هل
يحصد فيلم «العائد» جوائز أوسكار 2016
عبد السلام دخان*
على بعد أيام قليلة من حفل أوسكار 2016 الذي ستحتضنه مدينة لوس
أنجلس في الولايات المتحدة الأمريكية تزداد حظوظ فيلم «العائد»
The Revenant
للمخرج الألمعي أليخاندرو جونزاليس للفوز بجوائز أوسكار 2016، بعد
تتويجه بجوائز الغولدن غلوب، وجوائز البافتا البريطانية، حيث حصل
على جوائز أفضل فيلم، وأفضل مخرج، وأفضل ممثل لليوناردو دي كابريو،
وأفضل تصوير لإيمانويل لوبسكي وأفضل صوت. ونال فيلم «العائد» 12
ترشيحا أفضل ممثل وأفضل فيلم، وأفضل دور رئيس، وأفضل ممثل مساعد
وأفضل مخرج.
ويقدم السرد السينمائي لفيلم «العائد» بنية درامية مؤثرة ترتبط
بأحداث وقعت عام 1823 المجسدة سرديا في رواية لمايكل بنك حول صائد
دببة هيو غلاس، ويجسد دي كابريو فيه شخصية صائد الدببة، الذي يتعرض
للمهاجمة والسرقة، ويُترك في الغابة حتى الموت، وتشكل عودته
للانتقام من أصدقائه الذين نكلوا به وقتلوا ابنه، وتركوا هيوغلاس
وحيدا في الغابة يصارع الموت، إلا أنه سيتمكن في ظروف قاسية وقريبة
من الهلاك من النجاة بعد قطع مسافة طولها 320 كيلومترا، التي تجسد
أحد أبرز مشاهد هذا الفيلم الدرامي الذي يركز على الحركة والإثارة،
وعلى التعبير الجسدي بما يعكس التجربة السينمائية الجديدة لهذ
النجم الهوليوودي، خاصة اعتماده على التعبير البصري (حركات العين)،
وحركات الجسد وهي تعكس بصريا وعبر مشاهد مؤثرة صراعها مع الألم
وقساوة الطبيعة (الثلج المميت)، بيد أن هذه القوة التعبيرية كانت
كفيلة بتعويض ندرة الحوار الفيلمي، خاصة بين ليوناردو دي كابريو
وأصدقائه، طالما أن الفيلم يركز على مشهدية المقاومة والانتقام
بحثا عن العدالة. وساهمت الرؤية الإخراجية للمخرج المكسيكي
أليخاندرو جونزاليس في تميز فيلم «
The Revenant»،
وفي عدد من الأفلام من قبيل «
Amores perros»،
و»Babel»
مما جعله يتوج بجائزة أفضل مخرج من مهرجان كان السينمائي، وجائزة
الأوسكار عن فيلمه «Birdman»،
«الرجل الطائر». وستمكن الرؤية الإخراجية لأليخاندرو جونزاليس من
حصول فيلمه «The
Revenant»
على جائزة أفضل فيلم درامي في حفل غولدن غلوب في دورته الـ73، وهو
حفل تنظمه سنويا رابطة هوليوود للصحافة الأجنبية.
ويتنافس على جوائز أوسكار 2016 أفلام قوية من قبيل
Fury Road :Mad Max
للمخرج جورج ميلر، الذي نال 10 ترشيحات عن أفضل فيلم وأفضل مخرج
وأفضل تصوير وأفضل مونتاج. إلى جوار فيلم
The Martian
الذي نال 7 ترشيحات، من قبيل أفضل فيلم وأفضل ممثل في دور مساعد
وأفضل مؤثرات صوتية، وفيلم
Bridge of Spies
الذي نال 6 ترشيحات مثل، أفضل فيلم وأفضل ممثل في دور مساعد وأفضل
موسيقى تصويرية. إلى جانب فيلم
Carol
الذي نال 6 ترشيحات مثل، أفضل ممثلة في دور رئيس، وأفضل ممثلة في
دور مساعد وأفضل تصوير. وستكون المنافسة قوية في صنف أوسكار أحسن
ممثل بداية من ليوناردو دي كابريو الذي كان قريبا من أوسكار السنة
الماضية، برايان كرانستون: المرشح عن فيلم
Trumbo،
ومات ديمون المرشح عن فيلم
The Martian،
وميكاييل فاسبندر: مرشح عن فيلمSteve
Jobs
، وإيدي ريدمين: المرشح عن فيلم الفتاة الدانماركية. وستتنافس كل
من كيت بلانشيت، جينيفر لورونس، شارلوت رامبلين، ساويرس رونان، على
أوسكار أحسن ممثلة. وفي ظل غياب الأفلام المصرية عن أوسكار أفضل
فيلم بلغة أجنبية يبقى الفيلم الأكثر ترشيحا لهذا التتويج هو
الفيلم المتوج في عدد من المهرجانات السينمائية ومنها مهرجان
فينيسيتا السينمائي، والكلام هنا عن الفيلم الأردني «ذيب» للمخرج
ناجي أبو نوار.
وكان أوسكار السنة الماضية قد تميز بالخيبة الكبيرة التي مني بها
فريق فيلم القناص الأمريكي الممجد للقتل للمخرج كلينت إيستوود. وقد
حملت مشاهد من حفل التتويج حالة الاستياء التي أصابت هذا الأخير
والممثل برادلي كوبر، خاصة أنه تلقى ستة ترشيحات لجوائز الأوسكار،
فضلا عن تحقيقه لمداخل مرتفعة مند الأيام الأولى لخروج الفيلم
للقاعات السينمائية، ولم يتمكن من الحصول إلا على جائزة أفضل
مونتاج.
وفي المقابل توج فيلم «بيردمان» الذي يسرد بصريا قصة ممثل شهير
يحاول العودة للأضواء من خلال عرض مسرحي في برودواي، الذي يسرد
بصريا قصة ممثل شهير يحاول العودة للأضواء من خلال عرض مسرحي في
برودواي. الفيلم من إخراج المكسيكي أيخاندرو غونزاليس بأربع جوائز
أوسكار أفضل فيلم وأفضل مخرج وأفضل تصوير سينمائي وأفضل سيناريو
أصلي. وفازت الممثلة جوليان مور بجائزة أوسكار أفضل ممثلة رئيسية
عن أدائها في فيلم «ستيل أليس» لشخصية أستاذة جامعية مصابة
بالزهايمر. وفازت باتريشيا آريكيت بجائزة أوسكار أفضل ممثلة
مساعدة. وتمكن أخيرا جي كي سيمونس من التتويج بالأوسكار بعد
الترشيحات العديدة على امتداد تاريخه الفني. جي كي سيمونس سيتوج
بجائزة أفضل ممثل في دور مساعد. وتمكن الممثل إيدي ريدماين من
الفوز بجائزة أوسكار أفضل ممثل رئيسي عن دوره في فيلم «ذا ثيوري
أوف إفري ثينغ». وفاز فيلم بيك هيرو 6 بجائزة أفضل فيلم رسوم
متحركة متغلبا على أفلام هاو تو ترين يور دراجون 2 وذا بوكسترولس.
وفاز فيلم «ذا اميتشن جيم»، بجائزة أفضل سيناريو مقتبس. وحاز فيلم
«انترستيلر» على جائزة أفضل مؤثرات بصرية. وفاز فيلم «ايد»
البولندي بجائزة أفضل فيلم أجنبي. وتمكن فيلم «سيتزين فور» الذي
يدور حول أول مقابلة سرية لمسرب المعلومات الاستخباراتية الأمريكي
إدوارد سنودن مع الصحافيين على جائزة أفضل فيلم وثائقي. ومن النقط
السوداء لنسخة أوسكار 2015 التقديم الرديء لنيل باتريك هاريس في
مسرح دولبي في هوليوود.
*كاتب مغربي
التمييز
العرقي والجنسي في هوليوود قنبلة قابلة للانفجار في أي وقت
حسام عاصي - لوس أنجليس – «القدس العربي» :
عندما سألت ستيفين سبيلبرغ عن قلة التمثيل العادل للنساء في
هوليوود قبل شهرين، رد قائلا «انظر حولك»، مشيرا إلى ضيوف الحفل
الهوليوودي من حولنا، «المكان مليء بالنساء، ولكن لا ترى لونا غير
الأبيض. المشكلة الرئيسية في صناعة الأفلام هي قلة التعددية
العرقية وليس التمييز ضد النساء. معظم أفلامي أُنتجت على يد امرأة
(كاثرين كينيدي) وشركتي ترأستها امرأة (ستيسي سنايدر) وهناك نساء
أخريات يحتللن مراكز مهمة في هوليوود، ولكن لا يوجد ملوَنون في تلك
المراكز».
فعلا، ففضلا عن كينيدي وسنايدر، اللتين تترأسان هذه الأيام
استوديوهات «لوكاسفيلم» و«فوكس» على التوالي، هناك نساء أخريات
ذوات نفوذ هائل في هوليوود ويحتللن مراكز تنفيذية مهمة على غرارا
دونا لانغلي، رئيسة ستوديو «يونيفيرسال»، أو نانسي أوتري، رئيسة
استوديو «فوكس سيرتشلايت». فهل سبيلبرغ على حق بما يصرح به؟
الحملات ضد التمييز الجنسي في صناعة الأفلام كانت تغلي ببطء منذ
زمن بعيد، ولكن نيرانها اشتعلت نهاية عام 2014، بعد تسريب أجور
الممثلين خلال اختراق شبكة «سوني بيكتشرز» الالكترونية، التي كشفت
أن جينيفر لورنس تلقت 1.25 مليون دولار عن دورها في فيلم «أمريكان
هاصل»، بينما حصل كل من زملائها الذكور وهما كريستيان بيل وبرادلي
كوبر، على 2.5 مليون دولار. هذه الأرقام أثارت زوبعة استنكار،
اتهمت هوليوود بالتمييز ضد النساء، وصلت ذروتها في حفل توزيع جوائز
الأوسكار عام 2015، حيث نادت الممثلة باتريشيا اركيت في خطاب مؤثر
بالمساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والأجور.
الواقع هو أن شركة «سوني بكتشرز» كانت تترأسها امرأة وهي آمي
باسكال، وإذا تمعنا بالأرقام المذكورة أعلاه، نجد أن لورنس اشتغلت
19 يوما مقارنة مع زملائها الذكور الذين عملوا 45 يوما. فالحقيقة
هي أن أجر لورنس اليومي كان 65 الف دولار بينما كان أجر زملائها
الذكور 55 ألف دولار يوميا. واذا نظرنا إلى قائمة دخل نجوم هوليوود
لعام 2015، نلاحظ أن لورنس تحتل المرتبة الثانية بمبلغ 54 مليون
دولار، بعد داني دي جونيور (80 مليون دولار)، بينما كان دخل كوبر
السنوي 41 مليون دولار. من المفارقات أن لورنس نشرت مدونة في شهر
نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي تشكي فيها من التمييز ضدها في الأجر،
مثيرة حملة ضخمة من التأييد واستنكار لهوليوود.
وفي حديث مع أركيت قبل شهرين، قالت لي إن «معدل دخل النساء في كل
مجالات العمل هو 76٪ من معدل دخل الرجال في الولايات المتحدة». هذا
صحيح، ولكن هذه مقارنة غير عادلة لأنها تقارن أجور النساء من
الأعراق كلها مع أجور الرجال البيض، فالواقع هو أن دخل المرأة
السوداء واللاتينية هو 60٪ و50٪ على التوالي من دخل الرجل الأبيض.
أما دخل المرأة البيضاء فهو يفوق 90٪ من دخل الرجل الأبيض ويعلو
بكثير عن دخل الرجل الأسود.
واضح إذا أن هذه الأرقام تشير إلى تمييز عرقي أكثر منه جنسيا، فلا
عجب أن خطاب أركيت أثار غضب السود، الذين اتهموها باستغلال ظلم
المؤسسات لهم من أجل الترويج لحقوق المرأة البيضاء، مشيرين إلى أنه
لا توجد أمرأة ملونة واحدة في قائمة الـ 20 إمرأة ذات أعلى دخل في
هوليوود.
خطاب أركيت وحملة المساواة الجنسية كانت مثمرة، ولكن ثمارها كانت
من نصيب النساء البيض فقط. أهم مهرجانات الأفلام العالمية عام 2015
مثل «صندانس»، «كانّ» و«لندن» افتتحت برامجها بأفلام من صنع مخرجات
نساء ومنحت أهم جوائزها لأفلام نساء، بيد أن تلك الأفلام لم تنل
اعجاب الجمهور أو النقاد، وذلك لأنها كانت لا تتسم بمستوى فني
وتقني راق. وكان هناك غياب تام للنساء الملونات في تلك الأفلام.
أما أفلام السود عام 2015، مثل «ستريت أوت أوف كومبتون»، «كريد» و»كونكاشن»
فقد لقيت نجاحا نقديا وتجاريا هائلا، ولكن أكاديمية علوم وفنون
الصور المتحركة تجاهلتها تماما في ترشياحات الأوسكار، بينما رشحت
أفلاما عدة من انتاج نساء مثل «جسر الجواسيس»، «ذي ريفيرنت»،
«بروكلين»، «سبوتلايت» و«بيغ شورت» في فئة أفضل فيلم. وثلاثة من
الأفلام المرشحة لأوسكار أفضل فيلم وهي «غرفة»، «ماكس المجنون:
طريق الغضب» و«بروكلين» تتمحور حول شخصية امرأة بيضاء. كما تم
ترشيح نساء في فئات اخرى مثل أفضل سيناريو وأفضل توليف، وأفضل
موسيقى وغيرها، وكلهن من البيض.
وعندما تصدت النساء الأفريقيات مؤخرا للتمييز ضد السود في ترشيحات
جوائز الأوسكار وفي هوليوود، ترددت النجمات البيض، اللاتي كن
تسارعن لتأييد لورنس عندما شكت من التمييز ضدها، في دعمهن. ومن أهم
هذه النجمات كانت رائدة حقوق المرأة، ميريل ستريب، التي ردت قبل
أيام على الانتقادات الموجهة للجنة تحكيم مهرجان برلين السينمائي،
التي تترأسها، عن كونها مركبة من حكام بيض وحسب، قائلة: «نحن كلنا
أفريقيون» بدلا من دعم مطالب السود والأقليات العرقية الأخرى
بتمثيل عادل لهم في صناعة الافلام.
أنا لا أنكر أن هناك تمييزا، ربما غير واع، ضد النساء، بغض النظر
عن عرقهن، في معظم مجالات الحياة، ولكن التحديات التي تواجهها
النساء الملونات تختلف كثيرا عن تلك التي تواجهها النساء البيض،
اللواتي يتمتعن بحقوق ما زالت تعتبر حلما للرجل الأسود. فبينما
تحتل نساء بيض مراكز مهمة في صناعة الأفلام، قلما نجد رجلا أو
امرأة من الملونين في وظائف تنفيذية وهذا يقر ما قاله سبيلبرغ أن
المشكلة الأساسية في صناعة الأفلام هي التمييز العرقي وليس الجنسي. |