كتبوا في السينما

 

 
 
 
 
 

ملفات خاصة

 
 
 
 
 

مهرجان «أبوظبي السينمائي 5» :

فيلمان روائي وتسجيلي يبحثان في الماضي الحاضر دوما

المهرجان تخلى عن التشابه

الذي ساد سياسته في سنواته الأولى

أبوظبي: محمد رُضا

مهرجان أبوظبي السينمائي السابع

   
 
 
 
 

أحد الأمور الجوهرية التي يعمد مهرجان «أبوظبي السينمائي» (23 أكتوبر /تشرين الأول - 1 نوفمبر /تشرين الثاني) إليها، أن يتخلّى عن التشابه الذي ساد سياسته في السنوات الأولى على إنشائه. وحسنا يفعل.

في النصف الثاني من العقد الأول من هذا القرن، تداعى بعض مسؤوليه من الإداريين والمبرمجين إلى اعتباره مهرجان «كان» العرب. من هؤلاء من أطلق عليه اسم «كان الصحراء» ومن أكد في تصريحاته أنه بات ينافس كان بالفعل.

إدارة المهرجان الحالية أكثر وعيا من أن تقع في مصيدة التشبيهات والمقارنات. «كان» هو «كان» و«أبوظبي» هو «أبوظبي»، كما أن برلين ليس فينسيا وصندانس ليس تورونتو وهكذا. لأنه ليس صحيحا أن هناك مهرجانا عالميا يشبه «كان» فما البال بمهرجان عربي؟ كل مهرجان له خصائصه وحجمه ومنهجه. صحيح أنه ضمن هذه الخصائص والمناهج وحدة اتجاه (كلها بلا استثناء تهدف لعرض أفضل الأفلام المتاحة وغالبا في مسابقات دولية) لكن الفوارق كبيرة. «كان» استوى على المنصب الأول بسبب المدينة وبسبب التاريخ (تاريخه) وبسبب شموليّته (المهرجان والسوق) وبسبب استقطابه إعلاما كاسحا لا يحتاج لدعوة معظمهم لكنهم يقبلون عليه بالألوف من النقاد والصحافيين والمصوّرين.

إذا لم يكن لشيء آخر، فإن المقارنة بينه وبين أي مهرجان آخر، من بينها دبي أو أبوظبي أو سواهما من مهرجانات العالم العربي، تبقى غير صحيحة وبالتأكيد ليست مفيدة.

* عالمية فعلية!

* إلى ذلك، ليس من مصلحة أي مهرجان اليوم أن يعقد مقارنة بينه وبين مهرجان آخر. مهرجان أبوظبي السينمائي يعرف اليوم أهمية هذه النقطة جيدا. فكلّما ابتعد المهرجان عن المقارنة وادعائها كلما كان عليه - إذا ما أراد أن يتبوأ مركزا مهما - أن ينهل من كيانه الخاص. أن يتبلور ويتطور معتمدا على فاعليّته في المحيط الذي يعمل فيه. هنا هو محيط إماراتي - خليجي - عربي - دولي وبذلك هناك الكثير مما عليه أن ينجزه في هذا المحيط المتضاعف.

على أن هذا لا يغني عن تقييم المهرجان ضمن هذه التعددية. وفي حين أنه بالفعل مهرجان إماراتي، نسبة لوجود مسابقة خاصّة بالسينما الإماراتية، تقود لجنة تحكيمها المخرجة المغربية فريدة بليازيد وتضم الكاتب والفنان المسرحي الإماراتي عبد الله صالح وفريقا متنوّعا تم تشكيله من فنانين ومسؤولين سعوديين وقطريين وعراقيين، وهو مهرجان عربي يضم أعمالا آتية من معظم الدول العربية المنتجة (لبنان، العراق، الإمارات، البحرين، فلسطين، مصر) وعالمي من حيث أنه يستقبل طبعا أفلاما من كل دول العالم وأركانه، إلا أن ما يجب أن يُذكر أن «العالمية» وضع هش بالنسبة لأي مهرجان.

غني عن القول أن استقبال مهرجان لأفلام من الأميركتين وآسيا وأفريقيا وأوروبا وسواها يعني أن المهرجان دولي في عروضه، إلا أن ذلك لا يعني أنه مهرجان دولي في حضوره. هذا لا يمكن تحقيقه مطلقا عبر استحواذ أفلام من الولايات المتحدة والسويد وأستراليا أو كندا أو فرنسا أو كوريا الجنوبية أو كولومبيا أو الكونغو أو أستراليا. لأن العالمية الفعلية هي سقف مرتفع عن السطح، لا بالنسبة لهذا المهرجان فحسب، بل لمعظم المهرجانات الأخرى حول العالم.

بين المهرجانات «كان» يستطيع أن يقول إنه العالمي الأول. «تورونتو» يستطيع أن يقول إنه الثاني. الفارق هو أن كليهما له اختصاصات في عروضه تجعله محل هجوم الإعلام والسينمائيين على حد سواء. لديك فيلم تريد بيعه، أو مشروع فيلم تبحث له عن تمويل؟ كان وتورونتو سيساعدانك على تحقيق هذه الغاية لأنهما يجسّدان كتلا من الأسواق الآسيوية والأوروبية والأميركية المترامية.

حين يأتي الأمر إلى الجوائز ليس هناك من جائزة تعلو عن جائزة الأوسكار كحضور عالمي وكشهرة ولا حتى جائزة مهرجان «كان». فوز «صمت الحملان» The Silence of the Lamb لجوناثان دَمي سنة 1992 بجائزة الأوسكار كأفضل فيلم أحدث يومها صدى أعلى من فوز فيلم «أفضل النوايا» لبيلي أوغست بالسعفة الذهبية، وسنجد أن هذا المنوال هو السائد دوما.

طبعا جائزة السعفة الذهبية هي تكريم معنوي رائع من مهرجان اعتاد ألقاب الاستثناء والتميّز، لكن في الواقع الفعلي فإن الأوسكار هو سيد الجوائز العالمية.

* ذكريات على حجر..

* هذا كله ليس للتقليل من شأن مهرجان «أبوظبي» أو سواه على الإطلاق، لكن للتأكيد أن مشواره في الحياة السينمائية يختلف ومن الأفضل له أن يختلف وهذا يأتي متطابقا مع النظرة السائدة بين القائمين عليه. يقول لي أحدهم: «تستطيع أن تلاحظ أمرين أساسيين في برمجتنا هذه السنة. الأمر الأول هو أننا لم نفضّل العدد على النوع. لقد كان لدينا هذا الخيار ورأينا أن نقوم بانتخاب ما نراه الأهم لنوعيّته. لذلك ستجد أن عدد الأفلام المعروض هنا التي سبق لها وفازت بجوائز من المهرجانات الأخرى كبير. الأفلام الفائزة بمهرجانات برلين وكان وفينسيا وكارلوڤي ڤاري وسان سابستيان موجودة هنا».

الأمر الثاني، كما يضيف المتحدّث هو «الرغبة في أن ندفع بالسينما العربية إلى مصاف دولي بالفعل».

في هذا الإطار هناك شيء مهم وقع ولا يزال. بعض متابعي هذا المهرجان في السابق، وهذا الناقد من بينهم، شكّك في جدوى ضم أفلام عربية إلى مسابقة دولية ثم فصلها بجوائز خاصّة ضمن المسابقة ذاتها. اليوم، ومن بعد تعديل جزئي في تنظيم المسابقة، يبدو أن الغاية بررت الوسيلة فعلا. الآن بات الأمر تكريسا لحق الفيلم العربي أن ينافس أترابه المقبلة من هونغ كونغ وروسيا وأميركا وفرنسا وسواها.

طبعا هذا لا ينفي أن مثل هذه المسابقة تحدد عدد الأفلام العربية المشتركة (ما زال مهرجان دبي يستقطب غالبية الأعمال العربية الجديرة بالتسابق في كيان مستقل) لكنها تمنحه الشعور بالمساواة مع فرص الإنتاجات العالمية.

واحد من الأفلام العربية المهمّة التي رأيناها في الأيام السالفة كان، وكما تقدّم، «المطلوبون الـ18» وخلال اليومين الماضيين شاهدنا فيلمين آخرين جديرين بالإعجاب مع بعض التحفّظ.

«ذكريات منقوشة على حجر» (مسابقة الأفلام الروائية) هو فيلم عراقي- ألماني وكردي في هويّته الثقافية، أخرجه شوكت أمين كوركي الذي يعيش ويعمل في ألمانيا منذ عدة سنوات. دراما توفّر نظرة داكنة على الحاضر غير القادر من التخلّص من أعباء الماضي مضاف إليها المزيد من تبعات العيش في الصندوق المتداول من التقاليد الصارمة.

هناك مخرج كردي في هذا الفيلم (الممثل حسين حسن) يحاول تحقيق فيلم عن «الأنفال» (وتحت هذا العنوان) ليجسّد فيه واحدة من المذابح المدنية التي أقدم عليها الجيش العراقي بأمر من القيادة العليا في زمن الرئيس صدّام حسين. إنه يبحث عن ممثلة تؤدي الدور الذي في باله. فجأة تتقدّم منه فتاة شابّة (شيماء مولدي) تعمل في الأصل مدرّسة، ويجد فيها الصفات الفنية التي يريد. ما إن يبدأ التصوير حتى تترتّب على العمل مشاكل مختلفة. البطولة الرجالية آلت لنجم اضطر المخرج إليه لأن التمويل يريده. الفتاة ذاتها تتعرّض للضغط من قِبل عمّها وابن عمّها (وخطيبها) اللذين يريان أن التمثيل معيب. عندما ينبري المخرج ومساعدوه لتأكيد ضرورة السماح للفتاة بالاستمرار في العمل لأن الفيلم في النهاية كردي يكشف عن مأساة تعرّض هذا الشعب لها وبالتالي فإنه واجب وطني. لكن هذا النداء لا يسجل إلا هدنة مؤقتة تتدافع خلالها وبعدها الأحداث صوب نهاية أكثر قتامة من الأجواء التي سادت مسيرة الفيلم سابقا.

العنوان هو إشارة لاسم والد الممثلة الذي وجدته محفورا في واحد من غرف التعذيب في مبنى مهدم. إنه مبنى يتألّف من طابقين بلا نوافذ أو أبواب الآن تدخله الفتاة ويميل المخرج في كل مرّة تقوم هي بزيارته إلى تغيير منهج عمله فتصبح الكاميرا محمولة تسير وراءها ويتشبّع شريط الصوت بهمهمات من الماضي. لكن المخرج بدوره يحمل ذكريات مرّة لا يستطيع إلا أن يخفيها. حين كان صغيرا صعد قمرة صالة السينما بينما كان والده يعرض فيلم المخرج يلماز غونيه (الفيلم هو «الجدار»). غونيه هو شاعر وممثل ومخرج كردي - تركي كان نجما مشهورا بين قومه ثم تحوّل إلى نموذج للنضال عندما قام الأتراك بسجنه لمواقفه السياسية، وأسطورة بعدما مات، سنة 1984. في بلدان المهجر. «الجدار» (1983) كان آخر أفلامه واحتوى دعوة لثورة الأكراد على الوضع القائم في سجون تركيا السياسية، لجانب الدعوة الدائمة التي برزت في كل أعمال غونيه حول الهوية الاجتماعية والثقافية المختلفة وقمع السلطات التركية لها.

فجأة يداهم الأمن العراقي الصالة ويعتقل الموجودين ويقتل والد الصبي الذي يعمل عارضا للفيلم أمام ناظري ابنه. الآن إذ يعمل هذا الابن مخرجا يعيش تحت وطأة لا الرغبة في تعرية أحداث الأنفال التي من بين ما عاناه الأكراد خلال الحكم العراقي السابق، بل أيضا تحت وطأة الحياة التي لا تؤمّن للسينمائي الجاد كل ما يريده للتعبير عن نفسه. كلاهما، هو وبطلته، راضخان تبعا لظروف متشابهة وإن اختلفت: هي تحت مفهوم أن التمثيل معيب وهو تحت مفهوم أن الفيلم سلعة تجارية مهما كانت أهدافه نبيلة أو وطنية.

موضوعه وطروحاته تبقى أهم وأفضل إنجازا من مستواه الفني الشامل. ليس أنه لا يصيب الهدف على صعيده الفني هذا، لكنه لا يؤسس لأسلوب إخراج ناجح يضمن سردا محكما واستخدام أفضل للعناصر الدرامية المطروحة. متكرر في أكثر من مشهد ويعمد لسرد تتوزّع فيه الشخصيات المساندة لتصبح كما لو أنها أولى. بذلك يتم تحديد فاعلية الحكاية وشخصيّتيها الرئيستين.

* .. وأخرى في حياة البحر

* الفيلم الثاني هو «صوت البحر» (مسابقة الأفلام التسجيلية الطويلة) والمخرجة هي الفنانة الإماراتية نجوم الغانم التي لها باع بات طويلا من الأفلام الجيّدة التي استحقت من ما نالته من جوائز على مدى السنوات الـ13 الماضية. من بينها مثلا «المريد» (2008) و«حمامة» (2011) و«أحمر أزرق أصفر» (2013).

الحقيقة هي أن نجوم الغانم لا تتوقّف عن العمل، وأنها لا تنجز أفلاما رديئة أو متناقضة المستوى. الحقيقة الثانية هي أن اهتمامها هنا يختلف بعض الشيء عن اهتمامها عبر أفلامها القليلة السابقة. فمن بعد طرحها حياة الفنانة السورية المهاجرة أمل حويجة في «أمل» وتناولها حياة وظروف امرأة عجوز اسمها حمامة (في فيلم بنفس الاسم) لديها معرفة كبيرة بالطب الشعبي ولديها قدرة فطرية على مداواة المرضى وفهم ماهية أمراضهم، ومن بعد سبرها غور الفنانة الإماراتية نجاة مكّي التي تداوم سكب مشاعرها وأحاسيسها في رسوماتها، تلتفت هنا إلى التراث في صورته الأوسع.

هو فيلم عن الصيادين والبحر والبر. عن التقاليد المرمية في التاريخ في مقابل الحضارة العصرية التي تسود الحياة اليوم. طبعا ما زال هناك صيادون، والفيلم يدور حولهم اليوم، لكنهم إذ ينشدون ويغنون ويرقصون ويؤمون البحر لاصطياد ثرواته السمكية كما كان يفعل أجدادهم، يشكون من أنهم قد يكونوا آخر عناقيد أجيالهم.

نتعرّف على سيف الزبادي الذي كان صيّادا ومنشدا يؤم الرحال في اتجاهات صيد مختلفة وبعيدة. الآن بات يجلس في منزله العادي بينما يقوم بعض أولاده بالعمل مكانه. نتعرّف على أولاده وعلى شخصيات تشكّل نواة التلاحم بين الأسر التي عاشت فوق المراكب كما على بعض العاملين الهنود المهاجرين الذين أمضوا في هذه الحياة عقودا.

مثل أفلام نجوم الغانم السابقة، النبرة حزينة. صوت الفيلم هامد ويحمل شجونا. الشخصيات لديها الكثير من الحكايات وما فيها من أفراح وابتسامات يكمن في الماضي وليس في الحاضر. نجوم ما زالت الأولى بين كل مخرجي السينما الخليجية (رجالا ونساء) في معرفة تقنيات ما تقوم به لخلق حالات وجدانية آسرة ولدمجها في المحيطين الاجتماعي والمكاني. لقطاتها (تصوير جيّد من الإيطالي ماركو باسكويني) دوما معبّرة. الكاميرا صامتة. راصدة وملاحظة والشخصيات هي التي تتكلّم، عوض أن تعايش الكاميرا حالة الشخصيات فتخلق قلقا لا لزوم له.

ما يتعثّر في هذا الفيلم هو وحدته. على سعة شخصياته وتداولاته ومواده، لا يستطيع الفيلم إلا أن يتكرر في أكثر من موضع. لا يعني ذلك أنه يثير بتكراره أي ملل أو أن سرده يضعف أو يتهاون، لكن سيره يتباطأ بعض الشيء في مكانين أو 3 معرّضا المشاهد لطرح يتكرر هنا أو هناك.

الشرق الأوسط في

28.10.2014

 
 

يحكي قصة معماري يواجه مشكلات حياتية

“الحكمة” خلط بين الواقع والهندسة

أبوظبي- عادل رمزي:

معماري بارع يدعى ألكسندر يدخل في صراع مع رجال السياسة ليعيش حالة انعدام تواصل مع محيطه، بمن في ذلك زوجته "آليينور"، فيقرر القيام بصحبة هذه الأخيرة برحلة مزدوجة في الزمان والمكان، نحو إيطاليا القرن السابع عشر، وتحديداً نحو الأماكن التي عاش وأبدع فيها معماري "الباروك" بورّوميني، بحثاً عن مصدر جديد للإلهام .

لكن، وبدل العثور على هذا المصدر في الماضي، يجده شميت في الحاضر، انطلاقاً من تعرُّفه وزوجته، إلى الأخوين المراهقين غوفريدو وأخته لافينيا، اللذين يجدان فيهما ما يعيد لهما ما افتقداه على مدار حياتهما ويحددان لهما بوصلة جديدة تضع مسار حياتهما مرة أخرى على الطريق الصحيح، ضمن فيلم "الحكمة" .

برغم ما يبدو من أن الزوجين هم الأكثر اهتماماً بأمر المراهقين نظراً لما تعانيه لافينيا من مرض، وما يبحث عنه غوفريدو في رحاب الهندسة المعمارية من المنطق الذي يحيل به هذا الفن من مجرد أدوات إلى طريق يرسم للبشرية أسلوباً جديداً للحياة مستمداً من فكرة البحث عن المساحات التي يتحرك فيها الناس بحرية أكبر ضمن نافذة تسمح لهم برؤية النور الذي يمثل من وجهة نظره نافذة للحرية والخلاص .

ومع مرور الوقت يبدأ المهندس المعماري بالتصالح مع نفسه ومع العالم المحيط به نظراً للخبرة التي نقلها إليه الشاب من أن التصالح مع الذات لا يتم من خلال نسيان الماضي، وإنما بالبحث عن آفاق أفضل للحياة من خلال ما يمتلك المرء من قدرة على تغيير حياة الآخرين إلى الأفضل وهي المهمة التدريسية التي كان يقوم بها المهندس مع الشاب من وجهة نظره، وأن باستطاعته أن يأخذ نفس التوجه ليصلح حياته مع زوجته التي أصابها البرود العاطفي بسبب ذكريات الماضي الأليم .

وتدور تفاصيل الفيلم من خلال رحلة أرادتها الزوجة بين زوجها وذلك الشاب ليكتسب الخبرة الكافية في مجال الهندسة من زوجها الخبير في الهندسة المعمارية هناك في إيطاليا، حيث تصميمات "الباروك" واضحة في الفيلم، سواء من حيث الحضور القوي لمشاهد الكنائس التي صممها بورّوميني، وعلى مستوى القطع الموسيقية التي اختارها المخرج من أعمال الإيطالي كلاوديو مونتيفيردي (1567 1643)، الذي يُعتبر عمله لحظة مفصلية في الانتقال من فن النهضة إلى فن "الباروك" .

ومن خلال التجول مع الشاب لإكسابه الخبرة يكتسب المهندس المعماري منه دورس الحياة التي كان أهمها من وجهة نظر المخرج يوجين غرين هو كيف أن من الجمال يأتي الحب ومن الأمل يأتي النور، وأن الحكمة لا تأتي للمرء إلا عندما يبلغ الإنسان المصدر، ليرى طبيعة الأشياء لا كما تبدو عليه وإنما كما شاء صانعها أن تكون .

وخلال الرحلة أيقن ألكسندر أن حياته مع زوجته تستحق المحاولة من جديد لأن الحب الذي كان بينهما لم يمت وإنما تعرض لعاصفة حين توفيت ابنتهما في الثامنة ودخل ألكسندر في صراعات مع رجال السياسة حتى افترقا والتقيا مرة أخرى بعد سنوات، إلا أن العلاقة بينهما لم تعد إلى عهدها السابق .

ورسمت دروس الشاب غوفريدو طريقاً جديداً لحياة ألكسندر حتى إنه عندما أشار الشاب إليه بأنه مدرسه في الهندسة نظراً لما أمده به ألكسندر عن المجال كان رده بأنه أيضاً معلمه في فنون الحياة ودروسها .

وظهر على المستوى الجمالي، كيف أن الممثلين يقرأون حواراتهم بشكل مسرحي، لا أثر فيه لأي انفعال خاص، وحيث يقف الممثلون وهم يتحاورون لا وجهاً لوجه، بل الواحد منهم بجوار الآخر وهم ينظرون باتجاهنا، وحتى حين يتحاورون وجها لوجه، يجعلهم المخرج ينظرون إلينا، في أعيننا، وكأن حوارهم إنما هو معنا نحن لا مع بعضهم بعضاً، يخلخل طمأنينتنا، ويذهب بالسؤال من الشاشة إلى خارج الكادر، إلى الحياة .

يوجين غرين

سينمائي وكاتب روائي ومسرحي فرنسي . وُلد عام 1947 بمدينة نيويورك، هاجر في نهاية ستينات القرن الماضي إلى باريس، وفي نهاية السبعينات أسس فرقة "مسرح الرشد (أو الحكمة)" التي سعى من خلالها إلى إحياء عصر "الباروك" وطريقة الإلقاء التي كانت سائدة فيه، بعد ذلك بحوالي عشرين سنة دخل مجال السينما وأخرج 9 أفلام، منها 5 روائية طويلة هي "كل الليالي" (2001)، الذي حصل على جائزة لوي دولوك لأفضل عمل أول، و"العالم الحي" (2003)، الذي اختير للعرض ضمن أفلام "أسبوعا المُخرجين" في مهرجان كان السينمائي، و"جسر الفنون" (2004)، و"الراهبة البرتغالية" (2009)، و"الحكمة" (2014) .

عرض ضمن الأفلام الوثائقية القصيرة للطلبة

هناء المري: “ما بعد الخوف” يحول المشاعر السلبية لإيجابية

أبوظبي - عادل رمزي:

حين نغدو رهينة لذكريات الماضي بما يحمله أحياناً من مواقف مؤلمة نتيجة التعرض لحوادث عنف يمتلك البعض قدرة على العفو والتسامح والمضي قدماً في حياته لا يحمل أي شر في قلبه حتى لجلاديه، في حين يفشل الكثير في تحويل المشاعر السلبية إلى إيجابية تعينه على المضي في مسيرة الحياة والتغلب على الكثير من المشكلات النفسية التي تركتها هذه الوقائع .

بهذه الكلمات عبرت هناء المري عن فليمها "ما بعد الخوف" المشارك ضمن فئة الأفلام الوثائقية القصيرة للطلبة وقالت إن الفيلم يهتم بمعالجة التجارب السيئة التي يمر بها بعض الناس وما يحتاجون إليه من دعم نفسي لتحويل مسارهم بعد الخوف إلى إيجابي من دون الاستمرار في الانحدار نحو الهاوية نتيجة عدم القدرة على التغلب على المشاعر السلبية التي غذتها هذه التجارب .

وتضيف: "بقدر ما يحتاج البعض إلى الاستشارة النفسية التي تعينه على تغيير هذه المشاعر والبدء في حياة جديدة يجهل البعض الآخر أو يتكابر على آلامه ليعيش دور الضحية الذي جني عليه من غير وجه حق، ويبدأ النظر إلى كل أفراد المجتمع كأنهم متهمون إما بالمشاركة أو بالسكوت أو حتى بعدم التعاطف مع جراحه مع أنه لم يكلف نفسه النظر إلى الوجه الآخر من الحياة بما فيه من إنسانية كفيلة بنقل أعتى المجرمين من بؤر الإجرام إلى واحة التسامح والاعتدال .

وتحكي عن الفكرة الرئيسية في الفيلم قائلة: "مسار ما بعد التجربة الأليمة التي مر بها الإنسان في حياته هو ما يتناوله الفيلم الذي يحكي قصة فتاتين مرتا بتجربتين سببتا لهما كثيراً من الألم النفسي الذي استدعى طلب الاستشارة الطبية من أحد الأطباء المختصين .

وتقوم بدور المعالج طبيبة نفسية دفعها التعرض لممارسات من العنف الأسري إلى اتخاذ قرار بدراسة علم النفس والحصول على شهادات عليا في هذا التخصص للتعرف على كافة الأمور التي يمكن من خلالها تقديم كل سبل الدعم والمساندة لجميع الأشخاص الذين تعرضوا لنوع من العنف الأسري للتغلب على تجاربهم وعيش حياتهم بشكل طبيعي بعيداً عن القلق والتوتر والاضطراب .

وكانت أولى الشخصيات طفلة في الحادية عشرة من عمرها تعرضت للهجر من قبل والدها في سن مبكرة ما جعلها تعاني القلق والاضطراب المستمر، وتظهر شخصية الطفلة المعاناة التي تمر بها نظراً لما تتمتع به من خيال واسع وعاطفة جياشة زادت من حدة مرضها النفسي وجعلت من عمل الطبيبة أمر شاقاً يستدعي بذل المزيد من الجهد للخروج بها من هذه الحالة .

وتوضح الطبيبة أنها من خلال تقديم الكثير من النصائح المستمرة وأساليب التأقلم للطفلة بدأت في التحول التدريجي والبحث عن حياة جديدة يملؤها التفاؤل والسعادة، وذلك بعد أن استطاعت تحويل كل المشاعر السلبية بداخلها إلى أخرى إيجابية وجعلت للحظات ما بعد الخوف مساراً جديداً يأخذها نحو حياة أفضل ليس فيها سوى التسامح مع الآخرين والاتساق مع الذات والاندماج في مجريات الحياة .

أما الحالة الثانية فهي فتاة تدعى أمنية تبلغ من العمر 31 عاماً تعرضت للتحرش في حياتها ما أصابها بالاكتئاب الشديد الذي ظل ملازما لها طوال حياتها من دون أي قدرة على التخلص من المشاعر السلبية تجاه ذلك، وينال والدها قسطاً كبيراً من هذه المشاعر إذ لم تستطع الفتاة أن تنسى له كل الإساءة التي وجهها إليها على مدار حياتها حتى لم تعد تمتلك القدرة على التعاطف معه ولو بقليل من العفو في قلبها، ومن خلال تقديم الاستشارة النفسية والجلسات المستمرة تمكنت الطبيبة من تحويل المشاعر السلبية لدى أمنية إلى طاقة إيجابية وحولت مشاعر ما بعد الخوف إلى وجهة أخرى نحو الرغبة في أن تعيش حياتها بلا خوف أو كراهية لأحد أو حقد على مجتمع واستطاعت أمنية بمزيد من أساليب التأقلم العفو عن والدها الذي أفضى إلى مثواه في الحياة الآخرة، وشعرت بالرضا والتسامح تجاهه وهو لا يملك من أمره شيئاً .

ندوة تناولت أهمية ترميم الأعمال العالمية

90 % من أفلام ما قبل الخمسينات مفقودة

أبوظبي "الخليج":

سلطت ندوة مشروع "سينما العالم" الضوء على أهمية ترميم أفلام السينما العالمية نظراً لما تحظى به من أهمية بالغة في نقل ثقافة وتاريخ جزء كبير من العالم فيما قبل فترة الخمسينات، مشيرة إلى أن 90% من الأفلام التي أنتجت قبل هذه الفترة فقدت بلا رجعة مع أنها كانت تحمل الكثير من الأحداث العالمية التي كان ثمة حاجة إلى قراءتها من خلال الأعمال السينمائية .

أدار الندوة محمد خواجة بحضور كل من مارغريت بودي المديرة التنفيذية ل"مؤسسة السينما"، وسخوان بيلستون، وسيسيل سنيسريلي، وجينفر آن، حيث تناولوا التحديات التي تقف خلف محاولات ترميم أفلام السينما العالمية وكيف يمكن التغلب عليها .

ورحبت مارغريت بودي باستضافة مهرجان أبوظبي السينمائي لمبادرتهم قائلة: من الشرف أن نكون جزءاً من المهرجان لهذا العام، عبر تقديم برنامج خاص يتضمن مجموعة من الأفلام التي تمت إعادة ترميمها من قبل مؤسسة السينما ومشروع سينما العالم، مؤكدة أن "أبوظبي السينمائي" و"مؤسسة السينما"، متفقان على ضرورة الحفاظ على هذه الأفلام كمادة مهمة لنشر الثقافة السينمائية، وأهمية عرضها أمام الجمهور، معربة عن سعادتها بالدعم الكبير الذي قدمه المهرجان للمؤسسة من أجل تسليط الضوء على هذه القضية المهمة .

وقالت إن الاهتمام بفترة الستينات وما قبلها يعكس أهميتها في تاريخ الإنسانية، نظراً لأنها شاهدة على الكثير من الحوادث الكبيرة، ولعل مشاهدة لحظة عندما مشى أول إنسان على سطح القمر مشهد يستحق أن تزال له كل الصعوبات كي نشاهده والأجيال المقبلة مرات وبكل وضوح كما لو كان يحدث الآن .

وأضافت أن واحدة من أهداف المؤسسة في ترميم الأفلام العالمية هو أن يراها المشاهد على حقيقتها وبنسخها الأصلية كما لو كانت صورت وعرضت منذ أيام، مشيرة إلى أن رؤية هذه المشاهد على حقيقتها الأصلية وبجودة أفضل يجعل الناس أقرب إلى فهم التاريخ والآثار التي تركتها الأحداث المختلفة على البشر في الفيلم المرمم، وفهم طريقة تسلسل الأحداث وكيفية الوصول إلى الوضع الراهن، وهو أمر مهم إذا ما اعتبرنا أن السينما هي انعكاس للواقع وترجمة له ودلالة عليه وموثقة ومؤرشفة لوقائعه وأحداثه .

وتقول إن كل إنسان يمكنه أن يرى نفسه في السينما أو في الأدب والتراث، لذا ففي الولايات المتحدة تهتم جمعية "الأفلام" برفد التلاميذ الصغار في صفوف اللغة بمعلومات عن اللغة البصرية في الأفلام العالمية ليتمكنوا من قراءة الدلالات التي رغبت الأفلام في أن تصل بها إلى المشاهد ليتعرف إلى ما يمكن أن يمثل له في المستقبل رسالة حياة أو هدف يرنو إلى تحقيقه .

وتحدث سخوان بيلستون عن تاريخ بداية الاهتمام بترميم أفلام السينما التي بدأت على ثلاثينات القرن الماضي في إنجلترا وفرنسا أي بعد حوالي 40 عاماً من نشأة السينما العالمية، ونشطت هذه الحركة بشكل أكثر فعالية في الثمانينات وكان أكبر تقدير لأهمية هذه الأفلام تأسيس مؤسسة "فيلم فوندشن" التي حظيت بدعم الكونغرس الأمريكي وبشكل مباشر للحفاظ على تراث السينما العالمي من التلف والفقدان .

وقال إن أسس الترميم للفيلم بسيطة، حيث تجمع كل عناصر، ويتم تقييمها لرؤية أي الأجزاء يحتاج إلى إعادة بناء، مشيراً إلى أن ذلك كان يحدث في الماضي يدوياً ومع التطور التقني ودخول التكنولوجيا إلى هذا المجال باتت العملية تتم بجودة أفضل وبطرق مبتكرة وبشكل أسرع مما أسهم في زيادة عدد الأفلام المرممة .

وتحدث سيسيل سنيسريلي عن أهمية التوعية بهذه القضية، مشيراً إلى أن رفع مستوى الوعي بأهمية أفلام السينما بشكل عام والسينما العالمية بشكل خاص يسهم إلى حد كبير في دعم توجهاتنا نحو الحفاظ على هذه المكتبة الثرية بالقيمة التي تحملها كمصدر تاريخي وتوثيقى للكثير من الأحداث العالمية، مشيراً إلى أنه من الأهمية بمكان أن إدراك المخرجين أولاً هذه الاهمية ويسعى إلى استخدام أفضل التقنيات في إنتاج الأفلام لدعم جهود الحفاظ عليها وترميمها مستقبلاً إذا ما احتاجت إلى ذلك .

وقالت جينفر آن إن من أهم التحديات التي تواجه عملية الترميم ضعف الإمكانات في بلدان عدة مما يجعل من يعيق الكثير من عمليات الترميم، كما تلعب بعض العوامل الجوية كالحرارة وغيرها دوراً في عدم القدرة حتى على تخزين الأفلام المرممة بشكل يحفظها من التلف مستقبلاً .

وقال محمد خواجة مدير الندوة إن الهدف من مثل هذه الندوات رفع الوعي وبناء وجود هذه الأفلام وتشجيع السينمائيين خاصة المخرجين على مراعاة جودة أدواتهم، وكذلك عدم المبالغة في استخدام مؤثرات كثيرة لا تخدم الفيلم وتصعب في الوقت نفسه من مهمة الترميم فيما بعد، مشيراً إلى أن الحفاظ على التراث معركة شاقة وتستلزم وقتاً وجهداً كبيرين، نظراً لغزارة الأفلام التي أنتجت في هذه الفترة، وما تحمله من قيمة تاريخية وفنية كبيرة .

وقال إن الأمر مهم حيث يتعلق بأداة قوية، لأجيال جديدة، لفهم الماضي وكيف صار وكيف يمكن بناء المستقبل على أسس أفضل وبطريقة تحمل الى البشرية الخير، مؤكداً أن دور السينما يبقى محفوظاً وكبيراً في ترسيخ منظومة القيم الإنسانية والحضارية .

سينما العالم” يرسخ الاهتمام بالثقافات

أطلقت "مؤسسة السينما" مشروع "سينما العالم" بهدف حفظ وترميم الأفلام المهملة من مختلف أنحاء العالم وبالأخص تلك الآتية من بلدان تفتقر إلى البنى التحتية المالية والتقنية، لحفظ تاريخها السينمائي الأصلي .

وأنشأ مارتن سكورسيزي مؤسسة السينما في عام ،1990 وهي منظمة غير ربحية متخصصة في حماية الأفلام وحفظها وعرضها، تمكّنت المؤسسة من خلال تعاونها مع مؤسسات أخرى رائدة في مجال الأرشيف كما مع متاحف واستوديوهات من إنقاذ أكثر من 620 فيلماً وعرض نسخها المرمّمة حول العالم .

ويمثل عرض فيلمين من روائع السينما العالمية هما "لون الرمّان" للمخرج سيرغي باراجانوف و"مانيلا في براثن الضوء" للمخرج لينو بروكا، في مهرجان أبوظبي السينمائي فرصة جيدة للتعريف بمفهوم الترميم والجهود التي تبذل فيه، وتوضيح الفارق بين ما كانت عليه هذه الأفلام من حالة سيئة وما أصبحت عليه، وتم ترميم هذين الفيلمين باستخدام تقنية4 عالية الجودة، بواسطة مكتبة الأفلام في مدينة بولونيا، وبالتعاون مع مشروع سينما العالم ل"مؤسسة السينما"، وتتوافر ترجمة الفيلمين الأصلية باللغة الإنجليزية، إضافة إلى ترجمة حديثة باللغة العربية تكفّل المهرجان بتوفيرها .

وأنتج فيلم "لون الرمّان" في عام 1968 للمخرج الأرمني سيرغي باراجانوف، ويتناول السيرة الذاتية للشاعر الأرمني سايات نوفالتي تعكس حياته بصرياً وشعرياً، مستعرضاً مراحل بلوغه، اكتشافه المرأة، ووقوعه في الحب، ودخوله الدير، وانتهاءً بمماته، وتمت صياغة نص الفيلم من مخيلة مخرجه باراجانوف وبالاستناد إلى أشعار كتبها سايات نوفا نفسه .

ويعد فيلم "مانيلا في براثن الضوء"، للمخرج الفيلبيني لينو بروكا، فيلماً درامياً عاطفياً تم تصويره في شوارع مانيلا لعرض قصة واقعية حول صبي يدعى جوليو، قدم إلى المدينة باحثاً عن حبيبته ليغايا، ويعد هذا الفيلم إحدى العلامات الفارقة في تاريخ السينما الفيلبينية .

جلسة نقاشية عقدت بقصر الإمارات

مخرجو المهجر يناقشون مشكلات صناعتهم

أبوظبي - فدوى إبراهيم:

عقدت مساء أمس في قصر الإمارات الجلسة النقاشية "الروح تتوق إلى الوطن- صناعة الأفلام العربية في المهجر" ضمن سلسلة "حوارات في السينما" والبرنامج الخاص الذي يخصصه المهرجان هذا العام بعرضه أفلاماً لمخرجين من المهجر، وذلك بمشاركة كل من عبدالرحمن سيساكو من موريتانيا، هشام زمان من كردستان العراق، سمير نصر من مصر، وكريم طريدية من الجزائر، وأدار الندوة مدير انتشال التميمي مدير صندوق "سند" والبرمجة العربية في المهرجان .

تطرقت الجلسة النقاشية لعدد من المحاور الأساسية حول البدايات، وكيفية صناعة الأفلام في المهجر، والصعوبات الإنتاجية، وأثر هوية صانع الفيلم في صناعته، وأوضح المخرج هشام زمان أنه غادر كردستان العراق وهو في العاشرة من عمره إلى النرويج برفقة أسرته، وعاش خلال فترة حياته الكثير من التنقلات التي لم يكن له يد فيها، سوى أنها غيرت في داخله الكثير، وأشار إلى أن هذه التنقلات كان لها أثرها الإيجابي والسلبي عليه كمخرج، فهو حين يكون في النرويج يعتبرونه نرويجياً، بينما حين يعود إلى بلاده يعتبرونه كردياً، وهو هنا في أبوظبي السينمائي مخرج من الشرق الأوسط، وهذه النقطة الإيجابية التي يشير لها المخرج في إحساسه بانتمائه للمحيط في كل مكان يحط فيه، ولكنه يشير في الوقت ذاته أن التنقلات الكثيرة لم يكن لها إجابات في طفولته، وهذا ما حاول يبحث عنه في أفلامه حين بدأ الصناعة، ويقول زمان :"قمت بإخراج معظم أفلامي في هولندا رغم أن جذوري في كردستان العراق، وهذا ما جعلني أنفذ بعض الأفلام هناك لكن ليس لافتقاد المكان ولأنني كردي بل لأنه ضروري لسرد الحكاية" .

أما سمير نصر الذي ولد لأب مصري وأم ألمانية، فإن تأثير السينما المصرية كان واضحاً على توجهه السينمائي بحسب قوله في طفولته، حيث عاش شبابه بمصر إلا أنه اضطر للانتقال لدراسة الاقتصاد في المانيا، لكنه اكتشف عدم قدرته على الاستمرار في دراسته بسبب حبه لصناعة الأفلام، ولكنه لم يكن يشعر بالغربة في ألمانيا لذلك كان من الطبيعي أن يبدأ صناعة الأفلام عنها، فقام بسلسلة أفلام وثائقية تنتمي في موضوعاتها لألمانيا حين دراسته في المعهد وبعدها، ولكن أحداث 11 سبتمبر شكلت نقطة تحول يقول عنها: "كانت نقطة فاصلة في حياتي وما أقدمه من سينما، حيث بدأ الألمان ينظرون إلي على أنني عربي مسلم إرهابي رغم جنسيتي الألمانية، وهنا بدأ سؤال الهوية يراودني، رغم أن علاقتي بمصر وسينمائييها لم تنقطع، وصنعت حينها فيلماً ينتقد المجتمع الألماني في قضية حساسة في فيلم "أضرار لاحقة" الذي يناقش قضية جزائري وزوجته الألمانية يعيشون حياة مضطربة بعد الأحداث، وبعد هذا العمل عرض علي أن أخرج فيلماً عن إرهابيين عرب من قبل جهة ألمانية فرفضت ذلك"، وأوضح نصر أن السينما المصرية بحاجة كبيرة للأعمال الجادة، ومن هنا جاء قراره بتحويل رواية "شرف" لصنع الله إبراهيم لفيلم سيتم البدء به السنة المقبلة .

ويشير نصر إلى أبرز الصعوبات التي تواجه المخرج في المهجر قائلاً: "البحث عن منتج لفيلم هو من الأمور غاية في الصعوبة، ويزيدها صعوبة حين لا يجد المخرج منتجاً في البلد الذي يحمل جنسيته لأنه سيناقش فيلماً يعود لثقافته الأم، وهذا ما حدث معي حتى بعد نجاح فيلمي "بذور الشك"، حيث لم أجد منتجاً لفيلم "شرف"، فلا جهات الإنتاج المصرية تنتج لي بسبب الظروف وبسبب أنني لست على علاقة قوية بهم كما ان الجهات الألمانية لن تنتج فيلماً يتحدث عن البيئة المصرية، ولم أجد سبيلاً سوى التوجه للإنتاج المشترك" .

وبخليط من الثقافات عاش عبدالرحمن سيساكو الذي يعرض له فيلما "هيرماكونو" و"تومبكتو" في المهرجان، الذي ولد في مالي لأب موريتاني وعاش في فرنسا ودرس السينما في موسكو، ومع ذلك تناقش أفلامه خصوصية إفريقية عربية، حيث صور "تمبكتو" في موريتانيا، ومن هنا يشير سيساكو إلى أن حياة الفنان ما هي إلا خليط ثقافات وتؤثر فيه العوامل المختلفة، ففي العام 1986 سافر برفقة أسرته إلى فرنسا وعاش هناك، وأثر هذا في عمله لكنه وجهه للتأثير في المشاهد وليس للبحث عن هويته الذاتية في تلك الأفلام، فلم تكن هماً كبيراً يحمله بحسب قوله . ويتفق سيساكو مع سابقه حول قضية الإنتاج، مشيراً إلى أن التمويل هو الذي يحكم طبيعة العمل، وهذا ما عاناه حين دخول الإنتاج الفرنسي لأفلامه، حيث تتحكم بالموضوعات وطريقة طرحها، لذلك فكر سيساكو بإنتاج أفلام غير مكلفة حتى لا يتحكم رأس المال في طريقة عرضها للمشاهد، ذلك أن الغرب هو المصدر الوحيد لتمويل أفلام مخرجي المهجر .

هذا ما عاناه المخرج كريم طريدية الجزائري الهولندي، الذي قدم فيلم "حكاية قريتي" الذي يسرد فيه العلاقات والهموم التي عاشها جده ووالده عن قصة حقيقية في قريته، بينما يقدم فيلمه "العورس البولندية" في المهرجان، حيث يعيش الفيلم مشاهديه في قصة فتاة تهرب من خاطفيها عبر الريف الهولندي، ويشير طريدية قائلاً: "كانت مشكلتي في أنني وبعد أن حصلت على المنتج لفيلمي بعد "العروس البولندية" واتممت إعداده، فوجئت بهروبه إلى إسبانيا" . 

ويضيف قائلاً حول بدايته: "أول أفلامي تحدث عن المهاجرين فأشار لي البعض بأهمية التطرق لموضوعات طبيعية بعيدا عن المهاجرين، وحين فعلت قالوا لي لماذا لا تتحدث عن دولتك الجزائر، وهنا اود التوضيح أن ضياع الهوية هو ما كنت أفكر فيه حين يشاهد البعض أفلامي وموضوعاتها، خاصة وأن والدتي كانت تخشى ضياع هويتي، وفعلاً بدأت بالتفكير بصناعة فيلم "أحلامي" في الجزائر وعنها، وكان كل تفكيري بأنه سيكون أفضل فيلم في العالم بل وسيحقق أحلامي، وحين بدأت في الأسابيع الاولى من إعداده في الجزائر بدأت أشك أنه سيكون فيلماً مقبولاً، وفي المراحل النهائية له كنت أعتقد بأنني لن أستطيع إنهاءه، وهنا عرفت أنني لم أشعر باندماجي مع البيئة والنظام ولم أشعر بانتمائي للجزائر وأشعر بالوحدة والغربة، بل وكنت أفتقد هولندا وكل ما فيها، وهذا لم يكن يعني لي سوى عدم قدرتي على صناعة فيلم هناك، لكن بعدها تأكدت أنني لم أتأقلم مع البيئة، وأن شعوري تجاه الإنسانية قادني إلى صناعة فيلم عن التطرف الذي قتل صديقي في الجزائر في العام ،1994 وعبرت فيه عن كل مشاعري، وسيكون فيلمي التالي في الجزائر" .

12 فيلماً

يقدم المهرجان منصة لصناع السينما العربية في المهجر ونقلوا من خلالها التجربة العربية في المهجر، ويشارك ضمن أفلام هذا العام فيلم "أضرار لاحقة" من إخراج سمير نصر من ألمانيا، ويحكي قصة شاب جزائري يدعى "طارق" يعيش حياة مثالية في هامبورغ مع زوجته الألمانية الجميلة وابنه، لكن بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول تبدأ سحابة من الشك تحوم حوله، وفي هذه الحبكة البوليسية يكافح "طارق" ليمنع الشكوك من تدمير حياته وأسرته .

والفيلم الثاني فهو فيلم "إن شاء الله الأحد" من أخراج يامينا بنغيغي من الجزائر- فرنسا، ويحكي قصة "زوينة" التي تهاجر من الجزائر إلى فرنسا للانضمام إلى زوجها، ووالدته وأطفالهما الثلاثة، تناضل ضد إساءة زوجها ووالدته إليها، ولكن في نهاية المطاف تجد القوة في الأصدقاء بينما تحاول التكيُف مع الحياة في المنفى .

أما الثالث فهو فيلم "يوم جديد في صنعاء القديمة" للمخرج بدر بن حرسي من اليمن، ويحكي قصة المصور الفوتوغرافي الشاب طارق الذي عليه أن يختار بين المرأة التي يحبها وواجباته اتجاه عائلته الأرستقراطية، يستطيع أن يهرب مع حبيبته، اليتيمة المنتمية إلى طبقة اجتماعية دنيا، أو يوافق على زواج مُرتّب من ابنة قاض .

والفيلم الرابع فهو "الليل الأمريكي" للمخرج فرنسوا تروفو من فرنسا ويدور حول تصوير فيلم للمخرج "فيرّان" (تروفو)، حيث تُصاب الشخصية الأساسية بانهيار عصبي، تهرب فتاة "السكريبت" مع "البديل" ويفقد المخرج السيطرة على فريق عمله .

هذا إضافة إلى مجموعة من الأفلام الأخرى هي "أهلا ابن العم" للمخرج مرزاق علواش من الجزائر- فرنسا- لوكسمبورغ، وفيلم "بالوما اللذيذة" من إخراج نذير مقناش من الجزائر - فرنسا، وفيلم "ماروك" من إخراج ليلي مراكس من المغرب، وفي انتظار السعادة، من إخراج عبدالرحمن سيساكو من مورتيانيا - فرنسا، وفيلم "يللا يللا" من إخراج جوزيف فارس من لبنا- السويد

وفي فئة الأفلام القصيرة يشارك باوك (الأب) للمخرج هشام زمان من العراق - النرويج، و"جان فارس" من إخراج لياس سالم من الجزائر- فرنسا، و"الحرب" من إخراج محمد جبارة الدراجي، وتوم فان دير فيلبين .

فريقها حقق حضوراً متميزاً

متطوعو كلية الإمارات أيقونة الحدث

أبوظبي- "الخليج":

حقق أعضاء الفريق التطوعي الطلابي لكلية الإمارات للتكنولوجيا حضوراً متميزاً في أروقة مهرجان أبوظبي السينمائي في نسخته الثامنة، حيث يُشكّل المتطوعون دوما عاملاً حيوياً وجديداً على الساحة لنجاح المهرجانات .

وقال مهند الشايب، مدير شؤون الطلبة والتسجيل في كلية الامارات للتكنولوجيا، إن فريق التطوع الطلابي الجامعي في الكلية يسعى دوماً نحو استثمار كافة الفرص التطوعية في فعاليات أبوظبي ومهرجاناتها ومؤتمراتها بما يحقق لهم استثمار أوقاتهم، واكتساب المزيد من الخبرات والمهارات التنظيمية للفعاليات، إلى جانب تمثيل الإمارات على أفضل وجه، من خلال مشاركتهم في خدمة المشاركين سواءً كانوا من داخل الدولة او خارجها .

وأوضح أن المهرجان يعد أفضل فرصة تطوع وتدريب للطلاب في آن واحد، وخاصة طلبة برامج الكلية المتعددة والمتخصصة في كلاً من العلاقات العامة والإعلام والتصميم الجرافيكي، والتي تقع ضمن تخصصات صناعة السينما وعالمها السحر .

وأكد دعم كلية الامارات للتكنولوجيا لمبادرة تنظيم مهرجان أبوظبي للسينما الذي يدخل هذا العام عامه الثامن، وسط تطور غير مسبوق في تنظيم مثل هذه المهرجانات، التي تعنى كثيراً بفئة الشباب والفتيات من طلبة وطالبات الجامعات، لافتاً إلى أن مشاركة متطوعي الكلية في مثل هذه المهرجانات تسهم كثيراً في ربط الطلبة بعالم صناعة السينما وبرامج خدمة المجتمع والمسؤولية الاجتماعية، بالإضافة إلى اتاحة الفرصة أمامهم في الاطلاع على التجارب المميزة فيها ولقاء المتخصصين فيها ونجومها .

وشكر الشايب إدارة المهرجان لاتاحتها هذه الفرصة الثمينة لطلبة وطالبات كلية الإمارات للتكنولوجيا في تمثيل شباب الوطن ودعم جهود اللجنة التنظيمية للكلية في فعالياتها .

وأضاف إن المتطوعين في مهرجان أبوظبي السينمائي مفعمون بالحيوية ويساهمون في جعل هذه الأيام العشرة المليئة بالأفلام واكتشاف الثقافات والتعلّم والمواهب فريدة ومميزة، حيث يعتبر العمل التطوعي وسيلة رائعة لاكتساب الخبرة في حدث دولي ذائع الصيت وكذلك لمشاهدة الأفلام ولقاء أشخاص جدد، حيث يكتسب المتطوعون خبرة مباشرة وراء الكواليس في كيفية تنظيم مهرجان سينمائي، كما يتاح للمتطوعين في المهرجان فرص فريدة من نوعها للمساعدة في إقامة مهرجان سينمائي عالمي المستوى في أبوظبي، والمساهمة في المشهد الثقافي الحيوي والمتنامي .

وقال مدير شؤون الطلبة والتسجيل في الكلية، إن ما يميز حضور أي مهرجان سينمائي أنه تجربة تفاعلية فيها الكثير من المتعة والإثارة، ولعل من أهم أسباب استمتاع المشاركين والمتطوعين فيه تعود إلى كونه الفرصة المثلى للتعبير عن أفكارهم وحماسهم من خلال لقاء المخرجين في جلسات الأسئلة والأجوبة التي تلي عروض الأفلام، إذ إن المخرجين يتواجدون بين الحضور في كل فيلم تقريباً خلال أيام المهرجان العشرة، ولا يقتصر على عرض نخبة من الأفلام المختارة من أنحاء العالم، بل يستضيف كذلك عدداً من الأحداث الجانبية المميزة .

وتجدر الإشارة إلى أن المتطوعين تلقوا تحفيزاً لمشاركتهم بطاقات مشاهدة يمكن استخدامها للحصول على تذاكر مجانية للأفلام وبطاقة "شارة" المهرجان الإسمية، وسيحصلون على شهادة خاصة عن المشاركة عندما يتم استيفاء متطلبات الحد الأدنى من الحضور والمشاركة .

اليوم تبدأ عروض الأفلام القصيرة العالمية

أم غايب” و”صمت الراعي” لأول مرة الليلة

يحتفل اليوم فيلمان عربيان بعرضهما العالمي الأول في مهرجان أبوظبي السينمائي ،2014 أولهما الفيلم المصري المدعوم من سند "أم غايب" والذي يشارك في مسابقة الأفلام الوثائقية، وهو من إخراج نادين صليب ويحكي قصة "حنان" التي أطلق عليها لقب "أم غايب" لعدم قدرتها على الانجاب لمدة 12 عاماً، وسيعرض الفيلم في فوكس 1 الساعة 6 مساء، بوجود المخرجة وفريق الفيلم الذي سيجيب عن أسئلة الجمهور بعد العرض .

أما الفيلم الثاني فهو العراقي المشارك في قسم مسابقة آفاق جديدة "صمت الراعي" للمخرج رعد مشتت، والذي سيكون موجوداً أيضاً أثناء العرض في فوكس 6 الساعة 15 .9 مع فريقه التمثيلي والإنتاجي الكامل، ويحكي الفيلم الذي تدور أحداثه في الريف العراقي عن الصمت الذي يسود القرية عند حادثة اختفاء فتاة في الثالثة عشرة من عمرها .

ويقدم المهرجان اليوم وللمرة الأولى في العالم العربي فيلمين حائزين جوائز من مهرجانات عالمية، أحدهما الفيلم الصيني "فحم أسود، ثلج رقيق" (فوكس 5 الساعة 30 .9) الحائز جائزة الدب الذهب في الدورة 64 من مهرجان برلين السينمائي، وهو من تأليف وإخراج دياو ينان، ويحكي قصة بوليسية سوداء مثيرة . ويشارك هذا الفيلم في قسم مسابقة الأفلام الروائية الطويلة للمهرجان .

أما الفيلم الثاني فهو "سبات شتوي" الحائز السعفة الذهب في دورة هذا العام من مهرجان كان السينمائي، وهو من إخراج التركي نوري بيلغي جيلان (فوكس 1 الساعة 45 .8) وتدور أحداثه في مناطق ثلجية في الأناضول، ويكتشف الفيلم شخصية البطل بشكل مقرب، ويحكي عن الهوة العميقة بين الأغنياء والفقراء في تركيا، ويشارك في قسم عروض السينما العالمية للمهرجان .

ويمكنكم اليوم أيضاً متابعة التمثيل المميز في فيلم "حمّى" المشارك في قسم مسابقة الأفلام الروائية الطويلة (فوكس 5 الساعة 30 .6) للمخرج المغربي هشام عيوش، ويحكي الظروف الحاصلة في حياة بنيامين ابن الثلاثة عشر عاماً الذي يعيش في فرنسا عندما يضطر، بسبب دخول أمه السجن، إلى العيش مع والده ذي الأصول الشمال إفريقية، وهو لم يسبق له التعرف إليه قط

وسيقام العرض الأول في المنطقة للفيلم الإثيوبي "ديفريت" من إنتاج أنجلينا جولي، والذي حاز جائزة الجمهور في مهرجاني صندانس وبرلين السينمائيين هذا العام، وسيقام مع العرض احتفال للسجادة الحمراء (قصر الإمارات الساعة 30 .6) بمشاركة المخرج زيريسيناي ميهاري والمنتج ميهريت ماندفر، ويسلط هذا الفيلم الضوء على العنف ضد النساء في إثيوبيا وتقليد خطف الفتيات لتزويجهن، وهو مشارك في قسم مسابقة آفاق جديدة، وضمن القسم عينه، يعرض اليوم الفيلم الكوري الجنوبي "متشابك" للمخرج الحائز جوائز عدة لي دون كو (فوكس 6 الساعة 00 .7) بحضور المخرج والمنتج التنفيذي وون سوك اللذين سيجيبان عن أسئلة الجمهور بعد العرض .

عايشوا أحداث الثورة السورية اليوم عبر مشاهدة فيلم "العودة إلى حمص" للمخرج السوري طلال ديركي ضمن مسابقة الأفلام الوثائقية، ويعرض اليوم للمرة الأولى في العالم العربي، متابعاً الواقع الميداني للمقاومة السورية من خلال حكاية حارس المرمى السوري الذي يتحول إلى قائد مجموعة من الثوار .

أما الأفلام الأخرى في قسم عروض السينما العالمية لليوم فهي الفيلم الأمريكي "أحلام إمبراطورية" للمخرج ماليك فيتهال (فوكس 4 الساعة 45 .6 مساء) والفيلم الفرنسي "أمل" للمخرج بوريس لوجكين (فوكس 9 الساعة 00 .6 مساء) . وسيحضر المخرجان أثناء عرض الفيلم الخاص بكل منهما وسيجيبان عن أسئلة الجمهور بعده .

ويُقدم اليوم أيضاً برنامجا الأفلام القصيرة المشاركة في المسابقة الأفلام القصيرة . (فوكس 3 الساعة 15 .6 و9 مساء) . وتقام ورشتا عمل وحلقة دراسية صممت لمساعدة صانعي الأفلام اليافعين على الوصول إلى النجاح . الأولى بعنوان "تدريب تقدم ورشة عمل Avid حول تقنية Media Composer & Protools" وستقام في الصالة 3 في قصر الإمارات من الساعة 11 صباحاً وحتى 00 .1 مساء، وتتضمن الورشة شرحاً لسير العمل الخاص بأحدث الأساليب الإنتاجية من أهم محطات العمل الرقمية للصوت والفيديو لصانعي الأفلام الشبان .

وفي الصالة 3 في قصر الإمارات أيضاً من الساعة 30 .2 مساء وحتى الرابعة، تقام حلقة دراسية بعنوان "ماذا بعد إنجاز الفيلم القصير؟" .

يدير الجلسة خالد المحمود ويشارك فيها المبرمجون أليس خروبي وبن تومبسون ومايكيه ميا هون ونينا رودريغيس .

ويقام مرة أخرى في الصالة 3 في قصر الإمارات من الساعة 30 .4 وحتى 30 .6 ورشة عمل بعنوان "التمويل الجماعي في العالم العربي - استهداف الجمهور! التخطيط لحملة ناجحة للتمويل الجماعي" ويقدمها نواف الجناحي ولطفي بن شيخ، وسلسلة "حوارات في السينما" مفتوحة للجمهور العام ومجانية .

الخليج الإماراتية في

28.10.2014

 
 

تم عرضهما أمس بجانب فعالية حوارات في السينما

«القط» يواجه ظاهرة تجارة الأعضاء.. و«الأوديسا العراقية» يوثق مأساة أسرة

(أبوظبي - الاتحاد)

عُرض مساء أمس فيلم «القط» لمخرجه المصري إبراهيم البطوط في عرض عالمي أول ضمن مهرجان أبوظبي السينمائي، ويحكي الفيلم قصة رجل عصابة يعرف بـ«القط» يكتشف الأعمال القذرة لإحدى العصابات سيئة الصيت وخطفها للأطفال لبيع أعضائهم. يلعب دور القط الممثل عمرو واكد الذي سيتواجد مع المخرج البطوط والممثلين سارة شاهين وفاروق الفيشاوي وطاقم الإنتاج أثناء العرض. وينافس الفيلم المدعوم في مرحلة ما بعد الإنتاج من قبل من صندوق «سند» في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة لمهرجان أبوظبي السينمائي 2014.

«الأوديسا العراقية»

كما أقيم في قصر الإمارات حفل جائزة «فاراييتي» لأفضل مخرج من العالم العربي لهذا العام والتي ستقدم للمخرج الأردني ناجي أبو نوار عن فيلمه «ذيب» الذي حاز الإعجاب النقدي والجماهيري في العديد من المهرجانات السينمائية هذا العام.

وكجزء من برنامج «حوارات في السينما» أقيمت جلسة نقاش بعنوان «الروح تتوق إلى وطن- صناعة الأفلام العربية في المهجر» في صالة قصر الإمارات بمشاركة المخرجين هشام زمان وكريم طريدية وعبد الرحمن سيساكو وإدارة انتشال التميمي. كما عُرض فيلم «أهلا ابن العم» ضمن برنامج السينما العربية في المهجر، ويحكي قصة الهجرة العربية بأسلوب صادق وعفوي وفكاهي.

وتسنى للجمهور مشاهدة العرض الأول للفيلم الممول من سند «الأوديسا العراقية» والذي يشارك في مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة. وكان مخرج الفيلم السويسري العراقي سمير والمنتج جويل جينت متواجدين للإجابة على أسئلة الجمهور بعد العرض. ويوثق الفيلم قصة أسرة المخرج التي هاجرت من العراق وسافرت حول العالم لمدة نصف قرن من الزمن.

«السقطة»

كذلك تم عرض الفيلم الروسي الصامت الحائز الإعجاب النقدي «تجربة»، وهو من إخراج ألكسندر كوت، ويشارك في مسابقة الأفلام الروائية الطويلة.أما في قسم مسابقة آفاق جديدة، فعُرض الإنتاجان الأمريكيان «السقطة» من إخراج مايكل آر. روكسام، و«معسكر أشعة إكس» من إخراج بيتر ساتلر، بالإضافة إلى الفيلم التايواني «مخرج» للمخرج تشين هسيانج. وعُرض فيلم «معسكر أشعة إكس» لمرة واحدة فقط، وتدور أحداثه في البيئة المشحونة لسجن جوانتنامو.

وفي عروض السينما العالمية، يقدم مهرجان أبوظبي السينمائي فيلم «71» للمخرج يان دومانج، وعُرض أيضاً الفيلم الأميركي «مباع» للمخرج جيفري دي براون، و«فن وحرفة» للمخرجين سام كلمن وجنيفر جراوسمان.

حوارات في السينما

شهدت الصالة 3 في قصر الإمارات، أمس، ضمن «حوارات في السينما»، جلسة حوارية بعنوان «صناعة الأفلام الخليجية الناشئة» بمشاركة بول بيكر وجمال الشريف وسامر المرزوقي وعادل الجابري والمخرج نواف الجناحي.

إضافة إلى جلسة نقاشية بعنوان «وجهة نظر: الحقيقة الموضوعية أم الآراء الشخصية في صناعة الأفلام الوثائقية».

فيلمها في «أبوظبي السينمائي» شهد حضوراً كثيفاً

نجوم الغانم: «صوت البحر» تجربة إنسانية وثقافية مختلفة

تامرعبد الحميد (أبوظبي)

ً«صوت البحر»، هو الفيلم الوثائقي الطويل الذي شاركت به المخرجة الإماراتية نجوم الغانم في مهرجان «أبوظبي السينمائي» في دورته الثامنة، حيث عرض الفيلم مؤخراً في المركز التجاري مارينا مول في عرضه العالمي الأول، بحضور كل من علي الجابري مدير المهرجان وانتشال التميمي، ومحمد المنصور، والشاعر والباحث خالد البدور.

رافقت الغانم في «صوت البحر» سيف الزبادي، المطرب الإماراتي الشهير في رحلة أرادها هو أن تكون الأخيرة في حياته المديدة، وأن تشكل له إحدى محطات استعادة ذكريات وماض على ضوء راهن وتحولاته، بدءاً من رغبته في عبور أخير لنهر أم القيوين، وأدائه لأغنيات فلكلورية خاصة بالصيادين، واكتشاف معان عديدة عن الشيخوخة والوحدة والصداقة والعلاقات القائمة بين أكثر من جيل.

وحرص مدير المهرجان علي الجابري على الحضور لقاعة السينما لتقديم الفيلم، حيث قال: يسعدنا اليوم أن نقدم العرض العالمي الأول لفيلم «صوت البحر» للمخرجة الإماراتية المتميزة والمبدعة نجوم الغانم، التي برعت في السابق في تقديم العديد من الأفلام المتميزة، مثل «حمامة»، و«أحمر أزرق أصفر»، وها هي على منصة «أبوظبي السينمائي» تعود إلى جمهورها بفيلم وثائقي طويل هو «صوت البحر».

يتمتعن بالذكاء وحسن التصرف

متطوعات «أبوظبي السينمائي» واجهة مشرقة في أروقة المهرجان

أشرف جمعة (أبوظبي)

الاستقبال الحافل لضيوف المهرجان والاهتمام بالجمهور والتعامل مع الزوار بمستوى راق يدل على الحفاوة والقدرة على التعامل مع المواقف الطارئة.. كلها كانت ميزات رئيسية تتوافر لدى متطوعات مهرجان أبوظبي السينمائي في نسخته الثامنة التي لم تزل شمعتها تتوهج في قلب العاصمة الإماراتية. وعلى الرغم من الإقبال الشديد على فعاليات وورش وأفلام المهرجان إلا أن المتطوعات كن واجهة مشرفة، فهن يتمتعن بالذكاء والقدرة على الوجود في مثل هذه الفعاليات الكبرى والمهرجانات الدولية التي تكتظ بنجوم ومشاهير الفن والجمهور النوعي المحب للفن السابع.

شرف التطوع

لا تخفي خديجة الحوسني، التى تدرس في كلية الإمارات للتكنولوجيا قسم العلاقات العامة، أنها شعرت بسعادة غامرة لكونها شاركت ضمن فريق المتطوعين هذا العام في مهرجان أبوظبي السينمائي في دورته الثامنة، مؤكدة أن التحاقها بهذا الفريق المتميز هذا العام جاء بناء على رغبة عارمة منها في أن تكون واجهة مشرفة لبنات جيلها، وأن تقوم بمهمة نبيلة تتعلق بواحد من أهم المهرجانات السينمائية في المنطقة. وتلفت إلى أنها تدرس مادة البروتوكول في الجامعة وهو ما جعلها على دراية تامة بأساليب التعامل مع الضيوف الكبار من الفنانين، وكذلك التعامل مع الزوار والجمهور وتتمنى أن تحظى بشرف التطوع في مهرجانات مماثلة.

تجربة ممتعة

ومن ضمن المتطوعات في المهرجان أيضاً، والتي لم تفارق الابتسامة وجهها خصوصاً عندما تقدم العون لأي من الضيوف، مريم جاسم الحوسني التي تدرس الإعلام في كلية الإمارات للتكنولوجيا، وتبين أن هذه هي التجربة الأولى لها لكنها استمتعت بها كثيرا.

واستفادت المزيد من الخبرات في ظل الزخم الذي يتميز به مهرجان أبوظبي السينمائي في نسخته الثامنة، لافتة إلى أن هذه التجربة الحية جعلتها تتعامل بشكل مباشر مع جمهور ذواق للفن وفنانين كبار وزوار يعرفون إلى أين يتجهون. وترى أن التطوع في حد ذاته مسألة مهمة لكل فرد يقرر الدخول في مثل هذه التجربة، فلابد من أن يخضع إلى تدريب عال، خصوصاً وأن هناك بعض الزوار الذين يبدو عليهم القلق حين لا يصلون إلى قاعات المناقشات في الوقت الذي يريدون، لذا فالتعامل معهم يحتاج إلى صبر، ومن ثم محاولة تهدئتهم ومساعدتهم بشكل عاجل.

قواعد البروتوكول

ومنذ انطلاق مهرجان أبوظبي السينمائي في دورته الثامنة لهذا العام ونوال المرزوقي التي على أعتاب التخرج في جامعة زايد وهي تباشر مهامها بسعادة مطلقة، خصوصاً وأن همهما أن تقدم خدمات متميزة للحضور، مؤكدة أن فريق التطوع في المهرجان يعمل بروح جماعية ويحاول أن يتعامل مع الزوار والضيوف وفق قواعد البروتوكول، وهو ما جعل أداء الجميع على مستوى عال، بما يصب في مصلحة نجاح المهرجان كأحد العوامل المساعدة.

شخصية إماراتية

تذكر أميرة خالد التي تدرس الإعلام قسم الإذاعة والتلفزيون أن الفتيات المتطوعات في المهرجان سجلن حضوراً مشرفاً واستطعن أن يقمن بدور مهم في استقبال الضيوف والزوار والجمهور طوال أيام المهرجان.

وترى أن هذا دليل على أن المرأة الإماراتية قادرة على العمل بجدية في كل الميادين خصوصاً في الأعمال الوطنية التي تحتاج إلى إبراز الشخصية الإماراتية بكرمها وحفاوتها وحسن استقبالها للحضور كافة في المهرجانات الدولية والفعاليات المهمة.

قدم أجمل أغانيه وينتظر ألبومه الجديد مع «روتانا»

عمر العبداللات.. يحيي ليلة طرب عربية بامتياز في «أبوظبي السينمائي»

تامر عبد الحميد (أبوظبي)

أحيا الفنان الأردني عمر العبداللات حفلاً فنياً خاصاً مساء أمس الأول ضمن فعاليات مهرجان «أبوظبي السينمائي» في دورته الثامنة، وذلك احتفاء بالفيلم الأردني «ذيب» المشارك في المسابقة الرسمية في المهرجان تحت فئة «آفاق جديدة»، والذي حصل على دعم من صندوق «سند»، وبذلك يكون العبداللات أول فنان عربي يحيي حفلاً غنائياً في «أبوظبي السينمائي» منذ انطلاقته.

ليلة أردنية عربية

قدم العبداللات في ليلة أردنية عربية بحضور مجموعة من النجوم العرب، وحشد كبير من محبي السينما وضيوف المهرجان، باقة من أغنياته المشهورة في المسرح الخارجي بفندق قصر الإمارات وسط حماس كبير من قبل الحضور الذين تفاعلوا مع كلمات أغنياته وإيقاعاتها الموسيقية الراقصة من بينها:«يا سعد» و«ما تركتك» و«الدحية» و«الميداي»، كما أدى بعض الأغنيات التراثية البدوية، إضافة إلى تقديمه أغنيات طربية مثل «جانا الهوى» لعبد الحليم حافظ، واستمر الحفل حتى الساعات الأولى من صباح اليوم التالي.

شرف واعتزاز

وعن إحيائه هذا الحفل، قال العبداللات في حواره مع «الاتحاد»، إنه لشرف كبير لي أن أكون أول مطرب يشارك بحفل غنائي على هامش المهرجان الذي اعتبره دولياً وعالمياً بالفعل لما يضم من مشاركات وفعاليات عربية وعالمية، وهذا إنجاز نعتز به كأردنيين وعرب لدولتنا الشقيقة الإمارات الغالية على قلوبنا، مشيراً إلى أنه يعتز بهذا الحفل كثيراً وسيظل يتذكره طوال حياته، لاسيما أنه جاء احتفاء بالفيلم الأردني «ذيب» المشارك في مسابقة «آفاق جديدة» بالمهرجان، إضافة إلى التفاعل الكبير والاستقبال الحافل من الحضور وضيوف المهرجان من الفنانين والسينمائيين، وخصوصاً الممثلة بوسي التي تفاعلت معي ورقصت على موسيقى أغنياتي، ما جعلني أذهب إليها لتحيتها والغناء بجانبها.

أفضل مخرج

وأضاف: «ذيب» هو فخر لكل أردني، إذ حصل الفيلم مؤخراً على جائزة في مهرجان «فينيسيا» السينمائي لهذا العام، بجائزة «أوريزونتي» لأفضل مخرج ووهو ناجي أبو نوار، إضافة إلى تسليم المخرج نفسه جائزة «فاراييتي» لأفضل مخرج من العالم العربي لهذا العام في مهرجان «أبوظبي السينمائي»، فهذه فرحة كبيرة وتميز يحسب لنا جميعاً بالأردن، وهذا يدل على تميز الفكر الثقافي السينمائي في الوطن العربي وليس بالأردن فقط، وقد قدمت تهنئة خاصة للمخرج وللممثلين ولكل طاقم العمل على هذا الفيلم المشرف.

وعن رأيه في المهرجان بشكل عام أوضح العبداللات، الذي تم تكريمه مؤخراً بلقب شخصية العام 2014 في فلسطين، أنه أعجبه كثيراً التنظيم والاهتمام بالضيوف، إلي جانب استقطابه لأبرز الأفلام المتميزة من جميع أنحاء العالم التي تستحق المشاهدة والثناء عليها، الأمر الذي يؤكد طبيعة ودور «أبوظبي السينمائي» في خلق صناعة سينمائية حقيقية في المنطقة.

عودة لـ «روتانا»

وبالنسبة لأعماله الفنية المقبلة، قال: قدمت مؤخراً أغنية منفردة وصورتها فيديو كليب بعنوان «مشتاق» من كلمات الشاعر ماجد زريقات وألحان الإماراتي فايز السعيد وتوزيع حسام كامل ومن إخراج جميل جميل المغازي، وأحضر حالياً لتجهيز ألبومي الجديد الذي سيشكل عودة قوية لي، خصوصاً وأنني وقعت عقد العودة مع شركة «روتانا» للصوتيات والمرئيات من جديد.

7 أفلام عربية تشارك في المسابقة من أصل 17

«الوثائقي» يطرح القضايا الشائكة ويبحث عن الجمهور

رضاب نهار (أبوظبي)

شهد الفيلم الوثائقي في مهرجان أبوظبي السينمائي، تطوراً ملحوظاً خلال السنوات القليلة الماضية، عكس في شكله ومضمونه، منهجية الأفلام الوثائقية في المجتمع العربي، لتوثيق الشخصيات والأحداث المفصلية، ليس من أجل البحث عن الحقيقة فقط، بل لتقبل الوقائع عن طريق الدراما، الشيء الذي يساعد المتلقي على الاستيعاب واستساغة للمعلومات.

ويقول انتشال التميمي مدير البرمجة العربية في المهرجان، أن الجمهور أصبح على تماس مباشر مع الفيلم الوثائقي، ومنذ السنة الأولى والثانية كان ثمة تفاعل حقيقي معه بسبب الاختيارات الناجحة للأفلام الوثائقية المشاركة القديمة والحديثة، العربية والأجنبية، الطويلة والقصيرة بمواضيعها المتنوعة.

فعلى الرغم من أن المهرجان ليس متخصصاً بالسينما الوثائقية إلا أنه بدأ يشكل نقطة علامة واضحة وجاذبة في هذا الشأن، مشيراً إلى أن الفيلم الوثائقي العربي يعيش مرحلة ازدهار متميزة خارج المهرجان وداخله، حيث يشارك هذه السنة في 7 أفلام وثائقية عربية من أصل 17 فقط.

وهذا بالتالي يشكل دافعاً كبيراً للمخرجين للتقديم والمشاركة، فعندما يعرف المخرج طبيعة الأفلام المنتقاة وسويتها الفنية المطلوبة، سيعمل جاهداً لصناعة مماثلة وملائمة.

ويضيف التميمي: «الفيلم الوثائقي العربي ارتفع كثيراً في السنوات الماضية، ومن دون شك فقد أسهمت فيه بعض القنوات التلفزيونية الإخبارية، مثل الجزيرة والعربية، كذلك لصندوق سند بصمة واضحة في هذا القطاع من الصناعة السينمائية».

بدوره يؤكد المخرج السوري طلال ديركي، المشارك في المهرجان ضمن مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة، بفيلمه «العودة إلى حمص»، أن مجتمعنا العربي اختصر مساحة الفيلم الوثائقي عموماً عبر محطات التلفاز، وفي جميع الدول العربية فإن دور العرض قليلة جداً، مقارنة بجيراننا في شمال المتوسط، وإن وجدت هذه الدور فهي معنية بالترفيه المطلق عبر شراء حقوق عرض السينما الأميركية وجديدها، لذلك تجد المهرجانات إقبالاً على النخب التي تبحث عن تجارب مميزة في الفيلم الوثائقي العربي، إضافة إلى هذه العلاقة الإشكالية مع الجمهور الذي لم يتقبله كثيراً بعد كفيلم سينمائي يذهب بمواعيد عرضه للصالة ويقطع تذكرة لذلك، فالوثائقي العربي لم يتجاوز حدوده الجغرافية على صعيد القصة والبناء، فلا قواعد واضحة في ماهية هذه الصناعة والمعاير المثلى للوصول لفيلم وثائقي يرضي الجمهور والمنتج والمحطة، وتتراوح التجارب وفق الميزانيات العربية ليكون الفيلم تلفزيونياً أو صحفياً، لذلك ترى المخرج يصور ويكتب وينتج، وأحياناً يكون هو ذاته مونتير الفيلم، حيث أنفقت الميزانية على متابعات لم تستوف الزمن الطويل لتنفيذ الفيلم.

ويقول: «موضوع الثقة حتى اللحظة مرتبط باسم المخرج وبناتجه السابق، فهو الوحيد القادر على جذب جمهوره، وتحميل دوافع إنسانية ذاتية للعمل والشخوص، فتنبض في كل لحظة، تجعل الفيلم متماسكاً، حتى بوجود مقابلات طويلة، وطبعاً الصحافة ونقاد السينما، لهم إضاءتهم التي يستقي منها الجمهور الثقة المطلوبة، ويقضي على تردده ويذهب للصالة المظلمة..

رهان دائم مع الجمهور على كسب الثقة وتغيير النظرة المعهودة»،إلا أن الكاتبة والسينمائية الإماراتية، فاطمة عبدالله تقول، إن الجميع هنا بدأ يميل إلى الأفلام الوثائقية أكثر من الروائية، مرجعةً السبب إلى عدم تقدير الخيال الذي يأخذك نحو المستقبل، مفضلين البقاء في عوالم الماضي.

كذلك، فإن الناس في مجتمعاتنا لا يحبون القراءة والبحث، لذا تراهم يفضلون الأفلام الوثائقية التي تقدم لهم المعلومات جاهزة دون تعب.

وبالقرب من شباك تذاكر المهرجان، تخبرنا كل من هبة محمد التي تعمل في بنك أبوظبي التجاري، ووالدتها السيدة فاطمة حسين، أن علاقتهما مع الأفلام الروائية أقوى بكثير من علاقتهما مع الأفلام الوثائقية، مكتفيتين بحضور الفيلم الوثائقي على شاشة قنوات التلفزيون التي بدأت تهتم بهذا الجانب، حتى أن بعضها تخصص به.

وأما المواضيع، فهما تتابعان كل ما له علاقة بالبحث في أعماق الطبيعة واستكشاف أسرارها، أو حتى تلك التي تتطرق إلى حل لغز معين.

أيضاً، يؤكد الشاب صالح محمد الذي جاء إلى من مدينة العين خصيصاً لحضور برامج المهرجان، أن الأفلام الوثائقية المشاركة عموماً تبدو جيدة، وهو لم يختبر منها أي فيلم.

فهو يركز بحضوره على الأفلام الروائية كونها لا تتطلب التفكير والتدقيق، حيث يحاول دائماً البحث عن الفيلم الممتع الذي يقدم قصة معاصرة فيها الكثير من التشويق.

سوزان بير تبني فيلمها على أساس مسرحي

«فرصة ثانية».. التراجيديا يصنعها الممثل

جهاد هديب (أبوظبي)

هو فيلم عن الخيارات القاسية والصعبة في حياة الفرد، إذ تدخل المخرجة سوزان بير بالمتفرج إلى صُلب الصراع الدرامي مباشرة، عندما تتناول مشكلة عائلة شابة في مواجهة موت «طفل» في إطار صراع إرادات قائم بالأساس على جملة من المصادفات.

عُرض الفيلم «فرصة ثانية» ضمن مسابقة الأفلام الروائية الطويلة، بحضور مخرجته سوزان بير.ربما لا يكون هذا الدخول المباشر إلى مقولة الفيلم جديدا على الدراما القادمة إلينا من الشمال الأوروبي، فذلك يحدث عادة منذ أن تم نقل هنريك آبسن على سبيل المثال إلى العربية، وجرى تدويره أو الاقتباس منه، غير أن المفاجئ هنا أن ينتهي الفيلم في منتصفه تقريباً.

لقد انبنى الفيلم على ما يكاد يكون أساساً مسرحياً: الحيّز الضيق، والشخصيات الرئيسية التي لا يتجاوز عددها في المشهد الواحد الخمس أو الست. وإذ تبلغ الدراما ذروتها، أي صراع الإرادات، فإن عددها لا يتجاوز الشخصيتين، وفيما الأب يعمل شرطياً، ويلاحق عائلة تتعاطى المخدرات مكونة من امرأة ورجل وطفل حديث الولادة يبدو في وضع مثير للرثاء، تقتل زوجة الشرطي ابنها دون قصد.

والمشهد الذي يكتشف فيه الوالدان موت الطفل هو الأعلى تراجيدياً في الفيلم، والأقسى والأكثر تأثيراً على مشاعر المتفرج بكل تفاصيله وحيثياته، إنه مشهد مسرحي خالص تلتقطه الكاميرا من زوايا عديدة، ويؤديه الممثلان الشابان بحرفية عالية. أيضا المشهد، الذي يشعر المرء أنه قد أنهى الفيلم بتراجيديته القاسية هو مشهد انتحار الأم، وما تبقى يدخل في سياق «المبررات الدرامية»، إذ ينتقل صراع الإرادات من داخل الفرد ذاته، وجوانيته العميقة، ليصير صراعاً مع المجتمع متمثلاً بقانون وحيثيات اجتماعية موازية، والأرجح أنها لا تضيف شيئاً.

في هذا السياق الدرامي، توظّف المخرجة سوزان بير اللونَ، أي درجة الإضاءة وشدتها، لمنح الفيلم تلك المسحة من الحزن الشفيف: البحر ليلا، والغابة، وقد أتى عليها الخريف ثم بللها المطر، حيث لا سكينة ها هنا، بل اضطراب في المشاعر، وتصاعد في التوتر الدرامي.

ومن المثير للاهتمام في «فرصة ثانية» أيضا ذلك البناء المحكم للشخصيات، تلك التي يشعر المرء بإزائها أن هذه الشخصية لم تكن إلا لهذا الممثل أو تلك الممثلة، يشعر المرء أنها شخصيات قد جرى قدُّها من صخر لتبدو على ما بدت عليه في الفيلم وتحديدا شخصيتي: آنا، وسيني، حيث لم يكن لأي منهما أن تكون سوى تلك الأم التي تفقد ابنها، الأولى تنتحر من فرط الإحساس بالذنب، والأخرى تدخل إلى السجن لرفضها أن ابنها قد مات.

ربما أن جاذبية هذا الفيلم تأتي من حكايته العادية تماما، تلك الحكاية التي أرادت لها لها «سوزان بير» أن تكون درامية إلى أقصى حدّ، إنما ليس وفقا لمسارات الحكاية، بل لمآلات مصائر الشخصيات أيضاً.

ندوة عن الخروج بالفيلم إلى العالمية

الوجوه الجديدة هي الأقدر على تحقيق الاختراق

ساسي جبيل (أبوظبي)

ضمن حوارات مهرجان أبوظبي السينمائي، التقى الجمهور مع عدد من المهتمين بصناعة السينما لمناقشة أساليب التمثيل في الأفلام العربية وكيفية الخروج بالفيلم العربي من المحلية الى العالمية. الجلسة التي أدارتها تيريزا كافينا بحثت في هذه الإشكاليات بحضور كل من جولوم دي سيل وبشار عطيات وخالد أبو النجا والمنتج المصري محمد حفظي.

وناقش المتحاورون المسائل المتعلقة بكيفية إعداد عمل سينمائي عربي، والأهداف التي يريدها المخرجون والمنتجون، وهل أن الأمر لمجرد نيل الجوائز أو المشاركة في مهرجانات عالمية التي أصبحت تستقطب اهتمام صانعي الأفلام في السنوات الأخيرة.

وعبّر جلوم دي سيل عن أن المسألة اليوم في السينما تتعلق أساسا بالمخرجين، لأنه لا فرق عنده بين ممثل محترف وآخر هاو يخوض مغامرة سينمائية لأول مرة، فعلى المخرج أن يحدد للممثل المطلوب منه تحديدا، وهنا يمكن لمن ليس لهم خبرة سابقة أن يساهموا في الأفلام بكل جسارة، وهذا ما نشاهده في الكثير من الأعمال السينمائية سواء في أميركا اللاتينية أو في البلدان الآسيوية التي توجد بها صناعة سينمائية رائجة، وأكد دي سيل أن مسألة التقبل مرتبطة أساسا عند المشاهد بالقبول أو الرفض، وكذا بالنسبة لرؤية الآخرين للسينما العربية.

وأكد المنتج محمد حفظي أن الفيلم العربي الأكثر نجاحا في المهرجانات العربية هو الفيلم الذي يضم عددا من الوجوه الجديدة من غير المحترفين، فالمشكلة بالنسبة للممثلين أصحاب الخبرة أنهم من أصحاب الخلفية التلفزية، وكذا الأمر بالنسبة لعدد من المخرجين الذين جاؤوا الى السينما من التلفزيون، ولكن التعويل على الممثل المحترف يبقى دائما من الضرورات التي وجب أخذها في الحسبان ليستطيع العمل السينمائي شد الانتباه والعمل عليه بكل عمق، وأشار حفظي الى إشكالية الاستعانة ببعض الممثلين من الذين ليس لهم تجارب سابقة باعتبار أن نقابة الفنانين لا تسمح لغير المنتسبين إليها بالمشاركة في الأعمال، وهي مسألة تؤرق العديد من المخرجين والمنتجين باعتبار أن من بين غير المنتمين للنقابة هنالك مبدعون باستطاعتهم تقديم الكثير.

وتحدث خالد أبوالنجا كممثل معتبرا أن المسألة ليست رهينة التخصص أحيانا، وإنما ربما احتاج الأمر الى تكوين ورشات تفيد الممثل، مع الإحاطة من طرف المخرج الذي يحدد في نهاية الأمر المسار الصحيح والهدف المطلوب من كل من يشاركه في العمل. وأشار أبوالنجا إلى أن هناك في الوطن العربي عامة ومصر خاصة تداخلا بين مدرسة قديمة وأخرى جديدة في الحقل السينمائي، وأن على الطرفين أن يفيدا بعضهما البعض، وأن يعملا بكل وعي لمواكبة العصر والوصول بالعملية الإبداعية السينمائية الى ذروتها، فالمشكلة ليست في خبرة الممثل أو عدمها وانما تكمن في القيود التي تسلط عادة على المغامرين الجدد. وتحدث بشار عطيات عن تجربته العربية والأمريكية مؤكدا أنه رغم اشتغاله بالسينما سيظل بدويا في أفكاره ولا يرضى أن يمثل دور الإرهابي المشوه أو النزق الباحث عن الجنس المجاني، وأن العمق الفني والبحث عن نفسه في الدور هو الأساسي بالنسبة له ولا سبيل للمشاركة لمجرد تسجيل الحضور. وأضاف عطيات أن اللوم اليوم يوجه الى المخرجين والممثلين في آن، لأن الاختيار صعب ويحتاج إلى رؤية فنية واضحة المعالم من شأنها أن تضع للسينما العربية مكانة بين بقية التجارب.

خبراء أميركيون يلقون الضوء على مصير قضية التراث السينمائي

كيف نرمم ونؤرشف فيلماً قديماً ؟

أبوظبي (الاتحاد)

ضمن حوارات أبوظبي السينمائي كان الجمهور على موعد مع لقاء أداره محمد الخواجة، وشاركت فيه أعضاء الجمعية الأميركية للأفلام: مارغريت يودي، وسيخوان بيلستون، وسيل سبنسيريلي وجينيفير آن، وتناول موضوعا في غاية الأهمية هو كيف نحافظ على الأفلام التي صنعت منذ عقود؟ وعرضت مارغريت بودي رؤيتها من خلال الجمعية الأميركية للأفلام، وهي مؤسسة استطاعت أن تساهم في حفظ التراث السينمائي في أميركا والعالم، ومن خلال هذا المشروع الضخم تمكنت أن تضيف للمكتبة السينمائية العديد من الأعمال التي كان يمكن أن تذهب في أدراج النسيان، فالسينما التي انطلقت للوجود منذ بدايات القرن الماضي شهدت تراكمات نوعية وكمية، وصلت في الخمسينيات من القرن العشرين إلى إثبات حضورها وتنوع أعمالها، ولكن أين أعمال ذلك الزمان، هنا يكمن السؤال المركزي الذي حاول الحضور الإجابة عليه، من خلال مشروع سينما العالم الذي أحدثته الجمعية سالفة الذكر، والذي قطع اليوم أشواطاً مهمة.

ولم يقتصر الترميم على الأعمال المعروفة، بل تعداها الى العديد من الأعمال، سواء في البلدان العربية، خاصة مصر، أو في الهند، أو في الشرق الأوسط وبلدان شرق آسيا والبلدان الأوروبية.

وأشار المشاركون في هذا الحوار إلى أن العالم كان مهتماً بعد أربعين عاما من ظهور أولى الأفلام السينمائية بعملية الأرشفة والترميم الذي يعتمد على أسس بسيطة جدا، ولكن الإشكال يكمن في البحث وتجميع مختلف العناصر والتقييم، ومحاولة تحديد اللحظات الأفضل لتقديمها على حقيقتها قدر الإمكان في نسخة قريبة من الأصلية، وكل هذه العمليات تحصل عادة بشكل يدوي ومحدود في الصورة والصوت وغير ذلك من العمليات التي يحتاجها العمل السينمائي القديم، ومع التطور العلمي والتكنولوجي بات من الضروري إنقاذ المكتبة السينمائية.

وتفيد الأرقام أن ما يقارب 90 بالمائة من الأعمال السينمائية الأميركية التي صنعت قبل خمسينيات القرن الماضي فقدت، لأنه لم يتم الحفاظ عليها وأرشفتها، كما أن هناك بلدانا أخرى أنقذت أفلامها بفضل الجمعية الأميركية، وخصوصا في أرمينيا والفليبين ومصر وبعض بلدان الشرق الأوسط.

من الحياة

كورس سينما

مريم الساعدي

أحببت السينما دوماً؛ هذا الغياب المذهل في الصالة المعتمة عن كل تلك الخيوط المتشابكة في الخارج؛ الاستراحة من المحاولة الدؤوبة لفك التشابك وإيجاد مخرج من المتاهة ولو لساعة، ويحصل كثيراً أن يقدم هذا الغياب حلولاً لفك العقدة وإيضاح الطريق، لذلك التحقت مؤخراً بكورس سينما، على النهج الأمريكي. أردت أن أعيش الجو وأرى الحكاية من الداخل، فإذا به ليس جواً إطلاقاً، لكن مجرد منصة انطلاق لا مُهادنة فيها لصواريخ هدفها إصابة جيوب المشاهد. هكذا بالضبط قدموا السينما: صناعة مال. وكان هذا مرهقاً للغاية ومخيباً للآمال. لآمالي أنا على الأقل.

أردت أن أجرب نفسي في صناعة الأفلام؛ لدي أفكار، ماذا لو تعلمت كيف أضعها على الشاشة، وللصورة المتحركة قوة، وتأثير، ومدى أبعد للوصول. كتبت مشاهد عن كاتبة لا تقوى على الحركة وتبحث عن حريتها في غصن شجرة، وعن امرأة تعيش في سجن ذاتها وترسم باب خلاصها على جدار صامت، وعن عاملة بائسة تكتشف جمالها بلمسة محبة، ووجدتني دون تخطيط أكتب فقط عن النساء. ولم تكن هذه الأفكار تعجب القيّمين القادمين مباشرة من هوليوود، فهي تفتقر إلى عنصر الإثارة، لا يوجد في القصة كائن فضائي يهبط من السماء، ولا يوجد بطل أسطوري ينقذ سكان الأرض، ولا يوجد فيها شخصية تتحول لغوريلا، ولا دماء تتدفق من رقاب ضحايا قاتل متسلسل، «نريد أكشن»، وأنا لا أمتلك حرفة الأكشن. كل ما أردت قوله هي قصص حياة عادية لنسوة عاديات أردن الحياة. وهذا ليس ما تريده «الصناعة» السينمائية اللاهثة وراء المال. وتذكرت أني كنت دوماً في الحوارات الصحفية أنفي عن نفسي وصمة «النسوية» التي يشيرون بها إلى كتابتي وأقول أني أحاول الكتابة فقط عن الإنسان. لكني أدركت أن كل ما يهمني حقاً هو حكايات النساء... وأدركت أن قصة المرأة هي قصة الحياة، وهي قصة الإنسان، وهي الملحمة الجوهرية لقصة الحضارة الانسانية.

ربما لن أصبح صانعة أفلام كما تخيلت نفسي في لحظة شغف. لكني خرجت من هذا الكورس بإدراكات جديدة عن نفسي مفادها أني لن أعرف ماذا أريد حتى أجرب، وأني أكثر ارتياحاً في سحر الكلمة المكتوبة، وأني أفضّل الغياب في ظلام صالة السينما على السقوط في ظلمة كواليسها.

الإتحاد الإماراتية في

28.10.2014

 
 
 
 
 
 
 

جميع الحقوق محفوظة لموقع سينماتك
  (2004 - 2014)