من «لاشين» إلى «آخر أيام المدينة» قائمة طويلة من الأفلام
الممنوعة في مصر
فايزة هنداوي
القاهرة ـ «القدس العربي»: كان فيلم «كارما» للمخرج خالد
يوسف مهددا بعدم العرض قبل موعد طرحه في السينمات بساعات رغم حصوله على
تصريح بالعرض من جهاز الرقابة على المصنفات الفنية في مصر، حيث عاد الجهاز
واتخذ قرارا بعدم العرض دون إبداء أسباب واضحة، لولا تدخل عدد من الفنانين
وتهديد أعضاء لجنة السينما في المجلس الأعلى باستقالة جماعية ما أجبر جهاز
الرقابة على العدول عن قراره.
هذه الحادثة لم تكن الأولى من نوعها، ذلك أن تاريخ السينما
المصرية منذ بدايتها حافل بعدد كبير من الأفلام التي منعت من العرض من خلال
جهاز الرقابة على المصنفات الفنية أو جهات سيادية أخرى لأسباب مختلفة منها
سياسية كالتعرض بالنقد لنظام الحكم ومنها ما يتعلق بمشاهد جنسية، ومنها
دينية من خلال التعرض للدين المسيحي أو الإسلامي وعلاقة المسيحيين
والمسلمين.
أول فيلم منع عرضه في مصر كان «لاشين» عام 1938 من إخراج
الألماني فريتز كرامب، وبطولة حسن عزت وحسين رياض ونادية ناجي، ويروي قصة
شخص اسمه لاشين كان قائدا لجيش أحد الحكام، وهو الذي يدير شؤون الحكم، في
حين أن الحاكم لا يفعل شيئا، بل كان ضعيف الشخصية متعدد العلاقات النسائية.
وعندما شاهده بعض السياسيين قالوا للملك فاروق حاكم مصر أنه
هو شخصية الفيلم، فطلب من أحمد حسنين رئيس الديوان أن يصدر قرارا بوقف
عرضه.
«ليلى بنت الصحراء/ليلة البدوية» إنتاج 1937 يتحدث عن فتاة
بدوية جميلة، تحب ابن عمها لكن ملك الفرس يدبر مؤامرة لاختطافها ويحاول
اغتصابها، قبل أن يأتي ابن عمها لإنقاذها. عرض الفيلم لأول مرة عام 1937
باسم «ليلى بنت الصحراء» لكن اعتراض الحكومة الإيرانية عليه أدى لمنعه
باعتباره يسيء إلى كسرى ملك فارس، ولم يعد إلى شاشات العرض إلا بعد ست
سنوات بعد أن اشترطت الرقابة إدخال بعض التعديلات عليه وبعد تغيير اسمه إلى
«ليلى البدوية».
من بين الأفلام التي منع عرضها لفترة أيضا فيلم «السوق
السوداء» إنتاج 1945 كتابة وإخراج كامل التلمساني، يتناول قضية السوق
السوداء التي ظهرت خلال الحرب العالمية الثانية في مصر وأدت لبروز طبقة
أغنياء الحرب.
بعد ذلك منع عرض فيلم «مسمار جحا» الذي قام ببطولته إسماعيل
ياسين وعباس فارس وكمال الشناوي، أنتج بداية 1952 للمخرج إبراهيم عمارة،
واستعرضت قصة الفيلم مساوئ العهد الملكي وتأثيرها على الفقراء.
وتم منع فيلم «الشيخ حسن» بطولة حسين صدقي وليلي فوزي وهدى
سلطان، كونه يحرض على الفتنة بين المسلمين والمسيحيين.
وبعد ثورة 23 يوليو ظل فيلم «الله معنا» ممنوعا من العرض
لسنوات طويلة لأن مجلس قيادة الثورة تخيل ان الفيلم يعظم دور محمد نجيب
الذي كان مغضوبا عليه وقتها على حساب دور الرئيس جمال عبد الناصر.
«المتمردون» أيضا منع من العرض عام 1966 واتهم بالإساءة
لسمعة مصر وللرئيس جمال عبد الناصر.
الفيلم إخراج توفيق صالح، وبطولة شكري سرحان وميمي شكيب،
يتناول قصة طبيب يذهب للعلاج في إحدى المصحات النائية وسط الصحراء، وخلال
تواجده هناك يكتشف عمق التفاوت بين مستوى الخدمة التي تقدم للمرضى الأغنياء
وتلك التي تقدم للفقراء، فيقود تمرداً ضد إدارة المستشفى لكن السلطات تنجح
في إخماده.
أما فيلم «شيء من الخوف « الذي أنتج عام 1969 فكان مهددا
بالمنع لولا تدخل جمال عبد الناصر، حيث يروي قصة قرية تستولي عليها عصابة
من اللصوص، يقودها عتريس الذي يغرم بإحدى بنات البلد فؤادة، لكنها تقود
تمرداً ضد عصابته، ينتهى بإحراق السرايا التي يقطنها من قبل أهل البلد، منع
الفيلم من العرض واعتبر أنه يرمز بشخصية عتريس إلى الرئيس عبد الناصر،
استطاع مخرج الفيلم حسين كمال الوصول للرئيس شخصياً وقام بعرض الفيلم عليه
فأمر عبد الناصر بعرضه فوراً وقال جملته الشهيرة: «إحنا مش عصابة وأنا مش
رئيس عصابة وإلا كنا نستاهل الحرق».
كما منع فيلم «أبي فوق الشجرة» 1969 لفترة طويلة وهو بطولة
عبد الحليم حافظ لاحتوائه على مشاهد القبل وخدشه الحياء العام.
امتد منع عرض الأفلام لفترة حكم الرئيس الراحل محمد أنور
السادات وكانت البداية مع فيلم «العصفور» الذي أنتج في عام 1972 تأليف
وإخراج يوسف شاهين، ويتحدث عن مرحلة الهزيمة بعد حرب 1967 ومنع لأنه يرمز
لشخصيات معينة في السلطة، وسُمح بعرضه بعد حرب 1973 ولكن بعد حذف مجموعة من
مشاهده.
وفي عام 1973 منع فيلم «زائر الفجر» بعد أسبوع واحد من طرحه
في السينمات، وتبدأ أحداث الفيلم عندما تستقبل شرطة النجدة بلاغًا بمقتل
صحافية يسارية في شقتها، ثم ينتقل وكيل النيابة إلى مسرح الحادث ويحاول
التوصل للقاتل ويأتي تقرير الطبيب الشرعي بأن الوفاة طبيعية نتيجة مرض
الصحافية بالقلب. وبالبحث حول ملابسات وفاتها تتسع دائرة الجريمة من كونها
وفاة طبيعية إلى جريمة قتل معنوية نتيجة للفساد الاجتماعي والقمع السياسي
وملاحقة المعارضين وتصفيتهم.
ولم يعرض إلا بعد 3 سنوات من إنتاجه وأصيب مخرجه بالاكتئاب
وذبحة صدرية توفي على إثرها.
أما فيلم «حمام الملاطيلي» للمخرج صلاح أبو سيف الذي أنتج
عام 1973 فجاء في تقرير الرقابة إن سبب منعه هو انه يحتوي على مشاهد خادشة
للحياء العام ومناقشته لقضية المثلية الجنسية. والفيلم بطولة شمس البارودي
ويوسف شعبان ومحمد العربي.
وواجه فيلم «وراء الشمس» من إنتاج عام 1978 اتهامات الخيانة
والعمالة للمعارضين ومنع عرضه وهو من بطولة رشدي أباظة ونادية لطفي، وتدور
قصته حول السجن السياسي بعد هزيمة 1967 ومنع نتيجة كشفه للانتهاكات وأساليب
التعذيب التي حدثت خلال حقبة الستينيات.
أما فيلم «المذنبون» 1975 فلم يكتف النظام بمنعه من العرض
بل أمر الرئيس الراحل أنور السادات بإحالة 15 من موظفي الرقابة للمحاكمة
لموافقتهم على عرض الفيلم الذي وصفه بأنه يشوه المجتمع المصري.
وبعد عرضه بستة أسابيع صدر قرار وزاري بسحب فيلم «درب
الهوا» أنتج عام 1983 لعرضه سوق الدعارة، إلى أن عاد إلى الشاشة الكبيرة
عام 1991.
وواجه فيلم «البريء» عقبات كثيرة حيث ناقش قضايا حسّاسة
كمفهوم الطاعة العسكرية، وفكرة تناقضها مع مصلحة الوطن، وفكرة الجلاد
كصنيعة السلطة والّذي يتحوّل إلى النّقيض فيثور على صانعيه، ويصل حتّى
القضاء عليهم. وفي 2005 سمح وزير الثّقافة المصري حينها بعرض النّسخة
الأصلية على شاشة السينما في افتتاح مهرجان السينما القومي، أي بعد 19 عاما
من إنتاجه، والفيلم بطولة أحمد زكي، ومحمود عبد العزيز، وجميل راتب، وممدوح
عبد العليم.
أما فيلم «العقرب» الذي أنتج عام 1990 من إخراج عادل عوض،
فتم منعه من العرض لاحتوائه على مشاهد جريئة. والمشاهد الجريئة أيضا كانت
وراء منع فيلم «جنون الحياة» إنتاج عام 2000 حيث جسدت إلهام شاهين دور
المرأة التي تكتشف خيانة زوجها محمود قابيل، لها فتقرر الانتقام وإقامه
علاقة جنسية مع سائقها كريم عبد العزيز.
وما زال الفيلم ممنوعاً من العرض العام والتلفزيوني حتى
الآن.
آخر الأفلام التي تعرضت للمنع كان «حلاوة روح» الذي منعه
رئيس الوزراء المصري السابق ابراهيم محلب، وحين سألوه عن الأسباب وهل شاهد
الفيلم أم لا، قال «لم أره لكنني سمعت عنه» وكان الفيلم يعرض بالفعل حيث
حصل على تصريح الرقابة، واستقال الدكتور أحمد عواض رئيس جهاز الرقابة على
المصنفات الفنية من منصبه وقتها اعتراضا على القرار، وقام منتج الفيلم محمد
السبكي برفع دعوى قضائية وبالفعل ربحها وتم عرض الفيلم بعد عدة أشهر من
منعه.
تدور أحداثه في إطار اجتماعي رومانسي لكن يظهر ولد في مشاهد
جنسية مع جارته الجميلة، والفيلم من إنتاج محمد السبكي عام 2014 وإخراج
سامح عبد العزيز.
أما فيلم «آخر أيام المدينة» للمخرج تامر السعيد فرغم عدم
صدور قرار رسمي بمنعه، إلا أنه الم يحصل على تصريح جهاز الرقابة منذ عامين،
ورغم قبوله في المسابقة الرسمية لمهرجان القاهرة عام 2016 إلا أن إدارة
المهرجان عادت ورفضت مشاركته بدون أسباب واضحة، والفيلم يناقش أسباب اندلاع
ثورة 25 يناير. |