يرى أن إيجاد دور درامي مناسب أمر صعب
سلفستر ستالون يعيش عصره الذهبي من جديد
محمد رُضا
هو روكي ورامبو، وهو لا شيء آخر بينهما تقريباً. ممثل جيد في هاتين
الشخصيّتين، وجمع ملايين المعجبين عبرهما، أما أفلامه الأخرى التي
حاول من خلالها التنويع، حتى لا يتم تأطيره في هاتين الشخصيّتين
فلم تدم. بعضها لم ينجح مطلقاً والآخر نجح على نحو طفيف.
سيلفستر ستالون، المولود في نيويورك من أب إيطالي وأم نصف فرنسية -
نصف ألمانية، في السادس من يوليو/تموز عام 1946،
كان دائماً يرغب في أن يكون ممثلاً، واضطره ذلك لقبول أدوار صغيرة
أولها، في فيلم بعنوان «الحفلة عند كيتي والفحل»
(The Party at Kitty and Stud›s)
سنة 1970، وثانيها في فيلم عاطفي يظهر فيه بلا اسم على الشاشة هو
«عشاق وغرباء آخرون». لكن ما إن حل العام 1971 حتى وجد نفسه في دور
صغير آخر في فيلم وودي ألن العتيق «موز»، وفي العام ذاته لمح جين
فوندا ودونالد سذرلاند يؤديان بطولة الفيلم التشويقي السياسي
«كلوت»، لكن دوره كان أصغر من أن يقترب منهما. وبعد 3 سنوات عاد
بخمسة أفلام، لاعباً أدواراً بعضها ناطق لكنه ثانوي، وأفضلها
«وداعاً، يا حبي» سنة 1975.
«روكي»
جاء بعد ذلك الفيلم بعام واحد، لكن حكايته طويلة. فكتب ستالون
الفيلم في العام 1975، ودار به على كل استوديوهات هوليوود، بعضها
لم يتحمّس له والآخر أراد شراء المشروع منه وصرفه إلى منزله، لكن
ستالون اشترط أن يكون بطل الفيلم إذا أرادت إنتاجه، إلى جانب
إخراجه. وفي النهاية وجد المنتج الذي تحمس للمشروع وذهب به إلى
إحدى شركات الإنتاج الكبيرة التي وافقت على أن يمثله ستالون، لكن
لا يخرجه. هذه المهمّة استلمها مخرج راحل اسمه جون ج. أفيلدسون،
والفيلم خرج مدويّاً ليصنع من هذا الممثل العنيد والمجهول نجماً.
وفي الحوار التالي، يحدثنا ستالون عن حياته وأشهر أعماله وترشيحه
الأخير للأوسكار.
·
نحن على مقربة من جوائز الأوسكار، وأنت أحد المرشّحين في قسم أفضل
تمثيل رجالي مساند. ما شعورك؟
شعوري
هو أنه في الوقت الذي احترم فيه كل ممثل آخر يتنافس على هذه
الجائزة، فإني أتمناها لنفسي (يضحك).
·
لكنك نجم مشهور، والمشهورون عادة لا يكترثون للأوسكار، أليس
صحيحاً؟
نعم
ليس صحيحاً، فكلهم يكترثون للأوسكار. وهي جائزة مهمة جداً للممثل
إذا استطاع أن يحصل عليها، لكن ليفوز بها، يجب أن يحصل أولاً على
الدور الصحيح، ولم أكن أستطيع أن أسأل الأكاديمية أن ترشحني عن بعض
أفلامي السابقة مثل «دم أول» أو «قف وإلا أمي ستطلق النار» لكن مع
«كريد» الأمر يختلف.
·
«كريد»
هو استمرار لسلسلة «روكي». التغيير هو أنك سلمت القيادة لممثل شاب،
وروكي صار المعلّم الذي يقف وراءه.
هذا
مؤكد، لا يوجد ملاكم في سن روكي اليوم، أو في عمري أنا. كان
مطلوباً أن نجد حلاً جيداً يضمن استمرار السلسلة ولو لمرّة إضافية
واحدة.
·
إذاً صحيح أن هذا الفيلم سيكون الأخير في السلسلة؟
نعم،
أعتقد أنه وبعد 7 أفلام من روكي، هو خير ختام، لأنه يعيد بلورة
الشخصية من دون أن تخسر شيئاً من ماضيها. الكل يتعرّف إليها كما
كانت ويفهم «روكي»، وهو ينظر إلى الأمس بحنان، وإلى المستقبل من
خلال ابن منافسه السابق «كريد».
·
ماذا عن «رامبو»، هل يتوقف؟
لم
أبت في أمره على نحو نهائي بعد. ربما ما زال في جعبتي رامبو واحد،
وسيكون الأخير بلا شك، لكن هناك مسلسل «المستهلكون» (The Expendables)
كما تعلم.
·
أعلم أن هناك جزءاً رابعاً من هذا المسلسل الجديد نسبياً. هل ستدخل
التصوير قريباً؟
-
لا ليس قريباً، لكني في أنبوب الإنتاج. كنت على مقربة من البدء به
حتى نهاية الشهر الماضي حين عُقد الاتفاق على تحويله إلى مسلسل
تلفزيوني مع محطة
CBS.
الآن عليّ أن أعيد تخطيط جدول أعمالي بالنسبة لهذا المشروع.
والفيلم قد يأتي لاحقاً.
·
لنعد إلى «روكي» الأول. ما الذي دفعك لكتابته؟
كنت
أبحث عن عمل، وكانت الأدوار التي أقوم بها قليلة ودائماً صغيرة.
قررت أن أكتب «روكي» لأنني كنت على ثقة كاملة بالقصّة، وكنت مؤمناً
بأنها إذا ما حُققت كما كتبتها فستحقق نجاحاً، ولو أنني لم أكن
أعرف مدى هذا النجاح.
·
كان الفيلم صدى لكفاحك أنت، أليس كذلك؟
بلى.
«روكي» الأول كان مرآة لما مررت به كممثل، كتبت خلاله شخصية ملاكم
يشترك في المباريات الصغيرة ويتمنّى لو يحقق النقلة إلى البطولة
الكبرى، نفس ما كنت أمر به كممثل.
·
هل صحيح أنك كتبت سيناريو «روكي» في 3 أيام فقط؟
لا،
ليس صحيحاً.
·
أعلم أنك تعبت لأجل أن تجد منتجين، لكن هل لك أن تعطيني صورة شاملة
عما واجهته؟
-
إنها حكاية طويلة ذات مناخات متعددة. مرّة كنت أعيش فوق سحاب
الأمل، ومرّة كنت أجد نفسي عدت إلى نقطة الصفر، لكني لم أستسلم.
كنت لففت على كل منتج وافق على استقبالي وتحدثت إلى كل واحد طالباً
إعطائي فرصة لأثبت جدارتي، لكنني سمعت كلاماً طيباً من الجميع. ذات
مرّة قابلت أحدهم، وكان جوابه مشابهاً لجواب الآخرين، إذ قال:
«تبدو شخصاً موهوباً لكن عليك أن تثابر أكثر». وأضاف هذا المنتج،
وأنا أخرج من الغرفة: «إذا كان عندك فكرة فيلم اعرضها عليّ
وسأرى..»، وبهذا الوعد عدت إلى بيتي وكتبت. لم أكتب سيناريو كاملاً
بل خطوط عامّة لشخص يكافح لأجل تحقيق ذاته في حلبة الملاكمة، وهكذا
وُلد المشروع.
·
بعد نجاح «روكي» مثلت أفلاماً لم تحقق النجاح ذاته إلى أن لعبت
بطولة «دم أول» الذي هو أول فيلم في سلسلة «رامبو». لماذا لم تحقق
الأفلام الأخرى بين هذين الفيلمين النجاح المطلوب؟
هذا
يحدث مع كثير من الممثلين. فالجمهور يريد أن يراهم ثانية في الصورة
التي ظهروا عليها، أي تغيير لا يحقق النتيجة ذاتها. ومثلت أفلاماً
مثيرة للاهتمام مثل «زقاق الفردوس» و«صقور الليل» و«فيست» لكن
الإقبال لم يكن هو ذاته.
·
حتى بعد بداية سلسلة «رامبو» نجدك انتقلت إلى أفلام كوميدية أو
بوليسية خفيفة، هل كان ذلك نتيجة رغبة في التنويع؟
طبعاً.
كانت فكرتي آنذاك أن الجمهور له الحق في أن يرى تبديل جلد. تمثيل
شخصيات خفيفة لا تداوم العنف ولا تنتقل من روكي إلى رامبو وبالعكس،
لذلك مثلت «راينستون» و«أوسكار» و«قف وإلا أمي ستطلق النار»،
وأفلاماً أخرى.
·
من كان منافسك الأول في سينما الأكشن في الثمانينات؟
تعرف
الجواب سلفاً، آرني (أرنولد شوارتزنيغر).
·
هل شعرتما بالتنافس فيما بينكما في تلك الفترة؟
طبعاً،
لكن ما كان يؤديه كل منا لم يكن الدور ذاته بالنسبة للممثل الآخر.
لا أرى نفسي، مثلاً، في دور «ترمينيتور»، ولا أعتقد أنه يرى نفسه
في «روكي» مثلاً، لكل منا وجهته. لكن نعم، كانت هناك منافسة كما
كانت هناك زمالة، فشوارتزنيغر من بين أصدقائي الحميمين، ونلتقي
كثيراً خارج العمل.
·
لماذا كان له دور صغير في «المستهلَكون»
(The Expendables)
الأول قبل 5 سنوات؟
كان الدور الذي اقترحته على شوارتزنيغر في ذلك الفيلم أكبر من
الدور الذي مثّله فعلاً، إذ كان سيلعب الدور الذي مثله بروس ويليس
في نهاية المطاف، لكنه كان لا يزال مرتبطاً بمكتبه كحاكم ولاية
كاليفورنيا، ولم يكن لديه الكثير من الوقت، لذلك اكتفى بظهور قصير
جداً، لكن لاحقاً تغير الوضع.
·
حاولت بدورك أن تخرج من أدوار القوة البدنية وأفلام الأكشن، لذلك
كانت لديك أفلام كوميدية مثلاً. لكن لم تحاول الدراما كثيراً.
هل
تعلم صعوبة إيجاد دور درامي مناسب لك؟
هل تذكر «كوب لاند»، كانت هذه محاولتي الناجحة في تلك الأثناء،
شعرت بأني وجدت الدور المناسب، ونلت عليه ثناء النقاد، والفيلم
أعجبهم أيضاً، ومازلت أحتفظ بالمقالات التي كتبت عنه، لكنه لم ينجح.
·
لديك الآن «كريد». هذا خالٍ من سمات أفلام روكي رغم أنه ينتمي
إليها.
تماماً،
هو درامي فعلاً على الرغم من أن فيه مشاهد في الحلبة، وهنا أيضاً
وجدت الدور الصحيح.
·
لماذا لم تخرجه كما فعلت في بعض أفلام السلسلة السابقة؟
شعرت
بأن المشروع بأسره يحتاج إلى مخرج آخر برؤية جديدة، مخرج شاب
يستطيع أن يبث في المشروع روحاً جديدة خصوصاً أن البطولة هي لممثل
شاب أيضاً.
·
أتقصد مايكل ب. جوردان؟
نعم،
وأنا فخور به. والمخرج رايان كوغلر حقق فيلماً كلاسيكياً ومفعماً
بروح شابّة وحيوية رائعة في الوقت ذاته.
أبرزها «ذيب» المنافس على «الأوسكار»
السينما الأردنية.. نجاحات فردية لا تتكرر
عمّان - ماهر عريف:
باستثناء تجارب فردية محدودة شقّت طريقها عربياً وعالمياً، أبرزها
«ذيب» مؤخراً، تفتقد السينما الأردنية الاستراتيجية الشاملة ويواجه
مخرجون من أصحاب المحاولات الجادة، عراقيل إنتاجية وتنفيذية
وإجرائية تدفع أغلبهم إلى عدم تكرارها.
ناجي أبو نوار مخرج «ذيب» الذي حقق سابقة في منافسات «الأوسكار»
ونال صدى دولياً واسعاً، وعُرض في دور السينما المصرية في خطوة غير
معهودة وحصد أكثر من 20 جائزة في مهرجانات آسيوية وإفريقية
وأوروبية، أكد أكثر من مرة مواجهته معضلات عند تنفيذ الفيلم، بينها
افتقاد الرعاة وإغلاق مؤسسات معنية أبوابها أمامه ورفضها تسهيل
مقتضيات التصوير وتوفير تجهيزات ذات صلة ما استدعى أكثر من 3 سنوات
لإنجاز العمل قبل أن يمدّه صندوق أبوظبي للأفلام «سند» وجهات أخرى
بالدعم.
ويرى الناقد ناجح حسن أن هموم السينما الأردنية كثيرة، في مقدمتها
هجرة أصحاب المواهب القادرة على صناعة الأفلام بعد الاصطدام
بإحباطات داخلية عديدة، في مقدمتها عدم توفير بنى تحتية وغياب
التمويل والإنتاج والسوق المؤهلة لاستيعاب الخريجين من جامعات تمنح
شهادات أكاديمية متخصصة.
يقول: «ساهم تأسيس الهيئة الملكية للأفلام منذ 12 عاماً في تحقيق
حراك حفّز الراغبين، سواء عبر الانخراط في ورش موسمية أو التوجّه
إلى مؤسسات تُعلّم تقنيات صناعة السينما، ما أنتج تجارب اعتمدت على
جهود ذاتية لم تجد الحاضنة اللازمة للاستمرار مهنياً ومادياً».
ويعدّد حسن أسماء مخرجين يعتبرهم أثروا المشهد السينمائي الأردني،
من بينهم ناجي أبو نوار ويحيى عبد الله وأمين مطالقة وأصيل منصور
ومحمد حشكي ورفقي عساف وفادي حداد وماجد الكباريتي وعشرات آخرين،
دفعت العقبات والتحديات بعضهم للاتجاه صوب العمل الإداري
الأكاديمي، بعيداً عن التنفيذ الميداني، وآثر سواهم الالتحاق
بوظائف في التلفزيون وفق شروط لا تنسجم مع صناعة الفن السابع.
ويضيف: «هناك مجموعة غادرت إلى الخارج بحثاً عن فرص مختلفة سواء
بسبب محدودية سوق العمل محلياً وصعوبات العثور على تمويل أو لأمور
أسرية وظروف خاصة وفي المحصّلة تراجعت الآمال الكبيرة التي لازمت
ظهور قدرات واعدة للنهوض بصناعة السينما الأردنية التي ظلّت طوال
نصف قرن أسيرة لمحاولات التجريب والمغامرة».
ويطالب حسن بمراجعة شاملة لاستيعاب المنجزات ودراسة الإخفاقات نحو
وضع استراتيجية تشارك فيها مؤسسات حكومية وخاصة بعدما نجح شباب
بإمكانيات مادية متواضعة في تقديم أعمال لافتة قبل أن يغيب أغلبهم
عن المشهد وتتحوّل النجاحات إلى ما تشبه الطفرة المؤقتة نتيجة
افتقاد موازانات داعمة وتسهيلات مواكبة ومعطيات تكفل المواصلة ضمن
مشروع متكامل ينهض بالسينما الأردنية.
ويؤكد الناقد محمود الزواوي، الذي كان ضمن فريق تقويم مهرجان
الفيلم الأردني الثالث مؤخراً، على أصحاب النجاحات الفردية بالتمسك
بمشاريعهم ومقاومة الصعوبات لتكريس حالة سينمائية أردنية واعتبر
الطريق نحو الوصول إليها ما زال طويلاً وصعباً.
ويرى الزواوي أن نيل بعض الأفلام الأردنية أصداء واسعة في السنوات
الأخيرة يفتح الآفاق لتحقيق حضور أكبر وأهم، ضارباً أمثلة وصفها
بأنها لافتة بينها «ذيب» للمخرج أبو نوار، و«كابتن أبو رائد»
للمخرج أمين مطالقة، و«إعادة خلق» للمخرج محمود مساد، و«مدن
ترانزيت» للمخرج محمد حشكي، وأخرى شاركت في مهرجانات دولية واقتنصت
جوائز فضلاً عن عرضها في دور سينما عربية وغربية.
ويضيف: «هناك بوادر شبابية مشجعة تواكبها بعض التطورات اللازمة
لإنشاء أسس سينمائية تشي بتطلعات أفضل لكنها تحتاج إلى دعم وتشجيع
من القطاعين العام والخاص والسعي إلى إنتاج مشترك والعمل على
انخراط ممثلين وفنيين في أعمال عربية وأجنبية ذات مواصفات متقدمة
تسهم في تراكم الخبرات والتجارب».
ويؤكد عدنان مدانات، رئيس قسم السينما في مؤسسة عبد الحميد شومان
الثقافية، وجوب استثمار النجاحات الفردية، وآخرها «ذيب»، في تذليل
الصعوبات والعراقيل التي تواجه استمراريتها، معتبراً إنتاجه
بميزانية متواضعة وتحديه ضعف الدعم يُسجل مكسباً على امتلاك رؤى
فيلمية ناجحة في الأردن، بحاجة إلى تحرك مؤسسات وهيئات مسؤولة نحو
دعم هذا القطاع الفني.
ويشدد على إمكانية انعكاس «فجوة المواصلة» سلباً على إطلاق صناعة
سينمائية متكاملة، تستدعي توفير دور العرض المتعددة والمؤهلة ونشر
ثقافة السينما المحلية جماهيرياً، ووجود مظلة ترعى الإنتاج وفق
رؤية استراتيجية لا تكتفي بمحاولات بارزة من حينٍ لآخر. |