يانشو، وميلوش فورمان، وآلان رينيه، وكارلوس ساورا، وألكسندر زاركي، وكارلو ليزاني وجيري منزل. الأفلام الباقية تتلألأ عن بعد اليوم أيضاً ومنها أفلام لبيتر كولنسون وجاك كاردف ورتشارد لستر وماي زترلينغ وألبرت فيني وساندور سارا.

خارج المسابقة كان هناك أربعة أفلام واحد منها للعملاق فديريكو فيلليني والآخر للفرنسي المبدع لوي مال.

لكن الوضع لم يكن وقفاً على «كان» بأسره، بل شهد ذلك العام تحديداً أعمالاً رائعة كثيرة في موجة كانت بدأت قبل بضعة أعوام واستمرت، بعد ذلك، لبضعة أعوام أخرى. كل واحد من هذه الأعمال يمكن الاحتفاء به اليوم بمناسبة مرور 50 سنة على إنجازه. كل واحد عاش هذه المساحة الزمنية ولم يَشِخْ كما تفعل مئات الأفلام الأخرى وهي بعد في سنواتها الأولى.

كان هناك، وعلى سبيل انتقاء بعض الأفضل، تحفة ستانلي كوبريك 2001: A Space Odyssey الذي، في عرف غالبية النقاد، أهم فيلم خيال - علمي في تاريخ السينما. فكرة التقطها من سيناريو للكاتب المتخصص في ذلك النوع آرثر س. كلارك ليحكي عبرها رؤيته لتاريخ العالم ثم لمستقبله. التصاميم الفنية التي اشتغل عليها ثلاثة من كبار العاملين في هذا الجانب، كانت لا تقل إجادة عما يرد في الفيلم من مشاهد في فيلم من 149 دقيقة مذهلة بلا قصّة.

في الاتجاه المعاكس قدم السويدي إنغمار برغمن فيلمه الممتع «عار» الذي تم ترشيحه لتسعة أوسكارات لم يفز منها بشيء لكنه فاز بـ73 جائزة أخرى. ففي حين ذهب كوبريك إلى المدى الأقصى في الزمان والمكان، توجه برغمن إلى الذات البشرية وحدها كما اعتاد ليحكي عن رجل (ماكس فون سيدو) وزوجته (لِف أولمن) اللذين يجدان نفسيهما في زوبعة حرب أهلية.

لم يكن «عار» فيلم برغمن الوحيد في ذلك العام بل كان الثاني بعد «ساعة الذئب» حيث كلاهما (لِف وسيدو) زوجان يعيشان فوق جزيرة نائية. هي لا تتحمل العزلة والوحدة فقط، بل نزوع الزوج إلى هلوسات النفس ومشاعرها المكبوتة.

السينما الإيطالية كانت منقسمة بين فيلمين متناقضين في النوع والأسلوب وكل شيء آخر: «نظرية» لبيير باولو بازوليني و«ذات مرّة في الغرب» لسيرجيو ليوني. طبيعياً، كان فيلم ليوني الأكثر انتشاراً وشهرة حتى بين النقاد: فيلم وسترن عن انتقام فريد يقوده تشارلز برونسون ضد هنري فوندا. أكثر من أي فيلم آخر لليوني، كانت مشاهد الفيلم فصولاً كاملة من المواقف الأخاذة رغم أنها كانت - إلى حد كبير - مصطنعة.

مخرج إيطالي ثالث قدّم عملاً لافتاً جداً وجديراً بالإعجاب هو فرانكو زيفريللي. هذا الشاعر الموسيقي البديع وجد تمويلاً بريطانياً مكنه من نقل «روميو وجولييت» إلى الشاشة الكبيرة كما لم يستطع أحد تجسيده على النحو ذاته لا قبل زيفريللي ولا بعده.

السينما البريطانية كانت حاضرة بقوّة في ذلك الحين: لندساي أندرسن قدّم فيلمه الثوري If الذي، من دون قصد، يلتقي مع تلك الثورة الاجتماعية والثقافية التي قام بها طلاب السوربون في باريس آنذاك. كارول ريد قدم فيلماً آخر مقتبسا عن مادة أدبية هو «أوليفر!» (رواية تشارلز ديكنز الشهيرة). وأنطوني هارفي عمد إلى مسرحية جيمس غولدمان «أسد في الشتاء» وصنع منها فيلماً حصد ثلاثة أوسكارات.

في الجانب الفرنسي، وبينما قدّم روجيه فاديم لهواً بعنوان «بارباريللا» من بطولة جين فوندا، عمد فرنسوا تروفو إلى فيلمين رقيقين أحدهما «قبلات مسروقة» والثاني «العروس ارتدت السواد».

البولندي - الفرنسي رومان بولانسكي، الذي اتصل به تروفو ليحضر المؤتمر الصحافي كما تقدّم، حقق فيلماً أميركياً يدخل في نطاق الرعب عنوانه «طفل روزماري» حقق به نجاحاً كبيراً ولو داكناً.

في هذا الحين كانت هوليوود قررت تسليم القيادة للمخرجين ولو على سبيل التجربة بعد نجاحات رائعة خلال السنوات العشر السابقة.

البريطاني بيتر ياتس أذهل هوليوود والمشاهدين معاً بقدرته الفائقة على خلق مطاردات سيارات فوق شوارع سان فرانسيسكو الساحرة في «بوليت» من بطولة ستيف ماكوين. الناقد المتحوّل إلى الإخراج بيتر بوغدانوفيتش حقق «أهداف» حول قناص يصطاد ضحاياه في صالة سينما مفتوحة. وجون كازيفيتيس عمد إلى سينما المؤلف ولو بأسلوبه الخاص في «وجوه»، ثم ها هو جورج أ. روميرو يقدّم فيلم رعب أفضل من فيلم بولانسكي على أكثر من صعيد عنوانه «ليلة الموتى الأحياء».

هي سينما كبيرة في إبداعاتها وتوهجاتها كما في أسماء الواقفين وراءها. معظمهم رحلوا والباقون على الطريق.

... أما عربياً

> خلا استفتاء «أفضل 100 فيلم عربي» الذي أشرف عليه مهرجان دبي السينمائي سنة 2013 من ذكر أفلام عربية من إنتاج 1968 باستثناء فيلم واحد هو «البوسطجي» لحسين كمال الذي احتل المركز 36. وهي كانت بالفعل سنة قاحلة، لكن «البوسطجي» لم يكن الفيلم المصري الجيد الوحيد. ثلاثة أخرى كانت تستحق التتويج:

> «القضية 68» لصلاح أبو سيف

> «الرجل الذي فقد ظله» لكمال الشيخ

> «قنديل أم هاشم» لكمال عطية...

.... ولم يكن هناك فيلم ليوسف شاهين في ذلك العام

الشرق الأوسط في

04.05.2018

 
 

«كتاب الصورة» لا شيء سوى الصمت كأصابع اليد الواحدة

إبراهيم العريس

خلال أيام قليلة يبدأ مهرجان «كان» السينمائي فعاليات دورته الجديدة. حتى الآن لا يعرف كثر أموراً عديدة حول معظم الأفلام المشاركة في المسابقة الرسمية أو في التظاهرات الأخرى، باستثناء أسماء عدد كبير من الأفلام وأسماء عدد أقل من السينمائيين. وربما أيضاً مواضيع عدد ضئيل من أفلام هؤلاء. فالتشويق يبقى على حاله كما كان وضعه خلال الأسابيع السابقة بعدما أعلن تييري فريمو المدير الفني للمهرجان لوائحه الأولى ليتساءل الناس: ولكن أين هم المخرجون الكبار؟ وجاء الجواب تقطيراً خلال الأيام التالية، حيث إلى الإيرانيين أصغر فرهادي وجعفر باناهي والمخضرم الكبير جان لوك غودار والأميركي الصاخب سبايك لي والصيني المبدع جيا جانكي، أضيفت أسماء كبيرة حقاً، من نوري بلجي جيلان إلى ... لارس فون ترير الذي يمكن القول إنه يشكل المفاجأة الأساسية في كل ما أُعلن، وذلك بالتحديد لأن تصريحات نارية له قبل سنوات جعلت مسؤولي «كان» يعلنونه شخصاً غير مرغوب به. ولكن يبدو اليوم أنهم تراجعوا عن قرارهم للحصول على فيلمه الجديد.

المخضرم الكبير

مهما يكن من أمر، ومهما تعددت الأسماء وكبرت أو صغرت، يبقى أن نجم الدورة، من دون لفّ أو دوران، سيكون جان - لوك غودار، الذي يعود هنا عن غيابه خلال السنوات السابقة، كما عن إعلانه الباعتزال للمرة الألف، يعود ولكن من بوابة ... الراهن العربي، في فيلم لا يوحي عنوانه بذلك: «كتاب الصورة».

حتى اليوم لا يعرف أحد - خارج إطار الحلقة الضيقة المحيطة بغودار في بلدته السويسرية الهادئة رولّ حيث يعيش منذ سنوات طويلة، وخارج مسؤولي «كان» -، أشياء كثيرة حول فيلم غودار الجديد، لكنهم يعرفون أنه ربما يكون الفيلم الأكثر إثارة للضجيج الكاني. ولكن أفلم يكن كل ما له علاقة بغودار، في «كان» ومنذ عقود مثيراً للضجيج، وحتى حين يغيب السينمائي الكبير كما حدث في العام الفائت؟

أجل، في العام الفائت لم يكن لدى غودار فيلم يعرضه، لكنه حضر بقضّه وقضيضه في فيلم كان هو أول لاعنيه ومستنكريه، ونعني به طبعاً فيلم «المريع» الذي حاول فيه المخرج هاسانوفيسيوس أن يروي فصلاً من سيرة المخرج مقتبساً من فصل من كتاب ذكريات الفنانة والكاتبة آن فيازمسكي التي كانت زوجة غودار في ستينات القرن الفائت. لم يعجب الفيلم الكثيرين وبدا غودار فيه غوداراً آخر تماماً. ومع هذا حدث ما كان لا بد له أن يحدث: صار الفيلم وغودار حديث الدورة وسط استياء هذا الأخير حالّاً غضبه على المهرجان. ويبدو أن هذا الأخير أراد التعويض على ذلك «الإجحاف» في حقه. وهكذا، إلى عرض «كتاب الصورة» في المسابقة الرسمية، ها هو المهرجان يختار فيلماً قديماً لغودار هو «بيارو المجنون» لتشغل لقطة منه الملصق الرسمي لدورة هذا العام. ولربما ستكون هناك خلال الدورة تكريمات أخرى... إن حضر غودار المهرجان كما وعد هذه المرة.

ولكن هل يحضر؟ وهل سيقبل بأي تكريم استثنائي إن حضر؟

يحضر أو لا يحضر

ذلكم هو السؤال الذي عجز تييري فريمو نفسه عن الإجابة عنه في مؤتمره الصحافي قبل أيام. وسواء حضر غودار بنفسه أو غاب فحرمت السجادة الحمراء منه من جديد. من المؤكد كما قلنا أعلاه أن لا فيلمه ولا تاريخه سيمران مرور الكرام.

أولاً فيلمه، لأن غودار الذي فُهم وداعه للغة حتى في عنوان فيلمه السابق قبل سنوات «وداعاً للغة» كنوع من الوداع للسينما أيضاً في شكل عززته تصريحات المخرج نفسه، يعود هنا بعمل شديد الراهنية كما يبدو، يدور - وإن في جزء منه على الأقل - من حول الأوضاع التي يعيشها العالم العربي منذ سنوات - «الربيع العربي»؟ - ونعرف أن غودار قد صوّر مشاهد كثيرة من فيلمه الجديد هذا، والذي يؤكد هو نفسه أنه صوّره من دون ممثلين محترفين ومن دون أن يكون الفيلم وثائقياً، في بلدان عربية عديدة منها تونس في شكل أساسي. وغودار الذي يعود هنا إلى العالم العربي - بعد أكثر من ثلث قرن من فيلمه «الفلسطيني» المعنون «ثورة حتى النصر» والذي عاد وتحول إلى «هنا وهناك» -، من دون أن يكون قد غادر هذا العالم العربي كثيراً حيث نجد جزءاً من مواضيع بعض آخر وأقوى أفلامه («موسيقانا» «فيلم - إشتراكية» الخ...) يتمحور من حوله، غودار هذا يعود هذه المرة إلى الشأن العربي وفي شكل أكثر انخراطاً، كما تؤكد المؤشرات القليلة التي بُثّت حتى الآن. ولكن في أي اتجاه؟ لا نعرف حتى الآن، لكننا نعرف أن «كتاب الصورة» وكما عرّفه غودار نفسه، هو عبارة عن «خمسة فصول ومتن كما حال اليد التي فيها خمسة أصابع» ويزيد السينمائي قائلاً إن الفصول / الأصابع الخمسة هي كلها مقدمات للفصل الأساسي (الفصل/اليد) الذي يروي كما يوحي السينمائي نفسه حكاية إمارة عربية تحاول أن تتمرد على واقعها لكونها محرومة من النفط وموارده!

نحو ذهبية ما...

طبعاً لا ندري حتى الآن كيف يعالج غودار هذا الموضوع المتشعب، لكننا نعرف منذ الآن أن الفيلم سيكون مثيراً ولافتاً، حتى ولو حدث له ما يحدث في شكل شبه دائم للأفلام الغودارية حين تُعرض في «كان» حيث تثير الصخب أولاً ثم الخيبة بعد ذلك حين «تفشل» في إقناع الغوداريين قبل غيرهم، لتعود وتأخذ مكانتها في تاريخ غودار وتاريخ سينماه، وهي مكانة لسنا في حاجة إلى التأكيد على رسوخها... وكل هذا سواء نال الفيلم جائزة لا بأس بها - كما حدث لـ «وداعاً للغة» قبل أربعة أعوام - ، أو ضُرب صاحب الفيلم - غودار - بقالب غاتوه على وجهه من قبل متفرج غاضب - كما حدث في العام 1985 حين وجد غودار نفسه في ذلك الموقف إذ غضب متفرج من فيلمه «السلام عليك يا مريم» وأراد التعبير عن ذلك الغضب -. ففي جميع الأحوال، حكاية غودار مع «كان» حكاية غريبة وطويلة هو الذي لا يتوقف عن عرض أفلامه في هذا المهرجان منذ ما يزيد عن نصف قرن حتى الآن في شكل يجعل منه «عميد كان» ويدفع إلى التساؤل حول الأسباب التي تحول دون منحه «ذهبية كان» ذات عام عن مجمل أفلامه وهي الجائزة ذاتها التي سبق أن نالها جان رينوار وإنغمار برغمان ويوسف شاهين؟

والحال أن هذا هو السؤال الآن. فمن الملصق الغوداري إلى عودة سينما الرجل إلى المهرجان عن حق وحقيق، إلى ذكرى فيلم العام الفائت الذي جاء «غودارياً» بالقوة أو بالغش كما كان يمكن أن يقال، ثمة دوافع عديدة تجعلنا نتوقع منذ الآن أن يكون غودار نجم المهرجان الكبير، ولو على أقل تقدير من خلال عبارة يبدو أننا سنجدها في مقدمة «كتاب الصورة» وتنتسب إلى تلك التي اعتاد غودار أن يبثها في تصريحاته أو في ثنايا أفلامه لتصبح بسرعة قولاً مأثوراَ و «علامة مسجلة» : لا شيء سوى الصمت. لا شيء سوى أغنية ثورية. ولا شيء سوى حكاية في خمسة فصول مثل أصابع اليد الواحدة».

####

هل تستعيد المخرجة نادين لبكي نجاح مارون بغدادي في «كان»؟

أمل الجمل

عندما نتأمل فيلمي المخرجة والممثلة اللبنانية نادين لبكي «سكر بنات» (أو في تسميته الأخرى «كراميل» ٢٠٠٧)، و«هلأ لوين» (٢٠١٢) - عرضا ضمن تظاهرتي مهرجان كان «نصف شهر المخرجين» و«نظرة ما» - نشعر وكأنها تستلهم شيئاً من روح سينما مارون بغدادي... ثمة أشياء عاطفية وفكرية في أفلامها تتماس مع بعض أعماله وتجعلنا - رغم المبالغات أحياناً - نُعيد مشاهدتها بمتعة. ثمة تفاصيل أنثوية وإنسانية تلمس قلوبنا وتجعلنا نتغاضى عن تحيزها ضد الرجل - خصوصاً في الفيلم الثاني - أو تطرفها في بناء حبكته أيضاً. ولا ندري على وجه الدقة هل ستظل لبكي محتفظة بتلك الروح أم سيطرأ عليها التغيير في شريطها السينمائي الطويل الجديد الثالث المعنون بـ«كفر ناحوم» من إنتاج زوجها الموسيقار خالد مزنر والذي وضع الموسيقى لعمليها السابقين كما الحالي.

مع ذلك، فإن اختيار «كفر ناحوم» ليُعرض ضمن المسابقة الرسمية للمهرجان الكاني ٨- ١٩ أيار- مايو الجاري، يمنحنا بصيصياً من الضوء آملين طبعاً، بأن يتفوق جديدها على سابقيه، وربما تُعيد إلى الأذهان نجاح وتميز مارون بغدادي بفيلمه «خارج الحياة» الذي نال جائزة لجنة التحكيم في كان ١٩٩١ مناصفة مع لارس فون ترير عن فيلمه «أوروبا».

دموع تلك الأم

كان مارون بغدادي من جيل سينمائي يرى للسينما دوراً كبيراً في التثقيف ونشر الوعي. فالسينما في تقديره لم تكن للتنويم المغناطيسي، ولكنها محرك وباعث على التفكير. لذلك، مع بعض أبناء جيله تبنوا شعار «السينما البديلة» في محاولة كي تلعب السينما دورها الحقيقي. من هنا، كان للأغنية دور جوهري في أعماله خصوصاً الوثائقية، لكنها الأغنية الملتزمة التي لها دور فاعل وتُعبر عن مشاعر الناس، وأفكارهم، وآرائهم. في ذلك الوقت كانت الأغنية، أيضاً، تلعب دوراً في التعبئة والتوعية، وإعطاء المزيد من عناصر المناعة. ربما لذلك كان مقطع «أجمل الأمهات» يتكرر عنده وكأنه يُذكّر طوال الوقت بأن: «أجمل الأمهات التي انتظرت ابنها وعاد مستشهداً، فبكت دمعتين ووردة، ولم تنزو في ثياب الحداد.» فهذه الكلمات التي صاحبت، طويلاً، لقطات فيلمه التسجيلي «أجمل الأمهات» كانت قد انطلقت أصلاً من واقعة حقيقية إذ رأى الشاعر امرأة استشهد ابنها فاستبدلت النواح والبكاء كما تفيد أغنية مارسيل خليفة، ووضعت مكبراً للصوت فوق سطوح منزلها فأخذ الناس يستمعون للأناشيد التي تدفعهم إلى النضال، وإلى مزيد من المقاومة.
كراميل
على المنوال ذاته، يمكن اعتبار أن نادين لبكي في عملها الطويل الأول «كراميل» كانت تحكي عن أجمل البنات أو بالأحرى عن أجمل النساء، فهي أثناء كشفها المسكوت عنه وقول ما لا يُقال في مجتمعها، رسمت ملامح بطلاتها وهن يجمعن بين المتناقضات، بين قدرة عجائبية على المزاح والسخرية وتفجر الضحكات عالياً في أحلك الأوقات، صورتهن وهن يجمعن بين المكر والطيبة، بين هشاشة الضعف والقوة، بين الخير والشر من دون أن تُدين أياً منهن. فالنساء عندها ورغم قسوة الحياة لا يبكين طويلاً. فقط يذرفن دمعة أو دمعتين ثم يعاودن البحث عن سبيل لتحقيق أحلامهن، أو يُنقبن عن حيلة لسرقة لحظات آخرى يستمتعن فيها بالحياة، ويُواصلن طريق الكد والكفاح معلنات عدم الاستسلام. فمثلاً شخصية الخياطة روز - التي ترعى أختها المصابة بالجنون - تبكي عقب قراراها بالتخلي عن الرجل المُسن الذي سيؤنس وحدتها لكنها سرعان ما تجفف دموعها وتعود إلى أختها. ثم هناك جمال المرأة المطلّقة التي تعتني بطفليها المراهقين وترفض العودة لزوجها. إنها تعمل موديل إعلانات وتقاوم آثار الزمن على ملامحها، تارة بالماكياج وتارة بالشعر المستعار، فتبكي في الظهور الأول لها وهي تجري اختباراً للكاميرا مُهيناً بالفعل، تبكي وتشعر أن ما تقوله عن نضارة البشرة وحيوية الشباب يتناقض تماماً مع حالها، فتختنق بالدموع وتنسحب، لكنها تعود للظهور بشكل أكثر ألقاً، وتتفنن في الوسائل التي تُوهم الآخرين بصغر سنها
.

ماكياج... ليس إلا

أما نسرين الفتاة التي اقترب موعد زفافها من رجل لم يكن الأول في حياتها، فتجري جراحة لإعادة غشاء البكارة وأثناء ذلك تنتقل كاميرا المخرجة بينها في غرفة العمليات وبين لقطة للماكينة تخيط قطعة ثياب، ثم تعود إليها قبل أن تنتقل مجدداً إلى روز وهي تضع ماكياجاً للمرة الأولى، وذلك القطع عمدي لينفي أي حكم بالإدانة على نسرين، ثم هكذا تفعل الأمر ذاته بأشكال متباينة مع باقي النساء، وحتى ليال نفسها - البطلة الرئيسية التي لعبت دورها المخرجة نادين لبكي - تتجاوز أزمتها وتتحرر من حنينها وأشواقها لهذا الرجل المخادع المتزوج بأخرى، وذلك بعد أن قدمته المخرجة في كوادر يشغل مقدمتها قطع الخردة ويحيطها الخراب ويعلوها الكباري، وحينما تستعد للقائه يكون في بانسيون مشبوه للعاهرات، وذلك لتُوحي بتلك النهاية المحتومة وذلك الفشل، إذ لم تكتفِ بتهميشه في الكوادر وعدم إظهاره وجهه أو تفاصيل ملامحه.

تحية ما...

من ناحية أخرى، يمكن أن نعتبر شريطها الروائي الثاني «هلأ لوين» تحية إلى سينما وروح مارون بغدادي. يتبدى هذا واضحاً بأكثر من دلالة، ليس فقط في توظيف المخرجة الأغاني المعبرة كما في شريطها الأول، ولكن أيضاً بدءاً من المشهد الافتتاحي الذي يتماس مع كثير من افتتاحيات أفلام مارون - خصوصاً أفلامه الوثائقية - حيث النساء يتشحن بالسواد في جنازة أحد أولادهن على الطرقات، مروراً بعدم الاستسلام للحزن ومواصلة الحياة، وتوظيف كل سبل الدهاء للسيطرة على الرجال ومنعهم من الاقتتال، وذلك رغم المبالغة في تصوير الرجال بأنهم بلا عقول وتسهل استثارتهم فيشتبكون في حرب طائفية مذهبية - في مشاهد تبسيطية - تشي بأن هؤلاء الرجال وراء تفجير تلك الحروب برعونتهم من دون ذكر أي عوامل خارجية أو تلك الألاعيب السياسية الدولية.

وتكتمل تحية نادين لبكي إلى بغدادي بتصويرها لإحدى البطلات وكأنها هي أيضاً، «أجمل الأمهات»، فتلك الأم عندما يُقتل ابنها المراهق برصاصة طائشة - نتيجة الحرب الطائفية - أثناء إحضاره بعض الأشياء من المدينة لأهالي قريته المعزولة، تبكي مكلومة بحرقة في مشهد مؤلم عاطفياً، لكنها سرعان ما تتماسك وتخفي الخبر، فتغسل ابنها وتدفنه في البئر، وتدعي أنه متوعك خوفاً على ضياع ابنها الآخر. لذلك أيضاً عندما يعلم الابن ويبحث عن البندقية للأخذ بثأر أخيه تطلق الأم الرصاص على قدمه لتمنعه من الخروج، ولتحميه من الموت.

دائماً، النساء - مسلمات ومسيحيات - لدى هذه المخرجة اللبنانية فاعلات، غير مستسلمات رغم القهر والظروف الصعبة، ورغم قيود المجتمع وأحكامه. ورغم أن بطلات فيلمها شخصيات لبنانية، لكنهن في ذات الوقت يكتسبن هوية أوسع وكأنهن يحكين عن كثير من النساء في مجتمعاتنا الشرقية، يحكين عن تلك المرأة المكبلة بالمسؤولية لكنها تنجح في اقتناص لحظات الفرح قبل أن يضيع عمرها.

اللافت في الأمر، أيضاً، أن المخرجة والممثلة نادين لبكي التي تشارك في كتابة سيناريوات أعمالها، قادمة من عالم الفيديو كليب، لكنها إلى جانب توظيفها الكوادر المليئة بجماليات الإضاءة وزوايا التصوير، تتميز بعقل مستنير يحمل أفكاراً تنويرية، ورغبة في تقديم سينما مغايرة تجمع بين الجودة الفنية والفكرية وبين قدرتها على جذب الجماهير لتحقيق عائد تجاري، وفوق هذا وذاك تمثيل بلدها في المهرجانات الدولية الكبرى وتحصد بعض جوائزها. والآن، هل تنجح بفيلمها «كفر ناحوم» في اقتناص السعفة الذهبية، أو على الأقل بإحدى جوائزه؟

الحياة اللندنية في

04.05.2018

 
 

"يوم الدين".. فيلم مصري مرشح لأكثر من جائزة في مهرجان كان

إلهام رحيم

مهرجان كان السينمائي الدولي يعلن عن اختيار فيلم "يوم الدين" للمشاركة كممثل عن مصر في المسابقة الرسمية للدورة 71.

القاهرة – يرى بعض النقاد والمتابعين للشأن السينمائي المصري أن مشاركة الفيلم المصري “يوم الدين” في مهرجان كان السينمائي الحادي والسبعين، سيجعله مرشحا لجائزتي السعفة الذهبية، كأحسن الأفلام والكاميرا الذهبية المخصّصة للعمل الأول المشارك في المسابقة الرسمية، على اعتبار أن مضمون الفيلم يحمل رسالة إنسانية بالغة الأهمية عن وباء “الجذام” المعروف بصعوبة تقبله اجتماعيا.

ويمثل الفيلم أول معول لهدم “تابوه” أو مُحرم الخوف والرعب من هؤلاء المرضى، وقد يكون الخطوة الأولى لعودتهم للاندماج في المجتمع بعد سنوات من العزلة لأسباب طبية، تلك العودة التي يساندهم فيها المؤلف والمخرج أبوبكر شوقي والمنتجة دينا إمام والفنان سيد رجب والمنتج محمد حفظي.

مرآة المجتمع

يصنف “يوم الدين” كأحد أفلام السينما المستقلة التي بدأت في مصر منذ عشرة أعوام، وهي أفلام قليلة التكاليف، الهدف منها الخروج من سيطرة المنتجين التقليديين الذين يتعاملون مع السينما كصناعة لها بعد تجاري يساوي في قيمته وأهميته البعد الفني، وربما يزيد.

هذا هو التحدي الكبير أمام مخرج ومؤلف الفيلم أبوبكر شوقي، أن ينقل للجمهور العريض القصص التي ظل يعايشها عن قرب، بل والتصاق يكاد يكون تاما بأصحابها في مستعمرة الجذام بمنطقة أبوزعبل في شمال القاهرة، وهي مستعمرة (مركز إيواء) بناها الملك فؤاد الأول قبل مئة عام على مساحة 262 فدانا، وخصّصت لاستقبال مرضى الجذام ليقيموا فيها بصورة كاملة، فتحوّلت مع الوقت إلى عالم خاص بهم، وأصبحت بمن فيها منبوذة، ومرعبة لكثرة من يتردّدون عليها من المرضى، لأن مرضهم شديد العدوى.

أبوبكر شوقي: تكمن صعوبة الفيلم في إزالة رهبة مشاهدة مرضى الجذام على الشاشة

وغامر شوقي، باقتحام هذا العالم واختلط بأهله وجعل توصيل صوتهم وصورتهم قضيته السينمائية، وفي حدود إمكانياته قدّم أيضا منذ عشرة أعوام فيلمه التسجيلي القصير بعنوان “المستعمرة”، وهو العمل الذي اعترف بعض صناع السينما بالرهبة من مشاهدته.

وكان من شجاعة المخرج والمؤلف الإصرار على تحويل الفيلم التسجيلي الذي لم يلق الحفاوة المستحقة إلى فيلم روائي طويل، حيث قرّرت المنتجة دينا إمام المشاركة فيه بخبرتها في هذا المجال.

واهتمام طاقم الفيلم بقضية هؤلاء وحقّهم في الحياة، جعلهم يتمكنون من تصوير الفيلم في حدود الإمكانيات اللائقة وليست فقط المتاحة، وأصروا أن يكون العمل بانوراما إنسانية ترصد واقع المستعمرة وأهلها وأطبائها وتتجاوزه.

والفيلم الذي لم يعرض بعد يروي قصة رجل قبطي اسمه بشاي يخرج من المستعمرة، بعد أربعين عاما تركه فيها أهله داخلها، بصحبة طفل يتيم مُتعاف من المرض أيضا ومعهما حمار، وسيلتهما للتنقل بين المحافظات التي تحكي الكثير من الخبايا والمفارقات.

وأكدت أحلام سعدالدين مديرة مستشفى الجذام، أن المستعمرة خالية من المرض بعد اكتشاف العلاج النوعي لبكتيريا الجذام الذي يتناوله المريض ثم يعود لبيته بعد تماثله للشفاء، ليتردّد على المستعمرة فقط لأجل الحصول على العلاج أو إجراء التحاليل.

وتؤكّد التقارير الطبية أنه ومنذ تعافي المريض يصبح غير مُعد لأحد، وبالتبعية لم يعد هناك منطق للرعب من المرضى ونبذهم، إذا علمنا أن الموجودين داخل المستعمرة أشخاص متعافون تماما، اعتاد بعضهم الحياة بعيدا عن الناس، والبعض الآخر يعالج من الآثار الظاهرية للمرض.

نحن إذن أمام كذبة كبيرة، بل جريمة في حق مرضى لا ذنب لهم إلاّ المرض الذي أصبح مثل أي مرض جلدي يحتاج الرعاية والعلاج، وبين ستة أشهر إلى عام يعود المريض لحالته الطبيعية، وإذا كانت هناك آثار لتشوّهات، فلا بد أن يتم احتواء أصحابها ومساندتهم ليشعروا بقبولهم، هذه رسالة الفيلم الرئيسية.

ولم يكتف أبوبكر شوقي بتناول الفكرة بصورة سينمائية قوية، بل أصر أن يكون بطل الفيلم أحد المتعافين، وهو راضي جمال، المريض الذي يحمل وجهه كل أثار المرض الحقيقية ويقابل بها أهله في الفيلم بكل واقعية في مشاهد فنية قوية، لا سيما شقيقه الذي يقوم بدوره الممثل محمد عبدالعظيم ووالده الفنان سيد رجب، وهو حلقة الوصل بين الجمهور والعمل لما يتمتع به من شعبية قد تدفع الجمهور لمشاهدة فيلم فني مستقل.

وجمع صناع الفيلم مبلغا ماليا عبر موقع “كيك ستارتر” للتمويل الجماعي، قبل أن يقرّر المسؤولون عن مهرجان الجونة السينمائي في دورته الأولى الماضية مساعدة الفيلم بما يسمى “منحة العمل قيد التنفيذ”.

وانضم محمد حفظي كمنتج، لتمويل مراحل ما بعد الإنتاج، ولحقت به شركة “وايلد بانش” الفرنسية، وهي إحدى أكبر شركات التوزيع في العالم، وأعلنت حصولها على حقوق المبيعات الدولية للفيلم.

وتبقى الجائزة الأهم لشوقي، المخرج والمؤلف الذي تفرّغ لأكثر من ست سنوات ليخرج الفيلم للنور، والمنتجة دينا إمام التي شاركته الحلم أن يتم اعتبار العمل جسرا يقام للمرة الأولى بين سينما الديجيتال أو المستقلة والجمهور العريض، فمن المؤلم أن يحمل العمل رسالة إنسانية واجتماعية ولا يجد من يشاهده.

مضمون ورسالة

استفاد أبوبكر شوقي، من دراسته في كلية العلوم السياسية بالجامعة الأميركية في القاهرة، ثم سفره للولايات المتحدة لدراسة السينما في “نيويورك فيلم أكاديمي”، وهناك ساهم في عدد من الأفلام التسجيلية والقصيرة، بالتعليق الصوتي والتمثيل والكتابة والتصوير والإنتاج والدعم الفني، وأحدثها المسلسل الأميركي “البرج الوشيك” the looming tower الذي عمل كمستشار للغة العربية به.

وقدم فيلما وثائقيا بعنوان “جمعة الشهيد” كمصوّر ومنتج ومؤلف واكتفى بالكتابة للفيلم الروائي القصير “الطريق إلى إيطاليا”، لكنه عاد للجمع بين الإنتاج والتأليف والإخراج في الفيلم التسجيلي “أشياء سمعتها يوم الأربعاء”، وله فيلم روائي قصير قام بتأليفه وإخراجه بعنوان “العودة”.

ويقول شوقي عن فيلمه الجديد “يوم الدين” “دون الجمهور يفقد الفيلم مضمونه ورسالته وقيمته كعمل يريد للمنبوذين أن يعودوا كبشر عاديين، وتكمن الصعوبة في ضرورة إزالة رهبة مشاهدة أصحاب مرض الجذام على الشاشة”. وحلم أبوبكر شوقي إنساني، ويمكنه تحقيق الكثير من الجوائز العالمية والمحلية، لكن تبقى الجائزة الكبرى في يد الجمهور الذي لا بد من إيصال العمل له حتى لو بالمجان وبكافة الوسائل المتاحة.

وعن ذلك يقول مخرج ومؤلف الفيلم “إذا لمس العمل قلوب الناس وظهرت الحقائق العلمية والقصص الإنسانية المأخوذة من الواقع، لن نستخدم مرة أخرى مصطلح مستعمرة الجذام، وسوف تتحوّل إلى مستشفى مثل كل المستشفيات، ولن نصرخ رعبا في وجه مرضاه أو نقذف بهم بكل قسوة خارج حياتنا التي قد يصبحون جزءا منها بفضل فيلم سينمائي واقعي”.

العرب اللندنية في

04.05.2018

 
 

هل يمنح مهرجان كان 2018 سعفة ذهبية للعرب بعد «وقائع سنوات الجمر»؟

الوكالات ـ «سينماتوغراف»: مها بن عبد العظيم

باستثناء بضعة أسماء، تطغى على الاختيارات الرسمية في مهرجان كان 2018 وجوه جديدة. ويشارك هذ المرة في المسابقة الرسمية فيلمان عربيان وهما “كفر ناحوم” للمخرجة اللبنانية نادين لبكي و”يوم الدين” للمصري أبو بكر شوقي، فهل ستكون السعفة الذهبية للعرب في النسخة الـ 71 للمهرجان وبعد 43 عاماً من فوز “وقائع سنوات الجمر” للجزائري الأخضر حامينة بها.

اختار مهرجان كان في نسخته الـ 71 أفلاما لمخرجين من مختلف القارات لا سيما آسيا وأوروبا وأمريكا. ويبدو وكأن نفساً جديداً يهب على المسابقة الرسمية مع العديد من المخرجين المغمورين ومن غير رواد المهرجان. وتسجل في حدث استثنائي مشاركة فيلمين عربيين معاً في المسابقة الرسمية. فتشارك اللبنانية نادين لبكي بفيلم “كفر ناحوم” في حين سيأتي المصري أبو بكر شوقي إلى الكروازيت بشريطه الطويل الأول “يوم الدين”.

وأكدت لبكي أنها “سعيدة وفخورة” باختيار فيلمها الأخير ليعرض ضمن فعاليات كان 2018 الذي يقام بجنوب فرنسا من 8 إلى 19 مايو/أيار الجاري. وصرح المندوب العام للمهرجان تيري فريمو أن هذا الفيلم “يقول أشياء لا توجد سوى السينما لتعبر عنها بهذه الطريقة: الحياة اليومية في بيروت، أطفال الشوارع، المهاجرون… فظاهرة تنقل اللاجئين لا تخص أوروبا فقط”.

و”كفر ناحوم” هو أول عمل لبناني منذ 27 عاماً ينافس على السعفة الذهبية، بعد مشاركة المخرج الراحل مارون بغدادي عام 1991 بفيلم “خارج الحياة” الذي أحرز آنذاك جائزة لجنة التحكيم (بالتساوي مع الدانماركي لارس فون ترير عن فيلمه “أوروبا”). كان العديد من صناع السينما العربية يعتبرون بغدادي بمثابة رائد الموجة الجديدة اللبنانية، و “خارج الحياة” المثير للجدل كان مذكرات الصحافي الفرنسي روجيه أوك الذي اختطف واحتجز لقرابة سنة (1982-1983) في بيروت.

وأعربت لبكي عن فرحتها باختيارها في هذا المهرجان العريق إلى جانب “كل المخرجين الكبار وبأن يكون لبنان منافسا على الجائزة”. وتقاسمت المخرجة على صفحتها في فيس بوك فيديو عن اللحظة التي زف فيها إليها هذا الخبر، والتي اختلطت فيها الدموع بالبهجة والصيحات. وأوضحت لبكي، وهي أيضا ممثلة، أن الفيلم يروي قصة “طفل لبناني يرفع دعوى لأنه يطالب بأن يعيش حياة كريمة”. وعن عنوان الفيلم كشفت المخرجة لفرانس24 أن “كفر ناحوم يعني الخراب والجحيم. وهو مصطلح يستخدم بالأدب العربي والفرنسي ليعبر عن الفوضى”.

وروت أنها وحتى قبل كتابة الفيلم “دونت مع زوجي خالد على لوح كل المواضيع التي هاجت، فظهر اسم كفر ناحوم. كل شيء كنت أود تناوله كان يشبه الجحيم والخراب في الفترة الزمنية الصعبة التي نعيشها”.

وقالت المسؤولة الإعلامية للفيلم زينة صفير إن “كفر ناحوم” هو “إنتاج مستقل لبناني مئة في المئة” ومنتج الفيلم هو خالد مزنر زوج نادين لبكي. والفيلم من كتابة لبكي وجهاد حجيلي وميشال كسرواني، بمشاركة جورج خباز وتعاون خالد مزنر. أما الموسيقى فلمزنر أيضا.

وصرحت لبكي لفرانس24 أن الفيلم من إنتاج “عائلي… صنعناه بالبيت” وأن كل مرحلة طورت بطريقة “حرفية”. وأشارت إلى أن “فترة التصوير كانت طويلة استغرقت نحو ستة أشهر”، بالإضافة إلى”وجود ممولين خارجيين لكن الإنتاج الأساسي لبناني”.

سينماتوغراف في

04.05.2018

 
 

السعودية وكينيا لأول مرة في مهرجان كان

باريس – أ ف ب:

يواصل مهرجان كان السينمائي الدولي توسيع حدوده وانفتاحه في دورته الحادية والسبعين التي تنطلق في الثامن من أيار/مايو، مع وجود غير مسبوق للسينما السعودية في سوق الأفلام واختيار فيلم كيني للمرة الاولى في الفئات الرسمية.

السعودية فاجأت الجميع بإعلانها فتح دور للسينما ودعم الفن السابع في أراضيها.

وستكون مشاركة السعودية في مهرجان كان رمزية خصوصا، مع عرض تسعة أفلام قصيرة وتنظيم لقاءات مهنية.

ويقول جيروم بايار مدير «سوق الافلام» في مهرجان كان «انهم جدد كليا على السينما فهم يفتحون أولى دور السينما لديهم، إلا أنهم ينتهجون على ما يبدو سياسة نشطة لجذب عمليات التصوير وتدريب الطلاب والمخرجين الشباب. لديهم مناظر خارجة عن المألوف وديكورات طبيعية رائعة».

ويأتي هذا الانفتاح بدفع من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان الذي أطلق سلسلة من الاصلاحات في البلاد.

وكان مهرجان كان استضاف في العام 2013 المخرجة السعودية هيفاء المنصور في العام 2013 صاحبة فيلم «وجدة» لكن بعد عرض فيلمها في دور السينما.

وكان «وجدة» أول عمل سعودي يشارك في المنافسة على جائزة أوسكار أفضل فيلم أجنبي.

وأعلن عن مشاركة السعودية في مهرجان كان خلال زيارة ولي العهد السعودي الى باريس في نيسان/أبريل الماضي.

وتدخل كينيا إلى ساحة الكبار مع اختيار أول فيلم لها للمشاركة في مسابقة رسمية وهو «رفيقي» الذي يعرض في فئة «نظرة ما»…رغم منع عرضه في كينيا.

وقد منعت الرقابة عمل المخرجة الشابة وانوري كاهيو لأن الفيلم يتعارض مع «ثقافة الشعب الكيني وقيمه الاخلاقية».

ويتناول الفيلم قصة حب بين امرأتين تنتميان الى معسكرين سياسيين خصمين في بلد تعتبر فيه المثلية الجنسية غير قانونية.

وقالت المخرجة بعد منع فيلمها «أظن ان البالغين الكينيين باتوا في مستوى عال من النضوج والادراك (..) لكنهم يحرمون من حقوقهم». وكتبت مغردة، تعليقا على اختيارها للمشاركة في مهرجان كان «يس وي كان» تيمناً بشعار حملة باراك اوباما الانتخابية الشهير.

واحتاجت لإنجاز فيملها إلى خمس سنوات وهو مقتبس من كتاب «جامبولا تري» للأوغندية مونيكا أراك الحائزة جائزة كاين العام 2007 وهي من أعرق المكافآت في الأدب الإفريقي باللغة الانكليزية.

####

السينما المصرية تعود إلى مهرجان كان لكن ذلك لا يحجب مشاكلها

القاهرة – أ ف ب:

تعود مصر بقوة إلى المسابقة الرسمية لمهرجان كان بفيلم «يوم الدين» لأبو بكر شوقي، لكن هذا الخبر السار لا ينبغي أن يغطي على الصعوبات التي تواجهها السينما المصرية، حسب المحلل المتخصص في السينما العربية علاء الكركوتي الذي أجاب عن سؤال عن وضع السينما المصرية بعد سبع سنوات على ثورة 2011 بقوله: السينما المصرية تعود بلا شك على مستوى عدد المشاهدين وقاعات العرض. وسجلت الأفلام المصرية الجماهيرية إيرادات جيدة خلال العامين الماضيين. إذن هناك انتعاش في ما يتعلق بالإيرادات ولكن في ما يتعلق بالتجديد والمخاطرة وتحدي السائد ليس هناك مثل هذا الانتعاش. القليل جداً من الأفلام تقدم على ذلك. ولم تعد الأفلام الجماهيرية المصرية تباع كما كانت الحال من قبل على نطاق واسع في الأسواق العربية.

على صعيد السينما المستقلة، هناك أفلام جيدة ولكن المستوى متذبذب. وإحدى المشكلات أن المخرجين يمضون ثلاثاً إلى خمس سنوات لصناعة فيلم واحد.

في نهاية المطاف مصر بلد متفرد وطريقة إحياء السينما فيها ليست سهلة. مصر لم تعد البلد الذي لا غنى عنه في المنطقة. الآن، هناك مواهب لبنانية وتونسية وسورية وأردنية. في الأردن على سبيل المثال ينتجون ربما فيلماً واحداً كل عام وشيء من هذا القبيل ولكنهم يذهبون إلى الأوسكار وحصلوا على جائزة في مهرجان فينيسيا.

ولكن هناك إمكانيات هائلة في مصر من حيث عدد السكان وكذلك من حيث أماكن التصوير. وهذا يمكن أن يدر دخلاً هائلاً على البلد لكن هذا لا يحدث.

وعن اختيار «يوم الدين» في المسابقة الرسمية هذا العام في مهرجان كان هل يعني إحياء السينما المصرية قال: لا، لأن معظم الأفلام العربية يتم اختيارها بالصدفة. هذه الأفلام يصنعها أشخاص لديهم شغف، ليس أمراً ممنهجاً أو معتمداً على خطة محددة طويلة المدى. مثلاً بالنسبة لـ»يوم الدين»، وهذا يحصل مع كثير من الافلام، المهرجان اقتنع بالفيلم لا أكثر ولا أقل. ولكن هل اختيار «يوم الدين» يعني إحياء السينما المصرية؟ ليس بالضرورة. يمكن جداً أن تعود السينما العام المقبل أو بعد عشر سنوات. و«يوم الدين» هو أول عمل لمخرج عربي في المسابقة الرسمية. هل هذا مشجع للمنتجين؟ لا. لأنه في نهاية المطاف هناك عدد قليل جداً من المنتجين على استعداد للمخاطرة من أجل هذا النوع من الأفلام. إذاً بالنسبة للأفلام الجماهيرية لن يتغير شيء.

وماذا ينقص السينما المصرية اليوم للصعود مجدداً أضاف: أتمنى أن يحدث «يوم الدين» تغييراً. ولكنني أشك أن يشجع هذا الفيلم الصناعة على إنتاج أفلام أكثر قوة. وهم يعانون من نقص في التمويل. إن اختيار «يوم الدين» خبر ممتاز ويعطي طاقة إيجابية ولكن لصناعة أفلام ينبغي أن تكون هناك أموال وأن يكون هناك منتجون. والاثنان نادران في العالم العربي وليس في مصر فقط.

المفتاح في «كان» سيكون حجم التغطية الإعلامية وحجم النقد. ولكن الجمهور المصري لن يكون له دور. هناك فيلم مصري لأول مرة في كان منذ سنوات ولكن ليست هناك أي دعاية له أو مساندة من الدولة التي لا تستفيد من هذا الفيلم. لماذا لا يحتفي أحد بهذا؟

قبل ست سنوات، شارك فيلم «بعد الموقعة» ليسري نصر الله في المسابقة الرسمية لمهرجان كان. ماذا حدث بعد ذلك؟ هل تمت الاستفادة من ذلك؟ لا.

القدس العربي اللندنية في

05.05.2018

 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2018)