ملفات خاصة

 
 
 

الضاحكة

بيار أبي صعب

عن رحيل الشحرورة

صباح

   
 
 
 
 
 
 

أوصتنا صباح ألا نبكي عليها. ونحن لن نفعل. لم يخطر ببالنا أصلاً أن نبكي، برغم الحزن الكبير. نحزن أساساً على أنفسنا وعلى الزمن الجميل. نحزن لأن الصبوحة عاشت المرحلة الأخيرة من حياتها بصعوبة، على حافة العوز، بين شائعتين عن موتها. نحزن لأن سفيرة العصر الذهبي، عابرة الحقب، مطربة كل العصور من الضيعة اللبنانيّة إلى قاهرة الأربعينيات والخمسينيات، عاصمة النهضة والفن، يعلن رحيلُها نهاية زمن كانت الفنّانة فيه مطربة قبل كل شيء… والباقي كلّه ـــ الجنون والاسراف والاستعراضيّة والحياة الخاصة و«الفضائح» إذا كان لا بدّ منها ـــ يأتي بعد الصوت والموهبة والمراس والمنجز الابداعي.

نحزن كثيراً، لكننا لن نبكي. كيف يبكي المرء الصبّوحة؟ اسمها وحده رديف للفرح والخفّة وحبّ الحياة. ما إن تستعيد صورتها، أسطورتها، حتى تحضر تلك الضحكة الملعلعة التي تميّزها، وتلك البحّة التي تعطي للصوت عمقاً وصدقاً وسحراً وغواية ودلالاً. ضحكة اقترنت بالعفويّة وطيبة القلب، لكنّها أساساً تمرد على القيود، واحتفاء بالحياة وملذاتها، لنقل إن ضحكتها «مانيفستو السعادة». جانيت فغالي، شحرورة الوادي، امرأة المئة فيلم ومسرحيّة، والثلاثة آلاف أغنية، والثمانية رجال، تبشر بالفرح والنشوة والحب والتفاؤل في كل ما غنّت وجسّدت وعاشت. صباح، أو مديح الحواس، بدءاً بحاسة السمع. إنّها أكثر من رمز نسوي قبل الأوان، وهمزة وصل بين اللون الجبلي والثقافة الريفيّة، والطرب العربي والثقافة المدينيّة التي «ضيّعت فيها قلبها». هذه المرأة التي صنعت من حياتها كل ما تريد، وعاشت أعماراً كثيرة حتّى لا نكاد نصدّق الرقم الرسمي (٨٧ عاماً)، هي الشاهدة على حياتنا أيضاً، هربت بها خارج الميثولوجيا والشطحات المثاليّة والغيبيّة. مع صباح كل شيء يبدأ بالجسد وينتهي عنده، حتى حب الوطن. كتبت بمسيرتها ذاكرة القرن الماضي، هي التي بدأ نجمها يصعد مع موت أسمهان، ورست على ضفاف النيل، على خطى لور دكاش، وقبل سعاد محمد ونجاح سلام… وأخرجها السنباطي من قوقعة الضيعة، فجمعت في مسيرتها الغنائيّة بين زكي ناصيف وفلمون وهبي والرحابنة ووديع الصافي ووليد غلمية وحليم الرومي وعصام رجي و... نجيب حنكش من جهة، وكمال الطويل ومحمود الشريف وبليغ حمدي وسيد مكاوي والقصبجي والموجي وفريد وعبد الوهاب من جهة أخرى… والقائمة تطول. إنّه تاريخ الأغنية العربيّة مجسّداً في امرأة. إنّه تاريخنا الثقافي والسياسي والعاطفي والحميم مجسّداً في صوت. مضت صباح وبقي صوتها. نسمعها تردد كلمات صلاح جاهين على لحن سيد مكاوي «أنا هِنا يا ابن الحلال/ لا عايزة جاه ولا كتر مال/ بحلم بعش/ أملاه أنا سعد وهَنا/ أنا هِنا يا ابن الحلال». تنظر إلى زمننا الأبكم و… تضحك.

يمكنكم متابعة الكاتب عبر تويترPierreABISAAB@

 

####

 

لبنان يودعها الأحد:

ديفا علمتنا (معنى) الشغف

علي العزير

ذات صباح عاصف، رحلت صباح (10 نوفمبر 1927 - 26 نوفمبر 2014). الشحرورة، والأسطورة، حاملة الآمال الشتى، والآلام المنكفئة خلف الابتسامة الساحرة، ارتقت أمس إلى سدّة الذكرى المضرجة بالألق. في مقر إقامتها في «فندق برازيليا» حيث أمضت سنواتها الأخيرة، رحلت «أم الغميزات»، البنت الجريئة التي كانت الدهشة أحد أسماء دلعها الحسنى. ذهبت ضاحكة كما كانت دوماً، متعالية على خيباتها الكثيرة، غادرت دنيا ملأتها شغفاً ذات عمر صاخب بعدما أوصت بالأغنية والدبكة والفرح العنيد المكابر الذي يهزأ بالوجع مهما أوتي من كيد ومكر. لم يتعب الموت أحداً كما فعل مع جانيت جرجس فغالي، فكثيرة هي الشائعات التي استعجلت رحيلها قبل حلول الموعد.

لم يكن للفرح أن يكون قضية تستحق النضال لأجلها لولا صباح. كانت موهوبة في انتزاعه من براثن الجشع والحقد والضغائن المتراكمة. كانت تردّ على مكائد الحياة بأن تزداد توهجاً وتنهض من ركام الفجيعة مترعة بالثقة ثم تمضي نحو موعد إضافي مع الروعة النقية والصخب الجميل. مهما يكن ذلك الذي منح البنت الآتية من وادي شحرور (قضاء بعبدا) نحو طقوس الشهرة لقب صباح، فهو كان مبدعاً. الأرجح أنه استشف باكراً تلك القدرة الفائقة على الانبعاث التي تمتلكها.
فطرتها الاستثنائية التي تجعلها أشدّ حماسة للنهوض بعد كل كبوة، والأهم: ذلك الثغر المتقد الواعد دوماً بموسم جديد من البهجة الخالصة. خطواتها الفنية الأولى لم تكن تخلو من صعوبة لكنها كانت واثقة إلى حدود بعيدة. سرعان ما استرعت اهتمام المنتجة اللبنانية الأصل آسيا داغر التي كانت تمتلك حضوراً على الساحة المصرية التي مثّلت ما يمكن وصفه بـ “هوليوود العرب” لوقت طويل
.

سرعان ما طرق قيصر يونس، وكيل آسيا في لبنان، أبواب عائلة فغالي في وادي شحرور ليخبرهم بنيّة المنتجة ذات الباع الطويل التعامل مع “جانيت الشحرورة” كما كانت صباح تدعى حينها. ذهبت الشحرورة إلى مصر برفقة والدها، حيث كان عليها أن تخضع لتدريب موسيقي على يد الملحن رياض السنباطي. ساعدتها تلك المرحلة على اكتساب مرونة في الأداء لم تتأتّ لسواها. إلى جانب اللون الجبلي الذي كانت تتميّز به، امتلكت صباح مقدرة التعامل مع الموسيقى المصرية السائدة آنذاك، التي تميّزت بخصوصية يصعب تجاوزها. سنوات قليلة كانت كافية لتحقيق انطلاقة فنية متميزة، وكان لافتاً أن تمتلك الفتاة الآتية من منطقة لبنانية ضيقة الأفق نسبياً تلك السطوة والحضور في المحيط القاهري الزاخر بأعلام اللحن والغناء والتمثيل.

من المهمّ هنا الإشارة إلى أن براعة الشحرورة في تجسيد الأدوار السينمائية لم تقل عن مثيلتها في تأدية الغناء المتمكّن. عرفت بأسلوب ينطوي على مزيج من البساطة والتفرّد. من منصة القاهرة، أمكن لصباح أن تنطلق في عالم الأغنية والصورة، إذ سرعان ما افتتحت مسيرة إبداعية مثيرة للاهتمام تمخضت عن إنجازات يندر تحققها في ظروف مشابهة. والنتيجة 83 فيلماً، 27 مسرحية وأكثر من ثلاثة آلاف أغنية، وإطلالات مشعّة على أرقى مسارح العالم في «الأولمبيا» الباريسي، و«الأوبرا» الأسترالي، و«الفنون» البلجيكي، و«ألبرت هول» البريطاني... بمحاذاة الزحمة الفنية التي تتماهى مع حواري القاهرة وأزقتها وشوارعها، شهدت مسيرة الصبوحة احتشاداً عاطفياً قلّ مثيله، فتزوّجت ثماني مرات، آخرها بفادي لبنان الذي أمضت معه ما يزيد على 17 عاماً. طال عمرها لفرط ما كانت تليق بها الحياة، هي التي رفضت البقاء على رصيف العيش، فانغمست بكل شغفها الطفولي في تفاصيل القلب: أحبّت كما لو أنها خلقت لذلك. غنّت كما لو أنها تفعل ذلك للمرة الأخيرة.

مثّلت كما لو أنها تعيد صياغة الواقع والوقائع. ثم رحلت كما لو أنها تنشد أغنيتها الأخيرة. يمكن للمتأمّل في حياة الأسطورة أن يرصد قدراً من التواطؤ تعمّده القدر ليمدّ الحياة بمقومات الغرابة. حكاية طفلة شهدت المعاناة في البيت العائلي تتحوّل نجمة متفردة، ثم تصير أنثى مُضرجة بالخيبة، لتعاود رحلتها السيزيفية نحو أمان مفقود، فتدركه تارة وتخطئه طوراً، وتحلّق واثقة في سماء المجد ويكون عليها أن تعاقر الوحشة، لكنها تبقى في كل تحولاتها أيقونة متمنعة على أي انضواء.

قيل فيها الكثير واختلف بشأنها الناس، وطبعت لأجلها الكتب، وكتبت من وحيها المسلسلات آخرها «الشحرورة» (2011 ـ تأليف فداء الشندويلي وإخراج أحمد شفيق وإياد صلاح) الذي لم ينصفها، وتآمر عليها منحازون للعتمة، وبقيت صباح: شعشاعة، بسامة، براقة، رقراقة تمشي واثقة على ماء العيون المنبهرة، ثم تنهمر كمعجزة جميلة. بعد غيابها الذي لن تخصص له الدولة يوم حداد طبعاً، ستكتب عنها الأقلام كثيراً وستهطل الذكريات كمطر يوم الرحيل، وسيبحث عنها المحبّون في قصائد العشق، ستفتقد طلّتها المسارح وتشتاق إليها الكلمات، وستظلّ الصبوحة لغزاً عصياً على الأذهان.

* يسجّى جثمان صباح عند الساعة الحادية عشرة من قبل ظهر يوم الأحد المقبل في «كاتدرائية مار جرجس المارونية» (وسط بيروت)، ويحتفل بالصلاة لراحة نفسها عند الساعة الثانية من بعد ظهر اليوم نفسه في مأتم شعبي، وتوارى الثرى في مسقط رأسها في بدادون (جبل لبنان). تقبل التعازي في يوم الوداع، ويومي الاثنين والثلاثاء في الكاتدرائية المذكورة من الساعة الحادية عشرة قبل الظهر حتى السادسة مساء.

 

####

 

الصبيّة الجامحة غنّت موّالها... وأطربت!

لارا ملاعب

حيوية شخصيتها واستقلالها لم يجعلاها تكتفي بدور مؤدية فقط. صباح «مطربة» بامتياز، لم تنجح معها الطريقة المستحدثة من المدرسة الغربية التي أعطت الملحن معظم (إن لم يكن كل) المساحة للخلق. لقد كانت خارج القولبة. رغم نجاح السنباطي المؤقت في تطويع صوتها الجبلي والبلدي المنتمي إلى بلاد الشام ليشبه الأداء المصري، أعادت الشحرورة شخصية حنجرتها إلى كل لحنٍ وكلمة. لقد «ابتكرت» صوتاً من صوتها، جبلته ليجمع بين شخصيتين كادتا أن تكونا متناقضتين في تلك الحقبة: استعراض أنثوي لقدرات صوتية جدية. كانت تغرف من تراث يحوي قساوة بلدية في تقنيات عالية تنبع من شموخ أرز لبنان لتنساب منها غنجاً وجرأة في جو اجتماعي محافظ يكاد يفقد صوابه لسماع جملة «يا إمي طلّ من الطاقة... غمزني وفلّ يا إمي». من خلال صوتها، نجحت في إظهار جموح الفتاة العفوية بأداءٍ يحترم تراثاً قديماً ويضيف إليه ما يليق به. لقد قطفت أجمل الألحان من أعظم موسيقيي مصر ولبنان وسوريا منذ فيلمها الأول «القلب له واحد» المأخوذ عن قصة سندريلا. جمعت شحرورة المجد من الثلاثي: زكريا أحمد (حيرانة يا ربي)، محمد القصبجي (يا بحر جينا) ورياض السنباطي (بشويش على عقلك).

أخذت من فريد الأطرش بعض الألحان مثل «أكلك منين يا بطة»، «عالصورة امضيلي»، و«حبيبة أمّها».
أما الأشهر، فكانت «يا دلع يا دلع» التي نافست يومذاك «عالضيعة يامّا عالضيعة» من ألحان عبد الوهاب، تلك التي خلق فيها الموسيقار لحناً لبنانياً بامتياز. أما مع بليغ حمدي، فلا شك أنها نجحت في معظم ما غنت له، مثل «يانا يانا»، و«عاشقة وغلبانة»، و«زيّ العسل»، و«يا حبيبي يا حياتي». في اللحن، ابتعدت عاشقة الحياة عن شجون الشروقي، بينما انتقت من فنون الزجل ارتجال الميجانا والعتابا وأبو الزلف، فكانت قمة تألقها في «مهرجانات بعلبك»، حيث تفوقت إلى حد التحديث وإضافة بصماتها الثابتة إلى هذه القوالب القديمة، ليشهد لها عاصي الرحباني بأنها «تعيد بناء قلعة بعلبك بموّالها بعد أن يهدمها وديع الصافي بصوته». بعد مسرحيات «موسم العز» و«دواليب الهوا»، «القلعة» و«الشلال»، جنت صباح أعمالاً كرمتها لحناً وكلمة. إلى جانب «عالندا الندا»، «عتيمة عالعتيمة» «ع الليلكي»، خلدت «الصبوحة» لقبها في أغنيتي «جيب المجوز» و«يا طير الزعرورة» بفضل الرحابنة. أنصفت صباح معظم ملحني أعمالها بأدائها. عبرت في «أخدوا الريح» عن كل ما تضمره جمل المبدع مطر محمد اللحنية من ألم وحزن ووحدة. أما في أغانٍ مثل «يا إمي طل من الطاقة»، و«واقفة ع راس الطلعة»، و«جوزي ما بيلفي عالبيت»، و«يا ربّ تشتّي عرسان»، و«عالعصفورية»، فتقمصت ابنة الجبل الشخصية الهزلية لعبقري الفطرة فيلمون وهبي
.

شهد لها عاصي الرحباني

بأنها تعيد بناء قلعة بعلبك

كان له قسط كمي ونوعي من أرشيفها، إذ أعطاها إلى جانب الأغاني الهزلية إبداعات مثل «راجعة على ضيعتنا»، و«يا إمي دولبني الهوى»، و«دخل عيونك».. غنت أيضاً لإيلي شويري («عامر فرحكم عامر»، «تعلا وتتعمر يا دار») واشتهرت «أهلاً بهالطلة» لزكي ناصيف.

لكن النجاح اللافت كان بغزارة أعمال نتجت من تعاملها مع الراحل وليد غلمية الذي انصرف لاحقاً عن التلحين الشعبي مع خلود «درجي»، «دوسا»، «دوبارا»، «قلعة كبيرة»، «مرحبا يا حبايب»، «مسّيناكم»، «يسلم لنا لبنان»، «يا مسافر وقف عالدرب». أعطت صباح لهذه الأغاني روحها الإيقاعية الغنية بالزخرفة اللحنية، حتى في أكثرها هدوءاً، مثل «شو بدي أعمل قلي» التي امتازت بمقام اللامي الذي أبدع ملحنها بحجب الحس الحزين لهذا المقام العراقي...
ربما كانت من القلائل الذين انعكست شخصيتهم بصدق على ممارساتهم الفنية. ابنة شقيق شحرور الوادي التي أتقنت العديد من أنواع الزجل «غنت موالها» الخاص. عاشت لنهارها، لا بفساتينها وزيجاتها فحسب، بل بفنها الذي عكس على المستمع بساطة غير متوقعة من أداءٍ وتنويع لقوالب جدية
.

 

####

 

مرجع في الفولكلور والغناء الجبلي

بشير صفير

طبعاً زمن الصبوحة لا يشبه زمننا. هذا طبيعي، لكن ما هو غير طبيعي أن المعايير التي ضبطت الفن العربي تراجعت على نحو هستيري. بمعنى أن التحرّر التي عُرِفَت به صباح قبل عقود ترافق مع صوتٍ قدير واستثنائي، فكان جسر عبورها إلى الناس قبل الطلّة والغنج والاستعراض. ما نشهده اليوم هو موجة من أشباه الفنانات اللواتي ورثن عن الشحرورة كل شي ما عدا الصوت. كان ضرورياً التعويض عن نقص العنصر الأساسي (هل يوجد أهم من الصوت في الغناء؟!) بدفع ما بدأته الراحلة في مجال الجرأة في إظهار الأنوثة بشقها اللعوب، إلى ما بعد «المقبول».

الجسد هو السلاح الأوحد اليوم. أما صباح فكان سلاحها الأول، لا الأخير، الصوت. سلاحٌ سمح لها بأداء أنماط غنائية متباعدة إلى حدّ كبير. في الفولكلور اللبناني/ المشرقي والغناء التراثي الجبلي، هي مرجعٌ وعلمٌ استطاع الوقوف أمام الراحلَين نصري شمس الدين ووديع الصافي وغيرهما من رجال «القول» في لبنان. وهنا يجب القول إن التعويل الدائم على الـ «أوف» الشهيرة عند صباح للدلالة على قدراتها الصوتية في هذا اللون الغنائي هو نوع من الاختزال والتسخيف لمساهمتها في الفولكلور. فبمَ تتميّز هذه الـ «أوف» بغير النفس الطويل وبعض العُرَب في هامش محدود في كل أبعاده، إلاّ في الطول؟ في اللون المصري، لم تستطع صباح تخطّي عمالقة الغناء الذين عاصرتهم، وهذا طبيعي، فالصوت ابن لغته وبيئته ومناخها ومياهها وتربتها أيضاً (هل تستطيع أم كلثوم منازلة الشحرورة في العتابا؟)، لكنّها على الأقل خرقت الوسط الفني المصري وكانت على قدر المسؤولية الفنية لناحية إعطاء الأعمال حقّها. في الأغنية اللبنانية التي كانت معاصرة آنذاك، أي تلك التي وضع أسسها الأخوان رحباني، صنعت صباح مجدها الأكبر. هذا اللون ترتاح له وتبرع فيه، وتحديداً عندما يأتي وقت الرقص والفرح والدبكة والرشاقة. أما الأغنية الحديثة (ومنها الرومانسية) التي عُرِفَت بها في سنوات نشاطها الأخيرة، فكانت الأسهل بالنسبة إليها. صوتها/ الجرس أكبر من هذا اللون، وبالمناسبة أساء إليها المنتجون (واضعو قالب الأغنية) في بعض ما قدّموه إليها من أغنيات هابطة، لم تكن لتليق بها، فكيف إذا أضفنا عنصر العمر المتقدّم؟ رحلت صباح أمس وكثيرون يعتقدون أنهم ورثوها فنياً، لكن وريثتها قد تكون فتاة بريئة تعمل في الزراعة ولا أحد يعرفها، تنتظر خبيراً بالغناء يمرّ بالمقرب من حقلها وتصدف أن يسمعها تنشد لجمهور من المخلوقات الساكنة في التراب.

 

####

 

يوم وقفت أم كلثوم دفاعا عنها

علا الشافعي

القاهرةبين مشهد وقوف صباح أمام سامية جمال في فيلم «الرجل الثاني» (1959) مع رشدي أباظة وصلاح ذو الفقار، وهما تتنافسان على رجل واحد في محاولة لإثبات أنّ الجمال اللبناني يتفوق على المصري، ومشهد الهتاف ضدها في نقابة الموسيقيين، كان مشوار صباح الفني. «أخي، جاوز الظالمون المدى. جاءت صباح بعد نور الهدى».

هكذا هتف المطربون والمطربات من أعضاء نقابة الموسيقيين اعتراضاً على وصول المطربة اللبنانية الشابة في الأربعينات من القرن الماضي. ظلت الأصوات تتعالى داخل النقابة حتى تدخلت «الست» أم كلثوم. نقيبة الموسيقيين آنذاك قالت بحسم «مصر بلد الفن ومفتوحة للجميع، ولن نقف ضد أي موهبة». بعد هذا الموقف، سكتت كل الأصوات المعارضة لصعود الصوت الشاب إلى خشبة الحياة الفنية في مصر.

عند وصولها إلى القاهرة، كان في استقبال «الشحرورة» آسيا داغر التي أقنعتها، بأهمية المجيء إلى مصر. اصطحبت معها المخرج المبدع هنري بركات، لتبدأ النجمة الشابة أولى خطواتها في السينما المصرية.

أدخلتها آسيا إلى الوسط الصحافي والفني، بعدما أدركت أنّ تلك الفتاة النحيفة تملك موهبة حقيقية تحتاج فقط إلى من يطلقها ويقف بجوارها. وبالفعل، تبنت آسيا تلك الموهبة بكل ما تملك من قوة ومال وعلاقات، إلى درجة أنّها لم تترك صباح تعيش وحدها في بداية مجيئها إلى القاهرة. سكنت معها في منزلها في مصر الجديدة. وبرغم أنّ ملحنين كثراً وقتها كانوا يرون أنّ صوت صباح طفولي، إلا أنّ آسيا طمأنتها، وكذلك بركات، الذي قال لها «انت مهضومة حتى لو أن صوتك طفولي».

وبالفعل، وقّعت معها آسيا عقداً بثلاثة أفلام. كان الاتفاق يقضي بأن تتقاضى 150 جنيهاً مصرياً عن الفيلم الأول، على أن يزيد الأجر تدريجاً.

لا أحد ينسى مشهدها الخالد في فيلم «شارع الحب» مع عبد الحليم

وبدأت آسيا رحلة التحدي مع صباح عندما كلفت الملحن المبدع رياض السنباطي تدريبها فنياً، ووضع الألحان التي ستغنيها في فيلم «القلب له واحد» (1945). في تلك الفترة، اختفى اسم «جانيت الشحرورة»، وحل مكانه اسم «صباح». ويقال إنّ السنباطي لاقى صعوبة كبيرة في تطويع صوتها وتلقينها أصول الغناء، لأن صوتها الجبلي كان لا يزال معتاداً الأغنيات ذات الطابع الفولكلوري الخاص بلبنان وسوريا. في 1945، أدت صباح دورها الأول في «القلب له واحد». كانت هي «الاكتشاف» الغنائي اللبناني الذي أرادت به آسيا داغر أن تنافس نور الهدى، الاكتشاف اللبناني الغنائي الذي قدمه يوسف وهبي في فيلم «جوهرة»، فاكتسح به السينما المصرية عام 1943.

في هذا الوقت، كانت «هوليوود الشرق» تتعافى من أزمتها المالية بعد الحرب العالمية الثانية، وكانت صناعة الترفيه مزدهرة، مما أدى إلى انتعاش سوق السينما.

أدركت آسيا ذلك، فعملت على الدفع بوجوه جديدة إلى الواجهة برغم أن تجربة صباح الأولى كانت متوسطة، حيث ظهرت بشكل فتاة نحيفة وقليلة الحيلة تبذل جهداً في الإمساك باللهجة المصرية. وبعد فترة من الارتباط بالمنتجة آسيا، استطاعت صباح أن تحصل علي مسكنها الخاص في الجيزة على نيل القاهرة. بدأت علاقتها تتسع بأعضاء من الجالية اللبنانية، كانوا ينظمون لها حفلات، وتحديداً في نادي ما يسمى وقتها «نادي الشرق».

في إحدى المرات، صادفت عبد الحليم حافظ الذي كان لا يزال هو أيضاً في بداية مشواره. طلبت منه حضور إحدى حفلاتها، وبدأت علاقتها بعبد الحليم، وفريد الأطرش الذي كان يسكن بجوارها، وأيضاً فايزة أحمد، التي جمعتها بها صداقة عمر، برغم أنّ الغيرة الفنية كانت قائمة. مع زيادة خبرتها الحياتية، نضجت صباح فنياً، على مستوى أدائها، وشكلها، وبدأت الأفلام تنهمر عليها، ومنها «بلبل أفندي»، «بيروت صفر 11»، «باريس والحب»، و«توبة وجوز مراتي»، «الحب في خطر»، و«خطف مراتي»، «الحب كده»، «الرباط المقدس»... وقفت أمام نجوم السينما المصرية، أنور وجدي، وفريد الأطرش، ومحمد فوزي، وفريد شوقي، وعماد حمدي، وعبد الحليم حافظ، ورشدي أباظة، ونجم الكوميديا إسماعيل ياسين. وإذا كانت صباح قد غنت تقريباً لكل ملحني مصر ما عدا سيد درويش، فإنها أيضاً وقفت أمام معظم نجوم تلك المرحلة في السينما المصرية.
مع كل خطوة جديدة، كانت الصبوحة، تتطور وتكتسب مهارات جديدة. بذكائها، أدركت في منتصف مشوارها الفني أنّ الجمهور بدأ ينصرف عن الأغاني الخفيفة التي كانت تقدمها، لذلك، أجرت نقلة نوعية حين لحّن لها فريد الأطرش وكمال الطويل، وبالتوازي صارت واحدة من أجمل أيقونات السينما المصرية. تبدلت ملامحها القروية، الساذجة، ونحافتها إلى جسد ممشوق فائر، صار رمزاً للأنوثة. كانت الصبوحة تتفنن في إظهار مفاتنها، وشياكتها وأناقتها التي أصبحت مثار غيرة نجمات ومطربات كثيرات
.

ألهمت الكثير من السيدات في تلك الفترة، بعدما تحولت رمزاً من رموز الموضة والجمال والموهبة. لا أحد يستطيع أن ينسى مشهدها الخالد في فيلم «شارع الحب» (1958) مع عبد الحليم، عندما غنت له أغنية «لا»، والفستان الشديد الرقي الذي كانت ترتديه في فيلم «الأيدي الناعمة» (1963) مع أحمد مظهر. مدفوعةً برغبة في التنوع والتفرد، حرصت على تنويع التعامل مع مخرجين مصريين من مدارس مختلفة، بدءاً من بركات، وأحمد بدرخان، وصلاح أبو سيف في فيلم «مجرم في إجازة» (1958)، وحسن الصيفي في «خطف مراتي» (1954)، وعز الدين ذو الفقار في «الرجل الثاني» (1959) و«شارع الحب»، وحلمي حليم مخرج الرومانسيات، الذي أنجز لها فيلم «كانت أيام» (1970) مع رشدي أباظة وحسين فوزي، والمخرج الكوميدي فطين عبد الوهاب وصولاً إلى آخر أعمالها في مصر مع المخرج الشاب وقتها أحمد يحيى في «ليلة بكى فيها القمر» (1980) أمام حسين فهمي لتشارك في حوالى 70 فيلماً مصرياً. صباح حصلت على الجنسية المصرية في عهد الرئيس السادات، وبعد زواجها بعازف الكمان أنور منسي والد ابنتها هويدا، الذي كان أول أزواجها من المصريين.

بعده، ارتبطت بالإذاعي أحمد فراج، ورشدي أباظة في زيجة قصيرة. هكذا، حملت مصر بداخلها، وعانت حياة مليئة بالمآسي، كانت كفيلة بجعلها تتراجع في مشوارها الفني، أو تتوقف في محطات بعينها، ولكن فنها سواء وقوفها أمام الكاميرا أو وراء الميكرفون كان ترياق الحياة بالنسبة إليها. وإذا كانت أم كلثوم قد دافعت عنها في بداية مشوارها، فان الجمهور المصري رفعها إلى عنان السماء وتوّجها ملكة على قلبه، وعرش فنه، وشاركها الضحك والغناء والحب، والمعاناة وكل المعاني النبيلة التي جسدتها الصبوحة رمز الحياة ومعادلها الذي قلما يتكرر.

 

####

 

إمبراطورة الترف والأناقة والغلامور

حنان الحاج

ابتكرت صباح ستايلاً خاصاً بها اعتمد على الترف والغلامور والباروك، فظهرت كنجمات هوليوود. طولها ومقاساتها كانت أقرب إلى عارضات الأزياء ما ساعدها على ارتداء كل القصّات والتصاميم حتى السراويل والشورتات مع الجزمات الطويلة. لم تكن تخاف من أي لون، وخصوصاً أنّها كانت تتمتع بسحنة بيضاء صافية وشعر ذهبي. فارتدت كلّ الألوان: الأسود، والأبيض، والذهبي، والزهري، والأحمر، والتوركواز، والأخضر، والأزرق. كما كانت ترتدي الفرو، والريش، والبرق، والكثير من الأكسسوارات الفخمة التي تمنحها تألقاً لافتاً.

استعانت «الصبوحة» بالمصمّم اللبناني جوزف هارون الذي كانت أزياؤه أشبه بلوحات فنية. بعده، صممّ لها وليام خوري على مدى أربعين عاماً أجمل فساتينها البرّاقة والمزخرفة مع الأكسسوارات ذات الحجم الكبير.

أكسسوارات ارتدتها في الأفلام والحفلات والمهرجانات. من أجمل فساتينها التي ستبقى دائماً في الذاكرة، فستان السمكة التي ارتدته في فيلم «إزاي أنساك» (1956 ــ تأليف علي الزرقاوي، وإخراج أحمد بدرخان) مع فريد الأطرش وغنّت فيه «أحبك ياني»، كما فستانها الأبيض العرائسي الذي ارتدته في فيلم «شارع الحب» (1958 ــ تأليف يوسف السباعي، وإخراج عز الدين ذو الفقار) مع عبد الحليم حافظ. كان وليام خوري يختار لها الفساتين الطويلة المُترفة على شكل عباءات شرقية، ويزوّدها بأكسسوارات أو تيجان فخمة لتبدو كالإمبراطورة. ولا يمكن أن ننسى الفستان الأخضر بأكمامه الطويلة المغطّى بالليرات الذهبية الذي ارتدته في «مهرجانات بعلبك الدولية» وغنّت فيه «عالندّا الندّا».

استعانت بالمصمّم اللبناني جوزف هارون الذي كانت أزياؤه أشبه بلوحات فنية

وليام خوري الذي ابتكر لصباح ستايل الإمبراطورات وصمّم أيضاً لإمبراطورة إيران فرح ديبا، كان يُدرك أهمية صباح وتميّزها.

لذلك، كانت تصاميمه مزيجاً من الترف والأناقة والغلامور. ومن بين المصممين الذين تعاملت معهم صباح، هناك أيضاً فؤاد سركيس، وزهير مراد، وآخرون.

أما الشعر، فكانت لكلّ مرحلة تسريحتها. فـ«الصبوحة» المعروفة بعشقها للموضة والجمال، لوّنت شعرها بالأشقر الفاقع في مرحلة الستينيات، ما زادها تألقاً وميّزها عن بقية النجمات. في هذا السياق، تعاملت مع جوزف غريب في السنوات الأخيرة، ولناحية الماكياج أيضاً. علماً بأنّ غريب هو أحد أصدقائها المقرّبين.

كانت الأسطورة تعتمد ماكياجاً رومانسياً هادئاً في أفلام الأبيض والأسود يناسب تلك المرحلة. بعدها، اعتمدت الماكياج القوي والألوان البرّاقة، وخصوصاً على العينين لتكبير حجمهما.

أناقة صباح لم تكن تعكس أرستقراطية كلاسيكية كالتي ميّزت نجمات أخريات أمثال مديحة يسري، وليلى فوزي، ومريم فخر الدين. كذلك، لم تكن أزياؤها دليلاً على استعلاء أو أنطواء، بل بقيت قريبة من الناس، وأحبّتهم مثل حبّها للحياة.

 

####

 

الصبوحة وأزواجها الثمانية: امرأة ترفض الأوامر

نادين كنعان

ليست كلمة أسطورة فضفاضة على صباح. هي ليست مجرّد مطربة استنثائية، بل سيّدة لا تشبه الأخريات. لذلك، لم تفارقها الشائعات حتى آخر يوم في حياتها، حتى إنّ تلك المتعلقة بعلاقاتها العاطفية لم تتوقّف إلا قبل سنوات معدودة، خصوصاً أنّها دخلت القفص الذهبي ثماني مرّات. الأولى، عندما كانت في الـ18 من عمرها هربت من تسلّط أبيها فتزوّجت من نجيب الشمّاس الذي أنجبت منه ابنها صباح. غير أنّ الحياة معه لم تكن أسهل.

في إحدى المقابلات، قالت إنّها لم تختر نجيب بل قبلت به، متحدثة عن مشاكل عدّة واجهتها بسبب فارق السن بينهما، مثل غيرته الشديدة عليها. بعد ذلك، تعرّفت إلى عازف الكمان أنور منسي الذي كان يرافقها في حفلاتها، وقرّرا الزواج أثناء عملهما على لحن جديد لأغنية ستؤديها في فيلم «لحن حبي» (1953 ــ إخراج أحمد بدرخان). أما ثمرة هذه العلاقة، فكانت ابنتها هويدا، فيما تردد أنّ أحد أسباب انتهائها كان إدمان الزوج على المقامرة.
التقت صباح الصحافي المصري أحمد فراج أثناء ظهوره في فيلمها «امرأة وثلاثة رجال» (إخراج حلمي حليم)، ليعلنا زواجهما بعد فترة وجيزة. ظهر الاختلاف بين الشخصيتين، وحصل الانفصال بعد ثلاث سنوات
.

أشهر زيجات صباح وأغربها هي من النجم المصري رشدي أباظة. الزواج المفاجئ انتهى خلال أيّام، ما طرح أسئلة عدّة ما زالت عالقة حتى اليوم. في حوار نشرته «الأخبار» قبل عامين (الأخبار 20/9/2012)، قالت صباح إنّها تزوّجت أباظة «نكاية بكل النساء. هو كان هدفهن، وفريستهن، ومحورهن ومعشوقهن، دخلت على الخط وفزت به». ولفتت إلى أنّها وافقت بعدما أخبرها بأنّه طلّق الراقصة سامية جمال، لكنه في الحقيقة لم يفعل. وتابعت: «تركت رشدي، لأنّه خلال مشوارنا بالسيارة في منطقة الروشة، قال لي إنّه أهم نجم على الأرض، فقلت له أنا نجمة أيضاً، وطلبت منه أن ينزلني، وعدت إلى البيت. يومها، قررت الانفصال عنه»، مضيفة: «كان يتحوّل إلى إنسان مختلف حين يلتقي بمعجبيه، وما أزعجه وأزعج غيره أنّني أنا من طلب الطلاق. لذلك ظل أميناً على حبي حتى وفاته». وفي مقابلة مع الإعلامي المصري عمرو أديب في 2008، قالت إنّها تركت أباظة عندما علمت أنّه ما زال متزوّجاً من جمال: «ذهبت لأحيي حفلة في المغرب ولم أرجع إليه»، كاشفةً أنّ أحد أسباب فشل العلاقة أيضاً هو أنّه «الرجل الوحيد الذي كان أقوى منّي». بعدها، وقع اختيارها على مواطنه وزميله يوسف شعبان، لتنتهي القصة بعد شهر تقريباً.

النائب اللبناني يوسف حمّود كان الرقم 6 على اللائحة. أمضت معه سنتين، لتتزوّج بعدها من الفنان اللبناني وسيم طبارة أربع سنوات. وعن هذه القصة قالت: «هذا ليس زواجاً عادياً. هي قصة حب لم أستطع أنا ووسيم مقاومتها». أما آخر أزواج صباح، فكان فادي لبنان الذي أمضت معه 17 عاماً، لأنّه كان «صامتاً وجيّداً»، وفق ما قالت لعمرو أديب. وأضافت: «لكن المعادلة تغيّرت عندما أحب امرأة أخرى».

أمام كل هذه الزيجات، يبرز سؤال: ما الذي تحبّه صاحبة أغنية «ألو بيروت» في الرجال وما الذي تكرهه؟ خلال ظهورها في برنامج «نجوم على الأرض» مع الإعلامية المصرية ليلى رستم عام 1966، أكدت صباح أنّ أكثر ما يهمّها هو «شخصية الرجل. وتحديداً الرجولة، والصدق. لأنّه حين يكذب يفقد احترام المرأة». في هذا السياق، قالت في مقابلتها مع عمرو أديب «لا أقع في الحب، بل أعيش قصص حب ولا أعرف من المُخرج. عندما أنتهي من علاقة أنتقل إلى أخرى، وأحاول ألا أندم. أنا لست امرأة متسلطة، لكنني لا أحب أن أتلقى الأوامر من أحد». يومها، لم ترضَ أن تعطي نصيحة إلى النساء، انطلاقاً من أنّها لا تستطيع أن تعمم تجربتها، لأنّ «المشهور يختلف عن الشخص العادي، فهناك من يطمح إلى استغلاله».

يمكنكم متابعة الكاتب عبر تويترKanaanNadine@

 

####

 

سيرة

تشرين الثاني (نوفمبر) هو الشهر الذي أنجب جانيت فغالي، وأبى الا أن يأخذها معه. بين عامي 1927 تاريخ ولادة "الشحرورة" في بدادون (شرق بيروت)، و2014 تاريخ رحيلها، سيرة حافلة بالأمجاد والنجومية ولم تخل من الأحزان والإحباطات. صباح في زمن الصبا، المعروفة بحيويتها، ساعدتها الصدفة بأن يتعرف إليها قيصر يونس وكيل المنتجة اللبنانية آسيا داغر، التي كانت تعمل في مصر وقتها. بعث إليها بصور الصبوحة لترشيحها لفيلم غنائي.

وكانت هذه الصدفة كفيلة بانتقالها الى مصر مع عائلتها. هناك، عُمل على تطويع صوتها الجبلي على يد رياض السنباطي وزكريا أحمد، اللذين أعجبا بصوتها. وقُدمت يومذاك الى الصحافة والتقت كبار الكتّاب والأدباء أمثال إحسان عبد القدوس ومصطفى القشاش ومصطفى وعلي أمين. عرفت منذ ذاك الحين باسم "صباح" الاسم الذي ساهم عالم الصحافة في صناعته أيضاً. جاء ذلك عندما نشرت آسيا صورة جانيت فغالي في مجلة "الصباح المصرية" وطلبت من القراء اختيار "اسم فني للوجه السينمائي" الجديد وهكذا اتفق الجميع على مناداتها بـ "صباح".

للشحرورة باع طويل في الاستعراض والغناء والدراما. أكثر من 85 فيلما يسجل لها مع عمالقة الشاشة المصرية واللبنانية: رشدي أباظة، أحمد مظهر، محمد فوزي، فريد الأطرش وعبد الحليم حافظ. وكانت أولى خطواتها نحو هذا العالم عام 1943 مع فيلم "القلب له واحد" الى جانب الفنان أنور وجدي. وبعدها توالت أعمالها السينمائية ذات الطابع الغنائي الاستعراضي على سبيل المثال: "هذا ما جناه ابي" (إخراج هنري بركات 1945) ،"شارع الحب" (1958) ،"الأيدي الناعمة" (1963) وآخر أفلامها في هذا المضمار: "ليلة بكى فيها القمر" (1980) من إخراج أحمد يحيى، مع الممثل المصري حسين فهمي.

من مصر الى لبنان والى خشبة مسارحه. قدمت الأسطورة صباح ما يقارب 27 عملاً مسرحياً، أبرزها: "موسم العز" (1960)، "دواليب الهوا" (1965)، "القلعة" (1968)، "ست الكل" (1974) “الأسطورة" (1994)، "كنز الأسطورة" (1997).

الصوت الجبلي الذي أرّخ للتراث اللبناني ولمواويله، طوّع ليقدم أغنيات بمختلف اللغات والأصناف والمستويات، وصل عددها الى 3500 أغنية قدمت في مختلف الأعمال المسرحية والأفلام والمهرجانات. وتسجل أولى خطواتها في هذا المضمار عندما قدمت أغنية "مال الهوى" للموسيقار كمال الطويل، وقد لاقى هذا النوع من الأغاني رواجاً نظراً لطبيعته المبهجة. ولعلّ أبرز مشاركات صباح كان مع أوبريت "الوطن الأكبر" (1960) للموسيقار محمد عبد الوهاب الى جانبها عمالقة الطرب العربي من مختلف أنحاء العالم العربي. كبار الملحنين غنت لهم صباح: فريد الأطرش، حلمي بكر، رياض السنباطي، محمد عبد الوهاب.

اسم صباح الذي جال العالم غناء واستعراضاً، كان يحط في بلاد الاغتراب وتحتفي به الجاليات العربية على نحو قد يفوق الخيال أحياناً. الشحرورة كانت ثاني فنانة عربية بعد أم كلثوم تغني على مسرح "أولمبيا" في باريس في منتصف السبعينيات، مع فرقة الفنان روميو لحود الاستعراضية. ومن باريس الى نيويورك، وقفت على أشهر مسارح المدينة الأميركية «كارنيجي هول"، وجالت مسارح لاس فيغاس و"دار الأوبرا" في سيدني، و"قصر الفنون" البلجيكي، عدا المسارح العربية طبعاً.

وكما هي الأفراح والأمجاد والاستمتاع بأضواء الشهرة، كذلك هي النكسات، ولا سيما تلك التي تأتي من المقرّبين. قوطعت لمدة عشر سنوات متتالية بعد تنازلها عن الجنسية المصرية التي عاد ومنحها إياها الرئيس المصري الراحل أنور السادات.

ربما كانت الشحرورة أكثر فنانة تعرّضت للشائعات، ولا سيما تلك المتعلقة بوفاتها، حتى بات الأمر مقروناً بالتندّر والسخرية. اليوم غيابها ليس شائعة، فكما أرادت محاربة الشيخوخة والظهور دوماً بمظهر أنيق نضر، رحلت فجر أمس بهدوء وسكينة موصية جمهورها العريض بالقول: ”افرحوا واذكروني”.

 

الأخبار اللبنانية في

27.11.2014

 
 
 
 
 

كلوديا مرشليان: "خلونا نتجّمع الأحد خلينا نكون أوفيا متل ما نحنا أصلا"

دعت الكاتبة والممثلة كلوديا مرشليان للمشاركة بوداع الشحرورة الاسطورة صباح يوم الاحد.

ونشرت كلوديا صورة معلقة: "خلونا نتجّمع الأحد الساعة تنين الضهر ببيروت اللي عشقتها الصبّوحة ، بكنيسة مار جرجس لنكون حدّ صباح هيي وعم تنتقل من بيناتنا للحياة الأبدية

خلينا نقلها شكرا ، منحبك كتير ، بخاطرك يا ست الكل ، رح نشتقلك كتير

خلينا نكون كتار ، خلينا نكون أوفيا متل ما نحنا أصلا

كلوديا

 

####

 

ميريام فارس تستذكر شحرورة لبنان بصورة تجمعهما

استذكرت الفنانة ميريام فارس شحرورة لبنان صباح بصورة تجمعهما سوياً.

وعلقت ميريام: "اجمل ذكريات مع اجمل وأطيب نجمة في العالم كانت وستبقى مشعة في سمائنا، أرجوكم اطلب من الجميع الصلاة… ".

 

####

 

نادين نسيب نجيم: "وعينا وكبرنا على فنك وصوتك.. وداعا صباح"

نعت ملكة جمال لبنان السابقة والممثلة نادين نسيب نجيم الشحرورة صباح بكلمات مؤثرة عبر حسابها الخاص على موقع التواصل الإجتماعي حيث كتبت التالي:

"كنت عطول صباح حتى لما رحلتي عنا إخترت الصباح وطول عمرك وجك وضحكتك منورة متل الصباح المشرق وعينا وكبرنا على فنك وصوتك وداعا صباح".

 

####

 

سيمور جلال ينعى الشحرورة ويغنيها

نعى نجم برنامج the voice سيمور جلال كبيرتنا الراحلة صباح قائلاً:

"الشحروة صباح في ذمة الله

الله يرحمها برحمته الواسعة".

وغنى سيمور اغنية "زي العسل للشحرورة معلقاً :"زي العسل على قلبي هواك اهداء لروح العملاقة صباح بصوتي".

قدم عدد من الفنانين والاعلاميين والممثلين الكلمة الاخيرة بوداع شحرورة لبنان الصبوحة.

موقع الفن رصد بعض ما قاله اهل الفن والاعلام:

راغب علامة: "بعد نصري وعاصي ومنصور وذكي ووديع حان الان موعدك مع الرحيل كبارنا يرحلون ارزاتنا يتناقصون وداعاً يا شحرورتنا. وداعاً يا حبيبتنا.رحمك الله".

عاصي الحلاني: "صباح يا حبيبة الكل رح يبقى صوتك معنا مرافقنا رغم البعد يا شحرورة رح تبقي بقلوبنا بيقولوا النجوم ما بتموت بتغيب وبترجع تتسهرالعشاق تحت الشتي".

وليد توفيق: "شحرورة الوادي تغادرنا...شكراً لما تركت لنا من إرث فني عظيم جعل الله مثواك

نانسي عجرم: "اليوم خسر لبنان أسطورة، رحلت صباح ولكنها باقية في قلوبنا... ستخلد صباح بفنها و ستبقى ذكراها في عقول وقلوب الملايين... اتقدم باحر التعازي لعائلتها و أصدقائها و للبنان ، صبوحة نفسك بالسما...

زين العمر: "رحلت حلوة لبنان وبكت السماء عاصفة على خسارة اسطورة ستبقى مشرقة في كل صباحاتنا .صبوحتنا بنحبك يا أرزة من أرزات لبنان".

مروان خوري: "الموت...حياة للكبار !! وداعاً يا حلوة لبنان !!!

نادين الراسي: "صباح خجول,الدني عم تبكي . الأرزات محنيّة عم بتودّع أحلى أرزة ..صباح يا حبيبة الكلّ بغضب الدني و دموع الأحبّا عم منودّعك اليوم .. الله يرحمك".

كارول سماحة: "عشت أحاسيسها، أفراحها وأحزانها.. واليوم رحلت تاركة اثرها في مكان عميق في حياتي. وداعاً صبوحتي، وشحرورة لبنان..

مازن معضم: "يا شحرورة الوادي يا اسطورة وارزة وصخرة وجبل من بلادي غبت جسد بس اسمك وفنك وصوتك رح يبقوا معنا ومع الاجيال الجايي".

ناجي اسطا :"صباح لبنان العاصف يبكي على الشحرورة".

سعيد الماروق: "رحلت أسطورة لبنان الشحرورة صباح الله يرحمك".

سليم سلامة: "الوطن عم يبكي حزنان و السما عتّم نورا بسني وحده خسر لبنان بو فادي و الشحروره".

طارق سويد: "هيك رح تبقى صورتك بذاكرتي..متل هالصورة...هيدي صورتك " ضحكة - تواضع - فرح...

بيتر سمعان: "ياضيعان قلبك،ياضيعان عمرك.عميتروحوا متل الطيور،عمبتهاجروا عالضو لكبير.الساعات وقفت ،الشحرور غص.والعسل صار بلا لون...الله معك يا صباح ارتاحي".

رابعة الزيات: "كنت كلما شعرت بالضيق أو الحزن أتذكر الضحكة التي علمتني حب الحياة ، ستبقى ضحكتك دليلنا الى الأمل".

رولا حمادة: "راحت الصبوحة ، لملمت صوتها بهالعاصفة وراحت تزرع فرح بمطارح تانية".

رامي عياش: "بحزن كبير تلقيت خبر وفاة الحبيبة العظيمة صباح ..تعازينا الحارة للبنان ولكل أفراد عائلتها الكريمة..الله يرحمها مثواها الجنة ان شاء الله"

نيشان: "تَيَتَّمَ الوادي شَحرُورَتُهُ سَكَتَت شمس الشُّموس غَابَت صباح الخير رَحَلَت.... وفاة السيّدة صباح".

فارس اسكندر: "الله معِك يا أرزة بلادي منعتذر يا شحرورة الوادي قولي لشعب الما في عندو كبير مش يوم موتي اليوم ... ميلادي".

أحلام: "وداعا جميلة لبنان.. العوض بسلامتكم يا أهل لبنان ..  ورحلت صباح".

كارمن لبس: "شو بتمنى يكون خبر رحيل الصبوحة كذبة متل كل مرة... بس للاسف ليوم لبنان خسرها عنجد... صباح اسطورة لبنان الله يرحمك".

هلا المر: "وداعاً يا شمس الشموس ويا اسطورة هالعالم، يا رمز الحياة والحب والجمال".

أندريه داغر: "كنت دايما انشر تكذيب خبر وفاة صباح،واليوم كنت بتمنى اعمل نفس الشي، بس اليوم لاول مرة بتشرق الشمس بغياب صباح وبيطلع صباحنا بلا صباح،،الله يرحمك".

جوزيف بو جابر :"قنديلي إنطفى بالليل..مسافرة ع جناح الطير تذكروني بغيابي".

سارة الهاني: "الوداع يا صباح الفن".

ريما كركي: حبيبتي سيدة الصدق والجرأة اسطورة الحب والحياة ... نحبك... اكثر من كثيرا !

كارلا حداد: "الله يرحم شحرورتنا الصبوحه و تكون نفسها بالسما".

نادين نسيب نجيم: "كنت عطول صباح حتى لما رحلتي عنا إخترت الصباح وطول عمرك وجك وضحكتك منورة متل الصباح المشرق وعينا وكبرنا على فنك وصوتك".

كارين سلامة: "في ناس ما بتكرر. ..الله يرحمك يا صباح لبنان".

إيميه صياح: "بأي حال طلعت علينا يا صباح... أكيد نفسك بالسما صبوحة.. على قد ما نشرت فرح حواليك..

سيرين عبد النور: "الله يرحمك يا اسطورة من لبنان".

وسام حنا: "كيف لي ان أودع أسطورة صَعُبَ على التاريخ ان يُصدقها. هي الشحرورة التي غردت الدنيا و شغلت الناس".

 

موقع "النشرة الفنية" اللبناني في

27.11.2014

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك © 2004